تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله - الصفحة 23 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أمريكا تتغير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          كيف تَعبث القوى الإقليمية بمستقبل السودان؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الانتخابات العراقية ومعركة الشرعية القادمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          مستقبل الدور التركي في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          غولبدان بيغم: شراع العزم والإرادة نحو بيت الله الحرام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          العزاء والتعزية في التراث الأدبي العربي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          هِجْرَة كُبْرَى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الخطأ بين الإخفاق والإبداع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          في صناعة الهوية وطمسها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-11-2019, 04:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,056
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (229)
تفسير السعدى
سورة هود
من الأية(63) الى الأية(71)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة هود عليه الصلاة
والسلام [وهي] مكية


قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي أي: برهان ويقين مني وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً أي: منَّ علي برسالته ووحيه، أي: أفأتابعكم على ما أنتم عليه، وما تدعونني إليه؟.
(فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ ) أي: غير خسار وتباب، وضرر.
(وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ) لها شرب من البئر يوما، ثم يشربون كلهم من ضرعها، ولهم شرب يوم معلوم.
(فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ) أي: ليس عليكم من مؤنتها وعلفها شيء، ( وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ ) أي: بعقر ( فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ * فَعَقَرُوهَا فَقَالَ ) لهم صالح ( تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ) بل لا بد من وقوعه
(فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا ) بوقوع العذاب ( نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ) أي نجيناهم من العذاب والخزي والفضيحة
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ) ومن قوته وعزته أن أهلك الأمم الطاغية ونجى الرسل وأتباعهم
(وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ ) العظيمة فقطعت قلوبهم ( فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ) أي خامدين لا حراك لهم
(كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا ) أي كأنهم لما جاءهم العذاب ما تمتعوا في ديارهم ولا أنسوا بها ولا تنعموا بها يوما من الدهر قد فارقهم النعيم وتناولهم العذاب السرمدي الذي ينقطع الذي كأنه لم يزل
(أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ ) أي جحدوه بعد أن جاءتهم الآية المبصرة ( أَلا بُعْدًا لِثَمُودَ ) فما أشقاهم وأذلهم نستجير بالله من عذاب الدنيا وخزيها
(وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى (69 - 83) ) إلى آخر القصة .
أي: ( وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا ) من الملائكة الكرام، رسولنا ( إِبْرَاهِيمَ ) الخليل ( بِالْبُشْرَى ) أي: بالبشارة بالولد، حين أرسلهم الله لإهلاك قوم لوط، وأمرهم أن يمروا على إبراهيم، فيبشروه بإسحاق، فلما دخلوا عليه قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ أي: سلموا عليه، ورد عليهم السلام.
ففي هذا مشروعية السلام، وأنه لم يزل من ملة إبراهيم عليه السلام، وأن السلام قبل الكلام، وأنه ينبغي أن يكون الرد، أبلغ من الابتداء, لأن سلامهم بالجملة الفعلية، الدالة على التجدد، ورده بالجملة الاسمية، الدالة على الثبوت والاستمرار، وبينهما فرق كبير كما هو معلوم في علم العربية.
(فَمَا لَبِثَ ) إبراهيم لما دخلوا عليه ( أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ) أي: بادر لبيته، فاستحضر لأضيافه عجلا مشويا على الرضف سمينا، فقربه إليهم فقال: ألا تأكلون؟.
فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ أي: إلى تلك الضيافة نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً وظن أنهم أتوه بشر ومكروه، وذلك قبل أن يعرف أمرهم.
< 1-386 >
فـ قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ أي: إنا رسل الله, أرسلنا الله إلى إهلاك قوم لوط.
وامرأة إبراهيم قَائِمَةٌ تخدم أضيافه فَضَحِكَتْ حين سمعت بحالهم، وما أرسلوا به، تعجبا.
فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ فتعجبت من ذلك.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-11-2019, 04:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,056
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (222)
تفسير السعدى
سورة هود
من الأية(6) الى الأية(12)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة هود عليه الصلاة
والسلام [وهي] مكية


وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَه َا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) .

أي: جميع ما دب على وجه الأرض، من آدمي، أو حيوان بري أو بحري، فالله تعالى قد تكفل بأرزاقهم وأقواتهم، فرزقها على الله.
(وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَه َا) أي: يعلم مستقر هذه الدواب، وهو: المكان الذي تقيم فيه وتستقر فيه، وتأوي إليه، ومستودعها: المكان الذي تنتقل إليه في ذهابها ومجيئها، وعوارض أحوالها.
(كُلِّ) من تفاصيل أحوالها (فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) أي: في اللوح المحفوظ المحتوي على جميع الحوادث الواقعة، والتي تقع في السماوات والأرض. الجميع قد أحاط بها علم الله، وجرى بها قلمه، ونفذت فيها مشيئته، ووسعها رزقه، فلتطمئن القلوب إلى كفاية من تكفل بأرزاقها، وأحاط علما بذواتها، وصفاتها.

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (8) .

يخبر تعالى أنه ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة ( و ) حين خلق السماوات والأرض ( كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ) فوق السماء السابعة.
فبعد أن خلق السماوات والأرض استوى عليه، يدبر الأمور، ويصرفها كيف شاء من الأحكام القدرية، والأحكام الشرعية. ولهذا قال: ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ) أي: ليمتحنكم، إذ خلق لكم ما في السماوات والأرض بأمره ونهيه، فينظر أيكم أحسن عملا.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "أخلصه وأصوبه"
قيل يا أبا علي: "ما أخلصه وأصوبه"؟.
فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا، لم يقبل.
وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا.
والخالص: أن يكون لوجه الله، والصواب: أن يكون متبعا فيه الشرع والسنة، وهذا كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ .
وقال تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا فالله تعالى خلق الخلق لعبادته ومعرفته بأسمائه وصفاته، وأمرهم بذلك، فمن انقاد، وأدى ما أمر به، فهو من المفلحين، ومن أعرض عن ذلك، فأولئك هم الخاسرون، ولا بد أن يجمعهم في دار يجازيهم فيها على ما أمرهم به ونهاهم.
ولهذا ذكر الله تكذيب المشركين بالجزاء، فقال: ( وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ).
أي: ولئن قلت لهؤلاء وأخبرتهم بالبعث بعد الموت، لم يصدقوك، بل كذبوك أشد التكذيب ، وقدحوا فيما جئت به، وقالوا: ( إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ) ألا وهو الحق المبين.
( وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ ) أي: إلى وقت مقدر فتباطأوه، لقالوا من جهلهم وظلمهم ( مَا يَحْبِسُهُ ) ومضمون هذا تكذيبهم به، فإنهم يستدلون بعدم وقوعه بهم عاجلا على كذب الرسول المخبر بوقوع العذاب، فما أبعد هذا الاستدلال"
( أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ ) العذاب ( لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ ) فيتمكنون من النظر في أمرهم.
( وَحَاقَ بِهِمْ ) أي: نزل ( مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) < 1-378 > من العذاب، حيث تهاونوا به، حتى جزموا بكذب من جاء به.
وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11) .

يخبر تعالى عن طبيعة الإنسان، أنه جاهل ظالم بأن الله إذا أذاقه منه رحمة كالصحة والرزق، والأولاد، ونحو ذلك، ثم نزعها منه، فإنه يستسلم لليأس، وينقاد للقنوط، فلا يرجو ثواب الله، ولا يخطر بباله أن الله سيردها أو مثلها، أو خيرا منها عليه.
وأنه إذا أذاقه رحمة من بعد ضراء مسته، أنه يفرح ويبطر، ويظن أنه سيدوم له ذلك الخير، ويقول: (ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ) أي: فرح بما أوتي مما يوافق هوى نفسه، فخور بنعم الله على عباد الله، وذلك يحمله على الأشر والبطر والإعجاب بالنفس، والتكبر على الخلق، واحتقارهم وازدرائهم، وأي عيب أشد من هذا؟!!
وهذه طبيعة الإنسان من حيث هو، إلا من وفقه الله وأخرجه من هذا الخلق الذميم إلى ضده، وهم الذين صبروا أنفسهم عند الضراء فلم ييأسوا، وعند السراء فلم يبطروا، وعملوا الصالحات من واجبات ومستحبات.
(أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لذنوبهم، يزول بها عنهم كل محذور. (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) وهو: الفوز بجنات النعيم، التي فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين.

فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (12) .

يقول تعالى - مسليا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، عن تكذيب المكذبين-: (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ كَنز) أي: لا ينبغي هذا لمثلك، أن قولهم يؤثر فيك، ويصدك عما أنت عليه، فتترك بعض ما يوحى إليك، ويضيق صدرك لتعنتهم بقولهم: (لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ كَنز أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) فإن هذا القول ناشئ من تعنت، وظلم، وعناد، وضلال، وجهل بمواقع الحجج والأدلة، فامض على أمرك، ولا تصدك هذه الأقوال الركيكة التي لا تصدر إلا من سفيه ولا يضق لذلك صدرك.
فهل أوردوا عليك حجة لا تستطيع حلها؟ أم قدحوا ببعض ما جئت به قدحا، يؤثر فيه وينقص قدره، فيضيق صدرك لذلك؟!

أم عليك حسابهم، ومطالب بهدايتهم جبرا؟ (إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) فهو الوكيل عليهم، يحفظ أعمالهم، ويجازيهم بها أتم الجزاء.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25-11-2019, 04:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,056
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (224)
تفسير السعدى
سورة هود
من الأية(20) الى الأية(29)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة هود عليه الصلاة
والسلام [وهي] مكية

أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ (22) .

(أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ) أي: ليسوا فائتين الله، لأنهم تحت قبضته وفي سلطانه.
(وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ) فيدفعون عنهم المكروه، أو يحصلون لهم ما ينفعهم، بل تقطعت بهم الأسباب.
(يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ) أي: يغلظ ويزداد، لأنهم ضلوا بأنفسهم وأضلوا غيرهم.
(مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) أي: من بغضهم للحق ونفورهم عنه، ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا آيات الله سماعا ينتفعون به ( فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ) (وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ) أي ينظرون نظر < 1-380 > عبرة وتفكر فيما ينفعهم وإنما هم كالصم البكم الذين لا يعقلون
(أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) حيث فوتوها أعظم الثواب واستحقوا أشد العذاب (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) أي اضمحل دينهم الذي يدعون إليه ويحسنونه ولم تغن عنهم آلهتهم التي يعبدون من دون الله لما جاء أمر ربك
(لا جَرَمَ) أي حقا وصدقا (أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ) حصر الخسار فيهم بل جعل لهم منه أشده لشدة حسرتهم وحرمانهم وما يعانون من المشقة والعذاب نستجير بالله من حالهم
ولما ذكر حال الأشقياء ذكر أوصاف السعداء وما لهم عند الله من الثواب فقال
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا أَفَلا تَذَكَّرُونَ .

يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بقلوبهم، أي: صدقوا واعترفوا, لما أمر الله بالإيمان به، من أصول الدين وقواعده.
(وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) المشتملة على أعمال القلوب والجوارح، وأقوال اللسان. (وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ) أي: خضعوا له، واستكانوا لعظمته، وذلوا لسلطانه، وأنابوا إليه بمحبته، وخوفه، ورجائه، والتضرع إليه.
(أُولَئِكَ) الذين جمعوا تلك الصفات (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) لأنهم لم يتركوا من الخير مطلبا، إلا أدركوه، ولا خيرا، إلا سبقوا إليه.
(مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ) أي: فريق الأشقياء، وفريق السعداء. (كَالأعْمَى وَالأصَمِّ) هؤلاء الأشقياء، (وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ) مثل السعداء.
(هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا) لا يستوون مثلا بل بينهما من الفرق ما لا يأتي عليه الوصف، (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) الأعمال، التي تنفعكم، فتفعلونها، والأعمال التي تضركم، فتتركونها.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25 - 49) إلى آخر القصة .
أي: ولقد أرسلنا رسولنا نوحا أول المرسلين إلى قومه يدعوهم إلى الله وينهاهم عن الشرك فقال لهم: (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي: بينت لكم ما أنذرتكم به، بيانا زال به الإشكال.
(أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ ) أي: أخلصوا العبادة لله وحده، واتركوا كل ما يعبد من دون الله. ( إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ) إن لم تقوموا بتوحيد الله وتطيعوني.
فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ (27) أي: الأشراف والرؤساء، رادين لدعوة نوح عليه السلام، كما جرت العادة لأمثالهم، أنهم أول من رد دعوة المرسلين.

(مَا نَرَاكَ إِلا بَشَرًا مِثْلَنَا ) وهذا مانع بزعمهم عن اتباعه، مع أنه في نفس الأمر هو الصواب، الذي لا ينبغي غيره، لأن البشر يتمكن البشر، أن يتلقوا عنه، ويراجعوه في كل أمر، بخلاف الملائكة.
(وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا ) أي: ما نرى اتبعك منا إلا الأراذل والسفلة، بزعمهم.
وهم في الحقيقة الأشراف، وأهل العقول، الذين انقادوا للحق ولم يكونوا كالأراذل، الذين يقال لهم الملأ الذين اتبعوا كل شيطان مريد، واتخذوا آلهة من الحجر والشجر، يتقربون إليها ويسجدون لها، فهل ترى أرذل من هؤلاء وأخس؟.
وقولهم: ( بَادِيَ الرَّأْيِ ) أي: إنما اتبعوك من غير تفكر وروية، بل بمجرد ما دعوتهم اتبعوك، يعنون بذلك، أنهم ليسوا على بصيرة من أمرهم، ولم يعلموا أن الحق المبين تدعو إليه بداهة العقول، وبمجرد ما يصل إلى أولي الألباب، يعرفونه ويتحققونه، لا كالأمور الخفية، التي تحتاج إلى تأمل، وفكر طويل.
(وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ ) أي: لستم أفضل منا فننقاد لكم، ( بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ) وكذبوا في قولهم هذا، فإنهم رأوا من الآيات التي جعلها الله مؤيدة لنوح، ما يوجب لهم الجزم التام على صدقه.
ولهذا ( قَالَ ) لهم نوح مجاوبا ( يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ) أي: على يقين وجزم، يعني، وهو الرسول الكامل القدوة، الذي ينقاد له أولو الألباب، ويضمحل في جنب عقله، عقول الفحول من الرجال, وهو الصادق حقا، فإذا قال: إني على بينة من ربي، فحسبك بهذا القول، شهادة له وتصديقا.
وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ أي: أوحى إلي وأرسلني، ومنَّ علي بالهداية، فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أي: خفيت عليكم، وبها تثاقلتم.
أَنُلْزِمُكُمُو هَا أي: أنكرهكم على ما تحققناه، وشككتم أنتم فيه؟ وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ حتى حرصتم على رد ما جئت به، ليس ذلك ضارنا، وليس بقادح من يقيننا فيه، ولا قولكم < 1-381 > وافتراؤكم علينا، صادا لنا عما كنا عليه.

وإنما غايته أن يكون صادا لكم أنتم، وموجبا لعدم انقيادكم للحق الذي تزعمون أنه باطل، فإذا وصلت الحال إلى هذه الغاية، فلا نقدر على إكراهكم، على ما أمر الله، ولا إلزامكم، ما نفرتم عنه، ولهذا قال: أَنُلْزِمُكُمُو هَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25-11-2019, 04:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,056
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (225)
تفسير السعدى
سورة هود
من الأية(29) الى الأية(37)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة هود عليه الصلاة
والسلام [وهي] مكية

وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أي: على دعوتي إياكم مَالا فستستثقلون المغرم.
(إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ ) وكأنهم طلبوا منه طرد المؤمنين الضعفاء، فقال لهم: ( وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ) أي: ما ينبغي لي، ولا يليق بي ذلك، بل أتلقاهم بالرحب والإكرام، والإعزاز والإعظام ( إِنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ ) فمثيبهم على إيمانهم وتقواهم بجنات النعيم.
(وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ) حيث تأمرونني، بطرد أولياء الله, وإبعادهم عني. وحيث رددتم الحق، لأنهم أتباعه، وحيث استدللتم على بطلان الحق بقولكم إني بشر مثلكم وإنه ليس لنا عليكم من فضل.
(وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ ) أي: من يمنعني من عذابه، فإن طردهم موجب للعذاب والنكال، الذي لا يمنعه من دون الله مانع.
(أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) ما هو الأنفع لكم والأصلح، وتدبرون الأمور.
(وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ ) أي: غايتي أني رسول الله إليكم، أبشركم، وأنذركم، وأما ما عدا ذلك، فليس بيدي من الأمر شيء، فليست خزائن الله عندي، أدبرها أنا، وأعطي من أشاء، وأحرم من أشاء، ( وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ) فأخبركم بسرائركم وبواطنكم ( وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ ) والمعنى: أني لا أدعي رتبة فوق رتبتي، ولا منزلة سوى المنزلة، التي أنزلني الله بها، ولا أحكم على الناس، بظني.
(وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ) أي: ضعفاء المؤمنين، الذين يحتقرهم الملأ الذين كفروا ( لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ ) فإن كانوا صادقين في إيمانهم، فلهم الخير الكثير، وإن كانوا غير ذلك، فحسابهم على الله.
(إِنِّي إِذًا ) أي: إن قلت لكم شيئا مما تقدم ( لَمِنَ الظَّالِمِينَ ) وهذا تأييس منه، عليه الصلاة والسلام لقومه، أن ينبذ فقراء المؤمنين, أو يمقتهم، وتقنيع لقومه، بالطرق المقنعة للمنصف.
فلما رأوه، لا ينكف عما كان عليه من دعوتهم، ولم يدركوا منه مطلوبهم ( قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ) من العذاب ( إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) فما أجهلهم وأضلهم، حيث قالوا هذه المقالة، لنبيهم الناصح.
فهلا قالوا إن كانوا صادقين: يا نوح قد نصحتنا، وأشفقت علينا, ودعوتنا إلى أمر، لم يتبين لنا، فنريد منك أن تبينه لنا لننقاد لك، وإلا فأنت مشكور في نصحك. لكان هذا الجواب المنصف، الذي قد دعي إلى أمر خفي عليه، ولكنهم في قولهم، كاذبون، وعلى نبيهم متجرئون. ولم يردوا ما قاله بأدنى شبهة، فضلا عن أن يردوه بحجة.
ولهذا عدلوا - من جهلهم وظلمهم - إلى الاستعجال بالعذاب، وتعجيز الله، ولهذا أجابهم نوح عليه السلام بقوله: ( إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ ) أي: إن اقتضت مشيئته وحكمته، أن ينزله بكم، فعل ذلك. ( وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ) لله، وأنا ليس بيدي من الأمر شيء.
(وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ) أي: إن إرادة الله غالبة، فإنه إذا أراد أن يغويكم، لردكم الحق، فلو حرصت غاية مجهودي، ونصحت لكم أتم النصح - وهو قد فعل عليه السلام - فليس ذلك بنافع لكم شيئا، ( هُوَ رَبُّكُمْ ) يفعل بكم ما يشاء، ويحكم فيكم بما يريد ( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) فيجازيكم بأعمالكم.
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ) هذا الضمير محتمل أن يعود إلى نوح، كما كان السياق في قصته مع قومه، وأن المعنى: أن قومه يقولون: افترى على الله كذبا، وكذب بالوحي الذي يزعم أنه من الله، وأن الله أمره أن يقول: ( قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ ) أي: كل عليه وزره ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .
ويحتمل أن يكون عائدا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتكون هذه الآية معترضة، في أثناء قصة نوح وقومه، لأنها من الأمور التي لا يعلمها إلا الأنبياء، فلما شرع الله في قصها على رسوله، وكانت من جملة الآيات الدالة على صدقه ورسالته، ذكر تكذيب قومه له مع البيان التام فقال: ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ) أي: هذا القرآن اختلقه محمد من تلقاء نفسه، أي: فهذا من أعجب الأقوال وأبطلها، فإنهم يعلمون أنه لم يقرأ ولم يكتب، ولم يرحل عنهم لدراسة على أهل الكتاب، فجاء بهذا الكتاب الذي تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله.
فإذا زعموا - مع هذا - أنه افتراه، علم أنهم معاندون، ولم يبق فائدة في حجاجهم، بل اللائق في هذه الحال، الإعراض عنهم، ولهذا قال: قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي أي: ذنبي < 1-382 > وكذبي، وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ أي: فلم تستلجون في تكذيبي.
وقوله: وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ أي: قد قسوا، فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ أي: فلا تحزن، ولا تبال بهم, وبأفعالهم، فإن الله قد مقتهم، وأحق عليهم عذابه الذي لا يرد.
وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا أي: بحفظنا، ومرأى منا, وعلى مرضاتنا، وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا أي: لا تراجعني في إهلاكهم، إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ أي: قد حق عليهم القول، ونفذ فيهم القدر.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25-11-2019, 04:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,056
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (226)
تفسير السعدى
سورة هود
من الأية(38) الى الأية(45)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة هود عليه الصلاة
والسلام [وهي] مكية


فامتثل أمر ربه، وجعل يصنع الفلك وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ ورأوا ما يصنع سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا الآن فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ نحن أم أنتم. وقد علموا ذلك، حين حل بهم العقاب.

(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا ) أي قدرنا بوقت نزول العذاب بهم ( وَفَارَ التَّنُّورُ ) أي: أنزل الله السماء بالماء بالمنهمر، وفجر الأرض كلها عيونا حتى التنانير التي هي محل النار في العادة، وأبعد ما يكون عن الماء، تفجرت فالتقى الماء على أمر، قد قدر.
(قُلْنَا ) لنوح: ( احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ) أي: من كل صنف من أصناف المخلوقات، ذكر وأنثى، لتبقى مادة سائر الأجناس وأما بقية الأصناف الزائدة عن الزوجين، فلأن السفينة لا تطيق حملها ( وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ) ممن كان كافرا، كابنه الذي غرق.
(وَمَنْ آمَنَ ) ( و ) الحال أنه ( مَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ ) .
(وَقَالَ ) نوح لمن أمره الله أن يحملهم: ( ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ) أي: تجري على اسم الله، وترسو على اسم الله، وتجري بتسخيره وأمره.
(إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) حيث غفر لنا ورحمنا، ونجانا من القوم الظالمين.
ثم وصف جريانها كأنا نشاهدها فقال: ( وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ ) أي: بنوح، ومن ركب معه ( فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ) والله حافظها وحافظ أهلها ( وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ ) لما ركب، ليركب معه ( وَكَانَ ) ابنه ( فِي مَعْزِلٍ ) عنهم، حين ركبوا، أي: مبتعدا وأراد منه، أن يقرب ليركب، فقال له: ( يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ) فيصيبك ما يصيبهم.
فـ ( قَالَ ) ابنه، مكذبا لأبيه أنه لا ينجو إلا من ركب معه السفينة.
(سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ) أي: سأرتقي جبلا أمتنع به من الماء، فـ ( قَالَ ) نوح: ( لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ ) فلا يعصم أحدا، جبل ولا غيره، ولو تسبب بغاية ما يمكنه من الأسباب، لما نجا إن لم ينجه الله. ( وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ ) الابن ( مِنَ الْمُغْرَقِينَ ) .
فلما أغرقهم الله ونجى نوحا ومن معه ( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ ) الذي خرج منك، والذي نزل إليك، أي: ابلعي الماء الذي على وجهك ( وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي ) فامتثلتا لأمر الله، فابتلعت الأرض ماءها, وأقلعت السماء، فنضب الماء من الأرض، ( وَقُضِيَ الأَمْرُ ) بهلاك المكذبين ونجاة المؤمنين.
وَاسْتَوَتْ السفينة عَلَى الْجُودِيِّ أي: أرست على ذلك الجبل المعروف في أرض الموصل.

وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي: أتبعوا بعد هلاكهم لعنة وبعدا, وسحقا لا يزال معهم.
وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ أي: وقد قلت لي: فـ احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ ولن تخلف ما وعدتني به.
لعله عليه الصلاة والسلام، حملته الشفقة، وأن الله وعده بنجاة أهله، ظن أن الوعد لعمومهم، من آمن، ومن لم يؤمن، فلذلك دعا ربه بذلك الدعاء، ومع هذا، ففوض الأمر لحكمة الله البالغة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25-11-2019, 04:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,056
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (227)
تفسير السعدى
سورة هود
من الأية(46) الى الأية(53)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة هود عليه الصلاة
والسلام [وهي] مكية


فـ قَالَ الله له: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الذين وعدتك بإنجائهم إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ أي: هذا الدعاء الذي دعوت به، لنجاة كافر, لا يؤمن بالله ولا رسوله.
فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ أي: ما لا تعلم عاقبته، ومآله، وهل يكون خيرا، أو غير خير.
إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ أي: أني أعظك وعظا تكون به من الكاملين، وتنجو به من صفات الجاهلين.
فحينئذ ندم نوح، عليه السلام، ندامة شديدة، على ما صدر منه, و قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ .
< 1-383 >
فبالمغفرة والرحمة ينجو العبد من أن يكون من الخاسرين، ودل هذا على أن نوحا، عليه السلام، لم يكن عنده علم، بأن سؤاله لربه، في نجاة ابنه محرم، داخل في قوله ( وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ) بل تعارض عنده الأمران، وظن دخوله في قوله: (وَأَهْلَكَ).

وبعد ذلك تبين له أنه داخل في المنهي عن الدعاء لهم، والمراجعة فيهم.
(قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ ) من الآدميين وغيرهم من الأزواج التي حملها معه، فبارك الله في الجميع، حتى ملأوا أقطار الأرض ونواحيها.

(وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ) في الدنيا ( ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أي: هذا الإنجاء، ليس بمانع لنا من أن من كفر بعد ذلك، أحللنا به العقاب، وإن متعوا قليلا فسيؤخذون بعد ذلك.

قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعد ما قص عليه هذه القصة المبسوطة، التي لا يعلمها إلا من منَّ عليه برسالته.
(تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا ) فيقولوا: إنه كان يعلمها.

فاحمد الله، واشكره، واصبر على ما أنت عليه، من الدين القويم، والصراط المستقيم، والدعوة إلى الله ( إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) الذين يتقون الشرك وسائر المعاصي، فستكون لك العاقبة على قومك، كما كانت لنوح على قومه.

(وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا (50 - 60 ) ) .

إلى آخر القصة أي: ( وَ ) أرسلنا ( إِلَى عَادٍ ) وهم القبيلة المعروفة في الأحقاف, من أرض اليمن، ( أَخَاهُمْ ) في النسب ( هُودًا ) ليتمكنوا من الأخذ عنه والعلم بصدقه.

فـ ( قَالَ ) لهم ( يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلا مُفْتَرُونَ ) أي: أمرهم بعبادة الله وحده، ونهاهم عما هم عليه، من عبادة غير الله، وأخبرهم أنهم قد افتروا على الله الكذب في عبادتهم لغيره, وتجويزهم لذلك، ووضح لهم وجوب عبادة الله، وفساد عبادة ما سواه.

ثم ذكر عدم المانع لهم من الانقياد فقال ( يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ) أي: غرامة من أموالكم، على ما دعوتكم إليه، فتقولوا: هذا يريد أن يأخذ أموالنا، وإنما أدعوكم وأعلمكم مجانا.

(إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ ) ما أدعوكم إليه، وأنه موجب لقبوله، منتف المانع عن رده.

(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ) عما مضى منكم ( ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ) فيما تستقبلونه، بالتوبة النصوح، والإنابة إلى الله تعالى.
فإنكم إذا فعلتم ذلك ( يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ) بكثرة الأمطار التي تخصب بها الأرض، ويكثر خيرها.
(وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ) فإنهم كانوا من أقوى الناس، ولهذا قالوا: ( مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ) ؟ ، فوعدهم أنهم إن آمنوا، زادهم قوة إلى قوتهم.
(وَلا تَتَوَلَّوْا ) عنه، أي: عن ربكم ( مُجْرِمِينَ ) أي: مستكبرين عن عبادته، متجرئين على محارمه.
فـ ( قَالُوا ) رادين لقوله: ( يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ ) إن كان قصدهم بالبينة البينة التي يقترحونها، فهذه غير لازمة للحق، بل اللازم أن يأتي النبي بآية تدل على صحة ما جاء به، وإن كان قصدهم أنه لم يأتهم ببينة، تشهد لما قاله بالصحة، فقد كذبوا في ذلك، فإنه ما جاء نبي لقومه، إلا وبعث الله على يديه، من الآيات ما يؤمن على مثله البشر.
ولو لم يكن له آية، إلا دعوته إياهم لإخلاص الدين لله، وحده لا شريك له، والأمر بكل عمل صالح، وخلق جميل، والنهي عن كل خلق ذميم من الشرك بالله، والفواحش، والظلم، وأنواع المنكرات، مع ما هو مشتمل عليه هود، عليه السلام، من الصفات، التي لا تكون إلا لخيار الخلق وأصدقهم، لكفى بها آيات وأدلة، على صدقه.
بل أهل العقول، وأولو الألباب، يرون أن هذه الآية، أكبر من مجرد الخوارق، التي يراها بعض الناس، هي المعجزات فقط. ومن آياته، وبيناته الدالة على صدقه، أنه شخص واحد، ليس له أنصار ولا أعوان، وهو يصرخ في قومه، ويناديهم، ويعجزهم، ويقول لهم: ( إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ )
(إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ ) وهم الأعداء الذين لهم السطوة والغلبة، ويريدون إطفاء ما معه من النور، بأي طريق كان، وهو غير مكترث منهم، ولا مبال بهم، وهم عاجزون لا يقدرون أن ينالوه بشيء من السوء، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون.

وقولهم: وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ < 1-384 > أي: لا نترك عبادة آلهتنا لمجرد قولك، الذي ما أقمت عليه بينة بزعمهم، وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ وهذا تأييس منهم لنبيهم، هود عليه السلام, في إيمانهم، وأنهم لا يزالون في كفرهم يعمهون.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25-11-2019, 04:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,056
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (228)
تفسير السعدى
سورة هود
من الأية(54) الى الأية(62)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة هود عليه الصلاة
والسلام [وهي] مكية


إِنْ نَقُولُ فيك إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ أي: أصابتك بخبال وجنون، فصرت تهذي بما لا يعقل. فسبحان من طبع على قلوب الظالمين، كيف جعلوا أصدق الخلق الذي جاء بأحق الحق، بهذه المرتبة، التي يستحي العاقل من حكايتها عنهم لولا أن الله حكاها عنهم.

ولهذا بين هود، عليه الصلاة والسلام، أنه واثق غاية الوثوق، أنه لا يصيبه منهم، ولا من آلهتهم أذى، فقال: ( إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ) أي اطلبوا لي الضرر كلكم بكل طريق تتمكنون بها مني ( ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ ) أي لا تمهلوني
(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ ) أي اعتمدت في أمري كله على الله ( رَبِّي وَرَبِّكُمْ ) أي هو خالق الجميع ومدبرنا وإياكم وهو الذي ربانا
(مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ) فلا تتحرك ولا تسكن إلا بإذنه فلو اجتمعتم جميعا على الإيقاع بي والله لم يسلطكم علي لم تقدروا على ذلك فإن سلطكم فلحكمة أرادها
فـ ( إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) أي على عدل وقسط وحكمة وحمد في قضائه وقدره في شرعه وأمره وفي جزائه وثوابه وعقابه لا تخرج أفعاله عن الصراط المستقيم التي يحمد ويثنى عليه بها
(فَإِنْ تَوَلَّوْا ) عما دعوتكم إليه ( فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ) فلم يبق عليَّ تبعة من شأنكم
(وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ ) يقومون بعبادته ولا يشركون به شيئا ( وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا ) فإن ضرركم إنما يعود عليكم فالله لا تضره معصية العاصين ولا تنفعه طاعة المطيعين ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ) ( إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ )
(وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا ) أي عذابنا بإرسال الريح العقيم التي ( مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ )
(نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُم ْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ) أي عظيم شديد أحله الله بعاد فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم
(وَتِلْكَ عَادٌ ) الذين أوقع الله بهم ما أوقع بظلم منهم لأنهم ( جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ ) ولهذا قالوا لهود ( مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ ) فتبين بهذا أنهم متيقنون لدعوته وإنما عاندوا وجحدوا ( وَعَصَوْا رُسُلَهُ ) لأن من عصى رسولا فقد عصى جميع المرسلين لأن دعوتهم واحدة
(وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ ) أي متسلط على عباد الله بالجبروت ( عَنِيدٍ ) أي معاند لآيات الله فعصوا كل ناصح ومشفق عليهم واتبعوا كل غاش لهم يريد إهلاكهم لا جرم أهلكهم الله
(وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ) فكل وقت وجيل إلا ولأنبائهم القبيحة وأخبارهم الشنيعة ذكر يذكرون به وذم يلحقهم ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ) لهم أيضا لعنة ( أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ ) أي جحدوا من خلقهم ورزقهم ورباهم ( أَلا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ) أي أبعدهم الله عن كل خير وقربهم من كل شر
(وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا (61 - 68) ) إلى آخر قصتهم .
، أي: ( و ) أرسلنا ( إِلَى ثَمُودَ ) وهم: عاد الثانية، المعروفون، الذين يسكنون الحجر، ووادي القرى، ( أَخَاهُمْ ) في النسب ( صَالِحًا ) عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، فـ ( قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ) أي: وحدوه، وأخلصوا له الدين ( مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) لا من أهل السماء، ولا من أهل الأرض.
(هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ ) أي: خلقكم فيها ( وَاسْتَعْمَرَكُ مْ فِيهَا ) أي: استخلفكم فيها، وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة، ومكنكم في الأرض، تبنون، وتغرسون، وتزرعون، وتحرثون ما شئتم، وتنتفعون بمنافعها، وتستغلون مصالحها، فكما أنه لا شريك له في جميع ذلك، فلا تشركوا به في عبادته.
(فَاسْتَغْفِرُوï؟½ ï؟½ُ ) مما صدر منكم، من الكفر، والشرك، والمعاصي, وأقلعوا عنها، ( ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ) أي: ارجعوا إليه بالتوبة النصوح، والإنابة، إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ أي: قريب ممن دعاه دعاء مسألة، أو دعاء عبادة، يجيبه بإعطائه سؤله، وقبول عبادته، وإثابته عليها، أجل الثواب، واعلم أن قربه تعالى نوعان: عام، وخاص، فالقرب العام: قربه بعلمه، من جميع الخلق، وهو المذكور في قوله تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ < 1-385 > والقرب الخاص: قربه من عابديه، وسائليه، ومحبيه، وهو المذكور في قوله تعالى وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ .
وفي هذه الآية، وفي قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ وهذا النوع، قرب يقتضي إلطافه تعالى، وإجابته لدعواتهم، وتحقيقه لمراداتهم، ولهذا يقرن، باسمه "القريب" اسمه "المجيب"
فلما أمرهم نبيهم صالح عليه السلام، ورغبهم في الإخلاص لله وحده, ردوا عليه دعوته، وقابلوه أشنع المقابلة.
قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أي: قد كنا نرجوك ونؤمل فيك العقل والنفع، وهذا شهادة منهم، لنبيهم صالح، أنه ما زال معروفا بمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، وأنه من خيار قومه.
ولكنه، لما جاءهم بهذا الأمر، الذي لا يوافق أهواءهم الفاسدة, قالوا هذه المقالة، التي مضمونها، أنك [قد] كنت كاملا والآن أخلفت ظننا فيك، وصرت بحالة لا يرجى منك خير.
وذنبه، ما قالوه عنه، وهو قولهم: أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وبزعمهم أن هذا من أعظم القدح في صالح، كيف قدح في عقولهم، وعقول آبائهم الضالين، وكيف ينهاهم عن عبادة، من لا ينفع ولا يضر، ولا يغني شيئا من الأحجار، والأشجار ونحوها.

وأمرهم بإخلاص الدين لله ربهم، الذي لم تزل نعمه عليهم تترى, وإحسانه عليهم دائما ينزل، الذي ما بهم من نعمة، إلا منه، ولا يدفع عنهم السيئات إلا هو.
وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ أي: ما زلنا شاكين فيما دعوتنا إليه، شكا مؤثرا في قلوبنا الريب، وبزعمهم أنهم لو علموا صحة ما دعاهم إليه، لاتبعوه، وهم كذبة في ذلك، ولهذا بين كذبهم في قوله:
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28-11-2019, 04:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,056
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (230)
تفسير السعدى
سورة هود
من الأية(72) الى الأية(81)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة هود عليه الصلاة
والسلام [وهي] مكية

و قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا فهذان مانعان من وجود الولد إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ

(قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) فإن أمره لا عجب فيه، لنفوذ مشيئته التامة في كل شيء، فلا يستغرب على قدرته شيء، وخصوصا فيما يدبره ويمضيه، لأهل هذا البيت المبارك.

(رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ) أي: لا تزال رحمته وإحسانه وبركاته، وهي: الزيادة من خيره وإحسانه، وحلول الخير الإلهي على العبد ( عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) أي: حميد الصفات، لأن صفاته صفات كمال، حميد الأفعال لأن أفعاله إحسان، وجود، وبر، وحكمة، وعدل، وقسط.
مجيد، والمجد: هو عظمة الصفات وسعتها، فله صفات الكمال، وله من كل صفة كمال أكملها وأتمها وأعمها.
(فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ ) الذي أصابه من خيفة أضيافه ( وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى ) بالولد، التفت حينئذ، إلى مجادلة الرسل في إهلاك قوم لوط، وقال لهم: ( إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّه ُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ )
(إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ ) أي: ذو خلق حسن وسعة صدر، وعدم غضب، عند جهل الجاهلين.
(أَوَّاهٌ ) أي: متضرع إلى الله في جميع الأوقات، ( مُنِيبٌ ) أي: رجَّاع إلى الله بمعرفته ومحبته، والإقبال عليه, والإعراض عمن سواه، فلذلك كان يجادل عمن حتَّم الله بهلاكهم.
فقيل له: ( يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ) الجدال ( إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ) بهلاكهم ( وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ) فلا فائدة في جدالك.
(وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا ) أي: الملائكة الذين صدروا من إبراهيم لما أتوا ( لُوطًا سِيءَ بِهِمْ ) أي: شق عليه مجيئهم، ( وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) أي: شديد حرج، لأنه علم أن قومه لا يتركونهم، لأنهم في صور شباب، جرد، مرد, في غاية الكمال والجمال، ولهذا وقع ما خطر بباله.
فـ ( وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ ) أي: يسرعون ويبادرون، يريدون أضيافه بالفاحشة، التي كانوا يعملونها، ولهذا قال: ( وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ) أي: الفاحشة التي ما سبقهم عليها أحد من العالمين.
(قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ) من أضيافي، [ وهذا كما عرض لسليمان صلى الله عليه وسلم، على المرأتين أن يشق الولد المختصم فيه, لاستخراج الحق ولعلمه أن بناته ممتنع منالهن، ولا حق لهم فيهن. والمقصود الأعظم، دفع هذه الفاحشة الكبرى ] .
(فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ) أي: إما أن تراعوا تقوى الله, وإما أن تراعوني في ضيفي، ولا تخزون عندهم.
(أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ) فينهاكم، ويزجركم، وهذا دليل على مروجهم وانحلالهم، من الخير والمروءة.
فـ ( قَالُوا ) له: ( لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ) أي: لا نريد إلا الرجال، ولا لنا رغبة في النساء.
فاشتد قلق لوط عليه الصلاة والسلام، و ( قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ) كقبيلة مانعة، لمنعتكم.
وهذا بحسب الأسباب المحسوسة، وإلا فإنه يأوي إلى أقوى الأركان وهو الله، الذي لا يقوم لقوته أحد، ولهذا لما بلغ الأمر منتهاه واشتد الكرب.
(قَالُوا ) له: ( إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ ) أي: أخبروه بحالهم ليطمئن قلبه، لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بسوء.
ثم قال جبريل بجناحه، فطمس أعينهم، فانطلقوا يتوعدون لوطا بمجيء الصبح، وأمر الملائكة لوطا، أن يسري بأهله بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ أي: بجانب منه قبل الفجر بكثير، ليتمكنوا من البعد عن قريتهم.
وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أي: بادروا بالخروج، وليكن همكم النجاة ولا تلتفتوا إلى ما وراءكم.
إِلا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا من العذاب مَا أَصَابَهُمْ لأنها تشارك قومها في الإثم، فتدلهم على أضياف لوط، إذا نزل به أضياف.
إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ فكأن لوطا، استعجل ذلك، فقيل له: أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28-11-2019, 04:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,056
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (231)
تفسير السعدى
سورة هود
من الأية(82) الى الأية(88)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة هود عليه الصلاة
والسلام [وهي] مكية


فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا بنزول العذاب، وإحلاله فيهم جَعَلْنَا ديارهم عَالِيَهَا سَافِلَهَا أي: قلبناها عليهم وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ أي: من حجارة النار الشديدة الحرارة ( مَنْضُودٍ ) أي. متتابعة، تتبع من شذ عن القرية.
(مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ ) أي: معلمة، عليها علامة العذاب والغضب، ( وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ ) الذين يشابهون لفعل < 1-387 > قوم لوط ( بِبَعِيدٍ ) فليحذر العباد، أن يفعلوا كفعلهم، لئلا يصيبهم ما أصابهم.
(وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا (84 - 95) إلى آخر القصة .
أي: ( و ) أرسلنا ( إِلَى مَدْيَنَ ) القبيلة المعروفة، الذين يسكنون مدين في أدنى فلسطين، ( أَخَاهُمْ ) في النسب ( شُعَيْبًا ) لأنهم يعرفونه، وليتمكنوا من الأخذ عنه.
فـ ( قَالَ ) لهم ( يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) أي: أخلصوا له العبادة، فإنهم كانوا يشركون به، وكانوا - مع شركهم - يبخسون المكيال والميزان، ولهذا نهاهم عن ذلك فقال: ( وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ) بل أوفوا الكيل والميزان بالقسط.
(إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ ) أي: بنعمة كثيرة، وصحة، وكثرة أموال وبنين, فاشكروا الله على ما أعطاكم، ولا تكفروا بنعمة الله، فيزيلها عنكم.
(وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ) أي: عذابا يحيط بكم, ولا يبقي منكم باقية.
(وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ) أي: بالعدل الذي ترضون أن تعطوه، ( وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ) أي: لا تنقصوا من أشياء الناس، فتسرقوها بأخذها، بنقص المكيال والميزان.
(وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) فإن الاستمرار على المعاصي، يفسد الأديان، والعقائد، والدين، والدنيا، ويهلك الحرث والنسل.
(بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ ) أي: يكفيكم ما أبقى الله لكم من الخير، وما هو لكم، فلا تطمعوا في أمر لكم عنه غنية، وهو ضار لكم جدا.
(إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) فاعملوا بمقتضى الإيمان، ( وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ) أي: لست بحافظ لأعمالكم، ووكيل عليها، وإنما الذي يحفظها الله تعالى، وأما أنا، فأبلغكم ما أرسلت به.
(قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ) أي: قالوا ذلك على وجه التهكم بنبيهم، والاستبعاد لإجابتهم له.
ومعنى كلامهم: أنه لا موجب لنهيك لنا، إلا أنك تصلي لله, وتتعبد له، أفإن كنت كذلك، أفيوجب لنا أن نترك ما يعبد آباؤنا، لقول ليس عليه دليل إلا أنه موافق لك، فكيف نتبعك، ونترك آباءنا الأقدمين أولي العقول والألباب؟!
وكذلك لا يوجب قولك لنا: ( أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا ) ما قلت لنا، من وفاء الكيل، والميزان، وأداء الحقوق الواجبة فيها، بل لا نزال نفعل فيها ما شئنا، لأنها أموالنا، فليس لك فيها تصرف.
ولهذا قالوا في تهكمهم: ( إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ) أي: أئنك أنت الذي، الحلم والوقار، لك خلق، والرشد لك سجية، فلا يصدر عنك إلا رشد، ولا تأمر إلا برشد، ولا تنهى إلا عن غي، أي: ليس الأمر كذلك.
وقصدهم أنه موصوف بعكس هذين الوصفين: بالسفه والغواية، أي: أن المعنى: كيف تكون أنت الحليم الرشيد، وآباؤنا هم السفهاء الغاوون؟!!
وهذا القول الذي أخرجوه بصيغة التهكم، وأن الأمر بعكسه, ليس كما ظنوه، بل الأمر كما قالوه. إن صلاته تأمره أن ينهاهم، عما كان يعبد آباؤهم الضالون، وأن يفعلوا في أموالهم ما يشاءون، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأي فحشاء ومنكر، أكبر من عبادة غير الله، ومن منع حقوق عباد الله، أو سرقتها بالمكاييل والموازين، وهو عليه الصلاة والسلام الحليم الرشيد.
(قَالَ ) لهم شعيب: ( يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ) أي: يقين وطمأنينة، في صحة ما جئت به، ( وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ) أي: أعطاني الله من أصناف المال ما أعطاني.
( وَ ) أنا لا ( أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ )فلست أريد أن أنهاكم عن البخس، في المكيال، والميزان، وأفعله أنا، وحتى تتطرق إليَّ التهمة في ذلك بل ما أنهاكم عن أمر إلا وأنا أول مبتدر لتركه.
(إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ) أي: ليس لي من المقاصد إلا أن تصلح أحوالكم، وتستقيم منافعكم، وليس لي من المقاصد الخاصة لي وحدي، شيء بحسب استطاعتي.
ولما كان هذا فيه نوع تزكية للنفس، دفع هذا بقوله: وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ أي: وما يحصل لي من التوفيق لفعل الخير، والانفكاك عن الشر إلا بالله تعالى، لا بحولي ولا بقوتي.
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ أي: اعتمدت في أموري، ووثقت في كفايته، وَإِلَيْهِ أُنِيبُ في أداء ما أمرني به من أنواع العبادات، وفي [هذا] التقرب إليه بسائر أفعال الخيرات.

وبهذين الأمرين تستقيم أحوال العبد، وهما الاستعانة بربه، والإنابة إليه، كما قال تعالى: فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وقال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 03-12-2019, 04:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,056
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (236)
تفسير السعدى
سورة يوسف
من الأية(5) الى الأية(14)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة يوسف بن يعقوب عليهما الصلاة والسلام
وهي مكية




قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6) .

( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ) أي: يصطفيك ويختارك بما يمنُّ به عليك من الأوصاف الجليلة والمناقب الجميلة،. ( وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ ) أي: من تعبير الرؤيا، وبيان ما تئول إليه الأحاديث الصادقة، كالكتب السماوية ونحوها، ( وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ) في الدنيا والآخرة، بأن يؤتيك في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، ( كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ) حيث أنعم الله عليهما، بنعم عظيمة واسعة، دينية، ودنيوية.
( إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) أي: علمه محيط بالأشياء، وبما احتوت عليه ضمائر العباد من البر وغيره، فيعطي كلا ما تقتضيه حكمته وحمده، فإنه حكيم يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها.
ولما بان تعبيرها ليوسف، قال له أبوه: ( يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى < 1-394 > إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ) أي: حسدا من عند أنفسهم، أن تكون أنت الرئيس الشريف عليهم.

( إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) لا يفتر عنه ليلا ولا نهارا، ولا سرا ولا جهارا، فالبعد عن الأسباب التي يتسلط بها على العبد أولى، فامتثل يوسف أمر أبيه، ولم يخبر إخوته بذلك، بل كتمها عنهم.

لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) .

يقول تعالى: ( لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ ) أي: عبر وأدلة على كثير من المطالب الحسنة، ( لِلسَّائِلِينَ ) أي: لكل من سأل عنها بلسان الحال أو بلسان المقال، فإن السائلين هم الذين ينتفعون بالآيات والعبر، وأما المعرضون فلا ينتفعون بالآيات، ولا في القصص والبينات.
( إِذْ قَالُوا ) فيما بينهم: ( لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ ) بنيامين، أي: شقيقه، وإلا فكلهم إخوة. ( أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ) أي: جماعة، فكيف يفضلهما علينا بالمحبة والشفقة، ( إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) أي: لفي خطأ بيِّن، حيث فضلهما علينا من غير موجب نراه، ولا أمر نشاهده.
( اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا ) أي: غيبوه عن أبيه في أرض بعيدة لا يتمكن من رؤيته فيها.
فإنكم إذا فعلتم أحد هذين الأمرين ( يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ) أي: يتفرغ لكم، ويقبل عليكم بالشفقة والمحبة، فإنه قد اشتغل قلبه بيوسف شغلا لا يتفرغ لكم، ( وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ ) أي: من بعد هذا الصنيع ( قَوْمًا صَالِحِينَ ) أي: تتوبون إلى الله، وتستغفرون من بعد ذنبكم.
فقدموا العزم على التوبة قبل صدور الذنب منهم تسهيلا لفعله، وإزالة لشناعته، وتنشيطا من بعضهم لبعض.

قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10) .

أي: ( قَالَ قَائِلٌ ) من إخوة يوسف الذين أرادوا قتله أو تبعيده: ( لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ ) فإن قتله أعظم إثما وأشنع، والمقصود يحصل بتبعيده عن أبيه من غير قتل، ولكن توصلوا إلى تبعيده بأن تلقوه ( فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ) وتتوعدوه على أنه لا يخبر بشأنكم، بل على أنه عبد مملوك آبق منكم، لأجل أن ( يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ) الذين يريدون مكانا بعيدا، فيحتفظون فيه.

وهذا القائل أحسنهم رأيا في يوسف، وأبرهم وأتقاهم في هذه القضية، فإن بعض الشر أهون من بعض، والضرر الخفيف يدفع به الضرر الثقيل، .فلما اتفقوا على هذا الرأي.

قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14) .

أي: قال إخوة يوسف، متوصلين إلى مقصدهم لأبيهم: ( يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ) أي: لأي شيء يدخلك الخوف منا على يوسف، من غير سبب ولا موجب؟ ( وَ ) الحال ( إِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ) أي: مشفقون عليه، نود له ما نود لأنفسنا، وهذا يدل على أن يعقوب عليه السلام لا يترك يوسف يذهب مع إخوته للبرية ونحوها.
فلما نفوا عن أنفسهم التهمة المانعة من عدم إرساله معهم، ذكروا له من مصلحة يوسف وأنسه الذي يحبه أبوه له، ما يقتضي أن يسمح بإرساله معهم، فقالوا: ( أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ ) أي: يتنزه في البرية ويستأنس. (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) أي: سنراعيه، ونحفظه من أذى يريده.
فأجابهم بقوله: ( إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ ) أي: مجرد ذهابكم به يحزنني ويشق علي، لأنني لا أقدر على فراقه، ولو مدة يسيرة، فهذا مانع من إرساله ( وَ ) مانع ثان، وهو أني ( أَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ) أي: في حال غفلتكم عنه، لأنه صغير لا يمتنع من الذئب.

( قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ) أي: جماعة، حريصون على حفظه، ( إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ ) أي: لا خير فينا ولا نفع يرجى منا إن أكله الذئب وغلبنا عليه.
فلما مهدوا لأبيهم الأسباب الداعية لإرساله، وعدم الموانع، سمح حينئذ بإرساله معهم لأجل أنسه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 328.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 322.73 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.79%)]