شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 67 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         قد كان لي قلب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          قيم عائلية مهمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          إن الله يحول بين المرء وقلبه.. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          درر وفوائـد من كــلام السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 18807 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 6348 )           »          أخلاق العمل في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 12524 )           »          بركـــة طعــام المسلـم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          أهم تيارات التكفير والعنف ودور الدعوة السلفية في مواجهتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 667 )           »          خشـونـة الركـبـة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-06-2025, 07:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [387]
الحلقة (419)



شرح سنن أبي داود [387]
جاء الإسلام بكل ما يدعو إلى الألفة، وحرم كل ما هو سبب للفرقة والبغضاء؛ ولذلك جعل الإسلام للمعاملات المالية أحكاماً حكيمة رحيمة، وسد بهذه الأحكام كل طرق الخصام والبغضاء، فنهى عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، ونهى عن بيع السنين، ونهى عن بيع الغرر.



بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها



شرح حديث (نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمشتري) ] .
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله: باب في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، وحكمه أنه غير جائز، وقد جاءت الأحاديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما قال: (نهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري) وذلك لأن بيعها قبل أن يبدو صلاحها عرضة لأن يحصل فيها أضرار أو أخطار، ولا تحصل من ورائها الاستفادة.
ويشرع بيعها عندما تبدأ الاستفادة منها، وذلك بأن يطيب أكلها، ويحصل احمرارها واصفرارها، وأما قبل بدو صلاحها فلا يجوز بيعها، إلا إذا كان البيع قبل بدو الصلاح فيه مصلحة، كأن يؤكل على تلك الحال، أو يقطع ويستفاد منه، فلا بأس بهذا؛ لأن المقصود من المنع كونه يشتريه ويتركه على رءوس النخل، ويأكله شيئاً فشيئاً، فهذا لا يجوز إلا بعد بدو الصلاح.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها)
قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي] .
عبد الله بن مسلمة القعنبي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن مالك] .
مالك بن أنس، الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع] .
نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر] .
ابن عمر رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود.



شرح حديث (نهى عن بيع النخل حتى يزهو)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا ابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري) ] .
أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله إلا أن فيه بيان أن الوقت الذي يجوز بيع الثمر فيه أن يزهو، والزهو هو الطيب، يعني حتى يطيب أكله حين يحمر أو يصفر وفيه أيضاً زيادة أنه نهى عن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، يعني: إذا استوى وهو في سنبله يجوز بيعه؛ لأنه عند ذلك يكون قد طاب، وجاء وقت الاستفادة منه.
قوله: [(نهى البائع والمشتري)] .
يعني أن النهي لكل منهما، فالإثم يكون على الجميع إذا خولف النهي؛ لأنهم قد نهوا جميعاً، ونهي البائع من أجل ألا يكون عرضة إلى أن يأكل مال أخيه بالباطل؛ لأنه إذا باعه قبل أن يبدو صلاحه، وحصل في الثمر مضرة، فيكون قد أكل ماله بالباطل، وأيضاً نهى المشتري لئلا يضيع ماله.
وأحياناً يؤخذ التمر من النخل، ثم يدفن حتى يستوي، ثم يخرج فيباع، وهذا فيه تدليس على الناس، وشراؤه قبل أن يبدو صلاحه لا يجوز إلا بشرط القطع، فإذا قطع يؤتى به كما هو، وأما كونه يدفن ويحصل بسبب دفنه أنه يتغير، ثم يؤتى به على أنه زهو، فهذا فيه تدليس.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع النخل حتى يزهو)
قوله: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي] .
عبد الله بن محمد النفيلي، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[حدثنا ابن علية] .
هو إسماعيل بن إبراهيم بن علية، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب] .
أيوب بن أبي تميمة السختياني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع عن ابن عمر] .
مر ذكرهما.



شرح حديث (نهى عن بيع الغنائم حتى تقسم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة عن يزيد بن خمير عن مولى لقريش عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن بيع الغنائم حتى تقسم، وعن بيع النخل حتى تحرز من كل عارض، وأن يصلي الرجل بغير حزام) ] .
أورد أبو داود حديث أبي هريرة: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغنائم حتى تقسم) ؛ لأن الغنائم قبل قسمتها حق مشاع، وليس نصيب كل مقاتل متميزاً؛ لأن كل قطعة من الغنائم يشتركون فيها كلهم، فإذا قسمت عرف كل نصيبه فتصرف فيه، فمن باع قبل أن يعرف نصيبه فمعناه أنه يبيع شيئاً لم يكن ملكه له خالصاً، بل هو مشترك، مثل الذي له أرض بينه وبين شخص آخر، فلا يجوز له أن يبيعها؛ لأنه لا يملكها كلها، وإنما حقه مشاع فيها، ولم يتميز، وإذا ميز حقه، وأخذ كل واحد نصيبه، فله أن يتصرف في ملكه كيف يشاء.
والغنائم هي التي تحصل في الجهاد في سبيل الله، وقسمتها في الخمس المصارف التي ذكرها الله، فأربعة أخماسها تكون للغانمين، وليس لأحد منهم أن يتصرف في شيء منها حتى يعرف حقه فيتصرف فيه.
قوله: [(وعن بيع النخل حتى تحرز من كل عارض)] .
إذا كان المقصود به بدو الصلاح فقط، فقد جاء ما يدل عليه في الأحاديث السابقة.
قوله: [(وأن يصلي الرجل بغير حزام)] لعل المراد أن يجعل حزاماً على الإزار، ولكن إذا أحكم شد الإزار وأمن سقوطه فإنه يحصل به المقصود وإن لم يكن عليه حزام.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع الغنائم حتى تقسم)
قوله: [حدثنا حفص بن عمر النمري] .
حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.
[عن شعبة] .
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن خمير] .
يزيد بن خمير وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن مولى لقريش] .
وهو مبهم.
[عن أبي هريرة] .
أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابة حديثاً.
والحديث فيه هذا الرجل المبهم، وهو علة الحديث، وبه يكون الحديث غير صحيح.



شرح حديث (نهى أن تباع الثمرة حتى تفتح)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر محمد بن خلاد الباهلي حدثنا يحيى بن سعيد عن سليم بن حيان قال: أخبرنا سعيد بن مينا قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تباع الثمرة حتى تفتح، قيل: وما تفتح؟ قال: تحمار وتصفار ويؤكل منها) ] .
أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه، وفيه توضيح بدو الصلاح، قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع الثمرة حتى تفتح، قيل: وما تفتح؟ قال: تحمار وتصفار) يعني: تحصل حمرتها وصفرتها ويطيب أكلها، فعلامة حسن مأكلها وطيبها كونها تحمر وتصفر، والمراد ثمر النخل فإنه يكون أصفر وأحمر.
قوله: [(ويؤكل منها)] .
يعني: يطيب أكلها.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى أن تباع الثمرة حتى تفتح)
قوله: [حدثنا أبو بكر محمد بن خلاد الباهلي] .
ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة، وهو عم أبي عمرو محمد بن خلاد الباهلي.
[حدثنا يحيى بن سعيد] .
يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سليم بن حيان] .
سليم بن حيان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وسليم ليس في رجال الكتب الستة من يقال له: سليم بفتح السين إلا هو، ومن سواه يقال له: سُليم، وهم كثيرون.
[أخبرنا سعيد بن مينا] .
سعيد بن مينا ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[عن جابر بن عبد الله] .
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.



شرح حديث (نهى عن بيع العنب حتى يسود)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو الوليد عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد) ] .
أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيع العنب حتى يسود) يعني: حتى يطيب ويتغير لونه إلى السواد إذا كان يتغير بالاسوداد، وأما إذا كان يتغير بدون اسوداد كما هو الحال في بعض العنب فالمقصود أن يطيب أكله، وإذا كان يستفاد منه قبل طيب الأكل، وهو أن يؤكل حصرماً، فيجوز بيعه قبل أن ينضج، ولا يترك على الشجر، وإنما يقطع ويستفاد منه بالأكل أو البيع.
وإذا حصل البيع قبل بدو الصلاح بدون شرط القطع فالبيع فاسد، فيرجع للمشتري نقوده حتى وإن تلف الثمر أو الزرع، لأن البيع لم ينعقد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك مطلقاً سواء كان بشرط أو بدون شرط.
قوله: [(وعن بيع الحب حتى يشتد)] .
يعني: يشتد في سنبله، بمعنى أنه يستوي وتؤمن عاهاته مثل ما مر في الحديث السابق: (حتى يبيض) .



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع العنب حتى يسود)
قوله: [حدثنا الحسن بن علي] .
الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا أبو الوليد] .
هو هشام بن عبد الملك الطيالسي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حماد بن سلمة] .
حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[عن حميد] .
حميد بن أبي حميد الطويل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس] .
أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.



شرح حديث (لا تبتاعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة بن خالد حدثني يونس سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه وما ذكر في ذلك، فقال: كان عروة بن الزبير يحدث عن سهل بن أبي حثمة عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: (كان الناس يتبايعون الثمار قبل أن يبدو صلاحها، فإذا جذ الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع: قد أصاب الثمر الدمانة وأصابه قشام وأصابها مراض -عاهات يحتجون بها- فلما كثرت خصومتهم عند النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كالمشورة يشير بها: فإما لا فلا تتبايعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها.
لكثرة خصومتهم واختلافهم) ] .
أورد أبو داود حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، وفيه بيان السبب في تحريم بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وهو أنهم كانوا يشترونها قبل أن تزهو من أجل أن يبقوها حتى تزهو ويستفيدوا منها، فيحصل لها أمراض قبل بدو صلاحها، فعندما يأتون للتقاضي والاستيفاء يقول المشتري: حصل لها كذا، وحصل لها كذا، وحصل لها كذا، فكثرت خصوماتهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن ذلك البيع ما دام يؤدي إلى هذه الخصومات، فلا يجوز البيع إلا بعد بدو الصلاح.
قوله: [(فإذا جذ الناس وحضر تقاضيهم، قال المبتاع: قد أصاب الثمر الدمان)] .
يعني: إذا جاء صاحب الحق يطالب بحقه فالمشتري -وهو المبتاع- يبدأ يتعلل ويقول: حصل كذا، وحصل كذا، وأريد أن تسقط عني كذا، أو أنت لا تستحق كذا وكذا، فكثرت الخصومات، فعند ذلك نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار قبل بدو الصلاح.
والدمان والقشام والمراض هي أنواع من الأمراض.
قوله: [(عاهات يحتجون بها)] .
هذا يرجع لهذه الثلاثة الأمراض، وكذلك لغيرها من العاهات.
يحتجون بها أي: يتعللون بها من أجل أن يطرح لهم شيء من القيمة.
قوله: [(فلما كثرت خصوماتهم عند النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كالمشورة يشير بها)] .
يعني: يشير عليهم؛ لأن هذا البيع يترتب عليه هذه الخصومات والأضرار.
قوله: [(فإما لا فلا تتبايعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها).
يعني: ما دام الأمر كذلك، وهو حصول الخصومات والتنازع فلا تبيعوا الثمار حتى يحصل بدو الصلاح، وبذلك تسلمون من هذه الخصومات والمنازعات.
والأصل في النهي أنه للتحريم، وذلك لما يترتب على هذا البيع من الخلاف والتنازع.



تراجم رجال إسناد حديث (لا تتبايعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها)
قوله: [حدثنا أحمد بن صالح] .
أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[حدثنا عنبسة بن خالد] .
عنبسة بن خالد صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[حدثني يونس] .
يونس بن يزيد الأيلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزناد] .
هو عبد الله بن ذكوان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة] .
عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سهل بن أبي حثمة] .
سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زيد بن ثابت] .
زيد بن ثابت رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.



شرح حديث (نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه ولا يباع إلا بالدينار والدرهم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه، ولا يباع إلا بالدينار أو بالدرهم إلا العرايا) ] .
أورد أبو داود حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه) ، وهذا قد تقدم.
قال: (ولا يباع إلا بالدينار والدرهم) يعني: أنه لا يباع بتمر من جنسه، لأن هذا هو المزابنة التي مر النهي عنها، ثم قال: (إلا العرايا) فهي مستثناة، فيجوز أن يباع ما في رءوس النخل بتمر يدفع مقدماً عند الاتفاق لمالك النخل، والذين اشتروا النخلات يستفيدون منها شيئاً فشيئاً، وتجوز العرايا في حدود أقل من خمسة أوسق كما مر.
والأصل في المزابنة أنها لا تجوز، ولا يباع الجنس بجنسه فيها إلا العرايا، وأما لو بيع بغير الدراهم والدنانير كأن يقول مثلاً: بعني هذا الحائط بسيارة، فلا بأس؛ لأن السيارة ليست من جنسه، فلا يدخلهما الربا، لكن إذا باعه من جنسه يدخله الربا.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه ولا يباع إلا بالدينار والدرهم)
قوله: [حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني] .
إسحاق بن إسماعيل الطالقاني ثقة، أخرج له أبو داود.
[حدثنا سفيان] .
سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج] .
عبد الملك بن جريج المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء] .
عطاء بن أبي رباح المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر] .
جابر رضي الله عنه مر ذكره.
وفي هذا الإسناد ثلاثة من الرجال مكيون، وهم: سفيان بن عيينة وابن جريج وعطاء بن أبي رباح.



بيع السنين



شرح حديث (نهى عن بيع السنين)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في بيع السنين.
حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا: حدثنا سفيان عن حميد الأعرج عن سليمان بن عتيق عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى عن بيع السنين، ووضع الجوائح) ] .
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة (باب بيع السنين) والمقصود بالسنين أن يبيع ثمر النخل لمدة ثلاث سنوات أو خمس سنوات أو سنتين، وذلك لا يجوز؛ لأنه بيع شيء غير موجود، ولا يجوز أن يباع الثمر إلا إذا وجد وبدا صلاحه، وقبل بدو الصلاح لا يجوز بيعه.
إذاً: بيع السنين أن يتفق صاحب النخل أن يبيع ثمرات هذه النخلات لآخر لمدة ثلاث سنوات بكذا إما جملة أو لكل سنة، فهذا لا يجوز؛ لأن الثمر لا يجوز بيعه إلا إذا وجد وبدا صلاحه.
وجاء في بعض الروايات (نهى عن المعاومة) يعني: الأعوام.
قوله: [(ووضع الجوائح)] .
يعني: إذا بيع الثمر بعد بدو الصلاح، وحصلت له جائحة، فإنها موضوعة، ويتحملها المالك وليس المشتري، وجاء في بعض الروايات: (بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟) يعني: أنت بعته على أن يستفيد منه، ثم حصل شيء يمنعه من الاستفادة، فبأي حق يأخذ أحدكم مال أخيه؟! إذاً: المقصود بوضع الجوائح أن الثمر الذي أصيب بعد بدو صلاحه يرجع فيه على المالك الذي باعه بقدر ما نقص منه بسبب الجائحة، وهذا إن كان النقص جزئياً، وإن كان كلياً فإنه يرجع عليه بكل ما دفع له.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع السنين)
قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل] .
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ويحيى بن معين] .
يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان] .
سفيان بن عيينة، مر ذكره.
[عن حميد الأعرج] .
حميد الأعرج، ليس به بأس -بمعنى صدوق- أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان بن عتيق] .
سليمان بن عتيق وهو صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن جابر بن عبد الله] .
جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره.



مذهب أهل المدينة في الجوائح
[قال أبو داود: لم يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الثلث شيء، وهو رأي أهل المدينة] .
مذهب أهل المدينة أن الذي يوضع من الجوائح إذا كان أكثر من الثلث، فإن كان أقل من الثلث فلا توضع الجائحة، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح مطلقاً من غير أن يفصل بين ما يكون أقل من الثلث أو أكثر.
وبعض أهل العلم قال: الأمر بوضع الجوائح للاستحباب، لكن الذي يظهر لي أنه للوجوب؛ لأنه قال: (بأي شيء يأخذ أحدكم مال أخيه؟) وهذا يدل على أن أخذه حرام.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-06-2025, 03:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [391]
الحلقة (423)



شرح سنن أبي داود [391]
الإجارة لها أحكام كثيرة، وبعض أنواع الإجارة صحيحة وبعضها غير صحيحة، ومعرفة أحكامها من المهمات؛ فإنه لا يخلو الإنسان -غالباً- أن يكون أجيراً أو مؤجراً.
وللإجارة والبيع أحكام؛ فمنها الجائز، ومنها المحرم.




الإجارة




شرح حديث عبادة (علمت ناساً من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوساً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الإجارة.
باب في كسب المعلم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن مغيرة بن زياد عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (علمت ناساً من أهل الصفة الكتاب والقرآن، فأهدى إلي رجل منهم قوساً فقلت: ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل، لآتين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلأسألنه، فأتيته فقلت: يا رسول الله! رجل أهدى إلي قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن، وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله، فقال: إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها) .
حدثنا عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد قالا: حدثنا بقية قال: حدثني بشر بن عبد الله بن يسار قال عمرو: وحدثني عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه نحو هذا الخبر، والأول أتم، (فقلت: ما ترى فيها يا رسول الله؟ فقال: جمرة بين كتفيك تقلدتها أو تعلقتها) ] .
أورد أبو داود كتاب الإجارة، وقد مر كتاب البيوع، والبيوع يتعلق ببيع الأعيان، ويكون على الدوام والتأبيد، بمعنى أن الإنسان يبيع السلعة ويأخذ ثمنها، والمشتري يأخذ السلعة ويملكها باستمرار، لا ترجع إلى المالك، بل من اشترى -مثلاً- أرضاً فإنها تبقى في ملكه حتى تخرج من ملكه ببيع أو إرث أو غير ذلك، أما الإجارة فهي تعتبر بمثابة بيع المنافع، ولا بد فيها من التحديد بمدة معينة، ولا يجوز أن يكون الأجل مجهولاً، بل لا بد أن يكون الأجل معلوماً، لمدة سنة أو لمدة سنتين، وكلما انتهت السنة -مثلاً- إما أن يجدد العقد وإما أن يترك أحدهما تجديده، وفي أثناء المدة ليس لأحد منهما أن يفسخ العقد؛ لأنه عقد لازم من الطرفين، فليس للمالك أن يخرج المستأجر قبل انتهاء المدة، وليس للمستأجر أن يخرج ويقول: استلم أرضك أو استلم عمارتك، أنا لا أريد أن أستمر؛ لأنه عقد لازم، ولا يتم الفسخ في أثناء المدة إلا برضا الطرفين، فالإجارة عقد على المنافع، والمنافع توجد شيئاً فشيئاً.
والعلماء متفقون على جواز الإجارة، ولم يخالف فيها إلا ابن علية والأصم، وابن علية هو إبراهيم بن إسماعيل، كما قال عنه الذهبي في الميزان: جهمي هالك، وأبو بكر بن كيسان الأصم معتزلي، فهما من المبتدعة، وكلامهما وجوده مثل عدمه.
ثم كيف تكون الإجارة ممنوعة أو محرمة، والحال أنه لا يستغني أحد عنها، لأنه لا يستطيع الإنسان أن يملك كل شيء، وأن يكون عارفاً لكل مهنة، فلا يحتاج إلى أن يستأجر كهربائياً أو يستأجر سباكاً؟ هذا شيء غير معقول وغير صحيح، والمسألة مجمع عليها، ولم يخالف فيها إلا هذان المبتدعان.
أورد أبو داود باب كسب المعلم، يعني كون المعلم يأخذ أجرة على تعليمه، هل له ذلك أو ليس له ذلك؟ العلماء اختلفوا في هذا، فمنهم من قال: إن المعلم لا يأخذ الأجرة، ولكنه يأخذ الجعل الذي يوضع له في بيت المال أو في أوقاف المسلمين على من يعمل أعمال القربات مثل تعليم العلم النافع وتعليم القرآن، فيأخذ الجعل ولا يأخذ الأجرة، ولا يقال: إنه أجير، ولكن يقال: إنه يعمل عملاً طيباً، ويأخذ الجعل الذي خصص في بيت المال أو في أوقاف المسلمين أو من أهل حي أو أهل قرية.
ومن العلماء من قال: إن أخذ الأجرة على التعليم جائزة، ويستدلون بقصة الذي رقى اللديغ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) ، قالوا: فهذا يدل على جواز الإجارة على تعليم القرآن.
وكذلك أيضاً قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (زوجتك على ما معك من القرآن) ، فقد جعل المهر تعليمها سوراً من القرآن.
ولا شك أن على معلم القرآن أن يريد القربة والثواب، وإذا أخذ الشيء الذي جعل له فقد أخذ شيئاً من الثواب المعجل له في الدنيا قبل الآخرة، ولكن لا ينبغي أن تكون القرب كالمهن الأخرى، فلا يفعل القربة إلا بشيء معلوم، فقد نقل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه في كتاب آداب المشي إلى الصلاة أنه قيل للإمام أحمد: إن رجلاً يقول: أصلي بكم رمضان بكذا وكذا درهماً فقال: أسأل الله العافية! ومن يصلي خلف هذا؟! يعني: أن هذا همه الدنيا، ولا يعمل إلا للدنيا، لكن إذا كانت هناك أموال في بيت المال أو أوقاف مخصصة لمن يقوم بهذا العمل المشروع الذي هو قربة إلى الله عز وجل، أو اتفق أناس فيما بينهم على أنهم يطلبون من أحد المعلمين أن يعلم أولادهم، ويجعلون له جعلاً يعطونه إياه في مقابل تعليمه؛ فهذا لا شك أنه سائغ وجائز.
أورد أبو داود حديث عبادة بن الصامت من طريقين، وفيه أنه علم بعض أهل الصفة الكتابة والقرآن، وأنه أهدى له قوساً، فأخذه وتردد في قبوله وفي حله له، فجاء يستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال له: (جمرة من نار بين كتفيك) ، وفي اللفظ الآخر: (إن أحببت أن تطوق بها طوقاً من نار فاقبلها) .
وهذا يدل على تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وقال بعض أهل العلم في التوفيق بين هذا وبين ما جاء في جواز أخذ الأجرة: يحمل هذا الحديث على ما إذا كان متعيناً عليه أنه يعلم القرآن، وليس هناك أحد غيره يقوم بهذا العمل، فإنه يقوم به في غير مقابل، أما إن كان غير متعين عليه فله أن يأخذ الأجرة.
ومنهم من قال: إذا كان فعله على سبيل الاحتساب فليس له أن يأخذ عليه شيئاً، وأما إذا كان في نيته أنه إذا أعطي شيئاً في مقابل عمله فإنه سيأخذه، فإن ذلك لا بأس به، ويكون حديث عبادة بن الصامت محمولاً على أنه فعل أمراً مشروعاً متبرعاً متطوعاً ثم أخذ عليه شيئاً مقابل تطوعه، وأما الأجرة على الرقية فسيأتي ذكرها في الباب الذي بعد هذا.




تراجم رجال إسناد حديث (علمت ناساً من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوساً)
قوله: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة] .
أبو بكر بن أبي شيبة هو عبد الله بن محمد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا وكيع] .
وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي] .
حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مغيرة بن زياد] .
صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب السنن.
[عن عبادة بن نسي] .
عبادة بن نسي وهو ثقة أخرج له أصحاب السنن.
[عن الأسود بن ثعلبة] .
الأسود بن ثعلبة وهو مجهول، أخرج له أبو داود وابن ماجة.
[عن عبادة بن الصامت] .
عبادة بن الصامت رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث فيه مجهول، ولكن الطريق الثاني يشهد له ويؤيده ويقويه.
قوله: [حدثنا عمرو بن عثمان] .
عمرو بن عثمان هو ابن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[وكثير بن عبيد] .
كثير بن عبيد ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا بقية] .
بقية بن الوليد وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثني بشر بن عبد الله بن يسار] .
بشر بن عبد الله بن يسار وهو صدوق، أخرج له أبو داود.
[قال عمرو: وحدثني عبادة بن نسي] .
عمرو هو عمرو بن عثمان.
وقوله: وحدثني عبادة بن نسي يدل على أنه أخبره بهذا وبغيره؛ لأن هذه العبارة: (وأخبرني) تدل على أنه يوجد شيء محذوف، بدليل واو العطف، وهم يلتزمون الإتيان بها في الأسانيد من أجل دلالتها على أن هناك شيئاً آخر معطوفاً على هذا، بخلاف ما إذا كانت الرواية بدون عطف، فإنه يقول: أخبرني بدون واو.
[عبادة بن نسي] .
مر ذكره.
[عن جنادة بن أبي أمية] .
جنادة بن أبي أمية تابعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبادة بن الصامت] .
مر ذكره.




كسب الأطباء




شرح حديث (من أين علمتم أنها رقية)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في كسب الأطباء.
حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن رهطاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا في سفرة سافروها، فنزلوا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم، فأبوا أن يضيفوهم، قال: فلدغ سيد ذلك الحي، فشفوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا بكم لعل أن يكون عند بعضهم شيء ينفع صاحبكم، فقال بعضهم: إن سيدنا لدغ، فشفينا له بكل شيء فلا ينفعه شيء، فهل عند أحد منكم شيء يشفي صاحبنا؟ يعني: رقية، فقال رجل من القوم: إني لأرقي، ولكن استضفناكم فأبيتم أن تضيفونا، ما أنا براق حتى تجعلوا لي جعلاً، فجعلوا له قطيعاً من الشاء، فأتاه فقرأ عليه بأم الكتاب ويتفل حتى برأ كأنما أنشط من عقال، فأوفاهم جعلهم الذي صالحوه عليه، فقالوا: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنستأمره، فغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فقال: رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من أين علمتم أنها رقية؟! أحسنتم واضربوا لي معكم بسهم) ] .
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي كسب الأطباء يعني: أنه مباح وسائغ، وكون الطبيب يأخذ أجرة على تطبيبه وعلاجه لا بأس بذلك؛ لأنه بذل جهداً وعملاً، وأخذه الأجرة مقابل ذلك سائغ، وليس من قبيل التعليم؛ لأن الهداية ما تعرف إلا بالقرآن والسنة، وأما العلاج فإنه يأتي من طرق متعددة، فإنه ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله.
أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أنهم كانوا في سفر مع جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمروا بحي من العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم يعني: ما أعطوهم حق الضيافة وما قدموا لهم الضيافة، فكانوا قريبين منهم، فلدغت سيدهم دابة من ذوات السموم (حية أو عقرب) فبحثوا عن كل شيء يعالجونه به فما حصل شفاؤه، وبقي على تألمه وتأثره وتضرره، فقال بعضهم: لو أنكم رأيتم هؤلاء الذين نزلوا بكم عسى أن يكون معهم شيء يشفي، فجاءوا إليهم وقالوا لهم: هل عندكم من شيء يشفي، فقد فعلنا كل ما نستطيع من أجل شفاء سيدنا مما أصابه فلم نجد شيئاً، فلعل أن يكون عندكم رقية؟ فقال بعضهم: إني لراق، ولكننا استضفناكم فلم تضيفونا، فلست براق حتى تجعلوا لي جعلاً، فجعلوا له قطيعاً من الغنم، فقرأ عليه فاتحة الكتاب، فقام كأنما أنشط من عقال، يعني قام كأنه ما حصل به أي شيء، وشفي تماماً.
وأصل كلمة (أنشط من عقال) أن البعير يعقل بعقال في يده، وإذا أريد أن يقوم من أجل استخدامه والاستفادة منه بالركوب أو الحمل عليه؛ فك عقاله الذي كان يمنعه من القيام، فإذا فك عقاله قام بسرعة، وهذا الشخص مثل البعير الذي ربطت يده في العقال، وكان يحاول أن يقوم فلا يتمكن، فعندما فك العقال قام بسرعة، فهذا عندما قرأ عليه شفي.
فأعطوهم المقدار الذي اتفقوا معهم عليه، وقد كان الاتفاق مع الراقي، ولكنه صار لهم جميعاً، وهذا من مكارم الأخلاق ومن محاسن العادات، حيث إن الرفقة يشتركون في هذه الأجرة، ولا يختص بها الراقي وحده عن رفاقه وأصحابه.
ولما أرادوا أن يأكلوا ترددوا، لأن هذه الغنم مقابل قراءة، فخشوا أن يكون ذلك ممنوعاً، فذهبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسألوه وقال: (أحسنتم، اضربوا لي معكم بسهم) ، ويريد بذلك أن تطييب خواطرهم، وليس ذلك رغبة في أن يكون له نصيب مما حصلوا، لكنه لما رآهم مترددين متوقفين أراد أن يطيب خواطرهم بأن يشاركهم في الأكل من هذا الشيء الذي هم متوقفون فيه، حتى يطمئنوا إلى أن هذا الذي حصلوه حلال، وهذا الذي حصل لهم مقابل علاج، وليس مقابل تعليم؛ لأن التعليم فيه الهداية، والهداية لا تكون إلا بطريق القرآن والسنة، وأما العلاج فيكون بطريق القرآن وغير القرآن، ولهذا قال: (كسب الأطباء) ؛ لأن هذا يعتبر من قبيل الطب؛ لأنه عالجه وبرأ من اللدغة بهذا العلاج، فدل على أن أخذ الطبيب للأجرة جائز، وليس هو من قبيل التعليم؛ لأن التعليم فيه الهداية وفيه الخروج من الظلمات إلى النور وفيه سعادة الدنيا والآخرة، وأما هذا فليس فيه إلا الشفاء من المرض، والعلاج يكون بالقرآن وبغير القرآن، ولكن الهداية لا سبيل إليها إلا عن طريق الكتاب والسنة، وهو الوحي الذي جاء به رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وقد قيل: إن الذي رقى هو أبو سعيد رضي الله عنه، ولكنه أبهم نفسه، والراوي قد يبهم نفسه، ولا بأس بهذا، وهو صادق في قوله: (قال رجل من القوم) ، فهو من القوم.
قوله: [فأوفوهم جعلهم الذي صالحوه عليه، فقالوا: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا] .
المراد أنهم يقتسمون هذا الجعل، وإن كان الذي رقى واحداً، وكونه يشترك ورفقته في هذا الجعل من مكارم الأخلاق.
قوله: [فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنستأمره] هذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام من التورع ومن الرجوع إلى النبي عليه الصلاة والسلام في معرفة الأحكام الشرعية.
قوله: [فغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أين علمتم أنها رقية؟! أحسنتم، واضربوا لي معكم بسهم) ] .
قال هذا تطييباً لخواطرهم، حتى لا يكون في نفوسهم شيء وتردد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم -وهو سيد الخلق- سيأكل من هذا الشيء الذي حصلوه، ويشاركهم فيه.




تراجم رجال إسناد حديث (من أين علمتم أنها رقية)
قوله: [حدثنا مسدد] .
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا أبو عوانة] .
هو الوضاح بن عبد الله اليشكري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بشر] .
هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي المتوكل] .
أبو المتوكل الناجي هو علي بن داود ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سعيد] .
هو سعد بن مالك بن سنان، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.




شرح حديث (من أين علمتم أنها رقية) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أخيه معبد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا الحديث] .
أورد المصنف طريقاً آخر لهذا الحديث، ولم يسق المتن، وأحال إلى متن الرواية السابقة.
قوله: [حدثنا الحسن بن علي] .
الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا يزيد بن هارون] .
يزيد بن هارون الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا هشام بن حسان] .
هشام بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن سيرين] .
محمد بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أخيه معبد بن سيرين] .
معبد بن سيرين وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[عن أبي سعيد] .
مر ذكره.




شرح حديث (كل فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن خارجة بن الصلت عن عمه رضي الله عنه: (أنه مر بقوم فأتوه فقالوا: إنك جئت من عند هذا الرجل بخير، فارق لنا هذا الرجل، فأتوه برجل معتوه في القيود، فرقاه بأم القرآن ثلاثة أيام غدوة وعشية، وكلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل، فكأنما أنشط من عقال! فأعطوه شيئاً فأتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكره له، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كل؛ فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق) ] .
أورد أبو داود حديث عم خارجة بن الصلت وهو علاقة بن سحار، وأنه مر بأناس وفيهم رجل معتوه مقيد، فطلبوا منه أن يرقيه، فرقاه بفاتحة الكتاب، فكان يقرأ ثم يتفل عليه، وبعدما قرأ عليه شفي، فأعطوه جعلاً، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: (كل؛ فلعمري من أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق) .
وقوله: (لعمري) هذه من الصيغ المؤكدة، وليست قسماً، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يستعمل هذا كما في هذا الحديث، وعائشة رضي الله عنها كانت تستعمل هذا كما جاء عنها أنها قالت: لعمري ما أتم الله عمرة من لم يطف بين الصفا والمروة، وكذلك يستعمله العلماء من أهل السنة، فهو ليس من ألفاظ القسم، وإنما هو من ألفاظ تأكيد الكلام، والشيخ حماد الأنصاري رحمه الله كتب في هذا بحثاً، وهو منشور في مجلة الجامعة بعنوان (لعمري) .




تراجم رجال إسناد حديث (كل لعمري من أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق)
قوله: [حدثنا عبيد الله بن معاذ] .
عبيد الله بن معاذ العنبري ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا أبي] .
معاذ بن معاذ العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة] .
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن أبي السفر] .
عبد الله بن أبي السفر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن خارجة بن الصلت] .
خارجة بن الصلت وهو مقبول أخرج له أبو داود والنسائي.
[عن عمه] .
هو علاقة بن سحار، وهو صحابي، أخرج له أبو داود والنسائي.




الأسئلة




حكم الرقية للكافر
السؤال هل هذا الذي رقي في حديث الرقية كان كافراً؟ وهل تنفع رقية الكافر مع عدم إيمانه بالقرآن؟
الجواب لا أدري هل كان كافراً أو مسلماً، لكن الرقية هي علاج، وقد يشفي الله الكافر بهذا العلاج.




حكم التخصص لرقية المرض
السؤال الآن بعض المقرئين يتخصص لرقية المرض، ويفتح له عيادة لذلك أو في بيته، فما الحكم؟
الجواب نفع الناس طيب، ولكن ليس بهذا التوسع وبهذا الابتذال الذي قد حصل، فهذا التوسع غير جيد، حتى أن بعضهم بسبب كثرة المتعالجين عنده يقرأ على عدة أشخاص! فهذا لا وجه له، وكونه يبيع الماء المرقي هذا توسع غير جيد.




الحكمة من الخرص
السؤال لماذا يخرصون النخل ولا ينتظرون اجتناءه ثم يكال ويقسم بالنصف؟
الجواب لأن النخل يؤكل رطباً، ويستفاد منه وهو رطب، وفيه الزكاة، فمن أجل أن تعرف مقدار الزكاة فيه يخرص، فالذي يقوم على النخل يأكل منه ما يشاء، ولكنه يضمن نصيب المالك من المقدار الذي خرص، وكذلك مقدار الزكاة من المقدار الذي خرص.
إذاً: يترتب على الخرص فائدتان: الأولى: أن صاحب الحق يعرف مقدار ما يستحقه.
الثانية: أن العامل يتصرف في الثمرة ببيعها وهي رطبة ويأكل ويهدي ويتصدق ويتصرف، ولكنه ضامن للمقدار الذي يستحقه الطرف الثاني، وكذلك الزكاة.
والزكاة تخرج من رأس المال الذي حزر كله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28-06-2025, 07:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله




شرح حديث (نهى عن المعاومة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا حماد عن أيوب عن أبي الزبير وسعيد بن مينا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (نهى عن المعاومة، وقال أحدهما: بيع السنين) ] .
أورد أبو داود حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المعاومة، وقال أحد الراويين عن جابر: المعاومة، وقال الآخر: السنين، وهما بمعنى واحد.




تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن المعاومة)
قوله: [حدثنا مسدد] .
مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا حماد] .
هو حماد بن زيد؛ لأنه إذا جاء حماد غير منسوب ويروي عنه مسدد؛ فالمقصود به حماد بن زيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب عن أبي الزبير] .
أيوب مر ذكره.
وأبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وسعيد بن مينا عن جابر بن عبد الله] .
مر ذكرهما.



بيع الغرر



شرح حديث (نهى عن بيع الغرر)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في بيع الغرر.
حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا: حدثنا ابن إدريس عن عبيد الله بن أبي زياد عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (نهى عن بيع الغرر، زاد عثمان: والحصاة) ] .
أورد أبو داود باباً في بيع الغرر أي: في النهي عنه، والمقصود ببيع الغرر ما لا يتحقق حصوله أو يكون غير موجود أو غير مقدور على تسليمه، مثل السمك في الماء، والطير في الهواء، والعبد الآبق، والناقة الضالة، أو غير ذلك من الأشياء التي لا يتمكن من تسليمها، أو يكون المقصود منه لا يحصل وإن كان يمكن تسليمه؛ لأنه لا يحصل منه المقصود من البيع، فكل هذا يقال له غرر.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر.
زاد عثمان: والحصاة) والحصاة هي من بيع الغرر، وهو أن يقول: أبيعك قطعة من الأرض بمقدار ما تصل إليها الحصاة ثم يرجم حصاة، فالذي تصل إليه الحصاة فهو المبيع، وهذا فيه غرر؛ لأن الناس يتفاوتون في قوة الرمي، فمن الناس من تكون رميته بعيده، ومنهم من تكون قصيرة، فهذا فيه جهالة وغرر، ولا بد أن يكون المبيع محدداً، معروفة حدوده بدايته ونهايته، أما بيع شيء قابل لأن يزيد وينقص ففيه غرر، وهذا لا يجوز، وبيع الحصاة هو من بيع الغرر.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع الغرر)
قوله: [حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة] .
أبو بكر بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي، وأخوه عثمان بن أبي شيبة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[حدثنا ابن إدريس] .
عبد الله بن إدريس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله بن أبي زياد] .
ليس بالقوي، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة.
[عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة] .
أبو الزناد والأعرج وأبو هريرة مر ذكرهم.
وهذا الشخص الذي ليس بالقوي لا يؤثر؛ لأن الأحاديث كثيرة في النهي عن بيع الغرر وعن بيع الحصاة.



شرح حديث (نهى عن بيعتين ولبستين)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن عمرو بن السرح وهذا لفظه قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: نهى عن بيعتين ولبستين، أما البيعتان: فالملامسة والمنابذة، وأما اللبستان: فاشتمال الصماء، وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد كاشفاً عن فرجه، أو ليس على فرجه منه شيء) ] .
أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيعتين ولبستين) أي: عن نوعين من أنواع البيوع، ولبستين من طرق اللبس، أما البيعتان فالملامسة والمنابذة.
والملامسة: أن يلمس الشيء -مثل الثوب- دون أن يقلبه، فيشتريه بمجرد لمسه له، وقد يكون الثوب من الداخل ليس بطيب أو ليس هو المقصود للمشتري، وهذا فيه غرر، فلابد من أن يراه ويشاهده ويعاينه، أما إذا كانت أشياء معروفة، وكلها من جنس واحد، فلا بأس.
والمنابذة هي: أن ينبذ إليه ثوباً فيتم البيع بهذا النبذ، وليس له الخيار بعد ذلك.
وأما اللبستان فاشتمال الصماء: وهو أن يشتمل في ثوب واحد وليس عليه غيره، ويلقي طرفه على كتفه الأيسر، ويبرز جانبه الأيمن، ويكون مثل الحصاة الصماء يداه من الداخل، ولو حصل له شيء فتحرك انكشفت عورته.
قوله: [(أو أن يحتبي الرجل في ثوب واحد كاشفاً عن فرجه، أو ليس على فرجه منه شيء)] .
يعني: ليس عليه إزار، والحبوة هي: أن يجلس على إليته وينصب ساقيه، ثم يأتي بثوبه فيلفه عليه من وراء ظهره وعلى مقدم رجليه، فتكون الجهة التي من فوق مكشوفة إذا كان بغير إزار ولا سراويل، فيمكن أن ترى عورته من فوق، فهذه اللبسة نهى عنها رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن إذا كان عليه إزار أو سراويل، وحصلت هذه الهيئة؛ فالمحذور يزول، وهو ما يخشى من انكشاف العورة.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيعتين ولبستين)
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد] .
قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وأحمد بن عمرو بن السرح] .
أحمد بن عمرو بن السرح ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[وهذا لفظه] .
يعني لفظ الشيخ الثاني ابن السرح.
[حدثنا سفيان عن الزهري] .
سفيان بن عيينة تقدم، والزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن يزيد الليثي] .
عطاء بن يزيد الليثي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سعيد الخدري] .
أبو سعيد الخدري هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو مشهور بكنيته أبي سعيد وبنسبته الخدري، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.



شرح حديث النهي عن بيعتين ولبستين من طريق ثانية وتراجم رجاله
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا الحديث زاد: (واشتمال الصماء أن يشتمل في ثوب واحد يضع طرفي الثوب على عاتقه الأيسر ويبرز شقه الأيمن، والمنابذة أن يقول: إذا نبذت إليك هذا الثوب فقد وجب البيع، والملامسة أن يمسه بيده ولا ينشره ولا يقلبه، فإذا مسه وجب البيع) ] .
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه بيان لمعنى اشتمال الصماء، وكذلك لمعنى الملامسة والمنابذة.
قوله: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر] .
عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ومعمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد] .
مر ذكرهم.



شرح حديث النهي عن بيعتين ولبستين من طريق ثالثة وتراجم رجاله
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة بن خالد حدثنا يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمعنى حديث سفيان وعبد الرزاق جميعاً) ] .
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وأحال فيها على الطريقين السابقتين.
ورجال إسناده كلهم مر ذكرهم إلا عامر بن سعد بن أبي وقاص وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.



شرح حديث (نهى عن بيع حبل الحبلة) وتراجم رجاله
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة) ] .
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة) ، وفسر بيع حبل الحبلة بتفسيرين: أحدهما: أن البيع يكون لنتاج النتاج، يعني كرجل عنده ناقة حامل فيقول: إذا ولدت ثم كبر نسلها وحبلت، فولد الولد فهو المبيع! فهو شيء مجهول غير موجود، ولعلهم كانوا يفعلون ذلك من أجل طيب الحيوان سواء كان فرساً أو ناقة، فيحرصون عليه من أجل أصله ونوعه.
التفسير الثاني: أن يشتري شيئاً ويجعل الأجل إذا حصل نتاج النتاج، وهذا أيضاً لا يجوز، وكلاهما فيه غرر.
وإسناد هذا الحديث مر ذكر رجاله كلهم.



شرح حديث النهي عن بيع حبل الحبلة من طريق ثانية وتراجم رجال الإسناد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نحوه وقال: (حبل الحبلة أن تنتج الناقة بطنها ثم تحمل التي نتجت) ] .
وهذا مثل ما تقدم إلا أنه فيه تفسير معنى حبل الحبلة.
قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى] .
هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله] .
عبيد الله بن عمر بن حفص بن عمر العمري المصغر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع عن ابن عمر] .
مر ذكرهما.



بيع المضطر



شرح حديث (نهى عن بيع المضطر)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في بيع المضطر.
حدثنا محمد بن عيسى حدثنا هشيم أخبرنا صالح بن عامر -قال: أبو داود: كذا قال محمد - حدثنا شيخ من بني تميم قال: خطبنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أو قال: قال علي، قال ابن عيسى: هكذا حدثنا هشيم، قال: (سيأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يديه ولم يؤمر بذلك، قال الله تعالى: {وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة:237] ، ويبايع المضطرون، وقد نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن بيع المضطر، وبيع الغرر، وبيع الثمرة قبل أن تدرك) ].
أورد أبو داود باباً في بيع المضطر، والمضطر له حالتان: الأولى: أن يكون مكرهاً وملجأ وليس له خيار، فهذا لا يجوز ولا يصح البيع.
الثانية: أن يكون عليه دين ونحوه فيبيع شيئاً من حاجاته من أجل أن يحصل نقوداً ليوفي بها، أو لأنه بحاجة إلى شيء يحتاج إليه في أمور أخرى، فيبيع شيئاً من متاعه أو شيئاً مما عنده وهو بحاجة إليه، فهذا يصح منه البيع، ولكن كونه يساعد ويعان ويقرض أولى من أن يشترى منه، وإذا وقع البيع فإنه يكون صحيحاً، بخلاف الحال الأولى إذا ألزم أو ألجئ إلى البيع من غير اختياره، فإن ذلك لا يصح.
قوله: (سيأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يديه) ].
يعني: يحصل فيه شح وبخل، حتى أن الموسر يمسك الذي بيديه، ولا يسهل عليه إخراجه.
قوله: [(ولم يؤمر بذلك)] .
يعني: لم يؤمر أن يمسك، بل قال الله عز وجل: (وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة:237] .
قوله: [(ويبايع المضطرون)] .
إن كان المضطر ملجأ ومكره فهذا البيع لا يصح، وأما المضطر الذي بحاجة إلى أن يبيع بعض متاعه أو شيء مما عنده من أجل أن يوفي ديناً أو من أجل أن يقضي حاجة من حاجاته؛ فهذا يصح منه البيع، ولكن الأولى هو الإرفاق به والإحسان إليه والتعاون معه، والمساعدة له، وهذا هو الأولى من كونه يترك حتى يبيع متاعه وهو بحاجة إليه.
قوله: [(وقد نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن بيع المضطر، وعن بيع الغرر، وعن بيع الثمرة قبل أن تدرك)] .
(قبل أن تدرك) أي: قبل أن يبدو صلاحها.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع المضطر)
قوله: [حدثنا محمد بن عيسى] .
محمد بن عيسى الطباع ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا هشيم] .
هشيم بن بشير الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا صالح بن عامر] .
صالح بن عامر قال الحافظ: الصواب أبو عامر، وهو صدوق كثير الخطأ، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن شيخ من بني تميم] .
هذا الشيخ مبهم.
[عن علي] .
علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.



الأسئلة



حكم الإيجار المنتهي بالتمليك
السؤال ما حكم الإيجار المنتهي بالتمليك؟
الجواب هذه المسألة من المسائل الجديدة التي حدثت في هذا الزمان، وأذكر أن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه كان يؤخر الإفتاء بها عندما يسأل عنها، وقال: إنه كلف من يبحثها، وبعد ذلك بحثت المسألة وانتهى الأمر إلى أنها لا تجوز، وأفتى بعدم جوازها.



حكم شراء سندات مخفضة لبعض الناس خاصة ثم بيعها على غيرهم بربح
السؤال عندنا في الجامعة تباع البونات لطلاب الثانوية بسعر مخفض، فهل يجوز لطلاب الثانوية أن يشتروا هذه البونات ثم يبيعونها على طلاب الكلية بربح؟
الجواب ليس لهم ذلك، فإن كان محتاجاً إليها أخذها واستفاد منها، وإن كان غير محتاج لها تركها، ولا يشتريها ثم يتكسب من ورائها.



وضع الجوائح في الزرع خاصة
السؤال لو أن رجلاً اشترى من آخر سيارة، ووقعت عليها آفة مثل حادث أو سرقة، فهل هذه جائحة توضع مثل الزرع؟
الجواب لا، هذا شيء تم وانتهت البيعة، وهذا استلم السيارة ودخلت في ملكه، وانقطعت صلة المالك بها.



حكم الاحتباء يوم الجمعة
السؤال هل المنع عن الاحتباء في يوم الجمعة عند الاستماع إلى الخطبة يزول إذا أمن من كشف العورة؟
الجواب ليس النهي عن الاحتباء يوم الجمعة من أجل كشف عورة، وإنما المقصود من ذلك ألا يحصل له نوم أو نعاس والخطيب يخطب فيغفل عن الخطبة، أو ينتقض وضوءه فيحتاج إلى أن يخرج.



حكم من تسببت في قتل جنينها
السؤال امرأة حامل في الشهر التاسع حملت شيئاً ثقيلاً فأحست بحركة داخل الرحم، وبعد أيام أحست بآلام فذهبت إلى المستشفى وأخبروها بأن الجنين قد مات منذ أيام، فهل عليها كفارة؟
الجواب الظاهر أن عليها كفارة؛ لأنها متسببة في الهلاك.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28-06-2025, 07:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [388]
الحلقة (420)



شرح سنن أبي داود [388]
الإسلام يدعو إلى العمل لعمارة الأرض والضرب في مناكبها؛ من أجل تحقيق عبادة الله فيها، وقد حث الله على التعاون على البر والتقوى، ومن ذلك التعاون في التجارة بأنواع الشركات، وقد بين أهل العلم أنواع الشركات وأحكامها وضوابطها.



باب الشركة



شرح حديث (أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه)
قال المنصف رحمه الله تعالى: [باب الشركة.
حدثنا محمد بن سليمان المصيصي حدثنا محمد بن الزبرقان عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه قال: (إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما) ] .
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في الشركة، والشركة: هي الاشتراك في تجارة، سواء قدم كل منهما منه مالاً وعملاً أو يكون من أحدهما المال والثاني منه العمل، أو ليس بأيديهم مال، ولكن عندهم عمل، فيشتغلون بأبدانهم، فكل هذه من الشركة.
والأصل فيها الجواز؛ إلا إذا وجد شيء أو شرط يؤدي إلى أمر فيه غرر أو محذور.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما) والمقصود من ذلك أن الله مع الشريكين في تسديده وإعانته وتوفيقه ما داما صادقين، ولم يكن هناك خيانة، فإن لم يحصل الصدق يمنعا من البركة بسبب الخيانة التي حصلت منهما أو من أحدهما.
وهذا الحديث القدسي من أحاديث المعية، والمعية عند العلماء نوعان: معية عامة ومعية خاصة، والمعية الخاصة هي التي تكون من الله عز وجل بالحفظ والكلاءة والإعانة والتسديد والتوفيق، والمعية العامة هي التي تكون لكل أحد، ولا يختص بها أحد دون أحد.
ومن المعية الخاصة ما جاء في هذا الحديث، ومنها ما جاء في قصة أبي بكر مع رسول الله عليه الصلاة والسلام في طريق الهجرة لما كان رسول الله عليه الصلاة والسلام وأبو بكر في الغار، وكان الكفار يبحثون عنهما، فوصلوا إلى باب الغار، فكان رسول الله عليه الصلاة والسلام وأبو بكر يريان أقدام الكفار، فقال أبو بكر: لو أن أحدهم نظر إلى موضع قدمه لأبصرنا! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) يعني: بحفظه وتسديده وإعانته.
وأما المعية العامة فهي مثل قول الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة:7] ، فهذه معية عامة تكون لكل أحد، وأما المعية الخاصة فهي التي تكون بالنصر والتأييد والتسديد والتوفيق.
وهذا الحديث فيه ضعف، لكن لا شك أن الصدق سبب لحصول البركة، وأن الخيانة والكذب سبب من أسباب محق البركة.



تراجم رجال إسناد حديث (أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه)
قوله: [حدثنا محمد بن سليمان المصيصي] .
محمد بن سليمان المصيصي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي.
[حدثنا محمد بن الزبرقان] .
محمد بن الزبرقان وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن أبي حيان التيمي] .
أبو حيان التيمي هو يحيى بن سعيد بن حيان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو في طبقة يحيى بن سعيد الأنصاري، والذين يقال لهم: (يحيى بن سعيد) في الكتب الستة أربعة، اثنان في طبقة متقدمة، واثنان في طبقة متأخرة، فاللذان في طبقة متقدمة هما: يحيى بن سعيد بن حيان هذا، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وهما من طبقة صغار التابعين، واللذان في طبقة متأخرة هما: يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن سعيد الأموي.
وهما في طبقة متأخرة.
[عن أبيه] .
هو سعيد بن حيان قال عنه الحافظ: وثقه العجلي.
ولم يجزم بتوثيقه ابن حجر، وإنما عزا توثيقه إلى العجلي، والعجلي قريب من ابن حبان في التساهل، فمن أجل ذلك تكلم بعض أهل العلم في هذا الحديث من أجل سعيد بن حيان والد يحيى بن سعيد.
[عن أبي هريرة] .
أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
[رفعه] .
يعني: رفعه أبو هريرة إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذه اللفظة بمعنى: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام، أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن كلمة (رفعه) أو (ينميه) أو (يبلغ به) كلها بمعنى واحد، والذي يقولها هو من دون الصحابي، ولعل السبب في ذلك أنه ما أتقن الصيغة التي أضافها إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولكن كلمة (رفعه) يحصل بها المقصود، سواء قال: سمعت أو قال: قال رسول الله، فإن الكل مرفوع إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام.



المضارب يخالف



شرح حديثي عروة البارقي في شراء أضحية للنبي عليه الصلاة والسلام
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المضارب يخالف.
حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الشبيب بن غرقدة قال: حدثني الحي عن عروة -يعني ابن أبي الجعد البارقي - رضي الله عنه أنه قال: (أعطاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ديناراً يشتري به أضحية أو شاة، فاشترى شاتين فباع إحداهما بدينار، فأتاه بشاة ودينار، فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى تراباً لربح فيه) ] .
أورد أبو داود هذه الترجمة (باب في المضارب يخالف) يعني: يخالف الشيء الذي طلب منه، أو الشيء الذي كلف به، أو عهد به إليه، أو اشترط عليه، فالمضارب يجب أن يتقيد بالشيء الذي طلب منه، فإذا قيل له: تاجر في البز فقط لم يبع الحديد أو السيارات؛ لأنه قد يكون صاحب المال يعرف أن المضارب يجيد البيع في جهة معينة، وهو يريد أن يقصره على شيء يتقنه، ولو دخل في شيء لا يتقنه فإن ذلك يكون سبباً في الخسارة أو المضرة.
فالمضارب إذا طلب منه شيء أو حدد له شيء فإنه يتقيد به، ولو خرج عنه وحصل منه تفريط فإنه يكون ضامناً، فلو اشترط عليه أن يشتغل في أمر معين ثم اشتغل في شيء آخر لا يتقنه فخسر فإنه يضمن رأس المال له، إلا إذا سامحه صاحب المال وأقره فهذا شيء آخر.
أورد أبو داود حديث عروة البارقي رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به أضحية أو شاة، فاشترى به شاتين، وباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى تراباً لربح فيه) ، وهذه مبالغة، وإشارة إلى حصول البركة في بيعه، وأن الربح يحصل له باستمرار ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له.
والحديث لا يتعلق بالمضاربة، وإنما فيه وكالة، فالرسول صلى الله عليه وسلم وكله ليشتري شاة وأعطاه ديناراً، فاشترى شاتين بدينار ثم باع واحدة منهما بدينار، وجاء بشاة وبدينار، فهو دليل على أنه إذا أقر الموكل المضارب على شيء تصرف فيه فلا إشكال، فالنبي صلى الله عليه وسلم أقر هذا على هذا التصرف، وهو كونه اشترى بالدينار شاتين، وباع إحداهما وجاء بشاة، ولو أنه ذهب واشترى بنصف دينار شاة ثم رجع بشاة وبنصف دينار لأقره؛ لأن المقصود أن يأتي بشاة، فقد تكون قيمة الشاة نصف الدينار فيشتري شاة بنصف دينار، ويأتي بالنصف الباقي، هذا هو الأصل، ولكن كونه اشترى بدينار شاتين، ثم باع إحداهما فهذا تصرف في البيع والشراء في غير ما وكل به، ولكنه إذا فوض إليه أو أقره الموكل على ذلك كما فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام فلا بأس به.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن الصباح حدثنا أبو المنذر حدثنا سعيد بن زيد -هو أخو حماد بن زيد - حدثنا الزبير بن خريت عن أبي لبيد قال: حدثني عروة البارقي بهذا الخبر، ولفظه مختلف] .
أورد أبو داود الحديث السابق بإسناد آخر، فالحديث جاء بإسنادين، أحدهما فيه جهالة وهو الرواية عن جمع، والإسناد الآخر ليس فيه إبهام، بل الإسناد كله متصل، فأحدهما يشهد للآخر، فيكون الحديث صحيحاً.



تراجم رجال إسناد حديثي عروة البارقي في شراء أضحية للنبي عليه الصلاة والسلام
قوله: [حدثنا مسدد] .
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي والترمذي.
[حدثنا سفيان] .
سفيان بن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شبيب بن غرقدة] .
شبيب بن غرقدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحي] .
أي: عن عدد من الناس مبهمون.
[عن عروة يعني ابن أبي الجعد البارقي] .
عروة بن أبي الجعد البارقي رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقوله: [حدثنا الحسن بن الصباح] .
الحسن بن الصباح البزاز صدوق يهم، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا أبو المنذر] .
هو إسماعيل بن عمرو الواسطي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد] .
سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد بن درهم، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
[حدثنا الزبير بن الخريت] .
الزبير بن الخريت وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[عن أبي لبيد] .
هو لمازة بن زبار وهو صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة.
[عن عروة] .
مر ذكره.



حكم بيع الفضولي
بيع عروة هذا يسمى عند الفقهاء ببيع الفضولي.
ولو أن رجلاً أعطى شخصاً سلعة، وكلفه ببيعها بسعر محدد، فباعها الوكيل بأكثر من السعر، وأعطى البائع أمواله، وأخذ الباقي من غير علمه، فهذا غير جائز، لأنه حدد له السعر حتى لا يبيع بأقل من هذا، لكن إذا حصل شيء أكثر من هذا فصاحب المال أحق به منه، وإذا كان بينهما اتفاق فيأخذ المتفق عليه، وإذا لم يكن بينهما اتفاق فيعطيه ما يعطى مثله على حسب ما اعتاده الناس، إلا أن يكون هناك اتفاق بينهما.



شرح حديث حكيم بن حزام في شراء أضحية للنبي عليه الصلاة والسلام
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا سفيان حدثني أبو حصين عن شيخ من أهل المدينة عن حكيم بن حزام رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث معه بدينار يشتري له أضحية، فاشتراها بدينار وباعها بدينارين، فرجع فاشترى له أضحية بدينار، وجاء بدينار إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فتصدق به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ودعا له أن يبارك له في تجارته) ] .
أورد أبو داود حديث حكيم بن حزام رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به أضحية، فاشترى شاة وباعها بدينارين، واشترى بأحد الدينارين شاة، وجاء بشاة ودينار كما حصل في قصة البارقي، فالنبي صلى الله عليه وسلم، دعا له، وتصدق بذلك الدينار.
والحديث في إسناده رجل مبهم، وهو مثل حديث عروة البارقي إلا أن فيه زيادة التصدق، وبعض أهل العلم قال: إن في هذا دليلاً على أن الشيء إذا كان فيه شبهة فالتورع يكون بالتصدق به في الأمور الممتهنة مثل بناء حمامات وتعبيد طرق، وقد مر بنا قصة المرأة التي دعت النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعام، فلما قدمت لهم الشاة لاك الرسول صلى الله عليه وسلم قطعة من اللحم وقال: (إن هذه الشاة أخذت بغير إذن أهلها) فسألوا المرأة، وذكرت لهم القصة، فقال: (أطعموه الأسارى) .
ويحتمل أن النبي عليه الصلاة والسلام تصدق بالدينار لأنه قد خرج عنه للقربة لله تعالى في الأضحية، فكره أكل ثمنها كما ذكره في نيل الأوطار.



تراجم رجال إسناد حديث حكيم بن حزام في شراء أضحية للنبي عليه الصلاة والسلام
قوله: [حدثنا محمد بن كثير العبدي] .
محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا سفيان] .
سفيان بن سعيد ين مسروق الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبو حصين] .
هو عثمان بن عاصم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شيخ من أهل المدينة] .
هذا مبهم.
[عن حكيم بن حزام] .
هو صحابي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.



حكم المضاربة
المضاربة من أنواع الشركة، وهي: أن يكون رجل عنده مال، وآخر ليس عنده مال، ولكن عنده قدرة على العمل، فيشتركان، هذا برأس المال وهذا بالعمل.
وسميت مضاربة لأنها تحتاج إلى الضرب في الأرض بالأسفار والانتقال لتنمية المال، ولا خلاف بين أهل العلم في جواز المضاربة، وابن تيمية رحمه الله يقول: مسائل الإجماع تستند إلى نص، وقال بعض أهل العلم: ما من مسألة أجمع عليها إلا ولها نص هي مستندة إليه إما جلي وإما خفي.
قيل: والمسألة التي ثبتت بإجماع مجرد وليس فيها نص هي المضاربة، لكن المضاربة قد ورد فيها نص، وهي أنها من المعاملات التي كانت في الجاهلية وأقرها الإسلام، فإقرار الإسلام لها هو النص؛ لأن السنة قول وفعل وتقرير، فإذاً الإجماع عليها مستند إلى نص، وهو تقرير النبي صلى الله عليه وسلم للمضاربة التي كانت في الجاهلية، فالرسول صلى الله عليه وسلم أقرها وأبقاها، ومعلوم أن من أعمال الجاهلية ما أبطله الإسلام، ومنها ما أقره الإسلام، ومما أقره هذه المسألة، واعتبار الولي في النكاح، كما قالت عائشة: كان الرجل في الجاهلية يأتي إلى الرجل ويطلب منه موليته فيزوجها إياه، وجاء الإسلام واعتبر الولي في النكاح، فهو من الأحكام التي كانت في الجاهلية وأقرها الإسلام، والمضاربة من هذا القبيل.
والمضاربة تكون بعمل من أحدهما وبمال من الآخر، ويكون الربح بالنسبة التي يتفقان عليها، ولا يكون بمقدار معين، فلا يقول: لي كذا والباقي لك، فهذا لا يصح؛ لأنه قد لا يحصل إلا هذا الذي اشترط لأحدهما، فيكون الثاني ليس له شيء، وإنما تكون بالنصف أو الثلث أو الثلثين أو الربع أو ثلاثة أرباع، على حسب ما يتفقان عليه.
ومثل ذلك المزارعة والمساقاة تكون على النصف والثلث والثلثين، وهي بمعنى المضاربة، وقد جاءت فيها نصوص.
ومثل ذلك لو أن إنساناً أعطى إنساناً سيارته الأجرة وقال له: اشتغل عليها والربح بيني وبينك نصفان، فهذا صحيح.
والخسارة في المضاربة تكون على صاحب رأس المال وليست على العامل، والعامل خسارته عمله الذي ضاع بدون مقابل، فكل منهما قد يخسر، العامل خسر جهده بدون مقابل، والمالك ضاع رأس ماله أو بعض رأس ماله، ولا يجوز أن يحمل العامل ضمانة رأس المال لو خسر، وهذا شرط باطل، واختلف العلماء هل هذا الشرط يبطل العقد من أصله، أم يلغى الشرط والعقد باق؟ ومثل هذا الشرط باطل بإجماع العلماء، وإنما الخلاف بينهم هل يبطل العقد من أصله أو أن الشرط هو الذي يبطل والعقد باق، ويكون مثل قصة بريرة عندما اشترط أهلها الولاء، فأقر الرسول صلى الله عليه وسلم البيع وأبطل الشرط.
وهذه الأحاديث التي وردت في هذا الباب فيها وكالة وليس فيها مضاربة، فمناسبتها للباب من باب القياس؛ لأن الكل تصرف بغير إذن.



الرجل يتجر في مال الرجل بغير إذنه



شرح حديث فرق الأرز
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يتجر في مال الرجل بغير إذنه.
حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة حدثنا عمر بن حمزة أخبرنا سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من استطاع منكم أن يكون مثل صاحب فرق الأرز فليكن مثله، قالوا: ومن صاحب فرق الأرز يا رسول الله؟! فذكر حديث الغار حين سقط عليهم الجبل فقال كل واحد منهم: اذكروا أحسن عملكم قال: وقال الثالث: اللهم! إنك تعلم أني استأجرت أجيراً بفرق أرز، فلما أمسيت عرضت عليه حقه فأبى أن يأخذه وذهب، فثمرته له حتى جمعت له بقراً ورعاءها فلقيني فقال: أعطني حقي، فقلت: اذهب إلى تلك البقر ورعاءها فخذها، فذهب فاستاقها) ] .
أورد أبو داود باباً في الرجل يتجر في مال الرجل بغير إذنه، يعني: أن الأصل عدم الجواز، وأنه لا يتجر إلا بإذنه، ولو حصلت خسارة فإنه مفرط.
فأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر، وفيه إشارة إلى قصة أصحاب الغار الثلاثة الذين كانوا يمشون في فلاة من الأرض، فأصابهم مطر في ليلة ظلماء، فدخلوا في غار، فانحدرت صخرة من الجبل وسدت عليهم باب الغار، فكانوا لا يستطيعون الخروج، فصاروا مقبورين وهم أحياء في هذا الغار، ولا أحد يعلم بحالهم إلا الله عز وجل، ففكروا ماذا يصنعون؟ ورأوا أن يتوسلوا إلى الله عز وجل بأعمال عملوها لله خالصة في حال رخائهم؛ ليفرج الله عنهم ما هم فيه من حال شدتهم كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في وصيته لـ ابن عباس: (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) يعني: أن الإنسان إذا عمل في حال رخائه أعمالاً خالصة لله عز وجل، فإن الله تعالى يفرج عنه في حال شدته كما قال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2 - 3] ، فأحدهم توسل إلى الله ببر الوالدين، والثاني توسل إلى الله بترك الزنا مع القدرة عليه، والثالث توسل إلى الله عز وجل بحفظ مال الأجير وتنميته وإعطائه له كاملاً غير منقوص.
ومحل الشاهد من إيراد الحديث هو كون الذي استأجر أجيراً نمى هذه الأجرة التي سخطها صاحبها ولم يأخذها، حتى بلغت قطيعاً من البقر ولها رعاء، يعني: عبيداً يرعونها، وجاء الأجير بعد مدة وقال: أعطني حقي، فقال: كل هذا حقك فقال: أتستهزئ بي؟! فقال: لا أستهزئ بك، فأخذه كله، فتوسل إلى الله عز وجل فانفرجت الصخرة عنهم وخرجوا من الغار.
وهذا الرجل أراد أن يحسن إلى الأجير وحقه مضمون في ذمته، وفي نيته أنه لو جاء سيعطيه إياه كله، فصار محسناً في عمله عندما أعطاه تلك الأشياء الكثيرة، لكن كون الإنسان يتصرف في مال غيره بغير إذنه ثم يحصل فيه خسارة فإنه يكون ضامناً إلا إذا أقره صاحب الحق على تصرفه.



تراجم رجال إسناد حديث فرق الأرز
قوله: [حدثنا محمد بن العلاء] .
محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو أسامة] .
أبو أسامة حماد بن أسامة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عمر بن حمزة] .
وهو ضعيف، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
[أخبرنا سالم بن عبد الله] .
سالم بن عبد الله بن عمر وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه] .
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادله الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي الله صلى الله عليه وسلم.
والحديث في سنده ضعيف، لكن قصة أصحاب الغار وتوسلهم إلى الله عز وجل بأعمالهم الصالحة ثابتة في الصحيحين.



الشركة على غير رأس مال



شرح حديث اشتراك ابن مسعود وعمار وسعد فيما يغنمون
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الشركة على غير رأس مال.
حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا يحيى حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر، قال: فجاء سعد بأسيرين، ولم أجىء أنا وعمار بشيء) ] .
أورد أبو داود باب الشركة على غير رأس مال، وهذه شركة الأبدان، بأن يتفق أشخاص فيما بينهم على أنهم يعملون ثم يجمعون ما يحصلون ثم يقتسمونه بينهم، كأن يكونوا حطابين أو عمالاً أو يشتركون فيما يصيبون من الغنائم.
وأورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود قال: (اشتركت أنا وعمار وسعد يوم بدر فيما نصيب، فجاء سعد بأسيرين، ولم أجئ أنا وعمار بشيء) يعني: أنهم اشتركوا في الأسيرين, والأصل هو جواز مثل هذه الشركة، لكن هذا الحديث ضعيف؛ لأن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه، فهو منقطع.



تراجم رجال إسناد حديث اشتراك ابن مسعود وعمار وسعد فيما يغنمون
قوله: [حدثنا عبيد الله بن معاذ] .
عبيد الله بن معاذ العنبري ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا يحيى] .
يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان عن أبي إسحاق] .
سفيان هو الثوري، وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عبيدة] .
أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه] .
عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28-06-2025, 07:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [389]
الحلقة (421)



شرح سنن أبي داود [389]
لقد جاءت عدة أحاديث -منها ما يثبت ومنها ما لا يثبت- في النهي عن المزارعة والمساقاة، والصواب جواز ذلك، فقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر على أرض خيبر على نصف ما يخرج من ثمارها وزروعها، وقد عمل بذلك الخلفاء الراشدون من بعده.
والمزارعة: هي إجارة الأرض على جزء مما يخرج منها.



المزارعة



شرح حديث (لأن يمنح أحدكم أرضه خير من أن يأخذ عليها خراجاً معلوماً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المزارعة.
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: (ما كنا نرى في المزارعة بأساً حتى سمعت رافع بن خديج رضي الله عنه يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عنها.
فذكرته لـ طاوس فقال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم ينه عنها، ولكن قال: لأن يمنح أحدكم أرضه خير من أن يأخذ عليها خراجاً معلوماً) ] .
أورد أبو داود باب المزارعة، وهي: استئجار الأرض على جزء معلوم مما يخرج منها كالنصف أو الثلث أو الثلثين، فرجل يدفع الأرض، والآخر يعمل فيها، فهي من جنس المضاربة، إلا أن المضاربة فيها رجل دفع رأس مال، والآخر يعمل، وهذه أحدهما دفع أرضاً ليعمل الآخر عليها على النصف أو الثلث أو الثلثين أو أي نسبة معينة، وهي سائغة وجائزة، ومما يدل عليها قصة معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم ليهود خيبر، فإنه عاملهم على نصف ما يخرج منها من ثمر وزرع، وهذا يدل على صحة المزارعة وصحة المساقاة، ولكن جاءت أحاديث عديدة في النهي عن المزارعة، وهي تحمل على أنه يعطيها أو يعيرها أخاه أولى من كونه يأخذ عليها أجراً معلوماً، ولا شك أن كون الإنسان يعطي أخاه أو يعيره ويرفق به أولى من كونه يؤجر له، ولكن إن أجر له الأرض فإن ذلك صحيح، والإجارة صحيحة، وقد ثبتت في قصة خيبر وفي غيرها.
وقد جاء في بعض الأحاديث أن المنع من المزارعة كان لسبب، وهو أنهم كانوا يشترطون نواحي معينة من الأرض، فيقول: لي القطعة الفلانية ولك القطعة الفلانية، وهذا لا يجوز، والرسول صلى الله عليه وسلم منع من ذلك؛ لأنها قد تثمر جهة، والجهة الأخرى لا يحصل فيها شيء، فيكون أحدهما استقل عن صاحبه بالفائدة، لكن إذا كانت الغلة بينهما على النسبة من نصف أو ربع أو ثلث فإن أي شيء نتج ولو قل فهما شركاء فيه، وإن حصلت خسارة فإن الربح يذهب عنهما جميعاً، فهذا أرضه استخدمت بدون فائدة ولم يحصل من ورائها طائل، وهذا عمل ولم يحصل طائلاً، أما كون أحدهما يشترط جهة معينة أو نوعاً معيناً من الثمر، فيقول: النوع الفلاني من النخل لي، والنوع الآخر لك، فهذا لا يجوز، وإنما يجوز الاشتراك على نسبة يتفقان عليها كما تقدم.
قوله: [(ما كنا نرى بالمزارعة بأساً)] .
يعني: أن الإنسان يؤجر أرضه بجزء مما يخرج منها معلوم النسبة.
قال: [(حتى سمعت رافع بن خديج يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عنها)] .
هذا النهي يحمل على ما فيه تقييد بما على الماذيانات وأقبال الجداول، وهذا منهي عنه، ولا يجوز، وحكمه باق.
وقد جاء في بعض الأحاديث النهي عن تأجير الأرض بثلث ما يخرج منها أو ربعه، ولعل هذا كان في أول الأمر من باب المساعدة والإرفاق، ولاسيما وأن المهاجرين قدموا إلى المدينة، فكونهم يساعدونهم بأن يمنحونهم الأرض ولا يأخذون عليهم أجرة هو الأولى، وهذا طيب في جميع الأوقات، ولكن إذا حصلت الإجارة المشروعة السائغة التي هي مزارعة على جزء معلوم بالنسبة مما يخرج من الأرض؛ فهذا لا بأس به.
قوله: [(فذكرته لـ طاوس فقال: قال لي ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم ينه عنها، ولكن قال: لأن يمنح أحدكم أرضه خير من أن يأخذ عليها خراجاً معلوماً)] .
وهذا إرشاد إلى الأولى وليس فيه نهي، ولعل رافعاً فهم المنع من قوله: (لأن يمنح أحدكم أرضه خير) ، لكن ابن عباس بين أنه لم ينه عن ذلك.



تراجم رجال إسناد حديث (لأن يمنح أحدكم أرضه خير من أن يأخذ عليها خراجاً معلوماً)
قوله: [حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار] .
عمرو بن دينار المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر] .
ابن عمر مر ذكره.
[سمعت رافع بن خديج] .
رافع بن خديج صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[قال: فذكرته لـ طاوس] .
طاوس بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس] .
هو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.



شرح حديث (إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا ابن علية ح وحدثنا مسدد حدثنا بشر المعنى، عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن الوليد بن أبي الوليد عن عروة بن الزبير قال: قال زيد بن ثابت رضي الله عنه: يغفر الله لـ رافع بن خديج رضي الله عنه! أنا والله أعلم بالحديث منه، إنما أتاه -رجلان قال مسدد: من الأنصار، ثم اتفقا- قد اقتتلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع) ، زاد مسدد: (فسمع قوله: لاتكروا المزارع) ] .
أورد أبو داود حديث زيد بن ثابت وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تكروا المزارع) ، وبناء على ما حصل بينهم من الخصومة جاء هذا النهي، وقد جاء ما يدل على ثبوت الكراء سواء بالدراهم والدنانير أو بجزء معلوم بالنسبة مما يخرج منها، وكل ذلك لا بأس به.
وقوله: (لا تكروا) إشارة إلى المنع، ولكنه يمكن أن يحمل على كراهة التنزيه، وعلى خلاف الأولى، لاسيما وأنه قد يؤدي إلى الخصام، ولكن كونهم يتفقون على شيء معين ولا يحصل بينهم اختلاف فيه، فلا بأس بذلك.



تراجم رجال إسناد حديث (إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع)
قوله: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة] .
أبو بكر بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا ابن علية] .
إسماعيل بن إبراهيم بن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وحدثنا مسدد] .
مسدد مر ذكره.
[حدثنا بشر] .
بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن إسحاق] .
عبد الرحمن بن إسحاق صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً وفي الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار] .
وهو مقبول، أخرج له أصحاب السنن.
[عن الوليد بن أبي الوليد] .
الوليد بن أبي الوليد لين الحديث، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عروة بن الزبير] .
عروة بن الزبير بن العوام وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زيد بن ثابت] .
زيد بن ثابت رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الحديث في إسناده راويان فيهما مقال، والثابت إباحة المزارعة ومشروعيتها، وأوضح دليل عليها قصة خيبر، فقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعلها أبو بكر وعمر من بعده، فهي حكم محكم ليس بمنسوخ، فالرسول صلى الله عليه وسلم توفي والعمل قائم عليها، وعمل به من بعده أبو بكر وعمل بها من بعده عمر، وكذلك الناس إلى الآن يتعاملون بهذه المعاملة.



شرح حديث (كنا نكري الأرض بما على السواقي من الزرع)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن سعيد بن المسيب عن سعد رضي الله عنه قال: (كنا نكري الأرض بما على السواقي من الزرع وما سعد بالماء منها، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك، وأمرنا أن نكريها بذهب أو فضة) ] .
أورد أبو داود حديث سعد بن أبي وقاص أنهم كانوا يكرون الأرض بما على السواقي، يعني: يقول صاحب الأرض: لي هذا والباقي لك، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن ذلك، وأمرهم أن يكروا الأرض بالذهب والفضة، ومعروف أن الأجرة هي كذا دينار أو كذا درهم، وما يحصل في الأرض يكون كله للعامل أو يكون كله للمالك والعامل يكون له أجرة عمله، والثمرة كلها لصاحبها، ولكن لو حصل أنها أجرت بجزء معلوم مما يخرج منها -وهذه هي المزارعة- فإنه يصح.



تراجم رجال إسناد حديث (كنا نكري الأرض بما على السواقي من الزرع)
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة] .
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[حدثنا يزيد بن هارون] .
يزيد بن هارون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا إبراهيم بن سعد] .
إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام] .
محمد بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام هو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي.
[عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة] .
محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة ضعيف، أخرج له أبو داود والنسائي.
[عن سعيد بن المسيب] .
سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد] .
سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.



شرح حديث رافع في كراء الأرض بالذهب والفضة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عيسى حدثنا الأوزاعي ح وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث كلاهما عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن -واللفظ للأوزاعي - قال: حدثني حنظلة بن قيس الأنصاري قال: (سألت رافع بن خديج رضي الله عنه عن كراء الأرض بالذهب والورق؟ فقال: لا بأس بها، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بما على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كراء إلا هذا؛ فلذلك زجر عنه، فأما شيء مضمون معلوم فلا بأس به) ] .
أورد أبو داود رحمه الله حديث رافع بن خديج، وفيه تفصيل لما أجمل في بعض الأحاديث.
قوله: [(سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق فقال: لا بأس بها)] .
يعني: كون الأجرة تكون نقوداً وليس هناك شيء مجهول فلا بأس بها.
قوله: [(إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع)] .
يعني: أنهم كانوا يؤاجرون على أماكن معينة تحظى بالماء وتستفيد من الماء، فيكون الثمر فيها قوياً وجيداً وحسناً، فيقول أحدهما: هذه الجهة لي والباقي لك، فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا وزجر عنه؛ لأن هذا يؤدي إلى أن أحدهما يظفر بالفائدة والثاني لا يحصل شيئاً، وهذا فيه اختصاص لأحدهما بالمال دون الآخر، وهو غير سائغ، وإنما كل واحد منهما يحصل نصيبه، فهذا يحصل الثمرة وهذا يحصل الأجرة، سواء كانت هذه الأجرة عن طريق ذهب وفضة أو عن طريق اشتراك بنسبة معينة؛ لأن هذا شيء مضمون أن كل واحد يحصل نصيبه، أما أن يكون أحدهما له جزء معين من الأرض فقد لا ينبت إلا هو، ويكون قد اختص أحدهما بالثمرة دون الآخر، وهذا هو الذي زجر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: فأما شيء معلوم مضمون فلم ينه عنه.



تراجم رجال إسناد حديث رافع في كراء الأرض بالذهب والفضة
قوله: [حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي] .
إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عيسى] .
عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الأوزاعي] .
عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وحدثنا قتيبة بن سعيد] .
قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث] .
الليث بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[كلاهما عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن] .
ربيعة بن أبي عبد الرحمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حنظلة بن قيس الأنصاري] .
حنظلة بن قيس الأنصاري ثقة، وقيل: له رؤية، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن رافع] .
رافع بن خديج مر ذكره.
قال أبو داود: [وحديث إبراهيم أتم] .
هو إبراهيم بن موسى، وهو الشيخ الأول.
[وقال قتيبة عن حنظلة عن رافع] .
يعني: بدون سؤال.
[قال أبو داود: رواية يحيى بن سعيد عن حنظلة نحوه] .



شرح حديث رافع في كراء الأرض بالذهب والفضة من طريق أخرى وتراجم رجاله
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس: (أنه سأل رافع بن خديج رضي الله عنه عن كراء الأرض؟ فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كراء الأرض، فقلت: أبا لذهب والورق؟ فقال: أما بالذهب والورق فلا بأس به) ] .
وهذا الحديث مثل الذي قبله، وهو يبين إجمال بعض الأحاديث السابقة في النهي عن كراء الأرض.
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن ربيعة] .
مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس عن رافع بن خديج] .
تقدم ذكرهم.



الأسئلة



معنى الماذيانات
السؤال ما معنى الماذيانات؟
الجواب الماذيانات كلمة معربة المقصود بها شيء فيه فائدة وفيه ثمرة، ويقال: إنها ما على الماء.



حكم تأجير البقالة بما فيها من سلع بمبلغ محدد في الشهر
السؤال صاحب بقالة أجر البقالة بما فيها من البضائع على عامله بمبلغ محدد في الشهر، فهل هذا جائز؟
الجواب إذا أجر التخشيبة ونحوها من الأدوات فهذا من جنس البنيان، وأما إذا أجر السلع فلا يجوز، ولكن كونه يؤجر الدكان بما فيه من الأدوات التي يستفاد منها لرص البضائع سواء بأجر شهري أو سنوي فلا بأس بذلك.



حكم تأجير محل بمعداته من غير البضاعة
السؤال ما الحكم إن أجر محلاً بمعداته من غير البضاعة؟
الجواب لا بأس بتأجير المعدات مثل ثلاجات تحفظ له الأشياء ومثل دواليب وما إلى ذلك، أما البضاعة نفسها فهي لا تؤجر، بل هي ملك لصاحبها.



حكم الشركة ورأس المال مناصفة من اثنين والعمل من أحدهما مقابل ربع الربح
السؤال اشتركت أنا وآخر في مشروع، وكان رأس المال مناصفة بيني وبينه، وهو يقوم بإدارة العمل وحده مقابل ربع الربح، ثم نتقاسم ما بقي من الربح، فهل هذا العمل مشروع؟
الجواب لا بأس بذلك.



حكم تأجير سيارات الأجرة بمبلغ محدد يومياً
السؤال ما حكم تأجير سيارة الأجرة بمبلغ محدد يطلبه صاحبها من السائق مثل مائة ريال كل يوم، وما بقي فهو لصاحب السيارة؟
الجواب لا بأس بذلك، فله أن يقول: خذ السيارة وكل يوم أجرتها مائة ريال، حتى ولو اشتغل بها ولم يجمع مالاً، فإنه أجرها عليه سواء كان يشتغل بها أو ما يشتغل؛ لأن هذه أجرة لهذه السيارة، وحتى لو لم يشتغل عليها فإنه يدفع الأجرة، مثل الذين يؤجرون السيارات الخصوصي للاستخدام، وقد لا يستخدمها يوماً ولكنه مطلوب منه في كل يوم أن يدفع أجرة لهذه السيارة.
لكن إذا كان كفيلاً للعامل، وجاء به من أجل يعمل عنده، فهذا عليه أن يجعل له أجرة، ولا يؤجره السيارة؛ لأن هذا لا تقره الدولة.



التخلص من الربا
السؤال كيف يتخلص الإنسان من الربا الذي في يده؟
الجواب إذا كان الربا في يد الإنسان وقد ابتلي به، ويريد أن يتخلص منه، فإنه يتخلص منه بصرفه في بعض الأمور الممتهنة، ولا يجوز له أن يأخذ الربا، ولا يصح أن يتصدق به؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.



حكم اشتراط صاحب المال في المضاربة أن الزكاة على العامل
السؤال هل يجوز في المضاربة أن يقول صاحب المال: الربح بيني وبينك نصفان إلا أن زكاة التجارة عليك؟
الجواب ليس له ذلك، وكل واحد منهما زكاته عليه ولا يشترط الزكاة على صاحبه.



حكم تحديد أجرة للعامل في المضاربة
السؤال هل يجوز أن يعين للمضارب راتباً وحصة كأن يقول صاحب المال للعامل: اتجر في مالي ولك ألف ريال شهرياً وربع الربح؟
الجواب لا يصح؛ لأنه قد لا يحصل من التجارة إلا ألف ريال، ولكن المضاربة تنبني على اقتسام الربح بالنسبة فقط، فلا يقول: لي كذا أو هذا لي، وإنما الربح بينهما على النسبة التي يتفقان عليها مثل النصف أو الثلث أو الثلثين أو الربع أو ثلاثة أرباع وهكذا.



التشديد في المزارعة



شرح حديث رافع بن خديج في النهي عن كراء الأرض
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في التشديد في ذلك.
حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي الليث قال: حدثني عقيل عن ابن شهاب قال: أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر (أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يكري أرضه حتى بلغه أن رافع بن خديج الأنصاري رضي الله عنه حدث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان ينهى عن كراء الأرض، فلقيه عبد الله فقال: يا ابن خديج! ماذا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كراء الأرض؟ فقال رافع لـ عبد الله بن عمر: سمعت عميَّ -وكانا قد شهدا بدراً- يحدثان أهل الدار: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن كراء الأرض.
قال عبد الله: والله! لقد كنت أعلم في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الأرض تكرى، ثم خشي عبد الله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحدث في ذلك شيئاً لم يكن علمه، فترك كراء الأرض) ] .
قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب التشديد في ذلك، أي: في المزارعة، وقد سبقت أحاديث فيها النهي عن المزارعة، وعرفنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن أمور فيها جهالة، وأما الشيء المعلوم فلا بأس به، أو أنه كان يرشد إلى ما هو الأكمل والأفضل، وهو أن الإنسان يساعد ويعين ويمنح أخاه الأرض بدون مقابل.
وقد جاء ما يدل على ثبوت المزارعة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن الخلفاء الراشدين من بعده رضي الله تعالى عنهم، ومن ذلك معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لليهود في خيبر حيث أعطاهم الأرض والنخل على الشطر مما يخرج منها من ثمر أو زرع.
وقد أورد أبو داود في هذا الباب أحاديث فيها وعيد شديد في حق من يفعل المزارعة لكنها غير ثابتة، ولو ثبتت فتحمل على الشيء الذي فيه جهالة بأن يقول: لي ما على الماذيانات وأقبال الجداول أو الناحية الفلانية دون الناحية الفلانية، وهذا لا شك أنه محرم وغير جائز؛ لأن أحد الطرفين -صاحب الأرض أو المزارع- يستفيد من الثمرة دون الآخر، والأصل في المزارعة أن كلاً منهما يستفيد إن وجدت فائدة، وإن حصل ضرر أو ما حصلت فائدة من الزرع فإن العامل ضاع عليه عمله، وصاحب الأرض استخدمت أرضه دون أن يحصل منها على طائل.
وأورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى أنه كان يكري أرضه للزراعة حتى بلغه عن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فلقي عبد الله بن عمر رافعاً وسأله عن الحديث الذي يحدث به، فقال: إنه سمع عميه وهما يحدثان أهل الدار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن ذلك، فقال عبد الله بن عمر: كنا في زمنه عليه الصلاة والسلام نكري الأرض، ولكن عبد الله بن عمر خشي أن يكون حصل شيء من النبي عليه الصلاة والسلام فيه تحريم ذلك، أو حصل نسخ للأمر الذي كانوا عليه أولاً، فمن باب الورع ترك عبد الله بن عمر رضي الله تعالى كراء الأرض بعد ذلك بناء على ما جاء في حديث رافع بن خديج.



تراجم رجال إسناد حديث رافع بن خديج في النهي عن كراء الأرض
قوله: [حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث] .
عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثني أبي عن جدي الليث] .
أبوه شعيب ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي.
وجده الليث بن سعد ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني عقيل] .
عقيل بن خالد بن عقيل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب] .
محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني سالم بن عبد الله] .
سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمر] .
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[عن رافع بن خديج] .
رافع بن خديج صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت عميّ] .
له عمان: ظهير ومظهر، وظهير أخرج له البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة.
والعمان مبهمان، لكن المعروف أن عميه هما من ذكرنا، والثاني لم يترجم له.



شرح حديث رافع في النهي عن كراء الأرض من طريق ثانية وتراجم رجاله
[قال أبو داود: رواه أيوب وعبيد الله وكثير بن فرقد ومالك عن نافع عن رافع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم] .
أورد أبو داود طريق أخرى عن رافع من غير طريق سالم، وهو عن نافع عن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس فيها واسطة بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [قال أبو داود: رواه أيوب] .
أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وعبيد الله] .
عبيد الله بن عمر العمري المصغر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وكثير بن فرقد] .
كثير بن فرقد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.
[ومالك] .
مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع] .
نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن رافع] .
رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه وقد مر ذكره.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28-06-2025, 07:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله





شرح حديث رافع في النهي عن كراء الأرض من طريق ثالثة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ورواه الأوزاعي عن حفص بن عنان الحنفي عن نافع عن رافع رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم] .
وهذه طريق أخرى عن رافع، وفيها أنه قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام، والطريق الأولى هي بالعنعنة، ولعله أخذ الحديث عنه مباشرة وأخذه عن صحابي، ولكن هذا فيه التصريح بأنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث الذي يرويه الصحابي بالعنعنة يحتمل أن يكون مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة حجة؛ لأنهم لا يأخذون إلا عن الصحابة، لكن الذي فيه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم هو نص بأنه حصل منه السماع، ولهذا صغار الصحابة يروون أحياناً عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ويصرحون بالسماع، ويروون كثيراً بالعنعنة، ويحتمل أن يكونوا سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة أو سمعوه من صحابي آخر.




تراجم رجال إسناد حديث رافع في النهي عن كراء الأرض من طريق ثالثة
قوله: [ورواه الأوزاعي] .
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي فقيه الشام ومحدثها، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حفص بن عنان الحنفي] .
حفص بن عنان الحنفي وهو ثقة، أخرج له النسائي.
[عن نافع عن رافع] .
مر ذكرهما.



شرح حديث رافع في النهي عن كراء الأرض من طريق رابعة وتراجم رجاله
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وكذلك رواه زيد بن أبي أنيسة عن الحكم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه أتى رافعاً رضي الله عنه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: نعم] .
هذه طريق أخرى عن ابن عمر مماثلة للطريق الأولى، وفيها أنه سأل رافعاً، وفي الأولى: ذكر أن عميه أخبرا بكذا، وفي هذه الطريق أخبر بأنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [وكذلك رواه زيد بن أبي أنيسة] .
زيد بن أبي أنيسة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحكم] .
الحكم بن عتيبة الكندي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع عن ابن عمر عن رافع] .
مر ذكرهم.



شرح حديث رافع في النهي عن كراء الأرض من طريق خامسة وتراجم رجاله
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وكذا رواه عكرمة بن عمار عن أبي النجاشي عن رافع بن خديج رضي الله عنه أنه قال: سمعت النبي عليه الصلاة والسلام] .
وهذا مثل الذي قبله، فيه أن رافعاً هو الذي سمع من رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قوله: [وكذا رواه عكرمة بن عمار] .
عكرمة بن عمار صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن أبي النجاشي] .
هو عطاء بن صهيب، ثقة، أخرج له البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة.
[عن رافع] .
مر ذكره.



شرح حديث رافع في النهي عن كراء الأرض من طريق سادسة وتراجم رجاله
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ورواه الأوزاعي عن أبي النجاشي عن رافع بن خديج عن عمه ظهير بن رافع رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم] .
وهذه طريق أخرى فيها: أن رافعاً يروي الحديث عن عمه ظهير بن رافع، فهناك ذكر عميه وأبهمهما، وهنا صرح بأنه ظهير.
قال الحافظ: في المبهمات: رافع بن خديج عن عميه وعن بعض عمومته، وعن عمومته، له عم اسمه ظهير، وآخر مظهر، وظهير، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[قال أبو داود: أبو النجاشي عطاء بن صهيب] .
ذكر اسم هذا الذي اشتهر بكنيته.



معنى النهي عن كراء الأرض
حديث رافع قال عنه الإمام أحمد: جاء على ألوان، أي: أنه يأتي مرة هكذا، ومرة هكذا، ولهذا لوجود الاضطراب الذي فيه وكونه فيه اختلاف كثير قالوا: يحمل المجمل على المفصل، فالمزارعة جائزة لحديث معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل خيبر، لاسيما وقد استمر العمل عليها إلى الآن، فمنذ أن توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه يعملون بها من بعده، وهذا الذي ذكره رافع كأنه شيء متقدم في أول الأمر، أو أن فيه إرشاد إلى المساعدة والإعانة وكذا.
ويمكن أن يكون رافع سمع الحديث بنفسه أو بواسطة غيره.



شرح حديث: (من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا خالد بن الحارث حدثنا سعيد عن يعلى بن حكيم عن سليمان بن يسار أن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: (كنا نخابر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذكر أن بعض عمومته أتاه فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن أمر كان لنا نافعاً، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا وأنفع.
قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه، ولا يكاريها بثلث ولا بربع ولا بطعام مسمى) ] .
هذا حديث رافع أن بعض عمومته جاء وقال: نهانا رسول صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعاً، وطواعية الله ورسوله أنفع وأنفع، يعني: كوننا نسمع ونطيع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرشدنا إليه أنفع لنا، وإن كان الكراء والمزارعة التي كنا نفعلها فيها فائدة لنا، وهي ما يحصل لنا مقابل استخدام أرضنا، فنستفيد ويستفيد العامل، ثم أخبر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه) ].
وهذا إرشاد إلى الأفضل والأولى الذي ينبغي، ولعل هذا كان في أول الأمر عندما قدم المهاجرون إلى المدينة وليس معهم شيء، فأرشدهم إلى أن الأولى أن يمنحوهم أرضهم ليستخدموها بالمجان، والحكم الذي استقر عليه الأمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر في السنة السابعة، واستمر الحال على ذلك حتى توفي عليه الصلاة والسلام، ثم استمر الحال على ذلك في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
قوله: [(كنا نخابر)] .
المخابرة: هي زراعة الأرض بشيء مما يخرج منها، ومن العلماء من فرق بين المخابرة والمزارعة، إحداهما يكون البذر فيها من صاحب الأرض، والثانية يكون من العامل، والذي يظهر أن البذر إنما هو من العامل وليس من صاحب الأرض؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يرسل الحبوب لليهود من أجل أن يزرعوا الأرض، وإنما كانوا يزرعونها بحبوب من عندهم، والذي يظهر أنه لا فرق بين المزارعة والمخابرة، ولا نعلم شيئاً يدل على التفريق بينهما.



تراجم رجال إسناد حديث: (من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه)
قوله: [حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة] .
عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا خالد بن الحارث] .
خالد بن الحارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سعيد] .
سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يعلى بن حكيم] .
وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن سليمان بن يسار] .
سليمان بن يسار ثقة فقيه، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن رافع بن خديج] .
قد مر ذكره.



شرح حديث: (من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه) من طريق أخرى، وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال: كتب إلي يعلى بن حكيم: أني سمعت سليمان بن يسار بمعنى إسناد عبيد الله وحديثه] .
ذكر المصنف طريقاً أخرى للحديث بمعنى إسناد حديث عبيد الله.
قوله: [حدثنا محمد بن عبيد] .
محمد بن عبيد بن حساب وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي، وأبو داود له شيخان يقال لكل منهما محمد بن عبيد، وهما: محمد بن عبيد المحاربي ومحمد بن عبيد بن حساب، والذي يروي عن حماد بن زيد هو ابن حساب.
[عن أيوب عن يعلى بن حكيم عن سليمان بن يسار] .
مر ذكرهم.



شرح حديث: (نهانا أن يزرع أحدنا إلا أرضاً يملك رقبتها)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا عمر بن ذر عن مجاهد عن ابن رافع بن خديج عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (جاءنا أبو رافع رضي الله عنه من عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أمر كان يرفق بنا، وطاعة الله وطاعة رسوله أرفق بنا، نهانا أن يزرع أحدنا إلا أرضاً يملك رقبتها أو منيحة يمنحها رجل) ] .
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله، وقال: (إنما يزرع أحدنا أرضاً يملك رقبتها) والمقصود بالرقبة: العين، يعني: أنه يملك الأرض، فيعبر عن العين بالرقبة، وذلك أن الحيوان إذا ملك فإنه يؤخذ برقبته، فعبر بالرقبة عن كل شيء يتعلق بالعين.



تراجم رجال إسناد حديث: (نهانا أن يزرع أحدنا إلا أرضاً يملك رقبتها)
قوله: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة] .
أبو بكر بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا وكيع] .
وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عمر بن ذر] .
عمر بن ذر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في التفسير.
[عن مجاهد] .
مجاهد بن جبر المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن رافع بن خديج] .
هو هنا مبهم غير معين، وهو يتحمل أن يكون هرير بن عبد الرحمن بن رافع أو عباية بن رفاعة بن رافع، وكلامهما يقال له: ابن رافع نسبة إلى الجد، وهرير مقبول، أخرج له أبو داود، وعباية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه] .
[رافع بن خديج] .
وقد تقدم ذكره.
[قال: جاءنا أبو رافع] .
قيل: لعل أبا رافع كنية لأحد عميه اللذين مر ذكرهما.



شرح حديث: (من استغنى عن أرضه فليمنحها أخاه أو ليدع)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن منصور عن مجاهد: (أن أسيد بن ظهير رضي الله عنهما قال: جاءنا رافع بن خديج رضي الله عنه فقال: إن سول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهاكم عن أمر كان لكم نافعاً، وطاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنفع لكم، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهاكم عن الحقل، وقال: من استغنى عن أرضه فليمنحها أخاه أو ليدع) ] .
أورد أبو داود الحديث عن رافع بن خديج، وفيه إشارة إلى ما تقدم من أن الإنسان يمنح أخاه ويساعده، وقال: (نهى عن الحقل) يعني المحاقلة، وهي: بيع الحب في سنبله بحنطة، وهي مثل المزابنة التي هي بيع التمر بالرطب على رءوس النخل، وكل ذلك غير جائز إلا في مسألة العرايا، والعرايا خاصة بالنخل.



تراجم رجال إسناد حديث: (من استغنى عن أرضه فليمنحها أخاه أو ليدع)
قوله: [حدثنا محمد بن كثير] .
محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا سفيان] .
سفيان الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور] .
منصور بن المعتمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مجاهد] .
مر ذكره.
[عن أسيد بن ظهير] .
أسيد بن ظهير صحابي، أخرج له أصحاب السنن.
[عن رافع بن خديج] .
مر ذكره.



شرح حديث: (من استغنى عن أرضه فليمنحها أخاه أو ليدع) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده
[قال أبو داود: وهكذا رواه شعبة ومفضل بن مهلهل عن منصور، قال شعبة: أسيد ابن أخي رافع بن خديج] .
ذكر المصنف طريقاً أخرى، وفيها إشارة إلى أنه أسيد ابن أخي رافع وليس أسيد بن ظهير.
قوله: [وهكذا رواه شعبة] .
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ومفضل بن مهلهل] .
مفضل بن مهلهل صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي.
[عن منصور] .
مر ذكره.



شرح حديث: (خذوا زرعكم وردوا عليه النفقة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى حدثنا أبو جعفر الخطمي قال: (بعثني عمي أنا وغلاماً له إلى سعيد بن المسيب قال: فقلنا له: شيء بلغنا عنك في المزارعة، قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما لا يرى بها بأساً حتى بلغه عن رافع بن خديج رضي الله عنه حديث، فأتاه فأخبره رافع: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى بني حارثة فرأى زرعاً في أرض ظهير فقال: ما أحسن زرع ظهير! قالوا: ليس لـ ظهير، قال: أليس أرض ظهير؟ قالوا: بلى، ولكنه زرع فلان.
قال: فخذوا زرعكم وردوا عليه النفقة.
قال رافع: فأخذنا زرعنا ورددنا إليه النفقة، قال سعيد: أفقر أخاك أو أكره بالدراهم) ] .
أورد أبو داود حديث رافع بن خديج من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم في النهي عن المزارعة، وأن الإنسان إما أن يزرع أرضه أو يزرعها أخوه ولا يأخذ عليه شيئاً.
قوله: [(قال: فخذوا زرعكم وردوا عليه النفقة، قال رافع: فأخذنا زرعنا ورددنا إليه النفقة)] .
يعني: التكاليف التي تعب عليها.
قوله: [قال سعيد: أفقر أخاك أو أكره بالدراهم] .
المقصود: أنه يرفق به ويحسن إليه، أو يكريه بالدراهم وليس بجزء من الزرع.
ومعنى (أفقر) أي: أعطه أرضك عارية ليزرعها، وأصل الإفقار: إعارة البعير ونحوه للركوب.



تراجم رجال إسناد حديث: (خذوا زرعكم وردوا عليه النفقة)
قوله: [حدثنا محمد بن بشار] .
هو بندار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى] .
يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو جعفر الخطمي] .
هو عمير بن يزيد، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[عن سعيد بن المسيب] .
سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر عن رافع] .
مر ذكرهما.



شرح حديث: (نهى عن المحاقلة والمزابنة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا: أبو الأحوص حدثنا طارق بن عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب عن رافع بن خديج رضي الله عنه أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المحاقلة والمزابنة، وقال: إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض فهو يزرعها، ورجل منح أرضاً فهو يزرع ما منح، ورجل استكرى أرضاً بذهب أو فضة) ] .
أورد المصنف حديث رافع وفيه النهي عن المحاقلة والمزابنة، والمحاقلة فسرت بأنها بيع الحب في سنبله بحنطة في مقابله، وهذا منهي عنه، وسبق أن مرت أحاديث في النهي عنه، والمزابنة مثلها إلا أنها في النخل، فهي بيع الثمر على رءوس النخل بتمر، وقد استثني من ذلك العرايا في أقل من خمسة أوسق.
قوله: [(ورجل استكرى أرضاً بذهب أو فضة)] .
من غير طريق المزارعة.



تراجم رجال إسناد حديث: (نهى عن المحاقلة والمزابنة)
قوله: [حدثنا مسدد] .
مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا أبو الأحوص] .
أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا طارق بن عبد الرحمن] .
طارق بن عبد الرحمن المدني وهو صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب عن رافع] .
وقد مر ذكرهما.



شرح حديث رافع بن خديج: (نهى عن كراء الأرض)
[قال أبو داود: قرأت على سعيد بن يعقوب الطالقاني قلت له: حدثكم ابن المبارك عن سعيد أبي شجاع قال: حدثني عثمان بن سهل بن رافع بن خديج قال: إني ليتيم في حجر رافع بن خديج رضي الله عنه، وحججت معه، فجاءه أخي عمران بن سهل فقال: أكرينا أرضنا فلانة بمائتي درهم، فقال: دعه، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن كراء الأرض] .
أورد أبو داود حديث رافع من طريق أخرى، وفيه ما في الأحاديث التي قبله من النهى عن كراء الأرض.



تراجم رجال إسناد حديث رافع بن خديج: (نهى عن كراء الأرض)
قوله: [قرأت على سعيد بن يعقوب الطالقاني] .
سعيد بن يعقوب الطالقاني ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثكم ابن المبارك] .
عبد الله بن المبارك المروزي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد أبي شجاع] .
وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثني عثمان بن سهل بن رافع بن خديج] .
عثمان بن سهل بن رافع وقيل: الصواب هو عيسى، وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي.
[عن رافع بن خديج] .
مر ذكره.



شرح حديث: (أربيتما، فرد الأرض على أهلها وخذ نفقتك)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا الفضل بن دكين حدثنا بكير -يعني: ابن عامر - عن ابن أبي نعم قال: (حدثني رافع بن خديج رضي الله عنه: أنه زرع أرضاً، فمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يسقيها فسأله: لمن الزرع؟ ولمن الأرض؟ فقال: زرعي ببذري وعملي، لي الشطر ولبني فلان الشطر، فقال: أربيتما، فرد الأرض على أهلها، وخذ نفقتك) ] .
أورد أبو داود حديث رافع من طريق أخرى، وفيه قوله: (أربيتما) ، وأمر بأن يرجع الزرع إلى صاحب الأرض، وأن العامل يأخذ نفقته.



تراجم رجال إسناد حديث: (أربيتما فرد الأرض على أهلها وخذ نفقتك)
قوله: [قال: حدثنا هارون بن عبد الله] .
هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا الفضل بن دكين] .
الفضل بن دكين أبو نعيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا بكير بن عامر] .
بكير بن عامر ضعيف، أخرج له أبو داود.
[عن ابن أبي نعم] .
هو عبد الرحمن بن أبي نعم وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن رافع بن خديج] .
مر ذكره.
وهذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه هذا الرجل الضعيف.



زرع الأرض بغير إذن صاحبها



شرح حديث (من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في زرع الأرض بغير إذن صاحبها.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته) ] .
أورد أبو داود باب في زرع الأرض بغير إذن أهلها، يعني: لو أن إنساناً زرع أرضاً بدون موافقة أهلها على زراعتها، فما الحكم في ذلك؟ هل الزرع يكون للزارع الذي زرع بغير إذن أو يكون للمالك؟ إن أقره المالك على تصرفه ووافقه على ذلك فلا بأس؛ لأن الحق حقه، وإن لم يوافق له فإن الزرع يكون للمالك، وذاك يكون له النفقة.



تراجم رجال إسناد حديث (من زرع في أرض قوم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته)
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا شريك] .
قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وشريك هو ابن عبد الله النخعي الكوفي، وهو صدوق يخطئ كثيراً، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن أبي إسحاق] .
هو عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء] .
عطاء بن أبي رباح ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن رافع بن خديج] .
مر ذكره.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28-06-2025, 07:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [390]
الحلقة (422)



شرح سنن أبي داود [390]
ورد في الأحاديث النهي عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة، ثم استقر الحكم على جواز المخابرة، والمخابرة والمزارعة بمعنى واحد إلا أن هناك بعض التفريق الطفيف ذكره العلماء.
أما المساقاة فقد عامل بها النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر، وكان يرسل ابن رواحة للخرص، ولهذه المعاملات تفاصيل وضحها العلماء.




المخابرة




شرح حديث (نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المخابرة.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إسماعيل ح وحدثنا مسدد أن حماداً وعبد الوارث حدثاهم كلهم عن أيوب عن أبي الزبير -قال: عن حماد وسعيد بن ميناء ثم اتفقوا- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة، والمعاومة، قال عن حماد وقال أحدهما: والمعاومة.
وقال الآخر: بيع السنين.
ثم اتفقوا: وعن الثنيا، ورخص في العرايا) ] .
أورد أبو داود (باب في المخابرة) والمخابرة هي المزارعة إلا أنها جاءت بهذا اللفظ، وقد أسلفت أن بعض أهل العلم يقول: الفرق بين المزارعة والمخابرة أن إحداهما يكون البذر من العامل، والثانية يكون البذر من المالك.
والمخابرة أو المزارعة استقر الحكم على جوازها، كما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهل خيبر، حيث كانوا يعملون فيها على الشطر مما يخرج منها، فهو حكم ثابت غير منسوخ، وهو آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أورد المصنف حديث جابر: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والمعاومة) والمحاقلة مثل المزابنة إلا أن المزابنة بيع الثمر على رءوس النخل بتمر، والمحاقلة: هي بيع الحب في سنبله بحنطة، وكل منهما لا يجوز، وقد استثني من ذلك العرايا فيما يتعلق بالنخل.
والمعاومة هي بيع السنين، وهي أن يبيع ثمرة أرضه لعدة أعوام، وهذا لا يجوز؛ لأن هذا شيء مجهول، ولا يعرف هل يحصل من الثمر شيء أو لا يحصل شيء، وإنما البيع يكون لسنة واحدة، أما كونه يبيعه لعدة سنوات في مقابل شيء لم يوجد ولم يخلق فإن هذا لا يصح، ولكن يجوز أن يبيعه ثمرة السنة الحاضرة.
قوله: [عن حماد وقال أحدهما: والمعاومة، وقال الآخر: بيع السنين] .
يعني: لا فرق بينهما.
قوله: [وعن الثنيا] .
الثنيا أي: الاستثناء، وقد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على جواز استثناء شيء معلوم، وفي رواية: (وعن الثنيا إلا أن تعلم) ، وأما إذا كانت الثنيا مجهولة فإن ذلك لا يصح، كأن يقول مثلاً: بعتك هذه الصبرة إلا بعضها أو إلا جزءاً منها، أما لو قال: إلا ربعها فلا بأس، وإنما المحذور استثناء الشيء الذي فيه جهالة، أو يقول: بعتك ثمرة هذا البستان إلا نخلة منه، ولم يحدد النخلة، فإن هذا شيء مجهول، ولكن إذا حدد النخلة الفلانية صح.
قوله: [(ورخص في العرايا)] .
وهي بيع الثمر على رءوس النخل بتمر، وهذا ممنوع، ولكن استثني كما سبق العرايا في حدود معينة، وهي أنه لا يبلغ خمسة أوسق.




تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة)
قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل] .
أحمد بن محمد بن حنبل الإمام الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا إسماعيل] .
إسماعيل بن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وحدثنا مسدد] .
مسدد مر ذكره.
[عن حماد] .
حماد بن زيد مر ذكره.
[وعبد الوارث] .
عبد الوارث بن سعيد العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[كلهم عن أيوب] .
أيوب السختياني مر ذكره.
[عن أبي الزبير] .
هو محمد بن مسلم بن تدرس وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال: عن حماد وسعيد بن ميناء] .
سعيد بن ميناء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[عن جابر بن عبد الله] .
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.




شرح حديث (نهى عن المزابنة وعن المحاقلة) من طريق ثانية
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو حفص عمر بن يزيد السياري قال: حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن يونس بن عبيد عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المزابنة، وعن المحاقلة، وعن الثنيا إلا أن تعلم) ] .
وهذه طريق أخرى عن جابر وهي مختصرة، وفيها تقييد الثنيا المنهي عنها أنها المجهولة، وأما إذا كانت معلومة فإن ذلك لا بأس به.




تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن المزابنة وعن المحاقلة) من طريق ثانية
قوله: [حدثنا أبو حفص عمر بن يزيد السياري] .
عمر بن يزيد السياري صدوق، أخرج له أبو داود.
[حدثنا عباد بن العوام] .
عباد بن العوام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان بن حسين] .
سفيان بن حسين ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
[عن يونس بن عبيد] .
يونس بن عبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء عن جابر] .
مر ذكرهما.




شرح حديث (من لم يذر المخابرة فليأذن بحرب من الله ورسوله)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن معين حدثنا ابن رجاء -يعني: المكي - قال ابن خثيم: حدثني عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (من لم يذر المخابرة فليأذن بحرب من الله ورسوله) ] .
أورد المصنف حديث جابر مرفوعاً: (من لم يدع المخابرة فليأذن بحرب من الله ورسوله) وهذا هو التشديد الوارد في المخابرة، وهو يطابق الترجمة السابقة في التشديد في ذلك، وهذا الحديث أنسب لتلك الترجمة؛ لأن فيه وعيداً شديداً، ولكن الحديث غير صحيح، فهو ضعيف الإسناد.




تراجم رجال إسناد حديث (من لم يذر المخابرة فليأذن بحرب من الله ورسوله)
قوله: [حدثنا يحيى بن معين حدثنا ابن رجاء -يعني: المكي -] .
يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وابن رجاء هو عبد الله بن رجاء وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن ابن خثيم] .
هو عبد الله بن عثمان وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن أبي الزبير عن جابر] .
أبو الزبير وجابر مر ذكرهما، وأبو الزبير مدلس، فعلته التدليس، فإن رواية أبي الزبير هنا بالعنعنة.




شرح حديث (نهى رسول الله عن المخابرة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عمر بن أيوب عن جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المخابرة قلت: وما المخابرة؟ قال: أن تأخذ الأرض بنصف أو ثلث أو ربع) ] .
هذا الحديث فيه تفسير المخابرة بأنها المزارعة بجزء مما يخرج منها، نصف أو ربع أو ثلث، وهذا النهي كان في أول الأمر، فقد كان يحث الناس على ترك المخابرة، وأن يصيروا إلى الإحسان والإرفاق، وأن يمنح أحدهم أخاه ولا يأخذ منه شيئاً.




تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله عن المخابرة)
قوله: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عمر بن أيوب] .
عمر بن أيوب صدوق له أوهام، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن جعفر بن برقان] .
جعفر بن برقان وهو صدوق يهم في حديث الزهري، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن ثابت بن الحجاج] .
ثابت بن الحجاج وهو ثقة، أخرج له أبو داود.
[عن زيد بن ثابت] .
زيد بن ثابت رضي الله عنه الصحابي الجليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.




المساقاة




شرح حديث (عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المساقاة.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع) ] .
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في المساقاة.
المساقاة: هي أن يدفع رجل نخله إلى آخر ليقوم بسقيها وتعاهدها وإصلاحها وما يتعلق بها بجزء معلوم النسبة مما يخرج منها، وهي مثل المزارعة إلا أن المزارعة فيها تسليم الأرض ليزرعها العامل وله نصف ما يخرج منها أو أقل أو أكثر، والمساقاة تتعلق بالعناية بالشجر وسقيه وتعاهده، ويكون له جزء معلوم النسبة مما يخرج.
إذاً: المزارعة والمساقاة مؤداهما ونتيجتهما واحدة، وقد جاءت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بجواز المساقاة والمزارعة بشيء معلوم النسبة.
والممنوع منهما ما كان فيه جهالة كأن يقول: النخلات الفلانية لي والباقي لك، أو النوع الفلاني من النخل ثمرته لي والباقي لك، أو يقول: ما يكون على الأنهار وعلى السواقي ويمر به الماء لي والباقي لك، فهذا كله لا يجوز، لا في المزارعة ولا في المساقاة، وإنما الذي يجوز هو دفع الأرض ليشتغل فيها عامل وله جزء معلوم النسبة مما يخرج منها، أو دفع الشجر لمن يقوم بإصلاحه والعناية به وله جزء معلوم النسبة مما يخرج منه.
أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر على أن يعملوها ولهم الشطر مما يخرج منها من ثمر أو زرع، وقوله: (من ثمر) يتعلق بالمساقاة، وقوله: (من زرع) يتعلق بالمزارعة، وقد يكون هذا مستقلاً وهذا مستقلاً، وقد يجمع بينهما بأن تكون الأرض فيها زراعة وفيها نخل، فيكون فيها مساقاة ومزارعة، وقد تكون الأرض فيها مساقاة بدون زرع أو مزارعة بدون مساقاة، وكل ذلك سائغ وجائز ما دام أنه بشيء معلوم النسبة مما يخرج من الأرض.
والمساقاة تكون في النخل وغير النخل، وقد جاء في بعض الأحاديث: (من زرع أو نخل أو شجر) .




تراجم رجال إسناد حديث (عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع)
قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل] .
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى] .
يحيى بن سعيد القطان البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله] .
عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري المصغر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع] .
نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر] .
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.




شرح حديث (دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعتملوها من أموالهم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد عن الليث عن محمد بن عبد الرحمن -يعني: ابن غنج - عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعتملوها من أموالهم، وأن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شطر ثمرتها) ] .
أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وذكر الشطر هو بيان الواقع الذي حصل، ولا يعني أن المعاملة لا تكون إلا بالشطر، بل يمكن أن يكون لأحدهما الثلث والآخر الثلثان، أو لأحدهما الربع والآخر ثلاثة أرباع.
والمقصود أن الحديث دل على أنه يكون بشيء معلوم النسبة، فلا يجب التقيد بالشطر، بل الحكم على حسب ما يتفق الناس عليه من نسبة، بحيث لو وجد شيء قليل فهو مشترك بينهما على حسب النسبة، وإن وجد شيء كثير فهو مشترك بينهما على حسب النسبة، وكل منهما له نصيب من الغلة والثمرة، فيشترك الطرفان في الغنم والغرم، إن حصل غنم فهو على حسب النسبة، وإن حصل غرم فالعامل ذهب عمله بدون مقابل، وصاحب الأرض استخدمت أرضه بدون فائدة وبدون طائل.
قوله: [(على أن يعتملوها من أموالهم)] هذا يدل على أن ما يلزم النخل من معدات ووسائل لإصلاحه تكون على العامل، ومن ذلك البذر فإنه يكون على العامل؛ لأنه قال: أن يعتملوها من أموالهم، وهذا يعني أن تمويلها من أموالهم، والمالك ليس عليه أن يعطي شيئاً من البذر ونحوه، فالنبي صلى الله عليه وسلم ما كان يرسل البذر من المدينة إلى اليهود.




تراجم رجال إسناد حديث (دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعتملوها من أموالهم)
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد] .
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث] .
الليث بن سعد المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عبد الرحمن يعني ابن غنج] .
محمد بن عبد الرحمن بن غنج مقبول، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي.
[عن نافع عن ابن عمر] .
مر ذكرهما.
ووجود مقبول في هذا الإسناد لا يؤثر في صحة الحديث؛ لأنه جاء من طرق متعددة، والمزارعة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.




شرح حديث (افتتح رسول الله خيبر واشترط أن له الأرض)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أيوب بن محمد الرقي حدثنا عمر بن أيوب حدثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر واشترط أن له الأرض وكل صفراء وبيضاء، قال أهل خيبر: نحن أعلم بالأرض منكم، فأعطناها على أن لكم نصف الثمرة ولنا نصف، فزعم أنه أعطاهم على ذلك، فلما كان حين يصرم النخل بعث إليهم عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، فحزر عليهم النخل، وهو الذي يسميه أهل المدينة الخرص، فقال: في ذه كذا وكذا، قالوا: أكثرت علينا يا ابن رواحة! فقال: فأنا ألي جزر النخل وأعطيكم نصف الذي قلت، قالوا: هذا الحق وبه تقوم السماء والأرض، قد رضينا أن نأخذه بالذي قلت) ] .
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي لما افتتح خيبر اشترط أن يكون له الأرض والصفراء والبيضاء -وهما الذهب والفضة- غنيمة وفيئاً للمسلمين، فطلبوا أن يقوموا بالأرض؛ لأنهم أهل خبرة وأهل معرفة، ويكون لهم نصيب منها مقابل القيام عليها، فالرسول صلى الله عليه وسلم عاملهم على الشطر مقابل عملهم، والشطر الآخر يكون للمسلمين؛ لأنهم أصحاب الأرض.
فكان عليه الصلاة والسلام يرسل عبد الله بن رواحة ليخرص النخل حتى يعرف مقداره قبل أن يؤكل ويستفاد منه، فيعرف أنه يساوي كذا إذا صرم وجذ.
فقال: في هذه كذا، وفي هذه كذا، يعني: في هذه النخلة كذا صاع، وهذه فيها كذا صاع، وهذه فيها كذا صاع، وهذه فيها كذا صاع، والمجموع هو كذا وكذا، فقالوا: أكثرت علينا يا ابن رواحة! يعني: في التقدير، فقال: إن شئتم أخذت هذا المقدار وأعطيكم حقكم أو أنكم تأخذونه تعطوننا حقنا، فأخذوه، وقبل ذلك قالوا: قد أكثرت، وهم يعلمون بأنه لم يكثر؛ ولهذا رضوا بأن يعطوا المسلمين حقهم الذي هو نصف ما قدره ابن رواحة.
فمعنى كلام ابن رواحة أني حزرت النخل، وأعطيكم النصف على حسب ما حزرت، فمثلاً لو قدره عشرين ألف صاع، فأعطيكم عشرة آلاف صاع، وهو النصف المتفق عليه.




تراجم رجال إسناد حديث (افتتح رسول الله خيبر واشترط أن له الأرض)
قوله: [حدثنا أيوب بن محمد الرقي] .
أيوب بن محمد الرقي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا عمر بن أيوب] .
عمر بن أيوب صدوق له أوهام، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا جعفر بن برقان] .
وهو صدوق يهم في حديث الزهري، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن ميمون بن مهران] .
ميمون بن مهران وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن مقسم] .
مقسم هو مولى ابن عباس، وهو صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[عن ابن عباس] .
عبد الله بن عباس بن عبدالمطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.




شرح حديث (افتتح رسول الله خيبر واشترط أن له الأرض) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا علي بن سهل الرملي حدثنا زيد بن أبي الزرقاء عن جعفر بن برقان بإسناده ومعناه قال فحزر وقال: عند قوله: (وكل صفراء وبيضاء) يعني: الذهب والفضة له] .
تقدم هذا.
قوله: [حدثنا علي بن سهل الرملي] .
علي بن سهل الرملي صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة.
[حدثنا زيد بن أبي الزرقاء] .
زيد بن أبي الزرقاء وهو ثقة أخرج له أبو داود والنسائي.
[عن جعفر بن برقان بإسناده ومعناه] .
مر ذكره.




شرح حديث (افتتح رسول الله خيبر واشترط أن له الأرض) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا كثير -يعني ابن هشام - عن جعفر بن برقان حدثنا ميمون عن مقسم أن النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر فذكر نحو حديث زيد قال: فحزر النخل، وقال: فأنا ألي جذاذ النخل، وأعطيكم نصف الذي قلت] .
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مرسل عن مقسم، وليس فيه ذكر ابن عباس، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [حدثنا محمد بن سليمان الأنباري] .
محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج له أبو داود.
[حدثنا كثير يعني ابن هشام] .
كثير بن هشام وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن جعفر بن برقان حدثنا ميمون عن مقسم] .
مر ذكرهم.




الخرص




شرح حديث (كان النبي يبعث ابن رواحة فيخرص النخل)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الخرص.
حدثنا يحيى بن معين حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرت عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يبعث عبد الله بن رواحة رضي الله عنه فيخرص النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه، ثم يخير اليهود يأخذونه بذلك الخرص أو يدفعونه إليهم بذلك الخرص لكي تحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمار وتفرق) ] .
الخرص هو الحزر والتقدير، فيقول عبد الله بن رواحة: هذه النخلة فيها كذا، وهذه فيها كذا، وهذه فيها كذا، فيجمع المجموع ويقول: النخل إذا جذ ويبس يبلغ كله كذا صاعاً، هذا هو الخرص أو الحزر، وقد مر ذكره في الأحاديث السابقة.
وفي هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرسل عبد الله بن رواحة ليخرص نخل خيبر، وفيه بيان أن الخرص من أجل معرفة مقدار الزكاة، بل وهو أيضاً من أجل معرفة حق صاحب النخل إذا كان النخل عند رجل يسقيه لصاحبه.
إذاً: الخرص يكون من أجل معرفة قدر الزكاة، ومن أجل معرفة حصة الشريك.
قوله: [(كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه)] .
يعني: إذا صلح الثمر، ولا يخرص قبل ذلك؛ لأنه قد تصيبه الآفة، ولكنه يخرص بعد أن يطيب، ويتمكن الناس من استعماله.
قوله: [(ثم يخير يهود يأخذونه بذلك الخرص أو يدفعونه إليهم بذلك الخرص)] .
وهذا مثل ما مر أن عبد الله قال لهم: ألي الجذاذ وأعطيكم النصف، يعني: إذا ادعيتم أني أكثرت عليكم.
قوله: [(لكي تحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمار وتفرق)] .
هذا هو بيان الحكمة من الخرص؛ لأنها إذا أكلت الثمار لا يعرف مقدار الزكاة، ولا يعرف مقدار حصة المشارك.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28-06-2025, 07:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله



تراجم رجال إسناد حديث (كان النبي يبعث ابن رواحة فيخرص النخل)
قوله: [حدثنا يحيى بن معين] .
يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حجاج] .
حجاج بن محمد المصيصي الأعور وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج] .
عبد الملك بن جريج المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرت عن ابن شهاب] .
وهذا فيه انقطاع، لأن فيه واسطة مجهولة.
[عن ابن شهاب] .
محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة] .
عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة] .
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.




شرح حديث (أفاء الله على رسوله خيبر فأقرهم كما كانوا) وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن أبي خلف حدثنا محمد بن سابق عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (أفاء الله على رسوله خيبر فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانوا، وجعلها بينه وبينهم، فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها عليهم) ] .
أورد المصنف حديث جابر وهو مثل الذي قبله إلا أن فيه اختصاراً.
قوله: [حدثنا ابن أبي خلف] .
محمد بن أحمد بن أبي خلف وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود.
[حدثنا محمد بن سابق] .
وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن إبراهيم بن طهمان] .
إبراهيم بن طهمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزبير] .
محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر] .
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.



شرح حديث جابر (خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق) وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق، وزعم أن اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا الثمر عليهم عشرون ألف وسق] .
أورد أبو داود حديث جابر أن عبد الله بن رواحة خرص نخل خيبر أربعين ألف وسق، والوسق ستون صاعاً، وأن اليهود دفعوا للمسلمين النصف عشرين ألف وسق.
قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل] .
أحمد بن حنبل مر ذكره.
[عن عبد الرزاق] .
عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ومحمد بن بكر] .
ومحمد بن بكر صدوق قد يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير عن جابر] .
مر ذكرهم.



الأسئلة



وجه تفريق أبي داود بين باب المخابرة والمزارعة
السؤال إذا كانت المخابرة هي المزارعة فلماذا ذكر أبو داود رحمه الله باب المزارعة ثم ذكر باب المخابرة؟
الجواب لعله من أجل لفظ المخابرة.



حال حديث (من زرع في أرض قوم فليس له من الزرع شيء)
السؤال حديث: (من زرع في أرض قوم فليس له من الزرع شيء) ما حاله؟
الجواب هو حديث صحيح، ووجود شريك وهو صدوق يخطئ كثيراً لا يؤثر، فقد صحح هذا الحديث بعض أهل العلم مثل ابن القيم.



علة تحريم تأجير البقالة مع بضاعتها
السؤال ما هي العلة في عدم جواز تأجير المحل مع البضاعة؟
الجواب لأن البضاعة أعيان مملوكة لصاحبها، فلا تؤجر البضاعة وإنما يؤجر المكان؛ لأن التأجير للمنفعة لا للعين التي تباع، لكن إذا قال: البضاعة قيمتها كذا وكذا، والدكان إيجاره كذا، فلا بأس، فالبيع للأعيان والإيجار للمنافع، والبيع يتم، والإيجار يكون مثلاً كل سنة على حسب ما يتفقان عليه.



البذور في المزارعة على العامل
السؤال البذور في المزارعة هل تكون من صاحب الأرض أو من العامل؟
الجواب من العامل، لا من صاحب الأرض؛ لأن مالك الأرض يسلمه الأرض فقط، ويوضح هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يحمل البذر من المدينة إلى اليهود في خيبر، لكن لو اشترط العامل أن يكون البذر على صاحب الأرض فلا بأس.



لا فرق بين المخابرة والمزارعة
السؤال هل يمكن أن يقال: المخابرة هي المنهي عنها، والمزارعة هي الجائزة؟
الجواب لا فرق بين المزارعة والمخابرة.



معنى المعاومة
السؤال ما معنى بيع المعاومة؟
الجواب المعاومة هي بيع الأعوام أو بيع السنين، كأن يقول: أبيعك ثمرة نخلي لعدة سنوات، مثل خمس سنوات كل سنة بألف ريال، فهذا لا يجوز؛ لأنه بيع شيء لا يوجد، فلعله في سنة من السنوات لا تصلح الثمرة أو تطلع شيئاً قليلاً، فهو شيء مجهول.



معنى التشديد في المزارعة
السؤال أليس في الأحاديث الأولى تشديد في المزارعة باعتبار أن الإنسان إذا لم يمكنه زراعة أرضه أعطاها لغيره فلا يستفيد من كرائها؟
الجواب التشديد معناه: أنه يوجد وعيد فيها، والأحاديث التي مضت في الباب هي بمعنى هذا.



معنى الوكالة والمضاربة
السؤال هل هناك فرق بين الوكالة والمضاربة؟
الجواب المضاربة شركة، والوكالة نيابة، فالمضاربة العمل يكون فيها من شخص، ورأس المال من شخص آخر، على نسبة يتفقان عليها كثلث أو ربع.
وأما الوكالة فهي نيابة، يقول: وكلتك أن تفعل كذا مثل أن تبيع كذا أو تبني كذا.



حكم الشجرة إذا مالت إلى ملك الغير
السؤال عندنا في بعض المناطق الجبلية تنجرف الأرض، وتتداخل الأراضي، فيدخل بعض الأشجار في حدود الغير، فلمن تكون هذه الأشجار؟
الجواب الأرض لابد أن لها حدوداً، وما كان داخل حدود كل واحد فهو لصاحبه، وإن كان المقصود أن الأصل في جهة ولكن رأسها مائل، فمعلوم أنها لصاحب الأصل، وليست لصاحب الأرض التي مالت الشجرة إليها.



حكم من زرع في أرض الدولة
السؤال ما حكم من زرع أرضاً للدولة؟
الجواب الحكم المتقدم يعم الدولة أو غير الدولة، فإذا أقر المالك على ذلك فلا بأس، وإن لم يقر فإنه يؤخذ منه هذا الزرع، وله نفقته.



حكم من زرع في أرض غيره
السؤال إن لم يوافق صاحب الأرض على ما فعله ذلك الغاصب من الزرع في أرضه، فهل النفقة تكون لصاحب الأرض؟
الجواب ورد الحديث بأن يكون للغاصب النفقة، وإذا حصلت خصومة ذهبوا إلى القاضي.



حكم استئجار البستان قبل أن تثمر الثمرة
السؤال هل يجوز كراء البستان بمبلغ معين في السنة قبل أن يثمر؟
الجواب نعم، فيجوز أن يعطي الإنسان أرضه مساقاة وفيها نخل مثلاً، ويقول: استأجر هذه الأرض لمدة سنة مثلاً بعشرة آلاف ريال، ويستخدمها العامل ويسقي الزرع والنخل، وله الأجرة وهي هذه العشرة الآلاف، والاستئجار غير الشركة؛ لأن الشركة هي المزارعة، وتكون على الثمرة والنتيجة تكون بينهما، وأما التأجير بالدراهم والدنانير فهذا شيء مستقل، هذا له الأجرة، وهذا سلم الأرض لينتفع بها، فإن ربح كثيراً فهو له، وإن خسر فهو عليه.



حكم طواف الوداع
السؤال حج رجل ثم ضاع منه الجواز، ثم رحل قبل أن يطوف طواف الوداع، فما الحكم؟
الجواب من حج ولم يطف طواف الوداع فإن عليه فدية، وهي شاة تذبح بمكة وتوزع على فقراء الحرم؛ لأنه ترك واجباً من واجبات الحج.



وقت إسلام أبي هريرة
السؤال نجد اختلافاً في إسلام الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه في مناهج التعليم عن أقوال بعض أهل العلم، فمتى أسلم؟
الجواب كان إسلامه عام خيبر.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29-06-2025, 03:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله



الفرق بين المساقاة والمزارعة
السؤال ما الفرق بين المساقاة والمزارعة؟
الجواب المساقاة ليس فيها زرع، والمزارعة فيها زرع، والمساقاة تكون في النخل والشجر، فالإنسان يدفع شجراً مثل النخل، ويقوم إنسان بسقيه وتعاهده وتلقيح ثمرته وخدمته ومعالجته ودفع أنواع الأذى عنه بالمبيدات، ونحو هذه الأشياء التي يحتاج إليها، وأما المزارعة فهي تقديم أرض، والإنسان له أن يتفق مع إنسان يزرع براً أو يزرع شعيراً أو يزرع أي زرع على حسب الاتفاق بينهما أو يجعل الأمر إليه مطلقاً، فيزرع فيها ما شاء، وهكذا المساقاة تكون في كل الشجر.




وجه ذكر حديث عبادة (أهدى إلي رجل) في كتاب الإجارة
السؤال لفظ الحديث: (أهدى إلي قوساً) فلماذا أدخله أبو داود رحمه الله في كتاب الإجارة؟
الجواب هذا ليس من قبيل الإجارة، ولكن كأن هذا القوس أجرة في مقابل عمل، يعني: أنه علمه القرآن فأهدى إليه قوساً مقابل منفعة التعليم.



خلاف العلماء في حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن يشمل تعليم السنة
السؤال هل الخلاف في جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن فقط أم يشمل تعليم السنة والتدريس، فيكون الأولى عدم أخذ الأجرة على التعليم مطلقاً؟
الجواب السنة والتفسير وما يتعلق بهما كل ذلك يدخل في الخلاف، أما الحساب واللغة العربية التي هي مكملات ووسائل وليست غايات فلا، أما الكتاب والسنة فبهما هداية الخلق، فالناس يتعلمونهما من أجل أن الطريق إلى الله عز وجل إنما يكون بهما، والهداية إنما تكون بهما، والسير على الصراط المستقيم إنما يكون بسلوكهما.



كسب الحجام



شرح حديث (كسب الحجام خبيث)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في كسب الحجام.
حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا أبان عن يحيى عن إبراهيم بن عبد الله -يعني ابن قارظ - عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (كسب الحجام خبيث، وثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث) ] .
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب كسب الحجام، أي: حكمه.
وحكم كسب الحجام أنه حلال، ولكنه مكسب ليس بشريف، بل هو من أردأ المكاسب، لما فيه من استعمال الدم، وكان الحجام في الأزمنة الماضية يمص المحاجم، وقد يسبق إلى حلقه شيء من الدم بسبب المص؛ ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، فالمحجوم لكونه خرج منه دم، والحجام لأنه مظنة أن ينتقل إلى حلقه دم بسبب المص.
وفي الأزمنة المتأخرة صارت الحجامة بدون مص، ولكن هي مهنة رديئة وليست شريفة، فكسب الحجام من المكاسب التي يرغب عنها، والناس لا بد لهم منها، ومع ذلك فهي من أردأ المكاسب وأدناها، وليس كسبها حراماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره، ولو كان حراماً لم يعطه كما قال ذلك ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
أورد أبو داود حديث رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كسب الحجام خبيث) ، والمقصود بالخبيث هنا الرديء وليس المحرم كما قال الله عز وجل: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة:267] يعني: لا تعمدوا إلى الشيء الرديء فتنفقون منه، وأما الجيد الذي يعجبكم فلا تقدمون على الإنفاق منه، بل كما قال الله عز وجل: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92] ، فليس المقصود بالخبيث هنا المحرم، وإنما المقصود به الرديء، وكسب الحجام لا شك أنه رديء، ولكنه مباح، والدليل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى الحجام أجره، ولو كان حراماً لم يعطه.
قوله: (وثمن الكلب خبيث) ، المقصود بالخبيث هنا المحرم؛ لأن الكلب لا يصلح أن يكون سلعة تباع ويشترى، وإنما يجوز استعماله في أمور معينة هي: الصيد والماشية والحرث فقط، كما جاء ذلك في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن احتاج إليه استعمله، ومن لم يحتج إليه تركه أو أعطاه غيره، أما كونه يباع ويشترى فهذا غير لائق، وإنما يستعمل للحاجة، ومن صار تحت يده فهو مختص به، وهو أولى به من غيره، وإن استغنى عنه فلا يبعه، وإنما يعطيه لمن يستعمله أو يرسله ويتركه مع الكلاب المرسلة المهملة.
قوله: (ومهر البغي خبيث) المراد ما تأخذه المرأة الزانية في مقابل زناها، فهذا حرام لكون الزنا حراماً، وما أخذ عليه حرام.
إذاً: هذا الحديث مشتمل على ثلاثة أمور، كل منها وصف بأنه خبيث، ولكنها ليست كلها على حد سواء وطريقة واحدة، بل منها ما هو خبيث بمعنى أنه من الخبائث المحرمة، ومنها ما هو خبيث بمعنى أنه من المكاسب الرديئة.



تراجم رجال إسناد حديث (كسب الحجام خبيث)
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل] .
موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا أبان] .
أبان بن يزيد العطار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن يحيى] .
يحيى بن أبي كثير اليمامي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم بن عبد الله يعني ابن قارظ] .
إبراهيم بن عبد الله بن قارظ وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
[عن السائب بن يزيد] .
السائب بن يزيد وهو صحابي صغير، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن رافع بن خديج] .
رافع بن خديج وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.



شرح حديث (استأذنه في إجارة الحجامة فنهاه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن ابن محيصة عن أبيه رضي الله عنه (أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام فنهاه عنها، فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى أمره أن اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك) ] .
أورد أبو داود حديث محيصة رضي الله تعالى عنه أنه كان يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجامة، فكان ينهاه، وكرر عليه فقال: (اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك) ، وهذا يدل على ما دل عليه الحديث الذي قبله من أنه شيء لا يحرص عليه، ولا يفرح به، ولا يرغب فيه، بل كسب الحجام من المكاسب الرديئة والدنيئة التي ليست بذات شرف، ومع هذا فالناس لابد لهم منها، ويجوز أخذ الأجرة على الحجامة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الحجام أجره، ولو كان حراماً لم يعطه كما قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنه.
قوله: (اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك) هذا يدل على أنه مباح وليس بحرام، وفيه أنه ليس مما يرغب فيه، لأنها مهنة غير شريفة، لكن يصار إليها على قدر الحاجة، ولا بد للناس منها، والناضح من الدواب هي التي ينضح عليها أي: يستنبط الماء عليها، ويخرج الماء من البئر بواسطتها، والرقيق هو المملوك، فأذن له أن ينفقه على رقيقه وعلى نواضحه مع أن نفقتهما واجبة عليه، وهذا يدل أنه حلال، ولكن نهاه عن ذلك من أجل أنه كسب رديء.



تراجم رجال إسناد حديث (استأذنه في إجارة الحجامة فنهاه)
قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي] .
عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن مالك] .
مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة.
[عن ابن شهاب] .
محمد بن مسلم بن عبيدالله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن محيصة] .
هو حرام بن سعد بن محيصة، وهو ثقة أخرج له أصحاب السنن.
[عن أبيه] .
المراد به جده محيصة، وهو محيصة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب السنن.



شرح حديث (احتجم وأعطى الحجام أجره)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (احتجم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأعطى الحجام أجره، ولو علمه خبيثاً لم يعطه) ] .
أورد أبو داود حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره، ولو علمه خبيثاً -يعني: حراماً- لم يعطه، مع أنه قال: إنه خبيث كما في الحديث الأول، ولكن المقصود بالخبيث هناك الرديء كما قال تعالى: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة:267] يعني: الرديء، مثل التمر الذي يكون حشفاً غير جيد، فهذا يقال له خبيث بمعنى رديء، وليس خبيثاً بمعنى حرام.
فبين ابن عباس أن ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن كسب الحجام خبيث لا يراد بالخبيث المحرم الذي جاء في وصف النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث، لكن المراد أنه من المكاسب الدنيئة التي لا ينبغي أن يحرص عليها ويتنافس عليها ويعتنى بها، والناس لا بد لهم منها، وتتخذ هذه المهنة على حسب الحاجة.



تراجم رجال إسناد حديث (احتجم وأعطى الحجام أجره)
قوله: [حدثنا مسدد] .
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا يزيد بن زريع] .
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا خالد] .
خالد بن مهران الحداء وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عكرمة] .
عكرمة مولى ابن عباس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس] .
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.



شرح حديث (حجم أبو طيبة رسول الله)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (حجم أبو طيبة رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمر له بصاع من تمر وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه) ] .
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة، وهو رقيق وليس بحر، فأمر له بصاع مقابل هذه الحجامة، وأمر أهله أن يخففوا من خراجه، يعني المبلغ الذي يطلبون منه أن يحضره لهم؛ لأنهم تركوه يعمل ويأتي لهم في كل يوم بكذا، وهو يجتهد أن يأتي لهم بالشيء الذي يحددونه له، وهذا يسمى خراجاً، فأمرهم أن يخففوا عنه من خراجه، فمثلاً بدلاً من أن يأتيهم كل يوم بعشرين ريالاً يأتيهم بعشرة ريالات.



تراجم رجال إسناد حديث (حجم أبو طيبة رسول الله)
قوله: [حدثنا القعنبي عن مالك عن حميد الطويل] .
حميد بن أبي حميد الطويل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس] .
أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد رباعي، بين أبي داود وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أربعة أشخاص، وهي أعلى الأسانيد عند أبي داود.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29-06-2025, 04:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [392]
الحلقة (424)



شرح سنن أبي داود [392]
الشريعة قائمة على ركنين: عبادات ومعاملات.
وقسم المعاملات واسع جداً؛ وفيه أحكام وخلافات كثيرة ومعلومة.
ولكن ما نص الشارع على تحريمه وجب الانتهاء عن إتيانه.
ومن ذلك النهي عن كسب الإماء، وعسب الفحل وغير ذلك.



كسب الإماء



شرح حديث (نهى عن كسب الإماء)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في كسب الإماء.
حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن محمد بن جحادة قال: سمعت أبا حازم أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كسب الإماء) ] .
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي باب في كسب الإماء، والمقصود من ذلك الكسب الذي يكون عن طريق الزنا أو الشيء الذي يكون مشكوكاً فيه أو فيه ريبة، وأما إذا كانت الأمة تكسب بالغزل أو الخياطة أو الغسل أو التنظيف على وجه يؤمن معه حصول الأمر المحرم؛ فإن ذلك كسب حلال ومباح ولا شيء فيه.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن كسب الإماء)
قوله: [حدثنا عبيد الله بن معاذ] .
عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا أبي] .
معاذ بن معاذ العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة] .
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن جحادة] .
محمد بن جحادة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حازم] .
هو سلمان الأشجعي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة] .
أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.



شرح حديث (نهانا عن كسب الأمة إلا ما عملت بيدها)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا عكرمة حدثني طارق بن عبد الرحمن القرشي قال: جاء رافع بن رفاعة رضي الله عنه إلى مجلس الأنصار فقال: (لقد نهانا نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اليوم فذكر أشياء ونهى عن كسب الأمة إلا ما عملت بيدها وقال هكذا بأصابعه، نحو الخبز والغزل والنفش) ] .
أورد أبو داود حديث رافع بن رفاعة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أشياء محرمة، وذكر من بينها كسب الأمة إلا ما عملت بيدها، يعني الشيء الذي اكتسبته بعملها بيدها كغزل أو خياطة أو نحو ذلك من الأشياء التي تعملها بيدها، وأما إذا كان الكسب عن طريق محرم أو مشتبه فإنه هو المقصود بالنهي عن كسب الأمة.
قوله: [(إلا ما عملت بيدها، وقال هكذا بأصابعه نحو الخبز والغسل والنفش)] .
يعني: نفش الصوف، فهو يكون متلبداً فينفش حتى يهيأ للغزل؛ لأنه إذا أخذ من ظهور الدواب يكون متلبداً وملتصقاً بعضه ببعض، فيحتاج إلى ينفش حتى يصلح أن يغزل.
والغزل هو غزل الصوف حتى يكون خيوطاً فيتخذ منه فرشاً أو عباءة أو غير ذلك.



تراجم رجال إسناد حديث (نهانا عن كسب الأمة إلا ما عملت بيدها)
قوله: [حدثنا هارون بن عبد الله] .
هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا هاشم بن القاسم] .
هاشم بن القاسم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عكرمة] .
عكرمة بن عمار وهو صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثني طارق بن عبد الرحمن القرشي] .
طارق بن عبد الرحمن القرشي وهو ثقة، أخرج له أبو داود.
[عن رافع بن رفاعة] .
رافع بن رفاعة وهو صحابي صغير، أخرج له أبو داود.



شرح حديث (نهى عن كسب الأمة حتى يعلم من أين هو)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن أبي فديك عن عبيد الله -يعني ابن هرير - عن أبيه عن جده رافع -هو ابن خديج - رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن كسب الأمة حتى يعلم من أين هو) ] .
أورد أبو داود حديث رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن كسب الأمة حتى يعرف من أين هو، يعني: حتى يعلم أنه من حلال، ومعنى هذا أنه إذا كان حراماً أو أنه مشتبهاً فيه فإنه منهي عنه، وإن كان معلوماً عن طريق الغزل أو النفش أو الخبز أو غير ذلك مما هو من عمل يدها فإنه يكون مباحاً.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن كسب الأمة حتى يعلم من أين هو)
قوله: [حدثنا أحمد بن صالح] .
أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[حدثنا ابن أبي فديك] .
هو محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله يعني ابن هرير] .
وهو مستور، أخرج له أبو داود.
[عن أبيه] .
هو هرير بن عبد الرحمن مقبول، أخرج له أبو داود.
[عن جده رافع] .
صحابي مر ذكره.
والحديث في إسناده من هو مستور ومن هو مقبول، ولكن الأحاديث التي مرت تقويه.



حلوان الكاهن



شرح حديث (نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في حلوان الكاهن.
حدثنا قتيبة عن سفيان عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أنه نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن) ] .
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي باب في حلوان الكاهن يعني: في تحريمه، وهو ما يعطاه مقابل الكهانة، فهو حرام؛ لأن الكهانة حرام، وما يؤخذ عليها يكون حراماً، وكسب الكاهن من المكاسب المحرمة الخبيثة التي لا تجوز، ولا يجوز فعل الكهانة ولا أخذ العوض عليها، ومعروف قصة أبي بكر رضي الله عنه في الغلام الذي أتى له بطعام فأكله ثم قال له: أتدري من أين هذا؟! تكهنت في الجاهلية لرجل فأعطاني هذا، فـ أبو بكر رضي الله عنه أدخل أصبعه في فمه فاستقاء ما في بطنه.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن)
قوله: [حدثنا قتيبة] .
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان عن الزهري] .
سفيان هو ابن عيينة المكي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والزهري مر ذكره.
[عن أبي بكر بن عبد الرحمن] .
أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وفقهاء المدينة السبعة ستة منهم متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، ومختلف في السابع، فالستة المتفق عليهم هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وعروة بن الزبير بن العوام، هؤلاء الستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وأما السابع ففيه ثلاثة أقوال: قيل: هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقيل: هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
ولـ ابن القيم رحمه الله كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين -إعلام بكسر الهمزة- وليس أعلام بفتحها، فهو ليس تراجم للأعلام بل هو إعلام بمعنى إخبار، فهو إعلام الموقعين، يعني المفتين عن الله عز وجل، والمبينين للأحكام التي شرعها الله عز وجل، وقد ذكر ابن القيم في أول كتاب إعلام الموقعين جماعة من أهل الفتوى في الأمصار في زمن الصحابة وزمن التابعين ومن بعدهم، ولما جاء عند ذكر فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين جعل السابع أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وذكر بيتين في جمعهم: إذا قيل من في العلم سبعة أبحر روايتهم ليست عن العلم خارجه فقل هم عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة وقافية كل بيت تنتهي بقوله (خارجه) وهذه من البلاغة في هذين البيتين.
والفقهاء السبعة لقب يأتي ذكرهم به على سبيل الإجمال في بعض المسائل، مثل مسألة زكاة العروض يقال: قال بها الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة، فبدلاً من أن يقال: قال بها أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وفلان وفلان يختصر ذلك فيقال: الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة.
[عن أبي مسعود] .
عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه، وهو مشهور بكنيته، واسمه عقبة بن عمرو، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد يتصحف أبو مسعود إلى ابن مسعود كثيراً، مثل ما جاء في بعض طبعات كتاب سبل السلام في الحديث المشهور عن أبي مسعود: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة) فإنه قال فيه: عن ابن مسعود، وصوابه عن أبي مسعود وليس ابن مسعود.



عسب الفحل



شرح حديث (نهى عن عسب الفحل)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في عسب الفحل.
حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا إسماعيل عن علي بن الحكم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن عسب الفحل) ] .
أورد أبو داود هذه الترجمة باب في عسب الفحل، يعني: حكمه، وعسب الفحل هو أخذ الأجرة على نزوه على الأنثى، فالفحل من الحيوانات ينزو على الإناث، فأخذ الأجرة على نزوه منهي عنه؛ لأن هذا من الأمور التي ينبغي أن تكون مبذولة فيما بين الناس، ثم أيضاً فيها جهالة، وأيضاً هو شيء لا يقدر على تسليمه، وذلك أن الفحل قد ينزو ولا ينزو، فكيف يأخذ الإنسان شيئاً مقابل لا شيء، وهو إنما ينزى من أجل أن يخرج منه ماء فتحمل منه الأنثى، فقد يحصل منه أنه ينزو ولا يحصل حمل.
إذاً: هو شيء غير مقدور على تسليمه، وهو شيء مجهول، ولا يدرى هل يحصل حمل أو لا يحصل، فإذا بذل بالمجان وبدون مقابل، فذلك لا يؤثر، إن حصل حمل فالحمد لله، وإن لم يحصل شيء فليس هناك شيء أخذ في مقابل ذلك.
والحاكم استدرك هذا الحديث على البخاري مع أنه في صحيح البخاري، فـ الحاكم أحياناً يستدرك أحاديث على الصحيحين وهي موجودة في الصحيحين، فيكون هذا من أوهامه، حيث يقول: وهذا الحديث على شرط البخاري ولم يخرجه، وهو قد أخرجه، مثل هذا الحديث فإن البخاري رحمه الله أخرجه في كتاب الإجارة.
وقال الحافظ ابن حجر في شرحه: وقد وهم الحاكم فقال: إنه على شرط البخاري ولم يخرجه، وقد أخرجه كما هنا، ولعله بحث عنه في كتاب البيوع فلم يجده فنفى وجوده في صحيحه، بسبب أنه بحث عنه في غير مظنته، ومعلوم أن البخاري رحمة الله عليه يأتي بالأحاديث في أبواب كثيرة، فقد يورد الحديث في غير مظنته، فيترتب على ذلك أن الحاكم يبحث عنه في مكان يظن أنه فيه فلا يجده، فعند ذلك يحكم بأنه لم يخرجه.
وبعض أهل العلم أجاز عسب الفحل إذا كان ينزو على عدد معين من الحيوانات، ولكن الحديث واضح في أن أخذ الأجرة على ذلك منهي عنها مطلقاً، حتى لو أخذ الأجرة بشرط وجود الحمل فإن هذا لا يجوز.
إذاً: لا يجوز بيع عسب الفحل، لكن إذا جعل ماء الفحل في أنابيب، ولقحت بها البقر مثلاً، فهذا لا بأس ببيعه؛ لأنه شيء معلوم مشاهد، وليس فيه جهالة.
وقد أجاز بيع عسب الفحل مالك وشبهه بعض أصحابه بأجرة الرضاع وإبار النخل، ولكن بينهما فرق، فالتأبير موجود فيه الغبار الذي ينتقل، وكذلك الرضاع موجود في الثدي الحليب، وكما هو معلوم أن الاسترضاع جائز، والظئر التي ترضع تأخذ الأجرة على رضاعها، وهذا ليس مثل النزو الذي قد يحصل منه شيء، وقد لا يحصل منه شيء، ثم هو أيضاً لا يكون باستمرار مثل الرضاع، وإنما يكون مرة واحدة قد يكون فيها ماء، وقد لا يكون فيها ماء.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن عسب الفحل)
قوله: [حدثنا مسدد بن مسرهد] .
مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا إسماعيل] .
إسماعيل بن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن علي بن الحكم] .
علي بن الحكم وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[عن نافع] .
نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر] .
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.



الأسئلة



نجاسة الكلب
السؤال في حديث رافع بن خديج دلالة على أن الكلب نجس؛ لأن ثمنه خبيث فذاته أولى بالخبث؟
الجواب لعابه من أشد الأشياء نجاسة؛ ولهذا صار تطهيره بكيفية خاصة، وهو أنه يغسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب سبع مرات أولاهن بالتراب، فنجاسته مغلظة، لكن ليس معنى ذلك أن من لمس جسده أصابته نجاسة.
ونجاسة كلب الصيد كغيره، إلا أنه يعفى عما لامس بلعابه من الصيد، ومع ذلك ينظف المكان الذي عض الصيد فيه.



حكم استعمال الكلب في حدائق الحيوان للحراسة
السؤال ما حكم استعمال الكلب في حدائق الحيوان للحراسة؟
الجواب الذي ورد في الحرث والماشية والصيد، فالحديقة إذا كانت تحتاج إلى حراسة لوجود زرع فيها، أو أشياء ثمينة، والناس بحاجة إلى حراستها بالكلاب؛ فلا بأس.




الصائغ



شرح حديث (لا تسلميه حجاماً ولا صائغاً)
قال المصنف رحمه الله تعالى [باب في الصائغ.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا محمد بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي ماجدة قال: قطعت من أذن غلام أو قطع من أذني، فقدم علينا أبو بكر رضي الله عنه حاجاً فاجتمعنا إليه، فرفعنا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال عمر: إن هذا قد بلغ القصاص، ادعوا لي حجاماً ليقتص منه، فلما دعي الحجام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إني وهبت لخالتي غلاماً وأنا أرجو أن يبارك لها فيه فقلت لها: لا تسلميه حجاماً ولا صائغاً ولا قصاباً) ] .
أورد أبو داود (باب في الصائغ) ، والصائغ هو الذي يصوغ الحلي وينقله من كونه كسراً وقطعاً إلى كونه حلياً يتجمل به ويتحلى به ويستفاد منه في الزينة، وهذا العمل إذا أتي به على الوجه المشروع وابتعد فيه عن الربا أو الغش وسلم من الأمور المحرمة؛ فإنه لا بأس به، فما يأخذه الصائغ في مقابل الذهب الذي صاغه لا بأس به إذا خلا من أمر محرم.
أورد أبو داود حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه أن أبا ماجدة قال: قطعت من أذن غلام أو قطع من أذني فقدم علينا أبو بكر حاجاً فاجتمعنا إليه، فرفعنا إلى عمر.
يعني: أنهم تخاصموا إليه فأحالهم إلى عمر ليقضي بينهم.
وقوله: قطعت من أذن غلام أو قطع من أذني، هذا شك من الرواة الذين هم دون صاحب القصة.
فقال عمر رضي الله عنه: (إن هذا قد بلغ القصاص) معناه أنه يستحق أن يقطع من أذنه مثلما قطع من أذن صاحبه، فقال: (ادعوا لي الحجام) أي من أجل أن يقطع المقدار المقابل من الجاني.
فلما دعي الحجام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إني وهبت لخالتي غلاماً وأنا أرجو أن يبارك لها فيه، وقلت لها: لا تسلميه حجاماً ولا صائغاً ولا قصاباً) .
يعني: أوصاها ألا تسلمه إلى حجام يعلمه الحجامة، فالحجامة فيها مخالطة الدم، ويتعرض الحجام إلى شيء من هذه القاذورات والأوساخ التي تخرج من جسد الإنسان بواسطة الحجامة، وأيضاً أوصاها ألا تسلمه إلى صائغ ليعلمه الصياغة؛ لأن عمله قد يكون فيه شيء من الربا أو غير ذلك من المحذورات الشرعية.
وأيضاً أوصاها ألا تسلمه إلى قصاب، وهو الجزار الذي يخالط الدم ويكون في ثيابه دم، وهذا الحديث ضعيف.



تراجم رجال إسناد حديث (لا تسلميه حجاماً ولا صائغاً)
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل] .
موسى بن إسماعيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد بن سلمة] .
حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[أخبرنا محمد بن إسحاق] .
محمد بن إسحاق المدني وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن العلاء بن عبد الرحمن] .
العلاء بن عبد الرحمن الحرقي وهو صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[عن أبي ماجدة] .
أبو ماجدة وهو مجهول أخرج له أبو داود.
[عن عمر] .
عمر رضي الله تعالى عنه أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
والحديث علته أبو ماجدة أو ابن ماجدة فإنه مجهول، وأما ابن إسحاق فهو مدلس، ولكنه جاء في بعض الطرق التي سيذكرها المصنف وفيها تصريحه بالسماع.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 13 ( الأعضاء 0 والزوار 13)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 495.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 489.16 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.19%)]