|
ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
رد: اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان
اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي: الخنساء تماضر بنت عمرو.. الصحابية الشاعرة (11) الجزيرة نت تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد السُّلمية، صحابية جليلة وشاعرة مخضرمة، اشتهرت بالوفاء وقوة الشخصية وصلابة الموقف، وعرفت بتشبيه لها بالبقرة الوحشية في حسن عينيها وارتفاع أرنبتيها، وولدت وعاشت في الجاهلية، وأدركت الإسلام واعتنقته فخلدها شعرها ومواقفها. المولد والنشأة لا يوجد للخنساء تاريخ ميلاد مضبوط يركن إليه، غير أن الثابت أنها ولدت بنجد في الجاهلية، وعاشت فيها أكثر عمرها، في كنف بيت سُلمي عُرف بالوفرة والمنعة. وكانت الخنساء وحيدة لأب عزيز وأخوين كريمين، وأحيطت بعناية كاملة ورعاية فائقة، فتربت على ما تتربى عليه فضليات فتيات العرب من الأخلاق، مثل عزة النفس ورعاية البيت وخدمة رجالهن، وزادت بالشعر فكانت من نوادر شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام. ولم تخرج الخنساء من كنف أهلها إلا إلى المحيط القريب، فرفضت الزواج من دريد بن الصمة الجشمي حتى تنال أحد أبناء عمومتها، وهو ما أدركته لاحقا حين تزوجها رواحة بن عبد العزيز السلمي، ومن بعده مرداس بن أبي عامر السلمي. إسلامها جاءت الخنساء ضمن وفد قومها إلى النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الثامنة من الهجرة، فأسلمت وحسن إسلامها وثبتت صحبتها. ولم تزل تدافع عن الإسلام وتحض أبناءها على الجهاد حتى استشهد 4 منهم في معركة القادسية. بلاغتها وشعرها عرفت الخنساء ببلاغتها وصدق عاطفتها ووضوح معانيها وجزالة عبارتها في النثر والشعر، فمن نثرها الخالد وصيتها لأبنائها الأربعة حين تأهبوا للغزو. فقالت لهم "إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم ولا غيرت نسبكم، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية". ثم تلت قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران: 200)، وقالت "فإن رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، وجللت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها وجالدوا رسيسها، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة". وقال لها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب "ألم يطل بكاؤك على أخويك؟" فردت عليه "بكيتهما في الجاهلية حبا لهما وحسرة على فراقهما، وبعد ما أسلمت شفقة عليهما من النار لأنهما ماتا في جاهلية". كانت الخنساء من أقوى النساء شعرا وأشاد بشعرها عدد من أبرز الشعراء ومنهم النابغة الذبياني (شترستوك) ولما بلغها استشهاد أبنائها الأربعة في معركة القادسية قالت "الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته". أما عن الشعر فيروى أن موهبة الخنساء الشعرية برزت في حداثة سنها، إلا أنها كانت تقتصر في قرضه على بيت أو بيتين أو ثلاثة في هزل أو فخر. إلى أن قتل أخواها معاوية وصخر في معركتين متقاربتين، فجاشت عاطفتها وجادت قريحتها بالرثاء والتفجع والبكاء عليهما شعرا محكما، فبدأت حينئذ شهرتها. وكان غرض الرثاء طاغيا على ديوانها فتقول في رثاء صخر: أعيني جودا ولا تجمدا ألا تبكيان لصخر الندى ألا تبكيان الجريء الجميل ألا تبكيان الفتى السيدا طويل النجاد رفيع العماد وساد عشيرته أمردا إذا القوم مدوا بأيديهمُ إلى المجد مد إليه يدا فنال الذي فوق أيديهمُ من المجد ثم مضى مصعدا يكلفه القوم ما عالهم وإن يكن أصغرهم مولدا نرى المجد يهوي إلى بيته يرى أفضل الكسب أن يحمدا وتقول في الفخر به وتعداد خصاله: وإن صخرا لحامينا وسيدنا وإن صخرا إذا نشتو لنحار وإن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار وتقول في رثاء أخيها الآخر معاوية: ألا لا أرى في الناس مثل معاويه إذا طرقت إحدى الليالي بداهيه ألا لا أرى كالفارس الجون فارسا إذا ما عرته جرأة وغلانيه وكان لزاز الحرب عند نشوبها إذا شمرت عن ساقها وهي ذاكيه بلينا وما تبلى تعار وما ترى على حدث الأيام إلا كما هيه أما استشهاد أبنائها الأربعة فجاء بعد أن تمكن الإيمان من قلبها، وتقدمت سنها وتجربتها فلم تزد فيه على الكلمة المذكورة في نثرها. أقوال الشعراء والأدباء عنها يقول النابغة الذبياني "الخنساء أشعر الإنس والجن". ويقول جرير "أنا أشعر الشعراء لولا الخنساء". ويقول بشار بن برد "شعر المرأة يبين ضعفها إلا الخنساء، لأنها أقوى من الرجال". ويقول ابن قتيبة "مما لا شك فيه أن من تبع الخنساء من شعراء الرثاء وشواعره اغترفوا جميعا من بحرها الفياض بفيض العاطفة البشرية". ويقول المبرد "كانت الخنساء وليلى بائنتين في أشعارهما متقدمتين لأكثر الفحول". وقد عدها ابن سلام الجمحي في طبقات فحول الشعراء من أصحاب المراثي بعد متمم بن نويرة. وفاتها بعد عمر مديد عاشت أوله في الجاهلية وآخره في الإسلام، وذاقت فيه حلو الحياة ومرها وتقلبت بين عسرها ويسرها، توفيت الخنساء ببادية نجد سنة 24 للهجرة.
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
رد: اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان
اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي: سيدنا معاوية بن أبي سفيان رغم أنف المشوهين والحاقدين (12) د. خالد النجار قديمًا وحديثًا وطوال التاريخ والشيعة يشوهون سيرة سيدنا معاوية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وقد استطاعوا جذب الليبراليين والعلمانيين وكل ناعق، هذا الملك العظيم الذي قاد الأمة الإسلامية عشرين عامًا، وحكم ثلث الأرض، ودانت له القلوب المؤمنة، بخلاف النفوس الحاقدة التي تتميز غيظًا منه لحسن سيرته وسياسته. ♦ الصحابي الجليل الذي شملته بركة حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما رواه البخاري عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَسُبُّوا أَصحَابِي؛ فَوَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَو أَنَّ أَحَدَكُم أَنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ))؛ [البخاري]. ♦ كاتب الوحي رضي الله عنه، ومؤسس دولة بني أمية، ودومًا مؤسس أي دولة يكون شخصية متميزة حادة الذكاء، فلقد حكم معاوية رضي الله عنه الشام ٤٠ سنة، وكان محبوبًا جدًّا، وكان رجلًا داهيةً سياسيًّا. ♦ قال الذهبي: كان رجلًا طويلًا، أبيض، جميلًا، مهيبًا، أجلح [أصلع بجانبَي رأسه]. ♦ ولد قبل البعثة بخمس سنين، وأسلم في عام (7هـ) وأخفى إسلامه حتى فتح مكة (8هـ) خوفًا من أبيه، ولم يظهره إلا في فتح مكة؛ ولذلك ظن كثير من المؤرخين أنه من مسلمِي الفتح. ♦ روي عنه أنه قال: أسلمت يوم القضية، ولكن كتمت إسلامي من أبي، ثم علم بذلك فقال لي: هذا أخوك يزيد، وهو خير منك على دين قومه، فقلت له: لم آل نفسي جهدًا. قال معاوية: ولقد دخل عليَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة في عمرة القضاء، وإني لمصدق به، ثم لما دخل عام الفتح أظهرت إسلامي فجئته فرحَّب بي، وكتبت بين يديه. ♦ قال الواقدي: وشهد معه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حنينًا، وأعطاه مائة من الإبل، وأربعين أوقية من ذهب، وزنها بلال، وشهد اليمامة. ♦ لم يُعرف عنه قبل الإسلام أذًى للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا بيد، ولا بلسان. ♦ وهو من مشاهير الصحابة وفضلائهم رضي الله عنهم جميعًا، دعا له الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ((اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَاهْدِ بِهِ))؛ [رواه الترمذي، وصححه الألباني]. ♦ أخرج البخاري في التاريخ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لمعاوية رضي الله عنه: ((اللهُمَّ علِّمْه الكتاب والحساب وقِهِ العذاب)). ♦ وصف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهده بالرحمة، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أوَّلُ هَذَا الْأمْرِ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ يَكُونُ خِلَافَةً وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَكُونُ مُلْكًا وَرَحْمَةً))؛السلسلة الصحيحة 3270. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكانت إمارة معاوية ملكًا ورحمةً. ♦ وقد ثبت في صحيح مسلم: من طريق عكرمة بن عمار، عن أبي زميل سماك بن الوليد، عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَنْظُرُونَ إلى أَبِي سُفْيَانَ وَلَا يُقَاعِدُونَهُ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، ثَلَاثٌ أَعْطِنِيهِنَّ، قَالَ: ((نَعَمْ))، قَالَ: عِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ أُزَوِّجُكَهَا، قَالَ: ((نَعَمْ)) [لكن الرواة مجمعون على وهم راوي الحديث عكرمة بن عمار، وأن المقصود عزة بنت أبي سفيان، وأن الرسول قال: ((إن ذلك لا يحل لي))؛ لأن عنده أختها أم حبيبة بنت أبي سفيان التي زوجها النجاشي من رسول الله سنة ست بالحبشة] قَالَ: وَمُعَاوِيَةُ تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ، قَالَ: ((نَعَمْ))، قَالَ: وَتُؤَمِّرُنِي حَتَّى أُقَاتِلَ الْكُفَّارَ كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: ((نَعَمْ)). قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: وَلَوْلَا أَنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ مِن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا قَالَ: نَعَمْ. ♦ روى مسلم عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَوَارَيْتُ خَلْفَ بَابٍ قَالَ: فَجَاءَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً [صفعني على رقبتي] وَقَالَ: ((اذْهَبْ وَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ))، قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي: ((اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ)) قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ، فَقَالَ: ((لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ)). وروى مسلم عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((اللَّهُمَّ إِنَّمَا مُحَمَّدٌ بَشَرٌ يَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، وَإِنِّي قَدْ اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ آذَيْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ كَفَّارَةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)). ♦ ومن الأحاديث الدالة على فضله ما رواه البخاري رحمه الله، عن أُمِّ حَرَامٍ أَنَّهَا سَمِعَت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا)) [فعلوا فعلًا وجبت لهم به الجنة]، قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا فِيهِمْ؟ قَالَ: ((أَنْتِ فِيهِمْ)) [وكان ذلك جيش معاوية وبقيادته لفتح قبرص في خلافة عثمان رضي الله عنهما]، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ [القسطنطينية] مَغْفُورٌ لَهُمْ)) فَقُلْتُ: أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((لَا)). وفي رواية للبخاري عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَطْعَمَتْهُ وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ [ظهر هذا البحر ووسطه] مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ أَوْ مِثْل الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ)) [يركبون مراكب الملوك لسعة حالهم واستقامة أمرهم وكثرة عددهم]، قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهمْ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) كَمَا قَالَ فِي الْأَوَّلِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: ((أَنْتِ مِن الْأَوَّلِينَ))، فَرَكِبَتْ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ. ♦ ومعاوية خال المؤمنين، أخو أمِّ المؤمنين أمِّ حَبيبة رَمْلة بنت أبي سفيان رضي الله عنها؛ ولذلك قال الإمام أحمد: أقول: معاوية خال المؤمنين، وابن عمر خال المؤمنين. وعن عبدالملك بن عبدالحميد الميموني قال: قلت لأحمد بن حنبل: أليس قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كُلُّ صِهْرٍ وَنَسَبٍ يَنْقَطِعُ إلَّا صِهْرِي وَنَسَبِي؟))، قال: بلى! قلت: وهذه لمعاوية؟ قال: نعم، له صهرٌ ونسبٌ. ♦ وروى الطبراني عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، قالت: لما كان يوم أم حبيبة من النبي دق الباب داقٌّ، فقال النبي: ((انظروا من هذا؟))، قالوا: معاوية، فقال: ((ائذنوا له)) ودخل وعلى أذنه قلم له يخط به، فقال: ((ما هذا القلم على أذنك يا معاوية؟))، قال: أعددته لله ولرسوله، قال: ((جزاك الله عن نبيك خيرًا، والله ما استكتبتك إلا بوحي من الله عز وجل، وما أفعل من صغيرة ولا كبيرة إلا بوحي من الله عز وجل، كيف بك لو قد قمصك الله قميصًا)) يعني: الخلافة، فقامت أم حبيبة فجلست بين يديه، فقالت: يا رسول الله، وإن الله مقمص أخي قميصًا؟ قال: ((نعم، ولكن فيه هنات وهنات وهنات))، فقالت: يا رسول الله، فادع له فقال: ((اللهم أهْدِهِ بالهدى، وجنبه الردى، واغفر له في الآخرة والأولى))؛ قال الطبراني: لم يروِ هذا الحديث عن هشام إلا عبدالله بن يحيى تفرَّد به السري. ♦ ولاه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض عمله، فكان يكتب له، ولما بعث أبو بكر الجيوش إلى الشام سار معاوية مع أخيه يزيد بن أبي سفيان حتى مات يزيد. ♦ كان معاوية محاربًا في موقعة اليرموك وفتح الشام، ثم ولاه عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فتح قيسارية، وكتب إليه: أما بعد: فقد وليتك قيسارية فسِرْ إليها، واستنصر الله عليهم، وأكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، الله ربنا وثقتنا ورجاؤنا ومولانا، فنعم المولى ونعم النصير. فسار إليها فحاصرها، وزاحفه أهلها مرات عديدة، وكان آخرها وقعة أن قاتلوا قتالًا عظيمًا، وصمَّم عليهم معاوية، واجتهد في القتال حتى فتح الله عليه، فما انفصل الحالُ حتى قتل منهم نحوًا من ثمانين ألفًا، وكمَّل المائةَ الألفِ من الذين انهزموا عن المعركة، وبعث بالفتح والأخماس إلى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه... وكان عمر معاوية وقتها 33سنة، وكانت سنة 15هـ. ♦ قال ابن كثير: انعقدت الكلمة على معاوية، وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين، فلم يزل مستقلًّا بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته، والجهاد في بلاد العدو قائم، وكلمة الله عالية، والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض، والمسلمون معه في راحة وعدل، وصفح وعفو. لكن لا بد أن نتفطَّن للكثير من الروايات التي فيها محاذير كثيرة ووقفات في طياتها عديدة حتى ولو كانت في مجملها تحمل ثناءً لمعاوية رضي الله عنه، فمن أشهرها: ♦ بعد طاعون عَمَواس وموت كثير من القادة وعظماء الصحابة ولى عمر معاوية الشام، يقول أهل التاريخ: لما ولى عمر يزيد بن أبي سفيان ما ولَّاه من الشام، خرج إليه معاوية، فقال أبو سفيان لهند: كيف رأيت صار ابنك تابعًا لابني؟ [كان يزيد ولد أبي سفيان من غير هند] فقالت: إن اضطربت خيل العرب فستعلم أين يقع ابنك مما يكون فيه ابني، فلما مات يزيد بن أبي سفيان سنة بضع عشرة، وجاء البريد إلى عمر بموته، رد عمر البريد إلى الشام بولاية معاوية مكان أخيه يزيد، ثم عزَّى أبا سفيان في ابنه يزيد، فقال: يا أمير المؤمنين، من ولَّيْت مكانه؟ قال: أخاه معاوية، قال: وصلت رحمًا يا أمير المؤمنين. ووصَّتْه أمُّه هند بقولها: والله يا بني، إنه قَلَّ أن تلد حرة مثلك، وإن هذا الرجل قد استنهضك في هذا الأمر، فاعمل بطاعته فيما أحبَبْت وكرهت. وقال له أبوه: يا بني، إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخَّرنا، فرفعهم سبقهم وقدمهم عند الله وعند رسوله، وقصر بنا تأخيرنا فصاروا قادةً وسادةً، وصرنا أتباعًا، وقد ولَّوك جسيمًا من أمورهم فلا تخالفهم، فإنك تجري إلى أمد، فنافس، فإن بلغته أورثته عقبك. فلم يزل معاوية نائبًا على الشام في الدولة العمرية والعثمانية مدة خلافة عثمان، وافتتح في سنة سبع وعشرين جزيرة قبرص، وسكنها المسلمون قريبًا من ستين سنة في أيامه ومن بعده، ولم تزل الفتوحات والجهاد قائمة على ساق في أيامه في بلاد الروم والفرنج وغيرها.... لكن هذه الرواية فيها شكوك كثيرة؛ لما فيها من طعن في أبي سفيان رضي الله عنه؛ حيث يظهره بمظهر الحريص على الزعامة، وأن حزنه لتأخُّره في الإسلام كان من أجل الدنيا، وأنه يحث ابنه على المنافسة في هذه الزعامة، وتحريضه على توريث الحكم. ♦ لما قدم عمر بن الخطاب الشام تلقَّاه معاوية في موكب عظيم كثيف، فاجتاز بعمر وهو وعبدالرحمن بن عوف راكبان على حمار، ولم يشعر بهما، فقيل له: إنك جاوزت أمير المؤمنين، فرجع، فلما رأى عمر ترجَّل، فلما دنا من عمر قال له عمر: أنت صاحب الموكب؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: هذا حالك مع ما بلغني من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك؟ قال: هو ما بلغك من ذلك. قال: ولم تفعل هذا؟ لقد هممت أن آمرك بالمشي حافيًا إلى بلاد الحجاز، قال: يا أمير المؤمنين، إنا بأرض جواسيس العدو فيها كثيرة، فيجب أن نُظهِر من عِزِّ السلطان ما يكون فيه عز للإسلام وأهله ويرهبهم به، فإن أمرتني فعلت، وإن نهيتني انتهيت. فقال له عمر: يا معاوية، ما سألتك عن شيء إلا تركتني في مثل رواجب الضرس [جمع راجبة: وهي ما بين عقد الأصابع من داخل؛ أي: أضيق ما يكون]، لئن كان ما قلت حقًّا إنه لرأي أريب، وإن كان باطلًا إنه لخدعة أديب. قال: فمرني يا أمير المؤمنين بما شئت، قال: لا آمرك ولا أنهاك. فقال رجل: يا أمير المؤمنين، ما أحسن ما صدر الفتى عما أوردته فيه؟! فقال عمر: لحسن موارده ومصادره جشمناه ما جشمناه. ولكن، هل كان معاوية رضي الله عنه مشغولًا عن رعيَّته بالطعام والشراب؟! وهل يعقل ألا يثق عمر في كلام معاوية رضي الله عنهما، فيقول له: «لئن كان ما قلت حقًّا، إنه لرأي أريب، ولئن كان باطلًا إنه لخديعة أديب»؟! معاوية في عيون أئمة الأمة • قال الإمام الذهبي: معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين، ملك الإسلام، أبو عبدالرحمن، القرشي، الأموي، المكي. • قال عنه عبدالله بن عباس -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما-: ما رأيتُ رجلًا كان أخْلَقَ للمُلْك من معاوية. • عيَّنه عمر أميرًا على الشام وكذلك كان أميرًا في عهد عثمان رضي الله عنهم. قال الإمام الذهبي رحمه الله: حَسْبُكَ بِمَنْ يُؤَمِّرُهُ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ عَلَى إِقْلِيْمٍ -وَهُوَ ثَغْرٌ- فَيَضْبِطُهُ، وَيَقُوْمُ بِهِ أَتَمَّ قِيَامٍ، وَيُرْضِي النَّاسَ بِسَخَائِهِ وَحِلْمِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ تَأَلَّمَ مَرَّةً مِنْهُ، وَكَذَلِكَ فَلْيَكُنِ المَلِكُ. وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا مِنْهُ بِكَثِيْرٍ، وَأَفْضَلَ، وَأَصْلَحَ، فَهَذَا الرَّجُلُ سَادَ وَسَاسَ العَالَمَ بِكَمَالِ عَقْلِهِ، وَفَرْطِ حِلْمِهِ، وَسَعَةِ نَفْسِهِ، وَقُوَّةِ دَهَائِهِ وَرَأْيِهِ. • قال قبيصة بن جابر: ما رأيت أحدًا أعظم حلمًا، ولا أكثر سؤددًا، ولا أبعد أناةً، ولا ألين مخرجًا، ولا أرحب باعًا بالمعروف من معاوية. • عن عبدالله بن الزبير أنه قال: لله در ابن هند (يعني معاوية) إنا كنا لنفرقه [نخافه] وما الليث على براثنه بأجرأ منه، فيتفارق لنا، وإن كنا لنخدعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه فيتخادع لنا، والله لوددت أنا مُتِّعنا به ما دام في هذا الجبل حجر وأشار إلى أبي قبيس. • سئل المعافى بن عمران: أيهما أفضل: معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فغضب وقال للسائل: أتجعل رجلًا من الصحابة مثل رجل من التابعين؟ معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وَحْي الله. • وسُئل عبدالله بن المبارك رحمه الله أيهما أفضل: معاوية بن أبي سفيان، أم عمر بن عبد العزيز؟ فقال: والله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل من عمر بألف مرة، صلَّى معاوية خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: سمع الله لمن حمده، فقال معاوية: ربنا ولك الحمد، فما بعد هذا؟ • ذُكر عمر بن عبد العزيز وعدله عند الأعمش، فقال: فكيف لو أدركتم معاوية؟! قالوا: يا أبا محمد، يعني في حلمه؟ قال: لا واللهِ، بل في عدله. • وقال الضحاك بن قيس: إن معاوية كان عود العرب، وجدَّ العرب، قطع الله عز وجل به الفتنة، وملَّكه على العباد، وفتح به البلاد. • روى الإمام أحمد عن أَبي عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (إِنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الدُّنْيَا بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ، وَإِنَّمَا مَثَلُ عَمَلِ أَحَدِكُمْ كَمَثَلِ الْوِعَاءِ إِذَا طَابَ أَعْلَاهُ طَابَ أَسْفَلُهُ، وَإِذَا خَبُثَ أَعْلَاهُ خَبُثَ أَسْفَلُهُ)؛ إسناده حسن. • روى الإمام أحمد في كتاب الزهد عن علي بن أبي حملة عن أبيه قال: رأيت معاوية على المنبر بدمشق يخطب الناس وعليه ثوب مرقوع. • وأخرج ابن كثير عن يونس بن ميسر الحميري الزاهد -وهو من شيوخ الأوزاعي- قال: رأيت معاوية في سوق دمشق وهو مردف وراءه وصيفًا، وعليه قميص مرقوع الجيب يسير في أسواق دمشق. • قال سعد بن أبى وقاص -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: ما رأيت أحدًا بعد عثمان أقضى بحق من صاحب هذا الباب؛ يعني معاوية. • وعن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: ما رأيت رجلًا أخلق بالملك من معاوية. • وعن عبدالله بن عمرو بن العاص -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنه قال: ما رأيت أحدًا أسود (من السيادة) من معاوية. • وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنه قال لأهل الشام: ما رأيت أحدًا أشبه صلاة بصلاة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من إمامكم هذا (يعني: معاوية). • أخرج الطبراني عن سعيد المقبري، قال: قال عمر بن الخطاب: تذكرون كسرى وقيصر ودهاءهما وعندكم معاوية! • قال عمر بن الخطاب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لما ولَّاه الشام: لا تذكروا معاوية إلا بخير؛ فإني سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: (اللهم اهد به). • روى البخاري في الصحيح أنه قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة، قال: إنه فقيه. • قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لم يكن من ملوك الإسلام ملكٌ خيرًا من معاوية، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيرًا منهم في زمن معاوية، إذا نسبت أيامه إلى من بعده. • قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: واتفق العلماء أن معاوية أفضل ملوك هذه الأمة، فإن الأربعة قبله كانوا خلفاء نبوة وهو أول الملوك، كان ملكه ملكًا ورحمة. • يقول الأستاذ منير الغضبان في كتابه الرائع «معاوية بن أبي سفيان»: أنا أعتذر لمعاوية، لأني على ثقة أنه كان يقصد الحق، ولا يضيره بعد ذلك أن يكون أصاب الحق أم أخطأه. أما أنه كان يعرف نفسه أنه على باطل ويقاتل عليه فهذا كلام مرفوض؛ لأن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شهد للطائفتين أنهما يقصدان الحق، وعلي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- والمسلمون معه أصابوه، ومعاوية -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- والمسلمون معه أخطؤوه. وذلك كما ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ وَتَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ وَدَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ). والحديث في رواية الإمام أحمد له تتمَّة قيمة ونصُّه: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ تَمْرُقُ بَيْنَهُمَا مَارِقَةٌ يَقْتُلُهَا أَوْلَاهُمَا بِالْحَقِّ). والمارقة التي خرجت قد قاتلها علي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وهم الخوارج. والحديث الصحيح الذي ورد في مقتل عمار بن ياسر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: (يا عمار، تقتلك الفئة الباغية) يؤكد أن الفئة الباغية هي فئة معاوية، ولكنه لا يعني أبدًا أن معاوية والمسلمين معه يعرفون ذلك ويُصِرُّون على البغي. وأعود لأقول ما قاله أهل السنة والجماعة في هذا الصدد في «كتاب العواصم من القواصم»: أهل السنة المحمدية يدينون لله على أن عليًّا ومعاوية ومن معهما من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانوا جميعًا من أهل الحق، وكانوا مخلصين في ذلك، والذي اختلفوا فيه إنما اختلفوا عن اجتهاد، كما يختلف المجتهدون في كل ما يختلفون فيه، وهم لإخلاصهم في اجتهادهم مثابون عليه في حالتَي الإصابة والخطأ، وثواب المصيب أضعاف ثواب المخطئ، وليس بعد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بشر معصوم عن أن يخطئ، وقد يخطئ بعضهم في أمور ويصيب في أخرى، وكذلك الآخرون، ومن مرق عن الحق في إثارة الفتنة الأولى على عثمان لا يعد من إحدى الطائفتين اللتين على الحق، وإن قاتل معها والتحق بها؛ لأن الذين تلوَّثت أيديهم ونياتهم وقلوبهم بالبغي الظالم على أمير المؤمنين عثمان -كائنًا من كانوا- استحقوا إقامة الحد الشرعي عليهم سواء استطاع وليُّ الأمر أن يقيم عليهم هذا الحد أو لم يستطع، وفي حالة عدم استطاعته فإن مواصلتهم تسعير القتال بين صالحي المسلمين كلما أحسُّوا منهم بالعزم على الإصلاح والتآخي -كما فعلوا في وقعة الجمل وبعدها- يعد إصرارًا منهم على الاستمرار في الإجرام ما داموا على ذلك. فإن قلنا: إن الطائفتين كانتا من أهل الحق فإنما نريد أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الذين كانوا من الطائفتين ومن سار معهم على سنته -صلى الله عليه وآله وسلم- من التابعين، ونرى أن عليًّا المبشر بالجنة أعلى مقامًا عند الله من معاوية خال المؤمنين وصاحب رسول الله رب العالمين، وكلاهما من أهل الخير وإذا اندسَّ فيهم طوائف من أهل الشر فإن من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يَرَهُ. • وفي حديث فيه ضعف رواه الإمام أحمد عن سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «تَوَضَّئُوا»، قَالَ: فَلَمَّا تَوَضَّأَ نَظَرَ إِلَيَّ، فَقَالَ: «يَا مُعَاوِيَةُ، إِنْ وُلِّيتَ أَمْرًا فَاتَّقِ اللَّهَ، وَاعْدِلْ»، قَالَ: فَمَا زِلْتُ أَظُنُّ أَنِّي مُبْتَلًى بِعَمَلٍ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وُلِّيتُ، مَنْ كعليٍّ ومعاوية رضي الله عنهما؟! • محاولة ترجيح كِفَّة صحابي على صحابي محاولة سيئة، (أسوء ما فيها أنها تضع أفضل أجيال الأمة بين أشداق السفلة، وتجرئ الجيل الحالي مع ضعفه العقدي؛ على الخوض في أعراض من رضي الله عنهم)؛ وهذا سوء مخيف؛ وعواقبه تصل إلى الجرأة على كل رموز ومُقدَّسات الأُمَّة! • مَن كأبي الحسن والحسين (علي بن أبي طالب رضي الله عنه)، في بذله وعطائه وتضحيته وجهاده في سبيل ربه، الخليفة الراشد، والفقيه العابد، والإمام الزاهد؟ أسلم أولًا، وصاحب ثانيًا، وهاجر ثالثًا، واستمر على العهد رابعًا وخامسًا وسادسًا، يكفي لفضله ذكر اسمه، لتأتي فضائله للأذهان تباعًا تباعًا! • ومَن كمعاوية الصحابي الجليل، والخليفة الموفق، والقائد المسدد، والرجل الذي اشتهر حلمه وعفوه، وطار في الآفاق خبر حنكته وفطنته؟ وصفه الإمام النووي بقوله: (وأما معاوية فهو من العدول الفضلاء، والصحابة النجباء)، وكان الرجل يقول لمعاوية: (واللهِ لتستقيمنَّ بنا يا معاويةُ، أو لنُقومنَّك)! وهو الخليفة الأعظم؛ فيقول: (بماذا؟)، فيقول: (بالخشب)! فيقول: (إذًا نستقيم)! وأخبار خلافته زاخرة بالعلم، واتساع رقعة الإسلام، والانتصار لكيان الأمة المسلمة! • علي ومعاوية -رضي الله عنهما- صحابيان جليلان، عقيدتنا -أهل السنة والجماعة- فيهما؛ هي حبُّهما والترضِّي عنهما، والشهادة لهما بالعدالة، وعدم الغلوِّ فيهما، أو ادِّعاء ما ليس لهما؛ فهما مع فضلهما ليس بنبيِّين، ولا بمعصومَين، ويجوز منهما الخطأ والصواب، لكن الخطأ منهما مغمور في بحار حسناتهما، ولا يجوز لنا الخوض فيما حصل بينهما، وندع ذلك لربِّ العالمين، نتمثل في حقهما وحق الصحابة أجمع: ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 134]. • هذه عقيدتنا؛ فمن فارقها فارقناه، ومن خاض في عرض عليٍّ ومعاوية اتهمناه، ومن لمز وهمز في أحدهما كرهناه وأبغضناه؛ ذلك أنهما أحبَّا رسولَ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحبهما، ومات -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو راضٍ عنهما، ونحن تبعٌ لنبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا خير فينا إن لم نكن له تبعًا، ولرضاه نسعى رغبًا وطمعًا. اللهم ارض عن علي ومعاوية وسائر صحابة نبيِّك -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واجمعنا بهم في جنات النعيم، وأسلم قلوبنا وألسنتنا لهم، ولا تجعلنا مع القوم الجاهلين، وجنبنا طرق الهالكين، واجعل سبيلنا سبيل عبادك المؤمنين العادلين.
__________________
|
#13
|
||||
|
||||
رد: اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان
اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي: نور الدين زنكي وحراسة بلاد الإسلام (13) أ.د. راغب السرجاني
__________________
|
#14
|
||||
|
||||
رد: اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان
اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي: عبادة بن الصامت (14) قصة الإسلام
__________________
|
#15
|
||||
|
||||
رد: اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان
اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي: أبو عبيدة بن الجراح (15) صابرين السعو محتويات ١ اسم أبي عبيدة ونسبه
اسم أبي عبيدة ونسبه أبو عبيدة هو عامر بن عبد الله بن الجرَّاح بن هلال بن أهيب بن ضبَّة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النَّضر، أمُّه أميمة بنت غنم بن عبد العُزَّى،[١][٢] ويلتقي مع أمِّه في النَّسَب عند الحارث بن فهر، وكنيته أبو عبيدة، وقد اشتهر فيها أكثر من اسمه، ونُسِبَ إلى جدِّه لا إلى أبيه، فكان النَّاس ينادونه أبو عبيدة بن الجرَّاح، وأثنى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومَدَحه فلقَّبه أمين الأمَّة، وعُرِف في الجاهليَّة بالحِكمة والفِطنة والرأي السَّديد والذَّكاء، واشترك مع أبي بكر -رضي الله عنه- بذلك، فكان النَّاس يقولون: "داهِيَتا قريش أبو بكر وأبو عبيدة بن الجرَّاح"، ويُقصد بذلك الذّكاء والفطنة والرأي السديد، وكما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الناسُ مَعادِنُ خِيارُهم في الجاهِلِيَّةِ خِيارُهم في الإسلامِ إذا فَقُهوا)،[٣][٤] إسلام أبي عبيدة بن الجرّاح لمَّا بعث الله -تعالى- سيِّدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- برسالة الإسلام آمن معه سيِّدنا أبو بكر الصِّديق -رضي الله عنه-، ثمَّ انطلق مع رسول الله يتخيَّر النَّاس ويدعوهم سرَّاً، فاستبشر بأبي عبيدة، فحدَّثه عن الإسلام، فلقي منه قبولاً واستجابةً، فتوجَّه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،[٤] مع أبي سلمة بن عبد الأسد، وعبيدة بن الحارث، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن مظعون -رضوان الله عليهم-،[٥] فكرَّر عليه شرح الإسلام، فأسلم مع نفرٍ آخرين جميعاً في ذات الَّلحظة، وكان ذلك في بدايات الدَّعوة قبل أن يدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم بن أبي الأرقم.[٤] وقد كان عُمْر أبي عبيدة آنذاك خمسةً وعشرون عاماً، ممَّا يدلُّ على أنَّه دخل الإسلام باختياره، فهذا السِّنُّ الذي يكون الإنسان فيه قد اكتملت قدراته العقليّة والجسديّة، فلا يزيحه عن رأيه ومبدئه أيُّ إغراءٍ، فقد وجد أبو عبيدة في الإسلام الحقَّ الذي يبحث عنه، والعدالة بأبهى صورها، ممَّا ساعده على البقاء والثَّبات على دينه، فقدم التَّضحيات متَّبعاً قول الله -تعالى-: (قُل إِنَّني هَداني رَبّي إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ دينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفًا وَما كانَ مِنَ المُشرِكينَ)،[٦][٤] ولم يُعرف ترتيب أبي عبيدة بين الذين أسلموا في بداية الدَّعوة، لكن ذكر ابن هشام في سيرته أنَّه أسلم بعد أوَّل ثمانيةٍ ممَّن دخلوا في الإسلام، حيث دخل الإسلام مع مجموعة رجالٍ،[٧] على يد أبي بكر الصِّدِّيق -رضي الله عنه-.[٥] صفات وأخلاق أبي عبيدة إنّ للصحابي الجليل أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- العديد من الصفات الكريمة والخِصال الطيّبة، نذكر منها ما يأتي:
فضائل أبي عبيدة إنّ لأبي عبيدة فضائل كثيرة، منها ما يأتي:
شارك أبو عبيدة -رضي الله عنه- في غزوتيّ بدرٍ وأُحُدٍ والحديبية،[٢٤] وقد تعرَّض له والده كثيراً في غزوة بدر ليبارزه ويقتله، وفي كلِّ مرَّةٍ كان -رضي الله عنه- يحيد عنه، حتى أكثر والده من ذلك فقام بقتله، فأنزل الله -تعالى-: (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)،[٢٧] وأرسله رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على سريَّة جيشِ ذات الخبط، كما أرسله والياً إلى أهل نجران، وكان أحد الأمراء في بلاد الشَّام بعد أن عزل عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، فوضع أبا عبيدة -رضي الله عنه- مكانه، وكان نَقش خاتم أبي عبيدة: "الخُمُس لله".[٢٨] وقال ابن حجر -رحمه الله-: "كان فتح أكثر بلاد الشَّام على يده"، كما جعله أبو بكر -رضي الله عنه- في خلافته على بيت مال المسلمين، وجعله عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- أمير الأمراء في الشَّام، وكان أمير الجيش يوم فتح دمشق، وبعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلف عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل ليمدَّه بالجيش، ولمَّا جاء أهل اليمن يطلبون من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرسل معهم مَن يعلمهم القرآن والسُّنَّة أخذ بيد أبي عبيدة أمين الأمّة واختاره لهم.[٢٩] وفاة أبي عبيدة ظهر مرض الطَّاعون في بلاد الشَّام في السَّنة الثَّامنة عشر من الهجرة،[٢٤] والذي سُمِّي بعام الرَّمادة؛ فقد أصاب النَّاس قحطاً شديداً، فقام عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- يدعو الله -تعالى- بالاستقساء حتى أنزل الله -تعالى- المطر، ثمَّ من كثرة الجثث التي ماتت بسبب الجوع ظهر مرض الطَّاعون،[٣٠] وكان أبو عبيدة آنذاك في الشّام، وبدأ المرض في بلدةٍ تقع ما بين الرَّملة والقدس اسمُها عمواس، فمات آلاف النَّاس، وكان أبو عبيدة -رضي الله عنه- أمير النَّاس ولا يمكنه أن يخرج من مكانه، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا سَمِعْتُمْ بالطَّاعُونِ بأَرْضٍ فلا تَدْخُلُوها، وإذا وقَعَ بأَرْضٍ وأَنْتُمْ بها فلا تَخْرُجُوا مِنْها)،[٣١] وفي المقابل من ذلك فقد كان -رضي الله عنه- زاهداً في الدُّنيا معرضاً عنها، لكنَّ عمر بن الخطَّاب كان حريصاً على أبي عبيدة راغباً أن يتسلَّم الولاية من بعده، فأرسل إليه يريد قدومه، لكنَّ أبو عبيدة رفض أن يترك قومه على هذا الحال كما ذُكِر سابقاً في فضائله وورعه.[٣٢] فلمَّا رأى عمر -رضي الله عنه- ذلك علم أنَّ أجله قد اقترب، ونصحه بأن يخرج بقومه من البلد الرَّطبة أرضها إلى الجافة، فاستدعى أبا موسى الأشعري -رضي الله عنه- وأمره أن يبحث عن أرضٍ جافَّة لينتقل النَّاس إليها، لكنَّ المرض بعد ذلك وصل إليه فأصابه، ولمَّا أحسَّ باقتراب أجله كتب وصيَّةً لعمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه- أنَّه ردَّ كلّ أمانةٍ إلى صاحبها، وأدَّاها إلَّا امرأةً كانت قد نكحت قبل انقضاء عدَّتها، وأنَّ الزَّوج كان قد أرسل له مئة دينار، فأمر القوم أن يردُّوها له، ثمَّ أوصى بدفنه غرب نهر الأردن ناحية الأرض المقدَّسة، ثمَّ خاف أن يعتاد النَّاس ذلك ويصبح من عادتهم، فقال أن يدفنوه حيث يموت، كما أوصى بإقامة أركان الإسلام، والزُّهد في الدُّنيا، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذكّرهم بالموت، ثمَّ توجَّه إلى بيت المقدس ليصلِّي فيه فأدركه الموت في الطَّريق وتوفّي -رضي الله عنه- قبل أن يصل بيت المقدس.[٣٢] ووقف معاذ بن جبل بعد وفاة أبي عبيدة -رضي الله عنه- يخطب بالنَّاس ويذكِّرهم أن الموت حقٌّ، ويأمرهم بأداء الأمانة، وأن لا يهجر المسلم أخاه المسلم، والتعجيل في التَّوبة إلى الله -تعالى-، ثمَّ قال: "إنّكم أيها المسلمون فجعتم برجل ما أزعم أنني رأيت عبداً أبرّ صدراً، ولا أبعد من الغائلة، ولا أشدّ حباً للعامة، ولا أنصح للأمة منه، فترحموا عليه، رحمة الله، واحضروا الصلاة"، ثمَّ أرسل معاذ -رضي الله عنه- كتاباً إلى عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- يخبره فيه بموت أبو عبيدة، فحزن عمر -رضي الله عنه- حزناً شديداً، وعيَّن عيَّاض -رضي الله عنه- بالشَّام، وقال: "لا أغيِّر أميراً أمَّرَهُ أبو عبيدة"،[٣٣] وقد بلغ أبو عبيدة من العمر حين وفاته ثمانيةً وخمسين عاماً.[٣٤] المراجع
__________________
|
#16
|
||||
|
||||
رد: اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان
اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي: ترجمة شداد بن أوس بن ثابت الخزرجي الأنصاري[1] رضي الله تعالى عنه الموسوعات الثقافية المدرسية (16) صحابي جليل، كان من سادات الصحابة وفضلائهم، عالمًا عاملاً. قال عبادة بن الصامت: كان شداد ممن أوتي العلم والحلم. وهو ابنُ أخي حسان بن ثابت، الأنصاري، شاعر النبي صلى الله عليه وسلم. شهد أبوه بدرًا، واستُشهد بأحد. وروى الطبراني عن شداد بن أوس: أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجود بنفسه، فقال: "ما لك يا شداد؟" قال: ضاقت بي الدنيا، فقال: "ليس عليك؛ إن الشام سيفتح، وبيت المقدس سيفتح، وتكون أنت وولدك من بعدك أئمة فيهم". فنزلَ بيت المقدس من الشام. وروى عنه أهل الشام. وقدم دمشق والجابية، وسكن بيت المقدس، وكان شهد اليرموك. وتوفي بفلسطين، ودُفن ببيت المقدس، سنة ثمان وخمسين، وكان عمره خمسًا وتسعين سنة. وروى الذهبي عن ابن سعد عن خالد بن معدان، قال: لن يبق بالشام أحد كان أوثق ولا أفقه ولا أرضى من عبادة بن الصامت، وشداد بن أوس. وروى ابن عساكر والذهبي عن عبد الرحمن بن غنم، قال: لما دخلنا الجابية - وهي قرية من أعمال دمشق - أنا وأبو الدرداء لقينا عبادة بن الصامت.. فبينا نحن كذلك إذ طلع علينا شداد بن أوس، وعوف بن مالك، فجلسا إلينا، فقال شداد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس! لما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الشهوة الخفية والشرك، فقال عبادة وأبو الدرداء: اللهم غفرًا، أولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حدثنا أن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب؟! فأما الشهوة الخفية فقد عرفناها، فهي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها؛ فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد؟!. قال: أرأيتم لو رأيتم أحدًا يصلي لرجل، أو يصوم له، أو يتصدق له، أترون أنه قد أشرك؟ قالوا: نعم! قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك". فقال عوف: أولاً يَعْمَدُ الله إلى ما أبتغي فيه وجهه من ذلك العمل كله فيقبل منه ما خلص له، ويدع ما أشرك به فيه؟ قال شداد: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن الله، قال: "أنا خير قسيم، فمن أشرك بي شيئًا، فإن جسده وعمله، قليله وكثيره، لشريكه الذي أشرك به، أنا عنه غنيّ". وروى الذهبي: قال سلام بن مسكين: حدثنا قتادة أن شداد بن أوس خطب فقال: أيها الناس؛ إن الدنيا أجل حاضر، يأكل منها البر والفاجر، وإن الآخرة أجل مستأخر، يحكم فيها ملك قادر ألا إن الخير كله بحذافيره في الجنة، وإن الشر كله بحذافيره في النار [2]. وروى ابن عساكر: كان أبو الدرداء يقول: إن لكل أمة فقيهًا، وإن فقيه هذه الأمة شداد بن الأوس. وقال سعيد بن عبد العزيز: فُضِلَ شداد بن أوس الأنصاري بخصلتين: ببيان إذا نطق، وبكظم إذا غضب. وعن شداد بن أوس أنه قال: الموت أفظع هولاً في الدنيا والآخرة على المؤمن. والموت أشد من نشر المناشير وقرض بالمقاريض وغليٍ في القدور، ولو أن الميت نُشِرَ فأخبر أهل الدنيا بألم الموت ما انتفعوا بعيش ولا لذوا بنوم [3]. وقال ابن الأثير: "كان شداد بن أوس كثير العبادة والورع والخوف من الله تعالى" [4]. المراجع [1] الطبقات الكبرى: لابن سعد (ج7/ 401)، أسد الغابة في معرفة الصحابة: لابن الأثير (ج2/ 387)، الإصابة في تمييز الصحابة: لابن حجر (ج4/ 52) رقم: (3842)، الرياض المستطابة: لليمني (124، 126)، مختصر تاريخ ابن عساكر (ج10/ 276، 280)، سير أعلام النبلاء: للذهبي (ج2/ 460، 467). [2] سير أعلام النبلاء: للذهبي (ج2/ 466). [3] مختصر تاريخ ابن عساكر (ج10/ 279، 280). [4] أسد الغابة في معرفة الصحابة: لابن الأثير (ج2/ 387).
__________________
|
#17
|
||||
|
||||
رد: اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان
اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي: عبد الملك بن مروان (17) خامس خلفاء الدولة الاموية - مكتبة خلاصة كتاب خلاصة كتاب مؤسس موقع خلاصة كتاب المقالات: 388 عبد الملك بن مروان هو خليفة أموي حكم لمدة 20 عامًا. تميزت فترة حكمه بالتطور والازدهار في مجالات مختلفة مثل الاقتصاد والعلوم والفنون. كان ملتزمًا بتطبيق العدل وتعزيز مبادئ الإسلام. ترك إرثًا هامًا في توحيد الدولة الأموية وتطوير البنية التحتية للدولة. في الفقرات القادمة، سيتم استكشاف تفاصيل حياة عبد الملك بن مروان بشكل أكثر تفصيلًا. سنتحدث عن مولده ونشأته في المدينة المنورة، وعن تعليمه وقدراته القيادية منذ صغره. سنستعرض أيضًا فترة حكمه كخليفة للدولة الأموية، وما تميزت به من تحديات وانتصارات. سنناقش إسهاماته في تطوير البنية التحتية وتعزيز الاقتصاد والثقافة والعلوم في عهده. وسنلقي الضوء على قدرته على تطبيق العدل ومبادئ الإسلام في حكمه، بالإضافة إلى إرثه الذي تركه خلفه في توحيد الدولة وتطورها. جدول المحتويات عبد الملك بن مروان: شخصية تاريخية مشهورة وأبو الخلفاء
عبد الملك بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية القرشي هو شخصية تاريخية وُلد في المدينة المنورة عام 24 هجريًا. كان عبد الملك عالِمًا فقيهًا من فقهاء المدينة. يُصف بأنه كان طويل القامة وأبيض البشرة، وكانت لديه حاجبان متصلان، وليس بدينًا ولا نحيفًا. كان يتميز بنقش خاتمه الذي يحمل عبارة “آمنت بالله مخلصًا”. والدته هي عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن العاص بن أمية، وهي زوجة مروان بن الحكم ووالدة الخليفة مروان بن الحكم. عبد الملك بن مروان: الحافظ القرآني وأبو الوليد وأبو الملوك اشتهر عبد الملك بن مروان بحفظه للقرآن الكريم، وعندما بلغ سن الرشد، درس العلوم الإسلامية. كما كان شاعرًا وأديبًا، ولقب بأبي الوليد وأيضًا بأبي الملوك، وذلك بعد أن تولى أربعة من أبنائه الخلافة بعد وفاته. كان لعبد الملك أبناءً من زوجته ولادة بنت العباس، وهم الوليد وسليمان ومروان الأكبر (الذي توفي وهو صغير) وعائشة. ومن زوجته عاتكة بنت يزيد بن معاوية، كان له يزيد ومروان ومعاوية (الذي توفي وهو صغير) وأم كلثوم.أما من زوجته عائشة بنت هشام بن إسماعيل المخزومي، فكان له ولد واحد وهو هشام، وكانت تُعرف بأم هشام. ومن زوجته عائشة بنت موسى بن طلحة بن عبيد الله، كان له ولد واحد وهو بكار وعُرف باسم أبي بكر. ومن زوجته أم أيوب بنت عمرو بن عثمان بن عفان، كان له ولد واحد وهو الحكم، وتوفي وهو صغير. أما من زوجته عائشة أم المغيرة بنت المغيرة بن خالد بن العاص، فكانت له ابنة واحدة وهي فاطمة. وكان له أيضًا أبناء من الجوارى، وهم الحجاج وعبد الله ومسلمة والمنذر وعنبسة ومحمد وسعيد الخير. التحديات والمسؤولية: عبد الملك بن مروان في حقبة الخلافة في البداية، نجد أنه عندما شعر مروان بن الحكم، بتثبيت دولته، كان حريصًا على تأمين العهود من الرؤساء لولاية العهد لابنيه. وبعد وفاة والدهم، تم تنصيب عبد الملك وعبد العزيز دون أي مشاكل. وانتقلت الخلافة بسلاسة من الأب إلى أولاده، وكان عبد الملك بن مروان هو الحاكم الجديد. حدث ذلك في بداية شهر رمضان من السنة 65 هجرياً. ومع ذلك، شعر عبد الملك بن مروان أن هذه الخلافة تحمل عبئًا ثقيلًا، خاصةً مع وجود خليفة آخر ينافسه وهو “عبد الله بن الزبير” الذي كان يسيطر على الجانب الشرقي من الدولة. ومع ذلك، كان لدى عبد الملك بن مروان السيطرة على المناطق الشامية ومصر، وكانت دولته مستقرة نسبيًا. لكن كان هناك توترات موجودة مثل الشيعة في العراق والخوارج في الأهواز. ولذلك، كان عليه تثبيت قدميه في الحكم لمواجهة التحديات من جميع الجهات، وضمان بقائه في السلطة. كما كان عليه مواجهة الجيوش المتربصة على الحدود. يعني أنه كان يواجه خطرًا من الداخل والخارج، وهذا هو الوضع الذي واجهه عبد الملك. وكان يشعر بالمسؤولية العظيمة التي يتحملها. ومع ذلك، كان عبد الملك ذو خبرة كبيرة في السياسة، خاصةً منذ كان رئيس الديوان في أيام معاوية بن أبي سفيان. حضر مجالس الخلفاء واكتسب الكثير من الخبرات، بالإضافة إلى ثقافته العربية الواسعة وبراعته في الخطابة والشعر والأدب. وكان لديه إيمان قوي، نظرًا لأنه عاش في المدينة لمدة تقارب أربعين سنة قبل أن ينتقل مع عائلته إلى الشام. وفي ذلك الوقت، كان عبد الملك وزيرًا لوالده وواجه العديد من التحديات بشجاعة وقوة. عبد الملك بن مروان: رحلة التوحيد وتحقيق الاستقرار تعالوا نتعرف على مسار عبد الملك بن مروان ورحلته نحو تحقيق طموحاته وتحقيق الاستقرار. هل بدأت رحلته من العراق أم الحجاز؟ تبيّن أنه اتخذ قرارًا بفتح العراق، الذي كان يسيطر عليه المختار، وأرسل جيشًا بقيادة عبيد الله بن زياد. لم يكن لديه الكثير من المؤيدين، ولكن الجيش وصل إلى الموصل واندلعت معركة هامة بالقرب من نهر الخازر. نجح جيش العراق في الانتصار، لكن بن زياد قتل في المعركة، مما أدى إلى هزيمة جيش الشام وغرق العديد منهم. كانت هذه الهزيمة صعبة بالنسبة لعبد الملك، لكنه أظهر قدرة على التحمل والصبر. وبالرغم من أن فتح العراق تأخر لسنوات، إلا أنه كان يجب أن يتحقق لمصلحة توحيد وتوحيد المسلمين. كان عبد الملك بحاجة لمواجهة ابن الزبير، وفعليًا التقى جيش الشام بالقوات الحجازية في معركة الربذة. انتهت المعركة بالهزيمة لجيش الشام، ووصل الخبر لعبد الملك الذي شعر بالإحباط، لكنه سرعان ما استعاد ثقته بنفسه. في العام التالي، أعد جيشًا واستهدف الحجاز بقيادة عبد الملك بن الحارث بن الحكم، ووصل الجيش إلى وادي القرى في شمال الحجاز. مع ذلك، وقعت اشتباكات في وادي القرى بين جيش المختار من العراق وجيش ابن الزبير. على الرغم من أن جيش المختار كان قد تلقى أوامر بالاحتلال، إلا أنه هُزم في تلك اللحظة، وعاد جيش الشام من وادي القرى بدون نتيجة حاسمة. هنا وجد عبد الملك أنه من الأفضل أن يكتفي بالدفاع عن مملكته في الشام وأفريقيا، وقرر تعزيز قواعد الحكم الداخلية وتنظيم شؤونها. قام بتجهيز جيش قوي قادر على مواجهة أي تحدي، في حين استمرت المنازعات بين الحجاز والعراق، حيث بقيت العراق تحت سيطرة أسرة الزبير. تشكلت دولتان، الدولة الأموية بقيادة عبد الملك والدولة الزبيرية التي تمثلها عبد الله بن الزبير في المدينة، وأخوه مصعب بن الزبير في العراق. عبد الملك بن مروان: رحلة التوحيد وتحقيق الاستقرار في العراق وفي ذلك الوقت، كان عبد الملك يشرف على تنظيم الجيوش ويستعد لصد أي هجوم خارجي مثل الروم، أو داخلي كما كان يهدد بعض الفصائل الداخلية. كانت هناك حاجة لتوحيد الدولة، حتى يتمكن من استغلال ثروات العراق في ظل الحاجة للدعم، وكذلك لتوسيع حدود الدولة. وضع مروان خطة لنيل تأييد أهل العراق وتحييدهم عن دعم مصعب بن الزبير الذي ارتكب العديد من الأخطاء. بدأ عبد الملك بن مروان في تنفيذ الخطة، وأول ما قام به هو إزالة العقبة، وهو حصن قرقيسيا الذي كان تحت سيطرة بن الحارث، الذي كان مواليًا لابن الزبير. بمجرد إزالة هذه العقبة، انطلقت الغارات والمعارك والتدمير. اتخذ عبد الملك موقعًا في شمال الشام على الحدود بينه وبين العراق، بالقرب من قنسرين، وجعلها مركزًا لمعسكره وجيشه في كل سنة، بهدف إعلان قوته وتخويف الروم وأعدائه في العراق. وأثناء توجهه إلى قرقيسيا واقترابه من حدود العراق، فاجأته مؤامرة من عمرو بن سعيد بن العاص، ابن عمه، ومن أفراد عائلته الذين كانوا يحملون ضده الحقد منذ فترة طويلة. كانت مؤامرة عمرو بن سعيد تستهدف الانقلاب على عبد الملك وأخذ الخلافة منه. ولكن عبد الملك اكتشف ذلك بسرعة وعاد بسرعة لحصار دمشق. وقعت اشتباكات وانتهت في النهاية باتفاق الصلح بين الجانبين. عفا عبد الملك عن أفراد عائلته وأرسلهم إلى العراق. بعد ذلك، خرج عبد الملك بجيش كبير في السنة 71 هجرياً لحسم الوضع وإنهاء القضية في العراق التي كانت تحت سيطرة مصعب. ومع ذلك، كان عليه أن يزيل عقبة قرقيسيا. بعد مناوشات وتهديدات ومراسلات، توصل الجانبان إلى اتفاق للصلح، وبذلك انتهت قضية قرقيسيا التي كانت تشكل شوكة في جنب الشام، وفُتح الطريق إلى العراق. قرر عبد الملك أن يتوجه إلى العراق ويواجه مصعب. وعندما علم مصعب بقدوم عبد الملك، أرسل إبراهيم بن الأشتر، الذي كان يحكم الموصل، وجيشه. ومع ذلك، خذله أهل البصرة وبقوا في منازلهم. أرسل عبد الملك رسالة إلى مصعب وقال له: “تعال، ولتكن المسألة شورى بين المسلمين”. لكن مصعب رفض وأصر على القتال. واستمر في القتال حتى قتل. بعد ذلك، دعا عبد الملك جنود العراق وبايعوه، ودخل الكوفة وبايعوه أيضًا. تحقيق الوحدة: عبد الملك بن مروان يستعيد العراق ويهيمن على المنطقة في رحلة تحقيق هدفه في توحيد الدولة، قام عبد الملك بن مروان بإرسال جيش بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي لمحاربة عبد الله بن الزبير في مكة. تعرض جناح الحجاج للهزيمة بقتل أخيه وانهيار السيطرة على العراق. بدأ الحجاج في حصار مكة في العام 72 هجرياً، واحتل المدينة، واستخدم المنجنيق لمهاجمة خصومه. يُقال إن الحجارة كانت تتساقط بين يدي ابن الزبير وهو يصلي. كان الحصار قاسيًا على سكان مكة، وبعد تعب الناس من هذا الحصار، عرض الحجاج الأمان لهم، فقبلوا وتخلوا عن ابن الزبير الذي رفض الاستسلام وقاتل ببسالة حتى قتل في يوم الثلاثاء من جمادى الأولى في العام 73 هجرياً. بايع أهل مكة عبد الملك، وبدأ عهد جديد. بهذا، استولى عبد الملك بن مروان على العراق والحجاز، وكانت لديه الشام ومصر تحت راية خليفة واحد، وهو عبد الملك بن مروان. وكانت للدولة العظيمة هذه عاصمة واحدة، وهي دمشق. في العام 74 هجرياً، حل العام الذي تم فيه تسوية الخلافات والنزاعات المتعلقة بالخلافة، وأُطلِق عليه عام الجماعة، لأنه كان عام الوحدة. وبعد تحقيق عبد الملك حلمه في تحقيق الوحدة، قام بالحج إلى الحجاز في موسم الحج في العام 75 هجرياً، وبقي في مكة والمدينة لفترة، وألقى خطبًا للناس، وقبلهم به خليفةً. إنجازات عبد الملك بن مروان في توحيد الدولة الإسلامية وتحقيق التقدم وَلَكِنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ أسَفًا، فَقَدْ حَدَثَ تَمْرُدٌ لَا يُرَغَّبُ فِيهِ الاِسْتِقْرَارُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا الْوَحْدَةُ. إِنَّ تِلْكَ الْحَرَكَةَ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْخَوَارِجِ، وَقَدْ جَرَتْ مَعَارِكُ مُتَلاَحِمَةٌ مَعَ الْخَوَارِجِ، لَكِنَّهَا كَانَتْ مَعَارِكُ تَصْفِيةٍ. وَكَانَ زَعِيمُ الْخَوَارِجِ هُوَ قَطْرِيُّ بْنُ الْفُجَاءَةِ، الَّذِي هَزَمَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عَبْدِ اللهِ. لَكِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ عَيَّنَ مَكَانَهُ بِالْمُلْهَبِ، الَّذِي كَانَ أَدْرَى بِأَهْلِ الْخَوَارِجِ. ثُمَّ انْتَهَى الْأَمْرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَعْرَكَةِ يَوْمِ الْبُسْتَانِ سَنَةَ 77 هـ. وَظَهَرَتْ أَيْضًا اِنْقِلَابَاتٌ مِنْ أَهَلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، حَيْثُ اِسْتَخَفَّوْا بِالْأَوَامِرِ وَأَصْبَحَ الْمَوْقِفُ خَطِيرًا. وَعِنْدَمَا وَصَلَتِ الْأَخْبَارُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، قَرَّرَ اِتِّبَاعَ سِيَاسَةِ الشِّدَّةِ وَالْحِزْمِ، وَأَمَرَ بِتَولِّي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَهُوَ الّذِي كَانَ قَائِدًا فِي حَرْبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَهَذَا الرَّجُلُ مَشْهُورٌ بِشِدَّتِهِ وَعُنْفِهِ، وَهُوَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ. وَبَالْفَعْلِ، تَمَّ الْقَضَاءُ عَلَى الثَّوْرَاتِ، وَاتَّحَدَتِ الدَّوْلَةُ فِي وَحْدَةٍ نِهَائِيَّةٍ، وَتَوَسَّعَتْ حُدُودُهَا مِنْ نَهْرِ بَلْخٍ وَجِبَالِ سِجِستَانَ وَمَشَارِفِ الْهِنْدِ شَرْقًا، إِلَى وَسَطِ بِلَادِ الْمَغْرِبِ غَرْبًا، وَمِنْ بَحْرِ قَزْوِينٍ وَالْبَحْرِ الْأَسْوَدِ شَمَالًا، إِلَى حُدُودِ النُّوبَةِ وَالسُّودَانِ جَنُوبًا. فَأَصْبَحَتْ هَذِهِ الدَّوْلَةُ دَوْلَةً وَاحِدَةً وَكَتْلَةً وَاحِدَةً فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. إِنَّ ذَلِكَ كَانَ أَكْبَرَ نَجَاحٍ لَمْ يَسْتَطِعْ الْخَلِيفَةُ تَحْقِيقَهُ، لَكِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ نَجَحَ وَحَقَّقَ تِلْكَ الْمُعْجِزَةَ. وَلَمْ يَنْقُذْ فَقَطْ دَوْلَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ شُرُورِ الِانْقِسَامِ، بَلْ أَيْضًا استَمَرَّ فِي الْفَتَوَحَاتِ الَّتِي ضَمَّتْ بِلَادًا كَثِيرَةً مُهِمَّةً فِي عَهْدِهِ، وَتَحْرِيرُهَا مِنْ اِحْتِلَالِ الرُّومِ، وَقَامَ بِإِصْلاِحَاتٍ دَاخِلِيَّةٍ وَخَارِجِيَّةٍ، وَحَقَّقَ اِسْتِقْلَالًا اِقْتِصَادِيًّا وَسِيَاسِيًّا لِلدَّوْلَةِ، وَأَيْضًا أَصْدَرَ عُمَلَةً عَرَبِيَّةً قَوْمِيَّةً، وَجَعَلَ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ هِيَ اللُّغَةَ الرَّسْمِيَّةَ لِلدَّوْلَةِ، وَأَضَافَ الطَّابِعَ النِّهَائِيَّ لِنِظَامِ الْبَرِيدِ، وَضَرَبَ الدِّنَانِيرَ وَكَتَبَ عَلَيْهَا الْقُرْآنَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَسَى الْكَعْبَةَ، وَتَمَّتْ فِي عَهْدهِ إِصْلاحَاتٌ زِرَاعِيَّةٌ وَتِجَارِيَّةٌ كَثِيرَةٌ، وَبَنَى عَبْدُ الْمَلِكِ مَسْجِدَ قُبَّةِ الصَّخْرَةِ، وَقَامَ بِنَهْضَةٍ أَدَبِيَّةٍ وَثَقَافِيَّةٍ عَظِيمَةٍ. مراحل حكم عبد الملك بن مروان ووفاته الحزينة في العام 85 هجريًا، سعى عبد الملك بن مروان لعزل أخيه عبد العزيز من الخلافة، بهدف تعيين ابنه الوليد بن عبد الملك بدلاً منه. ومع ذلك، تدخلت الأقدار ورحل عبد العزيز، مما أدى إلى تنصيب الوليد كخليفة بعده. وفي العام 86 هجريًا، تمتعت الأمور بالاستقرار، وازدهرت الدولة تحت راية واحدة تحت قيادة عبد الملك. استمر حكمه لمدة واحد وعشرين عامًا، حتى أصيب بمرضه الأخير عند بلوغه أثنان وستين عامًا. وكان يتوقع وفاته في شهر رمضان، وقال فيه: “فيه ولدت وفيه فطمت وفيه جمعت القرآن وفيه بايعت الناس”. ومع ذلك، توفي في منتصف شوال من العام 86 هجريًا، بعد أن وجّه وصيته لأبنائه بتقوى الله. ودُفن في دمشق، خارج باب الجابية. المصدر : عبد الملك بن مروان والدولة الاموية تاليف الدكتور محمد ضياء الدين الريس التاريخ – مكتبة خلاصة كتاب (khkitab.com) منقول
__________________
|
#18
|
||||
|
||||
رد: اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان
اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي: سليمان القانوني وقمة عهود الدولة العثمانية (18) إعداد: أحمد تمام الدولة العثمانية في عهد سليمان القانوني ثمانية وأربعون عامًا قضاها السلطان سليمان القانوني على قمة السلطة في دولة الخلافة العثمانية، بلغت في أثنائها قمة درجات القوة والسلطان؛ حيث اتسعت أرجاؤها على نحو لم تشهده من قبل، وبسطت سلطانها على كثير من دول العالم في قاراته الثلاث، وامتدت هيبتها فشملت العالم كله، وصارت سيدة العالم يخطب ودها الدول والممالك، وارتقت فيها النظم والقوانين التي تسيّر الحياة في دقة ونظام، دون أن تخالف الشريعة الإسلامية التي حرص آل عثمان على احترامها والالتزام بها في كل أرجاء دولتهم، وارتقت فيها الفنون والآداب، وازدهرت العمارة والبناء. توليه الحكم تولى السلطان سليمان القانوني بعد موت والده السلطان سليم الأول في (9 من شوال سنة 926 هـ= 22 من سبتمبر 1520م)، وبدأ في مباشرة أمور الدولة، وتوجيه سياستها. والأعمال التي أنجزها السلطان في فترة حكمه كثيرة وذات شأن في حياة الدولة، وسنحاول الإلمام بها، جاهدين في إبراز صورة الدولة على نحو لا يخل بملامحها العامة، وقسماتها المميزة. في الفترة الأولى من حكمه نجح في بسط هيبة الدولة والضرب على أيدي الخارجين عليها من الولاة الطامحين إلى الاستقلال، معتقدين أن صغر سن السلطان الذي كان في السادسة والعشرين من عمره فرصة سانحة لتحقيق أحلامهم، لكن فاجأتهم عزيمة السلطان القوية التي لا تلين، فقضى على تمرد “جان بردي الغزالي” في الشام، و”أحمد باشا” في مصر، و”قلندر جلبي” في منطقتي قونيه ومرعش، وكان شيعيًا جمع حوله نحو ثلاثين ألفًا من الأتباع للثورة على الدولة. ميادين الجهاد تعدد ميادين الجهاد التي تحركت فيها الفتوحات الإسلامية وبسط النفوذ في عهد سليمان فشملت أوروبا وآسيا وأفريقيا، فاستولى على بلجراد سنة (927 هـ= 1521م)،وحاصر فيينا سنة (935 هـ= 1529م) لكنه لم يفلح في فتحها، وأعاد الكَرّة مرة أخرى، ولم يكن نصيبها أفضل من الأولى، وضم إلى دولته أجزاء من المجر بما فيها عاصمتها “بودا”، وجعلها ولاية عثمانية. وفي آسيا قام السلطان سليمان بثلاث حملات كبرى ضد الدولة الصفوية، ابتدأت من سنة (941 هـ= 1534م) وهي الحملة الأولى التي نجحت في ضم العراق إلى كنف الدولة العثمانية. وفي الحملة الثانية سنة (955هـ= 1548م) أضيف إلى أملاك الدولة “تبريز”، وقلعتا: وان وأريوان. وأما الحملة الثالثة فقد كانت سنة (962هـ = 1555م) وأجبرت الشاه “طهماسب” على الصلح وأحقية العثمانيين في كل من أريوان وتبريز وشرق الأناضول. وواجه العثمانيون نفوذ البرتغاليين في المحيط الهندي والخليج العربي، فاستولى “أويس باشا” والي اليمن على قلعة تعز سنة (953هـ= 1546م)، ودخلت عُمان وقطر والبحر في طاعة الدولة العثمانية، وأدت هذه السياسية إلى الحد من نفوذ البرتغاليين في المياه الإسلامية. وفي إفريقيا، دخلت ليبيا والقسم الأعظم من تونس، وإريتريا، وجيبوتي والصومال، ضمن نفوذ الدولة العثمانية. البحرية العثمانية خير الدين بارباروسا كانت البحرية العثمانية قد نمت نموًا كبيرًا منذ أيام السلطان بايزيد الثاني، وأصبحت مسئولة عن حماية مياه البحار التي تطل عليها الدولة، وفي عهد سليمان ازدادت قوة البحرية على نحو لم تشهده من قبل بانضمام “خير الدين برباروسا”، وكان يقود أسطولاً قويًا يهاجم به سواحل إسبانيا والسفن الصليبية في البحر المتوسط، وبعد انضمامه إلى الدولة منحه السلطان لقب “قبودان”. وقد قام خير الدين -بفضل المساعدات التي كان يتلقاها من السلطان سليمان القانوني- بضرب السواحل الإسبانية، وإنقاذ آلاف من المسلمين في إسبانيا، فقام في سنة (935 هـ= 1529م) بسبع رحلات إلى السواحل الإسبانية لنقل سبعين ألف مسلم من قبضة الحكومة الإسبانية. وقد وكل السلطان إلى خير الدين قيادة الحملات البحرية في غرب البحر المتوسط، وحاولت إسبانيا أن تقضي على أسطوله، لكنها تخفق في كل مرة وتتكبد خسائر فادحة، ولعل أقسى هزائمها كانت معركة بروزة سنة (945 هـ= 1538م). وقد انضم أسطول خير الدين إلى الأسطول الفرنسي في حربه مع الهابسيورج، وساعد الفرنسيين في استعادة مدينة نيس (950 هـ= 1543م). واتسع نطاق عمل الأسطول العثماني فشمل البحر الأحمر، حيث استولى العثمانيون على سواكن ومصوع، وأخرج البرتغاليين من مياه البحر الأحمر، واستولى العثمانيون على سواحل الحبشة؛ مما أدى إلى انتعاش حركة التجارة بين آسيا والغرب عن طريق البلاد الإسلامية. النواحي الحضارية جامع السليمانية كان السلطان سليمان القانوني شاعرًا له ذوق فني رفيع، وخطاطًا يجيد الكتابة، وملمًا بعدد من اللغات الشرقية من بينها العربية، وكان له بصر بالأحجار الكريمة، مغرمًا بالبناء والتشييد، فظهر أثر ذلك في دولته، فأنفق في سخاء على المنشآت الكبرى فشيد المعاقل والحصون في رودس وبلجراد وبودا، وأنشأ المساجد والصهاريج والقناطر في شتى أنحاء الدولة، وبخاصة في مكة وبغداد ودمشق، غير ما أنشأه في عاصمته من روائع العمارة. منمنمة عثمانية وظهر في عصره أشهر المهندسين المعماريين في التاريخ الإسلامي وهو سنان، الذي اشترك في الحملات العثمانية، واطلع على كثير من الطرز المعمارية حتى استقام له أسلوب خاص، ويعد جامع السليمانية الذي بناه للسلطان سليمان في سنة (964هـ= 1557م) من أشهر الأعمال المعمارية في التاريخ الإسلامي. وفي عهده وصل فن المنمنمات العثمانية إلى أوجه. وقد قدّم “عارفي” وثائق الحوادث السياسية والاجتماعية التي جرت في عصر سليمان القانوني في منمنمات زاهية، ولمع في هذا العصر عدد من الخطاطين العظام يأتي في مقدمتهم: حسن أفندي جلبي القره حصاري الذي كتب خطوط جامع السليمانية، وأستاذه أحمد بن قره حصاري، وله مصحف بخطه، يعد من روائع الخط العربي والفن الرفيع، وهو محفوظ بمتحف “طوبي قابي”. وظهر في عهد السلطان سليمان عدد من العلماء، في مقدمتهم: أبو السعود أفندي صاحب التفسير المعروف باسم “إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم”. خط أحمد قره حصارى غير أن الذي اشتهر به واقترن باسمه هو وضعه للقوانين التي تنظم الحياة في دولته الكبيرة.. هذه القوانين وضعها مع شيخ الإسلام أبو السعود أفندي، وراعى فيها الظروف الخاصة لأقطار دولته، وحرص على أن تتفق مع الشريعة الإسلامية والقواعد العرفية، وقد ظلت هذه القوانين التي عرفت باسم “قانون نامه سلطان سليمان” أي دستور السلطان سليمان تطبق حتى مطلع القرن الثالث عشر الهجري- التاسع عشر الميلادي. ولم يطلق الشعب على السلطان سليمان لقب القانوني لوضعه القوانين، وإنما لتطبيقه هذه القوانين بعدالة، ولهذا يعد العثمانيون الألقاب التي أطلقها الأوروبيون على سليمان في عصره مثل: الكبير، والعظيم قليلة الأهمية والأثر إذا ما قورنت بلقب “القانوني” الذي يمثّل العدالة. ولم يكن عهد القانوني العهد الذي بلغت فيه الدولة أقصى حدود لها من الاتساع، وإنما هو العهد الذي تمت فيه إدارة أعظم دولة بأرقى نظام إداري. وتوفي السلطان وهو يحاصر مدينة سيكتوار البحرية في (20 من صفر 974 هـ= 5 من سبتمبر 1566م). * من مصادر الدراسة
__________________
|
#19
|
||||
|
||||
رد: اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان
اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي: عماد الدين زنكي (19) تامر بدر
__________________
|
#20
|
||||
|
||||
رد: اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان
اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي: بحث عن بلال بن رباح (20) براءة أيمن شلتوني محتويات
نسب بلال بن رباح هو بلال بن رباح القُرشيّ التيميّ -رضي الله عنه-، مولى أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وأُمّهُ حمامة، ويُكنّى بأبي عبد الرحمن،[١][٢] وقيل: بأبي عبد الكريم، وقيل: بأبي عمرو، وقيل: بأبي عبد الله. من مواليد السراة في أهل الشام، من موالي بني تيم،[٣] قال عنه أبو عُمر: له أخٌ اسمهُ خالد، وأُخت تُسمّى غفيرة أو عقرة، وهي مولاة عُمر بن عبد الله -رضي الله عنه-.[٤] صفات بلال بن رباح الخَلقية يتصف بلال بن رباح -رضي الله عنه- من الناحيّة الخَلقيّة بأنّهُ آدمٌ شديدُ الأدمة؛ أي السّمرة، ونحيف، وطويل، وأجنى؛ أي يميل أعلى ظهره على صدره، وخفيف العارضين،[٥][٤] كما كان كثير الشعر، ولا يُغيِّرُ شيبه.[٦] مناقب بلال بن رباح توجد الكثير من الماقب التي تحلّت بها شخصية بلال بن رباح -رضي الله عنه وأرضاه-، وفيما يأتي ذكر بعضٍ منها:
كان بلال بن رباح -رضي الله عنه- أوّل من آمن من العبيد،[١٥] حيثُ كان يرعى غنماً لعبد الله بن جدعان، فرآه النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- وهو معتزلاً في الغار مع أبي بكرٍ -رضي الله عنه-، فناداهُ وطلب منه اللّبن، فأخبرهُ أنّه ليس معه إلا شاةً واحدة، فطلب منه أن يأتي بها، فحلبها النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- وشرِب حتى ارتوى، ثُمّ سقى أبا بكر وبلالٍ -رضي الله عنهما- منها، فكانت الشاة أنشط مما كانت عليه، فدعاه النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- إلى الإسلام، فأسلم.[١٦][١٧] وبقي يأتي إلى نفس المكان لمدّة ثلاثةِ أيام يتعلم الإسلام. فمرّ أبو جهل بعبد الله بن جدعان وأخبرهم أنّ غنمهم أصبحت تنمو منذ ثلاثة أيّام، وأنّ بلال يذهب لمرعى ابن أبي كبشة، فمنعوا بلال من الذهاب إلى المكان، ودخل ذات يومٍ الكعبة، فالتفت فلم يرَ أحداً من قريش، فبصق على الأصنام وقال: "خاب وخسر من عبدكنّ"، فعلمت قريش بذلك، فهرب بلال إلى دار سيّده عبد الله بن جدعان بعد أن طلبتهُ قُريش، فأخرجهُ عبد الله لهم، وأهداهُ لأبي جهل وأُمية بن خلف؛ ليفعلوا به ما يشاؤون.[١٦][١٧] تعذيب بلال بن رباح من كفار قريش بعد أن أعلن بلال -رضي الله عنه- إسلامه؛ بدأ المُشركون بتعذيبه، حيثُ كان مملوكاً لأُميّة بن خلف، فكان يجعل في عنقه حبلاً ويدفعه إلى الصبيان يلعبون به وهو يقولُ: "أحدٌ أحد"، ويُخرجهُ سيدهُ أُمية في وقت الظهيرة إلى الرمل شديد الحرارة، ويضعُ على صدره صخرةً عظيمةً، ويُهدّدهُ أن يُبقيه كذلك حتى يموت أو يرجعَ عن إسلامه ويعبد أصنامهم، وهو يقول له: أحدٌ أحد،[١٨][١٩] كما كان يُبالغُ في تعذيبه حتى يرجع عن إسلامه، ولكن بلالاً بقي صابراً ثابتاً على دينه،[٢٠] وبالمُقابل كان أبو جهلٍ يقوم بتعذيبه؛ فيجعلهُ باتّجاه الشمس، ويضع الرحا عليه حتى تُذيبهُ الشمس، ويأمرهُ بأن يكفُر بالله -تعالى-، ولكن بلا -رضي الله عنه- بقي ثابتاً على إسلامه.[٢١] فكان بلال من المؤمنين الذين لاقوا العذاب الشديد من الكافرين بسبب إسلامه، وكانوا يُصرّون عليه بأن يكفُر بالله -تعالى-، ولكنّه كان يُقابلُ ذلك كُله بالرفض، وكان يقول: أحدٌ أحد، ويقول: "لو أعلمُ كلمةً تُغيظهم أكثر منها لقُلتها لهم"، وذكر ابنُ سعد أن من أنواع التعذيب التي لاقاها بسبب إسلامه أنهم كانوا يأخُذونه ويمدّونهُ في الزبل، ويقولون له ربُّك اللات والعُزّى، وهو يقولُ لهم: أحدٌ أحد، وأحياناً يُجيبهم: بلا إله إلا الله مُحمدٌ رسول الله،[٢٢] فقام أبو بكرٍ -رضي الله عنه- بشرائه، ثُمّ أعتقه؛ ليُخلّصهُ من تعذيبهم.[٢٣] جهاد بلال بن رباح شهد بلال -رضي الله عنه- جميع الغزوات مع النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-،[٢٠][٢٤] فشهد معركة بدر، والمشاهد كُلِها،[٣][١٣] وذهب إلى الشّام في عهد أبي بكر -رضي الله عنه- للجهاد، وبقي بها مُجاهداً حتى مات.[١١] اتخاذ بلال بن رباح مؤذّنا تشرّف بلال -رضي الله عنه- بأن كان مؤذّناً للنبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-،[٢٥][٢٦] فكان يؤذّن في حضره وسفره، وهو أول من أذّن في الإسلام، ولما فُتحت مكة في السنة الثامنة من الهجرة أمره النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أن يؤذّن على ظهر الكعبة؛[٢٧] وذلك لجمال صوته،[٢٨] وقيل: إنّه أذّن لأبي بكرٍ -رضي الله عنه- في خلافته.[١١] وبعد وفاة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- جاء إلى أبي بكر -رضي الله عنه- واستأذنه في الجهاد، فأجابه بأن يبقى معه حتى يتوفى، فبقي معه حتى توفّي أبو بكر، ثُمّ جاء إلى عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- واستأذنه في الجهاد، فقال له مثلما قال له أبو بكر، لكنّه مع ذلك خرج إلى الشّام مُجاهداً، وقيل: إنّه أذّن لِعُمر في الشّام مرةً واحدةً، ورأى بلال النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في المنام، فرجع إلى قبره في المدينة، وبكى عنده، وجاءه الحسن والحُسين ليؤذّن لهما، فصعد إلى سطحٍ وأذّن، وبدأ الناس بالبكاء من صوته ولتذكّرهم لرسول الله.[٢٩] أعمال بلال بن رباح في خلافة أبي بكر وعمر بقي بلال في المدينة بعد وفاة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- ووفاة أبي بكر، وفي خلافة عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أذن له في الجهاد، فخرج إلى الشام مُجاهداً،[٣٠] ففي خلافة أبي بكر بقي في المدينة، وقيل: إنّه أذن له في الذهاب إلى الجهاد في الشام،[٣١] وتوقّف عن الأذان بعد وفاة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-.[٢٠] وفاة بلال بن رباح توفّي بلال -رضي الله عنه- في دمشق، وقيل: في حلب، في السنة العشرين من الهِجرة، وقيل: في السنة الثامنة عشر من الهجرة،[٣] وقيل إنّه توفّي بدمشق ودُفن في مقبرتها عند الباب الصغير، وكان عُمره ثلاثةٌ وستون سنة، وقيل: إنّه توفّي في السّنة الواحدة والعشرين من الهجرة، وكان يبلغُ من العُمر سبعين سنة،[٨] وقيل: إنّه توفي في دمشق في العام العشرين للهجرة، وكان قد تجاوز الستين من عُمره،[٢٠] وقيل: تُوفّي في داريّا، وحُمل ودُفن في الباب الصغير، وقيل: بباب كيسان؛ وهي قريةٌ من قُرى دمشق بالغوطة، ودُفن في مقبرة دمشق عند الباب الصغير، وعند وفاته قال: "غداً نلقى الأحبّة، مُحمداً وحزبه".[٣٢] المراجع ↑ المبارك بن محمد الجزري ابن الأثير (1972)، جامع الأصول في أحاديث الرسول (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة دار البيان، صفحة 215، جزء 12. بتصرّف.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |