تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 169 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أصول في دراسة مسائل التفسير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 271 )           »          شرح طريقة فهرسة المسائل العلمية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 128 )           »          إذا لا يضيعنا (من دروس الحج) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ما يفعله الحاج بعد الانتهاء من الطواف والسعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          وقرن في بيوتكن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          أدب الطفل اليهودي ممنوع الاقتراب أو التصوير!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          زوجة الداعية الجندي المجهول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 60 - عددالزوار : 5787 )           »          حتى نربي أطفالا مستقلين ومعتمدين على أنفسهم… (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أبناؤنا بحاجة للاحترام وزرع الثقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1681  
قديم 10-08-2022, 09:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,860
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المعارج
الحلقة (849)

سورة المعارج
مكية وآياتها أربع وأربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 429الى صــــ 435)

سورة المعارج
مكية وآياتها أربع وأربعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
سأل سائل بعذاب واقع (1) للكافرين ليس له دافع (2) من الله ذي المعارج (3) تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (4) فاصبر صبرا جميلا (5) إنهم يرونه بعيدا (6) ونراه قريبا (7) يوم تكون السماء كالمهل (8) وتكون الجبال كالعهن (9) ولا يسأل حميم حميما (10) يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه (11) وصاحبته وأخيه (12) وفصيلته التي تؤويه (13) ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه (14) كلا إنها لظى (15) نزاعة للشوى (16) تدعو من أدبر وتولى (17) وجمع فأوعى (18)

شرح الكلمات:
سأل سائل: أي دعا داع بعذاب واقع.
ليس له دافع من الله: أي فهو واقع لا محالة.
ذي المعارج: أي ذي العلو والدرجات ومصاعد الملائكة وهي السموات.
تعرج الملائكة والروح إليه: أي تصعد الملائكة وجبريل إلى الله تعالى.
في يوم كان مقداره خمسين: أي تصعد الملائكة وجبريل من منتهى أمره من أسفل الأرض
ألف سنة السابعة إلى منتهى أمره من فوق السموات السبع في يوم مقداره خمسون ألف
سنة بالنسبة لصعود غير الملائكة من الخلق.
إنهم يرونه بعيدا: أي العذاب الذي يطالبون به لتكذيبهم وكفرهم بالبعث.
يوم تكون السماء كالمهل: أي كذائب النحاس.
وتكون الجبال كالعهن: أي كالصوف المصبوغ ألوانا في الخفة والطيران بالريح.
ولا يسأل حميم حميما: أي قريب قريبه لانشغال كل بحاله.
يبصرونهم: أي يبصر الأحماء بعضهم بعضا ويتعافون ولا يتكلمون.
وصاحبته: أي زوجته.
وفصيلته التي تؤويه: أي عشيرته التي تضمه إليها نسبا وتحميه من الأذى عند الشدة.
إنها لظى نزاعة للشوى1: أي إن جهنم هي لظى نزاعة للشوى جمع شواة جلدة الرأس.
أدبر وتولى: أي عن طاعة الله ورسوله وتولى عن الإيمان فأنكره وتجاهله.
وجمع فأوعى: أي جمع المال وجعله في وعاء ومنع حق الله تعالى فيه فلم ينفق منه في سبيل الله.
معنى الآيات:
قوله تعالى {سأل2 سائل بعذاب واقع} هذه الآيات نزلت ردا على دعاء النضر بن الحارث ومن وافقه اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو إئتنا بعذاب أليم فأخبر تعالى عنه بقوله {سأل سائل بعذاب3 واقع للكافرين ليس له دافع من الله} أي إنه واقع لا محالة إذ ليس له دافع من الله {ذي المعارج} أي صاحب العلو والدرجات ومصاعد الملائكة وهي السموات وقوله تعالى {تعرج الملائكة والروح إليه} أي 4تصعد الملائكة وجبريا إليه تعالى {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} أي يصعدون من منتهى أمره من أسفل الأرض السابعة إلى منتهى أمره من فوق السموات السبع في يوم مقداره خمسون ألف سنة بالنسبة لصعود غير الملائكة من الخلق {فاصبر5 صبرا جميلا6} وقوله تعالى {إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا} يعني أن المشركين المكذبين يرون العذاب بعيدا لتكذيبهم بالبعث الأخر.
ونحن نراه قريبا ويبين تعالى وقت مجيئه فقال {يوم تكون السماء كالمهل} أي تذوب فتصير كذائب النحاس {وتكون الجبال كالعهن} أي الصوف المصبوغ خفة وطيرانا بالريح وهذا هو الانقلاب الكوني حيث فني كل شيء ثم يعيد الله الخلق فإذا الناس في عرصات القيامة واقفون حفاة عراة {لا يسأل حميم حميما} لانشغال كل بنفسه كما قال تعالى {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} عن السؤال عن غيره أو عن سؤال غيره وقوله تعالى {يبصرونهم} أي عدم سؤال بعضهم بعضا ليس ناتجا عن عدم معرفتهم لبعضهم بعضا7 لا بل يبصرهم ربهم بهم فيعرف كل قريب قريبه ولكن اشتغاله بنفسه يحول دون سؤال غيره، ويشرح هذا المعنى قوله تعالى يود المجرم أي ذو الإجرام على نفسه بالشرك والمعاصي لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه أي أولاده الذكور ففضلا عن الإناث وصاحبته أي زوجته وأخيه وفصيلته التي تؤويه بأن تضمه إلى نسبها والفصيلة العشيرة انفصلت من القبيلة ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه لنتصور عذابا يود المجرم من خوفه منه أن يفتدي بكل شيء في الأرض كيف يكون؟ ومن هنا يرى القريب قريبه ولا يسأله عن حاله لانشغال نفسه عن نفس غيره. وقوله تعالى {كلا8} أي لا قرابة يومئذ تنفع ولا فداء يقبل {إنها} أي جهنم {لظى نزاعة للشوى} أي لجلدة الرأس ولكل عضو غير قاتل للإنسان إذا نزع منه.
تدعو أي جهنم المسماة لظى تدعو تنادي إلي إلي يا من أدبر عن طاعة الله ورسوله وتركها ظهره فلم يلتفت إليها وتولى عن الإيمان فلم يطلبه تكميلا له ليصبح إيمانا يحمله على الطاعات وجمع الأموال فأوعاها في أوعية9 ولم يؤد منها الحقوق الواجبة فيها من زكاة وغيرها إذ في المال حق غير الزكاة. ومن دعته جهنم دفع إليها دفعا كما قال تعالى {يوم يدعون إلى نار جهنم دعا} نعوذ بالله من جهنم وموجباتها من الشرك والمعاصي.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- حرمة سؤال العذاب فإن عذاب الله لا يطاق ولكن تسأل الرحمة والعافية.
2-وجوب الصبر على الطاعة وعلى البلاء فلا تسخط ولا تجزع.
3-تقرير عقيدة البعث والجزاء.
4-عظم هول الموقف يوم القيامة وصعوبة الحال.
5- التنديد بالمعرضين عن طاعة الله ورسوله الجامعين للأموال المشتغلين بها حتى سلبتهم الإيمان والعياذ بالله فأصبحوا يشكون في الله وآياته ولقائه.
__________

1 قرأ نافع والجمهور برفع نزاعة وقرأ حفص بنصها.
2 قرأ نافع سال بدون همزة تخفيفا وقرأ حفص سأل بالهمزة على الأصل.
3 وإن كانت الباء في بعذاب بمعنى عم فيكون السائل سأل عن العذاب لمن يقع أو متى يقع كقوله تعالى {فاسأل به خبيرا} أي عنه خبيرا وكقول الشاعر:
فإن تسألوني بالنساء فإنني
بصير بأدواء النساء طبيب
ومن بلاغة القرآن تعدية سأل بالباء ليكون صالحا للاستفهام والدعاء والاستعجال.
4 هذا العروج كائن يوم القيامة وهو اليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة.
5 الفاء للتفريع إذ سبق أن السائل بالعذاب كان مستهزئا مستخفا فلذا أمر الله رسوله بالصبر الجميل على ما يقوله المشركون.
6 الجملة تعليلية لكل من جملة سأل سائل بعذاب وللأمر بالصبر.
7 قرأ نافع يومئذ بفتح يومئذ وقرأ الجمهور بكسرها بإضافة عذاب إليها.
8 كلا حرف ردع وإبطال لكلام سابق.
9 ومنه الحديث "لا توعى فيوعى عليك" أي لا تمسكي عن الإنفاق فيمسك عليك.

******************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1682  
قديم 10-08-2022, 09:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,860
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

إن الإنسان خلق هلوعا (19) إذا مسه الشر جزوعا (20) وإذا مسه الخير منوعا (21) إلا المصلين (22) الذين هم على صلاتهم دائمون (23) والذين في أموالهم حق معلوم (24) للسائل والمحروم (25) والذين يصدقون بيوم الدين (26) والذين هم من عذاب ربهم مشفقون (27) إن عذاب ربهم غير مأمون (28) والذين هم لفروجهم حافظون (29) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين (30) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون (31) والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون (32) والذين هم بشهاداتهم قائمون (33) والذين هم على صلاتهم يحافظون (34) أولئك في جنات مكرمون (35)
شرح الكلمات:
إن الإنسان خلق هلوعا: أي إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا أي كثير الجزع سريعه وكثير المنع حريصا عليه.
على صلاتهم دائمون: أي لا يقطعونها أبدا ما داموا أحياء يعقلون.
حق معلوم: أي نصيب معين عينه الشارع وهو الزكاة.
للسائل والمحروم: أي الطالب الصدقة والذي لا يطلبها حياء وتعففا.
يصدقون بيوم الدين: أي يؤمنون بيوم القيامة للبعث والجزاء.
مشفقون: أي خائفون متوقعون العذاب عند المعصية.
لفروجهم حافظون: أي صائنون لها عن النظر إليها وعن الفاحشة.
أو ما ملكت أيمانهم: أي من السريات من الجواري التي يملكونها.
فأولئك هم العادون: أي المعتدون الظالمون المتجاوزون الحلال إلى الحرام.
لأماناتهم: أي ما ائتمنوا عليه من أمور الدين والدنيا.
راعون: أي حافظون غير مفرطين.
قائمون: أي يقيمون شهاداتهم لا يكتمونها ولا يحرفونها.
يحافظون: أي يؤدونها في أوقاتها في جماعات مع كامل الشروط والأركان والواجبات والسنن.
معنى الآيات:
قوله تعالى إن الإنسان أي هذا الآدمي المنتصب القامة الضاحك الذي سمي بالإنسان لأنسه
بنفسه ورؤية محاسنها ولنسيانه واجب شكر ربه هذا الإنسان خلق هلوعا قابلا لوصف الهلع فيه عند بلوغه سن التمييز والهلع مرض نفسي عرضه الذي يعرف به جزعه الشديد متى مسه الشر، ومنعه القوي للخير متى مسه وظفر به. فقد فسر تعالى الهلع بقوله، {إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا} . ثم ذكر تعالى ما يعالج به هذا المرض باستثنائه من جنس الإنسان من يتصفون بالصفات الآتية وهي عبارة عن عبادات شرعية بعضها فعل وبعضها ترك من شأنها القضاء على هذا المرض الخطير المسمى بالهلع والذي لا يعالج إلا بما وصف تعالى في قوله:
1) إدامة الصلاة بالمواظبة عليها ليل نهار إذ قال تعالى {إلا المصلين1 الذين هم على صلاتهم دائمون2} وبشرط أن تؤدى إيمانا واحتسابا وأداء صحيحا بمراعاة شروطها وأركانها وسننها.
2) الاعتراف بما أوجب الله في المال من حق وإعطاء ذلك الحق بطيب نفس لمن سأل ولمن لم يسأل ممن هم أهل الزكاة والصدقات لقوله {والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} .
3) التصديق الكامل بيوم القيامة وهو البعث والجزاء لقوله تعالى {والذين يصدقون بيوم الدين} .
4) الاشفاق والخوف من عذاب الله عند عروض خاطر المعصية بترك واجب أو فعل محرم لقوله تعالى {والذين هم من عذاب ربهم مشفقون} أي دائما وأبدا لأن عذاب ربهم غير مأمون الوقوع.
5) حفظ الفرج بستره عن أعين الناس ما عدا الزوج وصيانته من فاحشة الزنا واللواط وجلد عميرة أي الاستمناء باليد والمعروف اليوم بالعادة السرية لقوله تعالى {والذين هم لفروجهم حافظون} من السراري {فإنهم غير ملومين} في إتيانهم أزواجهم وجواريهم اللائي ملكوهن بالجهاد أو الشراء الشرعي وقوله تعالى {فمن ابتغى} أي طلب ما وراء الزوجة والسرية {فأولئك هم العادون} أي الظالمون الذين تجاوزا الحلال إلى الحرام فكانوا بذلك معتدين ظالمين.
6) حفظ الأمانات والعهود ومن أبرز الأمانات وأقوى العهود ما التزم به العبد من عبادة الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله والوفاء بذلك حتى الموت زيادة على أمانات الناس والعهود لهم الكل واجب الحفظ والرعاية لقوله {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} أي حافظون.
7) إقامة الشهادة بالاعتدال فيها بحيث يؤديها ولا يكتمها ويؤديها قائمة لا اعوجاج فيها لقوله تعالى {والذين هم3 بشهاداتهم قائمون} .4
8) المحافظة على الصلوات الخمس مستوفاة الشروط والأركان من الخشوع إلى الطمأنينة في الركوع والسجود والاعتدال في القيام لقوله تعالى {والذين هم على صلاتهم يحافظون} بعد أدائها وعدم قطعها بحال من الأحوال.
فهذه الوصفة الربانية متى استعملها الإنسان المؤمن تحت إشراف عالم رباني إن وجده وإلا فتطبيقها بدون إشراف ينفع بأذن الله متى اجتهد المؤمن في حسن تطبيقها برىء من ذلك المرض الخطير وأصبح أهلا إكرام الله تعالى في الدار الآخرة قال تعالى في ختام هذه الوصفة {أولئك في جنات مكرمون5} أي أولئك المطبقون لهذه الوصفة الناجحون فيها {في جنات مكرمون} في جوار ربهم اللهم اجعلنا منهم يا غفور يا رحيم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بين شر صفات الإنسان وأنها الهلع.
2-بيان الدواء لهذا الداء داء الهلع الذي لا فلاح معه ولا نجاح.
3-انحصار العلاج في ثماني صفات أو ثماني مركبات دوائية.
4- وجوب العمل بما اشتملت عليه الوصفة من واجبات.
5-حرمة ما اشتملت عليه الوصفة من محرمات.
__________

1 الاستثناء منقطع أي لكن المصلين الذين وصفهم كيت وكيت وهي ثمان صفات وهي صفات المؤمنين الصادقين.
2 الدوام على الشيء عدم تركه وذلك في كل عمل بحسب ما يعتبر دواما فيه.
3 قرأ نافع شهادتهم بالإفراد وقرأ حفص شهاداتهم بالجمع وقراءة الإفراد بمعنى الجمع لأن شهادة اسم جنس تدل على متعدد.
4 القيام بالشهادة: الاهتمام بها وحفظها إلى أن تؤدى.
5 والإكرام: التعظيم وحسن اللقاء أي هم مع جزائهم بالجنات يكرمون بحسن اللقاء والثناء. في جنات خبر أولئك ومكرمون خبر ثان.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1683  
قديم 10-08-2022, 09:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,860
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة نوح
الحلقة (850)

سورة نوح
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 436الى صــــ 439)

فمال الذين كفروا قبلك مهطعين (36) عن اليمين وعن الشمال عزين (37) أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم (38) كلا إنا خلقناهم مما يعلمون (39) فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون (40) على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين (41) فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون (42) يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون (43) خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون (44)
شرح الكلمات:
قبلك مهطعين؟ : أي نحوك مديمي النظر إليك.
عزين: أي جماعات حلقا حلقا يقولون في استهزاء بالمؤمنين لئن دخل هؤلاء الجنة لندخلها قبلهم.
إنا خلقناهم مما يعلمون: أي من مني قذر وإنما يستوجب دخول الجنة بالطاعات المزكية للنفوس.
على أن نبدلهم خيرا منهم: أي إنا لقادرون على أن نهلكهم ونأتي بأناس خير منهم.
وما نحن بمسبوقين: أي بعاجزين عن إيجاد ما ذكرنا من إهلاك القوم والإتيان بخير منهم.
يوم يخرجون من الأجداث: أي من القبور مسرعين إلى المحشر.
سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون: أي كأنهم في إسراعهم إلى المحشر إلى نصب أي شيء منصوب كراية أو علم يسرعون.
ترهقهم ذلة: أي تغشاهم ذلة.
ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون: أي يوعدون بالعذاب فيه وهو يوم القيامة.
معنى الآيات:
قوله تعالى فما للذين1 كفروا قبلك مهطعين يخبر تعالى مقبحا سلوك المشركين إزاء رسوله صلى الله عليه وسلم فيقول ما للذين كفروا من كفار مكة قبلك أي جهتك حيث كنت في المسجد الحرام مهطعين أو مسرعين مديمي النظر إليك عن اليمين وعن الشمال عزين أي عن يمينك وعن شمالك عزين جمع عزة أي جماعة فهم حلق حلق يستمعون إلى قراءتك بحثا عن كلمة يمكنهم أن يشنعوا بها عليك ويجعلونها مطعنا في دعوتك أي سخرية يسخرون بها وبك ويقولون استهزاء بالمؤمنين لئن دخل هؤلاء الجنة لندخلنها قبلهم فرد تعالى عليهم منكرا طمعهم الفارغ بقوله {أيطمع كل امرئ2
منهم أن يدخل جنة نعيم} أي بستان إكرام وتنعم كلا لن يتم هذا لهم ولن يكون وهم أنجاس الأرواح بالشرك والمعاصي، ولفت النظر إلى أصل الخلقة وهي المني القذر والقذر لا يدخل دار السلام فمن أراد الجنة فليزك نفسه وليطهرها بالإيمان والعمل الصالح مبعدا لها عما يدسيها من الشرك والمعاصي وهو ما تضمنه قوله تعالى {إنا خلقناهم3 مما يعلمون} وقوله عز وجل {فلا أقسم برب المشارق والمغارب} أي فلا الأمر كما يتصورون من أنهم لا يبعثون بعد موتهم أقسم برب المشارق الثلاثمائة والستين مشرقا ومغربا حيث الشمس تطلع كل يوم في مطلع وتغرب في آخر لا تعود إليه إلا بعد سنة في مثل ذلك اليوم فأقسم تعالى بنفسه، والمقسم عليه قوله {إنا لقادرون} أي على أن نهلكهم ونأتي بخير منهم {وما نحن بمسبوقين} أي عاجزين عن ذلك فكيف إذا لا نعيدهم أحياء بعد موتهم يوم القيامة {فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون} أي أمر تعالى رسوله أن يتركهم وما يخوضون فيه من اللهو واللعب والباطل في القول والعمل،
وهو تهديد خفي لهم {حتى يلاقوا} على ما هم عليه من أدران الشرك وأوضار المعاصي يوهم الذي يوعدون بالعذاب فيه وهو يوم القيامة وشرح حال اليوم فقال يوم يخرجون من الأجداث أي القبور جمع جدث سراعا أي مسرعين كأنهم إلى نصب4 أي شيء منصوب من راية أو علم أو تذكار يوفضون أي يحشرون مسرعين حال كون أبصارهم خاشعة أي ذليلة من الفزع والخوف ترهقهم ذلة أي تغشاهم ذلة عجيبة عظيمة. وقوله تعالى {ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون} أي هذا هو اليوم الذي كانوا يوعدون بالعذاب فيه وهو يوم القيامة الذي أنكروه وكذبوا به هاهو ذا قد حصل فليتجرعوا غصص الندم وألوان العذاب.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان الحال التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة بين ظهراني قريش وما كان يلاقي من أذاهم.
2- بيان أن الجنة تدخل بالطهارة الروحية من قذر الشرك والمعاصي وإلا فأصل الناس واحد المني القذر باستثناء آدم وحواء وعيسى فآدم أصله الطين وحواء خلقت من ضلع آدم، وعيسى كان بنفخ روح القدس في كم درع مريم فكان بكلمة الله تعالى ومن عدا الثلاثة فمن ماء مهين ونطفة قذرة.
3- الاستدلال بالنشأة الأولى على إمكان الثانية.
4- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
5- بيان أن حياة أهل الكفر مهما تراءى لهم ولغيرهم أنها حياة مدنية سعيدة لم تعد كونها باطلا ولهوا ولعبا.
__________

1 الاستفهام إنكاري تعجبي من تجمع المشركين إلى النبي صلى الله عليه وسلم مستهزئين بما يسمعون من وعد المؤمنين بالجنة ووعيد المشركين بالنار، ومعنى الآية أي شيء ثبت للذين كفروا في حال إهطاعهم إليك.
2 هذه الجملة بدل اشتمال من جملة فما للذين كفروا.
3 في قوله تعالى {إنا خلقناهم مما يعلمون} ازدراء بهم وتهكم من حالهم إذ يجادلون ويعاندون وهم مخلوقون من نطفة مذرة.
4 النصب بفتح النون وسكون الصاد: الصنم قرأ نافع نصب بفتح وسكون وقرأ حفص نصب بضم كل من النون والصاد والمعنى واحد وهو الصنم قال الشاعر:
وذا النصب المنصوب لا تنسكنه
لعافية والله ربك فاعبدا

***************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1684  
قديم 10-08-2022, 09:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,860
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

سورة نوح
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم (1) قال يا قوم إني لكم نذير مبين (2)
أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون (3) يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون (4)

شرح الكلمات:
إنا أرسلنا نوحا إلى قومه: أي أهل الأرض كافة والدليل إغراقهم أجمعين.
أن أنذر قومك: أي بإنذار قومك.
إني لكم نذير مبين: أي بين النذارة ظاهرها.
أن اعبدوا الله: أي وحده بفعل محابه وترك مكارهه ولا تشركوا به شيئا.
واتقوه: فلا تعصوه بترك عبادته ولا بالشرك به.
وأطيعون: فيما آمركم به وأنهاكم عنه لأني مبلغ عن الله ربي وربكم.
يغفر لكم من ذنوبكم: أي ذنوبكم التي هي الشرك والمعاصي فمن زائدة لتقوية الكلام أو هي تبعيضية لأن ما كان حقا لآدمي كمال وعرض لا يغفر إلا بالتوبة.
ويؤخركم إلى أجل مسمى: أي إلى نهاية آجالكم المسماة لكم في كتاب المقادير فلا يعجل لكم بالعذاب.
إن أجل الله: أي بعذابكم.
لايؤخر: إن لم تؤمنوا.
لو كنتم تعلمون: أي لآمنتم.
معنى الآيات:
قوله تعالى {إنا أرسلنا نوحا إلى قومه} 1 يخبر تعالى لافتا نظر منكري رسالة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من مشركي قريش وكفار مكة أن محمدا رسول الله ليس بأول رسول حتى تنكر رسالته، كما أن السورة بجملتها فيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما يلاقي من مشركي قومه إذ نوح عليه السلام قد لاقى ما هو أشد وأطول مدة والآيات ناطقة بذلك وقوله تعالى {أن أنذر قومك} أي أرسلناه بإنذار قومه من قبل أن يأتيهم عذاب أليم2 هو عذاب الدنيا بالاستئصال وعذاب الآخرة بالاستمرار والدوام.
وقوله تعالى {قال يا قوم إني لكم نذير مبين} أي امتثل نوح أمر ربه وقال لقومه يا قوم إني لكم نذير مبين أي مخوف من عواقب كفركم بالله وشرككم به. {أن اعبدوا3 الله واتقوه وأطيعون} اعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئا واتقوه فلا تعصوه بترك عبادته ولا بالشرك به، وأطيعون فيما آمركم به وأنهاكم عنه لأني مبلغ عن الله ربي وربكم ولا آمركم إلا بما يكملكم ويسعدكم ولا أنهاكم إلا عما يضركم ولا يسركم فإن تجيبوا لما دعوتكم إليه يغفر لكم4 من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى أي إلى نهاية آجالكم فلا يعاجلكم بالعقوبة {إن أجل الله} أي بعذابكم إذا جاء لا يؤخر {لو كنتم تعلمون5} أي لو علمتم ذلك لأنبتم إلى ربكم فتبتم إليه واستغفرتموه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير النبوة المحمدية إذ الذي أرسل نوحا يرسل محمدا صلى الله عليه وسلم ومن شاء إلى من شاء.
2- تقرير التوحيد إذ نوح أرسل إلى قوم مشركين لإبطال الشرك وتحقيق التوحيد.
3-تقرير معتقد القضاء والقدر لقوله {ويؤخركم إلى أجل مسمى} أي في كتاب المقادير.
__________

1 نوح هو ابن لامك بن متوشلخ بن أختون وهو إدريس بن برد بن مهلايل بن أنوش ابن قينان بن شيت بن آدم عليه السلام.
2 جائز أن يكون العذاب في الدنيا وان يكون عذاب النار يوم القيامة.
3 أن مفسرة كالتي في قوله أن أنذر قومك.
4 جائز أن يكون من زائدة لتقوية الكلام وأن تكون تبعيضية إذ بعض الذنوب لا تغفر إلا بالتحلل من أصحابها وهي حقوق الآدميين.
5 روى أنهم كانوا يضربونه حتى يغشى عليه فيقول: رب أغفر لقومي فأنهم لا يعلمون.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1685  
قديم 10-08-2022, 09:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,860
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة نوح
الحلقة (851)

سورة نوح
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 440الى صــــ 444)

قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا (5) فلم يزدهم دعائي إلا فرارا (6) وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا (7) ثم إني دعوتهم جهارا (8) ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا (9) فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا (10) يرسل السماء عليكم مدرارا (11) ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا (12) ما لكم لا ترجون لله وقارا (13) وقد خلقكم أطوارا (14) ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا (15) وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا (16) والله أنبتكم من الأرض نباتا (17) ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا (18) والله جعل لكم الأرض بساطا (19) لتسلكوا منها سبلا فجاجا (20)
شرح الكلمات:
ليلا ونهارا: أي دائما باستمرار.
إلا فرارا: أي مني ومن الحق الذي ادعوهم إليه وهو عبادة الله وحده.
جعلوا أصابعهم في آذانهم: أي حتى لا يسمعوا ما أقول لهم.
واستغشوا ثيابهم: أي تغطوا بها حتى لا ينظروا إلى ولا يروني.
وأصروا: على باطلهم وما هم عليه من الشرك.
يرسل السماء عليكم مدرارا: أي ينزل عليكم المطر متتابعا كلما دعت الحاجة إليه.
ويجعل لكم جنات: أي بساتين.
مالكم لا ترجون لله وقارا: أي لا تخافون لله عظمته وكبرياءه وهو القاهر فوق عباده.
وقد خلقكم أطوارا: أي حالا بعد حال فطورا نطفة وطورا علقة وطورا مضغة.
وجعل الشمس سراجا: أي مضيئة.
أنبتكم من الأرض نباتا: أي أنشأكم من تراب الأرض.
ثم يعيدكم فيها: أي تقبرون فيها.
ويخرجكم إخراجا: أي يوم القيامة.
سبلا فجاجا: أي طرقا واسعة.
معنى الآيات:
هذه الآيات تضمنت لوحة مشرقة يهتدي بضوئها الهداة الدعاة إلى الله عز وجل إذ هي تمثل عرض حال قدمه نوح لربه عز وجل هو خلاصة دعوة دامت قرابة تسعمائة وخمسين سنة ولنصغ إلى نوح عليه السلام وهو يشكوا إلى ربه ويعرض عليه ما قام به من دعوة إليه فقال {رب إني دعوت قومي} وهم أهل الأرض كلهم يومئذ {ليلا ونهارا} أي بالليل وبالنهار إذ بعض الناس لا يمكنه الاتصال بهم إلا ليلا {فلم يزدهم دعائي} 1 إياهم إلى الإيمان بك وعبادتك وحدك {إلا فرارا} مني2 ومما أدعوهم إليه وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم بأن يستغفروك ويتوبوا إليك لتغفر لهم {جعلوا أصابعهم في آذانهم} حتى لا يسمعوا ما أقول لهم، {واستغشوا ثيابهم} أي تطغوا بها حتى لايروني ولا ينظروا إلى وجهي كراهة لي وبغضا في {وأصروا} على الشرك والكفر إصرارا متزايدا عنادا {واستكبروا استكبارا} عجيبا3.
{ثم إني دعوتهم} إلى توحيدك في عبادتك وإلى ترك الشرك فيها {جهارا} أي مجاهرا بذلك {ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا} بحسب الجماعات والظروف أطرق كل باب بحثا عن استجابتهم للدعوة وقبولهم للهدى فقلت {فقلت استغفروا ربكم إنه4 كان غفارا يرسل السماء5 عليكم مدرارا} أي ينزل عليكم المطر متتابعا فلا يكون قحط ولا محل {ويمددكم بأموال وبنين} كما هي رغبتكم {ويجعل لكم جنات} بساتين ذات نخيل وأعناب {ويجعل لكم أنهارا6} تجري في تلك البساتين تسقيها.
ثم التفت إليهم وقال لهم منكرا عليهم استهتارهم وعدم خوفهم {ما لكم لا ترجون لله وقارا} أي ما دهاكم أي شيء جعلكم لا ترجون لله وقارا لا تخافون عظمته وقدرته وكبرياءه {وقد خلقكم أطوارا} ولفت نظرهم إلى مظاهر قدرة الله تعالى فقال لهم {ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا} سماء فوق سماء مطابقة لها {وجعل القمر فيهن7 نورا} ينير ما فوقه من السموات وما تحته من الأرض {وجعل الشمس سراجا} وهاجا مضيئا يضيء بوجهه السموات وبقفاه الأرض كالقمر {والله أنبتكم من الأرض نباتا} إذ أصلكم من تراب والنطف أيضا من الغذاء المكون من التراب ثم خلقتكم تشبه النبات وهي على نظامه في الحياة والنماء. {ثم يعيدكم فيها} أي الأرض بعد الموت فتدفنون فيها {ويخرجكم منها} أيضا {إخراجا} يوم القيامة للحساب والجزاء {والله جعل لكم الأرض بساطا} أي مفروشة مبسوطة صالحة للعيش فيها والحياة عليها، {لتسلكوا منها سبلا فجاجا} أي طرقا واسعة وهكذا تجول بهم نوح عليه السلام في معارض آيات الله الكونية وكلها داله على وجود الله تعالى وقدرته وعلمه وحكمته ورحمته وهي موجبة للعبادة له عقلا ونفيها عما سواه كانت هذه مشكلة نوح وعرض حاله على ربه وهو أعلم به وفي هذا درس عظيم للدعاة الهداة المهديين جعلنا الله منهم آمين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- رسم الطريق الصحيح للدعوة القائم على الصبر وتلوين الأسلوب.
2- بيان كره المشركين للتوحيد والموحدين أنهم لبغضهم لنوح ودعوة التوحيد سدوا آذانهم حتى لا يسمعوا وغطوا وجوههم حتى لا يروه واستكبروا حتى لا يروا له فضلا.
3- استعمال الحكمة في الدعوة فإن نوحا لما رأى أن قومه يحبون الدنيا أرشدهم إلى الاستغفار ليحصل لهم المال والولد.
4-استنبط بعض الصالحين8 من هذه الآية أن من كانت له رغبة في المال أو ولد فليكثر من الاستغفار الليل والنهار ولا يمل يعطه الله تعالى مراده من المال والولد.
__________

1 قرأ نافع دعائي بفتح العين واسكنها حفص.
2 أي إلا تباعدا عن الإيمان وإعراضا عنه.
3 إذ قالوا له: أنؤمن لك واتبعك الأرذلون والحامل لهم على هذا القول الكبر الذي تجاوزوا الحد فيه.
4 إنه كان غفارا هذا منه عليه السلام ترغيب لهم في التوبة قال الفضيل بن عياض قول العبد أستغفر الله معناه أقلني.
5 يرسل السماء المراد المطر لا السماء هذا كقول الشاعر:
إذا نزل السماء بأرض قوم
رعيناه وإن كانوا غضابا
6يروى عن الحسن البصري أن رجلا شكا إليه الجدوبة فقال له استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه فقال له استغفر الله وقال له آخر ادع الله أن يرزقني ولدا فقال له استغفر الله، فقيل له في ذلك، فقال: ما قلت من عندي شيئا إن الله يقول في سورة نوح {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا} .
7 أي في السماء الدنيا، إذ يقال أتاني بنو تميم وأتيت بني تميم والمراد بعضهم.
8 تقدم انه الحسن البصري رحمه الله تعالى.

*****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1686  
قديم 10-08-2022, 09:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,860
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا (21) ومكروا مكرا كبارا (22) وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا (23) وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا (24)
شرح الكلمات:
عصوني: أي لم يطيعوني فيما دعوتهم إليه وأمرتهم به من عبادتك وحدك وترك الشرك
بك.
واتبعوا: أي السفلة منهم والفقراء.
من لم يزد ماله وولده: أي الرؤساء المنعم عليهم.
إلا خسارا: أي طغيانا وكفرا.
مكرا كبارا: أي عظيما جدا بأن كذبوا نوحا وآذوه أذى شديدا.
وقالوا: أي الرؤساء قالوا للسفلة منهم.
لا تذرن آلهتكم: أي لا تتركن آلهتكم.
ولا تذرن: أي ولا تتركن كذلك ودا ولا سواعا ولا يغوث ولا يعوق ونسرا.
وقد اضلوا: أي بالأصنام كثيرا من الناس أمروا بعبادتها.
معنى الآيات:
بعد ذلك العرض الكريم الذي تقدم به رسول الله نوح عليه السلام إلى ربه ليعذره ويكرمه تقدم بشكوى مشفوعة بالدعاء بالهلاك على الظالمين {قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من1 لم يزده ماله وولده إلا خسارا} أي طغيانا وكفرا. {ومكروا مكرا كبارا2} أي عظيما جدا حيث كانوا يعرضون بنوح وقد يضربونه وهو صابر محتسب وقالوا لبعضهم البعض متواصين بالباطل {لا تذرن آلهتكم} وسموا منها رؤساءها وهم خمسة ود 3وسواع ويغوث ويعوق ونسر وقد أضلوا كثيرا أي من عباد الله حيث ورثوا هذه الأصنام فيهم فتبعهم الناس على ذلك فضلوا ثم دعا عليهم قائلا {ولا تزد الظالمين إلا ضلالا} قال هذا بعد أن أيس من إيمانهم وعدم هدايتهم لطول ما مكث4 بينهم يدعوهم وهم لا يزدادون إلا كفرا وضلالا.5
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- مشروعية الشكوى إلى الله تعالى ولكن بدون صخب ولا نصب.
2- بيان أن السفلة والفقراء يتبعون الرؤساء والأغنياء وأصحاب الحظ.
3-بيان أن المكر من شأن الكافرين والظالمين.
4-بيان أن المشركين لضلالهم يطلقون لفظ الآلهة على من يعبدونهم من الأصنام والأوثان.
5- مشروعية الدعاء على الظالمين عند اليأس من هدايتهم.
__________

1 يعني كبراءهم وأغنياءهم وأهل الترف فيهم اللذين لم يزدهم كفرهم وأموالهم وأولادهم إلا ضلالا.
2 كبارا: نحو قراء وعجاب وطوال وعمال.
3 روى البخاري عن ابن عباس: ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت.
4 قال ابن عباس: رجا نوح الأبناء بعد الآباء فيأتي بهم الولد بعد الولد حتى بلغوا سبع قرون ثم دعا عليهم بعد الإياس منهم وعاش بعد الطوفان ستين عاما حتى كثر الناس وفشوا.
5 من عجيب ما يدعوا إليه الشيطان أن يعوق ونسرا عبدا في القرن الرابع عشر في قرية ليوه حيث كانوا يستسقون بهما، وأن يغوث ويعوق وود وسواع ونسر كانت موزعة بين القبائل العربية وفي يعوق يقول الشاعر:
يريش الله في الدنيا ويبري
ولا يبري يعوق ولا يريش

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1687  
قديم 10-08-2022, 09:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,860
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الجن
الحلقة (852)

سورة الجن
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 445الى صــــ 448)

مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا (25) وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا (26) إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا (27) رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا (28)

شرح الكلمات:
مما خطيئاتهم أغرقوا: أي بسبب خطيئاتهم أغرقوا بالطوفان.
فأدخلوا نارا: أي بعد موتهم أدخلت أرواحهم النار.
ديارا: أي من يدور يذهب ويجيء أي لم يبق أحد.
إن تذرهم: أي أحياء لم تهلكهم.
إلا تبارا: أي هلاكا وخسارا.
معنى الآيات:
قوله تعالى {مما خطيئاتهم أغرقوا} 1 يخبر تعالى عن نهاية قوم نوح بعد أن دعا عليهم نوح لما علم بالوحي الإلهي أنهم لا يؤمنون فقال تعالى مما خطيئاتهم أي ومن خطيئاتهم أي بسبب خطيئاتهم التي هي الشرك والظلم والتكذيب والأذى لنوح عليه السلام أغرقوا بالطوفان فلم يبق منهم أحد {فأدخلوا نارا} أي بمجرد ما يغرق الشخص وتخرج روحه يدخل النار في البرزخ.
وقوله تعالى {فلم 2يجدوا لهم من دون الله أنصارا} وهو كذلك فمن ينصر من يريد هلاكه وخزيه وعذابه. ثم ذكر تعالى دعوة نوح التي كان الطوفان بها والهلاك وهي قوله {وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا} أي لا تترك ولا تبق على الأرض اليابسة كلها يومئذ من الكافرين بخلاف المؤمنين {ديارا} 3 أي إنسانا يدور أي يذهب ويجيء أي لا تبق من الكافرين أحدا ثم علل لطلبه الهلاك للكافرين فقال {إنك إن تذرهم4 يضلوا عبادك} عن صراطك الموصل إلى رضاك وذلك هو عبادتك وحدك وطاعتك وطاعة رسولك {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا5} أي إلا من يفجر عن دينك ويكفر بك وبرسولك قال نوح هذا لطول التجارب التي عاشها مع قومه إذ عاشرهم قرابة عشرة قرون ثم دعا الله تعالى له ولوالديه ولمن دخل مسجده ومصلاه من المؤمنين والمؤمنات، وأن لا يزيد الظالمين إلا خسارا وهلاكا فقال {رب اغفر لي ولوالدي6 ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا} 7.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- هلاك قوم نوح كان بخطاياهم فالخطايا إذا موجبة للهلاك.
2- تقرير عذاب القبر فقوم نوح ما إن اغرقوا حتى ادخلوا نارا.
3- مشروعية الدعاء على الظلمة الكافرين والمجرمين.
4- مشروعية الدعاء للمؤمنين والمؤمنات.
5- يستحب البدء غي الدعاء بنفس الداعي ثم يعطف من يدعوا لهم.
__________

1 مما خطيئتهم (ما) زائدة والأصل من خطيئتهم ومن تعليلية وما الزائدة لتوكيد معنى التعليل.
2 الفاء تفريعية.
3 ديار: اسم مخصوص بالوقوع في النفي يعم كل إنسان وهو مشتق من اسم الدار.
4 إنك أن تذرهم: الجملة تعليلية.
5 يريد عند بلوغ الولد سن التكليف لا أنه يفجر ويكفر بمجرد ما يولد وصيغة فعال للمبالغة في الموصوف بالكفر.
6 اسم أبيه لمك واسم أمه شمخى بنت آنوس.
7 التبار: الهلاك والخسران.

******************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1688  
قديم 10-08-2022, 09:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,860
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

سورة الجن
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
قل أوحي1 إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا (1) يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا (2) وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا (3) وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا (4) وأنا ظننا أن لن تقول الأنس والجن على الله كذبا (5) وأنه كان رجال من الأنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا (6) وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا (7)

شرح الكلمات:
أنه استمع: أي إلى قراءتي.
نفر من الجن: أي عدد من الجن ما بين الثلاثة والعشرة.
قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا: أي لبعضهم بعضا قرآنا عجبا أي يتعجب منه لفصاحته وغزارة معانيه.
يهدي إلى الرشد: أي الصواب في المعتقد والقول والعمل.
وأنه تعالى جد ربنا: أي تنزه جلال ربنا وعظمته عما نسب إليه.
ما اتخذ صاحبة ولا ولدا: أي لم صاحبة ولم يكن له ولد.
سفيهنا: أي جاهلنا.
شططا: أي غلوا في الكذب بوصفه الله تعالى بالصاحبة والولد.
على الله كذبا: حتى تبين لنا أنهم يكذبون على الله بنسبة الزوجة والولد إليه.
يعوذون: أي يستعيذون.
فزادوهم رهقا: أي إثما وطغيانا.
أن لن يبعث الله أحدا: أي لن يبعث رسولا إلى خلقه.
معنى الآيات:
قوله تعالى {قل أوحي2 إلي أنه استمع نفر 3من الجن} يأمر تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول معلنا
للناس مؤمنهم وكافرهم أنه قد أوحى الله تعالى إليه نبأ مفاده أن نفرا من الجن ما بين الثلاثة إلى العشرة قد استمعوا إلى قراءته القرآن وذلك ببطن نخلة والرسول يصلي بأصحابه صلاة الفجر وكان الرسول صلى الله عليه وسلم عامدا مع أصحابه إلى سوق عكاظ.
وكان يومئذ قد حيل بين الشياطين وخبر السماء حيث أرسلت عليهم الشهب فراجع الشياطين بعضهم بعضا فانتهوا إلى أن شيئا حدث لا محالة فانطلقوا يضربون في مشارق الأرض ومغاربها يتعرفون إلى هذا الحدث الجلل الذي منعت الشياطين بسببه من السماء فتوجه نفر منهم إلى تهامة فوجدوا الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح بأصحابه فاستمعوا إلى قراءته في4صلاته فرجعوا إلى قومهم من الجن فقالوا {إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا} فأنزل الله تعالى هذه السورة "سورة الجن" مفتتحة بقوله {قل أوحي إلي أنه استمع5 نفر من الجن} أي أعلن للناس يا رسولنا أن الله قد أوحى إليك خبرا مفاده أن نفرا من الجن قد استمعوا إلى قراءتك فرجعوا إلى قومهم وقالوا لهم {إنا سمعنا قرآنا عجبا} أي يتعجب من فصاحته وغزارة معانيه.
يهدي إلى الرشد6 والصواب في العقيدة والقول والعمل {فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا} وفي هذا تعريض بسخف البشر الذين عاش الرسول بينهم احدى عشرة سنة يقرأ عليهم القرآن بمكة وهو مكذبون به كارهون له مصرون على الشرك والجن بمجرد أن سمعوه آمنوا به وحملوا رسالته إلى قومهم وهاهم يدعون بدعاية الإسلام ويقولون {فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا وأنه تعالى جد7 ربنا} أي وآمنا بأنه تعالى أمر ربنا وسلطانه ما اتخذ صاحبة ولا ولدا وحاشاه وإنما نسب إليه ذلك المفترون.
{وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا} هذا من قول الجن واصلوا حديثهم قائلين وأنه كان يقول جاهلونا على الله شططا أي غلوا في الكذب بوصفهم الله تعالى بالصاحبة والولد تقليدا للمشركين واليهود والنصارى {وأنا ظننا أن لن تقول الأنس والجن على الله كذبا} أي وقالوا لقومهم وإنا كنا نظن أن الإنس والجن لا يكذبون على الله ولا يقولون عليه إلا الصدق وقد علمنا الآن أنهم يكذبون على الله ويقولون عليه ما لم يقله وينسبون إليه ما هو منه براء.
وقالوا {وأنه كان 8رجال من الأنس يعوذون 9برجال من الجن فزادوهم رهقا} يخبرون بخبر عجيب وهو أنه كان رجال من الناس من العرب وغيرهم إذا نزلوا منزلا مخوفا في واد أو شعب يستعيذون برجال من الجن كأن يقول الرجل أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه فزاد الإنس الجن بهذا اللجأ إليهم والاحتماء بهم رهقا10 أي إثما وطغيانا. إذ ما كانوا يطمعون أن الإنس تعظمهم هذا التعظيم حتى تستجير بهم. وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا أي وقالوا مخبرين قومهم وأنهم أي الإنس ظنوا كما ظننتم أنتم أيها الجن أن لن يبعث الله أحدا رسولا ينذر الناس عذاب الله ويعلمهم ما يكملهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير النبوة المحمدية وأن محمدا رسول للثقلين الإنس والجن معا.
2- بيان علو شأن القرآن وكماله حيث شهدت الجن له بأنه عجب فوق مستوى كلام الخلق.
3- تقرير التوحيد والتنديد بالشرك.
4- تقرير أن الإنس كالجن قد يكذبون على الله وما كان لهم ذلك.
5- حرمة الاستعانة بالجن والاستعاذة بهم لأن ذلك كالعبادة لهم.
__________

1 قرأ نافع بكسر إن في كل ما ورد في سورة الجن ما عدا أنه استمع نفر من الجن وأن المساجد لله ففتح أن وفتحها حفص إلا بعد القول وفإن له نار جهنم.
2 أصل أوحي ووحي فقلبت الواو همزة كما قلبت في وإذا الرسل أقتت والأصل وقتت، وهو جائز في كل واو مضمومة نحو ورخ وأرخ.
3 يرى ابن إسحق أن هذا اللقاء بالجن كان عند عودة النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف، ولا مانع من حصول الخبرين مرة عند عودته من الطائف وتكون هذه الأولى، والثانية هي المذكورة في التفسير.
4 ما ذكر في التفسير من شأن استماع الجن قراءة الرسول وما أوحى الله تعالى به إلى رسوله في شأن هذه الحادثة هو في مسلم والترمذي.
5 جملة استمع خبر إن والاسم هو الضمير الشأن والجملة في محل نائب فاعل لأوحي.
6 الرشد بضم الراء وإسكان الشين والرشد بفتح الراء والشين معا هما الخير والصواب والهدى.
7 الجد بفتح الجيم: العظمة والجلال ومنه قول أنس كان الرجل إذا حفظ البقرة وآل عمران جد في عيوننا: أي عظم وجل وأنه تعالى: قرأ نافع بكسر الهمزة عطفا على قولهم إنا سمعنا قرآنا وقرأ حفص بفتح الهمزة على تقدير آمنا بأنه تعالى جد ربنا.
8 يجوز فتح أنه وكسرها فمن فتحها جعلها من كلام الجن رادا لها إلى قوله أنه استمع ومن كسرها جعلها مبتدأ في قول الله تعالى.
9 قال مقاتل أول من تعوذ بالجن قوم من اليمن من بني حنيفة ثم فشا في العرب فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم.
10 الرهق الخطيئة والإثم وغشيان المحارم، وباستعاذة الإنس بالجن يحصل الإثم والخطيئة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1689  
قديم 10-08-2022, 09:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,860
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الجن
الحلقة (853)

سورة الجن
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 449الى صــــ 453)

وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا (8) وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا (9) وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا (10) وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا (11) وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا (12) وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا (13) وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا (14) وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا (15)
شرح الكلمات:
وأنا لمسنا السماء: أي طلبنا خبرها كما جرت بذلك عادتنا.
حرسا شديدا: أي حراسا وحفظة من الملائكة يحفظونها بشدة وقوة.
وشهبا: أي نجوما يرمى بها الشياطين أو يؤخذ منها شهاب فيرمى به.
مقاعد للسمع: أي من أجل أن نسمع ما يحدث وما يكون في الكون.
شهابا رصدا: أي أرصد وأعد لرمي الشياطين وإبعادهم عن السمع.
رشدا: أي خيرا وصلاحا.
كنا طرائق قددا: أي مذاهب مختلفة إذا الطرائق جمع طريقة، والقدر جمع قدة وهي الضروب والأجناس المختلفة.
ولن نعجزه هربا: أي لا نفوته هاربين في الأرض أو في السماء.
لما سمعنا الهدى: أي القرآن الداعي إلى الهدى المخالف للضلال.
بخسا ولا رهقا: أي نقصا من حسناته ولا إثما يحال عليه ويحاسب به.
ومنا القاسطون: أي الجائرون عن قصد السبيل وهو الإسلام.
تحروا رشدا: أي تعمدوا الرشد فطلبوه بعناية فحصلوا عليه.
فكانوا لجهنم حطبا: أي وقودا تتقد بهم يوم القيامة.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ما قالته الجن بعد سماعها القرآن الكريم. وهو ما أخبر تعالى به عنهم في قوله {وأنا لمسنا السماء} أي طلبناها كعادتنا {فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا} أي1 ملائكة أقوياء يحرسونها وشهبا نارية يرمى بها كل مسترق للسمع منا. وقالوا: {وأنا كنا نقعد منها} أي من السماء {مقاعد} أي أماكن معينة لهم {للسمع2} أي لأجل الاستماع من ملائكة السماء.
{فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا} أي أرصد له خاصة فيرمى به فيحرقه أو يخبله، وقالوا {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا} أقول عجبا لهؤلاء المؤمنين من الجن كيف تأدبوا معه الله فلم ينسبوا إليه الشر ونسبوا إليه الخير فقالوا {أشر أريد بمن في الأرض} ولو أساءوا الأدب مثلنا لقالوا أشر أراده الله بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا أي خيرا وصلاحا قالوا هذا لما وجدوا السماء قد ملئت حرسا شديدا وشهبا وهو تفكير سديد ناتج عن وعي وإدراك سليم. وهذا التغير في السماء الذي وجدوه سببه أن الله تعالى لما نبأ رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وأخذ يوحي إليه حمى السماء حتى لا يسترق الشياطين السمع ويشوشوا على الناس فيصرفوهم عن الإيمان والدخول في الإسلام وهو الرشد الذي أراد الله لعباده وقالوا {وإنا منا الصالحون} أي المؤمنون المستقيمون على الإيمان والطاعة {ومنا دون ذلك} ضعف إيمان وقلة طاعة، {كنا طرائق قددا} أي مذاهب3 وأهواء مختلفة. {وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض} أي إن أراد بنا سوءا ومكروها ولن نعجزه هربا إن طلبنا ما في الأرض أو في السماء. {وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به} أي بالقرآن الذي هو هدى الله يهدي به من يشاء من عباده {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا} أي نقصا من حسناته يوم القيامة {ولا رهقا} أي إثما يضاف إلى سيئآته ويعاقب به وهو لم يرتكبه في الدنيا.
وقالوا {وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون} أي الجائرون عن قصد السبيل وهو الإسلام. فمن أسلم أي انقاد لله تعالى بطاعته وخلص من الشرك به فهؤلاء تحروا الرشد4 وفازوا به، {وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا} توقد بهم وتستعر عليهم وعلى الكافرين الجائرين أمثالهم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- وجود تجانس بين الجن والملائكة لقرب مادتي الخلق من بعضها إذ الملائكة خلقوا من مادة النور، والجن من مادة النار، ولذا يرونهم ويسمعون كلامهم ويفهمونه.
2- من الجن أدباء صالحون مؤمنون مسلمون أصحاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- ذم الطرق والأهواء والاختلافات.
4- الإشادة بالعدل وتحري الحق والخير.
__________

1 الشهب جمع شهاب ككتاب وكتب وهو ما يؤخذ من الكواكب النارية فيرمى به الجن. والحرس جمع حارس ولم يقل شديدين نحو قولنا السلف الصالح بدل الصالحين. وجمع الحرس أحراس كسلف وأسلاف.
2 الذين كانوا يسترقون السمع هم مردة الجن وشياطينهم. ومما ينبغي أن يعلم هنا أن الجن هم أولاد الجان المخلوق من مارج من نار وأن الشياطين هم أولاد إبليس وأن من فسق عن أمر الله تعالى وتمرد على شرعه فخبث واشتد خبثه يصبح شيطانا ويلحق بالشياطين الذين لا خير فيهم البتة.
3 كان منهم اليهودي والنصراني والمجوسي، ولما جاء الإسلام أصبح منهم المسلم وأصبح من المسلمين قدرية ومرجئة وخوارج ورافضة وشيعة لأنهم تابعون للناس في معتقداتهم وأقوالهم وأعمالهم.
4 تحروا رشدا أي قصدوا طريق الحق وتوخوه، ومنه تحرى القبلة للصلاة. أي طلبها بعناية وقصد للحصول عليها.

***********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1690  
قديم 10-08-2022, 09:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,860
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا (16) لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا (17) وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا (18) وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا (19) قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا (20) قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا (21) قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا (22) إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا (23) حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا (24)
شرح الكلمات:
على الطريقة: أي الإسلام.
ماء غدقا: أي مالا كثيرا وخيرات كبيرة.
لنفتنهم فيه: أي نختبرهم أيشكرون أم يكفرون.
عن ذكر ربه: أي القرآن وشرائعه وأحكامه.
عذابا صعدا: أي شاقا.
فلا تدعوا: أي فيها مع الله أحدا.
عبد لله يدعوه: أي محمد صلى الله عليه وسلم يدعوا الله ببطن نخلة.
عليه لبدا: أي في ركوب بعضهم بعضا تزاحما لأجل أن يسمعوا قراءته.
ضرا ولا رشدا: أي غيا ولا خيرا.
ملتحدا: أي ملتجأ ألجأ إليه فأحفظ نفسي.
إلا بلاغا: أي لا أملك إلا البلاغ إليكم.
وأقل عددا: أي أعوانا المسلمون أم الكافرون.
معنى الآيات:
قوله تعالى {وألو استقاموا على الطريقة} أي وأوحى إلي أن لو استقام هؤلاء المشركون من كفار قريش استقاموا على الإيمان والتوحيد والطاعة لله ولرسوله -وهم يشكون القحط- {لأسقيناهم ماء غدقا1} فتكثر أموالهم وتتسع أرزاقهم، {لنفتنهم فيه} أي لنخبرهم في ذلك الخير الكثير أيشكرون أم يكفرون؟ ثم إن شكروا زادهم، وإن كفروا سلبهم وعذبهم. وقوله تعالى {ومن يعرض عن ذكر ربه} أي القرآن وما يدعوا إليه من الإيمان وصالح الأعمال ولم يتخل عن الشرك وسوء الأفعال {يسلكه عذابا صعدا2} أي ندخله في عذاب شاق في الدنيا بالذل والمهانة والفقر والرذيلة والنذالة. وفي الآخرة في جهنم حيث السموم والحميم، والضريع والزقوم.
وقوله {وأن المساجد3 لله فلا تدعو مع الله أحدا} أي ومما أوحي إلي أن المساجد لله فإذا دخلتموها للعبادة فلا تدعوا فيها مع الله أحدا إذ كيف البيت له وأنت فيه وتدعوا معه غيره زيادة على أن الشرك محرم وصاحبه في النار فإنه من غير الأدب أن يكون المرء في بيت كريم ويدعو معه غيره من فقراء الخلق أو أغنيائهم وقوله {وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا} أي وأوحي إلي أنه لما قام عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم يدعوا ربه في الصلاة ببطن نخلة كاد الجن أن يكونوا عليه لبدا أي4 كالشيء المتلبد بعضه فوق بعض. وقوله {قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا} هذا إجابة لقريش عندما قالوا له صلى الله عليه وسلم لقد جئت بأمر عظيم وقد عاديت الناس كلهم فارجع عن هذا فنحن نجيرك أي نحفظك فأمر أن يقول لهم إنما أدعوا ربي أي أعبده إلها واحدا ولا أشرك به أحدا.
وأن يقول أيضا إني لا أملك لكم يا معشر قريش الكافرين ضرا ولا رشدا أي ضلالا ولا هداية إنما ذلك لله وحده يضل من يشاء ويهدي من يشاء وأمر أن يقول لهم أيضا إني لن يجيرني من الله أحد أن أنا عصيته وأطعتكم، ولن أجد من دونه أي من غيره ملتحدا5 أي ملتجأ التجأ إليه. وقوله إلا بلاغا من الله ورسالاته أي لا أملك لكم ضرا ولا رشدا إلا بلاغا من الله ورسالته فإني أبلغكم عنه ما أمرني به وأرشدكم إلى ما أرسلني به من الهدى والخير والفوز وقوله {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا} أي يخبر تعالى موعدا أن من يعصي الله بالشرك به وبرسوله بتكذيبه وعدم اتباعه فيما جاء به فإن له جزاء شركه وعصيانه نار جهنم خالدين فيها أبدا.
وقوله {حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا} أي فإن استمروا على شركهم وتكذيبهم حتى إذا رأوا ما يوعدون من عذاب يوم القيامة فسيعلمون عندئذ من أضعف ناصرا أي من ناصره ضعيف أو قوي، ومن أقل عددا من أعوانه المؤمنون محمد وأصحابه أم هم المشركون المكذبون.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- الاستقامة على منهج الله تعالى القائم على الإيمان والطاعة لله ورسوله يفضي بسالكه إلى الخير الكثير والسعادة الكاملة في الدنيا والآخرة.
2- المال فتنة وقل من ينجح فيها قال عمر رضي الله عنه أينما يكون الماء يكون المال وأينما يكون المال تكون الفتنة.
3- حرمة دعاء غير الله في المساجد وفي غيرها إلا أنها في المساجد أشد قبحا.
4- الخير والغير والهدى والضلال لا يملكها إلا الله فليطلب ذلك منه لا من غيره.
5- معصية الله والرسول موجبة لعذاب الدنيا والآخرة.
__________

1 غدقا أي واسعا كبيرا، يقال غدقت العين تغدق فهي غدقة إذا كثر ماؤها. وهذا الوعد الإلهي المشروط هو عام في الناس أجمعين وفي كل زمان ومكان وهو كقوله. ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولما استقام السلف الصالح حصل لهم هذا الموعود كاملا.
2 روى عن ابن عباس أن العذاب الصعد جبل في جهنم يكلفون صعوده وكلما وضعوا أيديهم عليه ذابت. وهو ضرب من أنواع العذاب في دار الشقاء.
3 جائز أن يكون المراد بالمساجد أعضاء السجود السبعة لحديث إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب أي أعضاء ويقوى هذا الجواز قول عطاء: مساجدك أعضاؤك التي أمرت أن تسجد عليها فلا تذللها لغير خالقها. وما في التفسير أولى بالآية.
4 اللبد جمع لبدة بكسر اللام وسكون الباء كقربة وقرب وهي ما تلبد بعضه على بعض ومنه لبدة الأسد وهي الشعر المتراكم في رقبته.
5 شاهده قول الشاعر:
يالهف نفسي ولهفي غير مجدية
عني وما من قضاء الله ملتحد

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 24 ( الأعضاء 0 والزوار 24)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 234.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 228.19 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (2.50%)]