أبو بكر الصديق علي بن محمد الصلابي - الصفحة 6 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         همسة في آذان الشباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          من آداب الدعاء... إثبـــات الحمـــد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13 - عددالزوار : 3015 )           »          الاستعمار وأساليبه في تمكين الاستشراق الحلقة الرابعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 609 )           »          قواعد عقاب الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 46 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 55 - عددالزوار : 15810 )           »          توجيهات منهجية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          القاعدة الأوفى في الأسماء الحسنى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 16-10-2019, 05:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,333
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أبو بكر الصديق علي بن محمد الصلابي

أبو بكر الصديق

(55) نص الخطاب الذي أرسله للمرتدين


علي بن محمد الصلابي



نص الخطاب الذي أرسله للمرتدين والعهد الذي كتبه للقادة:
بعد التنظيم الدقيق، وحسن الإعداد للجيوش الإسلامية التي عقد لها الصديق الألوية نجد الدعوة البيانية القولية تطل لتقوم بدورها وتدلي بدلوها؛ فقد حرر الصديق كتابًا عامًا ذا مضمون محدد سعى إلى نشره على أوسع نطاق ممكن في أوساط من ثبتوا على الإسلام ومن ارتدوا عنه جميعًا قبل تسيير قواته لمحاربة الردة، وبعث رجالاً إلى محل القبائل، وأمرهم بقراءة كتابه في كل مجتمع، وناشد من يصله مضمون الكتاب بتبليغه لمن لم يصل إليه، وحدد الجمهور المخاطب به بأنه: العامة والخاصة، من أقام على إسلامه أو رجع عنه.
وهذا نص الكتاب الذي بعثه الصديق:
بسم الله الرحمن الرحيم: من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من بلغه كتابي هذا من عامة وخاصة، أقام على إسلامه أو رجع عنه: سلام على من اتبع الهدى ولم يرجع بعد الهدى إلى الضلالة والعمى، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، نقر بما جاء به ونكفر من أبى ونجاهده، أما بعد: فإن الله تعالى أرسل محمدًا بالحق من عنده إلى خلقه بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا؛ لينذر من كان حيًا ويحق القول على الكافرين، فهدى الله بالحق من أجاب إليه وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذنه من أدبر عنه، حتى صار إلى الإسلام طوعًا وكرهًا، ثم توفى اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم وقد نفذ لأمر الله ونصح لأمته وقضى الذي عليه، وكان الله قد بين له ذلك ولأهل الإسلام في الكتاب الذي أنزل، قال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [الزمر: 30]، وقال للمؤمنين: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَّضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]، فمن كان إنما يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله وحده لا شريك له فإن الله له بالمرصاد، ولا تأخذه سنة ولا نوم، حافظ لأمره منتقم من عدوه بحزبه.
وإني أوصيكم بتقوى الله وحظكم ونصيبكم من الله، وما جاءكم به نبيكم صلى الله عليه وسلم، وأن تهتدوا بهداه وأن تعتصموا بدين الله، فإن كل من لم يهده الله ضال، وكل من لم يعافه ممُبتلى، وكل من لم يعنه الله مخذول، فمن هداه الله كان مهتديًا، ومن أضله كان ضالاً، قال الله تعالى: {مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا} [الكهف: 17]، ولم يقبل منه في الدنيا عمل حتى يقر به، ولم يقبل منه في الآخرة صرف ولا عدل.
وقد بلغني رجوع من رجع منكم عن دينه بعد أن أقر بالإسلام وعمل به اغترارًا بالله وجهالة بأمره وإجابة للشيطان، قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُون َهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} [الكهف: 50]، وقال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6].
وإني بعثت إليكم فلانًا في جيش من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان، وأمرته ألا يقاتل أحدًا ولا يقتله حتى يدعوه إلى داعية الله، فمن استجاب له وأقر وكف وعمل صالحًا قبل منه وأعانه عليه، ومن أبى أمرت أن يقاتله على ذلك ثم لا يبقى على أحد منهم قدر عليه، وأن يحرقهم بالنار ويقتلهم كل قتلة، وأن يسبي النساء والذراري ولا يقبل من أحد إلا الإسلام، فمن تبعه فهو خير له ومن تركه فلن يعجز الله.
وقد أمرت رسولي أن يقرأ كتابي في كل مجمع لكم والداعية الأذان: فإذا أذن المسلمين فأذَّنوا كفوا عنهم، وإن لم يؤذنوا عاجلوهم، وإن أذنوا اسألوهم ما عليهم، فإن أبوا عاجلوهم، وإن أقروا قبل منهم وحملهم على ما ينبغي لهم.
ونلحظ من خطاب أبي بكر أنه كان يدور حول محورين:
أ- بيان أساس مطالبة المرتدين بالعودة إلى الإسلام.
ب- بيان عاقبة الإصرار على الردة.
وقد أكد الكتاب على عدة حقائق هي:
-أن الكتاب موجه إلى العامة والخاصة ليسمع الجميع دعوة الله.
-بيان أن الله بعث محمدًا بالحق، فمن أقر كان مؤمنًا، ومن أنكر كان كافرًا يجاهد ويقاتل.
-بيان أن محمدًا بشر قد حق عليه قول الله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ} وأن المؤمن لا يعبد محمدًا صلى الله عليه وسلم وإنما يعبد الله الحي الباقي الذي لا يموت أبدًا، ولذلك لا عذر لمرتد.
إن الرجوع عن الإسلام جهل بالحقيقة واستجابة لأمر الشيطان، وهذا يعني أن يتخذ العدو صديقًا، وهو ظلم عظيم للنفس السوية؛ إذ يقودها صاحبها بذلك إلى النار عن طواعية.
-إن الصفوة المختارة من المسلمين وهم المهاجرون والأنصار وتابعوهم، هم الذين ينهضون لقتال المرتدين غيرة منهم على دينهم وحفاظًا عليه من أن يهان.
-إن من رجع إلى الإسلام، وأقرَّ بضلاله، وكف عن قتال المسلمين، وعمل من الأعمال ما يتطلبه دين الله، فهو من مجتمع المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم.
-إن من يأبى الرجوع إلى صف المسلمين ويثبت على ردته، إنما هو محارب لا بد من شن الغارة عليه، تقتله أو تحرقه، وتسبي نساءه وذراريه، ولن يعجز الله بأية حال؛ لأنه أنى ذهب في ملكه.
إن الشارة التي ينجو بها المرتدون من غارة المسلمين أن يعلن فيهم الأذان وإلا فالمعالجة بالقتال هي البديل. وحتى لا يترك الخليفة الأمر للقادة والجند بغير انضباط كتب للقواد جميعًا كتابًا واحدًا يدعوهم فيه إلى الالتزام بمضمون كتابه السابق، هذا نصه:
هذا عهد من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لفلان حين بعثه فيمن بعثه لقتال من رجع عن الإسلام، وعهد إليه أن يتقي الله ما استطاع في أمره كله، سره وعلانيته، وأمره بالجد في أمر الله ومجاهدة من تولى عنه ورجع عن الإسلام إلى أماني الشيطان، بعد أن يعذر إليهم فيدعوهم بداعية الإسلام، فإن أجابوه أمسك عنهم، وإن لم يجيبوه شنَّ غارته عليهم حتى يقروا له، ثم ينبئهم بالذي عليهم والذي لهم، فيأخذ ما عليهم ويعطيهم الذي لهم، لا وينظرهم ولا يرد المسلمين عن قتال عدوهم، فمن أجاب إلى أمر الله -عز وجل- وأقر له قبل ذلك منه وأعانه عليه بالمعروف، وإنما يتقبل من كفر بالله على الإقرار بما جاء من عند الله، فإذا أجاب الدعوة لم يكن عليه سبيل، وكان الله حسيبه بعد فيما استسر به، ومن لم يُجِب داعية الله قتل وقوتل حيث كان وحيث بلغ مراغَمه، لا يقبل من أحد شيئًا أعطاه إلا الإسلام، فمن أجابه وأقر قبل منه وعلمه ومن أبى قاتله، فإن أظهره الله عليه قتل منهم كل قتلة بالسلاح والنيران، ثم قسم ما أفاء الله عليهم إلا الخمس فإنه يبلغناه، وأن يمنع أصحابه العجلة والفساد وألا يدخل فيهم حشوًا حتى يعرفهم ويعلم ما هم لا يكونوا عيونًا, لئلا يؤتى المسلمين من قبلهم، وأن يقتصد بالمسلمين ويرفق بهم في السير والمنزل ويتفقدهم، ولا يعجل بعضهم عن بعض، ويستوصي بالمسلمين في حسن الصحبة ولين القول.
وفي العهد الذي ألزم به قواده يظهر حرص الصحابة على إلزام أمرائه في حرب الردة بتعليمات أساسية مكتوبة موحدة نصت بوضوح لا يحتمل اللبس على حظر القتال قبل الدعوة إلى الإسلام، والإمساك عن قتال من يجيب، والحرص على إصلاحهم، وحظر مواصلة القتال بعد أن يقروا بالإسلام والتحول عند هذه النقطة من القتال إلى تعليمهم أصول الإسلام وتبصيرهم بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، وحظر المهادنة أو رد الجيش عن محاربة المرتدين ما لم يفيئوا إلى أمر الله.
والتزم الجيش الإسلامي في التنفيذ مبدأ الدعوة قبل القتال والإمساك عن القتال بمجرد إجابة الدعوة؛ باعتبار أن الغاية الوحيدة هي عودة المرتدين إلى الذي خرجوا منه وتلمسًا لتحقيق أقصى درجة من التوافق في صفوف القوات الإسلامية التي نيط بها القضاء على ظاهرة الردة.
أمضى الصديق هذا العهد مع أمراء الجيوش الإسلامية، يطلب من الجيش أن يكون سلوكه ذاته خير دعوة للمهمة المستندة إليه، وأن يتطابق تمامًا مع هدف واحد هو الدفاع عن الإسلام.
إن اقتداء أبي بكر رضى الله عنه برسول الله صلى الله عليه وسلم علمه فن القيادة، ونجاح القائد في قيادته يتوقف على مدى نجاحه في جنديته. ولقد كان أبو بكر نعم الجندي في جيش المسلمين، مخلصًا في ولائه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يطبق ما يقوله بحذافيره، مضحيًا في سبيله، لم يفر عنه في معركة قط. ونستطيع أن ندرك دقة آرائه القيادية وبعد مرماها من وصاياه لقواده وخططه العامة التي رسمها لهم أثناء تحركهم لضرب قوات العدو.
لقد كانت أول وصية أوصاهم بها تتركز على النقاط التالية:
أن يلزموا أنفسهم تقوى الله عز وجل ومراقبته في السر والعلن، وهذا عين الصواب في هذه السياسة الرشيدة؛ لأن القائد إذا ألزم نفسه تقوى الله -عز وجل- كان معه: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُون} [النحل: 128].
الجد والاجتهاد وإخلاص النية لله سبحانه وتلك أخلاق المنصورين الفائزين {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
أن لا يقبل من المرتدين إلا الإسلام أو القتل؛ إذ لا مهادنة في أمر العقيدة.
تقسيم الغنائم بين الجند مع الاحتفاظ بحق بيت المال منها، وهو خمسها.
أن لا يتعجلوا في التصرف حيال القضايا التي تواجههم حتى لا تأتي حلولهم فجة.
أن يحذروا من أن يدخل بينهم غريب ليس منهم، كيلا يكون جاسوسًا عليهم.
أن يرفقوا بجندهم ويتفقدوهم في المسير والنزول، وأن لا ينفرط بعضهم عن بعض.
وأن يستوصوا بهؤلاء الجند خيرًا في الصحبة.
ويمكنا من خلال الدراسة أن نستخلص الخطة العامة بعد أن عقد الصديق الألوية لقادة الجيوش، والتي تتخلص في النقاط الآتية:
أ- ضمنت الخطة إحكام التعاون بين هذه الجيوش جميعها، بحيث لا تعمل كأنها منفصلة تحت قيادة مستقلة، وإنما هي رغم تباعد المكان جهاز واحد، وقد تتلقى -أو يلتقي بعضها ببعض- لتفترق، ثم تفترق لتلتقي، كان ذلك والخليفة بالمدينة يدبر حركة القتال ومعاركه.
ب- احتفظ الصديق بقوة تحمي المدينة –عاصمة الخلافة- واحتفظ بعدد من كبار الصحابة ليستشيرهم وليشاركوه في توجيه سياسة الدولة.
ج- أدرك الصديق أن هناك جيوشًا من المسلمين داخل المناطق التي شملتها حركة العصيان والردة، وقد حرص على هؤلاء المسلمين من أن يتعرضوا لنقمة المشركين، ولذلك فإنه أمر قادته باستنفار من يمرون بهم من أهل القوة من المسلمين من جهة، وبضرورة تخلف بعضهم لمنع بلادهم وحمايتها من جهة أخرى.
د- طبق الخليفة مبدأ الحرب خدعة مع المرتدين، حتى أظهر أن الجيوش تنوي شيئًا، وهي في حقيقة الأمر كانت تستهدف شيئًا آخر؛ زيادة في الحيطة والحذر من اكتشاف خطته، وهكذا تظهر الحنكة السياسية والتجربة العملية والعلم الراسخ والفتح الرباني في قيادة الصديق.


([1]) الأبعاد السياسية لمفهوم الأمن في الإسلام، مصطفى محمود منجود: ص 169.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #52  
قديم 16-10-2019, 05:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,333
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أبو بكر الصديق علي بن محمد الصلابي

أبو بكر الصديق

(56) القضاء على فتنة الأسود العنسي


علي بن محمد الصلابي



1-القضاء على الأسود العنسي، وردة اليمن الثانية:
اسمه: عبهلة بن كعب ويكنى بذي الخمار؛ لأنه كان دائما معتمًا متخمرًا بخمار، ويعرف بالأسود العنسي لاسوداد في وجهه، وتكمن قوة الأسود في ضخامة جسمه وقوته وشجاعته، واستخدم الكهانة والسحر والخطابة البليغة، فقد كان كاهنًا مشعوذًا يُرِي قومه الأعاجيب، ويسبي قلوب من سمع منطقه، واستخدم الأموال للتأثير على الناس.

أ- الأسود العنسي في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام:
وما أن انتشر خبر مرض رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد مقدمه من حجة الوداع حتى ادعى الأسود العنسي النبوة، وقيل: إنه أطلق على نفسه (رحمان اليمن) كما تسمى مسيلمة (رحمان اليمامة)، وأنه كان يدعي النبوة ولا ينكر نبوة محمد عليه الصلاة والسلام، وكان يزعم أن ملكين يأتيانه بالوحي وهما: سحيق وشقيق -أو شريق – وكان قبل أن يظهر مخفيًا أمره يجمع حوله من يراه مناسبًا حتى فاجأ الناس بظهوره وكان أول من تبعه: أبناء قبيلته وهم «عنس»، ثم كاتب زعماء قبيلة «مذحج» فتبعه العوام منهم، وبعض زعمائهم من طالبي الزعامة، وقد عمل على إثارة العصبية القبلية؛ لأنه من «عنس» وهي بطن من بطون قبيلة «مذحج»، وقد راسله بنو الحارث بن كعب من أهل نجران وهم يومئذ مسلمون، فطلبوا منه أن يأتيهم في بلادهم، فجاءهم فاتبعوه لكونهم لم يسلموا رغبة، وتبعه أناس من «زبيد» و«أود» «مَسْليَة» و«حكم بني سعد العشيرة»، ثم أقام بنجران بعض الوقت، وقوي أمره بعد أن انضم إليه عمرو بن معديكرب الزبيدي وقيس بن مكشوح المرادي، وتمكن من طرد فروة بن مسيك من مراد وعمرو بن حزم من نجران، واستهوته فكرة السيطرة على صنعاء فخرج إليها بست مئة أو سبع مئة فارس معظمهم من بني الحارث بن كعب و«عنس».
فتقابل مع أهل صنعاء وعليهم «شهر بن باذان الفارسي»، وكان قد أسلم مع أبيه في منطقة خارج صنعاء تسمى منطقة «شعوب»، فتقاتلوا قتالاً شديدًا فقتل «شهر بن باذان» وانهزم أهل صنعاء أمام الأسود العنسي، فغلب عليها ونزل قصر «غمدان» بعد خمسة وعشرين يومًا من ظهوره.
وكان له مواقف بشعة في تعذيب المتمسكين بالإسلام، فقد أخذ أحد المسلمين ويسمى النعمان فقطعه عضوًا عضوًا، ولهذا تعامل معه المسلمين الذين كانوا في المناطق التي يديرها بالتقية.
أما بقية المسلمين خارج نطاق سيطرته فقد حاولوا التجمع وإعادة الانتظام إلى صفوفهم، فكان فروة بن مسيك المرادي قد انحاز إلى مكان يسمى «الأحسية»، وانضم إليه من انضم من المسلمين، وكتب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام بخبر الأسود العنسي، فكان أول من أبلغ الرسول عليه الصلاة والسلام بذلك، وانحاز كل من أبي موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل إلى حضرموت في جواء «السكاسك والسكون».
وقد راسل رسولُ الله عليه الصلاة والسلام الثابتين على الإسلام لمواجهة ردة الأسود، وأمرهم بالسعي للقضاء عليه إما مصادمة أو غيلة، ووجه كتبه ورسله إلى بعض زعماء «حمير» و«همدان» بأن يتكاتفوا ويتوحدوا ويساعدوا «الأبناء» ضد «الأسود العنسي»، فأرسل «وبر بن يخنس» إلى «فيروز الديلمي وجُشَيش الديلمي وداذويه الإصطخري»، وبعث «جرير البجلي» إلى «ذي الكلاع وذي ظليم» الحميريين، وبعث «الأقرع بن عبد الله الحميري» إلى «ذي زود وذي مران» الهمدانيين، وكذلك كتب إلى أهل نجران من الأعراب وساكني الأرض من غيرهم، وبعث «الحارث بن عبد الله الجهني» إلى اليمن قبيل وفاته، فبلغته وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام وهو في اليمن، ولم تبين المصادر إلى أين بعث، إلا أنه من الممكن أنه بعث إلى «معاذ بن جبل»؛ لأنه تلقى كتابًا من رسول الله عليه الصلاة والسلام يأمره فيه بأن يبعث الرجال لمجاولة ومصاولة «الأسود العنسي» للقضاء عليه، كما تلقى «أبو موسى الأشعري» و«الطاهر بن أبي هالة» كتابًا من رسول الله ليواجهوا «الأسود» بالغيلة أو المصادمة، وكان لهذا العمل من جانب الرسول عليه الصلاة والسلام أثر كبير، فقد تماسك من بعث إليهم في حياته وبعد موته، فلم يعهد عنهم أنهم ارتدوا أو تزلزلوا، فقد كتب زعماء «حمير» وزعماء «همدان» إلى الأبناء باذلين لهم العون والمساعدة، وفي الوقت نفسه تجمع أهل «نجران» في مكان واحد للتصدي لأي حركة من جانب «الأسود العنسي»، وحينئذ أيقن هذا أنه إلى هلاك.
وظلت المكاتبات تتوالى بين «الهمدانيين» و «الحميريين» وبين «معاذ بن جبل» وبعض الزعماء اليمنيين، ومن المحتمل أن بعض المكاتبات تمت بين «الأبناء» وبين «فروة ابن مسيك»؛ لأنه كان له دور في قتل الأسود العنسي، ولكن كان أول من اعترض على «العنسي» هو «عامر بن شهر الهمداني».
وهكذا تجمعت كل قوى الإسلام في اليمن للقضاء على «الأسود العنسي»، ويظهر أنهم كانوا مجمعين على أن يقوموا بمقتله، لعلمهم أنه بمجرد أن يقتل لن يبقى لأتباعه أي كيان فيسهل التخلص منهم حينئذ، ولهذا وافقوا على خطة «الأبناء» بأن لا يقوموا بأي شيء حتى يبرموا الأمر من داخلهم.
واستطاع «الأبناء» فيروز وداذويه أن يتفقا مع «قيس بن مكشوح المرادي» -وكان قائد جند العنسي- للتخلص من «الأسود العنسي»؛ لأنه كان على خلاف معه، ويخشى أن يتغير عليه، وقد ضموا إلى صفهم زوجة «الأسود العنسي» «آزاد الفارسية» والتي كانت زوج شهر بن باذان وابنة عم فيروز الفارسي، فقد اغتصبها كذاب اليمن بعد أن قتل زوجها، فهبت لإنقاذ دينها من براثن وحوش الجاهلية بكل عزم وتصميم، فدبرت مع المسلمين المناوئين للأسود خطة اغتيال هذا الطاغية المتألِّه، ومهدت لهم السبيل لقتله على فراش نومه، وحينما قتل «الأسود» ألقى برأسه بين أصحابه فانتابهم الرهبة وعمهم الخوف، ففروا هاربين.
وأتى الخبر النبيَّ عليه الصلاة والسلام من السماء الليلة التي قتل فيها العنسي ليبشرنا فقال: «قتل العنسي البارحة، قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين» قيل: ومن هو؟ قال: «فيروز».
وقد فصل خطة اغتيال الأسود العنسي الدكتور صلاح الخالدي في كتابه: «صور من جهاد الصحابة… عمليات جهادية خاصة تنفذها مجموعة خاصة من الصحابة». وظل أمر «صنعاء» مشتركا بين «فيروز وداذويه وقيس بن مكشوح» إلى أن جاء معاذ بن جبل إلى صنعاء، فارتضوا أن يكون هو الأمير عليهم، ولكنه لم يمكث إلا ثلاثة أيام بهم حتى بلغهم خبر وفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وكانت تفاصيل مقتل «العنسي» قد خرجت من صنعاء فوصلت إلى الصديق بعد أن خرج جيش أسامة، وكان هذا أول فتح أتى أبا بكر وهو في المدينة.
ب- وعيَّن أبو بكر «فيروز الديلمي» واليًا على صنعاء وكتب إليه بذلك، ولم يولِّ أبو بكر قيسًا؛ لأنه كان ممن مالأ الأسود العنسي وتابعه مخلصًا -عصبية لمذجح أو رغبة في الزعامة- وكان مبدأ أبي بكر عدم الاستعانة بمن ارتد، وجعل كل من داذويه وجشيش وقيس بن مكشوح مساعدين لفيروز، فتغيرت نفس قيس بن مكشوح المرادي فعمل على قتل زعماء الأبناء الثلاثة، وقد تمكن من قتل «داذويه» -سواء بنفسه أو بإيعاز منه – فتنبه لذلك «فيروز» فهرب إلى أخواله في «خولان»، فما كان من قيس إلا أن أثارها عصبية جنسية فحاول جمع زعماء بعض القبائل ضد «الأبناء» مدعيًا أنهم متحكمون فيهم، وأنه يرى قتل رؤسائهم وإجلاء بقيتهم، ولكن أولئك الزعماء وقفوا على الحياد فلم ينحازوا إليه ولا إلى الأبناء، وقالوا له: أنت صاحبهم وهم أصحابك، فلما يئس منهم عاد فكاتب فلول «الأسود العنسي» سواء الذين بقوا متذبذبين بين صنعاء ونجران أو ممن انحاز إلى لحج، فطلب منهم الالتقاء بهم ليكونوا جميعًا على أمر واحد وهو نفي «الأبناء»، فلم يشعر أهل صنعاء إلا وهم محاطون بتلك الفلول، ثم حرص «قيس» على تجميع «الأبناء» تمهيدًا لنفيهم.
وعندما وصل فيروز الديلمي إلى خولان كتب من هناك إلى أبي بكر يخبره بما حصل من قيس، فما كان منه إلا أن كتب إلى الزعماء الذين كتب إليهم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكانت صيغة الكتاب واضحة صريحة وهي: «أعينوا الأبناء على من ناوأهم وحوطوهم، واسمعوا من فيروز، وجِدُّوا معه فإني قد وليته».
كان الصديق في نهجه هذا يستهدف أمرين متلازمين:
-أنه جعله خطة حربية حيث كان جيش أسامة بن زيد قد خرج إلى الشام، وكان الخليفة ينتظر عودته حتى يتسنى له مواجهة أعنف موجات الردة في اليمامة والبحرين وعمان وتميم، وهي أشد وأعنف من موجات الردة في اليمن التي اكتفى بمعالجة بعضها بالرسائل والرسل.
-وأما الهدف الآخر فهو إعطاء الفرصة لمن ثبت على الإسلام لكي يبرهن على صدق إسلامه، ولكي يزداد ثباتًا واستمساكًا بدينه ما دام هو صاحب المسئولية والمتحمل لأمانة إقرار الإسلام فيمن حوله، خاصة أن من راسلهم أبو بكر كانوا هم الذين راسلهم رسول الله عليه الصلاة والسلام من قبل، وقد ثبتوا وقاموا بما طُلب منهم. وقام فيروز بالاتصال ببعض القبائل يستمدهم ويستنصرهم، وعلى رأس هؤلاء «بنو عقيل بن ربيعة بن عامر بن صعصعة»، ثم أرسل إلى قبيلة «عك» للغرض نفسه. وكان أبو بكر قد أرسل إلى الطاهر بن أبي هالة، وإلى مسروق العكي -وكانا بين عك والأشعريين- أن يمدا الأبناء بالمعونة، فخرج كل من جهته وعملوا جميعًا للحيلولة دون تنفيذ مخطط قيس وهو طرد الأبناء وإخراجهم من اليمن، فأنقذوهم ثم تكتلوا وتوجهوا نحو صنعاء جميعًا فاصطدموا به حتى اضطر إلى ترك صنعاء، وعاد إلى ما كان عليه أصحاب الأسود العنسي وهو التذبذب بين نجران وصنعاء ولحج، إلا أنه انضم إلى عمرو بن معديكرب الزبيدي. وبهذا عادت صنعاء للمرة الثانية إلى الهدوء والاستقرار عن طريق الرسل والكتب.
ج- واستمر الصديق يتابع سياسة الإحباط من الداخل، وهي ما يعبر عنها المؤرخون بقولهم: «ركوب من ارتد بمن لم يرتد وثبت على الإسلام».
ففي ردة «تهامة اليمن» تم القضاء عليها بدون مجهود يذكر من قبل الخليفة، فقد تولاها المسلمون من أبناء تهامة مثل «مسروق» العكي الذي قاتل المرتدين بقومه من عك، وكان على رأس من قضى على ردة تهامة «الطاهر بن أبي هالة» الذي كان واليًا للرسول عليه الصلاة والسلام على جزء من تهامة، وهي موطن «عك والأشعريين» ثم أمر أبو بكر «عكاشة بن ثور» أن يقيم في «تهامة» ليجمع حوله أهلها حتى يأتيه أمره، وأما بجيلة فإن أبا بكر رد جرير بن عبد الله، وأمره أن يستنفر مِنْ قومه مَنْ ثبت على الإسلام ويقاتل بهم من ارتد عن الإسلام، وأن يأتي خثعم فيقاتل من ارتد منهم، فخرج جرير وفعل ما أمره به الصديق رضي الله عنه، فلم يقم له أحد إلا نفر يسير فقتلهم وتتبعهم.
وكان بعض «بني الحارث بن كعب» بنجران قد تابعوا الأسود العنسي، وبعد وفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام بقوا مترددين فخرج إليهم «مسروق العكي» وهو يزعم مقاتلتهم فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا من غير قتال، فأقام فيهم ليعمل على استتباب الأمور فلم يأته «المهاجر بن أبي أمية» إلا وقد ضبط نجران.
وقد نجحت سياسة الإحباط من الداخل، وتوجه الصديق بإرسال الجيوش بعد عودة جيش أسامة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #53  
قديم 16-10-2019, 05:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,333
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أبو بكر الصديق علي بن محمد الصلابي

أبو بكر الصديق

(57) جيش عكرمة


علي بن محمد الصلابي



بعد أن شارك في القضاء على ردة أهل عمان، توجه نحو مهرة حسب أمر أبي بكر، وكان معه سبع مئة فارس، فوق ما جمع حوله من قبائل عمان، وحينما دخل مهرة وجدها مقسمة بين زعيمين متناحرين: أحدهما يسمى شخريت ويتمركز في السهل الساحلي، وهو أقل الجمعين عددًا وعدة، والآخر يسمى المصبح ونفوذه على المناطق المرتفعة وهو أكبر الجمعين، فدعاهما عكرمة إلى الإسلام فاستجاب صاحب السهل الساحلي وأما الآخر فقد اغتر بجموعه فأبى، فصادمه عكرمة ومعه «شخريت» فلحقته الهزيمة، وقتل ومعه الكثير من أصحابه، ثم أقام عكرمة فيهم يجمعهم ويقيم شئونهم حتى جمعهم على الذي يجب، حيث بايعوا على الإسلام وآمنوا واستقروا،
وكان قد تلقى كتابًا من أبي بكر يأمره بالاجتماع مع المهاجر بن أبي أمية القادم من «صنعاء» ليتوجها معا إلى كندة، فخرج من مهرة حتى نزل أبين وبقي هناك ينتظر المهاجر،
وعمل وهو هناك على جمع «النخع» وحمير وتثبيتهم على الإسلام ، وكان لوصول عكرمة إلى أبين أثر على بقية فلول الأسود العنسي وعلى رأسهم قيس بن المكشوح وعمر بن معد يكرب، فبعد هروب قيس من صنعاء بقي مترددًا بينها وبين نجران، وكان «عمر بن معد يكرب» قد انضوى إلى فلول العنسي التي أطلق عليها الفلول اللحجية؛ لأن وجهتهم كانت إلى لحج، فلما جاء عكرمة انضم قيس إلى عمرو وقد اجتمعا للقتال ولكن ما لبث أن نشب الخلاف بينهما فتعايرا ففارق كل واحد الآخر، فلما جاء المهاجر بن أبي أمية أسرع عمرو لتسليم نفسه ولحقه قيس فأوثقهما المهاجر وبعث بهم إلى أبي بكر، وبعد أن عاتبهما اعتذر كل واحد منهما عن فعله فأطلقهما ورجعا بعد أن تابا وأصلحا.

وهكذا كان لقدوم عكرمة من المشرق دور في القضاء على فلول المرتدين الموجودين في لحج سواء بالمواجهة من هذا الجيش القادم، بينما م يواجهون جيشا آخر في الشمال بقيادة المهاجر .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #54  
قديم 16-10-2019, 05:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,333
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أبو بكر الصديق علي بن محمد الصلابي

أبو بكر الصديق

(59) جيش أبي أمية للقضاء على ردة حضرموت وكندة


علي بن محمد الصلابي



كان آخر من خرج من المدينة من الجيوش الأحد عشر جيش المهاجر بن أبي أمية وكان معه سرية من المهاجرين والأنصار، فمر على مكة فانضم إليه «خالد بن أسيد» –أخو «عتاب ابن أسيد»- أمير مكة، ومر على الطائف فلحقه عبد الرحمن بن أبي العاص ومن معه، ولما التقى «بجرير بن عبد الله البجلي» بنجران ضمه إليه، وضم عكاشة بن ثور الذي جمع بعض أهل تهامة، ثم دخل في جموعه «فروة بن مسيك المرادي» الذي كان في أطراف بلاد مذحج، ومر على بني الحارث بن كعب بنجران فوجد عليهم مسروق العكي فضمه إليه.
وفي نجران قسم جيشه إلى فرقتين: فرقة تولت القضاء على فلول «الأسود العنسي» المتناثرة بين نجران وصنعاء، وكان المهاجر نفسه على هذه الفرقة، أما الفرقة الأخرى فكان عليها أخوه «عبد الله»، وكانت مهمتها تطهير منطقة تهامة اليمن من بقية المرتدين.
وحينما استقر المهاجر في صنعاء كتب إلى أبي بكر بما قام به وبما استقر عليه وبقي ينتظر الرد منه، وفي الوقت نفسه كتب معاذ بن جبل وبقية عمال اليمن الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، -ما عدا زياد بن لبيد- إلى أبي بكر يستأذنونه بالعودة إلى المدينة، فجاءت كتب أبي بكر مطلقة حق الاختيار لمعاذ ومن معه من العمال بالبقاء أو العودة، والاستخلاف على عمل كل من رجع فرجعوا جميعًا، وأما المهاجر فقد تلقى الأمر بالتوجه لملاقاة عكرمة وأن يسيرا معًا إلى حضرموت لمعاونة زياد بن لبيد وإقراره على ما هو عليه، وأمره أن يأذن لمن معه من الذين قاتلوا بين مكة واليمن في العودة إلا أن يؤثر قوم الجهاد.
كان زياد بن لبيد الأنصاري واليًا لرسول الله على كندة بحضرموت، وأقره الصديق رضي الله عنه على ذلك، وكان حازمًا شديدًا وكان لحزمه وشدته سبب كبير في أن يتمرد عليه حارثة بن سراقة، وخلاصة ذلك -كما يذكر الكلاعي- أن زيادًا أعطى من ضمن الصدقة ناقة معينة لفتى من كندة على سبيل الخطأ، فلما أراد صاحبها استبدالها بأخرى لم يقبل منه ذلك زياد، فاستنجد الفتى بزعيم لهم هو حارثة بن سراقة، وعندما طلب ابن سراقة من زياد استبدال الناقة أصر زياد على موقفه، فغضب ابن سراقة وأطلق الناقة عنوة، فوقعت الفتنة بين أنصار زياد وأنصار ابن سراقة، ودارت الحرب وانهزم ابن سراقة وقتل ملوك كندة الأربعة وأسر زياد عددًا من جماعة ابن سراقة، واستنجد الأسرى وهم في طريقهم إلى المدينة بالأشعث بن قيس فنجدهم حمية وعبية، واتسعت رقعتها وتكاثر جمع الأشعث وحصروا المسلمين، فأرسل زياد إلى المهاجر وعكرمة يستعجلهما النجدة وكانا قد التقيا بمأرب، فما كان من المهاجر إلا أن ترك «عكرمة» إلى الجيش وأخذ أسرع الناس -وغالبا من الفرسان– ليكونا بجانب زياد، وقد استطاع أن يفك الحصار عنه فهربت كندة إلى حصن من حصونها يسمى النجير، وكان لهذا الحصن ثلاث طرق لا رابع لها، فنزل زياد على إحداها والمهاجر على الثانية وبقيت الثالثة تحت تصرف كندة، حتى قدم عكرمة فنزل عليها فحاصروهم من جميع الجهات، ثم بعث «المهاجر» الطلائع إلى قبائل كندة والمتفرقة في السهل والجبل يدعوهم إلى الإسلام ومن أبي قاتلوه، ولم يبق إلا في الحصن المحاصر.
وكان جيشا زياد والمهاجر يزيدان على خمسة آلاف رجل من المهاجرين والأنصار وغيرهم من القبائل، وقد عملا على التضييق على من في الحصن حتى ضجوا بالشكوى إلى زعمائهم متبرمين من الجوع، وفضلوا الموت بالسيف بدلاً من ذلك، فاتفق زعماؤهم على أن يقوم الأشعث بن قيس بطلب الأمان والنزول على حكم المسلمين، وبعد أن فوض الأشعث من قومه لمفاوضة المسلمين لم يوفق؛ لأن الروايات تضافرت على أنه لم يطلب الأمان لجميع من في الحصن، أو أنه لم يصر على ذلك ولم يطلبه إلا لعدد تراوح حسب الروايات بين السبعة والعشرة وكان الشرط هو فتح أبواب حصن «النجير»، وكان من جراء ذلك أن قتل من «كندة» في الحصن سبعمائة قتيل، فأشبه موقفهم موقف يهود بني قريظة.
وتم القضاء على ردة كندة وعاد عكرمة بن أبي جهل ومعه السبايا والأخماس، وبرفقتهم الأشعث بن قيس الذي صار مبغضًا إلى قومه ولا سيما نساؤهم لأنهم عدوه سبب ذلتهم؛ ولأنه عندما صالح المسلمين كان أول ما بدأ به اسمه، فكانت نساء قومه يسمينه عُرف النار، ومعناه بلغتهم: الغادر، ولما قدم الأشعث على أبي بكر قال: ماذا تراني أصنع بك فإنك قد فعلت ما علمت؟! قال: تمنُّ عليَّ فتفكني من الحديد وتزوجني أختك فإني قد راجعت وأسلمت، فقال أبو بكر: قد فعلت فزوجه أم فروة ابنة أبي قحافة، فكان بالمدينة حتى فتح العراق.
وفي رواية جاء فيها: فلما خشي أن يقع به قال: أوتحتسب فيَّ خير فتطلق إساري وتقيلني عثرتي وتقبل إسلامي، وتفعل بي مثل ما فعلته بأمثالي وترد علي زوجتي -وقد كان خطب أم فروة بنت أبي قحافة مقدمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه، وأخَّرها إلى أن يقدم الثانية فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعل الأشعث ما فعل فخشي ألا ترد عليه- تجدني خير أهل بلادي لدين الله! فتجافى له عن دمه وقبل منه ورد عليه أهله وقال: انطلق فليبلغني عنك خير، وخلي عن القوم، فذهبوا وقسم أبو بكر في الناس الخمس.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #55  
قديم 20-10-2019, 03:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,333
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أبو بكر الصديق علي بن محمد الصلابي

أبو بكر الصديق

(60) المرأة بين الهدم والبناء



علي بن محمد الصلابي




في حروب الردة باليمن تظهر صورتان مختلفتان للنساء: صورة المرأة الطاهرة العفيفة التي تقف مع الإسلام وتحارب الرذيلة، وتقف مع المسلمين لكبح جماح شياطين الإنس والجن، فهذه «آزاد» الفارسية زوج شهر بن باذان وابنة عم فيروز الفارسي؛ تقف مع الصف الإسلامي بكل عزم وتصميم، وتدبر مع المسلمين خطة محكمة لاغتيال الأسود العنسي كذاب اليمن، فالمسلم في كل عصر يكبر في (آزاد) المسلمة غيرتها على دينها، وينظر باستهجان إلى ما مَجَّه قلم الدكتور محمد حسين هيكل عندما تحدث عن موقف آزاد من كذاب اليمن، وحاول أن يرجع ما قامت به المرأة المسلمة آزاد الفارسية إلى عصبية شهوانية، وذلك في قوله عن الأسود: «ولما استغلظ أمره وأثخن في الأرض استخف بقيس وبفيروز وجعل يرى في الأخيرين وفي سائر الفرس من تنطوي أضلاعهم على المكر به، وعرفت زوجته الفارسية ذلك منه، فثار في عروقها دم قومها، وتحركت في نفسها عوامل الحقد على الكاهن القبيح قاتل زوجها الشاب الفارسي الذي كانت تحبه من أعماق قلبها، ولقد استطاعت بسجيتها النسوية أن تخفي ذلك عنه وأن تسخو في البذل له من أنوثتها سخاء جعله يركن إليها ويطمع في وفائها».
إنه أسلوب فيه لَمْز بالفارسية المؤمنة آزاد، وكأنه يتهمها بالغدر لفارسيتها بالأسود العربي، ويأخذ عليها هذا الصنيع الذي كانت تظهر له فيه ما لا تخفي، إنه توجيه لحدث في غير محله، وهذه المرأة الصالحة المسلمة قتل الأسود زوجَها المسلم وتزوجها غصبًا، وهي التي وصفت الأسود الكذاب بقولها: «والله ما خلق الله شخصا أبغض إليَّ منه، ما يقوم لله على حق ولا ينتهي عن محرم». وهي التي جعلها الله تعالى سببا لهلاك الطاغية الأسود العنسي، فلولا الله ثم جهودها الميمونة ما استطاع فيروز وأصحابه قتل الأسود، فالذي حركها لذلك العمل العظيم الذي فيه حتفها وموتها هو حبها لدينها وعقيدتها وإسلامها، وبغضها للأسود العنسي الكذاب الذي أراد أن يقضي على الإسلام في اليمن، فهذه صورة مشرقة مضيئة لما قامت به المرأة المسلمة في اليمن من الجهاد من أجل دينها.
أما الصورة الكالحة المظلمة التي قامت به بعض بنات اليمن من يهود أو من لف لفهن في حضرموت، فقد طرن فرحا بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقمن الليالي الحمراء مع المجان والفساق يشجعن على الرذيلة ويزرين بالفضيلة، فقد رقص الشيطان فيها معهن وأتباعه طربًا لنكوص الناس على الإسلام والدعوة إلى التمرد عليه وحرب أهله، لقد حنَّت تلك البغايا إلى الجاهلية وما فيها من المنكرات، وانجذبن إليها انجذاب الذباب إلى أكوام من الأقذار، فقد تعودن على الفاحشة في حياتهن الجاهلية، فلما جاء الإسلام حجزتهن نظافته عنها، فشعرن وكأنهن بسجن ضيق يكدن يختنقن فيه، ولذا ما إن سمعن بموته صلى الله عليه وسلم حتى أظهرن الشماتة فخضبن أيديهن بالحناء، وقمن يضربن بالدفوف ويغنين فرحتهن؛ فقد تحقق لهن ما كن يتمنينه على السلطة الجديدة، وكان معظمهن من علية القوم هناك وبعضهن يهوديات، وقد كان لكلا الطرفين -أشراف القوم من العرب واليهود- مصلحة في الانتقاض على مبادئ الإسلام والانقضاض على كيانه. لقد عرفت هذه الحركة في التاريخ بحركة البغايا وكن نيفا وعشرين بغيًّا متفرقات في قرى حضرموت، وأشهرهن هر بنت يامن اليهودية التي ضرب المثل بها في الزنا، فقيل: «أزنى من هر». ويذكر التاريخ أن الفساق كانوا يتناوبونها لهذا الغرض في الجاهلية، ولكن هؤلاء السواقط لم يتركن وشأنهن يفسدن في المجتمع كما يحلو لهن، فقد وصل الخبر إلى الصديق، وأرسل رجل من أهل اليمن إليه
هذه الأبيات:

أبلغ أبا بكر إذا ما جئته
أن البغايا رُمْنَ أيَّ مرام
أظهرن من موت النبي شماتة
وخضبن أيديهن بالعُلاَّم
فاقطع هديت أكفَّهن بصارم

كالبرق أمضى من متون غمام

فكتب أبو بكر رضي الله عنه إلى عامله هناك المهاجر بن أبي أمية كتابًا في منتهى الحزم والصرامة جاء فيه: «فإذا جاءك كتابي هذا فَسِرْ إليهن بخيلك ورجلك حتى تقطع أيديهن، فإن دفعك عنهن دافع، فأعذر إليه باتخاذ الحجة عليه، وأعلمه عظيم ما دخل فيه من الإثم والعدوان، فإن رجع فاقبل منه وإن أبى فنابذه على سواء، إن الله لا يهدي كيد الخائنين…». فلما قرأ المهاجر الكتاب جمع خيله ورجله وسار إليهن، فحال بينه وبينهن رجال من كندة وحضرموت فأعذر إليهم، فأبوا إلا قتاله، ثم رجع عنه عامتهم، فقاتلهم فهزمهم وأخذ النسوة فقطع أيديهن فمات عامتهن وهاجر بعضهن إلى الكوفة. لقد نلن جزاءهن في محكمة الإسلام العادلة؛ إذ أخذهن عامل أبي بكر على تلك البلاد وطبق عليهن حد الحرابة.
ونقلت الأخبار للخليفة في امرأتين من بلاد حضرموت تغنتا بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وكان قد عاقبهما المهاجر بن أبي أمية والي تلك البلاد بقطع يديهما ونزع ثنيتيهما، فلم يرضَ أبو بكر، وعدها عقوبة خفيفة في حق هاتين المجرمتين، وقد وجه إليه كتابًا بهذا الخصوص قال فيه بحق الناعقة بشتم صاحب الرسالة: بلغني الذي سرت به في المرأة التي تغنت وزمرت بشتيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلولا ما قد سبقتني فيها لأمرتك بقتلها؛ لأن حد الأنبياء ليس يشبه الحدود، فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد أو معاهد فهو محارب غادر.

وقال في الأخرى: بلغني أنك قطعت يد امرأة في أن تغنت بهجاء المسلمين ونزعت ثنيتها، فإن كانت ممن تدعي الإسلام فأدب وتقدمة دون المثلة، وإن كانت ذمية لعمري لما صفحت عنه من الشرك أعظم، ولو كنت تقدمت إليك في مثل هذا لبلغت مكروها فاقبل الدعة وإياك والمثلة في الناس؛ فإنها مأثم ومنفرة إلا في قصاص
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #56  
قديم 20-10-2019, 03:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,333
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أبو بكر الصديق علي بن محمد الصلابي

أبو بكر الصديق

(61) من خطباء الإيمان


علي بن محمد الصلابي



كان بعض أهل اليمن لهم مواقف عظيمة في الثبات على الحق والدعوة إلى الإسلام وتحذير قومهم من خطورة الردة، ومن هؤلاء كان «مران بن ذي عمير الهمداني» أحد ملوك اليمن الذي كان قد أسلم ممن أسلم من أهل اليمن، فلما ارتد الناس هناك وتكلم سفهاؤهم بما لا يليق وقف فيهم خطيبًا وقال لهم: يا معشر همدان إنكم لم تقاتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقاتلكم فأصبتم بذلك الحظ ولبستم به العافية، ولم يعمكم بلعنة تفضح أوائلكم وتقطع دابرهم، وقد سبقكم قوم إلى الإسلام وسبقتم قومًا، فإن تمسكتم لحقتم من سبقكم وإن أضعتموه لحقكم من سبقتموه، فأجابوا إلى ما أحب، وأنشد أبياتا رثى فيها النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيها:
إن حزني على الرسول طويل *** ذاك مني على الرسول قليل
بكـت الأرض والسمــاء عليــه *** وبكاء خديمه جبريــــــــــــل

وقام عبد الله بن مالك الأرحبي وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، له هجرة وفضل في دينه فاجتمع إليه همدان فقال: يا معشر همدان إنكم لم تعبدوا محمدًا إنما عبدتم رب محمد وهو الحي الذي لا يموت، غير أنكم أطعتم رسوله بطاعة الله، واعلموا أنه استنقذكم من النار، ولم يكن الله ليجمع أصحابه على ضلالة، وذكر له خطبة طويلة يقول فيها:
لعمري لئن مات النبي محمد *** لما مات يا ابن القَيلِ رب محمد
دعــاه إليـه ربُّـه فأجابه
فيـا *** خيـر غَوْرِيٍّ ويـا خيـر منـجــــد

ووقف شرحبيل بن السمط وابنه في بني معاوية من كندة عندما أطبقوا كلهم على منع الصدقة وقالا لبني معاوية: إنه لقبيح بالأحرار التنقل، إن الكرام ليلزمون الشبهة فيتكرمون أن يتنقلوا إلى أوضح منها مخافة العار، فكيف الانتقال من الأمر الحسن الجميل والحق إلى الباطل القبيح؟ اللهم إنا لا نمالئ قومنا على ذلك. وانتقل ونزل معه زيد ومعهما امرؤ القيس بن عابس وقالا له: بَيِّتِ القوم فإن أقوامًا من السكاسك والسكون قد انضموا إليهم وكذلك شذاذ من حضرموت، فإن لم تفعل خشينا أن تتفرق الناس عنا إليهم، فأجابهم إلى تبييت القوم فاجتمعوا وطوقوهم في محاجرهم فوجدوهم جلوسًا حول نيرانهم فأكبوا على بني عمرو وبني معاوية وفيهم العدد والشوكة من خمسة أوجه فأصابوا الملوك الأربعة من كندة وأختهم العمرَّدة وقتلوا فأكثروا، وهرب من أطاق الهرب وعاد زياد بن لبيد بالأموال والسبي، فهذه بعض النماذج من أهل الإيمان الذين كانت لهم مواقف تدل على عمق إيمانهم وشدة انتمائهم إلى الإسلام فكانوا من خطباء الإيمان.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #57  
قديم 20-10-2019, 03:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,333
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أبو بكر الصديق علي بن محمد الصلابي

أبو بكر الصديق

(62) كرامات الأولياء


علي بن محمد الصلابي



عندما تمكن الأسود العنسي باليمن وتنبأ بالنبوة بعث إلى أبي مسلم الخولاني فلما جاء قال له: أتشهد أني رسول الله؟ قال: ما أسمع. قال: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال: نعم. فردد ذلك عليه، وفي كله يقول مثل قوله الأول قال: فأمر به فألقي في نار عظيمة فلم تضره.
فقيل له: انفه عنك وإلا أفسد عليك من اتبعك، قال: فأمر بالرحيل فأتى المدينة وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر فأناخ أبو مسلم راحلته بباب المسجد، ودخل المسجد فقام يصلي إلى سارية، وبصر به عمر بن الخطاب فقام إليه فقال: ممن الرجل؟ قال: من أهل اليمن، قال: ما فعل الرجل الذي أحرقه الكذاب بالنار؟
قال: ذاك عبد الله بن ثوب، قال: أنشدك الله أنت هو؟ قال: اللهم نعم. فأعتنقه عمر وبكى، ثم ذهب به فأجلسه فيما بينه وبين أبي بكر وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد من فعل به ما فعل بإبراهيم خليل الله.
فهذه كرامة لهذا العبد الصالح الذي التزم بحدود الله وأحب في الله وأبغض في الله وتوكل على الله في كل شيء، وبذلك وفقه الله في القول والعمل ورزقه الأمن والطمأنينة وأجرى الله على يديه هذه الكرامة، قال تعالى: {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ` الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ` لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: 62- 64].
العفو عند الصديق:
كان لأبي بكر بُعْد نظر وبصيرة نافذة ونظر بعواقب الأمور، ولذلك كان يستعمل الحزم في محله والعفو عندما تقتضي إليه الحاجة، فقد كان حريصًا على جمع شتات القبائل تحت راية الإسلام، فكان من سياسته الحكيمة عفوه عن زعماء القبائل المعاندة بعد رجوعهم إلى الحق، فإنه لما استخضع قبائل اليمن المرتدة وأراهم سطوة دولة المسلمين وقوة شكيمتهم ومضاء عزيمتهم، واعترفت القبائل بما أنكرت واستكانت لحكم الإسلام، وأطاعوا خليفة رسول الله رأى أبو بكر أنه من تأليف القلوب ترك استعمال القوة مع زعماء هذه القبائل، بل اللين هنا والرفق أوفق، فرفع العقوبة عنهم وألان القول لهم ووظف نفوذهم في قبائلهم لصالح الإسلام والمسلمين، فعفا عن زلتهم وأحسن إليهم، فقد فعل ذلك مع قيس بن يغوث المرادي وعمرو بن معد يكرب، فقد كانا من صناديد العرب وفرسانهم وأكثرهم شجاعة، فعز على أبي بكر أن يخسرهما وحرص على أن يستخلصهما للإسلام ويستنقذهما من التردد بين الإسلام والردة، فقد قال أبو بكر لعمرو: أما تخزى أنك كل يوم مهزوم أو مأسور؟ لو نصرت هذا الدين لرفعك الله، فقال عمرو: لا جرم لأفعلن ولن أعود. فأطلقه الصديق ولم يرتد عمرو بعدها قط بل أسلم وحسن إسلامه ونصره الله، وأصبح له بلاء عظيم في الفتوحات. وندم قيس على ما فعل، فعفا عنه الصديق، وكان للعفو عن هذين البطلين من أبطال عرب اليمن آثاره العميقة والعريضة، فقد تألف به الصديق قلوب أقوام قد عادوا إلى الإسلام بعد الردة خوفًا أو طمعًا. وعفا عن الأشعث بن قيس، وبذلك أسر الصديق قلوبهم وامتلك أفئدتهم، فكانوا في مستقبل الأيام نصرًا للإسلام وقوة للمسلمين وأصبحت لهم يد عظيمة في هذا المجال.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #58  
قديم 20-10-2019, 03:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,333
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أبو بكر الصديق علي بن محمد الصلابي

أبو بكر الصديق

(63) توحيد اليمن

علي بن محمد الصلابي



توحيد اليمن ووضوح الإسلام عند أهله وطاعتهم للخليفة:
وبعد انتهاء حروب الردة تجمعت اليمن تحت قيادة مركزية عاصمتها المدينة المنورة، وقسم اليمن إلى أقسام إدارية لا وحدات قبلية، فقد قسم إلى ثلاثة أقسام إدارية: صنعاء والجند وحضرموت، ولم تعد العصبية القبلية أساسًا في الزعامة أو في التولية، ولم تعد القبيلة سوى وحدة عسكرية لا سياسية، وأصبحت المقاييس المعتبرة هي المقاييس الإيمانية؛ التقوى والإخلاص والعمل الصالح .
وتخلصت اليمن من بقايا الشرك ومن جميع مظاهره -شرك في الاعتقاد أو شرك في القول أو شرك في الفعل- تركًا أو إتيانًا، وأدركوا أن النبوة أرفع من أن يدعيها مدع عابث ويتخذها وسيلة إلى غرضه ورغبته. وأيقنوا أن الإيمان لا يلتقي مع المطامع، وأن الإسلام لا يتفق مع الجاهلية، عرفوا ذلك بالدماء والألم والحسرات، فقتل من كلا الطرفين الكثير وتعلم منهم الكثير، ورجع من كان قد ارتد إلى الإسلام يرجو التكفير عما بدر، وأذن لهم بالجهاد في عصر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد برزت قيادات يمنية إسلامية في الفتوحات قد تربت وانصهرت في أحداث الردة، وكانوا من الثابتين على الإسلام؛ كجرير ابن عبد الله البجلي، وذي الكلاع الحميري، ومسعود بن العكي، وجرير بن عبد الله الحميري وغيرهم، وكان لهذه القيادات أدوار بارزة في الفتوحات الإسلامية وفي عمران مدن جديدة في الكوفة وفي البصرة والعراق والفسطاط بمصر، وبرزت أيضًا شخصيات يمنية عينت في اليمن وغير اليمن قضاة وولاة مثل: حشك عبد الحميد، وسعيد بن عبد الله الأعرج، وشرحبيل بن السمط الكندي، وغيرهم.

والتحم أهل اليمن بالدولة الإسلامية وبقيادتها سواء التي عليهم مباشرة أو القيادة العامة «الخليفة» في المدينة، ولهذه حينما دعاهم الخليفة للجهاد سارعوا طواعية ورغبة في الجهاد كما سيأتي تفصيله بإذن الله تعالى. لقد تربوا في أحداث الردة تربية كافية
جعلتهم موصولين بالقيادة واثقين بها، ولذا ساد الهدوء والاستقرار وأصبحوا خير مدد للإسلام والمسلمين .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #59  
قديم 25-10-2019, 04:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,333
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أبو بكر الصديق علي بن محمد الصلابي

أبو بكر الصديق

(64) القضاء على فتنة طليحة الأسدي



علي بن محمد الصلابي



طليحة الأسدي هو المتنبئ الثالث من المتنبئة الذين ظهروا في الإسلام أواخر عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحياة، وطليحة هذا هو طليحة بن خويلد بن نوفل بن نضلة الأسدي، ولقد قدم مع وفد قومه أسد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الوفود سنة تسع للهجرة فسلموا عليه، وقالوا له ممتنين: جئناك نشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله ولم تبعث إلينا ونحن لمن وراءنا، فأنزل الله -عز وجل- قوله: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: 17]، ولما عادوا ارتد طليحة وتنبأ، وعسكر في سميراء «منطقة في بلادهم»، واتبعه العوام واستكشف أمره «وأول ما صدر عنه وكان سببًا لضلال الناس أنه كان مع بعض قومه في سفر فأعوزهم الماء وغلب العطش على الناس فقال: اركبوا أعلالا «اسم فرسه» واضربوا أميالاً تجدوا بلالاً. ففعلوا فوجدوا الماء، فكان ذلك سبب وقوع الأعراب في الفتنة».
ومن خزعبلاته أنه رفع السجود من الصلاة، وكان يزعم أن الوحي يأتيه من السماء، ومن أسجاعه التي ادعى أنه يوحى له بها قوله: «والحمام واليمام والصرد الصوام قد صمن قلبكم بأعوام ليبلغن ملكنا العراق والشام» وغرته نفسه واشتد أمره وقوت شوكته، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرار بن الأزور الأسدي لمقاتلته لما سمع من أمره، ولكن ضرار لم يكن له به قِبَل؛ وذلك لتعاظم قوته مع الزمن، ولا سيما بعد أن آمن به الحليفان:
أسد وغطفان.

وتقول عنه دائرة المعارف الإسلامية: ويروي عنه أنه كان يرتجل الشعر ويخطب عفو الساعة في ميدان القتال... ويبدو أنه كان مثالاً حقا للزعيم القبلي الجاهلي. وقد اجتمعت فيه صفات العراف والشاعر والخطيب والمقاتل.
ويشم من هذا النص رائحة المدح المبطن لطليحة من قبل هذه الموسوعة الشهيرة، فهو في نظرها الزعيم القبلي المثال، يرتجل الشعر والخطابة، وهما أهم ما كان يحرص عليه العربي آنذاك، ولا يستغرب هذا الاتجاه من هذه الموسوعة التي جعلت من اللمز في الإسلام ديدنها، سواء أعرفت أن طليحة عاد فأسلم وحسن إسلامه أم لم تعرف.
وتوفي رسول الله ولم يحسم أمر طليحة تولى الخلافة الصديق رضي اله عنه، وعقد الألوية للجيوش والأمراء للقضاء على المرتدين، وكان من ضمنهم طليحة، ووجه إليه الصديق جيشًا بقيادة خالد بن الوليد.
روى الإمام أحمد: … أن أبا بكر الصديق لما عقد لخالد بن الوليد على قتال أهل الردة قال: سمعت رسول الله يقول: نِعْم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد، سيف من سيوف الله، سله الله على الكفار والمنافقين»، ولما توجه خالد من ذي القصة وفارقه الصديق، واعده أن سيلقاه من ناحية خيبر بمن معه من الأمراء، وأظهروا ذلك ليرعبوا الأعراب، وأمره أن يذهب أولاً إلى طليحة الأسدي، ثم يذهب بعده إلى بني تميم، وكان طليحة بن خويلد في قومه بني أسد وفي غطفان، وانضم إليهم بنو عبس وذبيان، وبعث إلى بني جَديلة والغوث من طيء يستدعيهم إليه، فبعثوا أقوامًا منهم بين أيديهم ليلحقوهم على أثرهم سريعًا. وكان الصديق قد بعث عدي بن حاتم قبل خالد بن الوليد وقال له: أدرك قومك لا يلحقوا بطليحة فيكون دمارهم، فذهب عدي إلى قومه بني طيء فأمرهم أن يبايعوا الصديق، وأن يراجعوا أمر الله فقالوا: لا نبايع أبا الفَصِيل أبدا -يعنون أبا بكر رضي اله عنه- فقال: والله ليأتينكم جيشه فلا يزالون يقاتلونكم حتى تعلموا أنه أبو الفحل الأكبر، ولم يزل عدي يفتل لهم في الذروة والغارب حتى لانوا، وجاء خالد في الجنود وعلى مقدمة الأنصار الذين معه: ثابت بن قيس بن شماس، وبعث بين يديه ثابت بن أقرم وعكاشة بن محصن طليعة، فتلقاهما حيال -ابن أخي طليحة- فقتلاه، فبلغ خبره طليحة فخرج هو وأخوه سلمة، فلما وجدوا ثابتًا وعكاشة تبارزوا وحمل طليحة على عكاشة فقتله وقتل سلمة ثابت بن أقرم، وجاء خالد بمن معه فوجدوهما صريعين، فشق ذلك على المسلمين، ومال خالد إلى بني طيء فخرج إليه عدي بن حاتم فقال: أنظرني ثلاثة، فإنهم يخشون إن تابعوك أن يقتل طليحة من سار إليه منهم، وهذا أحب إليك من أن يعجلهم إلى النار، فلما كان بعد ثلاث جاءه عدي في خمسمائة مقاتل ممن راجع الحق، فانضافوا إلى جيش خالد، وقصد خالد بني جديلة فقال له: يا خالد أجلني أيامًا حتى آتيهم فلعل الله أن ينقذهم كما أنقذ الغوث فأتاهم عدي فلم يزل بهم حتى تابعوه فجاء بإسلامهم ولحق بالمسلمين منهم ألف راكب، فكان عدي خير مولود وأعظمه بركة على قومه رضي اله عنه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #60  
قديم 25-10-2019, 04:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,333
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أبو بكر الصديق علي بن محمد الصلابي

أبو بكر الصديق
(65) معركة بزاخة والقضاء على بني أسد



علي بن محمد الصلابي




ثم سار خالد حتى نزل بأجأ وسلمى وعَبَّي جيشه هنالك، والتقى مع طليحة الأسدي بمكان يقال له: «بزاخة» ووفقت أحياء كثيرة من الأعراب ينظرون على من تكون الدائرة، وجاء طليحة فيمن معه من قومه ومن التف معهم وانضاف إليهم، وقد حضر معه عيينة بن حصن في سبعمائة من قومه بنى فزارة واصطف الناس وجلس طليحة ملتفًا في كساء له يتنبأ لهم ينظر ما يوحى إليه فيما يزعم، وجعل عيينة يقاتل حتى إذا ضجر من القتال جاء إلى طليحة وهو ملتف في كسائه وقال له: أجاءك جبريل؟ فيقول: لا، فيرجع فيقاتل. ثم يرجع فيقول له مثل ذلك ويرد عليه مثل ذلك، فلما كان في الثالثة قال له: هل جاءك جبريل؟ قال: نعم، قال: فما قال لك؟ قال: قال لي: إن لك رحا كرحاه وحديثًا لا تنساه، قال: يقول عيينة: أظن أنه قد علم الله سيكون لك حديث لا تنساه، ثم قال: يا بني فزارة انصرفوا وانهزمَ وانهزم الناس عن طليحة، فلما جاءه المسلمون ركب على فرس كان قد أعدها له وأركب امرأته النوار على بعير له، ثم انهزم بها إلى الشام وتفرق جمعه، وقد قتل الله طائفة ممن كان معه.
وقد كتب أبو بكر الصديق إلى خالد بن الوليد حين جاءه أنه كسر طليحة ومن كان في صفه وقام بنصره فكتب إليه: ليزدك ما أنعم الله به خيرًا واتق الله في أمرك، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. جِدّ في أمرك ولا تلن ولا تظفر بأحد من المشركين قتل من المسلمين إلا نكلت به، فأقام خالد ببزاخة شهر يُصَعد عنها ويصوب ويرجع إليها في طلب الذي وصاه الصديق، فجعل يتردد في طلب هؤلاء شهرًا يأخذ بثأر من قتلوا من المسلمين الذين كانوا بين أظهرهم حين ارتدوا، فمنهم من حرقه بالنار ومنهم من رضخه بالحجارة، ومنهم من رمى به من شواهق الجبال، كل هذا ليعتبر بهم من يسمع بخبرهم من مرتدة العرب.
ب- وفد بني أسد وغطفان إلى الصديق وحكمه عليهم:
لما قدم وفد بزاخة –أسد وغطفان- على أبي بكر يسألونه الصلح خيرهم أبو بكر بين حرب مجلية أو خطة مخزية، فقالوا: يا خليفة رسول الله، أما الحرب المجلية فقد عرفناها فما الخطة المخزية؟ قال: تؤخذ منكم الحلقة والكُرَاع وتتركون أقوامًا تتبعون أذناب الإبل حتى يُرِي الله خليفة نبيه والمؤمنين أمرًا يعذرونكم به، وتودون ما أصبتم منا ولا نودي ما أصبنا منكم، وتشهدون أن قتلانا في الجنة وأن قتلاكم في النار،، وتدون قتلانا ولا ندى قتلاكم، فقال عمر: أما قولك تدون قتلانا فإن قتلانا قتلوا على أمر الله لا ديات لهم، فامتنع عمر، وقال عمر في الثاني: نعم ما رأيت.
ج- قصة أم زِمل:
كان قد اجتمع طائفة كثيرة من الضلال من أصحاب طليحة من بني غطفان إلى امرأة يقال لها: أم زمل سلمى بنت مالك بن حذيفة في مكان يسمى ظَفَر وكانت من سيدات العرب كأمها أم قرفة، وكان يضرب بأمها المثل في الشرف لكثرة أولادها وعزة قبيلتها وبيتها، فلما اجتمعوا إليها ذمرتهم لقتال خالد فهاجوا لذلك، وناشب إليهم آخرون من بني سليم وطيء وهوازن وأسد فصاروا جيشًا كثيفًا، وتفحل أمر هذه المرأة فلما سمع بهم خالد ابن الوليد سار إليهم واقتتلوا قتالاً شديدًا وهي راكبة على جمل أمها الذي كان يقال له: «من نخسه فله مائة من الإبل» وذلك لعزها، فهزمهم خالد وعقر جملها وقتلها، وبعث بالفتح إلى الصديق.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 173.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 167.59 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (3.49%)]