رسالة للسحرة ومن يذهب لهم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         السيول والأمطار دروس وعبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          مضى رمضان.. فلا تبطلوا أعمالكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فضل علم الحديث ورجاله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          سورة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الترهيب من قطيعة الرحم من السنة النبوية المباركة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          لمحات في عقيدة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          عقيدة الشيعة فيك لم تتغير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          شرح حديث: تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          كيف تعود عزة المسلمين إليهم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          أدومه وإن قل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-11-2019, 04:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,466
الدولة : Egypt
افتراضي رسالة للسحرة ومن يذهب لهم

رسالة للسحرة ومن يذهب لهم




أحمد محمد مخترش





الخطبة الأولى

الحمد لله الذي جعل الخير فيما أحل وشرع وجعل السوء فيما حرّم ومنع اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له حرّم السحر وأذلّ الساحرين ومنع الكهانة والعرافة بشرائع هذا الدين. وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله بعثه رحمةً للناس أجمعين وهادياً بوحيه لسماحة هذا الدين، اللهم صل عليه في الأولين والآخرين، واعل مقامه في أعلى عليين واجمعنا به على حوضه في مقام أمين، وارض اللهم على آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان وحسن يقين.

أما بعد:
إخوة الإيمان والعقيدة: من واقع مجتمعنا اليوم يأتي إنسان وهو يغالب بكاءه ودموعه يشتكي حياته الزوجية ما أن يمر شهر على زواجه إلا وقد تغيرت حياته، يرى زوجة بصورة مكروه، لا يحب كلامها. وآخر يقول "لقد شيدت مسكناً بعرق الجبين، وبذلت فيه دمي، وبعد تمامه حملت أسرتي وسكنت فيه؛ لكن لم أر فيه سكينة أكون في كل مكان منشرح الصدر لا أشعر بضيق ولا بقلق؛ فإذا وضعت رجلي على عتبة المنزل يضيق صدري، ويتعطل تنفسي، ويضطرب قلبي، ولا يهدأ لي حال إلا إذا خرجت من مسكني". وآخر يشتكي أنه فجأة أصبح يكره عمله ولا يحب الذهاب إليه. وطالب بعد أن كان يحب مدرسته ومتفوق في دراسته فجأة أصبح يكره الدراسة والذاهب إلى المدرسة.

ويأتيك ويأتيك والكثير الكثير، يأتيك يحملون همومهم ويعيشون متاعبهم وغمومهم لا يعلمهم إلا علام الغيوب. مآسي عديدة، وأحزان مديدة، وضياع في متاهات الضياع، وعيون لا تنام الليل، وقلوب لا تعرف الفرحة ولا تعيش الهناء.

وفي المقابل ينام الساحر قرير العين، هانئ البال، قبض المال وأنواع الهدايا، وجمع الثروة يخرج من عنده الحسود؛ ليدخل إليه المحسود، وهو بين الإنسانين فقد إنسانيته ودينه وآخرته.

كل هذا يحدث في مجتمع يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -؛ فالسحر الذي أصبح تجارةً رابحةً، وحرفةً ناجحةً، ما كان للساحر أن يربح لوكان في القلوب ذرة من إيمان، ومن هو الساحر؟! حتى نذهب إليه أو لا نذهب.

الله -جل جلاله- خلق الجان قبل أن يخلق الإنسان، وخلقهما من مادتين مختلفتين يقول تبارك وتعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ ﴾ [الحجر:25-26]. والجنسان مخلوقان للعبادة يقول جل جلاله: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ﴾ والجنسان يعيشان معاً على الأرض، ولكل جنس دنياه؛ فلم يأذن لنا الله أن نتصل بهم، ولم يأذن لهم أن يتصلوا بنا؛ بل نهانا عن الاتصال بهم فقال عز وجل: ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾. فإذا حدث الإتصال؛ فيكون فيه الإرهاق بالإثم والضلال، ويتحول الإنسان من طاعة الله إلى طاعة الجان؛ فيكفر بالله، ويطيع الجان يقول الله عز وجل: ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 102]. ما لهم في الجنة من نصيب، ما لهم من رحمة الله من مناب، ولذلك أورد الشيخ السيوطي -في كتابه الجامع الكبير- قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من تعلم شيئاً من السحر قليلاً أو كثيراً كان آخر عهده من الله". تنقطع صلته بالله، ويصبح الجان خادماً لذلك الإنسان، وهو في كفره يتحجر قلبه، ويموت ضميره، وإلا كيف يسمح له فكره أن يسلط الشيطان على بني جنسه؟! كيف يهنأ وكيف يعيش وهو يرى ضحاياه وقد دمر حياتهم؟! لقد تحالف مع الشيطان فتارة يسلطه على شاب متقدم في العلم حتى يكره العلم والتعلم؛ فيفسد له حياته كلها. وتارة يسلطه على فتاة في مقتبل العمر يصرعها في كل يوم مرة أو مرتين، وتارة أخرى على زوج يعيش في طمأنينة ورخاء؛ فيقلب له الحياة وتهب على بيته العواصف، ويجبره على الطلاق؛ فيتشرد الأبناء.

وهذا ما تعيشه الكثير من الأسر في مجتمعنا اليوم. لا ذنب لها إلا أنها تعيش في أمان و اطمئنان؛ فغاظ ذلك أحد الحساد، وكره أن يراها في وفاق ووئام؛ فسلط عليها ذلك المشعوذ؛ فخرب بنيانها من القواعد. وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -حيث تبرأ من طالب السحر ومن الساحر- فقال: "ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له". نعم: ليس من المسلمين، ليس ممن يشفع فيهم شفيع المؤمنين الذين يذهبون للسحرة ليفسدوا حياة الآمنين. المسلم باني لا مخرب، المسلم ودود لا حسود، أين هؤلاء من قول الله جل و علا: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]؟ أين الأخوة في الله؟ أين المودة في القربى؟ أين هؤلاء من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول: "لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ" رواه الإمام مسلم.

فالمشعوذ المتعامل مع الشياطين بالسحر كافر بالله، خالد مخلد في النار؛ قال الله عز وجل: ﴿ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ [طـه: 69] وقد أجمع المفسرون: "أنّ الله لا يَنفي الفلاح إلاّ عمّن كان كافراً". فالمشعوذ كافر بالله، والذي يتصل به ليدمر حياة الناس كافر بالله؛ قال الله تبارك وتعالى ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22، 23]. والذي يتصل به للتداوي منه -وهو متيقن من قدرته وحكمته- فهو كافر مثله؛ أورد الإمام أحمد -في المسند والشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة- قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى كاهناً فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد". فلا يجتمع الذهاب إلى الساحر مع الإيمان، المؤمن عطوف، المؤمن ودود، المؤمن رحيم "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى". المؤمن يحب الخير يعمل الصالحات، ولا يجتمع الذهاب إلى الساحر مع الصلاة، ولا مع الصيام ولا مع الحج، الذي يصلي لا يذهب إلى الساحر أبداً، الذي يفرح بقدوم رمضان ويصوم أيامه ويقوم لياليه لا يذهب إلى الساحر أبداً. والذي طاف بالبيت العتيق وأشرقت عليه أنوار الهداية لا يذهب إلى الساحر أبداً، لا بد أن يبقى الساحر وحيداً لا بد لتجارته أن تبور، ولا بد له من عودة للإيمان، ولا بد له من توبة قبل فوات الأوان. وليصلح ما أفسد كل من كتب وكل من كتبت، وكل من ردم تحت البيوت، وكل من أطعم -إن أراد البعد عن نار جهنم- فعليه العودة إلى الله أن يدخل في الإسلام، أن يجدد إيمانه ودينه، وأن يصلح ما دمر وخرب، وأن يتوب ويندم.

فيا أيها الساحر ويا من يذهب إلى السحرة والمشعوذين، ويحسب أن ذلك هينا وهو عند الله عظيم، يا أمة الإسلام: السحر وتعلمه، والذهب إلى السحرة والمشعوذين أمرٌ ليس بالهين، بل الأمر خطير؛ الأمر عظيم؛ الأمر جنة أو نار، الأمر فيه إغضابا لرب الأرض والسماء؛ الأمر فيه بيعٌ لدينك دين الإسلام؛ الأمر فيه تخلي عن مبادئك وأخلاقك، الأمر فيه ذرراً لإخوانك المؤمنين وبني جنسك بل لنفسك أولا.

أيها المسلم:
أتحب أخي أن تكون كافراً مثل هذا الساحر؟ هو كافرٌ أصلاً بعمله للسحر ولن يتعامل معه الجن حتى يكفر فهل تحب أن تكون مثله كافراً؟ والعياذ بالله فمن ذهب إلى السحرة والمشعوذين وصدقهم فقد كفر بما أنزل على محمد كفر بالقرآن كفر بكلام الله عز وجل كفر بالسنة كفر بدين الإسلام، ومن ذهب ولم يصدقه فقط ذهب إليه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً، إن مات خلال هذه الأربعين يوماً مات كافرا والعياذ بالله، فيا عجباً لمن يذهب إلى السحر يقرأ كل يومٍ الفاتحة في صلاته يقرأ القرآن كلام ربه وهو كافرٌ بالقرآن، ويا عجباً له يقرأ أحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ويقول نبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو كافرٌ بسنته - صلى الله عليه وسلم -، ويا عجباً له كيف ينتمي للإسلام ويقول أنا مسلم وهو كافرٌ مشرك لا يمد للإسلام بصلة بذهابه لسحرة والمشعوذين.

عباد الله:
ولا يحل -أبداً- لمسلم يؤمن بالله -تبارك وتعالى- ويؤمن باليوم الآخر أن يأتي ساحراً ولو كان مراده بإتيانه أن يَحل السحر الذي أصابه، أيليق بمسلم -عباد الله- أن يُخَلِّصَ نفسه من مشكلة وهو في الحقيقة لن يتخلص منها إلاَّ ببيع دينه وإيمانه وعقيدته؟!

إنها -عباد الله- مصيبة عظمى، وبَلِيَّةٌ كبرى كيف يطيب لامرئ مسلم أن يبيع دينه بزعمٍ خاطئ وتوهُّم كاذب؟! ألا وهو أن تُحَلَّ مشكلته، أو أن يذهب مرضه أو أن يلحق الذرر بمسلم على يد ساحر، وهيهات ذلك أن يكون ذلك عباد الله إلا بأذن الله عز وجل، فالسحرة لا يستطيعون أن يضروا أحد إلا بأذن الله، ولا يملكون شفاء أو منفعة أحد إلا بأذن الله ولو كانوا يملكون ذلك لنفعوا أنفسهم أولاً، ولكانوا من أصحاب أموال ومناصب لكنهم لا يملكون موتاً ولا حياتاً ولا نشورا.

ألا فلنتق الله -عباد الله- ولنراقب الله -جل وعلا- فيما نأتي ونذر، ولنعلم -عباد الله- أن شريعتنا شريعةَ الإسلام عندما حرَّمت السحر حرَّمَتْهُ؛ لما فيه من الأضرار الخطيرة والمفاسد العظيمة، وفي مقدمتها انهدام الدين، وفساد العقيدة، ونسأل الله -جل وعلا- أن يحفظ المسلمين بحفظه، وأن يخلصهم من شرور الأشرار وكيد الفجار، إنه -تبارك وتعالى- سميع الدعاء، وهو أهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل.

اللهم اهد بهديك كل ضال. اللهم رده للإيمان والإحسان. وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان. اللهم اهدنا إليك هدياً مبيناً. وارزقنا طاعتك وحسن عبادتك. وأسعدنا دنيا وأخرى واجعلنا من الصالحين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله حمد الشاكرين؛ نحمده سبحانه وتعالى ما سبّحت بحمده ألسنة الذاكرين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وليّ الصالحين، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله إمام المتقين؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:
أيها المؤمنون: الله جل جلاله ما أنزل من داء إلا وقد أنزل له دواء، ومَنَّ على مَنَ يشاء بالشفاء، ولم يجعل شفاء هذه الأمة فيما حرم عليها فلا نعالج السحر بالسحر.

والمسلم عنده وقاية من كل شر ولديه حافظ من كل ضر، وهوكلام الله القرآن العظيم قال الله عن كلامه: ﴿ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44]، وقال في حقه أيضاً:﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82].

فقراءة القرآن حصن حصين؛ فعلى كل مؤمن ومؤمنة أن يحافظ على قراءة فاتحة الكتاب وآية الكرسي، وآيتي خاتمة سورة البقرة، وسورة الإخلاص والمعوذتين.

وقد علمنا رسول الله أذكاراً لو عملنا بالقليل منها؛ لحفظنا الله من كل شر، لو تمسكنا بكلمة بسم الله في كل عمل وفي كل حركة وفي كل نطق لكفتنا، ومن توجيهات الحبيب - صلى الله عليه وسلم - وهو يُعَوِّذ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فيَقُولُ-: "إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ" فيقول: "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ" رواه البخاري.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً؛ ثُمَّ قَالَ: أَعُوذ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرُّهُ شيء حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ" رواه الإمام مسلم.

وقال أيضاً: "من قال صباح كل يوم ومساء كل ليلة: ثلاثاً ثلاثاً بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم لم يضره شيء" رواه البخاري في الأدب المفرد.

ومن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن يتخذ المسلم ورداً فيه الآيات القرآنية والأذكار والأدعية النبوية، يقرؤه صباحاً مساءً، والأوراد متيسرة؛ فيخصص لها المسلم القليل من وقته في الصباح والمساء، ويحافظ عليها وعلى ركعات في بيته؛ يكون في حفظ الله وتحت رعايته وحمايته.

عباد الله:
أوجه في آخر خطبتي هذه رسالات قصيرة؛ رسالة إلى السحرة والمشعوذين أن يتقوا الله عز وجل وأن يتوبوا إليه وأن يفكوا كل سحرٍ أصابوا به إنسانا.

ورسالة أخرى إلى من يذهب إلى السحرة والمشعوذين أقول لهم اتقوا الله عز وجل ولا تبيعوا دينكم وتلحقوا الأذى بمسلمٍ من أجل دنيا دنيئة فانية، لا تبيعوا دينكم وتخسروا آخرتكم من أجل مالاً فاني أو حقد يزول بالعفو والصفح والحب والوئام، لا تبيعوا دينكم وتخسروا آخرتكم لأي سببٍ من الأسباب، اليوم دنيا فانية وحياة قصيرة وغداً آخرة وحياة أبدية إما في جنة وإما في نار تلظى أعاذني الله وأياكم منها.

ورسالة أخيرة إلى من أصيب بمرضٍ في بدنه أو بمس أو عين أو سحر أن يلجأ ويتوكل على الله عزوجل وحده ويطلب الشفاء منه سبحانه قبل كل شيء، ثم يعمل بالأسباب، ولا يكن ظنك أخي المريض أن الطبيب أو الراقي أو القرآن يملكون شفائك بل ليكن ظنك أن الله وحده من يملك الشفاء سبحانه، وإنما هذه أسباب نطلب الله أن يشفينا عن طريقها، فالطبيب يعمل حسب علمٍ علمه الله ويصف لك دواء لعل الله أن يشفيك، والراقي يرقي بكلام الله والأدعية النبوية ويطلب الله أن يشفيك بها، وأعلم أخي المريض أن أنت أفضل راقٍياً لنفسك؛ فأقرأ القرآن بإخلاص وتدبر وفي نيتك أن الشفاء بيد الله سبحانه وإن القرآن سبب من أسباب الشفاء فأقرأه وانفث على جسم ومكان مرضك، واعلم أن القرآن شفاءٌ بإذن الله لكل مرض سواء عضوي أو حسي أو نفسي، فهو بإذن الله يشفي آلام البطن والظهر والجلد والصداع والهم والسحر والمس والعين وغيرها من الامرض.

اللهم احفظنا بحفظك العظيم. واسترنا بسترك العميم. واجمعنا على صراطك المستقيم اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، وجلاء همومنا وغمومنا، ونور أبصارنا، وهدايتنا في الدنيا والآخرة، اللهم ألهمنا رشدنا. وأعذنا من شرور أنفسنا. ومن سيئات أعمالنا.

اللهم إنا نعوذ بك من إبليس وذريته، ونعوذ بك من شر كل ذي شر ومن شر النفاثات في العقد. ومن شر حاسد إذا حسد. اللهم ألف بين قلوبنا على الخير والهدى، واجمع شملنا على البر والتقوى.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنَانا فِي أنَفْسِنا، وَالْيَقِينَ فِي قَلْوبِنا، وَالْإِخْلَاصَ فِي أَعمَالِنا، وَالنُّورَ فِي أبصَارِنا، وَالْبَصِيرَةَ فِي دِينِنا، وَانْصُرْنا عَلَى مَنْ ظَلَمَنا، اللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتنا، وَاسْتُرْ عَوْرَتنا، وَاغْفِرْ لنا خَطِيئَتنا.

اللهم واغفر لآبائنا وأمهاتنا. وانشر الوئام بين عائلاتنا. واجعلنا في إخاء ووفاء وصفاء يَا ذَا الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ، يَا ذَا الْعَهْدِ وَالْوَفَاءِ، يَا ذَا الْعَفْوِ وَالرِّضَا، يَا ذَا الْمَنِّ وَالْعَطَاءِ، يَا ذَا الْفَضْلِ وَالْقَضَاءِ.

يَا ذَا الْعِزِّ وَالْبَقَاءِ، يَا ذَا الْجُودِ وَالسَّخَاءِ، نسألك اللهم عزةً ورفعةً للإسلام والمسلمين وذلاً وخذلاناً لكل من يحارب هذا الدين. ونسألك اللهم نصراً مؤزراً لإخواننا المسلمين في كل مكان.

اللهم أمنا في دورنا، ووفق إلى الخير والصلاح ولاة أمورنا، واجعل اللهم بلدنا آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، وصلي اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.78 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.87%)]