الوداع الأخير - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أسئلة بيانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 26 - عددالزوار : 630 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 257 )           »          معنى حديث «من ستر مسلماً ستره الله..» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          صلاة التراويح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          حمل المأموم للمصحف في صلاة التراويح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ركعتا تحية المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          حكم صيام من دخل بعض الماء إلى جوفه دون قصد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 366 )           »          قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836997 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-06-2019, 02:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي الوداع الأخير


الوداع الأخير




أحمد الرفاعي

قصة قصيرة

اقترب موعد سفر خالد، أحست الأم بلوعة الفراق قبل الفراق وذاقت مرارة الوداع قبل الوداع. لقد حرصت دائما ألا تظهر تأثرها أمام أولادها فكانت عندما تخلو إلى نفسها في غرفتها تنهمر دموعها. لقد ملأ خالد قلبها وملك فؤادها، كانت تشعر أنها تعيش من أجله، كانت تستيقظ من الليل فتسرع إلى غرفته تتحسسه بيدها وتدثره بردائه ثم تقبل جبينه وتعود إلى فراشها راضية مطمئنة، حان وقت السفر، وقفت وفاء تودع ولدها وبجوارها ابنتها. وقفت وقفة فيها هدوء ووقار وفيها عطف وحنان.

عانق خالد أمه وأسند رأسه إلى صدرها، أراد أن يتزود بجرعة حنان يعيش على ذكراها في ديار الغربة، سالت الدموع من عينيه وتوقفت الكلمات فوق شفتيه، فمدت وفاء يدها إلى رأسه بكل رفق ورقة، وقالت بدعابة: ألا يكفيك أنك سترجع إلينا طبيبا يا خالد؟
كانت القلوب مليئة بالحب، وكانت العيون مشرقة بالأمل، ظلت وفاء هادئة رزينة مطمئنة، وكان الوداع صامتاً وكان الصمت مريراً. لاحقت النظرات الحانية خالد، نظرات توحي بمعان فيها من الحب ما يعجز القلم عن وصفه، وفيها الأمل الذي ما فارق تلك العيون أبداً، نظرات تحكي قصة عطاء ما توقف أبداً، تحكي قصة أسرة عاشت في يتم طويل فصبرت وكان الصبر جميلاً .
عادت الأسرة إلى مزرعتها الصغيرة، وعاشت وفاء على الأمل، وكان الأمل حلواً، وفجأة شعرت وفاء بالمرض يسري في أعطافها، وكان وقعه شديداً.
ووصل نبأ مرضها إلى ولدها خالد عن طريق أحد أقرانه، جلس خالد على مقعد منزو في فناء الجامعة، واغرورقت عيناه بالدموع، ما عاد يقوى على الوقوف، خارت قواه فحبس صوته، ما عاد عقله قادراً على التفكير، راحت الصور تتزاحم مسرعة على خياله، صورة المزرعة الصغيرة،وصورة البقرة وعجلها، وصورة شجرة اللوز، وصورة نباتات الذرة المتناثرة على جوانب المزرعة، وصورة الأم المريضة وبجانبها عكاز، وسرعان ما كان يستبعد هذه الصورة من ذهنه فقد آلمته كثيرا، كانت الصور باهتة ومهزوزة. راح خالد يحدث نفسه: كم بودي أن أكون بجانبك يا أماه؟ كم أتمنى لو أمنحك شيئاً من قوتي وبعضاً من صحتي؟ كم بودي أن أحملك على كتفي هاتين القويتين، وأنطلق بك إلى حيث الشفاء مهما غلا، وإلى حيث السعادة مهما بعدت، كم بودي لو أرد لك بعض جميلك، كم تعبت لراحتنا.. وكم وقفت في سوق القرية تبيعين الحليب.. وكم قاسيت برداً وثلجاً.. كم من غني تقدم للزواج منك فاعتذرت.. وكم من كريم أرادك زوجة فعففت؟ لقد كنت تعيشين من أجلنا، كانت حياتك كلها عطاء.
شعر خالد أن عليه أن يفعل شيئاً من أجل أمه، فمن لها ـ بعد الله ـ غيره؟ لابد أنها بحاجة إلى علاج، شعر خالد أن كل أحد عرف بمرض أمه، وأحس أن كل العيون تنظر إليه بشفقة وترقب، ترقب ما هو عازم أن يفعله.
خطرت لخالد فكرة فانتفض واقفاً وعادت إليه قوته، فمشى بخطوات ثابتة . لقد صمم على عمل شيء من أجل أمه، شعر بقوة تكفي لتذليل كل الصعاب.
وما هي إلا دقائق حتى وصل خالد إلى بنك الدم القريب من الجامعة، فدخله مسرعاً وبكل هدوء وثقة قال للموظف: ورقة تحويل إلى المختبر.
كان الدم أحمر قانياً، ما دخله حرام ولا خالطته شبهة، استلم خالد المبلغ وأسرع إلى مكتب البريد، وهناك.. فوق طاولة منزوية.. استند وكتب لأمه: أمي الحبيبة لقد علمت بمرضك، وعرفت أنك بحاجة إلى المال للعلاج، فأرسلت ألف فرنك فرنسي، فأرجو أن تقبليها، فهي ثمن دمي، وأسأل الله لك الشفاء، وأعدك يا أمي أنني سأختص طبيب عيون من أجل عيونك .
شعر خالد بارتياح ورضاً، وتصور أمه وهي تستلم المبلغ وقد عادت إليها نضارتها ورقتها وبسمتها. تصورها وقد عولجت وشفيت .
قرأت أسماء الرسالة فما عادت وفاء تستطيع القراءة، فقد أضعف المرض الخبيث بصرها، بكت أسماء وبكت سعاد، ولكن وفاء ظلت صامتة هادئة كعادتها تحمل أحزانها في قلبها، ما عرفت شكوى ولا اعتادت عتاباً، كانت تحتفظ برسائل ولدها تحت وسادتها، فإذا خلت بنفسها أخرجت الرسائل برفق، وراحت تشمها بعمق، فقد كانت تجد رائحة خالد من رسائله، وكانت صورة خالد موضوعة بعناية فوق طاولة صغيرة بجانبها .

استيقظت أسماء ذات صباح، فما سمعت صوت أمها، فأسرعت إلى غرفتها، كان المنظر مؤثراً.. لقد احتضنت وفاء صورة ولدها بين حناياها وأسلمت الــــروح، لــقد ماتـت بــائعة الحـليب .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.49 كيلو بايت... تم توفير 1.92 كيلو بايت...بمعدل (3.53%)]