شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 53 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4475 - عددالزوار : 967073 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4011 - عددالزوار : 485212 )           »          فوائد الثوم للبشرة.. يخلصك من حب الشباب ويقضي على الشيخوخة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 106 )           »          4 خطوات بسيطة لتجديد شكل دواليب المطبخ.. هترجع زي الجديدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 80 )           »          طريقة عمل الدجاج الكرسبي بوصفة صحية في منزلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          وصفات طبيعية لتضييق المسام.. للحصول على بشرة خالية من الحفر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          6 وجبات مختلفة يمكن اصطحابها إلى الشاطئ.. لو بتستعد للمصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 77 )           »          طريقة عمل طاسة السجق بالبيض بطعم كرسبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 65 )           »          5 زيوت مهمة لترطيب البشرة.. أبرزها زيت الزيتون والأفوكادو (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 94 )           »          جددى شكل بيتك قبل العيد بلمسات بسيطة وغير مكلفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 92 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #521  
قديم 10-05-2022, 05:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,353
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
(316)

كتاب قيام الليل وتطوع النهار
- باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، والاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد فيه [1]



شرع الله تعالى النوافل مكملة للفرائض، ورتب عليها الأجر العظيم، فمن حافظ على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة بنى الله له بيتاً في الجنة كما ورد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، والاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد فيه


شرح حديث: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وذكر اختلاف الناقلين فيه بخبر أم حبيبة في ذلك، والاختلاف على عطاء. أخبرنا الحسين بن منصور بن جعفر النيسابوري حدثنا إسحاق بن سليمان حدثنا مغيرة بن زياد عن عطاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعةً في اليوم والليلة دخل الجنة: أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر)].
يقول النسائي رحمه الله: باب ثواب من ثابر على صلاة اثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وذكر الاختلاف في رواية حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، والاختلاف على عطاء في ذلك الحديث. المقصود من الترجمة هو: بيان أن المداومة على ثنتي عشرة ركعة، من الرواتب المتعلقة بالصلوات، وأن ذلك سبب في دخول الجنة، وأنه من الأعمال التي يثيب الله عز وجل عليها بالجنة، وقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، أن النبي علي الصلاة والسلام قال: (من ثابر على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة)، ثم بينها في قوله: (أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر)، فهذه اثنتا عشرة ركعة من النوافل الراتبة التي يداوم عليها، ويحرص على المداومة عليها؛ لأن فيها هذا الثواب العظيم، وهو دخول الجنة لمن فعل ذلك، وهي متعلقة بالصلوات، وتابعة للصلوات، منها ما هو قبل الصلاة، ومنها ما هو بعد الصلاة، فقبل الصلوات ست: أربعاً قبل الظهر، وثنتين قبل الفجر، وست بعد الصلوات، ثنتين بعد الظهر، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، هذا الحديث يدل على ثواب هذا العمل، وعلى عظم ثواب هذا العمل عند الله عز وجل، وينبغي للإنسان أن يداوم عليها وأن يحافظ عليها، وهذا هو معنى (ثابر)، يعني: أنه يحافظ ويداوم عليها، ويكون ذلك في الحضر.
أما بالنسبة للسفر، فإن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه ما كان يداوم منها إلا على ركعتين، وهما الركعتان قبل الفجر، في السفر والحضر، وأما الركعات الأخرى فإنه ليس من هديه عليه الصلاة والسلام أن يصليها، وإنما الذي كان يداوم عليها ركعتان قبل الفجر والوتر، هذا هو الذي كان يفعله في الحضر والسفر، والحديث فيه عظم الثواب لمن عمل هذا العمل، والحديث فيه ذكر العدد إجمالاً: وهو اثنتي عشرة ركعة، وتفصيل العدد: وأنه أربعاً قبل الظهر وثنتين بعدها وثنتين بعد المغرب وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل الفجر.

تراجم رجال إسناد حديث: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة ...)

قوله: [أخبرنا الحسين بن منصور بن جعفر النيسابوري].
ثقة، أخرج حديثه البخاري، والنسائي.
[حدثنا إسحاق بن سليمان].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا مغيرة بن زياد].
صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[عن عطاء].
هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة رضي الله تعالى عنها].
أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي ممن حفظ الله بها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي واحدة من سبعة أشخاص، عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله الأنصاري، هؤلاء ستة رجال، وامرأة واحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.

شرح حديث: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعة ...) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن يحيى حدثنا محمد بن بشر حدثنا أبو يحيى إسحاق بن سليمان الرازي عن المغيرة بن زياد عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة رضي الله تعالى عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعة بنى الله عز وجل له بيتاً في الجنة؛ أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أن بدل (دخل الجنة)، (بنى الله له بيتاً في الجنة)، والحديثان مؤداهما واحد، والمتنان مؤداهما واحد، وهما: حديث واحد عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها جاء من طريقين.

تراجم رجال إسناد حديث: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعة ...) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا أحمد بن يحيى].
هو ابن زكريا الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا محمد بن بشر].
هو محمد بن بشر العبدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو يحيى إسحاق بن سليمان الرازي].
وقد مر ذكره.
[عن المغيرة بن زياد عن عطاء عن عائشة].
مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.

حديث: (من ركع ثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته سوى المكتوبة ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى حدثنا الحسن بن أعين حدثنا معقل عن عطاء قال: أخبرت أن أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من ركع ثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته سوى المكتوبة، بنى الله له بها بيتا في الجنة)].أورد النسائي حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، وهو مثل حديث عائشة إلا أنه ليس فيه التفصيل، فحديث أم حبيبة رضي الله عنها مثل حديث عائشة؛ لأن من عمل هذا العمل فإن الله تعالى يثيبه على ذلك أن يبني له بيتاً في الجنة، وهو مثل حديث عائشة من حيث الإجمال، وليس فيه ذكر التفصيل.
قوله: [أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى].
هو محمد بن معدان بن عيسى الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا الحسن بن أعين].
صدوق، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا معقل].
هو معقل بن عبيد الله الرقي، وهو صدوق يخطئ، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن عطاء].
هو عطاء بن أبي رباح، وقد مر ذكره.
[أن أم حبيبة].
هي رملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، مشهورة بكنيتها أم حبيبة، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة رضي الله عنها وأرضاها، وقوله: (أخبرت)، هذا فيه انقطاع، يعني معناه أنه بلغه ذلك عن أم حبيبة؛ لأنه لم يذكر الواسطة، لكنه جاء في بعض الأسانيد الآتية، بيان تلك الواسطة، والحديث صحيح؛ لأنه لم يأت من هذه الطريق وحده، بل جاء من طرق أخرى، وفيها التصريح بالواسطة.

حديث: (من ركع ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني إبراهيم بن الحسن حدثنا حجاج بن محمد قال ابن جريج: قلت لـعطاء بلغني: أنك تركع قبل الجمعة اثنتي عشرة ركعة، ما بلغك في ذلك؟ قال: أُخبِرتُ أن أم حبيبة، حدثت عنبسة بن أبي سفيان: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ركع اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة سوى المكتوبة بنى الله عز وجل له بيتاً في الجنة)].أورد النسائي حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، وهو مثل الذي قبله: (من ركع ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله له بيتاً في الجنة)، وهو مثل المتن الذي قبله، وفيه ذكر تلك الركعات مجملة، وذكر ثواب ذلك، وأن الله تعالى يبني له بيتاً في الجنة، فهو مثل الذي قبله تماماً.
قوله: [أخبرني إبراهيم بن الحسن].
هو إبراهيم بن الحسن المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا حجاج بن محمد].
هو المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[قلت لـعطاء]
هو عطاء بن أبي رباح، وقد مر ذكره.
قلت لـعطاء: (بلغني أنك تركع قبل الجمعة اثنتي عشرة ركعة، ما بلغك في ذلك؟ قال: أخبرت أن أم حبيبة).
يعني: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج يسأل عطاء بن أبي رباح، قال: إنك تركع قبل الجمعة ثنتي عشرة ركعة، ما بلغك في ذلك، أي: ما هو مستندك الذي بنيت عليه هذا العمل؟ فقال: أُخبرت أن أم حبيبة، حدثت عنبسة بن أبي سفيان: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من ركع ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة سوى المكتوبة بنى الله له بيتاً في الجنة)، فهو مثل الذي قبله، إلا أن عطاء بن أبي رباح رآه عبد الملك بن جريج يصلي ثنتي عشرة ركعة قبل الجمعة، فلعله فهم من ذلك أن الإنسان يأتي بثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة في يومه وليلته، فأتى بها قبل الجمعة.
ومن المعلوم أن طريقة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك من كان بعدهم من التابعين، كان الواحد منهم إذا دخل المسجد يوم الجمعة صلى ما أراد أن يصلي، والأمر في ذلك واسع، ليس فيه تقييد، وإنما يصلون ما أمكنهم أن يصلوا، ثم يجلسون ولا يقومون إلا للصلاة، فلعل عبد الملك بن جريج رأى عطاء بن أبي رباح يصلي ثنتي عشرة ركعة قبل الجمعة، فسأله عن هذا العدد: ما بلغك في ذلك؟ فذكر له العدد المجمل، الذي (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، بنى الله له بيتاً في الجنة)، يعني: كأنه فهم أن الإنسان إذا أتى بثنتي عشرة ركعة مطلقاً، سواءً كانت متصلة بالصلوات، أو مجتمعة في موضع واحد، أو في زمن واحد، فإنها تدخل تحت هذا الحديث، لكن الأظهر هو: ما جاء في حديث عائشة مفصلاً، أنها رواتب، وأنها متصلة بالصلوات، ومتعلقة بالصلوات، أربعاً قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل الفجر.
ومن المعلوم أن الجمعة ليس لها سنة راتبة قبلها معلومة، ولم يرد في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحديد، ولكن جاء بعد الجمعة، من صلى في المسجد صلى أربعاً، ومن صلى في بيته صلى ركعتين، وأما قبل الجمعة فلم يأت فيها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام شيء، وإنما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم كانوا إذا دخلوا يوم الجمعة صلوا ما أرادوا أن يصلوا، يعني: يصلون ما شاءوا من الصلوات، ثم إذا فرغوا من الصلاة جلسوا، ثم لا يقومون إلا للصلاة، فلعل عطاء بن أبي رباح، فهم من هذا الحديث أن الإتيان بهذا العدد في أي وقت من الأوقات، سواءً كانت مجتمعة أو متفرقة في اليوم والليلة، فإن من يفعل ذلك يبني الله له بيتاً في الجنة، ولكن الأظهر أن المراد بهذه الثنتي عشرة ركعة هي التي جاءت في حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها، مفصلة بالسنن الرواتب التي هي قبل الصلوات وبعدها.
[أن أم حبيبة حدثت عنبسة بن أبي سفيان].
أما عنبسة بن أبي سفيان فهو أخو أم حبيبة رضي الله عنها وأرضاها، وقيل: إن له رؤية، ومن العلماء من قال: إنه تابعي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

حديث: (من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

[أخبرني أيوب بن محمد أخبرنا معمر بن سليمان حدثنا زيد بن حبان عن ابن جريج عن عطاء عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة بنى الله عز وجل له بيتاً في الجنة)، قال أبو عبد الرحمن: عطاء لم يسمعه من عنبسة].أورد النسائي حديث أم حبيبة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله: (من صلى في يومٍ ثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً في الجنة).
قوله: [أخبرني أيوب بن محمد].
هو أيوب بن محمد الوزان مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[أخبرنا معمر بن سليمان].
هو النخعي، ثقة فاضل، أخرج له البخاري، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا زيد بن حبان].
صدوق يخطئ كثيراً، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[عن ابن جريج].
وقد مر ذكره.
[عن عطاء عن عنبسة عن أم حبيبة].
وقد مر ذكرهم.
ثم قال النسائي: إن عطاء لم يسمعه من عنبسة، قال: إنه لم يسمعه، يعني لم يسمع هذا الحديث؛ لأنه قال فيما مضى: أخبرت عن أم حبيبة، وسيأتي أنه هناك بينه وبين عنبسة واسطة، ومعنى هذا أنه لم يسمع هذا الحديث من عنبسة بن أبي سفيان.

شرح حديث: (من صلى ثنتي عشرة ركعة بالنهار أو بالليل ...) من طريق سادسة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن رافع حدثنا زيد بن الحباب حدثني محمد بن سعيد الطائفي حدثنا عطاء بن أبي رباح عن يعلى بن أمية قال: (قدمت الطائف فدخلت على عنبسة بن أبي سفيان وهو بالموت، فرأيت منه جزعاً، فقلت: إنك على خير، فقال: أخبرتني أختي أم حبيبة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى ثنتي عشرة ركعة بالنهار أو بالليل بنى الله عز وجل له بيتاً في الجنة)، خالفهم أبو يونس القشيري].أورد النسائي حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها وأرضاها وهو مثل الذي قبله: (من صلى ثنتي عشرة ركعة في النهار أو في الليل)، معناه: أنه سواء أتى بها بالليل أو بالنهار، والرواية التي قبلها قال: في اليوم، وهنا قال: في الليل أو في النهار، لكن لا إشكال فيه؛ لأنه قد يذكر اليوم والليلة تبع له، وقد تذكر الليلة والنهار تبع لها، وهنا قال: في الليل أو في النهار، يعني معناه أنه إذا أتى بها، إما في هذا أو في هذا، فإنه يكون قد حصل المقصود، ولعل هذا هو الذي جعل عطاء بن أبي رباح رحمة الله عليه يصلي قبل الجمعة ثنتي عشرة ركعة، فيأتي بها كلها بالنهار.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #522  
قديم 10-05-2022, 05:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,353
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (من صلى ثنتي عشرة ركعة بالنهار أو بالليل ...) من طريق سادسة

قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].
هو القشيري النيسابوري، ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا زيد بن الحباب].
صدوق يخطئ في حديث الثوري، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني محمد بن سعيد الطائفي].
صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا عطاء بن أبي رباح].
وقد مر ذكره.
[عن يعلى بن أمية].
صحابي مشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[عن عنبسة بن أبي سفيان].

وقد مر ذكره.
[عن أم حبيبة].
وقد مر ذكرها، وهذا فيه بيان الواسطة التي بين عطاء، وبين عنبسة بن أبي سفيان، أو ذكر الشخصين اللذي بين عطاء، وبين أم حبيبة؛ لأنه قال: أخبرت أن أم حبيبة، فإذاً: بينه وبينها واسطتان هما: يعلى بن أمية، وعنبسة بن أبي سفيان، وفي بعض الطرق أنه قال: عن عطاء عن عنبسة، وقال النسائي: لم يسمعه، وذلك أن فيه واسطة بينه وبينه وهو يعلى بن أمية، والحديث من رواية صحابي عن تابعي؛ لأن يعلى بن أمية صحابي، وعنبسة بن أبي سفيان هو من التابعين، وهو ثقة، فالحديث من رواية صحابي عن تابعي، وهو قليل؛ لأن رواية الصحابة عن التابعين هي قليلة جداً؛ لأن غالب رواية الصحابة عن الصحابة، وروى يعلى بن أمية عن عنبسة بمناسبة، وهو أنه زاره وهو مريض، فرأى جزعاً فقال: إنك على خير، فقال: حدثتني أختي أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى في اليوم أو الليلة ثنتي عشرة ركعة بنا الله له بيتاً في الجنة)، يعني: أن تحديثه إياه بهذا الحديث بمناسبة زيارته إياه في مرضه.
وقوله: (إنك على خير)، فأخبره بما سمعه من أخته أم حبيبة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهذا من الروايات القليلة التي هي رواية الصحابة عن التابعين، وإلا فإن الأصل هو رواية التابعين عن الصحابة، رواية الأصاغر عن الأكابر، وأما رواية الأكابر عن الأصاغر فهي قليلة في رواية الصحابة عن التابعين.


الأسئلة

علاقة اختلاف الروايات عن أم حبيبة بالاضطراب

السؤال: فضيلة الشيخ! الله يحفظكم، هذا الاختلاف في المتن ما يعد اضطراباً؛ لأنه قال مرة: في اليوم والليلة وفي الرواية الأخرى في الليل أو في النهار؟

الجواب: أبداً ما يعد اضطراباً؛ لأنه يمكن الجمع بينهما بأن اليوم تتبعه الليلة، وذكر اليوم والليلة على التفصيل، وكما هو معلوم، يعني: عطاء فهم منه أنه يمكن أن يأتي بها في النهار، ولهذا رآه ابن جريج يصليها قبل الجمعة مجتمعة.

المقصود بالمداومة على ثنتي عشرة ركعة لحصول الأجر

السؤال: بالنسبة للبيت في الجنة، يا شيخ! هل هو كل يوم أو مرة في العمر على من يداوم على هذا؟
الجواب: لا أدري الله أعلم، هو طبعاً المداومة، فالإنسان الذي يداوم على هذا، يثيبه الله عز وجل بأن يبني له بيتاً في الجنة.

فسخ عقد الإجارة من قبل المستأجر

السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، رجل استأجر من رجل شقة لمدة ستة أشهر، ودفع له المال، ثم بدا له، أي: المستأجر، أن يغير الشقة، فطلب من المؤجر أن يعيد له ماله فأبى، فالسؤال: من المحق منهما، علماً بأنه لم يكن أثناء العقد شهود؟

الجواب: على كل ما دام أنهم متفقون، وهذا مقر بأنه استأجر منه، وعقد الإجارة من العقود اللازمة التي لا يمكن فسخها إلا برضا الطرفين، فإذا لم يرض أحد الطرفين، فإن العقد مستمر على ما هو عليه، وليس لأحد منهما أن يفسخه بمفرده، إلا إذا حصل هناك أمر يقتضي، مثل حصول عيب يمنع من الاستمرار فيه؛ فهذا الفسخ بسبب العيب، وبسبب الخلل، أما مع عدم وجود عيب فعقد الإجارة من العقود اللازمة التي لا يستطيع أحد الطرفين التخلص من العقد بمفرده، بل لا بد من رضا الطرف الثاني.

مدى تعدد الثواب ببناء بيت في الجنة بتعدد المداومة على النوافل

السؤال: هل تكفي ثنتي عشرة ركعة كل يوم بيت في الجنة؟


الجواب: الله أعلم، حديث عائشة هو: (من ثابر)، وهذا يقول: (من صلى)، فيحتمل والله تعالى أعلم أنه مثل حديث عائشة، أن الذي يثابر يبني الله تعالى له بيتاً في الجنة.

مدى حصول الأجر لمن يداوم على النوافل لكنه يقصر فيها أحياناً

السؤال: حفظكم الله يا شيخ! من قصر في بعض الأحيان في هذه الرواتب بأن نقص منها في بعض الأحيان بسبب أو بغير سبب، فهل له هذا الأجر؟

الجواب: على كل الأجر علمه عند الله عز وجل، المهم أن الإنسان يفهم الحديث، ويحرص على تطبيقه، والمقصود من ذلك المثابرة والمداومة، والإنسان إذا حصل منه نسيان أو ما إلى ذلك فإنه يقضي؛ لأن الإنسان إذا عود نفسه القضاء إذا فات، فإنها تكون منه المثابرة، بخلاف الإنسان الذي يتساهل فيها إذا فاتت، فإنه قد يكثر الفوات فيكثر التساهل.

حكم القبلة للمتوضئ

السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، هل القبلة تنقض الوضوء؟ مع ذكر الأدلة في ذلك.

الجواب: القبلة لا تنقض الوضوء، إلا إذا حصل مذي وخرج شيء فإنه ينقض الوضوء بهذا الخارج ليس بالقبلة. والرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه أنه قبل بعض نسائه وصلى ولم يتوضأ.

كيفية أخذ العلم من العلماء أو الكتب

السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، ما هي الطريقة السليمة الصحيحة في أخذ العلم من العلماء ومن الكتب؟

الجواب: أخذ العلم من العلماء -كما هو معلوم- يكون بالمثابرة والمداومة، والحرص على الاستفادة، وحفظ الوقت، والسؤال عما يشكل، وأما بالنسبة للكتب، فالإنسان يقتني الكتب النافعة المفيدة ويقرأها، ولكنه لا يعتمد على القراءة المجردة؛ لأن الإنسان قد يقرأ الشيء وهو خطأ، لكنه إذا كان معنياً بالقراءة على الشيوخ، ويعرف تصويبات الألفاظ فإن هذا يسهل عليه معرفة الكلمات على الصواب، وعندما يقرأ وحده فالحاصل أنه يقرأ ولكن لا يكون تعويله على القراءة، يعني يستفيد، فلا بد من القراءة، ولكن مجرد القراءة قد ينطق بالشيء على خلاف ما هو عليه، وإنما الذي يمكنه أن يعرف حقيقة اللفظ وصيغه إذا سمعه من الشيوخ، وبالقراءة على الشيوخ الذين يسددونه ويقومون كلامه، ويصححون خطأه إذا أخطأ، ويكون باختيار الكتب النافعة، وليس كل كتاب يقرأ، فعمر الإنسان لا يتسع لقراءة كل شيء، وإنما يقرأ ويستعمل زمانه في قراءة ما هو نافع.

حكم تزيين البيوت بالأثاث وخاصة من طلاب العلم

السؤال: فضيلة الشيخ! هل في تزيين البيوت وشراء الأثاث الذي قد لا يستعمل طول الحياة محظور؟ وهل على طالب العلم أن يتنزه عن ذلك؟

الجواب: لا يستعمل طول الحياة؟ كيف يزين بشيء لا يستعمل؟ يعني الفرش تستعمل.
مداخلة: قد يقصد أنه ما يدوم مدة طويلة، يعني سريع التلف.
الشيخ: على كل الإنسان عندما يشتري فإنه يشتري على حسب طاقته، إذا كان يستطيع أنه يشتري شيئاً يدوم مدة أكثر فهذا هو الذي ينبغي، وإذا كان الذي مدته قصيرة أرخص ولا يستطيع أن يشتري الذي هو أغلى منه، فالإنسان على قدر طاقته يتصرف؛ لأن من الناس من لا يستطيع إلا الشيء الرديء، وهذا الشيء الرديء تطول مدته عنده؛ لأنه يصبر.

حكم التنفل قبل الجمعة


السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، ذكرتم أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يصلون قبل الجمعة ما شاء الله أن يصلوا، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في ذلك؟


الجواب: عمل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم حجة، ما دام أنه لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء وجاء عن الصحابة أنهم كانوا يفعلون ذلك، وهذه طريقتهم، فيفعل كما فعل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
مداخلة: لكن ورد في قول النبي صلى الله عليه وسلم في فضل التبكير إلى الجمعة، أنه قال: (وصلى ما شاء الله له أن يصلي)، أليس هذا دليل لفعل...؟
الشيخ: هذا هو مستند الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، (يصلي ما شاء الله أن يصلي)، فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يفعلون هذه الطريقة، وهذا هو دليلهم.

كيفية المسح على الجوربين

السؤال: ما هي طريقة المسح المشروعة على الجوربين؟

الجواب: طريقة المسح هو أن يمسح ظاهر الجوربين أو ظاهر الخفين، بأن يجعل الماء بيده، أو يصير يده وهي مبلولة، ولا يحمل معه ماءً يذهب به، وإنما تكون اليد مبلولة، فيمسح على ظاهر قدمه، لا يمسح الجوانب ولا يمسح الأسفل، وإنما الظاهر. ويقول علي رضي الله عنه: لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه.

رد السلعة بالعيب بعد الافتراق

السؤال: فضيلة الشيخ! من اشترى سلعةً ثم وجد بها عيباً، وقد افترق عن البائع، فهل يردها؟


الجواب: نعم، إذا كانت معيبة يردها وإن حصل الافتراق؛ لأن هذا بسبب العيب، إذا كان هذا العيب موجوداً فيها من قبل، وإلا فقد يحصل العيب فيها بعدما يقبضها، فيما إذا كان زجاجاً أو شيئاً يمكن أن ينكسر بعد ذهابه به، أما إذا كان شيئاً العيب فيه موجود من قبل فإنه يرده.

أفضلية صلاة المرأة بين الصلاة في بيتها أو في المسجد النبوي

السؤال: فضيلة الشيخ! أيهما أفضل صلاة المرأة في المسجد النبوي أو في بيتها؟


الجواب: صلاة النساء في بيوتهن أفضل من صلاتهن في المساجد مطلقاً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أن صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، ومن المعلوم أن ذلك يشمل مسجد رسول الله ويشمل غيره.

حكم غسل اليدين سبعاً من لمس الكلب

السؤال: هل من لمس كلباً يغسل يديه سبعاً؟

الجواب: لا؛ لأن النجاسة ليست في جسد الإنسان فإذا لمس الإنسان شعر كلب لا تنجس جسده أبداً، وإنما ذاك في ولوغ الكلب في الإناء، ريقه ولعابه.

حكم الإنجاب عن طريق الأنابيب

السؤال: فضيلة الشيخ! هذا رجل أخبره الأطباء بأنه مريض بالسرطان، وأخبروه أنه سيموت بعد فترة، فهل يجوز أخذ الحيوانات المنوية منه والاحتفاظ بها، ثم بعد وفاته تلقح منها الزوجة؟


الجواب: لا، أقول: مثل هذا لا يجوز أبداً، وإنما الحيوانات المنوية تكون من الزوج لزوجته، أما كونه يؤخذ شيء ويحتفظ به فيما بعد ثم يجعل في الزوجة، هذا ليس صحيحاً.
أصل التلقيح هذا الذي يسمونه طفل الأنابيب، والذي يكون للزوجة من الزوج عن طريق الواسطة، هذا فيه كلام للعلماء المعاصرين، والذي ينبغي هو الابتعاد عن مثل ذلك، وإنما الإنسان يسلك الطريقة المشروعة، وتترك مثل هذه الطرق.

الكلام حول الرافضة مذهبهم واعتبارهم من الفرقة الناجية


السؤال: فضيلة الشيخ! هناك مجموعة من الأسئلة حول الرافضة، ويوجد بعضهم طبعاً في المسجد الآن وفي الحلقة، فالسؤال عن حكمهم، وحكم موالاتهم، وما يتعلق بذلك؟


الجواب: الواجب على كل مسلم يؤمن بالله ورسوله، أن يتبع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الحق والهدى، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء بالحق والهدى من الله، تلقى ذلك عنه أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، فهم الواسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نعرف شيئاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا عن طريق الصحابة، القرآن ما جاء إلا عن طريق الصحابة، والسنة ما جاءت إلا عن طريق الصحابة، فالحق والهدى إنما كان عن طريق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والواجب على كل من ينتمي للإسلام أن يتبع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، واتباعه إنما يكون عن طريق ما جاء عن أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، فالقرآن الكريم الذي بأيدي الناس جمعه أبو بكر، وعثمان رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، فـأبو بكر جمع الجمعة الأولى، وعثمان جمع الجمعة الثانية التي هي المصحف الموجود بأيدينا الآن، فالحق جاءنا عن طريق أبي بكر، وعثمان رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، والرافضة يعتبرون هذين الرجلين، وكذلك عمر أنهم ظلمة، وأنهم غير محقين فيما وصلوا إليه من الولاية، وأن الحق إنما هو لـعلي، وهذا كما هو معلوم خلاف ما أطبق عليه أهل الحق، وأطبق عليه الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، والقرآن إنما جاء عن طريق هذين الخليفتين الراشدين أبو بكر، وعثمان رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم جاءت عن طريق الذين لهم رواية من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فهم الذين رووا ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم الواسطة بيننا وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يصل إلينا حق وهدى إلا عن طريق الصحابة، ومن نفض يده من الصحابة، ولم يتلق الحق منهم، فإنه ليس على حق بل هو على باطل، ونحن نقول هذه المقالة، والرافضة يقولون بعكس هذه المقالة، يقولون: أنه ليس شيء من الحق إلا ما خرج من عند الأئمة، وكل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل، فنحن نقول: إن الحق هو ما جاء عن طريق أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي والصحابة جميعاً، أهل البيت وغير أهل البيت، كل من جاءت عنه رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي على العين والرأس، ونحن نحب جميع الصحابة سواء كانوا من أهل البيت، أو ليسوا من أهل البيت، ومن كان من أهل البيت فنحن نحبه لصحبته، ولقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو العدل، وهذا هو الإنصاف، أما من يكون في قلبه حقد وغيظ على الصحابة، فهذا إنما ضر نفسه، ولم يضر الصحابة شيئاً، وإنما جنى على نفسه.
والله عز وجل بين في القرآن الكريم مناقبهم وفضائلهم، والميزات التي تميزوا بها، وأخبر أنهم حتى في التوراة، والإنجيل، جاء وصفهم فيها، وأن الله تعالى أثنى عليهم بالكتب السابقة، وبين صفاتهم في الكتب السابقة، كما جاء ذلك في آخر سورة الفتح، وقد قال الله عز وجل بعد ذكر مناقبهم: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29]، فالذي يغيظه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فهو على خطر، أن يكون له نصيب من هذه الآية، وهي أن يكون كافراً؛ لأن الله قال: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29]، هذه حال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والواجب على كل من يريد الخير لنفسه أن يعرف الحق، وألا يتبع الضلال، فإنه إذا جاء يوم القيامة سيقول التابعون في حق المتبوعين: رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا [الأحزاب:67-68].
واختلف أهل العلم هل هم من الفرقة الناجية أو لا؟
فمنهم من قال: إنهم منها، ومنهم من قال: إنهم ليسوا منها.
هذا يقوله عامر الشعبي، حين قال: إن الرافضة فاقوا اليهود والنصارى بخصلة؛ اليهود لو قيل لهم: من خير أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب موسى، والنصارى لو قيل لهم: من خير أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب عيسى، والرافضة لو قيل لهم: من شر أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب محمد، وهذه الكلمة التي قالها الشعبي قالها رافضي في قصيدة له طويلة اسمها القصيدة الأزرية، هذه القصيدة فيها بيت يتفوه بهذا الكلام الذي قاله الشعبي، يقول:
أهم خير أمة أخرجت للناس هيهات ذاك بل أشقاها
يعني: أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ويذكر في جملة ما ذكر، وهو دال على وقاحته وخسته أن سورة براءة لم تبدأ بالبسملة؛ لأن أبا بكر ذكر فيها، ثم الرد على هذا الكلام الوقح نقول: بأي شيء ذكر أبو بكر رضي الله عنه؟ ذكر بالثناء، وبأنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #523  
قديم 10-05-2022, 06:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,353
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
(317)

لقد امتن الله تعالى على عباده المؤمنين بأن يسر لهم سبل الخير والأجر، وذلك من خلال فعل اليسير من الطاعات التي يترتب عليها الكثير من الأجور ورفع الدرجات، ومن ذلك ما ورد في أن من صلى ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله له بيتاً في الجنة.
تابع ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، والاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد فيه


شرح حديث: (من صلى ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق سابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وذكر اختلاف الناقلين فيه بخبر أم حبيبة في ذلك، والاختلاف على عطاء. أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم حدثنا حبان، ومحمد بن مكي أنبأنا عبد الله عن أبي يونس القشيري عن ابن أبي رباح عن شهر بن حوشب حدثه عن أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله تعالى عنها قالت: (من صلى ثنتي عشرة ركعةً في يوم، فصلى قبل الظهر، بنى الله له بيتاً في الجنة)].
فهذه روايات عديدة من روايات حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها في بيان فضل وثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وقد مر جملة من الروايات عن أم حبيبة رضي الله عنها في ذلك، وسيأتي جملة من الروايات لحديثها تتعلق بهذا الموضوع وهذه منها، وهي أنها قالت: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة قبل الظهر بنى الله له بيتاً في الجنة)، وهذه الرواية تشبه أو تدل على ما جاء من قبل بأن عطاء بن أبي رباح صلى قبل الجمعة ثنتي عشرة ركعة، فلما قيل له في ذلك؟ فذكر حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، (وأن من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله له بيتاً في الجنة)، وهذا الحديث فيه الإشارة، أو فيه الدلالة على أن ذلك يكون قبل الظهر، وهو الذي فعله عطاء بن أبي رباح رحمه الله، وقد مر في بعض الروايات: أنه في اليوم، وفي بعضها: أنها في اليوم أو الليلة، وهذا فيه أنه في اليوم وقبل الظهر.
وظاهر هذه الرواية أنه موقوف، لكن كما عرفنا من قبل أن الذي يكون من هذا القبيل ولو كان موقوفاً فله حكم الرفع، والروايات المتقدمة، أو التي مرت روايات عديدة مرفوعة، إذاً: فالوقف لا يؤثر؛ لأنه لو لم يأت إلا من طريق واحد وكان موقوفاً على الصحابي، وهو من الأمور التي لا مجال للاجتهاد فيها، فإن هذا له حكم الرفع، ومن المعلوم أن بيان الثواب والعقاب، وذكر أمور غيبية وما إلى ذلك، هو مما لا مجال للرأي فيه، مثل قوله: (بنى الله له بيتاً في الجنة)، فإن هذا لا يقوله الصحابي من تلقاء نفسه، وإنما يقوله بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو وإن كان موقوفاً إلا أنه في حكم المرفوع، وقد جاء حديث أم حبيبة من طرق كثيرة فيه ذكر صلاة اثنتي عشرة ركعة، وأن من أداها أو فعلها في اليوم والليلة سوى المكتوبة، فإن الله تعالى يبني له بيتاً في الجنة.

تراجم رجال إسناد حديث: (من صلى ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق سابعة

قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم].
ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا حبان ومحمد بن مكي].
هو ابن موسى المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي ومحمد بن مكي مروزي أيضاً، وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[أنبأنا عبد الله].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، هو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير كما قال: ذلك الحافظ ابن حجر في التقريب. وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي يونس القشيري].
هو حاتم بن أبي صغيرة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي رباح].
هو عطاء بن أبي رباح المكي، ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن شهر بن حوشب].
هو شهر بن حوشب المدني وهو صدوق، كثير الإرسال والأوهام، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أم حبيبة].
هي أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان، اسمها رملة وكنيتها أم حبيبة، وهي مشهورة بكنيتها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (اثنتا عشرة ركعة من صلاهن ...) من طريق ثامنة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الربيع بن سليمان أنبأنا أبو الأسود حدثني بكر بن مضر عن ابن عجلان عن أبي إسحاق الهمداني عن عمرو بن أوس عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اثنتا عشرة ركعةً من صلاهن بنى الله له بيتاً في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين قبل العصر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين قبل صلاة الصبح)].أورد النسائي حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، وفيه ذكر صلاة ثنتي عشرة ركعة غير المكتوبة، وأن من فعلها وأداها بنى الله له بيتاً في الجنة، ثم ذكر تفصيلها، وأنها أربع قبل الظهر وثنتين بعدها، وثنتين قبل العصر، وثنتين بعد المغرب، وثنتين قبل الفجر، وليس فيه ذكر ثنتين بعد العشاء، وهو الذي جاء في حديث عائشة وغيرها مما هو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: اثنتا عشرة ركعة، وهو مثل هذا الترتيب، إلا أن فيه بدل قبل العصر اثنتين، بعد العشاء اثنتين، وهذه الرواية فيها مثل ما جاء في حديث عائشة، إلا أنه بدل بعد العشاء ركعتين، قبل العصر ركعتين.
وقد جعل الألباني هذه الرواية من قبيل ما هو ضعيف الإسناد، ولا أدري وجه الضعف!، هل هو من جهة شهر بن حوشب أو عنعنة أبي إسحاق السبيعي وهو مدلس، أو من جهة غيرهما؟ لكن الإشكال فيه هو في التفصيل، وليس في ذكر أوله؛ لأن أوله متفق مع بقية الروايات الصحيحة الثابتة، ولكن الإشكال إنما هو في التفصيل، حيث جاء في التفصيل ما، يخالف ما قد جاء من ذكرها مجملة وغير مفصلة، وفي بعض الروايات أنها تكون قبل الظهر، وفيه أيضاً كونه بدل بعد العشاء ركعتين، قبل العصر ركعتين، والروايات الأخرى الثابتة فيها مثل هذا التفصيل، ولكن بدل قبل العصر ركعتين: بعد العشاء ركعتين، وقد جاء فيما يتعلق بصلاة العصر ذكر فضل أربع ركعات قبل العصر، ولكن ذكر الركعتين في هذا الحديث الذي فيه التفصيل، وهو مخالف لما جاء في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، ولا أدري وجه تضعيفه عند الشيخ الألباني، هل هو من جهة شهر بن حوشب في الإسناد.
أو لأن فيه ابن عجلان، هو صدوق يخطئ، وأخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وقد مر له أحاديث صحيحة، مر له أحاديث ثابتة.

تراجم رجال إسناد حديث: (اثنتا عشرة ركعة من صلاهن ...) من طريق ثامنة

قوله: [أخبرنا الربيع بن سليمان].
هو ابن داود الجيزي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[أنبأنا أبو الأسود].
هو النضر بن عبد الجبار المصري، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
[حدثني بكر بن مضر].
هو بكر بن مضر المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، إلا ابن ماجه.
[عن ابن عجلان].
هو محمد بن عجلان المدني، وهو صدوق، اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي إسحاق الهمداني].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، يأتي ذكره كثيراً بنسبته الخاصة السبيعي، ويأتي أحياناً بالنسبة العامة الهمداني، وسبيع بطن من همدان؛ ولهذا أحياناً وكثيراً ما يقال له: أبو إسحاق السبيعي، وبعض الأحيان يقال له: أبو إسحاق الهمداني كما هنا، والنسبتان واحدة، إلا أن همدان نسبة عامة لقبيلة في اليمن، والنسبة نسبة عامة، وسبيع بطن من همدان، وينسب إليها نسبة خاصة، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن أوس].
تابعي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عنبسة بن أبي سفيان].
هو أخو أم حبيبة، وهو تابعي ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أم حبيبة].
وقد مر ذكرها.

شرح حديث: (من صلى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً ...) من طريق تاسعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر النيسابوري حدثنا يونس بن محمد حدثنا فليح عن سهيل بن أبي صالح عن أبي إسحاق عن المسيب عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى اثنتي عشرة ركعةً بنى الله له بيتاً في الجنة: أربعاً قبل الظهر، واثنتين بعدها، واثنتين قبل العصر، واثنتين بعد المغرب، واثنتين قبل الصبح)، قال أبو عبد الرحمن: فليح بن سليمان ليس بالقوي].أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهو مثل الطريق السابقة، ذكر (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة -سوى المكتوبة- بنى الله له بيتاً في الجنة) ثم فصلها مثل التفصيل السابق، أربع قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين قبل العصر، وثنتين بعد المغرب، وثنتين قبل الفجر، وليس فيه ذكر ثنتين بعد العشاء، وهذا أيضاً مما ضعفه الألباني، ولا أدري أيضاً ما وجه تضعيفه هل هو من جهة الإسناد، أو من جهة ما فيه من المخالفة للطرق السابقة.

تراجم رجال إسناد حديث: (من صلى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً ...) من طريق تاسعة

قوله: [أخبرنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر]
هو النيسابوري، وهو صدوق، أخرج حديثه ابن ماجه، والنسائي، كان يحفظ ثم كبر فصار كتابه أتقن من حفظه، وحديثه أخرجه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا يونس بن محمد].
هو البغدادي، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا فليح].
هو فليح بن سليمان، وهو صدوق كثير الخطأ، وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سهيل بن أبي صالح].
هو سهيل بن أبي صالح السمان، أبوه أبو صالح ذكوان السمان، وسهيل بن أبي صالح، صدوق روى له البخاري تعليقاً ومقروناً، وحديثه رمز له بأنه أخرج له أصحاب الكتب؛ لأنه ما دام أنه أخرج له مقروناً، معناه: في الأسانيد المتصلة، وهو يرمز له ولأمثاله برمز الصحيح، وأما الذي يكون فيه تعليق فقط، وليس فيه ذكره في الأسانيد المتصلة، فإنه يرمز له بالخاء والتاء، وهنا لما ذكر أنه مقرون وتعليق، جعل نسبته أصحاب الكتب الستة، على أن البخاري خرج له في الأصول، لكن مقروناً بغيره، وكونه خرج له في التعاليق، يعني أن العبرة بما هو أعلى من ذلك، وهو كونه روي له مقروناً، فاكتفى بذلك، ولا يشير إلى الرواية تعليقاً إلا إذا كان لم يخرج له في الأصول، سواءً كان استقلالاً أو متابعةً ومقروناً بغيره، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
ولهذا حديث: (الدين النصيحة)، الذي رواه مسلم في صحيحه، البخاري ما رواه في الصحيح، ولكنه أورده في ترجمة باب، فقال: [باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة. قالوا: لمن يا رسول الله؟! قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم)] ذكر المتن في الترجمة؛ لأن الحديث صالح للاستدلال عنده إلا أنه لم يذكره بالإسناد؛ لأنه لم يحتج به مفرداً، وإنما احتج به مقروناً أو تعليقاً.
[عن أبي إسحاق].
هو الهمداني السبيعي، وقد مر قريباً.
[عن المسيب].
هو المسيب بن رافع، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة].
وقد مر ذكرهما.

حديث: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق عاشرة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا أبو نعيم حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن المسيب بن رافع عن عنبسة أخي أم حبيبة عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعةً سوى المكتوبة بني له بيت في الجنة: أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وثنتين قبل العصر، وثنتين بعد المغرب، وثنتين قبل الفجر)].ثم أورد النسائي هذا الحديث، حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهو مثل الطريقين السابقتين، فإن المتن مثل المتن في الطريقين السابقتين، وذكر الإجمال وذكر التفصيل، وأيضاً الحديث مما ضعفه الألباني من هذه الطريق.
قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
هو الرهاوي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبو نعيم].
هو الفضل بن دكين الكوفي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد ذكر أنه يتشيع أو أنه وصف بالتشيع، ولكن ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمته: في مقدمة الفتح كلمةً جميلةً تدل على سلامته مما نسب إليه من البدعة، وهي قوله: (ما كتبت عليّ الحفظة أنني سببت معاوية (، ما كتبت عليّ الحفظة، أي: الملائكة الذين يكتبون السيئات، ما كتبوا عليه أنه سب معاوية، وهذا يدل على سلامته من بدعة التشيع؛ لأن سب معاوية هذا من أسهل الأشياء عند الشيعة مطلقاً، حتى الزيدية الذين هم أخف من الرافضة، يشتمون معاوية، ويسبون معاوية، وإن كانوا يجلون أبا بكر، وعمر ويترضون عنهما، إلا أنهم يسبون معاوية، فـالفضل بن دكين رحمة الله عليه يقول: ما كتبت عليّ الحفظة أنني سببت معاوية، معنى هذا: أنه بريء من هذه البدعة غاية البراءة؛ لأن من يقول هذه المقالة: أن الملائكة ما كتبوا عليه أنه سب معاوية، معناه: أنه سليم، وأنه ليس صاحب بدعة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زهير].
هو زهير بن معاوية بن حديج الكوفي، وهو ثقة، ثبت، وسماعه من أبي إسحاق بآخره، وهنا يروي عن أبي إسحاق، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي إسحاق عن المسيب عن عنبسة عن أم حبيبة].

وقد مر ذكر الأربعة.

يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #524  
قديم 10-05-2022, 06:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,353
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد في خبر ثواب من صلى ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة

حديث: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة) من طريق حادية عشرة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد. أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا إسماعيل عن المسيب بن رافع عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة)].
ثم ذكر الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد في حديث أم حبيبة المتعلق بصلاة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وقد أورد فيه الحديث على سبيل الإجمال، وليس التفصيل كما مر في الروايات السابقة، وهو: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة)، وهذا متفق مع الروايات السابقة الكثيرة، التي فيها ذكر بيان ثواب من صلى ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وليس فيه التفصيل الذي مر في الروايات السابقة.
قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].
المشهور أبوه بـابن علية، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يزيد بن هارون].
هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، متقن، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا إسماعيل].
هو ابن أبي خالد الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن المسيب بن رافع عن عنبسة عن أم حبيبة].
وقد مر ذكرهم.

حديث: (من صلى في الليل والنهار ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق ثانية عشرة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا يعلى حدثنا إسماعيل عن المسيب بن رافع عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: (من صلى في الليل والنهار ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بني له بيت في الجنة)].ثم أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم من الطرق التي فيها ذكر الفضل والثواب دون ذكر التفصيل.
قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
هو الرهاوي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يعلى].
هو يعلى بن عبيد الطنافسي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن المسيب بن رافع عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة].
وقد مر ذكر الأربعة.

حديث: (من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة..) من طريق ثالثة عشرة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم حدثنا محمد بن مكي وحبان حدثنا عبد الله عن إسماعيل عن المسيب بن رافع عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: (من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله عز وجل له بيتاً في الجنة)، لم يرفعه حصين، وأدخل بين عنبسة وبين المسيب ذكوان].ثم أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهي مثل ما تقدم من الطرق التي فيها ذكر ثواب ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وليس فيه ذكر التفصيل، ورجال الإسناد مر ذكرهم، محمد بن حاتم بن نعيم مر ذكره قريباً آنفاً، وكذلك حبان بن موسى ومحمد بن مكي مر ذكرهم قريباً، وكذلك عبد الله، وهو ابن المبارك المروزي مر ذكره ومن ثم إسماعيل بن أبي خالد والمسيب وأم حبيبة، وقد مر ذكرهم.


الأسئلة

حكم إضحاك الناس في المسجد من قبل بعض الدعاة

السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، يوجد بعض الدعاة في أسلوبهم في الدعوة إلى الله عز وجل وعند تحديثهم الناس، أو المدعوين في المساجد والمحاضرات يثيرون الضحك، فهل هذا الفعل لهم فيه من سلف؟ وما الدليل على ذلك؟


الجواب: الإضحاك في المسجد الأولى عدم فعله، وأما الشيء الذي فيه تبسم أو إظهار شيء فيه تبسم، هذا لا يؤثر، وإنما الشيء الذي فيه إضحاك يحصل في المسجد، الأولى عدم فعله، لا نقول: أنه حرام، لكن نقول: الأولى عدم فعله.

معنى سقوط القمر لثالثة

السؤال: فضيلة الشيخ! روي عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء لسقوط القمر لثالثة، فما معنى سقوط القمر لثالثة؟


الجواب: يعني: غيبة القمر ليلة الثالث من الشهر.

مدى صحة ما ورد في فضل رجب

السؤال: فضيلة الشيخ! هل ورد أثر صحيح في فضل رجب، وأن العبادة فيه تضاعف؟


الجواب: لم يرد في فضله شيء، والحافظ ابن حجر ألف في ذلك رسالة خاصة تتعلق بشهر رجب، وأنه لم يثبت فيه شيء يتعلق بفضله، إلا أنه من الأشهر الحرم، وفي السنة أربعة أشهر حرم، رجب وحده، وثلاثة أشهر متصلة، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ثلاثة سرد وواحد فرد، ولهذا يقال لرجب: الفرد؛ لأنه وحده من الأشهر الحرم، ليس بجواره شهر حرام، فليس في فضله ما يخصه من صلاة أو من عبادة أو ما إلى ذلك، ليس هناك شيء، بل حتى ليلة المعراج ما ثبت أنها في شهر رجب، ما هناك شيء يدل على ثبوتها في شهر رجب، حتى لو ثبتت لم يكن له أن يحييها بعبادة، لا بصلاة ولا بغيرها؛ لأن العبادات مبناها على التوقيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أجمع الكتب في العقيدة

السؤال: يا شيخ! ما هي أجمع كتب العقيدة وأحسنها؟


الجواب: كتب العقيدة متنوعة متعددة، ما نستطيع أن نقول عن كتاب معين: أنه أجمع، وأنه أحسن، لكن نستطيع أن نقول: أن هناك كتباً هي من أحسن الكتب، ومن أفيدها، كتب كثيرة، وكتب العقيدة هي تؤلف على طريقتين: طريقة المتقدمين، وطريقة المتأخرين، طريقة المتقدمين الذين يروون بالأسانيد، ويذكرون الآثار والأحاديث بالأسانيد، حدثنا فلان قال: حدثنا فلان، فهذه من أهم كتب العقيدة، وهي تأتي على عدة مسميات، وكل مسمى يأتي تحته عدة كتب، فمن الأسماء التي تأتي كثيراً في العقيدة باسم السنة، بلفظ (كتاب السنة)، مثل: كتاب السنة للإمام أحمد، السنة لـابن أبي عاصم، السنة للطبراني، السنة لـمحمد بن نصر المروزي، السنة للالكائي، وغيرها كثيرة، وهي تتعلق بالعقيدة، ويريدون بالسنة ما يقابل البدعة، ولهذا أبو داود رحمه الله في كتابه السنن ذكر كتاباً اسمه كتاب السنة يشتمل على مائة وستين حديث تقريباً كلها تتعلق بالعقيدة، وسماه كتاب السنة، وهو موجود ضمن كتاب السنن، ولكنه جاء باسم السنة، (كتاب السنة)؛ وهي: العقيدة أو الأحاديث والآثار التي جاءت في العقيدة على وفق السنة التي هي مقابل للبدعة، ومن الأسماء التي تأتي وهي عامة كتب الإيمان باسم الإيمان، مثل: كتاب الإيمان لـابن أبي شيبة، والإيمان لـأبي عبيد القاسم بن سلام، والإيمان لـابن أبي عمر العدني، وعدة مؤلفات باسم الإيمان، وهي للمتقدمين، وكلها في العقيدة، وتروي بالأسانيد، تكون مبنية على الأسانيد، وهي باسم الإيمان، وكذلك أيضاً يأتي بلفظ التوحيد مثل: كتاب التوحيد لـابن خزيمة، كتاب التوحيد لـابن مندة، ويأتي أيضاً عنوان باسم الرد على الجهمية تحته عدة كتب مثل: الرد على الجهمية للإمام أحمد، الرد على الجهمية للدارمي، والرد على الجهمية لـابن مندة، والرد على الجهمية لـابن أبي حاتم، كتب متعددة باسم الرد على الجهمية، وكلها في العقيدة، وفيه أيضاً كتب باسم الحجة في بيان المحجة، والحجة على تارك المحجة، وهما: كتابان أحدهما لـنصر المقدسي، والثاني لـإسماعيل الأصبهاني التيمي، وكلها في العقيدة، فهذه على طريقة المتقدمين، كتب مؤلفة في العقيدة على طريقة المتقدمين، وهو أنهم يروون بالأسانيد.
أما المتأخرون الذين يؤلفون في العقيدة، فهم يعنون بكتابة مباحث العقيدة بدون ذكر الأسانيد، ولكنهم يبنون على ما في كتب المتقدمين من الأحاديث والآثار التي جاءت بأسانيد، وهم يذكرون فيها مباحث العقيدة، ويذكرون الأدلة من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه طريقة المتأخرين، وممن كتب في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية مؤلفات عديدة، مثل: التدمرية، والحموية، والواسطية، وغيرها من الكتب العديدة في العقيدة، وكذلك ابن القيم كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، وكذلك الذهبي في علو العلي الغفار، وكذلك غيرهم من العلماء الذين كتبوا في العقيدة على طريقة السلف، لكنهم لبعدهم عن زمن الرواية، لا يعنون بذكر الأسانيد، ولكنهم يكتفون بأن يضيفوا الكتب إلى مصادرها التي هي فيها كـالبخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم من العلماء، ومثل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه في كتاب التوحيد؛ لأن كتاب التوحيد هو كتاب ليس للشيخ محمد بن عبد الوهاب فيه كلام، إلا المسائل التي تكون في نهاية كل باب، وأما الباقي فهو آيات وأحاديث وآثار، فهو كتاب في العقيدة على طريقة السلف، آيات، وأحاديث، وآثار، مثل ما يفعل البخاري، ويفعل غيره، يعني يأتون بكتاب التوحيد ويجمعون آيات وأحاديث وآثار، فهو يأتي بآيات وأحاديث، وآثار عن السلف، وليس له كلام إلا ما يذكره في نهاية كل باب من المسائل التي تستنبط من الآيات والأحاديث، فيقول فيه مسائل الأولى كذا، والثانية كذا وكذا إلى آخره، وكلها استنباط من الآيات والأحاديث، ومن أحسن الكتب أيضاً شرح الطحاوية التي هي عقيدة أهل السنة التي ألفها أبو جعفر الطحاوي، عقيدة أهل السنة والجماعة، وشرحها ابن أبي العز الحنفي في كتابه المشهور شرح الطحاوية، وهو كتاب واسع ومفيد.

مرور الرجل بين يدي المرأة في الصلاة

السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم مرور الرجل أمام المرأة في الصلاة؟


الجواب: المرور لا يجوز بين يدي المصلي، لا أمام رجل، ولا أمام امرأة، فالمرور لا يجوز، ولكن من حيث القطع، الذي ورد فيه القطع المرأة، والحمار، والكلب، هذا هو الذي ورد أن مرورهم يقطع الصلاة.

الحل المناسب لمن به سلس البول ويكثر الجلوس في الحمام

السؤال: فضيلة الشيخ! شخص مريض بكثرة التبول، ويدخل الحمام كل ربع ساعة، فكيف يفعل؟


الجواب: إذا كان وسوسة فليحذر منها، وإذا دخل الحمام لا يجلس فيه ويطول، يعني: لا يظن أنه ما انتهى، ويتعب نفسه ويلعب عليه الشيطان، وإنما عليه أن يقضي حاجته ويخرج؛ لأن الحمام الجلوس فيه غير طيب إلا للضرورة، والإنسان إذا كان هناك وسواس يطرحه، وإذا انتهى فليستنجي وليخرج. وأما إذا كان فيه سلس بول، فهذا شيء آخر، هذا له حكم يخصه، وهو أنه يصلي على حسب حاله، ويتوضأ لكل صلاة، ويرش على ثوبه أو على ما يلي ذكره على ثيابه الماء؛ حتى لا يكون هناك وسواس، أي: يأتي في باله أنه من هذا الماء.
وبعض الناس يكون ابتلي بمرض السكر فليتبول كل فترة قصيرة يحتاج إلى أن يذهب إلى الحمام، فهذا أحياناً يكون جالساً في المسجد بانتظار صلاة الجمعة، أو صلاة العشاء بعد المغرب، فيحصل البول هذا يخرج يتوضأ وإلا يأتي متأخراً.

نقض ضفائر شعر المرأة التي تريد الغسل الواجب

السؤال: هل يجب على المرأة أن تنقض ضفائرها عند الغسل من الجنابة أو تبله كله؟


الجواب: عند الغسل من الحيض هو الذي تنقض ضفائرها، وأما عند الجنابة فإنها يكفي أن تصب عليه الماء حتى تروي أصوله ولو لم تنقضه.

الشرب لمن دخل المسجد النبوي قبل أن يصلي ركعتين

السؤال: ما حكم من يدخل المسجد النبوي فيشرب من زمزم قبل أن يصلي ركعتين؟


الجواب: السنة أن يصلي ركعتين ثم يشرب، حتى يسلم من الدخول تحت قوله: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، فيصلي ركعتين ثم يشرب.

حكم تخصيص توزيع الأطعمة في ليلة النصف من شعبان

السؤال: فضيلة الشيخ! الأطعمة التي توزع في كل سنة في منتصف شعبان بالذات، هل هي بدعة؟


الجواب: نعم، كل ما يتعلق بشهر شعبان أو شهر رجب، ما ثبت في ذلك شيء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، لا في ليلة النصف من شعبان، ولا ليلة سبع وعشرين من رجب ولا غيرهما، كل هذه الأمور محدثة بدعة.
على الإنسان أنه ينهى الناس عن أن يفعلوا ذلك.

حكم صيام رمضان لمن رأى الهلال وحده

السؤال: من رأى الهلال وحده، فهل يصوم دون الجماعة؟


الجواب: من رأى الهلال وحده وتحقق رؤية الهلال عنده فإنه يصوم.

معنى أوفوا بالعقود

السؤال: ما معنى قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1]؟


الجواب: (أوفوا بالعقود)، أي عقد من العقود؛ لأن هذا مطلق، هذه من الآيات التي فيها العموم والشمول، أي عقد من العقود المشروعة التي يجوز إبرامها، فعلى من أبرمها أن يوفي بها، سواءً كان عقد بيع أو عقد زواج، كل ما يتعلق بهذه العقود يجب الوفاء بحقوقها، وبما هو مطلوب منها مطلقاً، (أوفوا بالعقود)، أي عقد شرعي يسوغ عقده في المعاملات بين الناس، فإنه يجب الوفاء به، إلا أن بعض العقود تكون جائزة، يعني: للإنسان أن يفسخ بمفرده، ومن العقود ما هو لازم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #525  
قديم 10-05-2022, 06:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,353
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
(318)

كتاب قيام الليل وتطوع النهار
- باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، والاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد فيه [3]


من الأعمال الفاضلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، فقد ثبت أن ثوابها بيت في الجنة، وهي ركعتان قبل الفجر، وأربع قبل الظهر واثنتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء.

تابع ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة وذكر الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد فيه


شرح حديث: (من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة..) من طريق رابعة عشرة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [في باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة. قال في الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد. أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا وهب أخبرنا خالد عن حصين عن المسيب بن رافع عن أبي صالح ذكوان حدثني عنبسة بن أبي سفيان: أن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها حدثته أنه قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة)].
فهذا الحديث من الأحاديث التي داخلة تحت الترجمة السابقة، وهي: ثواب من صلى أو من ثابر على ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وأن جزاءه أن الله تعالى يبني له بيتاً في الجنة، وقد أورد النسائي فيه حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها وأرضاها من طرق متعددة، مر جملة كبيرة من هذه الطرق، وسيأتي ذكر بعض هذه الطرق المتعلقة بهذا الموضوع، الذي هو ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وهو بألفاظ متقاربة، إلا أن في بعض الروايات السابقة ذكر تفصيلها، وفي أكثر الروايات عدم تفصيلها، بل ذكرها إجمالاً بدون تفصيل، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بني له بيت في الجنة)، وهذا يدل على عظم الثواب والأجر لهذا العمل الذي يعمله الإنسان، وهو أن الله تعالى يبني له بيتاً في الجنة حيث يحافظ على صلاة ثنتي عشرة ركعة.

تراجم رجال إسناد حديث: (من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة..) من طريق رابعة عشرة


قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].
هو السجزي، وهو ثقة، حافظ، خرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا وهب].
هو وهب بن بقية الواسطي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[أخبرنا خالد]
هو خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حصين].
هو حصين بن عبد الرحمن السلمي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن المسيب بن رافع].
ثقة، أخرج حديثه أيضاً أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي صالح].
وهو ذكوان السمان، اسمه ذكوان، وكنيته أبو صالح، ولقبه السمان أو الزيات، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ولكنه يأتي ذكره بالكنية كثيراً، وأحياناً يأتي ذكره بالاسم، وأحياناً يجمع بينهما كما هنا عن أبي صالح ذكوان.
[حدثني عنبسة بن أبي سفيان].
قيل: له رؤية، وقيل: بل هو ثقة من كبار التابعين، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أم حبيبة رملة].
هي أم المؤمنين بنت أبي سفيان رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.

حديث: (من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق خامسة عشرة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن حبيب حدثنا حماد عن عاصم عن أبي صالح عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى في يومٍ ثنتي عشرة ركعة سوى الفريضة بنى الله له أو بني له بيت في الجنة)].ثم أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهي مثل التي قبلها.
قوله: [أخبرنا يحيى بن حبيب].
هو يحيى بن حبيب بن عربي البصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا حماد].
هو ابن زيد بن درهم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وهو غير منسوب، وقد ذكره في تحفة الأشراف بأنه ابن زيد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم].
هو ابن بهدلة ابن أبي النجود ، وهو صدوق له أوهام، وحديثه في الصحيحين مقرون، وحديثه رمز له بأنه خرج له أصحاب الكتب الستة، وذكر أنه من رجال الكتب الستة؛ لأنه قد ورد فيه الأسانيد المتصلة مقروناً، وعرفنا أن هذه طريقة المزي، أنه إذا كان الرجل له رواية في الأسانيد المتصلة وليست المعلقة، ولو كان مقروناً بغيره، فإنه يرمز له برمز البخاري، وكذلك رمز مسلم، ولهذا رمز له بأنه من أصحاب الكتب الستة. وحديثه في الصحيحين مقرون، أي: أنه مقرون مع غيره لم يذكر استقلالاً، ولكنه جاء ذكره في الأسانيد المتصلة مقروناً بغيره، وهو عاصم بن بهدلة بن أبي النجود ؛ لأن بهدلة كنيته أبو النجود، وهو صاحب القراءة المعروف المشهور، وهو أحد القراء.
[عن أبي صالح عن أم حبيبة].
وقد مر ذكرهما.

حديث: (من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة ...) من طريق سادسة عشرة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن المثنى عن سويد بن عمرو حدثني حماد عن عاصم عن أبي صالح عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى ثنتي عشرة ركعةً في يومٍ وليلة بنى الله له بيتاً في الجنة)].ثم أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا علي بن المثنى].
مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن سويد بن عمرو].
قال عنه الحافظ : العابد ثقة، أفحش ابن حبان في الكلام فيه، ولم يأت بدليل. وحديثه أخرجه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثني حماد].
هو حماد بن سلمة بن دينار البصري، وهو ثقة عابد، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وهنا غير منسوب كالذي قبله، إلا إن الأول حماد بن زيد، والثاني: حماد بن سلمة، وقد ذكر ذلك في «تحفة الأشراف»: بأن كل منهما روى عن عاصم، وأن الأول هو ابن زيد، والثاني هو ابن سلمة.
[عن عاصم عن أبي صالح عن أم حبيبة].
وقد مر ذكرهم.

حديث: (من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق سابعة عشرة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا إسحاق حدثنا النضر حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي صالح عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها قالت: (من صلى في يومٍ اثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة)].ثم أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].
هو : السجزي الذي مر ذكره قريباً، وهو ثقة، حافظ، حديثه عند النسائي وحده.
[حدثنا إسحاق].
هو : ابن راهويه، إسحاق بن إبراهيم بن مخلد، المشهور بـابن راهويه الحنظلي، ثقة، ثبت، إمام، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وكثيراً ما يروي عنه النسائي مباشرةً وبدون واسطة، ولكنه يروي عنه أحياناً بواسطة كما هنا، فإنه روى عنه بواسطة زكريا بن يحيى .
[حدثنا النضر].
هو : النضر بن شميل، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد بن سلمة].
حماد بن سلمة، وقد مر ذكره.
[عن عاصم عن أبي صالح عن أم حبيبة].
وقد مر ذكرهم.

حديث: (من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة ...) من طريق ثامنة عشرة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا محمد بن سليمان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى في يومٍ ثنتي عشرة ركعة سوى الفريضة بنى الله له بيتاً في الجنة)، قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ، ومحمد بن سليمان ضعيف، وهو ابن الأصبهاني، وقد روي هذا الحديث من أوجه سوى هذا الوجه بغير اللفظ الذي تقدم ذكره].أورد النسائي الحديث من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله، مثل حديث أم حبيبة الذي جاء من طرق عديدة، يعني مثله: (من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله له بيتاً في الجنة).
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك].
هو المخرمي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا يحيى بن إسحاق].
هو البصري، صدوق، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا محمد بن سليمان].
هو ابن الأصبهاني، وهو صدوق يخطئ، أخرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن سهيل بن أبي صالح].
أبوه أبو صالح السمان ذكوان، وسهيل قد مر بنا ذكره، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا أن البخاري روى له مقروناً وتعليقاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
أبوه أبو صالح، وقد مر ذكره.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق، فإن السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام، أكثرهم أبو هريرة رضي الله تعالى عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وأبو هريرة رضي الله عنه إنما كان أكثر الصحابة حديثاً مع أنه أسلم متأخراً؛ لأن هناك عدة أسباب جعلت حديثه يكون كثيراً، منها: أن أبا هريرة رضي الله عنه كان ملازماً النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مسكين وفقير، وكان يلازمه ويشاركه في طعامه ويسمع حديثه، فكان يروي عنه الشيء الكثير الذي لم يروه عنه من ليس كذلك؛ لأنه ملازم له في جميع أحواله؛ ولهذا كان يصحبه ويرافقه، وغيره من الصحابة من يشتغل بتجارته، ومنهم من يشتغل بزراعته، ومنهم من يشتغل برعيه لمواشيه وما إلى ذلك، فكانوا يشتغلون بأعمالهم ويحضرون، وقد جاء أنهم كانوا يتناوبون على رعاية الإبل من أجل أن يحضر من لم تأت نوبته مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسمع حديثه، كما جاء في حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، قال: كنا نتناوب رعاية الإبل، فلما جاءت نوبتي، يعني: اليوم الذي فيه يرعى الإبل، رجع مبكراً، أرجعاها العشي، يعني جاء مبكراً حتى يحضر وقتاً من مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم، فالحاصل أنهم كانوا يتناوبون، يعني: يجمعون الإبل، وكل واحد يرعاها يوم، بدل ما كل واحد يرعى إبله، فمثلاً هذا عنده خمس، وهذا عنده خمس، وهذا عنده خمس مثلاً، فكل يرعى ما عنده، يجمعونها وتصير إبل مع بعض، فيرعاها كل واحد يوم، وإذا جاءت نوبته ذهب وغيره كان جالساً يحضر حديث مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فـأبو هريرة رضي الله عنه ما كان عنده اشتغال بشيء من الأعمال، بل كان ملازماً للنبي عليه الصلاة والسلام، فهذا من أسباب كثرة حديثه.
ومن أسباب كثرة حديثه ما جاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا له بالحفظ، فكان يحفظ ما يسمعه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأمر ثالث وهو أن أبا هريرة كان في المدينة، ساكناً في المدينة، وقد عمر وعاش بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم مدة طويلة، والمدينة يقصدها الناس، يأتون إليها، وعندما يأتون المدينة يأتون إلى من كان فيها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسمعون منه، فيأخذون منه ويعطونه، فكان بهذا كثر حديثه رضي الله عنه وأرضاه، وكان أكثر السبعة المعروفين بكثرة الحديث، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة ستة رجال وامرأة واحدة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين. والنسائي قال بعده: إن هذا خطأ، ومحمد بن سليمان هو ابن الأصبهاني قال: ضعيف. ووجه الخطأ لعله من جهة أنه خالف الذين رووه عن أم حبيبة، وأنه رواه من طريق أبي صالح عن أبي هريرة، مع أن الطرق المتعددة التي جاءت عن طريق أبي صالح هي عن أم حبيبة، لكن لا يمنع، فقد يكون الحديث مروياً لـأبي صالح من طريقين: من طريق أم حبيبة، ومن طريق أبي هريرة رضي الله تعالى عن الجميع.
ثم قال: إن الحديث روي على غير هذا الوجه، وبغير اللفظ المتقدم؛ لأنه لما ذكر الطرق المتقدمة التي فيها ذكر ثنتي عشرة ركعة عن أم حبيبة، وختمها بهذه الطريق التي عن أبي هريرة، وقال: إنها خطأ، وكلها تتعلق بأن من حافظ على ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله له بيتاً في الجنة.
بعد ذلك قال: إنه قد روي الحديث من طرق بغير اللفظ المتقدم، يعني: بغير ذكر ثنتي عشرة ركعة، بل جاء بألفاظ أخرى ليس فيه ذكر ثنتي عشرة ركعة، وإنما فيه ذكر أربع قبل الظهر، وأربع بعدها، يعني بألفاظ غير الألفاظ المتقدمة، يعني الأحاديث التي ستأتي هي تتعلق بذكر ألفاظ ليست مثل اللفظ المتقدم، ليس فيها ذكر العدد الذي جاء في الطرق الكثيرة الماضية، ولا يمنع أن يكون حديثين، يعني الحديث الذي فيه ثنتي عشرة ركعة على بابه، والحديث الذي فيه أربع ركعات قبل الظهر، وأربعٌ بعدها، يكون على بابه، فكل منهما يعني يعتبر حديثاً مستقلاً، ولا يقال: إن واحداً منهما صواب والثاني خطأ، بل كل منهما صواب، الرسول جاء عنه ذكر هذا عن أم حبيبة، وجاء عنه ذكر ألفاظ أخرى ليس فيها ذكر العدد، ولكن فيها ذكر عدد ركعات معينة في أوقات معينة، من أتى بها فإن الله تعالى يبني له بيتاً في الجنة، أو يحرمه على النار كما سيأتي في الألفاظ، ثم بدأ بذكر الألفاظ بعد أن أشار إلى أنه روي على غير الوجوه المتقدمة، أو على غير الوجه المتقدم بألفاظ أخرى، شرع في ذكر هذه الألفاظ.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #526  
قديم 10-05-2022, 06:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,353
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث: (من ركع أربع ركعات قبل الظهر، وأربعاً بعدها ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني يزيد بن محمد بن عبد الصمد حدثنا هشام العطار حدثني إسماعيل بن عبد الله بن سماعة عن موسى بن أعين عن أبي عمرو الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: (لما نزل بـعنبسة جعل يتضور، فقيل له: فقال: أما إني سمعت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه من ركع أربع ركعات قبل الظهر، وأربعاً بعدها حرم الله عز وجل لحمه على النار، فما تركتهن منذ سمعتهن)].ذكر حديث أم حبيبة رضي الله عنها من طريق أخرى، وبلفظ غير الألفاظ السابقة، وهو يتعلق بصلاة أربع قبل الظهر، وأربع بعدها، وأن من حافظ عليها لم تمسه النار، فهو يعتبر حديثاً مستقلاً، وقد مر أن يعلى بن أمية الصحابي زار عنبسة بن أبي سفيان وهو في الموت، فجعل يتألم، فقال له: إنك على خير، ثم قال: حدثتني أختي أم حبيبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حافظ على ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله له بيتاً في الجنة)، وهذا الحديث فيه أن حسان بن عطية يقول: لما نُزل به، أي: نزل به الموت بـعنبسة بن أبي سفيان، جعل يتضور، يعني: يتألم ويتقلب، فقيل له في ذلك مثل ما قال يعلى بن أمية رضي الله عنه فيما مضى، فقال: إنني سمعت أختي أم حبيبة تقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ركع أربع ركعاتٍ قبل الظهر وأربعاً بعدها حرم الله عز وجل لحمه على النار، فما تركتهن منذ سمعتهن).
يعني: منذ سمعت هذا الحديث الذي فيه ذكر هذه الصلوات، فإنه ما تركهن، فهو يرجو أن يحرم الله لحمه على النار، يرجو أن يحصل على ذلك الثواب الذي أخبر به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حق من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها، وهذا يدلنا على استحباب أربع بعد الظهر، وقد جاء في بعض الطرق أن السنن الرواتب التي جاءت في حديث عائشة وغيرها، أربع قبل الظهر واثنتان بعدها، وجاء في هذا الحديث وغيره: أنها أربع بعد الظهر، وعلى هذا فيكون إن أتى باثنتين فهو على خير، وإن أتى بأربع فهي أفضل كما جاء في هذا الحديث فهو أكمل وأفضل.

تراجم رجال إسناد حديث: (من ركع أربع ركعات قبل الظهر، وأربعاً بعدها ...)


قوله: [أخبرني يزيد بن محمد بن عبد الصمد].
هو يزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقي، وهو صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا هشام العطار].
هو هشام بن إسماعيل العطار، وهو ثقة، فقيه، عابد، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثني إسماعيل بن عبد الله بن سماعة].
ثقة، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن موسى بن أعين].
هو موسى بن أعين الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن أبي عمرو الأوزاعي].
هو أبو عمرو الأوزاعي الدمشقي، ذكره هنا بكنيته ونسبته، واسمه عبد الرحمن وأبوه عمرو، فكنيته توافق اسم أبيه، أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو، وقد عرفنا فيما مضى أن من أنواع علوم الحديث معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة هذا النوع: ألا يظن التصحيف فيما لو جاء في بعض الأسانيد: أخبرنا عبد الرحمن أبو عمرو، فإن من لا يعرف كنيته أبو عمرو، قد يظن أن (ابن) الذي هو ابن عمرو تصحفت إلى (أبو)، مع أن الكل صحيح، إن قيل: عبد الرحمن بن عمرو فهو صحيح؛ لأن أباه عمرو، وإن قيل: عبد الرحمن أبو عمرو هو صحيح؛ لأن كنيته أبو عمرو، وهو ثقة فقيه، وفقيه الشام ومحدثها في زمانه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن حسان بن عطية].
هو حسان بن عطية الدمشقي أيضاً، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عنبسة عن أم حبيبة].
وقد مر ذكرهما.


الأسئلة

صلاة المسافر خلف المقيم

السؤال: فضيلة الشيخ حفظكم الله! إذا صلى مسافر مع الإمام في الركعة الأخيرة، ثم قام ليتم ما فاته من الركعات، هل له أن يصلي بإتمام أم يقصر؟

الجواب: إذا كان مسافر صلى وراء مقيم، ولو لم يدرك إلا التشهد، ما دام أنه دخل في الصلاة مع مقيم، فعليه أن يصلي صلاة المقيم، ولو لم يدرك من الصلاة إلا ركعة، أو حتى لو لم يدرك الركعة، وإنما أدرك الصلاة قبل أن يسلم الإمام ودخل، فإنه يصلي صلاة المقيم.

مدى صحة تفسير استواء الله بالجلوس

السؤال: فضيلة الشيخ حفظكم الله! هل ثبت في رواية صحيحة أن من معاني الاستواء في حق الله تعالى الجلوس؟


الجواب: المعروف عن السلف عبارات أربع فقط، وهي: ارتفع، وعلا، واستقر، وصعد، هذه الأربع التي وردت عن السلف، وجلس وغيرها ما نعلم وروده.

حكم وصف الله بالملل

السؤال: هل من صفات الله عز وجل الملل؟


الجواب: لا، الملل ليس من صفات الله، والله تعالى لا يمل، والملل كما هو معلوم صفة نقص، والله عز وجل منزه عن النقص، والحديث الذي في الصحيحين: (إن الله لا يمل حتى تملوا)، ليس فيه إثبات الملل لله عز وجل، وإنما فيه أنهم ولو ملوا فإنه لا يمل، يعني: (إن الله لا يمل حتى تملوا)، يعني: حتى أن تملوا فهو لا يمل، وليس معنى ذلك أنه يمل إذا ملوا.

علاج أمراض القلب

السؤال: فضيلة الشيخ! ذكر العلماء أن مرض القلب نوعان: مرض شبهة، ومرض شهوة، فما دواؤهما؟


الجواب: أمراض القلوب هي صنفان: مرض شهوة، ومرض شبهة، أما مرض الشهوة فهو: الرغبة في المعاصي، والميل للمعاصي، ومن ذلك قول الله عز وجل: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32]، يعني: الذي عنده ميل إلى المعاصي، يعني هذا مرض الشهوة، ودواء هذا المرض كون الإنسان يراقب الله عز وجل ويخشاه، ويتذكر الوعيد في المعصية التي يفكر بها، والتي تميل إليها نفسه، يتذكر ما يترتب عليها من المفاسد في الدنيا والآخرة، ويتذكر قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات)، فالطريق إلى النار محفوف بالشهوات؛ لأن الإنسان إذا أرخى لنفسه العنان، وأقدم على الشهوات، وما تميل إليه نفسه، فإذا كان ذلك الذي تميل إليه حراماً، فإن هذا يفضي به إلى النار، فإنه بينه وبين النار تلك الشهوات إذا أقبل عليها، وتورط فيها، فإنها تؤدي به إلى النار، وتفضي به إلى النار.
وأما الجنة فإنها بالعكس حفت بالمكاره؛ لأن الطريق إلى الجنة فيه تعب، ولهذا يحتاج إلى صبر على طاعة الله؛ لأن الصبر صبر على طاعة الله، وصبر عن معاصي الله، فيصبر على طاعة الله ولو شقت على النفوس؛ لأن العاقبة حميدة، ويصبر عن المعاصي ولو مالت إليها النفوس؛ لأن العاقبة تكون وخيمة، فقوله عليه الصلاة والسلام: (حفت الجنة بالمكاره)، معنى هذا: أن الإنسان إذا أمر بأمر فإنه يقدم عليه ولو كان شاقاً عليه، مثل كون الإنسان يتوضأ في البرد، ويستعمل الماء البارد، ويخرج إلى المسجد مع شدة البرد، وفي الظلماء، هذه أمور فيها مشقة، ولكن من صبر على الطاعة ولو كانت شاقة، فإنه يؤدي ذلك إلى الجنة، وعلى العكس من ذلك الشهوات، من أرخى لنفسه العنان فيها، فإنها تفضي به إلى النار، إذاً: هذا هو مرض الشهوة، وهذا علاجه بأن يخشى الله عز وجل، ويراقبه، ويتذكر عقوبته، ويبتعد عن الأعمال، أو فعل الأمور التي تفضي به إلى تلك العاقبة الوخيمة التي هي دخول النار والعياذ بالله؛ لأن النار حفت بالشهوات.
أما مرض الشبهة فهو: الذي يكون على القلوب من الشبه، مثل ما جاء في القرآن وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ [التوبة:125]، في قلوبهم مرض، يعني شبه ونفاق وما إلى ذلك، هذا مرض الشبهة، مرض الشبه مثل البدع؛ لأن البدع هي من مرض الشبهات، وأما المعاصي فهي من أمراض الشهوات، وعلاج ذلك أن يلازم السنة، وأن يحرص على معرفة الحق بدليله، وأن يعول فيما يأتي ويذر على ما تأتي به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يتبع الهوى، ولا يتبع من هو ضال عن الطريق، وإنما يتبع ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كما قال عليه الصلاة والسلام: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة)، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، فهو يحرص على اتباع السنن، ويحذر الوقوع في البدع، ومن ذلك أيضاً قوله عليه الصلاة والسلام: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟! قال: الجماعة)، وفي بعض الروايات: (من كان على ما أنا عليه وأصحابي)، فيحرص على معرفة الحق بدليله، ويسير على ما كان سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ويترك طرق الذين خرجوا عن الجادة، وحادوا عن الصراط المستقيم، ويترك الأهواء المضلة التي تنكب أصحابها الطريق المستقيم، ويعول على ما جاء عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا هو الذي فيه العصمة، وهذا هو الذي فيه السلامة وفيه النجاة؛ ولهذا بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة واحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار، وكلها تتعلق بالشبهات، وعلاج ذلك كما ذكرت معرفة الحق بالدليل، والسير على ما كان عليه سلف هذه الأمة، وقد قال مالك بن أنس رحمة الله عليه: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بمن صلح به أولها أي: لا يمكن للآخرين أن يصلحوا بشيء ما صلح به الأولون، ولا سبيل إلى الآخرين أن يصلحوا بشيء لم يصلح به أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، بل الذي صلح به أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يصلح به من بعدهم، ولهذا قال مالك أيضاً في رواية أخرى عنه: ما لم يكن ديناً في زمن محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإنه لا يكون ديناً إلى قيام الساعة.
إذاً فمرض الشبهة ومرض الشهوة هما من أمراض القلوب، أحدهما يتعلق بالمعاصي، والرغبة في المعاصي، والأمور التي تميل إليها النفوس، من حيث إشباع الرغبات ولو كانت بطريق محرم، وهذا مرض شهوة، والثاني مرض الشبهة، وهو الذي يتعلق بالانحراف عن الحق، وتأويل النصوص عما تدل عليه، وحملها على أمور لا تدل عليها، فإن هذه نتيجة مرض الشبهة، وقد عرفنا العلاج لكل من المرضين.

حكم الشرع في المداومة على قنوت الفجر

السؤال: فضيلة الشيخ حفظكم الله، هل دعاء القنوت في صلاة الصبح بدعة؟


الجواب: المداومة عليه خلاف السنة، وأما فعله في النوازل فإنه سنة، ولكنه لا يختص بالصبح، يمكن أن يكون في جميع الصلوات، فيرفع يديه، والناس يؤمنون.

موضع ذكر (اللهم أعني على ذكرك...) قبل السلام أم بعده

السؤال: هل ورد في الذكر الذي بعد السلام: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، في رواية صحيحة أم ضعيفة؟


الجواب: ورد في حديث يقول: (دبر كل صلاة)، والدبر يحتمل أن يكون قبل السلام، أو أن يكون بعد السلام؛ لأن دبر الشيء يطلق على آخر الشيء، وعلى ما يلي آخر الشيء، وآخر الشيء هو ما يكون قبل السلام، وما يلي آخره ما يكون بعد السلام، وقد جاء في بعض الروايات ذكر الدبر في الصلاة، ويراد به ما بعد السلام، وهو كون الإنسان يسبح ثلاثاً وثلاثين دبر كل صلاة، ويحمد ثلاثاً وثلاثين، ويكبر ثلاثاً وثلاثين، ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جاء أنها تقال دبر كل صلاة، ومن المعلوم أن المراد بهذا هو بعد السلام، وليس قبل السلام، فتأتي الدبر قبل السلام وبعد السلام، فكلمة دبر كل صلاة تحتمل هذا وتحتمل هذا، فإن أوتي بها قبل السلام فصحيح، وإن أتي بها بعد الصلاة فهو صحيح، وكله داخل تحت كلمة الدبر.

أحكام المطلقة إذا انتهت عدتها وأراد زوجها الرجوع إليها

السؤال: فضيلة الشيخ حفظكم الله! طلق رجل زوجته وانقضت عدتها، فهل يلزم في هذه الحالة إذن الولي بإرجاعها؟ وماذا يجب إذا تم العقد بدون إذن الولي؟

الجواب: إذا انتهت عدة المرأة المطلقة بانت من زوجها، ولم يكن له حق إرجاعها بالرجعة، ولكنه يمكن إرجاعها بالعقد، وأن يكون واحداً من الخطاب، ولابد من عقد ومهر، فيعتبر أجنبياً منها يتقدم لخطبتها كما يتقدم غيره، والأمر يتوقف على رضاها، والزواج لا بد أن يكون من ولي، لكن لا بد من إذنها ورضاها، والولي هو الذي يزوجها ويعقد لها. فبعد خروج العدة هي أجنبية ليس له أن يرجعها، وليست زوجة إذا خرجت من العدة. لكن يمكن أن يراجعها وهو حق من حقوقه قبل أن تخرج من العدة؛ لأنها ما دامت في العدة فهي زوجته إذا كان الطلاق رجعياً؛ ولهذا يتوارثان في عدة الطلاق الرجعي لو مات أحدهما؛ لأنها زوجة يمكن أن يرجعها بالقول أو بالفعل، ويمكن أن يبقى معها، وأن يبيت معها حتى تخرج من العدة، وإن جامعها فقد راجعها؛ لأنها تعتبر زوجة ما دامت في العدة وهي عدة الطلاق الرجعي، فإن خرجت من العدة صارت أجنبية، مثل حالتها قبل أن يتزوجها، يتقدم لخطبتها، ويعقد له وليها.

المداومة على صلاة اثنتي عشرة ركعة سبب لنيل الثواب

السؤال: يقول: هل من صلى في عمره اثنتي عشرة ركعة في اليوم يبنى له بيت واحد؟


الجواب: الذي يبدو أن المقصود من ذلك المداومة والملازمة، ما هو الإنسان يفعل مرة واحدة ويترك.

أخذ الحق وترك الباطل من كتب العلماء الذين عندهم أخطاء في العقيدة

السؤال: فضيلة الشيخ! هل يستفاد من كتاب المعلم من فوائد مسلم للمازني، مع العلم أنه أشعري؟


الجواب: الشخص في غير الخلل والنقص الذي حصل منهم، فأهل العلم الذين عندهم نقص في العقيدة، وعندهم خلل في العقيدة، يؤخذ الحق ويترك الباطل، يستفاد من كتبهم ما هو حق، وما هو صواب، ويترك ما فيها من باطل، وليس هذا يخص شخصاً معيناً، بل هم كثيرون، ولا يستغني طلبة العلم عن كثير من الكتب التي عند أصحابها خطأ في العقيدة ونقص في العقيدة.

ضابط السنة التقريرية

السؤال: فضيلة الشيخ! يذكر أحياناً أن فلاناً من الصحابة فعل كذا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه، فهل هذا تقرير صريح؟

الجواب: نعم هذا هو التقرير الواضح، التقرير الواضح الذي هو ليس أوضح منه، أن يفعل بحضرته ويشاهده ويقره، وهذا ليس فيه إشكال، هذا هو التقرير، بل هناك شيء أكثر من هذا، وهو أنه إذا فعل في زمانه، ولم يأت ما يدل على منعه، فإنه يعتبر سنة، ولهذا جاء في الحديث: (كنا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن).

أيهما أفضل في التابعين سعيد بن المسيب أم أويس القرني

السؤال: يسأل فضيلة الشيخ! عن سعيد بن المسيب يقول: هل هو من كبار التابعين؟


الجواب: نعم، من كبار التابعين، بل قال بعض العلماء: إنه خير التابعين كما سبق أن مر بنا في المصطلح عند ذكر التابعين وخيرهم، ومن العلماء من قال: إنه أويس القرني، ومنهم من قال: إنه سعيد بن المسيب، وسعيد بن المسيب قيل: إنه أفضل التابعين، وقيل: إن هذه الأفضلية إنما هي بالعلم، وأما أويس القرني فهو بالفضل الذي جاء فيه الحديث عن رسول الله علي الصلاة والسلام أنه قال: (إن خير التابعين رجلٌ يقال له: أويس).

حكم مراسيل كبار التابعين

السؤال: هل تقبل مراسيل كبار التابعين بدون ما يعضدها؟


الجواب: بعض العلماء يقبلها، لكن المشهور عند المحدثين أن المراسيل هي من قبيل المنقطع.

حكم ملازمة الدعاء قبل الفريضة بأن يعينه الله على أدائها

السؤال: هل دعاء الإنسان قبل كل فريضة سواء بين الأذانين أو قبل ذلك، بأن يعينه على أداء الفريضة القادمة على الوجه الذي يرضيه والمداومة على ذلك فيه شيء؟

الجواب: ما أعلم فيه شيء يدل عليه، لكن كون الإنسان يسأل الله عز وجل أن يوفقه لفعل الطاعات، وأن يأتي بذلك على الوجه الأكمل دائماً وأبداً، هذا هو الذي ينبغي، لكن كونه يشرع له أن يأتي بهذا الدعاء قبل كل صلاة، أي: أنه يلازم عليه، ما نعلم شيء يدل عليه، ومثل ذلك لا يكون إلا عن توقيف، لكن كون الإنسان يسأل الله عز وجل أن يعينه على فعل الطاعات، وأن يمكنه من أن يأتي بها على الوجه الذي يرضي الله عز وجل، هذا شيء طيب، وأما ملازمته، وأنه يقول: أن هذا شيء يلازم أو ما إلى ذلك، هذا يحتاج إلى دليل.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #527  
قديم 10-05-2022, 06:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,353
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب قيام الليل وتطوع النهار)
(319)

كتاب قيام الليل وتطوع النهار
- باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، والاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد فيه [4]



قدر الله عز وجل لعباده أقداراً، وأجل لهم آجالاً، فلن تموت نفس حتى يأتيها أجلها، ولا يجوز لإنسان أن يتمنى الموت لضر نزل به، أو لأمر أخروي؛ لأنه لا يعلم أيهما خير له: الموت أم الحياة، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني ما علمت الوفاة خيراً لي.

تابع ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، والاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد فيه


شرح حديث: (ما من عبد مؤمن يصلي أربع ركعاتٍ بعد الظهر ...) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وذكر اختلاف الناقدين فيه لخبر أم حبيبة، والاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد.أخبرنا هلال بن العلاء بن هلال حدثنا أبي حدثنا عبيد الله عن زيد بن أبي أنيسة حدثني أيوب رجلٌ من أهل الشام، عن القاسم الدمشقي عن عنبسة بن أبي سفيان، قال: أخبرتني أختي أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أن حبيبها أبا القاسم صلى الله عليه وسلم أخبرها قال: (ما من عبد مؤمن يصلي أربع ركعاتٍ بعد الظهر فتمس وجهه النار أبداً إن شاء الله عز وجل)].
فقد تقدم في الدروس الماضية في ترجمة ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وذلك من حديث أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها من طرق عديدة، مرت تلك الطرق، وبعد الانتهاء منها ذكر الحديث من طرق أخرى، ولكنه بألفاظ أخرى غير الألفاظ التي تقدم ذكرها، وللتنصيص على ثنتي عشرة ركعة، ذكر شيئاً يخص الصلاة قبل الظهر والصلاة بعد الظهر، وهي السنن التي تكون قبل الظهر وبعدها، أي: أن في ذلك ثواباً عظيماً، وأجراً جزيلاً من الله عز وجل، وعلى هذا فإن هذا الذي جاء في الترجمة يعني: الذي هو ثواب من صلى ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، لا ينطبق على هذه الأحاديث، ولكن لما كانت الأحاديث جاءت عن أم حبيبة رضي الله عنها وأرضاها، وفي بعضها أن عنبسة بن أبي سفيان يعني روى ذلك، وأنه قيل له في مرض الموت ما قيل، وقال: إن أخته أم حبيبة حدثته بكذا، وروى حديث ثنتي عشرة ركعة، وروى أيضاً حديث أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها، ناسب أن يذكر النسائي بعد تلك الأحاديث هذه الأحاديث عن أم حبيبة التي جاءت بألفاظ أخر، وهي تتعلق بالنوافل قبل صلاة الظهر، وبعد صلاة الظهر، وأن فيها ثواباً عظيماً وأجراً جزيلاً، وقد مر في الدرس الماضي طريق من تلك الطرق التي هي من حديث أم حبيبة المتعلق بأربع ركعات قبل الظهر، وأربع ركعاتٍ بعدها، وأن النار لا تمس لحمه إذا صلى هذه الصلوات وداوم عليها.
ثم أورد النسائي طريق أخرى، وهي هذه الطريق عن أم حبيبة رضي الله عنها، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من صلى بعد الظهر أربعاً لم تمسه النار أبداً إن شاء الله عز وجل)، وهذا خاص بما كان بعد الظهر، وليس فيه ذكر لما كان قبل الظهر، وإنما هو خاص بما كان بعد الظهر، وأن من صلى بعد الظهر أربع ركعات، فإن هذا ثوابه، وهذا جزاؤه، ومن المعلوم أن المقصود من ذلك الذي يداوم عليها، وليس أن يصلي مرةً واحدة ثم يترك، وإنما هذا الثواب لمن حرص على هذه السنن وداوم عليها.
وقوله: (فتمس وجهه النار أبداً إن شاء الله عز وجل)، قوله: (إن شاء الله)، ليس ذلك تعليقاً وإنما هو تحقيق، وهو من جنس قوله: (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله)، ومن جنس قوله في زيارة القبور: (وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)، فإن هذه أمور محققة، وأمور واقعة، ولكن يؤتى بذكر إن شاء الله تحقيقاً وليس تعليقاً على أنه يمكن أن يحصل، ويمكن ألا يحصل، بل هذا وعد من الله عز وجل، ومن أتى بذلك على وفق ما أمر به، فإن هذا هو الوعد الذي وعد الله عز وجل به، والثواب الذي وعد به من عمل هذا العمل.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما من عبد مؤمن يصلي أربع ركعاتٍ بعد الظهر ...) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا هلال بن العلاء بن هلال].
صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبي].
هو العلاء بن هلال، وهو فيه لين، يعني: فيه ضعف، وهو تضعيف يسير إذا قيل: فيه لين.
أخرج حديثه النسائي وحده.
يعني يقول الحافظ ابن حجر في اصطلاحه أن مقبول هو من اعتضد وإلا فلين الحديث، يعني مع أنه أقل من المقبول، لكن الحديث كما هو واضح جاء من طرق أخرى صحيحة، فهو ثابت عن أم سلمة من طرق متعددة، فيكون هذا من جنسها؛ لأنه لم يأت بشيء جديد، ولم يأت بشيء يستقل به، وإنما نفس الحديث جاء من طرق متعددة، وكلها فيها ثبوت هذا الأجر، وهو أن من صلى أربعاً وأربعاً بعدها، فإن جزاءه أن النار لا تمسه.
[حدثنا عبيد الله].
هو عبيد الله بن عمرو الرقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن زيد بن أبي أنيسة].
هو زيد بن أبي أنيسة الجزري، وهو ثقة له أفراد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أيوب رجلٌ من أهل الشام].
أيوب رجلٌ من أهل الشام، يروي عن القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي، وقد قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن القاسم الدمشقي].
هو القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي، وهو صدوق يغرب كثيراً.
أخرج له البخاري في الأدب وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عنبسة].
هو عنبسة بن أبي سفيان، وقيل: إن له رؤية، وقيل: إنه من ثقات التابعين، ومن كبار التابعين، وحديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
يروي عن أخته أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، رملة بنت أبي سفيان، اسمها رملة وكنيتها أم حبيبة، مشهورة بكنيتها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.

حديث: (من صلى أربع ركعات قبل الظهر وأربعاً بعدها ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن ناصح حدثنا مروان بن محمد عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (من صلى أربع ركعات قبل الظهر، وأربعاً بعدها، حرمه الله عز وجل على النار)].أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهو مثل الطريق التي قبل المتقدمة، وهي الطريق الأولى من الطرق المتعلقة لهذا الموضوع، وهو (من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها، حرمه الله على النار)، وهي مثل الطريق الأولى من هذه الطرق المتعلقة بالصلاة قبل الظهر والصلاة بعدها.
قوله: [أخبرنا أحمد بن ناصح].
هو أحمد بن ناصح الدمشقي، وهو صدوقٌ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا مروان بن محمد].
هو الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سعيد بن عبد العزيز].
هو سعيد بن عبد العزيز الدمشقي، وهو ثقة إمام، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سليمان بن موسى].
هو سليمان بن موسى الدمشقي الأشدق، وهو صدوقٌ فقيه، في حديث بعض ضعف، وحديثه أخرجه مسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
ومن المعلوم أن الرواية في المقدمة لا تعني أن الرجل يعني يكون فيه كلام، وأنه ما خرج له في الصحيح، وإنما هكذا اتفق أنه يعني: روى له في المقدمة؛ لأن البخاري ومسلم ما رويا عن كل ثقة، ولا رويا لكل ثقة، ولا رويا كل حديثٍ صحيح، ولهذا فإن عبد الله بن الزبير المكي الذي روى له البخاري أول حديث في صحيحه، روى له مسلم في المقدمة، ما روى له في الصحيح، فليس معنى كون أنه يعني يروى له في المقدمة أنه يعني فيه كلام، وإنما هكذا اتفق، مثل أبي عبيد القاسم بن سلام، إمام مشهور وثقة، ومع ذلك ليس له رواية في الكتب الستة؛ لأن صاحبي الصحيح لم يلتزما الإخراج عن كل ثقة، أو لكل ثقة، ولم يلتزما الإخراج لكل حديثٍ صحيح، بل ترك من الصحيح كثيراً، ولم يذكرا في رجالهما أو لم يأت في رجالهما رجال هم في القمة، وهم مشهورون بالثقة والعدالة، لكن هكذا اتفق أنهم جاءوا في الأسانيد، يعني فلم يدخل فيها منهم ثقات، وعدم دخولهم لا يعني الكلام فيهم.
الحاصل: أن كون مسلم ما روى له في المقدمة، لا يعني أنه مسلم ما رضي أو ما إلى ذلك، لا، فإنه قد يكون الشخص في غاية الثقة، ومع ذلك لا يروي، مثل عبد الله بن الزبير المكي شيخ البخاري الذي روى له أول حديث في الصحيح: (إنما الأعمال بالنيات)، قال البخاري: حدثنا عبد الله بن الزبير المكي، وروى له مسلم في المقدمة.
[عن مكحول].
هو مكحول الشامي، وهو ثقة، فقيه، حديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة].
وقد مر ذكرهما.
وهذا الإسناد نفسه أكثره شاميون أو بل دمشقيون، وهم:
أحمد بن ناصح، ومروان بن محمد، وسعيد بن عبد العزيز، وسليمان بن موسى يروي عن مكحول.
وكل هؤلاء شاميون.


شرح حديث: (من ركع ركعات ... حرمه الله على النار) من طريق رابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمود بن خالد عن مروان بن محمد حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة قال مروان: وكان سعيد إذا قرئ عليه عن أم حبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أقر بذلك ولم ينكره، وإذا حدثنا به هو لم يرفعه، قالت: (من ركع أربع ركعات قبل الظهر، وأربعاً بعدها، حرمه الله على النار)، قال أبو عبد الرحمن: مكحول لم يسمع من عنبسة شيئاً]. أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريقٍ أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أن مروان بن محمد يقول: كان سعيد إذا قرئ عليه عن أم حبيبة عن النبي أقر بذلك ولم ينكر.
يعني: أنه مرفوع، إذا قرئ عليه الحديث، وأنه مرفوع، فإنه يقر به ولم ينكره، وإذا حدث به هو من لفظه فإنه لا يرفعه، وإنما يوقفه على أم حبيبة، وعلى كل سواءً أوقفه أو لم يوقفه، هذا الحديث ليس للرأي فيه مجال، لو كان موقوفاً فقط، ولم يأت رفعه أبداً، فإنه مما له حكم الرفع؛ لأنه ليس فيه للرأي مجال؛ لأن بيان مقادير الأجور، وكون النار لا تمس من فعل كذا، ومن فعل كذا حرمه الله على النار، أو أدخله الجنة، أو ما إلى ذلك، فإن هذا من الأمور التي لا تقال من قبل الرأي، وإنما تكون بالتوقيف، والحديث جاء مرفوعاً وجاء موقوفاً، والموقوف في حكم المرفوع، والموقوف لا يعارض الموصول، بل هو في حكم المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا مجال للاجتهاد فيه، ولا مجال للرأي فيه.
قالت: (من ركع أربع ركعاتٍ قبل الظهر وأربعاً بعدها، حرمه الله على النار).
يعني على أنه موقوف، يعني أن هذا كلامها، وهذا على ما يحدث به سعيد بن عبد العزيز إذا كان من قراءته ومن لفظه، فإنه لا يرفعه، وإنما يقفه على أم حبيبة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وعرفنا أنه لا إشكال في الأمرين، بل هو مرفوع، إما تصريحاً وإما حكماً، إما مرفوعاً تصريحاً، وهو الذي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال، وإما حكماً، وهو الذي ينتهي إلى الصحابية هنا أم حبيبة أم المؤمنين، فله حكم الرفع؛ لأنه لا مجال للرأي فيه.

تراجم رجال إسناد حديث: (من ركع ركعات ... حرمه الله على النار) من طريق رابعة


قوله: [أخبرنا محمود بن خالد].
هو محمود بن خالد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
ثم بقية الإسناد مثل الإسناد الذي قبل هذا، مروان بن محمد عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن مكحول عن عنبسة عن أم حبيبة.


حديث: (من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الله بن إسحاق حدثنا أبو عاصم حدثنا سعيد بن عبد العزيز سمعت سليمان بن موسى يحدث عن محمد بن أبي سفيان قال: (لما نزل به الموت أخذه أمرٌ شديد، فقال: حدثتني أختي أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها، حرمه الله تعالى على النار)].أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وفيه ذكر المحافظة، من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها، أي: داوم عليها ولازمها، فإن الله تعالى يحرمه على النار.
قوله: [أخبرنا عبد الله بن إسحاق].
هو البصري، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا أبي عاصم].
هو الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل، مشهور بكنيته، وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأبو عاصم هذا من كبار شيوخ البخاري، وشيوخ مسلم، وأما النسائي فإنه يروي عنه بواسطة كما روى هنا عن عبد الله بن إسحاق عنه، وعبد الله بن إسحاق هو المستملي، مستملي أبي عاصم، والمستملي الذي هو يكون مع المحدث يبلغ عنه عندما يكثر الجمع، فإنه يبلغ عنه، وقد جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه في حديث وفد عبد القيس في صحيح البخاري: أن ابن عباس قال له: لو بقيت يعني معنا، يعني قالوا: وهذا حجة يعني حتى تبلغ عنا، فقال الحافظ ابن حجر: إن هذا حجة في اتخاذ المحدث المستملي، يعني: الذي يساعده، وأما الوراق، إذا قيل: وراق فلان، فإنه هو الذي يعتني بأوراقه وينسخ له، فهذا يقال له: وراق، وأما المستملي فهو الذي يساعده في إبلاغ الصوت لمن يكون بعيداً عندما يكثر الجمع.
وأبو عاصم مشهور بكنيته، وهو أبو عاصم النبيل، ثقة ثبت، أخرج له أصحاب السنن الأربعة، وهو ممن روى عنه البخاري الأحاديث الثلاثية من طريقه الأحاديث الثلاثية؛ لأنه من كبار شيوخه، لأنه من أتباع التابعين؛ لأن البخاري بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص: صحابي وتابعي وتابع تابعي، وأبو عاصم من أتباع الأتباع.
أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا سعيد بن عبد العزيز سمعت سليمان بن موسى يحدث عن محمد بن أبي سفيان].

يحدث عن محمد بن أبي سفيان، هنا قال: محمد بن أبي سفيان، والأحاديث التي مرت عنبسة بن أبي سفيان، فقيل: إن محمد بن أبي سفيان، مقبول، خرج حديثه النسائي، وقيل: الصواب أنه عنبسة، وأن ذكر محمد خطأ، وأن الصواب الذي روى هذا الحديث هو عنبسة بن أبي سفيان، عنبسة بن أبي سفيان الذي روى الأحاديث المتعددة، فهو يعني ذاك الذي هو عنبسة ثقة من كبار التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا البخاري، وهذا حديثه عند النسائي وحده، وقال الحافظ: أنه مقبول، وقيل: الصواب أنه عنبسة بن أبي سفيان وليس محمد.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #528  
قديم 10-05-2022, 06:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,353
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

حديث: (من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها لم تمسه النار) من طريق سادسة وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا أبو قتيبة حدثنا محمد بن عبد الله الشعيثي عن أبيه عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها لم تمسه النار)، قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ، والصواب حديث مروان من حديث سعيد بن عبد العزيز].أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريقٍ أخرى، وهو مثل الذي قبله (من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها لم تمسه النار).
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
هو الفلاس، المحدث الناقد، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو قتيبة].
هو سلم بن قتيبة الشعيري، قيل: إنه نسبة إلى بيع الشعير، وكنيته توافق اسم أبيه؛ لأنه أبو قتيبة، واسم أبيه قتيبة، وهذا له نظائر كثيرة مرت بنا، مثل: هناد بن السري، ومثل: إسماعيل بن مسعود، ومثل: الأوزاعي، وغيرهم كثير، وهذا منهم أبو قتيبة سلم بن قتيبة، وسلم بن قتيبة صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن الأربعة، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمته في تهذيب التهذيب كلمةً تنسب إلى يحيى بن سعيد القطان كلمة يعني: أنه يوهنه؛ لأنه ذكر كلام الذين تكلموا فيه، والذين وثقوه، وكان ممن تكلم فيه يحيى بن سعيد القطان، فأتى بعبارةٍ غريبة، وهي تستعمل في هذا الزمان عند العوام في حق الشخص الذي يعني: يكون عنده أهلية في تحمل المشاق، وتحمل الأمور الثقيلة، فيقول عنه يحيى بن سعيد القطان: ليس من الجمال التي يحمل عليها المحامل، يعني: معناه تضعيف له، يعني: ليس بذاك الذي هو عنده التمكن وعنده القدرة على حمل المشاق، فينفي أن يكون يشبه الجمال التي تحمل المحامل، يعني: الأحمال الثقيلة، يعني: المقصود من ذلك أنه ليس بذاك القوي الذي يعول عليه ويعتمد عليه، والعوام يقولون عن الشخص: فلان ليس من جمال المحامل، أو من جمال المحامل، يعني أنه عمدة أو ليس بعمدة، فهذه الكلمة المعروفة السائرة في هذا الزمان هي موجودة من قديم الزمان، وقد قالها يحيى بن سعيد القطان في حق هذا الرجل الذي هو سلم بن قتيبة أبو قتيبة الشعيري، صدوق، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا محمد بن عبد الله الشعيثي].
هو محمد بن عبد الله بن المهاجر الشعيثي، وهو صدوقٌ، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.

[عن أبيه].

هو عبد الله بن المهاجر الشعيثي، وهو مقبولٌ أخرج حديثه الترمذي والنسائي وابن ماجه.

[عن عنبسة عن أم حبيبة].

وقد مر ذكرهما.
وقول أبي عبد الرحمن: إن هذا خطأ وصواب رواية مروان عن سعيد بن عبد العزيز، ما أدري وجه هذا الخطأ مع أنها متفقة معها من حيث المتن، والألباني جعله من جملة الأحاديث الصحيحة في سنن النسائي.

الأسئلة


علاقة صلاة أربع قبل الظهر وأربع بعدها بالاثنتي عشرة ركعة

السؤال: بالنسبة لصلاة الظهر، أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها، هذه تدخل ضمن اثنتي عشرة أم لا؟


الجواب: لا ما هي باثني عشر هذه زائدة على اثني عشر؛ لأن الاثنا عشر الذي جاء فيها التفصيل أربعاً قبل الظهر وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل الفجر، هذه اثنا عشر، جاء تفصيلها في الحديث نفسه، حديث عائشة الأول في هذا الباب، لكن هذا فيه زيادة على اثنا عشر.

مداخلة: الذي أربع بعد الظهر ...... غير الرواتب؟
الشيخ: لا، هي من داوم عليها وحافظ عليها، فإن فيه هذا الأجر، لكن الأشياء التي ورد فيها حديث يخصها وفيها التفصيل باثني عشر وتفصيل اثنا عشر، يعني ثنتين بعد الظهر، ولا شك أن الإتيان بأربع بعد الظهر أكمل وأفضل.

مدى ارتباط كتاب الأسماء والصفات للبيهقي بعقيدته


السؤال: ما رأيكم في كتاب الأسماء والصفات للإمام البيهقي ؟

الجواب: كتاب الأسماء والصفات للإمام البيهقي كما هو معلوم مشتمل على أحاديث كثيرة، والإمام البيهقي رحمه الله عنده سلامة في كثير من النواحي، وعنده خطأ في بعض النواحي في العقيدة، وهو من الكتب التي فيها الرواية بالأسانيد، وإذا عرف الإسناد وعرف رجاله وثبوته وصحته، فالحديث يكون ثابتاً من تلك الطريق إذا صح الإسناد، وأما كلام البيهقي نفسه إذا تكلم فأحياناً يكون عنده كلام حسن، وأحياناً يكون عنده كلام فيه خلل؛ لأن عنده حق وباطل.

كيفية راتبة الظهر يوم الجمعة

السؤال: يقول: فيما يتعلق بصلاة الراتبة ثنتي عشرة ركعة، كيف يكون ذلك في يوم الجمعة، وليست هناك راتبة قبلها؟

الجواب: يوم الجمعة الراتبة قبلها ما هناك راتبة معينة، ولكن الإنسان إذا دخل المسجد يصلي ما شاء الله أن يصلي، ثم يجلس ولا يقوم إلا للصلاة؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يفعلون ذلك، وليس هناك عدد معين قبل الجمعة، أما بعد الجمعة فجاء فيه ركعتان أو أربع، ركعتان لمن صلى في البيت، وأربع لمن صلى في المسجد، وقد مرت بنا تلك الأحاديث.
على كل الإنسان يعني كما هو معلوم إذا دخل المسجد، إن صلى أكثر من أربع ركعات، فقد وجدت الأربع وزيادة، وإن اقتصر على أربع ركعات فهو قد حافظ.


حديث أمير الركب وحال أحمد بن صالح المصري


السؤال: يقول: فضيلة الشيخ! الحديث: الضعيف أمير الركب، هل هو صحيح؟

الجواب: لا أدري.
السؤال: وهل أحمد بن صالح المصري متساهلٌ في التوثيق؟
الجواب: ما أدري.


الإرسال عند القاسم بن عبد الرحمن بين الثبوت وعدمه


السؤال: يقول: في بعض طبعات التقريب في القاسم بن عبد الرحمن صدوق يرسل كثيراً؟

الجواب: يرسل كثيراً نعم كذلك، وهذا الموجود في النسخة المصرية، صدوق يرسل كثيراً.

ولعلها هي الصواب، يرسل كثيراً؛ لأنه من المتقدمين، أقول: هو من المتقدمين، يعني قضية الإرسال هو الذي يغلب على المتقدمين ذكر الإرسال، وإن كان غيرهم يذكر الإرسال، يعني الذي هو الإرسال الخفي، أو الإرسال عمن لم يلقه وليس الإرسال المشهور عند المحدثين الذي هو قول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، يعني: أنه يرسل عمن لا يلقه، أو من لم يدركه بالمعنى الأعم، نعم.


شروط السكنى في ديار المشركين ومدى صحة فتوى شيخ الإسلام بجواز ذلك


السؤال: يا شيخ! السائل ينقل عبارة من فتاوى شيخ الإسلام من الجزء الرابع صفحة مائة وأربعة عشر يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: كما يجوز السكنى في ديارهم، يقصد الكفار.فهل يرى شيخ الإسلام جواز السكنى في ديار المشركين مطلقاً، مع العلم وجود أحاديث تمنع من ذلك؟
الجواب: أنا ما أدري عن كلام شيخ الإسلام أيش هو، لكن السكنى في بلاد الكفار إذا كان هي بلد الإنسان، ويستطيع أن يقيم فيها شعائر دينه، فإنه يقيم، وفي إقامته مصلحة له ولغيره، إذا دعا إلى الله عز وجل، وأدى ما عليه، وسعى في الدعوة إلى الله، وفي هداية الناس إلى الخير، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم)، كما قال ذلك لـعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في عام خيبر، وإذا كان يعني: أنه لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه، وأنه لا يمكن من ذلك، فعليه أن يهاجر إلى بلدٍ يستطيع أن يقيم شعائر دينه، وأما.. هذا في الإقامة المستمرة، وأما الإقامة المؤقتة، كون الإنسان يذهب لتجارة أو ما إلى ذلك، فهذا سائغ.

حكم تجاوز ميقات البلد إلى ميقات آخر للإحرام منه

السؤال: ما حكم من غير ميقات بلده إلى ميقاتٍ آخر كأن يمر على ميقات بلده ولا يحرم ويأتي إلى المدينة ويحرم من ميقات أهل المدينة؟

الجواب: ما في بأس، كون الإنسان يعني تجاوز الميقات، ولكنه لم يحرم، ثم يخرج إلى المدينة، مثل الذين يأتون مثلاً بالطائرة من المغرب إلى جدة، وإذا نزلوا جدة جاءوا إلى المدينة وأحرموا من ميقات المدينة، ما في بأس أبداً، لا بأس بذلك؛ لأن ما في تغيير، يعني: كونه يريد أن يأتي إلى المدينة قبل أن يذهب إلى مكة، يحرم من ميقات المدينة.
يعني: قبل أن يأتي يحرم ما دام أنه ناوي عمرة أو حج، فإنه لا يتجاوز الميقات، إلا إذا كان في نيته أنه سيمر حتى لو مر بمكة، يعني: مثل إنسان جاء من الجنوب يريد أن يأتي إلى المدينة أول ثم يحرم منها، ما في بأس؛ لأن دخول مكة غير محرم وهو ما أراد حج وعمرة، ما عليه شيء؛ لأنه دخلها ماراً وفي نيته أنه إذا جاء إلى المدينة يحرم منها، هذا ما في بأس، ولو دخل مكة نفسها غير محرم.


معنى قول ابن عمر في ابن الزبير: (لأمة أنت شرها أمة خير)


السؤال: يقول: ما معنى قول ابن عمر حين صلب عبد الله بن الزبير قال لأمه: لأمة أنت شرها أمة خير؟

الجواب: أنا ما أذكر، هو ابن عمر رضي الله تعالى عنه له كلام جيد وهو في الصحيح الحديث، بس اللفظ هذا ما أدري، لكن كونه وصفه بأنه بهذا الوصف، معناه أنها بخير يعني: ما دام أنت الذي يقال: إنك شرها وأنت من أنت فهي أمة خير، ما أدري هل اللفظ هذا هو موجود في الصحيح؟ وكان قصة الحجاج وأنه جاء إلى أمه وتكلم معها وقالت إنك.. أجابته بجواب في غاية القوة وفي غاية الحسن، قالت عبارة جميلة في حق عبد الله وفي حقه هو، يعني سيئة في حقه، وجميلة في حق عبد الله بن الزبير، ما أتذكرها.
نعم، أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، هذه في الصحيح، وقالت له: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنه يخرج في ثقيف كذاب ومبير، أما الكذاب فقد عرفناه، وأما المبير فلا إخالك إلا إياه)، المبير: المهلك، (وأما المبير فلا إخالك إلا إياه)، الحديث في صحيح مسلم.


الصدوق الذي فيه لين وحاجته لطرق للاعتضاد أو عدمها


السؤال: يقول: فضيلة الشيخ، الصدوق الذي فيه لين هل يحتاج لمن يعضده؟

الجواب: الذي يبدو أنه ما يحتاج إذا كان فيه لين، يعني معناه ذو لين يسير.
وهي أقل من درجة مقبول، إذا قيل: لين أو فيه لين هو فيه لين أهون من لين.

حكم من مات وهو متهاون بالنوافل

السؤال: من لم يفعل شيئاً من النوافل لا صيام ولا غيره، ثم مات مع تأديته الفرائض، فما حكمه؟

الجواب: على كل يرجى له خير، ما دام أنه أدى الواجبات فهو على خير، ولكنه قصر كثيراً، ومن المعلوم أن النوافل هي كالسياج للفرائض، والذي يتهاون في النوافل يتهاون في الفرائض، وإذا كان أنه ترك تلك رغبةً عن السنة فهو آثم، إذا كان رغبةً عن السنة، وأما إذا كان كسلاً، فهذا كونه أدى ما عليه، فهو على خيرٍ إن شاء الله.

حكم قطرة العين والأنف للصائم

السؤال: القطرة في العين والأنف، هل تفطر وكذلك الحجامة؟

الجواب: القطرة في العين لا تفطر، لكن بالنسبة للأنف الأنف يعني كما هو معلوم من المنافذ، فإذا وصل إلى حلقه وابتلع شيئاً من ذلك، فهو مثل ما لو أدخله من فمه، السعوط والوجور، السعوط يعني: ما يوضع في الأنف، والوجور: ما يوضع في الفم، وأما الحجامة فهي تفطر، الحجامة تفطر، (أفطر الحاجم والمحجوم)، والحاجم إذا كان بالطريقة القديمة التي فيها مص المحاجم، وأما إذا كان بدون مص، فيفطر المحجوم دون الحاجم.

عدد الأرضين ومدى صحة تلاصقها أو انفصالها

السؤال: هل الأرضين سبع؟ وكيف صنفها؟ ومن يسكنها؟

الجواب: الأرضين سبع، يعني كما جاء في الحديث: (من ظلم شبراً من الأرض طوقه من سبع أرضين)، لكن جاء في الحديث هذا الحديث نفسه: (طوقه من سبع أرضين)، هذا يدل على أنها متلاصقة، وأنه متصل بعضها ببعض؛ لأنها لو كانت كل طبقة لها سكان، كان الإنسان إذا ظلم يعني يكون عليه الطبقة التي ظلمها، وأما الطبقات التي تحت فهي تبع السكان الذين يكونون تحت، تحت تلك الطبقة، لكن قوله: (طوقه من سبع أرضين)، يعني معناه أن كله يحمله على كتفه وعلى رقبته يوم القيامة؛ لأنه ظلم، والعلماء استنبطوا من هذا الحديث أنها متلاصقة، وأنه متصل بعضها ببعض، وأنها ليست كالسماوات كل سماء مستقلة، وفي فضاء بينهما، وفي سكان في كل سماء، وإنما تلك الأرضين متلاصقة، وجاء في حديث ضعيف أنه قال: (كل أرض فيها آدم كآدم وموسى كموسى)، وما إلى ذلك، وهذا غير صحيح، لكن الصحيح الذي جاء في الحديث الذي ورد في الصحيحين، ولو كان كل أرض لها سكان، كان يصير طبقة واحدة التي يحمل إياها، والطبقات التي تحتها يصير طبقة يحملها الذي كان على ظهرها.
وبالنسبة للآية: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ )[الطلاق:12]، (مثلهن) يعني في العدد، وهذا الحديث بين أنها تختلف عنها من حيث وجود الفضاء.

مدى صحة حديث: (من سبح في دبر كل صلاة مائة تسبيحة) وعلاقته بالتسبيح

السؤال: يقول: في حديث أبي هريرة: (من سبح في دبر كل صلاة مائة تسبيحة، وهلل مائة تهليلة)، هل هذا تسبيحٌ أم لا؟
الشيخ: ما أذكر يعني شيئاً عن الحديث هذا، لا أدري، لا أذكر شيئاً عن ثبوته، لكن الذي ورد في الصلوات كلها، ورد: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيءٍ قدير)، بعد المغرب وبعد الفجر.

حكم البيع داخل المسجد وقبض المال خارجه

السؤال: ما حكم عقد البيع والشراء في المسجد وقبض المال خارج المسجد والعكس؟

الجواب: ما يجوز البيع والشراء في المسجد، يعني: كون الإنسان يعقد بيعاً ويبرم بيعاً في المسجد ويبيع ويشتري، هذا ما يجوز أبداً.
مداخلة: العبرة بالتعاقد البيع والشراء وإلا بقبض المال؟
الشيخ: كله يعني: لا عن طريق التعاقد ولا عن طريق التقابض، كل ذلك يقال له: بيع.

حكم بيع المزايدة


السؤال: ما حكم البيع والشراء عن طريق المزايدة؟
الجواب: شيء طيب، يعني: فوق من يزيد، هذه معروفة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #529  
قديم 10-05-2022, 06:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,353
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز

(320)

- باب تمني الموت - باب الدعاء بالموت


دلت السنة النبوية على أنه لا يجوز للإنسان أن يتمنى الموت لضر مسه؛ لأنه لا يدري أيهما خير له، فإن كان لابد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي.

كتاب الجنائز: باب تمني الموت


شرح حديث: (لا يتمنين أحد منكم الموت...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الجنائز، باب تمني الموت.أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا معن حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتمنين أحد منكم الموت، إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً، وإما مسيئاً فلعله أن يستعتب)].
يقول النسائي رحمه الله: [كتاب الجنائز]. هو الكتاب الذي ختم به النسائي كتاب الصلاة، أو الكتب المتعلقة بالصلاة، وأخر هذا الكتاب؛ لأنه يتعلق بالصلاة على الميت، وتلك إنما تكون عند نهاية الحياة؛ فمن أجل هذا أتى النسائي بهذا الكتاب في آخر كتاب الصلاة، وكذلك العلماء فكثير من المحدثين والفقهاء يختمون الكتب المتعلقة بالصلاة بكتاب الجنائز، وقال: كتاب الجنائز ولم يقل: كتاب صلاة الجنازة؛ لأن الأحكام التي تتعلق بالجنائز كثيرة، الصلاة وغير الصلاة، أشياء قبل الصلاة وأشياء بعد الصلاة، فلهذا جاءت الترجمة عامة فقيل: [كتاب الجنائز]، أي: ما يتعلق بالجنائز من أحكام، هذا هو وجه تأخير كتاب الجنائز عن الكتب المتعلقة بالصلاة؛ لأن الصلاة على الميت إنما تكون عند الوفاة وبعد الوفاة، فختمت كتب الصلاة بهذا الكتاب، وهذه الطريقة سلكها العلماء من محدثين وفقهاء.
وأورد النسائي أبواباً تتعلق بأمور قبل الموت، فبدأ بالتمني، أي: تمني الموت، حكمه، وهل هو سائغ أو غير سائغ؟ وماذا ورد من السنة فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وتمني الموت إذا كان لأمور دنيوية أو لضرر في الإنسان في أمور تتعلق بدنياه، فهذا ليس بحسن؛ لأن الإنسان لا يدري ماذا سينتهي إليه، وقد ينتهي أو ينتقل من ضرر شديد إلى ضرر أشد؛ لأنه لا يعرف الإنسان العاقبة، ولا يعرف ما بعد الموت، فلا يتمنى ذلك لأمور دنيوية، وأما الأمور الأخروية، فمن العلماء من أجازها، وكون الإنسان يتمنى الموت لأمور أخروية، لكون الإنسان يخشى من الفتنة في دينه، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضني إليك غير مفتون)، وهذا في الدعاء الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم: وكذلك جاء فيما يتعلق بالذي يتمنى أن يكون مكان الميت، وقد أورده البخاري في صحيحه: باب غبطة أصحاب القبور، أي: أن يأتي رجل فيقول: يا ليتني مكانه! فهذا التمني لأمور تتعلق بالدين، ولكن سواء كانت الأمور تتعلق بالدنيا أو بالدين، فالإنسان إذا كان ولا بد فليسأل أن تكون حياته على خير، وأن تكون وفاته على خير، وأن تحصل له الحياة إذا كانت خيراً له، وأن تحصل له الوفاة إذا كانت خيراً له كما سيأتي في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن كان ولا بد فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)، يعني معناه: أن الإنسان يسأل الله عز وجل الخاتمة على خير، وأن يسأل الله الوفاة على الإسلام، والوفاة على الحق كما جاء عن يوسف عليه الصلاة والسلام: (توفني مسلماً وألحقني بالصالحين)، فالإنسان يسأل الله الوفاة على حالة طيبة إذا كان ولا بد سائلاً، لا يتمنى الموت مطلقاً بدون تقييد، وإنما يكون مقيداً بما إذا كانت الوفاة خير للإنسان؛ لأن الإنسان قد يصيبه ضرر دنيوي، فينتقل إلى ضرر أشد منه بالموت، ولكنه إذا سأله أن تكون الحياة على خير، وأن تكون الوفاة على خير، فهذا هو الذي ينبغي، ولهذا جاء في الحديث إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الدعاء إذا كان ولا بد، يعني سائلاً أو متمنياً الموت، فليأت بهذه الطريقة.
ومن الأدعية التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في صحيح مسلم، الحديث العظيم الجامع الدعاء الذي يقول فيه عليه الصلاة والسلام: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر)، هذا حديث عظيم جامع، وهكذا يكون السؤال عندما يحتاج الإنسان إلى أن يدعو، أو أن يتمنى الموت، أما أن يتمناه مطلقاً فإن هذا لا يصلح ولا ينبغي، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك فقال: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان ولا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي).
وهنا أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يتمنين أحدكم الموت، إما محسناً فلعله أن يزداد إحساناً، وإما مسيئاً فلعله يستعتب)، يعني: إنه إذا بقي على قيد الحياة، فإن كان محسناً فلعله أن يزداد إحساناً على إحسانه، ويكون طول حياته زيادةً في الخير الذي يحصل له، يعني: كون الإنسان يطول عمره على خير، وعلى أعمال صالحة، هذا خير؛ لأن حياة الإنسان هي المزرعة التي يحصد الإنسان ثمرتها ونتاجها عندما يموت كما جاء في الحديث القدسي: (يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)، فإذاً: تمني الموت نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وبين أن هذا الإنسان الذي سيتمنى: إن كان محسناً فالحياة لعلها تكون زيادة خير له، وإن كان مسيئاً فلعله أن يستعتب، يعني: يرجع ويتوب ويطلب العفو والرضا من الله عز وجل، وأن يرضى ويتجاوز عنه، وأن يتوب الله عليه، ويتجاوز عما حصل منه من الإساءة.
وقوله: (إما محسناً)، محسناً: خبر يكون، كان واسمها محذوفان، والخبر هو الموجود، يعني: إما أن يكون محسناً، فلعله أن يزداد إحساناً، أي: في الحياة، وإما أن يكون مسيئاً فلعله أن يستعتب، وهذا مثل قوله: (إن خيراً فخير، وإن شراً فشر)، يعني: إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر، يعني إن كان عمله الذي يقدمه خيراً فجزاؤه خير، وإن كان شراً فالجزاء من جنس العمل، (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ )[الرحمن:60]، (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى )[الروم:10]، (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )[يونس:26]، الحسنى: الجنة، والسوأى: النار.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يتمنين أحد منكم الموت...)

قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].هو البغدادي الحمال، لقبه الحمال، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا معن].
هو معن بن عيسى المدني، صاحب الإمام مالك، وهو ثقة ثبت، قال أبو حاتم: أثبت أصحاب الإمام مالك: معن بن عيسى، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا إبراهيم بن سعد].
هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، ثقة فقيه مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار التابعين الذين رأوا صغار الصحابة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة].
هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهو ثقة فقيه، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين. وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال، الستة المتفق على عدهم هم: عبيد الله بن عبد الله هذا الذي معنا، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعروة بن الزبير بن العوام، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، هؤلاء ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وعبيد الله الذي معنا هو أحد السبعة باتفاق، أما السابع ففيه ثلاثة أقوال: قيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وحديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة، ستة رجال وامرأة واحدة، هؤلاء عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.

حديث: (لا يتمنين أحد منكم الموت...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن عثمان حدثنا بقية حدثني الزبيدي حدثنا الزهري عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف: أنه سمع أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنين أحدكم الموت، إما محسناً فلعله أن يعيش يزداد خيراً، وهو خيرٌ له، وإما مسيئاً فلعله أن يستعتب)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريقٍ أخرى، وهو مثل الذي قبله في المعنى، وإن كان يختلف عنه في بعض الألفاظ قليلاً.

قوله: [أخبرنا عمرو بن عثمان].

هو ابن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا بقية].
هو ابن الوليد، وهو صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني الزبيدي].
هو محمد بن الوليد الحمصي، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي فإنه لم يخرج له شيئاً.
[حدثنا الزهري]
، وقد مر ذكره.
[عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف].
هو سعد بن عبيد مولى عبد الرحمن بن أزهر بن عوف، يعني: ابن أخي عبد الرحمن بن عوف؛ لأن هذا عبد الرحمن بن أزهر بن عوف، وعبد الرحمن بن عوف أخو أزهر بن عوف، فهو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف، وهو مولاه، وهو سعد بن عبيد أبو عبيد مولى عبد الرحمن بن أزهر بن عوف، وليس عبد الرحمن بن عوف، بل هو عبد الرحمن بن أزهر بن عوف ابن أخي عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أنه سمع أبا هريرة].
رضي الله عنه، وقد مر ذكره.


شرح حديث: (لا يتمنين أحدكم الموت ...) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا يزيد وهو ابن زريع عن حميد عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتمنين أحدكم الموت لضرٍ نزل به في الدنيا، ولكن ليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)].أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي فيه النهي عن تمني الموت، وأنه إن كان ولا بد فاعلاً فليقل: (اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيراً لي)، وفي بعض النسخ: (إذا كانت الوفاة خيراً لي)، فهذا فيه النهي عن تمني الموت، والإرشاد إلى أن الإنسان إذا كان لا بد متمنياً فليكن على طريقة حسنة في الحياة والموت، فيقول: (اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي) ومعناه أنه يكون على ما هو خير له، إن كانت الحياة خيراً فيبقى، وإن كانت الوفاة خيراً فهو يرجو من الله عز وجل ذلك، ويطلب منه الوفاة.
ومن المعلوم أن كل شيء مقدر، الحياة مقدرة، والوفاة مقدرة، والأجل لا يتقدم ولا يتأخر، ولكن الله عز وجل شرع الدعاء، وأمر بالأسباب، ومن المعلوم أن الإنسان يسأل ويدعو وإن كان ذلك الشيء مقدر، فليس معناه أن يقول: والله إذا كان مقدراً فما الحاجة إلى الدعاء، الله عز جل قدر الأجل وقدر أسباباً تؤدي إلى الأجل، وكل ذلك مقدر، ففعل الدعاء بقدر، والموت بقدر، والحياة بقدر، والذي قدره الله هو الذي يقع، فلا يتغير الأجل، والإنسان أجله واحد، (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ )[الأعراف:34] يعني: لا فيه تقدم ولا تأخر إذا جاء الأجل، ولكن الله عز وجل شرع الدعاء، مثل ما يقول الإنسان: اللهم ارزقني الجنة وجنبني النار، وهو مقدر أنه من الجنة أو من النار، كل شيء مقدر، (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ )[الشورى:7]، لكن الإنسان يسأل الله عز وجل ويرجو الجنة ويستعيذ بالله من النار، وكل شيءٍ مقدر، الذي كتبه الله في اللوح المحفوظ لا بد وأن ينتهي؛ ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اعملوا، فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة)، ومن العمل الدعاء، وكون الإنسان يأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى الجنة، ويسأل الله عز وجل أن يجعله من أهلها فإن كان لا بد فليكن بهذه الطريقة، أو بهذه الكيفية التي هي سؤال الموت على خير، أو الحياة على خير.
وفي هذا الحديث قوله: (لضرٍ نزل به في الدنيا)، يعني: إذا كانت الأمور الدنيوية؛ لأن الإنسان لا يدري لعل هذا الضر الذي حصل له في الدنيا قد ينتقل إلى حالة أشد، وإلى عذاب أشد في القبر وبعد الموت، ولكن الإنسان إذا سأل الله عز وجل أن تكون الحياة على خير، وأن تكون الوفاة على خير، فهذا هو الذي على خير، وهذا الذي على الإنسان أن يأخذ به، وأن يدعو بهذا الدعاء، ويمكن للإنسان أن يدعو بهذا التفصيل، سواءً يتعلق بأمرٍ دنيوي أو أخروي، حتى لو كان فيما يتعلق بأمرٍ يراه في الدنيا وهو يتعلق بدينه، ويخشى أن يكون عليه ضررٌ فليسأل الله هذا السؤال أيضاً، (اللهم أحيني إذا كان الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي).


تراجم رجال إسناد حديث: (لا يتمنين أحدكم الموت ...) من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا قتيبة].
هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا يزيد وهو ابن زريع].

هو البصري، وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكلمة (هو ابن زريع) الذي قالها النسائي أو من دون النسائي، ولم يقلها قتيبة تلميذه؛ لأن التلميذ لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن فلان، وإنما ينسبه كما يريد، ويصفه كما يريد، ولكن التلميذ لما أتى به غير منسوب، وهو الذي يسمى في علم المصطلح: المهمل، الذي دونه، أي: دون التلميذ، لما أراد أن يعرف أو يأتي بشيء يعرف به التلميذ، قال: هو ابن زريع، فأتى بكلمة: (هو) حتى يعلم أنها ليست من قتيبة، بل هي من النسائي أو من دون النسائي، وهذه طريقة العلماء، وهي من دقة المحدثين، أنهم يأتون باللفظ الذي أتى به التلميذ، وإذا أرادوا أن يوضحوا أتوا بكلمة تبين ذلك، مثل كلمة (هو)، أو (فلان بن فلان) هاتان العبارتان هما اللتان يستعملهما العلماء عندما يريدون أن يأتوا بما يوضح الشخص الذي أهمل ولم ينسب.
[عن حميد].
هو ابن أبي حميد الطويل البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه الذي قد خدمه عشر سنوات منذ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة إلى أن توفاه الله عز وجل وهو يخدمه عشر سنوات رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذين مر ذكرهم آنفاً عند ذكر أبي هريرة رضي الله عنه، فإن أنس بن مالك واحداً منهم، وخدمته للرسول صلى الله عليه وسلم وملازمته إياه للخدمة، كانت من أسباب كثرة حديثه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وهذا الإسناد رباعي، قتيبة عن يزيد بن زريع عن حميد بن أبي حميد الطويل عن أنس بن مالك، وهو من الأسانيد العالية عند النسائي؛ لأن أعلى ما يكون عنده الرباعيات، وليس عنده ثلاثيات؛ لأن عدد الأشخاص الذين بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أعلى شيء أربعة أشخاص، وأنزل شيء عشرة أشخاص، والأسانيد العالية كثيرة، وقد مر بنا جملة كثيرة منها، وأما الإسناد الأطول فهو الحديث الذي سبق أن مر بنا في فضل ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ))، وقال فيه النسائي: هذا أطول إسناد؛ لأن بين النسائي وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام فيه عشرة أشخاص، وليس عند النسائي ثلاثيات، وأصحاب الكتب الستة ثلاثة منهم عندهم ثلاثيات، وثلاثة ليس عندهم ثلاثيات، بل أعلى ما عندهم الرباعيات، فالذين عندهم الثلاثيات: البخاري، عنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه عنده خمسة أحاديث ثلاثية بإسنادٍ واحد وهو ضعيف، خمسة أحاديث كلها بإسنادٍ واحد، وهو إسنادٌ ضعيف، والذين أعلى ما عندهم الرباعيات هم: مسلم وأبو داود والنسائي.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #530  
قديم 10-05-2022, 06:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,353
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

حديث: (ألا لا يتمنين أحدكم الموت ...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن علية عن عبد العزيز (ح) وأخبرنا عمران بن موسى حدثنا عبد الوارث حدثنا عبد العزيز عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا لا يتمنى أحدكم الموت لضرٍ نزل به، فإن كان لا بد متمنياً الموت فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيراً لي)].أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه من طريقٍ أخرى، وهو مثل ما تقدم، نهي عن تمني الموت، والإرشاد إلى الدعاء الذي يؤتى به إذا كان ولا بد سائلاً، فليكن بهذه الطريقة أو بهذه الكيفية التي هي خيرٌ له إن بقي حياً وإن مات.
قوله: [أخبرنا علي بن حجر].
هو ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.

[حدثنا إسماعيل بن علية].

هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية، وعلية أمه، واشتهر بالنسبة إليها، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن عبد العزيز].

هو عبد العزيز بن صهيب البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن عبد العزيز (ح)، وأخبرنا عمران بن موسى].

ثم قال: (ح) بعد عبد العزيز، (ح) وهذا حرف يدل على التحول من إسناد إلى إسناد، بمعنى أن النسائي مشى في الإسناد ثم قبل أن يصل إلى نهايته أتى بحرف (ح)، ثم رجع بإسناد آخر من جديد، يعني الذي بعد (ح) شيخ من شيوخه، ثم يتلاقى الإسنادان بعد ذلك ويتصلا، ويكون ملتقاهما قبل التحويل مفترقان، قبيل التحويل ملتقيان متفقان.

[وأخبرنا عمران بن موسى].

صدوق أخرج له الترمذي والنسائي وابن ماجه.
[حدثنا عبد الوارث].
هو ابن سعيد بن ذكوان العنبري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا عبد العزيز].

هو ابن صهيب، عن أنس، ومعناه: أن تلاقي الإسنادين عند عبد العزيز، وذلك أن للنسائي فيه إسنادان إلى عبد العزيز، له وهو ثقةٌ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
وقد مر ذكره. والطريقان رباعيان.


الدعاء بالموت



‏ شرح حديث: (لا تدعوا بالموت ولا تتمنوه ...) من طريق خامسة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الدعاء بالموت.أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن الحجاج وهو البصري عن يونس عن ثابت عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا بالموت ولا تتمنوه، فمن كان داعياً لا بد فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الدعاء بالموت، والترجمة السابقة تمني الموت؛ لأن الإنسان قد يتمنى ولا يدعو، وقد يتمنى ويدعو بالموت ويطلبه فالترجمة السابقة تتعلق بالتمني، وهذه تتعلق بالدعاء بالموت، ومن المعلوم أن التمني غير الدعاء، فقد يتمني الإنسان ولا يدعو، وإذا دعا بالشيء فهو قد يريده وقد لا يريده، بمعنى أنه قد يكون خرج وظهر على لسانه وهو لا يريده، فهنا قال: الدعاء بالموت، والترجمة السابقة: تمني الموت، ثم أورد النسائي حديث أنس، وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدعوا بالموت)؛ لأنه يتعلق بالدعاء، فمن أجل ذلك أجابه بالدعاء بالموت، (لا تدعوا بالموت ولا تتمنوه)، في أنفسكم، وإنما يسأل الإنسان أن تكون حياته على خير، ووفاته على خير، (لا تدعوا بالموت ولا تتمنوه فمن كان داعياً لا بد فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي).
أحيني، يعني: أبقني على الحياة؛ لأن الإنسان حي فيطلب البقاء في الحياة.


تراجم رجال إسناد حديث: (لا تدعوا بالموت ولا تتمنوه ...) من طريق خامسة


قوله: [أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله].هو أحمد بن حفص بن عبد الله النيسابوري، وهو صدوق، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[حدثني أبي].
هو حفص بن عبد الله النيسابوري، وهو صدوق، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. يعني زيادة ابن ماجه على الذين خرجوا لابنه.
[حدثني إبراهيم بن طهمان].
ثقة يغرب، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن الحجاج وهو البصري].

هو حجاج بن حجاج البصري، وهو الأحول، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن يونس].
هو يونس بن عبيد البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ثابت].
هو ثابت بن أسلم البناني البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس]
وقد مر ذكره.

شرح حديث خباب: (لولا أن النبي نهانا أن ندعوا بالموت دعوت به)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا إسماعيل حدثني قيس (دخلت على خباب رضي الله تعالى عنه وقد اكتوى في بطنه سبعاً، فقال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعوا بالموت دعوت به)].أورد النسائي حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه، وهو كون النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدعاء بالموت، وهو لا يدعو به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وقال: لولا أنه نهى لدعوت به، هذا يتعلق بالدعاء بالموت، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، وقد مر في الحديث السابق النهي في قوله: (لا تدعوا بالموت)، وهنا يحكي خباب، حصول النبي فقال: (لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الدعاء بالموت لدعوت به)، وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من الالتزام بالسنن والأخذ بها، وأن الذي منعه من الدعاء به كون النبي عليه الصلاة والسلام نهى عنه.
وخباب بن الأرت من السابقين إلى الإسلام، وممن عذب في الله عز وجل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وقوله: اكتوى، هذا فيه حصول الكي وإباحته، ولا ينافي ذلك ما جاء من كراهيته؛ لأن الكراهة للتنزيه وليست للتحريم، والنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إليه، وعلى أن الأخذ به سائغ، وأن التداوي به -أي: بالكي- سائغ، وأما ما جاء من ذكر كراهته فالمقصود به التنزيه وليس التحريم، في السبعين الألف الذين (لا يكتوون ولا يتطيرون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون)، يعني: أن هذا من الكمال، وإلا فإن الكي سائغ وجائز، والنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إليه، وما جاء في ذلك من الكراهة فهي للتنزيه وليست للتحريم، وقد اكتوى خباب رضي الله تعالى عنه؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم إباحته، وجواز التداوي به، (لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعوا بالموت دعوت به).
وقيل: إن السبب في كونه أراد أن يدعو ثم انتهى؛ لأنه حصل له أذى وألماً ومرضاً شديداً، وقيل: -كما جاء في بعض الروايات- لانبساط الدنيا عليه، وما حصل له من كثرة الدنيا، مع أنهم في أول الأمر أوذوا في الله، وبعد ذلك فتحت عليهم الدنيا، فمن فضلهم ونبلهم أنهم يخشون أن تكون عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، فهم أهل الكمال، ومع ذلك هم كما قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون:60]، ومن المعلوم أن حصول المال للإنسان إذا وفقه الله عز وجل، فإنه يكون خيراً له، وقد كان بعض الصحابة مثل: عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، من أثرياء الصحابة، ولكن مع ثرائهم وكثرة مالهم فقد كانوا ينفقونه في سبيل الله عز وجل، ولهم أجور هذه الأعمال، وهذه الأموال التي يقدمونها في سبيل الله عز وجل.

تراجم رجال إسناد حديث خباب: (لولا أن النبي نهانا أن ندعوا بالموت دعوت به)


قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].هو الملقب بندار البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، ناقد، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا إسماعيل].
هو ابن أبي خالد الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني قيس]،
هو ابن أبي حازم البجلي، وهو ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
بل قيل عنه: هو الذي اتفق له أن يروي عن العشرة المبشرين بالجنة، قالوا: ولا يعلم شخص من التابعين أو من كبار التابعين روى عن العشرة مجتمعين إلا قيس بن أبي حازم هذا، وفي واحد منهم خلاف، هل سمع منه أو ما سمع منه؟ ولكن هذا هو الشخص الذي قيل فيه هذه المقالة، وهي: أنه اتفق له أن يروي عن العشرة المبشرين بالجنة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهو ثقة مخضرم، يعني: أدرك الجاهلية والإسلام، ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم.
إذا قيل: روى له الجماعة، أو روى له أصحاب الكتب الستة، فلا فرق بينهما؛ لأن بعض العلماء في الاصطلاح يضيف إليهم الإمام أحمد، لكن المشهور، والذي ألفت كتب الرجال عليه فيما يتعلق بالكتب الستة، فإنهم يرمزون بالجماعة، لأصحاب الكتب الستة.


الأسئلة


مدى معارضة القول بجواز طواف الحائض لحديث: (... إلا أن تطوفي)

السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الحائض يجوز لها الطواف بالبيت عند الضرورة، وليس عليها فدية، فهل هذا يعارض حديث عائشة: (افعلي ما يفعل الحاج إلا أن تطوفي بالبيت)؟

الجواب: نعم شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض العلماء جاء عنهم هذا، وقال: هذه من الأمور الضرورية التي قد تدعو الحاجة إليها، وقالوا: إن هذا من جنس أن كون الإنسان عندما لا يستطيع أن يؤدي الصلاة على الوجه الأكمل، فإنه ينتقل إلى ما دونها، وذكر أدلة واستنباطاً من بعض القواعد الشرعية، لكن حديث قصة صفية، وأن النبي عليه الصلاة والسلام لما علم بأنها لم تحض، قال: (أحابستنا هي؟)، ولما علم أنها طافت طواف الإفاضة، وأنه لم يبق عليها إلا الوداع، قال: (انفري)، بمعنى أن طواف الوداع يمكن أن يترك، وأما طواف الإفاضة فقال: (أحابستنا هي)، فهذا يدل على أنه يتعين البقاء للانتظار، أو المرأة تذهب إذا كانت تستطيع أن تذهب، ولا يقربها زوجها، ثم بعد ذلك ترجع وتأتي بما بقي عليها، فإن استطاعت البقاء بقيت مع محرمها، وإن لم تستطع وتمكنت من أن تذهب وتعود فإنها تفعل ذلك، هذا هو الأولى والأظهر، وشيخ الإسلام ابن تيمية وبعض أهل العلم يقولون: بأنه يجوز لها ذلك؛ لأن هذه ضرورة ألجأتها إلى هذا الشيء، ولهم أدلة ذكرها ابن تيمية وغيره.

حكم خروج المرأة المطلقة وتطيبها وزينتها إذا كانت في بيت أهلها

السؤال: المرأة إذا لم تكن في بيت زوجها حال الطلاق، هل لها الخروج إلى العمل أو الدراسة؟ وما هي الأمور المحظورة في حقها؟

الجواب: المطلقة طلاق رجعياً هي زوجة، ولا تزال في عصمة زوجها، وتعتد عنده، وتكون معه في بيته، وتبيت معه على فراشه، وإن رغب في جماعها فإنه يكون راجعها، وعليه أن يشهد بأنه راجعها؛ لأنها زوجة، ولو مات أحدهما في العدة لورثه الآخر؛ لأنها لا تزال في عصمته، ولو أراد أن يتزوج أختاً لها فإنه لا يجوز له أن يتزوجها إلا إذا خرجت من العدة، حتى لا يجمع بين الأختين؛ لأنه لو تزوج أختها وهي مطلقة في العدة فإنه يكون قد جمع بين الأختين؛ لأنها لا تزال زوجة له ما دامت في العدة، فالمطلقة تعتد في بيت زوجها، وإن كان بينهما شيء وكانت في بيت أهلها، وطلقها وبقيت في بيت أهلها، بمعنى أنه لم يخرجها بل هي التي خرجت من قبل، وطلقها طلاقاً شرعياً، ولكن السنة أن الإنسان إذا طلقها أن تبقى في بيته، ويسكنها ويبيت معها، وإن جامعها فإنه قد راجعها بهذا الجماع، وعليه أن يشهد ويخبر بحصول الرجعة؛ لأنها زوجة، وأما كونها تخرج فهي مثل حالة ما إذا كانت لم تطلق، أي: أن حالتها في عدة الطلاق الرجعي مثل حالتها قبل حصول الطلاق؛ لأنها لا تزال زوجة تجري عليها الأحكام التي تجري عليها قبل حصول الطلاق.
مداخلة: وهل هناك أشياء محظورة في حقها من طيب مثلاً أو زينة أو شيء من هذا؟
الشيخ: هي تتطيب له، ما في بأس، تتطيب لزوجها، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.

مدى صحة وسلامة الطريقة التيجانية

السؤال: فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله، ويعلمكم الشخص بأنه يحبكم في الله، ثم يقول: هل الطريقة التيجانية طريقة صحيحة وسليمة؟

الجواب: نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتحابين فيه سبحانه وتعالى، وأن يوفقنا جميعاً لما يرضيه، أما الطريقة التيجانية وغير الطريقة التيجانية، فليس هناك طريقة فيها سلامة ونجاة إلا طريقة واحدة، وهي الطريقة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 290.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 284.21 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]