تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 166 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الصالون الأدبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 123 )           »          أصول في دراسة مسائل التفسير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 279 )           »          شرح طريقة فهرسة المسائل العلمية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 134 )           »          إذا لا يضيعنا (من دروس الحج) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          ما يفعله الحاج بعد الانتهاء من الطواف والسعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          وقرن في بيوتكن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          أدب الطفل اليهودي ممنوع الاقتراب أو التصوير!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          زوجة الداعية الجندي المجهول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 60 - عددالزوار : 5829 )           »          حتى نربي أطفالا مستقلين ومعتمدين على أنفسهم… (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1651  
قديم 10-08-2022, 09:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المنافقون
الحلقة (834)

سورة المنافقون
مدنية وآياتها إحدى عشرة آية

المجلد الخامس (صـــــــ 359الى صــــ 362)

يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون (9) وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين (10) ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون (11)

شرح الكلمات:
لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم: أي لا تشغلكم.
عن ذكر الله: كالصلاة والحج وقراءة القرآن وذكر الله بالقلب واللسان.
ومن يفعل ذلك فأولئك هم: أي ومن ألهته أمواله وأولاده عن أداء الفرائض فترك الصلاة أو الحج وغيرهما
الخاسرون من الفرائض فقد خسر ثواب الآخرة.
وأنفقوا مما رزقناكم: أي النفقة الواجبة كالزكاة وفي الجهاد والمستحبة.
لولا أخرتني: أي هلا أخرتني يطلب التأخير ولا يقبل منه.
فأصدق وأكن من الصالحين: أي حتى أزكي وأحج وأكثر من النوافل والأعمال الصالحة.
معنى الآيات:
قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا} 1 نادى تعالى المؤمنين لينصح لهم أن لا تكون حالهم كحال المنافقين الذين تقدم في السياق تأديبهم فقال لهم يا من آمنتم بالله ورسوله: لا تلهكم أموالكم2 ولا أولادكم أي لا تشغلكم عن3 ذكر الله بأداء فرائضه واجتناب نواهيه والإكثار من طاعته والتقرب إليه بأنواع القرب. ثم خوفهم نصحا لهم بقوله: {ومن يفعل ذلك} أي بأن ألهته أمواله وأولاده عن عبادة الله فأولئك البعداء هم الخاسرون يوم القيامة بحرمانهم من الجنة ونعيمها ووجودهم في دار العذاب لا أهل لهم فيها ولا ولد. وبالغ عز وجل في إرشادهم فقال: {وأنفقوا من ما رزقناكم} مبادرين الأجل فإنكم لا تدرون متى تموتون. من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول4 متمنيا طالبا حاثا في طلبه: رب أي يا رب لولا أخرتني إلى أجل قريب أي إلى وقت قريب من هذا فأصدق5 بمالي، وأكن من الصالحين فأحج وأتقرب إليك يا رب بما تحب من أنواع القربات والطاعات ولكن لا ينفعه التمني ولا الطلب والدعاء، لأن حكم الله الأزلي أنه تعالى لن يؤخر 6نفسا أي نفس إذا جاء أجلها أي إذا حضر وقت وفاتها وقوله تعالى: {والله خبير بما تعملون} يحض المؤمنين على إصلاح أعمالهم والتزود لآخرتهم بإعلامهم بأنه مطلع على أعمالهم خبير بها.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- حرمة التشاغل بالمال والولد مع تضييع بعض الفرائض والواجبات.
2- حرمة تأخير الحج مع القدرة على أدائه تسويفا وتماطلا مع الإيمان بفرضيته.
3- وجوب الزكاة والترغيب في الصدقات الخاصة كصدقة الجهاد والعامة على الفقراء والمساكين.
4- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
__________

1 قد تكون المناسبة بين هذه الآية وما سبقها هي قول المنافقين: (لا تنفقوا على من عند رسول الله) فحذر تعالى المؤمنين من التأثر بالنظرية المادية التي يحملها ابن أبي وصرخ بها، ودعاهم إلى الإنفاق في سبيل الله قبل فوات الأوان بالموت أو الفقر وقلة ما ينفقون.
(لا) هي النافية اشربت معنى النهي فجزمت المضارع وفي الآية دليل على أن ما لا يشغل عن ذكر الله من مال وولد لا إثم فيه.
3 ذكر الله هنا مستعمل في الحقيقة والكناية فيشمل الذكر باللسان وهو فعل سائر الطاعات، والذكر بالقلب: وهو التذكر الموجب للطاعة.
4 قال القرطبي: في الآية دليل على وجوب تعجيل أداء الزكاة ولا يجوز تأخيرها أصلا وكذلك سائر العبادات إذا تعين وقتها. وهو كما قال رحمه الله تعالى.
5 المضارع منصوب بأن المضمرة بعد فاء السببية الواقعة في جواب الطلب، وجزم (أكن) لأنه في جواب الطلب مباشرة فلم تسبقه الفاء حتى يتعين نصبه بأن المضمرة.
(نفسا) نكرة في سياق النفي وهو (ولن يؤخر) تعم كل نفس، والمراد من النفس الروح وقيل فيها: نفس أخذا من النفس وهو الهواء الذي يخرج من الأنف والفم من كل حيوان ذي رئة وسميت روحا أخذا من الروح بفتح الراء لأن الروح به، والروح: الراحة.

**********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1652  
قديم 10-08-2022, 09:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

سورة التغابن
مكية إلا آخرها فمدني وآياتها ثماني عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم
يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (1) هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير (2) خلق السماوات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير (3) يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور (4)

شرح الكلمات:
يسبح لله: أي ينزه الله ويقدسه عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله.
ما في السموات وما في الأرض: أي من سائر المخلوقات بلسان الحال والقال.
له الملك وله الحمد: أي له دون غيره الملك الدائم الحق وله الحمد العام.
وهو على كل شيء قدير: أي هو ذو قدرة كاملة على فعل ما أراد ويريد.
فمنكم كافر ومنكم مؤمن: أي فبعضكم مؤمن موقن بربه ولقائه وبعضكم كافر جاحد دهري، والواقع
شاهد.
وصوركم فأحسن صوركم: أي صوركم في الأرحام فأحسن صوركم.
وإليه المصير: أي المرجع يوم القيامة.
والله عليم بذات الصدور: أي بما في الصدور من الضمائر والسرائر.
معنى الآيات:
قوله تعالى {يسبح لله ما في1 السماوات وما في الأرض} يخبر تعالى معلما عباده بربوبيته الموجبة لعبادته وطاعته وطاعة رسوله بأنه يسبحه جميع خلائقه في الملكوت الأعلى والأسفل وقوله {له2 الملك وله الحمد} أي أنه له الملك وهو الملك الحق وأنه له الحمد وهو الثناء الجميل {وهو على كل شيء قدير} أي وأنه على فعل كل شيء قدير لا يعجزه شيء {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن} أي وأنه خالق الكل فمن عباده المؤمن به ومنهم لكافر كما هو الواقع. وأنه بما يعمل عباده من خير أو شر من حسنات أو سيئات خبير أي مطلع وسيجزى الكل بأعمالهم حسنها وسيئها، وأنه خلق السموات والأرض3 بالحق لا للهو ولا اللعب وللعبث بل بالحق وهو أن يذكر ويشكر من عباده وأنه صور العباد في الأرحام فأحسن صورهم وجملها، فهي أجمل المخلوقات الأرضية على الإطلاق، وأنه إليه لا إلى غيره المرجع يوم القيامة فيحاسب ويجزي وهو الحكم العدل العزيز الحكيم. وأنه تعالى يعلم ما في السموات والأرض من سائر المخلوقات والحوادث والأحداث، وأنه يعلم ما يسر عباده من أعمال وأقوال ونيات، وما يعلنون من ذلك. وأنه عليم بذات الصدور أي ما فيها من أسرار وخواطر ونيات وإرادات.
أخبر عباده بهذا4 ليؤمنوا به ويعبدوه دون غيره فيكملون ويسعدون بعبادته فله الحمد وله المنة وهو الرحمن الرحيم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تعليم الله تعالى عباده وتعريفهم بجلاله وكماله ليؤمنوا به ويعبدوه ليكملوا ويسعدوا في الحياتين بالإيمان به وبطاعته وطاعة رسوله.
2- تقرير عقيدة القضاء والقدر إذ المؤمن مؤمن، والكافر كافر مكتوب ذلك في كتاب المقادير، ثم يظهره تعالى في عالم الشهادة قائما على سننه في خلقه.
3- وجوب مراقبة الله تعالى والحياء منه لأنه عليم بذات الصدور.
__________

1 اللام في قوله: (له) مزيدة لتقوية الكلام إذ فعل سبح يتعدى بنفسه يقال: سبحه: إذا نزهه وقال: (ما في السموات) ولم يقل: من تغليبا لغير العاقل لكثرته.
(له الملك) : تقديم الخبر على المبتدأ هنا للدلالة على الاختصاص فهو تعالى مختص بكل من الملك والحمد.
3 الباء في (بالحق) للملابسة أي خلقا ملتبسا بالحق بعيدا عن اللهو، واللعب الباطل.
4 في الآيات تقرير البعث وإمكانه بحجج عقلية لا ترها العقول الراجحة والفطر السليمة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1653  
قديم 10-08-2022, 09:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة التغابن
الحلقة (835)

سورة التغابن
مكية إلا آخرها فمدني وآياتها ثماني عشرة آية

ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم (5) ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد (6)

شرح الكلمات:
ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل: أي ألم يأتكم يا كفار قريش خبر الذين كفروا من قبلكم.
فذاقوا وبال أمرهم: أي عقوبة كفرهم في الدنيا.
ولهم عذاب أليم: أي في الآخرة.
ذلك: أي العذاب في الدنيا والآخرة.
بأنه كانت تأتيهم رسلهم: أي بسبب أنها كانت تأتيهم رسلهم.
بالبينات: أي بالحجج القواطع الدالة على صحة رسالاتهم.
فقالوا: أبشر يهدوننا: أي ردوا عليهم ساخرين مكذبين: أبشر يهدوننا؟
فكفروا وتولوا: أي فكفروا برسلهم وتولوا عنهم أي أعرضوا.
واستغنى الله: أي عن إيمانهم.
والله غني حميد: أي غني عن خلقه محمود بأفعاله وآلائه على خلقه.
معنى الآيتين:
بعد أن بين تعالى للناس مظاهر ربوبيته المقتضية لعلمه وقدرته وحكمته وعدله ورحمته في الآيات السابقة والموجبة لألوهيته قرر في هاتين الآيتين نبوة ورسالة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فقال لكفار
مكة {ألم يأتكم1 نبأ} أي خبر {الذين كفروا من قبل} 2كقوم عاد وثمود وأصحاب مدين، {فذاقوا وبال أمرهم3} أي عقوبة كفرهم التي كانت عقوبة ثقيلة شديدة فأهلكوا في الدنيا بعذاب إبادي استئصالي، وفي الآخرة لهم عذاب أليم4 وبين لهم سبب ذلك الهلاك والعذاب فقال: {ذلك بأنه كانت5 تأتيهم رسلهم بالبينات} أي بالحجج والبراهين على أنهم رسل إليهم، وأنه لا إله إلا الله فلا تصح العبادة لغير الله، فيقابلونها بالسخرية والإعراض والاستنكار وهو ما أخبر تعالى به عنهم في قوله: {فقالوا أبشر6 يهدوننا} أي كيف يكون بشر مثلكم يهدوننا، وبذلك كفروا وتولوا عن الإيمان والإسلام. واستغنى الله عن إيمانهم فأهلكهم لما كفروا به وبرسله. ولم يأسف أو يأس عليهم لعدم حاجته إليهم والله غني عنهم وعن سائر خلقه حميد أي محمود بأفعاله الشاهدة بكماله وجلاله وجماله.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:

1- توبيخ من يستحق التوبيخ وتأنيب من يستحق التأنيب.
2- التكذيب للرسل والكفر بتوحيد الله موجب للعقوبة في الدنيا والعذاب في الآخرة.
3- تقرير نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإثباتها لأن شأنه شأن الرسل من قبله.
__________

1 الاستفهام تقريري.
2 حذف المضاف إليه مع (قبل) ونوي معناه دون لفظه فلذا بنيت قيل على الضم والتقدير: نبأ الذين كفروا من قبلكم.
3 الوبال: السوء، وما يكره، والأمر: الشأن والحال.
4 أي: في الآخرة لأن العطف يقتضي المغايرة.
5 الإشارة عائد إلى المذكور قبلها وهو الوبال والعذاب الأليم.
6 الاستفهام في (أبشر) استفهام إنكاري إبطالي.

****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1654  
قديم 10-08-2022, 09:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير (7) فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير (8) يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم (9) والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير (10)
شرح الكلمات:
زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا: أي قالوا كاذبين إنهم لن يبعثوا أحياء من قبورهم.
قل بلى وربي لتبعثن: قل لهم يا رسولنا بلى لتبعثن ثم تنبئون بما عملتم.
وذلك على الله يسير: وبعثكم وحسابكم ومجازاتكم بأعمالكم شيء يسير على الله.
والنور الذي أنزلنا: أي وآمنوا بالقرآن الذي أنزلناه.
ليوم الجمع: أي يوم القيامة إذ هو يوم الجمع.
ذلك يوم التغابن: أي يغبن المؤمنين الكافرين يأخذ منازل الكفار في الجنة وأخذ الكفار منازل المؤمنين في النار.
ذلك الفوز العظيم: أي تكفيره تعالى عنهم سيئاتهم وإدخالهم جنات تجري من تحتها الأنهار هو الفوز العظيم.
بئس المصير: أي قبح المصير الذي صاروا إليه وهو كونهم أهلا للجحيم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في مطلب هداية قريش إنه بعد أن ذكرهم بمصير الكافرين من قبلهم وفي ذلك دعوة واضحة لهم إلى الإيمان بتوحيد الله وتصديق رسوله. دعاهم هنا إلى الإيمان بأعظم أصل من أصول الهداية البشرية وهو الإيمان بالبعث والجزاء وهم ينكرون ويجاحدون ويعاندون قيه فقال في أسلوب غير المواجهة بالخطاب زعم1 الذين كفروا والزعم ادعاء باطل وقول إلى الكذب أقرب منه إلى الصدق. أن لن يبعثوا أي أنهم إذا ماتوا لن يبعثوا أحياء يوم القيامة.
قل لهم يا رسولنا: {بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم} ولازم ذلك الجزاء العادل على كل أعمالكم وهي أعمال فاسدة غير صالحة مقتضية للعذاب والخزي في جهنم {وذلك على2 الله يسير} أي وأعلمهم أن بعثهم وتنبئنهم بأعمالهم وإثابتهم عليها أمر سهل هين لا صعوبة فيه وبعد هذه
اللفتة اللطيفة دعاهم دعوة كريمة إلى طريق سعادتهم ونجاتهم فقال عز وجل: {فآمنوا بالله3 ورسوله} أي صدقوا بتوحيد الله وبنبوة رسوله وبالنور الذي أنزلنا وهو القرآن الكريم، واعملوا الصالحات وتباعدوا عن السيئات {والله بما تعملون خبير} أي وسيجزيكم بأعمالكم. وذلك {يوم يجمعكم ليوم الجمع} وهو يوم القيامة ويجازيكم بأعمالكم خيرها وشرها ذلك يوم التغابن4 الحقيقي حيث يرث أهل الجنة منازل أهل النار في الجنة ويرث أهل النار منازل أهل الجنة في النار، وهذا قائم على أساس أن الله تعالى أوجد لكل إنسان منزلا في الجنة وآخر في النار، فمن آمن وعمل صالحا دخل الجنة وحاز منزله ومنزل إنسان آخر هو في النار فحصل بذلك الغبن بينه وبين من هو في النار قد ورث منزله فيها وبعد هذا الدعاء الخاص الموجه إلى كفار قريش قال تعالى واعدا عامة الناس عربهم وعجمهم من وجد منهم ومن لم يوجد بعد: ومن يؤمن بالله5 ويعمل صالحا يكفر6 عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم لأنه نجاة من النار ودخول الجنة هذا وعده الصادق لمن آمن وعمل صالحا. وقال: {والذين 7كفروا} أي بالله ورسوله ولقائه وكذبوا بآيتنا أي القرآن وما فيه من شرائع وأحكام والتكذيب مانع من العمل الصالح قطعا إذا {أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير} النار والخلود فيها هذا وعيده تعالى المقابل لوعده السابق اللهم اجعلنا من أهل وعدك ولا تجعلنا من أهل وعيدك يا واسع الفضل يا رحمن.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير البعث والجزاء.
2- تقرير التوحيد والنبوة.
3- بيان كون القرآن نورا فلا هداية في هذه الحياة إلا به فمن طلبها في غيره ما اهتدى.
4- الترغيب في الإيمان والعمل الصالح وبيان أنهما مفتاح دار السلام.
5- التحذير من الكفر والتكذيب بالقرآن وشرائعه وأحكامه فإن ذلك يقود إلى النار.
__________

1 هنا كلام مستأنف استئنافا ابتدائيا المخاطب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فيه كفر المشركين بالبعث ويرد عليهم بتقرير ما نفوه وزعموا أنه غير واقع, والزعم: القول الموسوم بمخالفة الواقع, ويطلق على الخبر المشكوك في وقوعه.
2 (وذلك على الله يسير) : تذييل, واسم الإشارة عائد إلى البعث المفهوم من قوله: (لتبعثن) .
3 (فآمنوا) : الفاء هي الفصيحة إذ أفصحت عن شرط مقدر، والتقدير: فإذا علمتم هذه الحجج وتذكرتم ما حل بأسلافكم من العقاب فآمنوا بالله ورسوله لتنجوا مما حل بالكافرين من أمثالكم.
4 الإتيان باسم الإشارة بدل الضمير كان لقصد الاهتمام بهذا اليوم بتمييزه مع ما يفيده اسم الإشارة من البعد والعلو نحو: (ذلك الكتاب) والتغابن: تفاعل صادر بين اثنين هذا مغبون وذاك غابن، والغبن: أن يعطى البائع ثمنا دون ثمن بضاعته.
5 هذه الآية متضمنة تفصيلا لما أجمل في الجمل قبلها وتحمل عفوا عاما لمن آمن من الكافرين ووحد من المشركين بأن الله تعالى سيعفو عنهم ويغفر لهم ويدخلهم الجنة.
6 قرأ نافع: (نكفر) و (ندخل) بنون العظمة على الالتفات من الغيبة إلى المتكلم. وقرأ حفص (يكفر) و (يدخل) بياء الغيبة على مقتضى الظاهر.
7 أي: والذين استمروا على الكفر والتكذيب ولم يتوبوا بالإيمان وترك الشرك والمعاصي فجزاؤهم الملائم لخبث نفوسهم من جراء الشرك والمعاصي هو ما ذكر تعالى من الخلود في النار.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1655  
قديم 10-08-2022, 09:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة التغابن
الحلقة (836)

سورة التغابن
مكية إلا آخرها فمدني وآياتها ثماني عشرة آية
المجلد الخامس (صـــــــ 366الى صــــ 371)

ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم (11) وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين (12) الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون (13)

شرح الكلمات:
ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله: أي ما أصابت أحدا من الناس مصيبة إلا بقضاء الله تعالى وتقديره ذلك عليه.
ومن يؤمن بالله يهد قلبه: أي ومن يصدق بالله فيعلم أنه لا أحد تصيبه مصيبة إلا بإذنه تعالى يهد قلبه للتسليم والرضاء بقضائه فيسترجع ويبصر.
فإن توليتم: أي عن طاعة الله ورسوله فلا ضرر ولا بأس على رسولنا في توليكم إذ عليه إبلاغكم لا هدايتكم.
معنى الآيات:
قوله تعالى {ما أصاب1 من مصيبة إلا بإذن الله} 2 في هذه الآية رد على الكافرين الذين يقولون لو كان المسلمون على حق، وما هم عليه حقا لصانهم الله من المصائب في الدنيا، ولما سلط عليهم كذا وكذا ... فأخبر تعالى أنه ما من أحد من الناس تصيبه مصيبة في نفس أو ولد أو مال إلا وهي بقضاء الله وتقديره ذلك عليه، ومن يؤمن بالله ربا وإلها عليما حكيما وأن ما أصابه لم
يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه3 يهد قلبه فيصبر ويسترجع فيؤجر وتخف عنده المصيبة بخلاف الكافر بالله وقضائه وقدره.
وقوله تعالى {والله بكل شيء عليم} فلا يخفى عليه شيء فلا يحدث حدث في الكون إلا بعلمه وإذنه وهذه حال تقتضي الرضا بالقضاء والقدر والتسليم لله تعالى فيما يقضي به على عبده وفي ذلك خير كثير لا يعرفه إلا أصحاب الرضا بالقضاء والتسليم للعليم الحكيم.
وقوله تعالى {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول} يأمر تعالى عباده عامة بطاعة الله وطاعة رسوله لأن كمال الإنسان وسعادته مرتبطة بهذه الطاعة التي هي عبارة عن تطبيق نظام دقيق ينتج صفاء روح وزكاة نفس يتأهل بها العبد إلى النزول بالملكوت الأعلى (الجنة دار الأبرار) .
وقوله {فإن توليتم} أي أعرضتم عن هذه الدعوة فرفضتم طاعة الله ورسوله فلا ضرر على رسولنا ولا ضير إذ عليه البلاغ المبين وقد بلغ مبينا غاية التبيين، وأما هدايتكم فلم يكلف بها إذ لا يقدر عليها ولا يكلف الله نفسا إلا طاقتها.
وقوله تعالى: {الله لا إله إلا هو} أي أن الذي أمركم بطاعته وطاعة رسوله هو الله الذي لا إله إلا هو أي المعبود الذي لا تنبغي العبادة ولا تصلح إلا له لأنه الخالق لكم الرازق المدبر لحياتكم، {وعلى الله فليتوكل4 المؤمنون} فإنه يكفي المؤمن الذي يتوكل عليه يكفيه كلما يهمه من أمر دنياه وآخرته. ولا كافي إلا هو سبحانه وتعالى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة القضاء والقدر.
2- وجوب الصبر عند نزول المصيبة والرضا والتسليم لله تعالى في قضائه وحكمه، ومن تكن هذه حاله يهد الله قلبه5 ويرزقه الصبر وعظيم الأجر ويلطف به في مصيبته وإن هو استرجع قائلا إنا لله وإنا إليه راجعون أخلفه الله عما فقده وآجره.
3- وجوب طاعة الله وطاعة رسوله في الأمر والنهي.
4- تقرير التوحيد.
5- وجوب التوكل على الله تعالى وهو فعل المأمور وترك المنهي وتفويض الأمر لله بعد ذلك. ولن يكون إلا خيرا بإذن الله تعالى.
__________

1 قال القرطبي: قيل سبب نزول هذه الآية أن الكفار قالوا: لو كان ما عليه المسلمون حق لصانهم الله من المصائب في الدنيا ورد تعالى عليهم بأن المصائب التي تصيب العبد هي بإذن الله ولها أسبابها مرتبطة معها وهي سنن لله تعالى لا تتخلف.
2 أنثت المصيبة لأنها بمعنى الحادثة والإذن: أصله إجازة الفعل لمن يفعله والمراد هنا أن ما يصيب العبد من خير وشر هو بتدبير الله تعالى في ربطه الأسباب بالمسببات فعاد الأمر إلى أذنه تعالى بوقوع ما أراده من خير أو غيره.
3 (يهد قلبه) عندما تصيبه المصيبة فيسترجع أي: يقول إنا لله وإنا إليه راجعون ويصبر، فالإيمان هو السبب في حصول هداية القلب فإذا هدى القلب حصل الاسترجاع وحصل الصبر وخف وقع المصيبة.
4 الجملة معطوفة على قوله: {وأطيعوا الله} فهي في معنى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، وتوكلوا على الله وحده لأن الطاعة تتطلب عملا وجهدا وهما يتطلبان اعتمادا على الله إذ هو المعين للعبد على الطاعة دون غيره فليكن التوكل عليه وحده.
5 (يهد قلبه) فيسترجع ويبصر، والإيمان الصحيح هو الذي ينتج هداية القلب فإذا اهتدى القلب إلى معرفة حكم الله وقضائه صبر وظفر.

***************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1656  
قديم 10-08-2022, 09:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم (14) إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم (15) فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (16) إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم (17) عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم (18)
شرح الكلمات:
إن من أزواجكم وأولادكم عدوا: أي من بعض أزواجكم وبعض أولادكم عدوا أي يشغلونكم عن طاعة الله أو
لكم ينازعونكم في أمر الدين أو الدنيا.
فاحذروهم: أي أن تطيعوهم في التخلف عن فعل الخير كترك الهجرة أو الجهاد أو صلاة الجماعة أو التصدق على ذوي الحاجة.
وإن تعفوا: أي عمن ثبطكم عن الخير من زوجة وولد.
وتصفحوا وتغفروا: أي وتعرضوا عنهم وتغفروا لهم ما عملوه معكم من تأخيركم عن الهجرة أو الجهاد أو الإنفاق في سبيل الله.
فإن الله غفور رحيم: أي يغفر لمن يغفر ويرحم من يرحم.
إنما أموالكم وأولادكم فتنة: أي بلاء واختبار لكم فاحذروا أن يصرفوكم عن طاعة الله أو يوقعوكم في معصيته.
والله عنده أجر عظيم: أي فآثروا ما عنده تعالى على ما عندكم من مال وولد.
فاتقوا الله ما استطعتم: أي افعلوا ما تقدرون عليه من أوامره, واجتنبوا نواهيه كلها.
ومن يوق شح نفسه: أي ومن يقه الله شح نفسه فيعافيه من البخل والحرص على المال.
يضاعفه لكم: أي الدرهم بسبعمائة.
والله شكور حليم: أي يجازي على الطاعة ولا يعاجل بالعقوبة.
معنى الآيات:
هذه الآيات الكريمة {يا أيها الذين آمنوا} إلى قوله {العزيز الحكيم} نزلت في1 أناس كان لهم أزواج وأولاد عاقوهم عن الهجرة والجهاد فترة من الوقت فلما تغلبوا عليهم وهاجروا ووجدوا الذين سبقوهم إلى الهجرة قد تعلموا وتفقهوا في الدين فتأسفوا عن تخلفهم فهموا بأزواجهم وأولادهم الذين عاقوهم عن الهجرة فترة طويلة أن يعاقبوهم بنوع من العقاب من تجويع أو ضرب أو تثريب وعتاب فأنزل الله تعالى هذه الآيات يا أيها الذين آمنوا أي يا أيها المؤمنون إن من2 أزواجكم3 وأولادكم أي من بعضهم لا كلهم إذ منهم من يساعد على طاعة الله ويكون عونا عليها عدوا لكم يصرفكم عن طاعة الله والتزود للدار الآخرة, وقد ينازعونكم في دينكم ودنياكم إذا فاحذروهم أي كونوا منهم على حذر أن تطيعوهم في التخلف عن فعل الخير من هجرة وجهاد وغيرهما وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا أي عمن شغلوكم عن طاعة الله فعاقوكم عن الهجرة والجهاد فلم تضربوهم ولم تجوعوهم ولم تثربوا عليهم ولم تعاتبوهم بل تطلبون العذر لما قاموا به نحوكم يكافئكم الله تعالى بمثله فيعفو عنكم ويصفح ويغفر لكم كما عفوتم وصفحتم وغفرتم لأزواجكم وأولادكم الذين أخروا هجرتكم وعطلوكم عن الجهاد في سبيل الله.
وقوله تعالى {إنما أموالكم وأولادكم فتنة4 والله عنده أجر عظيم} أي إنما أموالكم وأولادكم أي كل أموالكم وأولادكم فتنة واختبار من الله لكم هل تحسنون التصرف فيهم فلا تعصوا الله لأجلهم لا بترك واجب ولا بفعل ممنوع, أو تسيئون التصرف فيحملكم حبهم على التفريط في طاعة الله أو التقصير في بعضها بترك واجب أو فعل حرام والله عنده أجر عظيم فآثروا ما عند الله على ما عندكم من مال وولد, إن ما عند الله باق, وما عندكم فان, فآثروا الباقي على الفاني.
وقوله تعالى {فاتقوا الله ما استطعتم5} هذا من إحسان الله تعالى إلى عباده المؤمنين إنه لما علمهم أن أموالهم وأولادهم فتنة وحذرهم أن يؤثروهم على طاعة الله ورسوله علم أن بعض المؤمنين سوف يزهدون في المال والولد, وأن بعضا سوف يعانون أتعابا ومشقة شديدة في التوفيق بين خدمة المصلحتين فأمرهم أن يتقوه في حدود ما يطيقون فقط وخير الأمور الوسط فلا يفرط في ولده وماله, ولا يفرط في علة وجوده وسبب نجاته وسعادته وهي عبادة الله تعالى التي خلق لأجلها وعليها مدار نجاته من النار ودخوله الجنة.
وقوله تعالى واسمعوا6 ما يدعوكم الله ورسوله إليه {وأطيعوا وأنفقوا} في طاعة الله من أموالكم7 خيرا لأنفسكم من عدم الإنفاق فإنه شر لكم وليس بخير.
وقوله تعالى: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} أعلمهم أن عدم الإنفاق ناتج عن شح النفس, وشح النفس لا يقي منه إلا الله, فعليكم باللجوء إلى الله تعالى ليحفظكم من شح نفوسكم فادعوه وتوسلوا إليه بالإنفاق قليلا قليلا حتى يحصل الشفاء من مرض الشح الذي هو البخل مع الحرص الشديد على جمع المال والحفاظ عليه ومن شفي من مرض الشح أفلح وأصبح في عداد المفلحين الفائزين بالجنة بعد النجاة من النار وقوله {إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم8 ويغفر لكم} هذا الترغيب عظيم من الله تعالى للمؤمنين للنفقة في سبيله إذ سماها قرضا والقرض مردود وواعد بمضاعفتها وزيادة أخرى أن يغفر لهم بذلك ذنوبهم, واشتراط الحسن للقرض اشتراط معقول وهو أن يكون المال الذي أقرض الله حلالا لا حراما, وأن تكون النفس طيبة به لا كارهة له, وهذا من باب النصح للمؤمنين ليحصلوا على الأجر مضاعفا. وقوله تعالى {والله شكور حليم} ترغيب أيضا لهم في الإنفاق لأن الشكور معناه يعطي القليل فيكافيء بالكثير, والحليم الذي لا يعاجل بالعقوبة. ومثله يقرض القرض الحسن.
وقوله {عالم الغيب والشهادة} ترغيب أيضا في الإنفاق إذا أعلمهم أنه لا يغيب عنه من أمورهم شيء يعلم الخفي منها والعلنى، وما غاب عنهم فلم يروه وما ظهر لهم فشهدوه فذو العلم بهذه المثابة معاملته مضمونة لا يخاف ضياعها ولا نسيانها. وقوله {العزيز الحكيم} أي العزيز الانتقام من أعدائه الحكيم في إجراء أحكامه وتدبير شؤون عباده.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان أن من بعض الزوجات والأولاد عدوا فعلى المؤمن أن يحذر ذلك ليسلم من شرهم.
2- الترغيب في العفو والصفح والمغفرة على من أساء أو ظلم.
3- التحذير من فتنة المال والولد ووجوب التيقظ حتى لا يهلك المرء بولده وماله.
4- وجوب تقوى الله بفعل الواجبات وترك المنهيات في حدود الطاقة البشرية.
5- الترغيب في الإنفاق في سبيل الله تعالى والتحذير من الشح فإنه داء خطير.
__________

1 قال القرطبي: قال ابن عباس: نزلت في عوف بن مالك الأشجعي بالمدينة النبوية شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جفاء أهله وولده, وعن عطاء بن يسار قال: نزلت سورة التغابن كلها جملة إلا هؤلاء الآيات (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم..) الخ.
2 الآية عامة في الرجال والنساء فكما يكون للرجل من امرأته وولده عدو يكون كذلك للمرأة من زوجها وولدها عدو, ووجب الحذر على المؤمنين, ويكون الحذر بوجهين: إما لضرر في البدن وإما لضرر في الدين, وضرر البدن يتعلق بالدنيا وضرر الدين يتعلق بالآخرة فحذر الله تعالى العبد من ذلك وأنذره به.
3 (من) للتبعيض إذ ما كل من له زوجة وولد كانوا له عدوا.
4 (فتنة) أي: بلاء واختبار يحملكم على كسب المحرم ومنع حق الله تعالى فلا تطيعوهم في معصية الله تعالى, روي عن ابن مسعود أنه كان يقول: لا تقولوا: اللهم اعصمني من الفتنة فإنه ليس أحد منكم يرجع إلى مال وأهل وولد إلا وهو مشتمل على فتنة ولكن ليقل اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن.
5 هل هذه الآية مخصصة لآية آل عمران: (فاتقوا الله حق تقاته) هذا هو الطاهر إذ من غير الممكن أن يتقى الله حق تقاته أي: تقواه الحقة فلو أن العبد ذاب ذوبانا من خشية الله تعالى ما اتقى الله حق تقاته.
6 قال القرطبي: اسمعوا ما توعظون به وأطيعوا فيما تؤمرون به وتنهون عنه, والآية أصل في السمع والطاعة في بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة ولأولى الأمر.
7 يصح في نصبه ثلاثة أوجه الأول أن يكون الخير بمعنى المال ويكون خيرا مفعولا به, والثاني: أن يكون (خيرا) نعتا لمصدر محذوف أي أنفقوا إنفاقا خيرا, والثالث أن يكون منصوبا بفعل مضمر دل عليه أنفقوا أي ايتوا في الإنفاق خيرا لأنفسكم.
8 المضاعفة: هي إعطاء الضعف, والشكور: فعول بمعنى فاعل أي: مبالغة في الشكر.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1657  
قديم 10-08-2022, 09:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة التغابن
الحلقة (837)

سورة الطلاق
مدنية وآياتها ثلاث عشرة آية

المجلد الخامس (صـــــــ 372الى صــــ 376)

سورة الطلاق
مدنية وآياتها ثلاث عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا (1)

شرح الكلمات:
يا أيها النبي: أراد الله بالنداء النبي صلى الله عليه وسلم وأمته بدليل ما بعده.
إذا طلقتم النساء: أي إذا أردتم طلاقهن.
فطلقوهن لعدتهن: أي لقبل عدتهن أي في طهر لم يجامعها فيه.
وأحصوا العدة: أي احفظوا مدتها حتى يمكنكم المراجعة فيها.
واتقوا الله ربكم: أي أطيعوه في أمره ونهيه.
لا تخرجوهن من بيوتهن: أي لا تخرجوا المطلقة من بيت زوجها الذي طلقها حتى تنقضي عدتها.
إلا أن يأتين بفاحشة مبينة: أي إلا أن يؤذين بالبذاء في القول وسوء الخلق, أو يرتكبن فاحشة من زنا بينة ظاهرة لا شك فيها.
وتلك حدود الله: أي المذكورات من الطلاق في أول الطهر وإحصاء العدة وعدم إخراج المطلقة من بيتها حتى تنقضي عدتها.
لا تدري لعل الله يحدث بعد: أي يجعل في قلب الزوج الرغبة في مراجعتها فيراجعها إذا لم تكن الثالثة من
ذلك أمرا الطلقات.
معنى الآية:
قوله تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء} 3 يخاطب الله تبارك وتعالى رجال أمة الإسلام في شخصية نبيها محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: إذا طلقتم2 أي إذا أردتم طلاقهن لأمر اقتضى ذلك فطلقوهن لعدتهن أي لأول عدتهن وذلك في طهر لم تجامع فيه لتعد ذلك الطهر أول عدتها. وقوله تعالى:
{وأحصوا العدة} أي احفظوها فاعرفوا بدايتها ونهايتها لما يترتب على ذلك من أحكام من صحة المراجعة وعدمها، ومن النفقة، والإسكان وعدمهما. وقوله: {واتقوا الله ربكم} فامتثلوا أوامره وقفوا عند حدوده فلا تتعدوها، لا تخرجوهن أي المطلقات من بيوتهن اللاتي طلقن فيهن، ولا يخرجن أي ويجب أن لا يخرجن من بيوتهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة كزنا ظاهر أو تكون سيئة بذيئة اللسان فتؤذي أهل البيت أذى لا يتحملونه فعندئذ يباح إخراجها.
وقوله تعالى: {وتلك حدود الله} أي المذكورات من الطلاق لأول الطهر، وإحصاء العدة، وعدم إخراجهن من بيوتهن، وقوله {ومن يتعد حدود الله} فيتجاوزها ولم يقف عندها فقد ظلم نفسه وتعرض لعقوبة الله تعالى عاجلا أو آجلا.
وقوله تعالى: {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا} أي بأن يجعل الله تعالى في قلب الرجل رغبة في مراجعة مطلقته فيراجعها، وفي ذلك خير كثير.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان السنة في الطلاق وهي أن يطلقها في طهر لم يمسها 1في بجماع.
2- أن يكون الطلاق واحدة لا اثنتين ولا ثلاثا.
3- وجوب إحصاء العدة ليعرف الزوج متى تنقضي عدة مطلقته لما يترتب على ذلك من أحكام الرجعة والنفقة والإسكان.
4- حرمة إخراج المطلقة من بيتها الذي طلقت فيه إلى أن تنقضي عدتها إلا أن ترتكب فاحشة ظاهرة كزنا أو بذاءة أو سوء خلق وقبيح معاملة فعندئذ يجوز إخراجها.
__________

1 في سنن ابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة رضي الله عنها ثم راجعها بأمر الله تعالى وقيل له: راجعها فإنها قوامة صوامة رضي الله عنها وأرضاها، وضعف الحديث، وعلى كل حال فالآية تشريع عام لأمة الإسلام بغض الطرف عن سبب النزول.
2 وردت أحاديث كثيرة ضعيفة السند ومجموعها يدل على كراهية الطلاق وأنه عمل غير صالح إن كان بدون ضرورة وهي رفع الضرر عن أحد الكتزوجين. الجمهور أن من طلق واستثنى فله ما استثناه فلو قال: أنت طالق إن شاء الله فله استثناؤه ولا طلاق عليه.
3 وأن يكون لا اثنتين ولا ثلاثا، وطلاق البدعة خلافه وهو: أن يطلقها وهي حائض أو في طهر جامعها فيه أو بلفظ اثنين أو ثلاث ومن أهل العلم من لا يعد الطلاق البدعي طلاقا، ومنهم من يمضيه واحتج المانعون والمجيزون بحديث ابن عمر في الصحيح: (إذ طلق ابن عمر زوجته وهي حائض فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: ليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر بها الله عز وجل) فمن قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حسبها له طلقة قال الطلاق في الحيض يمضي وهو بدعة، ومن قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعدها بل قال له: "إذا طهرت ليطلق أو ليمسك" قال: الطلاق في الحيض بدعة ولا يمضي.

**************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1658  
قديم 10-08-2022, 09:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا (2) ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا (3)
شرح الكلمات:
فإذا بلغن أجلهن: أي قاربن انقضاء عدتهن.
فأمسكوهن بمعروف: أي بأن تراجعوهن بمعروف من غير ضرر.
أو فارقوهن بمعروف: أي أتركوهن حتى تنقضي عدتهن ولا تضاروهن بالمراجعة.
وأشهدوا ذوي عدل منكم: أي اشهدوا على الطلاق وعلى المراجعة رجلين عدلين منكم أي من المسلمين فلا يشهد كافر.
وأقيموا الشهادة لله: أي لا للمشهود عليه أوله بل لله تعالى وحده.
ذلكم يوعظ به من كان يؤمن: أي ذلكم المذكور من أول السورة من أحكام يؤمر به وينفذه من كان يؤمن بالله
بالله واليوم الآخر واليوم الآخر.
ومن يتق الله: أي في أمره ونهيه فلا يعصه فيهما.
يجعل له مخرجا: أي من كرب الدنيا والآخرة.
ويرزقه من حيث لا يحتسب: أي من حيث لا يرجوا ولا يؤمل.
فهو حسبه: أي كافيه ما يهمه من أمر دينه ودنياه.
قد جعل الله لكل شيء قدرا: أي من الطلاق والعدة وغير ذلك حدا وأجلا وقدرا ينتهي إليه.
معنى الآيتين:
ما زال السياق الكريم في بيان العدد وأحكام الطلاق والرجعة. قال تعالى: {فإذا بلغن} 1 أي المطلقات أجلهن أي قاربن انقضاء العدة فأمسكوهن بمعروف أي راجعوهن على أساس حسن العشرة والمصاحبة الكريمة لا للإضرار بهن كأن يراجعها ثم يطلقها يطول عليها العدة فهذا لا يجوز لحرمة الإضرار بالناس وفي الحديث: لا ضرر2 ولا ضرار.
وقوله {أو فارقوهن بمعروف} وذلك بأن يعطيها ما بقي لها من مهرها ويمتعها3 بحسب حاله غنى وفقرا. وقوله تعالى {وأشهدوا ذوي عدل منكم} أي أشهدوا على النكاح والطلاق والرجعة أما الإشهاد على النكاح فركن ولا يصح النكاح بدونه، وأما في الطلاق والرجعة فهو مندوب، وقد يصح الطلاق والرجعة بدونه، ويشترط في الشهود أن يكونوا عدولا، وأن يكونوا مسلمين لا كافرين.4 وقوله {وأقيموا الشهادة لله} أي أدوها على وجهها ولا تراعوا فيها إلا وجه الله عز وجل. وقوله: {ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر} أي ذلكم المأمور به من أول السورة كالطلاق في طهر لم يجامعها فيه وكإحصاء العدة وعدم إخراج المطلقة من بيتها والإمساك بالمعروف والفراق بالمعروف والإشهاد في النكاح والطلاق والرجعة والإقساط في الشهادة كل ذلك يوعظ به أي يؤمر به وينفذه المؤمن بالله واليوم الآخر إذ هو الذي يخاف عقوبة الله وعذابه فلا يقدم على معصيته.
وقوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} هذه الآية نزلت في عوف بن مالك الأشجعي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إن ابني أسره العدو وجزعت أمه فبم تأمرني؟ قال آمرك وإياها أن تكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله. فقالت المرأة نعم ما أمرك به فجعلا يكثران منها فغفل العدو عن ابنهما فاستاق غنمهم وجاء بها إلى أبويه فنزلت هذه الآية، وهي عامة في كل من يتق الله تعالى فإنه يجعل له من كل ضيق مخرجا ومن كل كرب فرجا، ويرزقه من حيث لا يرجو ولا يؤمل، ولا يخطر له على بال، ومن يتوكل على الله تعالى في أمره فلا يفرط في أمر الله، ولا يضيع حقوقه فإن الله تعالى يكفيه ما يهمه من أمر دينه ودنياه. وقوله تعالى {إن الله بالغ أمره} 5 أي منفذ أمره في عباده لا يعجزونه أبدا، وقد6 جعل لكل شيء قدرا أي مقدارا وزمانا ومكانا فلا يتقدم ولا يتأخر، ولا يزيد ولا ينقص فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، ولا يقع في ملك الله إلا ما يريد الله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- لا تصح الرجعة إلا في العدة فإن انقضت العدة فلا رجعة وللمطلقة أن تتزوج من شاءت هو أو غيره من ساعة انقضاء عدتها.
2- لا تحل المراجعة للإضرار، ولكن للفضل والإحسان وطيب العشرة.
3- مشروعية الإشهاد على الطلاق والرجعة معا.
4- يشترط في الشهود العدالة، فإذا خفت العدالة في الناس استكثر من الشهود.
5- وعد الله الصادق بالفرج القريب لكل من يتقه سبحانه وتعالى، والرزق من حيث لا يرجو.
6- تقرير عقيدة القضاء والقدر.
7- كفاية الله لمن توكل عليه.7
__________

1 هذا لقوله تعالى: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن) أي: قاربن من انقضاء الأجل.
2 رواه مسلم في صحيحه.
3 المتعة واجبة للمطلقة التي لم يفرض لها صداق ولغيرها من المطلقات سنة مستحبة.
4 قرأ نافع (إن الله بالغ أمره) بتنوين بالغ ونصب أمره على أنه معمول لاسم الفاعل المنون، وقرأ حفص بإضافة بالغ إلى أمره فبالغ مرفوع بدون تنوين وأمر: مجرور بالإضافة إليه.
5 قرأ نافع (إن الله بالغ أمره) بتنوين بالغ ونصب أمره على أنه معمول لاسم الفاعل المنون، وقرأ حفص بإضافة بالغ إلى أمره فبالغ مرفوع بدون تنوين وأمره: مجرور بالإضافة إليه.
6 أي: لكل شيء من الشدة والرخاء أجل ينتهي إليه. قال القرطبي: وما في التفسير أوضح وأشمل.
7 روى القرطبي عن الربيع بن خيثم قوله: إن الله تعالى قضى على نفسه أن من توكل عليه كفاه ومن آمن به هداه، ومن أقرضه جازاه ومن وثق به نجاه ومن دعاه أجاب له وتصديق ذلك في كتاب الله (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) . (إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم) (ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم) (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان)
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1659  
قديم 10-08-2022, 09:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة التغابن
الحلقة (838)

سورة الطلاق
مدنية وآياتها ثلاث عشرة آية

المجلد الخامس (صـــــــ 377الى صــــ 380)

واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا (4) ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا (5)

شرح الكلمات:
واللائي يئسن من المحيض: والنسوة اللائي يئسن من المحيض.
إن ارتبتم: أي شككتم في عدتهن.
واللائي لم يحضن: أي لكبر سن أو صغر سن.
وأولات الأحمال: أي ذوات الأحمال: النساء الحوامل.
أجلهن: أي في انقضاء عدتهن أن يضعن حملهن.
ذلك أمر الله: أي ذلك المذكور في العدة وتفاصيلها.
أنزله إليكم: أي لتأتمروا به وتعملوا بمقتضاه.
معنى الآيتين:
ما زال السياق الكريم في بيان أحكام الطلاق والرجعة والعدة فقال تعالى: {1واللائي يئسن2 من المحيض} أي لكبر سنهن كمن تجاوزت الخمسين من عمرها إذا طلقت بعد الدخول بها. إن ارتبتم3 أيها المؤمنون في مدة عدتهن، فعدتهن ثلاثة أشهر. واللائي لم يحضن أي لصغرهن كذلك، عدتهن ثلاثة أشهر وقوله {وأولات الأحمال} أي الحوامل إن طلقن أو مات عنهن أزواجهن أجلهن في انقضاء عدتهن أن يضعن حملهن أي وضع حملهن فمتى ولدت ما في بطنها من جنين فقد انقضت عدتها ولو وضعته قبل استكمال التسعة أشهر، إن لم تتعمد إسقاطه بالإجهاض المعروف اليوم عند الكوافر والكافرين.
وقوله تعالى: {ومن يتق الله} أي منكم أيها المؤمنون في هذه الأحكام المتعلقة بالطلاق والرجعة والعدة فلا يخالف أمره في ذلك يكافئه الله تعالى من فضله فيجعل له من أمره يسرا فيسهل عليه أمره ويرزقه ما تقر به عينه ويصلح به شأنه.
وقوله تعالى: {ذلك أمر الله أنزله إليكم} أي ذلك المذكور من الأحكام في هذه السورة من الطلاق والرجعة والعدة وتفاصيلها حكم الله أنزله إليكم لتأمروا وتعملوا به فاعملوا به ولا تهملوه طاعة لله وخوفا من عذابه ومن يتق الله في أوامره ونواهيه فيؤدى الواجبات ويتجنب المحرمات يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا أي يغفر له ذنوبه ويدخله الجنة.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:

1- بيان العدة وهي كالتالي:
1- متوفى عنها زوجها وهي غير حامل عدتها: أربعة أشهر وعشر ليال.
2- متوفى عنها زوجها وهي حامل: عدتها وضع حملها.4
3- مطلقة لا تحيض لكبر سنها أو لصغر سنها وقد دخل بها: عدتها ثلاثة أشهر.
4- مطلقة تحيض عدتها ثلاثة قروء أي حيض تبتدئ بالحيضة التي بعد الطهر الذي طلقت فيه. أو ثلاثة أطهار5 كذلك الكل واسع ولفظ القرء مشترك دال على الحيض وعلى الطهر.
5- بيان أن أحكام الطلاق والرجعة والعدد مما أوحى الله به وأنزله في كتابه فوجب العمل به ولا يحل تبديله أو تغييره باجتهاد أبدا.
6- فضل التقوى وأنها باب كل يسر وخير في الحياة الدنيا والآخرة.
__________

1 روي أن عددا من الصحابة وهم: أبي بن كعب وخلاد بن النعمان ومعاذ بن جبل كل واحد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عدة الصغيرة والكبيرة ممن لا يحضن وعدة الحامل كذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية: (واللائي يئسن) . والآية مخصصة لعموم آية البقرة (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) فقد نزلت سورة الطلاق بعد سورة البقرة.
2 اليأس: عدم الأمل والميؤوس منه في الآية هو: الحيض وسواء كان قد وجد وانعدم أم لم يوجد بعد.
3 أطلق الفقهاء على التي تحيض وانقطع حيضها وهي لم تبلغ سن اليأس أطلقوا عليها: (المرتابة) وألزموها بأن تتربص تسعة أشهر وهي مدة الحمل فإن لم تحض ولم يظهر لها حمل اعتدت بثلاثة أشهر فتتم لها سنة ثم لها أن تتزوج لانقضاء عدتها.
4 اختلف في الحامل تسقط هل تنقضي عدتها بالإسقاط أو لا فالإجماع إن كان ما سقط منها ولد تام الخلقة فإن عدتها انتهت بذلك، واختلف فيما إذا كان السقط مجرد علقة أو مضغة والراجع أنها تحل لأن العبرة بخلو الرحم يقينا وقد خلا بالإسقاط.
5 الاعتداد بالأطهار أولى لما فيه من التخفيف على المعتدة ولظاهر الآية (فطلقوهن لعدتهن) أي: لأول عدتهن وهو الطهر الذي طلقها فيه ولم يمسها.
**********************************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1660  
قديم 10-08-2022, 09:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى (6) لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا (7)
شرح الكلمات:
من وجدكم: أي من وسعكم بحيث يسكن الرجل مطلقته في بعض سكنه.
ولا تضاروهن: أي لا تطلبوا ضررهن بأي حال من الأحوال سواء في السكن أو النفقة.
لتضيقوا عليهن: أي لأجل أن تضيقوا عليهن السكن فيتركنه لكم ويخرجن منه.
وإن كن أولات أحمال: أي حوامل يحملن الأجنة في بطونهن.
فإن أرضعن لكم: أي أولادكم.
فآتوهن أجورهن: فأعطوهن أجورهن على الإرضاع هذا في المطلقات.
وأتمروا بينكم بمعروف: وتشاورا أو ليأمر كل منكم صاحبه بأمر ينتهى باتفاق على أجرة معقولة لا إفراط فيها ولا تفريط.
وإن تعاسرتم: فإن امتنعت الأم من الإرضاع أو امتنع الأب من الأجرة.
لينفق ذو سعة من سعته: أي لينفق على المطلقات المرضعات ذو الغنى من غناه.
ومن قدر عليه رزقه: ومن ضيق عليه عيشه فلينفق بحسب حاله.
معنى الآيتين:
بعد بيان الطلاق بقسميه الرجعى والبائن وبيان العدد على اختلافها بين تعالى في هاتين الآيتين أحكام النفقات والإرضاع فقال تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم1 من وجدكم} أي من وسعكم ولا تضاروهن2 بأي مضارة لا في السكن ولا في الإنفاق ولا في غيره من أجل أن تضيقوا عليهن فيتركن لكم السكن ويخرجن. وهؤلاء المطلقات طلاقا رجعيا وهن حوامل أو غير حوامل.
وقوله تعالى {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} أي وإن كانت المطلقة طلاق البتة أي طلقها ثلاث مرات فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن أي أسكنوهن وأنفقوا عليهن إلى أن يلدن فإن وضعت حملها فهما بالخيار إن شاءت أرضعت له ولده بأجرة يتفقان عليها وإن شاء هو أرضع ولده مرضعا غير أمه وهو معنى قوله تعالى فإن أرضعن3 لكم فآتوهن أجورهن وائتمروا بينكم بمعروف وذلك يتم بتبادل الرأي إلى الاتفاق على أجرة معينة, وإن تعاسرا بأن طلب كل واحد عسر الثاني أي تشاحا في الأجرة فلم يتفقا فلترضع له أي للزوج امرأة أخرى من نساء القرية.
وقوله تعالى: {لينفق ذو4 سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله} أمر تعالى المؤمن إذا طلق أن ينفق على مطلقته التي ترضع له ولده أو التي هي في عدتها في بيته بحسب يساره أو إعساره أو غناه وافتقاره، إذ ى يكلف الله نفسا إلا ما أعطاها من قدرة أو غنى وطول والقاضي هو الذي يقدر النفقة عند المشاحنة وتكون بحسب دخل الرجل وما يملك من مال.
وقوله تعالى: {سيجعل الله بعد عسر يسرا} هذا وعد صدق أتمه لأصحاب رسوله حيث كانوا في عسر ففتح عليهم ملك كسرى والروم فأبدل عسرهم يسرا. وأما غيرهم فمشروط بالتقوى كما تقدم ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:

1- وجوب السكن والنفقة للمطلقة طلاقا رجعيا.
2- وجوب السكنى والنفقة للمطلقة الحامل حتى تضع حملها.
3- وجوب السكنى والنفقة للمتوفى عنها زوجها وهي حامل.
4- المطلقة البائن والمبتوتة لم يقض لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفقة ولا سكنى لحديث فاطمة5 بنت قيس أخت الضحاك، ومن الفضل الذي ينبغي أن لا ينسى إن كانت محتاجة إلى سكن أو نفقة أن يسكنها مطلقها وينفق عليها مدة عدتها. وأجره عظيم لأنه أحسن والله يحب المحسنين.
5- النفقة الواجبة تكون بحسب حال المطلق غنى وفقرا والقاضي يقدرها أن تشاحا.
6- المطلقة طلاقا بائنا إن أرضعت ولدها لها أجرة إرضاعها حسب اتفاق الطرفين الأم والأب.
7- بيان القاعدة العامة وهي أن لا تكلف نفس إلا وسعها.
__________

1 قال أشهب عن مالك: يخرج عنها إذا طلقها ويتركها في المنزل للآية (أسكنوهن) والصحيح أن المنزل إذا كان يتسع لهما معا هي في حجرة وهي في أخرى فلا داعي لإخلائه لها وإن كان لا يتسع إلا لواحد فنعم يجب أن يتركه لها, وقوله تعالى: (من حيث سكنتم) يقرر أن السكنى تكون في بيت الزوج المطلق.
2 المضارة: الإضرار, والمراد بالتضييق المحرم: إحراجهن أو أذاهن بأي أذى. فقوله تعالى (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) شامل للمضايقة في السكنى والنفقة وفي العدة بأن يطلقها حتى إذا كادت تنقضي عدتها راجعها ثم يطلقها.
3 هل على المرأة أن ترضع ولدها؟ إن كانت عصمة الزوجية قائمة فالصحيح أنها ترضع ولدها وجوبا وإن انفصلت عروة الزوجية قلا يجب على الوالدة إرضاع إلا إذا لم يقبل غيرها وخيف عليه الموت فيتعين عليها إرضاعه بأجرة إن شاءت. وأبو حنيفة لا يرى وجوب الإرضاع على الأم مطلقا ويرى بعض العكس. والوسط ما قدمناه وهو الحق.
4 في الآية دليل على وجوب نفقة الولد على والده وأما الأم فلا إلا لضرورة كأن يموت الوالد أو يعجز، وكانت الأم قادرة فلتنفق وجوبا على طفلها.
5 وصف المالكية حديث فاطمة بالغرابة، وأن عمر رضي الله عنه لم يقل به، وقال: لا نترك كتاب الله لقول امرأة يعني أن الآية عامة في كل مطلقة لا فرق بين البائن وغيرها، فالسكنى والنفقة للجميع وهو أرحم وأعظم أجرا والله أعلم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 213.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 207.66 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (2.74%)]