مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام) - الصفحة 5 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4471 - عددالزوار : 945596 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4006 - عددالزوار : 469286 )           »          صيام يوم عرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 81 )           »          أهل الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 78 )           »          القوي - المتين جل جلاله، وتقدست أسماؤه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 713 )           »          شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 89 )           »          من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 100 )           »          الرياء: أسبابه وعلاجه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 81 )           »          القريب جل جلاله وتقدست أسماؤه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 115 )           »          مورد الرد على الأشاعرة والماتريدية من كتب السنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 93 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #41  
قديم 02-05-2019, 04:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,093
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

المحافظة على الصلاة في رمضان

اللجنة العلمية



فقهُ صلاة القيام في رمضان
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرغب في قيام رمضان، من غير أن يأمرهم بعزيمة، ثم يقول:
«من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».
«من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه».
فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك (أي على ترك الجماعة في التراويح) ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وصدرٍ من خلافة عمر رضي الله عنه.
وعن عمرو بن مرة الجهني قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من قضاعة فقال: "يا رسول الله، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك محمد رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وصمت الشهر، وقمت رمضان، وآتيت الزكاة؟ "، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء».
مشروعية الجماعة في القيام:
4 - وتشرع الجماعة في قيام رمضان، بل هي أفضل من الانفراد، لإقامة النبي صلى الله عليه وسلم لها بنفسه، وبيانه لفضلها بقوله، كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: "صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: "يا رسول الله، لو نفّلتنا قيام هذه الليلة"، فقال: «إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة». فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: "وما الفلاح؟ "، قال: «السحور، ثم لم يقم بنا بقية الشهر» (حديث صحيح، أخرجه أصحاب السنن).
السبب في عدم استمرار النبي صلى الله عليه وسلم بالجماعة فيه:
5 - وإنما لم يقم بهم عليه الصلاة والسلام بقية الشهر خشية أن تُفرض عليهم صلاة الليل في رمضان، فيعجزوا عنها كما جاء في حديث عائشة في الصحيحين وغيرهما، وقد زالت هذه الخشية بوفاته صلى الله عليه وسلم بعد أن أكمل الله الشريعة، وبذلك زال المعلول، وهو ترك الجماعة في قيام رمضان، وبقي الحكم السابق وهو مشروعية الجماعة، ولذلك أحياها عمر رضي الله عنه كما في صحيح البخاري وغيره.
مشروعية الجماعة للنساء:
6 - ويشرع للنساء حضورها كما في حديث أبي ذر السابق بل يجوز أن يُجعل لهن إمام خاص بهن، غير إمام الرجال، فقد ثبت أن عمر رضي الله عنه لما جمع الناس على القيام، جعل على الرجال أبيّ بن كعب، وعلى النساء سليمان بن أبي حثمة، فعن عرفجة الثقفي قال: "كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يأمر الناس بقيام شهر رمضان ويجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً، قال: فكنت أنا إمام النساء".
قلت: وهذا محله عندي إذا كان المسجد واسعاً، لئلا يشوش أحدهما على الآخر.
عدد ركعات القيام:
7 - وركعاتها إحدى عشرة ركعة، ونختار أن لا يزيد عليها اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يزد عليها حتى فارق الدنيا، فقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن صلاته في رمضان؟ فقالت: "ما كان رسول الله يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاُ فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً" [أخرجه الشيخان وغيرهما].
8 - وله أن ينقص منها، حتى لو اقتصر على ركعة الوتر فقط، بدليل فعله صلى الله عليه وسلم وقوله.
أما الفعل، فقد سئلت عائشة رضي الله عنها: "بكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر؟ "، قالت: «كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأنقص من سبع، ولا بأكثر من ثلاث عشرة» [رواه ابو داود وأحمد وغيرهما].
وأما قوله صلى الله عليه وسلم فهو: «الوتر حق، فمن شاء فليوتر بخمس، ومن شاء فليوتر بثلاث، ومن شاء فليوتر بواحدة» [صححه الألباني].
القراءة في القيام:
9 - وأما القراءة في صلاة الليل في قيام رمضان أو غيره، فلم يحُد فيها النبي صلى الله عليه وسلم حداً لا يتعداه بزيادة أو نقص، بل كانت قراءته فيها تختلف قصراً وطولاً، فكان تارة يقرأ في كل ركعة قدر {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} وهي عشرون آية، وتارة قدر خمسين آية، وكان يقول: «من صلى في ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين» [إسناده ضعيف]، وفي حديث آخر: « .. بمائتي آية فإنه يُكتب من القانتين المخلصين» [إسناده ضعيف].
وقرأ صلى الله عليه وسلم في ليلة وهو مريض السبع الطوال، وهي سورة (البقرة) و (آل عمران) و (النساء) و (المائدة) و (الأنعام) و (الأعراف) و (التوبة).
وفي قصة صلاة حذيفة بن اليمان وراء النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة واحدة (البقرة) ثم (النساء) ثم (آل عمران)، وكان يقرؤها مترسلا متمهلاً.
وثبت بأصح إسناد أن عمر رضي الله عنه لما أمر أبيّ بن كعب أن يصلي للناس بإحدى عشرة ركعة في رمضان، كان أبيّ رضي الله عنه يقرأ بالمئين، حتى كان الذين خلفه يعتمدون على العصي من طول القيام، وما كانوا ينصرفون إلا في أوائل الفجر.
وصح عن عمر أيضاً أنه دعا القراء في رمضان، فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ ثلاثين آية، والوسط خمساً وعشرين آية، والبطيء عشرين آية.
وعلى ذلك فإن صلى القائم لنفسه فليطوّل ما شاء، وكذلك إذا كان معه من يوافقه، وكلما أطال فهو أفضل، إلا أنه لا يبالغ في الإطالة حتى يحيي الليل كله إلا نادراً، اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم القائل: "وخير الهدي هدي محمد"، وأما إذا صلى إماماً، فعليه أن يطيل بما لا يشق على من وراءه لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإنه منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء» [رواه البخاري].
وقت القيام:
10 - ووقت صلاة الليل من بعد صلاة العشاء إلى الفجر، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله زادكم صلاة، وهي الوتر، فصلوها بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر» [صححه الألباني].
11 - والصلاة في آخر الليل أفضل لمن تيسر له ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل» [رواه مسلم].
12 - وإذا دار الأمر بين الصلاة أول الليل مع الجماعة، وبين الصلاة آخر الليل منفرداً، فالصلاة مع الجماعة أفضل، لأنه يحسب له قيام ليلة تامة.
وعلى ذلك جرى عمل الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه، فقال عبد الرحمن بن عبد القاري: "خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرّهط، فقال: والله إني لأرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم، فجمعهم على أبيّ بن كعب، قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال: عمر، نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون - يريد آخر الليل - وكان الناس يقومون أوله".
وقال زيد بن وهب: "كان عبد الله يصلي بنا في شهر رمضان فينصرف بليل".
13 - لما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الإيتار بثلاث، وعلل ذلك بقوله: «ولا تشبهوا بصلاة المغرب».
فحينئذ لابد لمن صلى الوتر ثلاثاً من الخروج من هذه المشابهة، وذلك يكون بوجهين:
أحدهما: التسليم بين الشفع والوتر، وهو الأقوى والأفضل.
والآخر: أن لا يقعد بين الشفع والوتر، والله تعالى أعلم.
القراءة في ثلاث الوتر:
14 - ومن السنة أن يقرأ في الركعة الأولى من ثلاث الوتر: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وفي الثانية: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ويضيف إليها أحياناُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ مرة في ركعة الوتر بمائة آية من سورة (النساء).
دعاء القنوت:
15 - و .. يقنت .. بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن علي رضي الله عنهما وهو: "اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجا منك إلا إليك"، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً، لما يأتي بعده. (ولا بأس أن يزيد عليه من الدعاء المشروع والطيّب الصحيح).
16 - ولا بأس من جعل القنوت بعد الركوع، ومن الزيادة عليه بلعن الكفرة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للمسلمين في النصف الثاني من رمضان، لثبوت ذلك عن الأئمة في عهد عمر رضي الله عنه، فقد جاء في آخر حديث عبد الرحمن بن عبيد القاري المتقدم: "وكانوا يلعنون الكفرة في النصف: اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ولا يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم الرعب، وألق عليهم رجزك وعذابك، إله الحق" ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير، ثم يستغفر للمؤمنين.
قال: وكان يقول إذا فرغ من لعنة الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته: "اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، ونرجو رحمتك ربنا، ونخاف عذابك الجد، إن عذابك لمن عاديت ملحق" ثم يكبر ويهوي ساجداً.
ما يقول في آخر الوتر:
17 - ومن السنة أن يقول في آخر وتره (قبل السلام أو بعده):
"اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك".
18 - وإذا سلم من الوتر، قال: سبحان الملك القدوس، سبحان الملك القدوس، سبحان الملك القدوس (ثلاثاً) ويمد بها صوته، ويرفع في الثالثة.
الركعتان بعده:
19 - وله أن يصلي ركعتين (بعد الوتر إن شاء)، لثبوتهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً بل .. قال: "إن هذا السفر جهد وثقل، فإذا أوتر أحدكم، فليركع ركعتين، فإن استيقظ وإلا كانتا له".
20 - والسنة أن يقرأ فيهما: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}.
(من كتاب قيام رمضان للألباني)

[فتوى]
(سؤال):
إذا كان الأرجح في عدد ركعات التراويح هو أحد عشر ركعة وصليت في مسجد تقام فيه التراويح بإحدى وعشرين ركعة، فهل لي أن أغادر المسجد بعد الركعة العاشرة أم من الأحسن إكمال الإحدى وعشرين ركعة معهم؟
(جواب)
الأفضل إتمام الصلاة مع الإمام حتى ينصرف ولو زاد على إحدى عشرة ركعة لأنّ الزيادة جائزة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: « .. مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ قِيَامَ لَيْلَةٍ .. » [صححه الألباني]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ» [رواه السبعة وهذا لفظ النسائي].
ولا شكّ أنّ التقيّد بسنة النبي صلى الله عليه وسلم هو الأولى والأفضل والأكثر أجرا مع إطالتها وتحسينها، ولكن إذا دار الأمر بين مفارقة الإمام لأجل العدد وبين موافقته إذا زاد فالأفضل أن يوافقه المصلي للأحاديث المتقدّمة، هذا مع مناصحة الإمام بالحرص على السنّة.
[فتوى]
(سؤال)
بعض الناس إذا صلى مع الإمام الوتر، وسلم الإمام قام وأتى بركعةٍ ليكونَ وتره آخرَ الليل، فما حكم هذا العمل؟، وهل يعتبر انصراف مع الإمام؟
(الجواب)
الحمد لله
لا نعلم في هذا بأساً نص عليه العلماء ولا حرج فيه حتى يكون وتره في آخر الليل. ويصدق عليه أنه قام مع الإمام حتى ينصرف لأنه قام معه حتى انصراف الإمام وزاد ركعة لمصلحة شرعية حتى يكون وتره آخر الليل فلا بأس بهذا ولا يخرج به عن كونه ما قام مع الإمام بل هو قام مع الإمام حتى انصرف لكنه لم ينصرف معه بل تأخر قليلاً.
(من كتاب الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح للشيخ عبد العزيز بن باز) موقع الإسلام سؤال وجواب!
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #42  
قديم 02-05-2019, 04:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,093
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

المحافظة على الصلاة في رمضان

اللجنة العلمية


الأسباب المعينة على قيام الليل
1 - الإخلاص لله - تعالى -:
كما أمر الله - تعالى - بإخلاص العمل له دون ما سواه:"وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ"، فكلما قوي إخلاص العبد كان أكثر توفيقاً إلى الطاعات والقربات، وفي حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب" (رواه أحمد صحيح الجامع 2825). قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: صلاح العمل بصلاح القلب، وصلاح القلب بصلاح النية. قال ابن القيم - رحمه الله -: وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته يكون توفيقه سبحانه وإعانته؛ فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم ونياتهم ورغبتهم ورهبتهم، والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك.
ولذا حرص السلف الكرام أشد الحرص على إخفاء الطاعات كقيام الليل؛ سأل رجل تميم بن أوس الداري - رضي الله عنه - فقال له: كيف صلاتك بالليل؟ فغضب غضبا شديدا ثم قال: والله لركعة أصليها في جوف الليل في السر أحب إلي من أن أصلي الليل كله، ثم أقصه على الناس. وكان أيوب السختياني يقوم الليل كله، فإذا قرب الفجر رجع فاضطجع في فراشه، فإذا طلع الصبح رفع صوته كأنه قد قام تلك الساعة.
2 - أن يستشعر مريد قيام الليل أن الله - تعالى - يدعوه للقيام:
فإذا استشعر العبد أن مولاه يدعوه لذلك وهو الغني عن طاعة الناس جميعا كان ذلك أدعى للاستجابة، قال - تعالى -:"يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً"، قال سعد بن هشام بن عامر لعائشة - رضي الله عنها -: أنبئيني عن قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: ألست تقرأ"يا أيها المزمل"قلت: بلى، فقالت: إن الله - عز وجل - افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حولا، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة. رواه مسلم.
3 - معرفة فضل قيام الليل:
فمن عرف فضل هذه العبادة حرص على مناجاة الله - تعالى -، والوقوف بين يديه في ذلك الوقت، ومما جاء في فضل هذه العبادة ما ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم"رواه مسلم. وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوما ويفطر يوماً"متفق عليه. وعن عمرو بن عبسة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن"رواه الترمذي والنسائي. وفي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"عجب ربنا من رجلين: رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحبه إلى صلاته فيقول الله - جل وعلا -: أيا ملائكتي انظر إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي"رواه أحمد وهو حسن، صحيح الترغيب 258.
وقيام الليل يطرد الغفلة عن القلب كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية لم يكتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين"رواه أبو داود وابن حبان وهو حسن، صحيح الترغيب 635. قال يحيى بن معاذ: دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتفكر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين.
4 - النظر في حال السلف والصالحين في قيام الليل ومدى لزومهم له:
فقد كان السلف يتلذذون بقيام الليل، ويفرحون به أشد الفرح، قال عبد الله بن وهب: كل ملذوذ إنما له لذة واحدة إلا العبادة؛ فإن لها ثلاث لذات: إذا كنت فيها، وإذا تذكّرتها، وإذا أعطيت ثوابها. وقال محمد بن المنكدر: ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث: قيام الليل، ولقاء الإخوان، والصلاة في جماعة. وقال ثابت البناني: ما شيء أجده في قلبي ألذّ عندي من قيام الليل، وقال يزيد الرقاشي: بطول التهجد تقر عيون العابدين، وبطول الظمأ تفرح قلوبهم عند لقاء الله. قال مخلد بن حسين: ما انتبهت من الليل إلا أصبت إبراهيم بن أدهم يذكر الله ويصلي، فأَغتمُّ لذلك، ثم أتعزى بهذه الآية"ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ". وقال أبو عاصم النبيل: كان أبو حنيفة يسمى الوتد لكثرة صلاته. وعن القاسم بن معين قال: قام أبو حنيفة ليلة بهذه الآية"بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ"يرددها ويبكي، ويتضرع حتى طلع الصبح. وقال إبراهيم بن شماس: كنت أرى أحمد بن حنبل يُحيي الليل وهو غلام. وقال أبو بكر المروذي: كنت مع الإمام أحمد نحوا من أربعة أشهر بالعسكر ولا يدع قيام الليل وقرآن النهار، فما علمت بختمة ختمها، وكان يسرّ ذلك. وكان الإمام البخاري يقوم فيتهجد من الليل عند السحر فيقرأ ما بين النصف إلى الثلث من القرآن، فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال.
وقال العلامة ابن عبد الهادي يصف قيام شيخ الإسلام ابن تيمية: وكان في ليله منفرداً عن الناس كلهم خالياً بربه، ضارعاً مواظباً على تلاوة القرآن، مكرراً لأنواع التعبدات الليلية والنهارية، وكان إذا دخل في الصلاة ترتعد فرائصه وأعضاؤه حتى يميل يمنة ويسرة. وقال ابن رجب في شيخه الإمام ابن القيم: وكان ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى، ولم أشاهد مثله في عبادته وعلمه بالقرآن والحديث وحقائق الإيمان. وقال الحافظ ابن حجر يصف شيخه الحافظ العراقي: وقد لازمته، فلم أره ترك قيام الليل بل صار له كالمألوف.
5 - النوم على الجانب الأيمن:
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرشد أمته إلى النوم على الجانب الأيمن، كما جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلّفه عليه، ثم ليضطجع على شقه الأيمن، ثم ليقل: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين"متفق عليه. وعن البراء بن عازب - رضي الله عنهما -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن"متفق عليه، وعن حفصة - رضي الله عنها - قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن رواه الطبراني، صحيح الجامع 4523. قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: وفي اضطجاعه - صلى الله عليه وسلم - على شقه الأيمن سر، وهو أن القلب معلّق في الجانب الأيسر، فإذا نام على شقه الأيسر استثقل نوماً؛ لأنه يكون في دعة واستراحة فيثقل نومه، فإذا نام على شقه الأيمن فإنه يقلق ولا يستغرق في النوم لقلق القلب وطلبه مستقره وميله إليه.
6 - النوم على طهارة:
تقدم حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة"متفق عليه، وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما من مسلم يبيت على ذكر طاهراً فيتعارّ من الليل، فيسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه"رواه أبو داود وأحمد، صحيح الجامع 5754. وجاء من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"طهّروا هذه الأجساد طهركم الله، فإنه ليس عبد يبيت طاهراً إلا بات معه في شعاره ملك، لا يتقلب ساعة من الليل إلا قال: اللهم اغفر لعبدك، فإنه بات طاهراً"رواه الطبراني، قال المنذري: إسناد جيد، صحيح الجامع 3831.
7 - التبكير بالنوم:
النوم بعد العشاء مبكراً وصية نبوية، وخصلة حميدة، وعادة صحية، ومما جاء في فضله حديث أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستحب أن يؤخر العشاء، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها"رواه البخاري، نقل الحافظ ابن حجر عن القاضي عياض في قوله:"وكان يكره النوم قبلها"قال: لأنه قد يؤدي إلى إخراجها عن وقتها مطلقا، أو عن الوقت المختار، والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم قبل الصبح، أو عن وقتها المختار، أو عن قيام الليل. وقال ابن رافع: كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ينِشّ الناس بدِرّته بعد العتمة ويقول: قوموا لعل الله يرزقكم صلاة. ومما يتعلق بالنوم: اختيار الفراش المناسب، وذلك بعدم المبالغة في حشو الفراش، وتليينه وتنعيمه لأن ذلك من أسباب كثرة النوم والغفلة، ومجلبة للكسل والدّعة، وثبت من حديث عائشة - رضي الله عنها -قالت: كانت وسادة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي ينام عليها بالليل من أدم حشوها ليف. رواه أبو داود وأحمد، صحيح الجامع 4714. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن عمر بن الخطاب دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على حصير قد أثر في جنبه الشريف فقال عمر: يا نبي الله لو اتخذت فراشاً أوْثر من هذا؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ما لي وللدنيا، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار، ثم راح وتركها. رواه أحمد والحاكم، صحيح الجامع 5545. وكان علي بن بكار - رحمه الله - تفرش له جاريته فراشه، فيلمسه بيده ثم يقول: والله إنك لطيب، والله إنك لبارد، والله لا علوتك ليلتي، ثم يقوم يصلي إلى الفجر. ومن ذلك عدم الإفراط في النوم والاستغراق فيه، قال إبراهيم بن أدهم: إذا كنت بالليل نائما، وبالنهار هائماً، وفي المعاصي دائماً، فكيف تُرضي من هو بأمورك قائماً؟
8 - المحافظة على الأذكار الشرعية قبل النوم:
فإن هذه الأذكار حصن حصين يقي بإذن الله من الشيطان، ويعين على القيام، ومن هذه الأذكار ما ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فلينفضه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلّفه عليه، ثم ليضطجع على شقّه الأيمن، ثم ليقل: باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين"متفق عليه. وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما يقرأ"قل هو الله أحد"، و"قل أعوذ برب الفلق"، و"قل أعوذ برب الناس"، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات"متفق عليه. وعن أبي مسعود - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه"متفق عليه. وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوى إلى فراشه قال:"الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي له"رواه مسلم. وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -وقصة الشيطان معه قال له: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي"الله لا إله إلا هو الحي القيوم"حتى تختمها، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فذكر ذلك أبو هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: صدقك وهو كذوب"متفق عليه. وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لابنته فاطمة - رضي الله عنها - لما جاءت إليه تطلب منه خادماً، فقال لها ولعلي: ألا أدلكما على خير لكما من خادم، إذا أويتما إلى فراشكما، فسبّحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبرا أربعاً وثلاثين، فإنه خير لكما من خادم"متفق عليه. وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"اقرأ: قل يا أيها الكافرون عند منامك، فإنها براءة من الشرك"رواه البيهقي، صحيح الجامع 1172. وعن حفصة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن وقال: رب قني عذابك يوم تبعث عبادك"رواه أبو داود، صحيح الجامع 4532. وعن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا أتيت إلى مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن متّ متّ على الفطرة، واجعلهن آخر ما تقول"متفق عليه. وينبغي كذلك أن يحافظ المسلم على الأذكار الشرعية عند الاستيقاظ، ومنها: ما ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا استيقظ أحدكم فليقل: الحمد لله الذي رد علي روحي، وعافاني في جسدي، وأذن لي بذكره"رواه الترمذي والنسائي، صحيح الجامع 326. وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من تعارّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله سبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب له، فإن توضأ ثم صلى قُبلت صلاته"رواه البخاري. قال الإمام ابن بطال: وعد الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أن من استيقظ من نومه لَهِجا بتوحيد ربه، والإذعان له بالملك، والاعتراف بنعمه بحمده عليها، وينزهه عما لا يليق به بتسبيحه والخضوع له بالتكبير، والتسليم له بالعجز عن القدرة إلا بعونه، أنه إذا دعاه أجابه، وإذا صلى قبلت صلاته، فينبغي لمن بلغه هذا الحديث أن يغتنم العمل به، ويخلص نيته لربه - سبحانه و تعالى -. وعن البراء بن عازب - رضي الله عنهما -قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استيقظ من نومه قال:"الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور"رواه مسلم. وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استيقظ من الليل يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم ينظر إلى السماء ويقرأ العشر آيات الخواتم من سورة آل عمران:"إن في خلق السماوات والأرض …"الآيات. رواه مسلم، قال الإمام النووي: فيه استحباب مسح أثر النوم عن الوجه، واستحباب قراءة هذه الآيات عند القيام من النوم.
9 - الحرص على نومة القيلولة بالنهار:
وهي إما قبل الظهر أو بعده، فعن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"قيلوا فإن الشياطين لا تقيل"رواه الطبراني، الصحيحة 2647، قال إسحاق بن عبد الله: القائلة من عمل أهل الخير، وهي مجمة للفؤاد مَقْواة على قيام الليل. ومرّ الحسن البصري بقوم في السوق في وسط النهار فرأى صخبهم وضجيجهم، فقال: أما يقيل هؤلاء، فقيل له: لا، فقال: إني لأرى ليلهم ليل سوء.
10 - اجتناب كثرة الأكل والشرب:
فإن الإكثار منهما من العوائق العظيمة التي تصرف المرء عن قيام الليل، وتحول بينه وبينه كما جاء في حديث المقدام بن معد يكرب - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما ملأ آدمي وعاءا شرا من بطنه، حسْب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه"رواه الترمذي وابن ماجه، صحيح الجامع 5674. وعن أبي جحيفة - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل تجشأ في مجلسه: أقصر من جشائك، فإن أكثر الناس شبعا في الدنيا أكثرهم جوعاً يوم القيامة"رواه الحاكم، صحيح الجامع 1190. قال سفيان الثوري: عليكم بقلة الأكل تملكوا قيام الليل. ورأى معقل بن حبيب قوماً يأكلون كثيراً، فقال: ما نرى أصحابنا يريدون أن يصلوا الليلة. وقال وهب بن منبه: ليس من بني آدم أحب إلى شيطانه من الأكول النوام.
11 - مجاهدة النفس على القيام:
وهذا من أعظم الوسائل المعينة على قيام الليل؛ لأن النفس البشرية بطبيعتها أمارة بالسوء تميل إلى كل شر ومنكر؛ فمن أطاعها فيما تدعو إليه قادته إلى الهلاك والعطب، وقد أمرنا الله - تعالى - بالمجاهدة فقال:"وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ"وقال سبحانه:"وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ"، وقال - تعالى -:"تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعً"وعن فضالة بن عبيد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"المجاهد من جاهد نفسه في الله"رواه الترمذي وابن حبان، الصحيحة 549. وفي حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"الرجل من أمتي يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور وعليه عُقَد؛ فإذا وضأ يديه انحلت عقدة، وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة، وإذا مسح رأسه انحلت عقدة، وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة، فيقول الله - عز وجل - للذين من وراء الحجاب: انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه، ويسألني؛ ما سألني عبدي فهو له"رواه أحمد وابن حبان، صحيح الترغيب 627. قال محمد بن المنكدر: كابدت نفسي أربعين عاماً حتى استقامت لي. وقال ثابت البناني: كابدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة، وتلذذت به عشرين سنة. وقال عمر بن عبد العزيز: أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس. وقال عبد الله بن المبارك: إن الصالحين فيما مضى كانت تواتيهم أنفسهم على الخير، وإن أنفسنا لا تكاد تواتينا إلا على كره؛ فينبغي لنا أن نكرهها. وقال قتادة: يا بن آدم إن كنت لا تريد أن تأتي الخير إلا بنشاط، فإن نفسك إلى السآمة وإلى الفترة وإلى الملل أميل، ولكن المؤمن هو المتحامل.
12 - اجتناب الذنوب والمعاصي:
فإذا أراد المسلم أن يكون مما ينال شرف مناجاة الله - تعالى -، والأنس بذكره في ظلم الليل، فليحذر الذنوب، فإنه لا يُوفّق لقيام الليل من تلطخ بأدران المعاصي، قال رجل لإبراهيم بن أدهم: إني لا أقدر على قيام الليل؛ فصف لي دواء؟ فقال: لا تعصه بالنهار، وهو يُقيمك بين يديه في الليل، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف. وقال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد إني أبِيت معافى، وأحب قيام الليل، وأعِدّ طهوري؛ فما بالي لا أقوم؟ فقال الحسن: ذنوبك قيدتْك. وقال رحمه الله: إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل وصيام النهار. وقال الفضيل بن عياض: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار، فاعلم أنك محروم مكبّل، كبلتك خطيئتك.
13 - محاسبة النفس وتوبيخها على ترك القيام:
فمحاسبة النفس من شعار الصالحين، وسمات الصادقين قال - تعالى -:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ". قال الإمام ابن القيم: فإذا كان العبد مسئولا ومحاسبا على كل شيء حتى على سمعه وبصره وقلبه كما قال - تعالى -:"إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا"؛ فهو حقيق أن يحاسب نفسه قبل أن يناقش الحساب.
وقيام الليل عبادة تصل القلب بالله - تعالى -، وتجعله قادرا على التغلب على مغريات الحياة الفانية، وعلى مجاهدة النفس في وقت هدأت فيه الأصوات، ونامت العيون وتقلب النّوام على الفرش. ولذا كان قيام الليل من مقاييس العزيمة الصادقة، وسمات النفوس الكبيرة، وقد مدحهم الله وميزهم عن غيرهم بقوله - تعالى -:"أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ".
وقيام الليل سنة مؤكدة حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على أدائها بقوله:"عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد"رواه الترمذي وأحمد.
وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل"، وقد حافظ النبي - صلى الله عليه وسلم - على قيام الليل، ولم يتركه سفرا ولا حضرا، وقام - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد ولد آدم المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر حتى تفطّرت قدماه، فقيل له في ذلك، فقال:"أفلا أكون عبدا شكورا؟ "متفق عليه.
وهكذا كان حال السلف الكرام عليهم رحمة الله - تعالى -؛ قال أبو الدرداء - رضي الله عنه -: صلوا ركعتين في ظلم الليل لظلمة القبور. وقال أحمد بن حرب: عجبت لمن يعلم أن الجنة تزيّن فوقه، والنار تضرم تحته، كيف نام بينهما. وكان عمر بن ذر إذا نظر إلى الليل قد أقبل قال: جاء الليل، وللّيل مهابة، والله أحق أن يهاب، ولذا قال الفضيل بن عياض: أدركت أقواماً يستحيون من الله في سواد الليل من طول الهجعة إنما هو على الجنب فإذا تحرك قال: ليس هذا لكِ، قومي خذي حظك من الآخرة. وقال الحسن: ما نعلم عملاً أشد من مكابدة الليل، ونفقة المال، فقيل له: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهاً؟ قال: لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره.
وكان نساء السلف يجتهدن في قيام الليل مشمرات للطاعة، فأين نساء هذه الأيام من تلك الأعمال العظام. قال عروة بن الزبير أتيت عائشة - رضي الله عنها -يوماً لأسلم عليها فوجدتها تصلي وتقرأ قوله - تعالى -:"فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ"ترددها وتبكي، فانتظرتها فلما مللت من الانتظار ذهبت إلى السوق لحاجتي ثم رجعت إلى عائشة فإذا هي على حالتها الأولى تردد هذه الآية في صلاتها وتبكي. وفي حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال لي جبريل: راجع حفصة فإنها صوامة قوامة. رواه الحاكم، صحيح الجامع 4227. وقامت معاذة العدوية من التابعيات الصالحات ليلة زفافها هي وزوجها صلة بن أشيم يصليان إلى الفجر، ولما قتل زوجها وابنها في أرض الجهاد، كانت تحيي الليل كله صلاة وعبادة وتضرعاً، وتنام بالنهار، وكانت إذا نعست في صلاتها بالليل قالت لنفسها: يا نفس النوم أمامك. وكانت حبيبة العدوية إذا صلت العشاء قامت على سطح دارها، وقد شدت عليها درعها وخمارها، ثم تقول: إلهي، غارت النجوم، ونامت العيون، وغلقت الملوك أبوابها، وبابك مفتوح، وخلا كل حبيب بحبيبه، وهذا مقامي بين يديك، ثم تقبل على صلاتها ومناجاتها لربها إلى السحر، فإذا جاء السحر قالت: اللهم هذا الليل قد أدبر، وهذا النهار قد أسفر، فليت شعري هل قبلت مني ليلتي فأهني، أم رددتها علي فأعزي. وقامت عمرة زوج حبيب العجمي ذات ليلة تصلي من الليل، وزوجها نائم، فلما دنا السحر، ولم يزل زوجها نائماً، أيقظته وقالت له: قم يا سيدي، فقد ذهب الليل، وجاء النهار، وبين يديك طريق بعيد وزاد قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا، ونحن قد بقينا.
نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وصلى الله على نبينا محمد.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #43  
قديم 02-05-2019, 04:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,093
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

المحافظة على الصلاة في رمضان

اللجنة العلمية




كيف تقوم رمضان وأنت فرح مسرور؟


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد ..
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري ومسلم وابن عساكر والبغوي وصححه الألباني].
وهذه جائزة كبرى لأن من لا ذنب له فلا عقوبة عليه، وقد سلمت له حسناته ومن جاء يوم القيامة ولا ذنب عليه فهو السعيد حقاً قال تعالى: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ} [آل عمران: 185].
ولما كان قيام الليل والتهجد من أشق العبادات ومن أعظمها أجراً، فإنني جمعت بحمد الله مجموعة من التنبيهات التي تيسر لك القيام، بل قد تجعلك تقوم وأنت فرح مسرور سعيد، لا ترى أنك قد أُعطيت من قرة العين وفرحة القلب مثله.
1 - تذكر أنك بحضرة الملك:

تذكر وأنت تقوم في الصلاة أنك بحضرة الملك الذي تناجيه ويناجيك، ويذكرك حال ذكرك له، فإن الله سبحانه وتعالى قد قسم الصلاة بينه وبين عبده، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي، وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، وإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين: قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.
وتذكر أنك عندما تذكر الله في نفسك فإن الله يذكرك في نفسه، وتذكر أنك أقرب ما تكون من الله عندما تكون ساجداً، وإذا تذكرت ذلك كله علمت أنك في مقام القرب، ومن كان في مقام القرب تنزلت عليه الرحمات والبركات. فأي سعادة هذه لمن يستشعر هذا الشعور؟!

2 - الصلاة أحسن عملك:

لا عمل للإنسان قط أشرف وأنفع من الصلاة، فأما عمل الدنيا فركعتان يركعهما العبد خير له من الدنيا كلها وما فيها وهذه على الحقيقة واليقين فقدر أنك لو كنت في عمل دنيوي يدر عليك ألف ألف مليوناً في عشر دقائق، فإنك بصلاة ركعتين قد حزت أكبر من ذلك وأفضل آلاف الآلاف من المرات ولتكن موقناً بذلك.
وأما عمل الآخرة فالصلاة أفضل العمل لقوله صلوات الله عليه وسلم: «الصلاة خير موضوع» [حسنه الألباني].
3 - اتعب في الصلاة .. فالنصب مقصود:

النصب في الصلاة مقصود ومحبوب للرب فانصب في صلاتك: طولَ قيامٍ، وطولَ ركوعٍ وسجود .. فإن الله لما أمر رسوله وأصحابه بقيام الليل قال لهم: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً () إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} [المزمل: 5 - 6].
فالتهجد وترك النوم ثقيل على النفس والقيام الطويل متعب، ولكن اعلم أن هذا مقصود ومحبوب عند الله تعالى.
فلتحب ما يحب الله وقد قال الله لرسوله: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ} [الشرح: 7] أي إذا فرغت من عمل الدنيا فانصب في العبادة والنصب هو (التعب) ومن أجل ذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه.
4 - إذا نصبت في الصلاة فاذكر الأسوة:

إذا نصبت في صلاتك فتذكر رسول الله الذي كان يقوم حتى تتفطر قدماه، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وتذكر قيام الصحابة والسلف الصالح فقد أتوا في هذا الباب من العجائب، فكان منهم من يقرأ القرآن كله في ثلاث ليال فقط ويعيش على ذلك عمره كله ومن يختم في سبع، ومن يختم في عشر ... وكانوا كما قال تعالى: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17].
وقال سبحانه وتعالى أيضاً {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعا} [السجدة: 16].

5 - تفكر فيما تقول:

يجب أن تصلي وأنت حاضر القلب تفكر فيما تقول وتتدبر ما تقرأ من القرآن، وما تسمع منه، وكان رسول الله عند قراءته لا تمر عليه آية فيها رحمة إلا وقف عندها وسأل الله، ولا تمر عليه آية فيها عذاب إلا وقف عندها واستعاذ بالله.
فتدبر معاني التسبيح والتحميد والتكبير وكلمات تعظيم الرب وتمجيده وذكره.

6 - أكثر من الطلب والدعاء:

أنت بحضرة الملك وتناجي الرب الذي لا ينقصه عطاء ولا يثقله دعاء، والذي كلما سألته ازددت منه قرباً، ولك حباً فادع متضرعاً راجياً حاضر القلب موقناً بالإجابة.

7 - لا تنتظر آخر السورة ومتى يركع الإمام:
عش مع القراءة، واحيا مع القرآن، وتدبر ما تقرأ أو تسمع، وعند ذلك يسهل عليك الصلاة ولو بقيت الليل كله ولا تنتظر آخر السورة أو حتى يركع الإمام فإنك إن فعلت ذلك ثقلت عليك الصلاة.

8 - لا تلتفت إلى شيء خارج الصلاة:

فرغ قلبك من شغل الدنيا، ومن كل شيء سوى الصلاة واشتغل وأنت في الصلاة بالصلاة وحدها، وكلما نزعك الشيطان من الصلاة إلى شيء خارجها فذكرك أمراً ما فاستعذ بالله من الشيطان وعد إلى صلاتك ثانية. وجاهد نفسك في هذا جهاداً فإن الشيطان حريص كل الحرص أن يشوش عليك صلاتك ويذكرك ما لم تكن تذكره ويأخذك بعيداً عنها.

9 - طهر فاك .. ونظف ثيابك .. وتعطر .. وخذ أحسن زينتك:

لا تأت صلاة الليل إلا وأنت في أكمل الزينة، وأتم الطهارة والنظافة وأطيب رائحة تقدر عليها، بدءاً بتنظيف الفم بالسواك أو ما يقوم مقامه من فرشاة ومعجون، وإياك أن تصلي بفم ينبعث منه رائحة كريهة فإنك بهذا تؤذي المؤمنين وتؤذي الملائكة التي تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم. وبهذا تكون محل السخط لا محل الرضا والقبول. وخذ أحسن ما عندك من الثياب، وقد كان السلف يحتفظون بأفضل ما يقدرون عليه من الثياب لقيام العشر من رمضان. وتطيب بأحسن ما قدرت عليه من الطيب، واعلم أن هذا كله محبوب لله، محبوب لملائكته، والله نظيف يحب النظافة طيب لا يقبل إلا طيباً.
وأعلم أن الاغتسال ونظافة الفم والثياب والطيب يشرح النفس ويبعث النشاط وبالتالي يسهل عليك الصلاة ويطيب لك القيام.

10 - لا تصل وأنت حاقن أو حاقب أو جائع تشهى الطعام أو ناعساً يغلبك النوم:

لا تأت الصلاة وهناك ما يشوش ذهنك ويصرف فكرك، وأعظم ما يشوش الذهن ويذهب الفكر أن تكون حاقناً. يدافعك البول، أو حاقباً، تدافع الغائط. أو جائعاً بحضرة طعام تشتهيه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان» [صححه الألباني] والأخبثان هما البول والغائط ....
فيستحسن أن تستعد لصلاة القيام بالفراغ التام مما يشوش ذهنك، وبأن تتناول شيئاً من طعام يقيتك ولا يثقلك، وقد أخذت قسطاً من النوم استعداداً للقيام، واحتسب نومتك كما تحتسب قومتك.

11 - اخشع في صلاتك:

والخشوع يكون بسكون القلب وسكون الجوارح فاحبس قلبك في الصلاة واحبس جوارحك على حركة الصلاة فقط قياماً وركوعاً وسجوداً. ولتكن يداك حيث علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القيام والركوع والجلوس والسجود والتشهد، ولتكن عيناك ناظرة إلى موضع سجودك وفي جلوسك لا تتعدى ركبتك .. ولا تلتفت فإن الالتفات سرقة يسرقها الشيطان من صلاتك. فلا تجعل للشيطان حظاً من صلاتك.

12 - رتل القرآن وصل خلف القارئ المُجيد:

أمر الله رسوله أن يُرتل القرآن في صلاة الليل فقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ?1? قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ?2? نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ?3? أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [سورة المزمل: 1 - 4]، وترتيل القرآن بتجويده وإحسان قراءته وتحسين الصوت به .. وقد بينه النبي بقوله: «من لم يتغن بالقرآن فليس منا» [قال النووي اسناده جيد]، وقال: «الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا» [صححه الألباني]، وقال: «ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به» [رواه ابن تيمية]، فتغن بالقرآن في صلاة الليل أو صل عند من يحسن القراءة ويتغنى بالقرآن ويضبط أحكام قراءته، فإن هذا أبهج للنفس وأقوى على القيام.

13 - أخلص عملك لله:

وأعلم أن ملاك ذلك كله أن تقوم لله لا مرائياً بعملك، فإن المرائي لا يقدر من عمله على شيء، ولا يناله منه حسنة واحدة، ولم يستفد إلا نصبه وتعبه.



14 - من كانت تنبعث منه رائحة كريهة فانصح له بالخروج من المسجد:

قال صلى الله عليه وسلم: «من أكل من هذه الشجرة الخبيثة، فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس» [صححه الألباني]، وكانوا يُخرجون من المسجد من تُشم منه رائحة خبيثة.
فإذا رأيت من هو كذلك فانصح له بالخروج من المسجد حتى لا يأثم ويؤذي عباد الله وملائكته.

15 - ليلة القدر فرصة عُمر فلا تضيع منك:

قيام ليلة القدر وحدها خير من قيام ليالي ألف شهر أي أنها أفضل من أن تقوم ليالي ثلاث وثمانين سنة وشهرين. وهذا فضل عظيم ... عظيم لا يتصور مقداره، وقد تضاعفت فيه الحسنات ثلاثين ألف مرة .. فإياك وإضاعة ذلك.
وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان حتماً، وفي لياليها الوتر (21،23،25،27،29) كما جاء به الحديث وقد أعلم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم في المنام ثم لما خرج ليخبر الناس بها كان هناك رجلان يتلاحيان (يستبان سباً شديداً) فانشغل النبي بذلك فنسيها ثم قال صلى الله عليه وسلم هي في الليالي الوتر من العشر الأواخر.
فاستيقظ لها وأيقظ أهلك، وحتى أولادك المميزين، واخرج لصلاة الليل فيها في أحسن ثيابك وأكمل هيئتك، وأحسن عطرك، وكأن هذا يوم عرسك، فإن السماوات كلها محتفلة والملائكة فيها نازلة، وجبريل في الأرض مع المؤمنين قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ?1? وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ?2? لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ?3? تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ?4? سَلَامٌ هِيَ حَتَّى? مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة الفجر: 1 - 5] والروح .. هو جبريل.
فادخل هذا الحفل العظيم المشهود .. وفز بالجائزة الكبرى ..
ولا رثاء ولا عزاء للضائعين والضائعات والغافلين والغافلات الذين آثروا الحياة مع الشهوات والتفاهات.
16 - صل صلاة مودع كأنك تراه:

من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم: «صل صلاة مودع كأنك تراه» [صححه الألباني]، والمعنى صل وأنت تظن أن هذه الصلاة هي آخر عهدك بالدنيا، وأنت مرتحل بعدها إلى الآخرة وصل كأنك ترى الله أمامك!!

17 - صل قاعداً أو على جنبك إن كنت لا تستطيع القيام ولك أجر القائم:

وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب» [رواه البخاري وابن العربي والصعدي وصححه الألباني].

18 - صل قاعداً في النفل وإن كنت تستطيع القيام ولك نصف أجر القائم:

إذا كنت تستطيع القيام وأحببت أن تصلي قاعداً فلك نصف أجر القائم .... قال صلى الله عليه وسلم: «من صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا، فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما، فله نصف أجر القاعد» [رواه البخاري وصححه الألباني].

19 - لا تخجل أن تصليٍ قاعداً:

فإن هذا الخجل يحرمك أجراً عظيماً. فإن كنت معذوراً لا تستطيع القيام فلك الأجر كاملاً وإن كنت تستطيع القيام وصليت في النفل جالساً فلك نصف الأجر فلا تحرم نفسك، ولا يمنعك الخجل من الناس من الأجر العظيم.

20 - اجلس في المسجد وإن لم تستطع الصلاة:

إذا لم تستطيع أن تصلي قائماً ولا قاعداً ولا مضطجعاً فاشهد المسجد ودعوة المسلمين فإن المكث في المسجد ولو بغير صلاة عبادة عظيمة فإن الملائكة تصلي على من جلس في المسجد بعد الصلاة تدعو له وتقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #44  
قديم 05-05-2019, 03:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,093
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

المحافظة على الصلاة في رمضان

اللجنة العلمية

تربية الأولاد على الصلاة في رمضان!
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أيها الأب الكريم؛ أيتها الأم الحنون؛ أيها المربي الفاضل:
إنّ أولادنا أمانة عندنا، وهبها الله تعالى لنا، وكم نتمنى جميعاً أن يكونوا صالحين، وأن يوفقهم الله في حياتهم الدينية والدنيوية.
وإنّ رمضان ظرفٌ مناسبٌ جداً لتدريبهم على الصلاح، وعلى الصلاة التي هي عنوان الصّلاح والفلاح!
تذكَّر قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» [رواه البخاري 893، ومسلم 1829]. وأولادنا سوف نُسأل عنهم!
وتذكّر دعاء المؤمن: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان: 74].
وفي أسلوب معاملة أولادنا، يُرْوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لأن يؤدّب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع» [رواه أحمد 20394، والترمذيّ 1951 وضعفه الألباني]. والقول المأثور: "لاعبوا أولادكم سبعاً، وأدّبوهم سبعاً، وصاحبوهم سبعاً"، ولنعلم أن أولادنا في حاجةٍ لأمور كثيرة، فهم في حاجة للحبّ وفي حاجة للتقدير وللحرية وللنجاح.
أيها الأب الكريم؛ أيتها الأم الحنون:
أنتم النماذج لأولادكم، وتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له» [رواه الترمذي 1376، وقال: حسن صحيح، والنسائي 3651]. فليكن هدفنا أن نجعل من أولادنا أفراداً صالحين!
وتذكّروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق» [صححه الألباني].
ومما لاشك فيه: أنَّ تربية الابن على الصلاة فريضة شرعية؛ لإعداد الفرد الصالح والأسرة الصالحة والمجتمع الصالح الذي يطلق عليه القران الكريم: (الأمة الوسط)، والتي حمّلَها ربُّ العالمين مسئولية إقامة الحياة على منهاجه وشريعته، لتكون نظاماً حياتياً شاملاً.

كيف نربي أولادنا على الصلاة؟
قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132].
أيها الأب، أيتها الأم:
نعلم جميعاً مكانة الصلاة في الإسلام، فمن قول النبي صلى الله عليه وسلم: « ... وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ» [رواه أحمد 11884، والنسائي 3939 قال الألباني حسن صحيح].
يتبيّنُ لنا: أن رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، ووصية النبي صلى الله عليه وسلم عند الوفاة، وهي وصية للأمة كلها: «الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم» [رواه أبو داود وصححه الألباني].
لذلك يجب أن نعلم أن تعويد الطفل على الصلاة هدف حيوي في التربية الإيمانية للطفل، وتذكَّر بأن الطفولة ليست مرحلة تكليف، وإنما هي مرحلة إعداد وتدريب وتعويد، وصولاً إلى مرحلة التكليف عند البلوغ، فيسهل على الطفل أداء الواجبات والفرائض.
مراحل الصلاة:
أولاً: مرحلة تشجيع الطفل على الوقوف في الصلاة:
ففي بداية وعي الطفل يطلب منه الوالدان الوقوف بجوارهما في الصلاة، رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا عرف الغلام يمينه عن شماله فمروه بالصلاة» [رواه أبو داود، والبيهقي وضعفه الألباني].
ولنعلم جميعاً أن الأبناء في بداية طفولتهم قد يمرُّوا أمام المصلين ويجلسوا أمامهم وقد يبكون، فلا حرج على الوالد أو الوالدة في حمل طفلهم في الصلاة حال الخوف عليه، خاصّة إذا لم يكن بالبيت من يلاعبه، وليتذكّر الآباء أن صلاة الجماعة بالمسجد هي الأفضل، ومع ذلك فقد طالبنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأداء النوافل والمستحبات في المنزل، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً» [رواه أحمد 13986، ومسلم 778]. وفي رواية: «اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبوراً» [رواه البخاري 432، ومسلم 888]، فحينما يرى الطفل والده ووالدته يصليان فإنه سوف يقلدهم.
ثانياً: أبناء مرحلة ما قبل السابعة:
وهي مرحلة الإعداد للصلاة، وتشمل:
- تعليم الطفل بعض أحكام الطهارة البسيطة: في أهمية التحرُّز من النجاسة، والاستنجاء وآداب قضاء الحاجة، وضرورة المحافظة على نظافة جسمه وملابسه، مع شرح علاقة الطهارة بالصلاة.
- تعليم الطفل الفاتحة وبعض قصار السور استعداداً للصلاة.
- تعليمه الوضوء وتدريبه على ذلك عمليّاً كما كان الصحابة رضوان الله عليهم يفعلون مع أبنائهم.
- وقبيل السابعة نبدأ بتعليمه الصلاة وتشجيعه على أن يصلي فرضاً أو أكثر يومياً مثل صلاة الصبح قبل الذهاب إلى الروضة أو إلى المدرسة، ولا نطالبه بالفرائض الخمس جملة واحدة قبل سن السابعة.
- وتذكّر أيضاً: أهمية اصطحاب الطفل إلى صلاة الجمعة بعد أن تعلّمه آداب المسجد، فيعتاد الطفل على إقامة هذه الشعائر، ويشعر ببداية دخوله المجتمع واندماجه فيه.
ثالثاً: مرحلة ما بين السابعة إلى العاشرة:
ففي الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع» [رواه أبو داود 494، واللفظ له، والترمذي 407، والدارمي 1431 وحسنه لألباني].
فيجب أن نعلّم الطفل هذا الحديث حتى يعرف أنه قد بدأ مرحلة المواظبة على الصلاة، ولهذا ينصح بعض المربين أن يكون يوم بلوغ الطفل السابعة حدثاً متميزاً في حياته، وقد خصّص النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات متواصلة لتأصيل أمر الصلاة في نفوس الأبناء، وتكرّر طلب الصلاة من الطفل باللين والرفق والحب, وبنظرة حسابية نجد أن عدد التكرار يصل خلال هذه الفترة إلى:
عدد الصلوات / عدد الأيام / أعوام / المجموع ... 5 × 354 × 3 = 5310 صلاة.
أيّ: أنَّ الوالدين سيذكّرون أولادهم ويدعونهم إلى الصلاة بقدر هذا العدد الضخم في هذه الفترة مع أول حياتهم، وهذا يوضح لنا أهمية التكرار في العملية التربوية، مع ما يناسب ذلك من بشاشة الوجه وحسن اللفظ.
وفي هذه الفترة يتعلم الطفل أحكام الطهارة، وصفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض الأدعية الخاصة بالصلاة، ونحثّه على الخشوع وحضور القلب، وقلة الحركة في الصلاة، ونذكر له حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنّ العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها» [رواه أحمد 18415، وأبو داود 796، والنسائي 796 وصححه الألباني]. على أن نتدرّج معه في ذلك دون إكراه لصغر سنه.
رابعاً: مرحلة الأمر بالصلاة والضرب عليها:
من الضروري أن نكرّر دائماً في مرحلة السابعة على مسمع الطفل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي حدد مبدأ الضرب بعد العاشرة تحذيراً من الانصياع وراء الشيطان، فإذا أصر بعد ذلك على عدم المداومة على الصلاة لابد أن يعاقب بالضرب، ولكن يظل الضرب معتبراً بالشروط التي حددها لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
إذا نشأ الطفل في بيئة صالحة واهتم والداه بكل ما ذكرناه، وكانا قدوة له في المحافظة على الصلاة، فإنه من الصعوبة ألا يرتبط الطفل بالصلاة ويحرص عليها، خاصة مع التشجيع المعنوي والمادي.
وفي هذه المرحلة (بعد العاشرة) يجب على الوالد -أو من يقوم بتربية الأولاد- أن يعلمهم أحكام صلاة الجماعة، وصلاة السنن مثل ركعتي الفجر والشفع والوتر.
يجب الاهتمام بصلاتي الفجر والعشاء في هذه المرحلة، وإيقاظ الطفل لأداء صلاة الفجر بالمسجد حتى يتعوَّدها، ويكون الوالد قدوة لولده في ذلك، وتعويد الطفل على المداومة على كل الفرائض مهما كانت الأسباب، خاصّة أثناء الامتحانات: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]. فإن فاتته صلاة ناسياً فليصلها متى تذكّرها، فإذا فاتته تكاسلاً فلنعلمه أن يسارع بالاستغفار، وأن يعمل من الحسنات كالصدقات من مصروفه، وغير ذلك من أعمال الخير؛ لعل الله تعالى أن يغفر له، وذلك كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم: «وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا» [رواه أحمد 20847، والترمذيّ 1987 وحسنه الألباني]. وحبذا لو أسهم المسجد في توفير النشاطات التي يجذب بها كقيام الليل، وحلقات القرآن، ودروس السيرة، والرحلات.
وننبه بعد ذلك على الخطوات السابقة واتفاق الوالدين عليها وتعاونهما معاً من أجل أن يكونا قدوة للطفل، وعلى الوالدين أن يكثرا من هذا الدعاء: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ? رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم: 40]، {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].

نصائح للوالدين:
(1) على الأب والأم أن يحرصا على أن يرى ابنهما فيهما دائماً يقظة الحسّ نحو الصلاة:
أ- فمثلاً: إذا أراد ابنك أن يستأذن للنوم قبل العشاء، فليسمع منك وبدون تفكير أو تردد: "لم يبق على صلاة العشاء إلا خمس دقائق، نصلي معاً ثم ننام بإذن الله".
ب- وإذا طلب الأولاد منكم الذهاب للنزهة أو زيارة أحد الأقارب وقت المغرب فليسمعوا منكم: "نصلي المغرب أولاً ثم نخرج".
جـ- من وسائل إيقاظ الحس بالصلاة لدى الأولاد: أن يسمعوا منكم ارتباط المواعيد بالصلاة فمثلاً: "سنقابل فلان في صلاة العصر، وسيحضر لزيارتنا بعد صلاة المغرب".
(2) نسأل الله العفو والعافية، إذا حدث أن مرض الصغير خاصة بعد سنّ العاشرة؛ فعلينا أن نعوّده أداء الصلاة حسب الاستطاعة، حتى ينشأ ويتعوّد أنّه لا عذر له في ترك الصلاة حتى إن كان مريضاً.
(3) إذا كنت في سفر: فعليك أن تعلّم ولدك رخصة القصر والجّمع، وتعلمه نعمة الله في الرُّخص وأنَّ الإسلام تشريع مملوء بالرحمة.
(4) تدرَّج في تعليم ولدك النوافل بعد أن تعلمه الفرائض.
(5) اغرس في ولدك الشجاعة من أجل دعوة زملائه للصلاة، وألا يجد حرجاً في إنهاء مكالمة تلفونية، أو حديث مع شخص بالمدرسة أو النادي، أو غير ذلك من أجل أن يلحق بصلاة الجماعة في المسجد، وأيضاً اغرس فيه ألا يسخر من زملائه الذين يهملون الصلاة بل يحرص على دعوتهم إلى هذا الخير.
(6) حاول أن تجلس مع زوجتك كل يوم جمعة، ولا تنس قراءة سورة الكهف، والإكثار من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، والغدو المبكر لصلاة الجمعة، والإنصات للخطبة، ولبس أحسن الثياب؛ لينشأ الأطفال على هذا الخير.
(7) احرص أن يحضر أولادك صلاة العيدين والاستسقاء فيتعلق أمر الصلاة بقلوبهم، وردّد أمامهم أنك صليت صلاة الاستخارة وسجدت سجود الشكر.
(8) مكافأته على تحريه الدائم للحلال والحرام، وعلى التحلّي بالطاعات، لتعويده الإخلاص وتنمية ضميره الديني والخلقي، وتعريفه بما قاله عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «إنّ للحسنة نوراً في الوجه، وضياءاً في القلب، وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب» [رواه أحمد 10846].
أي أنَّ علامة الطاعة أو المعصية التي عملت في الخفاء بعيداً عن رقابة الناس يظهرها الله على صاحبها في سلوكه بين الناس، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
(9) مشاركته في ترديد أذكار اليوم والليلة ومتابعته فيها، وتعريفه بمعنى قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى? عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ? وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [سورة العنكبوت: 45]، وتعريفه أن الأدعية والأذكار والصلاة تحصن المسلم من كيد الشيطان: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَ?نِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: 36]، وتعريفه بأن الصلاة والذكر من أهم أسباب حفظ الإنسان.
(10) تحبيبه في حفظ القران والأحاديث النبوية، ومتابعته في ذلك، وتعريفه بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «يجيء القرآن يوم القيامة؛ فيقول: يا رب حلّه، فيُلْبَس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب؛ زده. فيُلْبَس حلة الكرامة. ثم يقول: يا رب؛ ارض عنه. فيرضى عنه. فيقال له: اقرأ وارق وتزاد بكل آية حسنة» [رواه الترمذيّ 2915، والدارميّ 3311 وحسنه الألباني].
(11) استخدام كل الوسائل المباحة شرعاً لغرس الصلاة في نفوس أولادنا ومن ذلك:
- المسطرة المرسوم عليها كيفية الوضوء والصلاة.
- جداول الحصص التي تحث على الصلاة.
- أشرطة الكاسيت والفيديو، وبرامج الكمبيوتر التي تعلّم الوضوء والصلاة وغيرها.
(12) اهتم وأنت تعلم أولادك بالآتي:
- ترديد الأذان مع المؤذن والدعاء بعده.
- دعاء الخروج من المنزل لأداء الصلوات.
- دعاء دخول المسجد والخروج منه.
- دعاء دخول الخلاء لقضاء الحاجة، وكذا الخروج.
- التسبيح بعد كل صلاة.
وغير ذلك من الأمور المبينة في شرح الصلاة وفرائضها وسننها وأعمالها القلبية.
كما يجب تحذير الابن من أداء الصلاة بطريقة نقر الغراب، أو سرقة الصلاة، ويجب تذكيره بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «أسوأ الناس: سرقة الذي يسرق من صلاته! قالوا: يا رسول الله؛ وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها. أو قال: لا يقيم صلبه في الركوع والسجود» [رواه أحمد 22136، والدّارمي 1328]. كما يجب أن نبين لهم حرمة ترك الصلاة وعقوبة تاركها.
كيف نعامل أطفالنا؟
- لقد حثَّ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على استخدام الرّفق في كل شيء فقال: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» [رواه أبو داود 4941، والترمذيّ 1924 وصححه الألباني].
- على كل من يوجه الأطفال أن يجتنب كثرة الأوامر.
- يجب أن يُثاب الطفل على السلوك الطيب بجوائز معنوية مثل إظهار الرضى، وأن يُثاب كذلك بجوائز أخرى مادية.
- في حال وقوع الطفل في خطأ: فلابد أن يُنبه على خطئه برفق ولين، ويتم تصحيحه، وألا نقول له: "إنك أخطأت"، ولكن نقول: "هذا الفعل خطأ".
أما إذا تكرَّر الخطأ عدة مرات فيمكن حرمانه من بعض ما يحب، فإذا استمر فيمكن اللجوء إلى أسلوب الزّجر ولكن دون إهانة أو تحقير وبخاصة أمام الأقارب والأصدقاء، لأن ذلك يؤدّي إلى الشعور بالنقص.

العقوبة البدنية:
ونتيجتها سريعة فهي تؤدي إلى نظام ظاهري سطحي يخدع، يغري الوالد بسرعة اللجوء إليها، وهذا خطأ، ولكن إذا استخدمها الأب فهناك شروط:
1 - الضرب للتأديب كالملح للطعام، لابد أن يكون قليلاً حتى لا يفقد قيمته.
2 - أن يكون غير شديد وغير مؤذٍ.
3 - لا تضرب وأنت في حالة غضب شديد خوفاً من إلحاق الضرر بالولد.
4 - تجنّب الأماكن الحساسة كالرأس والوجه والصدر والبطن.
5 - لا تزد الضربات على ثلاث إذا كان الولد دون الحلم.
6 - قم بذلك بنفسك ولا تتركه لأحد.
7 - من الخطأ عدم إيقاع العقاب بعد التهديد.
8 - يجب نسيان ما يتعلق بالذّنب بعد توقيع العقوبة مباشرة.
9 - لا ترغم الطفل على الاعتذار بعد توقيع العقوبة مباشرة.
10 - يجب ألا نطلب من الطفل أو نرغمه على عدم البكاء بعد العقوبة؛ لأنه ربما يبكي لإحساسه بالألم.

وصايا:
أيها المربي الكريم نوصيك بهذه الوصايا:
- عرّفوا أولادكم بين يدي من سيقفون؟!، إنهم سيقفون بين يدي العليم الخبير الذي لا يغفل ولا ينام.
- أعينوا أولادكم على الخشوع وعلى تقوى الله.
- أرشدوهم إلى الإخلاص لله، لأنه لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم.
- طهّروا أرزاقكم، ولا تطعموا أولادكم إلا من الرّزق الحلال، فإن الجسد الذي ينبت من حرام فالنار أولى به.
- اقرأ القران، وعلّم ولدك حسن تلاوته، واشرح له المعاني التي اشتمل عليها.
- ذكّر ولدك بنعم الله، واجعله يفكر في آياته في السماء وفي الأرض وفي النفس وفي كل ما حوله.
- اغرس في ولدك الأخلاق، فإنها أساس هذا الدين بعد الإيمان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق» [رواه أحمد 8729].
- ليعلم الوالدان أن الضمير الخلقي للأولاد يتشكل منذ الطفولة المبكرة، وأنه يتكون من مشاعره حول ما هو حلال وما هو حرام، وما هو شر وما هو خير.
- إنّ الطفل منذ سن مبكرة يحتاج إلى الضبط والتوجيه من الكبار بعيداً عن القسوة والتدليل، لأنه في هذه السن يكون حريصاً على طاعة الكبار، لأن رضاه عن نفسه يتوقف على شعوره برضى الكبار عنه وحبهم له، فنجده يتقبّل القيم الخلقية دون مناقشة، إرضاءاً لوالديه وأصدقائه والكبار حوله، وبذلك يتكون ضميره الخلقي، أما قرب البلوغ فإنه لا يقبل أي مبدأ إلا بعد مناقشته والاقتناع به.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #45  
قديم 05-05-2019, 03:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,093
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

أصحاب الأعذار في رمضان

اللجنة العلمية





الشَّريعة الإسلاميَّة تقوم على التَّيسير ورفع الحرج

يدلُّ على ذلك:
أولاً: من القرآن الكريم:
قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة:185)، قال الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله: "فهذه الآية أصل القاعدة الكبرى التي تقوم عليها تكاليف هذه الشريعة".
ورُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله: "لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة:284) قال: فاشتدَّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بركوا على الرُّكَب، فقالوا: أي رسولَ الله، كُلِّفنا من الأعمال ما نُطيق: الصلاةِ والصيام والجهاد والصدقة، وقد أُنزلت عليك هذه الآيةُ ولا نُطيقها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتُريدون أن تقولوا كما قال أهلُ الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا!؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير!) قالوا: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير، فلمَّا اقترأها القومُ ذلَّت بها ألسنتهم، فأنزل الله في إثرها: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (البقرة:285) فلمَّا فعلوا ذلك نسخها اللهُ تعالى فأنزل الله عز وجل! فأنزل الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قال: نعم! {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قال: نعم! {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} قال: نعم! {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} قال: نعم"!، وفي روايةٍ "قال: قد فعلتُ"!
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وتأمل قول الله عزّ وجل: {إلا وُسعَهَا} كيف تجد تحته أنّهم في سَعَةٍ ومنحة من تكاليفه، لا في ضيقٍ وحرجٍ ومشقة، فإنّ الوُسع يقتضي ذلك، فاقتضت الآية أنّ ما كلّفهم به مقدور لهم من غير عسرٍ ولا ضيقٍ ولا حرج عليهم".
وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} (الحج:78).
يقول ابن كثير: "أي ما كلّفكم ما لا تطيقون وما ألزمكم بشيء يشقّ عليكم، إلا جعل الله لكم فرجاً ومخرجاً".
يقول الإمام الشاطبي: "إنّ الأدلة على رفع الحرج في هذه الأمَّة بلغت مبلغ القطع".
ثانياً: من السنة المطهّرة:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ الأديانِ أحبُّ إلى الله؟ قال: "الحنيفيّة السّمحة"، قال الشَّاطبيُّ: "وسُمِّي أي الدِّين بالحنيفية، لما فيها من التَّيسير والتّسهيل".
وروى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "إنّ الدّينَ يُسرٌ، ولن يُشادّ الدّينَ أحدٌ إلا غلبه، فسدّدوا وقاربوا، وأبشروا واستعينوا بالغُدوة والرَّوحة، وشيء من الدُّلجة". وعن أنس بن مالك عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفّروا).
وعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ).
وقالت عائشة رضي الله عنها: "ما خُيِّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً".
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشُقّ على المؤمنين -وفي رواية: على أمَّتي- لأمرتهم بالسِّواك عند كلّ صلاة)، وقد ورد بهذا الأسلوب أحاديث كثيرة.
وبالجملة كما يقول الشيخ صالح السدلان: "من تتبع الشريعة الغراء في أصولها وفروعها يجد ذلك واضحاً جلياً في العبادات والمعاملات والحقوق والقضاء والأحوال الشخصية، وغير ذلك مما يتصل بعلاقة الخلق بخالقهم وعلاقة بعضهم ببعض، بما يضمن سعادتهم في الدُّنيا والآخرة".



موجزٌ عن أصحاب الأعذار وما يجب عليهم
الحمد لله رب العالمين، شرع فيسّر {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج 78]
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه خير القرون، ومن تبعهم بإحسان، أما بعد:
فإننا نبين الذين يجوز لهم الإفطار في شهر رمضان وما يجب عليهم، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون * أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، وعلى الذين} [البقرة 185] في هاتين الآيتين الكريمتين وجوب الصيام على كل مسلم عاقل، خال من الموانع، أدرك شهر رمضان، فيلزمه الصيام أداء في شهر رمضان أو قضاءً إن لم يتمكن من الصيام أداءً لعذر من الأعذار الشرعية، وأصحاب هذه الأعذار الذين يرخص لهم في الإفطار هم:
1 ـ المريض الذي يشق عليه الصيام فيستحب له أن يفطر أخذا بالرخصة، وذلك إذا كان الصوم يضره أو يؤخر برأه أو يضاعف عليه المرض.
2 ـ المسافر الذي حل عليه شهر رمضان وهو في سفر أو أنشأ سفرا في أثناء الشهر تبلغ مسافته ثمانين كيلو متراً فأكثر، وهي المسافة التي كان يقطعها الناس على الأقدام وسير الأحمال في مدة يومين قاصدين، فهذا المسافر يستحب له أن يفطر سواء شق عليه الصيام أو لم يشق، أخذا بالرخصة، وسواء كان سفره طارئاً أو مستمرا كسائق سيارة الأجرة الذي يكون غالب وقته في سفر بين البلدان، فهذا يفطر في سفره ويصوم في وقت إقامته، وإذا قدم المسافر إلى بلده أثناء النهار وجب عليه الإمساك بقية اليوم ويقضيه كما سبق، وإن نوى المسافر في أثناء سفره إقامة تزيد على أربعة أيام فإنه يلزمه الصوم وإتمام الصلاة كغيره من المقيمين، لانقطاع أحكام السفر في حقه، سواء كانت إقامته لدراسة أو لتجارة أو غير ذلك، وإن نوى إقامة أربعة أيام فأقل، أو أقام لقضاء حاجة لا يدري متى تنقضي فله الإفطار لعدم انقطاع السفر في حقه.
3 ـ الحائض والنفساء، يحرم عليهما الصوم مدة الحيض والنفاس، لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنا نؤمر بقضاء الصوم" [لما سألتها امرأة فقالت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت عائشة: "كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة " أخرجه البخاري رقم 321، ومسلم رقم 335/69]، ويحرم على الحائض أن تصوم في وقت الحيض بالإجماع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ثبت بالسنة وإجماع المسلمين أن الحيض ينافي الصوم، فلا يحل مع الحيض أو النفاس.
ومن فعلته منهن حاله لم يصح منها، قال: وهو وفق القياس، فإن الشرع جاء بالعدل في كل شيء، فصيامها وقت خروج الدم يوجب نقصان بدنها وضعفها، وخروج صومها عن الاعتدال، فأمرت أن تصوم في غير أوقات الحيض فيكون صومها ذلك صوما معتدلا، لا يخرج فيه الدم الذي يقوي البدن الذي هو مادته بخلاف المستحاضة، ومن ذرعه القيء مما ليس له وقت يمكن الاحتراز منه فلم يجعل منافيا للصوم.
4 ـ والمريض مرضا مزمنا لا يرجى برؤه ويعجز معه عن الصيام عجزا مستمرا، فهذا يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا بمقدار نصف صاع من البر وغيره وليس عليه قضاء.
5 ـ والكبير والهرم الذي لا يستطيع الصوم فهذا يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه [إذا كان عقله باقيا أما إذا لم يكن عنده عقل ولا فكر فلا شيء عليه].
6 ـ الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو على ولديهما من ضرر الصيام، فإن كلا منهما تفطر وتقضي قدر الأيام التي أفطرتها، وإن كان إفطارها خوفا على ولدها فقط أضافت مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، والدليل على إفطار المريض المزمن والكبير الهرم والحامل والمرضع قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} [البقرة184] كما فسرها ابن عباس رضي الله عنهما بذلك.




أحكام صيام كبير السّن

-(متى عجز الكبير عن الصيام سقط عنه وانتقل إلى الإطعام، وعليه يُحمل قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين} البقرة: ١٨٤!
فإن بلغ سنا لا عقل ولا معرفة لديه سقط عنه على الصحيح إلى غير بدل؛ لإلحاقه بمن رُفع عنه القلم، فهو أولى بالسقوط عن الصغير. )
[ابن جبرين: فتاوى الصيام ]

من أسباب الفطر في رمضان كبر السن، فكبير السن الذي لا يستطع الصيام أو يشق عليه ذلك مشقة غير معتادة بصفة مستمرة يجوز له الفطر وتجب عليه الفدية.
وقد أجمع أهل العلم على عدم وجوب الصيام على المسن الذي يشق عليه ذلك مشقة غير معتادة بحيث تجهده أو يتضرر منها بالهلاك أو المرض، واختلفوا في الواجب عليه.
قال الكاساني: " وكذا كبر السن، حتى يباح للشيخ الفاني، أن يفطر في شهر رمضان؛ لأنه عاجز عن الصوم ".
قال القاضي عبدالوهاب: " إن الشيخ الهرم لا يلزمه الصوم لأنه يضعف عنه ويؤدي إلى تلفه، وذلك سقط للتكليف عنه، وإنما قلنا لا إطعام عليه، خلافا لأبي حنيفة والشافعي، لأنه مسوغ له الفطر كالمريض".
قال القرطبي -رحمه الله تعالى-: " وأجمعوا على أن المشائخ والعجائز الذين لا يطيقون الصيام، أو يطيقونه على مشقة شديدة أن يفطروا".
قال ابن المنذر: " وأجمعوا على أن للشيخ الكبير والعجوز العاجز عن الصوم أن يفطروا".
وقال ابن قدامة: " أن الشيخ الكبير والعجوز إذا كان يجهدهما الصوم ويشق عليهما مشقة شديدة، فلهما أن يفطرا...".
و تدل على ذلك الأدلة الآتية:



1- قول الله سبحانه وتعالى: âŸwß#Ïk=s3リ!$#$²¡ø ÿtRžw&#206$ygyèó™ã"صلى الله عليه وسلم"á.
2- â$tBu"صلى الله عليه وسلم"Ÿ@yèy_ö/ä3ø‹n=tæ’ÎûÈûïÏd‰9$# ô`ÏB8lu�xmá.
3- وقوله سبحانه وتعالى: â߉ƒÍ�リ!$#ãNà6Î/u�ó¡ãŠø9$#Ÿwu"صلى الله عليه وسلم"߉ƒÍ�ãƒãNà6Î/uŽô£ãèø9$#á.
فهذه الآيات تدل على أن الله سبحانه وتعالى لا يكلف أحداً بما لا يستطيع أداءه من العبادات، وأن الحرج مرفوع في الدين، وأن الله تعالى يريد بالمكلفين اليسر ولا يريد بهم العسر، فإذا كان المسن يشق عليه الصيام مشقة شديدة فلا يجب عليه الصوم بدلالة هذه الآيات الكريمات.
4- وقوله سـبحانه وتعـالى: â `yJsù šc%x. Nä3ZÏB $³ÒƒÍ�£D ÷"صلى الله عليه وسلم""صلى الله عليه وسلم"& 4’n?tã 9�xÿy™ ×o£‰Ïèsù ô`ÏiB BQ$§ƒ"صلى الله عليه وسلم"& u�yzé& 4 ’n?tãu"صلى الله عليه وسلم"šúïÏ%©!$# ¼çmtRqà)‹ÏÜム×ptƒô‰Ïù ãP$yèsÛ &ûüÅ3ó¡ÏB á.
وجه الاستدلال: استدل العلماء بالآية الكريمة على عدم وجوب الصيام على المسن العاجز عنه من وجهين:
الأول: أن المراد بالآية الكريمة الذين لا يطيقون الصوم، أي لا يستطيعون الصوم، فلهم الإفطار وعليهم فدية طعام مسكين، على تقدير حرف «لا»، وقد جاءت نظائر هذا التقدير في كتاب الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: â ßûÎiüt6ムª!$# öNà6s9 b"صلى الله عليه وسلم"& (#q�=ÅÒs? 3 ª!$#u"صلى الله عليه وسلم"Èe@ä3Î/ >äóÓx« 7OŠÏ=tæ á.
أي: لئلا تضلوا.
وقوله تعالى: â $uZù=yèy_u"صلى الله عليه وسلم"’Îû ÇÚö‘F{$# zÓÅ›¨u"صلى الله عليه وسلم"u‘ b"صلى الله عليه وسلم"& y‰ŠÏJs? öNÎgÎ/ á .
أي: لئلا تميد بهم.
والثاني: أن هذه الآية الكريمة خاصة بالشيخ الكبير والمرأة المسنة اللذان لا يستطيعان الصيام، فلهما أن يفطرا ويطعما عن كل يوم مسكيناً.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «ليست منسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً».
4- وقوله سبحانه وتعالى: â`yJsùšc%x.Nä3ZÏB$³ÒƒÍ�£D÷"صلى الله عليه وسلم""صلى الله عليه وسلم"&4’n?tã9�xÿy™×o£‰Ïèsùô`Ïi BBQ$§ƒ"صلى الله عليه وسلم"&u�yzé&4’n?tãu"صلى الله عليه وسلم"šúïÏ%©!$#¼çmtRqà)‹ÏÜ&#227 ;ƒ×ptƒô‰ÏùãP$yèsÛ&ûüÅ3ó&# 161;ÏBá.
وجه الاستدلال: أن الآية الكريمة تدل على جواز الفطر لمن يستطيع الصوم مع المشقة الشديدة؛ لأن الطاقة هي أن يقدر الإنسان على الشيء مع الشدة والمشقة، فمن كان يقدر على الصوم مع المشقة الشديدة يجوز له الفطر.
وأخرج ابن جرير الطبري -رحمه الله تعالى- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال في تفسير هذه الآية الكريمة: " من لم يطق الصوم إلا على جهد فله أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً، والحامل والمرضع، والشيخ الكبير، والذي به سقم دائم".
4-ما رواه الحسن البصري وإبراهيم النخعي -رحمهما الله تعالى- أن
أنس بن مالك رضي الله عنهما لما كبر أطعم عن كل يوم مسكيناً خبزاً ولحماً وأفطر عاماً أو عامين.
5-أن المسن الذي يشق عليه الصيام مشقة شديدة، لا سبيل لرفع المشقة والحرج عنه إلا الفطر فيجوز له ذلك.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #46  
قديم 05-05-2019, 03:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,093
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

أصحاب الأعذار في رمضان

اللجنة العلمية

أحكام صيام المريض

-الأعذار نوعان:
إما : عذرٌ يرجى زواله (فيه القضاء)
أو عذر لا يُرجى زواله (فيه الإطعام)!
وغير القادر ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكون عجزه عن الصوم مستمراً دائماً كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه، فهذا يطعم عن كل يوم مسكيناً، فإذا كان الشهر ثلاثين يوما أطعم ثلاثين مسكيناً، وإذا كان الشهر تسعة وعشرين يوماً أطعم تسعة وعشرين مسكيناً، .....
أما القسم الثاني من العجز عن الصوم: فهو العجز الذي يرجى زواله وهو العجز الطارئ، كمرض حدث للإنسان أثناء الصوم، وكان يشق عليه أن يصوم، فنقول له: أفطر واقض يوماً مكانه؛ لقول الله تعالى: {فمن كان منكم مريضاً أو على سفرٍ فعِدّةٌ من أيّامٍ أخر} البقرة: ١٨٤
[فقه العبادات ــ لابن عثيمين].
-(والمرض المبيح للفطر عند جمهور السلف والأئمة، هو ما يؤدي الصوم معه إلى ضرر فى النفس أو زيادة فى العلَّة أو إبطاء فى البرء وانما أبيح الفطر للمرض دفعا للحرج والمشقة وقد بنى التشريع الإسلامى على التيسير والتخفيف)!
و(معرفة حد المرض المبيح للفطر كما فى فتح القدير وغيره: تكون باجتهاد المريض، والاجتهاد غير مجرد الوهم والتخيل، بل هو غلبة الظن عن أمارة أو تجربة أو إخبار طبيب مسلم حاذق غير معروف بما يُنافى العدالة.
والأمارة هى العلامة الظاهرة التى تنذر بالضرر، والتجربة هى تكرُّر وقوع ذلك عند اتحاد المرض فاذا تحقق ما ذكر جاز للمريض الفطر ووجب عليه قضاء ما أفطره بعد زوال العذر فاذا مات، وهو على هذه الحالة لم يلزمه القضاء لعدم إدراكه عدة من أيام آخر ولا فدية عليه مادام يرجى أن يبرأ من مرضه!
أما اذا تحقق اليأس من الصحة، كالمرضى المصابين بأمراض مستعصية شاقة فيجب عليه الفدية اذا أفطر كما ذكره الكرمانى وقال: (فيندرج فى ذلك أمراض السل والقرحة المعوية والقرحة الإثنا عشرية والحميات القلب والكبد والمرارة وسائر الأمراض الشاقة التى يعسر معها الصوم ويفضي إلى تفاقمها أو تأخر برئها أو فساد عضو فى البنية .

المرض هو السقم، وهو نقيض الصحة، أو هو خروج الجسم عن حالة الاعتدال التي تعني قيام أعضاء البدن بوظائفها المعتادة، فما يعوق الإنسان، عن ممارسة أنشطته الجسدية، والعقلية، والنفسية، بصورة طبيعية.
والأمراض مختلفة في ذاتها، فمنها المرض الخفيف: كالصداع، والزكام الخفيف، ومنها الشديدة والخطيرة والمزمنة، كما أنها تختلف بحسب الأبدان التي تصاب بها، فقد ينقلب الزكام الخفيف إلى مرض شديد وخطير على الحياة إذا أصيب به الشيخ الطاعن، أو الرضيع الهزيل فالأمر نسبي وليس فيه مقياس ثابت ولا قاعدة مطردة وإنما العبرة بواقع كل شخص وبطاقته وقوة تحمل.
والمرض الذي يعتبر من أسباب التيسير والتخفيف، هو المرض الذي يؤثر على المكلف بالعجز جزئياً أو كلياً، أو يخشى منه الزيادة في المرض، أو تأخر في البرء.
وقد وضح أهل العلم ضابطاً للمرض المبيح للتخفيف وهو أن: " المريض إذا خشي من الإتيان بالمطلوبات الشرعية على وجهها ضرراً من أهم تسديد أو زيادة مرض، أو تأخر برء، أو فساد عضو أو حصول تشويه فيه، فإنه يعدل إلى الأحكام المخففة".
ينبغي للمريض الصبر واحتساب الأجر على ما يصيبه، قال الله تعالى: ] إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب [ وقال تعالى]وَلَنَبْلُوَنَّ كُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الـْمُجَاهِدِين َ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ َخْبَارَكُم [وقال تعالى] مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِير * لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَالله لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور [وقال تعالى] مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله وَمَن يُؤْمِن بِالله يَهْدِ قَلْبَهُ [وقال تعالى] وَلَنَبْلُوَنَّ كُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الـْخَوفْ وَالـْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لله وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الـْمُهْتَدُون [ وقال تعالى] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِين [.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ... والصبر ضياء "، وعن صهيب رضي الله عنه ،قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كله خير،وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن،إن أصابته سرّاءُ شكر فكان خيراً له،وإن أصابته ضرّاءُ صبر فكان خيراً له".
و عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: " ما يصيب المسلم من نصبٍ، ولا وصبٍ، ولا همٍّ، ولا حزنٍ، ولا أذىً، ولا غمٍّ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يصيبه أذىً: من مرضٍ فما سواه إلا حَطَّ الله سيئاته كما تحطُّ الشجرة ورقها ".
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يُشاك شوكة فما فوقها إلا كُتب له بها درجة، ومُحيت عنه بها خطيئة".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يرد الله به خيراً يُصِبْ منه".
وعن أنس رضي الله عنه يرفعه: " إن عِظَمَ الجزاء مع عظم البلاء و إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السُّخْط".
وعن مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه ، قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشدُّ بلاءً؟ قال: " الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتدَّ بلاؤُه، وإن كان في دينه رقةٌ ابتُلي على حسب دينه، فما يبرح البلاءُ بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة".
والمسلم يسأل الله العفو والعافية ولا يسأله البلاء، فإذا حصل له شيء صبر واحتسب؛لحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبيصلى الله عليه وسلمقال على المنبر: " سلوا الله العفو والعافية؛فإن أحداً لم يُعطَ بعد اليقين خيراً من العافية".
وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله ؟ قال: " سل الله العافية " فمكثت أياماً ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله؟ فقال لي: " يا عباس يا عمَّ رسول الله: سل الله العافية في الدنيا والآخرة".
المرض نوعان :
النوع الأول: المرض الذي يُرجى برؤُه ، فهذا النوع من المرض من أسباب جواز الفطر، فرخص الله سبحانه وتعالى للمصاب بهذا النوع من المرض في الفطر، وأوجب عليه قضاء الأيام التي أفطرها؛ قال الله تعالى: ] أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [وقال تعالى:] فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [ .
والمريض في شهر رمضان له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن لا يَشقَّ عليه الصوم ولا يضره، فيجب عليه الصوم؛ لأنه ليس له عذر يبيح له الفطر.
الحالة الثانية:أن يشق عليه الصوم ولا يضره، فيفطر، ويكره له الصوم مع المشقة؛ لأنه خروج عن رخصة الله تعالى، وتعذيب لنفسه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله يحب أن تُؤتَى رخصُه كما يكره أن تؤتى معصيته ".
قال ابن حزم رحمه الله: " واتفقوا على أن المريض إذا تحامل على نفسه فصام أنه يجزِئه، واتفقوا على أن من آذاه المرض وضَعُف عن الصوم فله أن يفطر".
الحالة الثالثة: أن يضرَّهُ الصوم، فيجب عليه الفطر، ولا يجوز له الصوم؛ لقول الله تعالى:]وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا[وقال تعالى:] وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [ ؛ ولقول سلمان لأبي الدرداء:"...إن لربِّك عليك حقّاً، ولنفسك عليك حقّاً، ولأهلك عليك حقّاً، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه" فأتى النبيصلى الله عليه وسلمفذكر ذلك له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " صدق سلمان "، ومن حق النفس على المسلم أن لا يضرَّها مع وجود رخصة الله تعالى؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار ".
وإذا حدث له المرض في أثناء يوم من أيام رمضان وهو صائم وشقَّ عليه إتمامه جاز له الفطر؛لوجود المبيح للفطر.
وإذا برئ في نهار رمضان وقد أفطر أول النهار للعذر لم يصح صومه ذلك اليوم؛لأنه كان مفطراً أول النهار؛لأن الصوم لا يصح إلا بنية قبل طلوع الفجر،ثم الإمساك عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .
وينبغي له الإمساك بقية يومه ويجب عليه القضاء بعدد الأيام التي أفطرها؛ لقول الله تعالى: ] فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [.
وإذا ثبت عن طريق طبيب مسلم حاذق موثوق بدينه وأمانته أن الصوم يسبب له المرض أو يزيد مرضه، ويؤخر بُرْأَه ؛ فإنه يجوز له الفطر، محافظةً على صحته، واتقاءً للمرض، ويقضي عن هذه الأيام التي أفطرها .
قال العلامة ابن قدامة: " والصحيح الذي يخشى المرض بالصيام، كالمريض الذي يخاف زيادة المرض في إباحة الفطر؛ لأن المريض إنما أبيح له الفطر خوفاً مما يتجدّد بصيامه من زيادة المرض، وتطاوله، فالخوف من تجدد المرض في معناه".
النوع الثاني: المرض الذي لا يرجى برؤه، فإذا ثبت أن المرض لا يرجى زواله وذلك عن طريق طبيب مسلم حاذق ثقة ؛ وأنه يضر معه الصوم ؛ فيجوز للمريض في هذه الحالة الفطر، لقول الله تعالى: ] فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ [ ولقوله تعالى: ]لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [ .
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #47  
قديم 05-05-2019, 03:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,093
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)


أصحاب الأعذار في رمضان

اللجنة العلمية





أحكام صيام المسافر

- (الحمد لله: الفطر للمسافر جائز باتفاق المسلمين، سواء كان سفر حج، أو جهاد، أو تجارة أو نحو ذلك من الأسفار التي لا يكرهها الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.
وتنازعوا في سفر المعصية، كالذي يسافر ليقطع الطريق ونحو ذلك، على قولين مشهورين، كما تنازعوا في قصر الصلاة.
فأما السفر الذي تقصر فيه الصلاة: فإنه يجوز فيه الفطر مع القضاء باتفاق الأئمة، ويجوز الفطر للمسافر باتفاق الأمة، سواء كان قادراً على الصيام أو عاجزاً، وسواء شق عليه الصوم، أو لم يشق، بحيث لو كان مسافراً في الظل والماء ومعه من يخدمه جاز له الفطر والقصر. .....)
[مجموع فتاوى ابن تيمية].
- ( ويفطر من عادته السفر، إذا كان له بلد يأوي إليه، كالتاجر الجلاب الذي يجلب الطعام، وغيره من السلع، وكالمكاري الذي يكري دوابه من الجلاب وغيرهم، وكالبريد الذي يسافر في مصالح المسلمين، ونحوهم. وكذلك الملاح الذي له مكان في البر يسكنه. ، فأما من كان معه في السفينة امرأته، وجميع مصالحه، ولا يزال مسافراً فهذا لا يقصر، ولا يفطر. )
[مجموع فتاوى ابن تيمية].
- (مَن يقصد بسفره التحيل على الفطر، فلا يجوز له الفطر؛ لأن التحيل على فرائض الله لا يسقطها)‏.‏ [مجموع فتاوى ابن عثيمين]
- ينطبق حكم السفر على سائقي الشاحنات الذين يسوقون خارج المدن
[مجموع فتاوى ابن عثيمين]
- إذا قدم المسافر المفطر من سفر فليس عليه الإمساك في يومه و عليه القضاء
[الشرح الممتع]
- لا حرج عليه في ذلك [أن يسافر الصائم من بلده الحار إلى بلد بارد أو إلى بلد نهاره قصير ] إذا كان قادراً على هذا الشيء، فإنه لا حرج أن يفعل؛ لأن هذا من فعل ما يخفف العبادة عليه، وفعل ما يخفف العبادة عليه أمر مطلوب. ، "وقد كان النبي "صلى الله عليه وسلم"يصب على رأسه الماء من العطش أو من الحر وهو صائم". انظر: أبو داود (2365)، وأحمد (15903). .... وعلى هذا: فلا مانع من أن يبقى الصائم حول المكيف، وفي غرفة باردة، وما أشبه ذلك)
[مجموع فتاوى ابن عثيمين]
- حكم صيامه [المعتمر] أنه لا بأس به، وقد سبق لنا قبل قليل أن المسافر إذا لم يشق عليه الصوم فالأفضل أن يصوم، وإن أفطر فلا حرج عليه، وإذا كان هذا المعتمر يقول: إن بقيت صائماً شق عليّ أداء نسك العمرة، فأنا بين أمرين: إما أن أؤخر أداء أعمال العمرة إلى ما بعد غروب الشمس وأبقى صائماً، وإما أن أفطر وأؤدي أعمال العمرة حين وصولي إلى مكة، فنقول له: الأفضل أن تفطر وأن تؤدي أعمال العمرة حين وصولك إلى مكة؛ لأن هذا ــ أعني أداء العمرة من حين الوصول إلى مكة ــ هذا هو فعل رسول الله "صلى الله عليه وسلم".
[ابن عثيمين ــ فقه العبادات]

السُّفْر جمع سافر، والمسافرون جمع مسافر، والسفر والمسافرون،بمعنىً. وسُمِّيَ المسافر مسافراً؛ لكشفه قناع الكنِّ عن وجهه، ومنازل الحضر عن مكانه،ومنزل الخفض عن نفسه، وبروزه إلى الأرض الفضاء،وسُمِّيَ السفر سفراً؛لأنه يسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم، فيُظهِر ما كان خافياً منها.
فظهر أن السفر:قطع المسافة، سُمِّيَ بذلك؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال،ومنه قولهم:سفرت المرأة عن وجهها:إذا أظهرته،والسفر:هو الخروج عن عمارة موطن الإقامة قاصداً مكاناً يبعد مسافة يصحُّ فيها قصر الصلاة.
وقيل: السفر لغة: قطع المسافة.
والسفر شرعاً: هو الخروج على قصد مسيرة ثلاثة أيام ولياليها فما فوقها بسير الإبل، ومشي الأقدام. والمسافر: هو من قصد سيراً وسطاً ثلاثة أيام ولياليها وفارق بيوت بلده.
والسفر من أسباب التخفيف في الشريعة الإسلامية لاسيما في مجال العبادات، قال الله سبحانه وتعالى: "صلى الله عليه وسلم""صلى الله عليه وسلم""صلى الله عليه وسلم".
وقال تعالى:"صلى الله عليه وسلم""صلى الله عليه وسلم""صلى الله عليه وسلم""صلى الله عليه وسلم".
ومن الأحكام المخففة في السفر الطويل: جواز المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها، وقصر الصلاة الرباعية المفروضة، والجمع بين صلاتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء تقديماً وتأخيراً عند جمهور الفقهاء، والفطر في رمضان من أجل السفر والقضاء في أيام أخر.
وأما السفر القصير، وهو مطلق الخروج عن بلد الإقامة، فمن أحكامه جواز ترك الجمعة والجماعة، والتنقل على الدابة، وجواز التيمم.
أنواع السفر :
1- سفرٌ حرامٌ، وهو أن يسافر لفعل ما حرمه الله، أو حرمه رسوله "صلى الله عليه وسلم"، مثل:من يسافر للتجارة في الخمر، والمحرمات،وقطع الطريق،أو سفر المرأة بدون محرم.
2- سفر واجب، مثل السفر لفريضة الحج،أو السفر للعمرة الواجبة،أو الجهاد الواجب.
3- سفر مستحب، مثل: السفر للعمرة غير الواجبة، أو السفر لحج التطوع، أو جهاد التطوع.
4- سفر مباح،مثل:السفر للتجارة المباحة،وكل أمر مباح.
5- سفر مكروه،مثل:سفر الإنسان وحده بدون رفقة، إلا في أمر لا بد منه؛ لقول النبي "صلى الله عليه وسلم":" لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكبٌ بليلٍ وحده" .
فهذه أنواع السفر التي ذكرها أهل العلم، فيحرم على كل مسلم أن يسافر إلى سفر محرم، وينبغي له أن لا يتعمَّد السفر المكروه، بل يقتصر في جميع أسفاره على السفر الواجب، والسفر المستحب، والمباح، وله أن يأخذ برخص السفر من: الفطر في شهر رمضان، وقصر الصلاة، وغير ذلك من الرخص التي شرعها رسول الله "صلى الله عليه وسلم".
اختلف العلماء رحمهم الله في نوع السفر الذي تختص به رخص السفر، من: الفطر في رمضان، والقصر، والجمع، وصلاة النافلة على الراحلة، وصلاة المتنفل الماشي، والمسح على الخفين، والعمائم، والخمار ثلاثة أيام بلياليها، وترك الرواتب، وترك بعض الأعمال المستحبة التي يشغل عنها في السفر، على أربعة أقوال:
القول الأول: رخص السفر تكون في السفر الواجب، والمندوب، والمباح، أما السفر المحرم والمكروه، فلا تباح فيه هذه الرخص.
القول الثاني: لا يترخص برخص السفر إلا في الحج والعمرة، والجهاد؛ لأن الواجب لا يترك إلا لواجب، أما السفر المحرم والمكروه والمباح فلا.
القول الثالث: لا يأخذ برخص السفر إلا في سفر الطاعة ؛لأن النبي "صلى الله عليه وسلم"إنما قصر في سفر واجب أو مندوب.
القول الرابع: ذهب الإمام أبو حنيفة، وشيخ الإسلام بن تيمية، وجماعة كثيرة من العلماء إلى أنه يجوز القصر والفطر، وجميع رخص السفر حتى في السفر المحرم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " والحجة مع من جعل القصر والفطر مشروعاً في جنس السفر، ولم يخص سفراً دون سفر، وهذا القول هوالصحيح ؛ فإن الكتاب والسنة قد أطلقا السفر".
و لكن من قصد بسفره التحيل على الفطر، فالفطر عليه حرام، و لا يجوز له ذلك؛ لأن الحيل لا تبيح المحرمات، ولا تبطل الواجبات، فيحرم السفر؛ لأنه وسيلة إلى الفطر، ويحرم الفطر لعدم العذر.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: " لا يجوز للإنسان أن يتحيَّل على الإفطار في رمضان بالسفر؛ لأن التحيل على إسقاط الواجب لا يسقطه، كما أن التحيل على المحرم لا يجعله مباحاً ".
السفر الذي يبيح الفطر في رمضان:
السفر الذي يبيح الفطر في رمضان هو السفر الذي يجيز للمسافر أن يقصر فيه الصلاة .
ومسافة السفر عند الحنفية هي مسيرة ثلاثة أيام سيراً وسطاً.
وعند المالكية، والشافعية، والحنابلة، مسيرة يومين قاصدين، أي ستة عشر فرسخاً أو ثمانية وأربعين ميلاً.
وقد دل جواز الفطر في السفر الكتاب والسنة، الإجماع:
أما الكتاب؛ فلقول الله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ .
وأما السنة؛ فلقول النبي "صلى الله عليه وسلم": "إن الله وضع عن المسافر الصوم "، وأحاديث أخرى كثيرة.
وأما الإجماع، فأجمع المسلون على إباحة الفطر للمسافر في الجملة؛ وإنما يباح الفطر في السفر الطويل الذي يبيح القصر.
قال الإمام البخاري رحمه الله: " باب في كم يقصر الصلاة؟ وسمَّى النبي "صلى الله عليه وسلم"، يوماً وليلةً سفراً، وكان ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم يقصران ويفطران في أربعة بُرُدٍ، وهي ستة عشر فرسخاً".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " قوله: بابٌ: في كم يقصر الصلاة؟ يريد بيان المسافة التي إذا أراد المسافر الوصول إليها ساغ له القصر ولا يسوغ له في أقلَّ منها... وقد أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام، وأورد ما يدل على اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة".
وكأن البخاري رحمه الله يشير إلى حديث أبي هريرة  المذكور عنده في الباب، وهو قول النبي "صلى الله عليه وسلم":" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة ".
وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله: " لاتقصر إلى عرفة، وبطن نخلة، واقصر إلى عسفان، والطائف، وجدة، فإذا قدمت على أهلٍ أو ماشية فأتمّ".
والمسافة من مكة إلى الطائف ثمانية وثمانون كيلو، ومن مكة إلى جدة تسعة وسبعون كيلو، و من مكة إلى عسفان ثمانية وأربعون ميلاً. وهذه المسافة عليها الجمهور من أهل العلم، ومنهم الأئمة الثلاثة: الإمام أحمد بن حنبل، والإمام الشافعي والإمام مالك رحمهم الله تعالى.
قال العلامة ابن باز رحمه الله: " وقال بعض أهل العلم: إنه يحدد بالعرف ولا يحدد بالمسافة المقدرة بالكيلوات، فما يُعدُّ سفراً في العرف يُسَمَّى سفراً، وما لا فلا، والصواب ما قرره جمهور أهل العلم، وهو التحديد بالمسافة التي ذكرت، وهذا الذي عليه أكثر أهل العلم، فينبغي الالتزام بذلك ".
و جاء تحديد المسافة من فعل ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم بأربعة برد: جمع بريد، والبريد مسيرة نصف يوم، وسُمِّيَ بريداً؛ لأنهم كان فيما مضى إذا أرادوا المراسلات السريعة يجعلونها في البريد، فيرتبون بين كل نصف يوم مستقراً ومستراحاً يكون فيه خيل إذا وصل صاحب الفرس الأول إلى هذا المكان نزل عن الفرس ؛لتستريح وركب فرساً آخر إلى مسيرة نصف يوم،فيجد بعد مسيرة نصف يوم مستراحاً آخر فيه خيل ينزل عن الفرس التي كان عليها ثم يركب آخر وهكذا، لأن هذا أسرع،وفي الرجوع بالعكس،فالبريد عندهم مسيرة نصف يوم،فتكون الأربعة البرد مسيرة يومين،وقَدَّرُوا البريد بالمسافة الأرضية بأربعة فراسخ،فتكون أربعة برد ستة عشر فرسخاً،والفرسخ قدَّروه بثلاثة أميال،فتكون ثمانية وأربعين ميلاً،والميل من الأرض منتهى مد البصر؛لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه،والميل كيلو وستين في المائة أي 1600م،فأربعة برد= 1600×48 ميلاً = 76,8كيلو. و قد ثبت أن ابن عباس رضي الله عنهما كما تقدم أنه قال: " لا تقصر إلى عرفة وبطن نخلة، واقصر إلى عسفان، والطائف، وجدة" والمسافة بين مكة والطائف 88كيلو، وبين مكة وجدة 79. فإذا قصد المسافر هذه المسافة فله أن يأخذ برخص السفر عند الجمهور .
وأما في الزمن فقيل: إن مسيرته يومان قاصدان بسير الإبل المحملة، " قاصدان" يعني معتدلان، بمعنى أن الإنسان لا يسير منها ليلاً ونهاراً سيراً بحتاً، ولا يكون كثيرا النزول والإقامة، فهما يومان قاصدان.
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لا حد للسفر بالمسافة بل كل ما يُعدُّ سفراً في العرف، ويتزود له الإنسان ويبرز للصحراء؛ لأنه يحتاج إلى حمل الزاد والمزاد، فهو سفر، ورجح هذا جمع من أهل العلم، منهم العلامة ابن عثيمين، واختاره ابن قدامة في المغني.
ويفطر المسافر إذا فارق عامر بيوت قريته، أو مدينته،أو خيام قومه وجعلها وراء ظهره، إذا كان سفره تقصر في مثله الصلاة، قال ابن قدامة رحمه الله في الرد على من قال يفطر إذا عزم على السفر ولبس ثياب السفر:" ولنا قوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ  وهذا شاهد،ولا يوصف بكونه مسافراً حتى يخرج من البلد،ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين، ولذلك لا يقصر الصلاة".
واحتج من قال بجواز إفطار المسافر إذا عزم على السفر ولبس ثياب السفر بما يلي:
أولا: حديث أنس بن مالك ، فعن محمد بن كعب قال: أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفراً، وقد رُحلت له راحلته ولبس ثياب السفر، فدعا بطعام فأكل، فقلت له: سنة؟ قال: سنة ثم ركب".
قال الترمذي: " وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث، وقالوا: للمسافر أن يفطر في بيته قبل أن يخرج، وليس له أن يقصر الصلاة حتى يخرج من جدار المدينة أو القرية، وهو قول إسحاق بن إبراهيم الحنظلي".
وقال ابن قدامة: " ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين؛ ولذلك لا يقصر الصلاة، فأما أنس فيحتمل أنه كان برز من البلد خارجاً منه، فأتاه محمد بن كعب في ذلك المنزل".
ثانياً: عن عبيد بن جبر قال: كنت مع أبي بصرة الغفاري صاحب النبي "صلى الله عليه وسلم"في سفينة من الفسطاط في رمضان فَرُفِعَ ثم قرب غداه، فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة، قال: اقترب، قلت: ألست ترى البيوت ؟ قال: أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله "صلى الله عليه وسلم"؟ فأكل.
قال العلامة ابن القيم ى: " وفيه حجة لمن جوّز للمسافر الفطر في يومٍ سافر في أثنائه، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وقول عمرو بن شرحبيل والشعبي، وإسحاق، وحكاه أنس، وهو قول داود وابن المنذر، وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة لا يفطر ... ".
وقال العلامة ابن عثيمين: " هل يشترط أن يفارق قريته؟ أو إذا عزم على السفر وارتحل فله أن يفطر؟ الجواب في هذا قولان .. عن السلف، والصحيح أنه لا يفطر حتى يفارق القرية ؛ لأنه لم يكن الآن على سفر، ولكنه ناوٍ للسفر؛ ولذلك لا يجوز أن يقصر الصلاة حتى يخرج من البلد، فكذلك لا يجوز له أن يفطر حتى يخرج من البلد".
إقامة المسافر التي يفطر فيها ويقصر فيها الصلاة:
إذا نوى المسافر الإقامة أثناء سفره في بلد أكثر من أربعة أيام، فإنه يُتِمُّ الصلاة، ويصوم إذا كان في رمضان؛ لأن النبي "صلى الله عليه وسلم"قدم مكة في حجة الوداع، يوم الأحد الرابع من ذي الحجة، وأقام بها : الأحد، والإثنين، والثلاثاء، والأربعاء، ثم صلى الفجر يوم الخميس ثم خرج إلى منى، فكان يقصر الصلاة في هذه الأيام، وقد أجمع على إقامتها، فإذا أجمع المسافر أن يقيم كما أقام النبي "صلى الله عليه وسلم"قصر، وأفطر إن كان في رمضان، وإذا أجمع أكثر من ذلك أتم وصام.
قال الإمام ابن قدامة: " وجملة ذلك أن من لم يُجمع إقامةً مدة تزيد على إحدى وعشرين صلاة فله القصر و لو أقام سنين".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " إذا نوى أن يقيم بالبلد أربعة أيام فما دونها قصر الصلاة كما فعل النبي "صلى الله عليه وسلم"لما دخل مكة؛ فإنه أقام بها أربعة أيام يقصر الصلاة، و إن كان أكثر ففيه نزاع، والأحوط أن يتم الصلاة، وأما إن قال: غداً أسافر، أو بعد غد أسافر ولم ينوِ المقام فإنه يقصر؛ فإن النبي "صلى الله عليه وسلم"أقام بمكة بضعة عشر يوماً يقصر الصلاة، وأقام بتبوك عشرين ليلة يقصر الصلاة، والله أعلم".
وكذلك الصيام في رمضان والإفطار، فإن أجمع إقامة أربعة أيام فأقل قصر وأفطر، وإن أجمع على الإقامة أكثر من ذلك أتم وصام، وعليه: الإمام الشافعي، وأحمد، ومالك، وبقول هؤلاء الأئمة وجمهور أهل العلم معهم تنتظم الأدلة، ويكون ذلك صيانة من تلاعب الناس، وهذا هو الأحوط؛ لأن ما زاد عن أربعة أيام غير مجمع عليه، وما كان أربعة أيام فأقل مجمع عليه أي داخل في المجمع عليه، وبهذا يخرج المسلم من الخلاف، ويترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، والله  أعلم.
إذا سافر سفراً شبه دائم في العام:
مثل سفر سائقي الشاحنات، وغيرهم الذين يسافرون كثيراً؛ فإن لهم الإفطار، والترخّص برخص السفر، إذا كانت المسافة التي يقطعونها في سفرهم مسافة قصر، وعليهم قضاء الأيام التي أفطروها من رمضان قبل دخول رمضان المقبل؛ لعموم قول الله تعالى:  وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ  ، وإليهم اختيار الأيام التي يقضون فيها ما أفطروه من أيام رمضان،جمعاً بين دفع الحرج عنهم، وقضاء ما عليهم من الصيام، سواء كان القضاء في أيام الشتاء أو غيرها.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #48  
قديم 05-05-2019, 03:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,093
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

أصحاب الأعذار في رمضان

اللجنة العلمية




أحكام صيام الحائض والنفساء

- بعض النساء تطهر في آخر الليل، وتعلم أنها طهرت ولكنها لا تصوم ذلك اليوم ظناً منها أنها إذا لم تغتسل لم يصح صومها وليس الأمر كذلك، بل صومها يصح وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر.
فالمرأة إذا غربت الشمس، وهي لم تر الحيض خارجاً فصومها صحيح حتى لو خرج بعد غروب الشمس بلحظة واحدة فصومها صحيح. [فقه العبادات لابن عثيمين. ].
- وإن أحست الحائض بانتقال الدم أو ألمه،ولكنه لم يخرج ولم يبرز إلا بعد غروب الشمس فصومها صحيح [مجالس شهر رمضان، لابن عثيمين]
- لا حرج في ذلك [استعمال حبوب منع الحمل لتأخير الحيض] ؛ لما فيه من المصلحة للمرأة في صومها مع الناس وعدم القضاء ، مع مراعاة عدم الضرر منها ؛ لأن بعض النساء تضرهن الحبوب.[مجموع فتاوى بن باز ]

إذا حاضت المرأة أو نفست أفطرت، فإن صامت لم يجزئها، فقد أجمع أهل العلم على أن الحائض والنفساء، لايحل لهما الصوم، وأنهما يفطران رمضان ويقضيان، وأنهما إذا صامتا لم يجزئهما الصوم، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: " كنا نحيض على عهد رسول الله "صلى الله عليه وسلم"فنؤمر بقضاء الصوم و لا نؤمر بقضاء الصلاة" والأمر إنما هو للنبي "صلى الله عليه وسلم"، و عن أبي سعيد الخدري t عن النبي "صلى الله عليه وسلم"قال:" أليس إذا حاضت لم تصلِ ولم تصم"، والحائض والنفساء سواءٌ؛ لأن دم النفاس هو دم الحيض، وحكمه حكمه، ومتى وُجدَ الحيض أو النفاس في جزء من النهار فسد صوم ذلك اليوم، سواء وجد في أوله بعد طلوع الفجر أو في آخره، قبل غروب الشمس، ولو صامت الحائض أو النفساء مع علمها بتحريم ذلك أثمت ولم يجزئها.
وإذا طهرت الحائض أو النفساء في أثناء نهار رمضان لم يصحَّ صومها بقيةَ اليوم؛ لوجود ما ينافي الصيام في حقها في أول النهار، وعليها الإمساك بقية اليوم في أصح قولي العلماء؛ لزوال العذر الشرعي الذي أبيح لها الفطر من أجله.
واختلف العلماء رحمهم الله تعالى، في إمساك الحائض إذا طهرت، أثناء النهار على قولين:
القول الأول: يلزمها الإمساك بقية اليوم؛ لزوال العذر الشرعي، وهذا رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، وعليه أكثر أصحابه، وهو مذهب الحنابلة، والحنفية، وقال به الثوري، والأوزاعي، والحسن بن صالح؛ لأنه معنى لو وجد قبل الفجر أوجب الصيام، فإذا طرأ أوجب الإمساك. قال العلامة ابن باز رحمه الله: " عليها الإمساك في أصح قولي العلماء، بزوال العذر الشرعي، وعليها قضاء ذلك اليوم، كما لو ثبت رؤية رمضان نهاراً؛ فإن المسلمين يمسكون بقية اليوم، ويقضون ذلك اليوم عند جمهور أهل العلم، ومثلها المسافر إذا قدم في أثناء النهار في رمضان إلى بلده؛ فإن عليه الإمساك في أصح قولي العلماء؛ لزوال حكم السفر مع قضاء ذلك اليوم والله ولي التوفيق".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فأما من يجب عليه القضاء إذا زال عذره في أثناء اليوم مثل: الحائض تطهر، والمسافر يقدم، والمريض يصح؛ فإن القضاء يجب عليهم رواية واحدة؛ لوجود الفطر في بعض اليوم، وينبغي لهم الإمساك أيضاً".
القول الثاني: لا يلزمها الإمساك، وهو رواية عن الإمام أحمد، وإليه ذهب مالك والشافعي، وذكر عن ابن مسعود t. وهذا القول الذي رجحه ابن عثيمين رحمه الله.
وإذا طهرت الحائض أو النفساء في الليل في رمضان ولو قبل الفجر بلحظة وجب عليها الصوم؛ لأنها أصبحت من أهل الصيام، وليس فيها ما يمنعه، ويصح صومها حينئذٍ ولو لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر، كالجنب إذا صام ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر؛ لقول عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما: كان رسول الله "صلى الله عليه وسلم"يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم.


أحكام صيام الحامل والمرضع

- (الحامل لا تخلو من حالين:
إحداهما: أن تكون نشيطة قوية لا يلحقها مشقة ولا تأثير على جنينها، فهذه المرأة يجب عليها أن تصوم؛ لأنها لا عذر لها في ترك الصيام.
والحال الثانية: أن تكون الحامل غير متحملة لصيام: إما لثقل الحمل عليها، أو لضعفها في جسمها، أو لغير ذلك، وفي هذه الحال تفطر، لاسيما إذا كان الضرر على جنينها، فإنه قد يجب الفطر عليها حينئذ. وإذا أفطرت فإنها كغيرها ممن يفطر لعذر يجب عليها قضاء الصوم متى زال ذلك العذر عنها، فإذا وضعت وجب عليها قضاء الصوم بعد أن تطهر من النفاس، ولكن أحياناً يزول عذر الحمل ويلحقه عذر آخر وهو عذر الإرضاع، وأن المرضع قد تحتاج إلى الأكل والشرب لاسيما في أيام الصيف الطويلة النهار، الشديدة الحر، فإنها قد تحتاج إلى أن تفطر لتتمكن من تغذية ولدها بلبنها، وفي هذه الحال نقول لها أيضاً: أفطري، فإذا زال عنك العذر فإنك تقضين ما فاتك من الصوم.) [مجموع فتاوى ابن عثيمين]
- (الحامل لا يضرها ما نزل منها من دم أو صفرة، لأنه ليس بحيض ولا نفاس، إلا إذا كان عند الولادة أو قبلها بيوم أو يومين مع الطلق، فإنه إذا نزل منها دم في هذه الحال صار نفاساً، وكذلك في أوائل الحمل فإن بعض النساء لا تتأثر عادتهن في أول الحمل فتستمر على طبيعتها وعادتها، فهذه يكون دمها دم حيض.) [مجموع فتاوى ابن عثيمين]


و قد دل على إعتبار الحامل والمرضع من أصحاب الأعذار في رمضان حديث أنس بن مالك الكعبي  عن النبي "صلى الله عليه وسلم"أنه قال: " إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم أو الصيام".
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى:" وقال الحسن وإبراهيم في المرضع والحامل:إذا خافتا على أنفسهما أو ولد هما تفطران ثم تقضيان".
و اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في حكم الحامل والمرضع على أقوال على النحو الآتي:
القول الأول: إن حكمهما حكم المريض في جميع الأحوال، سواء كان خوفهما على أنفسهما أو على ولديهما، أو على أنفسهما وولديهما، فعليهما الإفطار عند الخوف، وتقضيان بدون إطعام؛ لقول الله تعالى:  فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ  فالحامل والمرضع كالمريض تماماً؛ ولحديث أنس بن مالك الكعبي  " إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم " .
فدل على أنهما كالمسافر في الصوم تفطران عند الخوف على أنفسهما أو ولديهما، وتقضيان الصيام بدون إطعام كما يقضي المسافر، وممن قال بهذا القول: الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والأوزاعي، والثوري، وعطاء، والزهري، وسعيد بن جبير، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه؛ لحديث أنس الكعبي المذكور آنفاً؛ لأنه لم يأمر فيه النبي "صلى الله عليه وسلم"بكفارة؛ ولأنه فطر أبيح لعذر فلم يجب به كفارة، كالمريض.
وأخذ بهذ القول العلامة ابن باز رحمه الله، و جحه العلامة ابن عثيمين رحمه الله وقال: " وهذا القول أرجح الأقوال عندي؛ لأن غاية ما يكون أنهما كالمريض والمسافر، يلزمهما القضاء فقط دون الإطعام".
ووعليه فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، حيث جاء في إحدى فتاويها بهذا الخصوص: " إن خافت الحامل على نفسها أو جنينها من الصوم أفطرت وعليها القضاء فقط، ... وكذلك المرضع إذا خافت على نفسها إن أرضعت ولدها في رمضان، أو خافت على ولدها إن صامت ولم ترضعه، أفطرت وعليها القضاء فقط، شأنها في ذلك شأن المريض الذي لا يقوى على الصوم، أو يخشى على نفسه مضرة، قال الله تعالى:  وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ 
القول الثاني: التفصيل في الحامل والمرضع، فإن خافتا على أنفسهما الضرر إذا صامتا فلهما الفطر، وعليهما القضاء لا غير، وهذا لا خلاف فيه. لأنهما بمنزلة المريض الذي يخاف على نفسه الضرر.
وإن خافتا على أنفسهما وعلى ولديهما أفطرتا وقضتا، كالحالة الأولى.
وإن خافتا على ولديهما الضرر، أفطرتا وقضتا، وأطعمتا عن كل يوم مسكيناً، وبالإطعام مع القضاء في هذه الحالة، قال به مجاهد، والإمام أحمد، والشافعي، وذكر رواية عن الإمام مالك . وأما الرواية الأخرى عن الإمام مالك ففرّق فيها بين الحامل والمرضع، فقال: الحبلى تقضي ولا تكفّر لأنها بمنزلة المريض، والمرضع تقضي وتكفّر؛ لأن المرضع يمكنها أن تسترضع لولدها، بخلاف الحامل؛ولأن الحمل متصل بالحامل، والخوف عليه كالخوف على بعض أعضائها،وبه قال الليث.
واستدل من أوجب الكفارة مع القضاء على الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما ولم تخافا على نفسيهما، بما رواه أبو داود وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما:  وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ، قال: كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينًا، والحبلى والمرضع إذا خافتا.
قال أبو داود:"يعني على أولادهما: أفطرتا وأطعمتا".
القول الثالث: الحامل والمرضع، إذا خافتا على ولديهما أو على أنفسهما، تطعمان ولا تقضيان، وبه قال ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها: " تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكيناً مُدّاً من حنطة".
وعن سعيد بن جبير، عن ابن عمر وابن عباس: " الحامل والمرضع تفطر ولا تقضي".، وأخرج أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ، والطبري في تفسيره، عن ابن عباس بلفظ: " إذا خافت الحامل والمرضع على ولدها في رمضان،قال:يفطران ويطعمان مكان كل يوم مسكيناً و لا يقضيان صوماً ".وعن ابن عباس في قوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ  قال: أثبتت للحبلى والمرضع.
ولكن هذا القول ضعفه كثير من أهل العلم ؛ لقول النبي "صلى الله عليه وسلم": " إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم أو الصيام". فدل هذا الحديث الصحيح على أن الحامل والمرضع كالمسافر في حكم الصوم تفطران وتقضيان.
والحامل والمرضع لهما ثلاث حالات:
الحالة الأولى: إذا خافتا على أنفسهما فقط، فحكمهما كالمريض: مع عدم المشقة مطلقاً: أي لا يشق عليها الصيام فيحرم عليها الإفطار، ويجب الصوم، ومع المشقة التي تتحملها يكره الصيام، و مع المشقة التي لا تتحملها أو تضرها يحرم عليها الصيام. وعليها أن تقضي عدد الأيام التي أفطرتها فقط بلا خلاف في هذه الحال.
الحالة الثانية: إذا خافتا على ولديهما الضرر، فتفطران؛ لإنقاذ معصومٍ، وتقضيان الأيام التي أفطرتهما فقط على الصحيح بدون إطعام .
الحالة الثالثة: إذا خافتا على أنفسهما وولديهما أفطرتا، وتقضيان عدد الأيام التي أفطرتهما فقط على الصحيح.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #49  
قديم 07-05-2019, 01:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,093
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

أصحاب الأعذار في رمضان

اللجنة العلمية


حكم صيام ذوي الأعمال الشّاقة
ضابط المشقة المبيحة للإفطار
أن المشقة الحاصلة لأصحاب الأعذار من المرضى والمسنين وغيرهم بسبب الصوم تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: مشقة لا ينفك عنها الصوم غالباً، كمشقة الصوم في شدة الحر أو البرد، ومشقة طول النهار، وحصول الجوع والعطش المعتادين، فهذه المشقة لا أثر لها في الإفطار، ولا يجوز لصاحب العذر أن يفطر بسببها؛ لأن هذه المشقة لو أثرت لفاتت معها مصالح العبادات في جميع الأوقات أو في غالبها ولفات ما رتب عليها من الأجر والمثوبة.
القسم الثاني: مشقة ينفك عنها الصوم غالباً، وهذه المشقة يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراتب:
الأولى: مشقة عظيمة فادحة يخاف منها الهلاك، أو هلاك منافع الأعضاء، أو المرض الشديد، فهذه المشقة موجبة للإفطار قطعاً؛ لأن حفظ النفس والأطراف لإقامة مصالح الدين أولى من تعريضها للهلاك بالصوم.
الثانية: مشقة خفيفة كأدنى صداع أو سوء مزاج خفيف، وهذه المشقة ملحقة بالقسم الأول، ولا أثر لها في التخفيف وغير مبيحة للفطر، لأن تحصيل مصالح الصوم وما رتب عليه من الأجر والمثوبة أولى من دفع هذه المفسدة الخفيفة التي لا أثر لها.
الثالثة: مشقة متوسطة بين المرتبة الأولى والثانية، بحيث هي أخف من المرتبة الأولى، وأشد من المرتبة الثانية، فهذه المشقة إذا دنت من أي من المرتبتين الأولى والثانية أخذت حكمها، فإذا كانت تسبب المرض والضعف الشديد فهي مبيحة للفطر، وإذا كانت لا تسبب المرض في الحال أو المآل، بل تزول مع الإفطار بعد الغروب فهي غير مبيحة للفطر.
وهذه المرتبة مما قد تختلف حولها أنظار المجتهدين، فقد يعتبرها البعض من المرتبة الأولى، وبينما يعتبرها الآخرون من المرتبة الثانية، فيعمل في هذه الحالة بقاعدة التقريب، وهي أن تلحق بأقرب المرتبتين، أو تلحق بما ورد فيه النص بجواز الإفطار كالسفر، فإذا كانت هذه المشقة تماثل المشقة الواقعة بالسفر المبيح للفطر فيجوز له الفطر.
و هناك أمران آخران يمكن الاستعانة بهما في مثل هذه الحالة:
الأول: مراجعة طبيب مسلم ثقة ليقرر إمكانية الصوم من عدمها، وإذا كان يضره ذلك في الحال أو المآل أم لا، ولاسيما مع تقدم آلات وأجهزة الكشف عن الأمراض، وآلات قياس الحالة الصحية للإنسان.
الثاني: ما يعرفه الشخص صاحب العذر من نفسه بالتجربة إذا كان يضره الصوم أم لا، وما مدى ذلك الضرر.
فتاوى:
- شخص يعمل في فرن للرغيف و يواجه حر النار الشديد طوال ساعات النهار وهو صائم، لذلك فهو يواجه عطشا شديدا وإرهاقا في العمل: ( لا يجوز لذلك الرجل أن يفطر بل الواجب عليه الصيام، وكونه يخبز في نهار رمضان ليس عذرا للفطر، وعليه أن يعمل حسب استطاعته. ) [فتاوى اللجنة الدائمة ــ فتوى: 13489]
- الامتحان المدرسي ونحوه لا يعتبر عذرا مبيحا للإفطار في نهار رمضان، ولا يجوز طاعة الوالدين في الإفطار للامتحان؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة بالمعروف ،كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن النبي "صلى الله عليه وسلم") [فتاوى اللجنة الدائمة ـــ فتوى:9601]
الجوع أو العطش الشَّديدان:
إذا غلب الصائم الجوع أو العطش الشديد الذي يخاف منها الهلاك أو نقصان العقل، أو ذهاب البصر أو السمع أو بعض الحواس الأخرى، فيجوز أن يفطر بما يسدّ رمقه، ثم يُكمل صيامه ويقضي؛ لقول الله تعالى: ] وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ[ ، وقال تعالى:]وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[ ، وقال تعالى:]وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا[ ، وقال الله تعالى: ] يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [ ؛ وقضى رسول الله "صلى الله عليه وسلم"أن: " لا ضرر و لا ضرار"، وهذا بمنزلة من فقد الطعام والشراب، ثم وجد الميتة، فله أن يأكل منها ما يسد رمقه ثم يُمسك، وقد قال الله تعالى: ] فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيم[ ؛ ولقوله تعالى: ]فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيم [ وغير ذلك من الأدلة.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #50  
قديم 07-05-2019, 01:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,093
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

أصحاب الأعذار في رمضان

اللجنة العلمية


أحكام القضاء والكفّارة


- الأفضل أن يكون القضاء متتابعاً و الأحوط الشروع فيه بعد يوم العيد (في اليوم الثاني من شوال) . [الشرح الممتع ـــ ابن عثيمين]
- يجوز التنفل بالصوم قبل القضاء إن كان في الوقت متسع و تقديم القضاء أفضل. [السابق]
- من أخر القضاء إلى بعد رمضان بدون عذر فهو آثم و يقضي و لا إطعام عليه [مجموع فتاوى ابن عثيمين]
- الشيخ الكبير و( المريض مرضاً لا يرجى زواله لا يلزمه الصوم؛ لأنه عاجز، ولكن يلزمه بدلاً عن الصوم أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، هذا إذا كان عاقلاً بالغاً، وللإطعام كيفيتان:
الكيفية الأولى: أن يصنع طعاماً غداءً أو عشاءً، ثم يدعو إليه المساكين بقدر الأيام التي عليه كما كان أنس بن مالك  يفعل ذلك حين كبر. أخرجه البخاري معلقاً.....
والكيفية الثانية: أن يوزع حبًّا من بر، أو أرز، ومقدار هذا الإطعام مد من البر أو من الأرز، والمدّ يعتبر بمد صاع النبي "صلى الله عليه وسلم"وهو ربع الصاع، وصاع النبي "صلى الله عليه وسلم"يبلغ كيلوين وأربعين غراماً، فيكون المدّ نصف كيلو وعشرة غرامات، فيطعم الإنسان هذا القدر من الأرز أو من البر، ويجعل معه لحماً يؤدمه) [مجموع فتاوى ابن عثيمين]

فدية الإفطار مشروعة في حق المسنين ومن في حكمهم من المصابين بعجز دائم بحيث لا يمكنهم الصيام أبدا.
تعريف الفدية :
قال ابن فارس: " الفاء والدال والحرف المعتل كلمتان متباينتان جداً، فالأولى، أن يجعل شيئ مكان شيء حمى له، والأخرى شيء من الطعام. فالأولى قولك: فديته أفديه: كأنك تحميه بنفسك أو بشيء يعوض عنه، يقولون: هو فداؤك، إذا كسرت مددت، وإذا فتحت قصرت، يقال: هو فداك ...، يقال تفادى الشيء، إذا تحاماه وانزوى عنه، والأصل في هذه الكلمة ما ذكرناه، وهو التفادي: أي أن يتقي الناس بعضهم ببعض، كأنه يجعل صاحبه فداء نفسه، والكلمة ا لأخرى الفَدَاء ممدود، وهو سطح التمر بلغة عبد القيس ... والفَداء: جماعة الطعام من الشعير والتمر ونحوها ".
"والفدية من فدى من الأسر يفديه فَِدى: إذا استنقذه بمال، واسم ذلك المال الفدية، وهي عوض الأسير، وجمعها فدىً وفديات، وفاديته مفاداة وفداء مثل قاتلته مقاتلة قتالاً، أي: أطلقته وأخذت فديته".
"وقيل المفاداة: أن تدفع رجلاً وتأخذ رجلاً، والفدى أن تشتريه، وقيل هما واحد، وتفادى القوم: اتقى بعضهم ببعض، كأن كل واحد يجعل صاحبه فداه، وفدت المرأة نفسها من زوجها تفدي وافتدت، أي: أعطته مالا حتى تخلص منه بالطلاق".
و يراد بالفدية في اصطلاح الفقهاء : " ما يقي الإنسان به نفسه من مال يبذله في عبادة قصّر فيها أو عجز عن أدائها حقيقة أو حكما ".
أما الفدية في باب الصيام فتطلق على الطعام الذي يخرجه المسن أو المريض الذي لا يستطيع الصيام ويدفعه إلى مسكين بدلاً عن الصيام.
أدلة مشروعية فدية الإفطار:
لقد دلت على مشروعية فدية إفطار المسن أدلة من الكتاب، والسنة، والأثر:
1- قول الله سبحانه وتعالى: "صلى الله عليه وسلم"                "صلى الله عليه وسلم" "صلى الله عليه وسلم"      "صلى الله عليه وسلم""صلى الله عليه وسلم"     "صلى الله عليه وسلم"   "صلى الله عليه وسلم"               "صلى الله عليه وسلم""صلى الله عليه وسلم"          .
وجه الاستدلال: ما ثبت من تفسير عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: أن الآية مخصوصة بالشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام فيجوز له الإفطار ويفدي عن كل يوم مسكيناً: قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: «ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً».
2- ما سبق من تفسير ابن عباس -رضي الله عنهما- للآية فله حكم الرفع ولا يمكن أن يقول ذلك برأيه.
3- ما ثبت عن أنس بن مالك  أنه لما كبر ولم يستطع الصوم أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً.
حكم فدية الإفطار :
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: تجب الفدية على المسن ومن في حكمه من امصابين بعجز دائم عن الصوم إذا أفطر بسبب العجز أو المشقة، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم، فبه قال الحنفية، والشافعية على الصحيح من مذهبهم، وهو مذهب الحنابلة، وقول علي بن أبي طالب، وعبدالله بن عباس، وأبي هريرة، وأنس بن مالك من أصحاب النبي "صلى الله عليه وسلم"، وبه قال سعيد بن جبير، وسفيان الثوري، والأوزاعي، وطاووس -رحمهم الله تعالى-.
قال الكاساني: " وأما الجوع والعطش الشديد الذي يخاف منه الهلاك فمبيح مطلق للفطر ... وكذا كبر السن حتى يباح للشيخ الفاني أن يفطر في شهر رمضان؛ لأنه عاجز عن الصوم وعليه الفدية عند عامة العلماء ".
وقال النووي: " قال الشافعي والأصحاب: الشيخ الكبير الذي يجهده الصوم، أي يلحقه به مشقة شديدة، والمريض الذي لا يرجى برؤه لا صوم عليهما بلا خلاف ... ويلزمهما الفدية على أصح القولين، والثاني لا يلزمهما".
قال ابن قدامة: " أن الشيخ الكبير، والعجوز، إذا كان يجهدهما الصوم، ويشق عليهما مشقة شديدة، فلهما أن يفطر ويطعما عن يوم مسكينا".
استدل أصحاب هذا القول الأول بأدلة من الكتاب، والسنة، والأثر، والإجماع، والمعقول:
1- قول الله سبحانه وتعالى:      "صلى الله عليه وسلم""صلى الله عليه وسلم"     "صلى الله عليه وسلم"   "صلى الله عليه وسلم"       .
وجه الاستدلال: استدل أهل العلم بهذه الآية الكريمة على وجوب فدية إفطار المسن من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: ما سبق ذكره من تفسير عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- للآية الكريمة -وهو تفسير ثابت- أن الآية الكريمة مخصوصة بالشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام فيجوز له الإفطار ويطعم بدلاً عن ذلك كل يوم مسكيناً، وقال: «ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصيام فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً».
وبناءً على هذا الوجه للآية الكريمة ثلاثة تفسيرات عند العلماء:
أ- أن معنى الآية الكريمة على قراءة رسم المصحف «يُطيقونه» أي يقدرون على الصوم مع تحمل المشقة؛ وذلك لأن الطاقة هي الإتيان بالشيء مع الشدة والمشقة، بخلاف الوسع فهو القدرة على الشيء على وجه السهولة.
ب- على قراءة «يُطوَّقونه» بفتح الطاء وتشديد الواو بالبناء على المفعول وتخفيف الطاء، من طوق بضم أوله، أي يُكلَّفونه على مشقة فيه وهم لا يطيقونه لصعوبته؛ فعليهم الإطعام.
ج- على تقدير «لا» النافية، فيكون المعنى: وعلى الذين لا يطيقونه فدية، وهذا له نظائر وردت في القرآن الكريم، كما في قوله تعالى:      ...، أي: لا تفتأ تذكر يوسف، وقوله سبحانه وتعالى:     "صلى الله عليه وسلم" ... ، أي: لئلا تضلوا.
وقد نوقش الاستدلال على هذا الوجه بأن الآية منسوخة، وقد ثبت القول بنسخها عن عدد من الصحابة، ومنهم عبدالله بن عمر، وسلمة بن الأكوع، وعليه فلا يصح الاستدلال بها.
وأجيب عن هذه المناقشة بأن النسخ عند المتقدمين من علماء الصحابة وغيرهم أعم مما اصطلح عليه المتأخرون من الأصوليين وغيرهم، فالنسخ عند المتقدمين قد يكون بمعنى التخصيص، وبناءً عليه فيكون المراد بالنسخ على قول ابن عمر وسلمة بن الأكوع -رضي الله عنهم- تخصيص الآية على المسن ومن في حكمهم ممن لا يطيقون الصيام أو يطيقونه بمشقة شديدة توفيقاً بين الأدلة.
يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- في ذلك: "...ومراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ رفع الحكم بجملته تارة، وهو اصطلاح المتأخرين، ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر وغيرها تارة إما بتخصيص أو تقييد أو حمل مطلق على مقيد وتفسيره وتبيينه؛ حتى إنهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة نسخاً لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد، فالنسخ عندهم وفي بيانهم هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ، بل بأمر خارج عنه، ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه مالا يُحصى، وزال عنه إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر".
الوجه الثاني: أن المراد بالذين «يطيقونه» هم من كانوا يطيقون الصوم في شبابهم من المسنين، ثم عجزوا عنه لما كبروا فعليهم الإطعام بدلاً عن ذلك.
الوجه الثالث: أن الله سبحانه وتعالى جعل الفدية في هذه الآية الكريمة معادلة للصوم في أول الأمر؛ لما كان الناس مخيرين بين الصوم والفدية؛ فلما تعذر أحد البدلين، ثبت الآخر، أي لما تعذر الصوم ثبت الفدية؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى لما جعل الفدية عديلاً للصوم في مقام التخيير، دل ذلك على أنها تكون بدلاً عنه في حال تعذر الصوم، وذلك لما يكون المكلف لا يستطيع الصوم كالمسن ومن في حكمه.
2- حديث معاذ بن جبل  قال: إن رسول الله "صلى الله عليه وسلم"قدم المدينة فصام عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم إن الله عز وجل فرض شهر رمضان فأنزل الله تعالى ذكره:  "صلى الله عليه وسلم"      ...  حتى بلغ:  "صلى الله عليه وسلم"      ...  فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكيناً، ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم، فأنزل الله عز وجل:        .
3- ما سبق ذكره من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: أن الآية ليست بمنسوخة وأنها خاصة بالشيخ الكبير والشيخة العجوز، لا يستطيعان الصيام فيفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً.
وجه الاستدلال من الحديثين: أنهما يدلان على ثبوت حكم الفطر ووجوب الفدية على المسن الذي لا يستطيع الصوم.
4- ما ثبت عن أنس بن مالك  أنه لما كبر ولم يستطع الصوم فأفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً.
وجه الاستدلال: أن عمل أنس بن مالك  بمقتضى الآية يدل على أن الإطعام هو واجب المسن ومن في حكمه ممن لا يستطيع الصيام، ويؤيده ما روي وثبت عن غيره من الصحابة كعلي، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن عباس -رضي الله عنهم-.
5- الإجمـاع:

أن إخراج الفدية بدلاً عن الصيام مع العجز ثابت عن عدد من الصحابة
-رضي الله عنهم- قولاً وفعلاً، وكان ذلك بمحضر من الصحابة فيكون إجماعاً لا يسع مخالفته.
قال أبو بكر الجصاص -رحمه الله تعالى-: «وقد ذكرنا قول السلف في الشيخ الكبير وإيجاب الفدية عليه في الحال من غير خلاف أحد من نظرائهم فصار إجماعاً لا يسع خلافه».
وقال الماوردي -رحمه الله تعالى-: «ويدل على ما ذكرناه -أي وجوب الفدية- إجماع الصحابة، وهو ما روي عن علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب، وعبدالله بن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم- أنهم قالوا: الهِمُّ عليه الفدية إذا أفطر، وليس لهم في الصحابة مخالف».
ونوقش دعوى الإجماع بعدم التسليم، وذلك لثبوت القول بنسخ الآية والخلاف في المسألة عن بعض الصحابة كعبدالله بن عمر وسلمة بن الأكوع، فلا يصح دعوى الإجماع مع ثبوت خلاف هؤلاء.
قال الإمام ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: «وأما الفدية فلم تجب بكتاب مجتمع على تأويله ولا سنة يفقهها من تجب الحجة بفقهه، ولا إجماع في ذلك عن الصحابة، ولا عن من بعدهم».
ويمكن أن يجاب عن هذه المناقشة بأن وجود الخلاف بين الصحابة في ذلك ليس صريحاً، والخلاف بينهم إنما هو في كون الآية منسوخة أو محكمة، ولا يلزم من القول بنسخ الآية عدم وجوب الفدية على المسن المفطر، وذلك لاحتمال أن يكون المراد بقول من قال بالنسخ تخصيص الآية على بعض المشمولين لمقتضاها، وهم المسنون ومن في حكمهم من المرضى، ولثبوت وجوب الفدية على المسن المفطر بالسنة الثابتة، ولعل هذا يفسر وجود قولين عن بعض الصحابة كابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم- في المسألة قول بالوجوب، وقول بنسخ الآية، وفسر على أنه قول بعدم وجوب الفدية.
6- أن الصوم لما فات المسن العاجز مست الحاجة إلى الجابر، وقد تعذر جبره بالقضاء لعجز المسن عنه، فجعلت الفدية بدلاً للصوم شرعاً في هذه الحالة للضرورة، كما تجعل القيمة بدلاً في ضمان المتلفات بجامع تعذر الإتيان بالمثل في الحالتين.
القول الثاني: يستحب للمسن دفع الفدية إذا أفطر بسبب العجز أو المشقة، وإلى هذا ذهب المالكية.
قال ابن رشد: « وأما الشيخ الكبير والعجوز اللذان لا يقدران على الصيام فإنهم أجمعوا على أن لهما أن يفطرا، واختلفوا فيما عليهما إذا أفطرا، فقال قوم عليهما الإطعام، وقال قوم ليس عليهما إطعام، وبالأول قال الشافعي ... وبالثاني قال مالك، إلا أنه استحبه».
واستدل أصحاب هذا القول بما سبق ذكره من أثر أنس  وحملوه على الاستحباب.
ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بأن الأثر المذكور يفيد الوجوب، ولا صارف من الوجوب إلى الاستحباب، ووجود الخلاف بين الصحابة لا يمكن أن يكون صارفاً عن الوجوب إلى الاستحباب.
القول الثالث: لا شيء على المسن إذا أفطر بسبب العجز أو المشقة، لا يجب عليه ويستحب له إخراج الفدية، وإلى هذا ذهب الشافعية في قول، والظاهرية، وبه قال مكحول ، وربيعة، وأبو ثور، وابن المنذر -رحمهم الله تعالى-.
قال ابن حزم : " والشيخ والعجوز اللذان لا يطيقان الصوم، فالصوم لا يلزمهما، ... وإذا لم يلزمهما الصوم فالكفارة لا تلزمهما؛ لأن الله تعالى لم يلزمهما إياها، ولا رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، والأموال محرمة إلا بنص أو إجماع".
واستدل أصحاب هذا القولبأدلة من السنة والمعقول:
1- ما ثبت من حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قرأ «فدية طعام مساكين» وقال: هي منسوخة».
2- ما ثبت أنه لما نزل قوله تعالى:  "صلى الله عليه وسلم"        كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها.
وجه الاستدلال من الحديثين: أن إخراج الفدية كان حكماً خاصاً في بداية فرضية الصيام، وكان هناك خياراً بين الصوم والفدية، فلما نسخت الآية سقطت حكمها وهو الفدية، فلا تجب لا على المسن ولا غيره.
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الأول: أنه ثبت عن بعض الصحابة كابن عباس بأن الآية محكمة وخاصة بالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، وعليه فلا يصح الاستدلال بالحديثين لأن قول هذين الصحابيين ليس حجة على غيرهما.
الثاني: أنه لا تلازم بين القول بالنسخ وبين عدم وجوب الفدية، لاحتمال أن يكون المراد بالنسخ التخصيص كما هو اصطلاح المتقدمين من الصحابة وغيرهم.
3- أن المسن في هذه الحالة معذور، فلا تجب عليه الفدية لعجزه، كما لا تجب الفدية على المريض والمسافر إذا أفطرا.
ويمكن أن يناقش هذا الدليل بأنه قياس على المسافر والمريض، فلا يصح قياسه عليهما لأنهما يتمكنان من القضاء والمسن بخلاف ذلك، على أن المريض لو عجز عن القضاء فحكمه حكم المسن في وجوب الفدية عليه، ولأن هذا قياس في مقابل النص فلا يصح.
4- أن مال المسن في هذه الحالة حرام، ولا يجوز إيجاب شيء فيه ما لم يوجبه الله ورسوله "صلى الله عليه وسلم"، ولا يوجد دليل الفدية عليه فلا تجب.
5- أن المسن في هذه الحالة عاجز عن الصيام، والله سبحانه وتعالى لم يوجب الصيام على من لا يطيقه، لأنه لا يوجب فرضاً إلا على من يطيقه، والعاجز عن الصوم كالعاجز عن القيام في الصلاة، فلا يجب عليه شيء لأن الله سبحانه وتعالى لم يوجب عليه شيئاً.
6- أن الفدية لم تجب بكتاب مجتمع على تأويله، ولا سنة يفقهها من تجب الفدية بفقهه، ولا إجماع في ذلك عن الصحابة، ولا عن من بعدهم، والفرائض لا تجب إلا من هذه الوجوه، وذمة المسن بريئة فلا تجب عليه الفدية.
ويمكن أن تناقش هذه الأدلة الثلاثة بأنها في حقيقتها مطالبة بالدليل، وقد سبق ذكر الأدلة على وجوب الفدية فيجب الأخذ بها والعمل بمقتضاها.
الترجـيح:
ولعل الراجح -والله تعالى أعلم- هو القول بوجوب الفدية على المسن
المفطر الذي أفطر بسبب العجز عن الصوم، أو بسبب المشقة الشديدة عليه،
لما يلي:
1-لقوة أدلة هذا القول، وكثرتها، حيث استدلوا بالكتاب والسنة الثابتة، والأثر الثابت، وسلامة هذه الأدلة من المناقشة المؤثرة عليها.
2-لضعف استدلال القولين المخالفين، وهي في حقيقتها مطالبة بالدليل فقد سبق ذكر الأدلة.
3-أن القول بعدم وجوب الفدية على المسن المفطر مبني على القول بنسخ الآية، وهو غير مسلم لثبوت القول بكونها محكمة عن عدد من الصحابة، وعمل بعض الصحابة بمقتضاها، ولأنه لا تلازم بين القول بالنسخ والقول بعدم وجوب الفدية، وذلك لاحتمال أن يكون مراد من قال بالنسخ التخصيص أو التقييد، ولثبوت الفدية بالسنة الصحيحة كحكم مستقل.
4-أن في هذا القول جمعاً بين الأدلة، وتوفيقاً بين ما نقل من الأقوال المتعارضة بين الصحابة
من حيث النسخ وعدمه.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 230.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 224.38 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]