الترفيه في ميزان الشرع - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4413 - عددالزوار : 850961 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3944 - عددالزوار : 386958 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 211 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28455 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60074 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 847 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-10-2020, 09:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي الترفيه في ميزان الشرع

الترفيه في ميزان الشرع


أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي





الخطبة الأولى
عباد الله، إنّ العامل الجاد يحتاجُ إلى تجديدِ النَّشاطِ للعملِ، والنفس البشرية من طبيعتها الملل وهي تحتاجُ إلى صرفِ السَّآمةِ والمللِ، ولو واصل الإنسان العبادة بلا انقطاع فسيملُّ وربما ترك العبادة، ولذلكَ لمَّا رأى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعضَ أصحابِه قد أغفلَ هذا الجانبَ في حياتِه دعاهُ ونصحَه وأرشدَه إلى الصَّوابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟)، فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (فَلَا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) رواه البخاري.

وقد ظنَّ الصَّحابةُ الكِرامُ - رضي الله عنهم - وهم أحرصُ النَّاسِ على الأوقاتِ- أن الغفلةَ التي يجدونَها وقتَ التَّرفيهِ هي من علاماتِ المنافقين، وهذا ما شَعرَ به حَنْظَلَةُ الْأُسَيِّدِيُّ - رضي الله عنه - وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - حينما قَالَ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ الرسول - صلى الله عليه وسلم -ومَا ذَاكَ؟). فقال حنظلة:يَا رَسُولَ اللهِ نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فنَسِينَا كَثِيرًا، فَقَالَ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَة، سَاعَةً وَسَاعَة، سَاعَةً وَسَاعَة) رواه مسلم.

إذن حياةُ المؤمنِ ساعةٌ في الطَّاعةِ والعبادة، وساعةٌ مع الأولادِ والزَّوجاتِ، وساعةٌ في الأعمالِ والتِّجارة، فهو بينَ الطَّاعاتِ والمُباحاتِ، وقد يجعلُ المسلمُ المُباحَ والتَّرفيهَ بصالحِ نيَّتِه صَدقاتٍ، قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لسعدِ بنِ أبي وقاصٍ - رضي الله عنه -: (إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ) رواه البخاري. قال النووي رحمه الله: (يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا فَعَلَ شَيْئًا أَصْلُهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَقَصَدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى يُثَابُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ كَالْأَكْلِ بِنِيَّةِ التَّقَوِّي عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَالنَّوْمِ لِلِاسْتِرَاحَةِ لِيَقُومَ إِلَى الْعِبَادَةِ نَشِيطًا، وَالِاسْتِمْتَاعِ بِزَوْجَتِهِ لِيَكُفَّ نَفْسَهُ وَبَصَرَهُ وَنَحْوِهِمَا عَنِ الْحَرَامِ، وَلِيَقْضِيَ حَقَّهَا، لِيُحَصِّلَ وَلَدًا صَالِحًا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ)، فما أجملَ أن نستحضِرَ ونُصحِّحَ في ترفيهِنا ومُباحِنا النَّوايا؛ حتى تكونَ من الصَّدقاتِ ونفوزَ بعظيمِ العطايا من الله الكريم العليم بالنيات.

عباد الله، إن الترويح عن النفس مطلوب، لذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أعبد الناس يمازح أصحابَه، قالوا: يا رسول الله، إنك تداعبُنا، فقال – عليه الصلاة والسلام: (إني لا أقول إلا حقًا) رواه الترمذي وصححه الألباني. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستر عائشة وهي تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم في المسجد النبوي (صححه الألباني)، وكان - صلى الله عليه وسلم - يلاعب الحسن والحسين ويداعبهما. وكان يدلع لسانه للحسن فيرى الصبي حُمرة لسانه فيهش إليه. حسنه الألباني في السلسلة.

ومن الترفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - سابق زوجتَه عائشة، تقولُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأنا خَفِيفَةُ اللَّحْمِ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: (تَقَدَّمُوا)، ثُمَّ قَالَ لِي: (تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ)، فَسَابَقَنِي فَسَبَقْتُهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ فِي سَفَرٍ آخَرَ، وَقَدْ حَمَلْتُ اللَّحْمَ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: (تَقَدَّمُوا)، ثُمَّ قَالَ لِي: تَعَالَيْ أُسَابِقُكِ، فَسَابَقَنِي فَسَبَقَنِي، فَضَرَبَ بِيَدِهِ كَتِفِي؛ وَقَالَ: (هَذِهِ بِتِلْكَ) الحديث عند أبي داود وصححه الألباني.
وسابقَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بينَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلى ثنيَّةِ الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمُرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَابْنُ عُمَرَ كَانَ مِمَّنْ سَابَقَ بِهَا.. (رواه البخاري). وصَارَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رُكَانَةَ فَصَرَعَهُ، وكانَ سبباً في إسلامِه. (حسنه الألباني). وهذه مصارعةٌ ليسَ فيها أذى ولا ضررٌّ ولا كشفٌ للعوراتِ.

ومَرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ - أيْ: يتسابقونَ برمي السِّهامِ-، فَقَالَ: (ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلاَنٍ)، فَأَمْسَكَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ؟)، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ، قَالَ: (ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ) رواه البخاري
واستمعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الشِّعرِ، فعَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً فَقَالَ: (هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْئاً؟)، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (هِيهِ)، فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتاً، فَقَالَ: (هِيهِ)، ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتاً، فَقَالَ: (هِيهِ)، حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ.. رواه مسلم.
وخرجَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى البساتينَ وإلى الصَّحراءِ ويمازح أصحابَه. وسمحَ لعائشةَ باللَّعبِ مع البناتِ. وأذِنَ للحبشةِ في يومِ العيدِ باللَّعبِ بِالدَّرَقِ - أيْ: التُّروسِ - وَالْحِرَابِ، وقالَ لعمرَ - رضي الله عنه -: (دَعهم يا عمرُ، حتى تعلمَ اليهودُ والنَّصارى أنَّ في دينِنا فُسحةً) رواه البخاري.

ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ لهوٌ ولَعِبٌ، إلا أن يكون أَرْبَعَةٌ: مُلَاعَبَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَتَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ، وَمَشْيُ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ- يعني: تَعَلُّمُ الرِّمَايةِ -، وَتَعَليمُ الرَّجُلِ السَّبَّاحَةَ) صحيح الجامع للألباني.
وكان الصحابة - رضي الله عنهم - يتمازحون، ومن ذلك يقول بكر بن عبدالله المزني: كانوا يترامون بالبطيخ (يعني: بقشره)، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال. (صحيح الأدب المفرد للباني).

إخوة الإيمان، كلُّ هذه الأحاديثِ والآثارِ وغيرِها تدلُّ على أن ديننا لا يهمل جانب الترفيه لأهميتهِ في حياةِ النَّاسِ، وهذا الترفيه يختلفُ باختلافِ الأعمارِ والأجناس، غير أن كلَّ شيءٍ في حياةِ المؤمنِ مُرتبطٌ بعبادةِ الله وما يُرضي الله: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]، وعلى هذا فالتَّرفيه كغيرِه من أمورِ الحياةِ التي لا يجوز أن تُخالفَ شرعَ اللهِ سبحانَه وتعالى والغايةَ من خلقِ الإنسانِ.
عباد الله، إن مَن ينظرْ إلى الكفار يعلمْ أنَّه ليسَ لديهم في التَّرفيهِ سَقفٌ، ولا يضبطهم فيه دينٌ ولا حياءٌ ولا عُرفٌ، فهم يفعلونَ ما شاؤوا متى شاؤوا بأيِّ طريقةٍ شاؤوا، ويصرفونَ على هذا التَّرفيهِ الملايين، ولا غرابةَ في ذلكَ فقد وصفَهم اللهُ تعالى بقولِه: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ [محمد: 12].

غير أنّ الغرابة والمصيبةَ العظمى عندما يُقلِّدُ بعضُ المسلمين الكفار في مهرجاناتِ غنائيةِ بحجَّةِ التَّرفيهِ وكأن الترفيه لا يكون إلا هكذا؛ دونَ الالتفاتِ إلى الحلالِ والحرامِ، وأيُّ سعادةٍ وأيُّ فرحٍ وأيُّ سرورٍ يُدخَلُ على الناس وهم يخوضُون في معصيةِ اللهِ تعالى، بل ومع مجاهرة بالمعاصي، وصَدقَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ)، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟، قَالَ: (فَمَنْ؟) رواه البخاري.

ونحنُ بفضل الله دولتنا قامتْ تحتَ رايةِ التوحيد ودين الإسلام، وشَرُفَتْ بخدمةِ الحرمين الشريفين، وفي أرَضِها أشرقت الرسالة المحمدية، فالواجب أن نكونَ أبعد عن هذه المنكرات، وأن نتحلى بالرِّضا والتَّسليمِ لأحكام شريعة الإسلام، والرجوع عند الاختلاف إلى العلماء بالكتاب والسنة استجابة لأمر الله القائل: ﴿ ... فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾[النساء: 58].
أكرمنا الله بطاعته، وجنبنا معصيته، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله.

الخطبة الثانية
أما بعد: فإن المجتمعات لا تزال في عافيةٍ ما دام أن المنكرَ فيها مستورٌ، كما قالَ - عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ -: (كُلُّ أَمَّتِى مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ) رواه البخاري. ويزداد الأمر سوءً ويعمُّ البلاءُ إذا لم تُنكرْ هذه المنكرات الظاهرة لتنتهي أو تختفي، بل وترفع العافيةُ؛ فلا تسلْ بعدَ ذلكَ عما يصيب الناس من عقوبات؛ والتي قد تكون في دنياهم قبل آخرتهم؛ في أمنهم أو أرزاقهم أو رخائهم أو غيرها من النعم، جاءَ في الحديثِ: (إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا ْمُنْكَرَا فَلَمْ يغيّروه؛ يوشكُ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابِهِ) صححه الألباني.

ألا وإنّ من أبرز المنكرات الظاهرة في زماننا هذا المهرجاناتُ التي تعج بالمعازف والطرب وغيرها من المنكرات، يقولُ ابنُ القيمِ - رحمَه اللهُ -: (والذي شاهدناه نحنُ وغيرُنا وعرفناه بالتجاربِ: أنه ما ظهرتْ المعازفُ وآلاتُ اللهوِّ في قومٍ وفَشتْ فيهم، واشتغلوا بها: إلا سلَّطَ اللهُ عليهم العدو، وبُلوا بالقَحطِ والجَدبِ وولاةِ السُّوءِ، والعاقلُ يتأملُ أحوالَ العالمِ وينظرُ، واللهُ المستعانُ..).

فالواجب علينا - عباد الله - أن نَتّقِ الله؛ وأن نترفّه بما أحلَّ ونبتعد عما حرم، والحمد لله الذي وسّع علينا وجعل في الحلال ما يغنينا عن الحرام، كما علينا أن نحافظَ على هذه النعم التي ننعم بها؛ فنحافظَ على هذه البلادِ من أهلِ الزَّيغِ والفسادِ، فإن الشَّرَّ إذا كَثُرَ وعمَّ أحاطَ العذابُ وطمَّ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟، قَالَ: (نَعَمْ؛ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ) رواه البخاري، وقد حذَّرنا اللهُ تعالى بقولِه: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25]. فاحفظوا هذه النعم، وقِفوا صفًّا واحدًا أمام المفسدين بمقاطعتهم والتحذير منهم، واحفظوا دينكم يفتح الله لكم أبواب الخيرات ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾[الأعراف: 96].


اللهم افتحنا لنا من بركاتك، وأعذنا من سخطِك وعذابِك.
واكفنا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، وبطاعتك عن معصيتك.
اللهم لا تؤاخذنا بسوء أعمالنا، ولا بما فعله السفهاء منا.
اللهم احفظنا وأهلينا ومجتمعاتنا وبلادنا من فساد المفسدين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.40 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]