بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد - الصفحة 5 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         من وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: تصنيف المستشرقين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الذكاء الاصطناعي والعلم الشرعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          العقول تغير العالم... لا الشهادات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          صلاة ركعتين عند الإحساس بالضيق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          زكاة الأرض المعدة للتجارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          أسباب تقوية الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          من أحكام اليمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          براءة كل من صحب النبي في حجة الوداع من النفاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الثمرات اليانعات من روائع الفقرات .. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 23 - عددالزوار : 5898 )           »          ميتٌ يمشي على الأرض! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #41  
قديم 18-02-2022, 02:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,723
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(41)
من صـــ 345 الى صـــ 351

مقصود السورة وجل ما اشتملت عليه:
ذكر القسم ببيان آيات القرآن، وتسلية الرسول عن تأخر المنكرين عن الإيمان، وذكر موسى وهارون، ومناظرة فرعون الملعون، وذكر السحرة، ومكرهم فى الابتداء، وإيمانهم وانقيادهم فى الانتهاء، وسفر موسى ببنى إسرائيل من مصر، وطلب فرعون إياهم، وانفلاق البحر، وإغراق القبط، وذكر الجبل، وذكر المناجاة، ودعاء إبراهيم الخليل، وذكر استغاثة الكفار من عذاب النيران،وقصة نوح، وذكر الطوفان، وتعدى عاد، وذكر هود، وذكر عقوبة ثمود، وذكر قوم لوط، وخبثهم، وقصة شعيب، وهلاك أصحاب الأيكة، لعبثهم، وتنزيل جبريل على النبى بالقرآن العربى، وتفصيل حال الأمم السالفة الكثيرة، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإنذار العشيرة، وتواضعه للمؤمنين، وأخلاقه اللينة، وبيان غواية شعراء الجاهلية، وأن العذاب منقلب الذين يظلمون فى قوله {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} .
الناسخ والمنسوخ:
المنسوخ فى هذه السورة آية واحدة: {والشعرآء يتبعهم الغاوون} العموم م {إلا الذين آمنوا} ن الخصوص.
المتشابهات:
قوله: {وما يأتيهم من ذكر من الرحمان محدث} سبق فى الأنبياء. {فسيأتيهم} سبق فى الأنعام، وكذا {ألم يروا} وما تعلق بقصة موسى وفرعون سبق فى الأعراف.
قوله: {إن في ذلك لآية} مذكور فى ثمانية مواضع: أولها فى محمد صلى الله عليه وسلم، وإن لم يتقدم ذكره صريحا، فقد تقدم كناية ووضوحا، والثانية فى قصة موسى، ثم إبراهيم، ثم نوح، ثم هود، ثم صالح، ثم لوط، ثم شعيب.
قوله {ألا تتقون} إلى قوله: {العالمين} مذكور فى خمسة مواضع: فى قصة نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب عليهم السلام. ثم كرر {فاتقوا الله وأطيعون} فى قصة نوح، وهود، وصالح فصار ثمانية مواضع. وليس فى ذكر النبى صلى الله عليه وسلم {وما أسألكم عليه من أجر} ؛ لذكرها فى مواضع. وليس فى قصة موسى؛ (لأنه رباه فرعون حيث قال: {ألم نربك فينا وليدا} ولا فى قصة إبراهيم، لأن أباه فى المخاطبين حيث يقول: {إذ قال لأبيه وقومه} وهو رباه، فاستحيا موسى) وإبراهيم أن يقولا: ما أسألكم عليه من أجر، وإن كانا منزهين من طلب الأجر.
قوله: فى قصة إبراهيم: {ما تعبدون} وفى الصافات {ماذا تعبدون} لأن (ما) لمجرد الاستفهام، فأجابوا فقالوا: {نعبد أصناما} و (ماذا) فيه مبالغة، وقد تضمن فى الصافات معنى التوبيخ، فلما وبخهم ولم يجيبوا،زاد فى التوبيخ فقال: {أإفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين} فجاء فى كل سورة ما اقتضاه ما قبله وما بعده.
قوله: {الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين} زاد (هو) فى الإطعام، والشفاء؛ لأنهما مما يدعى الإنسان، فيقال: زيد يطعم، وعمرو يداوى. فأكد؛ إعلاما لأن ذلك منه سبحانه وتعالى لا من غيره. وأما الخلق والموت، والحياة، فلا يدعيها مدع، فأطلق.
قوله فى قصة صالح: {مآ أنت} بغير واو، وفى قصة شعيب: {ومآ أنت} لأنه فى قصة صالح بدل من الأول، وفى الثانية عطف، وخصت الأولى بالبدل؛ لأن صالحا قلل فى الخطاب، (فقللوا فى الجواب) وأكثر شعيب فى الخطاب، فأكثروا فى الجواب.
فضل السورة
فيه حديث أبى الواهى: من قرأ سورة الشعراء كان من له الأجر عشر حسنات، بعدد من صدق بنوح، وكذب به، وهود، وشعيب، وصالح، وابراهيم، وبعدد من كذب بعيسى، وصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم، وحديث على: يا على من قرأ هذه السورة كان موته موت الشهداء، وله بكل آية قرأها مثل ثواب امرأة فرعون آسية.
بصيرة فى.. طس. تلك آيات القرآن
السورة مكية بالاتفاق، عدد آياتها خمس وتسعون فى عد الحجاز، وأربع فى عد الشام، والبصرة، وثلاث فى عد الكوفة، كلماتها ألف ومائة وتسع وأربعون. وحروفها أربعة آلاف وسبعمائة وتسع وتسعون. والآيات المختلف فيها {وأولو بأس شديد} ، {من قواريرا} ، مجموع فواصل آياتها (من) وسميت سورة النمل؛ لاشتمالها على مناظرة النمل سليمان فى قوله: {قالت نملة ياأيها النمل ادخلوا} .
مقصود السورة ومعظم ما تضمنته: بيان شرف القرآن، وما منه نصيب أهل الإيمان، والشكاية من مكر أهل الشرك والعصيان، وإشارة إلى ذكر الوادى المقدس وموسى بن عمران، وذكر خبر داود وسليمان، وفضل الله تعالى عليهما بتعليمهما منطق الطير وسائر الحيوان، وقصة النمل، وذكر الهدهد وخبر بلقيس، ورسالة الهدهد إليها من سليمان، ومشاورتها أركان الدولة، وبيان أثر الملوك إذا نزلوا فى مكان، وإهداء بلقيس إلى سليمان، وتهديده لها، ودعوة آصف لإحضار تخت بلقيس فى أسرع زمان، وتغيير حال العرش لتجربتها وإسلامها على يدى سليمان، وحديث صالح ومكر قومه فى حقه، وطرف من حديث قوم لوط أولى الطغيان، والبرهان فى الحدائق، والأشجار، والبحار، والأنهار، وإجابة الحق دعاء أهل التضرع، والابتهال إلى الرحمن، وهداية الله الخلق فى ظلمات البر، والبحر، واطلاع الحق تعالى على أسرار الغيب، وتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم فى إعراض المنكرين من قبول القرآن، وقبول الإيمان، وخروج الدابة، وظهور علامة القيامة، والإخبار عن حال الجبال فى ذلك اليوم، وبيان جزاء المجرمين، وإعراض الرسول عن المشركين، وإقباله على القرآن الكريم، وأمر الله له بالحمد على إظهار الحجة، أعنى القرآن فى قوله {وقل الحمدلله سيريكمءاياته} .
الناسخ والمنسوخ:
فى هذه السورة آية واحدة م {وأن أتلو القرآن} ن آية السيف.
المتشابهات:
قوله: {فلما جآءها نودي} ، وفى القصص وطه {فلمآ أتاها} الآية، قال فى هذه السورة {سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس} فكرر (ءاتيكم) فاستثقل الجمع بينهما وبين {فلمآ أتاها} فعدل إلى قوله: {فلما جآءها} بعد أن كانا بمعنى واحد. وأما فى السورتين فلم يكن {إلا سآتيكم} {فلمآ أتاها} .
قوله: {وألق عصاك} وفى القصص {وأن ألق عصاك} ؛ لأن فى هذه السورة {نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين ياموسى إنه أنا الله العزيز الحكيم وألق عصاك} فحيل بينهما بهذه الجملة فاستغنى عن إعادة (أن) ، وفى القصص: {أن ياموسى إني أنا الله رب العالمين وأن ألق عصاك} فلم يكن بينهما جملة أخرى عطف بها على الأول، فحسن إدخال (أن) .
قوله: {لا تخف} ، وفى القصص: {أقبل ولا تخف} خصت هذه السورة بقوله: {لا تخف} لأنه بنى على ذكر الخوف كلام يليق به، وهو قوله: {إني لا يخاف لدي المرسلون} ، وفى القصص اقتصر على قوله: {لا تخف} ، ولم يبن عليه كلام، فزيد قبله {أقبل} ؛ ليكون فى مقابلة {مدبرا} أى أقبل آمنا غير مدبر، ولا تخف، فخصت هذه السورة به.
قوله: {وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضآء من غير سواء} ، وفى القصص: {اسلك يدك في جيبك} خصت هذه السورة بـ (أدخل) ؛ لأنه أبلغ من قوله: {اسلك يدك} ، لأن (اسلك) يأتى لازما، ومتعديا، وأدخل متعد لا غير، وكان فى هذه السورة {في تسع آيات} أى مع تسع آيات مرسلا إلى فرعون. وخصت القصص بقوله {اسلك} موافقة لقوله {اضمم} ثم قال: {فذانك برهانان من ربك} (وكان) دون الأول فخص بالأدون من اللفظين.
قوله {إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين} ، وفى القصص: {إلى فرعون وملإيه} ؛ لأن الملأ أشراف القوم، وكانوا فى هذه السورة موصوفين بما وصفهم الله به من قولهم {فلما جآءتهم آياتنا مبصرة قالوا هاذا سحر مبين وجحدوا بها} الآية فلم يسمهم ملأ، بل سماهم قوما. وفى القصص لم يكونوا موصوفين بتلك الصفات، فسماهم ملأ وعقبه {وقال فرعون ياأيها الملأ ما علمت لكم من إلاه غيري} . وما يتعلق بقصة موسى سوى هذه الكلمات قد سبق.
قوله: {وأنجينا الذين آمنوا} وفى حم {ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون} ونجينا وأنجينا بمعنى واحد. وخصت هذه السورة بأنجينا؛ موافقة لما بعده وهو: {فأنجيناه وأهله} وبعده: {وأمطرنا} ، {وأنزلنا} كله على لفظ أفعل. وخص حم بنجينا؛ موافقة لما قبله: [وزينا] وبعده {وقيضنا لهم} وكله على لفظ فعل.
قوله: {وأنزل لكم} سبق.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #42  
قديم 18-02-2022, 02:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,723
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(42)
من صـــ 352 الى صـــ 358

قوله: {أإلاه مع الله} فى خمس آيات، وختم الأولى بقوله: {بل هم قوم يعدلون} ثم قال: {بل أكثرهم لا يعلمون} ثم قال: {قليلا ما تذكرون} ثم قال {تعالى الله عما يشركون} ثم {هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} أى عدلوا وأول الذنوب العدول عن الحق، ثم لم يعلموا ولو علموا لما عدلوا ثم لم يذكروا فيعلموا بالنظر والاستدلال، فأشركوا من غير حجة وبرهان. قل لهم يا محمد: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
قوله: {ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات} وفى الزمر: {فصعق} : خصت هذه السورة بقوله {فزع} موافقة لقوله: {وهم من فزع يومئذ ميتون} ، وخصت الزمر بقوله: {فصعق} موافقة لقوله {إنهم ميتون} ؛ لأن معناه: مات.
فضل السورة
رويت أحاديث ضعيفة منها حديث أبى: من قرأ طس كان له من الأجر عشر حسنات. بعدد من صدق سليمان، وكذب به، وهود، وشعيب، وإبراهيم، ويخرج من قبره وهو ينادى: لا إله إلا الله؛ وحديث على: يا على من قرأ طس النمل أعطاه الله بكل سجدة يسجد بها المؤمنون ثواب المؤمنين كلهم، وله بكل آية ثواب المتوكلين.
بصيرة فى.. طسم. القصص
السورة مكية بالاتفاق. عدد آياتها ثمان وثمانون وكلماتها ألف وأربعمائة وواحدة. وحروفها خمسة آلاف وثمانمائة الآيات المختلف [فيها] اثنتان: طسم، يسقون. فواصل آياتها (لم تر) وسميت سورة القصص؛ لاشتمالها عليها فى قوله: {وقص عليه القصص} أى قص موسى على شعيب.
مقصود السورة: بيان ظلم فرعون بنى إسرائيل، وولادة موسى، ومحبة آسية له، ورد موسى على أمه، وحديث القبطى، والإسرائيلى، وهجرة موسى من مصر إلى مدين، وسقيه لبنات شعيب، واستئجار شعيب موسى، وخروج موسى من مدين، وظهور آثار النبوة، واليد البيضاء، وقلب العصا، وإمداد الله تعالى له بأخيه هارون، وحيلة هامان فى معارضة موسى، وإخبار الله تعالى عما جرى فى الطور، ومدح مؤمنى أهل الكتاب، وقصة إهلاك القرون الماضية، ومناظرة المشركين يوم القيامة، واختيار الله تعالى ما شاء، وإقامة البرهان على وجود الحق إياه بالقهر، ووعد الرسول صلى الله عليه وسلم بالرجوع إلى مكة،وبيان أن كل ما دون الحق فهو فى عرضة الفناء والزوال، وأن زمام الحكم بيده (تعالى) فى قوله {كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون} .
الناسخ والمنسوخ:
المنسوخ فيها آية واحدة. {لنآ أعمالنا ولكم أعمالكم} م آية السيف ن.
المتشابهات:
قوله {ولما بلغ أشده واستوى آتيناه} أى كمل أربعين سنة. وقيل: كمل عقله. وقيل: خرجت لحيته. وفى يوسف {بلغ أشده} فحسب؛ لأنه أوحى إليه فى صباه. قوله: {وجآء رجل من أقصى المدينة} ، وفى يس: {وجآء من أقصى المدينة رجل} قيل: اسمه خربيل مؤمن من آل فرعون، وهو النجار. وقيل شمعون وقيل: حبيب. وفى يس هو هو. قوله: {من أقصى المدينة} يحتمل ثلاثة أوجه. أحدها أن يكون (من أقصى المدينة) صفة لرجل، والثانى أن يكون صلى لجاء.
والثالث أن يكون صلى ليسعى. والأظهر فى هذه السورة أن يكون وصفا، وفى يس أن يكون صلة. وخصت هذه السورة بالتقديم؛ لقوله تعالى قبله: {فوجد فيها رجلان يقتتلان} ثم قال: {وجآء رجل} وخصت سورة يس بقوله {وجآء من أقصى المدينة} لما جاء بالتفسير أنه كان يعبد الله فى جبل، فلما سمع خبر الرسل سعى مستعجلا. قوله {ستجدني إن شاء الله من الصالحين} [وفى الصافات: {من الصابرين} ، لأن ما هنا من كلام شعيب، والمعنى: ستجدنى من الصالحين] فى حسن العشرة، والوفاء بالعهد، وفى الصافات من كلام إسماعيل حين قال له أبوه {أني أذبحك فانظر ماذا ترى} فأجاب {ياأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شآء الله من الصابرين} أى على الذبح.
قوله: {ربي أعلم بمن جآء} وبعده: {من جآء} بغير باء. الأول هو الوجه؛ لأن (أعلم) هذا فيه معنى الفعل، ومعنى الفعل لا يعمل فى المفعول به، فزيد بعده باء؛ تقوية للعمل. وخص الأول بالأصل، ثم حذف من الآخر الباء؛ اكتفاء بدلالة الأول عليه. ومحله نصب بفعل آخر، أى يعلم من جاء بالهدى. ولم يقتض تغييرا، كما قلنا فى الأنعام؛ لأن دلالة الأول قام مقام التغيير. وخص الثانى؛ لأنه فرع.
قوله: {لعلي أطلع إلى إلاه موسى} وفى المؤمن {لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إلاه موسى} ، لأن قوله {أطلع إلى إلاه موسى} فى هذه السورة خبر لعل، وفى المؤمن عطف على خبر {أبلغ الأسباب} وجعل قوله {أبلغ الأسباب} خبر لعل، ثم أبدل منه {أسباب السماوات} وانما زاد ليقع فى مقابلة قوله {أو أن يظهر في الأرض الفساد} ، لأنه زعم أنه إله الأرض، فقال: {ما علمت لكم من إلاه غيري} أى فى الأرض؛ ألا ترى أنه قال: {فأطلع إلى إلاه موسى} فجاء فى كل سورة على ما اقتضاه ما قبله.
قوله: {وإني لأظنه من الكاذبين} وفى المؤمن {كاذبا} لأن التقدير فى هذه السورة: وإنى لأظنه كاذبا من الكاذبين، فزيد {من الكاذبين} لرءوس الآى، ثم أضمر (كاذبا) ؛ لدلالة (الكاذبين) عليه. وفى المؤمن جاء على الأصل، ولم يكن فيه موجب تغيير.
قوله: {ومآ أوتيتم من شيء} بالواو، وفى الشورى {فمآ أوتيتم من} بالفاء؛ لأنه لم يتعلق فى هذه السورة بما قبله أشد تعلق، فاقتصر على الواو؛ لعطف جملة على جملة، وتعلق فى الشورى بما قبلها أشد تعلق؛ لأنه عقب ما لهم من المخافة بما أوتوه من الأمنة، والفاء حرف التعقيب.
قوله: {وزينتها} ، وفى الشورى {فمتاع الحياة الدنيا} فحسب؛ لأن فى هذه السورة ذكر جميع ما بسط من الرزق، وأعراض الدنيا،كلها مستوعبة بهذين اللفظين. فالمتاع: ما لا غنى عنه فى الحياة: من المأكول، والمشروب، والملبوس، والمسكن، والمنكوح. والزينة: ما يتجمل به الإنسان، وقد يستغنى عنه؛ كالثياب الفاخر، والمراكب الفارهة، والدور المجصصة، والأطعمة الملبقة. وأما فى الشورى فلم يقصد الاستيعاب، بل ما هو مطلوبهم فى تلك الحالة: من النجاة، والأمن فى الحياة، فلم يحتج إلى ذكر الزينة.
قوله {إن جعل الله عليكم الليل سرمدا} وبعده {إن جعل الله عليكم النهار سرمدا} قدم الليل على النهار لأن ذهاب الليل بطلوع الشمس أكثر فائدة من ذهاب النهار بدخول الليل، ثم ختم الآية الأولى بقوله: {أفلا تسمعون} بناء على الليل، وختم الأخرى بقوله: {أفلا تبصرون} بناء على النهار، والنهار مبصر، وآية النهار مبصرة.
قوله: {ويكأن} {ويكأنه} ليس بتكرار؛ لأن كل واحد منهما متصل بغير ما اتصل به الآخر. قال ابن عباس: وى صلة. وإليه ذهب سيبويه، فقال: وى: كلمة يستعملها النادم بإظهار ندامته. وهى مفصولة من (كأنه) . وقال الأخفش: أصله ويك (وأن) بعده منصوب بإضمار العلم، أى أعلم أن الله ... . وقال بعضهم أصله: ويلك.
وفيه ضعف. وقال الضحاك: الياء والكاف صلة، وتقديره وأن الله. وهذا كلام مزيف.
فضل السورة
رويت الأحاديث التى لا تذكر إلا تنبيها على وهنها. منها حديث أبي: من قرأ طسم القصص لم يبق ملك فى السماوات والأرض إلا يشهد له يوم القيامة أنه كان صادقا أن كل شىء هالك إلا وجهه، والحديث الآخر: من قرأ سورة القصص كان له من الأجر بعدد من صدق موسى وكذبه عشر حسنات، وحديث على: يا على من قرأ طسم القصص أعطاه الله من الثواب مثل ثواب يعقوب، وله بكل آية قرأها مدينة عند الله.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #43  
قديم 18-02-2022, 02:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,723
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(43)
من صـــ 359 الى صـــ 365

بصيرة فى.. ألم. أحسب الناس
السورة مكية إجماعا. عدد آياتها تسع وستون، بالاتفاق. وكلماتها تسعمائة وثمانون. وحروفها أربعة آلاف ومائة وخمس وتسعون. المختلف فيها ثلاث: الم {وتقطعون السبيل} {مخلصين له الدين} . فواصل آياتها (نمر) . فواصل آياتها (نمر) . على الراء آية واحدة (قدير) سميت سورة العنكبوت؛ لتكرر ذكره فيه {كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت} .
معظم مقصود السورة: توبيخ أهل الدعوى، وترغيب أهل التقوى، والوصية ببر الوالدين للأبرار، والشكاية من المنافقين فى جرأتهم على حمل الأوزار، والإشارة إلى بلوى نوح والخليل، لتسلية الحبيب، وهجرة ابراهيم من بين قومهم إلى مكان غريب، ووعظ لوط قومه باختيار الخبث، وعدم اتعاظهم، وإهلاك الله إياهم، والإشارة إلى حديث شعيب، وتعيير عباد الأصنام، وتوبيخهم، وتمثيل الصنم ببيت العنكبوت، وإقامة حجج التوحيد، ونهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر،وأدب الجدال مع المنكرين، والمبتدعين، وبيان الحكمة فى كون رسولنا صلى الله عليه وسلم أميا، والخبر من استعجال الكفار العذاب وأن كل نفس بالضرورة ميت ووعد المؤمنين بالثواب، وضمان الحق رزق كل دابة، وبيان أن الدنيا دار فناء وممات، وأن العقبى دار بقاء وحياة، وبيان حرمة الحرم وأمنه، والإخبار بأن الجهاد بثمن الهداية، وأن عناية الله مع أهل الإحسان، فى قوله: {والذين جاهدوا فينا} إلى آخر السورة.
الناسخ والمنسوخ:
المنسوخ فيها آية واحدة {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} م {قاتلوا الذين لا يؤمنون} ن.
المتشابهات:
قوله: {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا} ، وفى لقمان: {ووصينا الإنسان بوالديه} وفى الأحقاف {بوالديه حسنا} الجمهور على أن الآيات الثلاث نزلت فى سعد بن مالك (وهو سعد بن أبى وقاص) وأنها فى سورة لقمان اعتراض بين كلام لقمان لابنه. ولم يذكر فى لقمان (حسنا) ؛ لأن قوله بعده {اشكر لي ولوالديك} قام مقامه، ولم يذكر فى هذه السورة (حمله) ولا (وضعه) ، موافقة لما قبله من الاختصار، وهو قوله: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون} ، فإنه ذكر فيها جميع ما يقع بالمؤمنين بأوجز كلام، وأحسن نظام، ثم قال بعده: {ووصينا الإنسان} أى ألزمناه {حسنا} فى حقهما، وقياما بأمرهما، وإعراضا عنهما، وخلافا لقولهما إن أمراه بالشرك بالله. وذكر فى لقمان والأحقاف حاله فى حمله ووضعه.
قوله {وإن جاهداك لتشرك بي} ، وفى لقمان: {على أن تشرك} ؛ لأن ما فى هذه السورة وافق ما قبله لفظا، وهو قوله {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه} - وفى لقمان محمول على المعنى؛ لأن التقدير: وإن حملاك على أن تشرك.
قوله: {يعذب من يشآء ويرحم من يشآء} بتقديم العذاب على الرحمة فى هذه السورة فحسب؛ لأن إبراهيم خاطب به نمرود وأصحابه، فإن العذاب وقع بهم فى الدنيا.
قوله: {ومآ أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السمآء} ، وفى الشورى {ومآ أنتم بمعجزين في الأرض} ؛ لأن (ما) فى هذه السورة خطاب لنمرود حين صعد الجو موهما أنه يحاول السماء، فقال له ولقومه: {ومآ أنتم بمعجزين في الأرض} أى من فى الأرض: من الجن، والإنس، ولا من فى السماء: من الملائكة، فكيف تعجزون الله! وقيل: ما أنتم بفائتين عليه، ولو هربتم فى الأرض، أو صعدتم فى السماء (فقال: {ومآ أنتم بمعجزين في الأرض ولا فى السمآء} لو كنتم فيها. وما فى الشورى خطاب للمؤمنين، وقوله: {ومآ أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} يدل عليه. وقد جاء {وما هم بمعجزين} فى قوله {والذين ظلموا من هاؤلاء} من غير ذكر الأرض ولا السماء.
قوله: {فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون} وقال بعده: {خلق الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين} فجمع الأولى، ووحد الثانية؛ لأن الأولى إشارة إلى إثبات النبوة، وفى النبيين (صلوات الله وسلامه عليهم) كثرة، والثانى إشارة إلى التوحيد وهو - سبحانه - واحد لا شريك له.
قوله: {إنكم} جمع بين استفهامين فى هذه السورة. وقد سبق فى الأعراف.
قوله: {ولمآ أن جآءت رسلنا لوطا} ، وفى هود. {ولما جآءت}بغير (أن) ؛ لأن (لما) يقتضى جوابا، وإذا اتصل به (أن) دل على أن الجواب وقع فى الحال من غير تراخ؛ كما فى هذه السورة، وهو قوله: {سياء بهم وضاق بهم ذرعا} ومثله فى يوسف {فلمآ أن جآء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا} وفى هود اتصل به كلام بعد كلام، إلى قوله: {قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} فلما طال لم يحسن دخول أن.
قوله: {وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال} هو عطف على قوله: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث} .
قوله: {قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا} أخره فى هذه السورة لما وصف. وقد سبق.
قوله: {الله يبسط الرزق لمن يشآء من عباده ويقدر له} وفى القصص {يبسط الرزق لمن يشآء من عباده ويقدر} وفى الرعد والشورى: {لمن يشآء ويقدر} لأن ما فى هذه السورة اتصل بقوله: {وكأين من دآبة لا تحمل رزقها} الآية، وفيها عموم، فصار تقديره، يبسط الرزق لمن يشاء من عباده أحيانا، ويقدر له أحيانا؛ لأن الضمير يعود إلى (من) وقيل: يقدر له البسط من التقدير. وفى القصص تقديره: يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر لمن يشاء. وكل واحد منهما غير الآخر، بخلاف الأولى. وفى السورتين يحتمل الوجهين فأطلق.
قوله: {من بعد موتها} وفى البقرة والجاثية: {بعد موتها} لأن فى هذه السورة وافق ما قبله وهو {من قبله} فإنهما يتوافقان وفيه شىء آخر وهو أن ما فى هذه السورة سؤال وتقرير، والتقرير يحتاج إلى التحقيق فوق غيره، فقيد الظرف بمن، فجمع بين طرفيه؛ كما سبق. قوله: {لهو ولعب} [سبق. قوله] : {فسوف تعلمون} سبق. قوله: {نعم أجر العاملين} بغير واو لاتصاله بالأول أشد اتصال. وتقديره: ذلك نعم أجر العاملين.
فضل السورة
عن أبى رفعه: من قرأ العنكبوت كان له من الأجر عشر حسنات، بعدد كل المؤمنين، والمنافقين، وحديث على: يا على من قرأها كتب له بكل يهودى ونصرانى مائة حسنة، ورفع له مائة درجة، وله بكل آية قرأها ثواب الذين فتحوا بيت المقدس.
بصيرة فى.. ألم. غلبت الروم
السورة مكية إجماعا. عدد آياتها خمس وستون عند المكيين، وستون عند الباقين وكلماتها ثمانمائة وسبع وحروفها ثلاثة آلاف وخمسمائة وثلاثون، والآيات المختلف فيها أربع: ألم {غلبت الروم} {في بضع سنين} ، {يقسم المجرمون} فواصل آياتها نمر، على الراء آيتان {قدير} فى موضعين. وسميت سورة الروم لما فيها من ذكر غلبة الروم.
معظم مقصود السورة: غلبة الروم على فارس، وعيب الكفار فى إقبالهم على الدنيا، وأخبار القرون الماضية، وذكر قيامة الساعة، وآيات التوحيد، والحجج المترادفة الدالة على الذات والصفات، وبيان بعث القيامة، وتمثيل حال المؤمنين والكافرين، وتقرير المؤمنين على الإيمان، والأمر بالمعروف، والإحسان إلى ذوى القربى، ووعد الثواب على أداء الزكاة، والإخبار عن ظهور الفساد فى البر والبحر، وعن آثار القيامة، وذكر عجائب الصنع فى السحاب والأمطار، وظهور آثار الرحمة فى الربيع، وإصرار الكفار على الكفر، وتخليق الله الخلق مع الضعف والعجز، وإحياء الخلق بعد الموت، والحشر والنشر، وتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتسكينه عن جفاء المشركين وأذاهم فى قوله: {ولا يستخفنك الذين لا يوقنون} .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #44  
قديم 18-02-2022, 02:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,723
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(44)
من صـــ 366 الى صـــ 372

الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ آية واحدة: {فاصبر إن وعد الله حق} م آية السيف ن) .
المتشابهات:
قوله: {أولم يسيروا في الأرض} ، وفى فاطر وأول المؤمن بالواو، وفى غيرهن بالفاء، لأن ما قبلها فى هذه السورة {أولم يتفكروا} وكذلك ما بعدها (وأثاروا) بالواو، فوافق ما قبلها، وما بعدها، وفى فاطر أيضا وافق ما قبله وما بعده، فإن قبله {ولن تجد لسنت الله تحويلا} ، وبعدها {وما كان الله} ، وكذلك أول المؤمن [قبله] {والذين يدعون من دونه} وأما آخر المؤمن فوافق ما قبله وما بعده، وكان بالفاء، وهو قوله: {فأي آيات الله تنكرون} ، وبعده {فمآ أغنى عنهم} .
قوله: {كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة} {من قبلهم} متصل بكون آخر مضمر وقوله: {كانوا أشد منهم قوة} :إخبار عما كانوا عليه قبل الإهلاك، وخصت هذه السورة بهذا النسق لما يتصل به من الآيات بعده وكله إخبار عما كانوا عليه وهو {وأثاروا الأرض وعمروها} وفى فاطر: {كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا} بزيادة الواو، لأن التقدير: فينظروا كيف أهلكوا وكانوا أشد منهم قوة. وخصت [هذه] السورة به لقوله: {وما كان الله ليعجزه من شيء} الآية. وفى المؤمن {كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة} فأظهر (كان) العامل فى (من قبلهم) وزاد (هم) لأن فى هذه السورة وقعت فى أوائل قصة نوح، وهى تتم فى ثلاثين آية، فكان اللائق به البسط، وفى آخر المؤمن {كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم} فلم يبسط القول؛ لأن أول السورة يدل عليه.
قوله: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا} ، وختم الآية بقوله {يتفكرون} ؛ لأن الفكر يؤدى إلى الوقوف على المعانى التى خلقت لها: من التوانس، (والتجانس) ، وسكون كل واحد منهما إلى الآخر.
قوله: {ومن آياته خلق السماوات والأرض} ، وختم بقوله {للعالمين} لأن الكل تظلهم السماء، وتقلهم الأرض، فكل واحد منفرد بلطيفة فى صورته يمتاز بها عن غيره؛ حتى لا ترى اثنين فى ألف يتشابه صورتاهما ويلتبس كلاهما؛ وكذلك ينفرد كل واحد بدقيقة فى صورته، يتميز بها من بين الأنام، فلا ترى اثنين يشتبهان. وهذا يشترك فى معرفته الناس جميعا. فلهذا قال {لآيات للعالمين} . ومن حمل اختلاف الألسن على اللغات، واختلاف الألوان على السواد والبياض، والشقرة، والسمرة، فالاشتراك فى معرفتها أيضا ظاهر. ومن قرأ {للعالمين} بالكسر فقد أحسن، لأن بالعلم يمكن الوصول إلى معرفة ما سبق ذكره.
قوله: {ومن آياته منامكم بالليل والنهار} وختم بقوله {يسمعون} فإن من سمع أن النوم من صنع الله الحكيم لا يقدر أحد على اجتلابه إذا امتنع، ولا على دفعه إذا ورد، تيقن أن له صانعا مدبرا. قال الإمام: معنى (يسمعون) هاهنا: يستجيبون إلى ما يدعوهم إليه الكتاب. وختم الآية الرابعة بقوله {يعقلون} لأن العقل ملاك الأمر فى هذه الأبواب، وهو المؤدى إلى العلم، فختم بذكره.
قوله: {ومن آياته يريكم} أى أنه يريكم. وقيل: تقديره: ويريكم من آياته البرق. وقيل: أن يريكم، فلما حذف (أن) سكن الياء وقيل: {ومن آياته} كلام كاف؛ كما تقول: منها كذا، ومنها كذا ومنها ... . وتسكت، تريد بذلك الكثرة.
قوله: {أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشآء} وفى الزمر {أولم يعلموا} لأن بسط الرزق مما يشاهد ويرى، فجاء فى هذه السورة على ما يقتضيه اللفظ والمعنى. وفى الزمر اتصل بقوله {أوتيته على علم} وبعده: {ولكن أكثرهم لا يعلمون} (فحسن "أو لم يعلموا".
قوله: {ولتجري الفلك بأمره} ، وفى الجاثية: {فيه بأمره} ، لأن فى هذه السورة تقدم ذكر الرياح، وهو قوله: {أن يرسل الرياح مبشرات} بالمطر، وإذاقة الرحمة، ولتجرى الفلك بالرياح بأمر الله تعالى. ولم يتقدم ذكر البحر. وفى الجاثية تقدم ذكر البحر، وهو قوله: {الله الذي سخر لكم البحر} فكنى عنه، فقال: {لتجري الفلك فيه بأمره} .
* * *
(فضل السورة. فيه الأحاديث الساقطة. عن أبى من قرأ سورة الروم كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل ملك سبح الله فى السماء والأرض، وأدرك ما ضيع فى يومه وليلته) وحديث على: يا على من قرأ غلبت الروم كان كمن أعتق بعدد أهل الروم، وله بكل آية قرأها مثل ثواب الذين عمروا بيت المقدس.
بصيرة فى.. الم. لقمان
السورة مكية، سوى آيتين: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} إلى آخر الآيتين. عدد آياتها ثلاث وثلاثون عند الحجازيين، وأربع عند الباقين. وكلماتها خمسمائة وثمان وأربعون. وحروفها ألفان ومائة وعشر. المختلف فيها آيتان: الم {مخلصين له الدين} . فواصل آياتها (ظن مرد) و (مد نظر) على الدال منها آية واحدة: {غني حميد} ، وعلى الظاء آية: {عذاب غليظ} . سميت سورة لقمان لاشتمالها على قصته.
معظم مقصود السورة: بشارة المؤمنين بنزول القرآن، والأمر بإقامة الصلاة، وأداء الزكاة، والشكاية من قوم اشتغلوا بلهو الحديث، والشكاية من المشركين فى الإعراض عن الحق، وإقامة الحجة عليهم، والمنة على لقمان بما أعطى من الحكمة، والوصية ببر الوالدين، ووصية لقمان لأولاده، والمنة بإسباغ النعمة، وإلزام الحجة على أهل الضلالة، وبيان أن كلمات القرآن بحور المعانى، والحجة على حقية البعث، والشكاية من المشركين بإقبالهم على الحق فى وقت المحنة، وإعراضهم عنه فى وقت النعمة، وتخويف الخلق بصعوبة القيامة وهولها، وبيان أن خمسة علوم مما يختص به الرب الواحد تعالى فى قوله: {إن الله عنده علم الساعة} إلى آخرها.
الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ آية واحدة {ومن كفر فلا يحزنك كفره} م آية السيف ن.
المتشابهات التى فى سورة لقمان (المتقدم تفسيرها بصفحتين قبل) .
قوله: {كأن لم يسمعها كأن في أذنيه [وقرا} وفى الجاثية {كأن لم يسمعها فبشره} زاد فى هذه السورة {كأن في أذنيه وقرا} ] : جل المفسرين على أن الآيتين نزلتا فى النضر بن الحارث. وذلك أنه ذهب إلى فارس، فاشترى كتاب كليلة ودمنة، وأخبار رستم وإسفنديار، وأحاديث الأكاسرة، فجعل يرويها ويحدث بها قريشا، ويقول: إن محمدا يحدثكم بحديث عاد، وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رستم وإسفنديار، ويستملحون حديثه، ويتركون استماع القرآن [فأنزل الله هذه الآيات، وبالغ فى ذمه؛ لتركه استماع القرآن] فقال: {كأن في أذنيه وقرا} أى صمما، لا يقرع مسامعه صوت. ولم يبالغ فى الجاثية هذه المبالغة؛ لما ذكر بعده {وإذا علم من آياتنا شيئا} لأن ذلك العلم لا يحصل إلا بالسماع، أو ما يقوم مقامه: من خط وغيره.
قوله: {يجري إلى أجل مسمى} وفى الزمر {لأجل} قد سبق شطر من هذا. ونزيد بيانا أن (إلى) متصل بآخر الكلام، ودال على الانتهاء، واللام متصلة بأول الكلام، ودالة على الصلة.
فضل السورة:
فيه الأحاديث الضعيفة التى منها حديث أبى: من قرأ سورة لقمان كان له لقمان رفيقا يوم القيامة، وأعطى من الحسنات بعدد من أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وحديث على: يا على من قرأ لقمان كان آمنا من شدة يوم القيامة، ومن هول الصراط.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #45  
قديم 28-02-2022, 01:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,723
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(45)
من صـــ 373 الى صـــ 379

بصيرة فى.. ألم. تنزيل
السورة مكية بالاتفاق، سوى ثلاث آيات، فإنها مدنية {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا} إلى آخر الآيات الثلاثة. عدد آياتها تسع وعشرون عند البصريين، وثلاثون عند الباقين. كلماتها ثلاثمائة وثلاثون. وحروفها ألف وخمسمائة وتسع وتسعون. المختلف فيها آيتان (الم) {خلق جديد} فواصل آياتها (ملن) على الميم اثنان: الم و {العزيز الرحيم} وعلى اللام آية {هدى لبني إسرائيل} ولها ثلاثة أسماء: سورة السجدة، لاشتمالها على سجدة التلاوة، الثانى سجدة لقمان؛ للتميز عن حم السجدة الثالث المضاجع: لقوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} .
مقصود السورة: تنزيل القرآن، وإنذار سيد الرسل، وتخليق السماء والأرض، وخلق الخلائق، وتخصيص الإنسان من بينهم، وتسليط ملك الموت على قبض الأرواح، وتشوير العاصين فى القيامة، وملء جهنم من أهل الإنكار، والضلالة، وإسقاط خواص العباد فى أجواف الليالى
للعبادة، وإخبارهم بما ادخر لهم فى العقبى: من أنواع الكرامة، والتفريق بين الفاسقين والصادقين فى الجزاء، والثواب، فى يوم المآب، وتسلية النبى صلى الله عليه وسلم بتقرير أحوال الأنبياء الماضين، وتقرير حجة المنكرين للوحدانية، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن مكافأة أهل الكفر، وأمره بانتظار النصر، بقوله: {فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون} .
الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ آية واحدة: {فأعرض عنهم} م (آية السيف ن) .
المتشابهات:

قوله: {في يوم كان مقداره ألف سنة} ، وفى سأل سائل {خمسين ألف سنة} موضع بيانه التفسير. والغريب فيه ما روى عن عكرمة فى جماعة: أن اليوم فى المعارج عبارة عن أول أيام الدنيا إلى انقضائها، وأنها خمسون ألف سنة، لا يدرى أحد كم مضى وكم بقى إلا الله عز وجل. ومن الغريب أن هذه عبارة عن الشدة، واستطالة أهلها إياها؛ كالعادة فى استطالة أيام الشدة والحزن، واستقصار أيام الراحة والسرور، حتى قال القائل: سنة الوصل سنة [و] سنة الهجر سنة. وخصت هذه السورة بقوله: ألف سنة، لما قبله، وهو قوله: {فى ستة أيام} وتلك الأيام من جنس ذلك اليوم وخصت سورة المعارج بقوله {خمسين ألف سنة} لأن فيها ذكر القيامة وأهوالها، فكان هو اللائق بها.
قوله {ثم أعرض عنها} (ثم) هاهنا يدل على أنه ذكر مرات، ثم تأخر (و) أعرض عنا. والفاء على الإعراض عقيب التذكير.
قوله: {عذاب النار الذي كنتم به تكذبون} ، وفى سبأ {التي كنتم بها} لأن النار وقعت فى هذه السورة موقع الكناية، لتقدم ذكرها، والكنايات لا توصف، فوصف العذاب، وفى سبأ لم يتقدم ذكر النار، فحسن وصف النار.
قوله: {أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون} بزيادة (من) سبق فى طه.
قوله: {إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون} ليس غيره؛ لأنه لما ذكر القرون والمساكن بالجمع حسن جمع الآيات، ولما تقدم ذكر الكتاب - وهو مسموع - حسن لفظ السماع فختم الآية به.
فضل السورة
فيه حديث أبى الساقط سنده: من قرأ سورة {الاما تنزيل} أعطى من الأجر كمن أحيا ليلة القدر، وكان صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ {الاما تنزيل} السجدة، و {تبارك الذي بيده الملك} ويقول: هما يفضلان كل سورة فى القرآن بسبعين حسنة، ومن قرأها كتب له سبعون حسنة ومحى عنه سبعون سيئة ورفع له سبعون درجة؛ وحديث على من قرأ {الاما تنزيل} ضحك الله إليه يوم القيامة، وقضى له كل حاجة له عند الله وأعطاه إياه بكل آية قرأها غرفة فى الجنة.
بصيرة فى.. يأيها النبى اتق الله
السورة مدنية بالاتفاق. آياتها ثلاث وسبعون. كلماتها ألف ومائتان وثمانون. حروفها خمسة آلاف وسبعمائة وست وتسعون، فواصل آياتها (لا) على اللام منها آية واحدة {يهدي السبيل} . سميت سورة الأحزاب، لاشتمالها على قصة حرب الأحزاب فى قوله {يحسبون الأحزاب لم يذهبوا} .
معظم مقصود السورة الذى اشتملت عليه: الأمر بالتقوى، وأنه ليس فى صدر واحد قلبان، وأن المتبنى ليس بمنزلة الابن، وأن النبى صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بمكان الوالد، وأزواجه الطاهرات بمكان الأمهات، وأخذ الميثاق على الأنبياء، والسؤال عن صدق الصادقين، وذكر حرب الأحزاب، والشكاية من المنافقين، وذم المعرضين، ووفاء الرجال بالعهد، ورد الكفار بغيظهم، وتخيير أمهات المؤمنين، ووعظهن، ونصحهن، وبيان شرف أهل البيت الطاهرين ووعد المسلمين والمسلمات بالأجور الوافرات، وحديث تزويج زيد وزينب ورفع الحرج عن النبى صلى الله عليه وسلم، وختم الأنبياء به عليه السلام، والأمر بالذكر الكثير،والصلوات والتسليمات على المؤمنين، والمخاطبات الشريفة لسيدنا المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وبيان النكاح، والطلاق، والعدة، وخصائص النبى صلى الله عليه وسلم فى باب النكاح، وتخييره فى القسم بين الأزواج والحجر عليه فى تبديلهن، ونهى الصحابة عن دخول حجرة النبى صلى الله عليه وسلم بغير إذن منه، وضرب الحجاب، ونهى المؤمنين عن تزوج أزواجه بعده، والموافقة مع الملائكة فى الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، وتهديد المؤذين للنبى وللمؤمنين، وتعليم آداب النساء فى خروجهن من البيوت، وتهديد المنافقين فى إيقاع الأراجيف، وذل الكفار فى النار، والنهى عن إيذاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - والأمر بالقول السديد وبيان عرض الأمانة (على السماوات والأرض) وعذاب المنافقين، وتوبة المؤمنين فى قوله {إنا عرضنا الأمانة} إلى آخر السورة.
الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ آيتان م {ودع أذاهم} ن آية السيف م {لا يحل لك النسآء من بعد} ن {إنآ أحللنا لك أزواجك} .
المتشابهات
ذهب بعض القراء إلى أنه ليس فى هذه السورة متشابه. وأورد بعضهم فيها كلمات، وليس فيها كثير تشابه؛ بل قد تلتبس على الحافظ القليل البضاعة.
فأوردناها؛ إذ لم يخل من فائدة. وذكرنا مع بعضها علامة يستعين بها المبتدىء فى تلاوته.
منها قوله: {ليسأل الصادقين عن صدقهم} وبعده {ليجزي الله الصادقين بصدقهم} ليس فيها تشابه؛ لأن الأول من لفظ السؤال، وصلته {عن صدقهم} وبعده {وأعد للكافرين} ، والثانى من لفظ الجزاء، وفاعله الله، وصلته {بصدقهم} بالباء، وبعده {ويعذب المنافقين} .
ومنها قوله: {ياأيها الذين آمنوا اذكروا "نعمة الله عليكم"} وبعده {ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا} فيقال للمبتدىء: إن الذى يأتى بعد العذاب الأليم نعمة من الله على المؤمنين، وما يأتى قبل قوله {هو الذي يصلي عليكم} {اذكروا الله ذكرا كثيرا} شكرا على أن أنزلكم منزلة نبيه فى صلاته وصلاة ملائكته عليه حيث يقول: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} .
ومنها قوله: {ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك} ليس من المتشابه لأن الأول فى التخيير والثانى فى الحجاب.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #46  
قديم 28-02-2022, 01:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,723
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(46)
من صـــ 380 الى صـــ 386


ومنها قوله: {سنة الله في الذين خلوا من قبل} [فى موضعين] وفى الفتح {سنة الله التي قد خلت} التقدير فى الآيات: سن التى قد خلت فى الذين خلوا (فذكر فى كل سورة الطرف الذى هو أعم، واكتفى به عن الطرف الآخر، والمراد بما فى أول هذه السورة النكاح نزلت حين عيروا رسول الله بنكاح زينب) فأنزل الله {سنة الله في الذين خلوا من قبل} أى النكاح سنة فى النبيين على العموم. وكانت لداود تسع وتسعون، فضم إليها التى خطبها أوريا، وولدت سليمان.
والمراد بما فى آخر هذه السورة القتل؛ نزلت فى المنافقين والشاكين الذين فى قلوبهم مرض، والمرجفين فى المدينة، على العموم. وما فى سورة الفتح يريد به نصرة الله لأنبيائه. والعموم فى النصرة أبلغ منه فى النكاح والقتل. ومثله فى حم {سنة الله التي قد خلت فى عباده} فإن المراد بها عدم الانتفاع بالإيمان عند البأس فلهذا قال: {قد خلت} .
ومنها قوله: {إن الله كان لطيفا خبيرا} {وكان الله على كل شيء رقيبا} {وكان الله قويا عزيزا} {وكان الله عليما حكيما} . وهذا من باب الإعراب، وإنما نصب لدخول كان على الجملة: فتفردت السورة، وحسن دخول (كان) عليها، مراعاة لفواصل الآى والله أعلم.
فضل السورة
فيه الأحاديث الموضوعة التى نذكرها للتنبيه عليها: من قرأ سورة الأحزاب وعلمها أهله وما ملكت يمينه أعطى الأمان من عذاب القبر، وحديث على: يا على من قرأ سورة الأحزاب قال الله لملائكته: اشهدوا أن هذا قد أعتقته من النار، وكان يوم القيامة تحت ظل جناح جبرائيل، وله بكل آية قرأها مثل ثواب البار بوالديه.
بصيرة فى.. الحمد لله الذى له ما فى السماوات وما فى الأرض
السورة مكية بالاتفاق. عدد آياتها خمس وخمسون فى عد الشام، وأربع فى عد الباقى. وكلماتها ثمانمائة وثمانون. وحروفها أربعة آلاف وخمسمائة واثنا عشر. المختلف فيها آية واحدة: {عن يمين وشمال} فواصل آياتها (ظن لمدبر) سميت سورة سبأ، لاشتمالها على قصة سبأ {لقد كان لسبإ في مسكنهم آية} .
مقصود السورة: بيان حجة التوحيد، وبرهان نبوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومعجزات داود، وسليمان، ووفاتهما، وهلاك سبأ، وشؤم الكفران، وعدم الشكر، وإلزام الحجة على عباد الأصنام، ومناظرة مادة الضلالة، وسفلتهم، ومعاملة الأمم الماضية مع النبيين، ووعد المنفقين والمصدقين بالإخلاف، والرجوع بإلزام الحجة على منكرى النبوة، وتمنى الكفار فى وقت الوفاة الرجوع إلى الدنيا فى قوله: {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} إلى آخره.
الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ آية واحدة: م {قل لا تسألون عمآ أجرمنا} ن آية السيف.
المتشابهات:
قوله: {مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض} مرتين، بتقديم السماوات؛ بخلاف يونس؛ فإن فيها {مثقال ذرة في الأرض ولا في السمآء} ؛ لأن فى هذه السورة تقدم ذكر السماوات فى أول السورة {الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض} وقد سبق فى يونس.
قوله: {أفلم يروا} بالفاء ليس غيره. زيد الحرف؛ لأن الاعتبار فيها بالمشاهدة على ما ذكرنا، وخصت بالفاء لشدة اتصالها بالأول، لأن الضمير يعود إلى الذين قسموا الكلام فى النبى صلى الله عليه وسلم، وقالوا: محمد إما عاقل كاذب، وإما مجنون هاذ، وهو قولهم: {أفترى على الله كذبا أم به جنة} فقال الله: بل تركتم القسم الثالث، وهو إما صحيح العقل صادق.
قوله: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله} وفى سبحان: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه} ، لأن فى هذه السورة اتصلت بآية ليس فيها لفظ الله، فكان التصريح أحسن، وفى سبحان اتصل بآيتين فيهما (بضعة عشر) مرة ذكر الله صريحا وكناية، (وكانت) الكناية أولى. وقد سبق.
قوله: {إن في ذلك لآية لكل عبد منيب} ، وبعده، {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} بالجمع؛ لأن المراد بالأول: لآية على إحياء الموتى فخصت بالتوحيد، وفى قصة سبأ جمع؛ لأنهم صاروا اعتبارا يضرب بهم المثل: تفرقوا أيدى سبا: فرقوا كل مفرق، ومزقوا كل ممزق، فوقع بعضهم إلى الشأم، وبعضهم إلى يثرب، وبعضهم إلى عمان، فختم بالجمع، وخصت به لكثرتهم، وكثرة مه يعتبر بهن، فقال {لآيات لكل صبار} على المحنة {شكور} على النعمة، أى المؤمنين.
قوله {قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر} وبعده: {لمن يشآء من عباده ويقدر له} سبق. وخص هذه السورة بذكر الرب لأنه تكرر فيها مرات كثيرة. منها {بلدة طيبة ورب غفور} {ربنا باعد} {يجمع بيننا ربنا} {موقوفون عند ربهم} ولم يذكر مع الأول {من عباده} ؛ لأن المراد بهم الكفار. وذكر مع الثانى؛ لأنهم المؤمنون. وزاد (له) وقد سبق بيانه.
قوله: {ومآ أرسلنا في قرية من نذير} ولم يقل: من قبلك، ولا قبلك. خصت السورة به، لأنه فى هذه السورة إخبار مجرد وفى غيرها إخبار للنبى صلى الله عليه وسلم، وتسلية له، فقال: {قبلك} .
قوله {ولا نسأل عما تعملون} ، وفى غيرها {عما كنتم تعملون} ؛ لأن قوله {أجرمنا} بلفظ الماضى، أى قبل هذا، ولم يقل: نجرم فيقع فى مقابلة (تعملون) ؛ لأن من شرط الإيمان وصف المؤمن أن يعزم ألا يجرم. وقوله: {تعملون} خطاب للكفار، وكانوا مصرين على الكفر فى الماضى من الزمان والمستقبل، فاستغنت به الآية عن قوله {كنتم} .
قوله: {عذاب النار التي} قد سبق.
فضل السورة
فيه حديث ساقط: من قرأ سورة سبأ فكأنما كانت له الدنيا بحذافيرها فقدمها بين يديه، وله بكل حرف قرأه مثل ثواب إدريس.
بصيرة فى.. الحمد لله فاطر السماوات
السورة مكية إجماعا. عدد آياتها خمس وأربعون عند الأكثرين، وعند الشاميين ست. وكلماتها سبعمائة وسبعون. وحروفها ثلاثة آلاف ومائة وثلاثة وثلاثون. المختلف فيها سبع آيات؛ {الذين كفروا لهم عذاب شديد} جديد، النور، البصير {من في القبور} ، {أن تزولا} تبديلا. فواصل آياتها (زاد من بز) لها اسمان: سورة فاطر (لما فى أولها فاطر) السماوات وسورة الملائكة؛ لقوله: {جاعل الملائكة} .
معظم مقصود السورة: بيان تخليق الملائكة، وفتح أبواب الرحمة، وتذكير النعمة، والتحذير من الجن، وعداوتهم، وتسلية الرسول (وإنشاء السحاب، وإثارته، وحوالة العزة إلى الله، وصعود كلمة الشهادة وتحويل الإنسان) من حال إلى حال، وذكر عجائب البحر، واستخراج الحلية منه، وتخليق الليل، والنهار، وعجز الأصنام عن الربوبية، وصفة الخلائق بالفقر والفاقة،
واحتياج الخلق فى القيامة، وإقامة البرهان، والحجة، وفضل القرآن، وشرف التلاوة، وأصناف الخلق فى ميراث القرآن، ودخول الجنة من أهل الإيمان، وخلود النار لأهل الكفر والطغيان، وأن عاقبة الكفر الخسران، والمنة على العباد بحفظ السماء والأرض عن تخلخل الأركان، وأن العقوبة عاقبة المكر، والإخبار بأنه لو عدل ربنا فى الخلق لم يسلم من عذابه أحد من الإنس والجان.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #47  
قديم 28-02-2022, 01:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,723
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(47)
من صـــ 387 الى صـــ 393

الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ آية واحدة: {إن أنت إلا نذير} م آية السيف ن.
المتشابهات:
قوله: {والله الذي أرسل الرياح} بلفظ الماضى؛ موافقة لأول السورة {الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل} لأنهما للماضى لا غير وقد سبق قوله: {وترى الفلك فيه مواخر} بتقديم (فيه) موافقة لتقدم {ومن كل تأكلون} وقد سبق.
قوله: {جآءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب} بزيادة الباءات قد سبق.
قوله: {مختلف ألوانها} وبعده {ألوانها} ثم {ألوانه} لأن الأول يعود إلى ثمرات، والثاني يعود إلى الجبال؛ وقيل إلى حمر، والثالث يعود إلى بعض الدال عليه (من) ؛ لأنه ذكر (من) ولم يفسره كما فسره فى قوله {ومن الجبال جدد بيض وحمر} فاختص الثالث بالتذكير.
قوله: {إن الله بعباده لخبير بصير} بالتصريح وبزيادة اللام، وفى الشورى {إنه بعباده خبير بصير} ، لأن الآية المتقدمة فى هذه السورة لم يكن فيها ذكر الله فصرح باسمه سبحانه وتعالى، وفى الشورى متصل بقوله: {ولو بسط الله} فخص بالكناية، ودخل اللام فى الخبر موافقة لقوله {إن ربنا لغفور شكور} .
قوله: {جعلكم خلائف في الأرض} على الأصل قد سبق.
{أولم يسيروا في} سبق.
{على ظهرها} سبق.
قوله: {فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا} كرر، وقال فى الفتح: {ولن تجد لسنة الله تبديلا} وقال فى سبحان {ولا تجد لسنتنا تحويلا} التبديل تغيير الشئ عما كان عليه قبل مع بقاء مادة الأصل؛ كقوله تعالى: {بدلناهم جلودا غيرها} ، وكذلك {تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} ؛ والتحويل: نقل الشىء من مكان إلى مكان آخر، وسنة الله لا تبديل ولا تحول، فخص هذا الموضع بالجمع بين الوصفين لما وصف الكفار بوصفين، وذكر لهم عرضين، وهو قوله، {ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا} وقوله: {استكبارا في الأرض ومكر السيىء} وقيل: هما بدلان من قوله: {نفورا} فكما ثنى الأول والثانى ثنى الثالث؛ ليكون الكلام كله على غرار واحد. وقال فى الفتح {ولن تجد لسنة الله تبديلا} فاقتصر على مرة واحدة لما لم يكن (التكرار موجبا) وخص سورة سبحان بقوله: {تحويلا} لأن قريشا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كنت نبيا لذهبت إلى الشأم؛ فإنها أرض المبعث والمحشر، فهم النبى صلى الله عليه وسلم بالذهاب إليها، فهيأ أسباب الرحيل والتحويل، فنزل جبرائيل عليه السلام بهذه الآيات، وهى: {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها} وختم الآيات بقوله {تحويلا} تطبيقا للمعنى.
فضل السورة
فيه أحاديث ضعيفة، منها: من قرأ سورة الملائكة دعته يوم القيامة ثمانية أبواب الجنة: أن ادخل من أى باب شئت. وروى: من قرأ سورة الملائكة كتب له بكل آية قرأها بكل ملك فى السماوات والأرض عشر حسنات، ورفع له عشر درجات. وله بكل آية قرأها فص من ياقوتة حمراء.
بصيرة فى.. يس. والقرآن الحكيم
السورة مكية بالإجماع. عدد آياتها ثمانون وثلاث آيات عند الكوفيين واثنتان عند الباقين. وكلماتها سبعمائة وتسع وعشرون. وحروفها ثلاثة آلاف. المختلف فيها آية واحدة. يس. مجموع فواصل آياتها (من) وللسورة اسمان: سورة يس؛ لافتتاحها، وسورة حبيب النجار؛ لاشتمالها على قصته.
معظم مقصود السورة: تأكيد أمر القرآن، والرسالة، وإلزام الحجة على أهل الضلالة، وضرب المثل فى أهل أنطاكية، وذكر حبيب النجار، وبيان البراهين المختلفة فى إحياء الأرض الميتة، وإبداء الليل، والنهار، وسير الكواكب، ودور الأفلاك، وجرى الجوارى المنشآت فى البحار، وذلة الكفار عند الموت، وحيرتهم ساعة البعث، وسعد المؤمنين المطيعين، وشغلهم فى الجنة، وميز المؤمن من الكافر فى القيامة، وشهادة الجوارح على أهل المعاصى بمعاصيهم، والمنة على الرسول صلى الله عليه وسلم بصيانته من الشعر ونظمه، وإقامة البرهان على البعث، ونفاذ أمر الحق فى كن فيكون، وكمال ملك ذى الجلال على كل حال فى قوله: {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون} .
بصيرة فى.. يس. والقرآن الحكيم
السورة مكية بالإجماع. عدد آياتها ثمانون وثلاث آيات عند الكوفيين واثنتان عند الباقين. وكلماتها سبعمائة وتسع وعشرون. وحروفها ثلاثة آلاف. المختلف فيها آية واحدة. يس. مجموع فواصل آياتها (من) وللسورة اسمان: سورة يس؛ لافتتاحها، وسورة حبيب النجار؛ لاشتمالها على قصته.
معظم مقصود السورة: تأكيد أمر القرآن، والرسالة، وإلزام الحجة على أهل الضلالة، وضرب المثل فى أهل أنطاكية، وذكر حبيب النجار، وبيان البراهين المختلفة فى إحياء الأرض الميتة، وإبداء الليل، والنهار، وسير الكواكب، ودور الأفلاك، وجرى الجوارى المنشآت فى البحار، وذلة الكفار عند الموت، وحيرتهم ساعة البعث، وسعد المؤمنين المطيعين، وشغلهم فى الجنة، وميز المؤمن من الكافر فى القيامة، وشهادة الجوارح على أهل المعاصى بمعاصيهم، والمنة على الرسول صلى الله عليه وسلم بصيانته من الشعر ونظمه، وإقامة البرهان على البعث، ونفاذ أمر الحق فى كن فيكون، وكمال ملك ذى الجلال على كل حال فى قوله: {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون} .
السورة خالية من الناسخ والمنسوخ.
المتشابهات:

قوله: {وجآء من أقصى المدينة رجل يسعى} سبق.
قوله: {إن كانت إلا صيحة واحدة} مرتين ليس بتكرار؛ لأن الأولى هى النفخة التى يموت بها الخلق، والثانية التى يحيا بها الخلق.
قوله: {واتخذوا من دون الله آلهة} ، وكذلك فى مريم. ولم يقل: {من دونه} ؛ كما فى الفرقان، بل صرح كيلا يؤدى إلى مخالفة الضمير قبله؛ فإنه فى السورتين بلفظ الجمع تعظيما. وقد سبق فى الفرقان.
قوله: {فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون} وفى ويونس {ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا} تشابها فى الوقف على (قولهم) فى السورتين، لأن الوقف عليه لازم، (وإن) فيهما مكسور بالابتداء بالحكاية، ومحكى القول محذوف ولا يجوز الوصل؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم منزه من أن يخاطب بذلك.
قوله: {وصدق المرسلون} ، وفى الصافات: {وصدق المرسلين} ذكر فى المتشابه، وما يتعلق بالإعراب لا يعد من المتشابه.
فضل السورة
روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ يس فى ليله أصبح مغفورا مغفورا [له] " وروى أيضا: من دخل المقابر فقرأ يس خفف عنهم يومئذ، وكان به بعدد من فيها حسنات، وفتحت له أبواب الجنة. وفى لفظ: من قرأ يس يريد بها الله غفر الله له، وأعطى من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتى عشرة مرة. وأيما مريض قرئ عنده سورة يس نزل عليه بعدد كل حرف عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفا، فيصلون ويستغفرون له، ويشهدون قبضه وغسله، ويشيعون جنازته، ويصلون عليه ويشهدون دفنه. وأيما مريض قرأ سورة يس وهو فى سكرات الموت لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان خازن الجنان بشربة من الجنة فيشربها وهو على فراشه، فيموت وهو ريان، ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء، حتى يدخل الجنة، وهو ريان. وفى حديث على: يا على من قرأ يس فتحت له أبواب الجنة، فيدخل من أيها شاء بغير حساب، وكتب له بكل آية قرأها عشرة آلاف حسنة.
بصيرة فى.. والصافات صفا
السورة مكية بالاتفاق. عدد آياتها مائة وثمانون وآية عند البصريين، وآيتان عند الباقين. وكلماتها ثمانمائة واثنتان وستون. وحروفها ثلاثة آلاف وثمانمائة وست وعشرون. المختلف فيها: آيتان {وما كانوا يعبدون} {وإن كانوا ليقولون} مجموع فواصلها (قدم بنا) سميت (والصافات) لافتتاحها بها.
معظم مقصود السورة: الإخبار عن صف الملائكة والمصلين للعبادة، ودلائل الوحدانية، ورجم الشياطين، وذل الظالمين، وعز المطيعين فى الجنان، وقهر المجرمين فى النيران، ومعجزة نوح، وحديث إبراهيم، وفداء إسماعيل فى جزاء الانقياد، وبشارة إبراهيم بإسحاق، والمنة على موسى وهارون بإيتاء الكتاب، وحكاية الناس فى حال الدعوة، وهلاك قوم لوط وحبس يونس فى بطن الحوت، وبيان فساد عقيدة المشركين فى إثبات النسبة، ودرجات الملائكة فى مقام العبادة، وما منح الله الأنبياء من النصرة والتأييد، وتنزيه حضرة الجلال عن الضد والنديد فى قوله: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون} إلى آخره.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #48  
قديم 28-02-2022, 01:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,723
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(48)
من صـــ 394 الى صـــ 400


الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ آية واحدة: {فتول عنهم حتى حين} م آية السيف ن.
المتشابهات:
قوله تعالى: {أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون} ، وبعده: {أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون} لأن الأول حكاية كلام الكافرين، وهم ينكرون البعث، والثانى قول أحد القرينين لصاحبه عند وقوع الحساب والجزاء، وحصوله فيه: كان لى قرين ينكر الجزاء وما نحن فيه فهل أنتم تطلعوننى عليه، فاطلع فرآه فى سواء الجحيم. قال: تالله إن كدت لتردين. قيل: كانا أخوين، وقيل: كانا شريكين، وقيل: هما بطروس الكافر، ويهوذا المسلم. وقيل: القرين هو إبليس.
قوله: {وأقبل بعضهم على بعض يتسآءلون} وبعده {فأقبل} بالفاء. وكذلك فى {ن والقلم} لأن الأول لعطف جملة على جملة فحسب، والثانى لعطف جملة على جملة بينهما مناسبة والتئام؛ لأنه حكى أحوال أهل الجنة ومذاكرتهم فيها ما كان يجرى فى الدنيا بينهم وبين أصدقائهم، وهو قوله: {وعندهم قاصرات الطرف عين كأنهن بيض مكنون فأقبل بعضهم على بعض يتسآءلون} أى يتذاكرون، وكذلك فى {ن والقلم} هو من كلام أصحاب الجنة بصنعاء، لما رأوها كالصريم ندموا على ما كان منهم، وجعلوا يقولون: {سبحان ربنا إنا كنا ظالمين} ، بعد أن ذكرهم التسبيح أوسطهم، ثم قال: {فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون} أى على تركهم الاستثناء ومخافتتهم أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين.
قوله: {إنا كذلك نفعل بالمجرمين} وفى المرسلات: {كذلك نفعل بالمجرمين} ؛ لأن فى هذه السورة حيل بين الضمير وبين (كذلك) بقوله: {فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون} فأعاد، وفى المرسلات متصل بالأول، وهو قوله: {ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين} فلم يحتج إلى إعادة الضمير.
قوله: {إذا قيل لهم لا إلاه إلا الله} وفى القتال {فاعلم أنه لا إلاه إلا الله} بزيادة (أنه) وليس لهما فى القرآن ثالث؛ لأن ما فى هذه وقع بعد القول فحكى، وفى القتال وقع بعد العلم فزيد قبله (أنه) ليصير مفعول العلم، ثم يتصل به ما بعده.
قوله: {وتركنا عليه في الآخرين سلام على نوح في العالمين} وبعده {سلام على إبراهيم} ثم {سلام على موسى وهارون} وكذلك {سلام على إل ياسين} فيمن جعله لغة فى إلياس، ولم يقل فى قصة لوط ولا يونس ولا إلياس: سلام؛ لأنه لما قال: {وإن لوطا لمن المرسلين} ، {وإن يونس لمن المرسلين} ، وكذلك؛ {وإن إلياس لمن المرسلين} فقد قال: سلام على كل واحد منهم؛ لقوله آخر السورة {وسلام على المرسلين} .
قوله: {إنا كذلك نجزي المحسنين} وفى قصة إبراهيم: {كذلك نجزي المحسنين} ، ولم يقل: (إنا) ، لأنه تقدم فى قصته {إنا كذلك نجزي المحسنين} وقد بقى من قصته شىء، وفى سائرها وقع بعد الفراغ. ولم يقل فى قصتى لوط ويونس: {إنا كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين} ؛ لأنه لما اقتصر من التسليم على ما سبق ذكر اكتفى بذلك.
قوله: {بغلام حليم} وفى الذاريات {عليم} وكذلك فى الحجر، لأن التقدير: بغلام حليم فى صباه، عليم فى كبره، وخصت هذه السورة. بحليم؛ لأنه - عليه السلام - حلم فانقاد وأطاع، وقال: {ياأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شآء الله من الصابرين} والأظهر أن الحليم إسماعيل،والعليم إسحاق؛ لقوله: {فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها} قال مجاهد: الحليم والعليم إسماعيل. وقيل: هما فى السورتين إسحاق. وهذا عند من زعم أن الذبيح إسحاق.
قوله: {وأبصرهم فسوف يبصرون} ثم قال: {وأبصر فسوف يبصرون} كرر وحذف الضمير من الثانى؛ لأنه لما نزل {وأبصرهم} قالوا: متى هذا الذى توعدنا به؟ فأنزل الله {أفبعذابنا يستعجلون} ثم كرر تأكيدا. وقيل: الأولى فى الدنيا، والثانية فى العقبى. والتقدير: أبصر ما ينالهم، وسوف يبصرون ذلك. وقيل: أبصر حالهم بقلبك فسوف يبصرون معاينة.
وقيل: أبصر ما ضيعوا من أمرنا فسوف يبصرون ما (يحل بهم) وحذف الضمير من الثانى اكتفاء بالأول. وقيل: التقدير: ترى اليوم (عيرهم إلى ذل) وترى بعد اليوم ما تحتقر ما شاهدتهم فيه من عذاب الدنيا. وذكر فى المتشابه: {فقال ألا تأكلون} بالفاء، وفى الذاريات {قال ألا تأكلون} بغير فاء؛ لأن ما فى هذه السورة (جملة اتصلت) بخمس جمل كلها مبدوءة بالفاء على التوالى، وهى: {فما ظنكم} الآيات، والخطاب للأوثان تقريعا لمن زعم أنها تأكل وتشرب، وفى الذاريات متصل بمضمر تقديره: فقربه إليهم، فلم يأكلوا فلما رآهم لا يأكلون، {قال ألا تأكلون} والخطاب للملائكة. فجاء فى كل موضع بما يلائمه.
فضل السورة
فيه أحاديث غير مقبولة. منها حديث أبى: من قرأ (والصافات) أعطى من الأجر عشر حسنات، بعدد كل جنى، وشيطان، وتباعدت منه مردة الشياطين، وبرئ من الشرك، وشهد له حافظاه يوم القيامة أنه كان مؤمنا بالمرسلين، وحديث على: يا على من قرأ (والصافات) لا يصيبه يوم القيامة جوع، ولا عطش، ولا يفزع إذا فزع الناس، وله بكل آية قرأها ثواب الضارب بسيفين فى سبيل الله.
بصيرة فى.. ص. والقرآن
السورة مكية إجماعا. وآياتها ثمان وثمانون فى عد الكوفة، وست فى عد الحجاز، والشأم، والبصر، وخمس فى عد أيوب بن المتوكل وحده. وكلماتها سبعمائة واثنتان وثلاثون. وحروفها ثلاثة آلاف وسبع وستون. المختلف فيها ثلاث: الذكر، وغواص، {والحق أقول} مجموع فواصل آياتها (صد قطرب من لج) ولها اسمان سورة صاد؛ لافتتاحها بها، وسورة داود؛ لاشتمالها على مقصد قصته فى قوله: {واذكر عبدنا داوود ذا الأيد} .
معظم مقصود السورة: بيان تعجب الكفار من نبوة المصطفى - صلى الله عليه وسلم، ووصف المنكرين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالاختلاق والإفتراء، واختصاص الحق تعالى بملك الأرض والسماء، وظهور أحوال يوم القضاء، وعجائب حديث داود وأوريا وقصة سليمان فى حديث الملك، على سبيل المنة والعطاء، وذكر أيوب فى الشفاء، والابتلاء، وتخصيص إبراهيم وأولاده من الأنبياء، وحكاية أحوال ساكنى جنة المأوى، وعجز حال الأشقياء فى سقر ولظى، وواقعة إبليس مع آدم وحواء وتهديد الكفار على تكذيبهم للنبى المجتبى فى قوله: {إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين} .
الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ آيتان: {إن يوحى إلي} م آية السيف ن {ولتعلمن نبأه} م آية السيف ن.
ومن المتشابهات: قوله تعالى: {وعجبوا أن جآءهم منذر منهم وقال الكافرون} بالواو، وفى ق: (فقال) بالفاء؛ لأن اتصاله بما قبله فى هذه السورة معنوى، وهو أنهم عجبوا من مجئ المنذر وقالوا: هذا المنذر ساحر كذاب، واتصاله فى ق معنوى ولفظى؛ وهو أنهم عجبوا، فقالوا: هذا شئ عجيب. فراعى المطابقة بالعجز والصدر، وختم بما بدأ به، وهو النهاية فى البلاغة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #49  
قديم 28-02-2022, 01:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,723
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(49)
من صـــ 401 الى صـــ 407



قوله: {أأنزل عليه الذكر من بيننا} وفى القمر {أألقي} لأن ما فى هذه السورة حكاية عن كفار قريش يجيبون محمدا - صلى الله عليه وسلم - حين قرأ عليهم {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} فقالوا: أأنزل عليه الذكر. ومثله {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب} و {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} هو كثير. وما فى القمر حكاية عن قوم صالح. وكان يأتى الأنبياء يومئذ صحف مكتوبة، وألواح مسطورة؛ كما جاء إبراهيم وموسى. فلهذا قالوا: {أألقي عليه الذكر} مع أن لفظ الإلقاء يستعمل لما يستعمل له الإنزال.
قوله: {ومثلهم معهم رحمة منا} ، وفى الأنبياء: {من عندنا} ؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - ميز أيوب بحسن صبره على بلائه، من بين أنبيائه، فحيث قال لهم: من عندنا قال له: منا، وحيث لم يقل لهم: من عندنا قال له: من عندنا [فخصت هذه السورة بقوله: منا لما تقدم فى حقهم (من عندنا) ] فى مواضع. وخصت سورة الأنبياء بقوله: (من عندنا) لتفرده بذلك.
قوله {كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد} وفى ق: {كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس} إلى قوله: {فحق وعيد} قال الإمام: سورة ص بنيت فواصلها على ردف أواخرها [بالألف؛ وسورة ق على ردف أواخرها] بالياء والواو. فقال فى هذه السورة: الأوتاد،الأحزاب، عقاب، وجاء بإزاء ذلك فى ق: ثمود، وعيد، ومثله فى الصافات: {قاصرات الطرف عين} وفى ص {قاصرات الطرف أتراب} فالقصد إلى التوفيق بين الألفاظ مع وضوح المعانى.
قوله فى قصة آدم: {إني خالق بشرا من طين} قد سبق.
فضل السورة
فيه حديث أبى الواهى: من قرأ سورة ص كان له بوزن كل جبل سخره الله لداود عشر حسنات، وعصم أن يصر على ذنب صغير أو كبير، وحديث على مثله: يا على من قرأ (ص والقرآن) . فكأنما قرأ التوراة، وله بكل آية قرأها ثواب الأسخياء.
بصيرة فى.. تنزيل الكتاب من الله
السورة مكية، إلا ثلاث آيات: {قل ياعبادي الذين أسرفوا} إلى قوله: {وأنتم تشعرون} . عدد آياتها خمس وسبعون فى عد الكوفى، وثلاث فى عد الشامى، والباقين. وكلماتها ألف ومائة وسبعون. وحروفها أربعة آلاف وسبعمائة وثمان. والآيات المختلف فيها سبع: {في ما هم فيه يختلفون} ، {مخلصا له الدين} ، الثانى {مخلصا له ديني} ، و {من هاد} الثانى، {فسوف تعلمون} ، أربعهن {فبشر عباد} ، {من تحتها الأنهار} . مجموع فواصل آياتها (من ولى يدر) وللسورة اسمان: سورة الزمر؛ لقوله: {إلى الجنة زمرا} وسورة الغرف؛ لقوله: {لهم غرف من فوقها غرف} قال وهب: من أراد أن يعرف قضاء الله فى خلقه فليقرأ سورة الغرف.
معظم مقصود السورة: بيان تنزيل القرآن، والإخلاص فى الدين، والإيمان، وباطل عذر الكفار فى عبادة الأوثان، وتنزيه الحق تعالى عن الولد بكلمة {سبحانه} ، وعجائب صنع الله فى الكواكب والأفلاك بلا عمد وأركان، والمنة على العباد بإنزال الإنعام من السماء فى كل أوان، وحفظ الأولاد فى أرحام الأمهات بلا أنصار وأعوان، وجزاء الخلق على الشكر والكفران، وذكر شرف المتهجدين فى الدياجر بعبادة الرحمن، وبيان أجر الصابرين وذل أصحاب الخسران، وبشارة المؤمنين فى استماع القرآن بإحسان، وإضافة غرف الجنان لأهل الإخلاص والعرفان، وشرح صدر المؤمنين بنور التوحيد والإيمان، وبيان أحوال آيات الفرقان، وعجائب القرآن، وتمثيل أحوال أهل الكفر وأهل الإيمان، والخطاب مع المصطفى بالموت والفناء وتحلل الأبدان، وبشارة أهل الصدق بحسن الجزاء والغفران، والوعد بالكفاية والكلاءة للعبدان، وبيان العجز عن العون، والنصرة للأصنام والأوثان، وعجائب الصنع فى الرؤيا، والنوم وماله من غريب الشان، ونفرة الكفار من سماع ذكر الواحد الفرد الديان، والبشارة بالرحمة لأهل الإيمان، وإظهار الحسرة والندامة يوم القيامة من أهل العصيان، وتأسفهم فى تقصيرهم فى الطاعة زمان الإمكان، وإضافة الملك إلى قبضة قدرة الرحمن، ونفخ الصور على سبيل الهيبة، والسياسة، وإشراق العرصات بنور العدل، وعظمة السلطان، وسوق الكفار بالذل والخزى إلى دار العقوبة والهوان، وتفريح المؤمنين بالسلام عليهم فى دار الكرامة، وغرف الجنان، وحكم الحق بين الخلق بالعدل، وختمه بالفضل والإحسان، فى قوله: {وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} .
الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ خمس آيات: {إن الله يحكم} م {فاعبدوا ما شئتم} م {ومن يضلل الله فما له من هاد} م {اعملوا على مكانتكم} م {فمن اهتدى فلنفسه} م آية السيف ن قل {إني أخاف} م {ليغفر لك الله} ن.
المتشابهات:
قوله: {إنآ أنزلنآ إليك الكتاب بالحق} وفى هذه السورة أيضا {إنآ أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق} الفرق بين {أنزلنآ إليك الكتاب} و {أنزلنا عليك} قد سبق فى البقرة. ويزيده وضوحا أن كل موضع خاطب (فيه) النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: إنا أنزلنا إليك الكتاب ففيه تكليف، وإذا خاطبه بقوله: إنا أنزلنا عليك ففيه تخفيف. اعتبر بما فى هذه السورة. فالذى فى أول السورة (إليك) فكلفه الإخلاص فى العبادة. والذى فى آخرها (عليك) فختم الآية بقوله {ومآ أنت عليهم بوكيل} أى لست بمسئول عنهم، فخفف عنه ذلك.
قوله: {إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين} زاد مع الثانى لاما؛ لأن المفعول من الثانى محذوف، تقديره: وأمرت أن أعبد الله لأن أكون، فاكتفى بالأول.
قوله: {قل الله أعبد مخلصا له ديني} بالإضافة، والأول {مخلصا له الدين} ، لأن قوله: {الله أعبد} إخبار عن المتكلم؛ فاقتضى الإضافة إلى المتكلم، وقوله: {أمرت أن أعبد الله} ليس بإخبار عن المتكلم، وإنما الإخبار (أمرت) ، وما بعده فضلة ومفعول.
قوله: {ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون} وفى النحل {ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} وكان حقه أن يذكر هناك. خصت هذه السورة بـ (الذى) ليوافق ما قبله. وهو {أسوأ الذي} ، وقبله {والذي جآء بالصدق} . وخصت النحل بـ (ما) للموافقة أيضا. وهو {إنما عند الله هو خير لكم} و {ما عندكم ينفد وما عند الله باق} فتلاءم اللفظان فى السورتين.
قوله: {وبدا لهم سيئات ما كسبوا} وفى الجاثية {ما عملوا}علته مثل علة الآية الأولى؛ لأن {ما كسبوا} فى هذه السورة وقع بين ألفاظ كسب، وهو قوله: {ذوقوا ما كنتم تكسبون} وفى الجاثية وقع بين ألفاظ العمل وهو: {ما كنتم تعملون} {عملوا الصالحات} وبعده {سيئات ما عملوا} فخصت كل سورة بما اقتضاه طرفاه.
قوله: {ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما} وفى الحديد {ثم يكون حطاما} ؛ لأن الفعل الواقع قبل قوله {ثم يهيج} فى هذه السورة مسند إلى الله تعالى، وهو قوله: {ثم يخرج به زرعا} فكذلك الفعل بعده: {ثم يجعله} . وأما الفعل قبله فى الحديد فمسند إلى النبات وهو {أعجب الكفار نباته} فكذلك ما بعده وهو {ثم يكون} ليوافق فى السورتين ما قبل وما بعد.
قوله {فتحت أبوابها} وبعده {وفتحت} بالواو للحال، أى جاءوها وقد فتحت أبوابها. وقيل: الواو فى {وقال لهم خزنتها} زيادة، وهو الجواب، وقيل: الواو واو الثمانية. وقد سبق فى الكهف.
قوله: {فمن اهتدى فلنفسه} ، وفى غيرها: {فإنما يهتدي لنفسه} ؛ لأن هذه السورة متأخرة عن تلك السورة؛ فاكتفى بذكره فيها.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #50  
قديم 03-04-2022, 12:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,723
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(50)
من صـــ 408 الى صـــ 414



فضل السورة:

عن عائشة رضى الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ كل ليلة بنى إسرائيل والزمر، وحديث أبى الواهى: من قرأ سورة الزمر لم يقطع الله رجاءه يوم القيامة، وأعطى ثواب الخائفين الذين خافوه، وحديث على: يا على من قرأ سورة الزمر اشتاقت إليه الجنة، وله بكل آية قرأها مثل ثواب المجاهدين.
بصيرة فى.. حم. المؤمن
السورة مكية بالاتفاق. عدد آياتها خمس وثمانون فى عد الكوفة والشام، وأربع فى الحجاز، واثنتان فى البصرة. وكلماتها ألف ومائة وتسع وتسعون. وحروفها أربعة آلاف وتسعمائة وستون. الآيات المختلف فيها تسع: حم، كاظمين، التلاق، بارزون، {بني إسرائيل} ، {في الحميم} {والبصير} {يسحبون} {كنتم تشركون} مجموع فواصل آياتها (من علق وتر) .
ولها ثلاثة أسماء: سورة المؤمن؛ لاشتمالها على حديث مؤمن آل فرعون - أعنى خربيل - فى قوله: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون} ، وسورة الطول؛ لقوله: {ذي الطول} . والثالث حم الأولى؛ لأنها أولى ذوات حم.
معظم مقصود السورة: المنة على الخلق بالغفران، وقبول التوبة، وخطبة التوحيد على جلال الحق، وتقلب الكفار بالكسب والتجارة، وبيان وظيفة حملة العرش، وتضرع الكفار فى قعر الجحيم، وإظهار أنوار العدل فى القيامة، وذكر إهلاك القرون الماضية، وإنكار فرعون على موسى وهارون، ومناظرة خربيل لقوم فرعون نائبا عن موسى، وعرض أرواح الكفار على العقوبة، ووعد النصر للرسل، وإقامة أنواع الحجة والبرهان على أهل الكفر والضلال، والوعد بإجابة دعاء المؤمنين، وإظهار أنواع العجائب من صنع الله، وعجز المشركين فى العذاب، وأن الإيمان عند اليأس غير نافع، والحكم بخسران الكافرين والمبطلين فى قوله: {وخسر هنالك الكافرون} .
الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ آيتان {إن وعد الله حق} فى موضعين م آية السيف ن.
المتشابهات:
قوله: {أولم يسيروا في الأرض} ، وبعده: {أفلم يسيروا} ما يتعلق بذكرهما سبق.
قوله: {ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم} ، وفى التغابن: {بأنه كانت} لأن هاء الكناية إنما زيدت لامتناع (أن) عن الدخول على (كان) فخصت هذه السورة بكناية المتقدم ذكرهم؛ موافقة لقوله: {كانوا هم أشد منهم قوة} وخصت سورة التغابن بضمير الأمر والشأن توصلا إلى (كان) .
قوله: {فلما جآءهم بالحق} فى هذه السورة فحسب، لأن الفعل لموسى، وفى سائر القرآن الفعل للحق.
قوله: {إن الساعة لآتية} وفى طه {آتية} لأن اللام إنما يزاد لتأكيد الخبر، وتأكيد الخبر إنما يحتاج إليه إذا كان المخبر به شاكا فى الخبر، والمخاطبون فى هذه السورة هم الكفار، فأكد. وكذلك أكد {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} (وافق ما قبله) فى هذه السورة باللام:
قوله {ولاكن أكثر الناس لا يشكرون} ، وفى يونس {ولاكن أكثرهم لا يشكرون} - وقد سبق -، لأنه وافق ما قبله فى هذه السورة: {ولاكن أكثر الناس لا يعلمون} ، وبعده: {ولاكن أكثر الناس لا يؤمنون} ثم قال: {ولاكن أكثر الناس لا يشكرون} .
قوله فى الآية الأولى {لا يعلمون} أى لا يعلمون أن خلق الأصغر أسهل من خلق الأكبر، ثم قال: {لا يؤمنون} أى لا يؤمنون بالبعث ثم قال: {لا يشكرون} أى لا يشكرون الله على فضله. فختم كل آية بما اقتضاه.
قوله {خالق كل شيء لا إلاه إلا هو} سبق.
قوله: {الحمد لله رب العالمين} مدح نفسه سبحانه، وختم ثلاث آيات على التوالى بقوله {رب العالمين} وليس له فى القرآن نظير.
قوله: {وخسر هنالك المبطلون} وختم السورة بقوله {وخسر هنالك الكافرون} ؛ لأن الأول متصل بقوله: {قضى بالحق} ونقيض الحق الباطل، والثانى متصل بإيمان غير مجد، ونقيض الإيمان الكفر.
فضل السورة
فيه حديث أبى الساقط: الحواميم ديباج القرآن. وقال: الحواميم سبع، وأبواب (جهنم سبعة) : جهنم، والحطمة، ولظى، والسعير، وسقر، والهاوية، والجحيم. فيجىء كل حاميم منهن يوم القيامة على باب من هذه الأبواب، فيقول: لا أدخل الباب من كان مؤمنا بى ويقرؤنى، وعن النبى صلى الله عليه وسلم: إن لكل شىء ثمرة، وثمرة القرآن ذوات حاميم، هى روضات محصنات، متجاورات. فمن أحب أن يرتع فى رياض الجنة فليقرأ الحواميم. وقال ابن عباس: لكل شىء لباب، ولباب القرآن الحواميم؛ وقال: ابن سيرين: رأى أحد فى المنام سبع جوار حسان فى مكان واحد، لم ير أحسن منهن فقال لهن: لمن أنتن؟ قلن: لمن قرأ آل حاميم. وقال: من قرأ حم المؤمن لم يبق روح نبى، ولا صديق، ولا شهيد، ولا مؤمن، إلا صلوا عليه، واستغفروا له، وحديث على: يا على من قرأ الحواميم السبع بعض إثر بعض، من قرأ هذه السورة لا يصف الواصفون من أهل السماء والأرض ماله عند الله من الثواب، وله بكل سورة قرأها من الحواميم مثل ثواب ابن آدم الشهيد، وله بكل آية قرأها مثل ثواب الأنصار.
بصيرة فى.. حم. تنزيل من الرحمن الرحيم
السورة مكية بالاتفاق. عدد آياتها أربع وخمسون فى عد الكوفة، وثلاث فى عد الحجاز، واثنتان فى عد البصرة، والشأم. وكلماتها سبعمائة وست وتسعون. وحروفها ثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمسون. المختلف فيها آيتان: حم {عاد وثمود} مجموع فواصل آياتها (ظن طب حرم صد) وللسورة اسمان: حم السجدة، لاشتمالها على السجدة، وسورة المصابيح؛ لقوله: {زينا السمآء الدنيا بمصابيح وحفظا} .
معظم مقصود السورة: بيان شرف القرآن، وإعراض الكفار من قبوله، وكيفية تخليق الأرض والسماء، والإشارة إلى إهلاك عاد وثمود، وشهادة الجوارح على العاصين فى القيامة، وعجز الكفار فى سجن جهنم، وبشارة المؤمنين بالخلود فى الجنان، وشرف المؤذنين بالأذان، والاحتراز من نزغات الشيطان، والحجة والبرهان على وحدانية الرحمن، وبيان شرف القرآن، والنفع والضر، والإساءة، والإحسان، وجزع الكفار عند الابتلاء والامتحان، وإظهار الآيات الدالة على الذات والصفات الحسان، وإحاطة علم الله بكل شىء من الإسرار والإعلان، بقوله: {ألا إنه بكل شيء محيط} .
الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ آية واحدة {ادفع بالتي هي أحسن} م آية السيف ن.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 207.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 201.62 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (2.82%)]