قراءة القرآن فى رمضان ___متجدد - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         هل سيشفع لك الصيام والقرآن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          غزة رمز للعزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 475 )           »          حقوق العباد لا تسقط بالتقادم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4376 - عددالزوار : 826499 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3907 - عددالزوار : 374394 )           »          سحور 9 رمضان.. حواوشي البيض بالخضار لكسر الروتين والتجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 287 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 364 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 486 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 27-05-2019, 12:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,348
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قراءة القرآن فى رمضان ___متجدد





شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
قَوَاعِدُ في تَدبُّر القُرْآنِ الكَرِيم وضَوَابطُ الفَهم
- العكوف على القرآن العظيم، والانقطاع إليه للنظر والتأمُّل والتفكر والتدبر

الشيخ.محمد الحمود النجدي
(21)


قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ}(الشورى: 52)، فالقرآن العظيم هو الروح والرحمة لهذه الأمة الإسلامية، وهو المنَّة الكبرى، التي امتن بها على عباده، والنعمة العظمى في الدنيا، المتصلة بخير الآخرة، لا تفنى عجائبُه، ولا تعد معانِيهِ وفوائدُه لا تحصى، فهو كلامُ اللهِ اللطيف الخبيرِ، العليم الحكيم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيم حميد.


القاعدة الخامسة

العكوف على القرآن العظيم، والانقطاع إليه، للنظر والتأمُّل، والتفكر والتدبر: فالعكوف على القرآن، والتفكر في آياته، وتدبر معانيه، والقيام به آناء الليل وأطراف النهار، كله مما يفتح للعبد معاني عظيمة في كتاب الله تعالى، كما قال -سبحانه-: {كذلك يُبيّن اللهُ لكم الآياتِ لعلّكم تتفكرون} (البقرة: 119)، وقال -تعالى-: {فاقْصص القَصصَ لعلّهم يتفكرون} (الأعراف: 176)، وقال سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (النحل: 44)، وقال تعالى حاثاً على التفكّر: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} (سبأ:46).

فإذا جلس الإنسان وحدَه، وتفكَّر في آياتِ الله المباركة، انفتحَ له فيها بابٌ عظيم للفهم والعلم واليقين، وقد أمر تعالى بالتفكّر والنظر، والأمر يفيد الوجوب كما يقرر الأصوليون ومن الآيات في الأمر بالنظر والتفكر: قوله تعالى: {قلْ انظروا ماذا في السّماواتِ والأرضِ وما تغني الآيات والنُّذُر عن قومٍ لا يؤمنون} (يونس: 101)، وقوله: {انظروا إلى ثَمَره إذا أثمرَ وينعه} (الأنعام: 99،) وقوله: {فلينظرْ الإنسانُ إلى طعامه} (عبس: 24)، وقوله: {فلينظرْ الإنسان ممَّ خُلق} (الطارق: 5).


الاستفهام الإنكاري

كما ورد الاستفهام الإنكاري أو ألتقريعي لمن يقرأ ولا يتفكر ولا ينظر، مثل: {ألم تر، أولم يروا، ألم يروا، أولم ير، أولم ينظروا، أفلا ينظرون}، نذكر من ذلك
قول الله -تعالى-: {ألم تر أنّ الله يُزجي سحابا ثم يُؤلف بينه ثم يجعله رُكاماً فترى الودْق يخرج من خلاله وينزِّل من السَّماء من جبال فيها من بَرد فيصيبُ به مَن يشاءُ ويَصرفه عمن يشاء يكاد سَنَا برقه يذهب بالأبصار} (النور: 43)، وقوله: {ألم يروا إلى الطّيرِ مُسخَّرات في جوِّ السّماء ما يُمْسكهن إلا الله إنّ في ذلك لآيات لقوم يؤمنون} (النور: 79)، وقوله: {أولم يروا أناّ خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون وذلّلناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون} (يس: 71-73)، وقوله تعالى: {أولم ينظروا في ملكوتِ السماوات والأرض وما خَلَق الله من شيء وأنْ عسى أنْ يكون قد اقتربَ أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون} (الأعراف:185)، وقوله: {أفلم يَنظروا إلى السّماء فوقهم كيفَ بنيناها وزيَّناها ومالها من فُروج} (ق: 6)، وقوله: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} (الغاشية: 17-20)، وهي كثيرة جدا في القرآن الكريم.


القاعدة السادسة


ومصطلح (تثوير القرآن) من المصطلحات التي أطلقها الإمام الحَبر، فقيه الأمة العالم، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم : عبد الله بن مسعودرضي الله عنه، وذلك فيما رواه غير واحد عنه بإسناد صحيح قال: «إِذَا أَرَدْتُمُ الْعِلْمَ؛ فَأَثِيرُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّ فِيهِ عِلْمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ». وسنده صحيح موقوفا، أخرجه الطبراني في الكبير (8665) وأبو عبيد في (فضائل القرآن) رقم (80) وابن أبي شيبة (10/ 485)، وقد ورد بألفاظٍ متعددةٍ منها: «مَنْ أَرَادَ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، فَلْيُثَوِّرِ الْقُرْآنَ»، وفي رواية: «ثَوِّرُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّ فيه عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ».

هذا الأثر الصحيح، يبين لنا ما كان عليه حال السلف -رضي الله عنهم- مع كتاب الله تعالى، وكيف كانوا على علمٍ جمّ بهذا القرآن العظيم، وممن يتلونه حق تلاوته، حتى قال الحبر ابن عباس رضي الله عنهما: لو أردتُ أنْ أمليَ وِقْر بعيرٍ، على الفاتحة، لفعلت. مقدمة البرهان في علوم القرآن (ص101).

كيف لا؟ وهم أهلُ القرآن، وأهل العلم بكتاب الله -تعالى- الذي لا تفنى عجائبه، ولا تنفد فوائده، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، وهو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم.

ومصطلح (تثوير القرآن) اختلفت عبارات أهل العلم في بيانه، وإنْ اتفقت معانيها، فقال ابن عطية: «وتثوير القرآن: مناقشته ومدارسته، والبحث فيه، وهو ما يعرف به». التفسير: (1/3)، ونقل القرطبي عن شَمِر قال: «تثوير القرآن: قراءته، ومُفاتَشة العلماء به». التفسير: (1/ 446).

وقال الغزالي إنه التفهُّم، وعبارته: «أنْ يستوضح كل آيةٍ ما يليق بها؛ إذْ القرآن مشتمل على ذكر صفات الله تعالى، وذكر أفعاله، وذكر أحوال أنبيائه -عليهم السلام-، وذكر أحوال المكذّبين، وكيف أُهلكوا؟ وذكر أوامره وزواجره، وذكر الجنة والنار ». الإحياء (1/282).


ونقل الزركشي عن بعض العلماء أنَّ التثوير: «لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ تَفْسِيرِ الظَّاهِرِ». البرهان (2/154)، ولو أضفنا لذلك ما في كلمة الإثارة، من التقليب والنظر في الوجوه، ومنه قوله تعالى: {وَأَثَارُواْ الأرض} الروم: 9. أي: حرثوها وقلبوها للزراعة، فالمرء لن يفقه القرآن حقّ الفقه، حتى يُقلب النظر في القرآن ووجوهه
المختلفة.

فاجتمع عندنا من معاني المصطلح: أنَّ تثوير القرآن؛ ضَربٌ من ضروب التدبّر لكتاب الله الكريم، ويكون: بمدارسته وتقليب النظر فيه؛ وذلك أنّ القرآن كما قيل:
كالمسكِ المختوم، إذا أثرتَه ونقَّبت فيه، فاحَ عطره، وانتشر شَذَاه؛ ولهذا قال السلف: «أثيروا القرآن».

وإثارته تكون أيضاً: بالاجتماع عليه، ومدارسته مع أهله، وتشقيق السؤال حول آياته.

وقد جاء الحثُّ على ذلك، كما في الحديث النبوي: «ما اجتمعَ قومٌ في بيتٍ من بيوت الله، يتلون كتابَ الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلتْ عليهم السَّكينة، وغَشِيتهم
الرَّحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذَكرهم الله فيمَن عنده». رواه أحمد والبخاري.

فالاجتماع على مدارسة القرآن، وإثارة معانيه، واستخراج كنوزه، فيها الفوائد العظيمة، والفرائد العجيبة.

وما أقلّ هذه المجالس في أيامنا هذه!

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 27-05-2019, 08:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,348
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قراءة القرآن فى رمضان ___متجدد



قَوَاعِدُ في تَدبُّر القُرْآنِ الكَرِيم وضَوَابطُ الفَهم
- استشعار مخاطبة الله للعبد من أعظم مايعين على التدبر

الشيخ.محمد الحمود النجدي
(22)


قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ} الشورى: 52، فالقرآن العظيم هو الروح والرحمة لهذه الأمة الإسلامية، وهو المنَّة الكبرى،التي امتن بها على عباده، والنعمة العظمى في الدنيا، المتصلة بخير الآخرة، لا تفنى عجائبُه، ولا تعد ولا تُحصَى معانِيهِ وفوائدُه، فهو كلامُ اللهِ اللطيف الخبيرِ، العليم الحكيم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيم حميد، وهذه مجموعةمن القواعد المتعلقة بقارئ القرآن الكريم، لتمام الانتفاع بالقرآن وفهمه وتدبره:


لابد أن نعلم أولاً: أن القلب هو محلّ تلقي الوحي، فلا يتم الانتفاع بالقرآن إلا بتهيئته لقبول الآيات، والانتفاع بالقرآن، كلام الله تعالى، وقد بيّن جل وعلا في أكثر
من موضع، أن القلب هو موضع تنزل رسالات الله، كما قال سبحانه: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} البقرة: 97، وقال: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ *عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} الشعراء: 193 – 194، ولقد كان من حكمة الله تعالى، أنْ هيأ الله عز وجل قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم مبكراً لتلقي الوحي، حيث شُق صدره وهو طفل دون التمييز في بادية بني سعد، وغُسل بماء زمزم، كما صحّ في الحديث، فمن أحبّ أن يقع التدبر موقعه من قلبه، فعليه أنْ يهيئ قلبه ويطهره، لتلقي القرآن العظيم، وهذا يكون بعدة أمور، أهمها:

اختيار الوقت المناسب للقراءة


ومن أفضلها ساعات الليل، فهو موضع الثناء المتكرر في القرآن على قُرّاء القرآن والقائمين به، قال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ
وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} الزمر: 9، وقال سبحانه: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً} المزمل: 6، وقال سبحانه في مؤمني أهل الكتاب: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} آل عمران: 113.


ولابد من التنبه، إن هذه الميزة لا تتحقق إلا لمن أخذ ما يكفيه من النوم، إذْ لا يتصور التعقل والتدبر لمن كان يغالب عينيه النوم، ولهذا فإن من أحسن الأوقات للقراءة والتدبر وحفظ ما يرغبه الإنسان من العلم هو الوقت الذي يلي النوم الكافي، سواء في الليل أو النهار، فإذا كان هذا في الليل، فقد اجتمع في حقه الفضلان.

تَفريغُ القلب من الشَّواغل


تَفريغُ القلب من الشَّواغل والصَّوارف التي تَحُول دون التفكّر والتدبر، فلا ينتفع المسلم من قراءة القرآن، إذا كان قلبه مشغولاً بشيء، ومتعلقاً بأمر من الأمور،
وإذا كان الإنسان يحتاج مثل هذا، في مقام القضاء بين الناس، ومقام الفتوى، ومقام تأمل كلام العلماء والفقهاء للفهم، فإنه في كتاب الله تعالى أعظم وأوضح وأجلى، فكل شيء لا يتم الانتفاع به، إلا بتحقق شروطه، وانتفاء موانعه، ومن ذلك: تدبر القرآن.

يقول الإمام ابن القيم رحمه في بيان ذلك: «إذا أردتَ الانتفاع بالقرآن ؛ فاجْمعْ قلبك عند تلاوته وسماعه، وألقِ سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به مَنْ تكلم به منه إليه، فإنه خطابٌ منه لك، على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} ق: 37، وذلك
أنَّ تمام التأثير لما كان موقوفاً على: مؤثر مقتض، ومحلٍ قابل، وشرطٍ لحصول الأثر، وانتفاء المانعِ الذي يمنع منه، تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجزِ لفظٍ وأبينه، وأَدَلِّه على المراد، فقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى} إشارةٌ إلى ما تقدّمَ من أولِ السورةِ إلى ههنا، وهذا هو المؤثر.

وقوله: {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} فهذا هو المحلُّ القابلُ، والمرادُ به: القلب الحي الذي يعقلُ عن الله ؛ كما قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ * لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا} يس: 469-70. أي: حيُّ القلب، وقوله: (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) أي: وجَّه سمعَه، وأصغى حاسةَ سمعِهِ إلى ما يقالُ له، وهذا شرطُ التأثُّر بالكلام، وقوله: (وَهُوَ شَهِيدٌ) أي: شاهدُ القلبِ حاضرٌ غيرُ غائب.

قال ابن قتيبة: استمَعَ كتابَ اللهِ وهو شاهدُ القلبِ والفهم، ليسَ بغافلٍ ولا ساهٍ، وهو إشارةٌ إلى المانعِ من حصولِ التأثيرِ، وهو سهو القلبِ وغيبتُه عن تعقُّلِ ما يُقالُ
له، والنظرِ فيه وتأمُّلِه، فإذا حصلَ المؤثِّرُ، وهو: القرآن، والمحل القابل، وهو: القلب الحي، ووجِدَ الشرطُ، وهو: الإصغاء.

وانتفى المانع، وهو: اشتغال القلب، وذهوله عن معنى الخطاب، وانصرافه عنه إلي شيء آخر ؛ حصل الأثر ؛ وهو الانتفاع والتذكُّر».


استشعار مخاطبة الله للعبد

أن يستشعر أنَّ اللهَ تعالى يُخاطبه به لا غيره، وأنه كلام الله تعالى، فإنَّ هذا مِن أعظم ما يُعين على تدبره وفهمه، وتعظيم هذا الخطاب الإلهي حقّ تعظيمه، يقول
القرطبي مبنياً أهمية هذا المعنى، وذلك في مقدمة تفسيره (ص 4):

«فأول ذلك أنْ يستشعر المؤمن من فضل القرآن: أنه كلامُ رب العالمين، غير مخلوق، كلام من ليس كمثله شي، وصفةُ من ليس له شبيهٌ ولا ندّ، فهو من نور ذاته
جلَّ وعزّ...، قال: ولولا أنّه سبحانه جعل في قلوب عباده من القوة على حَمْله ما جعله، ليتدبّروه وليعتبروا به، وليتذكَّروا ما فيه من طاعته وعبادته، وأداءِ حقوقه وفرائضه، لضعفتْ ولاندكتْ بثقله، أو تَضَعْضعت له وأنَّى تطيقه، وهو يقول تعالى جَده، وقوله الحق: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} الحشر: 21، فأين قوةُ القلوب من قوة الجبال؟! ولكن الله تعالى رزق عبادَه من القوة على حمله، ما شاء أنْ يرزقهم، فضلاً منه ورحمة...».

فالعناية بالشيء، والاهتمام له، والحفاوة به، فرعٌ عن معرفة قيمته وفضله، فمّنْ لم يعرف فضل القرآن الكريم، ولم يقرَّ في قلبه تعظيم القرآن، وأنَّه هو أصل الهدى والصلاح والسعادة، والشفاء والرحمة، وأنه لا حياة القلوب إلا به، ولم يستشعر عظيم مِنّة الله تعالى ونعمته بإنزاله على عباده ؛ لا يمكن أنْ يقع تدبره على الوجه المطلوب والمرضي، ولأجل هذا تتابعت كلمات السلف رحمهم الله في بيان منزلة هذا القرآن الكريم، وصنّف العلماء والمحدّثون في «فضائل القرآن «كتباً كثيرة، ومن المفسرين من ضمّن مقدمة تفسيره بياناً لذلك، تنويهاً بأهمية هذا الكتاب العظيم.


مراعاة الآداب الشرعية

استعمالُ الآداب الشَّرعية عند قراءةِ القرآن: وذلك بالاستعاذة والبسملة أولاً، مع تعقّل معناهما، واستحضار بركتهما، وذلك لأنَّ من أهم ما يحرص عليه الشيطان وأولياؤه ؛ صَرفُ القارئ عن القرآن، فإنْ عجزوا فبالتشويش عليه، والوسوسة، ولهذا أمر الله تعالى بالاستعاذة عند قراءة القرآن، فقال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} النحل: 98- 99، ووردت السُّنة النبوية، بالبدء بالبسملة في أول السورة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 29-05-2019, 12:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,348
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قراءة القرآن فى رمضان ___متجدد


شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن

حال السلف مع القرآن في رمضان

أحمد عرفة
(23)

هذا عباد الله شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، وفي بقيته للعابدين مستمتع وهذا كتاب الله يتلى فيه بين أظهركم ويُسمع، وهو القرآن الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعاً يتصدع...
التصنيفات: ملفات شهر رمضان والعشر الأواخر -
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى
فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبعد:
أيها الأخوة الأحباب: شرف الله عز وجل شهر رمضان المبارك بنزول القرآن الكريم فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، فما أحوجنا إلى أن نعود إلى القرآن في شهر رمضان، فلا عز لنا ولا كرامة ولا رفعة في الدنيا والآخرة إلا من خلال التمسك بالقرآن الكريم حفظاً وفهماً وتدبراً وعملاً كي نسعد في الدنيا والآخرة، ونسود العالم بأسره كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح رضي الله عنهم تحققت لهم السيادة والعزة والكرامة عندما أخذوا القرآن الكريم منهج حياة، منهذا المنطلق أكتب هذه المقالة المتواضعة حول السلف الصالح رضي الله عنهم مع القرآن الكريم في رمضان شهر القرآن: قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185]
والقرآن هو كتاب هذه الأمة الخالد، الذي أخرجها من الظلمات إلى النور، فأنشأها هذه النشأة، وبدلها من خوفها أمناً، ومكن لها في الأرض، ووهبها مقوماتها التي صارت بها أمة، ولم تكن من قبل شيئاً، وهي بدون هذه المقومات ليست أمة وليس لها مكان في الأرض ولا ذكر في السماء، فلا أقل من شكر الله على نعمة هذا القرآن بالاستجابة إلى صوم الشهر الذي نزل فيه القرآن، قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم، وكما اختصه بذلك قد ورد الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء، وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن واثلة بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان». وعن ابن عباس، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة"، قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله: "وفي حديث ابن عباس أن المدارسة بينه وبين جبريل كان ليلاً يدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلاً، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل:6]، وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} ، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إنه أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في ليلة القدر، ويشهد لذلك قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]، وقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} [الدخان:3].


انظر إلى حال النبي صلى الله عليه وسلم مع القرآن الكريم في رمضان: وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة
في قيام رمضان بالليل أكثر من غيره، وقد صلى معه حذيفة ليلة في رمضان قال: فقرأ بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران لا يمر بآية تخويف إلا وقف وسأل، فما صلى الركعتين حتى جاءه بلال فآذنه بالصلاة"، وقد روي عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بهم ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل، وليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، فقالوا له: لو نفلتنا بقية ليلتنا؟ فقال: «إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته»، وهذا يدل على أن قيام ثلث الليل ونصفه يكتب به قيام ليلة لكن مع الإمام، وكان الإمام أحمد يأخذ بهذا الحديث ويصلي مع الإمام حتى ينصرف، ولا ينصرف حتى ينصرف الإمام.
وقال بعض السلف: "من قام نصف الليل فقد قام الليل"، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من
المقنطرين».
حال السلف مع القرآن في رمضان:

وانظر كيف كان حال السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم مع القرآن الكريم إذا دخل رمضان: كان قتادة رضي الله عنه: يدرس القرآن في شهر رمضان، وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: "فإنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام"، وقال ابن عبد الحكم: كان مالك إذا دخل رمضان يفرّ من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وقال عبد الرزاق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن، وكانت عائشة رضي الله عنها تقرأ في المصحف أول النهار في شهر رمضان، فإذا طلعت الشمس نامت، وقال سفيان: "كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف وجمع إليه أصحابه".
علو الهمة عند السلف في تلاوة القرآن وختمه أكثر من مرة بصور عجيبة:
قال الإمام ابن رجب رحمه الله: "وكان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها"، كان الأسود بن يزيد: يقرأ
في كل ليلتين في رمضان، وكان إبراهيم النخعي: يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة وفي بقية الشهر في ثلاث، وكان قتادة: يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر كل ليلة، وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة، وعن أبي حنيفة نحوه، ثم قال الإمام ابن رجب رحمه الله بعد ذكر هذه الآثار: وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أوفي الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم كما سبق ذكره، وعن محمد بن مسعر قال: "كان أبي لا ينام حتى يقرأ نصف القرآن"، وعن ابن وهب: "قيل لأخت مالك: ما كان شغل مالك في بيته؟ قالت: المصحف، والتلاوة"، وقال عمرو بن علي: "كان يحيى بن سعيد القطان يختم القرآن كل يوم وليلة يدعو لألف إنسان، ثم يخرج بعد العصر فيحدث الناس". وقال البغوي: أخبرت عن جدي أحمد بن منيع رحمه الله أنه قال: "أنا من نحو أربعين سنة أختم في كل ثلاث"، وعن مسبح بن سعيد قال: "كان محمد بن إسماعيل يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة"، وقال سليمان بن يسار رحمه الله: "قام عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد العشاء فقرأ القرآن كله في ركعة لم يصل قبلها ولا بعدها". وعن ابن سيرين: أن تميماً الداري كان يقرأ القرآن في ركعة،وعن الحارث بن يزيد: أن سليم بن عتر كان يقرأ القرآن في كل ليلة ثلاث مرات، وقال ابن شوذب: "كان عروة يقرأ ربع القرآن كل يوم في المصحف نظراً، ويقوم به الليل".


الإمام حمزة بن حبيب الزيات، القيم بكتاب الله، العابد الخاشع، القانت لله يقول: :"نظرت في المصحف حتى خشيت أن يذهب بصري"، قال يحيى اليماني: "لما حضرت الوفاة أبا بكر بن عياش بكت أخته، فقال لها: ما يبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية، فقد ختم أخوك فيها ثمانية عشر ألف ختمة". وثابت البناني قال عنه شعبة: "كان ثابت يقرأ القرآن في يوم وليلة، ويصوم الدهر"، وقال أسد بن الفرات: "كان ابن القاسم يختم كل يوم وليلة ختمتين قال: فنزل بي حين جئت إليه عن ختمة، رغبة في إحياء العلم"، الإمام أبو حنيفة رحمه الله: كان يختم القرآن في كل يوم وليلة مرة، وفي رمضان في كل يوم مرتين، مرة في النهار ومرة في الليل، أبو العباس بن عطاء: له في كل يوم ختمة، وفي شهر رمضان كل يوم وليلة ثلاث ختمات، الحافظ بن عساكر: كان يختم كل جمعة، ويختم في رمضان كل يوم. وكان كثير النوافل والأذكار، ويحاسب نفسه على كل لحظة تذهب في غير طاعة، الإمام البخاري رحمه الله: كان يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة، أما إمام أهل السنة أحمد بن حنبل فقد قال عنه جعفر ابن أب هاشم: "سمعت أحمد بن حنبل يقول: ختمت القرآن في يوم، فعددت موضع الصبر، فإذا هو نيف وتسعون". وقال الإمام علي بن المديني شيخ البخاري: "حفر شبر الحافي قبره، وختم فيه القرآن وكان ورده ثلث القرآن".
شيخ الإسلام الحافظ الناقد أبو بكر بن محمد بن محمد تقي الدين البلاطنسي: كان يختم في رمضان في كل ليلة ختمتين،
وأكب في آخر عمره على التلاوة فكان لا يأتيه الطلبة لقراءة الدرس إلا وجدوه يقرأ القرآن، والشيخ الفاضل محمد بن علاء شمس الدين البابلي القاهري الشافعي: كان كثير العبادة يواظب على قراءة القرآن سراً وجهراً، وكان راتبه في كل يوم وليلة نصف القرآن ويختم يوم الجمعة ختمة كاملة، وكان كثير البكاء عند قراءة القرآن، محمد بن محمد بن عبد الرحمن التميمي أبو عبد الله الحلفاوي التونسي نزيل غرناطة يعرف بابن المؤذن: كان صاحب مقامات وكرامات، حسن الصلاة جداً، وكان يختم في رمضان مائة ختمة، وعقد الإمام النووي رحمه الله في كتابه القيم: (التبيان في آداب حملة القرآن) فصلاً في موقف السلف مع القرآن الكريم جاء فيه: "ينبغي أن يحافظ على تلاوته ويكثر منها وكان السلف رضي الله عنهم لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه فروى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة وعن بعضهم في كل شهر ختمة، وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة، وعن بعضهم في كل ثمان ليال وعن الأكثرينفي كل سبع ليال، وعن بعضهم في كل ست، وعن بعضهم في كل خمس، وعن بعضهم في كل أربع، وعن كثيرين في كل ثلاث، وعن بعضهم في كل ليلتين، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة، ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين، ومنهم من كان يختم ثلاثاً وختم بعضهم ثمان ختمات أربعاً بالليل وأربعاً بالنهار، فمن الذين كانوا يختمون ختمة في الليل واليوم: عثمان بن عفان رضي الله عنه وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وآخرون، ومن الذين كانوا يختمون ثلاث ختمات: سليم بن عمر رضي الله عنه قاضي مصر في خلافة معاوية رضي الله عنه، وروى أبو بكر بن أبي داود أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات، وروى أبو عمر الكندي في كتابه في قضاة مصر أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات.


وانظر إلى هذا الخبر العجيب بعضهم ختم ثماني مرات في اليوم والليلة، قال الشيخ الصالح أبو عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه: سمعت الشيخ أبا عثمان المغربي يقول: كان ابن الكاتب رضي الله عنه يختم بالنهار أربع ختمات وبالليل أربع ختمات وهذا أكثر ما بلغنا من اليوم والليلة، وروى السيد الجليل أحمد الدورقي بإسناده عن منصور بن زادان من عباد التابعين رضي الله عنه أنه كان يختم القرآن فيما بين الظهر والعصر ويختمه أيضاً فيما بين المغرب والعشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل، وروى أبو داود بإسناده الصحيح: أن مجاهداً كان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء، وعن منصور قال: "كان علي الأزدي يختم فيما بين المغرب والعشاء كل ليلة من رمضانط، وعن إبراهيم بن سعد قال: "كان أبي يحتبي فما يحل حبوته حتى يختم القرآن"، ثم يقول الإمام النووي رحمه الله: "وأما الذي يختم في ركعة فلا يحصون لكثرتهم، فمن المتقدمين عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير رضي الله عنهم ختمة في كل ركعة في الكعبة، وأما الذين ختموافي الأسبوع مرة: فكثيرون. نقل عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب رضي الله عنهم وعن جماعة من التابعين كعبد الرحمن بن يزيد وعلقمة وإبراهيم رحمهم الله"، ثم يقول الإمام النووي رحمه الله بعد ذكر هذه الآثار: "والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر ما يحصل له كمال فهم ما يقرؤه وكذا من كان مشغولا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة".
قال كعب: "ينادي يوم القيامة مناد بأن كل حارث يعطى بحرثه، ويزاد غير أهل القرآن والصيام يعطون أجورهم بغير حساب، ويشفعان له أيضا عند الله عز وجل"، كما في المسند عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام والقيام يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشراب بالنهار، ويقول بالقرآن: منعته النوم بالنهار فشفعني فيه فيشفعان»، قال الإمام ابن رجب رحمه الله: "فالصيام يشفع لمن منعه الطعام والشهوات المحرمة كلها سواءكان تحريمها يختص بالصيام كشهوة الطعام والشراب والنكاح ومقدماتها أو لا يختص به كشهوة فضول الكلام المحرم، والنظر المحرم والسماع المحرم والكسب المحرم، فإذا منعه الصيام من هذه المحرمات كلها فإنه يشفع له عند الله يوم القيامة، ويقول: يا رب منعته شهواته فشفعني فيه، فهذا لمن حفظ صيامه ومنعه من شهواته، فأما من ضيّع صيامه ولم يمنعه مما حرمه الله عليه فإنه جدير أن يضرب به وجه صاحبه، ويقول له: ضيّعك الله كما ضيّعتني"، كما ورد مثل ذلك في الصلاة، وقال بعض السلف: "إذا احتضر المؤمن يقال للملك: شمّ رأسه، قال: أجد في رأسه القرآن، فيقال شمّ قلبه، فيقول: أجد في قلبه الصيام، فيقال: شمّ قدميه فيقول: أجد في قدميه القيام، فيقال: حفظ نفسه حفظه الله عز وجل".
وكذلك القرآن إنما يشفع لمن منعه من النوم بالليل، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، ونهاره إذا الناس يفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون"، وقال محمد بن كعب: "كنا نعرف قارئ القرآن بصفرة لونه يشير إلى سهره وطول تهجده"، وقال وهيب بن الورد: "قيل لرجل ألا تنام؟ قال: إن عجائب القرآن أطرن نومي"، وقال أحمد بن الحواري: "إني لأقرأ القرآن وانظر في آية فيحير عقلي بها، وأعجب من حفاظ القرآن كيف يهنيهم النوم، ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله، أما إنهم لو فهموا ما يتلون، وعرفوا حقه وتلذذوا به واستحلوا المناجاة به لذهب عنهم النوم فرحاً بما رزقوا"، وأنشد ذو النون المصريّ:
منع القرآن بوعده ووعيده *** مقل العيون بليلها لا تهجع

فهموا عن الملك الكريم كلامه *** فهماً تذل له الرقاب وتخضع


يا إخوتاه: هذا عباد الله شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، وفي بقيته للعابدين مستمتع وهذا كتاب الله يتلى فيه بين
أظهركم ويُسمع، وهو القرآن الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعاً يتصدع، ومع هذا فلا قلب يخشع، ولا عين تدمع، ولا صيام يصان عن الحرام فينفع، ولا قيام استقام فيرجى في صاحبه أن يشفع، وتراكمت عليها ظلمة الذنوب فهي لا تبصر ولا تسمع، كم تتلى علينا آيات القرآن وقلوبنا كالحجارة أو أشد قسوة، وكم يتوالى علينا شهر رمضان وحالنا فيه كحال أهل الشقوة، لا الشاب منا ينتهي عن الصبوة، ولا الشيخ ينزجر عن القبيح فيلتحق بالصفوة، أين نحن من قوم إذا سمعوا داعي الله أجابوا الدعوة وإذا تليت عليهم آيات الله جلت قلوبهم جلوة، وإذا صاموا صامت منهم الألسنة والأسماع والأبصار، أفمالنا فيهم أسوة؟ ما بيننا وبين حال الصفا أبعد مما بين الصفا والمروة، كلما حسنت منا الأقوال ساءت الأعمال.
يا نفس فاز الصالحون بالتقى *** وأبصروا الحق وقلبي قد عمي
يا حسنهم والليل قد جنهم *** ونورهم يفوق نور الأنجم

ترنموا بالذكر في ليلهم *** فعيشهم قد طاب بالترنم
قلوبهم للذكر قد تفرغت *** دموعهم كلؤلؤ منتظم

أسحارهم بهم لهم قد أشرقت *** وخلع الغفران خير القسم
ويحك يا نفس ألا تيقظ *** ينفع قبل أن تزل قدمي
مضى الزمان في ثوان وهوى *** فاستدركي ما قد بقى واغتنمي
فما أحوجنا أيها الأخوة الأحباب لاغتنام هذا الشهر الكريم في القرآن الكريم قراءة وحفظاً وفهماً وتدبراً وعملاً حتى نسعد في الدنيا والآخرة وفقنا الله تعالى وإياكم لما يحبه ويرضاه وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال إنه ولى ذلك والقادر عليه، والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 29-05-2019, 07:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,348
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قراءة القرآن فى رمضان ___متجدد



شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
في فضل تلاوة القرءان و انواعها

فضيلة الشيخ ابن عثيمين


(24)

* الحَمْدُ لله الدَّاعي إلى بابه، الموفِّق من شاء لصوابِهِ، أنعم بإنزالِ كتابِه، يَشتملُ على مُحكم ومتشابه، فأما الَّذَينَ في قُلُوبهم زَيْغٌ فيتبعونَ ما تَشَابَه منه، وأمَّا الراسخون في العلم فيقولون آمنا به، أحمده على الهدى وتَيسيرِ أسبابِه، وأشهد أنْ لا إِله إلاَّ الله وحدَه لا شَريكَ له شهادةً أرْجو بها النجاةَ مِنْ عقابِه، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه أكمَلُ النَّاس عَملاً في ذهابه وإيابه، صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ أفْضل أصحَابه، وعَلَى عُمر الَّذِي أعَزَّ الله بِهِ الدِّيْنَ واسْتَقَامَتِ الدُّنْيَا بِهِ، وَعَلَى عثمانَ شهيدِ دارِهِ ومِحْرَابِه، وعَلى عليٍّ المشهورِ بحَلِّ المُشْكِلِ من العلوم وكَشْفِ نِقابه، وَعَلَى آلِهِ وأصحابه ومنْ كان أوْلَى بِهِ، وسلَّمَ تسليماً.

* إخواني: قالَ الله تَعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } [فاطر: 29، 30].


* تِلاوةُ كتَابِ اللهِ عَلَى نوعين:
- النوع الأول : تلاوةٌ حكميَّةٌ وهي تَصْدِيقُ أخبارِه وتَنْفيذُ أحْكَامِهِ بِفِعْلِ أوامِرِهِ واجتناب نواهيه. وسيأتي الكلام عليها في فضل تلاوة القرآن وأنواعهافي مجلس آخر إن شاء الله.
- والنوعُ الثاني: تلاوة لفظَّيةٌ، وهي قراءتُه. وقد جاءت النصوصُ الكثيرة في فضْلِها إما في جميع القرآنِ وإمَّا في سُورٍ أوْ آياتٍ مُعَينَةٍ منه، ففِي صحيح البخاريِّ عن عثمانَ بن عفانَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: « خَيرُكُم مَنْ تعَلَّمَ القُرآنَ وعَلَّمَه »، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: « الماهرُ بالقرآن مع السَّفرةِ الكرامِ البررة، والذي يقرأ القرآنَ ويتتعتعُ فيه وهو عليه شاقٌّ له أجرانِ ». والأجرانِ أحدُهُما على التلاوةِ والثَّاني على مَشقَّتِها على القارأ.


- وفي الصحيحين أيضاً عن أبي موسى الأشْعَريِّ رضي الله عنه أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلّم قالَ: « مثلُ المؤمنِ الَّذِي يقرأ القرآنَ مَثَلُ الأتْرُجَّةِ ريحُها طيبٌ وطعمُها طيّبٌ، ومثَلُ المؤمِن الَّذِي لاَ يقرَأ القرآنَ كمثلِ التمرة لا ريحَ لها وطعمُها حلوٌ »، وفي صحيح مسلم عن أبي أمَامةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « اقْرَؤوا القُرآنَ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعاً لأصحابهِ ». وفي صحيح مسلم أيضاً عن عقبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: « أفلا يغْدو أحَدُكمْ إلى المسجدِ فَيَتعلَّم أو فيقْرَأ آيتينِ منْ كتاب الله عزَّ وجَلَّ خَيرٌ لَهُ مِنْ ناقتين، وثلاثٌ خيرٌ له من ثلاثٍ، وأربعٌ خير له مِنْ أربَع ومنْ أعْدادهنَّ من الإِبِلِ ».

- وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قَالَ: « ما اجْتمَعَ قومٌ في بيتٍ مِنْ بُيوتِ اللهِ يَتْلُونَ كتابَ الله ويَتدارسونَهُ
بَيْنَهُم إلاَّ نَزَلَتْ عليهمُ السكِينةُ وغَشِيْتهُمُ الرحمةُ وحفَّتهمُ الملائكةُ وَذَكَرَهُمْ الله فيِمَنْ عنده ». وقال صلى الله عليه وسلّم: « تعاهَدُوا القرآنَ فوالذي نَفْسِي بيده لَهُو أشدُّ تَفلُّتاً من الإِبلِ في عُقُلِها »، متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلّم: « لا يقُلْ أحْدُكم نَسيَتُ آية كَيْتَ وكيْتَ بل هو نُسِّيَ »، رواه مسلم. وذلك أنَّ قولَه نَسيتُ قَدْ يُشْعِرُ بعدمِ المُبَالاةِ بِمَا حَفظَ من القُرْآنِ حتى نَسيَه.


- وعن عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « من قَرأ حرفاً من كتاب الله فَلَهُ به حَسَنَةٌ، والحسنَةُ بعشْر أمْثالها، لا أقُول الم
حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ ولاَمٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ »، رواه الترمذي.
وعنه رضي الله عنه أيضاً أنَّه قالَ: « إنَّ هذا القرآنَ مأدُبةُ اللهِ فاقبلوا مأدُبَتَه ما استطعتمُ، إنَّ هذا القرآن حبلُ اللهِ المتينُ والنورُ المبينُ، والشفاءُ النافعُ، عصمة
لِمَنْ تمسَّكَ بِهِ ونجاةٌ لِمَنْ اتَّبعَهُ، لا يزيغُ فَيُستَعْتَب، ولا يعوَجُّ فيقوَّمُ، ولا تنقضي عجائبه، ولا يَخْلَقُ من كثرةِ التَّرْدَادَ، اتلُوه فإنَّ الله يَأجُرُكُم على تلاوتِهِ كلَّ حرفٍ عشْرَ حسناتٍ. أمَا إني لا أقولُ الم حرفٌ ولكِنْ ألِفٌ حرفٌ ولاَمٌ حرفٌ وميم حرفٌ » رواه الحاكِم.

* إخواني: هذه فضائِل قِراءةِ القُرآنِ، وهذا أجْرُه لمن احتسب الأجرَ مِنَ الله والرِّضوان، أجورٌ كبيرةٌ لأعمالٍ يسيرةٍ، فالمَغْبونُ منْ فرَّط فيه، والخاسرُ مَنْ فاتَه الرِبْحُ حين لا يمكنُ تَلافِيه، وهذه الفضائلُ شاملةٌ لجميع القرآنِ. وَقَدْ وردت السُّنَّةُ بفضائل سُورٍ معينةٍ مخصصةٍ فمن تلك السور سورةُ الفاتحة. ففي صحيح
البخاري عن أبي سَعيدِ بن المُعلَّى رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال له: «لأعُلِّمنَّك أعْظَم سورةٍ في القرآن { الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَـلَمِينَ }هي السَّبعُ المَثَانِي والقرآنُ العظيمُ الذي أوتيْتُه »، ومن أجل فضيلتِها كانت قراءتُها ركْناً في الصلاةِ لا تصحُّ الصلاةُ إلاَّ بها، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: « لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحةِ الكتاب »، متفق عليه. وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: « مَنْ صلَّى صلاةً لمْ يقرأ فيها بفاتحةِ الكتاب فهي خِدَاجٌ يقولها ثلاثاً »، فقيل لأبي هريرة إنا نكون وراءَ الإِمام فقال اقْرأَ بِها في نَفْسكَ. الحديث، رواه مسلم.

- ومن السور المعيَّنَة سورةُ البقرة وآل عمران قال النبي صلى الله عليه وسلّم: « اقرؤوا الزهراوين البقرةُ وآل عمران فإنهما يأتيان يومَ القيامةِ كأنَّهُمَا غَمامتان أو غَيَايتان أو كأنهما فِرْقَانِ مِنْ طيرٍ صوافَّ تُحاجَّانِ عن أصحابهما اقرؤوا سُورَة البقرةِ فإنَّ أخْذَها بَرَكةٌ وتَرْكَها حسرةٌ لا يستطيعها البَطَلَةُ » يعني السحرة، رواه مسلم. وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « إنَّ البيتَ الَّذِي تُقرأُ فيه سورة البقرةِ لا يَدْخله الشَّيطانُ »، رواه مسلم. وَذَلِكَ لأنَّ فيها آية الكرسيِّ. وقد صحَّ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلّم أن من قرأها في لَيْلَةٍ لم يَزَلْ عليه مِنَ الله حافظٌ ولا يَقربُه شيطانٌ حتى يُصْبحَ.

- وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ جبْريلَ قالَ وهُو عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم: هذا بابٌ قد فُتِحَ من السَّماءِ ما فُتحَ قَطُّ، قال: فنزلَ منْه مَلكٌ فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فقال: « أبْشرْ بنورَيْن قد أوتيتهما لم يؤتهُمَا نبيُّ قَبْلَك فاتِحةُ الكتابِ وخواتيمُ سورةِ البقرةِ لن تقْرَأ بحرفٍ منهما إلاَّ أوتِيتَهُ »، رواه مسلم.

- ومن السُّورِ المعينةِ في الفضيلةِ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } [الإِخلاص: 1] ففي صحيح البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قالَ فيها: « والَّذِي نفْسي بيده إنَّها تعدلُ ثُلُثَ القرآنِ »، وليس معنى كونِها تعدلُه في الفضيلـةِ أنَّها تُجْزِأ عنه. لذَلِكَ لو قَرَأهَا في الصلاةِ ثلاثَ مراتٍ لم تُجْزئه عن الفاتحةِ. ولا يَلْزَم من كونِ الشيءِ معادلاً لغيرهِ في الفضيلةِ أنْ يُجزأ عنه، ففي الصحيحين عن أبي أيُّوبَ الأنصارِي رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: « مَنْ قالَ لا إِله إلاَّ الله وحده لا شريك له الُملْكُ وله الحمدُ عَشْرَ مرَّاتٍ كان كمَن أعتقَ أربعةَ أنفُسٍ من ولدِ إسْماعيلَ » ومع ذلك فلو كان عليه أربعُ رقاب كفارة فقال هذا الذكر لم يجزئه عن هذه الرقاب وإن كان يعادلها في الفضيلة.

- ومن السُّور المعيَّنةِ في الفضيلةِ سُورتَا المُعوِّذَتَين { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }، فعن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله
عليه وسلّم قال: « ألمْ تَر آيَاتٍ أُنْزِلَت الليلةَ لمْ يُرَ مثْلُهُنَّ { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }»، رواه مسلم. وللنَّسائي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم أمرَ عُقبَةَ أنْ يقرأ بهما ثم قال النبي صلى الله عليه وسلّم: « ما سَأَلَ سائِل بمثلهما ولا اسْتَعَاذَ مُسْتِعيذٌ بمثلهما ».


- فاجْتهدوا إخواني في كثرةِ قراءةِ القرآنِ المباركِ لا سيَّما في هذا الشهرِ الَّذِي أنْزل فيه فإنَّ لكثْرة القراءةِ فيه مزيَّةً خاصةً. كان جبريلُ يُعارضُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم القُرْآنَ في رمضانَ كلَّ سنةٍ مرّةً. فَلَمَّا كان العامُ الَّذي تُوُفِّي فيه عارضَه مرَّتين تأكيداً وتثبيتاً. وكان السَّلفُ الصالحُ رضي الله عنهم يُكثِرون من تلاوةِ القرآنِ في رمضانَ في الصلاةِ وغيرها. كان الزُّهْرِيُّ رحمه الله إذا دخلَ رمضانُ يقول إنما هو تلاوةُ القرآنِ وإطْعَامُ الطَّعامِ. وكان مالكٌ رحمه الله إذا دخلَ رمضانُ تركَ قراءةَ الحديثِ وَمَجَالسَ العلمِ وأقبَل على قراءةِ القرآنِ من المصْحف. وكان قتادةُ رحمه الله يخْتِم القرآنَ في كلِّ سبعِ ليالٍ دائماً وفي رمضانَ في كلِّ ثلاثٍ وفي العشْرِ الأخير منه في كلِّ ليلةٍ. وكان إبراهيمُ النَخعِيُّ رحمه الله يختم القرآن في رمضان في كلِّ ثلاثِ ليالٍ وفي العشر الأواخِرِ في كلِّ ليلتينِ. وكان الأسْودُ رحمه الله يقرأ القرآنَ كلَّه في ليلتين في جميع الشَّهر.

- فاقْتدُوا رحمَكُمُ الله بهؤلاء الأخْيار، واتَّبعوا طريقهم تلحقوا بالْبرَرَةِ الأطهار، واغْتَنموا ساعات اللَّيلِ والنهار، بما يُقرِّبُكمْ إلى العزيز الغَفَّار، فإنَّ الأعمارَ تُطوى سريعاً، والأوقاتَ تمْضِي جميعاً وكأنها ساعة من نَهار.

اللَّهُمَّ ارزقْنا تلاوةَ كتابِكَ على الوجهِ الَّذِي يرْضيك عنَّا. واهدِنا به سُبُلَ السلام. وأخْرِجنَا بِه من الظُّلُماتِ إلى النُّور. واجعلْه حُجَّةً لَنَا لا علينا يا ربَّ العالَمِين.
اللَّهُمَّ ارْفَعْ لَنَا به الدَّرجات. وأنْقِذْنَا به من الدَّرَكات. وكفِّرْ عنَّا به السيئات. واغْفِر لَنَا وَلِوَالِديِنَا ولجميعِ المسلمينَ برحمتكَ يا أرْحَمَ الراحمين. وصلَّى الله وسلَّم
على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.

من كتاب مجالس رمضان لفضيلة الشيخ العلامة محمد ابن صالح العثيمين رحمه الله رحمة واسعة و اسكنه فسيح جناته.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 30-05-2019, 08:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,348
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قراءة القرآن فى رمضان ___متجدد



شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن

هل تلاوة القرآن مخصوصة بنهار رمضان؟

إبراهيم السكران
(25)


الحمد لله وبعد:
حين تصلي الفجر في رمضان فإنك تجد بعض الموفقين ينشرون مصاحفهم ويتلون كتاب الله بقدر ما ييسر الله لهم، وهكذا حين تصلي الظهر تجد فئاماً يقرؤون شيئاً من القرآن، وهكذا -أيضاً- بعد صلاة العصر يدوّي المسجد في جمال أخاذ بأصوات الناس متنافسين في ختمات القرآن.

لكن ما إن يخيم مساء رمضان إلا وتجد المصاحف قد طويت، وأصوات القرآن قد انطفأت، حتى ظن كثير من الناس أن فضيلة
تلاوة القرآن مخصوصة بـ(نهار رمضان) فقط، بل أعرف بعض الأخيار يجعل التلاوة في ليل رمضان لقضاء ما فاته من ورده بالنهار فقط، فكأنه يجعل ليل رمضان وقت (قضاء التلاوة الفائتة) لا وقت (أداء)! ولا يخطر بباله أن ليالي رمضان وقت فاضل لتلاوة القرآن! وما تفسير هذه الظاهرة؟ يبدو لي أن هناك ارتباطاً ذهنياً وقع بشكل خاطئ، فنحن نسمع عن فضل تلاوة القرآن في رمضان، وأشهر خصائص رمضان هو الصيام، فارتبط في ذهن البعض أن تلاوة القرآن تكون في نهار رمضان أثناء الصيام فقط!


وهذا الارتباط الذهني ارتباط غير دقيق، فإن ليالي رمضان أشرف من نهاره، والنصوص التي ظهر فيها اختصاص رمضان بالقرآن كان ظرفها الزمني هو ليالي رمضان، لا نهار رمضان، وسأذكر شيئاً من هذه الشواهد.

أخبرنا الله سبحانه بالوقت المحدد الذي نزل فيه القرآن، أي نزل إلى السماء الدنيا ثم نزل على رسول الله منجّما بحسب الوقائع كما في الأثر المشهور عن ابن عباس، وقد جاء هذا الخبر عن الساعات المحددة لنزول القرآن في آيتين من كتاب الله،
حيث يقول الله {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]، ويقول سبحانه {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان:3].

وليلة القدر هي الليلة المباركة وهي من ليالي رمضان، لا من نهاره، وإذا تساءل المتدبر: لماذا اختار الله (ليل) رمضان ظرفاً
زمانياً لنزول القرآن، ولم يختر (النهار)؟ أدرك شرف ليل رمضان، وأن ثمة ارتباطاً بين القرآن وليالي رمضان، وأن ليالي رمضان أليق بالقرآن وأنسب له من النهار، ولذا اختار الله ليل رمضان لنزول القرآن.

ومن أعظم أعمال النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان كل سنة هو أن يدارس القرآن مع جبريل عليه السلام، فما هو الوقت الذي اختاره الله لهما ليتدارسا القرآن؟ هذا الوقت لمدارسة القرآن بين النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل لم يكن نهار رمضان، بل كان ليل رمضان، كما روى البخاري عن ابن عباس: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن" (البخاري:3220)

لاحظ ها هنا أن الوقت الذي اختاره الله لهما لمدارسة القرآن هو كل "ليلة رمضانية"، فلم يكن في بعض الأيام بالنهار مثلاً، بل الوقت محدد كل ليلة: "وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن"، ولاحظ أيضاً أن هذا الوقت اختاره الله سبحانه وتعالى، وليس مجرد توافق بين النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل، ولا يختار الله سبحانه زمناً معيناً إلا طبقاً لحكمته العظيمة سبحانه وتعالى.


وقد يتساءل البعض: قد يكون هذا الوقت مجرد توافق بين النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل، وليس توقيفاً إلهياً؟ وهذا احتمال غير دقيق، لأن الله تعالى قال عن الملائكة: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم:64]، فبيّن تعالى أن وقت تنزّل الملائكة إنما يكون بتوجيه إلهي، كما روى البخاري عن ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: «ألا تزورنا أكثر مما تزورنا؟»، قال فنزلت: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا
وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَظ°لِكَ} (البخاري:3218).

والمراد أن هذا الوقت الذي يتدارس فيه جبريل مع النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل (ليلة) إنما هو اختيار إلهي للوقت،
وهذا يحفز المتدبر لتأمل أسرار الاختيار الإلهي لهذا الوقت، وكون الليل أشرف أوقات اليوم لتدارس القرآن، وهذه الدلالة العظيمة على شرف الليل للقرآن في حديث مدارسة النبي صلى الله عليه وسلم مع جبريل، نبّه عليها عدد من أهل العلم، ومنهم عابد المحدثين الإمام ابن رجب حيث يقول: "وفي حديث ابن عباس: (أن المدارسة بينه وبين جبريل كانت ليلاً)، فدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلاً، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر، كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً}" (ابن رجب، لطائف المعارف، دار ابن كثير، تحقيق السواس، ص315).


وتلاحظ أن ابن رجب في هذا النص استنبط من كون المدارسة (النبوية الجبرائيلية) في ليل رمضان على: "استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلاً" كما يقول رحمه الله، وقريب من هذا المعنى لكن باستنباط فيه قدر زائد على ما سبق يقول ابن حجر عن هذا الحديث: "وفيه أن ليل رمضان أفضل من نهاره، ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يقسم ما نزل من القرآن في كل سنة على ليالي رمضان أجزاءًا، فيقرأ كل ليلة جزءاً في جزء من الليلة، والسبب في ذلك ما كان يشتغل به في كل ليلة من سوى ذلك من تهجد بالصلاة، ومن راحة بدن، ومن تعاهد أهل" (ابن حجر، فتح الباري:9/45)، واضح أن ابن حجر ها هنا يؤكد معنى أكثر عمومية، وهو أن : "ليل رمضان أفضل من نهاره" كما يقول رحمه الله.

وفي رسالة مطبوعة للإمام ابن باز تغمده الله برحمته بعنوان (الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح) تحدث فيها عن فوائد حديث ابن عباس في المدارسة (النبوية الجبرائيلية) فكان مما ذكره: "وفيه فائدة أخرى: وهي أن المدارسة في
الليل أفضل من النهار، لأن هذه المدارسة كانت في الليل، ومعلوم أن الليل أقرب إلى اجتماع القلب وحضوره والاستفادة أكثر من المدارسة نهارًا" (ابن باز، الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح،ص13)

ومن الشواهد على شرف ليل رمضان ومناسبته للقرآن أن أهل العلم ذكروا أن من غايات تشريع التراويح كما يقول الإمام ابن تيمية: "وأما قراءة القرآن في التراويح فمستحب باتفاق أئمة المسلمين، بل من أجل مقصود التراويح قراءة القرآن فيها ليسمع المسلمون كلام الله" (ابن تيمية، الفتاوى:23/122).


فإذا لاحظ المتأمل أن صلاة التراويح من مقاصدها سماع المسلمين للقرآن، واستحضر أن صلاة التراويح صلاة ليلية أصلاً؛
استبان له تزامن جديد بين ليل رمضان والقرآن، وربما يتساءل البعض: وهل هناك وقت في الليل لتلاوة القرآن؟ والحقيقة أن هناك أوقاتاً كثيرةً، منها التقدم للمسجد مبكراً في صلوات الفريضة الليلية وتلاوة القرآن لتحقيق هذا الفضل وهو تلاوة القرآن في ليالي رمضان.

ومنها: الوقت الذي يلي تناول وجبة العشاء وحتى إقامة صلاة العشاء، فإنه وقت مهدور عند كثير من الناس، أو يصرفه البعض
في مشاهدة المسلسلات المشينة التي تقدح في روحانية الشهر، فلو تقدم إلى المسجد وصرف هذا الوقت في تلاوة القرآن لحقق مكتسبات عظيمة من أهمها استثمار شرف الليالي القرآنية بتلاوة القرآن فيها.

ومن أهم الأوقات لحظات الأسحار، إما قبل وجبة السحور أو بعدها، وللقرآن في الأسحار هيبة وسكون لا يوصف..
ولا يفوت القارئ الكريم أن المقصود من هذه المقالة ليس التزهيد في تلاوة القرآن في نهار رمضان -معاذ الله- ولكن التنبيه
إلى وقت شريف للقرآن وهو ليالي رمضان يفوتنا استثماره إلا من وفّق الله، فالهدف أن نزيد تلاوتنا في الليل والنهار، وليس المقصود أن نستبدل زمناً بآخر.
والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه..


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 31-05-2019, 08:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,348
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قراءة القرآن فى رمضان ___متجدد


شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
نحو علاقة أمثل بالقرآن في شهر رمضان

الكاتب: عمرو الشرقاوي.
(26)

الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على نبيه عبده، وآله وصحبه من بعده، وبعد:

- كان الفضيل بن عياض شاطرًا (سارقًا) يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس، وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينا هو
يرتقي الجدران إليها، إذ سمع تاليا يتلو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} [الحديد من الآية:16]. فلما سمعها، قال: "بلى يا رب، قد آن!".
فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها سابلة (قوم يمرون من هذا الطريق)، فقال بعضهم: "نرحل"، وقال بعضهم: "حتى نصبح، فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا".
قال: ففكرت، وقلت: "أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين ها هنا يخافوني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام".
هذه قصة توبة بسبب آية من كتاب الله، وبداية لفتح علاقة جديدة مع القرآن امتدت مع الفضيل بن عياض حتى مات، بل وورثها ولده قتيل القرآن علي بن الفضيل!


- إن القرآن هو كلام الله الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز.
إن القرآن يستمد مجده، وعلو شأنه ورفعته، من عظمة وجلال من تكلم به، وهو الله سبحانه وتعالى.
ولا يليق بنا أن نبتعد عن مصدر الهدى والمجد كتاب الله ذي الذكر، فلا بد أن نتصالح مع القرآن، إننا حينما نُعلن هذا التصالح،
ونسير في الطريق إليه، فنحن حقًا نسير في طريق إعادة التوازن والسكينة إلى الروح التي تسكن الأجساد!، وهذا أول طريق الإصلاح.


- وأول طريق التصالح مع القرآن أن تتحايل على نفسك بالإكثار من تلاوة القرآن، تلاوة لا كالتلاوات السابقة، تلاوة لا تنتظر فيها موعدًا، تلاوة لا تنشغل فيها بغير القرآن، إن القرآن كتاب عزيز لا بد أن تعطيه أنفس ما تملك من أوقات، فأقبل عليه وإياك أن تبخل، ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه!
ولا بد أن تتخير أوقات التلاوة، وأجلها وقت اجتماع القلب!


- إن لحزب الليل، وترتيل الكتاب في وقت اجتماع القلب= لقصة أخرى. إن مما نعانيه من هذه المادية الطاغية قلب حقائق الكون، إن الليل ليل، والنهار نهار، فلتخلُ أيها السالك بكتاب ربك في ظلمة الليل، ولتقرأ ما تحفظه، ولتُثَوِّر القرآن، لتكن من
الأمة القائمة التي تتلو كتاب ربها آناء الليل، فتسجد لمن هذا الكلام كلامه، فتقترب!


- وثاني الطرق للتصالح، فهم القرآن، إن الإنسان لن يلتذ بكلام لا يفهم معانيه، ولذا حث الله تعالى على تفهم القرآن،
وإدراك حقائقه، ولا شك أن القلوب الحية تجري في مضمار المعاني القرآنية.. والقلوب المُكَبّلة بالخطايا ما زالت تزحف في الخطوط الأولى!
ولكن... لا تيأس...
مهما استمعتَ إلى القرآن أو قرأتَه فأنتَ آخذ في الاهتداءِ بتنقية المحل، وتبديد ظلمته واستبدال النور به، وتخليته من الران
الذي أكسبتَه إياه بنفسك!
حتى إذا نقَّيتَ المحل وطهّرتَه؛ كان الاهتداء بالقرآن بزيادة نور القلب، فيحصل التلذذ التام بحصول النور التام، ويحصل الاهتداء
التام بعد زوال أثر المعصية زوالا تامًّا!
لكن أكثر الناس لا يعي أنه بحاجة إلى مجاهدة طويلة وصبر حتى يزيل أثر الغفلة والذنب من قلبه، ثم يستمتع بالقرآن
والصلاة!
والفقيه حقًّا من يعي ذلك، ثم يجاهد نفسه لإصلاح المحل، وتنقيته، مهما طال به الزمان.

فاحرص أن تفقه القرآن، ولو عبر كتاب مختصر من كتب التفسير، لتكون من أولي الألباب.


- ومن طرق التصالح مع القرآن أن تعقد مع من تحب مجالس المدارسة، تلك المجالس التي يجلس فيها
المتدارسون لينهلوا من فيض النور الذي يتلى في المكان، «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» (صحيح مسلم [2699]).
وفي هذه المجالس تظهر حقائق القرآن، ومن لم يكابد حقائق القرآن لهيبًا= يحرِّق باطن الإثم من نفسه، فلا حَظَ له من
نوره!

- إننا نحتاج إلى شباب يستجيبون لنداء الله، ويسلكون مسلك رسول الله، فيدخلوا في ابتلاءات القرآن المجيد؛ تخلقًا
بأخلاقه، وتحققً بمنهاجه، وتلقيًا لرسالاته، ثم بلاغها إلى سواد الأمة عبر مجالس القرآن ومدارساته، تدبرًا وتفكرًا!

وأخيرًا، نحن في شهر القرآن، فيه أُنزل، وفيه كان جبريل يدارس القرآن مع من أُنزل إليه عليه الصلاة والسلام، وفيه صلاة
يتلى فيها القرآن، باختصار {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىظ° وَالْفُرْقَانِ} [البقرة من الآية:185]، فلنبدأ صحبة جديدة مع القرآن في شهر رمضان عسى أن نكون من أهله الذين هم أهل الله وخاصته.
واعلم.. أن للقرآن أسرارًا.. لا تظهر إلا بطول المصاحبة، {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} [فصلت من الآية:41]!

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 01-06-2019, 09:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,348
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قراءة القرآن فى رمضان ___متجدد


شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن

لماذا لا نتأثر بقرآن رمضان؟

خالد بهاء الدين
(27)


الحمد لله وحده..

لماذا لا تلتذ وتتأثر بقرآن رمضان؟!


وهل التأثر به هو البكاء لصوت القارئ؟!

القرآن هدًى كله، وهو كلّ الهدى.


ومن صفات ما كان كذلك: أنه بذاته مؤثّر في السامع "غير المعاند ولا المستكبر"، ولا يشترط في ذلك طهارة القلب من كل آفة!

ولو كان يشترط للتأثر بالقرآن طهارةُ القلب من كل آفة؛ لما كان القرآن هو الهادي الشافي!

ولكان في القول بذلك قول بالدور السبقي العدمي المستحيل، فحقيقته: القول باشتراط طهارة القلب قبل استماع القرآن؛
واشتراط استماع القرآن قبل طهارة القلب!

فلماذا لا تتأثر إذن بقرآن رمضان، في وِرد القراءة والصلاة؟



هذا فرض محال!

مهما استمعتَ إلى القرآن أو قرأتَه فأنتَ آخذ في الاهتداءِ بتنقية المحل، وتبديد ظلمته واستبدال النور به، وتخليته من الران
الذي أكسبتَه إِيَّاه بنفسك!

حتى إذا نقَّيتَ المحل وطهّرتَه؛ كان الاهتداء بالقرآن بزيادة نور القلب، فيحصل التلذُّذ التام بحصول النور التام، ويحصل الاهتداء
التام بعد زوال أثر المعصية زوالًا تامًّا!

ولا بُدَّ أن يعقبه غيابك عن شهود ألم الوقوف، وتِعداد الدقائق، في الصلاة وفي التلاوة!


فالاهتداء بالقرآن ليس هو حصول النور فقط، بل تبديد الظلام أيضًا، وهي هداية أسبق وأهم، وأطول وأجهد.

ولأجل ما فيها من عسرة؛ فإن كثيرًا من الناس لا يصبر عليها، ربما لأجل السأم، أو الانصياع لداعي الهوى، أو الشهوة، أو غير
ذلك.

لكن أكثر الناس لا يعي أنه بحاجة إلى مجاهدة طويلة وصبر حتى يزيل آثر الغفلة والذنب من قلبه، ثم يستمتع بالقرآن
والصلاة!

والفقيه حقًّا من يعي ذلك، ثم يجاهد نفسه لإصلاح المحل، وتنقيته، مهما طال به الزمان.

* قال الإمام الكبير محمد بن المنكدر: "كابدتُ نفسي أربعين سنة، حتى استقامت"!

* وقال الربانيّ ثابت البناني: "كابدتُ الصلاة عشرين سنة، وتنعَّمتُ بها عشرين سنة"!


ونحو ذلك عن الفقهاء حقًّا كثير.

وهذا الجهاد، هو الجهاد الأفرض، والأعظم، وما سواه تابع له!



إذ هو في الحقيقة: أن تمتلك نفسك، فتقودها، ولا تملكك فتسحبك!

ووالله إن ظنّك في نفسك أن تَثبتَ في ساحة القتال، وأنت لا تملكُها في ركعات وقراءة أعذب كلام وأحلاه، ولا تملكها في
كف الأذى عنها، وقد علمتَ أنه أذاها وهلاكها؛ لهو من أعظم الجهل وظن السوء والجاهلية بالله وشرعه، والأمانيّ الكاذبة!

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله» (مُتفقٌ عليه).

* قال التقي ابن تيمية شيخ الإسلام رحمه الله: "جهادُ النفس والهوى؛ أصلُ جهاد الكفار، والمنافقين! فإنه لا يقدر على جهادهم، حتى يجاهدَ نفسَه وهواه أولًا، حتى يخرج إليهم"!

* وقال الشمس ابن القيم قدس الله روحه: "وأفرضُ الجهاد؛ جهاد النفس، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الدنيا! فمن جاهد هذه الأربعة في الله؛ هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته، ومن ترك الجهاد؛ فاتَه مِن الهدى بحسب ما عطّل"!

* وقال أيضًا: "لما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعًا على جهاد العبد نفسه في ذات الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» (مُتفقٌ عليه)؛ كان جهاد النفس مُقدَّمًا على جهاد العدو في الخارج، وأصلًا له! فإنه ما لم يجاهد نفسَه أولًا، لتَفعلَ ما أُمرَت به، وتَتركَ ما نُهيَت عنه، ويحاربَها في الله؛ لم يمكنه جهاد عدوه في الخارج. فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه، وعدوُّه الذي بين جنبيه قاهرٌ له، متسلّط عليه، لم يجاهده، ولم يحاربه في الله؟! بل لا يمكنه الخروج إلى عدوه حتى يجاهدَ نفسَه على الخروج" انتهى!


فالمقصود:

أولًا: لا تعجل على نفسك، واعلم أن طريق استقامة النفس طويلة، وشاقة.

ثانيًا: بقدر مكابدتك نفسَك وزجرها عما تحب؛ تملكها، وبقدر ملكك لنفسك؛ تستطيع أن تأطرها على الحق أطرًا.


ثالثًا: إذا أردت الانتفاع بالشهر حقًا؛ فعليك أن تعمل على جهتين:

1- امنع الأذى عن قلبك، وإنما يدخل الأذى إلى القلب رأسًا بلا واسطة من العين والأذن، وشرحه يطول، ودليله في القرآن،
فلا تستمع ولا تنظر إلى الكذب ولا الزور، وما أكثر ذلك.

ثم لا تأكل السحت وأقلل من فضول الكلام، بل؛ امنعه!


2- عرّض قلبك لهدى الوحي أطول فترة ممكنة، ولا تسأم، ولا تعجل، ولا تقل: هلكت!

رابعًا: التأثر والتلذُّذ بالقرآن ليس هو البكاء مع الصوت الحسن، الذي رأيتُ بعضَ الأعاجم يفعله تأثرًا بحسن أداء القارئ، وهو لا
يفهم حرفًا مما قُرئ!

بل هذا من جنس طرب النفوس بالموسيقى والألحان.


إنما علامة المتلذِّذ بالقرآن ألا يفقد اللذة من أي قارئ يحسن أحكام التلاوة، وإن زاد تلذُّذه بحسن الصوت.

نعم، لا بأس بتتبع حسَنِ الصوتِ في المساجد ولو بعُدت، فقط من باب مصانعة النفس والتحايل عليها!

وعدم البأس مشروط بعلم فاعل ذلك أنه يصانع نفسه ويحايلها، وأنه لا بُدَّ أن يرتقي عن هذه المنزلة الدون!


أما المبالغات والتهويلات التي يعيشها بعض الناس، حتى يضيّع نصف الليل في التنقل من وإلى المسجد، ويمر في طريقه
على عشرات المساجد التي يقرأ الناس فيها القرآن، ليس التوراة؛ فلا!

أخيرًا:

جهاد النفس والهوى والشيطان؛ لا ينقطع إلا بالموت، بخلاف غيره!

فوطّن نفسك على استمراره، واعلم أنه لا بُدَّ من غفلاتٍ ورقدات، ولكن لا تُطِل النوم!

قال ابن تيمية: "جِهَاد النَّفس أعمالٌ تعملها النَّفس المزكَّاة فتزكو بذلك أيضًا"!

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك!
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 02-06-2019, 07:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,348
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قراءة القرآن فى رمضان ___متجدد


شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن

فضل القرآن وقراءته

الكاتب: د. أمين بن عبدالله الشقاوي
(28)


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد: فإن القرآن كلام الله تعالى، وهو حبله المتين، وصراطه المستقيم، من تمسك به اهتدى، ومن أعرض عنه ضَلَّ وهَوَى، أثنى الله عليه في مواضعَ كثيرة منه؛ ليبين فضله؛ ويوضح للناس مكانته ومنزلته، قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف:3 - 4].


وقال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [فصلت: 41 - 42].

فما من باطل إلا وفي القرآن ما يدمغه، ولا شبهة إلا وفيه بيان بطلانها، قال تعالى: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 33].

وقال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 18].

سمَّاه الله نورًا، وجعله للناس شفاءً. قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ
وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52].

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57].


أعجب به الجن لما سمعوه، فآمنوا به واتبعوه: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا } [الجن: 1: 2].


تكفل الله بحفظه وأعجز الخلق أن يأتوا بمثله: قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].

وقال تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}
[الإسراء: 88].

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»
[1].

ولهذه الفضائل العظيمة لكتاب الله، أمر الله بتلاوته والعمل به وتدبره، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ
وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } [فاطر: 29: 30].

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما لقارئ القرآن من الحسنات: فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: {مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ (الم) حَرْفٌ، وَلَكِنْ: أَلِفٌ حَرْفٌ؛ وَلامٌ حَرْفٌ؛ وَمِيمٌ حَرْفٌ}[2].


وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المَاهِرُ بِالقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ،
وَالذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ» [3].

ويوم القيامة تتجلى هذه الفضائل لقارئ القرآن، فيشفع لقارئه ويعلو به في مراتب الجنة على قدر قراءته:
عن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقْرَؤوا القُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ» [4].

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: «يُقَالُ لصَاحِبِ القُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ؛ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِر آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا» [5].

وإن من عجيب حال الكثيرين منا، تقصيرهم في تلاوة كتاب ربهم، وتدبره والعمل به، مع علمهم بفضله وأجره.

قال أمير المؤمنين عُثْمَان رضي الله عنه: "لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله عز وجل". ولهذا المعنى أشار
تعالى بقوله: {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِيي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: 124: 125].

فالآيات بينت حال المؤمنين، وحال المنافقين عند سماع القرآن وتلاوته، فليحذر المسلم أن يكون من ذلك الصنف الخاسر، الذي لا يزيده سماع القرآن إلا خسارًا.

وعلى هذا ينبغي للمسلم ملاحظة هذه الأمور:
أولاً: قراءة القرآن بتدبُّرٍ وتمعُّنٍ، قال تعالى: { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبَابِ} [ص: 29].


قال عبد الله بن مسعود: "لا تنثروه كنثر الرمل، ولا تهذُّوه كهذِّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة".

ثانيًا:مراجعة الحفظ، فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَعَاهَدُوا هَذَا القُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإبِلِ فِي عُقُلِهَا»[6].

ثالثًا: الخشوع عند تلاوة القرآن: فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأْ عَلَيّ»، قلت: "يا رسول الله، أقرأ عليك، وعليك أنزل! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم»، "فقرأت سورة النساء
حتى أتيت على هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]، قال: «حسبك الآن»، فالتفَتُّ إليه فإذا عيناه تذرفان [7].


رابعًا: عدم هجر القرآن، قال تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30]، والهجر يشمل هَجْرَ التلاوة، والتدبُّرَ والعمل، والتحاكم إليه؛ كما قال ابن القيم رحمه الله.


فلابد من العناية بكلام الله عز وجل حفظًا، وتلاوةً، وعملاً، حتى يكون المسلم من أهل القرآن، الذين هم أهل الله، وخاصته.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


[1] صحيح مسلم (1/ 559) برقم (817).
[2] سنن الترمذي (5/ 175) برقم (2910)، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
[3] صحيح البخاري (3/ 321) برقم (4937)، وصحيح مسلم (1/ 550) برقم (798).
[4] صحيح مسلم (1/ 553) برقم (804).
[5] سنن الترمذي (5/ 177) برقم (2914)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[6] صحيح البخاري (3/ 348) برقم (5033)، وصحيح مسلم (1/ 545) برقم (791).
[7] صحيح البخاري (3/ 351) برقم (5050)، ومسلم (1/ 551) برقم (800).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 03-06-2019, 08:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,348
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قراءة القرآن فى رمضان ___متجدد



شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن

القرآن مشروعك الرباني في رمضان
إسماعيل حامد
(29)

تهيئة المشروع:

إن أروع ما في رمضان الصيام، وفاكهته التراويح والقيام، وبساتينه بيوت الرحمن، وعطره الفواح تلاوة القرآن، وأنواره ملائكة الرحمن وهي تحف المؤمنين بالاستغفار والدعاء لهم، ولقد جعل الله شهر رمضان مقترناً بالقرآن الكريم فقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة من الآية:134].

وقد حثنا الحبيب صلى الله عليه وسلم على العيش مع القرآن، فقال: «اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه»
(حديثٌ صحيح رواه مسلم وغيره)، فهذا مشروع القرآن الكريم موجه إلى أمة القرآن لتكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.

هدف المشروع:

يأتي هذا المشروع بهدف الاستفادة القصوى والاستغلال الأمثل لنفحات الشهر الكريم، بوضع خطة للتعامل مع القرآن، في محاولة للتخلص من كافة أنواع هجر القرآن الخمسة التي ذكرها ابن القيم رحمه الله، وهي:

- هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.

- هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به.



- هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.

- هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.


- هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به، وكل هذا داخل في قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان:30]. أ هـ.

اقرأ وتدبّر واعمل:

للمسلم مع القرآن أحوال شتى وأنواع عدة من الأوراد التي يجب القيام بها، ولا ينبغي أن يحصر نفسه في ورد واحد يركز عليه دون غيره، ولقد روت أم الحسن البصري عنه أنه كان إذا فتح المصحف، رأت عينيه تسيلان وشفتيه لا تتحركان، ومن
هذه الأوراد:

- ورد التلاوة: بالمداومة على قراءة القرآن، والتزام ورد يومي وإن قلّ، وتجنب هجران القرآن ونسيان تلاوته، قال صلى الله
عليه وسلم: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتقِ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها» (رواه أبو دواد والترمذي)، وقال سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه: "لو طهرت القلوب لم تشبع من قراءة القرآن"، وتذكر قول أنس بن مالك رضي الله عنه: "رُبَّ تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه"، وتذكر أيضاً مقولة ابن مسعود: "ولا يكن هم أحدكم آخر السورة"، فهي تلاوة ولكنها ليست مفصولة عن التدبر والفهم.

- ورد النظر: فهي عبادة تختلف عن عبادة التلاوة، فعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أعطوا أعينكم حظها من العبادة». قالوا: وما حظها من العبادة؟ قال: «النظر في المصحف، والتفكر فيه، والاعتبار عند
عجائبه» (رواه البيهقي)، وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "وإني لأكره أن يأتي عليّ يوم لا أنظر في المصحف"، وقد قال ابن مسعود: "أديموا النظر في المصحف"، فهو ورد يجعلك على اتصال دائم بكتاب ربك ولو نظراً.

- ورد السماع: قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال:3]، وقال أيضاً: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف:204]، وقال صلى الله عليه وسلم: «ولكن أحب أن أسمعه من غيري» (من حديثٍ رواه البخاري)، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا القرآن "تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم" كما قالت السيدة أسماء، فيجب علينا أن نخصص وقتا لسماع القرآن.


- ورد الحفظ: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "كنا نحفظ العشر آيات فلا ننتقل إلى ما بعدها حتى نعمل بهن"، وقال بعض السلف لأحد طلابه: أتحفظ القرآن؟ قال: لا، قال: مؤمن لا يحفظ القرآن، فبم يتنعم وبم يترنم وبم يناجي ربه تعالى؟!

- ورد التدبر: لقوله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [ص:29]، فالتدبر هو الطريق لإحياء القلوب واستشعار حلاوة الخطاب القرآني، وعن عوف بن مالك قال: "قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ سورة البقرة لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوّذ"، قال السيوطي في صفة التدبر: "أن يشغل القارئ قلبه بالتفكر في معنى ما يتلفظ به فيعرف معنى كل آية، ويتأمّل الأوامر والنواهي"، ولذا نقترح عليك أخي الحبيب أن تجعل لك ورداً للتدبر يتمثل في آية واحدة كل يوم، أو سورة واحدة كل شهرٍ أو عامٍ على حسب قصر آياتها.

- ورد العمل: وهو أقوى الأوراد وأصعبها على النفوس، حيث ينتقل المسلم من مجرد التلاوة أو الحفظ أو السماع أو التدبر
إلى العمل والتنفيذ والتطبيق العملي لأحكام القرآن بكل جوارجه، وفي ذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه: "ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخضوعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون"، وخلاصة ذلك أن يكون القرآن دليلاً عملياً لحياة المسلم في يومه بنهاره وليله.

- ورد الدعوة به وإليه: بأن يتحرك المسلم داعياً إلى الله بهذا القرآن، يحث الناس على تطبيق أحكامه والتحاكم إليه وعودة القرآن لمنصة الحكم لتكون الحاكمية العليا له، وليرفع القرآن دستوراً للزمان والمكان والأرض والإنسان.

بنك المليار حسنة:


هو بنك القرآن الكريم وتلاوته، فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول: {ألم} حرف؛ ولكن أقول ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف»
ومن خلال حسبة بسيطة ندرك مدى ما يمكن أن نكتسبه من حسنات في هذا الشهر الكريم إذا حافظنا على تلاوة القرآن وختمه فيه، فحروف القرآن كما ذكر ابن كثير تفوق "321" ألف حرف، فالختمة الواحدة تعدل 3.21 مليون حسنة، وفي رمضانتضاعف 70 ضعفاً فتكون 224.7 مليون حسنة، فإذا ختم المسلم في الشهر 3 مرات تقترب محصلة حسناته من المليار حسنة (674 مليون حسنة)، فهو بنك لا تتوقف حسناته بل في ازدياد ونماء، والله يضاعف لمن يشاء، هذا فقط ثواب التلاوة، فكيف هو ثواب النظر إليه وثواب تدبره وثواب العمل به والدعوة إليه.

آلية التنفيذ:

بأن تجعل لك أخي الحبيب وِرْداً يوميا تتلو فيه القرآن لا يقل عن جزء، ولا تبدأ عملك اليومي إلا بعد الانتهاء من وردك القرآني، وبإمكانك أن تختم في الشهر ثلاث أو أربع مرات، ومن أفضل صور تنفيذ هذا الورد:

الأولى: أن تقرأ الورد القرآني مع صلاة الفجر كل يوم، أو أن تجعل لك نصف حزب مع كل صلاة (فجر، ظهر، عصر، عشاء).

الثانية: أن تجعل لك ورد قرآنٍ في المواصلات التي تستنزف منا يومياً أكثر من ساعة.


الثالثة: أن تجعل لك ورد استماع وتدبر من خلال صلاة التراويح والقيام.

الرابعة: أن تجعل لك ورد سماع قرآني من خلال إذاعة أو تليفزيون أو كاسيت.


ضمانات النجاح:


- إخلاص النية لله عز وجل وإصلاح القصد، مع وجود الدافع الذاتي والهِمَّة العالية.

- لا يشغلنك الحفظ عن التلاوة، فإن التلاوة وقود الحفظ.


- عليك بالصاحب الذي يساعدك على تنفيذ المشروع، واجعل بينك وبينه تنافساً ربانياً.

- اختر الزمان والمكان المناسبين للحفظ أو التلاوة أو التدبر.


- ابدأ بما تقدر عليه، وسدد وقارب ولا تيأس.

- عندما تختم القرآن، فاحشد له فإن ختمة القرآن مشهودة، فاجمع أهل بيتك أو أحبابك، فقد روى الدارمي: "كان أنس إذا
ختم القرآن جمع ولده وأهل بيته فدعا بهم".

أخي الحبيب:

هذا القرآن يناديك في شهر القرآن، وبقدر إقبالك على القرآن يكون إقبال الله تعالى عليك، وبقدر إعراضك عن القرآن يكون إعراض الله تعالى عنك، وإنما يكون حظك من جنة النعيم بقدر حظك من القرآن، فقد قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها»، وقال خباب بن الأرت لرجل: "تقرّب إلى الله ما استطعت، واعلم أنك لن تقرب إلى الله تعالى بشيء هو أحب إليه من كلامه".

جعل الله القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا ودستور حياتنا ومصدر عزتنا وجلاء همومنا وذهاب أحزاننا.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 04-06-2019, 08:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,348
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قراءة القرآن فى رمضان ___متجدد


شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن

رمضان شهر القرآن

أيمن الشعبان
(30)


الحمد لله الذي خصنا بشهر الطاعات، وأجزل لنا فيه المثوبة ورفع الدرجات، وَعَدَ من صامه إيمانا واحتسابا بتكفير الذنوب
والسيئات، وشرّف أوقاته على سائر الأوقات، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير البريات، وعلى آله وصحبه أولي الفضل والمكرمات،والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المعاد، وبعد:


اختص الله سبحانه وتعالى هذا الشهر بخصائص عديدة، وميزه عن غيره من الشهور بمزايا فريدة، منها إنزال القرآن، بل والكتب السماوية السابقة نزلت في القرآن كما ثبت من حديث واثلة بن الأسقع أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «أُنزِلَت صحُفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من رمضانَ، و أُنزلَت التوراةُ لستٍّ مَضَين من رمضانَ، و أُنزِلَ الإنجيلُ لثلاثِ عشرةَ ليلةً خلَتْ من رمضانَ، و أُنزلَ الزَّبورُ لثمانِ عشرةَ خلَتْ من رمضانَ، وأُنزِلَ القرآنُ لأربعٍ وعشرين خلَتْ من رمضانَ» [1].
وعندما أراد الله سبحانه في كتابه بيان أعظم ميزة لهذا الشهر قرنه بإنزال القرآن فقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة : 185][2]، الشهر العظيم، الذي قد حصل لكم فيه من الله الفضل العظيم، وهو القرآن الكريم، المشتمل على الهداية لمصالحكم الدينية والدنيوية، وتبيين الحق بأوضح بيان، والفرقان بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وأهل السعادة وأهل الشقاوة [3] .
وفي مدحه بإنزاله فيه مدح للقرآن به من حيث أشعر أن من أعظم المقاصد بمشروعيته تصفية الفكر لأجل فهم القرآن[3] .
والقرآن نزل جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ
الْقَدْرِ} [القدر : 1]، ثم نزل منجما مفرقا مفصلا طيلة ثلاث وعشرين سنة بحسب الأحداث.
كان جبريل عليه السلام يلقى النبي عليه الصلاة والسلام في رمضان كل ليلة يدارسه القرآن[4]، وكما في حديث ابن
عباس كانت المدارسة ليلا[5]، وقال ابن رجب: ودل الحديث أيضا على استحباب دراسة القرآن في رمضان، والاجتماع على ذلك، وعرض القرآن على من هو أحفظ له، وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان [6] .
فقه السلف رضوان الله عليهم أهمية القرآن سيما في شهر رمضان، فكانوا يقبلون عليه بكليتهم ويهتمون به تلاوة ودراسة وتدبرا، وإليكم بعض النماذج النيرة والصور المشرقة:


كان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرؤها في غير الصلاة!! وعن أبي حنيفة نحوه.
وكان قتادة يدرس القرآن في شهر رمضان.

وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: فإنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام.
وكان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف.

وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن.
وقد قرن النبي عليه الصلاة والسلام بين الصيام والقرآن لتلازمهما وترابطهما فقال: الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم
القيامة؛ «يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان» [7].
قال ابن مسعود: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون، وبنهاره إذ الناس مفطرون، وبحزنه إذ الناس يفرحون، وببكائه إذ الناس يضحكون، وبصمته إذ الناس يخوضون [8].
قيل لرجل: مَالِي لا أَرَاكَ تَنَامُ؟ قَالَ: إِنَّ عَجَائِبَ الْقُرْآنِ أَطَرْنَ نَوْمِي، مَا أَخْرُجُ مِنْ أُعْجُوبَةٍ إِلا وَقَعْتُ فِي غَيْرِهَا [9].


للقرآن أهمية بالغة، تعظم في رمضان فهل من مشمر ومستثمر تلك الفضائل؟!!

اجعل لك برنامج متنوع مع القرآن في شهر رمضان، يتضمن التلاوة والحفظ والمدارسة والتدبر:
1- ليكن لك ورد من تلاوة القرآن على أن تختم مرة كل عشرة أيام على الأقل.

2- اجعل لك وقت بكل يوم لحفظ شيئا يسيرا من القرآن، حتى لو كان مجموع ما تحفظه طوال الشهر نصف جزء أول أقل.
3- خصص وقتا يوميا للتدبر والتأمل والتفكر، من خلال النظر في مدلولات بعض الآيات، حتى لو خرجت بآية يوميا، واستنبطت
منها العديد من الفوائد لكان جيدا، إذ كان بعض السلف إذا قرأ آية لم يكن قلبه فيها أعادها ثانية.
4- احرص على قراءة شيء من التفسير لمعرفة معاني بعض السور التي تحددها بحسب المتاح.

بذلك يكون لديك برنامج قرآني متنوع وشامل ستشعر بثمرته وقيمته لو تم تطبيقه في هذا الشهر المبارك.
من أجل حكم إنزال القرآن التدبر قال سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص : 9] [12]،
ولأهمية التدبر والخشوع والانتفاع بالقرآن نوعا لا كما أقام عليه الصلاة والسلام الليل في آية واحدة هي: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة : 118].
وقام تميم الداري بقوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية : 21].
وقام سعيد بن جبير يردد هذه الآية : {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [يس : 59].
وقال أبو سليمان الداراني: إني لأقيم في الآية أربع ليال أو خمس ليال.

وعن بعض السلف أنه بقي في سورة هود ستة أشهر يكررها ولا يفرغ من التدبر فيها.
وبقي ابن عمر رضي الله عنهما خمس سنوات في سورة البقرة.

وقال بعضهم: لي في كل جمعة ختمة، وفي كل شهر ختمة، وفي كل سنة ختمة، ولي ختمة منذ ثلاثين سنة ما فرغت منها بعد!
يقول الحسن بن علي رضي الله عنهما: إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل، ويتفقدونها في النهار [10].


كم نحن بحاجة لإعادة النظر، في علاقتنا مع القرآن، من حيث التلاوة ومعرفة المعاني والتفكر والتدبر والتأمل، ثم الانتفاع والتطبيق والعمل!
قال الحسن البصري: والله ما تدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول قرأت القرآن كله، ما يُرى له القرآن في خلق ولا عمل[11].
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّا صَعُبَ عَلَيْنَا حِفْظُ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ، وَسَهُلَ عَلَيْنَا الْعَمَلُ بِهِ، وَإِنَّ مَنْ بَعْدَنَا يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ حِفْظُ الْقُرْآنِ، وَيَصْعُبُ عَلَيْهِمُ الْعَمَلُ بِهِ[12].
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا وجلاء همومنا وذهاب أحزاننا ونور صدورنا، اللهم علمنا منه ما جهلنا وذكرنا منه ما أنسينا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النار على الوجه الذي يرضيك عنا.

(1) (السلسلة الصحيحة برقم [ 1575]).
(2) (السعدي).
(3) (تفسير البقاعي).
(4) (صحيح البخاري).
(5) متفق عليه.
(6) (لطائف المعارف).
(7) (صحيح الجامع برقم [3882]).
(8) (التبصرة لابن الجوزي).
(9) (التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا).
(10) (التبيان في آداب حملة القرآن للنووي).
(11) (تفسير ابن كثير).
(12) (تفسير القرطبي).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 191.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 185.64 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (3.17%)]