|
|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
العفو والصفح
العفو والصفح حجازي إبراهيم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته، كهولا كانوا أو شبانا، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه، قال: استأذن لك عليه. قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعيينة، فأذن له عمر فلما دخل عليه قال: هي يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هم به فقال له الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله - تعالى - قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين[1]). وإن هذا من الجاهلين والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند كتاب الله"[2]. يقول الإمام القرطبي - رحمه الله -: هذه الآية من ثلاث كلمات، تضمنت قواعد الشريعة في المأمورات والمنهيات، (خذ العفو): دخل فيه صلة القاطعين، والعفو عن المذنبين، والرفق بالمؤمنين، وغير ذلك من أخلاق المطيعين. (وأمر بالعرف): فيه صلة الأرحام، وتقوى الله في الحلال والحرام، وغض الأبصار، والاستعداد لدار القرار. (وأعرض عن الجاهلين): فيه الحض على التعلق بالعلم، والإعراض عن أهل الظلم، والتنزه عن منازعة السفهاء، ومساواة الجهلة الأغبياء، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة. والأفعال الرشيدة[3]. وأمر الله نبيه في هذه الآية بمكارم الأخلاق، أمر لأمته بنحو ما أمره الله به، ومحصلها الأمر بحسن المعاشرة مع الناس، وبذل الجهد في الإحسان إليهم، والمداراة معهم والإغضاء عنهم[4]. وأخرج ابن مردويه عن جابر قال: لما نزلت هذه الآية: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا جبريل ما تأويل هذه الآية؟)) قال: حتى أسأل فصعد، ثم نزل فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تصفح عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا أدلكم على أشرف أخلاق الدنيا والآخرة؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك))[5]. 1 - لتكن بطانتك من أهل القرآن: يجمل بالمسلم أن تكون بطانته من أهل القرآن ومن ذوي العقل والحجا حتى يسترشد برأيهم، ويرشدوه إن أبهم عليه، ولا يبالي بكبر السن أو صغره، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا: ((استرشدوا العاقل ترشدوا، ولا تعصوه فتندموا))[6]. 2 - الاعتصام بالكتاب والسنة: أورد الإمام البخاري هذا الحديث في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة وتحت باب الإقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بذلك يشير إلى أن واجب المسلم أن يتخلق بآيات القرآن ويطبق ما جاء به من أحكام وأن يجعل من القرآن الكريم خلقا له تأسيا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان خلقه القرآن، وأن يجعل من نفسه علما متحركا بالقرآن فيقتدي به المتقون، قال - تعالى -واجعلنا للمتقين إماما)[7]. قيل: أئمة نقتدي بمن قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا. وعن ابن عون: ثلاث أحبهن لنفسي ولإخواني: هذه السنة أن يتعلموها ويسألوا عنها، والقرآن أن يتفهموه ويسألوا الناس عنه، ويدعوا الناس إلا من خير[8]. وتأمل وصف سيدنا عمر - رضي الله عنه - وكان وقافا عند كتاب الله. إن آفة المسلمين الآن كثرة العلماء وقلة العاملين منهم، وإذا وجدت قلة عاملة فإن آفتهم قلة المخلصين، فهذا الدين لا يسري بين الناس وينتشر بالأقوال وإنما بعمل المخلصين في صمت، إنهم بذلك يرفعون منارات الحق فيهتدي بهم الحائرون ويقتدي بهم طلاب الحق المخلصين الذين تشعبت بهم الدرب وأحاطت بهم الظلمات، ولفتهم الشبهات والفتن، حتى جعلت الحليم منهم حيرانا ولا يدري له مخرجا، والذين ما إن يعثروا على المخلصين من العلماء حتى تنجلى لهم الشبهات وتتبدد الظلمات ويضعون أقدامهم على الصراط المستقيم ويجدون في السير ولسان حالهم يقول: الحمد الله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله[9]. 3- مواقف مشرقة من العفو: - وموقف آخر لأبي بكر - رضي الله عنه -: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلا شتم أبا بكر - رضي الله عنه - والنبي - صلى الله عليه وسلم - جالس، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجب ويبتسم، فلما أكثر رد عليه بعض قوله، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام فلحقه أبو بكر - رضي الله عنه - فقال: يا رسول الله، كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت؟ قال: إنه كان معك ملك يرد عنك، فلما رددت عليه بعض قوله، وقع الشيطان، فلم أكن لأقعد مع الشيطان، ثم قال: يا أبا بكر، " ثلاث كلهن حق: ما من عبد ظلم بمظلمة، فيغضي عنها لله - عز وجل - إلا أعز الله بها نصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله - عز وجل - بها قلة "[10]. - وموقف آخر في مجلس الرسول - صلى الله عليه وسلم -: عن النعمان بن مقرن المزني أن رجلا سب رجلا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل الرجل المسبوب يقول: عليك السلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أما إن ملكا بينكما يذب عنك كلما شتمك هذا قال له: بل أنت وأنت أحق به وإذا قال له: عليك السلام قال: لا بل لك أنت أحق به"[11]. - في مجلس الحسن البصري: يروى أن رجلا سب رجلا في مجلس الحسن - رحمه الله - فكان المسبوب يكظم ويعرق، فيمسح العرق، ثم قام، فتلا هذه الآية: (ولمن صبر وغفر) فقال الحسن: عقلها والله وفهمها إذ ضيعها الجاهلون[12]. - ميمون بن مهران: روي عن ميمون بن مهران أن جاريته جاءت ذات يوم بصحفة فيها مرقة حارة، وعنده أضياف فعثرت فصبت المرقة عليه، فأراد ميمون أن يضربها، فقالت الجارية: يا مولاي استعمل قوله - تعالى -: والكاظمين الغيظ قال لها: قد فعلت. فقالت: اعمل بما بعده: والعافين عن الناس. فقال: قد عفوت عنك. فقالت الجارية: والله يحب المحسنين. قال ميمون: قد أحسنت إليك، فأنت حرة لوجه الله تعالى[13]. ________________ [1] سورة الأعراف الآية/199. [2] فتح الباري 8/304/4642 13، /250/7286. [3] تفسير القرطبي 7/218. [4] فتح الباري 13/259. [5] الدر المنثور 3/280. [6] الدر المنثور 5/708. [7] سورة الفرقان الآية/74. [8] فتح الباري 13/248. [9] سورة الأعراف الآية/43. [10] مسند الإمام أحمد 2/436. [11] مسند الإمام أحمد 5/445. [12] القرطبي 16 /30. [13] تفسير القرطبي 4/133
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |