تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 65 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4018 - عددالزوار : 527507 )           »          أنواع العوامل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          كيف تعدّ سيرة مفسّر؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          سيرة الشيخ عبد الحميد الفراهي (ت:1349هـ) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          حماني ظلها.. وفات خلاها كلها!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          أخطاء الواقفين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 129 )           »          إضاءات سلفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 224 )           »          ماذا بعد الحج ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4483 - عددالزوار : 1008235 )           »          أول أيام الصيف.. 6 حيل بسيطة لتبريد المنزل بدون تكييف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #641  
قديم 19-06-2021, 03:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,603
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تحريم لحم الخنزير وذكر بعض مفاسده

(وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ )[المائدة:3]حرم تعالى لحم الخنزير أيضاً، فلم حرم لحم الخنزير؟ أولاً: الخنزير هذا يأكل الجيف، يأكل الفئران الميتة، يأكل القاذورات، يتغذى بالخرء، ففيه أيضاً من الجراثيم القاتلة ما لا يوجد في غيره والعياذ بالله، الخنزير لو قدمت له الخرء فإنه يعيش عليه، وعلى الجيف، كل منتن يتلذذ به، فلهذا يحمل في دمه ولحمه جراثيم وميكروبات قاتلة، فلم يأذن الله لأوليائه أن يأكلوه.
وهناك لطيفة خذوها، وهي: أن الخنزير ديوث الحيوانات، يرضى بالخبث في أنثاه، لا يغار عن أنثاه، رأينا الجمل -والله- يصول صولاناً ولا يسمح لآخر أن يمس أنثاه، التيس من الغنم كذلك، والكلاب، إلا الخنزير فإنه -والعياذ بالله- ديوث، فالذين يأكلونه تنتقل الدياثة إليهم، وقد جرب هذا وعرف، ما تصبح له غيرة على امرأته أو ابنته، فهل عرفتم لم حرم الله لحم الخنزير؟ لأنه ضار بالمؤمنين، مفسد عليهم أعراضهم وأبدانهم، فكيف يجوز أكله؟

تحريم ما أهل به لغير الله تعالى

(وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ )[المائدة:3]، فالذي قال: هذه لسيدي فلان وذبحها، باسم المسيح، باسم عيسى، هذه شاة مريم ، هذه شاة سيدي عبد القادر ، هذه شاتك يا أحمد التجاني ، هذه شاتك يا إبراهيم، هذه شاتك يا سيدي البدوي .. كل ما رفع عليه صوت باسم غير الله عند ذبحه فقد أهل به لغير الله، فلا يحل أكله أبداً. وهذا فيه تدسية النفوس وتخبيثها، فالأولى فيها أمراض البدن، وهذه فيها أمراض الروح، وهو أخطر من مرض البدن، خير أن تعيش سبعين سنة مريضاً ولا أن تعيش ساعة واحدة فاسقاً أو فاجراً.
(وَمَا أُهِلَّ )[المائدة:3] الإهلال: رفع الصوت، ومنه الهلال لارتفاعه، فما قيل عليه: باسم الله والله أكبر فهذا الذي يؤكل، أما باسم المسيح، باسم سيدي فلان، باسم كذا.. فلا يحل أكله أبداً.

وهنا يأتي المغرضون يقولون: أنا قلت: باسم الله عند ذبح الشاة. لكن لو سألته: هذه الشاة لمن؟ يقول: هذه شاة سيدي عبد القادر ، إذاً: ما فائدة باسم الله؟ هل تكذب؟ أنت جعلتها لسيدي البدوي ، تقول: هذه شاته، هذه شاة سيدي عبد القادر ، هل ينفعك حين تقول: باسم الله عند الذبح؟ لا ينفع؛ لأن كلمة (باسم الله) معناها: أذن الله لي في هذه، أمرني أن أقدمها له باسمه فذبحتها، ليس معنى (باسم الله) للتبرك فقط، بل إعلان عن القصد: أمرني ربي باسمه أن أذبح هذا الحيوان وأقدمه للأكل، إذاً: فما أهل لغير الله به لا يأكل لحمه كالخنزير والميتة والدم على حد سواء.
إذاً: هذه أربعة: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ)[المائدة:3]، هذه أصول المحرمات، جاءت في سورة النحل وفي سورة الأنعام: ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ )[الأنعام:145] أربعة.

هذه أصول المحرمات: ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ )[الأنعام:145] آكل ( يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ )[الأنعام:145]، هذه هي الأربعة هنا: ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ )[المائدة:3].


تحريم المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع

وإليكم الآن ست داخلة تحت أنواع الميتة:

قال أولاً: (
وَالْمُنْخَنِقَةُ )[المائدة:3]، هي التي يخنقها بحبل أو بيديه أو بحجرين حتى تموت، هذه مخنوقة، بهيمة مخنوقة لا تؤكل، لم؟ لأنها ميتة؛ لأن الجراثيم والميكروبات في دمها، ما ذكيت وما طهرت.


(وَالْمَوْقُوذَةُ )[المائدة:3]: الوقذ هو الضرب بشدة، وقذه بعصا بحجر بعنف، فالتي تضرب بعصا أو بحجر حتى تموت هذه هي الموقوذة، لا يحل أكلها، فهي ميتة جيفة.

ثالثاً: ( وَالْمُتَرَدِّيَةُ )[المائدة:3]، سقطت من السطح أو من أعلى الجبل، أو سقطت من السيارة فماتت، هل يجوز أكلها؟ ما يجوز، فهذه ميتة، فيها جراثيم وميكروبات في دمها محبوسة فيها.

(وَالنَّطِيحَةُ )[المائدة:3]: النطيحة بمعنى المنطوحة تنطحها أختها، تراها تتقاتل على الأكل، تنطحها ويدخل قرنها في بطنها أو كذا فتموت، فهي ميتة.

(وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ )[المائدة:3]: السبع: الذئب وغيره مما يفترس ويأكل، فالشاة التي يأكلها السبع وتجدها ميتة لا يجوز أكلها، اللهم إلا إذا أدركتها حية والحياة مستقرة فيها وذبحتها وسال دمها فلا بأس، كذلك نقول في المنخنقة، وفي الموقوذة، في المتردية، في النطيحة، ما أدركت فيه الروح كاملة بحيث إذا ذبحته رفس برجليه وانتفض فلا بأس.


حل قتيلة الصيد المستوفية شروطها

ونستثني أيضاً ميتة أخرى، وهي أن ترسل كلب الصيد وتقول: باسم الله، ويجري ذلك الكلب الصائد فيفترس أرنباً أو غزالاً ويقتله، ولكن ما أكل منه، فهذه ميتة في الواقع ولكن أذن الله في أكلها، ترمي برصاصتك ذاك الغزال وتقول: باسم الله والله أكبر فيقع ميتاً قبل أن تصل إليه، فكله فإنه حلال، وسيأتي هذا في آخر هذه الآيات، فالكلب المعلم يحل صيده، ما كل كلب يصيد تأكل صيده، وإنما ذاك الذي إن قلت له: امش يمشي، وإذا قلت: قف يقف، وإذا قلت: ارجع يرجع، ثانياً: أن تسمي الله عند إطلاقه وإرساله: باسم الله، هذه حالة من رحمة الله تعالى بنا حيث أذن لنا فيها، إذ قال تعالى في الآيات بعد هذه: ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ )[المائدة:4]، هذه خاصة بالصيد، لمن عنده كلب مربى معلم مؤدب، وعلامة ذلك أنك إذا أرسلته يمشي، وإذا دعوته يعود، أما إذا لم يستجب لك فما هو بمعلم، وأيضاً أن يصيد لك ويأتيك بالحمامة أو بالغزالة دون أن يأكلها، يحملها ويأتي بها بين يديك، هذا من تعليم الله عز وجل، فهذا الكلب المعلم إذا أرسلته وذكرت اسم الله وصاد لك غزالة أو أي حيوان مأكول فكله ولا حرج وإن وجدته قد مات، لكن إذا وجدته يأكل منه فلا يحل لك، فقد صاده لنفسه وما صاده لك.إذاً: هيا نتلو بعض الآية: ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ) [المائدة:3]، ما معنى: (وما أهل لغير الله به)؟ هذه شاة سيدي عبد القادر ، هذه شاة المسيح، رفع الصوت فيها بغير اسم الله.

(وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ )[المائدة:3]، إلا ما ذكيتموه، قالت العلماء: أدركتم فيه الروح كاملة فذبحتموه، فالمنخنقة، المتردية، النطيحة إذا أدركت فيها الحياة مستقرة وذبحتها فهي حلال، وإن وجدتها ميتة أو في حكم الميتة بحيث إذا ذبحتها لم تتحرك فلا تؤكل، فهي ميتة.


تحريم ما ذبح على النصب

(وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ )[المائدة:3]، ما النصب هذه؟ جمع نَصَب، وهو التمثال، زعماء العرب بعضهم عملوا لهم أنصاباً، أظن هذا موجوداً، زعيم عملوا له تمثالاً، هذه النصب كان المشركون يجعلونها يعبدونها، ويأتي بالشاة ويذبحها للنصب، فهو ذبح لغير الله: ( وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ )[المائدة:3]، وهو ما ينصب للعبادة.وهذه ما شاعت بين المسلمين وظهرت إلا في بلدين أو ثلاثة وانتهت، فلا يحل لنا أبداً أن نجعل لأحدنا صورة من حديد أو ساج أو عاج أو خشب أو طين حتى نذكره بها ونعظمه، هذا من فعل المشركين، ولا يحل أبداً، وأهله في جهنم.




التنديد بالصور الموضوعة على الأضرحة والصور الملتقطة للذكريات
مع الأسف أنهم الآن يجعلون صورة على ضريح الولي، صورة فوتوغرافية كبيرة حتى يشاهدوه فيقولوا: هذا سيدي فلان! وهذا أيضاً من الوثنية، فنحن حرم علينا رسولنا أن نصور، وقال: ( أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون )، وأعلمنا أن الله يغضب لذلك ولا يرضى، فكيف نغضب مالكنا؟ كيف نغضب من إليه مصيرنا، كيف نغضب من بيده حياتنا ومماتنا؟ أنعلم أن الله يغضب من هذا الكلام أو هذا القول أو هذا العمل ونفعله؟ أمجنون أنا لا عقل لي؟!دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة في حجرتها الطاهرة الموجودة الآن، والتي فيها رسول الله وصاحباه، وقد وضعت سترة في كوة أو نافذة فيها صورة منسوجة بالخيوط، والله لقد غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرفت الغضب في وجهه فقالت: أتوب إلى الله ورسوله، ماذا فعلت يا رسول الله؟ قال: ( يا عائشة ! أزيلي عني قرامك؛ فإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة )، فمزقته وجعلته تحت رجليها، فكيف بحالنا؟ نريد أن نجتمع وأن نكون الدولة الإسلامية والخلافة الإسلامية ونحن بهذا الهبوط نتحدى الله ورسوله، نتبجح بالتصوير حتى في عرفات؟ المرأة الحاجة والرجل الحاج في عرفات يتصور، وحول المسجد النبوي، إلا أن الهيئة تطاردهم، يقولون: ذكريات؛ لأن قلوبهم نسيت الله عز وجل وما عنده وما لديه، فيذكرون أشياء أخر.كيف حالكم في بيوتكم يرحمكم الله؟ هل يوجد في بيوتكم صور أم لا؟ أترضون أن يغضب الله ورسوله عليكم؟ اسمعوا واعلموا أن القضية قضية جد ما هي بهزل، بالله الذي لا إله غيره! لا يحل لنا نحن أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن نعلق الصور في بيوتنا، وأعظم من ذلك أن نضع شاشة التلفاز والفيديو ونشاهد العواهر من النساء يغنين، والهابطين من رجال يرقصون ويتكلمون في بيوتنا التي تعمرها الملائكة.أقول: لو نرجع إلى الله أربعاً وعشرين ساعة يسمع العالم بكامله أن بيوت ألف مليون مسلم ما فيها صورة، لغيرت الدنيا نظامها وعرفوا قيمة الإسلام وأهله، مسألة كهذه فقط: عرف المسلمون أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة، فطردوا الشياطين من بيوتهم وأحلوا الملائكة محلها، من أجل أن يذكروا الله وينيبوا إليه، هذه وحدها بها نقول: طلعت شمس الإسلام، في أربع وعشرين ساعة والأمة كلها على قلب رجل واحد، هذه البسيطة الساذجة ما فعلناها! مع أننا نقول في هذا المسجد: نتحداكم يا من في بيوتكم هذه الملاهي أن تغتنموا غنيمة، ما هناك دينار واحد، طول الليل والرواقص في بيتك، فكم ريالاً تجني؟ والله لا تجني ريالاً واحداً، هل يحدث لك الشبع في بطنك؟ هل يعلو شرفك ومكانتك وتصبح ولي الله؟ والله ما كان، هل ترهب وتصبح كالأسد يخافونك من فوقك ومن تحتك؟ والله ما كان، ما هي النتيجة غير أن يغضب الله ورسوله؟أننا نحن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه لا نتكلم بالكلمة إلا إذا كانت تنتج لنا حسنة أو تنتج لنا درهماً، لا نمشي مشية أبداً إلا من أجل أن نكتسب درهماً لمعاشنا أو حسنة لمعادنا، فكيف نجلس الساعات ونضيع وقتنا في اللهو والباطل؟ ولا ألوم؛ لأننا ما عرفنا، ما علمونا، جهلنا منذ قرون، أبعدونا عن القرآن والسنة، إذاً هذا هو الذي يجري بيننا.ومع الأسف أنه أيضاً حتى العبد إذا سمع لا تطمئن نفسه إلى ما سمع، ولو كنا صادقين فوالله لن يوجد من الليلة في بيته تلفاز ولا فيديو أبداً، وإن وجد لضرورة لمسئول من المسئولين أو سياسي من السياسيين في غرفة خاصة فيها إبليس عند الحاجة والضرورة يفتح ويسمع أو يشاهد، ثم يغلق، ما يجعله لبناته ونسائه وأولاده يتفرجون على العهر والباطل، فتفسد قلوبهم وتطمئن نفوسهم إلى الباطل ويتلذذون به.
طريق العودة إلى الله تعالى
هيا نعود، الطريق إلى العودة أن نعلن عن إسلامنا في صدق ووفاء، أسلمنا لك يا رب قلوبنا ووجوهنا، ثم أهل القرية يعلن إمامهم يوم جمعتهم: معشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! من هذا اليوم لا يتأخر واحد منا عن صلاة المغرب والعشاء في مسجدنا هذا أبداً، يا أهل القرية! لا يتخلف بعد اليوم رجل ولا امرأة عن صلاتي المغرب والعشاء. دقت الساعة السادسة ومالت الشمس إلى الغروب فيقف العمل وقوفاً كاملاً، يأخذون في التطهر ولبس ثيابهم الجميلة ويحملون أطفالهم ونساءهم إلى بيت ربهم، إلى بيت الرب جل جلاله وعظم سلطانه.يصلون المغرب النساء وراء الستارة والأطفال دونهن والفحول أمامهم، بعد صلاة المغرب آية يدرسونها كل ليلة، يتغنون بها حتى تحفظ، فيحفظها الرجل والمرأة والطفل حفظاً حقيقياً بقصد العلم ومعرفة الطريق إلى الرب تبارك وتعالى، في ربع ساعة كل الحاضرين والحاضرات حفظوا تلك الآية، ثم يأخذ المربي يضع أيديهم على المطلوب منها، الآية تطلب منا عقيدة كذا فهيا نعقدها في نفوسنا، الآية تطلب منا ترك معصية فلانية فمن الآن عزمنا على تركها، تأمر بواجب فمن الآن نقوم به، وفي الليلة الثانية حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوماً بعد يوم، شهراً بعد شهر، ما تمضي سنة إلا وأهل القرية والله كأنهم رجل واحد، على قلب رجل واحد، لا خلاف ولا مذهبية ولا فرقة، بل قال الله قال رسوله، يطبقون دين الله عز وجل.والمدن كذلك، كل مدينة فيها أحياء، كل حي له مسجده، دقت الساعة السادسة ومالت الشمس إلى الغروب فتوضئوا وأتوا بيت ربهم يطرحون بين يديه، يبكون بين يديه، يطلبون عونه ونصره على أنفسهم أولاً ثم على أعدائهم ثانياً، يتعلمون الكتاب والحكمة، فما تمضي سنة إلا وهم كرجل واحد، وتنتهي مظاهر الغش، والحسد، والكبر، والجهل، والشرك، والباطل، والله! إنه لمستحيل أن تبقى، إنها سنن الله عز وجل: الطعام يشبع أم لا؟ الماء يروي أم لا؟ الحديد يقطع أم لا؟ لم لا تتخلف هذه السنن؟ إذاً: فتعلم الكتاب والحكمة وتزكية النفوس يستحيل معه الباطل والشر والفساد.هذا هو الطريق، هذا طريق العلم، هذا طريق العودة إلى الله، هذا طريق النجاة، فبلغوا، حاولوا أن تفعلوا حتى في بيوتكم، اجمع امرأتك وأولادك وتغن بآية معهم أو حديث، ليلة آية وليلة حديث، تشبعون بالنور الإلهي وتنامون، أما أن تترك التلفاز في بيتك والفيديو والعواهر يغنين فكيف يصح هذا؟ والله إني أخشى أن يموتوا على سوء الخاتمة، تفسد القلوب، وإن صاموا وصلوا.اللهم إنا نسألك أن تهنئ المؤمنين والمؤمنات بصوم رمضان، اللهم هنئهم بالثواب المأجور عليه، اللهم هنئهم بالثواب وأعدهم إلى مثله يا رب العالمين، اللهم أعدهم إلى مثله وهم طيبون طاهرون أتقياء بررة مستقيمون، اللهم أعدهم إليه وأعده عليهم يا رب العالمين سنوات عديدة وهم أتقياء أولياء صالحون يا رب العالمين.وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #642  
قديم 19-06-2021, 03:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,603
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المائدة - (24)
الحلقة (334)
تفسير سورة المائدة (30)



عرف عن اليهود على مر الأزمان سوء أدبهم واستهزاؤهم بأنبيائهم، وقتلهم فريقاً منهم، وهم لم يقفوا عند ذلك وإنما تطاولوا على الذات الإلهية، ووصفوا الرب جل وعلا بصفات يأنف أن يوصف بها البشر، فقالوا عنه سبحانه: إن يده مغلولة، فعاقبهم الله بجنس مقالتهم، فجعل أيديهم مغلولة فلا تنفق في أي باب من أبواب الخير، ولعنهم سبحانه وتعالى بسبب هذه المقالة وغيرها فهم يتقلبون في لعائن الله صباح مساء.
تفسير قوله تعالى: (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا ...)
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوان! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ). ومن أراد أن يتأكد فليقف الآن ولينظر إلى هذه الجماعة المؤمنة هل تشاهد فيها منكراً أو باطلاً؟ هل ترى فيها عذاباً؟ ولو كنت تبصر وبصرك يقدر على رؤية الملائكة والله لرأيتهم يحفون بهذه الحلقة، أما ذكر الله تعالى لنا في الملكوت الأعلى فهو أمر أكيد مقطوع به، إذ أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.وها نحن مع سورة المائدة المدنية المباركة الميمونة، ومع هذه الآيات الثلاث، فهيا أتلو واستمعوا وتدبروا وتأملوا، ثم نأخذ في بيان هدايتها عسى الله أن يهدينا.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ [المائدة:64-66].
أخبار الصدق دلائل تنزيل القرآن من الله تعالى

يقول تعالى مخبراً عن اليهود الذين كانوا يساكنون الرسول والمؤمنين بهذه المدينة: ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ )[المائدة:64-66]، هذا الكلام كلام من هذا؟ كلام الله، على من أنزله؟ على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. أين يوجد هذا الكلام الآن؟ موجود في كتاب الله. هل لله من كتاب؟ أي نعم. ما اسمه؟ القرآن العظيم، به مائة وأربع عشرة سورة، هذه السورة سورة المائدة المدنية من سور الكتاب الكريم والقرآن العظيم، هل يجوز عقلاً إنكاره وتكذيبه؟ والله ما يجوز ذلك عقلاً، أينزل خالقك ورازقك وخالق كل شيء في هذه الأرض من أجلك، أينزل كتابه وتجحده وتنكره من أجل أن تبقى في الفواحش والأباطيل والمنكرات يا آدمي؟! كيف تنكر هذا؟ لقد أنكره بلايين البشر؛ لأنهم عبدوا الشيطان فساقهم إلى مهاوي الشر والفساد فأنكروا الحق وجحدوا به.

سبب نسبة المقالة الكفرية إلى جميع اليهود

(وَقَالَتِ الْيَهُودُ )[المائدة:64]، تدرون من اليهود؟ هؤلاء هم بنو إسرائيل أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، ويعرفون ببني إسرائيل، ثم لما زلت أقدامهم وسقطوا في الهاوية عرفوا باليهود، وها هو ذا ربنا تعالى يحدثنا عنهم ويخبرنا عن حالهم؛ لنتعظ لنعتبر لنطلب الكمال والسمو والنجاة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، لا أن يقرأ هذا الكتاب على الموتى، يقرأ على الأحياء أمثالكم؛ ليتدبروا ويتفهموا ويعلموا ويعملوا فيكملوا ويسعدوا.(وَقَالَتِ الْيَهُودُ )[المائدة:64]، ماذا قالوا؟ قالوا: ( يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ )[المائدة:64]، قالها فنحاص وغيره من شياطينهم: ( يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ )[المائدة:64]، يعني: ما ينفق علينا ولا يعطينا! شطحات الهاوين، وهل يوصف الله بهذا الوصف؟ هل يصفه بهذا إلا كافر؟ وهم يدعون الإيمان ويدعون العلم، ويقولون: الله بخيل وشحيح وما ينفق علينا ونحن نعاني الفقر والحاجة والجوع، قال هذا بعض اليهود وطأطئوا رؤوسهم وما أنكروه ووافقوا من قال، فكلهم قالوه إذاً.

إذا ظهر منكر في بلد من بلاد المسلمين فكل الذين سمعوا به وما أنكروه يعتبرون فاعليه ومن أهله، فليس اليهود كلهم قالوا هذه المقالة، قالها فنحاص وفلان وفلان من رؤسائهم، لكن سائرهم ما قالوا: هذا باطل وهذا منكر ولا تقل مثل هذا، وتعالى الله عن البخل والشح. بل سكتوا، إذاً: فكلهم قالوا.

الرد على اليهود وتنزيه الله تعالى عما نسبوه إليه سبحانه

ورد الله تعالى عليهم باطلهم وقال: ( غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ )[المائدة:64]، دعا عليهم فلن يفلحوا، غلت أيديهم ولا تجد أشح ولا أبخل من اليهود، وجرب، ( وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا )[المائدة:64]، أي: بسبب قولهم الباطل، قولهم: يد الله مغلولة، أو: الله شحيح وبخيل، هذه الكلمة لعنوا بسببها، فمن اللاعن لهم؟ إنه الله تعالى الذي يقوى على طردهم من ساحات الرحمة والخير إلى ساحات الشر والعذاب والبلاء، ( وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا )[المائدة:64]، أي: بسبب قولهم الباطل الفاسد من الكذب على الله عز وجل، وهو وصف الله بما هو منزه عنه.تأملوا: ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ )[المائدة:64]، ماذا قال الله؟ ( غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ )[المائدة:64]، ثم ماذا؟ ( وَلُعِنُوا )[المائدة:64]، بسبب ماذا؟ ( بِمَا قَالُوا )[المائدة:64]، فكيف لا نفهم هذا الكلام؟!

ثم قال تعالى إضراباً عن تلك الأباطيل: ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ )[المائدة:64]، أنفق منذ أن خلق الخلق إلى اليوم ما لا يقادر قدره ولا يحصى عدده، ولا يعرف أبداً، أنفاسناً هذه عطيته، طعامنا شرابنا لباسنا كل هذا إنفاق الله عز وجل، ومع ذلك قالوا: يده مغلولة! ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ )[المائدة:64]، هذا يغنيه وهذا يفقره، لماذا؟ لأني عليم حكيم أتصرف بحسب العلم والحكمة، أبتلي بالغناء وأبتلي بالفقر، وحاشاه تعالى أن يتصرف في شيء بدون علمه وحكمته، ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )[الأنبياء:35]، ينفق كيف يشاء، وأخبر عنه نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم فقال: ( يد الله سحاء الليل والنهار ).

وقوله تعالى: ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ )[المائدة:64]، إياك أن يخطر ببالك أن يدي الله كيدي المخلوقات، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، إذ قال: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )[الشورى:11]، ومستحيل أن تكون يد الله مثل يد مخلوقاته.

وعندنا أمثله للعامة ليفقهوا، نسأل الله ألا يؤاخذنا عليها، بل نسأله أن يثيبنا عليها، فنقول: لا تعجب، فأنت تؤمن بالنملة، فإذا قلنا: للنملة يد فهل يد النملة تشبه يدك؟ مستحيل هذا، إذاً: فصفات الله الذاتية كذاته لا تشبه صفات مخلوقاته بحال من الأحوال.

معنى قوله تعالى: (وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً)

ثم قال تعالى: ( وَلَيَزِيدَنَّ )[المائدة:64] هو جل جلاله وعظم سلطانه، ( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا )[المائدة:64]، الذي أنزل إليك يا رسولنا من القرآن من ربك لا يزيدهم إلا طغياناً وكفرا، والمفروض أنه إذا سمع العبد آيات نزلت يقوى بها إيمانه وتزداد بها علومه ومعارفه، لكن مع الأسف إذا نزلت كهذه يزدادون كفراً وطغياناً؛ لأن الله لعنهم.وتقدمت الآية الكريمة: ( وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ )[المائدة:61]، كيف يسمعون من رسول الله هم والمؤمنون، فالمؤمنون يزيد إيمانهم وهم يزدادون كفراً؟ لأن الله لعنهم، فسدت عقولهم.

اسمع ما يخبر به تعالى: ( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ )[المائدة:64] يا رسولنا ( مِنْ رَبِّكَ )[المائدة:64] من القرآن، لا يزيدهم إلا ( طُغْيَانًا وَكُفْرًا )[المائدة:64]، طغيان بالظلم والشر والفساد والكفر والجحود والإنكار؛ لأنهم فسدوا وهبطوا، أصبحوا شر البرية، وإلا فالمفروض أن كل من يسمع القرآن يزداد إيمانه وشوقه إلى ربه وإلى طاعته.


معنى قوله تعالى: (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة)

ثالثاً: ( وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )[المائدة:64]، مَنْ من رجال السياسة والعلم الحديث يردون علينا هذه؟ ( وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ )[المائدة:64]، أي: بين أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، ( الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )[المائدة:64]، الآن تقول: كيف هذا واليهود مبجلون مكرمون عند النصارى يحبونهم ويوالونهم؟! الجواب يا بصراء يا أهل العلم: أن النصارى فقدوا عقيدتهم، تحللوا وذابوا في الماديات فما أصبح في قلوبهم ذاك الإيمان الذي يحملهم على بغض من قتلوا إلههم وصلبوه، انتهى بيد اليهود، هم الذين أنشئوا وأوجدوا المذهب البلشفي الشيوعي اللاديني: لا إله والحياة مادة، من طلع بهذه الفتنة؟ هل الأوربيون قبل كل شيء أم لا؟ هجروا الكنائس تغني بها الطيور والحمام، فمن فعل بهم هذه؟ فعلها اليهود حتى يسخروهم ويركبوا على ظهورهم ويسودوهم وهم حفنة من البشر بالمكر والحيلة والخداع.
أما الذين ما زالوا مؤمنين فوالله ليحملن البغضاء والعداء لليهود إلى يوم القيامة، ( وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )[المائدة:64]، فقولوا: صدق الله العظيم!

قلت لكم: صدق الله العظيم؛ فالعداوة والبغض والكره بين اليهود مع النصارى والله لا تزال إلى يوم القيامة، فإن قلتم: ها نحن نشاهد النصارى في أمريكا وفي كل مكان يودون اليهود ويحبونهم؟ فالجواب: إن الذين يودونهم تخلوا عن عقيدتهم الصليبية وكفروا بها، ما أصبحوا يؤمنون بها، أما تعرفون الشيوعيين والعلمانيين؟ هل يؤمنون بالله؟ لا.
إذاً: هؤلاء أصبحوا كالبهائم سخرهم اليهود، هم الذين بهموهم بهذه المعتقدات وأصبحوا تحت أرجلهم، لو تراجع النصارى من جديد إلى الصليبية والنصرانية الحقة والله لفعلوا العجب باليهود، كانوا يقلونهم كالسمك في الزيت، ما يستطيع المسيحي أن ينظر إلى اليهودي بعينيه؛ كيف ينظر إلى قاتل ربه؟! كيف يرضى عنه؟! ومن ثم هربوا إلى بلاد العرب.
فقول ربنا: ( وَأَلْقَيْنَا )[المائدة:64] الفاعل هو الله، ( وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )[المائدة:64]، هذا تدبير الله في خلقه.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #643  
قديم 19-06-2021, 03:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,603
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

معنى قوله تعالى: (كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله)
ثم قال تعالى: ( كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ )[المائدة:64]، أين السياسيون؟ القرآن يخبرنا أن الحرب العالمية الأولى والثانية والآتية الذين وضعوا خيوطها ونسجوها هم اليهود، تسمعون بالحرب العالمية الأولى والثانية، والثالثة أوشكت أو كادت، فمن الذين ينسجون خيوطها ويعدونها؟ هل العرب أو الهند؟ إنهم اليهود، وإن شئتم حلفت لكم بالله، والذين لا بصيرة لهم يتبعون ما يقول أهل الجهل والضلالات ويقلدونهم، والله ما أوقد اليهود ناراً للحروب إلا أطفأها الله، إذاً: فهم الذين يقودون الحروب والله يطفئها وينهيها، ( كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ )[المائدة:64].

معنى قوله تعالى: (ويسعون في الأرض فساداً)

ثانياً: ( وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا )[المائدة:64]، يعملون الليل والنهار بمخططاتهم وبمعارفهم وكيدهم ومكرهم على إيقاع البشرية في الفساد: الزنى، الربا، أندية اللواط، القمار، قل ما شئت، فأصابع اليهود هي التي تدبر ذلك.إن الحاكم الفرنسي أيام الاستعمار زارنا في القرية منذ حوالي سبعين سنة أو ثمان وستين سنة، امرأته الفرنسية على وجهها برقع أسود كالمرأة عندنا في المدينة، وإلى الآن في الجبال وفي الغابات المرأة الأوروبية ثوبها إلى كعبها، فمن مسخهم حتى صارت المرأة نصف عريانة؟ تخطيط من هذا؟ هل تخطيط السادة رجال الكنسية؟ لا والله، إنهم اليهود، هذا من الفساد الذين يسعون به، فلماذا يسعون في الأرض فساداً؟
الجواب: لأنهم يريدون أن يحكموا العالم، أن تعود مملكة بني إسرائيل في الشرق والغرب، فكيف يصلون إليها وهم حفنة من بين البشر؟ يصلون إليها من طريق إهباط البشرية وإنزالها إلى الحضيض، ويومها هم أصحاب العقول والآراء والبصيرة يحكمون ويسودون.
وكيف تهبط البشرية؟ تهبط بإفساد قلوبها، وإفساد عقولها، عندما تساق إلى البهيمية، وتصبح لا هم لها إلا الزنا والباطل والشر حينئذ يمكنهم أن يسودوا.
فإن قلت: يا شيخ! دلل على هذا وبرهن. قلت: هل أنشئوا دولة إسرائيل في فلسطين أم لا؟ فمتى أنشئوها؟ هل في القرون الذهبية الثلاثة، متى؟ هل في أيام الدولة العثمانية في أنوارها الساطعة في العالم، لا؟ بل لما مزقوا العقيدة وشتتوا القلوب، وشتتوا الأمة ووطئوها بأقدامهم أنشئوا دولة إسرائيل.
لو كان المسلمون كما كانوا أيام كانوا سائدين وعابدين لله فهل سيستطيعون أن يظهروا حتى الظهور أو يتكلموا، لما شاهدوا العالم الإسلامي تحت أقدام الاستعمار هبط وانتكس ونسي ربه حينئذٍ أعلنوا عن دولة إسرائيل، والواقع يشهد: فهل استطاع العرب أن يضربوهم ويخرجوهم في الأيام الأولى من فلسطين؟ ما استطاعوا، لأنهم أموات، إنهم اليهود بخططهم وتعاليمهم ومكرهم وخداعهم، فلا إله إلا الله!




معنى قوله تعالى: (والله لا يحب المفسدين)
وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا [المائدة:64] للعقائد والآداب والأخلاق وللأموال ولكل شيء، هذا همهم، ويعقب الله على ذلك فيقول: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [المائدة:64]، الله يكره اليهود لأنهم فسدوا، والله لا يحب المفسدين، ونحن -يا أهل القرآن- كيف حالنا مع القرآن؟ هل أقمنا الصلاة؟ هل جبينا الزكاة وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر؟ هل عبدنا الله بما شرع لنا وبين رسوله صلى الله عليه وسلم لنا؟ هل تآخينا وتعاونا وتحاببنا؟ هل سمت أخلاقنا وارتوت آدابنا وأصبحنا أنواراً تلوح في العالم؟ الجواب: لا.فالذين ينشئون المخامر لإنتاج الخمر هل يفسدون أو يصلحون؟ والذين ينشئون دور القمار واللهو والباطل بين المسلمين يفسدون أو يصلحون؟ جماعات التلصص والحيل والمكر في التجارة وغيرهم هل يصلحون أو يفسدون؟ والذين ينشئون البنوك الربوية ويعلنون عنها ويتبجحون بها هل يفسدون أو يصلحون؟ وقد يقول قائل: هذا كلام باطل يا شيخ، ما شأنك وهذا الكلام؟ فالبنوك لها أثرها! وأقول: البنوك لها أثرها في ماذا؟ في الدولة وبقائها وامتداد سلطانها، يا أبناء الإسلام! ويا رجالات الإيمان! البنوك معناها ذبح الفضيلة، دفن الحسنة، تمزيق الصلات القلبية والروحانية، القضاء على التلاقي والود والحب بين المسلمين، هذا تخطيط بني عمنا اليهود أعلم الناس بهذه القضية، أهل القرية الإسلامية قبل أن توجد البنوك كان الذي عنده مال يستقرضه أخوه فيقرضه، وأخوه رباني مؤمن صادق يأتي به في موعده الذي وعده أن يرده إليه، ويفيض المال، فماذا نصنع؟ يقال: يا فلان، يا فلان! تعالوا خذوا هذا المال وأنشئوا به حديقة من حدائق كذا، أو أنشئوا مصنعاً ولو لنسج السجاجيد، وتتراحم الأمة. فقال اليهود: كيف نقطع هذا التراحم، كيف نزيله فنتركهم أعداء لا يثق بعضهم ببعض ولا يعطي بعضهم لبعض؟ هذا السؤال طرحه اليهود وألهمهم الشيطان وقال: أنشئوا لهم البنوك، ضع مالك لينمو لك ويزيد وتأمن من خطفه ومن سرقته بين الناس، وإذا أردت أن تزرع أو تنشئ فخذ من البنك بفائدة معلومة معروفة وأنشئ وأنشئ، فهذا -والله- إنه لمن خطط اليهود، أما قال ربنا: وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا [المائدة:64]، والله لا يحب المفسدين، اليهود مفسدون فالله لا يحبهم.
تفسير قوله تعالى: (ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ...)
الآية الثانية: يقول تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا [المائدة:65]، هذا باب الخير الإلهي مفتوح، ونحن أحق بهذا لو عقلنا وعرفنا، اسمع ما يقول: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا [المائدة:65] مع عدائهم وحربهم؛ لأنهم ما زالوا عبيد الله ومن مخلوقاته، لو أن أهل الكتاب آمنوا الإيمان الذي دعوا إليه: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.ثانياً: وَاتَّقَوْا [المائدة:65]، اتقوا عذاب ربهم وسخطه وغضبه عليهم وذلك بطاعته في السر والعلن.فماذا يعدهم الله؟ يقول تعالى: لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ [المائدة:65]، جرائمهم لكذا ألف سنة كلها نمحوها، فهذا عطاء الله أم لا؟ على هذه الآية -والله- آمن العديد من اليهود والنصارى. اسمع هذا الوعد الإلهي: يقول تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا [المائدة:65]، أولاً، وَاتَّقَوْا [المائدة:65] ثانياً، لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [المائدة:65]، إذاً: ما الذي صرفهم عن الجنة؟ الكفر: عدم الإيمان، والفجور: عدم التقوى، وسر ذلك معروف كالشمس؛ لأن المؤمن المتقي يزكي نفسه ويطهرها فتصبح أهلاً لأن ينزلها الله في منازل الأبرار في الجنة دار المتقين، والذي كفر وجحد كيف يعبد الله، والذي فجر وخرج عن طاعة الله كيف تكون نفسه؟ تكون منتنة عفنة مدساة مظلمة، فهيهات هيهات أن تفتح لها أبواب السماء أو تدخل الجنة: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40]، هل البعير يدخل في سم الإبرة؟ مستحيل، فصاحب النفس الخبيثة من جراء الشرك والمعاصي نفسه خبيثة، فمستحيل أن تفتح لها أبواب الجنة.

شرح أعمال الحج
الآن نعيش مع حجاج بيت الله:هل تذكرون قول الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( من حج هذا البيت )، وهو يشير إليه، ( من حج هذا البيت ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه )، هل يمكن أن نحفظ هذا الحديث؟ يجب حفظه، لماذا نحفظ الأغاني والباطل والكذب ولا نحفظ عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ ( من حج هذا البيت ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه )، يمحى عنه كل ذنب أذنبه كيفما كان نوعه، ها هو الآن أعطى لليهود أهل الكتاب: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [المائدة:65]، فهل نحرم نحن من هذا؟يقول صلى الله عليه وسلم: ( من حج هذا البيت )، حجه: زاره على أنظمة وتعاليم بينها الله ورسوله؛ لا أنه يحجه فقط كما يحب هو، وإليه تلك التعاليم: أولاً: الإحرام والتجرد كأنه ذاهب إلى قبره، لا مخيط ولا محيط.ثانياً: كلمة: لبيك اللهم لبيك، أجبتك يا من دعوتني، أجيبك مرة بعد مرة، إذ الله دعانا إلى بيته، واقرءوا: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [الحج:27].ثم دخولك مكة وأنت مطأطئ رأسك إجلالاً وإكباراً لحرم الله وبيته، ونفسك وقلبك مع الله، ولسانك تذكر به الله، وتطوف الطواف الشرعي كما بين رسول الله، تكون متطهراً ليس منتقض الوضوء، وإن كنت ذا عذر تيممت، وإن استطعت أن يكون أول عملك الطواف فافعل، تقف أمام الحجر الأسود وتقول: باسم الله والله أكبر، لا إله إلا الله، وتوالي الذكر، وكلما مررت بالحجر الأسود إن أمكنك أن تقبله بفمك فافعل، وإلا فإن استطعت أن تضع يدك عليه ثم تضعها على فيك فافعل، فإن لم تستطع لكثرة الطائفين فتشير من بعيد. هذا الحجر الأسود هو يمين الله في الأرض، كأنما بايعت الله، وقد روي: أنه نزل من الملكوت الأعلى من الجنة، أليس أبونا آدم كان في الجنة هو وامرأته، ومن أهبطهما إلى الأرض، ومن بنى لهما البيت؟ إنه الله تعالى بأمره لملائكته؛ حتى يذهب ذلك التألم النفسي وتلك الوحشة من نفسيهما.هذا الطواف سبعة أشواط، فإن أمكن أنك تهرول ثلاثة أشواط وتمشي في الأربعة الأخرى فافعل، لكن مع كثرة الحجاج غير ممكن، وهي فضيلة من الفضائل، ولكن لا ننسى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( رحم الله امرءاً أراهم اليوم من نفسه قوة )، فالاضطباع رمز يشير إلى القوة، ليشعر المؤمن بأنه قوي يستطيع أن يأخذ ويعطي، والهرولة كذلك إظهار للقوة؛ لأن المشركين قبل فتح مكة في عمرة القضية في السنة السابعة قالوا: إذا رأينا ضعفاً في محمد ورجاله فسننكب عليهم وندمرهم. فأعلن الرسول صلى الله عليه وسلم فقال في بيانه الرسمي لرجاله: ( رحم الله امرءاً أراهم اليوم من نفسه قوة ) فشرعت السرعة في الثلاثة الأشواط الأولى.وبعد ختام الأشواط السبعة صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم، هذا المقام الذي كان إبراهيم يقوم عليه ويواصل بناء الكعبة، وإسماعيل يناوله الحجارة والطين، هذا الحجر ساخت فيه قدما إبراهيم آية من آيات الله، حجر من جبل أبي قبيس تسيخ فيه الرجل؟ أي نعم، آيات الله عز وجل، أما قال تعالى: فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا [آل عمران:97]، وتخلد هذه القدم إلى اليوم باقية إلى يوم القيامة، ما استطاع اليهود ولا العالم ولا الشيوعية التي تحطمت أن تأخذه، فمن حفظه؟ إنه الله جل جلاله.إذاً: صلاة ركعتين خلف المقام تقرأ في الأولى بالفاتحة و قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وفي الثانية بالفاتحة و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وادع بما شئت، فإذا فرغت من الركعتين تخرج إلى السعي، وابدأ بالصفا؛ لأن الله قال: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ [البقرة:158]، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( نبدأ بما بدأ الله به )، لا تعكس، ابدأ بالصفا وانته بالمروة، سبعة أشواط وأنت تذكر الله وتدعو طيلة ما أنت هناك، وإن تعبت فاصمت واسكت.واحذر أن تقول كلمة سوء أو تنظر نظرة سوء، فإذا فرغت من السعي وكنت محرماً بالعمرة فاخرج إلى ما وراء المسعى وحلق شعرك أو قصه، وإن كنت مفرداً أو قارناً فابق على ما أنت عليه، اذهب إلى بيتك فاسترح أو إلى المسجد وأنت تلبي؛ لأنك قارن أو مفرد، كلما أتيحت الفرصة قلت: لبيك اللهم لبيك.إذاً: إن كنت متمتعاً حلقت أو قصرت ولبست لباسك وتمتعت بالطيب وغيره؛ لأنك متمتع، فإذا جاء يوم الثامن من شهر ذي الحجة فالمفردون على إحرامهم والقارنون كذلك، والمتمتعون يغتسلون ويتجردون، ويلبي الجميع بالحج: لبيك اللهم لبيك حجاً، ثم ينطلقون إلى منى، فيصلون الصلوات الخمس، وهي انتقال من مكة والزحام فيبيتون هذه الليلة يستريحون، ثم يصلون الصبح يوم التاسع يوم عرفة ويفيضون إلى عرفة ماشين أو راكبين، يدخلون عرفة، وما عرفة هذه؟ قيل: تعارف آدم وحواء فيها، وتسمى عرفات بالجمع أيضاً، لما هبط آدم من علياء من الجنة، لو طارت طائرتك ألف سنة ما تصل، سبعة آلاف وخمسمائة عام وأنت طائر، لكن قول الرب: كن فيكن، آدم في جهة وحواء في جهة والتقيا هناك وتعارفا. هذه عرفات، يومها من أعظم الأيام عند الله، يومها يتجلى فيه الرب عز وجل ويقول لملائكته: انظروا إلى عبيدي أتوني شعثاً غبراً ويغفر لهم، يوم هذا من أفضل الأيام: يوم عرفة، ترى عبيد الله وإماءه مهللين مكبرين داعين صارخين بالبكاء والدعاء والذكر طول اليوم من الزوال إلى ما بعد غروب الشمس وهم وقوف يستمطرون رحمة الله عز وجل، فأكثروا فيه من الدعاء بالخير، فالله يستجيب دعوة العبد ما لم يدع بشر أو قطيعة رحم.هذا اليوم وقف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من الزوال إلى أن غابت الشمس وغربت وهو واقف، وجبل الرحمة لا تعلوا فوقه ولا تقلدوا العوام والجهال، فالرسول وقف تحته، المهم أن نقف ذاكرين باكين خاشعين، وأنبه إلى أن أهل الجهل -والشياطين تقودهم- يأتون بآلات التصوير فيصورون هناك، ألا لعنة الله عليهم، ألا لعنة الله عليهم! إذ قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله المصورين )، فلا تسمحوا لهم. ‏
تحذير الحجيج من التدخين
وأنبه أيضاً إلى أنكم يا حجاج بيت الله من الليلة لا تدخنوا، من في جيبه علبة تدخين يمزقها عند باب المسجد ويرميها في القمامة، لأنكم تريدون أن تغفر ذنوبكم، والشرط معروف: ما لم يفسق أو يرفث، ومن الفسق -والله العظيم- التدخين، إي والله، التدخين خروج عن طاعة الله ورسوله، أتؤذي الملائكة؟ تنفخ في وجه الملك عن يمينك وعن شمالك النار المنتنة؟ أي أذى أكبر من هذا الأذى؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً فلا يقربن مسجدنا )، لم يا رسول الله؟! قال: ( إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم )، تنفخ الرائحة الكريهة في وجه المؤمنين، من يجيز هذا، من يقول: هو جائز؟ آلله أذن فيه ورسوله؟إنما أذن فيه اليهود، لو بحثتم في التاريخ -وإن قلتم: في بلغاريا أو في البرتغال- لوجدتم أصابع اليهودية. فالمؤمن طاهر نقي، فكيف يعفن فمه ورائحته؟ فالشاهد عندنا أنه إذا أحرمت فلا تدخن وإلا فسوف تعود كما جئت، وعندنا دليل: إذا رجع الحاج فأصبح يفعل ما كان يفعله من الباطل والمنكر فتلك آية أن ذنوبهم لم تغفر، والله العظيم! ما غسلت روحه ولا طابت ولا زكت، فلهذا عاد إلى الذنب، وإذا حج حجاً قبله الله فإنه والله يعود إلى بلاده فتجد الناس يقولون: هذا سيدي الحاج، الحاج ما يكذب، الحاج ما يسرق، الحاج ما يترك صلاة. هذا أيام كانوا يحجون وينفقون الأيام والليالي، يرجع الحاج مستقيماً آمناً مطمئناً، والله إنه ليشار إليه بالأصبع، أما الذي يدخن في بيت الله ومسجد رسول الله ويعبث فإنه والله يعود وذنوبه كما هي، فلا تدخين إلى يوم القيامة. وإن قلتم: ولم يا شيخ؟! قلت: صلاتكم مشكوك في صحتها، فالصحابة الكرام كانوا يتوضئون مما مست النار، وما صلى الرسول صلاة إلا توضأ فيها، وما زالت الكراهة قائمة، فمن استطاع أن يتوضأ عندما يأكل اللحم أو الطعام فليفعل، فهو مستحب.فكيف إذاً بالذي يدخل النار في جوفه، كيف تصح صلاته؟ أما ينتقض وضوؤه؟ لقد جهلونا وفعلوا فينا الأعاجيب، ولكن رزقنا الله أهل العلم فعلمونا وبصرونا فعرفنا أن التدخين رذيلة من رذائل الشياطين وعبث وسخرية وإفساد للمال والعياذ بالله تعالى.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #644  
قديم 19-06-2021, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,603
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المائدة - (25)
الحلقة (335)
تفسير سورة المائدة (31)


لما أرسل الله سبحانه وتعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام، فقدمها صلوات الله وسلامه عليه للعالم بأسره صافية نقية، ليخرج بها الناس من ظلمات الكفر واتباع الديانات المحرفة إلى نور التوحيد القويم، لما كان ذلك أعرض أكثر أهل الكتب من يهود ونصارى عن قبول الحق، فأخبر الله عنهم أنهم لو آمنوا لكفر عنهم ما سبق من أفعالهم المشينة في حقه وحق رسله، ولو أنهم اتبعوا ما تدعو إليه التوراة والإنجيل للزمهم أن يؤمنوا بالقرآن المذكور فيها، ويتبعوا الرسول النبي الأمي الذي بشرت به.
مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة المائدة
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والليالي الثلاث بعدها ندرس كتاب الله عز وجل القرآن العظيم؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال فداه أبي وأمي وصلى الله عليه ألفاً وسلم، قال: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، لذا ندرس كتاب الله.
وها نحن مع سورة المائدة المدنية المباركة الميمونة، ومع هذه الآيات الثلاث: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ [المائدة:64-66].
اعلموا أن هذا كلام الله لا كلام أحد سواه، أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ضمن كتاب كريم موجود في اللوح المحفوظ: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج:21-22]، هذا الكلام الإلهي اجتمعنا من أجل أن نتدارسه، فهيا بنا نتدارس.


سعة رحمة الله تعالى الشاملة لأهل الكتاب حال دخولهم الإسلام
والآن فتح باب جديد؛ لأن ربنا رءوف رحيم، والعبيد كلهم عبيده، خذوا هذه القاعدة: كل البشر أولاد آدم نساءً ورجالاً في أي عصر في أي بلد، كلهم نسبتهم إلى الله لا تتبدل، فهم عبيده، يرحم من يستحق الرحمة ويعذب من يستوجب العذاب.فكلهم عبيد لله وهو سيدهم ومالكهم، فمن أطاع السيد ومشى على منهاجه أنجحه وفوزه وأدخله دار النعيم، ومن أعرض أو تكبر أو عبث بعقله وترك طاعة سيده تعرض للعذاب والبلاء والفتنة في الدنيا والآخرة.واسمع ما يقول ربنا تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ [المائدة:65]، وهم اليهود والنصارى، وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا [المائدة:65]، صدقوا بوجود الله الذي لا إله إلا هو ولا رب سواه، آمنوا بما أخبر به تعالى من الغيب والشهادة، آمنوا بكتبه ورسله، آمنوا بلقائه، آمنوا بالعالم الثاني، بالنعيم والعذاب المهين، إيمان راسخ في قلوبهم، لو أنهم آمنوا أولاً وَاتَّقَوْا [المائدة:65] ثانياً، اتقوا ماذا؟ اتقوا غضب الله وعذابه بطاعته وطاعة رسوله، قال صوموا فنصوم، قال: حجوا فنحج، قال: ناموا فننام، هذه هي الطاعة، وبهذه الطاعة يتقى عذاب الله وسخطه. وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ [المائدة:65] يهوداً ونصارى آمَنُوا وَاتَّقَوْا [المائدة:65]، فالجزاء ما هو؟ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [المائدة:65]، نمحو كل ما ارتكبوا من الذنوب والآثام والمساوئ، وندخلهم جنات النعيم.ما هو السبب؟ السبب هو: أن عبداً يزكي نفسه ويطهرها فتصبح كأنفس الملائكة هذا الذي يدخله الله دار السلام، والذي يخبث نفسه ويلوثها بالذنوب والأوضار والآثام ينزل إلى الدركات السفلى في عالم الشقاء في النار دار البوار، هذا هو السر، آمنوا واتقوا، زكت نفوسهم، طابت أرواحهم وطهرت، فماذا يفعل بهم؟ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [المائدة:65]، ومن لم يؤمن أو آمن ولم يتق فنفسه خبيثة منتنة، ما هي متأهلة للعروج إلى الملكوت الأعلى ودخول الجنة دار الأبرار.وإليكم آية حتى لا تنخدع وتجهل، اسمع هذا البيان: يقول الله جل جلاله وعظم سلطانه في سورة الأعراف بين الأنفال والأنعام من كتاب الله القرآن العظيم، يقول: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40]، حتى يدخل البعير في عين الإبرة، مستحيل هذا، مستحيل أن صاحب الروح الخبيثة يدخل دار السلام، ويواكب النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، هذا حكم الله.اسمع ما يقول تعالى لأعدائه الكافرين به المحاربين لرسالته ورسوله، يقول: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ [المائدة:65]، محوناها وأدخلناهم جنات النعيم؛ لأنهم عبيدنا، فإذا آمنوا واتقوا محي ذلك عنهم، فإذا طابوا وطهروا فأين ينزلون؟ في دار السلام.ومن سورة النساء يقول تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [النساء:69]؛ لأن طاعة الله وطاعة الرسول تزكية للنفس، بم تزكو النفس يا عباد الله؟ هل بالماء والصابون؟ تزكو بالإيمان وصالح الأعمال مع بعد عن المدسيات والمخبثات من الشرك والكفر والذنوب والمعاصي. هذه مظاهر الرحمة الإلهية تتجلى في هذه الآية: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [المائدة:65].وأيما مؤمن يؤمن ويقوي إيمانه ويتقي ربه ولو بعد الظلم والشرك والباطل والكفر فإن الله عز وجل يغفر سيئاته ويدخله جنات النعيم، هذه بشرى عظيمة أم لا؟ بكم تشترونها؟ بملء الأرض ذهباً. وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ [المائدة:65]، غطيناها، وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [المائدة:65]، فهذا الخبر ينفع كل إنسان على وجه الأرض، وإنما بدأ بأهل الكتاب لأنهم حرب على الله ورسوله، ومع هذا لو آمنوا واتقوا لما بالى بكفرهم وحربهم ولا عنادهم ولا قتلهم الأنبياء؛ لأن الإيمان والعمل الصالح يغسل النفس ويطيبها فتصبح كأرواح الملائكة، فأين تنزل؟ في الملكوت الأعلى.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #645  
قديم 19-06-2021, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,603
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تفسير قوله تعالى: (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ...)
ثم يقول تعالى أيضاً: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ [المائدة:66]، التوراة: كتاب اليهود، والإنجيل: كتاب النصارى، وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ [المائدة:66] كتاب البشرية القرآن الكريم. وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ [المائدة:66] كيف أقاموها؟ عملوا بما تدعو إليه وتأمر به وتنهى عنه من الشرائع والآداب والأحكام، وأقاموا الإنجيل فطبقوا ما فيه وعملوا بما يحمله من الهدى للبشرية؛ لأنه كتاب الله، وآمنوا بما أنزل إليهم من ربهم، ألا وهو القرآن الكريم، لو فعلوا هكذا لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [المائدة:66]، وهذا فيه دليل على أن رؤساءهم يخبثون ويضللون ويمكرون من أجل المال، من أجل الدينار والدرهم، رؤساء اليهود والنصارى يحولون بين الناس وبين الدخول في الإسلام، لماذا؟ هل لأنهم يعرفون أن الإسلام ليس بحق؟ والله إنهم ليعرفون أنه حق أكثر مما يعرفون أنفسهم، ولكن يقفون في وجه تلك الأمم والشعوب حتى لا يبقوا فارغي الأيدي لا سلطان ولا مال. فقال تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ [المائدة:66] -أي: من القرآن- لأغناهم الله حتى يأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، يرفع رأسه فيجد العنب والتمر والتفاح والبرتقال، ولأكلوا من تحت أرجلهم أنواع الخضروات والحبوب.
وهذا نقوله لأنفسنا: لو أن المؤمنين أقاموا التوراة والإنجيل، نعم آمنا بهما، وأقاموا ما أنزل إليهم من ربهم من القرآن الكريم، والله لو أن أهل إقليم أو بلد يقيمون القرآن كما أنزله الله، فيحلون ما أحل، ويحرمون ما حرم، ويؤدون ما طلب، ويثبتون ويصبرون على حب الله ورسوله والمؤمنين؛ والله لأغناهم الله ولما ما بقي بينهم فقير، فكيف يا هذا؟ كان الرسول صلى الله عليه وسلم يربط بطنه بالحجر من الجوع، واشتد البؤس والفقر، وما هي إلا سنوات حتى أصبحوا يوزعون المال هنا بالدرهم والدينار في الثوب، جاء العباس وأخذ يجمع الذهب وملأ ثوبه فما استطاع أن يقوم به، فنظر إلى رسول الله كأنه يريده أن يحمله عليه فقال: لا، لا نحمله عليك.
ثلاثة قرون لم تعرف الدنيا أسعد ولا أكمل ولا أغنى من أمة الإسلام، ثلاثمائة سنة، ولكن ما أقمنا التوراة والإنجيل والقرآن، فلهذا هذا الوعد مازال: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ [المائدة:66]، يوم كانت تنزل هذه الآيات كان الفقر يمزق العالم الأوربي وعالم اليهود والنصارى، والتاريخ يدلكم على ذلك.
إذاً: هذا الوعد مفتوح إلى يوم القيامة، لو أن المسلمين اجتمعوا على كتاب الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم في شجاعة، في صدق وإخلاص، والله ما هي إلا سنوات وإذا هم من أغنى الخلق، ولكن ما أقمنا القرآن.قال تعالى: مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ [المائدة:66]، معتدلة، أفراد من النصارى ومن اليهود، عدد اليهود قليل جداً، أما عدد المسلمين والنصارى فبالملايين في قرون عديدة، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ [المائدة:66]، كثير من اليهود والنصارى قبح عملهم وساء وبطل؛ فهم على الشرك والخداع والمكر والباطل، هذا كلام من؟ كلام الله عز وجل.

قراءة في كتاب أيسر التفاسير

هداية الآيات
اسمعوا هذه الهدايات من الآيات، وتأملوا ما درسناه.قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين: [ هداية الآيات:من هداية الآيات: أولاً: قبح وصف الله تعالى بما لا يليق بجلاله وكماله ] وعظمته قبيح، والدليل من الآية: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة:64] فرد الله عليهم ولعنهم، فوصف الله بما لا يليق بجلاله وكماله قبيح من أشد القبح، والدليل هذه الآية نفسها، لما قالت اليهود: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة:64] هل رضي الله بهذا الكذب؟ ماذا قال؟ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64].[ ثانياً: ثبوت صفة اليدين لله تعالى ووجوب الإِيمان بها على مراد الله تعالى، وعلى ما يليق بجلاله وكماله ]، لا تقل: لا، أيخبر تعالى عن نفسه وتقول: لا؟! هذا مبدأ اعتقنه الضلال لينزعوا من قلوب المؤمنين مهابة الله وعظمته وحبه أبداً، بلغ بهم الحد إلى أنك لو ترفع يديك إلى السماء تقول: الله لقطعوا يدك، يقولون: الله لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال، إذاً: أين الله؟ والله يخبر عن نفسه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، ويحمل رسوله من هنا إلى الملكوت الأعلى إلى مستوى كلمه الله كفاحاً، فإذا أثبت الله صفة لنفسه فيجب أن تؤمن بها وعقلك لا قيمة له، فقط لا تشبها بصفات المخلوقات، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64]، تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الملك:1]، وقال لإبليس: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75]، وأخبرنا رسول الله أن آدم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه، فقط أثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله، ولا تحاول أن تفهم؛ لأنك عاجز ما تستطيع، فقل: آمنت بالله.. آمنت بالله.
وبينا للعوام حتى يفهموا المعنى، ونسأل الله أن لا يؤاخذنا، قلنا: ليس شرطاً أن تكون يد الله كيد الخلق أبداً، ولا يخطر ببال المؤمن، فالله خالق وهؤلاء مخلوقون فهل يكونون كربهم؟ مستحيل، وضربنا مثلاً: هل تعرفون أن للنملة عيناً تبصر بها؟ هل عين النملة كعين البقرة والبعير؟ شتان ما بين السماء والأرض.
إذاً: فصفات الله تعالى كاليد والقدم والضحك والغضب كل هذه الصفات أثبتها على وجه يليق به تعالى، أما أن تشبه المخلوقات به تعالى فهو قد قال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وهل المخلوقات التي خلقها تكون شبيهة به؟ هذا الكرسي هل يكون مثل النجار في عقله ومعارفه وقدرته؟ مستحيل. إذاً: نؤمن بصفات الله ولا نؤول ولا نحرف ولا نعطل أبداً، حتى يبقى حبنا وتعظيمنا لله كما هو.ومكرة اليهود والمجوس والنصارى منعوا الناس من الإيمان بصفات الله، حتى زالت مهابة الله من قلوبهم، فلا بد من إثبات صفة اليدين لله تعالى ووجوب الإيمان بها على مراد الله تعالى وعلى ما يليق بجلال الله وكماله.
[ ثالثاً: تقرير ما هو موجود بين اليهود والنصارى من عداوة وبغضاء، وهو من تدبير الله تعالى ]، هو الذي أوجد بينهم العداوة والبغضاء، أليس كذلك؟ من أين أخذنا هذا من الآية؟ من قوله تعالى: وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [المائدة:64].[ رابعاً: سعي اليهود الدائم في الفساد في الأرض، فقد ضربوا البشرية بالمذهب المادي الإلحادي الشيوعي، وضربوها أيضاً بالإباحية ومكائد الماسونية ]، وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا [المائدة:64]، كيف يسعون فساداً؟ بالشيوعية بالمبادئ العلمانية، والآن حولوها إلى الاشتراكية، هذا -والله- من صنيعهم.[ خامساً: وعد الله لأهل الكتاب على ما كانوا عليه ] من الكفر والضلال [ لو آمنوا واتقوا لأدخلهم الجنة ]. وعد الله لأهل الكتاب من اليهود والنصارى على ما كانوا عليه من الكفر والظلم والشر والفساد، لو آمنوا واتقوا لأدخلهم جنات النعيم، يؤمنون بماذا؟ بالله رباً وإلهاً وبمحمد رسولاً والقرآن تنزيلاً وبالإسلام شريعة وقانوناً.[ سادساً: وعده تعالى لأهل الكتاب ببسط الرزق وسعته لو أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم، أي: لو أنهم أخذوا بما في التوراة والإنجيل من دعوتهم إلى الإيمان بالنبي الأمي صلى الله عليه وسلم والدخول في الإسلام لحصل لهم ذلك كما حصل للمسلمين طيلة ثلاثة قرون وزيادة، وما زال العرض كما هو لكل الأمم والشعوب ]، ما من شعب أو أمة تريد أن يغنيها الله ويدفق عليها المال فلتؤمن حق الإيمان ولتقم القرآن، والله ما هي إلا سنيات والمال مبعثر هنا وهناك، هل فهم المسلمون هذا؟ اللهم علمنا وإياهم، متى نعلم هذا يا أبناء الإسلام؟
مقترح عملي للعودة إلى الله تعالى
نعود إلى المخطط العجيب الذي عرضناه على العلماء والحكام، ألا وهو أن نلتزم ونحن صادقون بأن نجتمع في بيوت ربنا التي بنيناها في مدننا وقرانا، في الجبال والسهول، إذا دقت الساعة السادسة يقف العمل، سواء كان مكينة أو مصنعاً أو متجراً أو مكتباً، يقف العمل وباسم الله نتوضأ ونحمل نساءنا وأطفالنا إلى بيت ربنا، نصلي المغرب كما صلينا، ونجلس هكذا: النساء وراء الستارة والرجال دونهن، ويجلس لنا عالم رباني، فليلة آية من كتاب الله نحفظها، ونتغنى بها حتى تحفظ، ونشرحها ونفهم مراد الله منها، وكلنا عزم على أن نطبق ونعمل، وليلة ثانية حديث من أحاديث الحبيب صلى الله عليه وسلم الصحيحة نحفظه ونعلم ونعمل، يوماً آية ويوماً حديثاً، في أربعين يوماً يتغير وضع تلك القرية، وفي عام واحد والله ما يبقى زانٍ ولا لوطي ولا كاذب ولا فاجر ولا خائن ولا شحيح ولا بخيل ولا مبغض ولا معادٍ أبداً، كأنهم أسرة واحدة، سنة الله لا تتبدل، الطعام يشبع والماء يروي والحديد يقطع والنار تحرق، والكتاب والحكمة يزكيان النفوس ويطهران القلوب، وإذا زكت النفوس وطهرت القلوب هل يبقى خبث أو شر أو فساد أو شح أو بخل بين المؤمنين؟ والله ليفيضن المال عليهم، المال الذي ينفق الآن بالتبذير أضعاف من هم محتاجون إليه، وفوق ذلك لو رفعنا أيدينا إلى الله على أن يزيل الجبال لأزالها، لأنه تحققت ولايتنا لله، هل هناك طريق غير هذا؟ والله لا وجود له، نبقى هكذا: من استقام نجا من عذاب الله، ومن اعوج فإلى عذاب الله، ما هناك حيلة. كتبنا كتاباً مفتوحاً إلى العلماء والحكام فما سمعنا أن عالماً واحداً قدمه إلى حاكم، ولا قال به في قرية ولا في جماعة، وضعنا (كتاب المسجد وبيت المسلم)، قلنا: يا أيها المسلمون! مادام هذا الضعف فاجتمعوا على كتاب الله في بيوت الله، في بيوتكم بعد صلاة العشاء اجتمع أنت وامرأتك وأولادك وأمك واقرءوا آية أو حديثاً، في أربعين يوماً ما يبقى تلفاز ولا رقص ولا الأغاني ولا تكالب على الشهوات أبداً، فما وجدنا استجابة، لعل اليهود سحرونا، نخشى من ذلك لأنا نأكل من طعامهم ومن زيوتهم، فلعلهم سحرونا، وإلا فكيف نصرخ ونقول: والله لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يجلس في بيته وعاهرة أمامه تمد يديها وتضحك، والله لا يجوز، الأغاني والمزامير والصور هكذا في بيوت المؤمنين فهل تبقى فيها الملائكة؟ والله لن تبقى ولن يحل إلا الشياطين محلها، ومن ثم ظهر الزنا واللواط والجرائم والموبقات، إنها صنائع اليهود، سعي اليهود بالفساد، ومددنا أعناقنا نحن، فمتى نفيق؟ أمرنا إلى الله.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #646  
قديم 26-06-2021, 03:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,603
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المائدة - (26)
الحلقة (336)
تفسير سورة المائدة (32)


الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد:
أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة واللتين بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).
وها نحن مع سورة المائدة المدنية المباركة الميمونة، ومع هذه الآيات الثلاث، وإليكم تلاوتها فتأملوا وتدبروا وتفكروا؛ لتلوح أنوارها في قلوبكم، وتنتقل إلى أسماعكم وأبصاركم وألسنتكم، وهذا نور الله عز وجل.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ )[المائدة:67]، وفي قراءة سبعية: (فما بلغت رسالاته) ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )[المائدة:67-69].
بشراكم أيها المؤمنون، فهل أنتم تتدبرون أم لا؟ وما معنى التدبر؟ أن ترجع إلى الآية من أولها وتعود إلى آخرها. اسمع ما يقول الحق عز وجل وهو يخاطب رسوله ومصطفاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ )[المائدة:67-68] قل يا رسولنا: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ )[المائدة:68] ألا وهو القرآن، ( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا )[المائدة:68]، إذاً: ( فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )[المائدة:68-69].
هذه مائدة الله عز وجل فتعالوا يا بني الناس لتطعموا وتسعدوا، فقالوا: نحن شباع ما نريد. فابقوا على ما أنتم عليه حتى النقلة إلى عالم الشقاء والخلد فيه أبداً، والعياذ بالله تعالى، لقد أعذر الله بهذا العطاء الإلهي.
هيا أشرح لكم شيئاً فشيئاً: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ )[المائدة:67]، من الذي نادى رسول الله؟ الله جل جلاله، سبحان الله! هل الله ينادي رسوله؟ أي نعم، من هذا الرسول؟ إنه الأفخم الأعظم، الرسول الكامل في الرسالة والعظمة، وهذا النداء الثاني في القرآن من نداء الله لنبيه بعنوان الرسالة: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ )[المائدة:67]، وناداه بعنوان النبوة عدة مرات: ( يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ )[الطلاق:1]، ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ )[التحريم:1] في عدة نداءات، أما بعنوان الرسالة فناداه مرتين: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ )[المائدة:67]، معناه: الرسول الأفخم الأعظم الصادق الحق، ناداه ليقول له: ( بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ )[المائدة:67].
وقد تعلمنا نحن -والحمد لله- أن الله تعالى لا ينادينا إلا ليأمرنا بما يسعدنا، أو لينهانا عما يشقينا، أو ليبشرنا بما يزيد في صالحاتنا، أو ينذرنا لنبتعد من مهلكات الحياة والمشقيات لنا، أو ليعلمنا.
إبطال كذب المفترين على رسول الله كتمان الوحي

وها هو تعالى الآن ينادي رسوله يأمره، ماذا قال له: ( بَلِّغْ )[المائدة:67]، يبلغ ماذا؟ ما الذي يبلغه؟ قال: ( بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ )[المائدة:67]، أي: هذا القرآن الكريم، وما يحمل من الشرائع والأحكام والآداب، ولا تكتم كلمة واحدة ولا جملة واحدة، ولا أمراً واحداً ولا نهياً، ( بَلِّغْ )[المائدة:67]، والسورة مدنية، والمدينة دار الهجرة ليست كدار الرسول في مكة، كان يعيش بين أعمامه، فمن يقوى على أن ينال منه؟ لكن لما جاء إلى المدينة وفيها اليهود عليهم لعائن الله، وفيها النفاق فالموقف موقف صعب، قد (حمله صلى الله عليه وسلم الخوف على أن يكتم بعض الشيء، فقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ )[المائدة:67]، فلهذا من ظن أو وسوس له الشيطان أو كان من أهل الباطل فقال: الرسول كتم شيئاً؛ فلتضربه بهذه العصا القرآنية
والله ما كتم كلمة، كيفما كانت الظروف، والهابطون قالوا: كتم ولاية علي وخلافته! فأين يذهب بعقول البشر؟ يذهب بها إلى المحطات، إلى المزابل والمراقص؛ لأن الشياطين هي التي تحتضنها وتقودها إلى الهاوية، تقول الصديقة أم المؤمنين عائشة حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان في إمكان الرسول أن يكتم شيئاً لكتم ( عَبَسَ وَتَوَلَّى )[عبس:1]، وهذا لوم وعتاب له وما كتمه: ( عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى )[عبس:1-4]، لو كان يمكن للرسول أن يكتم شيئاً لكتم قضية زيد مولاه.

معنى قوله تعالى: (والله يعصمك من الناس)

إذاً: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )[المائدة:67]، لا تبال باليهود ولا بالمنافقين ولا بالمشركين ولا بالجن ولا بالإنس، الله تولى عصمتك وحفظك.
هنا روى مسلم عن عائشة الصديقة رضي الله عنها، ورددوا جملة (رضي الله عنها) لتغيظوا المنافقين والكافرين، قالت رضي الله عنها: ( سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة فقال: ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة. قالت: فبينما كذلك سمعنا خشخشة سلاح فقال: من هذا؟ قال: سعد بن أبي وقاص. فقال له: ما جاء بك؟ فقال: وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أحرسه. فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف ونزلت هذه الآية )، فما هناك حاجة إلى أن تبيت بسلاحك، عد إلى بيتك، أعطاه الضمان مولاه أم لا؟ ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )[المائدة:67]، والله لو اجتمع البشر كلهم على أن يؤذوه ما استطاعوا بعد هذا الوعد الإلهي: ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )[المائدة:67].
والتعليل: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )[المائدة:67] أبداً لأن يؤذوك ويضروك ويقتلوك، كما لا يهديهم إلى الكمال أيضاً والإصلاح ماداموا معرضين وكافرين.

تفسير قوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل ...)


ثم قال له: ( قُلْ )[المائدة:68] يا رسولنا أيها المبلغ عنا، قل في صراحة ووضوح: ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ )[المائدة:68]، من هم أهل الكتاب؟ اليهود بنو عمنا، وكذلك النصارى.

التزكية لا تتوقف على العنصر والسلالة
وبعض الأبناء يقولون: كيف يقول الشيخ: بنو عمنا! وأقول: أليسوا أولاد إسحاق بن يعقوب؟ ألسنا أولاد إسماعيل بن إبراهيم؟ فهم بنو عمنا، ليس شرطاً إذا كانوا بنو عمنا أن يدخلوا الجنة معنا، الجنة ورضوان الله نصيب من زكت نفسه وطابت وطهرت، كن ابن من شئت، إذا زكت نفسك وطابت وطهرت بأدوات التطهير والتزكية والإيمان والتقوى فأبشر برضوان الله وجواره في دار السلام، وإن كنت من كنت، وإذا خبثت النفس وتدست وتعفنت بأوضار الشرك والمعاصي فكن أيضاً ابن من شئت وأبا من شئت فالمصير معروف، وحكم الله الذي صدر في هذه القضية محفوظ عند المؤمنين والمؤمنات من أهل هذه الحلقة فقط، ما سمعنا هذا عند الآخرين، وهو قول ربنا تعالى: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )[الشمس:9-10]، كن ابن من شئت، هل كنعان بن نوح نفعته هذه البنوة؟ ماذا قال الله لما قال نوح عليه السلام: ( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ )[هود:45-46].
إبراهيم الخليل عليه السلام في عرصات القيامة يقول: يا رب! لقد وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، وهذا أبي الأبعد في النار، فأي خزي أعظم من هذا؟ فيقول له الجبار تعالى: انظر تحت قدميك. فإذا بأبيه آزر في صورة ضبع ملطخ بالدماء والقيوح، ما إن ينظر إليه حتى تشمئز نفسه وينقبض ويقول: سحقاً سحقاً! فيؤخذ من قوائمه الأربع ويلقى في أتون الجحيم، فهل نفعه ابنه؟
وأبو القاسم سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم أول من يدخل الجنة، أول من تنشق عنه الأرض، عاد من مكة فمر بقبر أمه قريباً من الجحفة، ووقف على قبرها فبكى طويلاً، وأمه ماتت لأنها جاءت في زيارة أبيه وتوفيت في الطريق، ودفنت بالأبواء قريباً من رابغ، فبكى فسئل في ذلك، قال: ( استأذنت ربي في أن أزور أمي فأذن لي، واستأذنته في أن أستغفر لها فلم يأذن لي )؛ لأنها ماتت على الشرك والكفر، وإن شككتم فاسمعوا كلام الله من سورة التوبة من المدنيات المباركات، ماذا قال تعالى؟ ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى )[التوبة:113]، من يرد على الله؟ أعوذ بالله، طأطئ عبد الله رأسك وقل: آمنت بالله، ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا )[التوبة:113] ليس من شأنهم ( أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى )[التوبة:113] أصحاب قرابة كالأب والأم والابن وما إلى ذلك؛ لأن حكم الله أصدره حكماً ساطعاً سطوع الشمس لا يتردد فيه من يسمعه: ( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا )[الشمس:1-2]، هذه أيمان أم لا؟ هذا حلف أم لا؟ من يحلف؟ الله. لماذا؟ حتى تهدأ نفوسنا وتسكن عند الخبر وأنه ما فيه شك أبداً، هذه الأيمان من أجلنا نحن: ( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا )[الشمس:1-8] حلف على ماذا؟ ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )[الشمس:9-10] وامتهنها، من يرد على الله؟ ( أَفْلَحَ )[الشمس:9] فاز ونجا من النار ودخل الجنة، ( خَابَ )[الشمس:10]خاب وخسر خسراناً أبدياً.

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! والله الذي لا إله غيره لأن يعود أحدكم أو إحداكن بهذه الحقيقة على ما هي واضحة ويبلغها لهي أعظم أجراً من حجه، ولكن ممنوعون من أن نبلغ، ما تسمح لنا الشياطين بذلك، هذه والله لأن تسافر إلى أقصى الهند أو أقصى الغرب من أجلها فقط فما أنفقت شيئاً كبيراً في سبيل الحصول على هذه القضية، حيث أقسم الجبار جل جلاله وعظم سلطانه بأعظم أقسام وأيمان على هذه الحقيقة: أفلح من زكى نفسه وخاب من دساها.

معنى التزكية وأدواتها

يبقى السؤال: يا شيخ! ما معنى التزكية؟ معناها التطييب والتطهير لأن تكون الروح طيبة طاهرة كأرواح الملائكة. ثانياً: ما هي أدوات التزكية، أين تباع، كيف نستعملها؟
يجب أن تسألني هذا السؤال ويحرم علي ألا أجيبك، أدوات التزكية شيئان فقط: الإيمان الحق والعمل الصالح، فالإيمان الحق استعرض لأجله القرآن تشاهد المؤمنين كيف هم وكيف أحوالهم، والعمل الصالح هذه العبادات من الحج إلى الصلاة إلى الزكاة إلى الصيام إلى كل العبادات، هي أدوات تزكية على شرط أن تؤديها كما أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزيد ولا تنقص ولا تقدم ولا تؤخر.
ومدسيات النفس مادتان أيضاً: الشرك والمعاصي فقط.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #647  
قديم 26-06-2021, 03:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,603
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

ضلال أهل الكتاب بغير إقامة ما أنزل الله تعالى عليهم

إذاً: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ )[المائدة:68]، وإن ادعيتم أنكم رهبان وربانيون وقسس وأحبار وأنكم على دين موسى، والله ما أنتم بشيء، من أخبر بهذا؟ الملك جل جلاله وعظم سلطانه، الذي بيده الإشقاء والإسعاد، ( لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى )[المائدة:68] إلى أن ( تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ )[المائدة:68]، تعبدون الله بها وتؤمنون بما فيها، وتبينوها للناس كما هي، ليس بالزيادة والنقص والتبديل والتغيير، تقيموا التوراة والإنجيل أولاً، ( وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ )[المائدة:68] ثانياً، ألا وهو القرآن العظيم، فليقرأ اليهود التوراة ألف مرة في الأسبوع فما تغني شيئاً، فليتبجح المسيحي بالإنجيل ويضعه على رأسه وفي بطنه، والله إن لم يؤمن بالكتاب الأخير الخاتم القرآن العظيم ما نفعه شيئاً؛ لأن التوراة والإنجيل حرفوهما فزادوا ونقصوا منهما وبدلوا وغيروا، والله العظيم! لو آمنوا بالتوراة لا تلوح أنوار محمد حتى يجيئون يركضون من الشرق والغرب، فكيف يرسل الله رسولاً ولا تؤمنون به؟ فأنتم كافرون إذاً. ( لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ )[المائدة:68] ألا وهو القرآن.

معنى قوله تعالى: (وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً ...)
ثم قال تعالى: ( وَلَيَزِيدَنَّ )[المائدة:68] هذه اللام موطئة للقسم: وعزتنا وجلالنا ( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا )[المائدة:68]، نحن طامعون أن يؤمنوا بالقرآن، والرسول أمر بأن يبلغ وهو يبلغ، والله علام الغيوب غارز الغرائز وطابع الطباع أعلمه أن كثيراً منهم ما يزيدهم القرآن إلا كفراً وعناداً، أهل العناد والمكابرة وعدم الانصياع؛ لأن لهم أهدافاً فما تنفع فيهم الحجج ولا البراهين، ما يزدادون إلا عناداً وبعداً: ( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا )[المائدة:68]، فمن قال هذا؟ إنه خالق الغرائز وطابعها، خالق النفوس، فلا إله إلا الله! إذاً: ( فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )[المائدة:68]، لا تكرب ولا تحزن يا رسولنا على قوم كفروا عناداً ومكابرة دفاعاً عن مصالحهم وأطماعهم وشهواتهم، لا تأس عليهم أبداً ولا تأسف ولا تحزن، من قال هذا لرسولنا؟ إنه ربنا تعالى؛ رحمة به وتطييباً لخاطره وتهدئة لنفسه؛ لأنه في كرب، يقول الحق فيعرضون، يبين الدليل فيعمون، فماذا يصنع وهو مأمور: ( بَلِّغْ )[المائدة:67]، ( وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ )[المائدة:67]، ويواجه هذه الصعاب، فماذا قال له؟ ( فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )[المائدة:67]، لا تحزن عليهم، هم أهل جهنم، أهل عالم الشقاء والخسران والعياذ بالله.

تفسير قوله تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى ...)



وفي الآية الأخيرة: باب الله مفتوح، يا يهودي، يا مسيحي، يا صابئ، يا مشرك! تعالوا فربنا واحد والطريق إليه واحدة، لا فرق بين العرب والعجم ولا الأبيض ولا الأسود، ولا اليهودي ولا النصراني، الكل إذا أرادوا أن يقرعوا باب الجنة فاسمع ما يقول تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا )[المائدة:69] وهم نحن والحمد لله، آمنا بالله ولقائه أم لا؟ آمنا بالله ورسله أم لا؟ آمنا بالله وكتبه أم لا؟ آمنا بالله وقضائه وقدره أم لا؟ آمنا باليوم الآخر وما فيه أم لا؟ آمنا، فنحن المؤمنون؛ بدأ بنا لأننا القادة والسادة والفائزون والمنعمون برحمة الله. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا )[المائدة:69] من هم هؤلاء؟ اليهود، عرفوا بهذا الوصف من قديم الزمان منذ عهد موسى، ( وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى )[المائدة:69]، النصارى نسبة إلى الناصرة أو إلى نصرة عيسى، المسيحيون.


(وَالصَّابِئُونَ )[المائدة:69]، الصابئون فرقة خرجت من المسيحية وكان لها مذهب خاص، من صبا يصبو، صبئوا عن دين اليهود وعن دين النصارى وصار لهم دين ثالث خاص مبتدع، فيعرفون بالصابئين.

لطيفة في رفع (الصابئون)
والآن قد يقول القائل: لماذا ما قال: والصابئين، بل قال: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ )[المائدة:69] وهو معطوف على (إن الذين آمنوا)، فالأصل أن يقول: والصابئين، والنصارى معطوف عليه. والجواب: بينا غير ما مرة بتعليم الله عز وجل وتفقيهه أنه إذا أراد أحدكم أن يمنع السيارة إذا جروا وراءه يطلبونه فإنه يضع حجارة في الطريق، يضع حجارة توقف السيارة، فينزلون ويفكرون، فسبحان الله! الصابئون ما عرفهم العرب كثيراً ولا المسلمون، لكن لما قال: ( وَالصَّابِئُونَ )[المائدة:69] يقف القارئ: لم ما قال: والصابئين؟ حتى يتفكر في الصابئين من هم، وكيف صبئوا وكيف كذا؟ وهذه نكتة بلاغية عجيبة، فالمفروض أن يقول: والصابئين، فقال: ( وَالصَّابِئُونَ )[المائدة:69]، معطوفاً على المنصوب وهو مرفوع، على تقدير: والصابئون كذلك، فنقدر له خبراً، لكن سره: أن تفكر؛ لأن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى معلومون لكم بالضرورة، ( وَالصَّابِئُونَ )[المائدة:69]، إذاً: تقف لحظة بعقلك تفكر.


شروط استحقاق الأصناف المذكورة في الآية الكريمة للجنة
الكل يخبر تعالى عنهم فيقول: ( مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )[المائدة:69] هذا أولاً، ( وَعَمِلَ صَالِحًا )[المائدة:69] ثانياً، ( فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )[المائدة:69]، فيا بشراك يا بشرية! أبيضك كأسودك يهودك كنصرانيك الكل من آمن وعمل صالحاً، أي: زكى نفسه، أو لا؟ عدنا من حيث بدأنا: آمن وعمل صالحاً، استعمل أدوات التزكية، فزكى نفسه بالإيمان والعمل الصالح فطابت وطهرت فصار من أهل الملكوت الأعلى: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا )[الشمس:9]، هذه الآية تزن الدنيا بما فيها، أين الفلاسفة وأين الحكماء من اليهود والنصارى والصابئة والمؤمنين؟ يقول تعالى: ( مَنْ آمَنَ )[المائدة:69] بماذا آمن؟ بالبلشفية، بالاشتراكية، بالقومية، بالديمقراطية؟ ( مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ )[المائدة:69] أي: رباً لا رب غيره، إلهاً لا إله سواه، لا معبود غيره، وآمن بكل ما أمره أن يؤمن به من الغيب والشهادة وعمل صالحاً، أي: عبد الله بهذه العبادات من الوضوء إلى الغسل إلى الصلاة إلى الصيام إلى الرباط إلى الجهاد إلى الحج إلى العمرة، هذه العبادات هي والله أدوات التزكية كالماء والصابون للثياب والأبدان، على شرط أن تخلص فيها لله لا تلتفت إلى غير الله، وأن تؤديها كما بينها رسول الله، ما تمسح رأسك قبل أن تغسل وجهك، ولا تغسل رجليك قبل أن تغسل يديك، ولا أن تقف بعرفة قبل أن تطوف، كما أداها الرسول وبينها، هذه هي الأعمال الصالحة المزكية للنفس والمطهرة لها.

ولو كنا طول العام نجتمع في بيوت ربنا بنسائنا وأطفالنا هكذا نتلو كتاب الله ونتدارسه فكيف تكون حالنا؟ سنصبح كلنا أولياء لله، وإذا أصبحنا أولياء الله فمن يقدر على أذانا؟ أما قال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )[المائدة:67]، هل يهديهم لإذلالنا وتعذيبنا؟ والله ما كان، لكن انقلوا هذه الفكرة فقولوا للعلماء عندكم والحكام: هيا نجتمع في بيت الرب ونتعلم الكتاب والحكمة النبوية المحمدية حتى ينتفي الفقر بيننا والخيانة والغش والحسد والكبر والزنا والجرائم والسب والشتم والتكفير، ونكون أمة واحدة كما أراد الله، ما بيننا مذاهب ولا طرق ولا اختلافات، أهل القرية في قريتهم يجتمعون لعبادة ربهم ويخرجون إلى جلب عيشهم في مزرعة أو مصنع وكلهم شباع بإيمانهم، وكلهم في غنى كامل، لا تكلف للشهوات ولا الأطماع ولا المادة، نصبح كالملائكة كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ملخص لما جاء في تفسير الآيات



فاسمعوا الآيات التي تدارسناها: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ )[المائدة:67]، يا خلفاء رسول الله، يا علماء الكتاب والسنة! بلغوا كما أمر رسولكم أن يبلغ، وإن لم تفعلوا فما بلغتم رسالته، ألسنا خلفاء رسول الله يجب أن نبلغ كما بلغ؟ هل يجوز أن نكتم ونقول في الحرام: حلال وفي الحلال: حرام لمصلحة؟ لا يصح أبداً، ( بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )[المائدة:67]، ونحن إن عصمنا الله ففي صالحنا، وإن سلط علينا مشركاً منافقاً كافراً فليرفعنا إلى الدرجات العلى، أما قتل عمر في محرابه؟ أما قتل عثمان في بيته، أما قتل علي رضي الله عنه في باب مسجده؟ ليعلي درجاتهم ويعلي مقاماتهم، أما الرسول فمعصوم لأنه وحيد، ما هناك رسول ثان يبلغ عنه.ثانياً: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ )[المائدة:68] قولوها صراحة لليهود والنصارى والبوذيين والمشركين والصابئة: ( لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ )[المائدة:68] وتدرسونها وتطبقون ما فيها، ومن ثم تجدون الإيمان بمحمد ودخول الإسلام ضرورة من ضروريات حياتكم، ( حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ )[المائدة:68] القرآن ما نزل على العرب فقط أو على المسلمين، هو للبشرية كلها، ولأن الرب واحد والبشرية عبيده.


(وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا )[المائدة:68]، من هؤلاء؟ أصحاب المادة، أصحاب الشهوات والأطماع، والرئاسة، الذين يستغلون الشعوب ليعبدوهم، هؤلاء ما يقبلون الحق فيزيدهم هذا طغياناً وكفراً وعناداً، سنة الله قائمة إلى الآن.

وأخيراً: هذه بشرى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ )[المائدة:69] لا في الدنيا ولا في البرزخ ولا يوم القيامة، ( وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )[المائدة:69] في الحيوات الثلاث أيضاً، فالمؤمن الصادق ولي الله لا يحزن، يدفن ابنه وهو يبتسم، يجوع ويتألم بالجوع وهو يبتسم، لا حزن ولا خوف؛ لأن الله مولاهم.

أركان الحج

بعث إلي أحد المستمعين بكلمة يقول: لم تقول: أركان الحج أربعة وتنسى مزدلفة؟
أركان الحج: الإحرام: لبيك اللهم لبيك حجاً، هذه هي النية لا رياء فيه ولا سمعة، لبيك اللهم لبيك عمرة لا رياء فيها ولا سمعة، هذه النية، لبيك اللهم لبيك حجاً وعمرة، هذه هي النية.
ثانياً: عرفة ركن، ومزدلفة ما هي بركن، ووجد من الهابطين من يقول: هي ركن، لكن لا نأخذ نحن الأقوال الشاذة ونقدمها لأمة الإسلام لنزيد في محنتها، نحن في بيت الله، في مسجد رسول الله من نيف وأربعين سنة لا نتمذهب ولا ننقد مذهباً، ولا نطعن في أحد، ونبين للمسلمين ما هو الحق الوارد من النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب الله.
فمزدلفة المبيت فيها واجب، وعند العجز يرفع هذا الوجوب، ويكفيك أن تذكر الله فيها بأن تقيم صلاة المغرب والعشاء، وتبكي طويلاً بين يدي الله وتدعو، فإذا كنت مضطراً للرحيل لأطفال أو نساء فالرسول أذن للعباس بذلك، وقد أديت قول الله: ( فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ )[البقرة:198]، ألا وهو مزدلفة.

والسعي ركن، والسعي لا يسقط بذبح شاة، السعي ركن نص الله عليه في كتابه: ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ )[البقرة:158]، فمن قال: أنا لا أريد أن أتعب فسنذبح شاة، قلنا: والله لو ذبحت مليون شاة ما قبلت، أو قلت: عندنا البقر فسنذبح بقرة، فما أنت بمؤمن.

والرسول يقول: أبدأ بما بدأ الله به، بعدما فرغ من الطواف وصلى خلف المقام ركعتين قال: ( أبدأ بما بدأ الله به. وتلا هذه الآية: ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ )[البقرة:158] ).

نقول: الأركان الأخرى ممكن أن تقضيها، لكن ركن عرفة إذا فات فات، إذا ما دخلت عرفة بعد الزوال وبقيت إلى الليل ولو ساعة فحجك باطل وعليك أن تعيده، أما السعي والطواف فتأتي وتحرم بعمرة وتسعى أو تطوف وتذبح شاة.
نرجو أن يكون هذا الابن الصالح الذي انتقد هذا الانتقاد قد حضر الآن وفهم، أقول له: مزدلفة واجب النزول بها والمبيت فيها، والصلاة فيها والذكر والدعاء؛ لأن الله قال: ( فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ )[البقرة:198]، ويستحب فيها عدم قيام الليل، يستحب فيها بعد صلاة المغرب والعشاء أن تستريحوا وتأكلوا وتشربوا الحلال إن وجدتم؛ لأنكم في ضيافة الرحمن، حبسكم يوماً كاملاً وأنتم قيام تذكرون أو تدعون، رفقة بكم، رحمة بنا والحمد لله، قال: بيتوا في مزدلفة على عشرة كيلو متر من عرفات، هذا من ألطاف الله ورحمته، ما قال: امشوا رأساً عشرين كيلو إلى مكة أو إلى منى.

ثم إذا صلينا الصبح دعونا الله ووقفنا، وقبل طلوع الشمس يجب أن ننفر إلى منى لنرمي جمرة العقبة لنخزي عدو الله إبليس، فإنه في كرب وهم، فإذا رمينا الجمرة تحللنا، احلق والبس لباسك وتطيب إلا امرأتك لا تقربها حتى تطوف طواف الإفاضة، فإن قدر الله وفعلت فيا ويحك، ائت بعمرة وطف طواف الإفاضة واذبح بقرة أو بعيراً، فإن لم تجد شيئاً فشاة من الضأن.

تحذير من التصوير والتدخين


والذين يشربون الدخان في المشاعر كالذين يصورون في المشاعر، واسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون )، فلا تحمل كاميرا ولا تصور أبداً، وإذا وجدت واحداً يصور فقل له: اتق الله يا عبد الله، أبطل هذه، انزعها من يدك، أنت واقف في عرفة وأنت تصور؟ تعصي رسول الله وتخرج عن طاعته؟ أما التدخين فنحن لا ندخن في عرفة ولا في باريس، لا يحل لعبد يذكر الله ويجري اسم الله على فمه، في كل لحظة: السلام عليكم، فيقول: وعليكم السلام ورحمة الله، أراد أن يقف فيقول: باسم الله، هذا الذي يذكر الله كيف يخبث فمه ويلطخه بالروائح الكريهة، والرسول شرع السواك لأمته، وقال: ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ) تطييباً لأفواههم من أجل أن يذكروا الله، وقال: ( من أراد أن يبصق فلا يبصق عن يمينه؛ فإن عن يمينه ملكاً )، فكيف تنفخ الروائح الكريهة في وجه ملكين يظلان معك ويبيتان معك؛ حماية لك من جهة وتسهيلاً لأعمالك.
اسمعوا: لا يحل لمؤمن أن يدخن، أما الكافر الفاسق خبيث النفس فهذا يفعل ما يشاء من التدخين، أما من يقول: باسم الله، والحمد لله، ويذكر الله فكيف يلوث فمه؟

في غزوة من الغزوات أكلوا الثوم والبصل للجوع، لما وصلوا إلى المدينة بلغهم رسول الله هذا الإعلان: ( ألا من أكل ثوماً أو بصلاً فلا يقربن مساجدنا )، لم يا رسول الله؟ علل وأنت الحكيم؟ قال: ( فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم )، أبعد هذا ندخن؟
والذي هبط بنا أن العلماء ماتوا وانقرضوا، ووجدنا في عصر ليس فيه من يعلم، فحصل هذا، وإلا فكيف ندخن؟ قف يا مدخن، أسألك بالله: كم ريالاً تستفيده في اليوم من دخانك؟ كم تزيد قوتك العقلية والبدنية؟ والله لا شيء، بل تهبط، ما هي النتائج إلا أن تغضب الله بأذية ملائكته وتقع في موقع الكفر أو تكاد، تخبث فماً يجب أن تطهره، تخبثه أنت بالرائحة الكريهة الخبيثة، لا لوم يا أبناء الإسلام؛ مات العلم وانقطع العلماء، وعشنا جهالاً في المقاهي والملاهي، فلهذا أروني واحداً جلس معنا سنة في هذه الحلقة يدخن، ما هو بموجود.
والله تعالى أسأل أن يتوب علينا وعليهم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #648  
قديم 26-06-2021, 03:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,603
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المائدة - (27)
الحلقة (337)
تفسير سورة المائدة (33)



ما أكثر ما أرسل الله عز وجل إلى بني إسرائيل من الرسل، ولكنهم قوم بهت ظالمون فاسقون، فإن جاءهم نبي بما لا تهوى أنفسهم كذبوه وآذوه، وربما قتلوه، وحسبوا أن الله عز وجل لن يحاسبهم ولن يؤاخذهم فعموا وصموا، فابتلاهم الله ثم تاب عليهم، ثم عموا وصموا أكثر من ذي قبل فسلط الله عليهم من يسومهم سوء العذاب، جزاء تكذيبهم وإعراضهم.

قراءة في تفسير قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ...) وما بعدها من كتاب أيسر التفاسير

هداية الآيات
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد:
أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والتي بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ). حقق اللهم لنا هذا الفضل إنك ذو الفضل العظيم.
وها نحن مازلنا مع سورة المائدة المباركة الميمونة، وها نحن مع هذه الآيات الثلاث، وقبل الشروع فيها وتلاوتها ودراستها أعود بالمستمعين الكرام والمستمعات الصالحات إلى الآيات الثلاث التي درسناها بالأمس؛ تذكيراً للناس وتعليماً لغير العالمين، فإليكم تلاوتها ثم نضع أيديكم على هداياتها التي ينبغي أن نظفر بها ونفوز.
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )[المائدة:67-69].
هذه الآيات درسناها وفهمنا مراد الله منها -والحمد لله- في ليلتنا الماضية، فهيا نضع أيدينا على هداية هذه الآيات.
قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:
[ هداية الآيات:
من هداية الآيات:
أولاً: وجوب البلاغ على الرسول صلى الله عليه وسلم، ونهوض رسولنا محمد بهذا الواجب على أكمل وجه وأتمه ].
هدتنا الآية إلى وجوب البلاغ على رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ )[المائدة:67].
[ ثانياً: عصمة الرسول المطلقة ]، أما وعده الله بقوله: ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )[المائدة:67]، أما قال للحارس: عد إلى بيتك كفاك الله هذه المهمة، فالله يعصمني؟ وعصمه الله، فما استطاع منافق ولا يهودي أن يغتاله أو يحتال عليه، بل كان يأتي الرجل والسلاح تحته ليغتال الرسول ويكشف الله حاله ويعلم رسول الله بحاله، ويرمي بالسلاح ويدخل في الإسلام.
[ ثالثاً: كفر أهل الكتاب إلا من آمن منهم بالنبي صلى الله عليه وسلم واتبع ما جاء به من الدين الحق ]، لقوله تعالى: ( لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى )[المائدة:68]، واضح الدلالة.
[ رابعاً: أهل العناد والمكابرة لا تزيدهم الأدلة والبراهين إلا عتواً ونفوراً وطغياناً وكفراً ]، دلت الآية عليه: ( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا )[المائدة:68].
[ خامساً: العبرة بالإِيمان والعمل الصالح وترك الشرك والمعاصي لا بالانتساب إلى دين من الأديان ]
دلنا على هذا قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )[المائدة:69].

تفسير قوله تعالى: (لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلاً...)

والآن مع هذه الآيات التي نتدارسها إن شاء الله في هذه الساعة المباركة.قوله تعالى: ( لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ )[المائدة:70]، من القائل: ( لَقَدْ أَخَذْنَا )[المائدة:70]؟ الله جل جلاله، هو الذي أخذ ميثاق بني إسرائيل على عهد موسى والأنبياء، والميثاق: العهد المؤكد بالأيمان، كأنه وثاق يحبس صاحبه ولا يستطيع أن يخرج عنه، وبنو إسرائيل هم اليهود أولاد يعقوب عليه السلام.
إذاً: يقول تعالى مخبراً محققاً هذه الحقيقة: ( لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا )[المائدة:70] عظاماً أجلاء كثيرين، من موسى وهارون إلى يحيى وزكريا وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم.
(كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ )[المائدة:70]، أخبر تعالى بواقع اليهود، ( كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُهُمْ )[المائدة:70] وتشتهي وتحب وترغب، ( فَرِيقًا كَذَّبُوا )[المائدة:70] الرسل، ( وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ )[المائدة:70]، أو أن فريقاً كذبوهم من الرسل وفريقاً قتلوهم، هذا الواقع الذي لن يستطيع أحد أن ينكره، أما قتلوا زكريا ويحيى؟ أما أرادوا قتل عيسى إلا أن الله رفعه؟ أما صلبوا وقتلوا من شبه به؟ أما تآمروا على نبينا صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة لقتله؟ هذا شأنهم.
فاسمع ما يقول العليم الحكيم عنهم: ( كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُهُمْ )[المائدة:70]، أما بما يشتهونه ويحبونه فيرحبون ويؤهلون ويعملون، لكن إذا جاء بأشياء لا تتفق وشهواتهم ولا تتلاءم مع أطماعهم وأهوائهم فماذا يفعلون؟ إما أن يكذبوا أو يقتلوا، منهم من يكذبونهم، ومنهم من يقتلونهم.
فالرسول يجيء بما لا تهوى الأنفس ويجيء بما تهوى، يأمر بالعدل والصلة والرحم والحق، كلما جاءهم رسول بالذي لا تهوى أنفسهم وقفوا ضده وحاربوه، منهم من قتلوا ومنهم من كذبوا، أما إذا جاءهم بما فيه رغبة لهم فيرحبون ويؤهلون.

تفسير قوله تعالى: (وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ...)

قال تعالى: ( وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ )[المائدة:71]، ما معنى هذا؟ ( وَحَسِبُوا )[المائدة:71]، من هم؟ اليهود. والحسبان: الظن، ظنوا أن لا تكون فتنة، يغنون ويزغردون ويلبسون الكعب العالي، يصفقون ويأكلون الربا ويفعلون ما شاءوا ويظنون أن لا تنزل بهم محنة ولا مصيبة.
ومع الأسف الآن المسلمون يحملون هذا الظن، عطلنا شرائع الله، فعلنا كل ما يكره الله، وما نحن بخائفين أبداً أن تنزل محنة بنا، لا وباء ولا تيفود ولا الخسف ولا الصواعق ولا تسليط الكافرين، وهو موقف بني إسرائيل، فحال المسلمين اليوم وقبل اليوم ومنذ مئات السنين هل هي حال مرضية لله عز وجل؟ هل أقاموا دين الله؟ هل أقاموا كتابه؟ الجواب: لا، إلا القليل، إلا من رحم الله.
هل هناك من هو خائف يبكي أن تنزل بالمسلمين صاعقة أو تنزل بهم محنة لا يستطيعونها؟ لا واحد في الألف ولا في المائة ألف، فلا إله إلا الله! القرآن كتاب هداية إلى يوم القيامة، فلم لا نعتبر؟
اسمع ما يقول تعالى: ( وَحَسِبُوا )[المائدة:71] ظنوا ( أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ )[المائدة:71]، فمن ثم عموا فلم يروا العبر والعظات، وصموا فلم يسمعوا الوعظ ولا التوجيه ولا الإرشاد، إذاً: فنزلت المحنة بهم، ونبتدئ من يوشع بن نون ، فلما خرج موسى ببني إسرائيل في ستمائة ألف من مصر حدثت أحداث عظيمة مسجلة عندنا مفهومة في كتاب الله، حسبنا أنهم قالوا لموسى: ( فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ )[المائدة:24]، فأبوا أن يمشوا معه إلى فلسطين؛ لمحاربة الكفرة المشركين بها من العمالقة، ومات موسى وهارون عليهما السلام في زمن التيه، ومضت أربعون سنة وهم في تلك الصحراء، ولولا لطف الله بهم وإحسانه إليهم لهلكوا عن آخرهم، ولكن الله كريم رحيم.

ثم هلك الجيل الهابط ونشأ جيل في الصحراء فقادهم يوشع بن نون وانتصر بإذن الله ومزق شمل الكافرين، وأقام دولة الإيمان والإسلام في فلسطين، فمضت سنون ثم انتكسوا بالأغاني والمزامير والشهوات والأطماع والربا، كما هو سلوك البشر.
إذاً: فسلط الله عليهم البابليين، فأدبوهم، مزقوهم، شتتوهم، أخرجوهم من فلسطين، وعاشوا متفرقين هنا وهناك، ثم -كما أخبرنا تعالى- جاءوا إلى أحد أنبيائهم يطلبون أن يولي عليهم ملكاً وأن يقاتلوا في سبيل الله، واستجاب الله وملك عليهم وقادهم طالوت، وخاض المعارك مع العدو ونصره الله مع الفئة المؤمنة، وتكونت دولة بني إسرائيل من جديد على عهد داود وسليمان، فكانت قد سيطرت على العالم في ذلك الزمان، امتد سلطان سليمان من الشرق إلى الغرب، ( ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا )[المائدة:71]، وانغمسوا في الشهوات واللذائذ والمادة.
وأبو القاسم نبينا صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن الكعب العالي أول ما ظهر في بني إسرائيل، والكعب العالي تلبسه المرأة وتصبح تتمايل في الشارع، تجذب النفوس والقلوب إليها، إذاً: ما هي إلا فترة من الزمان وحسبوا أن لا تكون فتنة فعموا عن العظات والعبر، وصموا ولم يسمعوا دعوة الدعاة والهداة منهم، فنزلت بهم المحنة، سلط الله عليهم الرومانيين، فمزقوهم وشتتوهم وفعلوا بهم الأعاجيب، وإلى الآن هم مشتتون مشردون، فقولوا آمنا بالله.
ومن ثم هربوا إلى العرب؛ لأنهم أميون وهم علماء فيسودون بينهم، وفروا من الرومان وقتلهم لهم وتشريدهم، فهذا معنى قول ربنا: ( وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ )[المائدة:71].
تحذير المسلمين من مسلك بني إسرائيل في الشهوات

ونحن -أيها المسلمون يا أهل القرآن- لما عمي آباؤنا وأجدادنا وصموا سلط الله علينا بريطانيا، فأين ممالك الهند؟ وسلط علينا فرنسا، فأين شمال أفريقيا؟ لأننا عمينا وصممنا.والآن استقللنا وتحررنا، فالزمام بأيدينا، فهل أقمنا الصلاة؟ كلما استقل إقليم من إندونيسيا إلى موريتانيا ما هناك حاكم أجبر الأمة على إقامة الصلاة من مدنيين أو عسكريين، والله ما كان، هل جبيت الزكاة فريضة الإسلام وقاعدته؟ بل استبدلت بالضرائب الفادحة الهالكة، وما طلبوا الزكاة ولا طالبوا بها، فماذا نقول؟
إذاً: والله إننا لتحت النظارة كحال بني عمنا، ( وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ )[المائدة:71]، ظنوا أنه ما هناك أبداً ما يقع، ( فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا )[المائدة:71].
ونحن استقللنا وحكمنا، فلم لا نقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر؟ لم لا نبايع خليفة فينا ونصبح كلنا أمة واحدة؟ لم لا نجتمع في بيوت ربنا ونتعلم الكتاب والحكمة فنطهر ونصفو ونكمل ونعرف الطريق إلى الله؟ نحن مصرون على الأهواء والأطماع والشهوات كبني عمنا، بل نحن أكثر، ونحن ننتظر حكم الله عز وجل.
وهل نحن أفضل من بني إسرائيل؟ لا أبداً، أولاد الأنبياء هم بنو إسرائيل، لكن لما أعرضوا أعرض الله عنهم، لما أغضبوا الله عز وجل سلط عليهم ما شاء أن يسلط، وها هم مشردون في الآفاق يطمعون في إعادة مملكة بني إسرائيل ولن يتحقق مرادهم، فقط حين يظهر الإسلام من جديد ويتوب المسلمون في أربع وعشرين ساعة لا يبقى أمل لليهود ولا مطمع.
وإليكم البيان النبوي الصحيح: يقول صلى الله عليه وسلم: ( لتقاتلن اليهود )، يا رسول الله! من هؤلاء اليهود الذين نقاتلهم؟ حفنة مشردون نقاتلهم؟! ودولتنا وخلافتنا سيطرت على أكثر من نصف العالم، فكيف نقاتلهم؟ ما استطاع أحد أن يقول، ولكن أخبر أبو القاسم: ( لتقاتلن اليهود ثم لتسلطن عليهم )، من يسلطنا عليهم؟ الله يسلطنا عليهم بالأسباب التي يريد، وكثيراً ما أقول: لو رجعنا إلى الطريق ومشينا أياماً فقط -لا أعواماً- واستقمنا؛ فإن الله يسلطنا الله على اليهود، كأن تظهر فعلة يهودية كبيرة في أمريكا، كما لو أراد اليهود أن يفجروا كل عمارة في أمريكا، فيصدر أمر بقتل اليهود كما فعل هتلر في الزمن الماضي، أما شردهم وقتلهم؟ قتل أكثر من ثلاثين ألفاً من اليهود في ألمانيا، فنحن لما نقبل على الله ويقبلنا لا تسأل عن الأسباب التي يوجدها الله عز وجل؛ لأن كلمة (لتسلطن) دالة على هذا المعنى، تتخلى عنهم بريطانيا والعالم الأوروبي وأمريكا، فإذا تخلوا عنهم فإن نساءنا وأطفالنا سيخرجونهم ويقتلونهم.
إذاً: السر ما زال في قوله: ( فلتسلطن عليهم فتقتلونهم، حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم! هذا يهودي ورائي فاقتله )، هل يقول: يا عربي؟ إنما يقول: يا مسلم، وهل الشجر يكذب؟ ينطقه الجبار، آية من آياته، هل الحجر يكذب فيقول لغير المسلم: يا مسلم؟
الشاهد عندنا: أن الشجر والحجر ما يكذب فيقول لعلماني، اشتراكي، خرافي، ضال، مشرك: يا مسلم، هل يكذب الشجر والحجر؟ والله ما كان، ومعنى هذا: أنه يسلطنا الله عليهم لأننا أسلمنا أولاً، أقمنا دين الله ورفعنا راية لا إله إلا الله، فأصبحنا أولياء الله، ثم يسلطنا الله عليهم فنقتلهم ( حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم! هذا يهودي ورائي فاقتله. إلا شجر الغرقد فإنه شجر اليهود ).
وبقيع الغرقد هذا كان ينبت فيه الغرقد، وينبت في الغابة أيضاً، هذا الشجر إذا اختبأ يهودي وراءه فما يخبر عنه؛ لأنهم يقدسون هذا الشجر إلى الآن ويحتفون به احتفاء عجباً أكثر من الزيتون والبرتقال، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والشاهد عندنا: أنه يقول الشجر والحجر: يا مسلم، ولو لم يكن ذلك العبد قد أسلم قلبه لله ووجهه، وأصبح يعبد الله ويؤلهه ويقدسه ولا يعرف سوى الله عز وجل؛ فلن يقول له الشجر: يا مسلم وقد أسلم قلبه للشهوات والأطماع والدنيا الفاسدة.
قال تعالى: ( وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ )[المائدة:71]، أي: امتحان واختبار، بالوباء بالخسف بتسليط عدو؛ إذ هو هذا الفتنة، ( فَعَمُوا )[المائدة:71] عن العظات ما استطاعوا يبصرون، والله! إنه تحدث أحداث في العالم العربي ما يعتبرون بها أبداً، آمنون, ما هناك من صاح يبكي: يا قومنا! عجلوا بالتوبة قبل أن تنزل الفتنة بنا، هل سمعتم بهذا؟ ما هناك أحد، بل آمنون، فلا إله إلا الله!
(فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ )[المائدة:71] على عهد داود وسليمان، ( ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا ([المائدة:71]، إذاً: سلط الله عليهم الرومان، وهم إلى الآن أذلة مشردون.
قال تعالى ( وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ )[المائدة:71]، لعلمه المحيط بكل ذرات الكون، فمن عبد عرفه ومن عصا عرفه, من شكر عرفه ومن كفر عرفه.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #649  
قديم 26-06-2021, 03:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,603
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تفسير قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ...)

ثم قال تعالى في الآية الأخيرة من الثلاث الآيات: ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ )[المائدة:72]، الآيات في أهل الكتاب، الآيات الأولى كانت مع اليهود، والآن مع النصارى، فهذا الخبر خبر من؟ هل خبر عالم من علماء المسلمين؟ من قال هذا؟ إنه الله عز وجل. ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ )[المائدة:72]، المسيح: هو عيسى عليه السلام، ولقب بالمسيح لأنه يمسح على الأعمى فيعود إليه بصره، وعلى الأبرص فيطيب جلده، هذا المسيح هو عيسى بن مريم، واليعقوبيون -فرقة من فرق النصارى تعرف باليعقوبية- قالوا: اتحد عيسى الابن مع ربه، فأصبح عيسى هو الإله، هو الله، والاتحاد معروف، كأن تأخذ خشبتين فتدخل واحدة في واحدة، قالوا: دخل عيسى في الله، فأصبح عيسى هو الله!
ولا تعجب، أيخبر الله بغير الواقع؟ هؤلاء اليعقوبية وغيرهم من أصحاب الأقانيم الثلاثة: الأب والابن وروح القدس، الأب: هو الله. والابن: عيسى ولده. وروح القدس: هو جبريل، الثلاثة يكونون الله أو الإله، وسيأتي: ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ )[المائدة:73].
وكما علمنا أن النصارى افترقوا إلى اثنتين وسبعين فرقة، واليهود إلى إحدى وسبعين فرقة، ولن يستطيع من تحت السماء أن يرد على الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: ( وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة )، والله لقد افترقت إليها وتم العدد بكامله!
اسمع ما يقول تعالى، بعدما بين حال اليهود عاد إلى النصارى وهم أهل الكتاب فقال: ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ )[المائدة:72]، تعرفون من مريم هذه؟ سموا بناتكم مريم، مريم معناها: خادمة الله باللغة العبرية؛ لأن والدتها حنة عليها السلام لما نذرت لله ما في بطنها، واستجاب الله لها، ورزقها الطفلة سمتها: مريم بمعنى: خادمة الله. وبالفعل ما خدمت أمها أبداً، تركتها في المسجد تعبد الله؛ لأنها نذيرة لله عز وجل، هذه مريم البتول أنجبت عيسى، فسمي: عيسى ابن مريم؛ إذ لا أب له، وإنما كان بكلمة التكوين، قال الله: كن فكان، في ربع ساعة والمخاض يهزها وهي تحت الشجرة أو النخلة تتألم للوضع.
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ )[المائدة:72]، والذي يشك في كفرهم كافر، فالله يقول: ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ )[المائدة:72]، فالذي لا يقول هذا ولا يكفرهم كفر أحب أم سخط.

معنى قوله تعالى: (وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم)

ثم قال تعالى: ( وَقَالَ الْمَسِيحُ )[المائدة:72]، هم قالوا: المسيح هو الله، فالمسيح ماذا قال؟ قال في حفل عظيم، في حشد كبير هذه الكلمة المسجلة، من سجلها؟ الله جل جلاله، سجلها بالحرف الواحد، في ذلك الحفل قال: ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ )[المائدة:72]، يا أولاد يعقوب الملقب بإسرائيل! ( اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ )[المائدة:72]، هل قال: اعبدوني؟ ( اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي )[المائدة:72]، أي: خالقي ومالكي وإلهي الذي أعبده، وهو ربكم أيضاً، أي: خالقكم ورازقكم ومدبر أمركم وهو إلهكم الحق، ( اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ )[المائدة:72].
معنى قوله تعالى: (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة)

ثم علل وهو الحكيم يتلقى معارفه عن الله، فقال: ( إِنَّهُ )[المائدة:72]، أي: الحال والشأن ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ )[المائدة:72]، من يشرك بالله إلهاً آخر يعبده معه بأي نوع من أنواع العبادة فقد حرم الله عليه الجنة تحريماً أبدياً ممنوعاً منها لا يدخلها أبداً، ( وَمَأْوَاهُ النَّارُ )[المائدة:72]، إذا حرم عليه الجنة فأين يذهب؟ ما هناك إلا عالمان علوي وسفلي، عالم السعادة علوي، وعالم الشقاء سفلي، ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )[الذاريات:49]، موت وحياة، صحة ومرض، غنى وفقر، عز وذل، إذاً: نعيم وشقاء، علوي وسفلي، فأين يذهبون إذا حرموا من الجنة؟ إلى جهنم إلى عالم الشقاء.
صور شركية في حياة المسلمين
والمسلمون يقرءون سورة المائدة ويعرفون عن عيسى ما قال، ويرضون بالشرك الأكبر، فلا إله إلا الله! أسألكم بالله: أليس بين المسلمين من يقول: هذه شاة سيدي عبد القادر . هذه نخلة مولاي فلان. هذه كذا.. يتقربون إلى الأموات، آلله أمرهم بذلك؟ الجواب: لا، وإنما الشيطان زين لهم عبادة هذه القبور فأصبحوا ينذرون لها النذور ويعكفون حولها، والله بعيني هاتين رأيت في بلاد المسلمين الرجال والنساء عاكفين حول القبور والأضرحة، يستمدون منهم الخير، ويستعيذون بهم من الشر.وأزيدكم علماً: الرجل منا المسبحة في يده: لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله، وحين تأخذه سنة النوم والنعاس فتسقط المسبحة يقول: يا رسول الله أو يا سيدي عبد القادر ! أين ذلك الذكر؟ أما كان يقول: لا معبود إلا الله، لا معبود إلا الله، لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله؟ لما سقطت المسبحة من يده بالنعاس ما قال: يا رب، بل: يا سيدي فلان.
وأزيدكم: كنت راكباً إلى جنب أخينا يقود بنا السيارة خارج ديارنا هذه، ما إن خرجت السيارة عن الخط حتى قال: يا رسول الله.. يا رسول الله.. يا رسول الله!
يا عبد الله! لو مت لهلكت، وهل تشكون في هذا؟ الذي يشك في أن مدرساً في المسجد النبوي يكذب يجب أن يعود إلى دياره، أعوذ بالله! هذا مثال، والله! إن المرأة يهزها الطلق وهي تكاد تضع فتمسك بحبل في العمود، وتقول: يا الله، يا سيدي فلان، يا الله، يا رسول الله! ما هو بإله واحد، فما سبب هذا؟ سببه الجهل؛ لأن القرآن نقرؤه على الموتى من إندونيسيا إلى موريتانيا، مضت قرون لا يجتمع المسلمون اجتماعنا هذا على تلاوة كتاب الله ولا دراسته وهم عوام ورجال ونساء ليتعلموا الهدى ويعبدوا الله على الحق، وإنما يجتمعون على القرآن على الميت، في حلقة كبيرة فيها الشاي أو الأرز، بعد ذلك نقرأ على الميت حتى يدخل الجنة، ولا نفكر في معنى آية أبداً، بل إذا قلت: قال الله قيل: اسكت، القرآن تفسيره خطأ وخطؤه كفر، لا تقل: قال الله، قل: قال سيدي فلان أو قال الشيخ الفلاني، هكذا فعلوا بنا خمسمائة سنة، فكيف نعرف؟ من أين تأتي المعرفة؟
تمر ببلاد -باستثناء هذه الديار طهرها الله على يد عبد العزيز تغمده الله برحمته- بلادنا الأخرى ما تمر فيها بجبل إلا وقبة عليه، أنا مع أمي أو مع عمتي طفل، فتمر فتقول: يا سيدي فلان! إذا نصر الله أخي في المحكمة فسنفعل لك كذا وكذا! وثنية عامة، وإلى الآن ما زلنا.
هذه الآية ما سمعنا بها، اسمع عيسى يخطب في بني إسرائيل: ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ )[المائدة:72]، لم؟ ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ )[المائدة:72]، وإن قلت: هذا تفسيرك أنت يا وهابي، قلت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى صحابياً، والأصحاب ما تعلموا ولا درسوا مثلنا، هذا آمن منذ عام، وهذا أسلم اليوم، أميون، ( رأى في يده حلقة من نحاس )، حلقة من صفر يعملها الناس في أعناقهم عندنا وفي أيديهم وأرجلهم، ( فقال: ما هذه يا عبد الله؟ قال: من الواهنة يا رسول الله -أصاب بالوهن في يدي، فإذا جعلت هذه تنشط يدي- فقال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً، ولو مت وهي عليك ما دخلت الجنة )، لأن القلب الذي يتعلق بالحديدة انتهى صاحبه، فماذا نقول؟

طريق النجاة من المصائب والنقم
وقد ذكرتكم بأننا تحت النظارة، لا تفهموا أننا استقللنا وسدنا وحكمنا، وأصبحت لنا مصانع ونطير في السماء، والله! إنه لكما قال تعالى: ( فَعَمُوا وَصَمُّوا )[المائدة:71]، إما أن نلجأ إلى الله في صدق، ونعود على الفور، وإما أن تنزل بنا محن وآلام ومصائب ما عرفها آباؤنا، وهل هناك ضمانة عندنا؟ فحالنا كحال بني إسرائيل، فهيا نتوب إلى الله. وهناك طريق واضح ومسلك نعم المسلك، والله ما يكلفنا ديناراً ولا درهماً ولا قطرة دم ولا ألماً ولا شقاء أبداً، وما هي إلا سنة واحدة وكلنا أولياء لله أفضل من عبد القادر ، ولكننا لسنا مستعدين لأن نعبد الله. وباسم الله أقول والله يعلم، وقد قررنا هذا وكتبناه في كتاب سميناه: (كتاب مفتوح إلى علماء الأمة وحكامها)، ووزع وقرأه العلماء ووضع تحت الكتب كأن شيئاً ما كان، بل بعثنا به إلى خادم الحرمين أيده الله وأطال عمره، فبعث به إلى الرابطة ليترجم ويطبع فدسته الرابطة تحت الكتب وما بلغنا شيء، فما هذا؟!
أقول: إن أردنا أن نعود إلى سبيل النجاة وساحة والأمن والطهر والصفاء فلنأخذ أنفسنا على أننا إذا دقت الساعة السادسة مساءً وفي ديارنا كلها في العرب والعجم نوقف العمل، أغلق مقهاك يا صاحب المقهى، يا صاحب الدكان! أغلقه، يا صاحب المكتب! أغلق المكتب، توضئوا وائتوا بنسائكم وأطفالكم إلى بيت ربكم، إي: إلى الجامع، المسجد الكبير الذي وسعناه في الحي أو في القرية؛ حتى أصبح يتسع لأهل القرية كلهم، أو لأهل الحي أجمعين، وسهل هذا، بالخشب والحطب نوسعه كما كان حال أجدادنا، ثم صلينا المغرب وما بقي في القرية خارج المسجد أحد، إلا مريض أو ممرض، كل أهل القرية في المسجد، كل أهل الحي في المسجد، نصلي المغرب كما صلينا الآن، ثم يجلس لنا مرب عليم بكتاب الله وهدي رسوله كجلوسنا هذا، وندرس آية كما درسناها الليلة، ونحفظها، نرددها حتى تحفظ، ثم نضع أيدينا على المطلوب منها كما علمنا، وغداً حديث من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المفسرة المبينة لكتاب الله نردده حتى يحفظه نساؤنا وأطفالنا وفحولنا، ثم نعرف مراد الرسول منه، فنعزم على التطبيق والعمل، ويوماً بعد يوم، يوماً آية، ويوماً حديث، والله ما تمضي سنة حتى تلوح الأنوار إن صبرنا، مع أن هذا العمل لا يوقف شيئاً أبداً، اليهود والنصارى والمجوس إذا دقت الساعة السادسة وقف العمل ويذهبون إلى المراقص والمقاصف والملاهي والملاعب، أليس كذلك؟
ونحن لأننا نريد أن نسود ونقود، لأننا أحياء وهم أموات، نحن مؤمنون وهم كافرون، إذاً: نصبر ساعة ونصف ساعة في بيت الرب، في سنة والله ما يبقى جاهل ولا جاهلة، ولسنا في حاجة إلى كتابة ولا إلى قلم، وإنما نتلقى العلم والحكمة كما تلقاها أصحاب رسول الله بدون قلم ولا دواة ولا كتابة، والعلم الذي في الكتابة نأخذه في النهار في المدارس، لكن هذا العلم الروحاني الرباني نتلقاه ليلاً للعمل به في النهار، في سنة واحدة والله ما يبقى في القرية من يعرف أنه يزني أو يكذب على إخوانه أو يمد يده ليضربهم أو يسرق مالهم، أو يرى من يتكبر عليهم أو يسخر منهم، والله ما كان، ولا يبقى فقير يتضور بالجوع أبداً، ويتوافر المال، والله ليتوافرن المال، فالذي كان راتبه عشرة آلاف سيستغني بألفين، والباقي ماذا يصنع به؟ وفوق ذلك يتكون في ذلك المسجد صندوق من حديد في المحراب، والمسئول العام هو إمام المسجد والمربي والمؤذن وشيخ القرية، فيقولون: يا معشر المؤمنين والمؤمنات! من زاد ماله عن قوته فليضعه في هذا الصندوق، في ستة أشهر يمتلئ الصندوق ويفيض، فماذا يصنعون به؟ انظروا: المنطقة تحتاج إلى مصنع، فانشئوا مصنعاً، تحتاج إلى مزرعة وأرض زراعية، ويبارك الله في ذلك المال وينمو ويفيض وما يبقى بنك ولا ربا، بل بتلفون: أعطوا لفلان من القرية الفلانية، وتصاب الماسونية بالجنون، ويصاب اليهود والنصارى بالعفن، فيقولون: ما هذا؟ كيف طلع هذا الفجر رغم أنوفهم ولا يستطيعون أن يزلزلوا أقدامنا؛ لأن الله أصبح ولينا، فماذا يكلفنا هذا؟ ما نستطيع أن نصبر لوجه الله ساعة نتعلم كتاب الله وهدي رسوله.
إن هذا الصوت إذا سمعته الماسونية والعلمانيون والمسيحيون يغضبون، كلما سمعوا الحق غضبوا، ولن نسكت، بل نقول: اغضبوا فما طالبناكم بشيء أبداً، فنحن في بيوت ربنا، وتنتهي الجهالات والشركيات والخرافات والضلالات والأحقاد والأحساد والأمراض كلها في سنة واحدة، فمن يبلغ؟ لا إله إلا الله! يا علماء، يا رجال السياسة، يا حاكمون! استجيبوا، جربوا، إخوانكم شاردون ضائعون في الباطل، اجمعوهم في بيت الرب ولقنوهم الكتاب والحكمة، أما قال تعالى فينا: ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ )[الجمعة:2]، تعلموا وفازوا أم لا؟ والله! ما اكتحلت عين الوجود بأمة أطهر ولا أعز ولا أكمل ولا أصفى من تلك الأمة في قرونها الثلاثة: الصحابة وأولادهم وأولاد أولادهم، كيف حصلوا على هذا الكمال؟ حصلوا هذا بالعلم بالكتاب والحكمة، بطاعة الله والانقياد له.
فهيا بنا، النجاة.. النجاة، يا عبد الله.. يا أمة الله! اطلب النجاة لنفسك، تعرف إلى ربك، تعرف على ما يحب ويكره وافعل المحبوب وتخل عن المكروه، واصبر على ما يصيبك، فما هي إلا ساعات وأنت في الملكوت الأعلى، اللهم حقق لنا ذلك.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #650  
قديم 26-06-2021, 03:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,603
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المائدة - (28)
الحلقة (338)
تفسير سورة المائدة (34)




ما يلزم المحرم من الميقات حال توجيه الرحلة إلى المدينة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد:

أيها الأبناء والإخوة المستمعون.. ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الأربعاء من يوم الثلاثاء- ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).
معاشر المستمعين! بين يدي الدرس سئلت عن مجموعة من المؤمنين جاءوا محرمين بالحج أو بالعمرة، أحرموا من الميقات وهم على متن الطائرة ظانين أنهم يذهبون إلى مكة وإذا بالمسئولين عنهم حولوهم إلى المدينة؛ ليزوروا المسجد النبوي الشريف ويسلموا على رسول الله وصاحبيه، ثم بعد ذلك يعودون إلى مكة، فهل يبقون على إحرامهم أو يتحللون؟ الجواب: يجب أن يبقوا على إحرامهم، ويلبون ويهللون ويكبرون ويدعون، وهم في أشرف عبادة وأفضلها، ولو بقوا في المدينة خمسة أيام أو أسبوع، فهي نعمة كبيرة ساقها الله إليهم؛ لأنهم لله، تجردوا له وهم يلبون التلبية المطلوبة، هذا هو الواجب، ومن تحلل منهم جهلاً لعدم علم فليعد إلى إزاره وردائه وإلى تلبيته وعبادة ربه، ومن قال: أنا لا أعود إلى الإحرام وتحلل فيجب أن يذبح شاة في المدينة أو في مكة، ثم بعد ذلك يحرم إذا أراد الدخول إلى مكة.
مرة أخرى أقول: مجموعة من إخواننا المؤمنين أحرموا ودخلوا جدة محرمين ظانين أنهم يذهبون إلى مكة ليطوفوا لعمرتهم أو لحجهم، فأمروا أن يذهبوا إلى المدينة، فمنهم من تحلل ومنهم من بقي على إحرامه، فما هو الجواب لهذه القضية؟
أقول: المحرم يبقى على إحرامه وهو في خير وعافية، ويشغل وقته بذكر الله والتدبير والعبادة، إذ كان المؤمنون يحرمون من مدينة الرسول عشرة أيام وهم في الطريق يلبون.
إذاً: فليبقوا على إحرامهم وهم في نعمة كبيرة، ومن جهل الوضع وتحلل وهو لا يدري فليعد إلى إحرامه ولا شيء عليه، ومن أصر على أن يبقى متحللاً وتحلل بالفعل وأصر على تحلله فإن عليه أن يذبح شاة في المدينة أو في مكة؛ لأنه كالمحصر، ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ )[البقرة:196]، أحصر رسول الله وألف وأربعمائة صحابي فذبحوا هديهم وعادوا إلى المدينة، خرجوا ملبين بالعمرة حتى وصلوا قبل عشرين كيلو متر من مكة، فمنعتهم قريش، فماذا يصنعون؟ ذبحوا وتحللوا ونزل في هذا قرآن يقرأ إلى يوم القيامة: ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ )[البقرة:196] عليكم يا من أتيتم محرمين تريدون مكة ثم منعتم منها بواسطة القائمين عليكم ومسئوليكم وقالوا: اذهبوا إلى المدينة أولاً. فمن بقي على إحرامه فهنيئاً له، فليبق على إحرامه حتى يزور ويعود إلى مكة، ومن تحلل بدون علم جهلاً ظن أنه يجوز فعليه أن يعود إلى إحرامه، ومن أصر على ألا يعود إلى إحرامه فليذبح شاة غداً في المدينة أو بعده في مكة وجوباً، مقابل أنه أحصر وتحلل فيجب أن يذبح شاة.

تفسير قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ...)

ها نحن مع سورة المائدة المدنية المباركة الميمونة، ومع هذه الآيات الأربع. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )[المائدة:73-76].

قوله تعالى: ( لَقَدْ كَفَرَ )[المائدة:73]، كفروا بالله ولقائه ورسله وكتبه، كفراً لم يبق لهم معه حظ في الإسلام، من هم الذين كفروا؟ ( الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ )[المائدة:73]، اليعقوبية قالوا: إن الناسوت حل في اللاهوت، بدعة شيطانية إبليسية يسخر منها كل ذو عقل، ما معنى أنه حل الناسوت في اللاهوت وأصبح الإله واحداً، فعيسى هو الإله؟! أعوذ بالله، كيف يصبح عيسى ابن مريم هو الله؟! أي عقل هذا، أي فهم، أي ذوق؟!

وفرق أخرى قالت: ( إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ )[المائدة:73]، الأقانيم ثلاثة: الأب والابن وروح القدس، الله وعيسى وجبريل! وهذه سخرية واستهزاء وعبث، كيف يقبل ذو العقل هذا الكلام: ( اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ )[المائدة:73]، الآلهة ثلاثة والله واحد!

ما هو الإله يا غافل؟ الإله: المعبود، ولا يستحق عبادتي كائن إلا من خلقني ووهب حياتي وبيده مصيري وهو مالكي ومالك كل أمر عندي، ذاك الذي هو إلهي أعبده، أما الذي ما خلقني ولا رزقني ولا دبر حياتي فكيف يكون إلهاً لي؟! أمجنون أنا؟! لم لا يفكرون؟
إعلان كفر القائلين بالتثليث وإبطال فريتهم

فأعلن تعالى عن كفرهم، فقال عز وجل في كتابه المنزل على رسوله: ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ )[المائدة:73]، والحال أنه: لا إله إلا الله، ( وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ )[المائدة:73]، ألا وهو خالق السماوات والأرضين وما بينهما وما فيهما، هذا هو الذي يستحق الإلهية، هذا الذي هو الإله الحق، أما الآلهة الكاذبة المكذوبة المزعومة فهي هراء وأباطيل لا قيمة لها ولا وزن، لو سئلت يا عبد الله: من خلقك؟ فهل تقول: عيسى؟ هل تقول: مريم، هل تقول: سيدي عبد القادر ، من خلقك؟ الله. إذاً: هو الذي يجب أن تؤلهه، أي: تعبده بالذلة له والحب والتعظيم والرهبة والرغبة، فكيف يكون عيسى إلهاً وهو ابن مريم ؟ كيف تكون مريم إلهاً وهي ابنت عمران وأمها حنة ، كيف تكون إلهاً؟ إن الإله الذي يملك كل شيء، وهذا هو الله رب العالمين، رب السماوات والأرض وما بينهما وإليه مصير كل شيء.فهذه الفرق النصرانية غلبت عليها الشياطين والأهواء والشهوات والأطماع والتقاليد العمياء حتى ( قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ )[المائدة:73]، فأبطل الله زعمهم هذا وحكم بكفرهم: ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ )[المائدة:73].
ثم قال تعالى: ( وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ )[المائدة:73]، ألا وهو الله رب العالمين خالق عيسى والأنبياء والمرسلين ورب كل شيء ومالك كل شيء.


معنى قوله تعالى: (وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم)

ثم قال: ( وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ )[المائدة:73]، إن لم ينتهوا عن هذا الباطل والخرافة والكذب ودعوى أن الله ثالث ثلاثة ( لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )[المائدة:73]، ما قال: ليمسنهم عذاب أليم. بل بين علة هذا العذاب وهي الكفر والعياذ بالله، فالذي ينسب إلى الله الولد كافر، والذي ينسب إلى الله الزوجة كافر، والذي ينسب إلى الله العجز كافر، ومن كفر فمصيره عالم الشقاء جهنم دار البوار.وما هو سر هذا الحكم يا أهل القرآن؟ لأن الذي كفر بالله نفسه خبيثة، روحه منتنة عفنة كأرواح الشياطين والكافرين، وهل صاحب الروح الخبيثة يدخل دار السلام؟ والله ما يدخلها، لقد صدر حكم الله على البشرية، بل على عالم الإنس والجن، وهو قوله: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )[الشمس:9-10]، فمن زكى نفسه بمعنى: طيبها وطهرها بأداة الإيمان وصالح الأعمال؛ فقد أفلح وفاز بدخول الجنة والنجاة من دار الشقاء النار، ومن دسىى نفسه وأخبثها وعفنها بالشرك والكفر والذنوب والآثام فمصيره الخسران التام، فلم لا يسألون حتى يعملوا؟ لم لا يقول المسيحي: يا مسلم! بلغني أننا كفار، فما الدليل على كفرنا؟ يقول: لأنكم كذبتم على الله، وادعيتم أن الله ليس بواحد بل ثلاثة، أو أدعيتم أن عيسى هو الله وهذا هو كفر منتن عفن، الله الذي يقول للشيء: كن فيكون، الذي كون هذه الكائنات وأوجدها وهو يدبرها طول حياتها، أهذا يكون له ولد؟ وكيف يكون له ولد ولا زوجة له؟ والذي يخلق ما يشاء بكلمة: كن هل يحتاج إلى ولد يساعده أو زوجة يستأنس بها؟ كيف هذا الفهم؟! حرام هذا الكلام، عيب هذا الكلام أن يقال في حق الله عز وجل، ولكن كتب الله دار الشقاء والسعادة، وعلم أهلهما قبل أن يخلقهما.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 321.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 315.24 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]