** استضافات اسبوعية .. لشخصيات اسلامية .. - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الاكتفاء بسماع أذكار الصباح والمساء عند قولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الفرصة الأخيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ترزقوا وتنصروا وتجبروا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          لا سمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ ، أوْ مُسافِرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          على أبواب العشر الأواخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          رمضان شهر الإقبال على مجالس العلم والعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          التغيير الشامل في رمضان .. هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تاريخ غزوة بدر .. الميلاد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-06-2011, 06:55 PM
الصورة الرمزية الدكتور مؤمن
الدكتور مؤمن الدكتور مؤمن غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
مكان الإقامة: مصراوى
الجنس :
المشاركات: 895
الدولة : Egypt
Thumbs up ** استضافات اسبوعية .. لشخصيات اسلامية ..

** استضافات اسبوعية .. لشخصيات اسلامية ..





الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
نبينا وحبيبنا سيدنا
محمد صلى الله عليه واله وسلم
نتناول في هذا الموضوع
إن شاء الله تعالى ..
شخصيات اسلامية
أعلام النبلاء
والائمة والصحابة وعن حياتهم ..
فى استضافات اسبوعية ..




فى تاريخ الاسلام الكثير والكثير
من العظماء الذين حملوا هم
الدين على عاتقهم
وجعلوا من حياتهم خادما
لهذا العمل
وهؤلاء العظماء الذين فتح
الله على ايديهم مشارق الارض
ومغاربها نشروا فيها الضياء
بعد ان اصبحت الظلمة هى الصفة
الوحيدة الغالبة فى تلك الازمان
ونشروا فيها العلم
بعد ان كان الجهل اصبح
شيئا عاديا يتفاخر به البعض
احيانا
ونشروا العدل
حتى رعى الذئب الغنم

فــــــ...

عذرآ
لكل من تطلقون عليهم عظماء
فى هذا الزمان

عذرآ
يا من يدعونك اعظم عالم فى الكون !

عذرآ
يا من يدعونك اعظم قائد عسكرى فى العالم !

عذرآ
يا من يدعونك اعظم حاكم فى عدله !

عذرآ
لكم جميعا !!

لستم بعظماء

هؤلاء هم العظمــــــاء


ان شاء الله
هختار شخصية كل اسبوع
وهاتكلم فيها عن
العلامات البارزة فى حياته
وعن تأثيرة فى مجرى التاريخ
الاسلامــــــى ..
" الموضوع متجدد ان شاء الله "



المصدر

سير اعلام النبلاء للامام الذهبى

تابعوناااااااا ..
__________________






رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-06-2011, 09:46 PM
الصورة الرمزية الدكتور مؤمن
الدكتور مؤمن الدكتور مؤمن غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
مكان الإقامة: مصراوى
الجنس :
المشاركات: 895
الدولة : Egypt
Arrow ** شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله ..





شخصية الاسبوع الاول


شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله


ابن تيمية الشيخ الإمام العالم،
المفسر، الفقيه، المجتهد، الحافظ، المحدث، شيخ الإسلام،
نادرة العصر، ذو التصانيف الباهرة، والذكاء المفرط ..

الذهبي
***
إمام الأئمة المجتهد المطلق ..
الشوكاني
***
كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أن أحداً لا يعرفه مثله، وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا في مذاهبهم منه ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك، ولا يعرف أنه ناظر أحداً فانقطع معه ولا تكلم في علم من العلوم، سواء أكان من علوم الشرع أم غيرها إلا فاق فيه أهله، والمنسوبين إليه، وكانت له اليد الطولى في حسن التصنيف، وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتبيين .
كمال الدين بن الزملكاني
***
صليت مرة الفجر خلف شيخ الإسلام بن تيمية
فظل يذكر الله حتى انتصف النهار ،
ثم التفت إلى وقال هذه غدوتي لو لم أتغذى غدوتي سقطت قوتى .
ابن القيم
***
سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات،
وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير.
وعني بالحديث وقرأ ونسخ، وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي ، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كلياً، حتى حاز فيه قصب السبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك.
هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فُرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه ..
وقلّ كتاب من فنون العلم إلا وقف عليه، كأن الله قد خصه بسرعة الحفظ، وإبطاء النسيان لم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء - غالباً - إلا ويبقى على خاطره، إما بلفظه أو معناه، وكان العلم كأنه قد اختلط بلحمه ودمه وسائره.
ابن عبد الهادي



من هو


هو أحمد تقي الدين أبو العباس
بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله
بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر
بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني .
أحد علماء المسلمين الحنابلة .

وذكر مترجموه أقوالاً في سبب تلقيب العائلة بآل (تيمية)
منها ما نقله ابن عبد الهادي رحمه الله :
(أن جده محمداً كانت أمه تسمى (تيمية)، وكانت واعظة،
فنسب إليها، وعرف بها.

وقيل : إن جده محمد بن الخضر حج على درب تيماء،
فرأى هناك طفلة، فلما رجع وجد امرأته قد ولدت بنتاً له فقال :
يا تيمية، يا تيمية ، فلقب بذلك .

ولد رحمه الله يوم الاثنين، عاشر، وقيل:
ثاني عشر من ربيع الأول سنة 661هـ. في حرّان .
وفي سنة 667هـ أغار التتار على بلده، فاضطرت عائلته إلى ترك حران، متوجهين إلى دمشق ، وبها كان مستقر العائلة، حيث طلب العلم على أيدي علمائها منذ صغره، فنبغ ووصل إلى مصاف العلماء من حيث التأهل للتدريس والفتوى قبل أن يتم العشرين من عمره .

قرأ الحديث والتفسير واللغة وشرع في التأليف من ذلك الحين.
بَعُدَ صيته في تفسير القرآن واستحق الإمامة في العلم والعمل
وكان من مذهبه التوفيق بين المعقول والمنقول.
يقال عنه أنه كان مقترحا متحمسا للجهاد والحكم الشرعي,
وقد كان أيضا شخصا مؤثرا في نمو حركة الإسلام السياسي.

كثر مناظروه ومخالفوه من علماء عصره، ومن جاء بعدهم،
(
ذكر منهم ابن حجر الهيتمي : تقي الدين السبكي، وتاج الدين السبكي، وابن جماعة، وابن حجر الهيتمي نفسه، وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية) ،
وانتقدوا عليه أمورا يعتقدون أنه قد خرج بها على إجماع علماء عصره، منها :
القول بقدم العالم بالنوع، والنهي عن زيارة قبور الأنبياء، وشد الرحال لزيارة القبور والتوسل بأصحابها، ومسألة في الطلاق بالثلاثة هل يقع ثلاثة .

حتى اشتكوا عليه في مصر فطُلِبَ هناك وعُقِدَ مجلس لمناظرته ومحاكمته حضره القضاة وأكابر رجال الدولة والعلماء فحكموا عليه وحبسوه في قلعة الجبل سنة ونصفا مع أخويه وعاد إلى دمشق ثم أعيد إلى مصر وحبس في برج الإسكندرية ثمانية أشهر وأُخرج بعدها واجتمع بالسلطان في مجلس حافل
بالقضاة والأعيان والأمراء وتقررت براءته وأقام في القاهرة مدة ثم عاد إلى دمشق وعاد فقهاء دمشق إلى مناظرته في ما يخالفهم فيه وتقرر حبسه في قلعة دمشق ثم أفرج عنه بأمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون واستمر في التدريس والتأليف إلى أن توفي في سجن قلعة دمشق عن 67 عاما.

صنف كثيرا من الكتب منها ما كان أثناء اعتقاله. من تصانيفه :
(فتاوى ابن تيمية) و(الجمع بين العقل والنقل)
و(منهاج السنة النبويه في نقض الشيعة والقدرية)
و (الفرقان بين أولياء الله والشيطان).

حضّ على جهاد المغول وحرّض الأمراء على قتالهم،
وكان له دور بارز في انتصار المسلمين في معركة شقحب .




عائلته


أعلام ومشاهير آل تيمية من القرن السادس إلى التاسع الهجري
ترجع نسب اسرته إلى جده الأكبر محمد بن الخضر،
ولم يذكر الؤرخون اسم قبيلته بل ينسبونه إلى حران والبعض ينسبه إلى قبيلة نمير
أما سبب شهرة الأسرة بإبن تيمية ؛ فهو أن جده محمد بن الخضر حج وله امرأة حامل ومر في طريقه على درب تيماء فرأى هناك جارية طفلة قد خرجت من خبائها
فلما رجع إلى حران وجد امرأته قد ولدت بنتا فلما رآها قال : ياتيمية فلقب بذلك .

وقيل أن جده محمدا هذا كانت أمه تسمى تيمية ،
وكانت واعظة فنسب إليها هو وبنوه .

وأسرة الإمام تقي الدين أحمد عريقة في التدين والمعرفة والعلم ،
وقد عرفوا بذلك من زمن طويل ، ويعتبرون من حماة المذهب الحنبلي .
فجده أبو البركات مجد الدين من
أئمة المذهب الحنبلي وسمي بالمجتهد المطلق ،
وقال عنه الإمام الذهبي :
"حكي لي شيخ الإسلام ابن تيمية بنفسه
أن الشيخ ابن مالك كان يقول:
لقد ألان الله الفقه لمجد الدين ابن تيمية
كما ألان الحديد لداود عليه السلام.
" وقد توفي سنة 652هـ
والده هو عبد الحليم بن مجد الدين عبد الله بن عبد الله ابن أبي القاسم ابن تيمية الحراني ، وكان له كرسي بجامع دمشق، وولى مشيخة دار الحديث السكرية بالقصاعين، وبها كان سكنه ، وقد توفي سنة 682هـ بدمشق ودفن في مقابر الصوفية.
ولعبد الحليم العديد من الأبناء منهم :
تقي الدين صاحبنا الذي ولد سنة 661هـ، وزين الدين الذي كان تاجرا وعاش بعد وفاة أخيه تقي الدين، وشرف الدين المولود بحران سنة 666هـ .




طفولته وشبابه


ولد تقي الدين أحمد بن تيمية
يوم الإثنين 10 ربيع الأول661 هـ الموافق 22 يناير1263م في
حران وهي بلدة تقع حاليا في الجزيرة الفراتية بين دجلة والفرات.
وعاش فيها إلى أن اتم السن السابعة في سنة 667هـ،
حيث بدأت التهديدات المغولية على تلك المناطق والفظائع التي ارتكبتها تلك الجيوش بالظهور بشكل ألزم العديد من الأهالي بالنزوح إلى مناطق أكثر أمنا، فهاجرت أسرة ابن تيمية حاملة متاعها إلى دمشق. فما أن وصلوا إليها حتى بدأ عبد الحليم والد تقي الدين بالتدريس في الجامع الأموي في دار الحديث السكرية بالقصاعين ولم يفارقها إلا أن تُوفى .




بداية عمله بالتدريس


بدأ تقي الدين حياته بتعلم القرآن،
فحفظه صغيرا وتعلم التفسير والفقه، وقد افتى وله تسع عشرة سنة، وشرع في الجمع والتأليف من ذلك الوقت .
وماكاد أن يبلغ من العمر الحادية والعشرين حتى توفي والده عبد الحليم فقيه الحنابلة سنة 682 هـ / 1283 م فخلفه فيها ابنه تقي الدين أبو العباس وقد كان عمره إذ ذاك 22 سنة.
وقد كان يجلس بالجامع الأموي بعد صلاة الجمعة على منبر
قد هيء له لتفسير القرآن الكريم .




حروب المغول


بدأ سلطان مغول الإلخانات محمود غازان بالمسير مع جيوشه
إلى الشام في محرم 699 هـ / أكتوبر 1299م.
وتمكن جيشه من الاستيلاء على حلب ، وقد هزم المغول وحلفائهم المماليك في معركة وادي الخزندار بتاريخ 27 ربيع الأول 699هـ / 23 أو 24 ديسمبر من عام 1299،

ونهب المغول الأغوار حتى بلغوا القدس،
ووصلوا إلى غزة حيث قتلوا بعض الرجال في جامعها.
وتقدمت جيوش غازان ودخلت دمشق في الفترة ما بين 30 ديسمبر 1299 و6 يناير 1300 ونهبوها، ولكن صمدت امامهم قلعتها، ورفض الأمير علم الدين سنجر المنصوري نائب قلعة دمشق المعروف بأرجواش الخضوع لغازان وتحصن في القلعة.




ابن تيمية المجاهد


مع اقتراب المغول لغزو دمشق من جديد عام 1303
بعهد المماليك بدأ ابن تيمية تحريض أهل الشام في دمشق وحلب
وانتدبه الناس للسفر إلى مصر لملاقاة سلطانها الناصر محمد بن قلاوون ، وحثه على الجهاد وأعاد نشر فتاويه في حكم جهاد الدفع ورد الصائل ثم سافر إلى أمير العرب مهنا بن عيسى الطائي فلبى دعوة ابن تيمية لملاقاة التتار.

وبعد استكمال الاستعدادات اجتمعت جيوش المسلمين من الشام ومصر وبادية العرب في شقحب أو مرج الصفر جنوبي دمشق في شهر رمضان فأفتى ابن تيمية بالإفطار وأنه خير من الصيام وأخذ يلف على الجند يأكل من طعام في يده يشجعهم على الأكل ..
واندلعت الحرب بقياد السلطان الناصر والخليفة المستكفي بالله
الذي كان يقيم في القاهرة فدامت يومين انتهت بانتصار المسلمين وبانتهاء معركة شقحب لم يدخل التتار الشام والعراق ومصر والحجاز .
وتعتبر معركة شقحب من المعارك الفاصلة بالتاريخ الإسلامي ضد المغول بعد عين جالوت وهي الوحيدة التي شارك فيها الشيخ ابن تيمية وكان له الفضل في تشجيع الناس والشد على عزيمة الحكام وجمع الأموال من تجار دمشق لتمويل جيش الدفاع عن دمشق وكان على رأس جيش دمشق الذي حارب
وهزم المغول وطاردهم شرقاً في داخل سورية حتى نهر الفرات.

كان ابن تيمية أول الواصلين إلى دمشق يبشر الناس بنصر المسلمين ولما أحس بخوف السلطان من أن يستغل ابن تيمية حب الناس له
فيثور عليه قال :
" أنا رجل ملة لا رجل دولة ".

***


إذا رأيتموني في ذلك الجانب
( أي في جانب العدو ) وعلى رأسي مصحف فاقتلوني .

***
وكذلك إذا صار لليهود دولة بالعراق وغيره ،
تكون الرافضة من أعظم أعوانهم ،
فهم دائماً يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى ،
ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم .

***
الصلاة فيها دفع مكروه وهو الفحشاء والمنكر،
وفيها تحصيل محبوب وهو ذكر الله،
وحصول هذا المحبوب أكبر من دفع ذلك المكروه.

***
الدنيا كلها ملعونة ، ملعون ما فيها ،
إلا ما أشرقت عليه شمس الرسالة ، وأس بنيانه عليها ،
ولا بقاء لأهل الأرض إلا مادامت آثار الرسل موجودة فيهم ،
فإذا درست آثار الرسل من الأرض و انمحت بالكلية خرب الله العالم العلوي والسفلي وأقام القيامة .

***
كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته،
وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ..
وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك ؛
فسببه مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم
والدعوة إلى غير الله .

***


قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء
أو الحالة التي تُشْكِل عليّ فأستغفر الله تعالى ألف مرة
أو أكثر أو أقل حتى ينشرح الصدر ويَنْحَلّ إشْكال ما أشْكَل .

***
قال :وأكون إذ ذاك في السوق أو المسجد أو الدرب أو
المدرسة لا يمنعني ذلك مِن الذِّكْر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي .

***
ومن الناس من يزهد لطلب الراحة من تعب الدنيا ،
ومنهم من يزهد لمسألة أهلها ، والسلامة من أذاهم ،
ومنهم من يزهد في المال لطلب الراحة ،

إلى أمثال هذه الأنواع التي لا يأمر الله بها ولا رسوله
صلى الله عليه وسلم ، وإنما يأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يزهد فيما لا يحبه الله ورسوله ، ويرغب فيما يحبه الله ورسوله ، فيكون زهده هو الأعراض عما لا يأمر الله به ورسوله ، أمر إيجاب ولا أمر استحباب ، سواء كان محرما ، أو مكروها ،
أو مباحا مستوي الطرفين في حق العبد ،
ويكون مع ذلك مقبلا على ما أمر الله به ورسوله ،
وإلا فترك المكروه بدون فعل المحبوب ليس متعين كذلك ، بل تزكو النفس ، فإن الحسنات إذا انتفت عنها السيئات زكت ، فبازكاة تطيب النفس من الخبائث ، وتعظم في الطاعات ،
كما أن الزرع إذا أزيل عنه الدغل زكا وظهر وعظم .

***
الخشوع يتضمن معنيين ، أحدهما : التواضع والذل
والثاني : السكون والطمأنينة ، وذلك مستلزم للين القلب المنافي للقسوة ، فخشوع القلب يتضمن عبوديته لله وطمأنينته أيضا ،
ولهذا كان الخشوع في الصلاة يتضمن هذا ،
وهذا
: التواضع ، والسكون .

وعن ابن عباس في قوله :
"الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ" المؤمنون (2) قال: مخبتون أذلاء .

وعن الحسن وقتادة : خائفون . وعن مقاتل : متواضعون . وعن علي : الخشوع في القلب ، وأن تلين للمرء المسلم كنفك ، ولا تلتفت يمينا ويسارا
وقال مجاهد : غض البصر وخفض الجناح ،
وكان الرجل من العلماء إذ قام إلى الصلاة يهاب الرحمن أن يشد بصره ، أو أن يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا ،
وعن عمرو بن دينار : ليس الخشوع الركوع والسجود ،
ولكنه السكون وحب حسن الهيئة في الصلاة
.

وعن ابن سيرين وغيره : كان النبي وأصحابه يرفعون أبصارهم
في الصلاة إلى السماء ، وينظرون يمينا وشمالا حتى نزلت هذه :
"قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2)"
فجعلوا بعد ذلك أبصارهم حيث يسجدون ،
وما رؤي أحد منهم بعد ذلك ينظر إلا إلى الأرض
.


وعن عطاء : هو أن تعبث بشيء من جسدك وأنت في الصلاة
وأبصر النبي
صلى الله عليه وسلم رجلا يعبث بلحيته
في الصلاة فقال
صلى الله عليه وسلم
(لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه)
وخشوع الجسد تبع لخشوع القلب ،
إذا لم يكن الرجل مرائيا يظهر ما ليس في قلبه كما روى :
تعوذوا بالله من خشوع النفاق ، وهو أن يرى الجسد خاشعا والقلب خاليا لا هيا .
فهو سبحانه استبطأ المؤمنين بقوله :
"أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ"
فدعاهم إلى خشوع القلب لذكره وما نزل من كتابه ،
ونهاهم أن يكونوا كالذين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم ،
وهؤلاء هم الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ،
وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا.

***


دخل السجن في شهر شعبان سنة 726هـ
ومكث فيه حتى مرض الشيخ أياما يسيرة،
فاستأذن الكاتب
شمس الدين الوزير بالدخول عليه فأذن له
في ذلك فلما جلس عنده اخذ يعتذر له ويلتمس منه أن يحله مما وقع منه في حقه من تقصير أو غيره، فأجابه ابن تيمية بأني قد أحللتك وجميع من عاداني.

وقد مات في 26 من ذي القعدة سنة 728هـ ،
ولم يعلم أكثر الناس بمرضه حتى فوجئوا بموته.

ذكر خبر وفاته مؤذن القلعة على منارة الجامع
وتكلم به الحرس على الأبراج فتسامع الناس بذالك
واجتمعوا حول القلعة حتى أهل الغوطة والمرج
وفتح باب القلعة فامتلأت بالرجال والنساء،

وكانت جنازته عظيمة جدا وأقل ما قيل في عددهم خمسون ألفا
والأكثر أنهم يزيدون على خمسمائة ألف .

وقال العارفون بالنقل والتاريخ لم يسمع بجنازة بمثل هذا الجمع
إلا جنازة الامام أحمد بن حنبل.

***
ولما توفي في السجن رثاه
ابن الوردى رحمه الله بقصيدة بليغة يقول فيها :

عثا في عرضِهِ قومٌ ســـــــــلاطٌ ... لهمْ منْ نثرِ جوهرِهِ التقاطُ
تقيُّ الدينِ أحمدُ خيرُ حَبْـــرٍ ... خُروقُ المعضلاتِ بهِ تُخاطُ
توفي وهْوَ محبوسٌ فريــــــــــدٌ ... وليسَ لهُ إلى الدنيا انبساطُ
ولو حضروهُ حينَ قضى لألفَوا ... ملائكةَ النعيمِ به أحاطوا
قضى نحباً وليسَ لهُ قـــــــــرينٌ ... ولا لنظيرِهِ لُفَّ القمــــــاطُ
فريداً في ندى كفٍّ وعلــــــــمٍ ... وحلُّ المشكلاتِ به يُنــــاطُ
وكانَ إلى التقى يدعو البرايا ... وينهى فرقةً فسقوا ولاطوا
وكانَ يخافُ إبليسٌ سطــــــــاهُ ... بوعظٍ للقلوبِ هوَ السياطُ
فيا لله ماذا ضمَّ لحــــــــــــــــدٌ ... ويا للهِ ما غطَّى البســــــــاطُ
هُمْ حسدوهُ لما لم ينالـــــــوا ... مناقبَهُ فقد مكروا وشاطـــوا
وكانوا عن طرائقهِ كســــالى ... ولكنْ في أذاهُ لهم نشــــاطُ
وحبسُ الدرِّ في الأصدافِ فخرٌ وعندَ الشيخِ بالسجنِ اغتباطُ
بآلِ الهاشميّ لهُ اقتــــــــداءٌ ... فقد ذاقوا المنونَ ولمْ يواطُوا
بنو تيميَّةٍ كانوا فباتـــــــــوا ... نجومَ العلمِ أدركها انهبـــــــاطُ
ولكنْ يا ندامةَ حاسديـــــهِ ... فشكُّ الشركِ كانَ بهِ يُمـــــــــاطُ
ويا فرحَ اليهودِ بما فعلتم ... فإنَّ الضدَّ يعجبُهُ الخبــــــــــاطُ
ألمْ يكُ فيكمُ رجلٌ رشيدٌ ... يرى سجنَ الإمامِ فيُستشاطُ
إمامٌ لا ولايةَ كانَ يرجـــو ... ولا وقفٌ عليهِ ولا ربـــــــــــاطُ
ولا جاراكمُ في كسبِ مالٍ ... ولم يُعْهَد لهُ بكمُ اختــــلاطُ
ففيمَ سجنتموهُ وغظْتموهُ ... أما لجزا أذِيَّتِهِ اشـــــــــتراطُ
وسجنُ الشيخِ لا يرضاهُ مثلي ... ففيهِ لقدرٍ مثلكمُ انحطاطُ
أما واللهِ لولا كتمُ ســــــــرّي ... وخوفُ الشرِّ لانحلَّ الربـاطُ
وكنتُ أقولُ ما عندي ولكنْ ... بأهلِ العلمِ ما حَسُنَ اشتطاطُ
فما أحدٌ إلى الإنصافِ يدعو ... وكلٌّ في هواهُ لهُ انخراطُ
سيظهرُ قصدُكم يا حابسيـــــهِ ... ونيتُكُمْ إذا نُصِبَ الصّراطُ
فها هو ماتَ عندكمُ استرحتمْ ... فعاطوا ما أردتم أنْ تعاطوا
وحُلُّوا واعقدوا منْ غير ردٍّ ... عليكمْ وانطوى ذاكَ البساطُ
***
رحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية ناصر السنة
وقامع البدعة والفتنة فقد فضح أهل الأهواء والشهوات
وفضح المتصوفة والروافض وما زالت امتنا تنهل من علمه إلى يومنا هذا وإلى ماشاء الله فقد كان حجة في قوله وفهمه وسلامة عقيدته جمعنا الله وإياه في جنات النعيم مع الأنبياء والصالحين
والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ..




بعض شيوخه


الشيخ زين الدين ابن المنجا ومجد الدين ابن عساكر وغيرهم.

********

بعض تلامذته


شمس الدين ابن قيم الجوزية.
أبو عبد الله محمد الذهبي صاحب (ميزان الاعتدال).
إسماعيل بن عمر بن كثير.
محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي.
أبو العباس أحمد بن الحسن الفارسي المشهور بقاضي الجبل.
زين الدين عمر الشهير بابن الوردي.
وغيرهم



من مؤلفات ابن تيمية



في التفسير
* رسالة في منهاج التفسير وكيف يكون.
* كيفية الخلاص في تفسير سورة الإخلاص.
* جواب أهل العلم والايمان بتحقيق ما أخبر به
رسول الرحمن
صلى الله عليه وسلم من أن
{قل هو الله أحد} تعدل ثلث القران.
* تفسير المعوذتين.

في العقيدة
الايمان الكبير: تكلم فيه ابن تيمية عن مسائل الإيمان.
الإيمان الأوسط.
الاستقامة.
بيان موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول (طبع في 11 مجلدا).
السبعينية لابن تيمية وله اسم آخر هو :
(بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية
أهل الإلحاد من القائلين بالحلول والاتحاد) يرد فيه على ابن سبعين أحد أعلام الصوفية وأمثاله من الفلاسفة القائلين بالجمع بين الفلسفة والشريعة، ويحتوي الكتاب على حكاية مذاهب الفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام والمقارنة بينها ومناقشتها والرد عليها.
اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم: تكلم فيه
عن مسائل التشبه باليهود والنصارى وأعيادهم وهو شرح لحديث
الرسول
صلى الله عليه وسلم
"من تشبه بقوم فهو منهم"
الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
رسالة في علم الباطن والظاهر
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة.
الفتوى الحموية.
الرسالة التدمرية.
العقيدة الواسطية
رسالة مراتب الإدارة.
الاحتجاج بالقدر.
بيان الهدى من الضلال.
الجواب الصحيح فيمن بدل دين المسيح.
معتقدات اهل الضلال.
معارج الوصول.
السؤال عن العرش.
بيان الفرقة الناجية.
درء تعارض العقل والنقل:
هو كتاب من أشهر كتب ابن تيمية في مناقشة الفلاسفة
وأهل الكلام وقد ألفه في الرد على القانون الكلي لفخر الدين الرازي.
العبودية
السياسة الشرعية لأصلاح الراعي والرعية
الصارم المسلول لشاتم الرسول
منهاج السنة النبوية:
كتاب ألفه للرد على الإمامية وهو أشهر كتاب في الرد على الشيعة، وقد ألفه ابن تيمية في الرد على ابن المطهر الحلي -
أحد أشهر علماء الشيعة الإمامية الإثنى عشرية - وكتابه (منهاج الكرامة).

بيان تلبيس الجهمية:
كتاب لابن تيمية في الرد الفلاسفة وأهل الكلام
وكافة الطوائف المنتسبة للإسلام المخالفة للسلفية ومناقشة مذاهبهم
والمقارنة بينها، وهو من أعظم كتب ابن تيمية وأوسعها،
وقد ناقش فيها على الكثير من علماء الكلام والفلاسفة إبطال قول
الفلاسفة باثبات الجواهر العقلية.

مجموع فتاوى ابن تيمية :
جمعها عبد الرحمن بن قاسم وتقع في (37) مجلدا.
شرح حديث النزول.
نقض المنطق.
الرد على المنطقيين :
كتاب لابن تيمية في الرد على علماء المنطق والفلاسفة
وبيان أنه لا توجد منفعة من علم المنطق.
رفع الملام عن الأئمة الأعلام يدافع فيها على المذاهب الأربعة
الواسطة بين الحق والخلق.
فتوي ابن تيمية عن كتاب فصوص الحكم
الوصية الصغرى
في الفقه
رسالة القياس.
القواعد.
رسالة الحسبة.
الأمر بالمعروف.
العقود.
المظالم المشتركة.
حقيقة الصيام.
قصائده
ياسائلي عن مذهبي وعقيدتي
القصيدة التائية.
مؤلفاته
الاربعين التي رواها شيخ الإسلام بالسند
الاكليل في المتشابه والتأويل
التبيان في نزول القرآن
الرساله الاكمليه
الرساله العرشية
القاعدة المراكشية
رسالة إلى اهل البحرين في رؤية الكفار ربهم
رسالة ايضاح الدلالة في عموم الرسالة
رسالة في أمراض القلوب وشفاؤها
العقيدة الواسطية
صارم المسلول لشاتم الرسول
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية



تم بحمد الله

يتبع
__________________






رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-06-2011, 01:18 AM
الصورة الرمزية طه الجاعوني
طه الجاعوني طه الجاعوني غير متصل
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
مكان الإقامة: فلسطين غزة
الجنس :
المشاركات: 732
الدولة : Palestine
افتراضي رد: ** استضافات اسبوعية .. لشخصيات اسلامية ..

شكرا يا دكتور مؤمن على الموضوع القيم
__________________
يا أقصى ما انت وحيد
سيدناك قلوبنا
عنك والله ما نغيب
انت سراج دروبنا
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-06-2011, 05:32 AM
الصورة الرمزية الدكتور مؤمن
الدكتور مؤمن الدكتور مؤمن غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
مكان الإقامة: مصراوى
الجنس :
المشاركات: 895
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ** استضافات اسبوعية .. لشخصيات اسلامية ..



بارك الله فيك .. ونفع بك ..
وجزانا الله واياك كل خير ..

__________________






رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-06-2011, 06:15 AM
الصورة الرمزية الدكتور مؤمن
الدكتور مؤمن الدكتور مؤمن غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
مكان الإقامة: مصراوى
الجنس :
المشاركات: 895
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ** استضافات اسبوعية .. لشخصيات اسلامية ..





شخصية الاسبوع الثانى


الامام العلامة أحمد بن حنبل رحمه الله


مولده وحياته


ولد الإمام أحمد في ربيع الأول من عام 164 هـ
في بغداد في خلافة المهدي.
ونشأ وتعلم بها يتيماً ترعاه أمه.
واختلف إلى الكتّاب، ثم اختلف إلى الديوان وهو ابن أربع عشرة سنة.
وشب أحمد على أدب عظيم، وخلق كريم، ودين عميق.
كان جند الخليفة مع الخليفة في الرقة، فكانوا يكتبون رسائلهم إلى نسائهم وبيوتهم، فتبعث النساء إلى المعلم:
ابعث إلينا بأحمد بن حنبل ليكتب لنا جواب كتبهم، فيبعثه.
فكان يجيء إليهن مطأطئ الرأس، فيكتب جواب كتبهم
فريما أمْلين عليه الشيء من المنكر فلا يكتب لهن.
وقد حدّث المروذي قال : قال لي أبو عفيف –وذكر أبا عبد الله أحمد بن حنبل-: كان في الكتاب معنا وهو غليّم نعرف فضله. وبدافع الرغبة في العلم أقبل أحمد الطفل الصغير بكل قلبه وجوارحه على العلم والدرس والقراءة، موفور الموهبة،نام المَلَكة، وأخذ يتردد على حلقات العلم في بغداد، وهو موضع الإعجاب من الناس. قال المروذي: قال لي أبو سراج بن خزيمة –وهو ممن كان مع أحمد في الكتّاب-: إن أبي جعل يعجب من أدب أحمد وحسن طريقته. فقال لنا ذات يوم: أنا أنفق على أولادي وأجيئهم بالمؤدبين على أن يتأدبوا، فما أراهم يفلحون، وهذا أحمد بن حنبل غلام يتيم، انظر كيف يخرج؟ وجعل يعجب. وكان الهيثم بن جميل يقول عن أحمد: أحسب هذا الفتى –إن عاش- يكون حجة على أهل زمانه.
وشاهد أحمد نهاية خلافة المهدي
وسنه خمس سنوات، ثم شاهد نهاية خلافة الهادي وأول خلافة الرشيد وسنه ست سنوات.




حياته فى عصر الرشيد


عاش أحمد في عصر الرشيد يطلب العلم ويحصله،
يمضي ليله ونهاره كله في سبيله. قال أحمد: طلبت الحديث في سنة 179 هـ وأنا ابن ست عشرة سنة، وهي أول سنة طلبت الحديث فيها، فجاءنا رجل فقال: مات حماد بن زيد.
شيوخ الإمام أحمد
التقى الإمام أحد رحمه الله بعدد كبير من أئمة عصره،
وأخذ عنهم، وحل في طلب العلم، والتقى في رحلاته بالكثير من العلماء. ومن مشايخه الذين سمع منهم ما ذكرهم أحمد بقوله: سمعت من سليمان بن حرب بالبصرة سنة 194 هـ، ومن أبي النعمان عارم في تلك السنة، ومن أبي عمر الحوضي أيضاً، وأتيت مجلس ابن المبارك، وقد قدم علينا سنة 179 هـ، وسمعت من علي بن هاشم بن البريد سنة 179 هـ في أول سنة طلبت الحيدث، ثم عدت إليه في المجلس الآخر وقد مات، وهي السنة التي مات مالك بن أنس. وكان أحمد يقول: أول سماعي من هُشيم. وهؤلاء جميعاً من شيوخه في الحديث، ومن مشايخه أيضاً سفيان بن عيينة وإسماعيل ابن علية.

ومن شيوخه في الحديث كذلك
عبد المؤمن العبسي، وسمع منه سنة 182 هـ. ومنهم عبد الرحمن بن مهدي، وأبو بكر بن عياش.

قال أحمد:
قدم عبد الرحمن بن مهدي بغداد سنة 180 هـ، وهو ابن خمس وأربعين، وكنت أراه في المسجد الجامع، فأتيناه ولزمناه، وكتبنا عنه ها هنا.

ومن حدث عنه أحمد من النساء أم عمر بنت حسان بن زيد الثقفي.



رحلاته في طلب العلم


لقد رحل الإمام أحمد كثيراً في طلب العلم،
فرحل إلى اليمن والتقى بعبد الرزاق وأخذ عنه، ورحل إلى مكة وإلى البصرة وإلى الري. قال أحمد: كنا عند عبد الرزاق في اليمن، فجاءنا موت سفيان بن عيينة، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد سنة 198 هـ.

وممن التقى بهم في الري
عليّ بن مجاهد حيث رحل أحمد إليه عام 182 هـ، وهي أول سنة رحل فيها في طلب العلم، وسمع من جرير بن عبد الحميد في الري.


ورحل إلى البصرة عام 186هـ في طلب الحديث،
وسمع من سفيان بن عيينة عام 187 هـ، وفي هذا العام أدى فريضة الحج، وخرج إلى الكوفة في طلب الحديث فأصابته حمى فعاد إلى بغداد.


وقال أحمد: دخلت عبدان سنة 186 هـ.

ويقول أحمد أيضاً: دخلت البصرة خمس دخلات،
وذلك ليسمع من محدثيها، وكذلك رحل إلى الحجاز خمس مرات. وشاهد فيضان دجلة الكبير عام 186 هـ في أيام الرشيد الذي اضطر الرشيد بسببه إلى النزول بأهله وحرمه وأمواله إلى السفن. ومنع السندي بن شاهك والي بغداد الناس من العبور إشفاقاً عليهم، فأقام أحمد بن حنبل لا يستطيع الرحلة من أجل العلم.




لقياه بالشافعي


من أبرز الشخصيات التي التقى بها الإمام أحمد
أثناء رحلاته، وأثناء إقامته أيضاً الإمامالشافعي، رحمه الله، وقد أخذ عنه واستفاد منه كثيراً، وكان الشافعي يجلّه ويقدره.


ففي عام 187 هـ رحل أحمد إلى الحجاز،
والتقى مع الشافعي، وأخذ منه فقهه وأصوله، وبيانه لناسخ القرآن ومنسوخه، كما أخذ من سفيان بن عيينة الحديث.


ولما قدم الشافعي بغداد عام 195 هـ التقى أحمد به كذلك،
وكان الشافعي يعوّل عليه في معرفة صحة الحديث أحياناً. وكان أحمد يجلّ الشافعي ويقول فيه: يُرى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: »إن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة رجلاً يقيم لها أمر دينها«، فكان عمر بن عبد العزيز على رأس المئة، وأرجو أن يكون الشافعي على رأس المئة، أي: الثانية.


ورشحه الشافعي عند الرشيد لقضاء اليمن
فأبى أحمد وقال له: جئتُ إليك لأقتبس منك العلم، تأمرني أن أدخل لهم في القضاء! وكان ذلك في آخر أيام الرشيد. ورشح الشافعيُّ الإمام ثانية لقضاء اليمن عند الأمين العباسي فأبى أحمد، وكان ذلك عام 195 هـ.


وقد عقد الحافظ ابن الجوزي الباب الخامس
من مناقب الإمام أحمد في تسمية من لقي من كبار العلماء وروى عنهم وذكرهم على الحروف.




اهتمامه وحرصه على طلب العلم


لقد ظهر اهتمام الإمام أحمد وحرصه
على طلب العلم منذ الصغر، فلم يكن –رحمه الله- يترك فرصة تمر دون استفادة، وكان شغوفاً بالعلم، شاغلاً وقته كله في طلب الحديث، فكان مثار عجب الناس.


قال بعضُ العلماء:
مرّ أحمد بن حنبل عليناً قادماً من الكوفة، وبيده خريطة فيها كتب، فأخذتُ بيده، فقلت: مرة إلى الكوفة، ومرة إلى البصر، إلى متى؟ إذا كتب الرجلُ ثلاثين ألف حديث لم يكفه؟ فسكت أحمد، ثم قلت: ستين ألف؟ فسكتَ. فقلت: مئة ألف؟ فقال: حينئذ يعرف شيئاً. فنظرنا فإذا أحمد قد كتب ثلاث مئة ألف حديث.


وهكذا قضى وقته وأيامه في عصر الرشيد
في طلب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: فاتَني مالك، فأخلف اللهُ عليّ سفيانَ ين عيينة، وفاتني حماد بن زيد فأخلف الله عليّ إسماعل ابن علية.


ويقول أحمد:
كنت ربما أردتُ البكور في طلب الحديث، فتأخذ أمي بثيابي وتقول: حتى يؤذّن الناس.


وأحبَّ أحمدُ العلمَ والكتابة محبة شديدة حتى قيل :
يا أبا عبد الله، أنت قد بلغت هذا المبلغ، وأنت إمام المسلمين، فقال: مع المحبرة إلى المقبرة. وكان يقول: أنا أطلب العلم إلى أن أدخل القبر.


وفي مكة سُرِق متاعه وهو خارج البيت يطلب الحديث،
ولما عاد قيل له ذلك، فلم يسأل عن شيء من المتاع،وإنما بادر بالسؤال عن الألواح التي كتب فيها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يطمئن إلا بعد أن وجدها.


وكان عبد الله بن الإمام أحمد يقول:
خرج أبي إلى طرسوس ماشياً، وخرج إلى اليمن ماشياً.


ولأمانة أحمد رحمه الله وصدق روايته في الحديث
كان يمزّق الأحاديث التي يكتبها عن الضعفاء في الرواية. كل هذا وهو على سمته من الزهد، وشأنه من الفقر، حتى كان يقول: ما أعدِل بالفقر شيئاً. لقد شُغل بالعلم، فلم يتزوج إلا بعد الأربعين.




جلوسه للفتوى والحديث


لقد كان الإمام أحمد يتحرج من الفتوى
حتى تمكن من علمه، ووثق من اطلاعه، واجتمع لديه ثروة كبيرة من نصوص السنة، وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم.


ولم يجلس أحمد للحديث والفتوى
إلا بعد أن بلغ سن الأربعين، وذلك عام (204 هـ). ويحكى في ذلك أن بعض العلماء جاء إليه في بغداد عام (203 هـ) يطلب الحديث، فأبى أن يحدّثه، فذهب، ثم عاد إليه عام (204 هـ) فوجد أحمد قد حدّث، واستوى الناس عليه.


وروي أنه رئي في مسجد الخيف سنة (198 هـ)،
وجاءه أصحاب الحديث، فجعل يعلمهم الفقه والحديث، ويفتي الناس في المناسك. ولعل ذلك محمول على الضرورة وعدم وجود غيره ممن يقوم مقامه، أو على أنه سُئل فأجاب، خروجاً من إثم كتمان العلم.




من روى عنه الحديث والعلم


ولما اشتهر الإمام بالعلم، وتمكن منه،
وعرف فضله فيه، أخذ عنه الناسُ الحديث، وتتلمذوا عليه،وقد روى عنه الحديث خلق كثير، منهم عدد من مشايخه من مثل: عبد الرزاق بن همّام الصنعاني، وإسماعيل ابن عُلية، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن إدريس الشافعي، ومعروف الكرخي، وعلي ابن المديني، وغيرهم الكثير.


وقد حدّث عنه من الشيوخ والأصحاب
على الإطلاق عدد كثير أيضاً، ذكرهم ابن الجوزي في »المناقب« ورتبهم على الحروف، منهم: أبناؤه وأبناء أبنائه، ومن مثل: إبراهيم بن أبان الموصلي، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، والجُنيد الصوفي، والحسن بن أحمد الإسفراييني، والحسن بن الهيثم البزار، وسليمان بن الأشعب أبو داود السجستاني، وعثمان الموصلي، والقاسم بن الحارث المروزي. ومنهم أيضاً: البخاري، والترمذي، وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر الطبراني.


وممن روى عنه من النساء:
حُسن جاريتُه، وخديجة أم محمد، وريحانة بنت عم أحمد وزوجته أم عبد الله، وعباسة بنت الفضل زوج أحمد وأم ابنه صالح، ومخة أخت بشر الحافي.


وأخيراً، فقد شاهد أحمد نهاية عصر الرشيد (193هـ)،
وعصر الأمين (198هـ)، وجزءاً من عهد المأمون، قبل أن يذهب هذا الخليفة العباسي إلى ما ذهب إليه من القول بخلق القرآن.


وهو في كل ذلك يعلو مكانة في العلم والحديث والفتيا،
وفي الزهد والتواضع والرفعة. ومضت الأيام بالإمام، وجاء عام 212 هـ يحمل جديداً من سياسة المأمون حيث جهر بالقول بخلق القرآن اتباعاً للمعتزلة. وكان أبو الهذيل العلاف المعتزلي أستاذاً للمأمون، وهو الذي غرس في نفسه حب المعتزلة، والتشيع لآرائهم، وسنفصل الكلام في ذلك، وفي المحنة التي مني بها الإمام أحمد بسبب موقفه الصلب في الدفاع عن العقيدة، عليه رحمة الله وبركاته.



اسرته

ينتمي الإمام أحمد بن محمد بن حنبل
إلى بني شيبان. كان أبوه محمد قائداً، وقبل كان جندياً، وقال ابن الجزري: كان أبوه في زي الغزاة.
وكانت أمه كذلك شيبانية،
واسمها صفية بنت ميمونة بنت عبد الملك الشيباني. نزل محمد بن حنبل بهم وتزوج بها. وكان جدها عبد الملك من وجوه بني شيبان، تنزل عليه قبائل العرب فيضيفهم.
وجيء بأحمد حملاً من مرو إلى بغداد، توفي أبوه عن ثلاثين سنة، فوليته أمه. ويروى عن أحمد: قُدِم بي من خراسان وأنا حمْل، وولدت هاهنا، ولم أر جدي ولا أبي. فميلاد أحمد ببغداد، وبها نشأته وطلبه للعلم والحديث. وكانت أسرة الإمام وأسرة والدته تنزل بالبصرة وباديتها، ثم لم يستمر مقامها بها، إذ انتقل جده إلى خراسان، وكان والياً على سرخس في العصر الأموي، ثم عمل في صفوف الدعاة العباسيي، وناله ما ناله بسبب ذلك. وعمل أبوه في مرو، ثم انتقل إلى بغداد ومات بها، وأحمد طفل، ونشأ يتيماً تشرف عليه أمه، وقد ترك له أبوه ببغداد عقاراً يسكنه، وآخر يغله غلةً ضيئلة. وبهذا يتضح أن الإمام أحمد من أسرة ذات مجد عريق، وأنه نشأ يتيماً في حضانة أمه، تنفق عليه من مال ضئيل تركه له أبوه. وعمه هو إسحاق بن حنبل الشيباني (161-253م)، وكان ملازماً في أكثر أوقاته مجلس أحمد، ولعمه ابن اسمه حنبل بن إسحاق بن حنبل الشيباني، توفي عام (273هـ) بواسط. وكان أحمد له صلة بالخلافة، ويُروى أنه كان يرسل إلى بعض الولاة بأحوال بغداد ليعلم بها الخليفة إذا كان غائباً عنها. ويُروى عن ابن عمه حنبل أن فقهاء بغداد اجتمعوا في ولاية الواثق وشاوروا الإمام أحمد في ترك الرضى بخلافته، فقال لهم: عليكم بالنكرة في قلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين، وذكر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:
»إنْ ضربك فاصبرْ« أمر بالصبر.




بيئتـــــه


ولد الإمام أحمد في بغداد
في ربيع الأول عام 164 هـ/ 780 م. وقد جاءت أمه إلى بغداد حاملاً به من مرو التي كان يقيم بها أبو محمد بن حنبل الشيباني.

وكانت مواطن الشيبانيين بالبصرة وباديتها.
فبعد عمرانها عاش الشيبانيون فيها، وكانت أسرة أمه وأبيه تنزلان بالبصرة وضواحيها، وقيل لأحمد بصري لسكن أسرته في البصرة وإقامتها بها، وكان إذا زار البصرة صلى في مسجد بني مازن الشيبانيين، ويقول:
»إنه مسجد آبائي«.

فبغداد إذن هي مولد ومنشأ وموطن الإمام أحمد،
والبصرة هي موطن أسرة أبيه وأمه الشيبانيين.

وقد نشأت بغداد عاصمة العباسيين في عهد المنصور العباسي عام 145 هـ وبنى قصره المعروف بقصر الذهب في وسطها، وأخذت مبانيها تكثر، وعمرانها يزداد. وولد الإمام أحمد وقد مضى من عمران دار السلام تسعة عشر عاماً هجرياً، وصارت بغداد منذ نشأت عاصمة الخلافة، ومدينة العلم، ومجمع الحضارات الإسلامية.
وكان البغداديون موصوفين بالجلد والجد
في طلب العلم على اختلاف ضروبه. وكان سفيان بن عيينة كثيرَ الثناء على شباب البغداديين وشدة رغبتهم في طلب العلم. وقال ابن علية:
»ما رأيت قوماً أحسن رغبة ولا أعقل في طلب الحديث من أهل بغداد«، وقال ابنُ عائشة: »ما رأيت أحسن من تلقف أصحاب الحديث ببغداد للحديث«.

وقال الإمام الشافعي ليونس بن عبد الأعلى:
يا يونس، أدخلت بغداد؟ قال: لا، قال: ما رأيت الدنيا، ولا رأيت الناس! وكان الشافعي يقول: ما دخلت بلداً قط إلا عددته سفراً إلا بغداد، فإن حين دخلتها عددتها وطناً. وكان يقال: الأرض كلها بادية وبغداد خاضرتها، ومن لم يرها لم ير الدنيا.

وقد اتسع عمران المدينة، وازدهرت حضارتها،
وكثرت مساجدها، ومدارسها، وطلاب العلم فيها. وجاء في بعض رسائل أبي العلاء: العلم في بغداد أكثر من الحصا عند جمرة العقبة. وكان الصاحب بن عباد الوزير يقول: بغداد في البلاد كابن العميد بين العباد.

وقد ولي المهدي الخلافة سنة 158 هـ في ذي الحجة،
وتوفي في المحرم سنة 169 هـ. وفي عهده ولد أحمد، وشهدت بغداد ألواناً من الحضارة لمن تشهدها من قبل. ثم شهدت بغداد خلافة الهادي (محرم 169 - ربيع الأول 170 هـ)، فالرشيد (ربيع الأول 170 – جمادى الآخرة 193 هـ)، فالأمين (193 – المحرم 198 هـ)، فالمأمون (198 – رجب 218 هـ)، فالمعتصم (218 – ربيع الأول 227 هـ)، فالواثق (227 – 232 هـ)، فالمتوكل (ذو الحجة 232 – 247 هـ).

ولشهرة بغداد بالحديث زارها الإمام البخاري
(المتوفى سنة 256 هـ) فاجتمع عليه أصحاب الححديث من أهلها، فعمدوا إلى مئة حديث، فقبلوا متونها وأسانيدها، ثم كلما عرضوا عليه حديثاً منها قال: لا أعرفه، فلما كملت المئة، أخذ يعيد كل حديث إلى سنده، وكل سند إلى متنه، فأقر له البغداديون بالحفظ والعلم.

وكان الإمام أحمد وابنه عبد الله
من أعظم المحدثين في بغداد، وقد سكن الإمام أبو حنيفة بغداد في آخر حياته، وكان من تلاميذه أبو يوسف الأنصاري القاضي (182 هـ)، ومحمد بن الحسن الشيباني (189 هـ)، وزار الشافعي بغداد أكثر من مرة، وفيها أملى مذهبه القديم، ويقال لمذهبه بعد رجوعه من بغداد إلى مصر: المذهب الجديد. ولقيه الإمام أحمد في بغداد وأخذ عنه.

وصار للفقه –كما كان للحديث- منزلة عالية في بغداد من بين سائر العلوم. وقامت في بغداد سوق نافقة للعلوم والآداب والفلسفة والتاريخ، وشتى أنواع المعرفة، وحفلت بخزائن الكتب التي لم يكن لها نظير في بلاد الإسلام.

وفي هذه البيئة –بيئة بغداد-
عاش الإمام أحمد بن حنبل متأثراً بهذا الجو العلمي، ومؤثراً فيه، فكان علَماً من أعلامه، بل من أعلام الإسلام في مختلف عصوره، عليه رحمة الله.

أما مدينة البصرة وبيئتها
التي نشأ فيها قوم أحمد الشيبانيون، فقد بنيت عام 14 هـ في عهد الخليفة عمر، بناها عتبة بن غزوان بأمر الخليفة، وأخذ عمرانها يتسع، والحياة فيها تزدهر، ونبغ فيها فحول من العلماء والشعراء والأدباء على اختلاف العصور.

وصارت البصرة بعد قليل
من أكبر مراكز الحياة العقلية في الإسلام، ومن أهم موانئ البحرية والمدن التجارية، وزادت حضارتها في عصر العباسيين، وكان الخلفاء العباسيون لا يولون عليها إلا أميراً من أمراء اليبت الهاشمي العباسي، ومنهم جعفر بن سليمان بن علي، ومحمد بن سليمان الهاشمي، وإسحاق بن سليمان بن علي الذي ولي البصرة للرشيد ومات ببغداد وكان من معادن العلم، وعيسى بن جعفر حفيد المنصور وصهر الأمين.

وقد مات في البصرة مدارس اللغة والنحو والأدب، والزهد والتصوف والاعتزال والفلسفة وغيرها.

ومن أشهر علمائها:
أبو عمر بن العلاء (70-104 هـ)، والخليل بن أحمد (100-175 هـ)، وسيبويه (189 هـ)، وأبو عبيدة (110-209 هـ)، والأصمعي (122-216 هـ)، والجاحظ (255 هـ).

ومن أشهر أدبائها وشعرائها:
الفرزدق وجرير، (توفيا عام 110 هـ)، وابن المقفع (106-143 هـ)، ومسلم بن الوليد (208 هـ).

ونبع فيها واصل بن عطاء (80-131 هـ)، وعمرو بن عبيد (80-144 هـ)، وأبو هذيل العلاف، وهو أستاذ المأمون في الاعتزال، والنظام، وابن أبي دؤاد (160-240 هـ)، والكندي الفيلسوف (253 هـ).

واشتهرت البصرة بمربدها،
وكان سوقاً أدبية مشهورة، كعكاظ، وكان يقال: العراق عين الدنيا، والبصرة عين العراق، والمربد عين البصرة.

وقد نزل بالبصرة من الصحابة والتابعين:
أبو موسى الأشعري (44 هـ)، وأنس بن مالك (93 هـ)، والحسن البصري (110 هـ)، وأبو الأسود الدؤلي (69 هـ)، وسعيد بن أبي عروبة (156 هـ)، وهو شيخ البصرة وعالمها وأول من دوّن العلم بها. فهو أول من ألف الكتب بالعراق. وكان بها إياس المزني قاضي البصرة، وتوفي عام (122 هـ).

وفي هذه البيئة عاش
قوم أحمد بن حنبل –الشيبانيون- ولا شك أن لهذا الجو الذي عاشوا فيه أثراً فيهم، قد يكون له تأثير في الإمام أحمد وأسرته.


يتبع
__________________






رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11-06-2011, 06:48 AM
الصورة الرمزية الدكتور مؤمن
الدكتور مؤمن الدكتور مؤمن غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
مكان الإقامة: مصراوى
الجنس :
المشاركات: 895
الدولة : Egypt
Arrow رد: ** استضافات اسبوعية .. لشخصيات اسلامية ..


تابع : الامام العلامة أحمد بن حنبل رحمه الله



عصـــــره


سبع وسبعوه عاماً هجرياً
هي حياة الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله- عاشها في عصر من أزهى عصور الإسلام سلطاناً، وحضارة وثقافة، عاصر فيها ثمانية من الخلفاء العباسيين: المهدي، والهادي، والرشيد، والأمين، والمأمون، والمعتصم، والواثق، والمتوكل. وشاهد الإمامُ عظمة الخلافة العباسية، فقد ثبّتت قواعدها، وامتد سلطانها في أيام المهدي، وتألقت حضارتها، وعظمت هيبتها في زمن الرشيد والمأمون، وتوالت انتصاراتها في خلافة المعتصم، وظلت في قوة وازدهار في عصري الواثق والمتوكل.

وكان النفوذ السياسي
في هذا العهد للعنصر الفارسي –في الغالب- لأنه الذي ساعد على قيام الدولة العباسية، ونشر دعوتها، وثلّ عرش الأمويين. وإنْ كان للخليفة العباسي الرأي الأخير والكلمة النافذة. وربما أوجس في نفسه خيفة من معاونيه الفرس، فبطش بهم، كما فعل المنصور بأبي مسلم الخراساني، وكما فعل الرشيد بالبرامكة، والمأمون بالفضل بن سهل.

وإذا كانت الدولة الأموية لم يتمكن فيها الأعاجمُ،
فإن دولة بني العباس أصبحت أعجمية خراسانية كما يقول الجاحظ، فالفرس أكثرُ من تولى الأعمال للمنصور، واتخذ الخلفاء ذلك سنة. وفي عصر الرشيد زاد نفوذ الفرس في الدولة لمكانة البرامكة، وأصبح منصب الوزارة فيهم، وظل نفوذهم في ازدياد بتوالي السنين.
واتخذ الفضلُ بن يحيى البرمكي
الوزير جنداً من العجم سماهم: العباسية، بلغ عددهم نحو خمس مئة ألف رجل، وجعل ولائهم للعباسيين.

وأقام الرشيد وغيره من الخلفاء
علاقات بينه وبين ملوك غربي أوروبا، ومن بينهم شارلمان، ودفع ملوك الدولة الرومانية الشرقية الضرائب للخلفاء.

وفي عهد المعتصم
كوّن الخليفة فرقة عسكرية كبيرة في جيش الخلافة من الأتراك بلغ عددها نحو سبعين ألفاً. ولما ضاقت بهم بغداد، وكثرت الخصومات بينهم وبين الفرس، وبينهم وبين العامة، أتى المعتصم (سامراء فاتخذها معسكراً لجيشه وحاضرة ملكه منذ عام 221 هـ، وأصبحت مدينة عظيمة في مدة قليلة، وظلت عاصمة الخلافة حتى عام 289 هـ.

وكانت أم المعتصم (ماردة) تركية من السغد،
ولاطمئنانه إلى الأتراك صاروا موضع ثقته وإيثاره، وقد أثر ذلك على العناصر الأخرى، وأخذ النفوذ في الخلافة ينتقل منذ عهد المعتصم رويداً رويداً إلى الأتراك، وقد أساء بعضُهم التصرف، وأضر بالناس، وانتهك هيبة الخلافة، فكرههم الناسُ. وقد هجا (دعبل) الشاعرُ المعتصمَ بسبب ذلك، فقال:


وهمُّك تركيّ عليه مهانة*فأنت له أمّ وأنتَ له أبُ

وكان الفتح بن خاقان
–المقتول عام 247 هـ- وزير المتوكل تركياً، وقد عهد إلى الجاحظ أن يكتب رسالة عن مناقب الأتراك وعامة جند الخلافة ليخفف بها من كراهية الناس لهم، ولكن ذلك لم يُجْدِ.

وقد حفل عصرُ الإمام أحمد بكثرة ثورات العلويين،
وخروجهم على الخلافة لاضطهاد العباسيين لهم، وبخاصة في عهدي الرشيد والمتوكل.

ولم تخلُ البلادُ في عصر الإمام
من الفتن والحروب والثورات، كثورة الراوندية –أتباع ابن الراوندي الرافضي- والزنادقة في فارس والعراق، والخرّمية أتباع بابك الخرمي الذي ملك الجبل أكثر من عشرين عاماً (201-223 هـ) حتى قضى المعتصم على ثورته.

وكانت غزوات الصيف والشتاء مستمرة،
وأكثر ما كانت موجهة إلى الإمبارطورية الرومانية الشرقية في سهول آسيا الصغرى –وخاصة في زمن الرشيد والمعتصم-.
وقامت إمارات مستقلة في نواحي دولة الخلافة، كالدولة الطاهرية في خراسان –وهي فارسية- والدولة الدلفية بكردستان –وهي عربية- وسواهما.
وقد كان للفقهاء والمجتهدين سلطانهم في الخلافة،
ومكانتهم في الدولة، وكان الإمام أحمد –الذي كان جده من المجاهدين في سبيل قيام الدولة، وكان أبوه قائداً صغيراً من قوادها – يدعو للدولة بالاستقامة، وللناس بالرشد، ومع غضبه من أمور الخلافة فلم يحرض الناس على الخلفاء، والخروج عليهم، لمخالفة ذلك لأحكام الشريعة، وما ينتج عنه من المفاسد العظيمة.

وقد نأى عن الخلافة واعتزلها،
وامتنع عن أخذ الأعطيات، وابتعد عن السياسة إلى العلم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يشايع الولاة ولم يحرض عليهم. وعاش راغباً عن العطاء، منصرفاً للعلم انصرافاً تاماً. ومع ذلك فقد قاوم مذاهبهم المنحرفة من مثل القول بخلق القرآن، ووقف كالطود الشامخ في تلك المحنة التي ابتلي فيها المسلمون، ولم يثبت فيها إلا القلة. فرحمه الله وجميع الصابرين.

وتميزت الحياة الاجتماعية في هذا العصر
بتعدد العناصر التي يتألف منها المجتمع: من عرب وفرس وترك وروم وهنود وزنوج.. وغير ذلك من الأجناس التي يربط بينها رابط الإسلام وتجتمع تحت كلمة التوحيد: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وكان النفوذ في الخلافة ينتقل بين أيدي
القواد والوزراء من الفرس والترك، وكان الثراء والترف يشمل طبقة كبيرة من المجتمع –كبار رجال الدولة، وبعض رجال التجارة والصناعة- وقد مظاهر ذلك الثراء والترف في عمران المدن وبناء القصور
وما أنفق فيها. فروايات التاريخ –وإن كانت فيها مبالغة- تروي أن المعتصم أنفق على بناء (سامراء) أموالاً طائلة، وكذلك فعل المتوكل في بناء قصره الجعفري، وتنقل أيضاً: أن محمد بن سليمان الهاشمي أهدى إلى الخيزران –زوجة المهدي- مئة وصيفة، في يد كل واحدة جام من ذهب، وزنه ألف مثقال، مملوء مسكاً.

وكان في المجتمع كثير من الفقراء
ومتوسطي الحال من عامة الناس، وقد صوّر أبو العتاهية حياة هؤلاء في قصيدة تحدث فيها عن الغلاء، فقال للرشيد:
مَ نصائحاً متواليَه
مَن مبلغ عني الإما
ــــــعارَ الرعية عاليَه
إني أرى الأسعارَ أســـــ
تِ وللجسومِ العاريه
مَن للبطونِ الجائعا
ولتعدد عناصر المجتمع،
وتنوع الحياة الاجتماعية واختلاف الوجهات والآراء كانت البلاد معرضة للنِّحَل، ومجالاً للمذاهب السرية، وأصحاب الدعوات المختلفة. فكان فيها أهل السنة والحديث، وكان فيها التشيع برجالاته، والاعتزال بطوائفه، وكانت فيها الفلسفة بمختلف مذاهبها، والعلوم الحديثة بشتى أنواعها. وكان لأهل السنة والجماعة دور كبير في مكافحة الشك في الدين والفساد في المجتمع والدعوة إلى الاعتصام بالكتاب والسنة. وكان بين جميع هذه الطوائف جدل شديد ومناقشات وخصومات. وهكذا عاش الناس في امتزاج وتوليد بين مختلف العناصر والأجناس، وفي صراع شديد بين الآراء والمذاهب: بين دعوة الإسلام الخالصة، ودعوات الشعوبية الجامحة، وبين حياة الإيمان وحياة الزندقة، وبين عيشة الجد وعيشة اللهو، مما أثر في الحياة الاجتماعية في هذا العصر.

ولم يكن الإمام أحمد رحمه الله
بعيداً عن ذلك كله، بل كان له أثره في حياته كأي عالم يهتم بمشكلات أمته ويسعى لصلاحها.
وصاحب ذلك ازدهارُ بغداد وحضارتها، وازدهار العواصم الإسلامية الكبرى في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
وازدهرت الحياة العقلية والعلوم الإسلامية في عصر الإمام أحمد رحمه الله، وأخذ الخلفاء يشجعون الحركة العلمية في شتى نواحيها، ويضفون عليها ظلال رعايتهم، وكانوا يبالغون في إكرام العلماء والفقهاء والمحدثين والأدباء ويجالسونهم ويقربونهم إليهم.
وصار العلم والأدب مما يؤهل للمناصب العالية،
وتنافس العظماء في تكريم العلماء والأدباء، وكما تنافسوا في إنشاء دور العلم، وترجمة الكتب إلى العربية من مختلف اللغات.
وكانت الثقافة الإسلامية بمختلف فروعها هي الثقافة الذائعة، وهي أساس التكوين العقلي للمتعلمين في هذا العصر- وقوامها علوم الدين واللغة والأدب، وما يتصل بكل ذلك من علوم ومعارف- على أنه قد كانت هناك ألوان من الثقافات الأخرى، ولكنها لم يكن لها سلطان كما كان للثقافة الإسلامية، لارتباط الثقافة الإسلام بحياة المسلمين، ومن تلك الثقافات: الثقافة الفارسية، والثقافة اليونانية، والثقافة الفلسفية التي لقيت تشجيعاً من الرشيد والمأمون بصفة خاصة، والثقافة الهندية، وغير ذلك تبعاً لامتداد الحكم الإسلامي وشموله لأمم وعناصر مختلفة.
فقد أنشأ الرشيد في بغداد (بيت الحكمة) وملأه بكتب الأمم القديمة التي دخل الكثير منها في الإسلام، وشجع ترجمة الكثير منها، فترجمت له الكتب من اليونانية والرومانية والسريانية والفهلوية والهندية، وقد تعددت الثقافات في العراق في عصر الإمام أحمد وحدث بين دعاتها جدل شديد وخلاف كثير.
وكانت المعتزلة تحمِل ثقافة اليونان وفلسفتهم ومنطقهم إلى العقل العربي فتثير بذلك صخباً شديدأ.
وكان هذا العصر –على أية حال-
أزهى عصور العلم في البلاد الإسلامية، ونبغ أعلام في مختلف فروع الثقافة والعلم، وأدرك الناس قيمة العلم في بناء الأمم ونهضتها، فانكبوا على دراسة العلوم الإسلامية وغيرها. وعهد أهل اليسار إلى المؤدبين بتعليم أبنائهم، وبذلك صار التعليم صناعة، وأصبح التأديب طريقاً إلى المجد. وقد تعددت مراكز العلم في هذا العصر وكثرت. وكان للعلوم المترجمة أثرها، -وبخاصة فلسفة اليونان- في تفكير بعض المسلمين، وكان لها مكانة عندهم. وتعددت مناهج التفكير والبحث، وصار الخلاف بين هذه المناهج على أشده في العراق. وبلغ نفوذ الاعتزال منزلة كبيرة في عصر المأمون والمعتصم والواثق.

وقد حمل ابن قتيبة (213-276 هـ)
في مقدمة كتابه
»أدب الكاتب« على الحالة في عصره، حيث أهمل الناسُ علومَ الدين، وعنوا بعلوم الفلسفة والمنطق. وحمل البحتري على الشعراء الذي يعنون بالمنطق اليوناني في شعرهم ويكلفون به، فقال:
في الشعرِ يكفي عنْ صدقه كذبُهْ
كلفتمونا حدودَ منطقكم
ـمنطق ما نوعه وما سببُهْ
ولم يكن ذو القروح يلهج بالـ
وقد نبغ في عصر الإمام أحمد رحمه الله
كثير من العلماء مثل: مالك (179 هـ)، والليث بن سعد (92-175 هـ)، والشافعي (204 هـ)، والكرابيسي (245 هـ)، والزعفراني (260 هـ)، والبويطي المصري (231 هـ)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل (213-290 هـ)، ويوسف بن يعقوب القاضي (208-297 هـ)، وإسماعيل بن إسحاق قاضي بغداد.

ومن مثل: أبي الحسن المديني (135-234 هـ)، والواقدي (130-207 هـ)، ومحمد بن سعد الزهري كاتب الواقدي (230 هـ).
ومن مثل:
ابن السمّاك (183 هـ)، وصالح المري الزاهد واعظ البصرة (172 هـ)، وذي النون المصري (245 هـ)، وسفيان بن عيينة (298 هـ)، وسواهم.

كما نبغ من علماء اللغة والأدب
ومن الشعراء أعلام كثيرون. وعاش في هذا العصر: الخليل من أحمد (100-175 هـ)، وسيبويه (179 هـ)، والأصمعي (122-216 هـ)، والجاحظ (163-255 هـ)، وابن قتيبة (213-276 هـ)، والمبرد (210-285 هـ).

وظهر من المعتزلة والفلاسفة:
النظّام (180-223 هـ)، وأحمد بن أبي دؤاد (160-240 هـ)، وأبو الهذيل العلاف البصري أستاذ المأمون (135-235 هـ)، والفضل بن الربيع (208 هـ)، والكندي الفيلسوف (253 هـ)، وغيرهم.

ومن الوزراء المشهورين:
الفضل البرمكي (147-192 هـ)، والفضل بن سهل (202 هـ)، والفضل بن الربيع (2008 هـ)، وإبراهيم بن المهدي (224 هـ)، والحسن بن سهل (166-236 هـ)، وسواهم من أعلام العصر.

وكان عصر الإمام أحمد –رحمه الله-
عصر المحدثين والفقهاء. وقد فشل المعتزلة في السيطرة على الفكر الإسلامي، كما فشلوا في فرض منطق أرسطو وفلسفة اليونان على المسلمين.

وقد وضع الإمام الشافعي
أصول استنباط الأحكام الشرعية من القرآن والسنة، ووضع الإمام أحمد أصول علم الحديث بمسنده الكبير الذي صار إماماً وجامعاً، وكان مقدمة لتمييز علوم الحديث عن الفقه. فقد طلب رحمه الله الأحاديث والآثار من ينابيعها، وطلب الفقه من رجاله، ونبغ في الجانبين.

وعصر الإمام أحمد
هو عصر التقاء الثمرات الفقهية والعلوم الإسلامية، وهو عصر المناظرات بما فيها من جدل ونقاش، ويمثل ابن قتيبة معركة التقاء الثقافات في كتابه
»اختلاف اللفظ« فيقول:
»كان المتناظرون في الفقه يتناظرون في الجليل من الواقع، والمستعمل من الواضح، وفيما ينوب الناس، فينفع اللهُ به القائل والسامع، وقد صار أكثر التناظر –أي في عهد ابن قتيبة- فيما دق وخفي، وفيما لا يقع، وصار الغرض منه إخراجَ لطيفة، وغوصاً عن غريبة، ورداً على متقدم، فهذا يرد على أبي حنيف، وهذا يرد على مالك، والآخر على الشافعي، بزخرف من القول،ولطيف من الحيل، كأنه لا يعلم أنه إذا ردّ على الأول صواباً عند الله بتمويهه فقد تقلد المأثم عن العاملين به دهر الداهرين. وهذا يطعن بالرأي على ماضٍ من السلف وهو يرى، وبالابتداع في دين على آخر وهو يبتدع. وكان المتناظرون فيما مضى يتناظرون في معادلة الصبر والشكر وفي تفضيل أحدهما عن الآخر، وفي الوساوس والخطرات، ومجاهدة النفس وقمع الهوى، وقد صار المتناظرون –أي اليوم- يتناظرون في الاستطاعة والتوليد والطفرة والجزء والعرض والجوهر، فهم دائبون يتخبطون في العشوات، فقد تشعبت بهم الطرق، وقادهم الهوى بزمام الردى.
وكان آخر ما وقع من الاختلاف من الذين لم يزالوا بالسنة ظاهرين، وبالاتباع قاهرين، يداجون بكل بلد ولا يداجون، يستتر منهم بالنحل ولا يستترون، ويصدعون بالحق ولا يستغشون، لا يرتفع بالعلم إلا من رفعوا، ولا تسير الركبان إلا بذكر من ذكروا«.
وهو يصور بهذا سلطان
أهل السنة بعد خذلان المعتزلة والمعتزلين.

هذه معالم الحياة العقلية
في عصر الإمام أحمد بما فيها من مؤثرات وتأثيرات.



وبما تقدم أخذنا لمحة عن عصر الإمام أحمد
–في جانبه السياسي والاجتماعي والعقلي- وما اشتمل عليه من تطورات ونهضات، وكان –رحمه الله- في قمة هذا الطود الشامخ زاهداً، وعالماً، ومقتفياً أثر من سبقه من أهل السنة، لا يزيغ في الدين إلى الآراء والأفكار الوافدة، والفلسفات الطارئة، ولا يتبع مناهج الجدليين ولا منطق المعتزليين.

ورغم كثرة الفرق والطوائف في عصره،
وكثرة الاختلافات والتقلبات، فقد ثبت إماماً وحده، وكان نسيج دهره وعصره.

رحمه الله رحمه واسعة.



مذهبه


مذهب ابن حنبل من أكثر المذاهب السنية
محافظة على النصوص وابتعاداً عن الرأي. لذا تمسك بالنص القرآني ثم بالبينة ثم بإجماع الصحابة، ولم يقبل بالقياس إلا في حالات نادرة.

  • منهجه العلمي ومميزات فقهه :
  • اشتُهِرَ الإمام أنه محدِّث أكثر من أن يشتهر أنه فقيه مع أنه كان إماماً في كليهما. ومن شدة ورعه ما كان يأخذ من القياس إلا الواضح وعند الضرورة فقط وذلك لأنه كان محدِّث عصره وقد جُمِعَ له من الأحاديث ما لم يجتمع لغيره، فقد كتب مسنده من أصل سبعمائة وخمسين حديث، وكان لا يكتب إلا القرآن والحديث من هنا عُرِفَ فقه الإمام أحمد بأنه الفقه بالمأثور، فكان لا يفتي في مسألة إلا إن وجد لها من أفتى بها من قبل صحابياً كان أو تابعياً أو إماماً. وإذا وجد للصحابة قولين أو أكثر، اختار واحداً من هذه الأقوال وقد لا يترجَّح عنده قول صحابي على الآخر فيكون للإمام أحمد في هذه المسألة قولين.
  • وهكذا فقد تميز فقهه أنه في العبادات
  • لا يخرج عن الأثر قيد شعرة، فليس من المعقول عنده أن يعبد أحد ربه بالقياس أو بالرأي وكان رسول الله يقول: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، ويقول في الحج: "خذوا عني مناسككم". كان الإمام أحمد شديد الورع فيما يتعلق بالعبادات التي يعتبرها حق لله على عباده وهذا الحق لا يجوز مطلقاً أن يتساهل أو يتهاون فيه.
  • أما في المعاملات فيتميز فقهه
  • بالسهولة والمرونة والصلاح لكل بيئة وعصر، فقد تمسَّك أحمد بنصوص الشرع التي غلب عليها التيسير لا التعسير. مثال ذلك أن الأصل في العقود عنده الإباحة ما لم يعارضها نص، بينما عند بعض الأئمة الأصل في العقود الحظر ما لم يرد على إباحتها نص.
  • وكان شديد الورع في الفتاوى
  • وكان ينهى تلامذته أن يكتبوا عنه الأحاديث فإذا رأى أحداً يكتب عنه الفتاوى، نهاه وقال له: "لعلي أطلع فيما بعد على ما لم أطلع عليه من المعلوم فأغير فتواي فأين أجدك لأخبرك؟". من شيوخه سفيان بن عيينة والقاضي أبو يوسف ووكيع وعبد الرحمن بن مهدي والشافعي وخلق كثير.وروى عنه من شيوخه عبد الرزاق والشافعي ومن تلاميذه البخاري ومسلم وأبو داود. ومن أقرانه علي بن المديني ويحيى بن معين.



محنتــه


اعتقد المأمون برأي المعتزلة
في مسألة خلق القرآن، وطلب من ولاته في الأمصار عزل القضاة الذين لا يقولون برأيهم. وقد رأى أحمد بن حنبل أن رأي المعتزلة يحوِّل الله إلى فكرة مجرّدة لا يمكن تعقُّلُها فدافع ابن حنبل عن الذات الإلهية ورفض قبول رأي المعتزلة، فيما أكثر العلماء والأئمة أظهروا قبولهم برأي المعتزلة خوفاً من المأمون وولاته عملا بقوله تعالي :
" إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان"..
وألقي القبض على الإمام ابن حنبل ليؤخذ إلى الخليفة المأمون. وطلب الإمام من الله أن لا يلقاه، لأن المأمون توعّد بقتل الإمام أحمد. وفي طريقه إليه، وصل خبر وفاة المأمون، فتم رد الإمام أحمد إلى بغداد وحُبس ووَلِيَ الخلافة المعتصم، الذي امتحن الإمام، وتم تعرضه للضرب بين يديه، وقد ظل الإمام محبوساً طيلة ثمانية وعشرين شهراً. ولما تولى الخلافة الواثق، وهو أبو جعفر هارون بن المعتصم، أمر الإمام أن يختفي، فاختفى إلى أن توفّي الواثق.


وحين وصل المتوكل ابن المعتصم
والأخ الأصغر للواثق إلى السلطة، خالف ما كان عليه المأمون والمعتصم والواثق من الاعتقاد بخلق القرآن، ونهى عن الجدل في ذلك. وأكرم المتوكل الإمام أحمد ابن حنبل، وأرسل إليه العطايا، ولكن الإمام رفض قبول عطايا الخليفة.





مؤلفاته
  • المسند ويحوي أكثر من أربعين ألف حديث نبوي. وكتاب المسند قد تعرض لعدة شروحات ومن أفضلها كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد الشيباني - للشيخ أحمد البنا.
  • الناسخ والمنسوخ، وفضائل الصحابة، وتاريخ الإسلام.
  • السنن في الفقه
  • أصول السنة
  • السنة -
  • كتاب أحكام النساء
  • كتاب الأشربة
  • العلل ومعرفة الرجال
  • الأسامي والكنى
  • الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله
  • الزهد




توفي أحمد بن حنبل
يوم الجمعة 12 ربيع الأول سنة 241 هـ، وله من العمر سبع وسبعون سنة. وقد اجتمع الناس يوم جنازته حتى ملؤوا الشوارع. وحضر جنازته من الرجال مائة ألف ومن النساء ستين ألفاً، غير من كان في الطرق وعلى السطوح. وقيل أكثر من ذلك.
وقد دفن أحمد بن حنبل في بغداد في جانب الكرخ قرب مدينة تسمى الكاظمية، قبره بين مقابر المسلمين وغير معروف سوى مكان المقبرة، وقيل أنه أسلم يوم مماته عشرون ألفاً من اليهود والنصارى والمجوس، وأن جميع الطوائف حزنت على موته.




تم بحمد الله
انتظرونا الاسبوع القادم
ان شاء الله .. وشخصية جديدة ..
__________________






رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12-06-2011, 01:11 PM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي رد: ** استضافات اسبوعية .. لشخصيات اسلامية ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع قيم
أحسن الله اليك ونفع بك وجعل جهودك الطيبة في ميزان حسناتك
__________________
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12-06-2011, 01:15 PM
الصورة الرمزية @أبو الوليد@
@أبو الوليد@ @أبو الوليد@ غير متصل
كلمـــــة حق
 
تاريخ التسجيل: Dec 2006
مكان الإقامة: @قلب غــــــــــزة@
الجنس :
المشاركات: 6,779
الدولة : Palestine
افتراضي رد: ** استضافات اسبوعية .. لشخصيات اسلامية ..

جهود طيبة منك أخي الدكتور مؤمن حفظك الله ورعاك
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18-06-2011, 05:52 PM
الصورة الرمزية الدكتور مؤمن
الدكتور مؤمن الدكتور مؤمن غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
مكان الإقامة: مصراوى
الجنس :
المشاركات: 895
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ** استضافات اسبوعية .. لشخصيات اسلامية ..



بارك الله فيكما .. ونفع بكما ..
وجزانا الله واياكما كل خير ..
تشرفت بمروركما ..
اللهم علمنا ما ينفعنا
وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً

__________________






رد مع اقتباس
  #10  
قديم 18-06-2011, 07:29 PM
الصورة الرمزية الدكتور مؤمن
الدكتور مؤمن الدكتور مؤمن غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
مكان الإقامة: مصراوى
الجنس :
المشاركات: 895
الدولة : Egypt
Arrow ** العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ..





شخصية الاسبوع الثالث


العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني

أحد أبرز العلماء المسلمين

في العصر الحديث،
ويعتبر الشيخ الألباني من علماء الحديث
البارزين
المتفردين في علم الجرح والتعديل،
والشيخ الألباني حجة في
مصطلح الحديث
وقال عنه العلماء المحدثون إنه أعاد عصر
ابن حجر
العسقلاني والحافظ بن كثير
وغيرهم من علماء الجرح والتعديل.



صورة نادرة لفضيلة الشيخ
محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله تعالى "خاص"



مولده ونشأته



* ولد الشيخ محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني
عام 1333 ه
الموافق 1914 م في مدينة أشقودرة
عاصمة دولة ألبانيا - حينئذ - عن
أسرة فقيرة متدينة
يغلب عليها الطابع العلمي، فكان والده مرجعاً
للناس
يعلمهم و يرشدهم.


* هاجر بصحبة والده إلى دمشق الشام للإقامة الدائمة فيها

* أتم العلامة الألباني دراسته الإبتدائية
في مدرسة الإسعاف الخيري
في دمشق بتفوق.

* نظراً لرأي والده الخاص في المدارس النظامية
من الناحية الدينية،
فقد قرر عدم إكمال الدراسة النظامية
ووضع له منهجاً علمياً مركزاً قام
من خلاله بتعليمه القرآن الكريم، و التجويد، و النحو و الصرف، و فقه المذهب الحنفي،
و قد ختم الألباني على يد والده حفظ القرآن الكريم
برواية حفص عن عاصم، كما درس على الشيخ سعيد البرهاني
مراقي الفلاح في الفقه الحنفي و بعض كتب اللغة و البلاغة،
هذا في
الوقت الذي حرص فيه على حضور دروس و ندوات
العلامه بهجت
البيطار.

* أخذ عن أبيه مهنة إصلاح الساعات
فأجادها حتى صار من أصحاب
الشهره فيها،
و أخذ يتكسب رزقه منها، وقد وفرت له هذه المهنه
وقتاً
جيداً للمطالعة و الدراسة، و هيأت له هجرته للشام
معرفة باللغة
العربية و الاطلاع على العلوم الشرعية من
مصادرها الأصلية.



تعلمه الحديث


توجهه إلى علم الحديث و اهتمامه به :
على الرغم من توجيه والد الألباني المنهجي له بتقليد
المذهب
الحنفي
و تحذيره الشديد من الاشتغال بعلم الحديث،
فقد أخذ
الألباني بالتوجه نحو علم الحديث و علومه،
فتعلم الحديث في نحو
العشرين من عمره متأثراً
بأبحاث مجلة المنار التي كان يصدرها الشيخ

محمد رشيد رضا (رحمه الله)
و كان أول عمل حديثي قام به هو نسخ
كتاب
"المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار"
للحافظ العراقي (رحمه الله) مع التعليق عليه.
كان ذلك العمل فاتحة خير كبير
على الشيخ الألباني حيث أصبح
الاهتمام بالحديث و علومه
شغله الشاغل، فأصبح معروفاً بذلك في
الأوساط العلمية بدمشق،
حتى إن إدارة المكتبة الظاهرية بدمشق
خصصت غرفة خاصة له
ليقوم فيها بأبحاثه العلمية المفيدة،
بالإضافة
إلى منحه نسخة من مفتاح المكتبة حيث يدخلها
وقت ما شاء، أما
عن التأليف و التصنيف،
فقد ابتدأهما في العقد الثاني من عمره،
و
كان أول مؤلفاته الفقهية المبنية على معرفة الدليل
و الفقه المقارن
كتاب
"تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد"
و هو مطبوع مراراً،
و
من أوائل تخاريجه الحديثية المنهجية أيضاً كتاب
"الروض النضير في
ترتيب و تخريج معجم الطبراني الصغير"
و لا يزال مخطوطاً.


كان لإشتغال الشيخ الألباني بحديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أثره البالغ في التوجه السلفي للشيخ،
و قد زاد تشبثه و ثباته على
هذا المنهج مطالعته لكتب شيخ
الإسلام ابن تيميه و تلميذه ابن
القيم و غيرهما
من أعلام المدرسة السلفية.


حمل الشيخ الألباني راية الدعوة إلى التوحيد و السنة
في سوريا
حيث زار الكثير من مشايخ دمشق و جرت بينه
و بينهم مناقشات
حول مسائل التوحيد و الإتباع و التعصب
المذهبي و البدع، فلقي
الشيخ لذلك المعارضة الشديدة
من كثير من متعصبي المذاهب و
مشايخ الصوفية
و الخرافيين و المبتدعة، فكانوا يثيرون عليه العامة و
الغوغاء
و يشيعون عنه بأنه "وهابي ضال" و يحذرون الناس منه،
هذا
في الوقت الذي وافقه على دعوته أفاضل العلماء
المعروفين بالعلم و
الدين في دمشق،
و الذين حضوه على الاستمرار قدماً في دعوته
و
منهم العلامة بهجت البيطار، الشيخ عبد الفتاح الإمام
رئيس جمعية
الشبان المسلمين في سوريا، الشيخ توفيق البزرة،
و غيرهم من أهل
الفضل و الصلاح (رحمهم الله).



نشاط الشيخ الألباني الدعوي


نشط الشيخ في دعوته من خلال:
أ) دروسه العلمية التي كان يعقدها مرتين كل أسبوع
حيث يحضرها
طلبة العلم و بعض أساتذة الجامعات
و من الكتب التي كان يدرسها
في حلقات علمية:

- فتح المجيد لعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب.
- الروضة الندية شرح الدرر البهية للشوكاني
شرح صديق حسن خان.

- أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف.
- الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث
لابن كثير شرح احمد شاكر.

- منهاج الإسلام في الحكم لمحمد أسد.
- فقه السنه لسيد سابق.

ب) رحلاته الشهريه المنتظمة التي بدأت بأسبوع واحد
من كل شهر
ثم زادت مدتها حيث كان يقوم فيها بزيارة
المحافظات السورية
المختلفه، بالإضافة إلى بعض المناطق
في المملكة الأردنية قبل
استقراره فيها مؤخراً،
هذا الأمر دفع بعض المناوئين لدعوة الألباني
إلى الوشاية به عند الحاكم مما أدى إلى سجنه.



صبره على الأذى .. و هجرته


في أوائل 1960م كان الشيخ يقع تحت
مرصد الحكومة السوريه، مع
العلم أنه كان بعيداً عن السياسة،
و قد سبب ذلك نوعاً من الإعاقة
له.
فقد تعرض للإعتقال مرتين،
الأولى كانت قبل
67 حيث اعتقل
لمدة شهر
في قلعة دمشق وهي نفس القلعة التي اعتقل فيها
شيخ الاسلام (ابن تيمية)،
وعندما قامت حرب
67 رأت الحكومة أن
تفرج
عن جميع المعتقلين السياسيين.


لكن بعدما اشتدت الحرب عاد الشيخ إلى المعتقل مرة ثانية،
و لكن
هذه المرة ليس في سجن القلعة،
بل في سجن الحسكة شمال
شرق دمشق،
و قد قضى فيه الشيخ ثمانية أشهر، و خلال هذه
الفترة
حقق مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري
و اجتمع مع
شخصيات كبيرة في المعتقل.



أعماله وانجازاته


لقد كان للشيخ جهود علمية و خدمات عديدة منها:
1) كان شيخنا -رحمه الله- يحضر ندوات العلامة
الشيخ
محمد بهجت
البيطار -رحمه الله- مع بعض
أساتذة المجمع العلمي بدمشق،
منهم
عز الدين التنوحي - رحمه الله-
إذ كانوا يقرؤن "الحماسة" لأبي تمام.


2) اختارته كلية الشريعة في جامعة دمشق
ليقوم بتخريج أحاديث
البيوع الخاصة
بموسوعة الفقه الإسلامي، التي عزمت الجامعة
على
إصدارها عام 1955 م.


3) اختير عضواً في لجنة الحديث،
التي شكلت في عهد الوحدة بين
مصر و سوريا،
للإشراف على نشر كتب السنة و تحقيقها.


4) طلبت إليه الجامعة السلفية في بنارس "الهند"
أن يتولى مشيخة
الحديث، فاعتذر عن ذلك لصعوبة
اصطحاب الأهل و الأولاد بسبب
الحرب بين الهند
و باكستان آنذاك.


5) طلب إليه معالي وزير المعارف
في المملكة العربية السعودية
الشيخ حسن بن عبدالله
آل الشيخ عام 1388 ه ، أن يتولى الإشراف
على قسم
الدراسات الإسلامية العليا في جامعة مكة،
وقد حالت
الظروف دون تحقيق ذلك.


6) اختير عضواً للمجلس الأعلى للجامعة
الإسلامية بالمدينة المنورة
من عام 1395 ه إلى 1398 ه.

7) لبى دعوة من اتحاد الطلبة المسلمين في أسبانيا،
و ألقى
محاضرة مهمة طبعت فيما بعد بعنوان
"الحديث حجة بنفسه في العقائد و الأحكام" .


8) زار قطر و ألقى فيها محاضرة
بعنوان "منزلة السنة في الإسلام".


9) انتدب من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
رحمه الله رئيس إدارة
البحوث العلمية و الإفتاء للدعوة
في مصر و المغرب و بريطانيا للدعوة
إلى التوحيد
و الاعتصام بالكتاب و السنة و المنهج الإسلامي الحق.


10) دعي إلى عدة مؤتمرات، حضر بعضها
و اعتذر عن كثير بسبب أنشغالاته العلمية الكثيرة.


11) زار الكويت و الإمارات
و ألقى فيهما محاضرات عديدة، وزار أيضا
عدداً
من دول أوروبا، و التقى فيها بالجاليات الإسلامية
و الطلبة المسلمين، و ألقى دروساً علمية مفيدة.


12) للشيخ مؤلفات عظيمة و تحقيقات قيمة،
ربت على المئة، و
ترجم كثير منها إلى لغات مختلفة،
و طبع أكثرها طبعات متعددة و من
أبرزها، إرواء الغليل
في تخريج أحاديث منار السبيل، وسلسلة
الأحاديث الصحيحة
و شيء من فقهها و فوائدها، سلسلة الأحاديث
الضعيفة
و الموضوعة و أثرها السيئ في الأمة، وصفة صلاة النبي
من
التكبير إلى التسليم كأنك تراها.


13) و لقد كانت قررت لجنة الإختيار لجائزة الملك
فيصل العالمية
للدراسات الإسلامية من منح الجائزة
عام 1419ه / 1999م ، و
موضوعها
"الجهود العلمية التي عنيت بالحديث النبوي
تحقيقاً و تخريجاً
و دراسة"
لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
السوري
الجنسية، تقديراً لجهوده القيمة في خدمة
الحديث النبوي تخريجاً و
تحقيقاً ودراسة
و ذلك في كتبه التي تربو على المئة.



ثناء العلماء عليه


قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

(ما رأيت تحت أديم السماء عالما بالحديث
في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني
)


وسئل سماحته عن حديث
رسول الله - صلى الله عليه و سلم-:
"ان
الله يبعث لهذه الأمه
على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها
"

فسئل من مجدد هذا القرن،
فقال -رحمه الله-: الشيخ محمد ناصر
الدين الألباني
هو مجدد هذا العصر في ظني والله أعلم.


وقال الفقيه العلامة الإمام محمد صالح العثيمين:
فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به وهو قليل،
أنه حريص
جداً على العمل بالسنة، و محاربة البدعة،
سواء كان في العقيدة أم
في العمل،
أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك،
و أنه
ذو علم جم في الحديث، رواية و دراية،
و أن الله تعالى قد نفع فيما
كتبه كثيراً من الناس،
من حيث العلم و من حيث المنهاج و الاتجاه
إلى علم الحديث،
و هذه ثمرة كبيرة للمسلمين و لله الحمد،
أما من
حيث التحقيقات العلمية الحديثية فناهيك به.


العلامة المفسر محمد الأمين الشنقيطي
قول الشيخ عبد العزيز الهده :
"ان العلامه الشنقيطي يجل الشيخ
الألباني إجلالاً غريباً،
حتى إذا رآه ماراً وهو في درسه في الحرم
المدني
يقطع درسه قائماً ومسلماً عليه إجلالاً له
".


وقال الشيخ مقبل الوادعي:
والذي أعتقده وأدين الله به أن
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
حفظه الله
من المجددين الذين يصدق عليهم قول الرسول
(صلى الله
عليه وسلم)
[إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها]





أوصي زوجتي و أولادي و أصدقائي وكل محب لي
إذا بلغه وفاتي أن
يدعو لي بالمغفرة و الرحمة -أولاً-
وألا يبكون علي نياحة أو بصوت مرتفع.


وثانياً: أن يعجلوا بدفني،
و لا يخبروا من أقاربي و إخواني إلا بقدر
ما
يحصل بهم واجب تجهيزي، وأن يتولى غسلي
(عزت خضر أبو عبد
الله) جاري و صديقي المخلص،
ومن يختاره -هو- لإعانته على ذلك.


وثالثاً: أختار الدفن في أقرب مكان،
لكي لا يضطر من يحمل جنازتي
إلى وضعها في السيارة،
و بالتالي يركب المشيعون سياراتهم، وأن
يكون القبر
في مقبره قديمة يغلب على الظن أنها سوف لا تنبش...


و على من كان في البلد الذي أموت فيه ألا يخبروا
من كان خارجها
من أولادي - فضلاً عن غيرهم- إلا بعد تشييعي، حتى لا تتغلب العواطف،
و تعمل عملها، فيكون ذلك سبباً لتأخير جنازتي.

سائلاً المولى أن ألقاه و قد غفر لي ذنوبي ما قدمت و ما أخرت..

وأوصي بمكتبتي -كلها- سواء ما كان منها مطبوعاً،
أو تصويراً، أو
مخطوطاً -بخطي أو بخط غيري-
لمكتبة الجامعة الإسلامية في
المدينة المنورة،
لأن لي فيها ذكريات حسنة في الدعوة للكتاب و
السنة،
و على منهج السلف الصالح -يوم كنت مدرساً فيها-.

راجياً من الله تعالى أن ينفع بها روادها، كما نفع بصاحبها -يومئذ- طلابها، وأن ينفعني بهم و بإخلاصهم و دعواتهم.


(رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي
و على والدي و أن أعمل صالحاً ترضاه و أصلح لي
في ذريتي إني تبت إليك و إني من المسلمين
).


27 جمادى الأول 1410 هـ





توفي العلامة الألباني
قبيل يوم السبت في الثاني و العشرين
من
جمادى الآخرة 1420ه، الموافق الثاني من
أكتوبر 1999م، و دفن بعد صلاة العشاء.


و قد عجل بدفن الشيخ لأمرين أثنين:
الأول: تنفيذ وصيته كما أمر.
الثاني: الأيام التي مر بها موت الشيخ رحمه الله
و التي تلت هذه الأيام كانت شديدة
الحرارة،
فخشي أنه لو تأخر بدفنه أن يقع بعض الأضرار أو المفاسد
على الناس الذين
يأتون لتشييع جنازته رحمه الله
فلذلك أوثر أن يكون دفنه سريعاً.

بالرغم من عدم إعلام أحد عن وفاة الشيخ
إلا المقربين منهم حتى يعينوا على تجهيزه
ودفنه،
بالإضافه إلى قصر الفترة ما بين وفاة الشيخ ودفنه،
إلا أن الآف المصلين قد
حضروا صلاة جنازته
حيث تداعى الناس بأن يعلم كل منهم أخاه.



::المصادر::
كتاب الثمر الداني في الذب عن الألباني
برنامج تراجم مختصرة لعلماء هذا العصر
الموقع الرسمى للشيخ الالبانى



تم بحمد الله
انتظرونا الاسبوع القادم
ان شاء الله .. وشخصية جديدة ..
__________________






رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 239.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 233.40 كيلو بايت... تم توفير 6.05 كيلو بايت...بمعدل (2.53%)]