هوية الدماء النازفة د. أكرم حجازي - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4952 - عددالزوار : 2055747 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4527 - عددالزوار : 1323534 )           »          احمى أسرتك وميزانيتك.. دليلك الشامل لشراء أفضل اللحوم الطازجة والمجمدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          4 خطوات تقلل من شيب الشعر وتجعله صحيا وحيويا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          4 وصفات سموزي مناسبة للرجيم.. نكهات لذيذة لحر الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          طريقة عمل الفراخ في المقلاة الهوائية بطعم حكاية.. السر في العسل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          وصفات طبيعية لتفتيح الأندر أرم.. تقشير آمن وترطيب للبشرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          4 أفكار مختلفة لتصميمات مطبخ عصري.. موضة 2025 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          خلصي بيتك من السموم في 5 خطوات.. أهمها تغيير أدوات الطهي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          7 خضراوات تحتوي على فيتامين سي أكثر من البرتقال.. هتنور وشك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > الحدث واخبار المسلمين في العالم
التسجيل التعليمـــات التقويم

الحدث واخبار المسلمين في العالم قسم يعرض آخر الاخبار المحلية والعالمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 19-08-2011, 06:23 AM
الصورة الرمزية المحب للحبيب محمد
المحب للحبيب محمد المحب للحبيب محمد غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
مكان الإقامة: سورية
الجنس :
المشاركات: 384
الدولة : Syria
58 58 رد: قل موتوا بغيظكم!!! د. أكرم حجازي


اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلَائِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ
"
"
الله المستعان

ابو الفوز
__________________

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي

اللّهم ارزُق شبابَ المُسلمينَ عِفَّةَ يوسف عليه السلام
و بَناتَ المسلمينَ طهارةَ مريم عليها السلام
  #12  
قديم 19-08-2011, 07:09 AM
أبو الفوز أبو الفوز غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
مكان الإقامة: المغرب
الجنس :
المشاركات: 427
الدولة : Morocco
افتراضي رد: قل موتوا بغيظكم!!! د. أكرم حجازي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المحب للحبيب محمد مشاهدة المشاركة

اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلَائِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ
"
"
الله المستعان

ابو الفوز
أسعدتني هديتك أخي الحبيب
بارك الله فيك
__________________
أنا ضد أمريكا و لو جعلت لنا *** هذي الحياة كجنة فيحاء


أنا ضد أمريكا و لو أفتى لها *** مفت بجوف الكعبة الغراء


أنا معْ أسامة حيث آل مآله *** ما دام يحمل في الثغور لوائي


أنا معْ أسامة إن أصاب برأيه *** أو شابه خطأ من الأخطاء


أنا معْ أسامة نال نصرا عاجلا *** أو حاز منزلة مع الشهداء

  #13  
قديم 19-08-2011, 08:03 AM
دمدوم القمر دمدوم القمر غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
مكان الإقامة: سوريا
الجنس :
المشاركات: 45
الدولة : Syria
افتراضي رد: قل موتوا بغيظكم!!! د. أكرم حجازي

الله معنا و عليه توكلنا
شكرا أخي أبو الفوز
  #14  
قديم 19-08-2011, 01:46 PM
الصورة الرمزية أسيرة الأقصى
أسيرة الأقصى أسيرة الأقصى غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: فلسطين
الجنس :
المشاركات: 396
الدولة : Palestine
افتراضي رد: قل موتوا بغيظكم!!! د. أكرم حجازي

الله ينصر المجاهدين في كل مكان
اللهم كن مع أهلنا في سوريا
__________________

فاحت أطياف غلاكم على البال فوجدت الدعاء خير تحية ومرسال "اللهم أكتب لهم من خيرك ما يغنهم عن السؤال ومن توفيقك ما يفتح لهم كل مجال ومن حفظك وعنايتك ما يحيط بهم ذات اليمين وذات الشمال"


  #15  
قديم 19-08-2011, 05:06 PM
أبو الفوز أبو الفوز غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
مكان الإقامة: المغرب
الجنس :
المشاركات: 427
الدولة : Morocco
افتراضي رد: قل موتوا بغيظكم!!! د. أكرم حجازي

شكرا للأختين الكريمتين
دمدوم القمر وأسيرة الأقصى
__________________
أنا ضد أمريكا و لو جعلت لنا *** هذي الحياة كجنة فيحاء


أنا ضد أمريكا و لو أفتى لها *** مفت بجوف الكعبة الغراء


أنا معْ أسامة حيث آل مآله *** ما دام يحمل في الثغور لوائي


أنا معْ أسامة إن أصاب برأيه *** أو شابه خطأ من الأخطاء


أنا معْ أسامة نال نصرا عاجلا *** أو حاز منزلة مع الشهداء

  #16  
قديم 19-08-2011, 06:08 PM
الصورة الرمزية أبو سلمان عبد الغني
أبو سلمان عبد الغني أبو سلمان عبد الغني غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
مكان الإقامة: وهران . الجزائر
الجنس :
المشاركات: 1,388
الدولة : Algeria
افتراضي رد: قل موتوا بغيظكم!!! د. أكرم حجازي

ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

الذي أسقط فرعون وقارون من قبل
وأسقط الفرعون الثاني وأشباهه من بعد

قادر على اسقاط الذي لا يستحق اسم الهر ويدعي أنه أسد

لكن يحصل ذلك بالصدق والمداومة

والله خير معين

جزاك الله خيرا أخانا أبو الفوز
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم






  #17  
قديم 19-08-2011, 06:48 PM
أبو الفوز أبو الفوز غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
مكان الإقامة: المغرب
الجنس :
المشاركات: 427
الدولة : Morocco
افتراضي رد: قل موتوا بغيظكم!!! د. أكرم حجازي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو سلمان الجزائري مشاهدة المشاركة
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

الذي أسقط فرعون وقارون من قبل
وأسقط الفرعون الثاني وأشباهه من بعد

قادر على اسقاط الذي لا يستحق اسم الهر ويدعي أنه أسد

لكن يحصل ذلك بالصدق والمداومة

والله خير معين

جزاك الله خيرا أخانا أبو الفوز
بارك الله فيك أخي الكريم
والله لو قيل للحقارة والخسّة والنذالة والشقاوة والغباوة وكل صفات البذاءة : هل ترضين أن نختصر أسماءكن ونسميكن ب ' بشار ' ؟ لولّين مدبرات ولسان حالهن يقول : إلا هذا العار الذي ما بعده عار
أسد علي وفي الحروب نعامة '''' فتخاء تفرّ من صفير الصافر
__________________
أنا ضد أمريكا و لو جعلت لنا *** هذي الحياة كجنة فيحاء


أنا ضد أمريكا و لو أفتى لها *** مفت بجوف الكعبة الغراء


أنا معْ أسامة حيث آل مآله *** ما دام يحمل في الثغور لوائي


أنا معْ أسامة إن أصاب برأيه *** أو شابه خطأ من الأخطاء


أنا معْ أسامة نال نصرا عاجلا *** أو حاز منزلة مع الشهداء

  #18  
قديم 22-08-2011, 05:24 AM
أبو الفوز أبو الفوز غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
مكان الإقامة: المغرب
الجنس :
المشاركات: 427
الدولة : Morocco
افتراضي تأملات في شريط العاصفة الشعبية القاعدة ومدنية الثورات (1) د. أكرم حجازي

تأملات في شريط العاصفة الشعبية



القاعدة ومدنية الثورات

(1)



د. أكرم حجازي


15/6/2011








ثمة من تساءل في البداية: أين القاعدة من هذه الثورات؟ وثمة من رأى بأن القاعدة ليس لها يد فيها، وآخرون تهكموا على القاعدة بالإشارة إلى أن ما فعلته الشعوب كان الرد الصحيح على ما تفعله القاعدة. بعض هؤلاء أخطؤوا القراءة وطرحوا السؤال الخطأ دون روية، وبعضهم الآخر غاب عن المشهد لعشرات السنين ثم أحضرته ثورات لا ناقة له فيها ولا جمل. والواقع أن القاعدة أيدت الثورات، وحرضت عليها حتى قبل أن تندلع. ورغم تجنب الثورات للقاعدة وحتى التنكر لها، خشية الانقضاض عليها، إلا أن القاعدة، من جهتها، تعاملت بذكاء حاد معها، فقد كان بمقدورها انتهاز الفرصة والتدخل ضد النظم، وهي الوحيدة القادرة على ذلك!! لكنها حرصت، كما حرص الثوار، على طابعها المدني.

هكذا فوتت الفرصة على النظم من المساس بحركة الشارع، وجنبت الثورات بطشا ما فتئت النظم تحضِّر له عبر كيل الاتهامات عن علاقة مزعومة للمتظاهرين بـ « القاعدة » ( ليبيا واليمن) أو « السلفيين » ( سوريا) أو « المندسين » ( مصر).


لكن بعض الذين هالهم البطش من قبل النظم العربية في التعامل الدموي مع الثورات الشعبية، تمنوا لو أن الثوار امتشقوا السلاح، إما للدفاع عن أنفسهم وأهليهم وممتلكاتهم وإما لإسقاط النظم بالقوة المسلحة. والبعض الآخر عجب من تمسك الثورات بالتعبير الشهير « سلمية » والدفاع عنه بدمائهم بينما تصر النظم على جرّ الناس إلى الخيار المسلح بكل السبل الممكنة. والمؤكد أن التعبير عن سلمية الثورات الشعبية لم يكن اعتباطيا ولا هو بصادر عن هوى في النفس بقدر ما هو واقع في صميم التكوين النفسي للبشر. بل أن كلمة « سلمية » تجد صداها العميق في العبارة البليغة التي خطها العلامة المسلم ابن خلدون في مقدمة كتابه الشهير « العبر ... » حين قال: « إن الإنسان مدني بالطبع».


عبارة لا تحتاج إلى تأويلات كي نكتشف فيها أن مدنية الثورات تعني أنه ليس من طبيعتها حمل السلاح ولا من اختصاصها ولا من أهدافها. وفي هذا ما يفسر إلى حد كبير رفض الثورات الشعبية أية أطروحات أيديولوجية كي لا تختزل الأهداف المرجو تحقيقها في صورة مكاسب حزبية ومصالح عارضة. فالشعوب ما كان لها أن تنزل إلى الشوارع لتنتزع حقوقها وتستعيد مدنيتها إلا بعد أن فقدت ثقتها التامة في النظم السياسية والقوى الحزبية التي فشلت، طوال عقود، في حماية نفسها حتى من الانزلاق ناهيك عن حفظ الحقوق أو استعادتها وحتى المساومة عليها.


لكن عبارة « إن الإنسان مدني بالطبع» تلزمنا في التفتيش عن الأهداف المدنية التي تؤرق « مدنية » الحياة الإنسانية. ولو استطلعنا كل الساحات الشعبية، الساخنة والباردة، لما وجدنا مطلبا ملحا لدى العامة من الناس، أقرب، إلى النفس، من مطلب الحرية والكرامة .. ولا شك أنها مطالب مدنية وليست مطالب سياسية أو أيديولوجية. ولأن هناك من استعبد الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا، فمن صميم الطبيعة الإنسانية أيضا ألا يقبل الناس الطغيان أو يستمر إلى الأبد، وأن يتحمل المستبدون مسؤولية أفعالهم، بحيث يدركوا المعنى الدقيق للشعار الشهير: « الشعب يريد إسقاط النظام» بوصفه المسؤول الأول عن الاستعباد.


إذن؛ بما أن الحراك الشعبي مدني بالطبع فلا يمكن له إلا أن يستعمل وسائل وأدوات تعكس مدنية الإنسان، إلا إذا ألجأته الظروف إلى الاستعانة بوسائل غير مدنية. وفي هذه اللحظة لا بد من تواري الحراك الشعبي عن واجهة الأحداث لصالح قوى منظمة ومؤهلة لخوض صراع مسلح. لكن يبقى السؤال: من هو المسؤول عن الاستبداد: النظام المحلي؟ أم النظام الدولي؟


تساؤل يمس جواهر الحركة الشعبية وأهدافها، لكنه ليس مطروحا بعد للتداول في الشوارع العربية، رغم أنه من سيحدد، عاجلا أم آجلا، ما إذا كانت الشعوب ستضطر إلى الانتقال من « مدنية » الشارع إلى « عسكرته»؟ إذ أن مقدار الحرية المنشودة ستحدد للشعوب ما إذا كانت قادرة، فعلا، على التحكم باختياراتها والسيطرة على مواردها أم أنها ما زالت رهينة الهيمنة الدولية.


الحلقة القادمة: صراع المركز والهامش



نشر بتاريخ 15-06-2011
__________________
أنا ضد أمريكا و لو جعلت لنا *** هذي الحياة كجنة فيحاء


أنا ضد أمريكا و لو أفتى لها *** مفت بجوف الكعبة الغراء


أنا معْ أسامة حيث آل مآله *** ما دام يحمل في الثغور لوائي


أنا معْ أسامة إن أصاب برأيه *** أو شابه خطأ من الأخطاء


أنا معْ أسامة نال نصرا عاجلا *** أو حاز منزلة مع الشهداء

  #19  
قديم 22-08-2011, 05:27 AM
أبو الفوز أبو الفوز غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
مكان الإقامة: المغرب
الجنس :
المشاركات: 427
الدولة : Morocco
افتراضي رد: تأملات في شريط العاصفة الشعبية القاعدة ومدنية الثورات (1) د. أكرم حجازي

تأملات في شريط العاصفة الشعبية


صراع « المركز» و « الهامش»


(2)



د. أكرم حجازي


16/6/2011




النظام الدولي، الذي أرسى قواعده القوى المنتصرة بعد الحربين العالميتين، الأولى والثانية، ليس فوضويا ولا عبثيا. فهو منظم تنظيما محكما يخدم مصالح هذه القوى، ويدار بطريقة صارمة. لكنه، بطبيعة النشأة، نظام تحكمه القوة وقيم الهيمنة والاستعلاء والتمايز بين البشر على مستوى الجغرافيا والجنس واللون والدين والرأسمال والثقافة. فلا حق ولا باطل ولا صواب أو خطأ ولا عدل أو مساواة إلا ما تراه القوى الكبرى أو « المركز».

أما « الهامش» أو القوى الضعيفة، التي لا شأن لها في بناء هذا النظام، ولا هي دعيت إلى المشاركة في بنائه، فعليها أن تقبل به وتجتهد، في إطاره، لكي تبقى وتستمر، أو لتحظى ببعض الحقوق أو الامتيازات. أما أن تخرج عن النظام أو أحد أركانه فعليها أن تتحمل ما ينتظرها من عواقب وخيمة. معادلة تنطبق على الدول والشعوب والمؤسسات والجماعات والأفراد .. فما هي بنية هذا النظام؟ وما هي آلياته في التحكم والسيطرة؟


في أعقاب زيارات متكررة للكويت؛ تيسَّر لي، بمعية نخبة من العلماء والمفكرين زيارة د. عبد الله النفيسي، أبرز من فصّل في نظرية « المركز – الهامش»، خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 ضد رموز القوة الغربية. النظرية التي تفسر، في العمق، كيفية اشتغال النظام الدولي. وفي سياق النقاشات التي دارت بيننا وبينه، حول النوازل التي تعصف بالأمة؛ سألناه عن رؤيته للثورات العربية والموقف الدولي منها. فأخرج لوحا يحتفظ فيه برسم يفسر الموقف، طبقا للنظرية.








وكما يشير الرسم؛ فالعالم ينقسم إلى « مركز » تمثله القوى العظمى، صاحبة العلم والمعرفة والقوة والرأسمال، والهيمنة على المؤسسات الدولية ومنظوماتها القانونية والتشريعية، و« هامش » يدور في فلكه، ولا يستطيع الفكاك منه مهما كان الثمن باهظا. هذا النظام الدولي يمتلك على الأقل أربع آليات للتحكم في « الهامش» والسيطرة عليه، وهي بإيجاز شديد:

• التسلح. يحتكر « المركز» العلوم ومصادر إنتاج المعرفة والتكنولوجيا والتصنيع. وعبر قوانين التسلح والمراقبة وحق التصنيع والتطوير والتصدير ونوعية السلاح وكميته، يمكن للدول المصنعة التحكم في صناعة الحروب وآجالها، مثلما تتحكم في حالتي الردع واللاحرب واللاسلم، وتحدد المنهزم من المنتصر في أي صراع.


• النفط. فـ « المركز» هو الذي يتحكم، عبر منظمة الأوبيك، في السيطرة على مصادر الطاقة والإنتاج والسعر والثروات واتجاهاتها الدولية ... فما يتم استخراجه وتسويقه يقع تحت طائلة سياسة العرض والطلب. كما أن الثروات التي تجنيها الدول المنتجة في « الهامش » يتم إعادة تدويرها باتجاه « المركز» الذي يحتفظ بها في بنوكه. لذا لا نستغرب وجود دولا نفطية غارقة في التخلف والديون.


• الغذاء. لتحقيق نتائج سياسية تستجيب لتطلعات الغرب، يستطيع « المركز» عبر المؤسسات الدولية وأنظمة العقوبات والمراقبة والتدخل، وبدعم من القوة المسلحة أن يفرض على أية دولة أو مجموعة أو حتى فرد حصارا خانقا ومدمرا للمجتمع والدولة. ويستطيع أن يعرقل الأمن الغذائي في أية دولة تخرج عن سياساته أو تضر بمصالحه الإنتاجية والسياسية. ومن طرائف الثورات رد الرئيس المصري على مشروع يحقق للبلاد اكتفاء ذاتيا في إنتاج القمح حين قال: « كده بنزعل أمريكا» !!!


• العولمة. فـ « الهامش» واقع تحت تأثير ما تفرزه الحضارة الغربية من قيم وثقافة ومعلومات عبر وسائل الإعلام والاتصال الدولية التي يمتلكها « المركز» بإمكانياته الضخمة، وبمنتجاتها الرقمية الثقيلة. وهو ما يجعل الثقافات المحلية والرصيد الحضاري وحتى العقدي عرضة لاختراقات بالغة الخطورة، حيث يكسب « المركز» باستمرار بينما يظل « الهامش»، بوصفه المستهلك، الخاسر الأكبر على الدوام.


بطبيعة الحال فإن قدرة « المركز» على التحكم والسيطرة تتفاوت وتتباين حتى في الوسائل، لكنها في المحصلة قادرة على حماية النظام حتى لو اشتمل على دول ذات نفوذ سياسي كبير في الساحة الدولية كالصين وروسيا أو نفوذ اقتصادي كالمكسيك والبرازيل أو دول متطورة في آسيا كالهند وماليزيا وكوريا وبعض البؤر الصناعية المتقدمة في « منطقة الهامش». فما هي مكانة العرب أو العالم الإسلامي في مثل هذا النظام؟


الثابت أن « المركز» لم يتوقف عن التدخل المسلح أو عبر نظم العقوبات والاغتيالات والانقلابات في قارات العالم بما فيها الدول العربية والإسلامية بما يحفظ له الأمن والتفوق الدائمين. لذا فإن كل ما يسمى بـ « دول الحدائق الخلفية» لا تستطيع مجرد التفكير في النهوض اجتماعيا أو اقتصاديا أو علميا ناهيك عن التحكم في مستقبلها قبل أن تفكر بثمن اختياراتها وتوجهاتها الاستراتيجية بحيث تتوافق مع « المركز».


في الحالة العربية يكفي معاينة المحاولة العراقية في النهوض العلمي وهي توأد، بحملة دولية عسكرية، قبل أن ترى النور، ودون الاضطرار لغطاء من المؤسسات التابعة للنظام الدولي نفسه. ولو انطلقنا من حالة الثورات العربية سنشهد كلاما صريحا حول موقف « المركز» منها. فرغم التحفظات التي يبديها الروس والصينيون بين الحين والحين، ولأسباب معلومة، فإن « المركز»، يجتمع في محافله على دعم الثورات الشعبية العربية! فهي، الثورات، من الأحداث التي يستحيل تجاهلها أو معاندتها، بشهادة الصحف الغربية ووسائل الإعلام التي أدركت، كما، صحيفة الغارديان البريطانية (23/3/2011)، أن الثورات هي: « حركات لا يمكن لأحد إيقافها».


لكن واقع الأمر أن الدعم الغربي يقع في نطاق النظام الدولي وليس خارجه .. نظام تمثل إسرائيل مركزه في العالم العربي. وهذا يعني أن أي دعم دولي لا بد وأن يتوافق مع المصالح الغربية بما يحفظ استمرار النظام وهيمنته. ولا يخفى على متابع ما قاله الرئيس الأمريكي ( 5/3/2011) بصريح العبارة بعد سقوط الرئيس المصري: « إن القوى التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك يجب أن تتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل». فكيف يمكن أن تستوي الحرية مع الهيمنة والاغتصاب!؟ فما الذي يمكن ملاحظته في هذا التناقض العجيب؟


الوحيد الذي قدم تفسيرا لهذه الرؤية الغربية للمنطقة، دون أن تجد لها صدى، كالعادة، هو نعوم تشومسكي، عالم اللغويات اليهودي، حين كتب في صحيفة الغارديان (5/2/2011) معلقا على الثورات العربية بالقول: « إن ما يقلق واشنطن ليس الإسلام المتطرف بل نزوع دوله إلى الاستقلال»، مشيرا إلى أن واشنطن وحلفاؤها: « يتقيدون بالمبدأ الراسخ القائم على تَقبُّل الديمقراطية طالما أنها تتفق مع أهدافهم الإستراتيجية والاقتصادية، فهي مقبولة لديهم في بلد العدو حتى مدى معين، ولكن ليس في ساحتنا الخلفية ما لم يتم ترويضها». تفسير ينطبق عليه القول المأثور: « وشهد شاهد من أهلها»!!! فالدول العربية، منذ انهيار الخلافة وحتى اليوم، ممنوعة من نيل استقلالها. فهل ثمة غرابة أن ينشأ الاستبداد في واقع استعماري؟ وهل من العجب أن يقول أحد الكتاب: « إن الدول العربية محتلة من الداخل»؟


الحقيقة أنه لا غرابة ولا عجب. فلما لا تجد النظم ردا لديها على مطالب الشعوب، في أول مساءلة جدية لها عن دورها وفعلها طوال عقود، إلا توجيه المدافع والدبابات والطائرات ضد صدور الناس العارية فهذا أدعى إلى القول بأن الدول العربية لا تزال، فعلا، ترزح تحت الوصاية الأجنبية. أما الحكام فلا يبدو أن أحدهم تجاوز، بعد، صفة « المندوب السامي» برتبة ما !!!


أما في الحالة الإسلامية فليس من المسموح أبدا وصول القوى الإسلامية إلى السلطة مهما كانت لبراليتها، وحتى لو استدعى ذلك مذابح دموية وتشريد واعتقالات وتعذيب بلا حسيب أو رقيب أو أية مسؤولية. ولعل تجارب الإخوان المسلمين في مصر وسوريا وكذا جبهة الإنقاذ الإسلامي في الجزائر من المؤشرات البارزة على هذه السياسة. وكل ما هو متاح أمام هذه القوى هو تعريضها الدائم لاستنزاف عقدي يلتقي بالمحصلة مع قوى محلية ( علمانية أو إسلامية) موالية للغرب أو متماهية مع أطروحاته، وليس لها من مهمة إلا دعم النظم القائمة والتشويش على القوى الأخرى وإحباطها والحيلولة دون أي نهوض إسلامي.


وحدها القاعدة، ومعها جماعات التيار الجهادي العالمي، من « خرج » على « المركز»، وتجرأ عليه في عقر داره، ورفض هيمنته، ونفذ تهديداته في سلسلة من الهجمات المدمرة في 11 سبتمبر 2011، لم تكن أهدافها إلا رموزا للقوة بحيث يكون لـ « الخروج » صداه العالمي.


ولأول مرة، بعد الحرب العالمية الثانية، يشعر « المركز» أنه يواجه تحديا غير مسبوق، يستدعي منه إجراءات غير مسبوقة كي لا تنتقل المواجهة من « الهامش» إليه. وعليه، فلأول مرة، أيضا في التاريخ الإنساني، يلجأ « المركز» إلى تجييش العالم أجمع ضد جماعات مقاتلة صغيرة، عبر التدخلات العسكرية والمطاردات والاعتقالات والسجون والتعذيب والقوانين الدولية لمكافحة الإرهاب، وعبر النظم المحلية وتشكيلاتها السياسية والعسكرية والأمنية والاجتماعية والثقافية والعلمية والإعلامية والدينية، ابتداء من القوى والرموز اللبرالية والعلمانية والأحزاب، مرورا بالفرق الضالة، وانتهاء بأغلب جماعات الإسلام التقليدي والوطني وحتى الجهادي، لمحاصرة أي تحرك يستهدف « المركز»!!!


وهذا يعني أن السعي إلى تطبيق الشريعة أو إقامة دول إسلامية يمثل، بنظر الغرب، التهديد الأعظم للمركز. لذا لا يمكن أن يمر دون حروب طاحنة، قد تنتهي بتغيير معالم النظام الدولي وقيمه وقواعده. وعليه فقد تبدو جرأة لا حدود لها، أن تصمد إمارات إسلامية، في أفغانستان أو العراق أو الشيشان، لفترة تقل حتى عن بضعة سنوات، قبل أن تتعرض لغزو دولي أو حروب استئصالية محلية ووحشية. وهو الأمر ذاته الذي تتعرض له حركة الشباب المجاهدين في الصومال، والتي احتجزت الولايات المتحدة الأمريكية، عبر القوات الأفريقية، وصولها إلى السلطة رغم أنها تسيطر، فعليا، على قرابة 90% من وسط وجنوب الصومال بما فيها العاصمة مقديشو.


هكذا أعلن الغرب؛ ليس حربا على مثل هذه الإمارات والقوى التي تقف خلفها بل، حربا صليبية على الإسلام، للحيلولة دون نهوضه تحت أي مسمى، ومن أية جهة كانت. حرب انضم إليها البوذيون والصفويون والهندوس واليهود وكل خصوم الإسلام وذوي المصالح والمكاسب، بمن فيهم الدول والجماعات الإسلامية التي عمدت إلى تحشيد القوى المناهضة والعلماء لاستصدار ما يلزم من الفتاوى نزولا عند رغبة « المركز» أو طمعا في تلقي الدعم السياسي والأمني في مواجهة الداخل أو حفاظا على مكاسب موهومة!!!


حرب صليبية صدرت فيها فتاوى غير مسبوقة في التاريخ الإسلامي، تمجد الصليبيين وحكمهم وحقهم في قتل المسلمين وغزو ديارهم وحتى تولي أمرهم ... !!! حرب شنت فيها قوى رسمية وشعبية حملات إعلامية منظمة وفاضحة لتشويه الجهاد في الإسلام والمجاهدين والزعم بأنهم يقاتلون في سبيل الطاغوت !!! وتجرأت فيها على تحريف العقيدة والأحكام الشرعية لكي تستجيب لاحتياجات « المركز».


وبما أن التيار الجهادي وجماعات تطبيق الشريعة ودعاة التوحيد وأنصارهم وصفوا الحكام المحليين بالطغاة، وأعلنوا، حيث استطاعوا، خروجهم على النظام فقد تم تصنيفهم بأخطر الأعداء، والخارجون عن ولاية الأمر. وتبعا لذلك تطابقت مصالح « المركز» مع « الهامش » في ضرب التيار وكل القوى المتماهية مع أطروحته العقدية. وغدا مشبوها ومتهما ومطاردا وخطرا كل من يتلفظ بـ « الطاغوت » أو « التوحيد » أو « تطبيق الشريعة » أو « قتال أمريكا » أو تأييد « الجهاد » و « المجاهدين» أو « الدفاع عن الإسلام» أو « مقاومة التنصير » و « الإباحية » أو مواجهة « اللبراليين» و « العلمانيين » أو ... . تحالفات ودفاعات لا يكسب من ورائها إلا « المركز» ومن يخضع لطغيانه وهيمنته، طوعا أو كرها، أما الأمة فهي، بلا شك، الخاسر الوحيد.


بعد نحو عقدين على « خروج » القاعدة المسلح وتمردها على المركز، فوجئ العالم بـ « خروج » مدني على النظم المحلية بصورة غير مسبوقة. « خروج » اكتسح العواصم والمدن والشوارع والساحات والقرى، ليس له من مطالب، مبدئيا، إلا « إسقاط النظم » و « محاكمتها » و « استعادة ثروات الأمة» و « وقف إهدار الموارد». والسؤال: هل يمكن للثورات الشعبية أن تحدث، وحدها، فارقا في مسار التخلص من هيمنة « المركز» دون أن تلتحم مع « الخروج » الأول؟


الحلقة القادمة: أشرار الثورات والأمة



**********************************

* تأملات في شريط العاصفة الشعبية: القاعدة ومدنية الثورات - 1

نشر بتاريخ 16-06-2011
__________________
أنا ضد أمريكا و لو جعلت لنا *** هذي الحياة كجنة فيحاء


أنا ضد أمريكا و لو أفتى لها *** مفت بجوف الكعبة الغراء


أنا معْ أسامة حيث آل مآله *** ما دام يحمل في الثغور لوائي


أنا معْ أسامة إن أصاب برأيه *** أو شابه خطأ من الأخطاء


أنا معْ أسامة نال نصرا عاجلا *** أو حاز منزلة مع الشهداء

  #20  
قديم 22-08-2011, 05:29 AM
أبو الفوز أبو الفوز غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
مكان الإقامة: المغرب
الجنس :
المشاركات: 427
الدولة : Morocco
افتراضي رد: تأملات في شريط العاصفة الشعبية القاعدة ومدنية الثورات (1) د. أكرم حجازي

تأملات في شريط العاصفة الشعبية


أشرار الثورات والأمة


(3)



د. أكرم حجازي


20/6/2011








في أوقات سابقة احتاجت الأمة إلى سنين طويلة، إن لم يكن عقودا كاملة، لكي تتأكد، ليس مما بدا لها حقائق ثابتة بل، من شبهات كانت أوضح من الشمس، لكنها ما كانت لتبلغ الحقيقة، رغم وفرة المؤشرات، وحتى الأدلة والبراهين. وفي زمن الثورات، حيث توزن الدقائق بقنطار من الذهب، ثمة قدرة عجيبة ومدهشة على إحداث تمايز حتى في أخطر النوازل وأدقها وأشدها حساسية .. تمايز ثمين يساهم، من حيث لا يحتسب الأشرار أو يتمنون، في ضبط إيقاع الثورات القادمة وتجاوز مواطن الخلل فيما سبق منها!!

حتى اليوم، تبدو الثورات العربية محلية الطابع. لكن مفارقاتها باتت تفضح ما يدور في « المركز »، مثلما تفضح حقيقة نظم « الهامش». ولعل في هذا ما يفسر الاعتراض الدموي لها. فما يجري في ليبيا واليمن وسوريا، ليس سوى حروب إسرائيل و « المركز » الطاحنة، لمعاقبة الشعوب الساعية إلى الخروج عنهما .. لكن بأيد محلية، بحيث تبدو أيادي الدولة اللقيطة .. الوالغة بالدماء والأشلاء، طاهرة وعفيفة .. وأرحم على الشعوب العربية من حكامهم !!! .. حروب ما توقفت في يوما ما، لكنها، مع ثورات اليوم، أصبح رموزها وأدواتها وآلياتها، عرضة للتعرية والبغض والسخرية من كل جانب.


العجيب في المفارقات أن نجد ممن لا يمكن تصنيفهم بأقل من « أشرار الثورات والأمة» يجتهد، ويجاهر، ويعاند في تحقيق أهداف « المركز » وطموحاته، بعلم أو بجهل، وقبل الثورات وخلالها وبعدها، في الوقت الذي يتطاير فيه شرر الثورات ليصيبه وأسواقه بالفزع، ويضيء بعضا من معاناته التي قد تودي بقيمه السياسية ( الحرية والديمقراطية) والاقتصادية ( الرأسمالية ) والأخلاقية (المساواة والعدالة) على السواء!!!


المفارقات، في إطار الصراع بين « المركز » و « الهامش »، غزيرة ومثيرة، ولا تخلو من طرافة أو غرابة تثير الدهشة، لو تأملنا بها قليلا. ونظرا لأهميتها، في سياق الثورات، سنتوقف عند إحداها، مع التأكيد على أننا سنتابع بعضها في حلقات قادمة.



علماء طغاة!!!



بداية؛ فإن التقييم الموضوعي للثورات ينبغي ألا يتجاوز عن اعتبارها، بالدرجة الأولى، حصيلة لتراكمات من عقود الهيمنة الغربية، والاستبداد، والطغيان، والاحتلال الداخلي، والفشل، بشتى صوره وأشكاله. أما توصيفات « القاعدة » للحكام العرب بـ « الطغاة » و « المستبدين »، والتي كانت إلى وقت قريب محرمة الذكر، فقد غدت، مع الثورات، من المفردات الشائعة، على كل لسان، وفي الإعلام العربي والغربي نفسه!!! وهذا يعني أن خطاب « القاعدة » تجاه النظم السياسية لم يكن مجحفا بحق رموزها، حتى لو تجنبته القوى الثورية أو الجماعات الخصيمة لـ « القاعدة ». بل أن الوقائع التي تكَشَّفت، حول ماهية النظم العربية، تؤكد أن الأمر أبعد من الطغيان وأعمق من الاستبداد. وما بدا من مؤشرات ثقيلة، على قلتها حتى اللحظة، ليس سوى قمة جبل الجليد .. وما ينطبق على تونس ومصر أولى أن ينطبق على بقية النظم العربية.


فلم تكد تمضي بضعة شهور؛ حتى أعلنت وزارة العدل المصرية (5/6/2011) أن النيابة الإدارية تلقت 76609 قضايا و 17 ألف شكوى فساد. وفي ذات التاريخ أعلن د. عبد الفتاح عمر، رئيس اللجنة الوطنية التونسية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة، أن اللجنة تحقق في أكثر من تسعة آلاف ادعاء بالفساد والرشوة، منها حوالي ثمانية آلاف ملف تلقتها من المواطنين.


مثل حكام تونس ومصر، لم ينازع أحد في كونهم ولاة أمور قبل الثورات، يتمتعون بالشرعية التي تمنح الحاكم حق معاقبة كل من يخرج على سلطانه أو ينتقده. لكنهم أصبحوا، بين عشية وضحاها، « طغاة » و « مستبدين »، و « أصناما » يستحقون « القتل» و « المحاكمة الجنائية» وليس «العفو»، لقاء ما ارتكبوه من جرائم ومظالم بحق الأمة والدين!


عجبا! أوَ لم يكونوا أولى بالعقاب قبل أن تباغتهم الشعوب؟ لاسيما وأنهم ارتكبوا جرائم قتل بالجملة في أوقات سابقة، كما هو حال القذافي في مجزرة سجن أبو سليم (1996) أو الأسد في مجازر حماة (1982)؟


لو كانت الإجابة بـ « نعم » لتعارضت الفتاوى، بالتأكيد، مع أهداف « المركز» واحتياجاته !!! ولأنها كانت « لا » فقد انتسي الضحايا وذهبت دماءهم دون قصاص. أما الجماعات الخارجة على النظم فقد استحقت، بامتياز، كل مفردات الإدانة والتفسيق والضلال والخروج عن الشرع!! ووجب عليها القيام بـ « مراجعات شرعية» تنتهي باعتبار « الطاغية » ممن يحق له التمتع بصفة « ولي الأمر» الذي تجب طاعته، ويحرم الخروج عليه، سلما أم حربا. لكن ما هي القيمة الشرعية لـ« المراجعات» اليوم؟ وما هو موقف الذين عملوا على إخراجها وإجازتها؟ وبأية مشروعية تمت إجازتها؟ وكم من ولي أمر شرعي سقطت شرعيته وما زال، فوق المساءلة، وقيد التبجيل والتعظيم والتقديس، وكأنه المعصوم عن الخطأ؟



عجيب كل العجب ما يجري من قتل في اليمن، وقتل وحشي في سوريا، لا مثيل له حتى عند أشد المجرمين بطشا. لكن الأعجب هو حال الثورة الليبية التي تواجه مجرما أهوجا لا يقل عما تواجهه الثورة السورية. ومع ذلك فقد حظي « الناتو » بغطاءين سياسيين: الأول: خليجي، والثاني: من الجامعة العربية، للتدخل العسكري ضد القذافي. وصدرت فتاوى شرعية تبرر هذا التدخل لحماية الناس من خطر الإبادة على يد القذافي وكتائبه الأمنية المتوحشة. لكن حين خرجت عليه الجماعة الليبية المقاتلة اتهمت بسفك دماء الأبرياء، واستدعيت من داخل السجون للتراجع عن أفكارها المتطرفة وغير الشرعية!!! وذات الأمر حصل في مصر وموريتانيا.


بالتأكيد لا يمكننا، وليس من شيمنا وقناعتنا وشريعتنا، أن ننتصر للطغيان والاستبداد. لكن يبقى السؤال مطروحا في إطار المفارقات التي أنتجتها الثورات الشعبية: كيف يكون خروج جماعة إسلامية على طاغية حراما وآثما بحق ولي الأمر، وباطلا شرعا، بينما « خروج الناتو » عليه حلالا يستحق أن يحظى بكل الشرعية اللازمة؟ فأيهما أولى بشرعية التدخل: الجماعة الإسلامية المقاتلة أم « الناتو »؟



« ثوار بغاة»!!!



أميز ما في الثورة الليبية الحضور الديني البيِّن في الناس كما في الثوار. فلا تكاد تخلو تغطية إعلامية من صيحات التكبير، أو قارئي القرآن أو المناجين ربهم بالدعاء تضرعا إليه، أن يخلصهم من طاغية، لا مبدأ له، ولا عقيدة، ولا منطق يردعه عن الظلم والقتل. غير أن للمجلس الانتقالي رأيا آخر في الجهاد ومحاربة الغزاة والطغاة .. رأي يساوي بين « إرهاب طالبان»، الحليفة لـ « القاعدة »، و « إرهاب القذافي» المعادي لهما وللمجلس!!!


فقد جاء في بيانه الصادر في بنغازي بتاريخ 30/3/2011 « بشأن مكافحة الإرهاب»، ما يلي:


• « التزامه التام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتصلة بمكافحة الإرهاب بما في ذلك القرارات المتعلقة بلجنة الجزاءات المفروضة على تنظيم القاعدة وطالبان وذلك مع الالتزام الكامل بجميع التدابير والجزاءات المتعلقة بأي فرد أو كيان مرتبط بتنظيم القاعدة وحركة طالبان حسبما تحدده اللجنة»؛


• « يلتزم بتنفيذ كافة القرارات الصادرة عن الجمعية العامة المتعلقة بجميع التدابير الرامية إلى القضاء على الإرهاب الدولي بما في ذلك التدابير المحددة في إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب والعمل مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية على تنفيذ الإستراتيجية بطريقة متكاملة والانتهاء من الإعداد للاتفاقية الشاملة للقضاء على الإرهاب»؛


• « يتعهد المجلس بالعمل على تعزيز الدور المهم الذي تقوم به الأمم المتحدة ولجانها وفرق عملها المعنية بمكافحة الإرهاب والتعاون الكامل معها، والانضمام والالتزام بكافة الاتفاقيات والبرتوكولات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب والعمل على المستوى التشريعي والتنفيذي على تطبيق الأحكام والتدابير الواردة فيها».


في أول انطباع يتشكل لدى المراقب، عقب قراءة هذه الفقرات، لا يخلو من الدهشة وهو يرى لغة البيان كما لو أنه صادر عن حلف « الناتو» وليس عن مجلس من المفترض أنه ثوري!!! والغريب في هذا المجلس أنه لا يتمتع إلا بصفة « المؤقت»، وهذا يعني، مبدئيا، أنه طارئ، حتى لو اعترف به العالم أجمع، فليس من اختصاصاته إلا إدارة مرحلة انتقالية، وبالتالي فهو غير مخول بإصدار بيانات تتعلق بالسياسات الليبية ما بعد القذافي. وعليه فلا شأن له بحركة « طالبان» التي ساندت الثورات العربية ولم تعاديها، فضلا عن أنها تقاتل « الناتو» وحكومة الطاغية العميل حامد كرزاي كما يقاتل هو القذافي.


فلماذا؟ وبأي منطق؟ ولأية مصلحة شرعية وحتى أخلاقية؟ يجيز المجلس لنفسه الاستعانة بقوى الطغيان العالمي للتخلص من الاستبداد بينما يعلن عداوته الصارخة ضد حق الأفغان في طرد الغزاة من بلادهم أو التخلص من العملاء والمستبدين والفاسدين؟ ولما يكون المجلس قد أعلن عداءه للدول التي ناصرت القذافي؛ فبأي حق يجيز لـ « الناتو» محاربة « طالبان»، وقتل الشعب الأفغاني؟ هل هو رد الجميل لـ « الناتو» ؟ أم هو تعبير عن رأي الثوار والشعب الليبي؟ وهل يحمل البيان ذرة أخلاقية تجاه القتل اليومي الذي تمارسه طائرات « الناتو» بحق المدنيين والأطفال؟ وأخيرا: ما هو رد المجلس الانتقالي على قرار الأمم المتحدة الأخير، القاضي، بحسب النص، بالتمييز ما بين « طالبان» كحركة « تحرر وطني» و « القاعدة» كـ « تيار عالمي»؟


لا ريب أن علامات الاستفهام حول هوية المجلس وتركيبته وسياساته وتحالفاته مع الغرب لم تعد موضع تساؤل، خاصة مع حلول جيوش الاستخبارات الأجنبية على الشرق الليبي منذ الأيام الأولى للثورة. ورغم أن المجلس نفى، بلسان ناطقه الرسمي عبد الحفيظ غوقة، أن يكون قد أرسل رسالة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تتعلق بتعهد المجلس إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وليبيا، إلا أن النفي لا يكفي لتكذيب ما صرح به الكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي، اليهودي الأصل، والصهيوني الفصل، خاصة وأنه كان شريكا فاعلا في غرف العمليات والاجتماعات، منذ الأيام الأولى للثورة، وليس مناصرا، وهو ما لا يستطيع المجلس نفيه.


الطريف في الأمر، أن ما يخفيه المجلس أو ينفيه يكشفه المجلس نفسه والحلفاء. فبعد مضي قرابة الشهرين على اندلاع الثورة الليبية؛ وبعد بيان المجلس بشأن طالبان، أدلى وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني لصحيفة « لا ستامبا – 9/4/2011 » الإيطالية بتصريحات ذات دلالة بالغة عن هوية المجلس الانتقالي قال فيها: « ما أدهشني في ممثلي هذا المجلس هو العلمانية المميزة» .. لذا: « لن تكون هناك خلافة ... » فقد: « قمنا برصد دقيق جداً» في ليبيا، و« في أول حديث، أوضح لي رئيس المجلس الانتقالي في بنغازي، أنهم كانوا يستأصلون كل محاولة ارتباط مع التطرف الإسلامي».


هذا الاستئصال بدا جليا في 15/6/2011 حين اتخذت دائرة الأوقاف التابعة للمجلس الانتقالي في بنغازي قرارا يقضي بمنع الشيخ ونيس المبروك، من الخطابة في ساحة التغيير في بنغازي. أما قرار المنع فيأتي، بحسب تصريحات الشيخ لقناة الجزيرة، ردا على انتقاده في خطبة الجمعة (3/6) « رفع العلم الأمريكي في الساحة، وتذكيره باحتلال المسجد الأقصى»، مشيرا إلى أن دعم أمريكا لثوار ليبيا: « لا يعني أن ننسى ما تفعله بإخواننا .. وكلما نظرت لهذا العلم تذكرت المسلمين في غوانتانامو وأفغانستان».


هذه التصريحات ليست اتهامات للمجلس أو افتراءات عليه، بقدر ما هي أقواله وأفعاله التي عبرت عنها حتى غرف الثورة الليبية على برامج الدردشة الصوتية، والتي كان أغلب مشرفيها يتميزون غيظا وهم يطردون أو يصرخون بوجه كل من يأتي على ذكر الجهاد أو الإسلام بالقول: « هذه غرفة ضد الخلافة .. ضد الجهاد » !!! نزعة عدائية بارزة لكل ما يمت للإسلام بصلة .. بل هي نزعة « شريرة »، تسترخص كل ثمن، مهما بلغت قدسيته ومحاذيره، مقابل التخلص من طاغية مستبد.


تصريحات المجلس وأفعاله، بحق الإسلام والمسلمين، لا يمكن أن تعكس، بأي حال من الأحوال، شريعة الثوار وطموحاتهم. فمن أي شريعة هي إذن؟ هل هي من شريعة الله؟ أم من شريعة القذافي؟ أم هي شريعة « المركز» وما يهواه؟ وهل في هذا ما يطمئن الشعب الليبي وتقرّ به أعين الأمة؟



الحلقة القادمة: « إسرائيليو الثورات»

**************************

الحلقة الأولى: القاعدة ومدنية الثورات

الحلقة الثانية: صراع « المركز» و « الهامش»
__________________
أنا ضد أمريكا و لو جعلت لنا *** هذي الحياة كجنة فيحاء


أنا ضد أمريكا و لو أفتى لها *** مفت بجوف الكعبة الغراء


أنا معْ أسامة حيث آل مآله *** ما دام يحمل في الثغور لوائي


أنا معْ أسامة إن أصاب برأيه *** أو شابه خطأ من الأخطاء


أنا معْ أسامة نال نصرا عاجلا *** أو حاز منزلة مع الشهداء

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 117.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 112.02 كيلو بايت... تم توفير 5.83 كيلو بايت...بمعدل (4.95%)]