كاميليا وملحمة التوحيد - الصفحة 9 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 276 - عددالزوار : 15215 )           »          حكم المبيت بمنى ليلة التاسع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          عرض كتاب (دور أهل الذمة في إقصاء الشريعة الإسلامية) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          كتاب مداخل إعجاز القرآن للأستاذ محمود محمد شاكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 21 - عددالزوار : 872 )           »          التوحيــــد أولاً.. شبهـــــات وردود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          ديننا دين الذوق والنظافة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          القلب الطيب: خديجة بنت خويلد رضى الله عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          شرف العبادة وحقيقتها وثمرتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جبر الخواطر.. خلق الكرماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          الحث عل التعجيل بالحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > الحدث واخبار المسلمين في العالم
التسجيل التعليمـــات التقويم

الحدث واخبار المسلمين في العالم قسم يعرض آخر الاخبار المحلية والعالمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #81  
قديم 20-03-2012, 10:34 PM
الصورة الرمزية إسلامنا نور
إسلامنا نور إسلامنا نور غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
مكان الإقامة: & بقلبى بين ربوع الشام &
الجنس :
المشاركات: 3,851
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كاميليا وملحمة التوحيد

ياترى هل ستختار الكنيسه شنوده جديد؟؟ نسأل الله السلامه وان يريحنا من الكفر وأهله
__________________
  #82  
قديم 26-03-2012, 12:51 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: كاميليا وملحمة التوحيد


كاميليا وملحمة التوحيد

(17)


« الكفار» و « المؤمنون»


د. أكرم حجازي

23/3/2012





مات شنودة يوم 17/3/2012 عن 89 عاما، مخلفا وراءه ظلمات وفتن ودماء ودموع وآهات وأنين، لم ينقطع بعد، بحق الأبرياء والبريئات في سجون الأديرة، ممن لا ذنب لهم أو لهن إلا أنهم اهتدوا إلى الإسلام دينا، كما خلف حشودا من المضلَّلين والمغيَّبين وأهل الفتن والنفاق والبدع وأصحاب الهوى والمصالح، ممن لم يلتزموا بالإسلام شريعة، فضلوا وأضلوا خلقا كثيرا بقدر ما فسدوا وأفسدوا في ربوع أرض الكنانة، الغالية، بتاريخها وأهلها على قلب كل مسلم. هذا رغم أن المسيحيين أنفسهم يكتفون بتعزيتهم بعبارة « البقاء لله» إلا أن الانبطاح والانحطاط بالغوا في التعزية حتى صار « قديسا» بعيونهم، لا يأتيه الباطل من خلفه ومن بين يديه، تماما مثلما هو بعيون أتباعه.

يحدث هذا رغم أن « أهل الغلو» يعرفون أن الإسلام، بمقتضى الحكم الشرعي، وأيّاً كانت الظروف، لا يقبل العواطف ولا المجاملات ولا الرياء ولا النفاق ولا الميوعة ولا هذا ولا ذاك. ورغم أنهم يعرفون أن المسلم يمكن له أن يقع في الكفر أو في أية صفة من الصفات المذكورة وغيرها بما فيها الخروج من الملة. لكن ما ينال من المسلم لا يمكن له أن ينال من دين تكفل الله، عز وجل، بحفظه وسيادته، ولو كره الكافرون.

فالذين حزنوا على شنودة أو عظموه أو ترحموا عليه يعرفون جيدا عن تنظيم « جماعة الأمة القبطية» الذي أسسه ورعاه شنودة منذ خمسينات القرن الماضي .. ويعرفون عن خطته الرهيبة للهيمنة على مصر وتنصيرها، والتي نشرها الشيخ محمد الغزالي في كتاب « قذائف الحق» .. ويعرفون متى؟ وكيف؟ وفي أي حكم قضائي؟ هدد شنودة قائلا: « حخلي الدم للركب من الإسكندرية إلى إسوان» .. ويعرفون كيف استهدف هوية مصر كاملة بزرعه لأضخم الكنائس في العالم في شتى أنحاء البلاد ..

هؤلاء يعرفون أنه أفتى بتحريم الترحم على غير المسيحيين .. ويعرفون عن هيمنته على وسائل الإعلام المصرية بشتى أنواعها، وعن فضائياته المعادية للإسلام، وسبها للرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم .. ويعرفون عن تهديدات مساعديه، للمسلمين بالرحيل عن مصر باعتبار أتباعه « أصل البلد» فيما بقية الشعب المصري « ضيوف» حان وقت رحيلهم، ويعرفون متى وكيف شكك الأنبا بيشوي، خليفته المحتمل، بالقرآن الكريم، لما اتهم الصحابي الجليل عثمان ابن عفان بتحريف القرآن بإضافة الآية الكريمة: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابنُ مَرْيَمَ ﴾ - ( المائدة : 72) .. ويعرفون عن سعي شنودة المستميت في إثارة الفتن والتحريض عليها .. ويعرفون عن دعمه لأقباط المهجر وتحالفهم مع الكونغرس الأمريكي ودولة اليهود في فلسطين، وتحريضهم على التدخل الدولي في مصر، وأخيرا إعلانهم عن دولة قبطية في مصر .. ويعرفون عما فعلته « مدارس الأحد» من تعميق لبذور الكراهية والحقد والفتنة .. ويعرفون عن سعي كنيسته الأرثوذكسية المرقصية لاستعادة اللغة المصرية القديمة بدلا من اللغة العربية ..

هؤلاء وأمثالهم يعرفون رفض شنودة الانصياع لأي قانون مصري، وسياسته في الابتزاز .. ويعرفون كيف نجح في تحويل أتباعه إلى « شعب» مستقل باسم « شعب الكنيسة» .. ويعرفون كيف تحولت الكنيسة إلى دولة فوق الدولة .. وكيف حرَّم شنودة على الأمن المصري تفتيش الكنائس والأديرة التي تغص بالأسلحة القادمة من « إسرائيل» عبر موانئ بورسعيد .. ويعرفون معاناة كل من يهتدي إلى الإسلام من المسيحيين في مصر .. ويعلمون علم اليقين مآلات من يقع منهم بأيدي الكنيسة مثلما هو حال وفاء قسطنطين وكاميليا شحاته وأخواتهما .. ويعرفون التحالفات العميقة لشنودة مع نظام حسني مبارك، وكيف دعم التوريث .. ويعرفون موقفه من الثورة المصرية لما حرَّم على أتباعه المشاركة في انطلاقتها .. يعرفون كل هذا وأكثر.

لكن كل هؤلاء وأمثالهم، من العامة والخاصة، لم يسددوا، في يوم ما، ثمن أي فاتورة عقدية .. فإن لم يكن على ملتهم فما الذي أحزنهم عليه؟ ولماذا كانوا كرماء في الترحم على مشرك أو كافر بينما انعقدت ألسنتهم من الانتصار للشيخ وجدي غنيم، ولو بكلمة شرعية، أو عن الترحم على مجاهدي الأمة؟ فعلى أية عقيدة هؤلاء؟ ولأية ملة ينتمون؟

بعيدا عن الحكم الشرعي الذي يستحقه أولئك الذين حزنوا على شنودة أو ترحموا عليه، والذي يخص أهل العلم، إلا أن ما فعلته بعض النخبة ليس إلا سداد لثمن فاتورة سياسية أو اجتماعية أو حزبية أو أيديولوجية أو إعلامية أو نفعية بعنوان: « الديمقراطية والتعددية» و « الوحدة الوطنية» و « الدستور» و « الدولة المدنية» و « التعايش المشترك و « الأخوة الوطنية» و « الانتخابات الرئاسية» و « كراسي البرلمان» و « النظام الدولي» و « محاربة الإرهاب» و « الرمز الوطني» ... فبالكاد مات شنودة حتى انهالت التعازي والرحمات عليه من بعض الساسة والعلماء والمشايخ ومن العامة والخاصة، وكأن أحدهم فقد وليا أو قريبا من أقربائه.

الذين ترحموا على شنودة سددوا فاتورة مناقبه بعيون أتباعه باعتباره « الرجل المؤمن» و « صاحب القداسة» و « الحكيم» و « الزعيم الروحي» و « صاحب المعجزات» و « الشفيع» و « العبد الصالح» و « الأمين» و « نزيل الجنة». مثلما سددوا فاتورة المزاعم باعتباره أحد: « الأفذاذ العظام .. ورجل السياسة والاجتماع والدين .. وصاحب الصفات والخصال الطيبة الحميدة التي لا تتوفر في إنسان آخر ... والذي كان دائما دائما دائما .. لا يقول إلا حقاً ولا يتكلم إلا صدقا .. »، وباعتبار وفاته: « خسارة كبيرة للأمة المصرية وخصم كبير من رصيد العقل والحكمة والوطنية»، بل وأكثر من ذلك، باعتبار مواقفه: « المؤيدة للشريعة الإسلامية لا تنسى»!! ولسنا ندري كيف انتصر شنودة لشريعة هو رأس الكفر بها، فضلا عن حربه الشعواء على مجرد مادة في الدستور تعتبر الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع لأكثر من ثمانين مليون مسلم!!!؟

أنّى لهؤلاء، من العامة والخاصة، أن يسددوا ثمن أي فاتورة عقدية؟ وهم الذين يسددوا، دائما دائما دائما، وبامتياز عزَّ نظيره، فاتورة النفاق والكذب والدجل والتزييف والتضليل والردح والسعار والانسلاخ من أي مبدأ شرعي أو تاريخي أو أخلاقي أو موضوعي .. فاتورة صارت بموجبها جنازة شنودة، عند القصاصين، بمنزلة « جنازة القرن» الذي بالكاد بدأ، والتي لا يدانيها في المنزلة إلا « جنازة الإمام أحمد ابن حنبل»!!!! .. فاتورة زور كشفت عن الحضيض الذي بلغته عقول ملوثة وأجساد مسلوبة الإرادة .. وعن عمق الضياع والضلال والخذلان والانحطاط والخطر الذي يتهدد مصر وأهلها من شراذم خاوية، عقلا ودينا، لا حظ لها في الحياة إلا إذا استمتعت أدبارها، راضية مرضية، بالركلات من بساطير شنودة وساويريس وعزيز مرقص وبسنتي وبيشوي وفلوباتير ومتياس نصر ...

بعض هؤلاء المَوْطوؤون، هم أصلا، من الملحدين واللبراليين والعلمانيين، الذين لم تعرف ألسنتهم، طوال حياتهم، لـ « الفاتحة» سبيلا، حتى على المقابر .. لكن كلما هلك أحد الطغاة من أمثالهم انقلبوا، بقدرة قادر، إلى هامات وقامات ووعاظ وعلماء ومفتين، يفسقون هذا ويبدعون ذاك إلى الحد الذي لا يتورعون فيه عن تكفير من آمن بكون شنودة كافرا من فوق سبع سماوات!!!

ما من أحد يشمت في الموت إلا أحمق .. وما من مسلم ترحم على شنودة إلا جاهل أو أحمق أو مفتون أو منتفع، وما قال الشيخ وجدي غنيم إلا كلمة حق شرعية حصنت العامة من الوقوع في براثن الشرك والكفر. وما كاد ينطق بها حتى انهالت عليه ألسنة حداد .. وكأنه كفر حين آمن شنودة!!! فهل قال بغير ما قاله المولى؟

قال تعالى:

• ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾ - ( البقرة:161).

• ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ ﴾ - ( آل عمران: 19).

• ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾- (85 : ال عمران).

• ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ﴾ - (آل عمران: 91).

• ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ﴾ - ( المائدة: 73).

• ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا﴾ - (التوبة: 28).

في القرآن الكريم، وبنسب متقاربة، يتقاسم المؤمنون والكافرون الخطاب الرباني الموجه إليهما. إذ يخاطب الله، عز وجل، ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ 263 مرة في 60 سورة، ويخاطب ﴿ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ 197 مرة في 56 سورة. فضلا عن سورة « الكافرون»، ناهيك عن عشرات الصيغ التي تتصل بلفظتي « الكفر» و الإيمان». أما كلمة « شرك» فقد وردت في 141 مرة في 41 سورة، وبصيغ مختلفة.

مع كل هذا الوضوح في النص القرآني، بالإضافة إلى الأحاديث النبوية الصحيحة، إلا أننا رصدنا، على مدار سنوات طويلة، من سعى، ولمّا يزل، إلى انتزاع كلمة « الكفر» من العقيدة الإسلامية، وحرص على وسم أهل الكتاب بـ « المؤمنين»، شأنهم في ذلك شأن المسلمين!!! .. فإذا كان « الجميع مؤمنين»؛ و « السيخ» و « الهندوس» و « البوذيون» « فيهم الخير»!!! فمن هم الكافرون؟ ومن هم المشركون الذين أخبرتنا عنهم آيات الله؟ وماذا يقول دعاة « الجميع مؤمنين» عن الطوائف المسيحية التي تكفر بعضها بعضا؟ تُرى!!! هل « اليهود» مؤمنين أم « كفار»؟ وهل ثبت « شرك» شنودة أو « كفره» على الوجه الصحيح؟ « ما رأيكم دام فضلكم»؟ فرّج الله عن كاميليا وأخواتها.






نشر بتاريخ 23-03-2012
  #83  
قديم 26-03-2012, 12:30 PM
*سلفيه مندسه* *سلفيه مندسه* غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
مكان الإقامة: ارض الكنانه
الجنس :
المشاركات: 405
افتراضي رد: كاميليا وملحمة التوحيد

البوبي شنوده مات....
ولكن لايزال دعاة جهنم موجودين ..وهؤلاء اشد خطرا من البوبي شنوده
__________________
  #84  
قديم 27-03-2012, 09:38 PM
راغبة في رضا الله راغبة في رضا الله غير متصل
مشرفة ملتقى طب الاسنان
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
مكان الإقامة: سوريا الجريحة
الجنس :
المشاركات: 4,393
الدولة : Syria
افتراضي رد: كاميليا وملحمة التوحيد

بوركت أخي رياض
نعم الرجل في زمان أشباه الرجال
رجال يجاهدون في سبيل الله
وأشباه رجال يجاهدون في سبيل دنيا زائفة وزائلة ومجدٍ كاذب
رجال يرتقون في الأعالي من اجل الجنان
وأشباه رجالٍ يبحثون عن ثناء البشر وينزلون للحضيض
رجالٌ همهم الآخرة
وأشباه رجال همهم الدنيا
شتان بين رجال وأشباه رجال
أسأل الله لك الحفظ والحماية
أحسبك على خير وسلامة عقيدة ولا أزكيك على الله
السلام عليكم
__________________
اللهم فرج همي ..
وارزقني حسن الخاتمة..
إن انقضى الأجل فسامحونا ولاتنسونا من صالح دعائكم ..
& أم ماسة &
  #85  
قديم 08-04-2012, 01:40 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: كاميليا وملحمة التوحيد

كاميليا وملحمة التوحيد


(18)
« الشاطر» و « الأشطر» و « المشطور»

د. أكرم حجازي

7/4/2012

على غير انتظار، وخلافا لما سبق والتزمت به سرا وعلانية، بعدم التقدم لانتخابات الرئاسة، أعلنت جماعة « الإخوان المسلمين»، مساء يوم 31/3/2012، ترشيح المهندس خيرت الشاطر لمنصب الرئاسة. وبررت الجماعة قرار الترشيح بـ (1) تغير الظروف و (2) تهديد الثورة و (3) إعاقة العمل النيابي و (4) ورفض إقالة حكومة الجنزوري و (5) تفاقم الأزمات الاجتماعية ... وغيرها من المبررات التي لا معنى لاجتماعها سوى « إعادة إنتاج النظام»، على حد تعبير د. أحمد بديع مرشد الجماعة.

ورغم التسريبات التي سبقت الإعلان إلا أنه أحدث ردود فعل غاضبة في الشارع المصري، في مستوى (1) القوى السياسية و (2) مرشحي الرئاسة، و (3) في مستوى الناشطين و (4) النخب الثقافية والإعلامية، وحتى (5) في أعلى المستويات القيادية في الجماعة. بل أن ردود الفعل تفاقمت بشدة، في صورة سخط عام على قرار الجماعة، بعد إثارة جنسية والدة الشيخ حازم أبو صلاح. واستقر الاعتقاد، حتى بلسان الشيخ حازم، عن مؤامرة قذرة، تجري وقائعها بمشاركة جهات داخلية وخارجية، تعززها مؤشرات سياسية أطبقت صمتا على ما يجري، سواء من « الإخوان المسلمين» أو من غيرهم، ودلائل هجمة إعلامية ضارية، وأخرى سياسية وإدارية، محلية وأمريكية.

وأيا كانت وجاهة مبررات « الإخوان» أو صفاء نيتهم أو الظلم الواقع عليهم تاريخيا؛ إلا أن ترشيح « الشاطر» لم يمر بدون تداعيات خطيرة ضربت صميم الجماعة فضلا عن المس بعلاقاتها مع القوى السياسية والمنافسة، وصولا إلى مكانة الجماعة ومصداقيتها، وحقيقة أدائها التنظيمي من الداخل:
أولها، أن القرار كشف عن تباين في الرأي داخل الجماعة وصل إلى حد الانقسام. إذ بحسب المعلومات المتوفرة فإن قرار الترشيح تَطلب عقد ثلاث جلسات لمجلس شورى الجماعة نجم عنها معارضة 81 عضوا لقرار الترشيح في الاجتماع الأول ثم 61 في الاجتماع الثاني إلى أن صدر بموافقة 56 صوتا مقابل 52 صوتا معارضا، بل أن بعض الأرقام تتحدث عن 13 مؤيدا فقط مقابل 52 رافضا للقرار. ولا ريب أن القرار لم يكن ليمر لولا مساومات وابتزازات داخل الجماعة تسببت في استقالات لشخصيات بارزة داخلها مثل كمال الهلباوي أو انتقادات حادة من المرشد السابق، مهدي عاكف، ونائبه د. محمد حبيب.

والأكيد أن المعارضة الشديدة للقرار جعلت من مبررات الجماعة أوهي من بيت العنكبوت، خاصة أن البعض اقترح حل الإشكال بإعادة الاعتبار للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أو دعم الشيخ حازم أبو صلاح أو إحالة الأمر لكل عضو أن يختار ما يناسبه من المرشحين. لكن الأدهى هو أن التبريرات، « غير المقنعة» للكثير، تسببت بوصف الجماعة بـ « الكذب». وقد بدا هذا أوضح ما يكون في تصريح المرشد العام خلال افتتاحه مركزا ثقافيا للجماعة في بني سويف ( 27/3/2012)، حين قال: « أن قرار الجماعة من الترشح للرئاسة مؤسسي يتخذه مجلس شورى الجماعة، وأن الجماعة ما زالت حتى الآن على قرارها الأول في أنها لن ترشح أحدًا للرئاسة، وأنها كانت صادقةً وما زالت وستظل، والأمر قد يحتاج إلى إعادة النظر إذا وُجد شيء يُهدد مصر». إذ أن التصريح نشر على موقع الجماعة في 29/3/2012 على الساعة 10.27 مساء!!!!!؟

فالثابت أن الظروف الإقليمية والدولية والمحلية لا يمكن لها أن تتغير في أقل من 24 ساعة، وأن مصر لم تتعرض للتهديد بين عشية وضحاها، وأن ترشيح « الشاطر» لن يزيل التهديد في ساعات قليلة من عمر الأمم؟ وأن اجتماعات الجماعة الثلاثة لم تقع في أقل من 24 ساعة. فإنْ لم يكن هذا من « الكذب» فهو على الأقل لا يمكن أن يكون من « الصدق» بقدر ما بدا أقرب إلى « الخداع» الصريح بل وحتى « الغدر والإخلاف بالوعد»، واعتبار التصويت له « إثما»، كما جاء في بيان الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، تعقيبا على ترشيح « الشاطر» وليس على تصريح المرشد.
وثانيها، أن القرار سيتسبب في تفتيت خطير للأصوات. إذ بعيدا عن المبررات الفهلوية واللف والدوران، فإن ترشيح « الشاطر» سيعني قطعا خلطا للأوراق، وإعادة لتوزيع الكتلة التصويتية على خمسة منافسين محسوبين على التيار الإسلامي بدلا من أربعة، أو على ثلاثة بدلا من اثنين، أو على اثنين بدلا من واحد. بل أن ترشيح « الشاطر» جاء بمثابة ضخ الدم في العروق الجافة للقوى العلمانية واللبرالية، التي كانت تلملم عفشها، فإذا بها تتلقى فرصة ذهبية، أكثر من أي وقت مضى، لخوض المنافسة وحتى الفوز بمنصب الرئاسة.

وثالثها، ( وهو الأهم) أن القرار وضع « مصداقية» الجماعة و « ثقة» الناس بها في ميزان القبّان الثقيل، حيث كانت مواقفها السابقة توزن بالمحصلة، لكنها اليوم صارت توزن بالتفاصيل، إنْ لم يكن بميزان الذهب. ولعل أخطر ما في القرار أنه أخرج مصداقية الجماعة من اهتمام الخاصة ليضعها، بين عشية وضحاها، تحت مجهر العامة من الناس. وصار ما كانت تعتبره الجماعة وفروعها، طوال عقود، مجرد إشاعات أو حملات مغرضة أو تشويه، من شأن العامة واهتماماتهم وليس من شأن المراقبين والمتخصصين والخصوم. ومما لا يخفى على الجماعة أن الناس في حالة ثورة شعبية وطوارئ عقلية ويقظة وتأهب، وليسوا في حالة سكون بحيث يمكن للقرار أن يمر القرار في لحظة غفلة. وهي حالة يمارس الناس فيها رقابة على أدق التفاصيل. فما الذي جنته الجماعة من استحضار العامة لتاريخ « الإخوان» في العالم، وكذا لتحالفاتهم ومواقفهم السياسية والشرعية في النوازل الكبرى، بدء من ثورة يوليو 1952 مرورا بسوريا والجزائر وأفغانستان والعراق وغزة واليمن وتونس والمغرب ... ؟ وما الذي كسبته من استدعاء النقمة الشعبية عليها، وسط قناعة بأن « الإخوان» أثبتوا بأنهم طلاب سلطة بامتياز ثوري؟

ما من مكسب يذكر حققته الجماعة في هذا « التوقيت»، إلا التضحية برجل يحظى باحترام الناس، وينظر إليه الكثير على أنه الرصيد الأخلاقي للجماعة، فضلا عن الشهادة بكفاءاته الإدارية والاقتصادية. فلماذا لجأت الجماعة إلى حرق الرجل مبكرا، وبلا أية فائدة؟ سؤال لم يجد له الكثير إجابة إلا الشك في كون الجماعة تخفي أمرا ما بقرارها المفاجئ، خاصة في الوقت الذي بدا فيه الشيخ حازم صلاح صاعدا نحو كرسي الرئاسة بسرعة مذهلة؟ وهو صعود صب في حساب المشروع الإسلامي برمته أكثر مما صب في حساب الشيخ حازم. بل أن ترشيح « الشاطر» وضع علامات استفهام كبيرة حول نوايا الجماعة وحقيقة مواقفها وأهدافها، بنفس القدر الذي وضع علامات استفهام على قدرتها في توفير الشروط التي تسمح للشاطر بالفوز بانتخابات الرئاسة، إذ ماذا لو فشل « الشاطر» الذي لا تعرفه العامة كما تعرف أبو صلاح؟ تساؤل مقلق ولو من باب الاحتمال في مثل هذه العواصف التي تجتاح البلاد.

فالشيخ حازم، الذي يقول أنه خرج من دواليب الدولة والمجتمع بفعل عمله في سلك المحاماة، دفع ثمن ترشحه طوال عام كامل من المساءلات الشديدة والمحرجة، وإلى اختبارات كفاءة وتأهيل ومصداقية وثقة، من جميع القوى الاجتماعية وتشكيلاتها الحضرية والريفية والبدوية، كما تعرض لاختبارات ومساءلات مغرضة من شتى وسائل الإعلام، ومساءلات من المثقفين والطلبة، وكذا أشد منها من العلماء والطوائف والقوى السياسية، واختبارات أخرى من قوى الثورة، وكافة الخصوم، وحتى من أفراد المجتمع. وقدم لكل هؤلاء كشف حساب عن أدق التفاصيل، حول رؤاه الدقيقة والشاملة فيما يتعلق بالاقتصاد والزراعة والتجارة والسياسة والإدارة والحقوق والمجتمع والاستراتيجيا. كما قدم لغة عبرت عن ضمير العامة، وقاد حملة إعلامية مولها من ماله الخاص، ومن جيوب مناصريه والمتطوعين دون أن يعد أيا منهم بشيء خاص. وكان أسرع من حصل على تأييد نحو 50 نائبا في مجلس الشعب، وتلقى أكثر من 160 توكيلا، بما لم يستطيع أي مرشح أن يحصل على ما يكفيه منها، فضلا عن تزكية العلماء له. وجرفت شعبيته الشارع بمختلف تلاوينه، واستقرت مكانته لدى الفرد كما لو أنه ملكية خاصة لكل مواطن. وهو ما جعله مؤهلا لِأن يكون أقوى المرشحين للفوز بمنصب الرئاسة من الجولة الأولى.

لو أخذنا كل هذه المساءلات والاختبارات كمؤشرات للتقييم فإن الجماعة هي المؤشر الوحيد الذي سيحظى به رجل تم ترشيحه في اللحظات الأخيرة، وسط شقاقات واختلافات عميقة، ودون أية مساءلة أو اختبار من أية جهة كانت!!!! والطريف أن الجماعة لم تجد ما ترد به على الانتقادات إلا أن يكون « الشاطر»، بحسب المرشد، رجلا « مستجاب الدعوة»، أو لأنه، بخلاف المرشد، « الأكفأ» لدى آخرين!!! بما يكفي لبعض مؤيدي « الإخوان» ومحبيه أن يطالبوا أنصار الشيخ حازم بدعوته إلى التنازل لـ « الشاطر»، وانتزاع جهد الشيخ والشارع بلا أدنى جهد !!!!!!؟ أما لماذا؟ فلكي لا تتفتت الأصوات!!! وكأن العامة والخاصة رعايا للجماعة، وكل ما عليهم أن يتراجعوا حين تتقدم، وأن يسمعوا ويطيعوا، ويتقوا دعوة « الشاطر»!!!!

لكن إذا ما تركنا هذا المبرر أو ذاك، وما بدا مطالب استفزازية لأنصار الشيخ حازم، وكذا الردود المتشنجة، وأمسكنا ببعض تصريحات الجماعة التي ترى في « الشاطر» الشخصية « الأنسب» لمصر في هذه المرحلة؛ فما الذي يجعله كذلك؟

لا شيء إلا الجواب الذي جاء على لسان المرشد، وبعض مسؤولي حزب النور السلفي. إذ يرى المرشد بالذات أن مصر لا تحتمل أطروحة يمكن أن تضع مصر تحت التهديد بالحصار والمقاطعة. كما حصل لقطاع غزة بعد فوز حركة « حماس» في انتخابات المجلس التشريعي سنة 2006. مع العلم أن « حماس» لم تدخل العملية السياسية تحت سقف اتفاقيات « أوسلو» قبل استشارة الجماعة الأم، فضلا عن أنها حظيت بتبريرات لم تنقطع من مثل « حماية الحركة الإسلامية من التصفية»!!!!

إذن؛ شخصية الشيخ حازم، بما تحمله من أطروحة تسعى إلى تطبيق الشريعة تعد خروجا عن « المركز»، ومن شأن هذه الوضعية أن تسبب إزعاجا للجماعة التي وصلت إلى السلطة بشق الأنفس، وبعد ثورة شعبية لم يكن لها شأن مباشر في صناعتها. وتبعا لذلك فإن ترشيح « الشاطر» يمكن تفسيره ببساطة على أنه خطوة اعتراضية لمشروع الشيخ حازم، ومن ورائه المشروع الإسلامي.
أما الذي لا شك، فهو أن ترشيح « الشاطر» ليس سوى خطوة تحظى برضى جميع القوى الضارية في مصر، وفي مقدمتها المجلس العسكري، فضلا عن أنها تطمئن « المركز» الذي فزع من شعبية أبو صلاح، وصار بعد ترشيح « الشاطر» بحاجة إلى إيضاحات من جماعة سبق والتزمت بعدم التقدم لانتخابات الرئاسة، وكررت التزاماتها عبر عشرات التصريحات المرئية والمسموعة والمكتوبة، وفي كل محافل الخطاب السياسي والإعلامي والحزبي. وتبعا لذلك فهي الآن مدعوة لتجديد التزاماتها. لكن لمن؟

الأشد إثارة هو أن تتعرض الجماعة لمساءلات واختبارات من « المركز» وليس من الشارع ومكوناته .. تماما كتلك التي تعرض لها « الإخوان» في اليمن وتونس والمغرب وأخيرا سوريا. فقد قدم كل هؤلاء كشف حساب للولايات المتحدة تسبب بكوارث شرعية وحقوقية وسيادية وحتى مصيرية. وكنا قد أشرنا لهذا الأمر في مقالتنا السابقة « اللحظة الفارقة»، ولا بأس من إعادة التذكير بها.

فقد تحالف الشق السياسي لـ « الإخوان» في اليمن مع أحزاب « اللقاء المشترك»، ووضعوا البلاد والعباد تحت الوصاية الأمريكية التي باتت تتحكم حتى في تشكيلات الجيش اليمني وقياداته، ورفضت إعادة هيكلته إلا بما يبقي قادة الفرق التي تتلقى المساعدات الأمريكية لمحاربة « القاعدة» على رأس عملها، وهم أبناء الرئيس المخلوع وأبناء إخوته.

كما تسبب كشف الحساب هذا في ثناء الولايات المتحدة على ما أسمي جزافا بالإصلاحات الدستورية الخاوية من أي محتوى في المغرب، مع الاحتفاظ بالتحالفات الأمنية والدعوة إلى تعزيزها كما صرح سعد الدين العثماني وزير الشؤون المغربية.

وتسببت الاستجوابات التي تعرض لها قادة حركة «النهضة» في تونس بإقصاء الشريعة من الدستور التونسي، والاحتجاج بذات الحجج التي قدمتها القوى اللبرالية واليسارية والمتصهينة في تونس، بخصوص إدراج مادة تحظر التطبيع مع « إسرائيل» قبل قيام الدولة الفلسطينية، في ديباجة « العقد الجمهوري»، علما أن حركة « النهضة» كانت من ضمن القوى التي انسحبت من « هيئة تحقيق أهداف الثورة» التي كان يرأسها عياض بن عاشور.

أما في سوريا فقد سبق لوزيرة الخارجية الأمريكية أن اجتمعت بوفد ضم لبراليين و « إخوان» في واشنطن. وخرجت هيلاري كلينتون لتقول « ثمة ما يمكن الاستماع إليه»!!! وكانت المحصلة أن تقدمت جماعة « الإخوان» بوثيقة « العهدة الوطنية» التي خلت من أي ذكر للشريعة أو العروبة، فيما وضعت الكفاءة معيار الوصول إلى المناصب، حتى لو كان منصب رئيس الجمهورية. ويا سعد السوريين لو وصل إلى الرئاسة أحد اليزيديين أو عُبّاد الفروج أو العلويين أو الملاحدة والكفرة. فهل سيثورون ثانية؟

أما الآن فقد جاء دور « إخوان» مصر الذين أرسلوا، بعد يومين من ترشيح « الشاطر»، وفدا من حزب « العدالة والتنمية» إلى الولايات المتحدة. ومن الطريف أن أول اجتماع للوفد كان مع مجلس الأمن القومي الأمريكي، وكأنهم مشبوهون حتى تثبت براءتهم. بل أنهم اجتمعوا مع « مسؤولين من المستوى المنخفض» في المجلس قبل أن يلتقوا مسؤولين مماثلين بوزارة الخارجية. وبعدها تعرضوا لذات المساءلات التي تعرض لها سابقوهم من « الإخوان». وإذا كان « الشاطر» قد أعلن أن « الشريعة هي مشروعه الأول والأخير» فإن أول تعهدات الوفد الزائر، في الجولة الجارية حتى الآن، جاءت لتقول: « إن الحزب ملتزم بأهداف الشريعة وليس بتطبيق أمور بعينها»، وفي أعقاب منتدى عقد بجامعة جورج تاون في واشنطن قال عضو الوفد، عبد الموجود الدريدي،: « إن حزب الحرية والعدالة نهجه وسطي، ولديه ناموس يجب أن يحترم، وهذه هي النقطة التي يبدأ منها، لكنه لا يستطيع أن يتجاهل الحضارة الإنسانية»، أما زميلته سندس عاصم فقالت: « نحن هنا لنبدأ مد جسور التفاهم مع الولايات المتحدة»، وشددت على أن « الإخوان»: « يدركون الدور الشديد الأهمية الذي تلعبه الولايات المتحدة في العالم، وأنهم: « يودون أن تتحسن علاقاتهم مع الولايات المتحدة»، و: « بأكثر مما كانت عليه قبل ذلك»!!!

لسنا ندري ما الذي قصدته عضوة الوفد برغبة الحزب تحسين علاقات مع أمريكا: « بأكثر مما كانت عليه قبل ذلك»، لكننا ندري أن توم فيتور، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، أوضح بأن: « الولايات المتحدة تعتبر أن من مصلحتها أن تكون على اتصال مع جميع الأحزاب التي تعهدت باحترام المبادئ الديمقراطية، ومن بينها اللاعنف»، وبعبارة أكثر صراحة يقول: « نشدد في كل حواراتنا مع هذه المجموعات على (1) أهمية احترام حقوق الأقليات و (2) مشاركة النساء وننقل (3) قلقنا حول الأمن الإقليمي».

هذا ما يهم الأمريكيين؛ وعليه فإن الإقلاع العلمي والاقتصادي خروج عن « المركز»، والصناعة خروج « المركز»، ولحظة الكرامة خروج عن « المركز»، والنزوع نحو الاستقلال، ولو بشروط « المركز» وقيمه وأدواته العفنة والضالة، خروج عن « المركز» ... أما الشريعة فهي أعظم خروج عن « المركز»، لأن تطبيقها ليس سوى لحظة صدق فارقة مع الذات والأمة والتاريخ، إذ أن مدخلات الدعوة إلى تطبيق الشريعة، حين تأتي في سياق حملة شعبية غير مسبوقة، وفي مناخ ثوري يقظ وقابل للتحول والتشكل، وربما في اللحظة التي يبدو فيها أبو إسماعيل على شفا الرئاسة، قد تؤدي مخرجاتها، بمكر من الله عز وجل، إلى قلب الموازين السياسية والاجتماعية، وتحطيم مراكز القوى الضارية، على نحو مفاجئ، .. لحظة قد تقع في خضم العملية الانتخابية، أو قبيل لحظات من إعلان النتائج، أو بعيد إعلانها، أو في سياق العملية السياسية اللاحقة .. وهي لحظة ليست ببعيدة عن الناظرين بقدر ما هي مثيرة ومخيفة ومرعبة ومشابهة تماما لما حصل في الجزائر خلال الانتخابات البرلمانية التي أدت إلى انقلاب دموي قاده الجيش لإحباط فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والتي كانت تضع تطبيق الشريعة على رأس برنامجها الانتخابي.

يحدث هذا بينما لم تبدأ بعد معركة كتابة الدستور.. لكن في هذا السياق فقط يمكن أن نفهم الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الشيخ حازم دون غيره من المرشحين، وفي هذا السياق فقط يمكن تَوَقُّع أوسخ الهجمات الإعلامية وأشدها فجورا وعهرا، وفي هذا السياق فقط تخرج الضواري كالأفاعي المتضورة جوعا وعطشا من سباتها الشتوي، وفي مثل هذه الأجواء تنشط الأوزاغ حول جنسية والدة الشيخ حازم حتى تصل إلى درجة الاستفزاز في صمت القوى السياسية بمن فيهم « الإخوان»، وتَمَنُّع دائرة الجوازات المصرية عن بيان الحقيقة، وإلى نفاق الخارجية الأمريكية وكذب صحف واشنطن ونيويورك .. ومع أن المعركة الدائرة ليست بين « الشاطر - خيرت» و « الأشطر - حازم» و « المشطور - الجماعة»، إلا أن هناك من يعتقد أن الحفاظ على « صلة الرحم» مع « المركز» بات واجبا تمليه « اللحظة الفارقة»!!! .. وكأن هذا ما كان ينقص الثورة المصرية والسيدة كاميليا شحاته فك الله أسرها.

نشر بتاريخ 07-04-2012
  #86  
قديم 08-04-2012, 02:57 AM
الصورة الرمزية غراس الجنه
غراس الجنه غراس الجنه غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: May 2010
مكان الإقامة: الدولة الإسلامية في العراق والشام
الجنس :
المشاركات: 4,283
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كاميليا وملحمة التوحيد

وكمْ ذا بمصر من المُضْحِكات .. ولكنه ضحك كالبكا

بارك الله فيك اخي الفاضل رياض

  #87  
قديم 21-04-2012, 10:29 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: كاميليا وملحمة التوحيد


وفيكم بارك الله اختي الفاضله
  #88  
قديم 21-04-2012, 10:34 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: كاميليا وملحمة التوحيد


كاميليا وملحمة التوحيد

(19)


القهر


د. أكرم حجازي

18/4/2012







ما أن اندلعت الثورة المصرية حتى ألهبت مشاعر العالم، وأدهشت كل مراقب، ودخلت بوقائعها وشعاراتها كل بيت، وصار شعارها أهزوجة الشعوب، وميدانها قبلة المستعبَدين، وغدت ملتقى الأحرار من العالم .. لكن بعد أكثر من عام .. بدت الثورة وكأنها تحتضر في ضوء: (1) الفعاليات الباهتة لمجلس الشعب المصري الجديد، و (2) غفلة المجلس الذي بدا كما لو أنه آخر من يعلم عن حقيقة الإعلان الدستوري، و (3) استبعاد اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة لعشرة مرشحين، و (4) التراجع عن الهيأة التأسيسية للدستور، و (5) ارتفاع أسهم الفلول في سباق الرئاسة.

وما أن فتح باب الترشيح للرئاسة حتى فوجئ المصريون والعالم بقضية جنسية والدة الشيخ حازم أبو صالح، المرشح الأعظم شعبية بين المرشحين، وما هي إلا ساعات حتى غدا أبو إسماعيل المادة الدسمة لقوى الثورة المضادة خاصة لوسائل الإعلام المحلية. أما لماذا الشيخ حازم؟ فلأن تمرير ضرب أقوى المرشحين والمس بمصداقيته، واتهامه بالكذب، وإرهاقه بالدفاع عن نفسه، سيمهد الطريق لضرب باقي المرشحين بنفس الوقت الذي سيسمح لمرشحي الفلول بالتقدم، بمن فيهم عمر سليمان، أبغض الناس إلى المصريين وغير المصريين. وسيمهد أكثر لضرب الثورة وانتزاع شرعيتها من قلب الشارع.

وبعد جولات ماراثونية مع القضاء المصري والأمريكي، حصل الشيخ حازم على قرار من المحكمة الإدارية يقطع الشك باليقين حول عدم حصول والدته على جنسية أمريكية، وبطلان كل الوثائق ذات الصلة من أي اعتبار قانوني، وإلزام وزارة الداخلية بمنح الشيخ وثيقة تثبت عدم ازدواج جنسية والدته، وهو ما حصل. لكن اللجنة العليا للانتخابات رفضت قرار المحكمة وشهادة الداخلية وكل الدفوع القانونية والدستورية التي قدمها الشيخ حازم. واستدلت على قراراها بوثيقة أمريكية تثبت أن والدة الشيخ تحمل الجنسية الأمريكية، علما أن الوثيقة ليست سوى ورقة بيضاء تخلو من أي سند كان إلا من النص المكتوب فيها. وهو ما يعني أن الورقة يمكن كتابتها في أي مكان ومن قبل أي شخص على وجه الأرض.

والحقيقة أن من يطالع مجمل الوثائق والأوراق التي اطلعت عليها المحكمة الإدارية واللجنة العليا، وأصبحت في متناول الإعلام والمؤسسات الحقوقية وحتى العامة من الناس، لا يمكن له أن يحصل على أي ثغرة يمكن أن تؤدي إلى دليل، ولو مشبوه، يشير إلى وجود جنسية أمريكية بحوزة والدة الشيخ.

وتبعا لذلك فإن إصرار اللجنة على استبعاد الشيخ حازم، بلا أي سند قانوني أو أخلاقي أو شرعي، هو شهادة زور صريحة وقرار بالغ الوحشية. بل هو قرار يصادم كل منطق أو عقل أو فطرة أو مصلحة لمصر. وإذا أمعنا النظر أكثر فالقرار أشبه ما يكون بحقن الشارع المصري، على لأقل، بأقصى جرعة من القهر. والمثير في الأمر أن مثل هذا الحقن الخطير جدا قد يؤدي إلى الانفجار الذي لا تحمد عقباه. فما الذي يجعل اللجنة العليا تتخذ مثل هذا القرار الذي يفتح أبواب الجحيم على مصر؟ وما الذي تتوقعه اللجنة أو المجلس العسكري من احتقان بهذا المستوى من الخطورة؟ ولمصلحة من؟

الواقع المستقر لدى المصريين أن هذا القرار ليس سوى قمة فعاليات الثورة المضادة .. فعاليات تتمتع بأعلى مواصفات الاستهتار والاستغفال والتحقير والإذلال والتحدي لكل قيمة شرعية أو قانونية أو أخلاقية. وهو بعبارة أحد المصريين: « أعلى ما بخيلكو اركبو»ا!!! وفي مثل هذه الأوضاع فإن إحسان الظن والدعوة إلى الاحتساب والصبر أو إحالة الحدث إلى القضاء والقدر هو من قبيل اللامبالاة والتخذيل والانبطاح والتهور .. بل هو من قبيل البلاهة التي ستصب قطعا في خانة وأد الثورة.

إذن؛ ما هي المرجعية التي مكنت اللجنة من الإصرار على إصدار قرار يخلو من أي اعتبار قانوني أو دستوري؟ وما هي مصادر القوة التي تحصنت بها اللجنة كي تتجرأ على مصير دولة بحجم مصر، أو مجتمع في حالة يقظة؟ وكيف للمجلس العسكري أن يخدع الثورة والشعب المصري؟ والذي ظهر خداعه بأوضح ما يكون في مضمون الإعلان الدستوري، وبالذات في المادة 28 منه، والتي تجعل من اللجنة العليا للانتخابات فوق الإعلان الدستوري نفسه؟

أيا كانت القراءات المحتملة، بما فيها تلك التي غرقت في التفاصيل، إلا أن ما لم يعد من الممكن تجاهله أو غض الطرف عنه هو ميل المصريين إلى الاعتقاد بأن:

• يكون هناك قرار عابر للقارات يقضي باستبعاد الشيخ حازم من سباق الرئاسة تحت أي ظرف كان. أما لماذا؟ فلأن الشيخ يحمل مشروعا قد يؤدي إلى إخراج مصر من دائرة السيطرة والتبعية والهيمنة. والواقع الأكثر منطقية يؤكد أن تطبيق الشريعة ليست سوى عملية دينامية كالثورة تماما. فإذا ما انطلقت عجلة دورانها فمن المستحيل وقفها أو التنبؤ بمساراتها ونهاياتها. وهو ما لا يمكن لـ « المركز» أن يتحمله.

• أو تواطؤ من القوى السياسية التقليدية ( أحزاب، جماعات، مشايخ، علماء، شخصيات معارضة للنظام سابقا، مؤسسات، وقوى ثورية .. . ) مع المجلس العسكري للتخلص من الشيخ حازم. إذ أن هذه القوى لا تحتمل مشروع تطبيق الشريعة. وبالتالي فإن مصالحها تتقاطع بالضرورة مع مصالح « المركز» و « المجلس»، طوعا أو كرها.

الظاهر للعيان، وبأقل جهد ممكن، أن وقائع الصراع على مصر صارت اليوم كتابا مفتوحا، يمكن للجميع قراءته بلا أية مراوغات. بل أن سباق الرئاسة فضح كل القوى، وكل الأوراق، وكل النظم الدستورية، وصار المصريون بين ثلاث خيارات:

(1) إما خوض صراع صريح مع المركز عبر التوجه نحو ميادين وساحات البلاد، وانتزاع الثورة من وصاية العسكري وهجمات الثورة المضادة وعجز القوى التقليدية كافة، باعتبارها قوى مخادعة أو معادية أو قاصرة عن حماية الثورة أو تحقيق أهدافها. وهذا السياق قد يتجاوز تفعيل القوى الشعبية في إعادة احتلال الشوارع والميادين العامة في كافة المحافظات أو محاصرة مراكز القرار والتأثير وتعطيل فاعليتها، أو حتى دعوة القوى الإسلامية الحزبية إلى الانسحاب من مجلس الشعب، أو إحراج القوى الشرعية لقيادة الحراك الشعبي وحسم الموقف، إلى تفعيل دور القوى المدنية المنظمة والعاملة في مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسات الجيش الاقتصادية والاستثمارية.

(2) وإما الاتفاق على إعلان دستوري جديد أو تعديل الموجود، بما يضمن إخراج العسكري من احتكار السلطة وتسليمها لهيأة مدنية محايدة، ومن ثم تأجيل الانتخابات الرئاسية وكتابة الدستور. إذ أن وصاية العسكري، كمؤسسة عنف، على السلطة لن تؤدي إلا لنظام عنيف يحفظ له عنفه ضد الدولة والمجتمع على السواء، وهو ما لم يعد ممكنا في سياق العقلية الدينامية للثورة.

(3) أو الاتجاه نحو مأسسة تيار تطبيق الشريعة، بما يؤدي لاحقا إلى ولادة قوة شرعية وثورية بديلة عن كل القوى السائدة وقادرة على حفظ المشروع الإسلامي عقديا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا، كخطوة أولى تسبق مبايعة الشيخ حازم.

فرج الله عن كاميليا شحاته















نشر بتاريخ 18-04-2012
  #89  
قديم 27-06-2012, 06:11 PM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: كاميليا وملحمة التوحيد



فرج الله عن كاميليا شحاته

  #90  
قديم 03-09-2012, 10:08 AM
الصورة الرمزية غراس الجنه
غراس الجنه غراس الجنه غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: May 2010
مكان الإقامة: الدولة الإسلامية في العراق والشام
الجنس :
المشاركات: 4,283
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كاميليا وملحمة التوحيد




كاميليا وملحمة التوحيد


(20)


ولا يزال التحقيق مستمرا !!!



د. أكرم حجازي

15/8/2012







المباغتة والجرأة، واللامنطق ... هي أميز ما في « عملية رفح - 5/6/2012 »، التي ذهب ضحيتها ستة عشر ضابطا وجنديا مصريا، وكذا سلسلة القرارات التي اتخذها الرئيس محمد مرسي، وأودت بسلطة العسكر في مصر .. وهددت « الدولة العميقة» بالاقتلاع من الجذور!!! لكن أين هي الحقيقة في كل ما يجري؟ ذلك هو السؤال المحير الذي يستحق المتابعة في هذه المقالة وبعدها.


حتى الآن


بخلاف حادثة تفجير « كنيسة القديسين - 1/1/2011 » في الإسكندرية!!! حيث تابعنا في ذلك الحين مئات التصريحات الأمنية والسياسية والتقارير والمقالات والتحاليل السياسية والعسكرية، علّنا نقع على خيط ما يمكن تتبعه، أملا في الوقوف على لغز التفجير، إلا أننا لم نجد ولو كلمة واحدة قد تكون سقطت على لسان شخصية ما. أما المفارقة العجيبة في « عملية رفح» فتكمن في أن الجميع كان يعرف أن هناك عمل ما يجري التحضير له، بل أن أرفع مسؤول استخباري في مصر اعترف بأنه كان يمتلك معلومات كاملة عن العملية وهوية المنفذين، وأن « إسرائيل»، بحسب صحيفة « بوابة الأهرام – 6/8/2012 » سحبت، قبل ساعات من البدء بتنفيذ العملية، عناصرها من النقطة الحدودية المقابلة لنقطة رفح، وأنها - « إسرائيل» - دمرت المدرعة التي اختطفها بعض المهاجمين وسمحت بهروب اثنين منهم، وأنها قبل هذا وذاك طلبت من مواطنيها مغادرة سيناء قبل سبع ساعات من تنفيذ العملية، وأن أفيجاي درعي، المتحدث الرسمي باسم الجيش « الإسرائيلي» أعلن على حسابه في « تويتر» عن العملية قبل دقائق من وقوعها!!!

أما المفارقة الأعجب، فهي أن الفاعل ظل مجهولا في حالة الكنيسة إلى ما بعد سقوط مبارك، حيث تبين مسؤولية وزير الداخلية الحبيب العادلي عن الحادث. لكنه في « عملية رفح»، رغم توفر كل المعلومات إلا أن الفاعل ما زال مجهولا أيضا!!! ومع ذلك ثمة من تجرأ على اتهام الجماعات الجهادية في « عملية رفح» في الوقت الذي لم يتجرأ على اتهامها في حادثة الكنيسة. ولو لم يكن الرئيس المصري سليل جماعة « الإخوان المسلمين» لما اتهم أحد الجماعات الإسلامية أو الجهادية أو حتى أتى على ذكرها!!!

الثابت أيضا أنه لم تكن الجهات التي اتهمت القوى الإسلامية في غزة ورفح إلا « إسرائيل» و « المخابرات المصرية»، فضلا عن أساطين الردح الإعلامي، وكذا الحاقدون على كل ما هو مسلم وعربي وفلسطيني سواء كان من « حماس» أو من غير « حماس». أما القول بأن الجماعات « التكفيرية» هي التي نفذت « عملية رفح» فهو اتهام مُغرِضْ بالدرجة الأولى، ورخيص ووضيع من المدير السابق للمخابرات المصرية، بالدرجة الثانية، ولا يقل وضاعة في قيمته وحقيقته عن اتهام الحبيب العادلي لـ « جيش الإسلام» بتفجير « كنيسة القديسين». ومع ذلك ثمة من انساق، بقصد أو بدون قصد، وراء اتهامات مراد موافي و « إسرائيل عبر توصيفها بـ « المخترقة» أو « القابلة للاختراق»!!! ولا ريب أن أصحاب هذا الزعم؛ حين قبلوا وشجعوا، قبل أي تحقيق أو بينة، فكرة أن جماعة جهادية، معروفة أو مجهولة أو مصطنعة، هي التي نفذت العمل إنما فعلوا ذلك لسهولة استباحة هذه الجماعات، فوقعوا من حيث يدرون أو لا يدرون في فخ أطروحة الخصم والعدو دون تردد. وفي المقابل رفضوا أية دفوع لهذه الجماعات باعتبار أن بذرة « الاختراق» كامنة فيها، ولأنها مطاردة أمنيا فضلا عن أن المنابر الإعلامية تقف حجر عثرة أمام حقها في الدفاع عن نفسها.

ومع ذلك؛ فقد نفت الجماعات الجهادية، لاسيما « مجلس شورى المجاهدين – 8/8/2012»، مسؤوليتها عن العملية، بعد يومين على وقوعها، أما الأمر المؤكد، للبعيد والقريب، أنه لم يثبت في أكثر من 15 عملية تفجير لأنبوب الغاز المصدر لـ « إسرائيل»، سبق أن نفذتها هذه الجماعات، إصابة حارس أو مدني أو عسكري بأدنى أذى جسدي. وبالتالي فإن إرسال الجيش لم يكن له أي منطق أو جدوى أو مبرر طالما أن الجهة المنفذة لـ « مذبحة رفح» ما زالت مجهولة حتى الآن. فماذا سيفعل الرئيس لو تعرض الجيش المصري لمذبحة ثانية وثالثة ورابعة في هذه الجهة أو تلك من البلاد .... ؟

لا ريب أن مراقبة نشاط الجماعات الجهادية في مصر يؤكد أنها استفادت من التجارب السابقة. وحتى في زمن حسني مبارك فقد ابتعدت عن كل عمل يمس مصر أو أي من مصالحها بأذى. ومن الطبيعي والمنطقي أن يكون هذا الحرص أكبر في ظل الثورة وإلا فما الذي يمنعها من مواجهة فلول « الدولة العميقة» وهم في متناول اليد وتحت السمع والبصر!!!؟ بل أن هذه الجماعات حرصت على حماية مصالح مصر في الوقت الذي انشغلت فيه القوى السياسية في الصراع على السلطة. وأغرب من هذا أنها لم تسجل ولو اختراقا واحدا باتجاه فلسطين. والجهة الوحيدة التي ظهرت مؤخرا هي « مجلس شورى المجاهدين»، والتي نفت أية صلة لها بـ « عملية رفح». وهذا يؤشر على أن الجماعات الجهادية كافة، ودون أن تتخلى عن أطروحتها وثوابتها العقدية، بدأت تأخذ بعين الاعتبار الظروف المحلية والإقليمية والدولية قبل أن تنفذ أي عمل مضاد حتى لـ « إسرائيل».

أما الحقيقة التي لا يستطيع أن يرائي فيها أحد فهي التي تؤكد أن « الاختراق»، أياً كان مصدره، هو فعل لا يمكن أن تفلت منه أية قوة على وجه الأرض .. ولا حاجة للتذكير بسلاسل الاغتيالات التي نفذها جهاز المخابرات « الإسرائيلي - الموساد» ضد قادة الفصائل الفلسطينية الإسلامية والعلمانية على السواء أو وجود الطابور الخامس في الدول العربية وفي كل دولة على وجه الأرض. ولا حاجة للتذكير أيضا عمن هو المسؤول عن « الثورة المضادة» في دول الثورات العربية خاصة في مصر. وإذا لم ينفع التذكير بمثل هذه الأحداث فعلى من يصر على حكاية « الاختراق» أن يقارب الأمر مع مجتمع المدينة المنورة نفسه، الذي كان يعج بـ « المنافقين»؛ فهل يحق لنا هنا أن نتساءل عما إذا كان المجتمع النبوي، هو الآخر، قابلا للاختراق؟ وأن بذرة « الاختراق» فيه « بنيوية»!!!!؟ وفي نفس الوقت ننكر حقيقة أن كل مجتمع فيه من الخير والشر حتى لو كان الوحي ينزل !!!!؟

الحقيقة أن « الاختراق» البنيوي كان في صلب الدولة المصرية، وهو الذي تم توصيفه بـ « الدولة العميقة»، على مرمى عين الرئاسة وكافة القوى السياسية والإعلام الدولي والمحلي. ومع أن المسؤولية الجنائية المباشرة واضحة بحق مدير المخابرات المصرية، مراد موافي، وكذا رموز السلطة العسكرية، من المشير حسين طنطاوي وسامي عنان، فما دون عن قتلى الجيش المصري في سيناء، بسبب إخفائهما المعلومات عن الرئيس إلا أن الأخير هدد بصريح العبارة أن « جريمة رفح لن تمر دون رد»!! وفعليا فقد أرسل الجيش إلى هناك، وأعلن عن عملية عسكرية، استخدمت فيها الطائرات المقاتلة والمروحية بإذن « أمريكي» و « إسرائيلي» لأول مرة منذ توقيع اتفاقية « كامب ديفيد» سنة 1979. وحتى اللحظة أسفرت العملية عن مقتل العشرات دون أي دليل على مسؤوليتهم عن « عملية رفح!!! ودون أي تحقيق أو محاكمة!!!

يحدث هذا في الوقت الذي أكد فيه ياسر علي، المتحدث باسم الرئاسة، (7/8/2012) أن: « هناك الكثير من التصورات: منها يقول إن مرتكبيه مجموعة مصرية، وآخر يقول: إن بينهم غير مصريين. ولكن لا يقين حول أي منهما». مشيرا إلى أن: « هناك غرفة عمليات مشتركة بين كل الجهات الأمنية المصرية تعمل على مدار 24 ساعة للكشف عن مرتكبي الحادث»، و: « أن مؤسسة الرئاسة تتابع بشكل دقيق التحقيقات، وستعلن المعلومة الكاملة فور وصولها». وفي المقابل اتهم بيان الجيش: « عناصر من قطاع غزة بالمساعدة في الهجوم على الموقع العسكري الحدودي في رفح». قائلا: « إنه لن يتساهل مع أي جماعات تمتد يدها إلى أفراد قواته». فمن هو إذن العدو الذي أُرسل الجيش لمقاتلته؟

الطريف في الأمر أن الذين يتحدثون عن الديمقراطية والحرية ليسوا هم من أرسل الجيش، ولا البرلمان المحلول ولا الرئيس الذي لم يكن يملك الصلاحيات ولا قادة الجيش الذين أقالهم الرئيس!!! فمن الذي أرسل الجيش إذن إلى سيناء لبدء عملية عشوائية ليس معروفا فيها من هو العدو؟ ولا ضد مَنْ سيقاتل؟ هل سيقاتل المجرمين؟ أم تجار المخدرات؟ أم العصابات؟ أم سيقاتل السكان البدو الذين أذلهم مبارك، وهمشهم، وحرمهم من أية تنمية، وألحق بهم أبلغ الأذى؟ أم سيقاتل الجماعات الإسلامية التي عطلت تصدير الغاز لـ إسرائيل، ووفرت على مصر مليارات الدولارات المنهوبة دون أن يهريقوا نقطة دم؟

وهل ثمة تفسير، بعد كل هذا، إلا أن يكون الأمر برمته واقع بيد القوى الخارجية، التي أذنت بما لم يسبق لها أن أذنت به لحسني مبارك!!!؟ .. الثابت في كل ما جرى أن الجيش بدا وكأنه أداة بيد الولايات المتحدة و « إسرائيل»، وأن الأسوأ من « مذبحة رفح» هو الذي وقع!! وفي المحصلة كان الضحايا من المسلمين، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، وليس من اليهود. والسؤال: بما أن كل المؤشرات تتجه نحو إسرائيل في المسؤولية عن « هجوم رفح» فلماذا سارع المصريون إلى دفع الثمن مرتين؟!!! ولماذا يقبل « ولاة الأمر» دائما أن يلعبوا دور المذنب الذي يستحق العقاب حتى قبل أن تتبين مسؤوليتهم عن فعل ما؟ وقبل أي تحقيق يحدد المسؤوليات؟ ودون أي دليل يذكر؟

حدث هذا التقمص، قبل الثورة، حين اختطفت المهتديات إلى الإسلام من الأرثوذكس، وتم الزج بهن في سجون الكنائس وأقبيتها، وفي حادثة « كنيسة القديسين» لمّا بدا المسلمون وكأنهم المتهمون الوحيدون حتى قبل أن يجري أي تحقيق، بل أن مشايخ ذوي لحىً طويلة تحدثوا كما لو أن الإسلام بذاته هو المذنب!!! وكذلك تكرر الأمر ذاته في حادثة « كنيسة إمبابة» حيث قتل المسلمون واتهموا بإشعال الفتنة وسجن منهم من سجن وطورد من طورد بلا أي ذنب اقترفوه، وقبلها في « كنيسة العمرانية» في الجيزة، لمَا حاصرت ميليشيات شنودة مبنى المحافظة وقطعت الطريق الدائري وهددت باختطاف المحافظ، وحدث أيضا بعد الثورة، في واقعة « ماسبيروا» التي ذهب ضحيتها جنود الجيش الذي أرسل إلى سيناء!!! وفي أعقاب « عملية إيلات – 18/8/2011 » التي قتلت فيها « إسرائيل» خمسة جنود داخل الأراضي المصرية، وكذلك جرائم وزارة الداخلية وأجهزة الأمن والجيش في أحداث شارع محمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية وملعب بورسعيد وسلسلة الحرائق التي أشعلت مصر أو الفوضى التي انتشرت فيها وعمليات السطو والقتل .. في كل هذه الأحداث ومثلها أو غيرها كان المسلمون هم الضحايا. فلماذا لم يتحرك الجيش نصرة لنفسه وجنوده قبل أن ينتصر للمسلمين في مصر؟

« في دولتي لن يكون هناك مظلوما»! هذا ما قاله الرئيس مرسي. لكنه في كلمته بمناسبة الاحتفال بـ « ليلة القدر 13/8/2012» بمقر مشيخة « الأزهر قال: « من بغى وطغى وتآمر وخطط ومن اعتدى وقتل (..) هؤلاء الخونة لن تأخذنا بهم أبدا رأفة أو شفقة نلاحقهم حتى ننتهي منهم». فهل أثبت أي تحقيق « بغي و « طغيان» و « تآمر» و « تخطيط» و « اعتداء» من أية جهة كانت؟ وهل قرار « ملاحقتهم» و « الانتهاء منهم» يسنده أي حكم قضائي، مدني أو شرعي، أو غطاء برلماني؟ وهل قتل المئات في هذه الأحداث بلا أي دليل أو محاكمة هو من الإنصاف ناهيك أن يكون من العدل؟ وهل إرسال الجيش إلى سيناء، من الأصل، هو قرار سيادي؟


عاصفة القرارات


المؤكد أن قرارات الرئيس مرسي أفرحت كل المصريين والعالم العربي. فهي قرارات غير مسبوقة في تاريخ مصر ولا حتى في تاريخ أية دولة بهذا الحجم. بل هي ضربة في صميم قواعد النظام أو ما يسمى في مصر برؤوس « الدولة العميقة». فقد أقال الرئيس في الوجبة الأولى ( 7/8/2012) مدير جهاز الاستخبارات العامة وقائد الشرطة العسكرية ومحافظ شمال سيناء وقائد الحرس الجمهوري، بالإضافة إلى عدد من القيادات الأمنية بوزارة الداخلية، وفي الوجبة الثانية ( 12/8/2012 ) أقال وزير الدفاع وقادة الجيوش البرية والبحرية وعين نائبا للرئيس وألغى « الإعلان الدستوري» المكمل!!!!؟

لكن كيف للرئيس أن يتخذ قرارات بهذا الحجم، وعلى حين غرة من العامة والخاصة، ضد أعتى القوى الباطشة من « فلول» النظام، والذين أطاحوا فعليا بالثورة، وأذلوا الثوار، وأهانوا الشعب المصري، وصدروا القوانين والمراسيم واللوائح الدستورية، ووصلوا إلى سدة الرئاسة دون أن يتمكن كل الشعب المصري من اعتراضهم؟

كيف !!!؟ هل يملك الرئيس عصا سحرية إلى الدرجة التي جعلت « الفلول» يصمتون كما لو أن على رؤوسهم الطير؟ من هي الجهة التي امتلكت فجأة عناصر القوة بحيث استطاعت أن تلجم « الفلول» عن بكرة أبيهم؟ هل هي الرئاسة؟ أم الثورة؟

نتساءل باندهاش كغيرنا!!! لأننا نتحدث عن ضواري السلطة مثل « المجلس العسكري» المدعوم أمريكيا قلبا وقالبا!! وعن « رجال المال والأعمال» الذين سخروا مليارات الجنيهات في الإعلام!!! وعن « أجهزة الأمن والمخابرات» التي ما زالت موالية للنظام القديم، وتدفع لأعوانه من البلطجية والمجرمين والمخبرين وأمثالهم!!! وعن « الكنيسة الأرثوذكسية» التي تلعب دور الدولة داخل الدولة إنْ لم يكن فوقها!!! وعن « أجهزة ووسائل الإعلام» التي قادت « الثورة المضادة»، جهارا نهارا، بلا حياء ولا خشية ولا رادع من دين أو أخلاق أو ضمير!!!! وعن رموز « القضاء» الفاسدين والمفسدين في المحاكم الكبرى؟ وعن « شبكات الهيمنة الدولية» ومؤسساتها من الولايات المتحدة مرورا في أوروبا فضلا عن أذرع الاستخبارات الصهيونية، المدنية والعسكرية!!! وعن « دول عربية» متورطة، سرا وعلانية، في دعم الثورة المضادة وتمويلها وحمايتها!!!

لا ريب أن الصمت شبه المطبق لهؤلاء لم يكن قدرا ولا عجزا!!! فمن الذي أشار عليهم بالصمت والانزواء؟ هذا السؤال نطرحه وغيره من التساؤلات لأن الأصل أن هناك ثورة، وأن العهد الذي تكون فيه الأمة فاعلا استراتيجيا فمن حقها أن تكون شريكة في السلطة وشريكة في القرار. لكن القرارات فاجأت الجميع .. وهذا مؤشر على غياب الشفافية .. ومؤشر على أن نمط الحكم السياسي ما زال هو ذاته السائد في عهد ما قبل الثورة حيث تؤخذ القرارات بعيدا عن الأمة وبعيدا عن استشارتها!!! فما الذي يضمن أن تكون قرارات الرئيس نابعة من السيادة وليست مستوردة من الخارج لاسيما وأن « الفلول» صمتوا فجأة أيضا، فضلا عن اعتراف الأمريكيين بعلمهم بالتغييرات التي وقعت من خلال سفيرتهم في القاهرة آنا بيترسون، وكذلك من خلال ليون بانيتا، وزير الدفاع الأمريكي وزميلته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون واللذين كانا في مصر قبل أيام من « عملية رفح»!!!!

بلا ريب أيضا؛ فإن ثمة أمر جلل وقع في مصر. لكن القول بأن القرارات استبقت محاولة انقلابية كان يجري التخطيط لها في 24 آب / أغسطس لإسقاط النظام وإعلان الحكم العسكري تمهيدا لاستعادة نظام مبارك لا يكفي لكي تصمت « الدولة العميقة» برمتها.

ولا يكفي القول أيضا أن تحقير الرئيس ووضع حد لـ « ازدواجية السلطة» مبرران كافيان لتمرير أخطر القرارات في تاريخ البلاد دون أية مقدمات مقنعة حتى لو كانت القرارات مفرحة.

ولا يكفي الزعم أبدا بسيادية القرارات في الوقت الذي يجري فيه التأكيد على استمرار العملية العسكرية للجيش في سيناء!!!

وإذا لم تكن ثمة مبررات مقنعة فإن ما يجري في مصر هو « اختراق مظلم» !!! فهل في مثل هذه القرارات والأحداث يمكن الاطمئنان على سلامة كاميليا وأخواتها؟ وهل الإفراج عنهن أصعب من تفكيك « الدولة العميقة»!!!؟ لا بأس .. فلا يزال التحقيق جاريا!!!!!!!



نشر بتاريخ 14-08-2012
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 121.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 115.86 كيلو بايت... تم توفير 5.53 كيلو بايت...بمعدل (4.55%)]