|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (890) صــ 331 إلى صــ 340 20067- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: السَّبَخة والعَذِيَة، (1) والمالح والطيب. 20068- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، قوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: سِبَاخٌ وعَذَويّة. 20069- حدثني المثنى قال: ثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، مثله. 20070- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا سعيد بن سليمان قال: حدثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي سنان، عن ابن عباس في قوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: العَذِيَة والسَّبخة. 20071- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) يعني: الأرض السبخة، والأرض العذية، يكونان جميعًا متجاورات، يُفضِّل بعضها على بعض في الأكُل. (2) 20072- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (قطع متجاورات) العذية والسبخة، (1) "السبخة" (بفتح السين والباء، وبفتح السين وكسر الباء) : هي الأرض المالحة، ذات الملح والنز، ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر. و "العذية" (بفتح العين وسكون الذال، وفتح الياء بغير تشديد) ، و "العذاة" أيضًا: وهي الأرض التربة، الكريمة المنبت، التي ليست بسبخة، ولا تكون ذات وخامة ولا وباء. (2) في المخطوطة والمطبوعة، ذكر بعد هذا الخبر التالي رقم: 20072، مبتور الآخر، ثم عاد فروى هذا الخبر (رقم: 20071) بنصه وإسناده، ثم اتبعه الخبر رقم: 20072، فحذفت ما بين ذلك، لأنه تكرار لا شك فيه، وسهو من ناسخ الكتاب. متجاورات جميعًا، تنبت هذه، وهذه إلى جنبها لا تُنْبِت. 20073- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (قطع متجاورات) طيِّبها: عذبُها، وخبيثها: السَّباخ. 20074- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه. 20075- قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20076- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) قُرًى قَرُبت متجاورات بعضها من بعض. 20077- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: قُرًى متجاورات. 20078- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن الضحاك، في قوله: (قطع متجاورات) قال: الأرض السبخة، (1) تليها الأرض العَذِية. (2) 20079- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وفي الأرض قطع (1) في المطبوعة: "الأرض السبخة بينها الأرض العذية" ، لم يحسن قراءة المخطوطة، لأنها غير منقوطة. (2) الأثر: 20078 - "أبو إسحاق الكوفي" ، "عبد الله بن ميسرة الحارثي" ، كنيته "أبو ليلى" ، وكناه هشيم: "أبا إسحاق" تارة و "أبا عبد الجليل" تارة أخرى، كأنه يدلس بكنيته وهو ضعيف، مضى برقم: 6920، 9250، 13489. متجاورات) يعني الأرض السَّبِخة والأرض العَذِيَة، متجاورات بعضها عند بعض. 20080- حدثنا الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: الأرض تنبت حُلوًا، والأرض تنبت حامضًا، وهي متجاورة تسقى بماءٍ واحد. 20081- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: يكون هذا حلوًا وهذا حامضًا، وهو يسقى بماء واحد، وهن متجاورات. 20082- حدثني عبد الجبار بن يحيى الرملي قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب في قوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: عَذِيَة ومالحة. (1) * * * وقوله: (وجنات من أعناب وزرع ونخيل صِنْوان وغير صنوان يسقى بماء واحدٍ ونفضّل بعضها على بعض في الأكُل) يقول تعالى ذكره: وفي الأرض مع القطع المختلفات المعاني منها، بالملوحة والعذوبة، والخبث والطيب، (2) مع تجاورها وتقارب بعضها من بعض، بساتين من أعناب وزرع ونخيلٍ أيضًا، متقاربةٌ في الخلقة مختلفة في الطعوم والألوان، مع اجتماع جميعها على شرب واحد. فمن طيّبٍ طعمُه منها حسنٍ منظره طيبةٍ رائحته، ومن حامضٍ طعمه ولا رائحة له. * * * (1) الأثر: 20082 - "عبد الجبار بن يحيى الرملي" ، شيخ الطبري، لم نجد له بعد ترجمة. ومضى برقم: 7425، 7446. (2) في المطبوعة: "والخبيث" ، والصواب ما في المخطوطة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20083- حدثنا ابن حميد قال: ثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، في قوله: (وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان) قال: مجتمع وغير مجتمع= "تسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل" ، قال: الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ والكمثرى والعنب الأبيض والأسود، وبعضها أكثر حملا من بعض، وبعضه حلو، وبعضه حامض، وبعضه أفضل من بعض. 20084- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وجنات) قال: وما معها. 20085- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= 20086- قال المثنى، وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. * * * واختلفت القرأة في قراءة قوله: (وزرع ونخيل) فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة والكوفة: (وَزَرْعٍ وَنَخِيلٍ) بالخفض عطفًا بذلك على "الأعناب" ، بمعنى: وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ، وجناتٌ من أعناب ومن زرع ونخيل. وقرأ ذلك بعض قرأة أهل البصرة: (وَزَرْعٌ ونَخِيلٌ) بالرفع عطفًا بذلك على "الجنات" ، بمعنى: وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجناتٌ من أعناب، وفيها أيضًا زرعٌ ونخيلٌ. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان متقاربتا المعنى، وقرأ بكل واحدةٍ منهما قرأة مشهورون، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وذلك أن "الزرع والنخيل" إذا كانا في البساتين فهما في الأرض، وإذا كانا في الأرض فالأرض التي هما فيها جنة، فسواءٌ وُصِفَا بأنهما في بستانٍ أو في أرضٍ. * * * وأما قوله: (ونخيل صنوان وغير صنوان) . فإن "الصنوان:" جمع "صنو" ، وهي النخلات يجمعهن أصل واحد، لا يفرَّق فيه بين جميعه واثنيه إلا بالإعراب في النون، وذلك أن تكون نونه في اثنيه مكسورةً بكل حال، وفي جميعه متصرِّفة في وجوه الإعراب، ونظيره "القِنْوان" : واحدها "قِنْوٌ" . * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20087- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء: (صنوان) قال: المجتمع= (وغير صنوان) : المتفرِّق. 20088- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يحيى بن واضح قال: حدثنا الحسين، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: (صنوان) : هي النخلة التي إلى جنبها نخلاتٌ إلى أصلها=، (وغير صنوان) : النخلة وحدَها. 20089- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب: (صنوان وغير صنوان) قال: "الصنوان" : النخلتان أصلهما واحد، (وغير صنوان) النخلة والنخلتان المتفرّقتان. 20090- حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يقول في هذه الآية قال: النخلة تكون لها النخلات= (وغير صنوان) النخل المتفرّق. 20091- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عمرو بن الهيثم أبو قطن، ويحيى بن عباد وعفان=، واللفظ لفظ أبي قطن= قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء، في قوله: (صنوان وغير صنوان) قال: "الصنوان" : النخلة إلى جنبها النخلات= (وغير صنوان) : المتفرق. (1) 20092- حدثنا الحسن قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: (صنوان وغير صنوان) قال: "الصنوان" ، النخلات الثلاث والأربع والثنتان أصلهن واحد= (وغير صنوان) ، المتفرّق. 20093- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان وشريك، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: (صنوان وغير صنوان) قال: النخلتان يكون أصلهما واحد= (وغير صنوان) : المتفرّق. 20094- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (صنوان) يقول: مجتمع. 20095- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (ونخيل صنوان وغير صنوان) يعني بالصنوان: النخلة يخرج من أصلها النخلات، فيحمل بعضه ولا يحمل بعضه، فيكون أصله واحدا ورءوسه متفرقة. 20096- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل، (1) الأثر: 20091 - "عمرو بن الهيثم بن قطن الزبيدي" ، "أبو قطن" ، ثقة، من أصحاب شعبة، مضى برقم: 18674. و "يحيى بن عباد الضبعي" ، مضى برقم: 20010. و "عفان" هو "عفان بن مسلم الصفار" ، ثقة روى له الجماعة، مضى برقم: 5392، 16369. عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: (صنوان وغير صنوان) النخيل في أصل واحد= وغير صنوان: النخيل المتفرّق. 20097- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عن سعيد بن جبير: (ونخيل صنوان وغير صنوان) قال: مجتمع، وغير مجتمع. 20098- حدثني المثنى قال: حدثنا النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو إسحاق، عن البراء قال: "الصنوان" : ما كان أصله واحدًا وهو متفرق= (وغير صنوان) : الذي نبت وحدَه. (1) 20099- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (صنوان) النخلتان وأكثر في أصل واحد = (وغير صنوان) وحدَها. 20100- حدثنا المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (صنوان) : النخلتان أو أكثر في أصل واحد، (وغير صنوان) واحدة. 20101- قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20102- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك: (صنوان وغير صنوان) قال: الصنوان: المجتمع أصله واحد، وغير صنوان: المتفرق أصله. 20103- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم (1) الأثر: 20098 - "النفيلي" ، هو "عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل" ، "أبو جعفر" ثقة حافظ، مضى برقم: 9253، 9254. و "زهير" ، هو "زهير بن معاوية الجعفي" ، ثقة روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم 17513. ، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: (صنوان وغير صنوان) قال: "الصنوان" : المجتمع الذي أصله واحد= (وغير صنوان) : المتفرّق. 20104- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ونخيل صنوان وغير صنوان) أما "الصنوان" : فالنخلتان والثلاث أصولُهن واحدة وفروعهن شتى=، (وغير صنوان) ، النخلة الواحدة. 20105- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (صنوان وغير صنوان) قال: صنوان: النخلة التي يكون في أصلها نخلتان وثلاث أصلهنّ واحدٌ. 20106- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (ونخيل صنوان وغير صنوان) قال: "الصنوان" : النخلتان أو الثلاث يكنَّ في أصل واحد، فذلك يعدُّه الناس صنوانًا. (1) 20107- حدثنا ابن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: حدثني رجل: أنه كان بين عمر بن الخطاب وبين العباس قول، فأسرع إليه العباس، (2) فجاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ألم تر عباسًا فعل بي وفعل! فأردت أن أجيبه، فذكرتُ مكانه منك فكففت: فقال: يرحمك الله، إنّ عمّ الرجل صِنْوُ أبيه. (3) (1) الأثر: 20106 - في المخطوطة: "حدثنا يوسف" ، مكان: يونس "، وصححه في المطبوعة. وهو إسناد دائر في التفسير." (2) "أسرع إليه" ، عجل إليه بالشر وبادره، مثله "تسرع إليه" ، ومن هذا المجاز قال المرار الفقعسي: إذا شِئتَ يوْمًا أنْ تسودَ عَشِيرَةً ... فَبِالحِلْمِ سُدْ، لاَ بِالتَّسَرُّعِ والشَّتْمِ (3) الأثر: 20107 - هذا خبر ضعيف، لجهالة الرجل الذي روى عن عمر، وسيأتي الخبر من طرق بعد كلها مرسل. وقوله: "عم الرجل صنو أبيه" ، هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه (7: 56، 57) ، من حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، ومن هذه الطريق نفسها رواه أحمد في مسنده 2: 322، 323، ورواه الترمذي في باب مناقب العباس مختصرًا وقال: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه" . وروى أحمد في مسند علي رضي الله عنه من حديث الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي، وهو حديث طويل، وإسناده ضعيف انقطاعه، فأحاديث أبي البحتري عن علي مرسلة. وانظر التعليق على الأخبار التالية. 20108- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: (( صنوان )) : النخلة التي يكون في أصلها نخلتان وثلاث أصلهن واحد ; قال: فكان بين عمر بن الخطاب وبين العباس رضي الله عنهما قولٌ، فأسرع إليه العباس، فجاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله ألم تر عباسًا فعل بي وفعل! فأردت أن أجيبه. فذكرتُ مكانه منك فكففت عند ذلك، فقال: يرحمك الله إن عم الرجل صِنْو أبيه (1) . 20109- قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن عيينة، عن داود بن شابور، عن مجاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تؤذوني في العباس فإنه بقية آبائي، وإنّ عمّ الرجل صنو أبيه. 20110- حدثني يعقوب قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء، وابن أبي مليكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر: يا عمر أما علمت أن عم الرجل صِنْوُ أبيه؟. (2) 20111- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرني القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد: (صنوان) قال: في أصل واحد ثلاث نخلات، كمثل ثلاثةٍ بني أم وأب يتفاضلون في العمل، كما (1) الأثر: 20108 - هذا خبر مرسل، رواه ابن سعد في الطبقات 4 / 1 / 17، من طريق محمد بن حميد، عن معمر. ورواه ابن سعد من طرق أخرى (4 / 1 / 17) وانظر التعليق على الخبر السالف. (2) الأثران 20109، 20110 - خبران مرسلان، وانظر التعليق السالف. يتفاضل ثمر هذه النخلات الثلاث في أصل واحد= قال ابن جريج: قال مجاهد: كمثل صالح بنى آدم وخبيثهم، أبوهم واحد. 20112- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج قال: أخبرني إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله، عن مجاهد، نحوه. (1) 20113- حدثني القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، عن الحسن قال: هذا مثل ضربه الله لقلوب بني آدم. كانت الأرض في يد الرحمن طينةً واحدة، فسطحها وبَطَحها، فصارت الأرض قطعًا متجاورة، فينزل عليها الماء من السماء، فتخرج هذه زهرتها وثمرها وشجرها. وتخرج نباتها وتحيي مواتها، وتخرج هذه سبَخَها وملحها وخَبَثَها، وكلتاهما تسقى بماء واحد. فلو كان الماء مالحا، قيل: إنما استسبخت هذه من قبل الماء! كذلك الناس خلقوا من آدم، فتنزل عليهم من السماء تذكرة، فترقّ قلوب فتخشع وتخضع، وتقسو قلوب فتلهو وتسهو وتجفو. قال الحسن: والله من جالس القرآن أحدٌ إلا قام من عنده بزيادة أو نقصان قال الله: (وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا) [سورة الإسراء:82] . (2) * * * وقوله: (تسقى بماء واحد) اختلفت القرأء في قوله (تسقى) . فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة والعراق من أهل الكوفة والبصرة: (تُسْقَى) "بالتاء، بمعنى: تسقى الجناتُ والزرع والنخيل. وقد كان بعضهم يقول: إنما قيل: (تسقى) ،" (1) الأثر: 20112 - "إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله الأخنسي" ، لم أجد ذكر جده إلا في هذا الخبر، وقد سلف لي كلام في تحقيق اسمه، في الخبرين 10758، 10759، والمراجع هناك. (2) الأثر: 20113: حجاج "فيما أرجح،" حجاج بن أرطأة "." و "أبو بكر بن عبد الله" ، هو فيما أرجح "أبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم العدوي" ، ولم يذكروا روايته عن "الحسن" ، وهو خليق أن يروى عنه، مضى برقم: 10334، 10335. وقوله: "استسبخت" ، مما ينبغي أن يزاد على مشتقات "السبخة" في كتب اللغة. ![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (892) صــ 351 إلى صــ 360 فالواحدة على لغتهم منها: "مُثْلة" ، ثم تجمع "مُثُلات" ، مثل "غُرْفة" وغُرُفات، والفعل منه: "مَثَلْت به أمْثُلُ مَثْلا" بفتح الميم وتسكين الثاء، فإذا أردت أنك أقصصته من غيره، قلت: "أمثلته من صاحبه أُمْثِلُه إمْثالا وذلك إذا أقصصته منه." * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20130- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وقد خلت من قبلهم المثلات) ، وقائع الله في الأمم فيمن خلا قبلكم= وقوله: (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة) ، وهم مشركو العرب استعجلوا بالشرّ قبل الخير، وقالوا: (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) ، [سورة الأنفال:32] . 20131- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة) قال: بالعقوبة قبل العافية= (وقد خلت من قبلهم المثلات) قال: العقوبات. 20132- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، قوله: (المثلات) قال: الأمْثَال. 20133- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= 20134- وحدثني المثنى: قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20135- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (وقد خلت من قبلهم المثلات) قال: (المثلات) ، الذي مَثَل الله به الأممَ من العذاب الذي عذَّبهم، (1) تولَّت المثلات من العذاب، قد خلت من قبلهم، وعرفوا ذلك، وانتهى إليهم ما مَثَلَ الله بهم حين عصَوه وعَصوا رُسُله. 20136- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا سليم قال: سمعت الشعبي يقول في قوله: (وقد خلت من قبلهم المثلاث) ، قال: القردة والخنازير هي المثلات. * * * وقوله: (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم) ، يقول تعالى ذكره: وإن ربك يا محمد لذو سترٍ على ذنوب من تاب من ذنوبه من الناس، فتاركٌ فضيحته بها في موقف القيامة، وصافحٌ له عن عقابه عليها عاجلا وآجلا= (على ظلمهم) ، يقول: على فعلهم ما فعلوا من ذلك بغير إذني لهم بفعله (2) (وإن ربك لشديد العقاب) ، لمن هلك مُصِرًّا على معاصيه في القيامة، إن لم يعجِّل له ذلك في الدنيا، أو يجمعهما له في الدنيا والآخرة. * * * قال أبو جعفر: وهذا الكلام، وإن كان ظاهره ظاهرَ خبرٍ، فإنه وعيدٌ من الله وتهديدٌ للمشركين من قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن هم لم ينيبوا ويتوبوا من كفرهم قبل حُلول نقمة الله بهم. * * * 20137- حدثني علي بن داود قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (وإن ربك لذو مغفرة للناس) ، يقول: ولكنّ ربَّك. * * * (1) في المطبوعة: "مثل الله في الأمم" ، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب. (2) في المطبوعة: "بغير إذن" ، وأثبت ما في المخطوطة. القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (ويقول الذين كفروا) يا محمد، من قومك= (لولا أنزل عليه آية من ربه) هلا أنزل على محمد آية من ربه؟ (1) يعنون علامةً وحجةً له على نبوّته (2) وذلك قولهم: (لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ كَنز أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) [سورة هود: 12] يقول الله له: يا محمد (إنما أنت منذر) لهم، تنذرهم بأسَ الله أن يحلّ بهم على شركهم (3) . (ولكل قوم هاد) . يقول ولكل قوم إمام يأتمُّون به وهادٍ يتقدمهم، فيهديهم إما إلى خيرٍ وإما إلى شرٍّ. * * * وأصله من "هادي الفرس" ، وهو عنقه الذي يهدي سائر جسده. (4) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في المعنيِّ بالهادي في هذا الموضع. فقال بعضهم: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. *ذكر من قال ذلك: 20138- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه) هذا قول مشركي العرب قال الله: (إنما أنت منذر ولكلّ قوم هاد) لكل قوم داعٍ يدعوهم إلى الله. 20139- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع. عن سفيان. عن السدي. (1) انظر تفسير "لولا" فيما سلف 15: 205، تعليق (1) : والمراجع هناك ثم 15: 210. (2) انظر تفسير الآية "فيما سلف من فهارس اللغة (أبى) ." (3) انظر تفسير "الإنذار" فيما سلف من فهارس اللغة نذر. (4) انظر تفسير "الهادي" فيما سلف 2: 293. عن عكرمة= ومنصور، عن أبي الضحى: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قالا محمد هو "المنذر" وهو "الهاد" . 20140- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان، عن السدي، عن عكرمة، مثله. 20141- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، مثله. * * * وقال آخرون: عنى بـ "الهادي" في هذا الموضع: الله. *ذكر من قال ذلك: 20142- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال: محمد "المنذر" ، والله "الهادي" . (1) 20143- حدثنا ابن بشار قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: (وإنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال محمد "المنذر" ، والله "الهادي" . 20144- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: (إنما أنت منذر) قال: أنت يا محمد منذر، والله "الهادي" . 20145- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد في قوله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، قال: "المنذر" ، النبي صلى الله عليه وسلم= (ولكل قوم هاد) قال: الله هادي كل قوم. (1) الأثر: 20142 - سقط آخر الخبر من المخطوطة، وقف عند قوله: "هاد" ، وكأنه أتمه من الذي يليه. 20146- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) يقول: أنت يا محمد منذر، وأنا هادي كل قوم. 20147- حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، "المنذر" : محمد صلى الله عليه وسلم، و "الهادي" : الله عز وجل. * * * وقال آخرون: "الهادي" في هذا الموضع معناه نبيٌّ. *ذكر من قال ذلك: 20148- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد قال: "المنذر" محمد صلى الله عليه وسلم. (ولكل قوم هاد) قال: نبيٌّ. 20149- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهدٍ في قوله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال: نبيٌّ. 20150- قال: حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد، مثله. 20151- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا أسباط بن محمد، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد، في قوله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، قال: لكل قوم نبي، والمنذر: محمد صلى الله عليه وسلم. 20152- قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثني عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد، في قول الله: (ولعل قوم هاد) قال: نبيّ. 20153- قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (ولكل قوم هاد) يعني: لكل قوم نبيّ. 20154- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ولعل قوم هاد) قال: نبيّ. 20155- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (ولكل قوم هاد) قال: نبيّ يدعوهم إلى الله. 20156- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (ولكل قوم هاد) قال: لكل قوم نبيّ. "الهادي" ، النبي صلى الله عليه وسلم، و "المنذر" أيضًا النبي صلى الله عليه وسلم. وقرأ: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ) .، [سورة فاطر: 24] ، وقال: (نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى) [سورة النجم: 56] قال: نبي من الأنبياء. * * * وقال آخرون، بل عني به: ولكل قوم قائد. *ذكر من قال ذلك: 20157- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا جابر بن نوح، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، قال: إنما أنت، يا محمد، منذر، ولكل قوم قادة. 20158- قال: حدثنا الأشجعي قال: حدثني إسماعيل= أو: سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح: (ولكل قوم هاد) قال: لكل قوم قادة. 20159- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال: "الهادي" : القائد، والقائد: الإمام، والإمام: العمل. 20160- حدثني الحسن قال: حدثنا محمد، وهو ابن يزيد= عن إسماعيل، عن يحيى بن رافع، في قوله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال: قائد. * * * وقال آخرون: هو عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. *ذكر من قال ذلك: 20161- حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال: حدثنا الحسن بن الحسين الأنصاري قال: حدثنا معاذ بن مسلم، بيّاع الهرويّ، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، وضع صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال: أنا المنذر= (ولكل قوم هاد) ، وأومأ بيده إلى منكب عليّ، فقال: أنت الهادي يا عليّ، بك يهتدي المهتدون بَعْدي (1) . * * * وقال آخرون: معناه: لكل قوم داع. *ذكر من قال ذلك: 20162- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ولكل قوم هاد) ، قال: داع. * * * (1) الأثر: 20161 - "أحمد بن يحيى الصوفي" ، شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: 779 و "الحسن بن الحسين الأنصاري، العرني" ، كأنه قيل له "العرني" ، لأنه كان يكون في مسجد "حبة العرني" . كان من رؤساء الشيعة، ليس بصدوق، ولا تقوم به حجة. وقال ابن حبان: "يأتي عن الأثبات بالملزقات، ويروي المقلوبات والمناكير" . مترجم في ابن أبي حاتم 1 / 2 / 6، وميزان الاعتدال 1: 225، ولسان الميزان 2: 198. و "معاذ بن مسلم بياع الهروي" ، لم يذكر بهذه الصفة "بياع الهروي" في غير التفسير، و "الهروي" ثياب إلى هراة. وجعلها في المطبوعة: "حدثنا الهروي" ، فأفسد الإسناد إفسادًا و "معاذ بن مسلم" مجهول، هكذا قال ابن أبي حاتم، وهو مترجم في ابن أبي حاتم 4 / 1 / 248، وميزان الاعتدال 3: 178، ولسان الميزان 6: 55. وهذا خبر هالك من نواحيه، وقد ذكره الذهبي وابن حجر في ترجمة "الحسن بن الحسين الأنصاري" قالا بعد أن ساقا الخبر بإسناده ولفظه، ونسبته لابن جرير أيضًا: "معاذ نكرة، فلعل الآفة منه" ، وأقول: بل الآفة من كليهما: الحسن بن الحسين، ومعاذ بن مسلم. وقد بينت معنى "الهداية" ، وأنه الإمام المتبع الذي يقدُم القوم. (1) فإذ كان ذلك كذلك، فجائز أن يكون ذلك هو الله الذي يهدي خلَقه ويتَّبع خلقُه هداه ويأتمون بأمره ونهيه. وجائز أن يكون نَبِيَّ الله الذي تأتمُّ به أمته. وجائز أن يكون إمامًا من الأئمة يُؤْتَمْ به، ويتّبع منهاجَه وطريقته أصحابُه. وجائزٌ أن يكون داعيًا من الدعاة إلى خيرٍ أو شرٍّ. وإذ كان ذلك كذلك، فلا قول أولى في ذلك بالصواب من أن يقال كما قال جل ثناؤه: إن محمدًا هو المنذر من أرسل إليه بالإنذار، وإن لكل قوم هاديًا يهديهم فيتّبعونه ويأتمُّون به. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وإن تعجب فعجبٌ قولهم أئذا كنا ترابًا أئنا لفي خلق جديد) منكرين قدرة الله على إعادتهم خلقًا جديدًا بعد فنائهم وبلائهم، ولا ينكرون قدرته على ابتدائهم وتصويرهم في الأرحام، وتدبيرهم وتصريفهم فيها حالا بعد حال= فابتدأ الخبر عن ذلك ابتداءً، والمعنى فيه ما وصفت، (2) فقال جل ثناؤه: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد) ، يقول: وما تنقص الأرحام من حملها في الأشهر التسعة بإرسالها دم الحيض (1) انظر ما سلف ص: 353. (2) في المطبوعة والمخطوطة: "ما وصف" ، والصواب ما أثبت. (1) (وما تزداد) في حملها على الأشهر التسعة لتمام ما نقص من الحمل في الأشهر التسعة بإرسالها دم الحيض= (وكل شي عنده بمقدار) لا يجاوز شيء من قَدَره عن تقديره، ولا يقصر أمر أراده فَدَبَره عن تدبيره، كما لا يزداد حمل أنثى على ما قُدِّرَ له من الحمل، ولا يُقصِّر عما حُدّ له من القدر. * * * و "المقدار" ، مِفْعال من "القدر" . * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: 20163- حدثني يعقوب بن ماهان قال: حدثنا القاسم بن مالك، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: (يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام) ، قال: ما رأت المرأة من يوم دمًا على حملها زاد في الحمل يومًا. (2) 20164- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام) ، يعني السِّقْط= (وما تزداد) ، يقول: ما زادت الرحم في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تمامًا. وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر، ومنهن من تحمل تسعة أشهر، ومنهن من تزيد في الحمل، ومنهن من تنقص. فذلك الغيض والزيادة التي ذكر الله، وكل ذلك بعلمه. 20165- حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثنا عبد السلام قال: حدثنا خصيف، عن مجاهد أو سعيد بن جبير في قول الله: (وما تغيض الأرحام) قال: غَيْضُها، دون التسعة= والزيادة فوق التسعة. (1) انظر تفسير "الغيض" فيما سلف 15: 334، وما بعدها. (2) الأثر: 20163 - "يعقوب بن ماهان البغدادي" ، ثقة، مضى برقم: 4901، 10339، 19908. و "القاسم بن مالك المزني" ، ثقة من شيوخ أحمد، مضى برقم: 10339. 20166- حدثني يعقوب قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو بشر، عن مجاهد، أنه قال: "الغيض" ، ما رأت الحامل من الدم في حملها فهو نقصان من الولد، و "الزيادة" ما زاد على التسعة أشهر، فهو تمام للنقصان وهو زيادة. 20167- حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: ما ترى من الدم، وما تزداد على تسعة أشهر. 20168- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، أنه قال: (يعلم ما تغيض الأرحام وما تزداد) ، قال: ما زاد على التسعة الأشهر= (وما تغيض الأرحام) ، قال: الدم تراه المرأة في حملها. 20169- حدثني المثنى حدثنا عمرو بن عون، والحجاج بن المنهال قالا حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن مجاهد، في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: الغيض: الحامل ترى الدم في حملها فهو "الغيض" ، وهو نقصانٌ من الولد. وما زاد على تسعة أشهر فهو تمام لذلك النقصان، وهي الزيادة. 20170- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا عبد السلام، عن خصيف، عن مجاهد: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: إذا رأت دون التسعة، زاد على التسعة مثل أيام الحيض. 20171- حدثنا أحمد قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وما تغيض الأرحام) قال: خروج الدم= (وما تزداد) قال: استمساك الدم. 20172- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وما تغيض الأرحام) إراقة المرأة حتى يخِسّ الولد= (وما تزداد) قال: إن لم تُهْرِق المرأةُ تَمَّ الولد وعَظُم. ![]()
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (893) صــ 361 إلى صــ 370 20173- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا شعبة، عن جعفر، عن مجاهد، في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: المرأة ترى الدم، وتحمل أكثر من تسعة أشهر. 20174- حدثنا الحسن قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، في قوله: (وما تغيض الأرحام) ، قال: هي المرأة ترى الدم في حملها. 20175- قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) إهراقُ الدم حتى يخسّ الولد= و "تزداد" إن لم تهرق المرأة تَمَّ الولد وعَظُم. 20176- قال: حدثنا الحكم بن موسى قال: حدثنا هقل، عن عثمان بن الأسود قال: قلت لمجاهد: امرأتي رأت دمًا، وأرجو أن تكون حاملا! = قال أبو جعفر: هكذا هو في الكتاب (1) فقال مجاهد: ذاك غيضُ الأرحام: (يعلم ما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار) ، الولد لا يزال يقع في النقصان ما رأت الدَّم، فإذا انقطعَ الدم وقع في الزيادة، فلا يزال حتى يتمّ، فذلك قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار) . (2) (1) موضع الإشكال الذي شكك فيه أبو جعفر أن عثمان بن الأسود قال: "امرأتي رأت الدم" ، وذلك يعني الطمث، وهي إذا رأت الدم لم تكن حاملا. ثم قال: "وأرجو أن تكون حاملا" ، يوهم أنه من جل رؤية الدم، رجا أن تكون حاملا. ولكني أخالف أبا جعفر، وأجعل "أرجو" بمعنى التحقيق لا بمعنى الرجاء، كأنه قال: "امرأتي رأت الدم وهي حامل" ، وهم يضعون "أرجو" بهذا المكان من التحقيق في كثير من كلامهم. هذا، وبعض النساء ترى الدم وهي حامل في ميقات طمثها، هكذا أخبرني النساء. (2) الأثر: 20176 - "الحكم بن موسى بن أبي زهير البغدادي" ، ثقة، روى عنه البخاري تعليقًا ومسلم. مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 2 / 342، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 128 و "هقل" هو: "الهقل بن زياد بن عبد الله الدمشقي" ، كاتب الأوزاعي، و "هقل" لقب، قيل اسمه: "محمد" ، وقيل: "عبد الله" ، ثقة الثقات، من أعلى أصحاب الأوزاعي. مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2 / 248، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 122. و "عثمان بن الأسود بن موسى المكي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا. 20177- قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو بشر، عن مجاهد، في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) ، قال: "الغيض" : الحامل ترى الدم في حملها، وهو "الغيض" وهو نقصان من الولد. فما زادت على التسعة الأشهر فهي الزيادة، وهو تمامٌ للولادة. 20178- حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا داود، عن عكرمة في هذه الآية: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام) ، قال: كلما غاضت بالدم، زاد ذلك في الحمل. 20179- قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا داود، عن عكرمة نحوه. 20180- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا عباد بن العوّام، عن عاصم، عن عكرمة: (وما تغيض الأرحام) قال: غيض الرحم: الدم على الحمل كلما غاض الرحم من الدم يومًا زاد في الحمل يومًا حتى تستكمل وهي طاهرةٌ. 20181- قال: حدثنا عباد، عن سعيد، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، مثله. 20182- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا الوليد بن صالح قال: حدثنا أبو يزيد، عن عاصم، عن عكرمة في هذه الآية: (وما تغيض الأرحام) ، قال: هو الحيض على الحمل= (وما تزداد) قال: فلها بكل يوم حاضت على حملها يوم تزداده في طهرها حتى تستكمل تسعة أشهر طاهرًا. 20183- قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عمران بن حدير، عن عكرمة في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: ما رأت الدم في حملها زاد في حملها. 20184- حدثنا عبد الحميد بن بيان قال: أخبرنا إسحاق، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) ما "تغيض" : أقل من تسعة= وما تزداد: أكثر من تسعة. 20185- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا ابن المبارك، عن الحسن بن يحيى قال: سمعت الضحاك يقول: قد يولد المولود لسنتين. قد كان الضحاك وُلد لسنتين، و "الغيض" : ما دون التسعة= (وما تزداد) فوق تسعة أشهر. 20186- قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن جويبر، عن الضحاك: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: دون التسعة، وما تزداد: قال: فوق التسعة. 20187- قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن جويبر، عن الضَّحاك قال: ولدت لسنتين. 20188- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا ابن المبارك، عن الحسن بن يحيى قال: حدثنا الضحاك: أن أمه حملته سنتين. قال: (وما تغيض الأرحام) قال: ما تنقص من التسعة= (وما تزداد) قال: ما فوق التسعة. (1) 20189- ... قال: حدثنا عمرو بن عون ; قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام) ، قال: كل أنثى من خلق الله. 20190- ... قال: حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك= ومنصور، عن الحسن قالا "الغيض" ما دون التسعة الأشهر. (1) الآثار: 20185، 20187، 20188 - "الضحاك بن مزاحم" ، صاحب التفسير، مضى مرارًا لا تحصى، ولكن يزاد هنا هذا الخبر في ترجمته أنه قال عن نفسه أنه ولد لسنتين. ثم انظر رقم: 20199، أنه ولد وقد نبتت ثناياه. 20191- ... قال: حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، عن داود بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن جميلة بنت سعد، عن عائشة قالت: لا يكون الحمل أكثر من سنتين، قدر ما يتحوَّل ظِلُّ مِغْزَل. 20192- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي: (وما تغيض الأرحام) قال: هو الحمل لتسعة أشهر وما دون التسعة= (وما تزداد) قال: على التسعة. 20193- ... قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير: (وما تغيض الأرحام) قال: حيضُ المرأة على ولدها. 20194- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) . قال: "الغيض" ، السَّقْط= (وما تزداد) ، فوق التسعة الأشهر. 20195- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن سعيد بن جبير: إذا رأت المرأة الدمَ على الحمل، فهو "الغيض" للولد. يقول: نقصانٌ في غذاء الولد، وهو زيادة في الحمل. 20196- حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: كان الحسن يقول: "الغيضوضة" ، (1) أن تضع المرأة لستة أشهر أو لسبعة أشهر، أو لما دون الحدّ= قال قتادة: وأما الزيادة، فما زاد على تسعة أشهر. 20197- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا قيس، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير قال: غيض الرحم: أن ترى الدم على (1) "الغيضوضة" ، مصدر "غاض" ، لم تذكره كتب اللغة، وهو حقيق أن يثبت فيها، لأنه من كلام الحسن البصري، وناهيك به فصيحًا وحجة في العربية. حملها. فكل شيء رأت فيه الدم على حملها، ازدادت على حملها مثل ذلك. 20198-....قال حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، عن مجاهد قال: إذا رأت الحاملُ الدمَ كان أعظمَ للولد. 20199- حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) ، "الغيض" : النقصان من الأجل، "والزيادة" : ما زاد على الأجل. وذلك أن النساء لا يلدن لعدّةٍ واحدة، يولد المولود لستة أشهر فيعيش، ويولد لسنتين فيعيش، وفيما بين ذلك. قال: وسمعت الضحاك يقول: ولدت لسنتين، وقد نبتت ثناياي. 20200- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (وما تغيض الأرحام) قال: غيض الأرحام: الإهراقة التي تأخذ النساء على الحمل، وإذا جاءت تلك الإهراقة لم يعتدَّ بها من الحمل، ونقص ذلك حملها حتى يرتفع ذلك. وإذا ارتفع استقبلت عِدّةً مستقبلةً تسعة أشهر. وأما ما دامت ترى الدم، فإن الأرحام تغيض وتنقص، والولد يرقّ. فإذا ارتفع ذلك الدم رَبَا الولد واعتدّت حين يرتفع عنها ذلك الدم عدّة الحمل تسعة أشهر، وما كان قبله فلا تعتدُّ به، هو هِرَاقةٌ، يبطل ذلك أجمع أكتع. * * * وقوله: (وكل شيء عنده بمقدار) . 20201- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وكل شيء عنده بمقدار) إي والله، لقد حفظ عليهم رزقهم وآجالهم، وجعل لهم أجلا معلومًا. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والله عالم ما غاب عنكم وعن أبصاركم فلم تروه، وما شاهدتموه، فعاينتم بأبصاركم، لا يخفى عليه شيء، لأنهم خلقه (1) وتدبيره= "الكبير الذي كل شيء دونه" ، (2) = "المتعال" المستعلي على كل شيء بقدرته. = وهو "المتفاعل" من "العلو" مثل "المتقارب" من القرب و "المتداني" من الدنوّ. (3) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: معتدلٌ عند الله منكم، (4) أيها الناس، الذي أسر القول، (5) والذي جهر به، (6) والذي هو مستخفٍ بالليل في ظلمته بمعصية الله= "وسارب بالنهار" ، يقول: وظاهر بالنهار في ضوئه، لا يخفى عليه شيء من ذلك. سواء عنده سِرُّ خلقه وعلانيتهم، لأنه لا يستسرّ عنده شيء ولا يخفى. * * * (1) انظر تفسير "الغيب والشهادة" فيما سلف 11: 464، 465. (2) انظر تفسير "الكبير" فيما سلف 8: 318. (3) وانظر تفسير "التعالي" فيما سلف 15: 47، تعليق: 1، والمراجع هناك. (4) انظر تفسير "سواء" فيما سلف من فهارس اللغة (سوى) . (5) انظر تفسير "الإسرار" فيما سلف ص: 198، تعليق: 1، والمراجع هناك. (6) انظر تفسير "الجهر" فيما سلف 9: 343 - 349، 358 /11: 368 / 13: 353، تعليق: 4، والمراجع هناك. يقال منه: "سَرَبَ يَسْرَبُ سُرُوبًا" إذا ظهر، كما قال قيس بن الخطيم: أَنَّى سَرَيْتِ وَكُنْتِ غَيْرَ سَرُوبِ ... وَتُقَرِّبُ الأحْلامُ غَيْر قَرِيب (1) يقول: كيف سريت بالليل [على] بُعْد هذا الطريق، (2) ولم تكوني تبرُزين وتظهرين؟ وكان بعضهم يقول: هو السَّالك في سَرْبه: أي في مذهبه ومكانه. (3) واختلف أهل العلم بكلام العرب في "السّرب" . فقال بعضهم: "هو آمن في سَرْبه" ، بفتح السين. وقال بعضهم: "هو آمن في سِرْبه" بكسر السين. * * * وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20202- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ بالليل وسارب بالنهار) ، يقول: هو صاحبُ ريبة مستخف بالليل. وإذا خرج بالنهار أرَى الناس أنه بريء من الإثم. 20203- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (وسارب بالنهار) ، ظاهر. 20204- حدثنا ابن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن أبي رجاء، في قوله: (سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ (1) ديوانه: 5، واللسان (سرب) وغيرها كثير. ويروى "سربت" بالباء الموحدة أيضًا وقوله: "غير سروب" ، أي: غير مبعدة في مذهبك، أو كما قال أبو جعفر في تفسيره بعد. (2) الزيادة بين القوسين لا بد منها لتصحيح معنى الكلام. (3) أرجح أنه يعني أبا عبيدة في مجاز القرآن 1: 323، ولكن لفظه: "سالك في سربه، أي مذاهبه ووجوهه" ، وهو أجود مما في التفسير، وأخشى أن يكون من تحريف الناسخ أو سهوه. بالليل وساربٌ بالنهار) قال: إن الله أعلم بهم، سواء من اسر القول ومن جهر به، ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار. 20205- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا علي بن عاصم، عن عوف، عن أبي رجاء: (سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) قال: من هو مستخف في بيته= (وسارب بالنهار) ، ذاهب على وجهه. علمه فيهم واحدٌ. 20206- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به) ، يقول: السر والجهر عنده سواء= (ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) أما "المستخفي" ففي بيته، وأما "السارب" : الخارج بالنهار حيثما كان. المستخفي غَيْبَه الذي يغيب فيه والخارجُ، عنده سواء. 20207- ... قال: حدثنا الحماني قال: حدثنا شريك، عن خصيف، في قوله: (مستخف بالليل) قال: راكب رأسه في المعاصي= (وسارب بالنهار) قال: ظاهر بالنهار. 20208- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به) كل ذلك عنده تبارك وتعالى سواء، السر عنده علانية= قوله: (ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) ، أي: في ظلمه الليل، و "سارب" : أي: ظاهر بالنهار. 20209- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا شريك، عن خصيف، عن مجاهد وعكرمة: (وسارب بالنهار) قال: ظاهر بالنهار. * * * و "مَنْ" في قوله: (من أسرّ القول ومَنْ جهر به ومَنْ هو مستخف بالليل) رفع الأولى منهن بقوله: "سواء" . والثانية معطوفة على الأولى، والثالثة على الثانية. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) } قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم: معناه: لله تعالى ذكرهُ معقِّباتٌ قالوا: "الهاء" في قوله: "له" من ذكر اسم الله. و "المعقبات" التي تعتقب على العبد. (1) وذلك أن ملائكة الليل إذا صعدت بالنهار أعقبتها ملائكة النهار، فإذا انقضى النهار صعدت ملائكة النهار ثم أعقبتها ملائكة الليل. وقالوا: قيل "معقبات" ، و "الملائكة" : جمع "ملك" مذكر غير مؤنث، وواحد "الملائكة" "معقِّب" ، وجماعتها "مُعَقبة" ، ثم جمع جمعه= أعني جمع "معقّب" بعد ما جمع "مُعَقّبة" = وقيل "معقِّبات" ، كما قيل: "سادات سعد" ، (2) "ورجالات بني فلان" ، جمع "رجال" . * * * وقوله: (من بين يديه ومن خلفه) ، يعني بقوله: (من بين يديه) ، من قدام هذا المستخفي بالليل والسارب بالنهار (3) (ومن خلفه) ، من وراء ظهره. *ذكر من قال ذلك: 20210- حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا (1) في المطبوعة والمخطوطة: تتعقب "، والصواب ما أثبت." (2) في المطبوعة "ابناوات سعد" ، وهي في المخطوطة غير منقوطة والصواب ما أثبت يقال "سيد" و "سادة و" سادات "." (3) انظر تفسير بين يديه "فيما سلف 10: 438، 12: 492." شعبة، عن منصور، يعني ابن زاذان=، عن الحسن في هذه الآية: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: الملائكة. 20211- حدثني المثنى قال: حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري قال: حدثنا علي بن جرير، عن حماد بن سلمة، عن عبد الحميد بن جعفر، عن كنانة العدوي قال: دخل عثمان بن عفان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني عن العبد كم معه من ملك؟ قال: ملك على يمينك على حسناتك، وهو أمينٌ على الذي على الشمال، (1) فإذا عملتَ حسنة كُتِبت عشرًا، وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين: اكتب! قال: لا لعله يستغفر الله ويتوب! فإذا قال ثلاثًا قال: نعم اكتب أراحنا الله منه، فبئس القرين، ما أقل مراقبته لله، وأقل استحياءَه منّا! يقول الله: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ، [سورة ق: 18] ، وملكان من بين يديك ومن خلفك، يقول الله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، وملك قابض على ناصيتك، فإذا تواضعت لله رفعك، وإذا تجبَّرت على الله قصمك. وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلا الصَّلاة على محمد. وملك قائم على فيك لا يدع الحيّة تدخل في فيك، (2) وملكان على عينيك. فهؤلاء عشرة أملاك على كلّ آدميّ، ينزلون ملائكة الليل على ملائكة النهار، [لأن ملائكة الليل سوى ملائكة النهار] (3) فهؤلاء عشرون ملكًا على كل آدمي، وإبليس بالنهار وولده بالليل. (4) (1) في المطبوعة وابن كثير: "وهو أمير" ، وأثبت ما في المخطوطة والدر المنثور. (2) في المخطوطة: "تدخل فيك" ، والصواب ما في المطبوعة والدر المنثور. (3) زيادة من ابن كثير والدر المنثور، ولا غنى عنها. (4) الأثر: 20211 - هذا إسناد قد سلف مثله برقم: 1386، 1395. وهو إسناد مشكل منكر. "إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري" ، وسلف "التستري" وكان في ذلك الموضع في ابن كثير "القشيري" ، لا ندري أيهما الصواب، ولم نجد له ذكرًا في شيء من كتب الرجال. و "علي بن جرير" ، لا يدري منه هو أيضًا، كما قلنا فيما سلف، إلا أني أزيد أن ابن أبي حاتم ترجم في الجرح والتعديل: "علي بن جرير البارودي روى عنه ... سئل أبي عن علي بن جرير البارودي، فقال: صدوق" ، ولا أظنه هذا الذي في إسنادنا، كأن هذا متأخر، ابن أبي حاتم 3 / 1 / 178 وأما "عبد الحميد بن جعفر، فثقة، سلف برقم: 1386." وأما "كنانة العدوي" ، فهو "كنانة بن نعيم العدوي" ، تابعي ثقة، لم يذكر أنه أدرك عثمان بن عفان أو روى عنه. فهذا حديث فيه نكارة وضعف شديد، وانفرد بروايته أبو جعفر الطبري عن المثنى. انظر تفسير ابن كثير 4: 503، والدر المنثور 4: 48. وقال ابن كثير: إنه حديث غريب جدًا. ![]()
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (894) صــ 371 إلى صــ 380 20212- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) الملائكة= (يحفظونه من أمر الله) . 20213- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20214- ... قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد، في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه) ، قال: مع كل إنسان حَفَظَةٌ يحفظونه من أمر الله. 20215- ... قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، فالمعقبات هن من أمر الله، وهي الملائكة. 20216- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: (يحفظونه من أمر الله) قال: ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، فإذا جاء قدره خَلَّوا عنه. 20217- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) فإذا جاء القدر خَلَّوا عنه. 20218- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم في هذه الآية قال: الحَفَظَة. 20219- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، قال: ملائكة. 20220- حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا يعلى قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح في قوله: (له معقبات) قال: ملائكة الليل، يعقُبُون ملائكة النهار. 20221- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) هذه ملائكة الليل يتعاقبون فيكم بالليل والنهار. وذكر لنا أنهم يجتمعون عند صلاة العصر وصلاة الصبح= وفي قراءة أبيّ بن كعب: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَرَقِيبٌ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِن أَمْرِ اللهِ) . 20222- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: (له معقبات من بين يديه) ، قال: ملائكة يتعاقبونه. 20223- حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: الملائكة= قال ابن جريج: "معقبات" ، قال: الملائكة تَعَاقَبُ الليلَ والنهار. وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يجتمعون فيكم عند صلاة العصر وصلاة الصبح= وقوله: (يحفظونه من بين يديه ومن خلفه) ، قال ابن جريج: مثل قوله: (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ) ، [سورة ق: 17] . قال: الحسنات من بين يديه، والسيئات من خلفه. الذي عن يمينه يكتب الحسنات والذي عن شماله يكتب السيئات. 20224- حدثنا سوّار بن عبد الله قال: حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت ليثًا يحدث، عن مجاهد أنه قال: ما من عبدٍ إلا له ملك موكَّل يحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوامّ، فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال: وراءَك! إلا شيئًا يأذن الله فيه فيصيبه. 20225- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي: قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) ، قال: يعني الملائكة. * * * وقال آخرون: بل عني بـ "المعقبات" في هذا الموضع، الحرَس، الذي يتعاقب على الأمير. *ذكر من قال ذلك: 20226- حدثنا أبو هشام الرفاعي قال: حدثنا ابن يمان قال: حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: ذلك ملك من مُلوك الدنيا له حَرسٌ من دونه حرَس. 20227- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) ، يعني: ولىَّ الشيطان، يكون عليه الحرس. (1) 20228- حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن شَرْقيّ: أنه سمع عكرمة يقول في هذه الآية: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: هؤلاء الأمراء. (2) 20229- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا عمرو بن (1) في المطبوعة: "ولي السلطان" ، غير ما في المخطوطة، وهو الصواب، يعني البغاة العصاة الأمراء، يحرسون أنفسهم. وانظر ما يأتي ص: 377، تعليق: 1. روى عنه شعبة، ذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن أبي حاتم: ليس بحديثه بأس. مترجم في التهذيب. . (2) الأثر: 20228 - "شرقي البصرى" ، روى عن عكرمة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية ن والكبير 2 / 2 / 255، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 376. نافع قال: سمعت عكرمة يقول: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: المواكب من بين يديه ومن خلفه. (1) 20230- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، قال: هو السلطان المحترس من الله، وهم أهل الشرك. (2) * * * قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، قولُ من قال: "الهاء" ، في قوله: (له معقبات) من ذكر "مَنْ" التي في قوله: (ومَنْ هو مستخف بالليل) = "وأن المعقبات من بين يديه ومن خلفه" ، هي حرسه وجلاوزته، (3) كما قال ذلك من ذكرنا قوله. وإنما قلنا: "ذلك أولى التأويلين بالصواب" ، لأن قوله: (له معقبات) أقرب إلى قوله: (ومن هو مستخف بالليل) منه إلى عالم الغيب، فهي لقربها منه أولى بأن تكون من ذكره، وأن يكون المعنيَّ بذلك هذا، مع دلالة قول الله: (وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له) على أنهم المعنيُّون بذلك. وذلك أنه جل ثناؤه ذكر قومًا أهل معصيةٍ له وأهلَ ريبة، يستخفون بالليل ويظهرون بالنهار، ويمتنعون عند أنفسهم بحرس يحرسهم، ومَنْعَة تمنعهم من أهل طاعته أن يحولوا بينهم وبين ما يأتون من معصية الله. ثم أخبر أنّ الله تعالى ذكره إذا أراد بهم سوءًا لم ينفعهم حَرَسهم، ولا يدفع عنهم حفظهم. * * * (1) الأثر: 20229 - "عمر بن نافع الثقفي" ، روى عن أنس وعكرمة. قال ابن معين: ليس بشيء. وذكره ابن حبان في الثقات. وذكره الساجي وابن الجارود في الضعفاء. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 138، وميزان الاعتدال 2: 272. (2) في المطبوعة: "المحروس من أمر الله" ، وأثبت ما في المخطوطة. (3) الجلاوزة جمع جلواز (بكسر الجيم وسكون اللام) . وهو الشرطي الذي يخف بين يدي الأمير ويأتمر بأمره. وقوله: (يحفظونه من أمر الله) اختلف أهل التأويل في تأويل هذا الحرف على نحو اختلافهم في تأويل قوله: (له معقبات) . = فمن قال: "المعقبات" هي الملائكة قال: الذين يحفظونه من أمر الله هم أيضًا الملائكة. ومن قال: "المعقبات" هي الحرس والجلاوزة من بني آدم قال: الذين يحفظونه من أمر الله هم أولئك الحرس. * * * واختلفوا أيضًا في معنى قوله: (من أمر الله) . فقال بعضهم: حفظهم إيّاه من أمره. وقال بعضهم: (يحفظونه من أمر الله) بأمر الله. *ذكر من قال: الذين يحفظونه هم الملائكة، ووجَّه قوله: (بأمر الله) إلى معنى أن حفظها إيّاه من أمر الله: 20231- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي عن ابن عباس قوله: (يحفظونه من أمر الله) ، يقول: بإذن الله، فالمعقبات: هي من أمر الله، وهي الملائكة. 20232- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: (يحفظونه من أمر الله) ، قال: الملائكة: الحفظة، وحفظهم إياه من أمر الله. 20233- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثني عبد الملك، عن ابن عبيد الله، عن مجاهد في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، قال: الحفظة هم من أمر الله. 20234- ... قال: حدثنا علي= يعني ابن عبد الله بن جعفر= قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن ابن عباس: (له معقبات من بين يديه) ، رقباء= (ومن خلفه) من أمر الله (يحفظونه) . (1) 20235- ... قال: حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، عن الجارود، عن ابن عباس: (له معقبات من بين يديه) ، رقيب= (ومن خلفه) . 20236- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل، عن خصيف، عن مجاهد: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، قال: الملائكة من أمر الله. 20237- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (يحفظونه من أمر الله) ، قال: الملائكة من أمر الله. 20238- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) قال: الحفظة. * * * *ذكر من قال: عنى بذلك: يحفظونه بأمر الله: 20239- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (يحفظونه من أمر الله) : أي بأمر الله. 20240- حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (يحفظونه من أمر الله) ، وفي بعض القراءات (بِأَمْرِ اللهِ) . 20241- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن (1) الأثر: 20234 - "علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي" وهو "ابن المديني" ، صاحب التصانيف، ثقة، روى عنه البخاري في التاريخ، وأبو داود. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 1/ 193. و "سفيان" ، هو "سفيان بن عيينة" ، الثقة المشهور. و "عمرو" ، هو "عمر بن دينار المكي" ، الثقة المشهور. خلفه) قال: مع كل إنسان حَفَظَة يحفظونه من أمر الله. * * * *ذكر من قال: تحفظه الحرس من بني آدم من أمر الله: 20242- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (يحفظونه من أمر الله) يعني: ولّى الشيطان، (1) يكون عليه الحرس يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، يقول الله عز وجل: يحفظونه من أمري، فإني إذا أردت بقوم سوءًا فلا مرد له وما لهم من دونه من والٍ. 20243- حدثني أبو هريرة الضبعي قال: حدثنا أبو قتيبة قال، حدثنا شعبة، عن شَرْقيّ، عن عكرمة: (يحفظونه من أمر الله) قال: الجلاوزة. (2) * * * وقال آخرون: معنى ذلك: يحفظونه من أمر الله، و "أمر الله" الجن، ومن يبغي أذاه ومكروهه قبل مجيء قضاء الله، فإذا جاء قضاؤه خَلَّوْا بينه وبينه. *ذكر من قال ذلك: 20244- حدثني أبو هريرة الضبعي قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا ورقاء، عن منصور، عن طلحة، عن إبراهيم: (يحفظونه من أمر الله) قال: من الجن. (3) 20245- حدثنا سوّار بن عبد الله قال: حدثنا المعتمر قال: سمعت ليثًا (1) في المطبوعة "ولي السلطان" ، والصواب ما في المخطوطة، ولكنه غيرها كما سلف آنفًا ص: 373، تعليق: 1. (2) الأثر: 20243 - "أبو هريرة الضبعي" ، هو "محمد بن فراس الضبعي الصيرفي" ، شيخ أبي جعفر، ثقة صدوق، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 60. و "أبو قتيبة" ، هو "سلم بن قتيبة الشعيري" ، ثقة، مضى مرارًا، آخرها رقم: 12904. و "شعبة" هو "شعبة بن الحجاج" ، الإمام المشهور، مضى مرارًا. وكان هنا في المطبوعة والمخطوطة: "سعيد" ، وهو خطأ محض، فإن الذي يروي عن "شرقي البصري" ، هو شعبة، كما مضى آنفًا رقم: 20228. "وشرقي البصري" ، مضى برقم: 20228. (3) الأثر: 20244 - "أبو هريرة الضبعي" ، مضى في الأثر السالف. و "أبو داود" ، هو الطيالسي. يحدث، عن مجاهد أنه قال: ما من عبد إلا له ملك موكّل يحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوامّ، فما منهم شيء يأتيه يريده إلا قال: وراءَك إلا شيئًا يأذن الله فيصيبه. 20246- حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن زياد الألهاني، عن يزيد بن شريح، عن كعب الأحبار قال: لو تجلَّى لابن آدم كلّ سهلٍ وحزنٍ لرأى على كل شيء من ذلك شياطين. لولا أن الله وكَّل بكم ملائكة يذبُّون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم إذًا لتُخُطِّفتم. 20247- حدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية قال: حدثنا عمارة بن أبي حفصة، عن أبي مجلز قال: جاء رجل من مُرادٍ إلى عليّ رضي الله عنه وهو يصلي، فقال: احترس، فإنّ ناسًا من مراد يريدون قتلك! فقال: إنّ مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدَّر، فإذا جاء القدَرُ خلَّيا بينه وبينه، وإن الأجل جُنَّةٌ حصينة. 20248- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عبد الوهاب، عن الحسن بن ذكوان، عن أبي غالب، عن أبي أمامة قال: ما من آدمي إلا ومعه ملك موكَّل يذود عنه حتى يسلمه للذي قُدِّر له. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: يحفظون عليه من الله. *ذكر من قال ذلك: 20249- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: (يحفظونه من أمر الله) ، قال: يحفظون عليه من الله. * * * قال أبو جعفر: يعني ابن جريج بقوله: "يحفظون عليه" ، الملائكة الموكلة بابن آدم، بحفظ حسناته وسيئاته، وهي "المعقبات" عندنا، تحفظ على ابن آدم حسناته وسيئاته من أمر الله. * * * قال أبو جعفر: وعلى هذا القول يجب أن يكون معنى قوله: (من أمر الله) ، أنّ الحفظة من أمر الله، أو تحفظ بأمر الله= ويجب أن تكون "الهاء" التي في قوله: (يحفظونه) وُحِّدت وذُكِّرت وهي مراد بها الحسنات والسيئات، لأنها كناية عن ذكر "مَنْ" الذي هو مستخف بالليل وسارب بالنهار= وأن يكون "المستخفي بالليل" أقيم ذكره مقام الخبر عن سيئاته وحسناته، كما قيل: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا) ، [سورة يوسف: 82] . وكان عبد الرحمن بن زيد يقول في ذلك خلاف هذه الأقوال كلها:- 20250- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (ومن هو مستخف بالليل وساربٌ بالنهار) قال: أتى عامر بن الطفيل، وأربد بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، (1) فقال عامر: ما تجعل لي إن أنا اتبعتك؟ قال: أنت فارس، أعطيك أعنة الخيل. قال: لا. قال: "فما تبغي؟ قال: لي الشرق ولك الغرب. قال: لا. قال: فلي الوَبَر ولك المَدَر. قال: لا. قال: لأملأنها عليك إذًا خيلا ورجالا. قال: يمنعك الله ذاك وابنا قيلة (2) = يريد الأوس والخزرج. قال: فخرجا، فقال عامر لأربد: إن كان الرجل لنا لممكنًا لو قتلناه ما انتطحت فيه عنزان، ولرضوا بأن نعقله لهم وأحبوا السلم وكرهوا الحرب إذا رأوا أمرًا قد وقع. فقال الآخر: إن شئت فتشاورا،" (1) "أربد بن ربيعة" ، هكذا جاء هنا عن ابن زيد، وكذلك جاء عن محمد بن علي القرشي فيما رواه عنه ابن سعد في طبقاته 1 / 2 / 51. و "أربد" هو: "أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر بن كلاب" ، وهو أخو لبيد لأمه، و "لبيد" هو "لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب" ، فكأن ابن زيد ومحمد بن علي القرشي إنما قالا: "أربد بن ربيعة" ، من قبل أخوته للبيد بن ربيعة، ولا أدري كيف قالا هذا؟ ولم قالاه؟ ولم أجده في غير هذين الموضعين. وانظر كتاب "جوامع السيرة" ، لابن حزم ص: 12، تعليق: 1. (2) في المطبوعة: "وأبناء قيلة" ، والصواب ما في المخطوطة على التثنية. و "قيلة" أم الأوس والخزرج. وقال: ارجع وأنا أشغله عنك بالمجادلة، وكن وراءه فاضربه بالسيف ضربةً واحدة. فكانا كذلك: واحدٌ وراء النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر قال: اقصص علينا قصصك. قال: ما تقول؟ قال: قرآنك! (1) فجعل يجادله ويستبطئه، (2) حتى قال: مالك حُشِمت؟ (3) قال: وضعت يدي على قائم سيفي [فيبست] ، (4) فما قدرتُ على أن أُحْلِي ولا أُمِرُّ ولا أحرّكها. قال: فخرجا، فلما كانا بالحَرة، سمع بذلك سعد بن معاذ وأسيد بن حُضير، فخرجا إليهما، على كل واحد منهما لأمته، ورمحه بيده، وهو متقلد سيفه. فقالا لعامر بن الطفيل: يا أعور [حسا] يا أبلخ، (5) أنت الذي يشرط على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (6) لولا أنك في أمانٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رِمْتَ المنزل حتى نضرب عنقك، (7) ولكن [لا نستعين] . (8) وكان أشدّ الرجلين عليه أسيد بن الحضير، [فقال: من هذا؟ فقالوا: أسيد بن حضير] ؟ (9) فقال: لو كان أبوه حيًا لم يفعل بي هذا! ثم قال لأربد: اخرج أنت يا أربد إلى ناحية عَدَنَة، (10) وأخرج أنا إلى نجد، فنجمع الرجال فنلتقي عليه. فخرج أربد حتى إذا كان بالرَّقَم، (11) بعث الله سحابة من الصيف فيها صاعقة! فأحرقته. قال: وخرج عامر حتى إذا كان بوادٍ يقال له الجرير، أرسل الله عليه الطاعون، فجعل يصيح: يا آل عامر، أغُدَّة كغدَّة البكر تقتلني! يا آل عامر، أغدةٌ كغدة البكر تقتلني، وموتٌ أيضًا في بيت سلولية! وهي امرأة من قيس. فذلك قول الله: (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به) فقرأ حتى بلغ: (يحفظونه) تلك المعقبات من أمر الله، هذا مقدّم ومؤخّر لرسول الله صلى الله عليه وسلم معقبات يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، تلك المعقبات من أمر الله. وقال لهذين: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فقرأ حتى بلغ: (يرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) الآية، فقرأ حتى بلغ: (وما دُعاء الكافرين إلا في ضلال) . قال وقال لبيد في أخيه أربد، وهو يبكيه: أَخْشَى عَلَى أَرْبَدَ الحُتُوفَ وَلا ... أَرْهَبُ نَوْءَ السِّمَاكِ وَالأسَدِ (12) (1) في المطبوعة: "قال ما يقول قرآنك" ، حذف من الكلام "قال" ، وأثبت ما في المخطوطة ويعني قال: اقرأ علي قرآنك. (2) قوله: "فجعل يجادله ويستبطئه" وما بعدها، كلام فيه اضطراب، وأخشى أن يكون فيه خرم وسقط، والسياق يدل على أنه جعل يجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينظر إلى أربد يستبطئه. فلما انصرفا قال عامر لأربد: مالك حشمت؟ (3) في المطبوعة: "مالك أجشمت" بزيادة الهمزة، وبالجيم، وليس له معنى، وفي المخطوطة: "حسمت" غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت. يقال: "حشم" بالبناء المجهول، إذا أعيي وانقبض. (4) الزيادة بين القوسين، زادها الناشر الأول على الدر المنثور. (5) في المطبوعة: "يا أعور يا خبيث يا أملخ" ، غير ما في المخطوطة، والذي فيها: "ناعور حسما يا أبلخ" ، ولم أستطع أن أجد الخبر في مكان آخر فأصححه، وقد أعياني كشف ما فيه من التحريف، فأثبته كما هو. و "الأبلخ" هو العظيم في نفسه، الجريء على ما أتى من الفجور. (6) في المطبوعة: "تشترط" ، وأثبت ما في المخطوطة. (7) في المطبوعة: "ضربت" ، وأثبت ما في المخطوطة. (8) وهذه كلمة أخرى أثبتها كما هي في المخطوطة غير منقوطة لم أهتد إلى قراءتها، ولكن ناشر المطبوعة جعلها: "لا تستبقين" ، فنقطها، فصارت بلا معنى، أما السيوطي في الدر المنثور، فقد حذفها كعادته واستراح من همها. (9) زيادة لا بد منها، أثبتها من الدر المنثور. (10) في المطبوعة: "إلي عذية" ، وليس في بلاد العرب موضع بهذا الاسم، والذي فيها "عدنة" (بفتح العين والدال) ، وهي أرض لبني فزارة، في جهة الشمال من الشربة، قال الأصمعي في تحديد نجد: "ووادي الرمة يقطع بين عدنة والشربة، فإذا جزعت الرمة مشرقًا أخذت في الشربة، وإذا جزعت الرمة إلى الشمال أخذت في عدنة" ، أرجو أن يكون ما قرأت هو الصواب. (11) "الرقم" ، ظاهر أنه موضع، انظر معجم البلدان، ومعجم ما استعجم، وصفة جزيرة العرب للهمداني: 176، فأنا في شك من هذا كله. (12) ديوانه قصيدة رقم: 5، البيت: 2، 3 / وسيأتيان في ص: 394، وقبل البيتين، وهو أولها: ما إنْ تُعرِّي المَنُونُ مِنْ أَحَدٍ ... لا وَالِدٍ مُشْفِقٍ ولا وَلدِ و "الحتوف" ، هي الآجال. وقوله: "نوء السماك والأسد" ، فإنه يعني السماك الأعزل، ونوؤة أربع ليال في تشرين الأول (شهر أكتوبر) . وهو نوء غزير. وأما "الأسد" ، فإنه يعني "زبرة الأسد" ونوؤها أربع ليال في أواخر آب (شهر أغسطس) . ويكون في نوء الزبرة مطر شديد (انظر كتاب الأنواء لابن قتيبة ص: 58، 59 / 64، 65) . وذلك كله في زمن الصيف. يقول لبيد: كنت أخشى عليه كل حتف أعرفه، إلا هذا الحتف المفاجئ من صواعق الصيف. وقوله: "فجعني الدهر" ، أي أنزل بي الفجيعة الموجعة، والرزية المؤلمة. و "يوم الكريهة" ، يوم الشدة في الحرب، حيث تكره النفوس الموت. و "النجد" (بفتح فضم) ، هو الشجاع الشديد البأس، السريع الإجابة إلى ما دعي إليه من خير أو شر، مع مضاء فيما يعجز عنه غيره. ![]()
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (895) صــ 381 إلى صــ 390 فَجّعَنِي الرَّعْدُ وَالصَّوَاعِقُ بِال ... فَارِسِ يَوْمَ الكَرِيهَةِ النَّجُدِ (1) * * * قال أبو جعفر: وهذا القول الذي قاله ابن زيد في تأويل هذه الآية، قولٌ بعيد من تأويل الآية، مع خلافِه أقوالَ من ذكرنا قوله من أهل التأويل. وذلك أنه جعل "الهاء" في قوله: (له معقبات) من ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يجر له في الآية التي قبلها ولا في التي قبل الأخرى ذكرٌ، إلا أن يكون أراد أن يردّها على قوله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد له معقبات) فإن كان ذلك، (2) فذلك بعيدٌ، لما بينهما من الآيات بغير ذكر الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا كان ذلك، فكونها عائدة على "مَنْ" التي في قوله: (ومَنْ هو مستخف بالليل) أقربُ، لأنه قبلها والخبر بعدها عنه. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: سواء منكم، أيها الناس من أسرّ القول ومن جهر به عند ربكم، ومن هو مستخف بفسقه وريبته في ظلمة الليل، وساربٌ يذهب ويجيء في ضوء النهار ممتنعًا بجنده وحرسه الذين يتعقبونه من أهل طاعة الله أن يحولوا بينه وبين ما يأتي من ذلك، وأن يقيموا حدَّ الله عليه، وذلك قوله: (يحفظونه من أمر الله) . * * * وقوله: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) يقول تعالى ذكره: (إن الله لا يغير ما بقوم) ، من عافية ونعمة، فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم= (حتى يغيروا ما بأنفسهم) من ذلك بظلم بعضهم بعضًا، واعتداء بعضهم على بعض، (1) الأثر: 20250 - رواه السيوطي في الدر المنثور 4: 48، 49، ونسبه لابن جرير وأبي الشيخ، ولم أجده في غير هذين المكانين. (2) في المطبوعة: "فإن كان أراد ذلك" ، زاد من عنده ما لا حاجة إليه. فَتَحلَّ بهم حينئذ عقوبته وتغييره. * * * وقوله: (وإذا أراد الله بقوم سوءًا فلا مردّ له) يقول: وإذا أراد الله= بهؤلاء الذين يستخفون بالليل ويسربون بالنهار، لهم جند ومنعة من بين أيديهم ومن خلفهم، يحفظونهم من أمر الله= هلاكًا وخزيًا في عاجل الدنيا، = (فلا مردّ له) يقول: فلا يقدر على ردّ ذلك عنهم أحدٌ غيرُ الله. يقول تعالى ذكره: (وما لهم من دونه من وال) يقول: وما لهؤلاء القوم= و "الهاء والميم" في "لهم" من ذكر القوم الذين في قوله: (وإذا أراد الله بقوم سوءًا) . من دون الله= (من والٍ) يعني: من والٍ يليهم ويلي أمرهم وعقوبتهم. * * * وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: "السوء" : الهلكة، ويقول: كل جذام وبرص وعَمى وبلاء عظيم فهو "سوء" مضموم الأول، وإذا فتح أوله فهو مصدر: "سُؤْت" ، ومنه قولهم: "رجلُ سَوْءٍ" . (1) واختلف أهل العربية في معنى قوله: (ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) . فقال بعض نحويي أهل البصرة: معنى قوله: (ومن هو مستخف بالليل) ومن هو ظاهر بالليل، من قولهم: "خَفَيْتُ الشيء" : إذا أظهرته، وكما قال أمرؤ القيس: فَإِنْ تَكْتُمُوا الدَّاء لا نَخْفِه ... وإنْ تَبْعَثُوا الحَرْبَ لا نَقْعُدِ (2) وقال: وقد قرئ (أَكَادُ أُخْفِيهَا) [سورة طه:15] بمعنى: أظهرها. وقال في قوله: (وسارب بالنهار) ، "السارب" : هو المتواري، كأنه وجَّهه إلى (1) هو نص كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن 1: 324. (2) ديوانه: 16، واللسان (خفا) ، وغيرهما، وسيأتي في التفسير 16: 114 (بولاق) ، مع اختلاف يسير في الرواية. أنه صار في السَّرَب بالنهار مستخفيًا. (1) * * * وقال بعض نحويي البصرة والكوفة: إنما معنى ذلك: (ومن هو مستخف) ، أي مستتر بالليل من الاستخفاء= (وسارب بالنهار) : وذاهبٌ بالنهار، من قولهم: "سَرَبت الإبل إلى الرَّعي، وذلك ذهابها إلى المراعي وخروجها إليها." وقيل: إن "السُّرُوب" بالعشيّ، و "السُّروح" بالغداة. * * * واختلفوا أيضًا في تأنيث "معقبات" ، وهي صفة لغير الإناث. فقال بعض نحويي البصرة: إنما أنثت لكثرة ذلك منها، نحو: "نسّابة" ، و "علامة" ، ثم ذكَّر لأن المعنيَّ مذكّر، فقال: "يحفظونه" . * * * وقال بعض نحويي الكوفة: إنما هي "ملائكة معقبة" ، ثم جمعت "معقبات" ، فهو جمع جمع، ثم قيل: "يحفظونه" ، لأنه للملائكة. * * * وقد تقدم قولنا في معنى: "المستخفي بالليل والسارب بالنهار" . (2) وأما الذي ذكرناه عن نحويي البصريين في ذلك، فقولٌ وإن كان له في كلام العرب وجهٌ، خلافٌ لقول أهل التأويل. (3) وحسبه من الدلالة على فساده، خروجه عن قولِ جميعهم. * * * وأما "المعقبات" ، فإن "التعقيب" في كلام العرب، العود بعد البدء، والرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه، (4) من قول الله تعالى: (وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ) ، أي: لم يرجع، وكما قال سلامة بن جندل: (1) "السرب" (بفتحتين) : حفير تحت الأرض. (2) انظر ما سلف ص: 366 - 368. (3) سياق الكلام: "فقول.. خلاف لقول أهل التأويل" . (4) سلف أيضًا تفسير "المعقبات" ص: 369، وما بعدها. وَكَرُّنا الخَيْلَ فِي آثَارِهِمْ رُجُعًا ... كُسَّ السَّنَابِكِ مِنْ بَدْءٍ وَتَعْقِيبِ (1) يعني: في غزوٍ ثانٍ عقَّبُوا، وكما قال طرفة: وَلَقَدْ كُنْت عَلَيْكُمْ عَاتِبًا ... فَعَقَبْتُمْ بِذَنُوبٍ غَيْرِ مُرّ (2) يعني بقوله: "عقبتم" ، رجعتم. =وأتاها التأنيث عندنا، وهي من صفة الحرس الذي يحرسون المستخفي بالليل والسارب بالنهار، لأنه عني بها "حرس مُعَقبّة" ، ثم جمعت "المعقبة" فقيل: "معقبات" فذلك جمع جمع "المعقِّب" ، و "المعقِّب" ، واحد "المعَقِّبة" ، كما قال لبيد: حَتَّى تَهَجَّرَ فِي الرّوَاحِ وَهَاجَهُ ... طَلَبَ المُعَقِّبِ حَقَّهُ المَظْلُومُ (3) و "المعقبات" ، جمعها، ثم قال: "يحفظونه" ، فردّ الخبر إلى تذكير الحرَس والجند. * * * وأما قوله: (يحفظونه من أمر الله) فإن أهل العربية اختلفوا في معناه. (1) ديوانه: 8، شرح المفضليات: 227، قصيدة مشهورة، وروايتها. وَكَرُّنَا خَيْلَنَا أدْرَاجَهَا رُجُعًا وهي أجود الروايتين، وكان في المطبوعة: "في آثارها" . وقوله: "أدراجها" ، أي من حيث جاءت ذهبت. و "رجع" جمع "رجيع" ، وهو الدابة الذي هزله السفر. و "كس السنابك" ، جمع "أكس" ، وهو الحافر المتثلم الذي كسره طول السير، أي تحاتت سنابكها من طول السير. و "البدء" الغزو الأول، و "التعقيب" ، الرجوع من الغزو، أو الغزو الثاني بعد الأول. (2) أشعار الستة الجاهليين: 334، و "الذنوب" ، الدلو العظيمة يكون فيها ماء. يقول: "كنت عليكم واجدًا غاضبًا، فرجعتم بحلو المودة دون مرها، فخلص قلبي لكم مرة أخرى." (3) ديوانه قصيدة رقم: 16، بيت 26، اللسان (عقب) ، وهو من أبيات في صفة حمار الوحش، وشرح البيت يطول، وخلاصته أن الحمار "تهجر من الرواح" ، أي: عجل في الرواح إلى الماء، و "هاجه" ، أي: حركه حب الماء، فعجل إليه عجلة طالب الحق يطلبه مرة بعد مرة، وهو "المعقب" . ورفع "المظلوم" ، وهو نعت للمعقب على المعنى والمعقب خفض في اللفظ، ومعناه أنه فاعل "طلب" . فقال بعض نحويي الكوفة: معناه: له معقبات من أمر الله يحفظونه، وليس من أمره [يحفظونه] ، (1) إنما هو تقديم وتأخير. قال: ويكون يحفظونه ذلك الحفظ من أمر الله وبإذنه، كما تقول للرجل: "أجبتك من دعائك إياي، وبدعائك إياي" . * * * وقال بعض نحويي البصريين، معنى ذلك: يحفظونه عن أمر الله، كما قالوا: "أطعمني من جوع، وعن جوع" و "كساني عن عري، ومن عُرْيٍ" . وقد دللنا فيما مضى على أن أولى القول بتأويل ذلك أن يكون قوله: (يحفظونه من أمر الله) ، من صفة حرس هذا المستخفي بالليل، وهي تحرسه ظنًّا منها أنها تدفع عنه أمرَ الله، فأخبر تعالى ذكره أن حرسه ذلك لا يغني عنه شيئًا إذا جاء أمره، فقال: (وإذا أراد الله بقوم سوءًا فلا مرد له وما لهم من دونه من والٍ) . * * * القول في تأويل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (هو الذي يريكم البرق) ، يعني أن الرب هو الذي يري عباده البرق= وقوله: (هو) كناية اسمه جلّ ثناؤه. * * * وقد بينا معنى "البرق" ، فيما مضى، وذكرنا اختلاف أهل التأويل فيه بما أغنى (1) ما بين القوسين زيادة يقتضيها السياق. عن إعادته في هذا الموضع. (1) * * * وقوله: (خوفًا) يقول: خوفًا للمسافر من أذاه. وذلك أن "البرق" ، الماء، في هذا الموضع كما:- 20251- حدثني المثنى قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا موسى بن سالم أبو جهضم، مولى ابن عباس قال: كتب ابن عباس إلى أبي الجَلْد يسأله عن "البرق" ، فقال: "البرق" ، الماء. (2) * * * وقوله (وطمعًا) يقول: وطمعًا للمقيم أن يمطر فينتفع. كما:- 20252- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (هو الذي يريكم البرق خوفًا وطمعًا) ، يقول: خوفًا للمسافر في أسفاره، يخاف أذاه ومشقته= (وطمعًا،) للمقيم، يرجو بركته ومنفعته، ويطمع في رزق الله. 20253- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (خوفا وطمعا) خوفا للمسافر، وطمعا للمقيم. * * * وقوله: (وينشئ السحاب الثقال) : ويثير السحاب الثقال بالمطر ويبدؤه. * * * يقال منه: أنشأ الله السحاب: إذا أبدأه، ونشأ السحاب: إذا بدأ ينشأ نَشْأً. * * * و "السحاب" في هذا الموضع، وإن كان في لفظ واحد، فإنها جمعٌ، واحدتها "سحابة" ، ولذلك قال: "الثقال" ، فنعتها بنعت الجمع، ولو كان جاء: "السحاب" الثقيل كان جائزًا، وكان توحيدًا للفظ السحاب، كما قيل: (الَّذِي جَعلَ لَكُمْ (1) انظر تفسير "البرق" فيما سلف 1: 342 - 346. (2) الأثر: 20251 - "موسى بن سالم" ، "أبو جهضم" ، ثقة، روايته عن ابن عباس مرسلة، سلف برقم: 434. و "أبو الجلد" ، هو "جيلان بن فروة الأسدي" ، ثقة، مضى برقم: 434، 723، 1913. منَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَارًا) [سورة يس:80] . * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20254-حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وينشئ السحاب الثقال) ، قال: الذي فيه الماء. 20255- حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20256- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20257- ... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20258- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (وينشئ السحاب الثقال) قال: الذي فيه الماء. * * * وقوله: (ويسبح الرعد بحمده) . * * * قال أبو جعفر: وقد بينا معنى الرعد فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (1) * * * وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد قال كما: 20259- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا كثير بن هشام قال: حدثنا جعفر قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد الشديد (1) انظر تفسير "الرعد" فيما سلف 1: 338 - 342. قال: "اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك" . (1) 20260- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل، عن أبيه، عن رجل، عن أبي هريرة رفع الحديث: أنه كان إذا سمع الرعد قال: "سبحان من يسبح الرعد بحمده" . 20261- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا مسعدة بن اليسع الباهلي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، كان إذا سمع صوت الرعد قال: "سبحان من سَبَّحتَ له" . (2) 20262- ... قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان إذا سمع الرعد قال: "سبحان الذي سَبَّحتَ له. (3) " 20263- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا يعلى بن الحارث قال: سمعت أبا صخرة يحدث عن الأسود بن يزيد، أنه كان إذا سمع الرعد قال: "سبحان من سبَّحتَ له= أو" سبحان الذي يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته ". (4) " (1) الأثر: 20259 - رواه أحمد بهذا اللفظ في المسند رقم: 5763 من حديث ابن عمر، ورواه البخاري في الأدب المفرد برقم: 721، وخرجه أخي السيد أحمد رحمه الله في المسند. (2) الأثر: 20261 - "مسعدة بن اليسع بن قيس اليشكري الباهلي" قال ابن أبي حاتم: "هو ذاهب الحديث، منكر الحديث، لا يشتغل به، يكذب على جعفر بن محمد عندي، والله أعلم" . وقال أحمد: "مسعدة بن اليسع، ليس بشيء، خرقنا حديثه، وتركنا حديثه منذ دهر" . مترجم في الكبير 4 / 2 / 26، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 370، وميزان الاعتدال 3: 163، ولسان الميزان 6: 23. (3) الأثر: 20262 - رواه البخاري في الأدب المفرد رقم: 722، مطولا، و "الحكم بن أبان العدني" تكلم أهل المعرفة بالحديث في الاحتجاج بخيره، كذلك قال ابن خزيمة في صحيحه، وهو ثقة إن شاء الله، قال ابن حبان: ربما أخطأ، مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 2 / 334، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 113. (4) الأثر: 20263 - "يعلى بن الحارث بن حرب المحاربي" ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2/ 418، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 304. "أبو صخرة" ، هو "جامع بن شداد المحاربي" ثقة مضى برقم: 17982، وظني أنه لم يسمع "الأسود بن يزيد النخعي" ، بل سمع ذلك من أخيه "عبد الرحمن بن يزيد النخعي" ، و "عبد الرحمن" سمع من أخيه. 20264- ... قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا ابن علية، عن ابن طاوس، عن أبيه= وعبد الكريم، عن طاوس أنه كان إذا سمع الرعد قال: "سبحان من سبحتَ له." 20265- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا حجاج، عن ميسرة، عن الأوزاعي قال: كان ابن أبي زكريا يقول: من قال حين يسمع الرعد: "سبحان الله وبحمده، لم تصبه صاعقةٌ. (1) " * * * ومعنى قوله: (ويسبح الرعد بحمده) ، ويعظم اللهَ الرعدُ ويمجِّده، فيثنى عليه بصفاته، وينزهه مما أضاف إليه أهل الشرك به ومما وصفوه به من اتخاذ الصاحبة والولد، تعالى ربنا وتقدّس. (2) * * * وقوله: (من خيفته) يقول: وتسبح الملائكة من خيفة الله ورَهْبته. (3) * * * وأما قوله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) . * * * فقد بينا معنى الصاعقة، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته، بما فيه الكفاية من الشواهد، وذكرنا ما فيها من الرواية. (4) * * * وقد اختلف فيمن أنزلت هذه الآية. فقال بعضهم: نزلت في كافر من الكفّار ذكر الله تعالى وتقدَّس بغير ما ينبغي ذكره به، فأرسل عليه صاعقة أهلكته. (1) الأثر: 20265 - "ابن أبي زكريا" ، هو: "عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي الشامي" ، "أبو يحيى" ، كان من فقهاء أهل دمشق، من أقران مكحول، تابعي ثقة قليل الحديث، صاحب غزو. مترجم في التهذيب، وابن سعد 7/2/163، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 62. (2) انظر تفسير "التسبيح" فيما سلف 1: 472 - 474، وفهارس اللغة (سبح) . (3) انظر تفسير "الخفية" فيما سلف 13: 353 / 15: 389. (4) انظر تفسير "الصاعقة" فيما سلف 2: 82، 83 / 9: 359 / 13: 97. ![]()
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (896) صــ 391 إلى صــ 400 *ذكر من قال ذلك: 20266- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عفان قال: حدثنا أبان بن يزيد قال: حدثنا أبو عمران الجوني، عن عبد الرحمن بن صُحار العبدي: أنه بلغه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى جَبَّار يدعوه، فقال: "أرأيتم ربكم، أذهبٌ هو أم فضةٌ هو أم لؤلؤٌ هو؟" قال: فبينما هو يجادلهم، إذ بعث الله سحابة فرعدت، فأرسل الله عليه صاعقة فذهبت بقِحْف رأسه فأنزل الله هذه الآية: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) . (1) 20267- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي بكر بن عياش، عن ليث، عن مجاهد قال: جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أخبرني عن ربّك من أيّ شيء هو، من لؤلؤ أو من ياقوت؟ فجاءت صاعقة فأخذته، فأنزل الله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) . 20268- حدثني المثنى قال: حدثنا الحماني قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن ليث، عن مجاهد، مثله. 20269- ... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن هاشم قال: حدثنا سيف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد حدثني من هذا الذي تدعو إليه؟ أياقوت (1) الأثر: 20266 - عفان هو "عفان بن مسلم الصفار" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم: 20091. و "أبان بن يزيد العطار" ، ثقة إن شاء الله، مضى مرارًا. و "أبو عمران الجوني" هو "عبد الملك بن حبيب الأزدي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 80، 13042، 17413. و "عبد الرحمن بن صحار بن صخر العبدي" ، لأبيه صحبة، تابعي ثقة، روى عن أبيه، مترجم في ابن أبي حاتم 2 / 2 / 244. وهذا خبر مرسل صحيح الإسناد. هو، أذهب هو، أم ما هو؟ قال: فنزلت على السائل الصاعقة فأحرقته، فأنزل الله: (ويرسل الصواعق) الآية. (1) 20270- حدثنا محمد بن مرزوق قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال: حدثني علي بن أبي سارة الشيباني قال: حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم مرةً رجلا إلى رجل من فراعنة العرب، أن ادْعُه لي، فقال: يا رسول الله، إنه أعتى من ذلك! قال: اذهب إليه فادعه. قال: فأتاه فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك! فقال: مَنْ رسول الله؟ وما الله؟ أمن ذهب هو، أم من فضة، أم من نحاس؟ قال: فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ارجع إليه فادعه "قال: فأتاه فأعاد عليه وردَّ عليه مثل الجواب الأوّل. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ارجع إليه فادعه! قال: فرجع إليه. فبينما هما يتراجعان الكلام بينهما، إذ بعث الله سحابة بحيالِ رأسه فرَعَدت، فوقعت منها صاعقة فذهبت بقِحْفِ رأسه، فأنزل الله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) . (2) " * * * (1) الأثر: 20269 - "إسحاق" ، هو "إسحاق بن سليمان العبدي الرازي" ، نزل الري، ثقة روى له الجماعة، سلف مرارًا، آخرها: 16940. وأما "عبد الله بن هاشم" ، فقد سلف في مثل هذا الإسناد برقم: 7329، 7938، 12128، وقلت في آخرها، "لم أعرف من يكون" ، ولكني أستظهر الآن أنه: "عبد الله بن هاشم الكوفي" ، نزيل الري. مترجم في ابن أبي حاتم 2 / 2 / 196. وأما "سيف" ، فهو "سيف بن عمر الضبي" ، الأخباري، صاحب الفتوح، وهو ضعيف ساقط الحديث، ليس بشيء. مضى مرارًا، آخرها 12203، ومضى في مثل هذا الإسناد نفسه برقم 7329، 7938، 12128. وسيأتي مثله برقم: 20273، 20282، 20286. وهذا إسناد منكر. (2) الأثر: 20270 - "محمد بن مرزوق" ، هو "محمد بن محمد بن مرزوق الباهلي" ، شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: 28، 8224، 17249. و "عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي" ، ثقة صدوق، مضى برقم: 7911. و "علي بن أبي سارة الشيباني" ، ويقال له: "علي بن محمد بن سارة" ، شيخ ضعيف الحديث. قال البخاري: في حديثه نظر. وقال أبو داود: ترك الناس حديثه. وقال ابن حبان: غلب على روايته المناكير فاستحق الترك. وقال العقيلي: "علي بن أبي سارة عن ثابت البناني، لا يتابع عليه، ثم روى له عن ثابت عن أنس في قوله تعالى: {ويرسل الصواعق} ، ثم قال: ولا يتابعه عليه إلا من هو مثله أو قريب منه" . مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 189، وميزان الاعتدال 2: 226، وذكر الحديث بإسناده هذا وبتمام لفظه، وعده من الأحاديث التي أنكرت عليه. فهذا إسناد ضعيف جدًا. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 42: "رواه أبو يعلى البزار، ورجال البزار رجال الصحيح، غير ديلم بن غزوان، وهو ثقة" . وقال آخرون: نزلت في رجل من الكفار أنكر القرآن وكذب النبيّ صلى الله عليه وسلم. *ذكر من قال ذلك: 20271- حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلا أنكر القرآن وكذّب النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأرسل الله عليه صاعقة فأهلكته، فأنزل الله عز وجل فيه: (وهم يجادلون في الله، وهو شديد المحال) . * * * وقال آخرون: نزلت في أربد أخي لبيد بن ربيعة، وكان همّ بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وعامر بن الطفيل. *ذكر من قال ذلك: 20272- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: نزلت= يعني قوله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) = في أربد أخي لبيد بن ربيعة، لأنه قدم أربدُ وعامرُ بن الطفيل بن مالك بن جعفر على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عامر: يا محمد أأسلم وأكون الخليفة من بعدك؟ قال: لا! قال: فأكون على أهل الوَبَر وأنتَ على أهل المدَرِ؟ قال: لا! قال: فما ذاك؟ قال: "أعطيك أعنة الخيل تقاتل عليها، فإنك رجل فارس. قال: أو ليست أعِنّة الخيل بيدي؟ أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا من بني عامر! قال لأربد: إمّا أن تكفينيه وأضربه بالسيف، وإما أن أكفيكه وتضربه بالسيف." قال أربد: اكفنيه وأضربه. (1) فقال ابن الطفيل: يا محمد إن لي إليك حاجة. قال: ادْنُ! فلم يزل يدنو ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ادن" حتى وضع يديه على ركبتيه وحَنَى عليه، واستلّ أربد السيف، فاستلَّ منه قليلا فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم بَريقه تعوّذ بآية كان يتعوّذ بها، فيبِسَت يدُ أربد على السيف، فبعث الله عليه صاعقة فأحرقته، فذلك قول أخيه: أَخْشَى عَلَى أَرْبَدَ الحُتُوف وَلا ... أَرْهَبُ نَوْءَ السِّمَاك وَالأسَدِ ... فَجَّعنِي الْبَرْقُ والصّوَاعِقُ بال ... فَارِس يَوْمَ الكَرِيهَةِ النَّجُدِ (2) * * * وقد ذكرت قبل خبر عبد الرحمن بن زيد بنحو هذه القصة. (3) * * * وقوله: (وهم يجادلون في الله) ، يقول: وهؤلاء الذين أصابهم الله بالصواعق أصابهم في حال خُصومتهم في الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم. (4) * * * وقوله: (وهو شديد المحال) يقول تعالى ذكره: والله شديدةٌ مماحلته في عقوبة من طغى عليه وعَتَا وتمادى في كفره. * * * و "المحال" : مصدر من قول القائل: ما حلت فلانًا فأنا أماحله مماحلةً ومِحَالا و "فعلت" منه: "مَحَلت أمحَلُ محْلا إذا عرّض رجلٌ رجلا لما يهلكه ; ومنه قوله:" وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ "، (5) ومنه قول أعشى بني ثعلبة:" (1) في المخطوطة والمطبوعة: "أكفيكه" ، والصواب ما أثبت. (2) مضى الشعر وتفسيره وتخريجه فيما سلف ص: 381، تعليق: 3. (3) هو الأثر رقم: 20250. (4) انظر تفسير "المجادلة" فيما سلف 15: 402، تعليق: 1، والمراجع هناك. (5) هذا حديث جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "القرآن شافع مشفع، وما حل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار" رواه ابن حبان في صحيحه 1: 287 رقم: 124، وخرجه أخي السيد أحمد هناك. وهو في مجمع الزوائد 1: 17 / 7 /: 164، ورواه أيضًا عن ابن مسعود، ولكنه ضعف إسناده. وانظر أمالي القالي 2: 269، بغير هذا اللفظ. هذا الخبر مشهور عن ابن مسعود، وإن كان صحيحه عند جابر. فَرْعُ نَبْعِ يَهْتَزُّ فِي غُصُنِ المَجْ ... دِ غَزِيرُ النّدَى شَديدُ المِحَالِ (1) هكذا كان ينشده معمر بن المثنى فيما حُدِّثت عن علي بن المغيرة عنه. وأما الرواة بعدُ فإنهم ينشدونه: فَرْعُ فَرْعٍ يَهْتَزُّ فِي غُصُنِ المَجْ ... دِ كِثيرُ النَّدَى عَظِيمُ المِحَال (2) وفسّر ذلك معمر بن المثنى، وزعم أنه عنى به العقوبة والمكر والنَّكال ; ومنه قول الآخر: (3) وَلَبْسٍ بَيْنَ أَقْوَاٍم فَكُلٌ ... أَعَدَّ لَهُ الشَّغَازِبَ وَالمِحَالا (4) * * * (1) ديوانه: 10، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 325، واللسان (محل) ، وغيرها. و "النبع" ، شجر ينبت في قلة الجبل، وهو أصفر العود رزينة، ثقيله في اليد، وإذا تقادم أحمر، وتتخذ منه القسي، فهي أجودها وأجمعها للأرز واللين معًا، و "الأرز" الشدة. (2) قوله "فرع فرع" من قولهم: "هو فرع قومه" ، للشريف منهم الذي فرعهم أي علاهم بالشرف. يقول: هو سيد لسادات. وهذه عندي أجود روايات البيت. (3) هو ذو الرمة. (4) ديوانه: 445، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 326، وأمالي القالي 2: 268، واللسان (شغزب) ، (محل) ، وغيرها. وهو من قصيدته في مدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، وهذا البيت من صميم مدحه، يقول بعده: وكُلُّهُمُ ألدُّ أخُو كِظاَظٍ ... أَعَدَّ لِكُلِّ حالِ القومِ حَالا أبرَّ على الخُصُوم فليسَ خَصْمٌ ... ولا خَصْمَانِ يغْلبُهُ جِدالا قَضْيتَ بِمرَّةٍ فأَصَبْتَ منهُ ... فُصُوصَ الحقِّ فانفصلَ انفصاَلا و "اللبس" اختلاط الأمر، وهو مشكله، و "الشغازب" ، جمع "شغزبة" ، وهي الكيد والغرة والحيلة، وأصله اعتقال المصارع رجل آخر برجله ليلقيه ويصرعه. و "أبر" علا، وغلب. و "قضى بمرة" ، أي بقوة وإحكام، و "فصوص الحق" ، لبه ومعقده. وهذا كلام بارع في الخصومة والقضاء. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20273- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن هاشم قال: حدثنا سيف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي رضي الله عنه: (وهو شديد المحال) قال: شديد الأخذ. (1) 20274- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد: (وهو شديد المحال) قال: شديد القوة. 20275- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (وهو شديد المحال) أي القوة والحيلة. 20276- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: (شديد المحال) يعني: الهلاك قال: إذا محل فهو شديد= وقال قتادة: شديد الحيلة. 20277- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا رجل، عن عكرمة: (وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) ، قال: جدال أربد (2) (وهو شديد المحال) قال: ما أصاب أربد من الصاعقة. 20278- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: (وهو شديد المحال) قال: قال ابن عباس: شديد الحَوْل. 20279- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (وهو شديد المحال) قال: شديد القوة، "المحال" : القوة. * * * قال أبو جعفر: والقول الذي ذكرناه عن قتادة في تأويل "المحال" أنه الحيلة، والقول الذي ذكره ابن جريج عن ابن عباس يدلان على أنهما كانا يقرآن (1) الأثر: 20273 - انظر التعليق على الأثر السالف رقم: 20269. (2) في المطبوعة: "قال: المحال جدال أربد" ، وهو كلام فاسد، والمخطوطة هي الصواب. : "(وهُوَ شَدِيدُ المَحَالِ) بفتح الميم، لأن الحيلة لا يأتي مصدرها" مِحَالا "بكسر الميم، ولكن قد يأتي على تقدير" المفعلة "منها، فيكون محالة، ومن ذلك قولهم:" المرء يعجزُ لا مَحالة، (1) و "المحالة" في هذا الموضع، "المفعلة" من الحيلة، فأما بكسر الميم، فلا تكون إلا مصدرًا، من "ماحلت فلانًا أماحله محالا" ، و "المماحلة" بعيدة المعنى من "الحيلة" . * * * قال أبو جعفر: ولا أعلم أحدًا قرأه بفتح الميم. (2) فإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى بتأويل ذلك ما قلنا من القول. * * * (1) هذا مثل ذكره الميداني 2: 221، وأبو هلال في الجمهرة: 193، وسمط الآلي: 888، وخرجه، ومنه قول الشاعر: حاولْتُ حين صَرَمْتَنِي ... والمرْءُ يَعجِزُ لا المحَالهْ والدَّهْرُ يلعبُ بالفتى ... والدّهْرُ أرْوَغُ من ثُعالهْ والمرءُ يَكْسِبُ مالهُ ... بالشُّحِّ يورِثه كَلالهْ والعبدُ يُقْرعُ بالعَصَا ... والحرُّ تكفيهِ المَقالهْ (2) بل قرأها الأعرج والضحاك كذلك، انظر تفسير أبي حيان 5: 376، وشواذ القراءات لابن خالويه: 66. القول في تأويل قوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ (14) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لله من خلقه الدعوة الحق، و "الدعوة" هي "الحق" كما أضيفت الدار إلى الآخرة في قوله: (ولَدَارُ الآخِرَةِ) [سورة يوسف: 109] ، وقد بينا ذلك فيما مضى. (1) وإنما عنى بالدعوة الحق، توحيد الله وشهادةَ أن لا إله إلا الله. * * * (1) انظر ما سلف ص: 294، 295. وبنحو الذي قلنا تأوله أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20280- حدثنا أحمد بن إسحاق قال حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: (دعوة الحق) ، قال: لا إله إلا الله. 20281- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (له دعوة الحق) قال: شهادة أن لا إله إلا الله. 20282- ... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن هاشم قال: حدثنا سيف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي رضي الله عنه: (له دعوة الحق) قال: التوحيد. (1) 20283- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (له دعوة الحق) قال: لا إله إلا الله. 20284- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: ثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس، في قوله: (له دعوة الحق) قال: لا إله إلا الله. 20285- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (له دعوة الحق) : لا إله إلا الله ليست تنبغي لأحد غيره، لا ينبغي أن يقال: فلان إله بني فلان. * * * (1) الأثر: 20282 - مضى هذا الإسناد الهالك مرارًا آخرها رقم: 20273. وقوله: (والذين يدعون من دونه) يقول تعالى ذكره: والآلهة التي يَدْعونها المشركون أربابًا وآلهة. * * * وقوله (من دونه) يقول: من دون الله. * * * وإنما عنى بقوله: (من دونه) الآلهة أنها مقصِّرة عنه، وأنَّها لا تكون إلهًا، ولا يجوز أن يكون إلهًا إلا الله الواحد القهار، (1) ومنه قول الشاعر: (2) أتُوعِدُنِي وَرَاء بَنِي رِيَاحٍ? ... كَذَبْتَ لَتَقْصُرَنّ يَدَاكَ دُونِي (3) يعني: لتقصرنَّ يداك عني. * * * وقوله: (لا يستجيبون لهم بشيء،) يقول: لا تجيب هذه الآلهة التي يدعوها هؤلاء المشركون آلهةً بشيء يريدونه من نفع أو دفع ضرٍّ = (إلا كباسط كفيه إلى الماء) ، يقول: لا ينفع داعي الآلهة دعاؤه إياها إلا كما ينفع باسط كفيه إلى الماء بسطُه إياهما إليه من غير أن يرفعه إليه في إناء، ولكن ليرتفع إليه بدعائه إياه وإشارته إليه وقبضه عليه. * * * والعرب تضرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلا بالقابض على الماء، (4) قال بعضهم: (5) فإنِّي وإيَّاكُمْ وَشَوْقًا إلَيْكُمُ ... كَقَابِضِ مَاءٍ لَمْ تَسِقْهُ أَنَامِلُه (6) (1) انظر تفسير "دون" في فهارس اللغة (دون) . (2) هو جرير. (3) ديوانه 577، والنقائض: 31، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 326 والأضداد لابن الأنباري: 58، وسيأتي التفسير قريبًا 13: 130 (بولاق) وغيرها كثير، يهجو فضالة من بني عرين. (4) قالوا في المثل: كالقابض على الماء "، انظر أمثال الميداني 2: 80، وجمهرة الأمثال: 164." (5) هو ضابئ بن الحارث البرجمي. (6) من قصيدته التي قالها في السجن، وكان أعد حديدة يريد أن يغتال بها عثمان بن عفان رضي الله عنه وشعره في خزانة الأدب 4: 80، وفي طبقات فحول الشعراء: 145، وتاريخ الطبري 5: 137 / 7: 213، والبيت في الخزانة، وفي اللسان (وسق) ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 327، وغريب القرآن لابن قتيبة: 226. وقوله: "لم تسقه" ، من "وسقت الشيء أسقه وسقًا" ، إذا حملته. يعني بذلك: أنه ليس في يده من ذلك إلا كما في يد القابض على الماء، لأن القابض على الماء لا شيء في يده. وقال آخر: (1) فَأَصْبَحْتُ مِمَّا كانَ بَيْنِي وبَيْنهَا ... مِنَ الوُدِّ مِثْلَ القَابِضِ المَاءَ بِاليَد (2) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20286- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا سيف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي رضي الله عنه، في قوله: (إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه) قال: كالرجل العطشان يمد يده إلى البئر ليرتفع الماء إليه وما هو ببالغه. (3) 20287- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (كباسط كفيه إلى الماء) يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده، ولا يأتيه أبدًا. 20288- ... قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرني الأعرج، عن مجاهد: (ليبلغ فاه) يدعوه ليأتيه وما هو بآتيه، كذلك لا يستجيب من هو دونه. (1) هو الأحوص بن محمد الأنصاري. (2) الزهرة: 183، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 327، وقبله: فوَاندَمِي إذْ لم أَعُجْ، إذ تقولُ لِي ... تقدَّمْ فَشَيِّعنا إلى ضَحْوةِ الغَدِ ووراية الزهرة: سِوَى ذِكْرها، كالقابضَ الماءَ باليدِ * وهي رواية جيدة جدًا، خير مما روى أبو عبيدة والطبري. (3) الأثر: 20286 - هذا أيضًا هو الإسناد الهالك الذي مضى برقم: 20282. ![]()
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (897) صــ 401 إلى صــ 410 20289- حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (كباسط كفيه إلى الماء) يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده، فلا يأتيه أبدًا. 20290- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد 20291- ... قال: وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20292- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج. عن ابن جريج، عن مجاهد= مثل حديث الحسن عن حجاج قال ابن جريج: وقال الأعرج عن مجاهد: (ليبلغ فاه) قال: يدعوه لأن يأتيه وما هو بآتيه، فكذلك لا يستجيب مَنْ دونه. 20293- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه) وليس ببالغه حتى يتمزَّع عنقه ويهلك عطشًا قال الله تعالى: (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) هذا مثل ضربه الله ; أي هذا الذي يدعو من دون الله هذا الوثنَ وهذا الحجر لا يستجيب له بشيء أبدًا ولا يسُوق إليه خيرًا ولا يدفع عنه سوءًا حتى يأتيه الموت، كمثل هذا الذي بسط ذارعيه إلى الماء ليبلغ فاه ولا يبلغ فاه ولا يصل إليه ذلك حتى يموت عطشًا. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليتناول خياله فيه، وما هو ببالغ ذلك. *ذكر من قال ذلك: 20294- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: (كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه) ، فقال: هذا مثل المشرك مع الله غيرَهُ، فمثله كمثل الرَّجل العطشان الذي ينظر إلى خياله في الماء من بعيد، فهو يريد أن يتناوله ولا يقدر عليه. * * * وقال آخرون في ذلك ما: 20295- حدثني به محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء) إلى: (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) يقول: مثل الأوثان والذين يعبدون من دون الله، (1) كمثل رجل قد بلغه العطش حتى كَرَبه الموت وكفاه في الماء قد وضعهما لا يبلغان فاه، يقول الله: لا تستجيب الآلهة ولا تنفع الذين يعبدونها حتى يبلغ كفّا هذا فاه، وما هما ببالغتين فاه أبدًا. 20296- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه) قال: لا ينفعونهم بشيء إلا كما ينفع هذا بكفيه، يعني بَسْطَهما إلى ما لا ينالُ أبدًا. * * * وقال آخرون: في ذلك ما: 20297- حدثنا به محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه) وليس الماء ببالغ فاه ما قام باسطًا كفيه لا يقبضهما= (وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) . قال: هذا مثلٌ ضربه الله لمن اتخذ من دون الله إلهًا أنه غير نافعه، ولا يدفع عنه سوءًا حتى يموت على ذلك. * * * (1) في المطبوعة والمخطوطة: "مثل الأثان الذين يعبدون" ، وهو لا يستقيم إلا كما كتبته. وقوله: (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) يقول: وما دعاء من كفر بالله ما يدعو من الأوثان والآلهة= (إلا في ضلال) ، يقول: إلا في غير استقامة ولا هدًى، لأنه يشرك بالله. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (15) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فإن امتنع هؤلاء الذين يدعون من دون الله الأوثان والأصنام لله شركاء من إفراد الطاعة والإخلاص بالعبادة له= فلله يسجد من في السموات من الملائكة الكرام ومن في الأرض من المؤمنين به طوعًا، فأما الكافرون به فإنهم يسجدون له كَرْهًا حين يُكْرَهون على السُّجود. كما:- 20298- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا) ، فأما المؤمن فيسجد طائعًا، وأما الكافر فيسجد كارهًا. 20299- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان قال: كان ربيع بن خُثيم إذا تلا هذه الآية: (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا) قال: بلى يا رَبَّاه. 20300- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا) قال: من دخل طائعًا، هذا طوعًا= (وكرهًا) من لم يدخل إلا بالسَّيف. * * * وقوله: (وظلالهم بالغدوّ والآصال) يقول: ويسجد أيضًا ظلالُ كل من سجد طوعًا وكرهًا بالغُدُوات والعَشَايا. (1) وذلك أن ظلَّ كلٍّ شخص فإنه يفيء بالعشيّ، كما قال جل ثناؤه (أَوَلَمْ يَرَوْا إلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ اليَمِينِ والشَّمَائِلِ سُجَّدًا للهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) ، [سورة النحل:48] * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20301- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وظلالهم بالغدوّ والآصال) ، يعني: حين يفيء ظلُّ أحدهم عن يمينه أو شماله. 20302- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن الزبير، عن سفيان قال في تفسير مجاهد: (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا وظلالهم بالغدوّ والآصال) قال: ظل المؤمن يسجد طوعًا وهو طائع، وظلُّ الكافر يسجد طوعًا وهو كاره. (2) 20304- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (وظلالهم بالغدوّ والآصال) قال: ذُكر أن ظلال الأشياء كلها تسجد له، وقرأ: (سُجَّدًا للهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) [سورة النحل:48] . قال: تلك الظلال تسجد لله. (1) انظر تفسير "الغدو" فيما سلف 13: 354. (2) قوله: "يسجد طوعًا وهو كاره" ، يعني أن الظل، وهو من خلق الله المتعبد له، يسجد طوعًا، وصاحب الظل كاره للسجود، وهو الكافر، أعاذنا الله وإياك. * * * و "الآصال" : جمع أصُلٍ، و "الأصُل" : جمع "أصيلٍ" ، و "الأصيل" : هو العشيُّ، وهو ما بين العصر إلى مغرب الشمس، (1) قال أبو ذؤيب: لَعَمْرِي لأَنْتَ البَيْتُ أُكْرِمَ أَهْلَهُ ... وَأَقْعُدُ فِي أَفْيَائِهِ بِالأصَائِلِ (2) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلا ضَرًّا} قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله:مَنْ رَبُّ السموات والأرض ومدبِّرها، فإنهم سيقولون الله. وأمر الله نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يقول: "الله" ، فقال له: قل، يا محمد: ربُّها، الذي خلقها وأنشأها، هو الذي لا تصلح العبادة إلا له، وهو الله. ثم قال: فإذا أجابوك بذلك فقل لهم: أفاتخذتم من دون رب السموات والأرض أولياء لا تملك لأنفسها نفعًا تجلبه إلى نفسها، ولا ضرًّا تدفعه عنها، وهي إذ لم تملك ذلك لأنفسها، فمِنْ مِلْكه لغيرها أبعدُ فعبدتموها، وتركتم عبادة من بيده النفع والضر والحياة والموت وتدبير الأشياء كلها. ثم ضرب لهم جل ثناؤه مثلا فقال: (قل هل يستوي الأعمى والبصير) . * * * (1) انظر تفسير "الآصال" فيما سلف 13: 354، 355. (2) ديوانه: 141، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 239، 328، والإنصاف: 304، 305، والخزانة 2: 489، 564، واللسان (أصل) . وللنحاة فيه لجاجة كثيرة. القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عَبدُوا من دون الله الذي بيده نفعهم وضرهم ما لا ينفع ولا يضرُّ: (هل يستوي الأعمى) الذي لا يُبصر شيئًا ولا يهتدي لمحجة يسلكها إلا بأن يُهدى= و "البصير" الذي يهدي الأعمى لمحجة الطريق الذي لا يُبصر؟ إنهما لا شك لغير مستويين. يقول: فكذلك لا يستوي المؤمن الذي يُبصر الحق فيتبعه ويعرف الهدى فيسلكه، وأنتم أيها المشركون الذين لا تعرفون حقا ولا تبصرون رَشَدًا. * * * وقوله: (أم هل تستوي الظلمات والنور) ، يقول تعالى ذكره: وهل تستوي الظلماتُ التي لا تُرَى فيها المحجة فتُسْلَك ولا يرى فيها السبيل فيُرْكَب= والنور الذي تبصر به الأشياء ويجلو ضوءه الظّلام؟ يقول: إن هذين لا شك لغير مستويين، فكذلك الكفر بالله، إنما صاحبه منه في حَيرة يضرب أبدًا في غمرة لا يرجع منه إلى حقيقة، والإيمان بالله صاحبه منه في ضياء يعمل على علم بربه، ومعرفةٍ منه بأن له مثيبًا يثيبه على إحسانه ومعاقبًا يعاقبه على إساءته ورازقًا يرزقه ونافعًا ينفعه. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20305- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور) ، أما (الأعمى والبصير) فالكافر والمؤمن= وأما (الظلمات والنور) فالهدى والضلالة. * * * وقوله: (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: أخَلَق أوثانُكم التي اتخذتموها أولياء من دون الله خلقًا كخلق الله، فاشتبه عليكم أمرُها فيما خَلقت وخَلَق الله فجعلتموها له شركاء من أجل ذلك، أم إنما بكم الجهل والذهابُ عن الصواب؟ فإنه لا يشكل على ذي عقل أنّ عبادة ما لا يضرّ ولا ينفع من الفعل جهلٌ، وأن العبادة إنما تصلح للذي يُرْجَى نفعه وُيخْشَى ضَرَّه، كما أن ذلك غير مشكل خطؤه وجهلُ فاعله، كذلك لا يشكل جهل من أشرك في عبادة من يرزقه ويكفله ويَمُونه، من لا يقدِرُ له على ضررّ ولا نفع. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20306- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه) حملهم ذلك على أن شكُّوا في الأوثان. 20307- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. 20308- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم) ، خلقوا كخلقه، فحملهم ذلك على أن شكُّوا في الأوثان. 20309- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20310- ... قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن كثير: سمعت مجاهدًا يقول: (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم) ضُرِبت مثلا. * * * وقوله: (قل الله خالق كل شيء) ، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء المشركين إذا أقرُّوا لك أن أوثانهم التي أشركوها في عبادة الله لا تخلق شيئًا، فاللهُ خالقكم وخالق أوثانكم وخالق كل شيء، (1) فما وجه إشراككم ما لا يخلق ولا يضرّ؟ * * * وقوله: (وهو الواحد القهار) ، يقول: وهو الفرد الذي لا ثاني له (2) = (القهار) ، الذي يستحق الألوهة والعبادة، لا الأصنام والأوثان التي لا تضر ولا تنفع. (3) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {أَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ (17) } قال أبو جعفر: وهذا مثل ضربه الله للحق والباطل، والإيمان به والكفر. يقول تعالى ذكره: مثل الحق في ثباته والباطل في اضمحلاله، مثل ماء (1) في المطبوعة والمخطوطة: "وخلق كل شيء" ، والذي أثبت أجود. (2) انظر تفسير "الواحد" فيما سلف 3: 265، 266 / 16: 104. (3) انظر تفسير "القهار" فيما سلف ص: 104، تعليق: 2، والمراجع هناك. أنزله الله من السماء إلى الأرض= (فسالت أوديةٌ بقدرها) ، يقول: فاحتملته الأودية بملئها، الكبير بكبره، والصغير بصغره= (فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) ، يقول: فاحتمل السيل الذي حدث عن ذلك الماء الذي أنزله الله من السماء، زبدًا عاليًا فوق السيل. فهذا أحدُ مثلي الحقّ والباطل، فالحق هو الماءُ الباقي الذي أنزله الله من السماء، والزبد الذي لا ينتفع به هو الباطل. والمثل الآخر: (ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية) يقول جل ثناؤه: ومثلٌ آخر للحقّ والباطل، مثل فضة أو ذهب يوقد عليها الناس في النار طلب حلية يتخذونها أو متاع، وذلك من النحاس والرصاص والحديد، يوقد عليه ليتخذ منه متاع ينتفع به، (زبد مثله) ، يقول تعالى ذكره: ومما يوقدون عليه من هذه الأشياء زبد مثله، يعني: مثل زبد السَّيل لا ينتفع به ويذهب باطلا كما لا ينتفع بزبد السَّيل ويذهب باطلا. * * * ورفع "الزبد" بقوله: (ومما يوقدون عليه في النار) . * * * ومعنى الكلام: ومما يوقدون عليه في النار زبدٌ مثلُ زبد السيل في بطول زبده، وبقاء خالص الذهب والفضة. يقول الله تعالى: (كذلك يضرب الله الحق والباطل) ، يقول: كما مثَّل الله مثلَ الإيمان والكفر، (1) في بُطُول الكفر وخيبة صاحبه عند مجازاة الله، بالباقي النافع من ماء السيل وخالص الذهب والفضة، كذلك يمثل الله الحق والباطل = (فأما الزبد فيذهب جُفَاء) يقول: فأما الزبد الذي علا السيل والذهب والفضة والنحاس والرصاص عند الوقود عليها، فيذهب بدفع الرياح وقذف الماء به، وتعلُّقه بالأشجار وجوانب الوادي= (وأما ما ينفع الناس) من الماء والذهب والفضة والرصاص (1) في المطبوعة: "كما مثل الله الإيمان.." ، حذف ما أثبته من المخطوطة. والنحاس، فالماء يمكثُ في الأرض فتشربه، والذهب والفضة تمكث للناس= (كذلك يضرب الله الأمثال) يقول: كما مثَّل هذا المثل للإيمان والكفر، كذلك يمثل الأمثال. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20311- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (أنزل من السماء ماء فسالت أوديه بقدرها) فهذا مثل ضربه الله، احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكّها، فأما الشك فلا ينفع معه العمل، وأما اليقين فينفع الله به أهله، وهو قوله: (فأما الزبد فيذهب جفاء) ، وهو الشك= (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، وهو اليقين، كما يُجْعل الحَلْيُ في النار فيؤخذ خالصُه ويترك خَبَثُه في النار، فكذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك. 20312- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) ، يقول: احتمل السيل ما في الوادي من عود ودِمْنة، (ومما يوقدون عليه في النار) فهو الذهب والفضة والحلية والمتاع والنحاس والحديد، وللنحاس والحديد خَبَث، فجعل الله مثل خبثه كزبد الماء. فأما ما ينفع الناس فالذهب والفضة، وأما ما ينفع الأرض فما شربت من الماء فأنبتت. فجعل ذلك مثل العمل الصالح يبقى لأهله، والعمل السيءُ يضمحل عن أهله، كما يذهب هذا الزبد، فكذلك الهدى والحق جاء من عند الله، فمن عمل بالحق كان له، وبقي كما يبقى ما ينفع الناس في الأرض. وكذلك الحديد لا يستطاع أن تجعل منه سكين ولا سيف حتى يدخل في النّار فتأكل خبَثَه، فيخرج جيّده فينتفع به. ![]()
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (898) صــ 411 إلى صــ 420 فكذلك يضمحل الباطل إذا كان يوم القيامة، وأقيم الناس، وعرضت الأعمال، فيزيغ الباطل ويهلك، وينتفع أهل الحق بالحق، ثم قال: (ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حِلْية أو متاع زبدٌ مثله) . 20313- حدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية) إلى: (أو متاع زبد مثله) ، فقال: ابتغاء حلية الذهب والفضة، أو متاع الصُّفْر والحديد. قال: كما أوقد على الذهب والفضة والصُّفْر والحديد فخلص خالصه. قال: (كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاءً وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، كذلك بقاء الحق لأهله فانتفعوا به. 20314- حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرني عبد الله بن كثير أنه سمع مجاهدًا يقول: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها) ، قال: ما أطاقت ملأها= (فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) قال: انقضى الكلام، ثم استقبل فقال: (ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حليه أو متاع زبد مثله) قال: المتاع: الحديد والنحاس والرصاص وأشباهه= (زبد مثله) قال: خَبَثُ ذلك مثل زَبَد السيل. قال: (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، وأما الزبد فيذهب جفاء، قال: فذلك مثل الحق والباطل. 20315- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد: أنه سمعه يقول: فذكر نحوه= وزاد فيه، قال: قال ابن جريج: قال مجاهد قوله: (فأما الزبد فيذهب جفاء) قال: جمودًا في الأرض، (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، يعني الماء. وهما مثلان: مثل الحق والباطل. 20316- حدثنا الحسن قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (زبدًا رابيًا) السيل مثل خَبَث الحديد والحلية= (فيذهب جفاء) جمودًا في الأرض = (ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله) ، الحديد والنحاس والرصاص وأشباهه. وقوله: (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، إنما هما مثلان للحق والباطل. 20317- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= 20318- ... قال، وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= يزيد أحدهما على صاحبه= في قوله: (فسألت أودية بقدرها) قال: بملئها= (فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) ، قال: الزبد: السيل= (ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله) ، قال: خبث الحديد والحلية= (فأما الزبد فيذهب جفاء) قال: جمودًا في الأرض= (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) قال: الماء وهما مثلان للحق والباطل. 20319- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها) ، الصغير بصغره، والكبير بكبره= (فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) أي عاليًا (ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء) و "الجفاء" : ما يتعلق بالشجر= (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) . هذه ثلاثة أمثال ضربَها الله في مثلٍ واحد. يقول: كما اضمحلّ هذا الزبد فصار جُفاءً لا ينتفع به ولا تُرْجى بركته، كذلك يضمحلّ الباطل عن أهله كما اضمحل هذا الزبد، وكما مكث هذا الماء في الأرض، فأمرعت هذه الأرض وأخرجت نباتها، كذلك يبقى الحق لأهله كما بقي هذا الماء في الأرض، فأخرج الله به ما أخرج من النبات= قوله: (ومما توقدون عليه في النار) الآية، كما يبقى خالص الذهب والفضة حين أدخل النار وذهب خَبَثه، كذلك يبقى الحق لأهله= قوله: (أو متاع زبد مثله) ، يقول: هذا الحديد والصُّفْر الذي ينتفع به فيه منافع. يقول: كما يبقى خالص هذا الحديد وهذا الصُّفر حين أدخل النار وذهب خَبَثه، كذلك يبقى الحق لأهله كما بقي خالصهما. 20320- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (فسالت أودية بقدرها) ، الكبير بقدره، والصغير بقدره= (زبدًا رابيًا) قال: ربا فوق الماء الزبد= "ومما توقدون عليه في النار" قال: هو الذهب إذا أدخل النار بقي صَفْوه ونُفِيَ ما كان من كَدَره. وهذا مثل ضربه الله. للحق والباطل= (فأما الزبد فيذهب جفاء) ، يتعلق بالشجر فلا يكون شيئًا. هذا مثل الباطل= (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، وهذا يخرج النبات. وهو مثل الحق= (أو متاع زبد مثلا) قال: "المتاع" ، الصُّفْر والحديد. 20321- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا هوذة بن خليفة قال: حدثنا عوف قال: بلغني في قوله: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها) قال: إنما هو مثل ضربه الله للحق والباطل= (فسالت أودية بقدرها) الصغير على قدره، والكبير على قدره، وما بينهما على قدره (فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) يقول: عظيمًا، وحيث استقرَّ الماءُ يذهب الزبد جفاءً فتطير به الريح فلا يكون شيئًا، ويبقى صريح الماء الذي ينفع الناس، منه شرابهم ونباتهم ومنفعتهم= (أو متاع زبد مثله) ، ومثل الزبد كلّ شيء يوقد عليه في النار الذهب والفضة والنحاس والحديد، فيذهب خَبَثُه ويبقى ما ينفع في أيديهم، والخبث والزَّبد مثل الباطل، والذي ينفع الناس مما تحصَّل في أيديهم مما ينفعهم المال الذي في أيديهم. 20322- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: "ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله" قال: هذا مثل ضربه الله للحق والباطل. فقرأ: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) هذا الزبد لا ينفع= (أو متاع زبد مثله) ، هذا لا ينفع أيضًا قال: وبقي الماءُ في الأرض فنفع الناس، وبقي الحَلْيُ الذي صلح من هذا، فانتفع الناس به= (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال) ، وقال: هذا مثل ضربه الله للحق والباطل. 20323- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (أودية بقدرها) قال: الصغير بصغره، والكبير بكبره. 20324- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا طلحة بن عمرو، عن عطاء: ضرب الله مثلا للحق والباطل، فضرب مثل الحق كمثل السيل الذي يمكث في الأرض، وضرب مثل الباطل كمثل الزبد الذي لا ينفع الناس. * * * وعنى بقوله: (رابيًا) ، عاليًا منتفخًا، من قولهم: رَبَا الشيء يَرْبُو رُبُوًا فهو رابٍ، ومنه قيل للنَّشْز من الأرض كهيئة الأكمة: "رابية" ، ومنه قول الله تعالى: (اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) . [سورة الحج5/سورة فصلت39] . (1) * * * وقيل للنحاس والرصاص والحديد في هذا الموضع "المتاع" ، لأنه يستمتع به، وكل ما يتمتع به الناس فهو "متاع" ، (2) كما قال الشاعر: (3) تَمَتَّعْ يا مُشَعَّثُ إنَّ شَيْئًا ... سَبَقْتَ بِهِ المَمَاتَ هُوَ المَتَاعُ (4) * * * (1) انظر تفسير "ربا" فيما سلف 6: 7. (2) انظر تفسير "المتاع" فيما سلف 15: 146، تعليق: 4، والمراجع هناك. (3) هو المشعث العامري، وبهذا البيت سمي "مشعثًا" . (4) الأصمعيات رقم: 48، ومعجم الشعراء: 475، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 328، واللسان (متع) ، وهي أبيات جياد، يقول بعد البيت: بإصْر يَتَّرِكْنِي الحيُّ يومًا ... رَهينةَ دَارِهمْ، وَهُمُ سِرَاعُ وجاءَتْ جَيْأَلٌ وَأبُو بَنِيهَا ... أَحَمُّ المَأْقِيَيْنِ بِهِ خُمَاعُ فظَلاَّ ينْبِشانِ التُّرْبَ عنِّي ... وما أنَا وَيْبَ غيْرِك والسِّباعُ يقول: ليأتيني الأجل، فيتركني أهلي دفينًا في ديارهم، ثم يسرعون الرحيل. ثم تأتي "جيأل" ، وهي أنثى الضباع، ويأتي ذكرها، أسود مأق العين، يخمع ويعرج، فينبشان الترب عني، ولا دفع عندي لما يفعلان. وأما الجفاء فإني: 20325- حدثت عن أبي عبيدة معمر بن المثنى، قال أبو عمرو بن العلاء: يقال: قد أجفأت القِدْرُ، وذلك إذا غلت فانصبَّ زَبدها، أو سَكنَت فلا يبقى منه شيءٌ. (1) * * * وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة، أن معنى قوله: (فيذهب جفاء) تنشِفهُ الأرض، وقال: يقال: جفا الوادي وأجفى في معنى نشف، "وانجفى الوادي" (2) ، إذا جاء بذلك الغثاء، "وغَثَى الوادي فهو يَغْثَى غَثْيًا وغَثَيَانًا" (3) وذكر عن العرب أنها تقول: "جفأتُ القدر أجفؤها" ، إذا أخرجتَ جُفَاءها، وهو الزبد الذي يعلوها= و "أجفأتها إجفاء" لغة. قال: وقالوا: "جفأت الرجل جَفْأً" : صرعته. وقيل: (فيذهب جفاء) بمعنى "جفًأ" ، لأنه مصدر من قول القائل: "جفأ الوادي غُثاءه، فخرج مخرج الاسم، وهو مصدر، كذلك تفعل العرب في مصدر كلّ ما كان من فعل شيء اجتمع بعضُه إلى بعض كـ" القُمَاش والدُّقاق والحُطام والغُثَاء "، تخرجه على مذهب الاسم، كما فعلت ذلك في" (1) هذا نص كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن 1: 329. (2) هذا نص لا شبيه له في كتب اللغة في مادة (جفا) ، ولا في مادة (جفأ) ، وبين أنه أراد "جفا وأجفى" المعتل الآخر، لا المهموز، ولا أدري من قاله. (3) هذا أيضًا لا أدري من قاله قبل زمان أبي جعفر، إلا أن صاحب اللسان ذكر مثله عن ابن جني، والمعروف عند أهل اللغة: "غثا الوادي يغثو" . قولهم: "أعطيتُه عَطاء" ، بمعنى الإعطاء، ولو أريد من "القماش" ، المصدر على الصحة لقيل: "قد قمشه قَمْشًا" . * * * القول في تأويل قوله تعالى: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أما الذين استجابوا لله فآمنوا به حين دعاهم إلى الإيمان به، وأطاعوه فاتبعوا رسوله وصدّقوه فيما جاءهم به من عند الله، (1) = فإن لهم الحسنى، وهي الجنة، (2) كذلك:- 20326- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (للذين استجابوا لربهم الحسنى) وهي الجنة. * * * وقوله: (والذين لم يستجيبوا له لو أنّ لهم ما في الأرض جميعًا ومثله معه لافتدوا به) ، يقول تعالى ذكره: وأما الذين لم يستجيبوا لله حين دعاهم إلى توحيده والإقرار بربوبيته، (3) ولم يطيعوه فيما أمرهم به، ولم يتبعوا رسوله فيصدقوه فيما جاءهم به من عند ربهم، فلو أن لهم ما في الأرض جميعًا من شيء ومثله معه ملكًا لهم، ثم قُبِل مثل ذلك منهم، وقبل منهم بدلا من العذاب الذي أعدّه الله لهم في نار جهنم وعوضًا، (4) لافتدوا به أنفسهم منه، يقول الله: (أولئك لهم سوء الحساب) ، (1) انظر تفسير "الاستجابة" فيما سلف 13: 465، تعليق: 4، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الحسنى" فيما سلف 9: 96 / 14: 291. (3) في المطبوعة: "لم يستجيبوا له" ، وأثبت ما في المخطوطة. (4) كانت هذه العبارة في المطبوعة هكذا: "ثم مثل ذلك، وقبل ذلك منهم بدلا من العذاب" ، وكان في المخطوطة هكذا: "ثم قبل مثل ذلك، وقبل ذلك منهم بدلا من العذاب" . وهما عبارتان مختلفتان هالكتان، والصواب الذي رجحته هو ما أثبت. يقول: هؤلاء الذين لم يستجيبوا لله لهم سوء الحساب: يقول: لهم عند الله أن يأخذهم بذنوبهم كلها، فلا يغفر لهم منها شيئا، ولكن يعذبهم على جميعها. كما:- 20327- حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا عون، عن فرقد السبخي قال: قال لنا شهر بن حوشب: (سوء الحساب) أن لا يتجاوز لهم عن شيء. (1) 20328- حدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية قال: حدثني الحجاج بن أبي عثمان قال: حدثني فرقد السبخي قال: قال إبراهيم النخعي: يا فرقد أتدري ما "سوء الحساب" ؟ قلت: لا! قال: هو أن يحاسب الرّجل بذنبه كله لا يغفر له منه شيء. (2) * * * وقوله: (ومأواهم جهنم) يقول: ومسكنهم الذي يسكنونه يوم القيامة جهنم (3) = (( وبئس المهاد )) ، يقول: وبئس الفراش والوطاءُ جهنمُ التي هي مأواهم يوم القيامة. (4) * * * (1) الأثر: 20327 - "الحسن بن عرفة العبدي البغدادي" ، شيخ الطبري، ثقة مضى برقم: 9373، 12851، 15766. و "يونس بن محمد بن مسلم البغدادي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 5090، 12549 و "عون" ، كأنه يعني: "عون بن سلام القرشي الكوفي" ، ثقة مترجم في التهذيب. وأما "فرقد السبخي" ، فهو "فرقد بن يعقوب السبخي" ، "أبو يعقوب" ، كان ضعيفًا منكر الحديث، لأنه لم يكن صاحب حديث، وليس بثقة مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 1 / 131، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 81، وميزان الاعتدال 2: 327. (2) الأثر: 20328 - "فرقد السبخي" ، ليس بثقة، مضى برقم: 20327، وسيأتي هذا الخبر بإسناد آخر رقم: 20334. (3) انظر تفسير "المأوى" فيما سلف 15: 26، تعليق: 1، والمراجع هناك. (4) انظر تفسير "المهاد" فيما سلف 12: 435، تعليق: 1، والمراجع هناك. القول في تأويل قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ (19) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أهذا الذي يعلم أنّ الذي أنزله الله عليك، يا محمد، حق فيؤمن به ويصدق ويعمل بما فيه، كالذي هو أعمى فلا يعرف موقع حُجَة الله عليه به ولا يعلم ما ألزمه الله من فَرَائصه؟ * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20329- حدثنا إسحاق قال: حدثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة في قوله: (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق) ، قال: هؤلاء قوم انتفعُوا بما سمعوا من كتاب الله وعقلوه ووَعَوْه، قال الله: (كمن هو أعمى) ، قال: عن الخير فلا يبصره. * * * وقوله: (إنما يتذكر أولوا الألباب) يقول: إنما يتعظ بآيات الله ويعتبر بها ذوو العقول، (1) وهي "الألباب" واحدها "لُبٌّ" . (2) * * * (1) انظر تفسير "التذكر" فيما سلف من فهارس اللغة (ذكر) (2) انظر تفسير "الألباب" فيما سلف 3: 383 / 4: 162 / 5: 580 / 6: 211 / 11: 97. القول في تأويل قوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إنما يتعظ ويعتبر بآيات الله أولو الألباب، الذين يوفون بوصية الله التي أوصاهم بها (1) (ولا ينقضون الميثاق) ، ولا يخالفون العهد الذي عاهدوا الله عليه إلى خلافه، فيعملوا بغير ما أمرهم به، ويخالفوا إلى ما نهى عنه. * * * وقد بينا معنى "العهد" و "الميثاق" فيما مضى بشواهده، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع. (2) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20330- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة قال: (إنما يتذكر أولو الألباب) ، فبيَّن من هم، فقال: (الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق) ، فعليكم بوفاء العهد، ولا تنقضوا هذا الميثاق، فإن الله تعالى قد نهى وقدَّم فيه أشد التَّقْدمة، (3) فذكره في بضع وعشرين موضعًا، نصيحةً لكم وتقدِمَةً إليكم، وحجة عليكم، وإنما يعظُمُ الأمر بما عظَّمه الله به عند أهل الفهم والعقل، فعظِّموا ما عظم الله. قال قتادة: (1) انظر تفسير "الإيفاء" فيما سلف من فهارس اللغة (وفى) . (2) انظر تفسير "العهد" فيما سلف 14: 141، تعليق: 1، والمراجع هناك. = وتفسير "الميثاق" فيما سلف ص: 208، تعليق: 1، والمراجع هناك. (3) "قدم فيه أشد التقدمة" ، أي: أمرهم به أمرًا شديدًا، ونهاهم عن مخالفته، وقد سلف شرحها في الخبر رقم: 4914 / ج 5: 9، تعليق: 3. وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له" . * * * وقوله: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) ، يقول تعالى ذكره: والذين يصلون الرَّحم التي أمرهم الله بوصلها فلا يقطعونها (1) = (ويخشون ربهم) ، يقول: ويخافون الله في قطْعها أن يقطعوها، فيعاقبهم على قطعها وعلى خلافهم أمرَه فيها. * * * وقوله: (ويخافون سوء الحساب) ، يقول: ويحذرون مناقشة الله إياهم في الحساب، ثم لا يصفح لهم عن ذنب، فهم لرهبتهم ذلك جادُّون في طاعته، محافظون على حدوده. كما:- 20331- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عفان قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء في قوله: (الذين يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) قال: المقايسةُ بالأعمال. (2) 20332- ... قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد، عن فرقد، عن إبراهيم قال: (سوء الحساب) أن يحاسب من لا يغفر له. 20333- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في (1) انظر تفسير "الوصل" فيما سلف 1: 415. (2) الأثر: 10331 - "عفان" ، هو "عفان بن مسلم الصفار" ، مضى مرارًا، آخرها رقم: 20226. و "جعفر بن سليمان الضبعي" ، ثقة، كان يتشيع، مضى مرارًا، آخرها رقم: 10453. و "عمرو بن مالك النكري" ، روى عن أبي الجوزاء، ثقة، وضعفه البخاري، مضى برقم: 7701. و "أبو الجوزاء" ، وهو "أوس بن عبد الله الربعي" ، تابعي ثقة، مضى برقم: 2977، 2978، 7701. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "عن أبي الحفنا" ، وإنما وصل الناسخ الأول "الواو" بالزاي. فصارت عند ناسخ المخطوطة إلى ما صارت إليه!! وفي المطبوعة أيضًا: "المناقشة بالأعمال" ، غير ما في المخطوطة. و "المقايسة" من "القياس" ، "قاس الشيء" ، إذا قدره على مثاله. و "المقايسة بالأعمال" ، كأنه أراد تقديرها. والذي في المطبوعة أجود عندي: "المناقشة" . ![]()
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (899) صــ 421 إلى صــ 430 قوله: (ويخافون سوء الحساب) ، قال، فقال: وما (سوء الحساب) ؟ قال: الذي لا جَوَاز فيه. (1) 20334- حدثني ابن سمان القزاز قال، حدثنا أبو عاصم، عن الحجاج، عن فرقد قال: قال لي إبراهيم: تدري ما (سوء الحساب) ؟ قلت: لا أدري قال: يحاسب العبد بذنبه كله لا يغفرُ له منه شيء. (2) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والذين صبروا على الوفاء بعهد الله، وترك نقض الميثاق وصلة الرحم= (ابتغاء وجه ربهم) ، ويعني بقوله: (ابتغاء وجه ربهم) ، طلب تعظيم الله، وتنزيهًا له أن يُخالَفَ في أمره أو يأتي أمرًا كره إتيانه فيعصيه به= (وأقاموا الصلاة) ، يقول: وأدُّوا الصلاة المفروضة بحدودها في أوقاتها= (وأنفقوا مما رزقناهم سرًّا وعلانية) يقول: وأدَّوا من أموالهم زكاتها المفروضة وأنفقوا منها في السبل التي أمرهم الله بالنفقة فيها= (سرًّا) في خفاء "وعلانية" في الظاهر. كما:- 20335- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (وأقاموا الصلاة) يعني الصلوات الخمس= (وأنفقوا مما رزقناهم سرًّا وعلانية) . يقول الزكاة. (1) "الجواز" ، التساهل والتسامح. (2) الأثر: 20334 - مضى بإسناد آخر رقم: 20328. 20336- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد "الصبر" ، الإقامة. قال، وقال "الصبر" في هاتين، فصبرٌ لله على ما أحبَّ وإن ثقل على الأنفس والأبدان، وصبرٌ عمَّا يكره وإن نازعت إليه الأهواء. فمن كان هكذا فهو من الصابرين. وقرأ: (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) . [سورة الرعد:24] * * * وقوله: (ويدرءون بالحسنة السيئة) ، يقول: ويدفعون إساءة من أساء إليهم من الناس، بالإحسان إليهم. (1) كما:- 20337- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (ويدرءون بالحسنة السيئة) ، قال: يدفعون الشر بالخير، لا يكافئون الشرّ بالشر، ولكن يدفعونه بالخير. * * * وقوله: (أولئك لهم عقبى الدار) يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين وصفنا صفتهم، هم الذين (لهم عقبى الدار) ، يقول: هم الذين أعقبهم الله دارَ الجنان، من دارهم التي لو لم يكونوا مؤمنين كانت لهم في النار، فأعقبهم الله من تلك هذه. (2) * * * وقد قيل: معنى ذلك: أولئك الذين لهم عقِيبَ طاعتهم ربَّهم في الدنيا، دارُ الجنان. * * * (1) انظر تفسير "الدرء" فيما سلف 2: 22، 225 / 7: 382. (2) انظر تفسير "العاقبة" فيما سلف 15: 356، تعليق: 1، والمراجع هناك. القول في تأويل قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) } قال أبو جعفر: يقول (جنات عدن) ، ترجمة عن (عقبى الدار) (1) كما يقال: "نعم الرجل عبد الله" ، فعبد الله هو الرجل المقول له: "نعم الرجل" ، وتأويل الكلام: أولئك لهم عَقيِبَ طاعتهم ربِّهم الدارُ التي هي جَنَّات عدْنٍ. * * * وقد بينا معنى قوله: (عدن) ، وأنه بمعنى الإقامة التي لا ظَعْنَ معها. (2) * * * وقوله: (ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم) ، يقول تعالى ذكره: جنات عدن يدخلها هؤلاء الذين وصف صفتهم= وهم الذين يوفون بعهد الله، والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم، والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم، وأقاموا الصلاة، وفعلوا الأفعال التي ذكرها جل ثناؤه في هذه الآيات الثلاث= (ومن صلح من آبائهم وأزواجهم) ، وهي نساؤهم وأهلوهم= و "ذرّيّاتهم" . (3) . و "صلاحهم" إيمانهم بالله واتباعهم أمره وأمر رسوله عليه السلام. كما:- 20338- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، (1) "الترجمة" ، هي عند الكوفيين، "عطف البيان" و "البدل" عند البصريين، انظر ما سلف 2: 340، 374، 420، 425، 426، ثم سائر الأجزاء في فهرس المصطلحات. (2) انظر تفسير "جنات عدن" فيما سلف 14: 350 - 355. (3) انظر تفسير "الأزواج" فيما سلف 12: 150، تعليق: 1، والمراجع هناك. = وتفسير "الذرية" فيما سلف 15: 163، تعليق: 1، والمراجع هناك. عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (ومن صلح من آبائهم) قال: من آمن في الدنيا. 20339- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= 20340- وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20341- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (ومن صلح من آبائهم) قال: من آمن من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم. * * * وقوله: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم) ، يقول: تعالى ذكره: وتدخل الملائكة على هؤلاء الذين وصف جل ثناؤه صفتهم في هذه الآيات الثلاث في جنات عدن، من كل باب منها، يقولون لهم: (سلام عليكم بما صبرتم) على طاعة ربكم في الدنيا= (فنعم عقبى الدار) . * * * وذكر أن لجنات عدن خمسة آلاف باب. 20342- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا علي بن جرير قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن نافع بن عاصم، عن عبد الله بن عمرو قال: إن في الجنة قصرًا يقال له "عدن" ، حوله البروج والمروج، فيه خمسة آلاف باب، على كل باب خمسة آلاف حِبَرة، (1) لا يدخله إلا نبيٌ أو صديق أو شهيدٌ. (2) 20343- ... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الرحمن بن مغراء، (1) "الحبرة" بكسر الحاء وفتح الباء، ضرب من برود اليمن منمر. (2) الأثر: 20342 - "علي بن جرير" ، مضى آنفًا برقم: 20212، ولم أجد له ترجمة إلا في ابن أبي حاتم، وهي مختلفة. و "حماد بن سلمة" ، ثقة مشهور، مضى مرارًا. و "يعلي بن عطاء العامري" ، ثقة مضى مرارًا، آخرها: 17981. و "نافع بن عاصم الثقفي" ، تابعي ثقة، مضى برقم: 15402. وهذا إسناد صحيح إلى عبد الله بن عمرو، لولا ما فيه من جهالة "علي بن جرير" هذا. وهو موقوف على عبد الله بن عمرو، لم أجد من رفعه. عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: (جنات عدن) قال: مدينة الجنة، فيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدى، والناسُ حولهم بعدد الجنات حوْلها. * * * وحذف من قوله: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم) ، "يقولون" ، (1) اكتفاءً بدلالة الكلام عليه، كما حذف ذلك من قوله: (وَلَوْ تَرَى إذِ المُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أبْصَرْنَا) . [سورة السجدة:12] * * * 20344- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، عن بقية بن الوليد قال: حدثني أرطاة بن المنذر قال: سمعت رجلا من مشيخة الجند يقال له "أبو الحجاج" ، يقول: جلست إلى أبي أمامة فقال: إن المؤمن ليكون متّكئًا على أريكته إذا دخل الجنة، وعنده سِمَاطان من خَدَمٍ، وعند طرف السِّماطين بابٌ مبوَّبٌ، (2) فيقبل المَلَك يستأذن؛ فيقول أقصى الخدم للذي يليه: (3) "ملك يستأذن" ، ويقول الذي يليه للذي يليه: ملك يستأذن حتى يبلغ المؤمن فيقول: ائذنوا. فيقول: أقربهم إلى المؤمن ائذنوا. ويقول الذي يليه للذي يليه: ائذنوا. فكذلك حتى (1) أي "وحذف ... يقولون" . (2) في المطبوعة: "وعند طرف السماطين سور" ، مكان "باب مبوب" ، لأنه لم يحسن قراءة المخطوطة. وقوله: "باب مبوب" ، يعني مصنوع معقود. إن شئت قلت: قد اتخذ له بوابًا يحرسه. (3) كانت العبارة في المطبوعة فاسدة مع زيادة جملة كاملة، وهي "فيقول الذي يليه ملك يستأذن" مكررة، وفي المخطوطة كالذي أثبت، إلا أنه أسقط من الكلام "أقصى الخدم" ، فأثبتها من الدر المنثور. يبلغ أقصاهم الذي عند الباب، فيفتح له، فيدخل فيسلّم ثم ينصرف. (1) 20345- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، عن إبراهيم بن محمد، عن سُهَيْل بن أبي صالح، عن محمد بن إبراهيم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قبور الشهداء على رأس كل حول فيقول: "السلام عليكم" (1) الأثر: 20344 - "بقية بن الوليد" ، ثقة، مضى مرارًا، ولكن في حديثه مناكير، أكثرها عن المجاهيل، وهو كما قال الجوزجاني: "إذا تفرد بالرواية فغير محتج به لكثرة وهمه. ومع أن مسلمًا وجماعة من الأئمة قد أخرجوا عنه اعتبارًا واستشهادًا، إلا أنهم جعلوا تفرده أصلا" . و "أرطأة بن المنذر الألهاني" ، ثقة، كان عابدًا، مضى برقم: 17987. وأما "أبو الحجاج، رجل من مشيخة الجند" ، فأمره مشكل. وذلك أن ابن قيم الجوزية، رواه من طريق بقية بن الوليد عن أرطأة بن المنذر وفيه "أبو الحجاج" ، وكذلك رواه من هذه الطريق نفسها، ابن كثير في التفسير، ثم قال: "رواه ابن جرير، ورواه ابن أبي حاتم من حديث إسماعيل بن عياش، عن أرطأة بن المنذر، عن أبي الحجاج يوسف الألهاني قال سمعت أبا أمامة" ، فصرح باسم "أبي الحجاج" وأنه "يوسف الألهاني" (حادي الأرواح 2: 38 / تفسير ابن كثير 4: 52) . ولما طلبت "يوسف الألهاني" ، وجدته في التاريخ الكبير للبخاري 4 / 2 / 376، 377 قال: "يوسف الألهاني أبو الضحاك الحمصي، سمع أبا أمامة الباهلي وابن عمر، وروى عنه أرطأة. حدثنا إسحق بن يزيد، قال حدثنا أبو مطيع معاوية، سمع أرطأة، سمع أبا الضحاك" . ووجدته في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 4 / 2 / 35: "يوسف الألهاني، أبو الضحاك الحمصي، روى ابن عمر وأبي أمامة، عنه أرطأة بن المنذر" . والذي نقله ابن كثير عن تفسير ابن أبي حاتم نفسه فيه: "أبو الحجاج يوسف الألهاني" ، والذي في الجرح والتعديل: "أبو الضحاك" ، يؤيده ما جاء في التاريخ الكبير. والمشكل أن يتفق نص ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل. ونص البخاري، ثم يختلف نقل ابن كثير عن تفسير ابن أبي حاتم، متفقًا مع ما جاء في نسخ الطبري ومن نقل عنه، وكنيته فيها "أبو الحجاج" ، والذي أرجحه أن الصواب هو ما في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم: "أبو الضحاك" . ومع كل ذلك لم أجد ما يهديني إلى الصواب المحقق، و "يوسف الألهاني" "أبو الضحاك" ، أو "أبو الحجاج" ، تابعي كما ترى، ولكن لم أجد له ذكرًا في غير ما ذكرت من كتب، ولم يبين حاله. فهذا إسناد فيه نظر، لما وجدت في التابعي من الاختلاف، وقد رأيت أيضًا أنه لم يتفرد بروايته بقية بن الوليد، عن أرطاة بن المنذر فيكون تفرد فيه بقية قادحًا في إسناده. فقد رواه عن أرطاة أيضًا "إسماعيل بن عياش" . ومع ذلك يظل في الإسناد شيء، وفي النفس منه شيء. و "إسماعيل بن عياش الحمصي" ، مضى مرارًا، آخرها رقم: 14212، وهو ثقة، ولكنهم تكلموا فيه، وضعفوه في بعض حديثه. بما صبرتم فنعم عقبى الدار "، وأبو بكر وعمر وعثمان. (1) " * * * وأما قوله: (سلام عليكم بما صبرتم) فإن أهل التأويل قالوا في ذلك نحو قولنا فيه. *ذكر من قال ذلك: 20346- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الرزاق، عن جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني أنه تلا هذه الآية: (سلام عليكم بما صبرتم) قال: على دينكم. 20347- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (سلام عليكم بما صبرتم) قال: حين صبروا بما يحبه الله فقدّموه. وقرأ: (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحرِيرًا) ، حتى بلغ: (وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا) [سورة الإنسان:2-22] وصبروا عما كره الله وحرم عليهم، وصبروا على ما ثقل عليهم وأحبه الله، فسلم عليهم بذلك. وقرأ: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) . * * * وأما قوله: (فنعم عقبى الدار) فإن معناه إن شاء الله كما:- 20348- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال حدثنا عبد الرزاق، عن جعفر، عن أبي عمران الجوني في قولهم (فنعم عقبى الدار) قال: الجنة من النار. (2) * * * (1) الأثر: 20345 - "إبراهيم بن محمد" ، هو "إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة الفزاري" ، ثقة مأمون، مضى مرارًا، آخرها رقم: 11358. و "سهيل بن أبي صالح، ذكوان السمان" ، ثقة، روى له الجماعة، متكلم في بعض روايته. مضى أخيرًا برقم: 11503، وكان في المطبوعة: "سهل" غير مصغر، وهو خطأ. لم يحسن الناشر قراءة المخطوطة لأنها غير منقوطة. و "محمد بن إبراهيم" ، لعله: "محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي" ، تابعي ثقة، روى له الجماعة، مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 1 / 22، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 184. (2) أي الجنة بدلا من النار، كما سلف في ص: 422. القول في تأويل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره وأما الذين ينقضون عهد الله، ونقضهم ذلك، خلافهم أمر الله، وعملهم بمعصيته (1) (من بعد ميثاقه) ، يقول: من بعد ما وثّقوا على أنفسهم لله أن يعملوا بما عهد إليهم (2) = (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) ، (3) يقول: ويقطعون الرحم التي أمرهم الله بوصلها= (ويفسدون في الأرض) ، فسادهم فيها: عملهم بمعاصي الله (( 4) أولئك لهم اللعنة) ، يقول: فهؤلاء لهم اللعنة، وهي البعد من رحمته، والإقصاء من جِنانه (5) = (ولهم سوء الدار) يقول: ولهم ما يسوءهم في الدار الآخرة. * * * 20349- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله، لأن الله يقول: (وَمَْن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ) [سورة الحج:31] ، ونقض العهد، وقطيعة الرحم، لأن الله تعالى يقول: (أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) ، يعني: سوء العاقبة. 20350- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج قال (1) انظر تفسير "النقض" فيما سلف 9: 363 / 10: 125 / 14: 22. (2) انظر تفسير "الميثاق" فيما سلف ص: 419، تعليق: 2، والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "الوصل" فيما سلف 1: 415 وهذا ص: 420، تعليق: 1. (4) انظر تفسير "الفساد في الأرض" فيما سلف من فهارس اللغة (فسد) . (5) انظر تفسير "اللعنة" فيما سلف 15: 467، تعليق: 1، والمراجع هناك. : قال ابن جريج، في قوله: (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) ، قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا لم تمش إلى ذي رحمك برجلك ولم تعطه من مالك فقد قطعته" . 20351- حدثني محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مصعب بن سعد قال: سألت أبي عن هذه الآية: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا) [سورة الكهف:103، 104] ، أهم الحرورية؟ قال: لا ولكن الحرورية (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) ، فكان سعدٌ يسميهم الفاسقين. (1) 20352- حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال: سمعت مصعب بن سعد قال: كنت أمسك على سعدٍ المصحف، فأتى على هذه الآية، ثم ذكر نحو حديث محمد بن جعفر. (2) * * * (1) الأثر: 20351 - "مصعب بن سعد بن أبي وقاص" ، تابعي ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا، آخرها رقم: 18776. رواه البخاري في صحيحه من طريق محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، مطولا (الفتح 8: 323) وسيأتي مطولا في التفسير 17: 27 (بولاق) في تفسير آية سورة الكهف. رواه الحاكم في المستدرك 2: 370، من طريق "إسحاق، عن جرير، عن منصور، عن مصعب بن سعد" ، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي. ثم انظر تخريجه في غير المطبوع من الكتب، في الدر المنثور 4: 253. وسيأتي بإسناد آخر في الذي يليه. (2) الأثر: 20352 - هو مكرر الذي قبله من رواية أبي داود الطيالسي، عن شعبة. القول في تأويل قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ (26) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الله يوسّع على من يَشاء من خلقه في رزقه، فيبسط له منه (1) لأن منهم من لا يُصْلحه إلا ذلك= (ويقدر) ، يقول: ويقتِّر على من يشاء منهم في رزقه وعيشه، فيضيّقه عليه، لأنه لا يصلحه إلا الإقتار= (وفرحوا بالحياة الدنيا) ، يقول تعالى ذكره: وفرح هؤلاء الذين بُسِط لهم في الدنيا من الرزق على كفرهم بالله ومعصيتهم إياه بما بسط لهم فيها، وجهلوا ما عند الله لأهل طاعته والإيمان به في الآخرة من الكرامة والنعيم. ثم أخبر جلّ ثناؤه عن قدر ذلك في الدنيا فيما لأهل الإيمان به عنده في الآخرة وأعلم عباده قِلّته، فقال: (وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) ، يقول: وما جميع ما أعطى هؤلاء في الدنيا من السَّعة وبُسِط لهم فيها من الرزق ورغد العيش، فيما عند الله لأهل طاعته في الآخرة= (إلا متاع) قليل، وشيء حقير ذاهب. (2) كما:- 20353- حدثنا الحسن بن محمد، قال، حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (إلا متاع) قال: قليلٌ ذاهب. 20354- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد = 20355- ... قال: وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) ، قال: قليلٌ ذاهب. (1) انظر تفسير "البسط" فيما سلف 5: 288 - 290 / 10: 452. (2) انظر تفسير "المتاع" فيما سلف: 414، تعليق: 2، والمراجع هناك. ![]()
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (900) صــ 431 إلى صــ 440 20356- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن بكير بن الأخنس، عن عبد الرحمن بن سابط في قوله: (وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاعٌ) قال: كزاد الرّاعي يُزوِّده أهله: الكفِّ من التمر، أو الشيء من الدقيق، أو الشيء يشرَبُ عليه اللبن. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويقول لك يا محمد، مشركو قومك: هلا أنزل عليك آية من ربك، إمّا ملك يكون معك نذيرًا، أو يُلْقَى إليك كنز؟ فقل: إن الله يضل منكم من يشاء أيها القوم، فيخذله عن تصديقي والإيمان بما جئته به من عند ربي= (ويَهدي إليه من أناب) ، فرجع إلى التوبة من كفره والإيمان به، فيوفقه لاتباعي وتصديقي على ما جئته به من عند ربه، وليس ضلالُ من يضلّ منكم بأن لم ينزل علي آية من ربّي ولا هداية من يهتدي منكم بأنَّها أنزلت عليّ، وإنما ذلك بيَدِ الله، يوفّق من يشاء منكم للإيمان ويخذل من يشاء منكم فلا يؤمن. * * * وقد بينت معنى "الإنابة" ، في غير موضع من كتابنا هذا بشواهده، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (1) * * * (1) انظر تفسير "الإنابة" فيما سلف 15: 406، 454. ولقد نسي أبو جعفر رحمه الله، فإنه لم يذكر "الإنابة" في غير هذين الموضعين القريبين، ولم يذكر في تفسيرهما شيئًا من الشواهد، وكأنه لما أوغل في التفسير، وكان قد أعد له العدة، شبه عليه الأمر، وظن أن الذي سيأتي مرارًا، مضى قبل ذلك مرارًا، فقال من ذلك ما قال هنا، وقد مر مثله وأشرت إليه. 20357- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ويهدي إليه من أناب) : أي من تاب وأقبل. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) } القول في تأويل قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (ويهدي إليه من أناب) بالتوبة الذين آمنوا. * * * و (الذين آمنوا) في موضع نصب، ردٌّ على "مَنْ" ، لأن "الذين آمنوا" ، هم "من أناب" ، ترجم بها عنها. (1) * * * وقوله: (وتطمئن قلوبهم بذكر الله) ، يقول: وتسكن قلوبهم وتستأنس بذكر الله، (2) كما:- 20358- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وتطمئن قلوبهم بذكر الله) يقول: سكنت إلى ذكر الله واستأنست به. * * * وقوله: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ، يقول: ألا بذكر الله تسكن وتستأنس قلوبُ المؤمنين. (3) (1) "الترجمة" ، البدل أو عطف البيان، وانظر ما سلف قريبًا ص: 423، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الاطمئنان" فيما سلف 15: 25، تعليق 1، والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "الاطمئنان" فيما سلف 15: 25، تعليق 1، والمراجع هناك. وقيل: إنه عنى بذلك قلوب المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك: 20359- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) لمحمد وأصحابه. 20360- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل (1) = 20361- وحدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء= عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) قال: لمحمد وأصحابه. 20362- ... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا أحمد بن يونس قال، حدثنا سفيان بن عيينة في قوله: (وتطمئن قلوبهم بذكر الله) قال: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. * * * وقوله: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) ، الصالحات من الأعمال، وذلك العمل بما أمرهم ربهم= (طوبى لهم) . * * * و "طوبى" في موضع رفع بـ "لهم" . وكان بعض أهل البصرة والكوفة يقول: ذلك رفع، كما يقال في الكلام: "ويلٌ لعمرو" . * * * (1) كرر هذا الإسناد في المطبوعة وحدها، وقال ناشر المطبوعة الأولى، "كذا في النسخ بهذا التكرار فانظره" ، وليس مكررًا في مخطوطتنا، كأنه لم يرجع إليها. قال أبو جعفر: وإنما أوثر الرفع في (طوبى) لحسن الإضافة فيه بغير "لام" ، وذلك أنه يقال فيه "طوباك" ، كما يقال: "ويلك" ، و "ويبك" ، ولولا حسن الإضافة فيه بغير لام، لكان النصب فيه أحسنَ وأفصح، كما النصب في قولهم: "تعسًا لزيد، وبعدًا له وسُحقًا" أحسن، إذ كانت الإضافة فيها بغير لام لا تحسن. * * * وقد اختلف أهل التأويل في تأويل قوله (طوبى لهم) . فقال بعضهم: معناه: نِعْم ما لهم. ذكر من قال ذلك: 20363- حدثني جعفر بن محمد البروري من أهل الكوفة قال: حدثنا أبو زكريا الكلبي، عن عمر بن نافع قال: سئل عكرمة عن "طوبى لهم" قال: نعم ما لهم. (1) 20364- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا عمرو بن نافع، عن عكرمة في قوله: (طوبى لهم) قال: نعم ما لهم. 20365- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثني عمرو بن (1) الأثر: 20363 - "جعفر بن محمد البروري، من أهل الكوفة" شيخ الطبري، هكذا جاء في المخطوطة، وهو ما لا أعرف. وقد مضى برقم: 9800، وذكرت هناك أني لم أجده، وكان فيما سلف: "جعفر بن محمد الكوفي المروزي" ، وذكرت أنه روى عنه في التاريخ 5: 18، وصح عندي أنه هو هو في المواضع الثلاثة، لأنه روى عنه في التاريخ قال: "حدثني جعفر بن محمد الكوفي وعباس بن أبي طالب قالا، حدثنا أبو زكريا يحيي بن مصعب الكلبي، قال حدثنا عمر بن نافع" . فهذا هو بعض إسنادنا هذا. و "أبو زكريا الكلبي" ، هو "يحيي بن مصعب الكلبي الكوفي" ، وهو "جار الأعمش" . روى عن الأعمش حكايات، وروى عن عمر بن نافع، وهو صدوق. مترجم في الكبير 4 / 2 / 306، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 190. و "عمر بن نافع الثقفي" ، متكلم فيه، مضى قريبًا برقم: 20229، وكان في المخطوطة هنا: "عمرو بن نافع" ، وهو فيها على الصواب في الإسناد التالي، أما المطبوعة فقد تبع خطأ المخطوطة الأول، وترك صوابها الثاني!! . نافع قال: سمعت عكرمة، في قوله: (طوبى لهم) قال: نِعْم مَا لهم. * * * وقال آخرون: معناه: غبطة لهم. *ذكر من قال ذلك: 20366- حدثنا أبو هشام قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك: (طوبى لهم) قال: غبطةٌ لهم. 20367- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن جويبر، عن الضحاك، مثله. 20368- ... قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، مثله. * * * وقال آخرون: معناه: فرحٌ وقُرَّةُ عين. *ذكر من قال ذلك: 20369- حدثني علي بن داود والمثنى بن إبراهيم قالا حدثنا عبد الله قال. حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (طوبى لهم) ، يقول: فرحٌ وقُرَّة عين. * * * وقال آخرون: معناه: حُسْنَى لهم. *ذكر من قال ذلك: 20370- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (طوبى لهم) ، يقول: حسنى لهم، وهي كلمة من كلام العرب. 20371- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة. (طوبى لهم) ، هذه كلمة عربية، يقول الرجل: طوبى لك: أي أصبتَ خيرًا. * * * وقال آخرون: معناه: خير لهم. ذكر من قال ذلك: 20372- حدثنا أبو هشام قال: حدثنا ابن يمان قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال: خير لهم. 20373- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، في قوله: (طوبى لهم) ، قال: الخير والكرامة التي أعطاهم الله. * * * وقال آخرون: (طوبى لهم) ، اسم من أسماء الجنة، ومعنى الكلام، الجنة لهُم. *ذكر من قال ذلك: 20374- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (طوبى لهم) قال: اسم الجنة، بالحبشية. 20375- حدثنا أبو هشام قال: حدثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (طوبى لهم) ، قال: اسم أرض الجنة، بالحبشية. 20376- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن مشجوج في قوله: (طوبى لهم) قال: (طوبى) : اسم الجنة بالهندية. 20377- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا داود بن مهران قال: حدثنا يعقوب، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن مشجوج قال: اسم الجنة بالهندية: (طوبى) . (1) (1) الأثران: 20376، 20377 - "سعيد بن مشجوج" أو "بن مسجوح" ، أو و "ابن مسجوع" ، وهكذا جاء مختلفًا في المخطوطة، ثم في تفسير ابن كثير 4: 523، والدر المنثور 4: 59، ونسبه لابن جرير، وأبي الشيخ. ولم أجد له ذكرًا في شيء من كتب الرجال، مع مراجعته على وجوه التصحيف والتحريف. ولكني وجدت في لسان العرب مادة (كرم) و (كسا) ، وفيهما قال: "سعيد بن مسحوح الشيباني" ، وفي شرح القاموس "ابن مشجوج" ونسب إليه السيرافي وابن بري شعر أبي خالد القناني الخارجي، الذي يقول في أوله: لَقَدْ زَادَ الحَيَاة إلّي حبًّا ... بَنَاتِي إنَّهن مِنَ الضعَافِ وانظر الكامل 2: 107، هذا غاية ما وجدته، ولا أدري علاقة ما بين هذين الاسمين، وفوق كل ذي علم عليم. 20378- حدثنا أبو هشام قال: حدثنا ابن يمان قال: حدثنا سفيان، عن السدي، عن عكرمة: (طوبى لهم) قال: الجنة. 20379- ... قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (طوبى لهم) قال: الجنة. 20380- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. 20381- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثنى عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب) قال: لما خلق الله الجنة وفرغ منها قال: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب) ، وذلك حين أعجبته. 20382- حدثنا أحمد قال: حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك، عن ليث، عن مجاهد: (طوبى لهم) ، قال الجنة. * * * وقال آخرون: (طوبى لهم) : شجرة في الجنة. *ذكر من قال ذلك: 20383- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا قرة بن خالد، عن موسى بن سالم قال: قال ابن عباس: (طوبى لهم) ، شجرة في الجنة. (1) (1) الأثر: 20383 - "موسى بن سالم" ، مولى آل العباس، ثقة، حديثه عن ابن عباس مرسل، وروى عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس. مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 1 / 284، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 143. 20384- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الأشعث بن عبد الله، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة: (طوبى لهم) : شجرة في الجنة يقول لها: "تَفَتَّقي لعبدي عما شاء" ! فتتفتق له عن الخيل بسروجها ولُجُمها، وعن الإبل بأزمّتها، وعما شاء من الكسوة. (1) 20385- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن شهر بن حوشب قال: (طوبى) : شجرة في الجنة، كل شجر الجنة منها، أغصانُها من وراء سور الجنة. 20386- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن الأشعث بن عبد الله، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة قال: في الجنة شجرة يقال لها (طوبى) ، يقول اللهُ لها: تفَتَّقِي= فذكر نحو حديث ابن عبد الأعلى، عن ابن ثور. (2) 20387- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عبد الجبار قال: حدثنا مروان، قال: أخبرنا العلاء، عن شمر بن عطية، في قوله: (طوبى لهم) قال: هي شجرة في الجنة يقال لها (طوبى) . 20388- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن منصور، عن حسان أبي الأشرس، عن مغيث بن سُمَيّ قال: (طوبى) : شجرة في الجنة، ليس في الجنة دارٌ إلا فيها غصن منها، فيجيء (1) الأثر: 20384 - "أشعث بن عبد الله بن جابر الحداني، الحملي" الأعمى، وينسب إلى جده فيقال: "أشعث بن جابر" ، وهو ثقة، يعتبر بحديثه. وقال العقيلي: في حديثه وهم. ووثقه ابن معين والنسائي وابن حبان. مضى برقم: 8358، وهو مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 1 / 429 في "أشعث بن جابر" ثم فيه 1 / 1 / 433 في "أشعث أبو عبد الله الحملي" ، وفي ابن أبي حاتم 1 / 1 / 273. و "شهر بن حوشب" ، مضى مرارًا، وثقوه، وتكلموا فيه. وهذا خبر موقوف على أبي هريرة. وسيأتي من طريق أخرى برقم: 20386. (2) الأثر: 20386 - هو مكرر الأثر السالف رقم: 20384. الطائر فيقع، فيدعوه، فيأكل من أحد جنبيه قَدِيدًا ومن الآخر شِوَاء، ثم يقول: "طِرْ" ، فيطير. (1) 20389- ... قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني معاوية، عن بعض أهل الشأم قال: إن ربك أخذ لؤلؤة فوضعها على راحتيه، ثم دملجها بين كفيه، (2) ثم غرسها وسط أهل الجنة، ثم قال لها: امتدّي حتى تبلغي مَرْضاتي ". ففعلت، فلما استوت تفجَّرت من أصولها أنهار الجنة، وهي" طوبى "." 20390- حدثنا الفضل بن الصباح قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني قال: حدثني عبد الصمد بن معقل، أنه سمع وهبًا يقول: إن في الجنة شجرة يقال لها: "طوبى" ، يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها ; زهرها رِيَاط، (3) وورقها بُرود (4) وقضبانها عنبر، وبطحاؤها ياقوت، وترابها كافور، ووَحَلها مسك، يخرج من أصلها أنهارُ الخمر واللبن والعسل، وهي مجلسٌ لأهل الجنة. فبينا هم في مجلسهم إذ أتتهم ملائكة من ربِّهم، يقودون نُجُبًا مزمومة بسلاسل من ذهب، وجوهها كالمصابيح من حسنها، وبَرَها كخَزّ المِرْعِزَّى من لينه، (5) عليها رحالٌ ألواحها من ياقوت، ودفوفها من ذهب، (1) الأثر: 20388 - "منصور" ، هو "منصور بن المعتمر" ، مضى مرارًا. و "حسان أبو الأشرس" ، هو "حسان بن أبي الأشرس بن عمار الكاهلي" ، وهو "حسان بن المنذر" كنيته وكنية أبيه "أبو الأشرس" ، ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 1 / 32، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 235. و "مغيث بن سمى الأوزاعي" ، تابعي ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2 / 24، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 391 وسيأتي هذا الخبر مطولا بإسناد آخر رقم: 20392. (2) "دملج الشيء دملجة" ، إذ سواه وأحسن صنعته، كما يدملج السوار. (3) "الرياط" جمع "ريطة" ، وهي كل ثوب لين رقيق. (4) "برود" ، جمع "برد" ، هو من ثياب الوشي. (5) "المرعزي" (بكسر الميم وسكون الراء، وكسر العين وتشديد الزاي المفتوحة) ، هو الزغب الذي تحت شعر العنز، وهو ألين الصوف وميم "المرعزي" زائدة، ومادته (رعز) . وثيابها من سندس وإستبرق، فينيخونها ويقولون: إن ربنا أرسلنا إليكم لتزوروه وتسلِّموا عليه. قال: فيركبونها، قال: فهي أسرع من الطائر، وأوطأ من الفراش نُجُبًا من غير مَهنَة، (1) يسير الرَّجل إلى جنب أخيه وهو يكلمه ويناجيه، لا تصيب أذُنُ راحلة منها أذُنَ صاحبتها، ولا بَرْكُ راحلة بركَ صاحبتها، (2) حتى إن الشجرة لتتنحَّى عن طرُقهم لئلا تفرُق بين الرجل وأخيه. قال: فيأتون إلى الرحمن الرحيم، فيُسْفِر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه، فإذا رأوه قالوا: اللهم أنت السلام ومنك السلام، وحُقَّ لك الجلال والإكرام ". قال: فيقول تبارك وتعالى عند ذلك:" أنا السلام، ومنى السلام، وعليكم حقّت رحمتي ومحبتي، مرحبًا بعبادي الذين خَشُوني بغَيْبٍ وأطاعوا أمري ".قال: فيقولون:" ربنا إنا لم نعبدك حق عبادتك ولم نقدرك حق قدرك، فأذن لنا بالسجود قدَّامك "قال: فيقول الله: إنها ليست بدار نَصَب ولا عبادة، ولكنها دارُ مُلْك ونعيم، وإني قد رفعت عنكم نَصَب العبادة، فسلوني ما شئتم، فإن لكل رجل منكم أمنيّته" . فيسألونه، حتى إن أقصرهم أمنيةً ليقول: ربِّ، تنافس أهل الدنيا في دنياهم فتضايقوا فيها، رب فآتني كل شيء كانوا فيه من يوم خلقتها إلى أن انتهت الدنيا "فيقول الله: لقد قصّرت بك اليوم أمنيتُك، ولقد سألت دون منزلتك، هذا لك مني، وسأتحفك بمنزلتي، لأنه ليس في عطائي نكَد ولا تَصْريدٌ" (3) . قال: ثم يقول: "اعرضوا على عبادي ما لم تبلغ أمانيهم، ولم يخطر لهم على بال" . قال: فيعرضون عليهم حتى يَقْضُوهم أمانيهم التي في أنفسهم، فيكون فيما يعرضون عليهم بَرِاذين مقرَّنة، على كل أربعة منها سرير من ياقوتة واحدة، على كل سرير منها قبة من ذهب مُفْرَغة، في كل قبة منها فُرُش من فُرُش الجنة مُظَاهَرة، في كل قبة منها جاريتان من الحور العين، على كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة، ليس في الجنة لونٌ إلا وهو فيهما، ولا ريح طيبة إلا قد عَبِقتَا به، ينفذ ضوء وجوههما غِلَظ القبة، حتى يظن من يراهما أنهما من دُون القُبة، يرى مخهما من فوق سوقهما كالسِّلك الأبيض من ياقوتة حمراء، يريان له من الفضل على صاحبته كفضل الشمس على الحجارة، أو أفضل، ويرى هولُهما مثل ذلك. ثم يدخل إليهما فيحييانه ويقبّلانه ويعانقانه، ويقولان له: "والله ما ظننا أن الله يخلق مثلك" ، ثم يأمر الله الملائكة فيسيرون بهم صفًّا في الجنة، حتى ينتهي كل رجُل منهم إلى منزلته التي أعدّت له. (4) 20391- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال: حدثنا علي بن جرير، عن حماد قال: شجرة في الجنة في دار كل مؤمن غصن منها. 20392- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن حسان بن أبي الأشرس، عن مغيث بن سمي قال: "طوبى" ، شجرة في الجنة، لو أن رجلا ركب قلوصًا جَذَعا أو جَذَعَة، ثم دار بها، لم يبلغ المكان الذي ارتحل منه حتى يموت هَرمًا. وما من أهل الجنة منزل إلا فيه غصن من أغصان تلك الشجرة متدلٍّ عليهم، فإذا أرادوا أن يأكلوا من الثمرة تدلّى إليهم (1) "المهنة" (بفتحات) جمع "ماهن" ، ويجمع على "مهان" ، نحو "كاتب، وكتبة، وكتاب" ، وهو الخادم. (2) هكذا في المخطوطة، وفي تفسير ابن كثير "برك" ، وفي الدر المنثور "لا تزل راحلة بزل صاحبتها" ، وأنا أرجح أن الصواب: "ولا ورك راحلة ورك صاحبتها" ولكن الناسخ الأول وصل الواو بالراء، فأتى ناسخنا هذا فوصل بغير بيان ولا معرفة. (3) في المطبوعة: "ولا قصر يد" ، وهو كلام غث بل هو عين الغثاثة. و "التصريد" في العطاء تقليله. (4) الأثر: 20390: الفضل بن الصباح البغدادي "، شيخ الطبري ثقة، مضى برقم: 2252، 3958." و "إسماعيل بن الكريم بن معقل الصنعاني" ، ثقة، مضى برقم: 995، 5598. و "عبد الصمد بن معقل بن منبه اليماني" ، ثقة، روى عن عمه وهب بن منبه، مضى برقم: 995. وقد رواه ابن كثير في التفسير 4: 524، وقال قبله: "روى ابن جرير عن وهب بن منبه هاهنا أثرًا غريبًا عجيبًا" ، ثم أتم الخبر من طريق ابن أبي حاتم، ثم قال: "وهذا سياق غريب، وأثر عجيب، ولبعضه شواهد" . ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 22 ( الأعضاء 0 والزوار 22) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |