منهج {وأعدوا} - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 33 - عددالزوار : 714 )           »          الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 57 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 55 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 24 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 344 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 734 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام

الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-04-2019, 06:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,553
الدولة : Egypt
افتراضي منهج {وأعدوا}

منهج {وأعدوا} (1/ 2)



عمار سليمان














إنَّ النَّاظر إلى واقع أمَّتنا يكاد ينفطِر قلبُه ممَّا وصلت إليه حال أمَّتنا اليوم؛ إذ إنَّها ذلَّت بعد عزَّة، وجهلت بعد علم، واجتمعتْ عليْها الأمم، فاستباحت أعْراضَها، ومزَّقت أشلاءَها، وأثارتِ النَّعرات بين أطْرافِها؛ لتترُكَها في مستنقع الجهْل، وتغرق في وحل اليأس والذل.

ومع كلِّ هذا الألم إذ إنَّه من القصور عرض المشكِلة فقط، بل لا بدَّ من طرْح الحلول والاستيقاظ من مرحلة النَّوم والخمول؛ ولكي تعود الأمة إلى أمْجادها لا بدَّ لها من العوْدة إلى القرآن، والسَّير على خطى الرَّحمن، واتِّباع سيرة وهدي النبي العدْنان، عليه أفضل الصَّلاة والسَّلام.

نبدأ بعون الله:
قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} [الأنفال:60].

الإعداد، هذه الكلمة التي لو تدبَّرناها لعلِمنا ما لَها من أهمِّية في حياة المسلِم كفرد، وما لها من أهمِّية على المسلمين كمجتمع؛ إذ إنَّ كلمة الإعداد كلمة عامَّة جامعة لجميع أصناف الإعداد، وهذا المجمل، وإليْك التَّفصيلَ:

نبدأ بتفسير العلامة السَّعدي، ومنه ننطلِق لنحلِّق في بحر هذه الكلِمة؛ لما لها من الأهمِّيَّة بمكان لحلِّ ما نحن فيه من ضعف وهوان، يقول - رحمه الله - في تفسير الآية: {مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}؛ أي: كل ما تقدِرون عليه، من القوَّة العقليَّة والبدنيَّة، وأنواع الأسلحة ونحو ذلك، ممَّا يعين على قتالهم، فدخل في ذلك أنواع الصِّناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات، من المدافع، والرشَّاشات، والبنادق، والطيَّارات الجويَّة، والمراكب البريَّة والبحريَّة، والقلاع، والخنادق، وآلات الدفاع، والرَّأي والسياسة التي بها يتقدَّم المسلمون ويندفع عنهم به شرُّ أعدائهم، وتعلُّم الرَّمْي، والشَّجاعة والتدبير.

{وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}: وهذه العلَّة موجودة فيها في ذلك الزَّمان، وهي إرْهاب الأعداء، والحكم يدور مع علَّته، فإذا كان شيءٌ موْجودًا أكثر إرهابًا منها، كالسَّيَّارات البريَّة والهوائيَّة، المعدَّة للقتال التي تكون النكاية فيها أشدَّ، كانت مأمورًا بالاستعداد بها، والسعي لتحصيلها، حتَّى إنَّها إذا لم توجد إلاَّ بتعلم الصناعة، وجب ذلك؛ لأنَّ ما لا يتم الواجب إلاَّ به، فهو واجب.

بعد هذا التفسير الماتع نذكُر ونفصِّل أنواع الإعداد ترتيبًا؛ لنربط كلَّ إعداد بالذي يليه.
- الإعداد العلمي.
- الإعداد الاعتقادي.
- الإعداد الإعلامي.
- الإعداد الاقتصادي.
- الإعداد النفسي.
- الإعداد السياسي.
- الإعداد العسكري.

الإعداد العلمي:
نبدأ بالإعداد العلمي: وهنا لا بدَّ من ذكر: لماذا ذكرت الإعداد العلمي قبل الاعتقادي؟
والجواب بكل بساطة: لأنه لا اعتقاد من دون علم، والدَّليل كما بوَّب البُخاريُّ: باب العلم قبل العمل، ما أرْوع هذا التأصيل! ولو لَم أذْكر غيرَه لكفى؛ ولهذا نبدأ بالتَّفصيل في هذه النقطة.

إن الأمَّة لن تضع لها قدمًا في ظل النِّظام العالمي الحديث إلا بالعلم والجهد والصَّبر على الطلب، وأنا أقولها وللأسف: نَحتاج إلى أطبَّاء ملتزمين، وكيميائيين متديِّنين، وعلماء مخلصين في شتَّى الميادين؛ ليكون الإعداد بكل ما تحمله كلمة الإعداد من معنى، ولنعطِ مثلاً للتقريب:

إذا الأمَّة هبَّت للإعداد العسكري، فلا بد لها من العلم في الأسلحة وخبراء سلاح؛ إذ إن الإعداد العلمي أصبح شريكًا للإعداد العسكري؛ لذلك واجب على كل مسلم أن يعد، كل في مجاله، وأن نضع على عاتقِنا تربية أولادِنا على هذا المفهوم؛ المعنى: أن أربي ابني ليصبح طبيبًا متديِّنًا وآخَر ليُفيد الأمَّة في المجال الزِّراعي؛ إذ إنه لا نستطيع الإعداد ونَحن لا نأْكُل إلا مِن أيدي الآخرين، وهكذا كما قال الشاعر:
العِلْمُ يَبْنِي بُيُوتًا لا عِمَادَ لَهَا وَالجَهْلُ يَهْدِمُ بَيْتَ العِزِّ وَالكَرَمِ

الإعداد الاعتقادي:
ننتقل إلى الإعداد الاعتقادي، وهنا لنذهب إلى إسرائيل، عندما صرَّح رئيس الوزراء السَّابق الحالي نتنياهو وقال: "وأخيرًا صوَّت الإسرائيليُّون للتوراة"، ولن ننسى ما صرَّح به بوش وأعاد إلى الأذهان مصطلح (هي حرب صليبيَّة).

يا مسلمون، أفيقوا هي حرب عقديَّة بحتة، وليست إيران عنَّا ببعيد، بعقيدة الإماميَّة الفاسدة، وعندما ذكر الشَّيخ أبو منتصر البلوشي على قناة المستقلَّة في (برنامج الحوار الصَّريح حول دعْوة الإمام المجدِّد محمَّد بن عبدالوهاب): أنَّه في مدينة قُم الإيرانيَّة يشتغلون على ثلاث شفتات لنشْر التشيُّع في كل العالم، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله!

ما واجِبنا؟
يجب أن نعدَّ أبناءَنا على الاعتقاد السَّليم لأهل السنَّة والجماعة، نربِّيهم على عقيدة التَّوحيد، وعلى عقيدة الولاء والبراء، وأن نجيِّش كلَّ طاقتنا لنعيد النَّاس إلى العقيدة السَّليمة، ولنعيد زمن البطولات زمن التَّضحيات، وكلّنا يعرف قصَّة سيدنا بلال وهو يردِّد: أحَد أحد، انظر إلى الاعتقاد الرَّاسخ الذي يفتِّت الجبال الشَّامخة؛ ولِهذا إخواني وجب عليْنا أن نُحْيي عقيدة التَّوحيد في قلوبِنا، ونبذل الغاليَ والنَّفيس لنشْرِها بالمال والنَّفس والوقت والجهد، بكل ما آتاني الرَّحمن من قُوى لنشْر هذا النور الَّذي - والله - سنُسْأل عنه يوم القيامة.

وأخيرًا وليس آخرًا، أدعو الله أن يَجعلَنا من جنود التَّوحيد، اللهم آمين.

الإعداد الإعلامي:
من أخطر الإعدادات الَّتي غفَل عنْها المسلِمون - للأسف - ولكن الحمد لله، هناك صحوة إعلاميَّة في هذا المجال، واستوْقفني خبرٌ قبل مدَّة أنَّ إسرائيل تَخاف من قناة المجْد وقناة النَّاس (جريدة المدينة)، هل وعَيْنا مدى خطر الإعلام؟ إذ إنَّ الصِّهيونيَّة تسيْطِر على إعلام العالم، وهنا لا بدَّ لنا أن نزيد الوعي بهذا الخطر، ونطوِّر البديل الإسلامي تحت مظلَّة الشَّريعة الربَّانيَّة، آه لو أنَّا نستغلّ السِّينما إسلاميًّا! ونربي أبناءنا على بطولات صلاح الدين وعدْل عمر بن عبدالعزيز ونشيد للأطفال أفلامًا كرتونية هادفة، تربي أطفالنا على الفضيلة لا على الرَّذيلة، وبهذا نزرع البذور لننتظر أن تثمر، ونَحن عليْنا الأسباب وعلى الرَّحمن النتائج.

يتبع.....





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-04-2019, 06:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,553
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهج {وأعدوا}

منهج {وأعدوا} (2/ 2)



عمار سليمان
أبدأ بحمد الله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن سار على درْبه إلى يوم الدين.
نكمل بعون الله ومددِه، ونستعين به وحده لا شريك له في "منهج وأعدوا (2/2)" لنحلّق في سماء الهمَّة، ولنحسن إعْداد العدَّة؛ ليمكّن لنا ربُّ العزَّة من جديد، ونعيد ماضيَنا التليد، ونسبح في بحور المجد الأكيد، بتأييد من العزيز المجيد؛ إذ هو - جلَّ في علاه - القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].
الإعداد الاقتصادي:
ممَّا لا يخفى على كلّ ذي لبٍّ أنَّ الضَّربات المتتالية على رأس الصَّنم الرَّأسمالي أفقدته وَعْيَه وشلَّت حركته، وهيَّأَت الطَّريق لمن بعده؛ الَّذي هو الاقتصاد الإسلامي الربَّاني - إن شاء الله.

فأقول: إن الإعداد الاقتِصادي من أهم الإعدادات، ومن منطلق قاعدة: "ما لا يتمّ الواجب إلاَّ به فهو واجب"، وبِما أنَّ هذا الإعداد له ارتِباط مباشر مع الإعدادات الأخرى وما لها من أثَر مباشر على قراراتِها، فوجب على الأمة العناية به من عدَّة جوانب، وهي:
• إعداد علماء متخصِّصين في الجانب الاقتِصادي لرسم النظام الاسلامي ومراجعته؛ لتتمَّ الفائدة المرجوَّة بأن يسود هذا النِّظام العالم في المستقبل، وما ذلك على الله بعزيز.
• إنتاج تخصُّصات جامعيَّة تَجمع بين العلم الشرعي - وخاصَّة في مسألة التَّأصيل ومسألة فقه المعاملات - والجوانب الاقتِصاديَّة، من تسويقٍ وإدارة وغيرها؛ لتتناسب هذه العلوم مع مقصد الشَّرع.
• دعْم الشَّركات الَّتي تتَّخذ النهج الإسلامي أساسًا لعملِها، كالبنوك الإسلاميَّة وغيرها من المؤسَّسات، وحثّ المجتمع على التَّعامُل معها من خلال الدّعاية والتَّرويج لها في إطار إسلامي إبداعي وضمْن الضَّوابط الشَّرعيَّة.
• الرَّبط بين الاقتِصاد والارتقاء؛ أي: دفْع عجلة الاقتِصاد نحو المشاريع الإسلامية الإبداعيَّة حيث تحصل هنا توءمة، بِحيث نضع اقتصادَنا في مشاريعَ مدْروسة ومُخطَّط لها بإتقان تدرّ عليْنا الأرباح، فنوزّعها بين مشاريع جديدة وتطْوير المشاريع الحاليَّة لتستمرَّ العجلة، ونُخصِّص جزءًا من هذه الأرْباح لمساعدة طلبة العلم[1]، ودعْمهم في إبْداعهم وتكريمهم والاهتِمام بهم؛ لأنَّهم هم عصب الاقتصاد وشريانه.

وأخيرًا وليس آخرًا:
الاهتمام التَّسويقي للشركات الإسلامية؛ لتكون متميِّزة في خدمة عملائِها ملبِّية لحاجتهم ورغباتِهم وتتطوَّر أعمَالها باستمرار، وتدرس التوجّهات الاستهلاكيَّة لعملائها وتتواصل معهم؛ حتَّى تستطيع وضْع بصْمة لها في عالم المنافسة الشَّرِس الَّذي نعيشه.
الإعداد النفسي:
أقول - وبالله أستعين -: إنَّ الأمَّة قد مُنِيتْ بِهزيمة نفسيَّة طالت جَميع شرائحها: الجاهِل والمتعلّم، والصَّغير والكبير، فترى الجاهل يأخُذ بأخلاق الغرْب الفاسدة ويتَّخذها منهجًا لحياته، وأمَّا المتعلّم فيستقي من كأْس العلمانيَّة النَّتن، أو ينهش من جيفة الشيوعيَّة المندثرة، فيكون حربًا على بني جلدتِه.

وبعد أن لخَّصنا الدَّاء نشرع في وصْف الدَّواء، وأسأل الله التوفيق والسداد.
العلاج:
ألخِّص العلاج لمرحلة الإعداد النفسي في ثلاث نقاط:

إعداد المربِّين: يَجب على الأمَّة أن تنتِج المتخصِّصين والمربّين الملتزِمين في الدّين الإسلامي، عقيدة ومنهج علم وعمل؛ لتشخص لنا الدَّاء أكثر، وتشرع في بناء برامج متخصّصة لمساعدة شباب الأمَّة وأطفالها وشيوخها على تَجاوز مرحلة الشعور باليأس، والحثّ على التفاؤل والاستفادة من كتاب الله وسنَّة رسوله؛ للخروج من هذه النفسيَّات المنهزمة؛ لهذا وجب إعداد كادر ترْبوي متديِّن وملتزم بالكتاب والسنَّة.
أمَّا النقطة الثَّانية والثَّالثة، لنتَّجه إلى العلاج الربَّاني للصالحين في سورة العصر، ومنها نستسقي العِلاج:
{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 3].

العمل:
والناظر لحال الإنسان في هذه الآية يتيقَّن أنَّه لا عزَّة إلاَّ في العمل والصَّبر.

ونبدأ بالعمل؛ إذ عليْنا بعد إعداد المربِّين الملتزمين أن نوجِّههم نحو تربية الجيل ونصْح الشَّباب، فننمِّي المهارات ونعقد الندوات والمحاضرات، ونضع مخطَّطًا لجيل إسلامي فريد، منهجُه القرآن والسنَّة، ويكون على ثقةٍ عالية بنصْر الله، ونعمل ولا نستعجِل النَّتائج، فنحن أسباب وعلى الله فتح الأبواب، للنَّهل من ثمار ما زرعْنا.
فشمِّروا يا شبابَ الصَّحوة ودعاتها، فالمَجْد يَحتاج لعمل، والعمل يَحتاج لصبر، ولننتقِل إلى النّقطة الثالثة.
الصَّبر:
إنَّ الأمَّة لن تُعيد أمجادَها بالصراخ والعويل، بل لا بدَّ لنا من الصَّبر على أنفُسنا أوَّلاً، ثُمَّ الصَّبر على غيرنا، والتَّناصح والتَّسامح بين جيل صحْوة شبابِنا وشيوخنا وعوامّنا وعلمائِنا؛ لنتخطَّى سويًّا مرحلة اليأْس والقنوط لمرحلة الاستِعداد والمواجهة؛ فإنَّه من ضحالة التَّفكير اعتِقاد أنَّ الحرب على الإسلام هي حرْب عسكرية فقط؛ بل هِي مواجهة على جَميع الأصْعِدة، من فكْرٍ وثقافة واقتِصاد وعلم، وغيره من الجبهات الَّتي يَجب على الأمَّة أن تجهِّز لهذه المواجهة، ولا يتحقَّق ذلك إلاَّ في الصبر.

الإعداد السياسي:
لا يسعُني هنا إلا التَّباكي على ما وصلتْ إليه الأمَّة من هذه الحالة المزْرية في الوضْع السياسي، فلا تعجب أخي في يومٍ أتى فيه البطَل المغْوار السيّد أوباما؛ ليقدِّم نصْحَه للأمَّة ويُعيدَها إلى أمجادِها، والأدهى من ذلك أن نرى بعض أبناء جلْدتنا يصفِّقون له وهو ما زالتْ يده ملطَّخة بدماء شهداء العراق وباكستان وأفغانستان، ومن دعمِه إلى الاحتِلال الصهْيوني، فأيُّ ناصح هذا؟! وهل يكون العدو يومًا ناصحًا؟!

أعلمت أخي لمَ التَّباكي؟ ولكن لا يكفي ذرْف الدُّموع لعلاج المشكلات، فما بالك بالنَّوازل؟ وما تحتاج له من علم وعقل، ومع ما أجِد من تقصيري وقلَّة علمي، فأستعين بالله الواحد القهَّار وأقول: بدايةً، لا بدَّ أن يكون منطلق الأمَّة الإسلاميَّة عند الخوْض في نتن السياسة - وخاصَّة الدوليَّةَ منها لما فيها من أمور تُنافي الشَّرع والإسلام - أن يكون أساسُها إسلاميًّا، فمن هُنا وجَب عليْنا كلمة الحقّ لنطالبَ كشعوب إسلاميَّة لتعاد الشَّريعة الإسلاميَّة لتحكمنا، ولا نترضَّى عن القوانين الوضعيَّة التي فاح نتنُها وبان عور منهجِها، فما زادتِ الأمَّة إلا ذلةَّ وقهرًا، وليقُل قائل: ما دخْل الشَّريعة في السياسة؟ فأقول: كيف نصلح حالَنا مع غيرِنا قبل أن نصلح حالَنا مع أنفُسِنا؟ فإنْ كان منطلَقنا من القوانين الوضعيَّة فالسياسة عليْها السَّلام؛ لأنَّها ليست سياسة شرعيَّة؛ بل منطلقها لا يمدّ إلاَّ ذلاًّ وظلمًا.
وإذا نَجحْنا في النقطة الأُولى فالباقي يسير، فما عليْنا إلاَّ أن نهيّج الطَّاقات ونعلي الهِمَم لنبين ميزات السياسة الشرعيَّة وفائِدتَها للفرد والمجتمع، ولكن هل يتحقَّق هذا الحلْم بتطْبيق شريعة الرَّحْمن وجعْلها المنطلق للسِّياسة الخارجيَّة للدول الإسلاميَّة، وما لي إلاَّ أن أدعو الله بذلك؟!
الإعداد العسكري:
نعود إلى تفسير العلاَّمة السَّعدي لنرى: ما هو واجبنا في هذا الإعداد؟

يقول - رحمه الله -: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60]: وهذه العلَّة موجودة فيها في ذلك الزَّمان، وهي إرْهاب الأعداء، والحكْم يدور مع علَّته، فإذا كان شيءٌ موْجودًا أكثر إرهابًا منها، كالسَّيَّارات البريَّة والهوائيَّة المعدَّة للقتال التي تكون النكاية فيها أشدَّ - كان مأمورًا بالاستِعداد بها، والسَّعْي لتحْصيلِها، حتَّى إنَّها إذا لم توجد إلاَّ بتعلُّم الصناعة، وجب ذلك؛ لأنَّ ما لا يتمّ الواجب إلاَّ به، فهو واجب.
فأقول: والله، إنَّ كلامَه - رحمه الله - جواهر، فللَّه درُّه حيث ربط - رحمه الله - بين الإعْداد العسكري والظَّرف الزَّماني، وجعل الحكم مستسْقًى من العلَّة، فإذا أردْنا إرْهاب عدوِّنا فعليْنا بكلِّ ما نستطيعه من أنْواع السِّلاح والعتاد؛ لتكون النكاية والضَّربة أشدَّ لأعداء الإسلام، وهُنا أصَّل - رحمه الله - مسألة في غاية الأهميَّة ألا وهي: حتَّى لو أنَّ تصنيع هذه الأسلحة لا يتمّ إلاَّ بتعلُّم الصناعة وجب تعلُّمها.
أين نحن من فقْه هذا الجبل الأشم؟! رحِمك الله أبانا عبدالرحمن السعدي، كتبتَ فوفِّقت وسددت، وأدعو الله أن توفَّق الأمَّة لعلمِكم وهدْيِكم الَّذي منبعه من قرآن يهْدي وسنَّة تُصلح وتشفي.
هذا وإن كان من خيرٍ فمِن الله وحْده، وما كان من خطأٍ فمنّي ومن الشَّيطان، والحمد لله ربّ العالمين.



ـــــــــــــــــــــ
[1] أقصد بطلبة العلم هنا بشكل خاصّ المجيَّشين لدراسة الاقتصاد الإسلامي وإرساء الحلول والبرامج التي ترقى به.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.50 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (3.40%)]