ألوان الأحجار الكريمة عند العرب - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : أبـو آيـــه - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858923 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393285 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215644 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 18-04-2019, 09:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي ألوان الأحجار الكريمة عند العرب

ألوان الأحجار الكريمة عند العرب
أ. د. عماد عبدالسلام رؤوف




للاهتمام بظاهرة الألوان في الحضارات الإنسانية عامةً جوانبُ متعدِّدة، فهي تتصل - من ناحية - بالجانب الفني؛ إذ تدل على رهافة حسِّ الناس وعلوِّ أذواقهم، وقابليتهم على تمييز الفروق بين الألوان في الطبيعة، وتحديدها تحديدًا دقيقًا، كما أنها تتصل بالجانب العلمي؛ إذ تحاول استحضار تلك الألوان - أو ما يُشابهها - بالوسائل الكيماوية وغيرِها، ومن ناحيةٍ أخرى فإنها غيرُ بعيدة عن الجانب الصناعي أو التقني، حين تُعنى بالاستفادة من تلك المستحضَرات في صبغ وتلوين الأشياء في بيئتهم؛ بما يجعلها أكثرَ جمالًا ورونقًا[1].

ولقد حفلَت المعجمات العربية وكتبُ اللغة بعدد غير قليل من أسماء الألوان التي شاع استخدامها في عهد ازدهار الحضارة العربية الإسلامية؛ للدلالة على ما كانت تحفل به بيئتها من مجلوبات ومصنوعات، ومظاهرَ فائقة، إلَّا أن دقة اللُّغويين تبقى قاصرة عن دقة أهل الصناعة والفن في توصيف أشياءَ عديدةٍ، هي أدخَلُ في نطاق اهتمام الآخرين، وفئاتٍ من أهل المدن خاصةً، عُرِفت بمستواها الاجتماعي والثقافي المتميزِ عهدَ ذاك.

ومن هنا وجَدْنا في دراسة الأحجار الكريمة مصدرًا خصبًا لأسماء الألوان عند العرب؛ فهذه الأحجار - خلافًا لسائر الموادِّ الأخرى مما تحفل به البيئة عادة - تتميز بتعدُّد فائق في ألوانها، وتدرجٍ في درجة إشباع اللون منها، بل في تنوُّع الألوان في الحجر الواحد بحسب طبيعة الشوائب المعدنية فيه، وربما أصاب هذه الألوانَ تغيُّرٌ بحسب نوعِ ما تستقبله من إضاءة؛ طبيعيةٍ أو صناعية، قويةٍ أو ضعيفة.

وقد تنشأ ضروبٌ من الألوان المختلفة من واقع تجاوُر لونين أو أكثرَ في الحجر، أو امتزاجها، أو يُصيبُها التغيير بسبب تعرضها لعوامل مختلفة؛ كازديادٍ في الحرارة، أو في الرطوبة، أو عند حكِّها وجَلْيها؛ فإذا علمنا أن الألوان - بدرجاتها وتفاوتها، وإشراقها وإشباعها وبَريقها - كانت تُتخَذ دليلًا رئيسًا في أغلب الأحوالِ على صنف الحجرِ ونَفاستِه، ومن ثَم ارتفاعِ ثمنه أو خِسَّته، فإن الاشتغال بالأحجار كان يُلزِم أهل هذا الفن - من جمَّاعين وصقَّالين، وعُلماء ومُثمِّنين، وتُجَّار - بإيجاد أسماءٍ دقيقةِ الدلالة على كل واحد من تلك الألوان، وفي كل حالة من حالاته؛ لأن أي خطأ في هذا الأمر يؤدي حتمًا إلى التباسٍ في تصنيف الحجر، وتعيين جودته، ومن ثَمَّ قد يُقدَّر على غير ثمنه الحقيقي.

وقد عُني الجوهريُّون العربُ في العصور الإسلامية بتحديد هذه الألوان، وتوصيفها - عنايةً فائقة، وميَّزوا بينها ببراعة ملحوظة، وأعطَوا لكل لونٍ اسمًا يُستدل به عليه، مهما كانت درجة اختلافه عن الألوان المقاربة ضئيلةً، فأكد ذلك مِن ناحية أخرى قدرتَهم على اشتقاق الاسم، ومُكْنَتَهم من حسن اختيار اللفظ، ودقته في التعبير عن طبيعة اللون نفسِه، وتعيين حدوده.

بل إن كثيرًا من أسماء الأحجار أُخذَت من أسماء ألوانها؛ فهذه الألوان هي صفاتها الظاهرة والمحسوسة، في عصرٍ كان يَفتقِر إلى الوسائل العلمية لدراسةِ تركيبها وصفاتها الأخرى، وقد صرَّح البيرونيُّ - بعد أن ذكَر طائفة من ضروب الحجر المعروف بالخَتُو - بأنَّ أسماءها ما هي إلا "صفات تتعلَّق بالألوان والنقوش"[2].

وبلَغ من دقة الجوهريِّين العربِ في هدا المجال أنَّهم أدرَكوا العلاقة بين ألوان الحجر وخواصِّه الكيماوية، فوضَعوا بذلك أول أسُس التقسيم المعدنيِّ للأحجار، وإن المرء ليَعجَب كيف استطاع التيفاشي - مثلًا - بإمكانياته الضئيلة أن يُقسِّم كل نوع من أنواع الياقوت الأربعة تقسيمًا دقيقًا؛ وفقًا لدرجة لونه ونوعه! فالياقوت الأحمر Ruby له أربعُ درجات لونية، والأصفر (Topza Yetllow Sapphire) له ستٌّ، والأَسْمانجُوني Sapphire له خمس، والأبيض White له اثنتان[3]، رغم أنه لا فرق بين درجةٍ وأخرى إلا بمقدارٍ بالغِ القلَّة، ولا يتأتَّى تمييزه إلَّا بكثرة الملاحظة وطولِ التأمُّل.

كما أنهم أدرَكوا الصِّلة بين ما يَنبعِث من الحجر من ألوانٍ وبين خصائصه الفيزيائية الأخرى، حين لاحَظوا أن الماسَ الجيد "قد يكون فيه ما يُلقي شعاعه على هيئة قوس قُزح على الحيطان"[4]. وفي هذا إشارةٌ مبكرة إلى مُعامِل الانكسار العالي للحجر؛ بحيث إن الألوان التي يشعُّها ليست إلَّا نتيجةً لتحلل الضوء لألوان الطيف السبعة المعروفة، وانعكاسها خارِجَه.

ومثلُ هذا ما لاحَظوه في وجود ظلالٍ مختلفة من اللون نفسِه في كلٍّ من الياقوت الأحمر والأَسْمانْجُوني؛ حيث يَبدُوَان أكثرَ دُكْنَة من سائر أنواع الياقوت الأخرى، وهي إشارةٌ عامة إلى ما يُعرف حاليًّا بخاصية الانكسار المزدوج للأشعَّة الضوئية عند مرورها في البِلَّورات الشفافة للمعادن التي لا تتبلوَر في غير نظامِ المكعب، والتي عرَفها العرب (بخاصية الشعاع)[5]، ولعل هذا ما حَدا بالكِنديِّ إلى القول وهو يتأمل سر ألوان الأحجار: "إنَّها تتراءى فيها الحركات؛ [مما] يدل على أنها ليست فيه ذاتيةً وإنما هي مخايل"[6].

ولم يكن سهلًا إيجاد أسماءٍ لكل هذه الألوان إلا باشتقاقها من أسماءِ كلِّ ما شابهَها من ألوان الكائنات الحية والجامدة، والظواهرِ المختلفة على حد سواء؛ وذلك على النحو الآتي:
أ - ألوانٌ اشتُقَّت أسماؤها من ألوان النبات:
ثمَّة ضروبٌ عديدة من الألوان، اشتُقَّت أسماؤها من زهورٍ وثمار وحشائشَ، أو غيرها من أجزاء النبات، أو نُسبَت اليها؛ كالفُستقيِّ والرَّيحاني، والرُّماني والأرجُواني، والبنفسجي والجُلَّناري، والوردي والرُّطَبي، والتَّمري والمِشمِشي، والأُترُّجي والنارِنجي، والتِّبني والنيلي، والدِّبْسي والخُلوقي.

ب - ألوان اشتُقَّت أسماؤها من أسماء الحيوان ومنتجاته، أو نُسبت إليها:
ومن هذه الألوان: اللحمي والعاجي، والذبابي والعَسَلي، والطاووسي واللبَني والدَّمَوي.

جـ - ألوان اشتقت أسماؤها من أسماء المواد غير العضوية:
ومنها الألوان: الذهبي والرَّصاصي، والرَّمادي واللازَوَرْدي، والفِضِّي والحديدي.

د - ألوان اشتقت أسماؤها من مظاهر شتَّى:
ومنها الألوان: الأكْهَب والظَّلْماني والسَّماوي، وغير ذلك.

ومن الناحية النظريَّة البحتة؛ صنَّف العربُ هذه الألوان - على تنوُّعها - إلى أربعة ألوان رئيسة، هي: الأحمر، والأصفر، والأزرق، والأخضر، (هذا مع أن الأخير ليس لونًا أصيلًا؛ إذ يمكن استخراجُه مِن مَزجِ الأزرق بالأصفر)، إضافةً إلى الأسود والأبيض، وهما ليسا لونَين بالمعنى المفهوم؛ فإن الأسود هو تَراكُم أيِّ لون، بينما لا يُعدُّ الأبيض إلَّا انعدامَ اللونِ نفسِه، وباستثناء الأخيرين فإنَّ الألوان الأربعةَ تشير إلى نظرية العناصر الأربعة: النار، والهواء، والماء، والتراب، وهي نظرية قديمة تُنسَب إلى الإغريق في القرن الخامس قبل الميلاد، ووجَدَت انتشارًا واسعًا في العصور الإٍسلامية[7].

ولقد عُرفت هذه الألوان (بألوان الأركان)[8]، وبموجب نظرية الأخلاط، المؤسَّسةِ على نظرية العناصر الأربعة؛ فقد أصبح لكلِّ خَلْطٍ لونٌ، فقالوا: إنها موافقةٌ لألوان الأركان.

ومع تصوُّرهم بأن لكل كوكبٍ لونًا مميزًا به، وأنه ثمةَ سبعة ألوان على عدد الكواكب السبعة السيَّارة، إلَّا أن هذه الألوان - عند تدقيقها - لا تَزيد على الأربعة نفسها، إضافة إلى الأسود والأبيض، فزُحَل له السواد الحالك، وما مازج لونَه صُفرةٌ، واللون الرَّصاصي والظلام والكُدْرة، والمشتري له الغُبرة والبياض المشوبُ بصُفرة أو سُمرة، والضياء والبريق، والمرِّيخ له الحُمرة المظلِمة، والشمس لها الضياء والخُضرة، والزُّهرة لها البياض، وقيل: لها الخضرة، وعُطارد له ما تركَّب من لونين، وأما القمر فله الزُّرقة والبياض الذي لم يَخلُص من حُمرةٍ أو صُفرة أو كُدرة أو كُمودة[9]؛ فهذه الألوان جميعًا لا تزيد على أن تكون ألوانَ الأركانِ الأربعةِ نفْسَها.

وبموجب القاعدة المذكورة؛ يمكن تصنيف هذه الألوان إلى ما يأتي:
أولًا - الأحمر:
تتألف مجموعتُه من نحو ثمانيةَ عشر لونًا مستقلًّا، تختلف عن بعضها باختلافات جزئيَّة، وقد فاز الياقوت الأحمر والعَقيق بأكثرِ هذه الأسماء؛ بسبب غَلَبة الحُمرة عليها، وهي:
1 - الرُّماني:
لون يُرى في أنفَسِ أنواع الياقوت، وقد ذهب بعض الجوهريين إلى القول بأنه أعلى درجات الأحمر، بينما عدَّ آخَرون البَهْرَمانيَّ - وسيَأتي - أعلاها[10].

ووصَفوا الرماني بأنه بلون "حبَّة الرمَّان الأحمر الشفاف، الليِّن الطري، الخَلي عن الميل إلى الكُمودة أو السواد، أو الصُّفرةِ أو الشُّقرة)[11]، وأنه "شبيهٌ بحَبِّ الرمان الغض"[12].

2 - البَهْرَماني:
وهو قريبٌ من الرماني في الدرجة، حتى قيل في الرماني والبهرماني: إنهما صفتان لموصوف واحد، إلا أن الأول برَسْم أهل العراق، والآخر برسم أهل الجبل وخراسان[13].

وكان الكِنْدي قد ذهب إلى هذا الرأي حين عدَّ البَهْرَماني أعلى ألوان الأحمر، ولم يذكر الرماني أصلًا، بل ذكر أن من صفة البهرماني أنه رماني اللون[14]، وذهبت جمهرةٌ من المؤلفين إلى أن البهرماني هو اسمٌ للعُصْفُر[15]، والأخير نباتٌ سُلافته الجِريال، يُصبغ به الملابس عادة، وقيل: إنه ثمرُ شجرة تدعى الخريع، وله أسماءٌ عدة، وهو المسمى باللاتينية: Corthamus [16]،tinctorius إلا أن الخليل بن أحمد يَذكر أن البَهْرَمان ضربٌ منه[17].

ومن هنا ميَّز الجوهريون بين ما هو عُصْفُري وما هو بَهْرَماني؛ فقال البيروني: فإن كان كما قال فهو أجودُ ضروبه، حتى يوصف الياقوتُ به.

وعلى الرغم من صعوبة التمييز بين اللونين، فإن الكنديَّ يشير إلى لون ثالث يتوسطهما؛ هو البهرمان العُصْفُري؛ مما دل على دقةٍ بالغةٍ في التمييز بين الألوان المتقاربة، المشتقةِ من اللون الواحد.

ويلاحَظ أن الجوهريين لا يُشيرون - في حديثهم عن ألوان الحجارة الكريمة - إلى اللون القِرْمِزي (نسبةً إلى حيوان القِرْمِز)، على الرغم من أن هذا اللون كان شائعَ الاستعمال تمامًا، وربما يرجع السبب إلى أنَّ من خصائصه أنه لم يكن يَصبغ إلَّا ما كان من حيوانٍ كالحرير والصوف[18]، ومن الراجح أنه كان يقابل عندهم اللونَ الرُّماني والبَهْرَماني؛ يدل على ذلك قولُ البيروني: إنه قيل في اعتبار لون رُمَّانِيه بالمثال أن يُقطَّر على صفيحة فِضَّة خالصة مَجلُوَّةٍ دم قِرمِزي، فيحصل عليها لونُ الياقوت الرماني[19]، وعلى هذا يكون اللونان الرماني والبهرماني - عند الجوهريين مُقابِلَين لما يُعرف بالإنكليزية Crimson، المأخوذةِ من (قِرمِزي) العربية.

3 - الأرْجُواني:
يُنسب هذا اللون إلى الأرْجُوان - معرَّب (أرغوان) الفارسية - وهو نبات أحمر اللون تَضرِب حُمرته إلى الخَمْرية، وذكَر ابن دُريد أنه أشدُّ الحُمرة، ويقال له: القرمز، وأنه لما بُولِغَ في نعت حُمرة الثوب قيل: ثوبٌ أرجواني، وثوب بهرماني، فهذه الأسماء مترادفة عند اللغويين، لكنها مختلفة عند الجوهريين الذين دقَّقوا في صفاتها، ولاحَظوا الفروق الضئيلة بين مسمَّياتها، فعدَّ البيرونيُّ الأرجوانيَّ الشديد الحمرة، فإن كان دونَه فهو بهرماني[20]، بينما عدَّ ابنُ الأكفاني الأمرَ بخلاف ذلك[21].

4 - الجَّمري:
لونٌ أَطلَق الجوهريون اسمه على ضروبٍ من الحجارة الكريمة، وقد سُمي بذلك تشبيهًا له بالجمر المُتَّقد[22]، وهو قريبٌ من اللون الأرجواني؛ لقول ابن الأكفاني: "ومنهم من يسمي الأرجواني الجَّمري"[23]، وكان القديس أبيفانيوس قد نوَّه بحجر سماه (الحجر الذي على لون الجَمر)[24]، ورجح البيروني أن يكون اسمُ هذا اللون قد تصحَّف في كتاب الكندي في الأحجار الكريمة إلى (الخَيري) بالخاء المعجمة تليها ياءٌ مثنَّاة، وكان الكندي قد عدَّ الخيري فوق الوردي؛ "لفضلِ حُمرته على الوردي، وزيادة الفِرفيرية (صبغة نبات النِّيلة الأزرق) فيه، وهي كالبنفسجية تَأخذ من الوردية إلى أن تبلغ مُشابِهَ وردة الخيري"[25].

وهذه الوردة معروفةٌ تمامًا، وهي مختلفة اللونِ بين أبيضَ وفرفيري وأصفر[26]، واسمها باللاتينية Cheiranthus [27]، cheiri فلا وجه للقول بحدوث التصحيف.

ويَذكر ابن الأكفاني أنَّ بعضهم صحَّف الجمري إلى (الخمري)، وقال: "وكأن الخمري هو البنفسجي"[28]، ومثل هذا التصحيف غيرُ مستبعَد؛ للتشابه الشديد بين الاسمين.

5 - البنفسجي:
لون يُرى في بعض ضروب الياقوت غالبًا، وحدده البيروني بأنه يتوسط بين الأُرجُواني واللحمي - سيأتي - فقال: إن مِن الجوهريين مَن توسط بين الأُرجُواني واللحمي لونًا بنفسجيًّا، ولكنه استُدرك بأنَّ أكثرهم بين ذلك الأرجواني وبين ذلك البنفسجي[29]؛ مما دل على دقَّة الفرق بين هذه الألوان، واحتياجه إلى مزيدٍ من الخبرة ورهافة الحس.

ووصَفه جوهريُّون متأخرون بأنه "تَشوبُه كُهْبَة تُخرجه عن خالص الحُمرة"، والكُهْبَة هنا الزُّرقة، وعَدُّوه دون اللحمي حُمرةً[30]، بل ذهب ابن الشماع الحلبيُّ إلى القول بأن البنفسجي هو الأكْهَب[31]، وبذلك أخرجَه من نطاق الحمرة أصلًا، ولعل في ذلك مبالغةً؛ لأننا وجدناه في مواضعَ أخرى يعدُّ الأكهب أزرق مطلقًا؛ كما في سائر كتب الجوهريين. وعلى أية حال فإنهم أخَذوا اسم هذا اللون من زهرة البنفسج Viola، ويقابل بالإنكليزية والفرنسية Violet.

6 - الجُلَّناري:
منسوبٌ إلى زهرة الرمان المسمَّاة (جُلَّنار)، وهو لون أكثر ما يُرى في الياقوت، وذكر البيروني أنه يتوسط اللحمي والوردي[32]، ولاحظ التيفاشي أنه أشدُّ صفرة من الخلُوقي - سيأتي - ولذا جعله أدنى درجةً في الحمرة من هذا اللون، واتفق ابن الأكفاني وابن الشماع على أنه "تشوبه بعضُ صُفرةٍ"[33]، ويقابله بالفرنسية Balauste.

7 - الوردي:
عده الجوهريون العربُ أدنى درجات الأحمر[34]، وسماه نصرٌ الجوهريُّ "الوردي المُشَمَّع الذي على لون الورد الأحمر الصافي المضيء"[35]، ومن المحتمل إذًا أن يكون الأكفاني وابن الشماع يَذكران أنه "يشوبه بياضٌ وهو أنزلُ طبقات الأحمر"[36]، وهذا المعنى ما نقَله البيهقي[37].

8 - الخلُوقي:
قال نصرٌ الجوهري: إن الخلُوقي أشبعُ لونًا من الأصفر، ويأتي دون الجلناري[38]، وعده التيفاشي من ضروب الأصفر، وقال: إنه "أشبعُ صفرةً من الرقيق"، والرقيق هو قليلُ الصفرة[39]، والخلُوق طِيبٌ يتخذ من الزَّعفَران، وتَغلِب عليه الحمرةُ والصفرة؛ فهو في النهاية القصوى للأحمر، وهو مرتبة بين الأحمر والأصفر[40]، ويقابله باللاتينية Crocus، وبالفرنسية Safran، المأخوذة أصلًا من (زَعفران) العربية، الذي هو أصل (الخلُوق) ومادته[41].

9 - التَّمري:
لون يُرى في العقيق خاصة، ذكَره ابن الشماع الحلبي، ولم يوضح حدوده[42].

10 - الرُّطَبي:
ذكر البيروني أنه لون يُرى في العقيق[43]، ولم يحدد درجته بين ضروب الأحمر، وصرَّح المغربي بأنه يقع بين العُصفري واللحمي[44]؛ أي: إنه يتراوح بين الأحمر القاني والأحمر الباهت، وليس ثمة تحديدٌ له غير هذا، بيد أن البيهقي يَذكر أن من الياقوت نوعًا "أحمر قوي الحمرة يسمى الرُّطَبي"[45].

11 - الدِّبْسي:
لون منسوب إلى دِبس التمر، ونستطيع أن نتصوره داكنًا بلونِ ما نُسب إليه، وقد ذكره المغربي عند وصفه لبعض ألوان العقيق[46].

12 - الدَّمَوي:
انفرد بالإشارة إلى هذا اللونِ المغربيُّ[47]، ويظهر من اسمه أنه مشابهٌ للونِ الدم، وإليه نُسب، وفي هذه الحالة يكون قريبًا من اللون الرمَّاني، الذي ذكَر البيروني أنه بلون الدم المعتدلِ المحمودِ في العروق[48].

13 - الكَبِدي:
نوَّه بهذا اللون ابنُ الشماع، وعدَّه مما يُرى من ألوان العقيق[49]، ومن الواضح أنه أشدُّ دُكنة من الدموي.

14 - الزنجفري:
لون يرى في بعض أنواع المَرجان[50]، ينسب إلى (الزنجفر)، وهو معدن قيل: إنه يوجد في معادن الذهب والنُّحاس، وأكثره مصنوع بتصعيد الزِّئبق مع الكبريت؛ قال داود الأنطاكي: "وأجوَدُه الأحمر الرزين الرماني"[51]، وهو بالإنكليزية Cinnabar، وبالفرنسية Cinabre.

15 - الفِرفِيري:
لون يرى في بعض أنواع المَرجان أيضًا؛ ذكره البيروني بما يفهم منه أنه البنفسجي، أو شيء يشبهه[52]، وقال ابن الشماع: إن الفِرفيري نسبةٌ إلى زهر الفِرفير، وهو شديد الحمرة[53]، وقال ابن البيطار: إن الفرفير هي البَقْلَة الحمقاء، وصمغ أحمر يسمى باليونانية: الديقون (أنديقون)؛ بمعنى: الهندي[54]، والأخير يوافق وصف ابن الشماع من الحمرة، ويَذكر محقِّقَا (أزهار الأفكار) أن الفرفيرية Purple of Tyre صِبغة صُنعت لأول مرة في جزيرة كريت، وهي عبارة عن مشتقٍّ للإنديجو Indigo (نبات النيلة الأزرق)[55].

16 - العُنَّابي:
لون يرى في حجر الخُتُوِّ، ذكره البيروني، ولم يحدده[56]، منسوب إلى ثمر شجرة العُنَّاب Zizyphus jujuba.

17 - الفُلفُلي:
لون يرى في حجر الخُتُو، ذكره البيروني، ولم يحدده[57].

18 - السُّماقي:
لون يرى في بعض ضروب الياقوت، ذكر البيهقي أنه يَلي اللحميَّ لونٌ يُرى في بعض ضروب الياقوت، وذكر أن" لونه إلى حمرة الدم "[58]، وهو Rhus coriaria.



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 119.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 117.41 كيلو بايت... تم توفير 1.70 كيلو بايت...بمعدل (1.43%)]