تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 126 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         انحراف الفكر مجلبة لسوء العمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق الصحفي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الهداية والعقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          حقوق غير المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          مواقيت الصلوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 291 )           »          الاستصناع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          تخريج حديث: إذا أراد أحدكم أن يتبول فليرتد لبوله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          حديث: حين نزلت آية المتلاعنين: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3104 - عددالزوار : 396193 )           »          الأسماء الحسنى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-08-2022, 04:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31)
شرح الكلمات:
وما رب العالمين: أي الذي قلت إنك لرسوله من أي جنس هو؟
رب السموات والأرض وما بينهما: أي خالق ومالك السموات والأرض وما بينهما.
إن كنتم موقنين: بأن السموات والأرض وما بينهما من سائر المخلوقات مخلوقة قائمة فخالقها ومالكها هو رب العالمين.
لمن حوله: أي من أشراف قومه ورجال دولته.
ألا تستمعون: أي جوابه الذي لم يطابق السؤال في نظره.
أو لو جئتك بشي مبين: أي أتسجنني ولو جئتك ببرهان وحجة على رسالتي.
فأت به إن كنت من الصادقين: أي فأت بهذا الشيء المبين إن كنت من الصادقين فيما تقول.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في الحوار الدائر بين موسى عليه السلام وفرعون عليه لعائن الرحمن لما قال موسى {إني في رسول رب العالمين} في أول لحوار قال فرعون مستفسراً في عناد ومكابرة {وما رب1 العالمين} أي أيّ شيء هو أو من أي جنس من أجناس المخلوقات فأجابه موسى بما أخبر تعالى به عنه {قال رب2 السموات والأرض وما بينهما} إي خالق السموات والأرض وخالق ما بينهما. ومالك ذلك كله، إن كنتم موقنين بأن كل مخلوق لا بد له من خالق خلقه، وهو أمر لا تنكره العقول. وهنا قال فرعون في استخفاف وكبرياء لمن حوله من رجال دولته وأشراف قومه: {ألا تستمعون3} كأن ما قاله موسى أمر عجب أو مستنكر فعرف موسى ذلك فقال {ربكم ورب آبائكم الأولين} أي خالقكم وخالق آبائكم الأولين الكل مربوب له خاضع لحكمه وتصرفه. وهوا اغتاظ فرعون فقال {إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون} أراد أن ينال من موسى لأنه أغاظه بقوله {ربكم ورب آبائكم الأولين} فرد موسى أيضاً قائلاً {رب المشرق والمغرب وما بينهما} أي رب الكون كله {إن كنتم تعقلون} أي ما تخاطبون به ويقال لكم وفي هذا الجواب ما يتقطع له قلب فرعون فلذا رد بما أخبر به تعالى عنه في قوله {قال لئن اتخذت إلهاً غيري} أي رباً سواي {لأجعلنك من المسجونين} أي لأسجننك وأجعلك في قعر تحت الأرض مع المسجونين. فرد موسى عليه السلام قائلا {أو لو جئتك بشيء4 مبين} أي أتسجنني ولو جئت بحجة بينة وبرهان ساطع على صدقي فيما قلت وأدعوكم إليه؟ وهنا قال فرعون ما أخبر تعالى به {قال فأت به إن كنت من الصادقين} أي فيما تدعي وتقول.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- تقرير الربوبية المقتضية للألوهية من طريق هذا الحوار ليسمع ذلك المشركون، وليعلموا أنهم مسبوقون بالشرك والكفر وأنهم ضالون.
2- سنة أهل الباطل أنهم يفجرون في الخصومة وفي الحديث "وإذا خاصم فجر"5.
3- أهل الكبر والعلو في الأرض إذا أعيتهم الحجج لجأوا إلى التهديد والوعيد واستخدام القوة.
__________

1 لما غُلب فرعون في جداله لموسى استفهم بقوله: {فما رب العالمين} وهو استفهام عن جنس ولم يستفهم عن رب العالمين تجاهلاً منه ومكابرة فقال: {وما رب العالمين} وكان المطلوب أن يقول: ومن ربّ العالمين؟ ولكته العلو والتكبر.
2 لما علم موسى جهل فرعون وتجاهله أجابه بما يلقمه الحجر ويبطل دعواه في أن الربوبية تكون لبشر أو حجر فقال: {رب السموات ... } الخ.
3 استفهم اللعين استفهام تعجّب وتهكم مستخفاً بجواب موسى قائلا {ألا تسمعون} أي إلى قول هذا الذي زعم إبطال عقيدتكم وعقيدة آبائكم ولذا أجاب موسى بتقرير جوابه الأول وهو مفحم مبطل لدعوى ربوبية فرعون.
4 في جواب موسى عليه السلام هذا تلطف بفرعون وطمع في إيمانه لما بهره به من الردود المحكمة والإجابات المفحمة.
5 نّص الحديث الشريف كما هو في الصحيح: "أربع مَنْ كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-08-2022, 04:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الشعراء - (3)
الحلقة (636)
تفسير سورة الشعراء مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 645الى صــــ 652)

فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (38) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (40) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (42)
شرح الكلمات:
ثعبان مبين: أي ثعبان ظاهر أنه ثعبان لا شك.
ونزع يده: أي أخرجها من جيبه بعد أن أدخلها فيه.
لساحر عليم: أي متفوق في علم السحر.
أرجه وأخاه: أي أخرّ أمرهما.
حاشرين: أي جامعين للسحرة.
سحار عليم: أي متفوق في الفن أكثر من موسى.
يوم معلوم: هو ضحى يوم الزينة عندهم.
هل أنتم مجتمعون: أي اجتمعوا كي نتبع السحرة على دينهم إن كانوا هم الغالبين.
وإنكم إذاً لمن المقربين: أي لكم الأجر وهو الجعل الذي جعل لهم وزادهم مزية القرب منه.
معنى الآيات
ما زال السياق الكريم في الحوار الدائر بين موسى عليه السلام وفرعون عليه لعائن الرحمن لقد تقدم في السياق أن فرعون طالب موسى بالإتيان بالآية أي الحجة على صدق دعواه وهاهو ذا موسى عليه السلام يلقي عصاه أمام فرعون وملائه فإذا هي ثعبان ظاهر لا شك فيه، وأخرج يده من جيبه فإذا هي بيضاء للناظرين لا يشك في بياضها وأنه بياض خارق للعادة هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى (32) والثانية (33) {فألقى عصاه فإذا هي ثعبان1 مبين، ونزع يده فإذا هي2 بيضاء للناظرين} واعترف فرعون بأن ما شاهده من العصا واليد أمر خارق للعادة ولكنه راوغ فقال {إن هذا} أي موسى {لساحر عليم} أي ذو خبرة بالسحر وتفوق فيه قال هذا للملأ حوله كما قال تعالى عنه {قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم} وقوله تعالى عنه {يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره} قال فرعون هذا تهيجاً للملأ ليثوروا ضد موسى عليه السلام وهذا من المكر السياسي إذ جعل القضية سياسية بحتة وأن موسى يريد الاستيلاء على الحكم والبلاد ويطرد أهلها منها بواسطة السحر، وقال لهم كالمستشير لهم {فماذا تأمرون؟} فأشاروا عليه بما أخبر تعالى به عنهم {قالوا أرجه وأخاه} أي أخر أمرهما {وابعث في المدائن} أي مدن المملكة رجالاً {حاشرين} أي جامعين {يأتوك} أيها الملك {بكل سحار3 عليم} أي ذو خبرة في السحر متفوقة، وفعلاً أخذ بمشورة رجاله {فجمع السحرة لميقات يوم معلوم} أي لموعد معلوم وهو ضحى يوم العيد عندهم واستحثوا الناس على الحضور من كافة أنحاء البلاد وهو ما أخبر تعالى به في قوله {قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم} فجمع4 السحرة لميقات يوم معلوم، وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة} فنبقى على ديننا ولا نتبع موسى وأخاه على دينهما الجديد {إن كانوا} أي السحرة {هم الغالبين} وهذا من باب الاستحثاث والتحريض على الالتفات حول فرعون وملائه. وقوله تعالى {فلما جاء السحرة} أي من كافة أنحاء البلاد قالوا لفرعون ما أخبر تعالى به عنهم {أئن لنا لأجراً5} أي جعلاً {إن كنا نحن الغالبين؟} فأجابهم فرعون قائلاً {نعم وإنكم إذاً لمن6 المقربين} أي زيادة على الأجر مكافأة أخرى وهي أن تكونوا من المقربين لدينا، وفي هذا إغراء كبير لهم على أن يبذلوا أقصى جهدهم في الانتصار على موسى عليه السلام.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- إثبات المعجزات للأنبياء كمعجزة العصا واليد لموسى عليه السلام.
2- مشروعية استشارة الأمير رجاله في الأمور ذات البال.
3- ثبوت السحر وأنه فن من فنون المعرفة وإن كان تعلمه وتعليمه محرمين.
4- إعطاء المكافأة للفائزين في المباراة وغيرها ومن ذلك السباق في الإسلام.
__________

1 الثعبان: الحية الضخمة الطويلة،: و {مبين} بمعنى بيّن لا خفاء فيه ولا غموض {ونزع يده} أي أخرجها من قميصه بسرعة إذ هذا ما يدل عليه لفظ النزع, ولم يذكر المنزع منه لدلالة اللفظ عليه أي: من جيب قميصه.
2 إذا: هي الفجائية ومعنى: {للناظرين} أي: مما يقصده الناظرون لما فيه من العجب وكان جلد موسى أسمر وكانت اليد بيضاء فكان ذلك آية أخرى.
3 {سحار} فيه وصف ثابت دال على تعاطيه للمهنة ورسوخه فيها كنجار وخياط وبناء والوصف بعليم: فيه الحث على الإتيان بالمهرة من السحرة لعظم الموقف.
4 دلت الفاء على الفورية واللام كذلك في الميقات أي: لأول الوقت كقوله: {الصلاة لوقتها} أي: في أول وقتها، وقوله {للناس} المراد بالناس أهل بلاده، والاستفهام في {هل أنتم مجتمعون} للاستحثاث على الاجتماع.
5 سؤال السحرة الأجر إدلال بخبرتهم والتذكير بالحاجة إليهم لعلمهم بأن فرعون حريص على غلبهم لموسى، وخافوا أيضاً أن يستخدمهم فرعون بدون أجر لأن الحال حال التعبئة العامة للدفاع عن المعتقدات وأهلها فلذا شرطوا أجرهم قبل الشروع في العمل.
6 {إذاً} أي: إذا كنتم فعلا غالبين إنّ لكم لأجراً عظيماً.

**************************
قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (43) فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44) فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49)
شرح الكلمات:
ألقوا ما أنتم ملقون: أمرهم بالإلقاء توسلاً إلى ظهور الحق.
ما يأفكون: أي ما يقلبونه بتمويههم من أن حبالهم وعصيهم حيات تسعى.
رب موسى وهرون: أي لعلمهم بأن ما شاهدوه من العصا لا يأتي بواسطة السحر.
من خلاف: أي يد كل واحد اليمنى ورجله اليسرى.
ولأصلبنكم أجمعين: أي لأشدنكم بعد قطع أيديكم وأرجلكم من خلاف على الأخشاب.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحوار الذي دار بين موسى عليه السلام وفرعون عليه لعائن الرحمن إنه بعد إرجاء السحرة فرعون وسؤالهم له: هل لهم من أجر على مباراتهم موسى إن هم غلبوا وبعد أن طمأنهم فرعون على الأجر والجائزة قال لهم موسى {ألقوا1 ما أنتم ملقون} من الحبال والعصي في الميدان {فألقوا حبالهم وعصيهم} وأقسموا بعزة فرعون إنهم هم
الغالبون وفعلاً انقلبت الساحة كلها حيات وثعابين حتى أوجس موسى في نفسه خيفة فأوحى إليه ربه تعالى أن ألق عصاك فألقاها فإذا هي تلقف ما يأفكون. هذا معنى قوله تعالى في هذا السياق {فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة2 فرعون إنا لنحن الغالبون فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون} 3 ومعنى تلقف ما يأفكون أي تبتلع في جوفها من طريق فمها كل ما أفكه أي كذبه وافتراه السحرة بسحرهم من انقلاب الحبال والعصي حيات وثعابين، وقوله تعالى {وألقي السحرة ساجدين} أي أنهم لاندهاشهم وما بهرهم من الحق ألقوا بأنفسهم على الأرض ساجدين لله تعالى مؤمنين به، فسئلوا عن حالهم تلك فقالوا {آمنا برب العالمين رب موسى وهرون} وهنا خاف فرعون تفلت الزمام من يده وأن يؤمن الناس بموسى وهرون ويكفروا به فقال للسحرة: {آمنتم به قبل أن آذن لكم} بذلك أي كيف تؤمنون بدون إذني؟ على أنه يملك ذلك منهم وهي مجرد مناورة مكشوفة، ثم قال لهم {إنه} أي موسى {لكبيركم الذي علمكم السحر} أي انه لما كان أستاذكم تواطأتم معه على الغلب فأظهرتم أنه غلبكم، تمويهاً وتضليلاً للجماهير.. ثم تهددهم قائلاً {فلسوف تعلمون4} عقوبتي لكم على هذا التواطؤ وهي {لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف} أي أقطع من الواحد منكم يده اليمنى ورجله اليسرى {ولأصلبنكم أجمعين} فلا أبقي منكم أحداً إلا أشده على خشبة حتى يموت مصلوباً، هل فعل فرعون ما توعد به؟ الله أعلم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1-لم يبادر موسى بإلقاء عصاه أولاً لأن المسألة مسألة علم لا مسألة حرب ففي الحرب تنفع المبادرة بافتكاك زمام المعركة، وأما في العلم فيحسن تقديم الخصم، فإذا أظهر ما عنده كر عليه بالحجج والبراهين فأبطله وظهر الحق وانتصر على الباطل، هذا الأسلوب الذي اتبع موسى بإلهام من ربه تعالى.
2- مظهر من مظاهر الهداية الإلهية هداية السحرة إذ هم في أول النهار سحرة كفرة وفي آخره مؤمنون بررة.
3- ما سلكه فرعون مع السحرة كله من باب المناورات السياسية الفاشلة.

__________

1 جاء في سورة الأعراف أن السحرة عرضوا على موسى أن يلقى عصاه أو يلقوا حبالهم وعصيهم وهنا قال لهم موسى عليه السلام {ألقوا} بناء على عرضهم ذلك.
2 يبدو أن الباء في قولهم {بعزة فرعون} هي كالباء في بسم الله للاستعانة والتبرك لا للقسم وهذا أولى بالمقام من الحلف على شيء لا يملكه المرء وتكون جملة: {إنا لنحن الغالبون} مستأنفة استئنافاً بيانياً وليست جواب قسم إلاّ أنها حملت معنى القسم بما فيه من المؤكدات كأنهم قالوا إنا وربنا لغالبون.
3 قرأ نافع {تلقف} بتشديد القاف، والأصل: تتلقف فحذفت إحدى التائين تخفيفاً، وقرأ حفص {تلقف} بتخفيف القاف من: لقف الشيء يلقفه لقفاً: إذ أخذه بسرعة.
4 اللام للقسم. وبم يقسم فرعون؟ يقسم بحسب عادته في إيمانه ففد يقسم بعزّته.

**********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-08-2022, 04:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (50) إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (51) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ (60)
شرح الكلمات:
لا ضير: أي لا ضرر علينا.
لمنقلبون: أي راجعون بعد الموت وذلك يسر ولا يضر.
أن كنا أول المؤمنين: أي رجوا أن يكفر الله عنهم سيئاتهم لأنهم سبقوا بالإيمان.
أن أسر بعبادي: السري المشي ليلاً والمراد من العباد بنو إسرائيل.
إنكم متبعون: أي من قبل فرعون وجيوشه.
لشرذمة: أي طائفة من الناس.
لغائظون: أي فاعلون ما يغيظنا ويغضبنا.
حذرون: أي متيقظون مستعدون.
ومقام كريم: أي مجلس حسن كان للأمراء والوزراء.
كذلك: أي كان إخراجنا كذلك أي على تلك الصورة.
معنى الآيات:
قوله تعالى {قالوا لا ضير1} هذا قول السحرة لفرعون بعد أن هددهم وتوعدهم {قالوا لا ضير} أي لا ضرر علينا بتقطيعك أيدينا وأرجلنا وتصليبك إيانا {إنا إلى2 ربنا منقلبون} أي راجعون إن كل الذي تفعله معنا إنك تعجل برجوعنا إلى ربنا وذاك أحب شيء إلينا.
وقالوا {إنا نطمع3 أن يغفر لنا ربنا خطايانا} أي ذنوبنا {إن كنا أول المؤمنين} في هذه البلاد برب العالمين رب موسى وهرون.
بعد هذا الانتصار العظيم الذي تم لموسى وهرون أوحى تعالى إلى موسى {أن أسر4 بعبادي} أي امش بهم ليلاً {إنكم متبعون} أي من قبل فرعون وجنوده. وعلم فرعون بعزم موسى على الخروج ببني إسرائيل فأرسل في المدائن5 وكانت به مآت المدن حاشرين من الرجال أي جامعين وكأنها تعبئة عامة. يقولون محرضين {إن هؤلاء6} أي موسى وبني إسرائيل {لَشِرْذِمةٌ} أي طائفة أفرادها قليلون {إنهم لنا لغائظون} أي7 لفاعلون ما ويغضبنا {وإنا} أي حكومة وشعباً {لجميع حذرون} أي متيقظون مستعدون فهلم إلى ملاحقتهم وردهم إلى الطاعة. وعجل تعالى بالمسرة في هذا الخبر فقال تعالى {فأخرجناهم} أي آل فرعون {من جنات وعيون وكنوز} أي كنوز الذهب والفضة التي كانت مدفونة تحت التراب, إذ الطمس كان على العملة فسدت وأما مخزون الذهب والفضة فما زال تحت الأرض، إذ الكنز يطلق على المدفون تحت الأرض وإن كان شرعاً هو الكنز ما لم تؤد زكاته سواء كان تحت الأرض أو فوقها.
وقوله تعالى {كذلك} أي إخراجنا لهم كان كذلك، {وأورثناها8} أي تلك النعم بني إسرائيل أي بعد هلاك فرعون وجنوده أجمعين. وقوله تعالى {فأتبعوهم مشرفين} أي فاتبع آل فرعون بنى إسرائيل أَنْفُسَهم في وقت شروق الشمس ليردوهم ويحولوا بينهم وبين الخروج من البلاد.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- قوة الإيمان مصدر شجاعة خارقة للعادة بحيث يفرح المؤمن بالموت لأنه يوصله إلى ربه.
2- حسن الرجاء في الله والطمع في رحمته، وفضل الأسبقية في الخير.
3- مشروعية التعبئة العامة واستعمال أسلوب خاص في الحرب يهديء من مخاوف الأمة حكومة وشعباً.
4- دمار الظالمين وهلاك المسرفين في الكفر والشر والفساد.
__________

1 الضير: مرادف الضرّ يقال: ضاره يضيره بمعنى ضرّه يضره سواء.
2 الجملة تعليلية لنفيهم الضرر عليهم.
3 لفظ الطمع يطلق ويراد به الظنّ الضعيف غالباً ويراد به الظن القوي أيضاً كقول إبراهيم عليه السلام: {والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين} .
4 قرأ نافع {أن اسر} بهمزة وصل إذ هو من سَرى يسري وحركت النون لالتقاء الساكنين. وقرأ عاصم: {أن أسرِ} بسكون أن وقطع همزة أسر لأنّه من أسرى، وأسرى وسرى بمعنى واحد.
5 المدائن جمع مدينة وهي البلد العظيم.
6 الإشارة بهؤلاء فيه إيماء بتحقير شأن بني إسرائيل, والشرذمة الطائفة القليلة العدد.
7 الغيظ: أشد الغضب, وغائظون: اسم فاعل من: غاظه بمعنى أغاظه أي: أغضبه أشدّ الغضب.
8 يرى بعضهم أن الله أورث بني إسرائيل نعماً نظير ما كان لفرعون وقومه بدليل آية الدخان: {وأورثناها قوماً آخرين} وبدليل أن بني إسرائيل ما رجعوا إلى مصر بعد خروجهم منها والله أعلم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-08-2022, 04:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الشعراء - (4)
الحلقة (637)
تفسير سورة الشعراء مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 652الى صــــ 657)

فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)

شرح الكلمات:
فلما تراءى الجمعان: أي رأى بعضهما بعضاً لتقاربهما والجمعان جمع بني إسرائيل وجمع فرعون.
إنا لمدركون: أي قال أصحاب موسى من بني إسرائيل إنا لمدركون أي سيلحقنا فرعون وجنده.
قال كلا: أي قال موسى عليه السلام كلا أي لن يدركونا ولن يلحقوا بنا.
فانفلق: أي انشق.
فكان كل فرق كالطود: أي شق أي الجزء المنفرق والطود: الجبل.
وأزلفنا ثم الآخرين: أي قربنا هنا لك الآخرين أي فرعون وجنده.
إن في ذلك لآية: أي عظة وعبرة توجب الإيمان برب العالمين برب موسى وهرون.
معنى الآيات:
هذا آخر قصة موسى عليه السلام مع فرعون قال تعالى في بيان نهاية الظالمين وفوز المؤمنين {فلما تراءى1 الجمعان} جمع موسى وجمع فرعون وتقاربا بحيث رأى بعضهما بعضا {قال أصحاب موسى} أي بنو إسرائيل {إنا لمدركون} أي خافوا لما رأوا جيوش فرعون تتقدم نحوهم صاحوا {إنا لمدركون} فطمأنهم موسى بقوله {كلا2} أي لن تدركوا، وعلل ذلك بقوله {إن معي ربي سيهدين} إلى طريق نجاتي قال تعالى {فأوحينا إلى موسى أن اضرب} أي اضرب بعصاك البحر فضرب امتثالاً لأمر ربه فانفلق البحر فرقتين كل فرقة3 منه كالجبل العظيم {وأزلفنا4} أي قربنا {ثم الآخرين} أي أدنينا هناك الآخرين وهم فرعون وجيوشه {وأنجينا موسى ومن معه} أي من بني إسرائيل {أجمعين} {ثم أغرقنا الآخرين} المعادين لبني إسرائيل وهم فرعون وجنده. قوله تعالى {إن في ذلك} المذكور هن إهلاك فرعون وإنجاء موسى، بني إسرائيل {لآية} أي علامة واضحة بارزة لربوبية الله وألوهيته وقدرته وعلمه ورحمته وهي عبرة وعظة أيضاً للمعتبرين، وما كان أكثر قومك5 يا محمد مؤمنين مع موجب الإيمان ومقتضيه لأنه سبق في علم الله أنهم لا يؤمنون.
وقوله {وإن ربك لهو العزيز الرحيم} أي وإن ربك يا محمد لهو الغالب على أمره الذي لا يمانع في شيء يريده ولا يحال بين مراده الرحيم بعباده فاصبر على دعوته وتوكل عليه فإنه ناصرك ومذل أعدائك.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- ظهور آثار الاستعباد في بني إسرائيل متجلية في خوفهم مع مشاهدة الآيات.
2- ثبوت صفة المعية الإلهية في قول موسى {إن معي ربي} إذ قال له عند إرساله {إنني معكما} .
3- ثبوت الوحي الإلهي.
4- آية انفلاق البحر من أعظم الآيات.
5- تقرير نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقصة مثل هذا القصص الذي لا يتأتى إلا بوحي خاص.
__________

1 الترائي: تفاعل إذ هو من الجانبين كل جانب رأى الثاني.
2 ردع موسى عليه السلام بقوله كلا الظانين أن فرعون مدركهم وعلل لعدم إدراك فرعون بقوله: {إن معي ربي سيهدين} أي: سيبين لي سبيل النجاة فنسلكه فننجوا بإذن الله.
3 {الفرق} : القسم من الشيء المنفلق، وعليه فالفرقة: القسمة من البحر التي كانت كالجبل العظيم. ولذا قال ابن عباس: صار البحر اثنى عشر طريقاً لكل سبط طريق أي: لكل قبيلة من قبائل بني إسرائيل طريق خاص بها فالبحر انقسم قسمين كان ما بين جانبيه كالفج العظيم، وفي ذلك الفج كانت طريق بني إسرائيل.
4 {أزلفنا} أي جمعنا وقربنا فرعون وملأه لإغراقهم وإهلاكهم وسميت مزدلفة ليلة جمع: لازدلافها: أي لقربها من منى أو عرفات وسميت ليلة جمع لاجتماع الحجاج فيها، قال الشاعر:
وكل يوم مضى أو ليلة سلفت
فيها النفوس إلى الآجال تزدلف
5 القرطبي رحمه الله تعالى رد الضمير في قوله تعالى: {وما كان أكثرهم مؤمنين} إلى فرعون وملئه فقال: لأنه مل يؤمن من قوم فرعون إلا مؤمن آل فرعون واسمه حزقيل وابنته آسيا امرأة فرعون ... الخ في حين أن أكثر المفسرين على أن الخطاب للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو وجه العبرة من السياق.

****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-08-2022, 04:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82)
شرح الكلمات:
واتل عليهم نبأ إبراهيم: أي اقرأ يا رسولنا على قومك خبر إبراهيم وشأنه العظيم.
لأبيه وقومه: أي آزر والبابليين.
فنظل لها عاكفين: أي فنقيم أكثر النهار عاكفين على عبادتها.
قالوا بل وجدنا: أي لا تسمع ولا تنفع ولا تضر بل وجدنا آباءنا لها عابدين فنحن تبع لهم.
فإنهم عدو لي: أي أعداء لي يوم القيامة إذا أنا عبدتهم لأنهم يتبرءون من عابديهم.
إلا رب العالمين: فإن من يعبده لا يتبرأ منه يوم القيامة بل ينجيه من النار ويكرمه بالجنة.
فهو يهدين: أي إلى ما ينجيني من العذاب ويسعدني في دنياي وأخراي.
والذي يميتني ثم يحيين: أي يميتني عند انتهاء أجلي، ثم يحييني ليوم الدين.
يوم الدين: أي يوم الجزاء والحساب وهو يوم القيامة والبعث الأخر.
معنى الآيات:
هذا بداية قصص إبراهيم عليه السلام والقصد منه عرض حياة إبراهيم الدعوية على مسامع قريش قوم محمد صلى الله وعليه وسلم علهم يتعظون بها فيؤمنوا ويوحدوا فيسلموا ويسلموا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة قال تعالى {واتل عليهم نبأ إبراهيم1} أي اقرأ على قومك من قريش خبر إبراهيم في الوقت الذي قال لأبيه وقومه {ما تعبدون} مستفهماً إياهم ليرد على جوابهم وهو أسلوب حكيم في الدعوة والتعليم يسألهم ويجيبهم بناء على مقتضى سؤالهم فيكون ذلك أدعى للفهم وقبول الحق: {قالوا نعبد أصناماً} أي في صور تماثيل {فنظل لها عاكفين2} فنقيم أكثر النهار عاكفين حولها نتقرب إليها ونتبرك بها خاشعين خاضعين عندها. ولما سمع جوابهم وقد صدقوا فيه قال لهم {هل3 يسمعونكم إذ تدعون} أي إذ تدعونها {أو ينفعونكم} إن طلبتم منهم منفعة {أو يضرون} إن طلبتم منهم أن يضروا أحداً تريدون ضره أنتم؟ فأجابوا قائلين في كل ذلك لا، لا، لا. وإنما وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ففعلنا مثلهم اقتداءً بهم واتباعا لطريقتهم، وهنا صارحهم إبراهيم بما يريد أن يفهموه عنه فقال {أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون} الذين هم أجدادكم الذين ورث عنهم آباؤكم هذا الشرك والباطل {فإنهم عدو لي} أي أعداء لي وذلك يوم القيامة إن أنا عبدتهم معكم، لأن كل مَنْ عُبد من دون الله يتبرأ يوم القيامة ممن عبده ويعلن عداوته له طلباً لنجاة نفسه من عذاب الله. وقوله {إلا رب العالمين} فإنه لا يكون عدواً لمن عبده بل يكون ودوداً له رحيماً به. ألا فاعبدوه يا قوم واتركوا عبادة من يكون عدواً لكم يوم القيامة!!
ثم أخذ إبراهيم يذكر ربه ويثني عليه ويمجده تعريفاً به وتذكيراً لأولئك الجهلة المشركين فقال {الذي خلقني فهو4 يهدين} أي إلى طريق نجاتي وكمالي وسعادتي وذلك ببيانه لي محابه لآتيها، ومساخطه لأتجنبها، {والذي هو يطعمني ويسقين} أي يغذوني بأنواع الأطعمة ويسقيني بما خلق ويسر لي من أنواع الأشربة من ماء ولبن وعسل، {وإذا مرضت} بأن اعتل جسمي وسقم فهولا غيره يشفيني، {والذي يميتني} يوم يريد إماتتي عند انتهاء ما حدد لي من أجل تنتهي به حياتي، ثم يحييني يوم البعث والنشور، {والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي5} أي يسترها ويمحو أثرها من نفسي يوم الدين أي يوم الجزاء والحساب على عمل الإنسان في هذه الدار إذ هي دار عمل والآخرة دار جزاء.
وإذا قيل ما المراد من الخطيئة التي ذكر إبراهيم لنفسه؟ فالجواب إنها الكذبات الثلاث التي كانت لإبراهيم طوال حياته الأولى قوله {إني سقيم} والثانية {بل فعله كبيرهم هذا} والثالثة قولي للطاغية إنه أخي ولا تقولي إنه زوجي، هذه الكذبات التي كانت لإبراهيم فهو خائف منها ويوم القيامة لما تطلب منه البشرية الشفاعة عند ربها يذكر هذه الكذبات ويقول إنما أنا من وراء وراء فاذهبوا إلى موسى.
ألا فليتعظ المؤمنون الذين كذبهم لا يعد كثرة!!
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- تقرير النبوة المحمدية بذكر هذا القصص.
2- تقرير التوحيد بالحوار الذي دار بين إبراهيم إمام الموحدين وقومه المشركين.
3- بيان أن كل من عبد معبود غير الله تعالى سيكون له عدواً لدوداً يوم القيامة.
4- بيان أن العكوف على الأضرحة والتمرغ في تربتها وطلب الشفاء منها شرك.
5- بيان الأسلوب الحكيم في الدعوة إلى الله تعالى من طريق السؤال والجواب.
__________

1 {نبأ إبراهيم} قصته مع قومه والهمزة الثانية تخفف وهو أجود من تحقيقها. نبأ إبراهيم أو نبأ إبراهيم، والمقصود من تلاوة هذه القصة طلب هداية قريش إلى الحق بإسماعهم أخبار الأولين ومشاهدة ما دار من جدال بين الرسل وأممهم.
2 {فنظل} هذا اللفظ يدل أنهم يقضون فترة طويلة من النهار عاكفين حولها لعبادتها وأما في الليل فيعبدون الكواكب لمشاهدتها والتماثيل إنما هي صور لها فإذا غابت عبدوا صورها بالنهار.
3 أراد أي إبراهيم بقوله: {هل يسمعونكم} فتح باب المجادلة ليصل إلى إقناعهم إن شاء الله ذاك, وليست هذه أول محاجة بل حاجه إبراهيم أباه على انفراد وحاجه هذه المرة مع قومه ولا شك أن الحجاج دام سنوات فما ذكر هنا غير ما ذكر في الصافات والأنبياء ومريم.
4 حذفت الياء في (يهدين) و (يسقين) و (يشفين) و (يحيين) لأن الحذف في رؤوس الآي حسن لتتفق كلهما.
5 روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه؟ "قال: لا إنّه لم يقل يوماً ربّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين".

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-08-2022, 04:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الشعراء - (5)
الحلقة (638)
تفسير سورة الشعراء مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 657الى صــــ 661)

رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93)

شرح الكلمات:
رب هب لي حكماً: أي يا رب أعطني من فضلك حكماً أي علماً نافعاً وارزقني العمل به.
وألحقني بالصالحين: لأعمل عملهم في الدنيا وأكون معهم في الدار الآخرة.
واجعل لي لسان صدق في الآخرين: أي اجعل لي ذكراً حسناً أذكر به فيمن يأتي بعدي.
واغفر لأبي: كان هذا منه قبل أن يتبين له أنه عدو لله.
ولا تخزني يوم يبعثون: أي لا تفضحني.
بقلب سليم: أي من الشرك والنفاق.
وأزلفت الجنة: أي أدنيت وقربت للمتقين.
وبرزت الجحيم للغاوين: أي أظهرت وجليت للغاوين
هل ينصرونكم: أي بِدَفْع العذاب عنكم.
معنى الآيات:
هذا آخر قصص إبراهيم وخاتمته لما ذكر إبراهيم قومه ووعظهم رفع يديه إلى ربه يسأله ويتضرع إليه فقال {رب هب لي حكماً} أي علماً نافعاً يمنعني من فعل ما يسخطك عني ويدفعني إلى فعل ما يرضيك عني، {وألحقني بالصالحين} في أعمالهم الخيرية في الدنيا وبمرافقتهم في الجنة1 {واجعل لي لسان2 صدق في الآخرين} أي اجعل لي ذكراً حسناً أذكر به فيمن يأتي من عبادك المؤمنين، {واجعلني3 من ورثة جنة النعيم} الذين يرثونها بالإيمان والتقوى بعد فضلك عليهم ورحمتك بهم، {واغفر لأبي إنه كان من الضالين} أي الجاهلين بك وبمحابك ومكارهك فما عبدوك ولا تقربوا إليك. وكان هذا من إبراهيم قبل العلم بأن أباه عدو لله حيث سبق له ذلك أزلاً، إذ قد تبرأ منه بعد أن علم ذلك وقوله {ولا تخزني} أي لا تذلني {يوم يبعثون} أي من قبورهم للحساب والجزاء على أعمالهم {يوم لا ينفع مال ولا بنون} وهو يوم القيامة {إلا من أتى الله بقلب4 سليم} أي لكن من أتى الله أي جاءه يوم القيامة وقلبه سليم من الشرك والنفاق فهذا ينفعه عمله الصالح لخلوه مما يحبطه وهو الشرك والكفر الظاهر والباطن وقوله تعالى {وأزلفت الجنة} أي قربت وأدنيت للمتقين الله ربهم فلم يشركوا به في عبادته ولم يجاهروا بمعاصيه، {وبرزت الجحيم5} أي أظهرت وارتفعت {للغاوين} أي أهل الغواية والضلالة في الدنيا من المشركين والمسرفين في الإجرام والشر والفساد {وقيل لهم} أي سئلوا في عرصات القيامة {أين ما كنتم تعبدون من دون الله} ؟ أروناهم {هل ينصرونكم} مما أنتم فيه فيدفعون عنكم العذاب، {أو ينتصرون} لأنفسهم فيدفعون عنها العذاب إن كانوا من أهل النار لأنهم رضوا بأن يعبدوا ودعوا الناس إلى عبادتهم كالشياطين والمجرمين من الإنس والجن.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1-بيان أن الجنة تورث ويذكر تعالى سبب إرثها وهو التقوى في قوله {تلك الجنة6 لتي نورث من عبادنا من كان تقياً}
2- مشروعية الاستغفار للوالدين إن ماتا على التوحيد.
3- بطلان الانتفاع يوم القيامة بغير الإيمان والعمل الصالح بعد فضل الله ورحمته.
4- الترغيب في التقوى والتحذير من الغواية.
__________

1 وفي أعالي الدرجات.
2 وقد استجاب الله تعالى له حيث اجتمع أهل الأديان على الثناء عليه والانتساب إلى ملته وإن كانوا مبطلين لما خالطهم من الشرك وها هي ذي أمة الإسلام لا تُصلي صلاة إلاّ وتصلي عليه وعلى آله فهذا ذكر حسن خالد وثناء عطر باق قال مالك: لا بأس أن يحب المرء أن يثني عليه صالحاً ويُرى في عمل الصالحين إذا قصد به وجه الله تعالى لهذه الآية وغيرها نحو: {سيجعل لهم الرحمن وداً} {وألقيت عليك محبة مني} .
3 في هذا ردّ على من زعم أنه لا يسأل الله جنة ولا يستجيره من النار.
4 السليم من الشك والشرك وأمراض الكبر والحسد والعجب والغل ولأنه إذا سلم القلب سلمت الجوارح لحديث: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" من الصحيح.
5 أي: تظهر جهنم لأهلها قبل أن يدخلوها حتى يستشعروا الروع والحزن كما يستشعر أهل الجنة المسرة والفرح قبل دخولها. إذ الجنة تزلف والجحيم تبرز, وهذا في عرصات القيامة.
6 لآية من سورة مريم عليها السلام.

*****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-08-2022, 04:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (103) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (104)
شرح الكلمات
فكبكبوا فيها: أي ألقوا على وجوههم في جهنم ودحرجوا فيها حتى انتهوا إلى قعرها.
والغاوون: جمع غاوٍ وهو الفاسد القلب المدنس الروح من الشرك والمعاصي.
وجنود إبليس: أي أتباعه وأنصاره وأعوانه من الإنس والجن.
إذ نسويكم برب العالمين: أي في العبادة فعبدناكم كما يعبد الله جل جلاله.
ولا صديق حميم: أي يهمه أمرنا وتنفعنا صداقته نحتمى به من أن نعذب.
فلو أن لنا كرة: أي رجعة إلى الدنيا لنؤمن ونوحد ونعبد ربنا بما شرع لنا.
معنى الآيات:
قوله تعالى {فكبكبوا} 1 ب عد ذلك الاستفهام التوبيخي التقريعي الذي تقدم في قوله تعالى {وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون} ؟ وفشلوا في الجواب ولم يجيدوه إذ هو غير ممكن فأخبر تعالى عنهم بأنهم كبكبوا في جهنم - أي كبوا على وجوههم ودحرجوا فيها هم والغاوون جمع غاوٍ أي فاسد العقيدة والعمل وجنود إبليس أجمعون من أتباع الشيطان وأعوانه من دعاة الشرك والمعاصي والجريمة في الأرض من الإنس والجن قوله تعالى {قالوا وهم2 فيها يختصمون} أي وهم في جهنم يختصمون كل واحد يحمل الثاني التبعة والمسؤولية فقال المشركون لمن أشركوا بهم {تالله إن كنا لفي ضلال مبين} أي ظاهر بين لا يختلف فيه، وذلك {إذ نسويكم برب العالمين} عز وجل فنعبدكم معه، {وما أضلنا إلا المجرمون} وهم دعاة الشرك والشر والضلال الذين أجرموا على أنفسهم فأفسدوها، وأجرموا علينا فأفسدوا نفوسنا بالشرك والمعاصي، وقوله تعالى {فما لنا من شافعين ولا صديق حميم} هذا قولهم أيضاً قرروا فيه حقيقة أخرى وهي أنه ليس لهم في هذا اليوم من شافعين يشفعون لهم عند الله تعالى لا من الملائكة ولا من الإنس والجن إذ لا شفاعة تنفع من مات على الشرك والكفر، وقولهم ولا صديق حميم أي وليس لنا أي من صديق حميم تنفعنا صداقته وولايته.
وقالوا متمنين بعد اليأس من وجود شافعين {فلو أنّ لنا كرة4} أي رجعة إلى دار الدنيا {فنكون من المؤمنين} فنؤمن ونوحد ونتبع الرسل. وهذا آخر ما أخبر تعالى به عنهم من كلامهم في جهنم
وقوله تعالى {إن في5 ذلك} أي المذكور من كبكبة المشركين والغاوين وجنود إبليس أجمعين في جهنم وخصومتهم فيها وما قالوا وتمنوه وحرمانهم من الشفاعة وخلودهم في النار {لآية} أي لعبرة لمن يعتبر بغيره، {وما كان أكثرهم مؤمنين} ولم يكن أكثر قومك يا رسولنا مؤمنين وإلا لانتفعوا بهذه العبر فآمنوا ووحدوا وأسلموا {وإن ربك لهو العزيز الرحيم} أي الغالب على أمره يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد الرحيم بعباده إن أنابوا إليه وأخلصوا العبادة له يكرمهم في جواره في جنات النعيم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- تقرير أن دعاة الزنى والربا والخرافة والشركيات من الناس هم من جند إبليس.
2- تقرير أن المجرمين هم الذين أفسدوا نفوسهم ونفوس غيرهم بدعوتهم إلى الضلال وحملهم على المعاصي.
3- تقرير أن الشفاعة لن تكون لمن مات على الشرك والكفر.
4- لا تنفع العبر والمواعظ والآيات في هداية قوم كتب الله أزلاً شقاءهم وعلم منهم أنهم لا يؤمنون فكتب ذلك عليهم.
__________

1 {كبكبوا} أي: كبوا فيها كباً بعد كب لأنّ كبكبوا مضاعف: كبوا بالتكرير نحو: كفكف الدمع أي: كفّه مرة بعد مرة.
2 من الجائز أن يكون هذا من كلام إبراهيم إلاّ أن كونه من كلام الله تعالى موعظة لأمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولى وقد استظهره ابن عطية رحمه الله تعالى وجملة {وهم فيها يختصمون} حالية، وجملة تالله الخ مقول القول.
(إذ) ظرفية وليست تعليلية أي: الوقت الذي كنا نسويكم برب العالمين، وهذا الكلام منهم كلام متندم حزن على ما فاته وصدر منه كقول أبي بكر وقد أمسك بلسانه وقال له: أنت أوردتني الموارد وكقوله: يا لسان قل خيراً تغنم واسكت عن شرّ تسلم.
4 {لو} حرف تمن وأصلها: لو الشرطية لكنها تنوسي منها معنى الشرط إذ المراد: لو رجعنا إلى الدنيا لأمنا وعملنا صالحاً ولما لم يقصد تعليق الامتناع على الامتناع تمحضت لو للتمني.
5 هذا تكرر ثالث لهذه الجملة تعداداً على المشركين وتسجيلاً لتصميمهم على الشرك والتكذيب بالنبوة والبعث.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-08-2022, 04:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الشعراء - (6)
الحلقة (639)
تفسير سورة الشعراء مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 661الى صــــ 665)

كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (109) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (110) قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111) قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (112) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (113) وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (114)

شرح الكلمات:
كذبت قوم نوح المرسلين: قوم نوح الأمة التي بعث فيها، والمراد من المرسلين نوح عليه السلام
أخوهم نوح: أي في النسب.
ألا تتقون: أي اتقوا الله ربكم فلا تعصوه بالشرك والمعاصي.
رسول أمين: أي على مما أمرني ربي بإبلاغه إليكم.
من أجر: أي لا أسألكم على إبلاغ رسالة الله أجرة مقابل البلاغ.
أنؤمن لك واتبعك الأرذلون: أي كيف نتبعك على ما تدعونا إليه وقد اتبعك أراذل الناس أي سفلتهم وأهل الخسة فيهم.
إن حسابهم إلا على ربي: أي ما حسابهم إلا على ربي.
معنى الآيات:
هذه بداية قصص نوح عليه السلام فقال تعالى {كذبت قوم نوح4} أي بما جاءهم به نوح من الأمر بالتوحيد وترك الشرك {إذ قال لهم أخوهم} أي في النسب5 {نوح ألا تتقون} أي عقاب الله وأنتم تشركون به، وتكذبون رسوله {إني لكم رسول أمين} على ما أبلغكم من وحي الله تعالى فاتقوا الله بترك الشرك وأطيعوني فيما أدعوكم إليه وآمركم به {وما أسألكم عليه من أجر} أي على البلاغ من أجر أتقاضاه منكم مقابل ما أبلغكم من رسالة ربكم. {إن أجرى إلا على الله} إذ هو الذي كلفني {فاتقوا الله} أي خافوا عقابه أن يحل بكم وأنتم تكفرون به وتكذبون برسوله وأطيعون فيما آمركم به وأنهاكم عنه. بعد هذا الذي أمرهم به وكرره عليهم من تقوى الله وطاعة لرسوله كان جوابهم ما أخبر به تعالى عنهم في قوله: {قالوا أنؤمن لك} أي أنصدقك ونتابعك على ما جئت به من الدين {واتبعك الأرذلون6} أي سفلة الناس وأخساؤهم؟.
فأجابهم نوح بقوله {وما علمي بما كانوا يعملون} فيما يعملونه بعيدين عني من الباطن أو الظاهر أنا لا أعلمه ولا أسأل عنه ولا أحاسب عليه، {إن حسابهم1 إلا على ربي} هو الذي يحاسبهم ويجزيهم لو تشعرون بهذه الحقيقة لما عبتموهم لي وحملتموني مسئولية عملهم {وما أنا بطارد المؤمنين2} أي من حولي، {إن أنا إلا نذير3 مبين} فلست بجبار ولا ذي سلطان فأطرد الناس وظيفتي أنى أنذر الناس عاقبة الكفر والمعاصي ليقلعوا عن ذلك فينجوا من عذاب الله ويسلموا.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان أن من كذب رسولاً فكأنما كذب كل الرسل وذلك باعتبار أن دعوتهم واحدة وهي أن يُعْبَدَ الله وحده بما شرع للناس من عبادات تطهرهم وتزكيهم.
2- إثبات أخوة النسب، ولا تعارض بينها وبين أخوة الدين.
3- عدم جواز أخذ أجرة على دعوة الله تعالى. ووجوب إبلاغها مجانا.
4- وجوب التقوى لله تعالى، وطاعة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
5- لا يجوز طرد الفقراء من مجالس العلم ليجلس مجالسهم الأغنياء وأهل الجاه.
__________

1 {كذبت قوم نوح} أنّث الفعل إرادة جماعة قوم نوح ونظيره: {قالت الأعراب} .
2 وأخوّة مجانسة أو هو من باب قول العرب: يا أخا بني تميم: يريدون: يا واحداً منهم، قال الشاعر:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهاناً
3 جمع التكسير: {أراذل} والأنثى: الرذلى والجمع: الرُّذل، وجملة: {واتبعك} حالية، وفيها إضمار قد أي: وقد اتبعك.
4 قيل لسفيان: إنّ امرأة زنت وقتلت ولدها وهي مسلمة هل يقطع لها بالنار؟ فقال: "إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون} .
5 ظاهر الكلام أنهم طلبوا منه طرد الضعفاء من المؤمنين كما فعلت قريش.
6 جملة: {إن أنا إلا نذير} استئناف في معنى التعليل لعدم طردهم والقصر في الجملة إضافي قصر موصوف على صفة.

****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-08-2022, 04:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (115) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَانُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (116) قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118) فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ (120) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (121) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (122)

شرح الكلمات:
لئن لم تنته: أي عن دعِِوتنا إلى ترك آلهتنا وعبادة إلهك وحده.
من المرجومين: أي المقتولين رجماً بالحجارة.
فافتح بيني وبينهم فتحاً: أي أحكم بيني وبينهم حكماً بأن تهلكهم وتنجيني ومن معي من المؤمنين.
في الفلك المشحون1: أي المملوء بالركاب وأزواج المخلوقات الأخرى.
بعد الباقين: أي بعد إنجائنا نوحاً والمؤمنين بركوبهم في السفينة أغرقنا الكافرين إذ إغراقهم كان بعد نجاة المؤمنين.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحوار الدائر بين نوح وقومه إنه لما دعاهم إلى التوحيد وكرر عليهم الدعوة وأفحمهم في مواطن كثيرة وأعيتهم الحجج لجأوا إلى التهديد والوعيد فقالوا ما أخبر تعالى به عنهم في قوله {قالوا لئن لم تنته يا نوح} أي قسماً بآلهتنا لئن لم تنته يا نوح من تسفيهنا وسب آلهتنا ومطالبتنا بترك عبادتها {لتكونن من المرجومين2} أي لنقتلنك رمياً بالحجارة. وهنا وبعد دعوة دامت ألف سنة إلا خمسين عاماً رفع نوح شكواه إلى الله قائلا: {رب إن قومي3 كذبون فافتح بيني وبينهم فتحاًْ} أي أحكم بيننا وافصل في قضية وجودنا مع بعضنا بعضا فأهلكهم {ونجني ومن معي من المؤمنين} قال تعالى {فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون} أي المملوء بأنواع الحيوانات {ثم أغرقنا4 بعد الباقين} أي بعد إنجائنا نوحاً ومن معه من المؤمنين بأن ركبوا في الفلك وما زال الماء يرتفع النازل من السماء والنابع من الأرض حتى غرق كل من على الأرض والجبال ولم ينج أحد إلا نوح وأصحاب السفينة، قال تعالى {إن في ذلك} أي المذكور من الصراع الذي دار بين التوحيد والشرك وفي عاقبة التوحيد وهي نجاة أهله والشرك وهي دمار أهله {لآية} أي عبرة5. ولكن أهل مكة لم يعتبروا {وما كان أكثرهم مؤمنين6} لما سبق في علم الله تعالى من عدم إيمانهم إذاً فلا تحزن عليهم. {وإن ربك} أيها الرسول الكريم لهو لا غيره العزيز الغالب الرحيم بمن تاب من عباده فإنه لا يعذبه بل يرحمه.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان سنة أن الظلمة والطغاة إذا أعيتهم الحجج يلجأون إلى القوة.
2- جواز الاستنصار بالله تعالى وطلب الفتح بين المظلوم والظالمين.
3- سرعة استجابة الله تعالى لعبده نوح وذلك لصبره قروناً طويلة فلما انتهى صبره ورفع شكاته إلى ربه أجابه فوراً فأنجاه وأهلك أعداءه.
__________

1 الشحن: ملء السفينة بالناس والدواب وغيرهم ولم يقل: المشحونة بل قال. {المشحون} لأنه هنا واحد لا جمع.
2 كل لفظ {رجم} في القران معناه القتل رمياً بالحجارة إلا قوله: {لئن لم تنته لأرجمنك} فإنه بمعنى لأسبنّك وأشتمنّك.
3 هذه الجملة قالها تمهيداً للدعاء عليهم.
4 ثم: للتراخي الرتبي في الإخبار لأن إغراق أمة كاملة أعظم دلالة على عظيم القدرة من إنجاء طائفة من الناس.
5 وجه العبرة أن الله تعالى أنجى الموحدين وأهلك المشركين بعد أن أبلغ نوح رسالته بصبر واحتساب لا نظير لهما إذ دعا وبلغ وأوذي وصبر وصابر ألف سنة إلا خمسين عاماً.
6 سبق أن ذكرت أن المراد بمن أكثرهم لا يؤمنون هم أكابر مجرمي مكة وعلى رأسهم المستهزئون وهدا من إطلاق العام وإرادة الخاص لأن الذين آمنوا وأسلموا أكثر ممن ماتوا على الكفر أو نفي الإيمان مقيد بزمن معين لا يتعداه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 03-08-2022, 04:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الشعراء - (7)
الحلقة (640)
تفسير سورة الشعراء مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 665الى صــــ 669)

كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (126) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (127) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (131)
شرح الكلمات:
كذبت عاد: عاد اسم أبي القبيلة وسميت القبيلة به.
أخوهم هود: أخوهم في النسب.
فاتقوا الله: أي خافوا عقابه فلا تشركوا به شيئاً.
أتبنون بكل ريع: أي مكان عال مرتفع.
آية: أي قصراً مشيداً عالياً مرتفعاً.
تعبثون: أي ببنيانكم حيث تبنون مالا تسكنون.
وتتخذون مصانع: أي حصوناً منيعة وقصوراً رفيعة.
لعلكم تخلدون: أي كأنكم تأملون الخلود في الأرض وترجونه.
وإذا بطشتم: أي أخذتم أحداً سطوتم عليه بعنف وشدة.
جبارين: أي عتاة متسلطين.
معنى الآيات:
هذه بداية قصص هود عليه السلام يقول تعالى {كذبت عاد1} أي قبيلة عاد {المرسلين} أي رسول الله هوداً، {إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون2} أي ألا تتقون عقاب الله بترككم الشرك والمعاصي بمعنى اتقوا الله ربكم فلا تشركوا به، وقوله {إني لكم رسول أمين} يخبرهم بأنه رسول الله إليهم يبلغهم عن الله أمر ونهيه وأنه أمين على ذلك فلا يزيد ولا ينقص فيما أمره ربه بإبلاغه إليهم، وعليه {فاتقوا3 الله وأطيعون} أي بوصفي رسول الله إليكم فإن طاعتي واجبة عليكم حتى أبلغكم ما أرسلت به إليكم.
وقوله {وما أسألكم عليه من أجر} أي على إبلاغ رسالتي إليكم من أجر أي من أي أجر كان. ولو قل {إن أجري} أي ما أجري إلا على رب العالمين سبحانه وتعالى إذ هو الذي أرسلني وكلفني فهو الذي أرجو أن يثيبني على حمل رسالتي إليكم وإبلاغها إياكم. وعليه فاتقوا الله أي خافوا عقابه بترك الشرك به والمعاصي وأطيعوني بقبول ما أبلغكم به لتكملوا وتسعدوا.
وقوله: {أتبنون بكل ريع4 آية تعبثون} ينكر هود على قومه إنهماكهم في الدنيا وانشغالهم بما لا يعني وإعراضهم عما يعنيهم فيقول لهم كالمنكر عليهم أتبنون بكل ريع أي مكان عال مرتفع آية أي قصراً مشيداً آية في ارتفاعه وعلوه. تعبثون حيث لا تسكنون فيما تبنون فهو لمجرد اللهو والعبث وقوله {وتتخذون مصانع} وهي مبان عالية كالحصون أو خزانات الماء أو الحصون {لعلكم تخلدون5} أي كيما تخلدون، وما أنتم بخالدين، وإنما مقامكم فيها قليل. وقوله {وإذا بطشتم6 بطشتم جبارين} أي إذا سطوتم على أحد تسطون عليه سطو العتاة الجبارين فتأخذون بعنف7 وشدة بلا رحمة ولا رفق {فاتقوا الله} يا قوم فخافوا عقابه وأليم عذابه، {وأطيعون} فيما أدعوكم إليه وأبلغكموه عن ربي فإن ذلك خير لكم من الإعراض والتمادي في الباطل.
هداية الآيات
من هداية الآيات

1- الأمر بالتقوى من النصح للمأمور بها، لأن النجاة والفوز لا يتمان للعبد إلا عليها.
2- الرسل أمناء على ما يحملون وما يبلغون الناس.
3-حرمة أخذ الأجرة على بيان الشرع والدعوة إلى ذلك.
4- ينبغي للعبد أن لا يسرف فيبني مالا يسكن ويد خرما لا يأكل.
5- استنكار العنف والشدة في الأخذ وعند المؤاخذة.
__________

1 جملة مستأنفة استئناف انتقال لعرض الأحداث التاريخية تسلية للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وموعظة وذكرى لغيره، وعاد بمعنى القبيلة فلذا أنّث الفعل معها، وكانت منازل عاد وديارهم ما بين عُمان وحضر موت شرقاً وغرباً ومتغلغلة في الشمال إلى الرمال وهي الأحقاف.
2 الاستفهام معناه الأمر والحض على التقوى التي هي خوف من الله تعالى يحمل على الإيمان به وعبادته وترك عبادة ما سواه.
3 الفاء: للتفريع فالجملة متفرعة عن جملة (إني لكم رسول أمين) أي: فينادى إني رسول أمين فاتبعوا ما أقول لكم {واتقوا الله وأطيعون} وحذفت الياء من، {فاتقون} مراعاة لرؤوس الآي.
4 الرّيع: المكان المرتفع أو الطريق الفج بين الجبيلين، والآية العلامة: الدالة على الطريق والمراد: بناء عالٍ هو آية في الفنّ المعماري.
5 في الجمل الثلاثة تبنون وتتخدرون ولعلكم تلخدون توبيخ لهم على هذا السلوك وإنكار عليهم.
6 البطش: السطوة والأخذ بعنف، والجبار: القتال في غير حق والمتسلط العاتي.
7 ويدل على قوتهم وشدّتهم قولهم: {من أشدّ منا قوة} من سورة فصّلت وكان العرب ينسبون الشيء القوي إلى عاد فيقولون: هذا عادي.

***********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 468.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 462.20 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.26%)]