موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره - الصفحة 20 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         التوبة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          فضل صلاة التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          خطر الشذوذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          مجازر الطحين.. إرهاصات نصر وعز وتمكين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          ليكن زماننا كله كرمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حديث:ويَقْرَأُ فيها ما بيْنَ السِّتِّينَ إلى المِائَةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          وصايا نبوية مهمة للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حديث:من رَكعَ أربعَ رَكعاتٍ قبلَ الظُّهرِ وأربعًا بعدَها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أنوية العلمانيين، وهم يواجهون أعداءهم من أهل القبلة، وحراس العقيدة... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          لفظ (الناس) في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #191  
قديم 05-04-2008, 09:24 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الحسد بين الهدي النبوي والعلم الحديث

الأستاذ الدكتور / خمساوي أحمد الخمساوي(1)
لا شك أن الحسد موضوع متشعب الجوانب متداخل الأطراف فله لدى العامة مع اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية مفهوم يختلف عن مفهومه عند علماء النفس والدين وعلماء اللغة ومن جانب آخر يتداخل مفهوم الحسد بين عالم الغيبيات الميتافيزيقية وبين العالم المحسوس والتجربة الشخصية عفوية كانت أم علمية، هو من جانب ثالث ينطبع في ذهن رجال العلوم الطبيعية والحيوية والطبية بخلاف ما ينطبع في ذهن علماء الدين أو علماء النفس والاجتماع.
وتطلق كلمة الحسد على ثلاثة مفاهيم مختلفة قد تبدو واضحة الاختلاف عند البعض وقد تتداخل عند الآخرين وقد نخلط بينها في كثير من الأحيان مع علمنا الأكيد باختلافها، وهذه المفاهيم هي:
1ـ الغبطة أو المنافسة،وهي شعور بنعمة المغبوط وتعظيمها وتمني أن يكون للغابط المتنافس مثل هذه النعمة، وهذا المفهوم هو أقل المفاهيم ارتباطاً بلفظ الحسد، إلا أن لفظ الحسد قد يطلق عليه لغة أو على سبيل المجاز، كما في الحديث الشريف: ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق). أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود.
وقول السيدة عائشة رضي الله عنها: ( ما حسدت أحداً، ما حسدت خديجة، وما تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن ماتت ).
والحسد بهذا المعنى غير مذموم بل مطلوب في بعض الأحيان. خاصة كلما عظمت النعمة المغبوطة وهو إن صدر من شخص دل على اعترافه بفضل المغبوط وإثبات أحقيته في النعمة المرزوق بها، كما هو واضح من معنى الحديثين السابقين، وكما يتضح ذلك من حديث مالك بن مرشد، عن أبيه، عن أبي ذر قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة وأصدق ولا أوفى من أبي ذر شبه عيسى بن مريم عليه السلام، فقال عمر بن الخطاب ( كالحاسد ) يا رسول الله! أفنعرف ذلك له، قال: ( نعم فاعرفوه له ) ( حديث حسن ).
وقوله كالحاسد، أي: الغابط السعيد الذي يريد أن يؤكد ويثبت بسؤاله هذا حق أبي ضر رضي الله عنه بهذه الصفة وإثبات الفصل له بها.
2ـ الحسد البغيضوهو تمني زوال النعمة من المحسود وهو خليقة سيئة مذمومة ورد العديد من النصوص القرآنية والنبوية في ذمها والنهي عنها.
3ـ العين أو النظرةوهي إصابة الأشياء وخاصة جسد الإنسان بعين الحاسد أو نظره وهذا المفهوم شاع بين الناس باسم الحسد أيضاً إذ يغلب على صاحب القدرة على الإصابة بالعين أن يكون حاسداً لكن لم يرد نص قرآني، ولا نبوي صحيح يطل اسم الحسد على هذا المفهوم.
فأما المفهوم الأول فلا خلاف على أنه لا ضرر منه ولا كراهية فيه ولا يدخل ضمن حديثنا اليوم، وأما المفهومين ( الثاني والثالث ) فنود أن نفرق بينهما تفرقة واضحة قبل أن نبدأ موضوع محاضرتنا.
الفرق بين الحسد والعين:
لم يرد في القرآن الكريم لفظ العين أو غيره بدلالة صريحة على إصابة الأشياء وخاصة حسد الإنسان بنظرة أو عين الحاسد، لكن ورد لفظ الحسد ومادته في القرآن الكريم 5 مرات في أربع سورة هي: البقرة والنساء والفتح والفلق. كما يلي:
)من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ([البقرة: 109].
)أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً ([النساء: 54].
)سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلاً ([الفتح: 15].
)ومن شر حاسد إذا حسد ([الفلق: 5].
ويتضح من معانيها أن الحسد الوارد فيها يقصد به ذلك الخُلق السيئ بتمني زوال النعمة من المحسود دون القدرة على أن يكون للحسد قوة في ذاته تؤثر على المحسود وتصيبه بالضرر، إلا أن آية سورة الفلق ربما أوحت في ظاهرها أن الحسد شر يستعاذ بالله منه كما يستعاذ بالغاسق إذا وقب وبالنفاثات في العقد إلا أن المدقق في الألفاظ يجد أن المستعاذ منه في الآية إنما هو الحاسد وليس الحسد، لأن الحاسد إذا حسد وامتلأ قلبه بالحقد وتمنى زوال النعمة من المحسود قد يسعى في أذيته بنفسه فيضربه أو يحرق ماله أو يسرقه أو يقتله، فيكون هنا الحسد سبباً في ضرر غير مباشر يصدر عن الحاسد بشخصه وأفعاله المادية لا مجرد أمنيته زوال النعمة.
وقد جاءت تلك المعاني واضحة في أكثر من موضع بالقرآن الكريم وضح فيها أن الضرر الذي يصدر عن خليقة الحسد يصدر من تصرفات الحاسد المادية المتحركة بها إرادته، ومن ذلك حسد أولاد يعقوب لأخيهم يوسف فألقوه في الجب بأيديهم، ولم يقع وحده بتأثير الحسد ومن ذلك حسد أحد ابني آدم لأخيه فقتله ضرباً بالحجر ولم يقتل بفعل الحسد في نفس أخيه من يضربه بالحجر.
أما في الحديث الشريف فقد جاء كل من المفهومين ( الثاني والثالث ) واضحين وأطلق على كل منهما لفظ مستقل فلم يحدث خلط بينهما في أي حديث صحيح.
فجاء لفظ الحسد يقصد به ذلك الخلق السيئ في زوال نعمة المحسود في أحاديث عديدة، منها على سبيل المثال:
( إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب )رواه أبو داود عن أبي هريرة، وابن ماجة عن أنس بن مالك.
( ثلاثة لا ينجو منهن أحد وقلّ من ينجو منهن: الظن والطيرة والحسد )ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة.
( دب إليكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء وهي الحالقة أما إني لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين، والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على ما تتحابون به؟ أفشوا السلام بينكم ). أخرجه الترمذي عن الزبير بن العوام.
وجاء لفظ ( العين ) يقصد به ذلك الأثر الذي يتعدى للمنظور ويسبب له الضرر وذلك على النحو التالي:
( العين حق )أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين وأبو داود والنسائي والإمام أحمد في المسند، عن أبي هريرة رضي الله عنه. رواه ابن ماجة عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه. وقال السيوطي: حديث صحيح.
( العين حق تستنزل الحالق )أخرجه الإمام أحمد في المسند والطبراني والحاكم في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنه. وقال السيوطي: حديث صحيح.
( العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغتسلوا )أخرجه الإمام مسلم في صحيحه والإمام أحمد في المسند، عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقال السيوطي: حديث صحيح.
( إن العين حق ـ ونهي عن الوشم )أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه.
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين )أخرجه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها. وقال الشيخ عبد القادر: إسناده حسن.
وفيما يلي جدولاً للمقارنة بين الحسد والعين
الحسد
العين ( النظرة )
1ـ هو شعور نفسي يتمنى فيه الحاسد زوال النعمة من المحسود كراهية فيه.
2ـ الحسد شعور داخلي يمكن أن يوجد في جميع الأشخاص تبعاً للمواقف المختلفة.
3ـ الحسد شعور أخلاقي يمكن مقاومته بالإرادة وحسن الخلق.
4ـ الحسد يتم بمجرد حدوث علم الحاسد بنعمة المحسود سواء بالرؤية أو السماع أو الحساب أو التفكر أو القراءة أو غيرها.
5ـ الحسد لا يؤثر على المحسود بل هو يؤثر بالسوء على الحاسد إلا إذا ترتب على الحسد سعي الحاسد في إضرار المحسود منطلقاً من الكراهية المتولدة عن الحسد فيقع هنا الضرر من سعي الحاسد بالأسباب، كأن يحرق له بيته أو ينم عنه أو يشيع الإشاعات أو غير ذلك.
6ـ لا يتفاوت مقدار الحسد من شخص إلى شخص ولكن يتفاوت بمقدار علاقة الحاسد بالمحسود.
هي شعور نفسي يتمنى فيها الناظر زوال النعمة من المنظور لاستكثارها عليه.
النظرة حالة توجد عند البعض ولا توجد عند الآخرين وعدد الذين توجد عندهم قلة.
النظرة حالة شبه حيوية يصعب مقاومتها بالإرادة ولكن لها أسلوب آخر في طريقة التقليل من أثرها.



النظرة لا تتم إلا برؤية الناظر للشيء أو الشخص المنظور.
النظرة تؤثر على المنظور تأثيراً سيئاً وتسبب له أضراراً.


تتفاوت قدرة الأشخاص في إحداث النظرة، والشديد منهم شديد مع جميع المنظورين، والضعيف ضعيف مع الكل.
وليس بغائب على العامة، أو الخاصة، أن هناك فرقاً كبيراً واضحاً بين مفهوم الحسد ومفهوم العين أو النظرة، لولا أننا قد نلاحظ في أحيان كثيرة أن العين التي تصيب إنما تصدر عن حاسد يتمنى زوال نعمة المحسود، وإن كان ذلك التوافق ليس مطلقاً، فقد يتحقق في بعض الأحيان وقد لا يتحقق في أحيان أخرى، فالكثير منا يعرف أن الشخص ( ذكر أو أنثى ) قد يصيب بالعين ماله وولده وأعز الناس عنده، بل قد يصيب بها نفسه، حتى شاع المثل القائل (ما يحسد المال إلا أصحابه)، فبمجرد انفعال العائن بالنعمة لدى غيره واستكثارها فهالته النعمة ونفذ أثرها في نفسه وكان من ذوي القدرة على العين عان ولو كانت النعمة ملكه لكن الحسد لا يكون مطلقاً إلا لنعمة في يد الغير مصحوب بالحقد والكراهية لهذا الغير.
ونخلص من ذلك:إلى أن الحسد شر لأنه خلق سيء، لكن شره يتمثل في تحريك نوازع الحقد عند الحاسد الذي قد يتحول إلى عدو للمحسود يسعى في أذيته لكن الحسد ذاته لا ضرر منه ينتقل إلى المحسود فيصيبه كما تصيب العين لكل للعين قوة مؤثرة تنبع من العائن وتصيب المعين فتسبب له أضراراً متفاوتة، وقد جاء هذا واضحاً في حديث شريف جمع بينهما في اللفظ:
روى البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كان إذا اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه جبريل قال: ( باسم الله يبريك ومن كل داء يشفيك ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين ). وقد دل ذلك الحديث في دقة بالغة على أن الشر يأتي من الحاسد إذا حسدك على نعمة، ويأتي من ذي العين، وهو شخص مختلف قد يكون حاسداً وقد يكون غير حاسد، وتعني كلمة ( ذي ) اختصاصية فليس كل إنسان قادراً على الإصابة بالعين ما لم تتوفر له خاصية معينة سنوضحها في سياق حديثنا هنا تجعله ( ذي عين ).
وروى الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا حسد والعين حق ). وقرن الحديث بين الحسد والعين، وضم الحسد إلى مجموعة من المفاهيم الخاطئة التي ظن الناس أن لها علاقة مباشرة في ذاتها بإحداث الأضرار من غير الأسباب المعلومة كالعدوى وهو لفظ كان يطلق على تصور انتقال العلة من المريض بمجرد رؤيته للصحيح وإن ثبت الآن إمكان انتقال بعض الأمراض من المريض إلى السليم بالملامسة أو الرزاز أو الحشرات أو غيرها فيما نسميه الآن اصطلاحاً العدوى، فهذا أمر مختلف عن المفهوم الذي كان الناس قديماً يتصورونه عن العدوى النابع من تخيل خاطىء لا أساس له هو انتقال المرض ( كل الأمراض ) بنظر السليم في المريض أو نظر المريض في السليم، ( والطيرة ) تصور حدوث ضرر للشخص إذا رأى في سفره أو عند الشروع فيه طائراً معيناً أو إشارة معينة و( الهامة ) تصور خاطىء من الناس أن المقتول تحل في مكان مقتله روح شريرة من الشياطين تبحث عن قاتله وتؤذي كل من تقابله من الناس، واثبت الحديث الشريف أن كل هذه المفاهيم ليست صحيحة وأنه ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا حسد )، والحديث أشار إلى العين وهي من جنس الأشياء التي شملتها المفاهيم الأربعة الأولى، والتي كان لدى الناس عنها تصوراً مماثلاً لتصورهم للعدوى والطيرة والهامة والحسد لكن لم ينفها كما نفى هذه المفاهيم وإنما أثبتها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( العين حق ).
وموضوعنا الذي سوف نتناوله يتعلق بالعين التي أثبتها النص النبوي بشكل قاطع، ولن نتطرق إلى مطلق الحسد الذي هو خلق سيء بمجرد تمني زوال النعمة.
نخلص في موضوع العين من استعراض النصوص النبوية الشريفة بأنها أشارت إلى الحقائق التالية:
1ـ إن العين ( بمعناها الذي تفهمه العامة والخاصة ) بتأثيرها الذي يشك فيه البعض ويؤيده الآخرون، حق أي إن لها هذا التأثير الملحوظ وليست وهماً كما هو الحال في الحسد والهامة والطيرة.
2ـ إن الأذى الذي يصيب الشخص المضرور يتم بالمعاينة.
3ـ إنه لكي نخفف من أثرها بعد حدوثها فليغتسل العائن أو يتوضأ بالماء ثم يغتسل المعين بذلك الماء.
والسؤال الآن:ما هو موقف العلم الحديث من هذه الحقائق الشرعية الثلاث التي ثبتت بالحديث النبوي الشريف من قول سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: ( الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) وقد كان ثبوتها بالسنة النبوية قاطعاً قطعاً باتاً وورد بطرق عديدة متساندة متصلة السند، مما يجعلها تصل إلى حد التواتر.
موقف العلم الحديث:
قبل أن نستطرد في حديثنا عن موقف العلم الحديث من الحقائق الشرعية نقف وقفة قصيرة نستعيد في أذهاننا نطاقات الوجود التي يعمل فيها العلم التجريبي الحديث لنخرج منها إلى موقفه من قضية ( العين ).
اتفقت رؤية العلماء على تميز أربعة نطاقات للوجود متميزة تمام التميز، متداخلة تمام التداخل، هي الطاقة والمادة والحياة والنفس.
وقد خصص الفكر الإنساني لكل منها علماً يقوم بفروعه المختلفة على البحث في كل نطاق، فكان علم الفيزياء للبحث في الطاقة وعلم الكيمياء للبحث في المادة وعلم الأحياء للبحث في الحياة، وعلم النفس للبحث في النفس: ثم أدرك العقل البشري ومن ثم العلم التجريبي أن هناك مناطق تداخل ومعابر دخول وخروج بين هذه النطاقات الأربعة خصص لكل معبر منها علماً يبحث فيها وجاء اكتشاف هذه المعابر بأزمنة متدرجة مع تدرج هذه النطاقات لتبدأ بالعلم المعني بمعبر الطاقة والمادة والمسمّى الكيمياء الفيزيقية(Physiochemistry)ثم المعنى بمعبر المادة والحياة والمسمى بالكيمياء الحيوية ثم المعنى بمعبر الحياة والنفس والمسمى علم النفس العصبي أو علم الأعصاب.
ولو تأملنا هذه النطاقات لوجدنا أنها تبدأ في نطاق الطاقة بسيطة غير متراكمة، دقيقة غير مجسمة، موحدة غير متشاكلة، ثم تتراكب وتتشاكل إلى أن تكاد تكون جسماً في الفوتون لتقرب من نطاق المادة التي تبدأ بسيطة غير متراكمة موحدة غير متشاكلة في الإلكترون، ثم تتراكب وتتشاكل فتكون الذرة، ثم تتراكب وتتشاكل فتكون الجزيء الذي يكبر ويتعقد إلى أن يصل إلى أقصى تعقيده في جزيء البروتين، فإذا به يقترب من نطاق الحياة، فالبروتوبلازم مادة الحياة التي تشاكل جزيئات البروتين، فإذا بدأت الحياة بدأت بخلية واحدة ( بروتوبلازم )، بسيطة غير متراكبة ولا متشاكلة، ثم دب فيها التركيب والتشكيل لتصل إلى قمة تعقيدها في الخلية العصبية التي تشكل قمة تشكلها في المخ البشري، فإذا بنا نقترب من نطاق العقل والنفس.
ونلاحظ هنا أن التدرج من التعقيد مطرد سواء في النطاق الواحد أو بين النطاقات، وفجأة وعلى قمة التعقيد المطر ينبع العقل والنفس بلا مادة مرة أخرى وكأنهما طاقة لا مادة لها، مما دعى العلماء في منتصف هذا القرن العشرين لأن يتصوروا أن نطاقات الوجود دائرية ليس لها بداية ولا نهاية. وأنه لا بد وأن يكون بين النفس والطاقة أول النطاقات وآخرها علاقة ومعابر على تصور أن هذه النطاقات متجاورة في شكل دائري وتكون النفس لصيقة بالطاقة كما هي لصيقة بالحياة، وبالفعل نشأ في الربع الأخير من هذا القرن علم جديد يبحث في المعبر بين الطاقة والنفس سمي سيكوترونكس(Psychotronics).


يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــع
  #192  
قديم 05-04-2008, 09:28 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبــع موضوع .... الحسد بين الهدي النبوي والعلم الحديث

عالم الطاقة:
عالم الطاقة هو خلق الله خفيّ الجسم ظاهر الأثر يتحرك بسرعة تفوق سرعة المادة ولا تقارن بها ويتحرك في موجات تختلف في أطوالها وسعاتها ورتمها وكلما اختلفت واحدة أو أكثر من هذه الخصائص الثلاث اختلف أثر الطاقة وأحسسنا بها بشكل مختلف ولكي نبسط الموضوع في صورة أسهل: لو اخترنا عنصر ( الطول الموجي ) لهذه الموجات لوجدنا أنه وحتى الأعوام القليلة السابقة قبل اكتشاف قياس ( الفيمتوثانية ) كانت الموجات المعلومة تتراوح أطوالها ما بين 10 فيمتومتر ( والفيمتومتر وحدة طولها جزء من ألف مليون جزء من الميكرون ) وبين 100 ألف كيلو متر بترددات تتراوح بين 1 : 10 22 موجة في الثانية (أي: 10 مليون ذبذبة في الفيمتوثانية ).
وكلما اختلف الطول الموجي كلما اختلف الأثر الذي تحدثه الطاقة فهو عند الأطوال من 10 ـ 10000 فيمتومتر يعطي أثره الذي نسميه أشعة جاما من 10000 ـ 10 مليون ميمتومتر يعطي ما يسمى أشعة إكس، وكما هو معلوم فإن الضوء الذي تراه العين بكافة ألوانه إنما يتراوح طول موجته من 400 نانومتر في اللون البنفسجي إلى 760 نانومتر في اللون الأحمر.
أما من حيث تتابع الأطوال الموجية فإن كل تتابع يؤدي في أثره إلى أمر مختلف، فلو تصورنا أن اللغة عبارة عن مجموعة من الكلمات التي تتكون بدورها من مجموعة من الحروف، فإن تتابع هذه الحروف يعطي العديد من الكلمات ذات المعاني المختلفة مع أن عدد الحروف في أي لغة لا يتعدى الثلاثين، وأن تتابع الكلمات يعطي ما لا حصر له من المعاني المفهومة، لعلمنا أن تتابع فقرات من الطاقة ذات الأطوال الموجية يمثل تتابع الحروف والكلمات في اللغة، فعلى سبيل المثال: لو سقط على العين طول موجي للطاقة مقداره 400 نانومتر رأته العين بنفسجي، ولو سقط بطاقة في موجة طولها 450 كان إحساس العين به على أنه أزرق، ولو كان طوله 520 رأته أخضر، وهكذا عند طول 600 يكون أصفر وعند 650 يكون برتقالي وعند 760 سيكون أحمر، وهي الألوان الأساسية للطيف، ويمثل كل منها حرفاً، وإذا تتابع سقوط هذه الأطوال على العين بسرعة معينة ظهر الإحساس باللون الأبيض في حين توجد ملايين التتابعات التي تحس على إثرها العين بملايين الألوان التي تملأ الكون.
فإذا كان هذا هو تأثير الطاقة بين أطوال موجية ما بين 400 ـ 760 نانومتر فما بالنا بتأثير الطاقة بين الأطوال الموجية بين 10 فيمتومتر إلى مئة ألف كيلو متر.
وكان لا بد أن نتصور أن للطاقة في الأطوال الموجية الأخرى تأثيرات ما على الأجسام الحية، وخاصة الإنسان، ليس على عينه المجهزة للرؤية الضوئية فقط بل وعلى جهازه العصبي بصفة عامة.
وفي خلال ربع القرن الأخير ظهرت عدة بحوث وملاحظات غريبة وهامة وضعت هذا الافتراض أقرب إلى اليقين نورد منها جانباً مختصراً فيما يلي:
يقول يوري خولودوف ( وهو أخصائي وظائف الجهاز الفسيولوجي العصبي ):
تحيط بجسم الإنسان أنواع شتى من الإشعاع الكهرومغناطيسي إلا أن الأثر الذي قد تتركه تلك الموجات النابضة على كيان الحيوانات ليس مفهوماً فهماً كافياً، وإلى جانب هذه التأثيرات الخارجية نجد أن الجسم يولّد مجالاته الكهومغناطيسية الداخلية الخاصة به، ولا يصل علمنا إلا إلى القليل عن كيفية تفاعل هذه المجالات.
بدأ العلماء يعيدون حساباتهم للتفهم الصحيح للعمليات الحيوية التي لم تكن الكيمياء وحدها كافية لتفسيرها، مثل انتقال النبضات العصبية بسرعة وتباين أشد بكثير من مجرد الانتقال من خلال الموصلات ومثل انقباض العضلات وانقسام الخلية، وأخيراً عملية التفكير.
عند انقسام الخلية الحيوانية أمكن رصد انبعاث فوتونات من الضوء غير المرئي ومن الأشعة فوق البنفسجية وكذلك أمكن رصد موجات فوق صوتية ترددها ما بين مليون و10 مليون ذبذبة في الثانية، وكذلك أمكن رصد موجات فوق صوتية تصدر وعندها تتغير الجزيئات البروتينية الكبيرة من شكلها بالضغط أو المط، كما لو كنت تطبق علبة من الصفيح.
ثبت أن وجود الإنسان في ظل الجاذبية الأرضية يجعل له تفكيره المتزن مع هذه الجاذبية، وعندما وضعوا رواد الفضاء في ظروف انعدام الجاذبية أمكن إحداث انتظام في أجهزتهم الحيوية، ولكن حدث خلل ملحوظ في طريقة ونشاط تفكيرهم.
أمكن الوصول إلى فك شفرة لتتابع الطاقة الصادرة من المخ لأجزاء من الجهاز العصبي تحركه بناء على معلومة لدى الشخص المختبر، يتحرك على أساسها، ثم تم قطع هذا الجزء تماماً وفصله عن منطقة أخذ المعلومات من المخ، وعرض هذا الجزء من الجهاز العصبي لنفس الشفرة من الطاقة التي تم التوصل إليها ( والتي أمكن إحداثها بطريقة غير حيوية ) فأعطت نفس الاستجابة وكأنها صادرت عن نفس المخ من ذات مركز المعلومات.
أثبت أرثركوسلر أنه يمكن نقل المعلومات والصور عن طريق الجلد لو أمكن تحويلها إلى شفرة طاقة تنتقل في أطراف الأعصاب وتصل إلى المخ.
حتى قال بيتركابتسا: إنني أقسم الظواهر إلى ممكنة ومستحيلة، بل إلى مكتشفة وغير مكتشفة. ويقول: يجب ألا نقع في خطأ الاعتقاد القديم بأنه لن تكون هناك مكتشفات جديدة مستقبلاً.
وكانت هذه الظواهر وغيرها الكثير إرهاصة دعت بعض مراكز البحوث في العالم إلى تبني هذا الموضوع وتكثيف البحث حوله، وكان من رواد هذا المجال الدكتور هيروشي موتوياما (وهو عالم ياباني حصل على (ph.d.) في علم وظائف الأعضاء وعلى (ph.d.) في علم النفس وهو مدير معهد علم النفس الديني بطوكيو )، الذي أجرى العديد من التجارب العلمية حول هذا الموضوع نشرت خلال السبعينات من هذا القرن نلخصها فيما يلي: ميز هيروشي موتوياما بين الشخص العادي وشخص غير عادي سماه (Psi-ability) شخص له قدرة طاقية نفسية داخلية، ونستسمحه أن نسميه مؤقتاً ( الشخص النفسي )، فوجد أن ( الشخص النفسي ) يمكنه التحكم في بعض وظائف لا إرادية للجهاز العصبي، مثل سرعة ضربات القلب وسرعة التنفس، وبعضهم استطاع أن يوقف ضربات قلبه خمس ثوان.
ولاحظ أن هؤلاء الأشخاص النفسيون هم من ذوي الطبائع التأملية والرياضات العقلية النفسية وأنهم منطوون على أنفسهم، وأنهم قليلو الاختلاط بالناس، قليلو الحركة الحياتية، منهمكون في التأمل العقلي النفسي وليس التأمل العقلي الرياضي أو العلمي أو الفني.
وتمكن هذا العالم من رصد وتسجيل بعض مؤشرات عن وظائف أعضاء هؤلاء الأشخاص، مقارنة بالأشخاص العاديين حيث ظهر اختلاف في معدل تدفق البلازما وسرعة التنفس والمقاومة الجهدية الكهربية للجلد بين شخص عادي وشخص نفسي.
ثم تمكن هذا العالم من ملاحظة ما يمكن أن ينتاب الشخص العادي من تأثير التركيز العقلي من الشخص النفسي عليه فوجد أن التركيز العقلي من الشخص النفسي على شخص عادي يسبب له خللاً في المقاييس الثلاثة التي قاسها، وهي معدل تدفق البلازما وسرعة التنفس والمقاومة الجهدية الكهربية للجلد.
وقد استطاع أن يصمم أجهزة دقيقة لقياس الطاقة فأثبت أن هناك انبعاث للطاقة من جسد الشخص النفسي، وهي التي تسبب التأثير على الشخص العادي وأنها تنبعث من بؤرات سماها ( شاكراً )(CHAKRA)توجد على امتداد الحبل الشوكي مع المحور الطولي للإنسان، وإن أشدها نشاطاً هي البؤرة الموجودة بين العينين والتي تقابل تماماً الغدة النخامية فيه.

صورة حقيقة تبين انبعاث الطاقة من جسم الإنسان صورت بواسطة أحد أجهزة قياس الطاقة
ولخص هيروشي موتوياما معلوماته على النحو التالي:
الأشخاص العاديون غير قادرين على بعث هذه الطاقة.
الأشخاص المميزون يمكنهم إيقاظ الانبعاث عن طريق التركيز أو أثناء ما تنتابهم من حالات نفسية غير مستقرة.
أقوى النقاط المؤثرة في ( الشاكرا ) هي البؤرة التي على الجبهة بين العينين.
التأثير على الأشخاص يظهر واضحاً.
ولا يبقى إلا أن نضع المسميات المناسبة على مسميات هيروشي موتوياما، إن هناك أفراداً قلائل يتميزون بوجود بؤرات نشطة لانبعاث الطاقة فإذا صحب ذلك أن كان هؤلاء الأشخاص منطويين على أنفسهم كثيري التأمل فيما عند غيرهم من النعم، كثيري التألم النفسي على عدم وجود مثل هذه النعم لديهم، نشطت عندهم هذه البؤرات، وخاصة بؤرة ما بين العينين وأصبح الشخص من هؤلاء شخصاً نفسياً على حد تعبير هيروشي أو شخصاً عائناً على حد تعبير الحديث النبوي الشريف فإذا ما تحركت نفس هذا الشخص العائن تجاه شخص ذو نعمة واستكثرها عليه صدرت انبعاثات من الطاقة ذات شفرة خاصة من البؤرة بين العينين وأثرت على الشخص المعين فأفسدت رتم سيال الطاقة في جهازه العصبي أو غيره فيصاحب ذلك خلل يؤدي إلى مرض أو ألم أو فساد أو ضعف أو غير ذلك وهذا هو مفهوم العين تماماً كما صورها الحديث النبوي الشريف.

يظهر في الصورة مراكز الطاقة على امتداد الحبل الشوكي والتي أشدها نشاطاً هي البؤرة الموجودة بين العينين
فهل يكون العلاج بالماء؟.
روى الإمام مالك في الموطأ عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه سمع أباه يقول: اغتسل أبي سهل بن حنيف بالخرار فنزع جبة كانت عليه وعامر بن ربيعة ينظر إليه، وكان سهل شديد البياض حسن الجلد، فقال عامر: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة عذراء، فوعك سهل مكانه، واشتد وعكه، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوعكه، فقيل له: ما يرفع رأسه، وكان قد اكتتب في جيش، فقالوا له: هو غير رائح معك يا رسول الله، والله ما يرفع رأسه فقال: هل تتهمون له أحداً قالوا: عامر بن ربيعة، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ عليه وقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟ ألا بركت؟ اغتسل له فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخله إزاره، في قدح، ثم صب عليه من ورائه، فبرأ سهل من ساعته.
وفي رواية أخرى نحو ذلك: إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا بركت؟ إن العين حق، توضأ له، فتوضأ له عامر.
وروى هذا الحديث أيضاً كل من الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة وقال عنه الإمام ابن حبان: حديث صحيح.
الماء كما هو معروف يتكون من ذرة من الأكسجين وذرتين من الهيدروجين، ويتكون جزيء الماء على شكل يشبه القضيب المغناطيسي يكون له قطب سالب وقطب موجب، ويدور جزيء الماء حول نفسه بسرعة كبيرة كما أنه يدور حول الجزيئات الأخرى على مسافات ثابتة عند درجات الحرارة الواحدة، وينشأ عن ذلك أنه في أي لحظة نرى مثلاً كوباً من الماء مليء بجزيئات الماء في مواضع مختلفة من حيث اتجاه الأقطاب السالبة والموجبة، وهذه الحالة تجعل للماء مقاومة ما للدخول إلى الخلايا والانسياب مع السيتوبلازم.
وقد أمكن في العصر الحديث إثبات أنه لو عولج الماء بطاقة تُبعث من مجال مغناطيسي مثلاً لأمكن انتظام جزئياته في اتجاه واحد بالنسبة للقطبين السالب والموجب وفي هذه الحالة أبدى الماء ظواهر غاية في الغرابة بالمقارنة به قبل التعديل، فقد أمكن استخدام هذه المياه في علاج العديد من الأمراض في الإنسان والحيوانات كما أدت إلى استخدام هذه المياه في علاج العديد من الأمراض في الإنسان والحيوانات كما أدت إلى زيادة نمو الدجاج وزيادة إنتاجه من البيض وأدت إلى تقصير مدة إنبات عدد كبير من بذور الخضروات والفاكهة والمحاصيل، كما زاد معدل النمو في النباتات وكذلك المجموع الخضري لها.
وأيّاً كانت التفسيرات التي سيقت في هذا المجال فإن وجود الطاقة لإعادة تنظيم جزيئات الماء في وضع معين يجعل هذا الماء ذو قوة انسيابية خاصة للمرور في بروتوبلازم الخلايا الحية، مما يحسن من طاقة الحياة بها ويصلح سلوكها الحيوي.
كما جاء التوجيه النبوي الشريف باستخدام الماء وإمراره على البؤرات النشطة في الشخص العائن بعد أن يعرف بما أحدثه في المعين وبعد أن ينصح ويذكر بما سببه له فتعود الطاقة المنبعثة منه إلى وضع مفيد تؤثر على الماء الملامس له عند الغسل أو الوضوء، وخاصة غسل الوجه لإمرار الماء على بؤرة بين العينين، وعندما يستخدم هذا فيصب على جسد المعين ربما نقل هذه الطاقة إلى البروتوبلازم فأصلح ما كان قد فسد ونظّم ما كان قد انفرط.
وما هذا إلا تصور مبدئي يحتاج إلى دراسة التفاصيل، لكن ما نخرج به في نهاية محاضرتنا هو أن العلم قد أثبت أن العين حق وأن الماء الذي يغتسل أو يتوضأ به العائن يفيد في إصلاح المعين وشفاء وعكته بإذن الله، وإن تركت التفاصيل والتفسيرات لبحوث علمية أخرى قد يأتي بها الزمن المستقبل.
المراجع:
القرآن الكريم.
2ـ جامع الأصول من أحاديث الرسول لابن الأثير ( 11 مجلداً ).
3ـ الجامع الصغير للسيوطي.
4ـ الطبعة العربية من مجلة (Impact) التي تصدر عن مجلة رسالة اليونسكو ( أعداد مختلفة عام 1975 وما بعدها ).
5ـ جريدة الخليج، 12 يوليو سنة 1996، ملحق استراحة الجمعة
  #193  
قديم 05-04-2008, 09:29 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

تركيب المخ البشري في ضوء القرآن

دكتور / حسين رضوان اللبيدي(1)
هل التركيب التشريحي والوظيفي لمناطق المخ البشري العليا كان معروفاً أيام بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم؟.
هل تركيب ووظائف المخ التكليفية من مناطق السمع والبصر والعواطف ومناطق الاختيار بين البدائل كانت معروفة بدقة وتكامل بعد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بأكثر من ألف عام؟.
الإجابة اليقينية:لا، فالعالم كله لم يكن يعرف شيئاً عن التركيب المتكامل والدقيق للمخ البشري وبدأ حديثاً في التعرف على مناطق السمع والبصر والعواطف والاختيار بين البدائل في المخ البشري، وكان ذلك بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بأكثر من ألف عام.
فيكون السؤال الأخير:
ماذا يقول العقل العالمي المفكر لو اكتشف خريطة متكاملة للتركيب التشريحي والوظيفي للمناطق التكليفية العقلية العليا في المخ البشري في القرآن الكريم؟.
حتماً ستكون الإجابة المنطقية:
إن ذلك سيكون دليلاً علمياً على صدق الرسالة وصدق الرسول، وسيكون دليلاً يقينياً على أن القرآن الكريم كتاب الله المعجز الوحيد الخالد الباقي المحفوظ ليدين به الجميع وليكون دستوراً للعالمين لمن شاء منهم أن يستقيم.
فهيا بنا مع أسرار المخ البشري ( منبع الحضارات وجهاز التكليف )، هيا بنا نتتبع خريطة لمناطق المخ التكليفية العقلية العليا من خلال دراسة متأنية لآيات السمع والبصر والفؤاد المناسبة في القرآن الكريم ( المعجزة الخالدة ).
لا حظ رجال التفسير على مر العصور ما يأتي:
1ـ السمع يتقدم على البصر في كل القرآن الكريم.
)وجعلنا لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ([النحل: 78].
)ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون) [الأحقاف: 26].
2ـ السمع يأتي على الإفراد والبصر يأتي على الجمع.
3ـ الفؤاد يأتي دائماً بعد السمع والبصر.
)وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون ([المؤمنون: 78].
4ـ ( بكم ) تأتي بين ( صم ) و ( عمى ).
)صم بكم عمي (.
وقدم رجال التفسير اجتهاداتهم في هذا المجال فقالوا:
إن تقدم السمع على البصر لشرف السمع أو لشرف الأذن، فالأذن تسمع من جميع الجهات وهي أداة التلقي للوحي ويمكن استدعاء النائم من خلالها.
ورد في تفسير القرطبي:
قال أكثر المتكلمين بتفضيل البصر على السمع لأن السمع لا يدرك به إلا الأصوات والكلام والبصر يدرك به الأجسام والألوان والهيئات كلها.
ويقول الآلوسي في تفسيره:
والحق أن كل الحواس ضرورية في موضعها ومن فقد حساً فقد علماً وتفضيل البعض على البعض تطويل من غير طائل.
إذن فكرة تقديم السمع على البصر لشرف السمع مردودة أو لا تستند على أرضية صلبة، وعلى الرغم من ذلك لم يكن لها بديل.
وكانت المفاجأة والتي وجهت الأنظار إلى السر المذهل وراء تقديم السمع على البصر، هي الآيات التي جاء فيها ذكر ( العين ) و( الأذن )، ففي هذه الآيات نلاحظ أن ( العين ) تتقدم (الأذن ) على عكس السمع والبصر.
ففي سورة الأعراف: [آية 179]:
)ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها (.
وفي الآية [195] من الأعراف، نجد:
)ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها (.
وفي المائدة: [ آية: 45]:
)وكتبنا عليهم فيها: أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن (.
فإذا كان السمع يتقدم البصر في الآيات السابقة فإن العين تتقدم الأذن في هذه الآيات، فلو كان التقديم للتشريف لتقدمت الأذن على العين كما تقدم السمع على البصر لأن الأذن أداة السمع والعين أداة البصر.
إذن فالقضية ليست قضية شرف عضو على عضو بل هي شيء آخر، بل قل إنها معجزة علمية بكل المقاييس فلقد وجد العلماء أن هناك مراكز للسمع داخل المخ البشري يتم فيها إدراك المسموعات وعقلها وهناك مراكز للبصر داخل المخ البشري يتم فيها إدراك المبصرات وعقلها وأداة مركز السمع هي الأذن التي تجلب إليها الأصوات وأداة مركز البصر العين والتي تجلب إليها الصور.
ومع أن العين تتقدم الأذن في رأس الإنسان فإن مركز السمع يتقدم مركز الإبصار في مخ الإنسان تشريحياً.
وهنا ظهرت المعجزة العلمية الباهرة فالترتيب المكاني للسمع والبصر في الآيات يأتي وفقاً للترتيب المكاني لمراكز السمع والبصر في مخ الإنسان. ولكن الإنسان بالإضافة إلى أنه سميعاً وبصيراً له المقدرة على إنتاج البيان البشري الراقي ولقد وجد علماء المخ أن هناك منطقة بين مركز السمع من الأمام ومركز البصر من الخلف تسمى منطقة فرنيكا فعندما يلتقي مركز السمع مع مركز البصر فإن المنطقة البينية تشكل مكان إنتاج البيان البشري وها هي الآية )صم بكم عمي (تشير في إعجاز باهر إلى منطقة البيان في مخ الإنسان ( فبكم ) والتي تقع بين ( صم ) من الأمام و( عمي ) من الخلف تشير إلى منطقة البيان في المخ بين مركز السمع من الأمام ومركز البصر من الخلف.
وإذا كان الصمم هو تعطيل السمع، والعمى هو تعطيل البصر، فيكون البكم هو تعطيل البيان.
ولأن الموصوفين بـ )صم بكم عمي (هم الكفار الذين يتمتعون بسمع جيد وبصر حاد ولسان مبين، فإن ( صم ) هنا تعني تعطيل عقل السماع و( عمى ) تعني تعطيل عقل البصر، فتكون ( بكم ) آفة عقلية خاصة بعقل البيان.
وقدمت الآية 76 من سورة النحل دعماً لذلك:
)وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم (.
إذن فكأن ( بكم ) تشير إلى منطقة البيان بين مركز السمع ومركز البصر في المخ.
ومعنى ( بكم ) واستخداماتها في القرآن يشير إلى وظيفة مركز البيان داخل المخ البشري.
ونتوقت هنا لنرسم ونحدد المناطق التي أشارت إليها الآيات الخاصة بالسمع والبصر والبيان وبعدها نسأل هل المناطق العقلية العليا في مخ الإنسان تقتصر على السمع والبصر والبيان وما يتعلق بهم من ذاكرة؟.

وقد وجد العلماء أن هناك مركز رئيسي للبيان داخل المخ البشري يقع بين مركز السمع والبصر
  #194  
قديم 05-04-2008, 09:33 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الروح في ضوء القرآن الكريم

دكتور / أحمد شوقي الفنجري(1)
لقد حاول الإنسان منذ القدم أن يعرف ما هي الروح وما هو الموت، ومع عصر التفجر العلمي في القرن العشرين بدأ الإنسان بالاستعانة بالأجهزة العلمية الدقيقة في دراسة الروح... واعترفت الكثير من الجامعات العلمية بهذا العلم في أوروبا وأمريكا فخصصت له مقعداً للتدريس والتعليم مع غيره من الظواهر التي تسمى ما وراء الطبيعة. وكان أولها في جامعة كامبردج سنة 1940م ثم اكسفورد سنة 1943م ثم تتابعت الجامعات.
كذلك تكونت جمعيات أهلية كثيرة في أنحاء العالم من الهواة والباحثين الجادين تتبادل الدراسات والتجارب العلمية. ولها مجلات دورية مثل المجلة الروحية في أمريكا وإنجلترا... وهم يعقدون الكثير من المؤتمرات والندوات تماماً كما تفعل الجماعات الطبية والعلمية ويتبادلون آخر ما توصلوا إليه من علم.
ومن أوائل التجارب التي كانوا يجرونها أن يضعوا إنساناً يحتضر على جهاز به ميزان لتقدير وزن الروح بعد خروجها من الجسم ويضعون على رأسه جهاز (eeg)لقياس ذبذبات المخ الكهربائية أثناء الوفاة وعلى قلبه جهاز لرسم القلب (eeg)كذلك وضعوا كاميرات خاصة تعمل بالأشعة تحت الحمراء لتصوير الروح أثناء خروجها (infra red photography)حيث وجد أنها لا تظهر بالضوء العادي. ( 1 ).
وقد وجد العلماء إرتباطاً كبيراً بين علم الأرواح وعلم التنويم المغناطيسي (hypnosis)وعلم التخاطر (telepathy)وهو علم نقل الأفكار عن بعد وأيضاً علوم دراسة الأشباح والجن.
ولم يعد علم الأرواح قاصراً على التسلية والهواية أو كشف المجهول... بل دخل مجال العلاج الطبي وخاصة في الأمراض التي عجز الطب الحديث عن شفائها مثل الصرع والجنون والشيزوفرينيا ( 2 ) وألفت في ذلك الكثير من الكتب والمجلات وبعضهم استطاع إجراء عمليات جراحية بالأرواح وإخراج الأورام من جسم الإنسان في مؤتمر عام وبشهود من الأطباء.
وتعرف الروح في نظر العالم أنها عبارة عن موجات ذات تردد عالي وأنها موجودة بيننا في كل مكان وفي العالم الأثيري... ولكننا لا نراها ولا نسمع صوتها بسبب عجز العين البشرية والأذن عن ذلك... فقد ثبت علمياً أن العين البشرية لا ترى إلا في حدود معينة هي ألوان الطيف. فالضوء الأحمر الذي نراه بالعين له ذبذبة ( 4×10 10) = 400 ألف مليون ذبذبة / ثانية...
أما الضوء ( تحت الأحمر infra red)فهو أقل من ذلك فلا تراه العين، والضوء البنفسجي له تردد ( 7× 10 10 ) = 700 ألف مليون ذبذبة / ثانية فإنه زاد عن ذلك في فوق البنفسجية فلا تراها: وقد قدروا الأرواح بأنها ذبذبة أعلى من فوق البنفسجية وأقل من الذبذبة (ray×).
ونفس الشيء بالنسبة للأذن البشرية التي تسمع فقط من 20 ذبذبة / ثانية وحتى 000 و20 ذبذبة وما زاد عن ذلك فلا تسمعه، وقد ثبت بالتجربة أن بعض الحيوانات كالكلاب والقطط والخيل تسمع أكثر مما يسمعه الإنسان، ولذلك تراها تجفل أو تصرخ فجأة لأنها تسمع ما لا نسمعه نحن...
ويقسم علماء الأرواح الأدلة إلى نوعين ذهني (mental)ومادي (phlysical)فمن النوع الأول الذهني ظاهرة التخاطر (telesphy).وظاهرة الرؤية عن بعد (clain voiance)وظاهرة الخطاب المباشر الذي تستعمل فيه الروح حنجرة الوسيط ونتكلم بلغتها الأصلية التي قد لا يعرفها الوسيط.
أما الأدلة المادية فمنها نظرية التجسيد (materializationونظرية رفع الأشياء (lev - itationونظرية التصوير الروحي (psychic photography)وهو علم جديد ظهر في السنوات الأخيرة فقط بعد اختراع أفلام خاصة.
وآخر ما وصلت إليه الدراسات في ماد (d.n.a)التي يعتقد العلماء أنها تمثل سر الحياة والروح في الخلية الحية واكتشاف تركيبها الكيميائي، وقد نال الكشف عن ذلك جائزة نوبل.
ورغم كل هذه الأبحاث والإنجازات فما زالت الإنسانية في أول الطريق وما زال موضوع الروح أحد الأسرار الغامضة على العلم، وما يزال الدين هو مصدر العلم الرئيسي عن سر الروح.
الجانب الديني:
لم يرد أي تعريف للروح في التوراة أو الإنجيل وإنما استعملت هذه الكلمة بأوصاف أخلاقية ومعنوية مثل الروح الشريرة أي: الشيطان والروح الرضية التي تفرق بين الناس والروح الخفية كالملائكة واستعمل لفظ الروح القدس عن الله.
وعندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم في قومه وأعلن النبوة ذهب بعضهم إلى اليهود يسألونهم في أمر يمتحنون به هذا النبي فطلبوا منهم أن يسألوه في أمر لم يخبر به أي نبي من قبله وهو الروح. فلما سئل الرسول في ذلك أمهلهم حتى يأتيه فإذا بالقرآن يرد عليهم )ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ([الإسراء: 85].والمعنى العلمي لهذه الآي أن الروح أمر يصعب على البشر أن يفهموه لأنه أكبر من علمهم وعقولهم ومهما أوتي الإنسان من العلم لن يفهم حقيقة الروح، وهذا هو السر في هذا الرد المقتضب حتى لا يقع الناس في البلبلة والظنون وينشغلوا عن الدعوة الجديدة بأمور فلسفية وقد ذهب المفسرون بعد ذلك إلى شتى التفاسير فمنهم من قالوا: إن هذا الرد معناه: نهى المسلمين عن الدراسة والعلم بهذه القضية... بينما ذهب الأكثرية بأنها لم تنص على القول: ( قل الروح من علم ربي ) بل نصت: ( من أمر ربي ) والفارق بينهما كبير وواضح ومن هنا فلم يتوقف علماء المسلمين عن الكتابة والدراسة في هذا الموضوع من ذلك كتاب ( الروح لابن سينا ) وكتاب ( الروح لابن القيم ) وعشرات الكتب على مر العصور.
وهذه بعض القضايا عن الروح التي ذكرت في القرآن وجاء العلم الحديث لتأكيدها:
أولاً: أننا لا نرى الأرواح ولا نسمع صوتها لا لأنها غير موجودة ولكن لقصور في العين البشرية والأذن البشرية عن إدراكها وقد شرحنا ذلك علمياً... والقرآن الكريم يؤكد هذه الحقيقة فيذكر أن هناك أشياء كثيرة حولنا لا نراها بأعيننا فيقول تعالى: )فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ([الحاقة: 38 ـ 39]. ومن الإعجاز القرآني:أن الله تعالى يقسم قسماً بكمية الأشياء التي لا نبصرها بأعيننا حيث قدر العلم الحديث أن نسبة ما تبصره العين البشرية إلى ما لا تبصره هو 1: 10 مليون وهذه نسبة مهولة ما كان أحد يتصورها أو يعقلها وقت نزول القرآن وهذا هو مغزى القسم العظيم.
ثانياً: والإسلام لا يقف عند هذه الظاهرة حيث عجز العلم الحديث عن تفسيرها فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول عن الروح: ( يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمع الإنسان لصعق ) البخاري.
فالله تعالى خلق العين والأذن البشرية لا ترى ولا تسمع الأرواح.. حتى لا يصاب الإنسان بالهلع والذعر من سماعها وهذا أمر بديهي ورحمة من الله تعالى بالبشر الأحياء... فطالما كانت الصلة المادية بين الإنسان والأرواح منقطعة ولا يمكن لمسهم أو التحدث معهم في الظروف العادية... فلا شك أننا نصاب بالفزع إذا رأيناهم أو سمعناهم دون أن نستطيع لمسهم.
والقرآن الكريم يؤكد على هذه الحقيقة حتى مع الأنبياء: فقد فزع سيدنا إبراهيم حين زاره الملائكة... فمد إليهم يده بالطعام ولكنه لم يجد لهم جسداً يمكن أن يلمسه ففزع منهم وفي ذلك يقول تعالى:
)فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة ([هود: 70].وتفسير ذلك: أن الملائكة كالأرواح ليس لها جسد يمكن لمسه باليد. ونفس الشيء حدث مع سيدنا لوط عندما زاره الملائكة في بيته ففزع منهم )ولما جاءت رسلنا لوطاً سيء بهم وضاق بهم ذرعاً ([هود: 77].
ثالثاً:ومن الإعجاز العلمي في الإسلام أنه أول من أشار إلى حقيقة أن بعض الحيوانات كالخيل والكلاب تستطيع أن ترى الأرواح وتسمع صوتها دون البشر فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا سمعتم صهيل الخيل ونباح الكلاب بعد هدأة الليل فاستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم فإنها ترى ما لا ترون ).
وهذه الحقيقة العلمية لم تكتشف إلا في أواخر القرن العشرين بعد اختراع أجهزة الضوء أو السمع ذات التردد العالي.. وقد اخترعت ( صفارة الكلاب ) والتي يسمعها الكلب ولا يسمعها الإنسان وأصبحت إحدى وسائل التدريب والتجارب العلمية...
رابعاً: ويؤكد العلم الحديث أن الأرواح لا يمكنها الظهور أو الإتيان بأي عمل ملموس في جلسة الأرواح إلا في وجود الظلام أو على الأكثر ضوء أحمر ضعيف... وتعليل ذلك: أن الروح عبارة عن ذبذبات ضوئية وصوتية تتكسر في وجود الضوء العادي أو الصوت العادي... ولذلك فإن جلسات تحضير الأرواح لا تعقد إلا ليلاً وفي الليالي القمرية الهادئة التي لا يوجد بها برق ورعد. وقد أشار الرسول إلى هذه الحقيقة قبل أن يكتشفها العلم حيث يقول: ( أقلوا الخروج في هدأة الليل فإن لله دواباً يبثهن في هذه الساعة ). ومعنى هدأة الليل: هو الجمع بين الظلام والهدوء فهو إيجاز بلاغي.
خامساً: حياة البرزخ بين القرآن والعلم:
الروح بعد مغادرتها الجسم لا تنتقل إلى الجنة أو النار مباشرة بل إلى حياة البرزخ.. وكلمة البرزخ أصلها فارسي وكان يستعملها العرب للتعبير عن مكان بين مكانين وقد استعملها القرآن عن مرحلة أو حياة بين حياتين... وفي ذلك يقول تعالى: )ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ([المؤمنون: 100]فالبرزخ مرحلة بين الموت ويوم تقوم الساعة.
والعلم الحديث يتفق مع القرآن في وجود البرزخ ولكنه يطلق عليه اسم ( العالم الأثيري ) وتصفه كتب العلم الحديث بأنه عبارة عن الفراغ الموجود بين الأرض وجميع السماوات المحيطة بنا... بما فيها الشمس والكواكب السيارة وبعد الاكتشافات المبهرة في عالم الذرة أضيف إليه الفراغ الموجود في داخل جميع الأجسام الصلبة وداخل الذرة نفسها... أي: بين البروتون والإلكترون، فالأرواح تعيش حرة طليقة في هذه الفراغات الهائلة لا يمنعها أي حاجز عادي وتستطيع أن تنفذ من داخل فراغات الذرة ولو كانت حائطاً من الصلب.
سادساً : والروح تنتقل في عالم البرزخ بسرعة قدرها أحد علماء المسلمين المعاصرين بأنها خمسون مرة سرعة الضوء. فقد توصل الدكتور منصور حسب النبي أستاذ علم الفيزياء بجامعة عين شمس في كتابه ( الإعجاز العلمي في القرآن ) على معادلة حسابية من آيتين من القرآن الكريم:
ـ الأولى في سورة السجدة الآية الخامسة حيث يقول الله تعالى:
)يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ([السجدة: 5].ومعنى هذه الآية: أن المسافة التي يقطعها ( الأمر الكوني ) في زمن يوم أرضى تساوي في الحد والمقدار المسافة التي يقطعها القمر في مداره حول الأرض في زمن ألف سنة قمرية، وقوله: مما تعدون. أي: في الكون المشاهد لكم وفي الأمور الخاضعة لقياسكم. وبحل هذه المعادلة القرآنية الأولى ينتج لنا سرعة 299792.5كم / ث مساوية تماماً لسرعة الضوء في الفراغ المعلنة دولياً، والمتفقة مع مبدأ اينشتاين.
أما الآية الثانية فتتحدث عن سرعة الروح والملائكة في عالم الغيب وتقدرها بأنها تعادل خمسين مرة × السرعة السابقة أي: خمسين مرة سرعة الضوء وفي ذلك يقول الله تعالى في سورة المعارج الآية الرابعة:
ـ)تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (.ومعنى ذلك: أن سرعة الروح تساوي 299792.5 × 50 كم / ث والله أعلم.
سابعاً: طبيعة الروح من طبيعة الله: في أكثر من آية من القرآن الكريم يؤكد الله تعالى أن الروح هي نفخ من روح الله: وقد ذكر ذلك عن نفخ الروح في جسد آدم بعد إتمام خلقه فيقول تعالى: )فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ([ص: 72].. ويقول عن الجنين حين تدب في جسده الروح: )ثم سواه ونفخ فيه من روحه ([السجدة: 9].فالروح في الإنسان هي نفخ من روح الله وطبيعتها من طبيعة الله.. فهي لا ترى بالعين البشرية. فالله تعالى يقول عن نفسه: )لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ([الأنعام: 103]. ويقول أيضاً: )ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ([الأعراف: 143].
ثامناً: ومن الإعجاز الطبي أيضاً ما ذكره القرآن من أن الروح لا تبعث في الجنين في بطن أمه إلا بعد الشهر الثالث من عمره وقد قدرها الفقهاء 120 يوماً وهذا هو نفس ما توصل إليه العلم في العصر الحديث. فالجنين قبل ذلك لا يكون كامل النمو فهو إما نطفة أو علقة أو مضغة، وكلها مراحل بدون روح وهو ما يسمى في الطب بالحياة البيولوجية مثل حياة النبات أو حياة المني والبويضة، وفي ذلك يقول الله تعالى: )ثم سواه ونفخ فيه من روحه ([السجدة: 9]. ومعنى سواه: أي: أكمل خلقه... ومعناه: أن نفخ الروح لا يأتي إلا بعد اكتمال الخلق والنمو في الرحم وهذا ما يؤكده العلم فالجنين بعد الشهر الثالث يتحول إلى إنسان حي وله حركة إرادية ويسمع الأصوات بل إن بعض الأبحاث العلمية تذكر أنه يطرب للموسيقى وينزعج لخلافات الوالدين ولا يحدث ذلك إلا بعد اكتمال الشهر الثالث.
تاسعاً: والله تعالى يحفظ الروح داخل الجسد فلا تفارقه إلا بأمره وفي الموعد المحدد وفي ذلك يقول تعالى:)إن كل نفس لما عليها حافظ ([الطارق: 4].
والحافظ هنا كلمة تحمل معاني كثيرة، فالحافظ قد يكون ملاكاً داخل الجسم أو خارجه يلازم الروح ويحافظ عليها حتى لا تغادر الجسد. وبطبيعة الحال فإننا لا نرى هذا الملاك أو نحس به. والعلم الحديث يؤيد هذه النظرية مع اختلاف في التسمية والتعبير... إذ أن الحافظ هنا في العلم هو مواد في الكيمياء الحيوية موجودة داخل أجسامنا تحافظ على العلاقة بين الروح والجسد وتقول النظريات العلمية أن هذه العلاقة إذا اختلت فإن الإنسان يصاب بالكثير من الأمراض النفسية والروحية دون أن يكون به مرض عضوي.
عاشراً: ومن الآيات التي حيرت المفسرين على مر العصور قوله تعالى )وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع ([الأنعام: 98].وقد فسرها بعضهم بأن المستقر هو الرحم الذي ينمو فيه الجنين والمستودع هو صلب الرجل أي: الخصية التي تمد الأرحام بالحيوانات المئوية. وهذا تفسير خاطىء لأن الآية تتحدث عن الأنفس أي: الأرواح وليس الأجساد وكثيراً ما يتحدث القرآن الكريم عن الروح بكلمة النفس. والتفسير الذي نراه أن المستقر هو جسم الإنسان الذي تستقر فيه الروح في الحياة الدنيا منذ أن تدخل في جسم الجنين وحتى وفاة الإنسان، أما المستودع فهو حياة البرزخ التي تنتقل إليها الأرواح كلها إلى أن يأتي يوم البعث فتبقى فيها الروح وديعة مع غيرها إلى أن تقوم الساعة.
حادي عشر: الحياة في البرزخ:
والأرواح في البرزخ تكون سعيدة أو تعيسة لأنها تنبأ بمكانها يوم القيامة في الجنة أو النار حسب أعمالها في الدنيا، والله تعالى يصف حياة المؤمنين الصالحين في البرزخ )ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون ([آل عمران: 170].
وأما الكفار والبغاة فيعرفون مصيرهم في النار والعذاب ويقول تعالى: )وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم (.ويفسر الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة بقوله: ( إنما نسمة المؤمن طائر يعلق من شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه ) متفق عليه.
ويقول أيضاً: ( إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده من الجنة أو النار بالغداة والعشي ). والأرواح تعيش حرة طليقة في البرزخ بين السماء والأرض وهي لا ترتبط بالجسم ولا بالقبر... وكان الناس قبل الإسلام يقدسون المقابر ويبنون للموتى أضرحة فاخرة ويضعون فيها الطعام والأنوار والحراس اعتقاداً منهم أن روح الميت مرتبطة بالقبر وتسعدها هذه المظاهر... فأمر الإسلام بهدم القبور وتسويتها بالأرض بل نهى الرسول عن زيارتها حتى ينسى الناس هذا التقليد الجاهلي فلما نسوه وآمنوا قال الرسول: ( كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها ترقق القلوب ) وفي رواية أخرى: ( إنها تذكر بالموت ) ( ولم يقل: فإنها تسعد الميت ).
ومعناه: أنه لا توجد صلة بين روح الميت والقبر أو بينها وبين الجسد والأرواح تتفاوت في مستقرها في البرزخ أعظم التفاوت فمنها أرواح في أعلا عليين في الملأ الأعلى مع الأنبياء والشهداء والصالحين ومنها أرواح في أسفل السافلين مع القتلة والزناة والمشركين. هكذا رأى رسول الله الأرواح ومنازلها في البرزخ ليلة الإسراء وبشر به.
والأرواح في البرزخ تتزاور بينها، كما أنها تسمع كلام الأحياء وتتأثر بدعواتهم الصالحة وتزورهم أينما كانوا والقرآن الكريم يقول:
)ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى ([الرعد: 31]والرسول صلى الله عليه وسلم كان يخاطب الموتى عند زيارته للمقابر... فيقول له الصحابة: يا رسول الله! أتخاطب جيفاً قد بليت. فيقول لهم: ( لستم بأسمع لكلامي منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ). متفق عليه.
ثالث عشر: الأشياء التي تنفع الميت في البرزخ نوعان:
أولاً: أشياء فعلها قبل موته: يقول رسول الله: ( إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته قبل موته علماً علمه، ونشره، وولداً صالحاً يدعو له ومصحفاً ورثه ومسجداً بناه وبيتاً لابن السبيل بناه ونهراً أجراه وصدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته ). متفق عليه.
الصدقة الجارية والعلم النافع والولد الصالح وبناء بيت للإيواء أو بناء مسجد أو شق نهر أو حفر بئر أو غرس شجر مثمر كلها ترفع درجة الميت عند الله.
ثانياً: ما يفعله له الأحياء فأربع أمور: أولها قضاء الدين عنه ثم الدعاء والصلاة والصوم له وقراءة القرآن على روحه ثم رصد صدقة جارية له ثم الحج عنه.
المراجع:
1ـ راجع كتاب تصوير الأرواح:
(hans holzar psyshic photography souvenir press ltd london).
2ـ (thirty years spiritual hcaler. By harry edwards. london).
3ـ كتاب ( على حافة العالم الأثيري. د. رؤوف عبيد ( مترجم ).
4ـ دكتور منصور حسب النبي أستاذ الفيزياء بجامعة عين شمس كتاب ( الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ).
5ـ كتاب فقه السنة ( الشيخ سيد سابق ).
[1]– طبيب استشاري، ومفكر إسلامي، وعضو مجلس إدارة جمعية الإعجاز العلمي للقرآن والسنة بمصر


  #195  
قديم 05-04-2008, 09:39 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

خواطر بيولوجية من وحي القرآن الكريم

أ.د / عفيفي محمود عفيفي(1)
بدايةً أود أن أؤكد أن هذه المقالة هي مجرد خواطر من وحي بعض آيات كتاب الله... وليست بحال من الأحوال محاولة للتصدي لتفسير هذه الآيات.. ولكني كقارىء لكلام الله أوتي نصيباً من القدرة على التدبر ـ لا أملك أن أمر مرور الغافلين على ما في كتاب الله من ألفاظ أو عبارات تشير في وضوح إلى ظواهر كونية تنبه إليها بعض المفكرين من غير أهل الإسلام منذ قرون، وكنا نحن المسلمين أولى بسبق الالتفات إليها والاهتمام بها.
صحيح أن ما ورد في القرآن من إشارات إلى الظواهر الكونية لا يمثل مادة تعليمية تخصصية، إذ إن ورودها يستهدف في المحل الأول التذكرة والعبرة.. ولكن من آتاه الله قدراً من الإلمام بالعلوم الطبيعية عامة ( وهي الآن تدرس في مراحل التعليم الأزهري قبل الجامعي ) لا ينبغي له أن يتوقف تفكيره عند المستوى الذي يتوقف عنده تفكير العوام... بل عليه أن يستحضر ما وراء تلك الإشارات من حقائق علمية وخصوصاً ما لم يكن معروفاً وقت نزول القرآن.
إن تدبر معاني القرآن في ضوء الحقائق الكونية الثابتة يكشف لنا عن أبعاد جديدة لمعاني كلام الله الذي ما زال بكراً حتى يومنا هذا.. كما يعمل على تجسيد الانسجام بين الكون ـ وهو كتاب الله المنظور ـ وبين القرآن وهو كتاب الله المسطور.
خواطر من وحي آيات التكوين الجنيني:
يقول سبحانه وتعالى في الآية الثانية والثلاثين من سورة النجم:
)هو أعلم إذا أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم (فأما خلق الإنسان إنشاء من عناصر الأرض فهو أمر لا نملك الخوض فيه... وأما خلق الجنين فهو أمر يجدر بنا البحث فيه، وهذا لا يتعارض إطلاقاً مع قوله تعالى: )... ويعلم ما في الأرحام (الذي يفهمه الكثيرون على أنه علم اختص الله به نفسه وحجبه عن البشر... نعم إن العلم علم الله ولكنه سبحانه يؤتي من يشاء طرفاً منه مصداقاً لقوله تعالى: )ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ... (وقد شاء الله أن يوفقنا إلى اكتشاف وسائل الفحص والكشف عما في الأرحام فمن النافع أن نستفيد بذلك في استكشاف مجاهيل هذا العالم.. إنني أتصور أن ورود ذكر بعض مراحل التكوين الجنيني في القرآن إنما هو حث لنا على البحث عن المزيد من التفاصيل.
وتحكي لنا الآيتان الثالثة عشرة والرابعة عشرة من سورة المؤمنون طرفاً من الرحلة الجنينية التي يمر بها خلق الإنسان، وذلك في إيجاز بليغ إذ يقول سبحانه وتعالى: )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً (.
أصل الجنين:
ولكن نوفق في فهم ما وراء هذه الإشارات السريعة من دلائل وقدرة الله ينبغي أن نتذاكر معاً الحقائق الأساسية الثابتة حول التكوين الجنيني للإنسان.
ينشأ الجنين من اندماج الحيمن ( الحيوان المنوي ) مع البويضة في خلية واحدة مزدوجة تسمى الزيجوت تحتوي نواتها على المادة الوراثية للأبوين معاً. وهذا الاندماج يسمى الإخصاب ( يطلق عليه العامة اسم التلقيح وهذا اسم غير دقيق فالتلقيح علمياً هو انتقال الحيمن إلى البويضة فقط ولا ينتج عنه إخصاب )..
ويتم الإخصاب في مدخل قناة أحد المبيضين وبحدوثه يدب النشاط في البويضة فتتحرك داخل قناة المبيض حتى تدخل الرحم وتظل تتدحرج على بطانته حتى تصل إلى رقعة معينة إسفنجية لينة تتخللها الشعيرات الدموية بغزارة أكثر من غيرها، فتنغرس فيها البويضة المخصبة كما تنغرس البذرة في التربة وتخرج من سطحها المدفون زوائد تمتد في داخل جدار الرحم لتقوم بعمل الجذور بالنسبة للنبات (التثبيت وامتصاص الخلاصات الغذائية ).. فينمو الزيجوت وينقسم انقسامات عددية متتابعة حتى يتحول إلى كتلة من الخلايا المتلاصقة تشبه ثمرة التوت الصغيرة ( ولعل هذا هو سر تسميتها بالتويتية )، ينشق عنها جدار الرحم فتبدو معلقة فيه بما يشبه العنق الصغير الذي يوصل إليها الخلاصات الغذائية من دم الأم، فتواصل نموها بالانقسام ولكن الخلايا الناتجة لا تتكاثر بدرجة واحدة في كل أجزاء التويتية، ولهذا تصبح بعض أجزائها أسمك من بعضها الآخر، وتظهر على سطحها بروزات وتضاريس ومنخفضات، ولهذا تسمى المضغة. وفي مرحلة لاحقة تتميز المضغة إلى منطقتين: الداخلية ( وهي المتاخمة لجدار الرحم ) وهي التي سوف تتكون منها الأعضاء الخاصة بتغذية الجنين وحمايته كالمشيمة والحبل السري ( وهي أعضاء مؤقتة ينتهي دورها بعد اكتمال تكوين جسم الجنين )، أما المنطقة الخارجية من المضغة ( وهي المعلقة في تجويف الرحم ) فتتكون منها الأعضاء الدائمة كالجلد والعظام، اللحم، الأحشاء.. إلخ...
الأطوار الجنينية الأولى في القرآن:
ونكتفي بثلاثة أطوار هي: النطفة، والعلقة، والمضغة.
النطفة: النطفة لغوياً هي ما ( نطف ) أي: استخلص من أصله.
وعلمياً: هي الخلية الناضجة المشتقة من نسل أحد الوالدين البالغين والمؤهلة وراثياً للاشتراك في تكوين فرد من ذريتهما.
وقد ورد ذكر النطفة في مواضع كثيرة من القرآن اكتفى منها بثلاثة مواضع لاحظت فيها اختلاف أوصاف النطفة ومصدرها ومكانها مما يساعد على تحديد المقصود بها في كل حالة.
النص القرآني الأول عن النطفة:
هو قوله سبحانه وتعالى في الآيتين السادسة والثلاثين والسابعة والثلاثين من سورة القيامة:
)أيحسب الإنسان أن يترك سدى. ألم يك نطفةً من مني يمنى (.
نلاحظ أن الآية السابعة والثلاثين تحدد مصدر النطفة بأنه هو المني.. إذن فالنطفة المقصودة هي النطفة الذكرية أي: الحيمن. والحيمن خلية عجيبة الشكل تشبه في مظهرها العام يرقة الضفدع لحظة خروجها من البيضة ( وهي المعروفة باسم أبي ذنبة وتعيش في المياه الخفيفة الجريان ) مع الفارق الكبير في الحجم إذ أن طول الحيمن لا يجاوز جزء من مئة جزء من طول أبي ذنيبة ـ وبالفحص المجهري نتبين أن الحيمن يتميز إلى رأس يحمل في مقدمته ما يشبه القلنسوة، ويمتد من مؤخرته ذيل طويل نسبياً، وبين الرأس والزيل حلقة صغيرة يمكن تسميتها بالعنق، والرأس هو أكبر جزء لأنه يحوي النواة الحاملة للمادة الوراثية للفرد الذي خرج الحيمن من صلبه، والقلنسوة ( واسمها: العلمي أكروزوم ) تحوي إنزيمات خاصة لإذابة غلاف البويضة، والذيل هو عضو الحركة ويمتد بطوله من الداخل خيط متين يدعمه ويكسبه القوة المطلوبة للتجديف وتوجيه الحركة.
أما العنق فيحتوي على جسيمات دقيقة تسمى ( ميتوكندرات ) هي التي تولد الطاقة اللازمة لحركة الحيمن التي لا تهدأ منذ لحظة انفصاله عن الخصية وإلى أن ينجح في الالتحام مع البويضة أو يموت، أو يتم تجميده. وتحتوي كل قطرة من المني على عدة ملايين من الحيامن شوهدت تحت عدسات المجاهر وهي تسبح في السائل المنوي وتضربه بذيولها في عنف يتناسب مع حيوية صاحبها.
وفي السائل المنوي مواد تغذي الحيامن وتحميها من الميكروبات بحيث تحتفظ بحيويتها وقدرتها على الإخصاب لمدة ثلاثة أيام بعد انفصالها عن جسم صاحبها ( ما لم يتم تجميدها ).. ولكي ينجح الحيمن في هذه المهمة عليه أن يقطع رحلة طويلة من مكان القذف إلى قناة المبيض...وهي مسافة إذا قورنت بحجم الحيمن فإنها تعادل المسافة بين الأرض والقمر بالنسبة لرائد الفضاء الكوني.
والنص القرآني الثاني عن النطفة:
هو الآية الثالثة عشر من سورة المؤمنون:
)ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (.
وخلافاً لما في آية سورة القيامة لا يوجد هنا ذكر لمصدر النطفة، وإنما يوجد وصف لمكانها بأنه قرار مكين، وهو وصف لا أراه يتفق كثيراً مع ما نعلمه عن النشاط الحركي للنطفة الذكرية أو الحيمن، ولا على مكان تكوينها في الخصية التي نعلم جميعاً موضعها الظاهر خارج الجسم... أما النطفة الأنثوية وهي البويضة فتتكون داخل حوصلة في أعماق نسيج المبيض الذي يقبع في مكان غائر بين الأحشاء يحيط به جدار البطن ذو الطبقات المتراكبة... وحتى عندما يكتمل تكوين البويضة وتنفجر الحوصلة فإن البويضة المتحررة لا تنفصل عن جسم المرأة بل ولا تغادر تجويف البطن.. وأقصى مكان تصل إليه بحركتها الزاحفة البطيئة هو فوهة قناة فالوب المؤدية إلى الرحم، ولا تتجاوز هذا المكان إلا إذا تم إخصابها ونشطت حركتها قليلاً، ولكن لتستقر في بطانة جدار الرحم وهذه هي نهاية المطاف بالنسبة لها.. وإذا كان هناك ما يستحق الإضافة فهو أن البويضة قبل انطلاقها من الحوصلة تحاط بغلاف من مادة لا تذوب إلا بفعل الأنزيمات الموجودة في قلنسوة الحيمن والتي يطلقها عند ملامسته للبويضة تمهيداً لإخصابها...
صورة لحيوانات منوية تلتف حول بويضة أنثوية تمهيداً لإخصابها
وفوق كل ذلك فإن البويضة ـ بمجرد أن يدخلها رأس الحيمن ـ تحاط بغلاف جديد لا يذوب حتى في نفس الأنزيمات التي أذابت غلافها الأول.. كل هذه الاستحكامات لضمان المحافظة على الكنز الموجود داخل نواة البويضة وهو المواد الوراثية للأم قبل الإخصاب مضافاً إليها المادة الوراثية للأب بعد الإخصاب، والتي بها تحولت النطفة الأنثوية إلى بذرة الإنسان الجديد المكنونة في هذا القرار المكين.
والنص القرآني الثالث الذي ذكرت فيه النطفة:
هو الآية الثانية من سورة الإنسان
)إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً (.
والأمشاج جمع مشيج، وهو: ـ لغوياً ـ ما ينتج عن عملية المشج ( وهو المزج المتقن المقنن).
وللمشيج أيضاً معنى علمي هو النطفة سواء أكانت ذكرية أم أنثوية لأنها في كلتا الحالتين خلية من جسم فرد نشأت جميع خلاياه ـ وهو جنين ـ من امتزاج المادة الوراثية للجد مع الجدة وهكذا في سلسلة متصلة ترجع أصولها إلى أول عملية تزاوج في تاريخ البشرية.
ومنذ ذلك الحين وكل فرد يتم خلقه بهذه الطريقة ـ وهي مشج المادة الوراثية في بذرته الجينية ثم استنساخها في جميع خلايا جسمه بحيث تحملها حيامنه ( إذا كان ذكراً ) أبو بويضاته ( إن كان أنثى ) إلى بذرة ذريته ثم ذرية ذريته جيلاً بعد جيل إلى أن تنتهي الحياة بأمر خالقها.
وعلى الرغم من انطباق صفة المشيج على الحيمن وعلى البويضة، إلا أن إطلاقها بصيغة الجمع ( أمشاج ) التي وردت في الآية الكريمة التي نتحدث عنها ـ هذا الوصف ينطبق بشكل أكثر دقة على ( الزيجوت ) أو البويضة المخصبة التي تستقر في بطانة الرحم إلى أن يخلق الله منها بشراً سوياً.
من نطفة إلى علقة:
عندما تصل النطفة الأمشاج إلى طور التويتية تنشق عنها بطانة الرحم كما تنشق التربة عن النبتة الصغيرة، فتبرز من جدار الرحم ولكنها تبقى معلقة فيه بما يشبه العنق الذي يوصل إليها المواد الغذائية المستخلصة من دم الأم المتدفق في شعيراتها الدموية المنتشرة في القرص المشيمي.. إن هذه الطريقة في الحصول على المادة الغذائية وفي الاتصال بمصدر الغذاء تشبه طريقة الديدان الطفيلية وأشهر أنواعها هي دودة العلق.. وهذه الحقائق متطابقة لفظاً ومعنى مع قوله تعالى في سورة العلق: )اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق (.وقوله سبحانه في سورة المؤمنون: )خلقنا النطفة علقة (.ولئن كان هناك إجماع بين اللغويين على أن العلقة هي الدم المتجمد فإن هذا لا يتناقض مع الحقيقة العلمية لأن الدم الوارد من جسم الأم لا يتجمد بالطريقة المألوفة وهي التبريد ولا بالتجلط.. وإنما يتحول الدم السائل المتدفق من عروق الأم إلى هذا الكيان المتماسك نتيجة لتحول عناصره إلى مادة البروتوبلازم التي هي مادة الخلايا الحية التي يتكون منها جسم الجنين.
المضغة المخلقة وغير المخلقة:
تواصل العلقة النمو عن طريق انقسام الخلايا وتكاثرها الذي سبق أن ذكرنا أنه بعد طور التويتية تختلف معدلاته واتجاهاته في أجزائها المختلفة مما يؤدي إلى شكل المضغة. والمضغة طور تحولي خطير في رحلة التكوين الجنيني حيث يبدأ النشاط التخليقي في اتخاذ معدلات متنامية سرعان ما تؤدي إلى التخليق أي: تكوين بداءات أو ( بواكير الأعضاء organ rudimentsوأولى خطوات التخليق هي تميز الجسم إلى مناطق في كل منها مجموعة خلايا متخصصة هي التي ستتكون منها أعضاء جديدة، أي: أنها في هذه المرحلة قد تقرر مصيرها.
وقد تمكن علماء الأجنة من عمل خرائط لأجنة حيوانات التجارب في هذه المرحلة تسمى (خرائط المصير fate maps)...وبعد هذا التميز بين الخلايا شكلاً وحجماً وتوزيعاً يكون الاختلاف في معدلات انقسامها واتجاهاته... وهذا ما يسمى عملياً بالتمايز (differentiation).وهو أول علامات التخليق ( ولا أقول التخلق )... وتقدم لنا الآية الرابعة عشرة من سورة المؤمنون عرضاً سريعاً للتخليق الجنيني المبكر إذا يقول الخالق سبحانه: )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً (... والمضغة الوارد ذكرها هنا كيان محدد هو محل التخليق إلى الطور التالي المؤدي إلى تكوين الأعضاء الجنينية.
ولكن المضغة قد ورد ذكرها في نص قرآني آخر بصفة مزدوجة، وذلك في صدر الآية الخامسة من سورة الحج إذ يقول سبحانه وتعالى:
)ثم من علقةٍ ثم من مضغةٍ مخلقة وغير مخلقة (.
في هذه الآية وصف لشيء واحد بصفتين متناقضتين.. وكلام الله منزه عن شبهة التناقض.. ولو كان المقصود مضغتين مختلفتين إذن لكان التعبير الصحيح: ( ثم من مضغة مخلقة وأخرى غير مخلقة ) أسوة بقوله تعالى في سورة يوسف: )وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات (... ولكننا هنا أمام نص شديد الوضوح في وصف المضغة الواحدة بأنها مخلقة وغير مخلقة في نفس الوقت.. ولا تفسير لذلك إلا أن تكون هذه المضغة مخلقة في بعض أجزائها وغير مخلقة في أجزاء أخرى.. هذا هو التأويل الوحيد الذي يتفق مع حقيقة علمية هي: أن المضغة بمجرد تكوينها سرعان ما تتميز إلى منطقتين: الداخلية المتاخمة لجدار الرحم والمتصلة به مباشرة هي التي سوف تتكون منها أعضاء الجنين المؤقتة.. والمنطقة الخارجية وهي المعلقة في تجويف الرحم هي التي سوف يخلق منها الأعضاء الدائمة وتنمو معه ما دام حياً.. وقد سبق ذكر هذه الأعضاء وتلك الأعضاء في مستهل حديثنا... وبدا لي أن هذا التأويل كافٍ لإزالة أي تناقض بين التعبير القرآني والحقائق العلمية... ( ولو تحقق ذلك لأرحت واسترحت )... ولكني بعد تأمل طويل مصحوب بالنقد الذاتي اكتشفت مطعناً علمياً في هذا التفسير.. فالأعضاء المساعدة أو المؤقتة التي تتكون من المنطقة الداخلية للمضغة والتي اعتبرناها غير مخلقة.. هذه الأعضاء إنما تتكون أيضاً بطريقة توالي الانقسام الخلوي وترتيب الخلايا الناتجة لتشكل العضو الناتج عن هذه العمليات.. وهذا هو أيضاً تخليق، وإن كان يتم بصورة أقل تطوراً مما يحدث في المنطقة الخارجية للمضغة والذي تنتج عنه بواكير الأعضاء الدائمة.. إذن فالمضغة مخلقة في كل أجزائها طبقاً لهذه الحقيقة... هنا شعرت بشيء من خيبة الأمل... لم أتغلب عليها إلا بعد أن استعذت بالله من الشيطان الرجيم ورحت أعيد تلاوة الآية الخامسة من سورة الحج إلى ما بعد الكلمتين اللتين أوقعتاني في هذه الحيرة ـ هكذا:
( ثم من مضغة مخلقة، وغير مخلقة لنبين لكم... ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلاً )... عند هذا الموضع من الآية استقر في وجداني مفهوم آخر ارتحت إليه كثيراً... وعثرت فيه على التوافق المنشود بين التعبير القرآني والحقيقة العلمية.
تخليق المضغة ليس موضعياً... وقد يكون جزئياً أو مرحلياً:
في الأحوال العادية يبدأ تخليق المضغة شاملاً كل أجزائها ليتكون من كل جزء ما خصص له من أعضاء ( مرحلية كانت أو دائمة ). وإذا سارت الأمور على ما يرام وبلغ الحمل غايته خرج المولود سوىّ الخلقة متناسق الأعضاء.. وهذه هي الأحوال الشائعة التي ألفها الناس فلم يعودوا يتوقعون غيرها.. ولكن في بعض الأحوال يضطرب سير التكوين الجنيني نتيجة علّة تصيب الأم وينتقل أثرها إلى الجنين، فتختل عملية تخليق الأعضاء في هذا الجزء أو ذاك من جسم الجنين وبذلك يتكون عضو غير سويّ. وتخف درجة التشوه كلما كانت العلة طفيفة أو كلما تأخر بدء حدوثها إلى وقت تزداد فيه قوة الجنين وقدرته على المقاومة.. وفي جميع هذه الحالات يكون خروج المولود ( مبتسراً ) لفتاً لأنظار الآباء والأمهات الذين ألفوا نعمة الذرية السوية فلم يعودوا يشكرون الله عليها، وبخاصة منهم من يبالغون في الاهتمام بالجمال الشكلي دون التفات لكمال الأداء الوظيفي.. وهي حالات نادرة بحمد الله.
وفي حالات أخرى أكثر ندرة يكون الاضطراب في عملية التخليق جسيماً، نتيجة لعدم التوافق البيولوجي بين جسم الأم وجسم الجنين أو بتأثير عوامل وراثية.. وهنا قد يتوقف تخليق الجنين في مرحلة مبكرة ويحدث الإجهاض طوعاً أو كرهاً وتكون ثمرة الحمل مسخاً شائها أو مضغة لم تتخلق إلى الحد الذي تشكل فيه الأعضاء ويظهر معالم الكيان البشري.. هذه الحالات هي صرخة إنذار للغافلين عن قدرة الله أو الجاحدين نعمته.. انظروا.. هكذا كنتم في بطون أمهاتكم.. فاعتبروا.. واحمدوا خالقكم الذي عافاكم من هذا... وما زال قديراً على أن يبتليكم به في ذريتكم.
وبهذا اطمأن قلبي فرحت أعيد تلاوة قوله تعالى: )ثم من مضغة مخلقة، وغير مخلقة لنبين لكم... ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى... (وسبحان من هذا كلامه وسبحان من هذه صنعته وتبارك الله أحسن الخالقين.. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
[1] – الأستاذ المتفرغ بكلية العلوم جامعة المنصورة ـ والخبير البيولوجي بمجمع اللغة العربية بالقاهرة.


  #196  
قديم 05-04-2008, 09:46 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

خواطر من وحي آيات البصر

الأستاذ الدكتور عفيفي محمود عفيفي
يقول سبحانه في الآية الثالثة والعشرين من سورة الملك:)قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون (.
ويقول عز من قائل في الآية السادسة والثلاثين من سورة الإسراء:
)إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً (.
وهناك آيات أخرى تعد بالعشرات، تقرن بين السمع والبصر.. وأول ما يلفت النظر فيها هو ذكر السمع قبل البصر، مع أن البصر لا يقل عن السمع أهمية، وقد يفوقه في الأهمية أحياناً. وقد سبقنا إلى هذه الملاحظة كثيرون، وتولى المهتمون بالإعجاز العلمي للقرآن شرح السبب في هذا الترتيب القرآني، وأثبتوا أنه مطابق للترتيب الزمني لتكامل حاستي السمع والبصر في الإنسان، فبينما يصبح الجنين سميعاً وهو في الشهر الثالث من الحمل، نراه لا يصبح بصيراً إلا بعد الولادة بحوالي أسبوعين.. وإذا كان لي أن أضيف شيئاً فهو شرح حكمة الخالق وراء ذلك الترتيب: فاكتمال حاسة السمع في هذا الطور المبكر يعطي الجنين فرصة الاستماع إلى دقات قلب أمه فترة كافية تجعله يستوعبها تماماً بحيث يتذكرها بعد الولادة كلما ضمته إلى صدرها، وبهذا يهدأ ويطمئن إلى حضنها خصوصاً في وقت الإرضاع.. وبديهي أن الطمأنينة هي من أهم دواعي رفع مستوى الاستفادة التغذوية.. على عكس ما كان يمكن أن يحدث لو تأخرت حاسة السمع إلى ما بعد الولادة فيفاجأ الرضيع بصوت لم يسبق له سماعه يشبه قرع الطبول ينبعث من صدر أمه ويُصَب في أذنه مباشرة.. هذا عن حاسة السمع... وأما حاسة البصر فإن أعضاء الإبصار لا تمارس وظائفها إطلاقاً طوال الحياة الجنينية ـ رغم اكتمال تكوينها ـ لسبب بسيط هو انعدام الضوء اللازم لنقل صور المرئيات.. فضلاً عن أن الجنين ليس في حاجة إلى ممارستها أصلاً.. ولهذا فإن جفونه تظل مغلقة لحماية العينين من السائل الرهلي الذي يغمر أصلاً.. ولهذا فإن جفونه تظل مغلقة لحماية العينين من السائل الرهلي الذي يغمر جسمه... وهو لا يبدأ فتح جفونه إلا بعد خروجه إلى عالم النور حيث يكون لأشعة الضوء أثرها في تنبيه أعضاء جهاز الإبصار إلى بدء ممارسة وظائفها ثم في تحسين هذا الأداء تدريجياً بالتكيف مع شدة الضوء وأبعاد المرئيات.
· وإذا كنت ـ بحمد الله ـ لم أجد صعوبة في العثور على الأسانيد العلمية لهذا الترتيب بين السمع والبصر في عشرات الآيات التي تقرن بينهما.. فإن الآيات التي تختص البصر وحده بالذكر كان لي معها وكان لها معي شأن آخر..
· وأول ما استوقفني وحيّرني في عشرات الآيات التي تخص حاسة الإبصار بالذكر هو اختلاف اللفظ المستعمل للتعبير عنها: فهو أحياناً يكون مشتقاً من لفظ ( بصر )، وأحياناً أخرى من لفظ ( رأى )... وفي أحيان أخرى من لفظ: ( نظر )..
وإليكم مثالاً لكل حالة:
· فالتعبير بلفظ الأصالة ( بصر ) يتمثل في قوله تعالى على لسان السامريّ مخاطباً نبي الله موسى عليه السلام بعد دعوته من لقاء ربه ( الآية السادسة والتسعين من سورة طه ).
)قال بصرت بما لم يبصروا به (.
· والتعبير بلفظ: ( نظر ) يتمثل في الآية 101 من سورة يونس:
)قل انظروا ماذا في السماوات والأرض (.
· والتعبير بلفظ: ( رأى ) يتمثل في الآية الخامسة من سورة الحج:
)وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت (.
والألفاظ الثلاثة مختلفة تماماً في البنية اللغوية وليس بينها حرف واحد مشترك سوى حرف الراء.. كما أنها ليست من المترادفات بحيث يصح استعمال أي لفظ منها مكان أي لفظ آخر دون الإخلال بالمعنى... فهذا خطأ يتنزه كلام الله عن مجرد التعرض للقليل منه.. وليس صحيحاً أن استعمال الألفاظ الثلاثة هو من قبيل التنويع الدال على الثراء اللفظي، خصوصاً إذا وردت مجتمعة في آية واحدة كما في الآية 198 من سورة الأعراف:
)وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون (.
فالقارىء المتدبر لا بد وأن يستكشف وراء هذا التنويع اللفظي وظيفة أهم هي دقة التعبير عن خصوصية المعنى.. ولكي يتحقق لنا ذلك نستعرض معاً أهم الحقائق العلمية الأساسية:
1ـ إن وظيفة الإبصار (vision)عملية مركبة من شقين متكاملين هما: النظر (looking)وتقوم به العين والرؤية (sight)ويقوم بها مركز عصبي خاص في قشرة المخ (الدماغ brain) وهو متصل بشبكية العين عن طريق العصب البصري.. وبقيام هذا المركز بإدراك ما يرد إليه من الشبكية تتم عملية الإبصار ( ولهذا فهو يسمى أيضاً مركز الإبصارcenter of vision)..ومن الممكن إذن تعريف عملية الإبصار بأنها: ( الإدراك الحسي لمعالم المرئيات ذات الكيان المادي بعد النظر إليها في الضوء ).

آلية عمل العين تشبه آلية عمل آلة التصور ولكن أشد تعقيداً
2ـ أن الصور التي تسقط على الشبكية لا تنطبع عليها مثلما تنطبع الصورة الفوتوغرافية على سطح ( الفيلم الخام )، ولا حتى على الورق الحساس بعد ( تحميض ) الفيلم.. وإنما تنتقل فوراً ـ على شكل ومضات عصبية ـ عبر العصب البصري لتصل بسرعة لحظية إلى مركز الرؤية.. ولكنها ـ هنا أيضاً ـ لا تتراكم وإنما يتم ترحيلها أولاً بأول إلى مركز عصبي آخر في المخ ( متصل عضوياً بمركز الإبصار ) حيث يتم تصنيفها و( فهرستها ) وحفظها في ( أرشيف الكتروني ).. ( والقياس مع الفارق ).
3ـ أن المخ قادر على استحضارأي عدد من تلك الصور المخزونة في أي وقت لا حق بحيث يقوم مركز الرؤية بإعادة مشاهدتها أي استعراضها بعد زوال الأجسام التي تمثلها بوقت يتناسب عكسياً مع قوة الملاحظة والقدرة على الاستيعاب والتذكر.
4ـ أن التكامل الوظيفي بين العين والمخفي إتمام عملية الإبصار لا يمنع من أن يقوم كل منهما ـ في أي وقت ـ بعمله مستقلاً عن الآخر ( مع اختلاف النتيجة وفقاً للجزء الذي يعمل).

هناك تكامل وظيفي بين العين والدماغ للقيام بعملية الإبصار
نظر بلا رؤية؟ أو رؤية بلا نظر؟.
وبناء على تلك الحقائق الأساسية فإن عملية الإبصار لا تتم إذا انعدام أحد شقيها.. ولكن الشق الذي يتم أداؤه يأخذ شكل ظاهرة غير مألوفة لأنها تمثل عملية فسيولوجية ناقصة.
والظاهرتان المحتملتان كنتيجة لهذا الانفصال الأدائي بين العين والمخ هما:
النظر بلا رؤية:وهنا يحدّق الناظر بعينين سليمتين مفتوحتين في الجسم الموضوع أمامهما ـ مغموراً في الضوء ـ ولكن الناظر إذا سئل عما أمامه لأنكر أن أمامه شيئاً على الإطلاق ( وهو في ذلك صادق لأنه بالفعل لا يبصر شيئاً بسبب عدم قيام مركز الإبصار بعمله في وقت النظر ).. والنظر بلا رؤية ـ وبالتالي بلا إبصار ـ يحدث عندما يكون الناظر شارد الذهن أو في حالة رعب شديد مفاجىء أو واقعاً تحت تأثير الخمور أو المخدرات... فكل هذه تسبب عطلاً مؤقتاً لخلايا المراكز العصبية في المخ ( بما فيها مركز الأبصار ).. والنتيجة هي حالة عمى مؤقت يزول بزوال أسبابه.. أما إذا أصيبت خلايا مركز الإبصار بتلف عضوي فالنتيجة هي العمى الدائم ( على الرغم من سلامة العينين ).... والعمى الدائم يمكن أن يحدث أيضاً رغم سلامة العينين وسلامة مركز الرؤية أيضاً وذلك في حالة تلف العصب البصري.. والسبب في هذه الحالة هو أن عملية الإبصار تتوقف عند الحد الفاصل بين النظر والرؤية ( أي: أن الصورة الواقعة على الشبكية لا تجد ما ينقلها إلى مركز الرؤية ).
وحالات النظر بلا رؤية معناها عدم القدرة على الإبصار بسبب انعدام الركن الفعلي أو الإدراكي وهو الرؤية... تماماً مثلما أن الصورة الفوتوغرافية تظل خافية على الفيلم الخام ما لم يتم ( تحميضه ). [ وبالمناسبة هذه العملية التي نسميها ( تحميضاً ) يطلق عليها في لغات أخرى غير عربية اسم آخر أكثر دقة في التعبير عن طبيعتها هو (development) بالإنجليزية أو (entwicklung)بالألمانية ومعنى الكلمتين بالعربية هو تكوين.. وهو نفس اللفظ المستعمل علمياً في جميع اللغات للتعبير عن عملية تخليق الجنين في ظلمات الرحم ].
الرؤية بلا نظر:وهي تحدث نتيجة عطل في عضو النظر ( العين )، أو عضو نقل الصورة ( العصب البصري ).. أو كليهما، بشرط بقاء المراكز العصبية ( وأولها مركز الإبصار ) سليمة عضوياً ووظيفياً... والرؤية بلا نظر يمكن أن تحدث أيضاً رغم عدم وجود ما يمكن النظر إليه أصلاً.. وذلك باستحضار بعض المشاهد القديمة من الرصيد المخزون من عمليات إبصار سابقة، وهذا يدخل في باب ( أحلام اليقظة ).. قياساً على الأحلام التي ( نراها ) أثناء النوم...
وللتعليل على انعدام ركن النظر ( وبالتالي انعدام أهمية العين ) في هذه الأحوال، يكفي أن أذكر بأن استحضار المشاهد القديمة يتم بصورة أفضل إذا أغمض المرء عينيه. لأنه عند فتح العينين فإن ما تقعان عليه من ( منظورات ) تتداخل صورها مع الصور التي يستحضرها المخ ( وهي مجرد مرئيات )... ولهذا يحدث ( تشويش ) على مركز الرؤية.
من وحي آيات البصر:
والآن إلى النصوص القرآنية التي تتحدث عن النظر والبصر والرؤية نتدبرها في ضوء هذه الحقائق العلمية الثابتة ونبدأ بنص قرآني يتضمن لفظ ( بصر ) بمعناه البيولوجي الكامل: ذلك هو الآية الحادية عشرة من سورة القصص حيث يقول عز وجل على لسان أم موسى:
)وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون (.
الموقف هنا حدثت فيه عملية إبصار تامة الأركان: فأخت موسى أولاً قامت بالنظر هنا وهناك بحثاً عن أخيها الطفل المنشود والذي سبق لها النظر إليه ورؤيته وبالتالي إبصاره، فلما وقعت عيناها عليه في هذا المكان الجديد تكونت له في مخها صورة مطابقة لتلك التي اختزنها عقلها الباطن في مرات سابقة... فتعرفت عليه... أما والحالة هذه فأي الألفاظ الثلاثة ـ تعبيراً عن هذا الموقف؟ لا شك هو لفظ ( بصر ) الذي ورد في النص القرآني للتعبير في إيجاز معجز عن اكتمال أركان عملية الإبصار...
وفي الآية الثلاثين من سورة النور يقول سبحانه وتعالى:
)قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم (.
والأبصار المذكورة هنا والمأمور بغضها ( أي: خفضها ) هي العيون التي هي النوافذ التي نطل منها على الموجودات.. والعين ـ علمياً ـ هي عضو النظر... فلماذا لم يستعمل لفظ الأنظار واستعمل بدلاً منه لفظ الأبصار؟ لو اقتصرنا على الجانب اللغوي لقلنا إن هذا نوع من البلاغة التي يستعمل فيها ما سوف يكون محل ما هو كائن ( على غرار قوله تعالى في سورة يوسف: )إني أراني أعصر خمراً ()... ولكن هذه البلاغة لها أيضاً سند علمي إذ إن النظر هو بوابة البصر، ومنع عملية الإبصار يتم بسهولة أكبر لو بدأنا بإغلاق الباب المؤدي إليه وهو العين... ومن مظاهر عدالة الله أن جميع العضلات المتحكمة في تحريك كرة العين وفي فتح الجفون وإغلاقها هي من النوع الإرادي الخاضع لسيطرة المخ وهو الذي يحوي مركز الإبصار كما يحوي مراكز الحركة أي أنه هو المتحكم الفعلي في حركة تلك البوابات التي تنفذ عن طريقها صور المرئيات إلى المخ ومن ثم يتحول النظر المجرد إلى إبصار فعلي... إذن فالأمر بالغض في آية سورة النور مقصود به الأصل والمنبع تجنباً للشر من أول الطريق المؤدية إليه...
من وحي آيات النظر:
من حيث إن عملية الإبصار هي محصلة خطوتين هما النظر والرؤية... لهذا فإن الدقة العلمية لا تتوفر أركانها إلا إذا استعمل كل من هذين اللفظين للتعبير عن الخطوة المقصودة بالذات.. فتعالوا بنا نستعرض بعض النصوص القرآنية لنرى كيف أن كلاًّ من اللفظين ( نظر ) أو (رأى ) قد استعمل بإحكام للتعبير عن الجزء الذي يخصه من عملية الإبصار.
هذا فيما يتعلق بالشق الأول وهو ( النظر )... والنظر كما نعرف جميعاً قد يكون خاطفاً وقد يطول بهدف تأمل المنظور ( إما لدراسته أو للاستمتاع بمنظره )... كما أن النظر قد يكون مقروناً بالتدبر وقد لا يكون.. وكل هذه الأحوال عبّر عنها القرآن الكريم في مواضع عديدة متفرقة وإليكم بعض الأمثلة:
يقول سبحانه وتعالى في الآية الثامنة والثمانين من سورة الصافات:
)فنظر نظرة في النجوم (.
( والحديث عن خليل الله إبراهيم عليه السلام بعد طول جداله مع قومه حول قضية الإيمان ).
وفي الآية رقم 101 من سورة يونس يقول جل وعلا:
)قل انظروا ماذا في السماوات والأرض (.
أما في الآية السابعة عشرة من سورة الغاشية فيقول عز من قائل:
)أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت (.
إن الهدف من النظر في هذه الحالات الثلاث هو تأمل خلق الله واستشعار عظمته... وهذا هو شأن من أراد الله لهم الهدى.. أما النظر بلا تفكير فهو غفلة يتصف بها من عطلوا عقولهم شأن كفار قريش الذين أغلقوا قلوبهم فختم الله عليها، وعنهم يقول سبحانه وتعالى ـ مواسياً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ـ في الآية رقم 198 من سورة الأعراف:
)وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون (.
مع ملاحظة أن البصر في هذه الآية ليس البصر الحسي وإنما هو مقصود بمدلوله المعنوي وهو البصيرة التي بها يمكن التمييز بين الحق والباطل.
· ونعود إلى النظر بمعناه الحسي المجرد فنقول: إن إدامته إلى ما حرم الله إثم وإلى ما يصرف عن ذكر الله لهو...
أما إدامته إلى ما أحل الله تعالى بهدف التلذذ برؤية الجمال فهو مباح.
ـ يقول سبحانه وتعالى في الآية رقم 143 من سورة الأعراف:
)ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك. قال: لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني (.
ذلك لأن الناموس الساري في الحياة الدنيا هو أن الله لا تدركه الأبصار، وهي صفة خاصة بذاته العلية ولكن يسبغها الله على من يرتضى من عباده إذا كان في معيته.. ولعل هذه المعية هي التي أعمت أبصار كفار قريش الواقفين على باب غار ثور وبداخله محمد الذي يبحثون عنه ومعه رفيقه الصديق قبيل انطلاقهما إلى المدينة.. يقول سبحانه وتعالى في الآية الأربعين من سورة التوبة:
)ثاني اثنين إذ هما في الغار إذا يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا (.
بهذه المعية مع الله لم تدرك أبصار كفار قريش ضالتهم المنشودة وهي قريبة من أرجل خيلهم... وهذه المعية نفسها هي التي أعمت أبصارهم عنه فمحمد يوم خروجه من داره بمكة وهو يمر من بين صفوفهم وأمام أعينهم مردداً قوله تعالى: ( الآية التاسعة من سورة يس ):
)وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون (.
وعموماً فنحن في كلتا الحالتين أمام معجزة تتعطل أمامها كل القوانين السارية في الأحوال العادية.
بيولوجية الرؤية في القرآن:
عرفنا منذ قليل أن الرؤية هي الخطوة التالية للنظر، وأنها هي التي تتم بها عملية الإبصار.. فهي إذن الخطوة الحاسمة.. ونظراً لأهميتها فإن القرآن كثيراً ما يعطي لفظ ( رأى ) ومشتقاته الأولوية في التعبير عن عملية الإبصار كلها... خصوصاً إذا كان الهدف الرئيسي منها هو التدبر والاعتبار... وهذا التفضيل يتناسب مع كون الرؤية من الوظائف العليا التي يقوم بها المخ الإرادي وهو المتحكم في الجوارح والتصرفات... وإليكم بعض الأمثلة الدالة على ما أقول:
ففي الآية السادسة والسبعين من سورة الأنعام يقول رب العزة عن رحلة خليله إبراهيم عليه السلام مع الإيمان:
)فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين (.
وفي الآيتين التاليتين في نفس السورة يتكرر استعمال لفظ ( رأى ) نائباً عن اللفظين الآخرين في التعبير عن عملية الإبصار.. وهذا مناسب لكون الهدف منها هو إثبات قضية عقلية.
وفي سورة النمل أكثر من آية استعمل فيها لفظ ( رأى ) تفضيلاً له على لفظ ( نظر ) لأهميته ودقته في التعبير عن الجزئية المقصودة من عملية الإبصار... ففي الآية العشرين يقول سبحانه:
)وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين (.
من المؤكد:أن نبي الله سليمان قد استخدم عينيه في النظر هنا وهناك بحثاً عن الهدهد المنشود ـ قبل أن يصرح بعدم رؤيته. وأنه ـ عليه السلام ـ وهو يتفقد الطير كان يستحضر في ذهنه صورة الهدهد الغائب، وهي التي عرفها واستوعبها من عمليات إبصار سابقة.. وهذا الاستحضار هو عملية ذهنية خالصة يقوم بها مركز الرؤية.. ولهذا كان لفظ ( رأى ) أدق من أي من اللفظين الآخرين في التعبير عن هذا الموقف الذي يبدو مثل موقف أخت موسى في البحث عن شيء منشود.. ولكن في حالة أخت موسى كان المنشود موجوداً فنظرته وبالتالي أبصرته ( ولهذا استعمل القرآن لفظ البصر في قوله تعالى: )فبصرت به (أما هنا فالشيء المنشود ـ وهو الهدهد ـ ليس له وجود أي: أن النظر لم يحقق وظيفته وبالتالي لم تتم عملية الإبصار... ولم يبق إلا اللفظ الثالث الذي استعمل هنا في موضعه تماماً: )ما لي لا أرى الهدهد (.
وفي الآية الثامنة والثلاثين وما بعدها من سورة النمل يأتي ذكر عرش ملكة سبأ الذي تم نقله من مكانه في اليمن إلى مجلس سليمان في الشام في أقل من طرفة عين... وطرفة العين هي المدة الزمنية اللازمة لإلقاء نظرة واحدة.. وتعبيراً عن هذه السرعة الخارقة كان هذا الإيجاز الخاطف في التعبير متمثلاً في قوله تعالى في الآية الأربعين:
)قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي (.
هنا نلاحظ ما يمكن أن نسميه ( تجسيداً بلاغياً ) للسرعة وهو يتمثل في إغفال ذكر جميع الأحداث التي تمت منذ تعهد المتكلم بإحضار العرش إلى أن رآه سليمان عليه السلام مستقراً أمامه يعني: رآه شيئاً مادياً ملموساً أمام عينيه ... ولا شك: في أنه قد ألقى عليه نظرة ( بل وربما نظرات ) ليتأمله ( خصوصاً وهو يراه لأول مرة )... ولكن التعبير القرآني أغفل عملية النظر تماماً، وتخطى هذه المرحلة ليصل بنا رأساً إلى ما بعدها وهي الرؤية التي تمت بها عملية الإبصار. وهنا يا إخواني أرجو ألا أكون بهذا التحليل قد اجترأت على قدرة الله التي يتحقق جزء ضئيل منها بصورة تذهل عقولنا عندما تحدث المعجزات الخارقة لكل قوانين الطبيعة.
الرؤى... والأحلام:
وقبل أن نختتم الحديث عن الرؤية كإحدى وظائف المخ لا يفوتنا التحدث عن إحدى صورها المذكورة بكثرة في القرآن الكريم.. تلك هي الرؤية المنامية أي: ( الرؤيا )... وهي ما نعبر عنها عادة بالأحلام حيث يقتصر العمل على ما يقوم به العقل الباطن الذي ينشط عند ضعف السيطرة على الجوارح، ولا تستعمل العين كعضو نظر ( بل لا إمكانية أصلاً لقياسها بهذه الوظيفة فإغلاق الجفون من الأعمال المصاحبة للنوم ).
وتتصدر سورة يوسف جميع سور القرآن من حيث عدد الآيات التي ورد فيها ذكر الرؤى المنامية والتي نذكر منها ثلاث نصوص، تكرر التعبير فيها عن الحدث بلفظ: ( رأى ).
وتقول الآية الرابعة من سورة يوسف:
)إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً (.
وتقول الآية السادسة والثلاثون:
)ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما: إني أراني أعصر خمراً وقال الآخر: إني أراني أحمل فوق رأسي حبزاً تأكل الطير منه (.
وتقول الآية الثالثة والأربعون:
)وقال الملك: إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف (.
وفي سورة أخرى هي سورة الصافات تقص علينا الآية الثانية بعد المئة موقف خليل الله إبراهيم مع ابنه:
)فلما بلغ معه السعي قال: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك (.ففي هذه النصوص القرآنية كلها كما في غيرها من النصوص التي تتحدث عن الأحلام كان استعمال لفظ رأى تعبيراً دقيقاً عن حقيقة الأحلام بوصفها استحضاراً لمشاهد قديمة مختزنة في الذاكرة وإعادة مشاهدتها بواسطة مركز الرؤية في المخ دون حاجة إلى عضو النظر... لأن كل مشاهد الأحلام إنما هي مرئيات مجردة ليس لها كيان مادي مجسم يمكن النظر إليه، ومن ثم ألغيت عملية النظر وبالتالي لا يحدث إبصار...

الأحلام يتم بعضها باستحضار مشاهد قديمة مختزنة في الذاكرة وإعادة مشاهدتها
وهنا أرجو أن نتوقف قليلاً لتتأمل معاً التشابه الذي يكاد يكون تطابقاً ـ في البنية ولنتلمس ما في هذا التشابه من بلاغة ودقة في التعبير عن التناظر بين العمليتين المقصودتين، وكلاهما في جوهرهما من وظائف مركز الرؤية في المخ.
ثم لنتأمل اللفظ الآخر المستعمل في الفصحى والعامية للتعبير عن الرؤى المنامية وهو لفظ (أحلام )... لنجد أنه هو نفسه اللفظ الذي يعني العقول، التي يؤكد علماء النفس البيولوجي (biopsychologists)على أن الجزء الباطن منها هو مصدر المشاهد التي يتألف منها (سيناريو ) الحلم أو الرؤية المنامية..
أليس من حقنا بعد هذا أن نعتز بأن لغتنا العربية هي سيدة اللغات بدليل أن الله قد شرفها باختيارها ( وعاء ) لمعاني القرآن الكريم الذي هو سيد الكتب السماوية؟... جل من هذه مشيئته وسبحان من هذا كلامه...
هذه هي بعض الخواطر البيولوجية التي سنحت لي وأنا أتدبر معاني كلام الله سبحانه وتعالى في مجال الإبصار بشقيها الرئيسيين ( النظر والرؤية ) بوصف أن حاسة البصر هي من أعظم نعم الله علينا...
نحمد الله الذي خلقنا في أحسن تقويم، وصورنا فأحسن صورنا، والذي جعل عيوننا نوافذ نطل منها على عالم الموجودات التي أبدعتها يداه سبحانه وتعالى... ونسأله أن يتم نعمته علينا بأن ينير بصائرنا كما أنار أبصارنا... فهو وحده نور السماوات والأرض، وهو الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار... والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
  #197  
قديم 05-04-2008, 09:58 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

معجزة السمع

بقلم الدكتور محمد السقا عيد
ماجستير في أمراض العيون
في جميع الآيات القرآنية التي تحدثت عن السمع والبصر يقدم الله سبحانه وتعالى السمع على البصر... اللهم إلا أية واحدة... قدم فيها البصر على السمع حيث يصور بعض مشاهد يوم القيامة ( ربنا أبصرنا وسمعنا)سورة السجدة - الآية (12).
فالمولود يتعلم بواسطة السمع أضعاف ما يتعلمه بواسطة البصر. والأصم منذ الولادة لا يستطيع أن يتعلم اللغة أبدا فهو أبكم... بينما المولود بدون نعمة البصر يستطيع أن يتعلم اللغة بل اللغات بكل يسر.
ويوجد مئات بل آلاف العباقرة من فاقدي نعمة البصر... إلا أنه من العسير أن نعد على الأصابع العباقرة من فاقدي نعمة السمع ، وخاصة إذا كان فقد السمع منذ الولادة أو في مرحلة الطفولة المبكرة.
ولهذا جاء في الآية الكريمة (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون(النحل أية (78).
فقدم الله سبحانه وتعالى ذكر السمع على البصر في معرض سياق الطرق الأساسية التي بها يكتسب الإنسان المعرفة.
حكمة تقديم السمع على البصر في القرآن
يقول الشيخ / محمد متولي الشعراوي – رحمه الله ( إنالإنسان حين يفقد بصره يفقد كل شيء، يعيش في ظلام دائم، لا يرى شيئًا على وجه الإطلاق، يصطدم بكل شيء، ولكن حين يفقد سمعه فإنه يرى، وحينئذ تكون المصيبة أهون، ولكن الله -سبحانه وتعالى- حين يذكر السمع يقدمه دائمًا على البصر.
إن هذا من إعجاز القرآن الكريم، لقد فضل الله -سبحانه وتعالى- السمع على البصر؛ لأنه أول ما يؤدي وظيفته في الدنيا، لأنه أداة الاستعداء في الآخرة؛ فالأذن لا تنام أبدًا.
إن السمع أول عضو يؤدي وظيفته في الدنيا، فالطفل ساعة الولادة يسمع عكس العين فإنها لا تؤدي مهمتها لحظة مجيء الطفل إلى الدنيا، فكأن الله -سبحانه وتعالى- يريد أن يقول لنا: إن السمع هو الذي يؤدي مهمته أولاً، فإذا جئت بجوار طفل ولد منذ ساعات، وأحدثت صوتًا مزعجًا فإنه ينزعج ويبكي، ولكنك إذا قربت يدك من عين الطفل بعد الميلاد مباشرة فإنه لا يتحرك، ولا يحس بالخطر، هذه واحدة، وإذا نام الإنسان، فإن كل شيء يسكن فيه إلا سمعه، إنك إذا أردت أن توقظ النائم ووضعت يدك قرب عينيه فإنه لا يحس، ولكنك إذا أحدثت ضجيجًا بجانب أذنه فإنه يقوم من نومه فزعًا، هذه الثانية. أما الثالثة فهي أن الأذن هي الصلة بين الإنسان والدنيا، فالله -سبحانه وتعالى- حين أراد أن يجعل أهل الكهف ينامون مئات السنين قال: (ضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدً)[ [الكهف: 11].
ومن هنا عندما تعطل السمع استطاعوا النوم مئات السنين دون أي إزعاج، ذلك أن ضجيج الحركة في النهار يمنع الإنسان النوم العميق، وسكونها بالليل يجعله ينام نومًا عميقًا، وهي لا تنام ولا تغفل أبدًا.
على أن هناك شيئًا آخر نلاحظه، هو أن الله -سبحانه وتعالى- يأتي بكلمة السمع مفردة دائمًا، وكلمة الأبصار مجموعة، يقول الله -سبحانه وتعالى- في سورة فصلت: (وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ[. (22- فصلت) لماذا تأتي كلمة السمع مفردة، وكلمة البصر مجموعة؟ مع أنه كان يمكن أن يقول: أسماعكم وأبصاركم، وكان من المنطقي أن يكون هناك سمع وبصر، أو أسماع وأبصار، ولكن الله -سبحانه وتعالى- بهذا التعبير الدقيق أراد أن يكشف لنا دقة القرآن الكريم، فالبصر حاسة يتحكم فيها الإنسان بإرادته، فأنا أستطيع أن أبصر ولا أبصر، وأستطيع أن أغمض عيني عما لا أريد أن أراه، أو أدير وجهي أو أدير عيني بعيدًا عن الشيء الذي أريد أن أتجاهله، ولكن الأذن ليس لها اختيار في أن تسمع أو لا تسمع، فأنت في حجرة يتكلم فيها عشرة أشخاص تصل أصواتهم جميعًا إلى أذنيك، سواء أردت أو لم ترد، أنت تستطيع أن تدير بصرك فترى منهم من تريد أن تراه ولا ترى من لا تريد رؤيته، ولكنك لا تستطيع أن تسمع ما تريد أن تسمعه، ولا تسمع ما لا تريده، قد تتجاهله وتحاول أن تبدو وكأنك لم تسمعه، ولكنه يصل إلى أذنيك سواء أردت أو لم ترد، إذن..
فالأبصار تتعدد، أنا أرى هذا، وأنت ترى هذا، وثالث يرى هذا، إلى آخر تعدد الأبصار، وإنسان يغمض عينيه فلا يرى شيئًا، ولكن بالنسبة للسمع فنحن جميعًا ما دمنا جالسين في مكان واحد، فكلنا نسمع نفس الشيء، ومن هنا اختلف البصر، ولكن توحّد السمع، كل واحد له بصر، ينظر به إلى المكان الذي يريده، ولكننا كلنا نتوحد في السمع فيما نريد وما لا نريد أن نسمع، ومن هنا جاءت كلمة الأبصار، بينما توحدت كلمة السمع، ولم تأت كلمة الأسماع، على أن الأذن مفضلة على العين، لأنها لا تنام، والشيء الذي لا ينام أرقى في الخلق من الشيء الذي ينام، فالأذن لا تنام أبدًا منذ ساعة الخلق، إنها تعمل منذ الدقيقة الأولى للحياة، بينما باقي أعضاء الجسم بعضها ينتظر أيامًا وبعضها ينتظر سنوات.
والأذن لا تنام، فأنت حين تكون نائمًا تنام كل أعضاء جسمك، ولكن الأذن تبقى متيقظة، فإذا أحدث أحد صوتًا بجانبك وأنت نائم قمت من النوم على الفور، ولكن إذا توقفت الأذن عن العمل فإن ضجيج النهار وأصوات الناس وكل ما يحدث في هذه الدنيا من ضجيج لا يوقظ النائم؛ لأن آلة الاستدعاء وهي الأذن معطلة، كما أن الأذن هي آلة الاستدعاء يوم القيامة حين يُنفخ في الصور.
والعين تحتاج إلى نور حتى ترى، تنعكس الأشعة على الأشياء، ثم تدخل إلى العين فترى، فإذا كانت الدنيا ظلامًا فإن العين لا ترى، ولكن الأذن تؤدي مهمتها في الليل والنهار، في الضوء والظلام، والإنسان متيقظ، والإنسان نائم، فهي لا تنام أبدًا ولا تتوقف أبدً) أ هـ.
وإذا ما نظرنا إلى جهاز السمع الذي حبانا الله تعالى إياه لوجدناه يتكون من الأذنين... ولكل أذن ثلاثة أجزاء :
(1) الأذن الخارجية :وتشكل صيوان الأذن ، والقناة السمعية الخارجية ، وتنتهي عند طبلة الأذن ووظيفتها جمع الأصوات.
(2) الأذن الوسطى :وهى قناة عظمية غضروفية بها غشاء الطبلة وعظام الأذن الثلاثة (المطرقة - الركاب - السندان) ووظيفتهما نقل الأصوات إلى الأذن الداخلية
والأذن الوسطى مملوءة بالهواء ، وبها قناة توصلها بالبلعوم حتى يتعادل ضغط الهواء داخل الأذن الوسطى مع ضغط الهواء الخارجي ، وبالأذن الوسطى عضلات دقيقة تنقبض لاإرادياً كلما زادت شدةالصوت كي تقلل اهتزاز طبلة الأذن والعظام السمعية حتى لا يحدث ارتجاج عنيف يضر الأذن الداخلية.
(3) الأذن الداخلية :وهى مكونة من جهازين مختلفين تمام الاختلاف :
أ- أولهما...جهاز السمع المستقبل للأصوات والذي ينقلها بواسطة العصب السمعي إلى المخ.
ب- ثانيهما...جهاز للتوازن... وهو جهاز معقد أيضاً، وبواسطة قنوات هلالية متصلة يبعضها ، وبداخلها شعيرات تستطيع أن تميز أي حركة أو اهتزاز أو تغيير في وضع الأجسام... فترسل بذلك إشارات إلى المخ حيث يستقبل هذه المعلومات ويسجلها ويستفيد منها ، ثم يرسل أوامره إلى الجسم والعضلات لتتمشى مع هذا التغيير.
كيف نسمع بأذاننا :
ولتعلم - عزيزي القارئ - أنه لكي تستطيع الأذن أن تسمع صوت المخاطب وتميزه... فإن ذلك يتم بترتيب رباني محكم يبين عظمة الخالق ويستحق منا أن نطيل السجود والشكر لله الذي خلق فأحسن ، وصور فأبدع وشق السمع والبصر.
- فيقوم (صيوان الأذن) بالتقاط الأمواج والاهتزازات الصوتية من العالم الخارجي، ويجمعها لتصل بصورة مركزة إلى (طبلة الأذن) التي تتكون من غشاء رقيق نسبياً.
- ويؤدى وصول هذا الأمواج الصوتية إلى طبلة الأذن إلى حدوث اهتزازات في هذا الطبلة.
- تنتقل هذه الاهتزازات من الطبلة إلى الداخل عبر ثلاث عظيمات دقيقة الحجم تستقر داخل الأذن المتوسطة تعرف بــ (العظيمات السمعية).
- يرتكز الطرف الداخلي لهذه السلسلة المكونة من تلك العظيمات الثلاث على غشاء رقيق أخر يمتد على فتحة الأذن الداخلية، وهى فتحة صغيرة بيضية الشكل ، يطلق عليها اسم (الكوة البيضية).
- يأخذ غشاء الكوة البيضية في الاهتزاز عند وصول الأمواج الصوتية إليه ، وبذلك تصل تلك الاهتزازات إلى الأذن الداخلية.
- يتكون عضو الاستقبال في الأذن الداخلية من مجموعة من الأغشية الدقيقة التي تتواجد داخل ما يسمى بــ(قوقعة الأذن) وهى عبارة عن غرفة عظمية سميت كذلك لأنها تلتوي على شكل القوقع أو الحلزون. وعند وصول الاهتزازات الصوتية إلى أغشية القوقعة ينتقل تأثيرها إلى (النهايات العصبية) المتصلة بتلك الأغشية.
وتتجمع تلك النهايات ليتكون منها ( العصب السمعي) الذي ينقل تلك الإحساسات السمعية إلى الجزء المختص من المخ... حيث يستطيع الإنسان عندئذ إدراك تلك المؤثرات الصوتية والتمييز بينها.
وبذلك يكون وصول الأمواج الصوتية من الوسط الخارجي إلى المخ على الوجه التالي :
· صيوان الأذن - الطبلة - العظيمات السمعية - غشاء الكوة البيضية - أغشية القوقعة - النهايات العصبية - العصب السمعي - المخ.
وتجدر الإشارة إلى أن طبلة الأذن لا تستطيع القيام بالاهتزازات المطلوبة على الوجه الأكمل إلا إذا كان الضغط الواقع على كل من سطحها الداخلي والخارجي متساوياً.
ولما كان السطح الخارجي للطبلة معرضاً للضغط الجوى فيجب أن يكون السطح الداخلي أيضاً معرضاً لمثل هذا الضغط.
ويتم التعادل عن طريق قناة خاصة يطلق عليها اسم (قناة إستاكيوس) وهى تمتد بين الحلق أو الزور وتجويف الأذن المتوسطة الذي تحده الطبلة من الخارج.
ومن سوء الحظ أن نزلات البرد والزكام قد تمتد أحياناً من الحلق -عبر قناة إستاكيوس - إلى الأذن المتوسطة ، فإذا تكرر حدوث هذه النزلات فقد ينتج عن ذلك تغلظ الطبلة والعظيمات السمعية مما يؤدى إلى إصابة الإنسان بالصمم.
وتحتوى الأذن الداخلية - بالإضافة إلى القوقعة - على جهاز أخر على جانب كبير من الأهمية وهو ( جهاز التوازن )... ويتركب من ثلاث قنوات هلالية الشكل، تمتد متعامدة مع بعضها البعض ، وعن طريق هذه القنوات يستطيع الإنسان الاحتفاظ بتوازن الجسم ، ويؤدى حدوث أي اختلال في هذا الجهاز إلى إصابة الإنسان بالدوار... كما أنه يصبح غير قادر على الاحتفاظ بتوازنه عند الوقوف أو المشي مما يجعله يترنح ذات اليمين وذات الشمال كما لو كان سكيراً أو أفرط في الشراب.
وقد يحدث في حالات كثيرة - عند ركوب البواخر أو الطائرات أو السيارات لمسافات طويلة وفى طرق غير ممهدة - أن يؤدى اهتزاز الجسم بصورة مستمرة إلى التأثير على جهاز التوازن وينتج عن ذلك ما يعرف بــ (دوار البحر) أو (دوار الطائرات) أو السيارات.
السمع والتفكير :
يرتبط مركز السمع الثانوي الذي يميز كنه الأصوات بمراكز التفكير العليا في المخ ارتباطا وثيقاً ، وبذلك ترتبط وظيفة السمع بوظيفة التفكير. حيث أن المراكز البصرية تجاور مراكز التفكير العليا وتتصل بها اتصالا محكماً. وبذلك تترابط حاسة السمع والبصر بالقدرة على التفكير والتدبر.
السمع والتعلم :
يؤدى ارتباط مراكز السمع بمراكز التفكير العليا في المخ إلى قيام حاسة السمع بدور هام وأساسي في عمليات التعلم.
وتتأثر القدرة على اكتساب الخبرة إلى حد كبير عندما يصاب الإنسان بالصمم مثلما تتأثر قدرته على التعلم إذا أصابه العمى ما لم يتم تعويضه وإمداده بالمعلومات من طرق أخرى تحتاج إلى قدر من المعاناة. كما أن القدرة على الكلام تتأثر عندما يصيب الإنسان الصمم في سن مبكرة.
السمع والمخ :
عندما تصل النبضات الكهربية الآتية من العصب السمعي عبر المسارات المختلفة إلى مراكز السمع في المخ يبدأ إدراكها وتوظيفها في مركز ابتدائي للسمع ثم تنتقل إشارات جديدة من ذلك المركز الابتدائي إلى مركز آخر مجاور له يعرف بالمركز السمعي الثانوي.
ويحتوى المركز الثانوي على أرشيف لأصوات في مخزن ذاكرته ، ويبدأ المركز الثانوي في مقارنة الصوت المسموع بأصوات مختزنةفي الذاكرة ، وبذلك يتم التعرف على إدراك كنهه.
تحديد مصدر الصوت :
يستطيع المخ أن يحدد بقدر المكان الذي ينبعث منه الصوت ، ويساعد على ذلك أن الموجات الصوتية تصل إلى كل أذن على حدة.
ويختلف توقيت وصولها حسب مصدر الصوت واتجاهه بالنسبة للأذنين ورأس الإنسان وبالتالي تصل النبضات الكهربية من الأذنين إلى مراكز السمع في نصف الكرة المخية الأيمن والأيسر بتوقيت مختلف يتوقف على المكان الذي ينبعث منه الصوت ، ويعين ذلك المخ على تحديد اتجاه الصوت ومنبعه ، ويساعد صيوان الأذن أيضاً على تحديد اتجاه الصوت ، فالأصوات الآتية من خلف الرأس تقل شدتها إلى حد ما عندما ترتبط بصيوان الأذن ، أما الأصوات الآتية من الجنب والأمام فيجمعها صيوان الأذن بسهولة وتكون أكثر وضوحاً.
الصوت ذلك العالم المثير
وطالما تطرق بنا الكلام للحديث عن الصوت فلا أقل من أن أتجول معك عزيزي - القارئ في جولة سريعة لنتعرف سويا على ذلك العالم المثير والملئ بالأسرار والمعجزات الإلهية. فالصوت عالم آخر مختلف ومثير قد لا نبالي به إلا في حالة إصابتنا بأمراض أو عندما تحتبس أصواتنا على سبيل المثال ، فطبقا للإحصائيات الأخيرة فان 10% من البشر يعانون من أمراض في الصوت مختلفة : بحة حشرجة وقد يصل الأمر إلى احتباس تام في الصوت يحدث هذا وغيره نتيجة لسوء استخدامنا لأحبالنا الصوتية ، الأمر الذي يجعلنا نضحي بهذه النعمة العظيمة بأبخس الأثمان
الصوت وشخصية المتحدث
إذا كان الصوت انعكاساً لحضارات وثقافات وبلاد مختلفة فهو أيضا رسول صاحبه، فالصوت يعبر بنسبة 93 % عن جنسه رجلا كان أو امرأة، وبنسبة90% عن طبيعة شخصيته هل هي حماسية أم حيوية ؟ هل هو إنسان خجول أم كسول ؟ كذلك يعبر الصوت بنسبة 75% عن أصل الشخص الاجتماعي وعن صدقه. كما يعبر الصوت أيضا عن وطنيتنا وانتمائنا.
بصمة الصوت :
والأصوات كالبصمات لا تتطابق، فكل منا يولد بصوت فريد مختلف عن الآخر والأغرب من ذلك أن التوائم على الرغم من تطابقهم في كل شئ ليس فقط على الصعيد المادي المحسوس ، ولكن أيضا في الشكل والطول ولون الشعر والعينين ، والصعيد المعنوي أيضا إلا انه تختلف أصواتهم .وهناك قصة شهيرة لتوأمين أمريكيين انفصلا بعد ولادتهما عن بعضهما لتتولى تربيتهما عائلتان مختلفتان وفى ولايتين أيضا تبعد الأولى عن الثانية عدة أميال وبعد عمر طويل تلاقيا ليكتشفا أن كلا منهما مر بنفس الظروف النفسية، واتخذانفس المهنة وتزوجا فتاتين تحملان نفس الاسم ، ولكن المدهش أنه على الرغم من هذا التشابه الكبير إلا أن لكل منهما صوتا مختلفا يميزه عن الأخر...
إنه إعجاز رباني يفوق تخيل العقل البشرى المحدود ‍‍!!
وإذا اعتبرنا الصوت موهبة فهو إذن يحتاج إلى التنمية والازدهار مثل غيره من المواهب. فليحافظ كل منا على صوته حتى لا يفقده رنة الشباب الخاصة ولا يعرضه للشيخوخة.
عندما يخون الصوت صحابه !!
يكشف الصوت عن الصراعات، ويعبر عن الأمل، ويفضح الغضب أو الخوف، ويعبر عن نفسية المتحدث، فالإنسان السعيد الذي يتمتع بصحة نفسية سليمة يتمتع أيضا بصوت ملئ بالحيوية والانتعاش على النقيض من الإنسان المطحون أو الذي يعانى من مشاكل نفسية فصوته يقترب من الأنين.
وقد يخون الصوت صاحبه أكثر من نظرة عينيه، وقد يصل عند بعض الناس وخاصة السيدات إلى حد فقد القدرة على الكلام بدلا من الإفصاح عما يجول بخاطرهم. إنه نوع من الهروب النفسي وكبت المشاعر.
وهذه الحالات يقف الطب التقليدي عاجزا عن علاجها. ويرى المتخصصون الذين لا يهتمون إلا بالأحبال الصوتية أو الحنجرة أن هؤلاء المرضى يتظاهرون ، أو هم مصابون بوسواس المرض أو متخلفون عقليا.
ولكن القدرة على الكلام أبسط من ذلك بكثير من جهة نظر الأطباء النفسيين ، فهو يحمى بعض التعبيرات اللاإرادية والتي من الأفضل عدم الإفصاح عنها.
فإذا كان الصوت يخون الأحاسيس فإن فقدانه يحافظ عليها ويمنع من أن يهرب منا تعبير أو تفضحنا نبرات؛وفى هذه الحالات لا يفيد شيئا استخدام الوسائل العلاجية أو تدخل الليزر بل على النقيض قد تسبب أضرار خطيرة.الوسيلة الوحيدة للعلاج هي البحث عن تفسير نفسي للأمر
لا تسرف في استخدام صوتك وإلا ؟؟
فإنه كثيرامن الأحيان يعانى البعض من اضطرابات في الصوت وتعثر في الكلام ، وعادة ما تكون نتيجة لأسباب مرضية.. مثل التهاب الحنجرة والأحبال الصوتية أو لأسباب نفسية.
وبصفة عامة هناك ثلاثة أصوات مختلفة للفرد الواحد أو بمعنى أدق هناك ثلاث طرق مختلفة للتعبير يتغير فيها الإلقاء والنبرة نظرا لاختلاف المواقف.
· الأول هو صوت ( التعبير البسيط ) : ونحن نستخدمه عادة لنقل معلومة لنتحدث عن الجو، للمجاملة. والذي يميز هذا الصوت أننا لا نبالي بمن يسمعنا.
· ثم تأتى مرحلة أخرى.وهى مرحلة ( التصميم في التعبير ) فيحدث تغيير في نبرة الصوت وفى طبقاته. وهذا النوع نستخدمه للتأكيد على شيء أو للأمر أو للاستفهام ، وهنا لا نتكلم من أجل الكلام فقط ولكن بهدف محدد وواضح فنتجه بأنظارنا إلى المستمع وتنتبه معظم أعضاء الجسم تماما.
· ثم نأتي لنوع آخر. وهو (الاستغاثة في التعبير) :ونحن نستعمله للتحذير أو للاستغاثة. مثل منع طفل من عبور الطريق أو لمس الكهرباء... الخ.
· هذا الأسلوب التعبيري إذا استخدم بطريقة منتظمة لا يسبب أضرار أو عواقب وخيمة. ولكن يصبح خطيرا إذا أساء المرء استعماله.
فالتصادم العنيف للأحبال الصوتية يؤدى إلى تكون جلطات صغيرة(دوالي) في نقطة الالتقاء. وهذه الجلطات تمنع التصاق الحبال الصوتية وتعوق الصوت ، وفى هذه الحالة يصاب الصوت بالبحة ، وفى بعض الأحيان تتفاقم هذه العقد ويصعب علاجها طبيا وتستلزم تدخل الليزر ، وتتم العملية بالتخدير الكامل ولا تتطلب أكثر من 6 أو 7 دقائق.
الصوت وأثر التدخين عليه :
من المشاكل الخطيرة التي تصيب الحبال الصوتية مسألة الدوالي. ففي 90% من الحالات نجد دوالي هائلة على الحبال الصوتية وسببها المباشر هو التدخين. وقد لا يقف الأمر عند هذا الحد. بل يتزايد ليتحول إلى أمراض خطيرة مثل السرطان وتتفاوت الإصابة باختلاف طبيعة الأفراد واختلاف درجة حساسيتهم للنيكوتين..
ويؤثر التدخين على نبرة الصوت ـ وقد يتطلب تدخلا جراحيا لإعادة الصوت إلى طبيعته أو استخدام الليزر لتشذيب الحبال الصوتية.
هنا أيضا بعض الأدوية التي تؤدى إلى تغيير نبرات الصوت وخاصة الأدوية التي تحتوى على هرمونات الذكورة ، ويختلف الأثر الذي يتركه الدواء باختلاف حساسية الأفراد ، ولا بد أن يتنبه الطبيب منذ البداية فإذا حدث تغيير معين في الصوت يتم استبعاد هذا الدواء..فكلما زادت جرعة العلاج كلما زادت المشكلة خطورة.
الصوت والكشف عن الجريمة :
بدأت أجهزة الشرطة في الاستعانة بذبذبات الصوت للكشف عن المجرمين وخاصة في حالات البلاغات المجهولة التي تتم عن طريق الهاتف.
ويتم ذلك عن طريق رسم بياني للصوت يحدد ثلاثة أبعاد الوقت - القوة - الذبذبات... كما أنه يوجد مدى صوتي مثلما يوجد مدى حيوي.
فإذا حدث وفتح باب مطعم مثلا نجد جميع الحاضرين وعلى الطاولات المختلفة يخفضون أصواتهم بطريقة أوتوماتيكية.
وسيظل هذا العالم المثير ميدان بحث دائم لكثير من المجالات والتي تظهر كل يوم الجديد والغريب في هذا المجال ، وهذا ما ستكشفه لنا الأيام المقبلة بإذن الله.
السمع والكلام :
ولا تقتصر فائدة الأذن على عمليتي السمع والتوازن فقط بل إن لها أهمية قصوى في عملية الكلام. فالمعروف أن الإنسان يمتاز عن باقي المخلوقات بقدرته على الإفصاح عما يريد عن طريق اللغة التي يتخاطب بها مع الآخرين.
صحيح أن هناك عدة أنواع من الوسائل الصوتية أو الشمية أو غيرها مما تستخدمه مجموعات مختلفة من الحيوانات. كالأسماك أو الطيور أو الحشرات للتفاهم فيما بينها. ولكن جميع هذه الوسائل لا ترقى بأي حال من الأحوال إلى مستوى اللغات البشرية من حيث الدقة أو الشمول.
والمعروف أيضاً أن الأطفال عندما يخرجون من بطون أمهاتهم لا يعرفون شيئاً عن الكلام بل يتعلمونه في السنوات الأولى من أعمارهم عن طريق المحاكاة ، فهم يقلدون الأصوات التي يسمعونها ممن حولهم وشيئاً فشيئاً يستطيعون النطق ببعض الألفاظ البسيطة أولاً، ثم الألفاظ المعقدة بعد ذلك، وهكذا تدريجياً إلى أن يصبحوا قادرين على الكلام كغيرهم من بني الإنسان.
وهذه العملية لا يمكن حدوثها على الإطلاق ما لم يكونوا قادرين على سماع الأصوات التي تتردد حولهم. وبمعنى أخر فإنهم لا يستطيعون الكلام ما لم يكونوا متمتعين بحاسة السمع. وهذا هو السبب في أن الطفل الذي يولد وهو مصاب بالصمم يصبح بعد ذلك أبكم لا يتكلم في مستقبل حياته.
كلمة أخيرة
إن السمع نعمة جليلة ومنة عظيمة من الله سبحانه وتعالى. وما أحرى المرء أن يشكر ربه بحسن استخدامه لنعمه لا يكفره بسوء استخدامها والتفريط فيها.
لعلك - عزيزي القارئ - بعد هذه الكلمات الموجزة أدركت أن حاسة السمع تحتل مركز مرموقا بين حواس الإنسان جميعها نظرا لأهميتها القصوى في حياة كل فرد من بني البشر.
  #198  
قديم 05-04-2008, 10:02 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

القلب ... نبض الحياة

ورمز الإيمان بقدرة الله تعالى(1)
بقلم فضيلة الدكتور محمد السقا عيد
سبحان من خلق فسوى ... فمنذ العصور الأولى لوجود الإنسان على الأرض ارتبطت حياته بعضو صغير لا يزيد حجمه عن قبضة اليد ... وهو " القلب " ... والتي كانت دقاته ترمز دائماً إلى نبض الحياة وإذا توقفت ضربات القلب توقفت معها الحياة .
نظرة تشريحية :
القلب هو العضو الرئيسي في الدورة الدموية ، يقع في وسط الصدر فوق الحجاب الحاجز بين الرئتين وخلف عظمة القص "Sternum" يقع ثلثاه إلى يسار المنتصف بينما الثلث الباقي إلى يمينه .. وهو كيس عضلي مخروطي الشكل . ويتكون من نصفين أيمن وأيسر يكونان معاً مضختين متلاصقتين تعملان في وقت واحد تكمل إحداهما الأخرى في العمل .
ويتكون كل نصف من غرفتين : أذين وبطين . وبين الأذين والبطين صمام يسمح بمرور الدم في اتجاه واحد من الأذين إلى البطين .
القلب بلغة الأرقام :
إذا تحدثنا عن القلب بلغة الأرقام ... فنستطيع القول بأنه يزن 300 جم تقريباً في حالته الطبيعية ، وقد يصل إلى 600 جم في حالة إصابة الشرايين بالتصلب نتيجة لترسب الدهنيات
وبالنسبة لقدرات القلب فهو يضخ 5 لترات من الدماء بواقع 70 ضخة أو نبضة في الدقيقة ، ومجموعها يصل إلى 7.200 لتر و 100.000 نبضة في اليوم الواحد .
ويمكن أن نقول أن هذا يساوى 200 مليون لتر دم و (3) مليار نبضة لعمر يصل إلى 75 سنة أو (5) مليار لعمر يصل إلى 100 سنة .
يبلغ طول القلب 12 سم ، وعرضه 8 سم ، وسمكه 9سم . ومما يدعو إلى الإعجاب بعظمة الخالق أن المسار الذي تقطعه الدماء بعد أن يضخها القلب تبلغ رقماً خيالياً كما يؤكده نموذج فريد يحتفظ به في المتحف الملكي في لندن . إذ أن الدم يقطع طريقاً طوله 100.000 كيلو متر من خلال مختلف الأوعية الدموية ... أليس هذا إعجازاً ربانياً ؟ !!!
نبض الحياة :
في العادة تستغرق دورة العمل في القلب جزءاً يسيراً من الثانية ، ولهذا فإن النبض يتراوح بين 70-80 نبضة في الدقيقة ، ويزيد عن ذلك عند الإجهاد العنيف وعند الإثارة الشديدة . ومن الجدير بالذكر أنه في كل انقباضه قوية فإن القلب يدفع ثلاث أوقيات من الدم في الأورطى . وهذه الكمية تعادل 1.5% من مجموع الدم في الجسم ، وبذلك فإن 60-70 دقة في الدقيقة تكفى لمرور جميع الدم في القلب والأوعية الدموية 60 مرة في الساعة .
ومن الثابت طبياً أن معدل النبض في مرحلة الطفولة أسرع منه في الشيخوخة ، ويظل ثابتاً في مقتبل العمر والشباب طالما لا يوجد هناك إجهاد عضلي أو مؤثر عاطفي ..
ومن الخطأ الاعتقاد السائد بأن النبض الذي يقل أو يزيد عن المعدل المذكور يعتبر أبطأ أو أسرع من الطبيعي ، هذا خطأ وتعليله يرجع إلى أن هناك حقيقة ثابتة في الطب عندنا تبين أن الثابت هو اختلاف القلوب باختلاف الشخص ، فالأخ يختلف عن أخيه في عدد النبضات ، وقلبك مخلوق لك ولاحتياجات جسمك .. وليس مخلوقاً ليضخ لجداول الإحصاء والمعادلات .
فالقلب السليم قد يتخطى نبضه أثناء الراحة التامة 90 نبضة في الدقيقة، والتمارين العنيفة قد تضاعفه ، وكذلك صعود السلالم والمرتفعات وتعليل ذلك أنه كما أن السيارة تتطلب وقوداً أكثر عند السرعة وصعود المرتفعات ... وكذلك الجسم يتطلب مزيداً من الدم ، ويلجأ القلب إلى قواه الاحتياطية فتتضاعف دقاته ليمد العضلات العاملة بكمية كبيرة من الدم ، ولكن عندما ينتهي المجهود العضلي العنيف تظل دقات القلب السريعة لمدة وجيزة لكي تختزن الأعضاء التي استنفذت رصيدها وحلجتها من الطاقة .
ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أنه عندما يرتفع النبض إلى (160 نبضة) أو (200 نبضة) أو (250نبضة) في الدقيقة فإن الغرف تنبسط وتنقبض بسرعة ولا تدع مجالاً لامتلائها ، وقد تضعف الدقات نفسها
وعليه فإن الثلاث أوقيات قد تهبط إلى أوقيتين وقد تقل تدريجياً ... وعليه فإن قلباً يدق 200 دقة في الدقيقة قد يدفع كمية من الدم أقل من القلب الذي يدق 70 مرة في الدقيقة .
لا يجرؤ على الراحة :
في اليوم الثامن عشر من الحمل يبدأ قلب جنين الإنسان في الخفقان ، ولا يتوقف إلا عندما يموت الإنسان . والجنين في هذا العمر عبارة عن كتلة من الخلايا الصغيرة ، وربما يكون القلب هو العضو الوحيد الذي لا يفلت من العمل المتواصل والاجتهاد بوتيرة واحدة حتى عند أكسل الكسالى.
من هنا يخطر بباله أن هذا الجسم المتناهي الصغر مثل جنين الإنسان الذي عمره ثلاثة أسابيع والذي لا يوجد له دم حقيقي له قلب ينبض بمعدل انقباضه واحدة كل ثانية .
وعندما يولد الطفل يكون عدد ضربات القلب قد زاد إلى (140) نبضة في الدقيقة . ومن قدرة الله أن هذه هي الذروة حيث يبطؤ النبض تدريجياً بتقدم الطفل في العمر .
ويصبح متوسط سرعة ضربات الإنسان البالغ (76) انقباضه في الدقيقة أثناء الراحة تزداد إلى أكثر من الضعف عند قيام الإنسان بعمل شاق متواصل .
وكلما صغر حجم الحيوان كلما كانت نبضات قلبه أسرع . فالحوت الذي وزن جسمه (150) طن يعمل قلبه (7) سبعة نبضات في الدقيقة فقط. والفيل الذي وزنه (3) طن ينبض قلبه (46) مرة في الدقيقة .أما القط الذي وزنه 1.5 كجم فقلبه يعمل (240) انقباضه . بينما نجد أن العصفور الطنان الذى لا يتعدى وزنه (8) جرام سرعة نبضات قلبه (1200) دقة في الدقيقة.
ما السبب في أن القلب يستطيع أن يعمل بهذه السرعة ؟ إنه
إعجاز رباني !!
مفهوم خاطئ يحتاج إلى تصحيح :
يعتقد معظم الناس أن عضلات القلب تعمل ليلاً ونهاراً بدون راحة ، وهذه فكرة ليس صائبة تماماً . فعضلة القلب تستريح أيضاً وبصفة مستمرة، ولكن لفترات قصيرة جداً . فانقباضة القلب تستمر لحوالي (0.49) من الثانية فقط ، وعندما يكون الإنسان في حالة سكون فإن قلبه يستريح بعد كل إنقباضة لمدة (0.31) من الثانية .
• وتبدأ دورة القلب بانقباض الأذينين حيث يكون البطينان أثنائها في حالة راحة ، ثم ينبسط الأذينان وينقبض البطينان ، ويستغرق الأذينان حوالي (0.11 - 0.14) من الثانية في الانقباض ، وبعد كل انقباضة تستمر راحتها لمدة (0.66) من الثانية ، ومعنى ذلك
أن الأذنين يعملان في اليوم من (3.5 - 4) ساعات ويستريحان (20) ساعة .
• أما البطينان فيستمر انقباضها لفترة أطول حوالي (0.27 - 0.35) من الثانية ويستريحان لمدة (0.45 - 0.53) من الثانية . وعلى ذلك نجد أن البطينين يعملان في اليوم (8.5 - 10.5) ساعة ، ويستريحان (13.5 – 15.5) ساعة .
• وقلب الطيور الصغيرة يجد هو الآخر وقتاً للراحة ،وهو ينقبض على فترات متتالية بمعدل أسرع إلا أنه يستريح بكثرة . فالعصافير التي سرعة ضربات قلبها (1000) نبضة في الدقيقة يبلغ طول مدة الإنقباضة الواحدة للأذينين (0.14) من الثانية يستريح بعدها مدة (0.46) من الثانية . أما البطينان فيستغرق انقباضهما (0.24) وتستمر راحتهما (0.36) من الثانية وبهذه الطريقة يعمل الأذينان (5 ساعات و 40 دقيقة) فقط ويستريحان (18 ساعة ، 20 دقيقة) أما عمل البطينين فيستغرق (9ساعات و 36 دقيقة) ، والراحة تمتد (14 ساعة، 24 دقيقة) وبذلك نجد أن قلب العصفور يجد هو الآخر وقتاً للراحة تماماً كما يفعل قلب الإنسان .
• إنها ديناميكية يحار فيها العقل ويسبح فيها الوجدان ... فسبحان الله الخالق جل شأنه حيث ينقبض القلب مدى الحياة الإنقباضة تلو الأخرى نهاراً وليلاً في الحر وفى البرد وينقبض في الكتلة الصغيرة من خلايا جنين الكتكوت الذي عمره 29 ساعة شئ ما ويدفع السائل إلى مكان ما.
ما الذي يرغم القلب على الانقباض ؟ من أمر قلب جنين الدجاجة بأن يبدأ العمل ؟؟
أظن أن الإجابة على هذه الأسئلة واضحة ولا تحتاج إلى توضيح .
- لقد وجد العالم الروسي (تسيون . ى . ف) بالحساب أنه في خلال حياة الإنسان ينجح قلبنا في - إنجاز عمل يساوى قوة تكفى لرفع قطار سكة حديد كامل مكون من مجموعة من العربات إلى أعلى قمة في أوربا . أي لارتفاع 4810 متر .
إنها قدرة ... إنه إعجاز إلهي فالقلب يضبط عمله تلقائياً دون أن يكون لإرادة الشخص دخل بذلك أو شعور بما يجرى ، فالمهيمن الوحيد على هذه العملية هو بنيان القلب (بعد قدرة الله تعالى) .
بنيان القلـــب
يتكون القلب من ملايين الخلايا التي تتفرع وتتصل فروعها بحيث تكون نسيجاً شبكياً . ولما كانت هذه الخلايا تلتف حول تجاويف الأذينين والبطينين بطريقة دائرية . فإن انقباضهما ينقص حجم هذه التجاويف فتعمل مع الصمامات على دفع الدم في الاتجاه الصحيح .
ولهذا فإن دقات القلب ، وخلجات التنفس هما الوظيفتان الوحيدتان في الجسم اللتان لا يمكن أن يتوقفا لفترة طويلة دون أن تتوقف الحياة نفسها .
غــذاء القلــب :
إن القلب يعمل طوال الوقت ، وينقبض في المتوسط سبعين مرة في الدقيقة من (70-80) نبضة على نحو ما أوردنا . وكذلك يضخ (5) لترات من الدم في الدقيقة الواحدة عندما يكون المرء ساكناً تصل وقت المجهود إلى أضعاف ذلك ، فلا غرو أن يحصل القلب على قدر كبير من الدم لتغذيته يبلغ نحو 200 سم3 في الدقيقة يتضاعف عدة مرات عند المجهود . وهذا الدم يسير في الدورة التاجية [2] . ويحمل إلى القلب الأكسجين والمواد الغذائية التي تتكون أساساً من السكريات والمواد الذهنية التي يستخدمها لتوليد الطاقة .
دور القلب في عملية ضبط الضغط :
إن القلب هو العنصر الرئيسي الثاني بعد الكلى في عملية ضبط ضغط الدم والتسبب في ارتفاعه وكذلك التأثر به . والمتفحص للمعادلة التالية سيجد ويعي تماماً دور القلب في عملية ضبط ضغط الدم .
ضغط الدم = كمية الدم المتدفقة في القلب في كل نبضة × المقاومة الطرفية
على هذا الأساس فإن تأثير القلب كبير في عملية التحكم في ضغط الدم .
فهو العضو المسئول عن توليد هذا الضغط حتى يضمن وصول الدم إلى كل الأعضاء وكل الأنسجة .
قلوب مضطربة :
إن الملايين من الناس يتملكهم فزع - لا مبرر له إطلاقاً - بسبب لغط أو خفقان أو إسراع أو إبطاء في ضربات القلب . وبرغم أنها جميعاً تحدث لقلوب سليمة لا علة فيها إطلاقاً وأن مرات حدوثها في هذه القلوب قد يزيد من حدوثها في القلوب المريضة حقاً .
ولما كانت ضربات القلب هي المظهر المباشر الوحيد - الذي يستطيع أن يلمسه صاحب هذا القلب - الدال على مدى انتظام عمله فإنه منطقي جداً أن أي شئ غير عادى يتصل بهذه الضربات قد يسبب فزعاً ، وخلاصة ما نعرفه أن هذه الضربات السابقة للأوان لا تدل إطلاقاً على علة بالقلب ولا تؤدى إلى أي مرض مهما تعددت مرات حدوثها ، ولكنها قد تكون وليدة لأسباب عديدة مختلفة أكثر شيوعاً ، أي عدوى أو تعب نفسي أو عاطفي ، أو أكله ثقيلة أو الإسراف في شرب القهوة أو التدخين أو الخمر .. هذه هي معظم الأسباب التي تؤدى إلى هذا الخلل .
ومن الأمثلة لتقريب ذلك أن أحد رجال الأعمال اشتكى من عدم انتظام ضربات قلبه ، وبفحصه وجد لديه ضربات عديدة سابقة لأوانها ، وظل السبب مجهولاً حتى اكتشف خراج بجذر أحد الضروس .فخلع الضرس ، ومن ذلك الحين زايله اضطراب ضربات القلب .
وكذلك قد تجد قلب الأم " يفوت " عندما يكون أحد أبنائها مريضاً ، وتضطر للسهر عليه .. وفى حالة عدم معرفة السبب في هذا المجال فينصح باستشارة الطبيب المختص في هذا الشأن حتى يزول الشك ويطمئن المريض .

كلمة أخيرة :
تذكر أيها القارئ الفاضل أن قلبك أن المسكين عليه أن يتحمل نتيجة الإفراط في استخدام أي عضو من أعضاء الجسم . إذ هو - وهو فقط - المسئول عن توصيل الغذاء والأكسجين إلى كل عضو في كل حالات الراحة والعمل الشاق ، وعليه أن يوفر لكل جهاز من أجهزة الجسم ما يكفيه سواء اعتدل أو فرط ... فإذا أفرطت المعدة في تناول الطعام كان على القلب أن يكفل لها ما يكفى من الدم لتهضم هذا الطعام ، وإذا أفرط العقل في الانفعال والتفكير كان على القلب أيضاً أن يغذيه ، وإذا أفرطت العضلات في الحركة وتحمل الإجهاد سارع القلب في ضرباته وزاد من ضخه للدم ليكفل لها الاستمرار في الانقباض والحركة .
قلبك إذن هو الضحية للتطرف في أي مجال من مجالات الحياة سواء كان فكرياً أو عاطفياً أو عقلياً أو جنسياً ... بمعنى أنه هو رب الأسرة الذي يعمل باستمرار ليلبى حاجات الجميع .
- أنظر كيف تستريح المعدة والأمعاء بين الوجبات من العمل في هضم الطعام ... ؟ وانظر كيف ينام العقل ما يقرب من ثماني ساعات أي ثلث اليوم … ؟ وانظر كيف تسترخي العضلات بين فترات الراحة عندما تجلس أو تستلقي … ؟ ثم أنظر للقلب ... هل يسمح له بالراحة ولو لدقيقة واحدة في العمر كله ؟
وجه الإعجاز :
لقد تبين لنا أن القلب هو مضخة الدم التي تمد كل خلايا الجسم بالغذاء والطاقة وإن أي تقصير في عمل القلب سوف ينعكس سلباً على أعضاء الجسم قاطبة لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معجز قبل 1400سنة :
- وعن النعمان بن بشير رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: < إن الحلال بين، وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس. فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه؛ ألا وإن لكل ملك حمىً، ألا وإن حمى اللَّه محارمه،ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب>مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
- معاني الكلمات :
- ورد في معجم مختار الصحاح : المُضْغَةُ قِطعة لحم وقلب الإنسان مُضغة من جسده.
- وورد في القاموس المحيط : المُضْغَةُ، بالضمِ: قِطْعَةُ لَحْمٍ وغيرِه،
هذا هو القلب … رمز الحياة والإيمان بقدرة الله تعالى ...
رمز الحب والسعادة
وصدق الله العظيم إذ يقول :
{ وفى أنفسكم أفلا تبصرون } الذاريات (21)
________________________________________
[1] أنظر مقالنا بمجلة " منار الإسلام " الظبيانية العدد السابع - السنة الرابعة عشرة .
[2] تتكون الدورة التاجية من شريانين كبيرين ينبعان من بداية الشريان الأورطى ، ثم يتفرعان إلى أفرع كثيرة … يتفرع بدورها إلى شرايين أصغر تنتشر بين خلايا القلب، وتنتهي إلى شعيرات ، ثم تتجمع في أوردة صغيرة تتحد وتنتهي إلى الوريد التاجي الذي يصب في الأذين الأيمن ... د/ محمد السقا عيد .
  #199  
قديم 05-04-2008, 10:08 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

المعجزات الربانية في العين

د0محمد السقا عيد
ماجستير طب وجراحة العيون
لقد أتمن الله سبحانه وتعالى على الإنسان أن وهبه نعمة الإبصار قال تعالى في محكم التنزيل:(قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة، قليلا ما تشكرون) الملك آية ( 23).
كما أتمن سبحانه وتعالى على بني آدم بأن وهبهم آلة الإبصار وهي العين قال الله تعالى:(ألَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ {8} وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ {9} وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ {10} فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ) سورة البلد.
إذاً ما هي الأسرار الربانية التي أودعها الله في العين ؟
ولِمَ أمتن سبحانه على الإنسان بهذه النعمة ؟
إن شاء الله تعالى سنتناول كل هذا في هذا البحث المختصر ونبحر في عالم العين والإبصار ونكتشف قدرة الله تعالى في هذا العضو المذهل.
وصف العين :
العين مثل الكرة لها جدار وبها محتويات. يتكون جدار العين من ثلاث طبقات :
الطبقة الخارجية (الليفية):
وتتكون من جزء أمامي يسمى القرنية، يكون خمس جدار العين، وجزء خلفي وهو الصلبة Sclera ويكون أربعة أخماسها. والجزءان ملتحمان أحدهما بالأخر بحيث يتداخل الجزء الأمامي في الجزء الخلفي كما تتداخل الساعة في الإطار المعد لها .
الطبقة المتوسطة:
وهى المغذية للعين، وتتكون أساسا من أوعية دموية تحمل الغذاء إلى أجزاء العين المختلفة. ومنها تأتى سوائل العين التي تغذى القرنية وعدسة العين. وتحافظ على وجود ضغط طبيعي في العين. وتنقسم إلى ثلاثة أجزاء :
أ- الجزء الخلفي :ويسمى المشيمية "Choroid" وهو يحتوى بالإضافة إلى الأوعية الدموية على طبقة من الخلايا الملونة التي تحتوى على حبيبات داكنة تبطن الصلبة، وبذلك تمنع الضوء من الدخول كلية خلال الصلبة.
ب- أما الجزء المتوسط من هذه الطبقة فيسمى الجسم الهدبي ( C.B) وهو يحتوى على أهداب كثيرة بها أوعية دموية .. وهذا الجزء يفرز السائل المائي للعين. وإفراز هذا السائل وتصريفه بشكل طبيعي يحفظ للعين ضغطها الطبيعي اللازم لحفظ شكلها وتأدية وظيفتها .. كما يحتوى الجسم الهدبى على عضلات تعمل تلقائيا : فتنقبض عندما يريد الإنسان أن يرى شيئا قريبا وتنبسط عندما ينظر الإنسان إلى شيء بعيد. وتسمى قدرة العين على رؤية الأشياء القريبة والبعيدة بوضوح باسم (تكيف الإبصار) (Accommodation) .
جـ- الجزء الأمامي ويسمى القزحية : وهو عبارة عن قرص مستديرة، وفى هذا القرص ثقب يدخل منه الضوء يطلق عليه اسم الحدقة أو
" البؤبؤ " يمر من خلاله الضوء إلى داخل العين. وتحتوى القزحية على صبغيات تتحكم في لون العين .. كما تحتوى أيضا على عضلات تلقائية تتحكم في حجم الحدقة .
الطبقة الحساسة :
وهى شبكية العين ( Retina) وهذه الطبقة شفافة بالرغم من
أنها تتكون من عشرة طبقات. وتحتوى على نهايات عصبية حساسة للضوء، وتتجمع هذه النهايات العصبية معا لتعطى العصب البصري (Optic nerve) .
عدسة العين : Lens
وتستقر خلف القرنية، وهى شفافة أيضا مثل القرنية لتسمح بمرور الأشعة الضوئية إلى الداخل. وتتلخص وظيفة العدسة في تجميع الأشعة الضوئية الصادرة من مختلف المرئيات وإسقاطها على الشبكية، وعن طريق العصب البصري تنتقل صور هذه المرئيات من الشبكية إلى المخ حتى يستطيع الإنسان التعرف عليها .
وعدسة العين لها ما للعدسات الزجاجية العادية ما يعرف بـ (البعد البؤري) وهذا البعد هو عبارة عن مسافة بين العدسة ونقطة تجمع الأشعة الضوئية ويطلق على النقطة الأخير اسم (البؤرة) .
ولا يستطيع الإنسان الرؤية بوضوح كامل إلا إذا وقعت البؤرة على الشبكية تماما عندئذ تكون صور المرئيات التي تقع على الشبكية واضحة كل الوضوح.
أما إذا وقعت هذه الصور أمام الشبكية بقليل أو خلفها بقليل فإنها تصبح صورا مهزوزة غير واضحة ... ويكون من الضروري عندئذ استخدام العدسات الزجاجية ( النظارات ) لتصحيح الأخطاء التي قد تكون موجود في العين.
عيناك .. والكاميرا :
ولكي تستطيع استيعاب الكلام السابق- عزيزي القارئ - فإنني أرى أن أشبه لك العين بشيء محسوس تستخدمه في حياتك العملية حتى يسهل عليك فهم ميكانيزم النظر .. فالعين في طريقة إدراكها للصورة واستقبالها تشبه الكاميرا أو آلة التصوير .. هذا مع الفارق الشاسع بينهما حيث لا يوجد وجه للمقارنة على الإطلاق إلا أن هذا المثال للتبسيط ليس إلا. فالكاميرا أو جهاز التصوير تتكون أساسا من :
• صندوق مظلم :
ويقابله في العين الجزء الذي نطلق عليه اسم (الصلبة ... ولا يستطيع الضوء أن ينفذ من خلال جدران هذا الصندوق ... ولكنه يدخل فقط من خلال فتحة محددة من الأمام .
عدسة الكاميرا :
ويقابلها في العين القرنية والعدسة الشفافة، وتقوم القرنية والعدسة بتجميع الضوء المنعكس من المرئيات ليكون صورة واضحة مقلوبة
على الشبكية.
الفيلم الحساس في الكاميرا :
في فيلم الكاميرا طبقة حساسة تتأثر بالضوء .. ويقابلها في العين الشبكية التي توجد بها الأقماع والعصيات (Rodes , Cons) التي تحتوى على قرمز الإبصار الذي يتأثر بالضوء.
وتتكون على الفيلم الحساس صورة عكسية (نيجاتيف) يعاد طبعها على ورق حساس لتبدو الصورة الطبيعية .
أما على شبكية العين. فإن الصورة التي تتكون تكون مقلوبة عكسية .. وفى المخ يعاد وضعها لتصبح معتدلة .
في كل ذلك .. تبدو لنا قدرة الخالق وعظمته .. إذن أن شبكية العين عبارة عن فيلم تصويري متجدد إلى مالا نهاية ولا يحتاج إلى تبديل كما هو الحال مع فيلم الكاميرا.
وفى العين ترى صورة متحركة وملونة. وهذا هو ما يدعوني إلى تشبيه العين - مع الفارق بآلة التصوير التليفزيونية .
أما أعصاب العين .. فهي الكابلات الموصولة من كاميرا التليفزيون إلى " المونيتور " الذي يعدل من وضع الصورة .. كما يحدث في مخ الإنسان .
ومرة أخرى نجد أن فيلم التليفزيون له طول محدد ومدة محددة .. بينما نجد أن شبكية العين عبارة عن فيلم متجدد دائما أبدا … فسبحان الله !!.
ثم .. نجد أن الإنسان ينقل بصره من منظر إلى آخر دون أن يحدث أي اضطراب في العين مع سرعة توارد المناظر واختلاف شدة الضوء … كل ذلك يوضح إلى أي مدى مدي تتفوق العين على آلة التصوير التليفزيوني.
وهنا تتجلى عظمة الخالق .. فبالرغم من هذا التفوق نجد آلة التصوير التليفزيوني بالأجهزة الضخمة الملحقة بها تقوم بجزء بسيط من عمل العين المحددة الحجم ذات الصورة الرائعة !!
حركة العينان :
الواقع أن حركة العين في حد ذاتها تعتبر معجزة .. فمقلة العين تتحرك في كافة الاتجاهات حسب إرادة الإنسان بواسطة ست عضلات دقيقة .. هذه العضلات تغذيها أعصاب من المخ .. وتتعاون العضلات مع بعضها ليس فقط في ذات العين ... بل مع العضلات التي تحرك العين الأخرى أيضا.
والهدف من ذلك التعاون الوثيق هو أن يتجه محور الإبصار في كل عين إلى ذات الشيء الذي ينظر إليه الإنسان، وهكذا تراه العينان في صورة واحدة وبأوضح ما يمكن. فإذا حدث خلل ما في هذه الحركة الموحدة ... ترى ماذا يحدث ؟؟
التجربة البسيطة التالية توضح الإجابة عن هذا السؤال :
إذا نظرت إلى إصبعك أمام عينيك تراه واحدة .. فإذا ضغطت على العين اليمنى مثلا فإنك ترى صورة أخرى للإصبع ... أي يحدث ازدواج للرؤية بالعين بدلا من توحيدها. فإذا توقف الضغط على العين زال هذا الازدواج.
موقع العين :
يتميز الإنسان عن الحيوانات الأدنى رقي بموقع العينين ! .. ففي الإنسان تقع العينان في مقدمة الرأس وليس على جانبيه .. فعين الطائر اليمنى لا ترى شيئا مما تراه العين اليسرى .
وعلى ذلك فما تراه العين اليمنى للطائر يختلف تماما عما تراه العين اليسرى، وبالتالي فإن مخ الطائر لا يستطيع مزج الصورتين المختلفتين اللتين تصلان من العينين .. بل يهمل إحدى الصورتين. وعلى هذا فإن عالم هذه المخلوقات مسطح لا عمق له .
فموقع العينين بالنسبة للإنسان تتيح الفرصة أن ترى العين اليمنى صورة مشابهة جدا لما تراه العين اليسرى .. أي أن العينين تريان ذات الشيء من زاوية مختلفة. والمخ هنا يمكنه مزج هاتين الصورتين في صورة واحدة مجسمة. أي لها طول وعرض وارتفاع أو عمق.
على هذا ... يستطيع الإنسان بالنظر الموحد بالعينين أن يقدر بعد الأشياء بعضها عن البعض الآخر.
النظر الموحد بالعينين :
يكتسب الإنسان هذه القدرة (النظر الموحد بالعينين) منذ الولادة وأثناء النمو، ويخزن المخ خبرة رؤية الأشياء بأبعادها وأعماقها بشرط أن تكون العينين سليمتان وبدرجة إبصار متقاربة
أما إذا حدث أن ضعف بصر إحدى العينين بدرجة كبيرة عن العين الأخرى في فترة الطفولة المبكرة ... فإن الطفل يفقد القدرة على النظر الموحد بالعينين، وهكذا يفقد فرصة العمل في مهنة تحتاج إلى هذه القدرة. مثل مهنة الطيار مثلا.
جهاز الأمن الرباني للعين
لقد أمن الخالق سبحانه وتعالى العين بجهاز إحساس دقيق يقيها من غوائل الزمن، نستطيع أن نطلق عليه تجاوزا (جهاز الأمن الرباني للعين).
والحقيقة أن كل أنسجة الجسم وحواشيها تشترك بشكل ما في وقاية العين وحمايتها من أي ضرر .. فالجفون مثلا بحركتها المستمرة تحمى العين وتخلصها من الضرر. حيث أنها مزودة بأهداب على حافتها في أكثر من صف، وهذه الأهداب عبارة عن شعيرات قوية بالغة الحساسية لأي شيء يمر عليها حتى ولو كان في رقة النسيم لذلك تقفل العين عن طريق حركة الجفون إذا ما أحست باقتراب الخطر. كذلك فالحواجب تمنع سقوط العرق على العين..
وحتى نعطى الموضوع حقه تعال معي- عزيزي القارئ - لنستعرض بشيء من التفصيل دور كل عضو من الأعضاء في تأمين العين ووقايتها من الأضرار المحدقة بها حتى تكتمل الفائدة ويعم النفع.
دور الجفون :
إذا تأملنا بشيء من التروي فإننا سنجد : أنها خفيفة وسريعة كما أن بها مزيدا من اتساع السطح وهذا يتيح لها مجالا حركيا واسعا. والجفون كذلك في حركة رمش وبريشة ذاتية "Reflex Blinking" .. وهذه الحركة تتيح للجفون أن تقوم بوظيفتها المتمثلة في الآتي :
أ- توزيع الدموع والإفرازات الغدية على سطح المقلة فتجعلها دائما رطبة لامعة.
ب- تعطى شبكية العين فترات من الراحة لحجب الضوء عنها .
جـ- تزيل الأجسام الغريبة من على سطح المقل وتدفعها إلى الكيس الدمعي .
د- تقلل نسبة التبخر للإفرازات الغدية الدمعية فتظل القرنية دائما شفافة ؟
وقد زود الخالق سبحانه حافة الجفون الهدبية بعضلة عاصرة دائرية تجعل قفل العين ( الجفن) قفلا محكما لدرجة أن لا تخر السوائل منها أو إليها.
كذلك فإن ملامسة هذه الحواف لجسم المقلة يولد خاصية التوتر السطحي بينها وبين الدموع فلا تنهمر خارج العين إنما توجه إلى الكيس الدمعي.
دون الجهاز الدمعي :
للجهاز الدمعي أهمية كبيرة في الحفاظ على نظافة وحيوية أنسجة العين .. فنحن نعلم أن الدموع لها صفات تقاوم نمو الجراثيم لاحتوائها على خمائر هاضمة لها مثل خميرة الليزوزيم. ( Lyzo Zyme ) .
هذا بالإضافة إلى خصائصها الحركية التي تمكنها من تخفيف وإذابة الأجسام الغريبةوالتخلص منها عن طريق توجيهها إلى المسالك الدمعية الأنفية.
وأي عامل يؤثر على هذه الصفات يؤدى إلى اضطراب وظيفي واختلال في جهاز الدفاع عن العين.
دور القرنية :
يتحدد دور القرنية في الآتي:زودها الخالق سبحانه بأعصاب حساسة وخاصة للألم، وهذا يجعلها جهاز إنذار بالغ الحساسية .. لهذا فإن رد الفعل الذي يعقب الإحساس بجسم غريب أو ألم بالقرنية هو قفل العين فورا مع الابتعاد عن مصدر الأذى سواء بالرأس أو بالجسم ككل.
وعند إثارة أعصاب الألم بالقرنية فإن ذلك يعقبه احتقان في شبكة الأوعية الدموية الملتحمة مع سرعة إفراز الدموع التي تخفف وتريح أثر العامل الضار، وهذه تساعد على سرعة التئام الجروح ورجوع الأنسجة إلى حالتها الطبيعية .
سلامة واكتمال سطح القرنية الغشائي يمنع أغلب الجراثيم من المرور والنفاذ إلى داخل العين حيث أنه يقاومها مقاومة تجعلها غير قادرة على اختراقه .
ولذلك فإن أي عامل يؤثر على هذه الصفة سواء أكان خارجياً أو داخلياً مباشراً أو غير مباشر يجعل العين ساحة مباحة للغزو الجرثومي وللفتك بالعين .
ويحتو الكيس الدمعي على كثير من الجراثيم التي تعيش في وئام وسلام وتعايش مع الأنسجة المحيطة به، ومنها بالطبع القرنية ولكنها تفقد هذه الخاصية من الهدوء والمسالمة وتتحول إلى وحس كاسر حينما تجد أن هذه الأنسجة قد ضعفت قوتها وقلت حيلتها وتشققت جدرانها فإنها سرعان ما تهاجمها وتغزوها غزواً مدمراً ... ويحدث هذا غالباً في حالات قرح القرنية .
غشاء ديسمت Desment Membrane
ومع ما لهذا الغشاء من خاصية أنه مطاط فإن هذا يجعله يقاوم الإنثقاب. ولهذا فهو يعتبر خط الدفاع الأخير في القرنية الذي لا يستسلم بسهولة أمام أي غزو من الداخل أو من الخارج .
أي أنه يحارب على جبهتين ... الجبهة الأولى الأمامية مقاوماً عوامل الهدم نتيجة لغزو الجراثيم أو الإصابات، والجبهة الخلفية لازدياد الضغط الداخلي للعين الذي يبدو زائداً في مثل هذه الحالات وكأنه تحالف مع الأعداء في سبيل إيجاد ثغرة في هذا الخط المنيع .
وذلك بالضغط عليه من الداخل أو مطه إلى الخارج حتى تفقد قواه فينهار ويحدث إنثقاب وانفصال بين مكوناته.
وهنا تحدث الكارثة إذ تنبثق محتويات المقلة إلى الخارج مع ما في ذلك من احتمال لفقدانها. وبمعنى أقرب للفهم فإن العين تفنى وتموت إما مذبوحة (نزيف) أو محترقة (عدوى) أو مختنقة (ضغط عال) .
دور القزحية :
إن دور القزحية في حماية العين يأتي في الترتيب الزمني والتشريحي بعد دور القرنية ولكنه لا يقل أهمية عنها، بمعنى أنه إذا انهار خط الدفاع الأول المتمثل في القرنية. فإن الخط الذي يليه هو خط القزحية.
ويحدث هذا حينما يحدث اختراق وثغرة في القرنية يجعل مساحة العمل الداخلية مباحة للدخول والخروج. فالجراثيم والأجسام الغريبة تنفذ داخل العين، كما أن محتويات الأخيرة يمكن أن تقذف خارجها.
هنا تبرز القزحية في الميدان وتتقدم لسد الثغرة فتلتصق بظهر القرنية أو تلقى بجسدها كاملاً في الثغرة في محاولة لسدها ... وتكون هذه العملية مثل عمليات الأبطال المغاوير وذلك بمحاولة إنقاذ العين بأي شكل كان.
ووجود العدسة خلف القزحية مباشرة أدى إلى مشاركتها في الملمات التي تقع بها ... هذه المشاركة في الأتراح جعلت القزحية تقوم برد الجميل لها في الظروف العادية وذلك بحمايتها من أي شئ خارجي ضار سواء أكان إشعاعاً أو حرارة أمراً ارتجاليا أو ضربة.
والقزحية سواء بجسدها ككل أو بحدقتها كجزء تقي العدسة من أن تتأثر خلاياها من الأشعة القصيرة أو الأشعة الحامية أو من إصابات مباشرة على العين أو غير مباشرة على الرأس، فهي تقف سداً حائلاً بين المؤذيات التي تؤدى العين والعدسة .
كذلك يوجد بالقزحية خلايا ملونة والتي تلعب دوراً كبيراً في صد الأشعة الضارة، وفى تقليل كمية من الضوء النافذ داخل العين .
وكلنا يعلم ويدرك كم يقاسى الشخص الأبهق الذي يفقد الخلايا الملونة في قزحيته ... إنه لا يستطيع أن يحتمل الضوء العادي الذي يمكن لأي شخص مواجهته .


يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
  #200  
قديم 05-04-2008, 10:12 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبـع موضوع .... المعجزات الربانية في العين

إذن نستطيع أن نلخص دور القزحية في حماية العين في الآتي:
- في حالات إنثقاب القرنية فإنها تسد مكان الثقب بالتصاقها بظهر الأخيرة أو بملأ الثقب
- وفى حالات الضوء الشديد تنقبض الحدقة فتحمى الشبكية من الاختراق وتريحها من العمل وكذلك تحمى العدسة من الضرر .
- في حالات الضوء العادي تقلل الخلايا الملونة كمية الضوء النافذة إلى العين، وبذلك يتمكن الشخص من القيام بعمله دون مضايقات أو إرهاق .
هذا عن جهاز الأمن في الشقة الأمامية للمقلة "Anterior Segment "
الجفون - الجهاز الدمعي - القرنية - القزحية والحدقة.
وهناك سؤال يفرض نفسه. وهو هل هناك جهاز مماثل واقي في الشقة الخلفية للعين ؟ والجواب : لا
فالشقة الخلفية بما فيها من أنسجة تتميز بالدقة والضعف، لهذا فهي ناقصة القدرة على حماية نفسها، ولذلك فإن العدوى إذا وصلت إلى الشقة الخلفية للعين فإنها تنتشر بسرعة فيها انتشار النار في الهشيم .
إلا أن هناك أعضاء أخرى أنسجتها محمية بجدران قوية ومصانة في أماكن قوية تتلقى عليها الإصابات وتقيها الضربات ... وهذه الأنسجة هي:
- المحجر أو المربض (الحجاج) Orbit.
- النسيج ألدهني الخلفي "Retrobulbar Fatty tissue"
- العضلات ومحفظة تانون .
- الصلبة .
والآن تعال معي - عزيزي القارئ - لنفند هذه النقاط الأربع لنستخرج منها وسائل الوقاية للعين وكيفية حمايتها لها.
دور الحجاج (المحجر) :يتميز ببعض الصفات التي تؤهله لحماية العين منها :
- صلابة حوافه الأمامية وخاصة تلك التي تتعرض للإصابات أكثر، وهى الجزء السفلي والعلوي والوسيط (nasal) .
- مكانة الغشاء السحاقى الذي يغلف باطنه حولية العظام "Periosteium"
- إحاطة الجيوب الأنفية به والتي تتميز بالآتي :
• عازلة للحرارة وعازلة للصوت .
• تعطى عمق أكبر للفراغ المحجرى ... الأمر الذي يمكن المقلة من أن تلجأ إليه لحمايتها .
• تمتص الصدمات من العين .
دور النسيج الحجاجى Orbital Tissue
- يمتص الصدمات الأمامية ويهيئ للمقلة حشوة طرية تغوص فيها المقلة أمام الضغوط الأمامية .
- يغلف العضلات والأعصاب والأوعية في غلاف ونسيج لين يصلها ببعضها البعض ويحميها من التقصف والتمزق .
- يحفظ للعين حرارتها ويدفعها للأمام فيحسن رونقها وتتسع فتحتها .
دور العضلات والمحفظة :
تقوم العضلات بتحريك مقلة العين ... هذه هي وظيفتها الأساسية. بجانب ذلك تكون طبقة خارجية تشارك في تغليف وحماية المقلة من الأذى الخارجي. ولا شك أن سرعة حركة المقلة عامل مهم في تجنب آثار الضربات السريعة - لاسيما للجزء الشفاف منها ألا وهو القرنية .
ظاهر بيل Bell's Phenomenon
تحدث هذه الظاهرة عند محاولة فتح الجفون غصباً أثناء النوم أو في حالات توقع الخطر أو عند الفحص ووضع القطرات ... حيث تتجه العيون إلى أعلى وتختفي القرنية خلف الجفن العلوي وربما تحت السطح العلوي للحجاج.
هذا كله دليل قاطع على مدى مشاركة العضلات العينية في توجيه المقلة إلى المكان الآمن الذي لا يجيء منه الضرر.
محفظة تانون :
هي اللباس الداخلي للمقلة والقميص ذو الأكمام للعضلات غلف الجميع في ثوب واحد فسهل حركتهم وقلل من إحتكاكاتهم (Friction) فحفظ طرواتهم ولدانتهم .
دور الصلبة : Sclera
يبرز دور الصلبة في حماية العين من خلال :
- تكوينها المتين وطريقة ترتيب أليافها في طبقات متقاطعة وليست متوازية .. وهذه الألياف لا يمكن فصلها عن بعضها بسهولة .
- غير قابلة للمط أي جامدة (Rigid) .
- عدم شفافيتها وعدم سماحها للضوء من النفاذ خلالها.
وفى النهاية يمكن تلخيص الجهاز الحامي (الواقي) للعين فيما يلي :
(1) الشقة الأمامية :
أ- الجفون ب- الجهاز الدمعي .
جـ- القرنية د- القزحية .
(2) الأجزاء الخلفية :
أ- المحجر (الحجاج) . ب- الغشاء الدهن خلف المقلة
جـ- العضلات والأغشية د- الصلبة .
فسبحان الخالق … قدر فخلق فأبدع …
خلق كل شئ بقدر تبارك جل شأنه
شفافية العين
لما كانت العين هي الكرة السحرية والنافذة التي يطل منها الجسد على العالم، فإن الله عز وجل قد حباها بجهاز حساس دقيق يقيها غوائل الزمن من هجير وريح وضوء وغبار وإشعاع وهوام وصد وضرب في يقظة أو نوم .
لكي تقوم العين بوظيفتها على الدرجة الأكمل ... فينبغي أن تكون مزودة بالآتي :
- أوساط شفافة (Transparent Media) وهى القرنية - العدسة - السائل المائي - الجسم الزجاجي - الشبكية .
- أعصاب دقيقة الحس (Perfect Sensory System)
- جهاز حركي متوازن (Balanced Oculomotor System)
- ضغط معتدل متوازن بين السوائل الداخلة والمنصرفة .
(Normal Intra - Ocular Pressue)
- خطوط بصرية سليمة (Intact Visual Pathway)
- مراكز بصرية عاملة (Acting Visual Centres) .
ولكي تعم الفائدة ... فسنقتصر في حديثنا على نقطة واحدة وهى النقطة الأولى الخاصة بــ(شفافية العين) … وتشمل الحديث على القرنية السائل الزجاجي - العدسة - الجسم الزجاجي والشبكية .
شفافية العين : وهى حصيلة العوامل التالية :
- عوامل تكوينية : Anatomical
- عوامل وظيفية : Physiological
- عوامل إعاشية : ****bolic
العوامل التكوينية :
1- تكوين القرنية من رقاقات أليافها مصففة بطريقة متوازنة بلا تقاطع أو ميل. وفى طبقات متعامدة بعضها مع بعض، هذا يؤدى بدوره إلى أن الأشعة الضوئية تستطيع النفاذ دون انعكاس أو تفرق. أي أن القرنية ليس لها أي تأثير إنكسارى ضوئي فتظهر شفافة لا لون لها.
ومن ثم فإن أي عامل يؤدى إلى صف هذه الخلايا والألياف بطريقة غير متوازية في طبقات مائلة وغير منظمة يجعل سطحها يفقد شفافيته ويصبح معتماً ... ويظهر ذلك جلياً في حالات قرح القرنية المندملة .
2- خلوها من الأوعية الدموية. حيث أن وجودها يؤدى إلى إعتام القرنية
3- خلوها من الخلايا .
العوامل الوظيفية :
1- وجود ضغط معين متوازن ثابت واقع على أنسجتها، لو اختل بالزيادة أو النقص لانعدمت الشفافية .
2- سلامة وتكامل الأغشية الطلائية الخارجية "Epithelium" والداخلية "Endothelium" فلو حدث أي خلل بهما سواء إصابة أو مرض .. فإن القرنية تعانى من الإعتام، وذلك لفشل عاملين مهمين هما :
- عامل الوقاية المسئول عن منع السوائل من النفاذ إلى قلبها وصلب جسدها .
- عامل الوظيفة التنفيذية الذي تتميز به هذه الأنسجة والذي بمقتضاه تحدث عملية تنفسية نشطة تؤدى إلى ضخ الماء الزائد خارج القرنية بحيث تكون القرنية دائماَ في حالة نشف "dehydration"
العوامل الإعاشية:
كثيراً ما نجد القرنية نتيجة لاضطراب إعاشى إما موضعياً أو كلياً .
الاضطراب الموضعي :
- كما في حالات الضمور الهلامي، والذي ينتج عنه عتامة دائرية تظهر في الشيوخ المسنين فوق الخمسين، وقد يظهر أحياناً في الشباب .
- الضمور الدهنوى ... وهو يظهر بين طبقات القرنية السطحية على هيئة مخروطية ويكون لون العتامة مصفراً لترسيب خلايا دهنية بها.
الاضطراب الكلى :
- يحدث نتيجة لترسب السكاكر الرغوية بها .
- ترسب بعض الأحماض الأمينية السستينية "Cysteine" كما في الحالات الخلقية المسماة مركب فانسونى "Fanconi"
- ترسب أملاح الكالسيوم .
شفافية السائل المائي :
والسائل المائي كما يدل عليه أسمه مائي التكوين أي لا لون له، وبذلك يكتسب خاصية الشفافية، ويقوم بالمشاركة في السماح بمرور الضوء إلى داخل العين، وإذا تغير هذا التكوين. فإن خاصية الشفافية تفقد، وهذا يتأتى في حالات مرضية عديدة منها :
- وجود دم بالخزانة الأمامية نتيجة إصابة أو التهاب العين أو مرض دموي .
- وجود أجسام غريبة بالخزانة الأمامية. مثل أي جسم خارجي غريب أو انزلاق عدسة معتمة بها .
- تغيير في تكوين السائل المائي نتيجة لتمدد وتسيب الأوعية الدموية بالقزحية والجسم الهدبى والذي على أثره يصبح السائل المائي سميكاً، ويحتوى على مزيد من الزلاليات تماثل تلك التي توجد في مصل البلازما.
شفافية العدسة :
عدسة العين في شكل حبة الترمس، ولها غلاف مطاط، وتتكون من محفظة "Capsule" وقرطاسية "Cortex" ونواة "Nucleus" وكل هذه المكونات أوساطها شفافة لإمرار الضوء. وتعتمد العدسة في اكتساب شفافيتها على العوامل التالية :
* عوامل بنائية :
- وجود غشاء طلائي متماسك صحيح .
- عدم وجود أوعية دموية أو خلايا ذات أنوية داخلياً .
- تصفيف الخلايا العدسية في نظام متوازي متقوس بحيث تتقابل أطرافها في رتوق ثلاثية الشكل .
* عوامل إعاشية :
- وجود جهاز تنفسي داخلي لأنسجتها يعتمد على وجود خمائر " Enzymes" ومصاحبات منشطة للخمائر "Coenzymes" مثل مركبات السيتوكروم. والجلوتاثيون "Glutatimione" وفيتامين أ وأملاح الكالسيوم .
شفافية الجسم الزجاجي :
يعتمد الجسم الزجاجي في أدائه على :
- سلامة وحدته :بمعنى وجود وجه سليم صحيح "intact Face" وقوام هلامي "Gel Body" وإذا فقد هذا الجسم فإنه لا يستعوض، ولكن يحل محله السائل المائي .
وتتم حالة الإحلال هذه في حالات الالتهاب القزح تحت الحاد فيتحول القوام الهلامي إلى سائل مائي وتتحلل أليافه وخلاياه .
ويلاحظ أنه في كل الحالات التي يفقد فيها الجسم الزجاجي شفافيته تتفاوت درجات فقدان الشفافية والتي تتراوح ما بين عكارة خفيفة تظهر على وجهه الأمامي ولا ترى إلا بالمصباح الشقى "Slit Lamp" أو أجسام سابحة فيه ربما تعيق الرؤية حينما تعبر المجال الحدقي. وهذه ما يعبر عنها بالذبابة الطائرة "musca volitantes"
عوامل الشفافية بالشبكية :
نسيج الشبكية نسيج شفاف تام الشفافية، ولذلك فإن لون قاع العين الذي تراه مكتسباً اللون الأحمر إنما هو في الحقيقة يمثل الأوعية الدموية الموجودة بالمشيمية "Choroid" وما بها من دماء ترى من خلال الشبكية الشفافة.
وسرعة الإعاشة "****bolic Rate" في الشبكية عالية جداً، لذلك فإن أي عامل يؤدى إلى إنقاصها إنما يؤدى إلى ضمورها ووكفها.
وإذا حدث ذلك فإن شفافيتها تختل وتعتريها التغيرات اللونية وتختل مكوناتها العصبية وينتج عنها ترسبات هلامية ... وكل هذه التغيرات تفقدها شفافيتها فتعتم في المكان المصاب ويظهر ذلك جلياً في حالات الانفصال الشبكي .
وتستمد الشبكية مددها الدموي من الشريان المركزي الشبكي وكذلك من الشعيرات المشيمية، ومن هنا تجئ أهمية هذين المصدرين في العمل على حيوية وإعاشة الشبكية .
لذلك فإن من أهم أسباب ضمور وإعتام الشبكية :
- تجلط أو انسداد في الشريان المركزي الشبكي "Central retinal artery"
- الانفصال الشبكي بأنواعه الأولى والثانوية .
- تسمم الشبكية من مرض عام أو سبب خارجي .
- تيبس في شرايين المشيمية الشعرية "Chorio-capillaries"
بهذه الشفافية التي وهبها الله تعالى لعيوننا فإنها تستطيع أن تقوم بوظائفها التي من أهمها أنها تقوم بعمل النافذة التي منها يستطيع الجسم أن يطل على العالم الخارجي ... كل من يريد أن يفحص داخل الجسم فما عليه إلا أن ينظر إلى العين ... وصدق من قال " العين مرآة الجسم".
فلتكن لنا مع أنفسنا وقفات ووقفات نتأمل فيها ونبحث عن كوامن وأسرار خلق الله للإنسان لنقف خاشعين خاضعين متذللين للخالق جل شأنه نقر بوحدانيته ونذعن له بالاستسلام والطاعة
فالله سبحانه لم يخلق أي عضو - في أجسامنا - إلا بإحكام وتقدير لكي يلاءم طبيعة وظيفته. فسبحان المبدع الخالق جل شأنه .
وصدق الله العظيم القائل :
)إنا كل شئ خلقناه بقدر ) القمر (49)
)وفى أنفسكم أفلا تبصرون (الذاريات (21)
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 62 ( الأعضاء 0 والزوار 62)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 296.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 290.70 كيلو بايت... تم توفير 5.82 كيلو بايت...بمعدل (1.96%)]