تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 116 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4998 - عددالزوار : 2119132 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4578 - عددالزوار : 1397576 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 303 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 326 )           »          قصيدة أبكت أعظم ملوك الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          طرق تساعدك على العيش بأقل الإمكانيات مع الحفاظ على الراتب.. خليكى ذكية ووفرى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من قشرة الشعر الدهنية.. أخلصى منها بخطوات بسيطة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          خليك قدوة ليهم.. إزاى تكون مصدر أمان وثقة لأولادك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          اتجاهات ديكور مستوحاة من البحر لإضافة لمسة جمالية منعشة.. موضة صيف 2025 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          طريقة عمل السجق البلدى بمكونات سهلة ومتوفرة فى البيت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1151  
قديم 04-07-2022, 11:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )






تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة طه - (7)
الحلقة (586)
تفسير سورة طه مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 371الى صــــ 376)



{ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي } 90 { قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ } 91 { قَالَ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ } 92 { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } 93 { قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي }94

شرح الكلمات:

فتنتم به: أي ابتليتم به أي بالعجل.

لن نبرح عليه عاكفين: أي لن نزال عاكفين على عبادته.

إذ رأيتهم ضلوا: أي بعبادة العجل واتخاذه إلهاً من دون الله تعالى.

لا تأخذ بلحيتي: حيث أخذ موسى من شدة غضبه بلحية أخيه وشعر رأسه يجره إليه يعذله ويلوم عليه.

ولم ترقب قولي: أي ولم تنتظر قولي فيما رأيته في ذلك.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحوار الذي دار بين موسى وقومه بعد رجوعه إليهم من المناجاة فقوله تعالى: { وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ } أي من قبل رجوع موسى قال لهم أثناء عبادتهم العجل يا قوم إن العجل ليس إلهكم ولا إله موسى وإنما هو فتنة فتنتم به ليرى الله تعالى صبركم على عبادته ولزوم طاعة رسوله، وليرى خلاف ذلك فيجزى كلاً بما يستحق وقال لهم: { وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ } الذي شاهدتم آثار رحمته في حياتكم كلها فاذكروها { فَٱتَّبِعُونِي } في عبادة الله وحده وترك عبادة غيره { وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي1 } فإني خليفة موسى الرسول فيكم فأجاب القوم الضالون بما أخبر تعالى عنهم بقوله: { قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ } أي لن نزول عن عبادته والعكوف حوله { حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ 2}. ولما سمع موسى من قومه ما سمع التفت إلى هارون قائلاً معاتباً عاذلاً لائماً { يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ 3إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ } أي بعبادة العجل { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ } أي بمن معك من المسلمين وتترك المشركين، { أَفَعَصَيْتَ4 أَمْرِي } ، ومن شدة الوجد وقوة اللوم والعذل أخذ بشعر رأس أخيه بيمينه وأخذ بلحيته بيساره وجره إليه وهو يعاتبه ويلوم عليه فقال هارون: { يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي } إن لي عذراً في عدم متابعتك وهو أني خشيت إن أنا أتيتك ببعض قومك وهم المسلمون وتركت بعضاً آخر وهو عباد العجل { أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ } وذلك لا يرضيك. { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } أي ولم تنظر قولي فيما رأيت في ذلك.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- معصية الرسول تؤدي إلى فتنة العاص في دينه ودنياه.

2- جواز العذل والعتاب للحبيب عند تقصيره فيما عهد به إليه.

3- جواز الاعتذار لمن اتهم بالتقصير وإن حقا.

4- قد يخطئ المجتهد في اجتهاده وقد يصيب.
_________________________________

1 أي: لا أمر السامر أو: فاتبعوني في مسيري إلى موسى ودعوا العجل فعصوه.
2 روي أنّه لما قالوا هذه المقالة اعتزلهم هارون في اثنى عشر ألفاً من الذين لم يعبدوا العجل فلما رجع موسى وسمع الصياح والجلبة وكانوا يرقصون حول العجل قال: هذا صوت الفتنة فلما رأى هارون أخذ شعر رأسه بيمينه ولحيته بشماله وقال: يا هارون ... الآية.
3 الاستفهام إنكاري إذ أنكر عليه عدم متابعته لما شاهد القوم يعبدون العجل إذ كان المفروض أن يتركهم ويلحق بموسى يخبره.
4 أمره هو قوله له عند مغادرة بني إسرائيل إلى جبل الطور، {اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين} فلما أقام معهم ولم يبالغ في منعهم والإنكار عليهم نسبه إلى عصيانه ومخالفة أمره وهذا دليل على واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتغييره ومفارقة أهله، وأن المقيم بينهم لاسيما إذا كان راضياً حكمه كحكمهم، وفي هذه الآية دليل على بدعة الصوفية بدعة الرقص والتواجد، وأنها موروثة عن هؤلاء السامريين عَبَدة العجل والعياذ بالله تعالى.

*****************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1152  
قديم 04-07-2022, 11:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



{ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ } 95 { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } 96 { قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً } 97 { إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً }98

شرح الكلمات:

فما خطبك: أي ما شأنك وما هذا الأمر العظيم الذي صدر منك.

بصرت بما لم يبصروا به: أي علمت من طريق الإِبصار والنظر ما لم يعلموا به لأنهم لم يروه.

قبضة من أثر الرسول: أي قبضت قبضة من تراب أثر حافر فرس الرسول جبريل عليه السلام.

فنبذتها: أي ألقيتها وطرحتها على الحلى المصنوع عجلاً.

سولت لي نفسي: أي زينت لي هذا العمل الذي هو صنع العجل.

أن تقول لا مساس: أي اذهب تائها في الأرض طول حياتك وأنت تقول لا مساس أي لا يمسني أحد ولا أمسه لما يحصل من الضرر العظيم لمن تمسه أو يمسك.

إلهك: أي العجل.

ظلت: أي ظللت طوال الوقت عاكفاً عليه.

في اليم نسفاً: أي في البحر ننسفه بعد إحراقه وجعله كالنشارة نسفاً.

إنما إلهكم الله: أي لا معبود إلا الله الذي لا إله إلا هو.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحوار بين موسى وقومه فبعد لومه أخاه وعذله له التفت إلى السامري المنافق إذ هو من عُبَّاد البقر وأظهر الإسلام في بني إسرائيل، ولما اتيحت له الفرصة عاد إلى عبادة البقر فصنع العجل وعبده ودعا إلى عبادته فقال له: في غضب { قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ } أي ما شأنك وما الذي دعاك إلى فعلك القبيح الشنيع هذا فقال السامري كالمعتذر { بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ } أي علمت ما لم يعلمه قومك { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ } حافز فرس { ٱلرَّسُولِ1 فَنَبَذْتُهَا } في الحلي المصنوع عجلاً فخار كما تخور البقر. { وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } ذلك أي زينته لي وحسنته ففعلته، وهنا أجابه موسى عليه السلام بما أخبر تعالى به في قوله: { قَالَ فَٱذْهَبْ2 فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ3 لاَ مِسَاسَ } أي لك مدة حياتك أن تقول لمن أراد أن يقربك لا مساس أي لا تمسني ولا أمسك لتتيه طول عمرك في البرية مع السباع والحيوان عقوبة لك على جريمتك، ولا شك أن فراره من الناس وفرار الناس منه لا يكون مجرد أنه لا يرقب في ذلك، لعله قيل إنها الحمى فإذا مس أحد حُمَّا معاً أي أصابتهما الحمى معاً كأنه أسلاك كهربائية مكشوفة من مسها تكهرب منها. وقوله له: { وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ } ، أي ذاك النفي والطرد عذاب الدنيا، وإن لك عذاباً آخر يوم القيامة في موعد لن تخلفه أبداً فهو آت وواقع لا محالة.

وقوله: أي موسى للسامري: { وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ } المزعوم { ٱلَّذِي ظَلْتَ 4عَلَيْهِ عَاكِفاً } تعبده لا تفارقه، والله { لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ5 فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً } وفعلاً حرقه ثم جعله كالنشارة وذره في البحر تذرية حتى يعثر له على أثر، ثم قال لأولئك الذين عبدوا العجل المغرر بهم المضللين: { إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ } الحق الذي تجب له العبادة والطاعة { ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ6 وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } أي وسع علمه كل شيء فهو عليم بكل شيء وقدير على كل شيء وما عداه فليس له ذلك وما لم يكن ذا قدرة على شيء وعلم بكل شيء فكيف يُعبد ويُطاع؟!.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- مشروعية الاستنطاق للمتهم والاستجواب له.

2- ما سولت النفس لأحد ولا زينت له شيئاً إلا تورط فيه إن هو عمل بما سولته له،

3- قد يجمع الله تعالى للعبد ذي الذنب العظيم بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.

4- مشروعية هجران المبتدع ونفيه وطرده فلا يسمح لأحد بالاتصال به والقرب منه.

5- كسر الأصنام والأوثان والصور وآلات اللهو والباطل الصارفة عن عباد الله تعالى.
______________________

1 الرسول هنا: جبريل عليه السلام قاله جمهور المفسرين، وقالوا: إن السامري فتنه الله تعالى فأراه جبريل راكباً فرساً فوطىء حافر الفرس مكاناً فإذا هو مخضرّ بالنبات، فعلم السامري أن أثر فرس جبريل إذا ألقي على جماد صار حياً، فقبض من تراب وطئه حافر الفرس واحتفظ به إلى اليوم، ولما صنع العجل ألقاه عليه فصار له خوار كالعجل الحيوان.
2 نفاه موسى عن قومه، وأمر بني إسرائيل ألا يخالطوه ولا يقربوه ولا يكلموه عقوبة له. قال الشاعر:
تميم كرهط السامري وقوله
ألا لا تريد السامري مِساسا
هذه المسألة أصل في نفي أهل البدع والمعاصي وهجرانهم وألاّ يخالطوا وقد فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك بالذين تخلفوا عن غزوة تبوك.
(لا مساس) : المساس مصدر ماسه يماسه ومساسا. ولا: نافية للجنس ومساس: اسمها مبني على الفتح.
4 ظلت: أي: دمت وأقمت عليه عاكفاً أي: ملازماً وأصل ظلت: ظللت قال الشاعر:
خلا أنّ العتاق من المطايا
أحَسْن به فهن إليه شوس
فأحسن أصله: أحسسن حذفت إحدى السينين كما حذفت إحدى اللامين.
5 النسف: نقض الشيء ليذهب به الريح، وهو: التذرية، والمنسف آلة ينسف بها الشيء، والنسافة: ما يسقط منه.



6 لا العجل الذهبي الذي سولت نفس السامري الخبيثة صنعه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1153  
قديم 04-07-2022, 11:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )






تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة طه - (8)
الحلقة (587)
تفسير سورة طه مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 376الى صــــ 380)

{ كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } 99 { مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً } 100 { خَالِدِينَ فِيهِ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً } 101 { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً } 102 { يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً } 103 { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً }104


شرح الكلمات:

كذلك: أي كما قصصنا عليك هذه القصة قصة موسى وفرعون وموسى وبني إسرائيل نقص عليك من أنباء الرسل.

من لدنا ذكراً: أي قرآناً وهو القرآن الكريم.

من أعرض عنه: أي لم يؤمن به ولم يقرأه ولم يعمل به.

وزراً: أي حملاً ثقيلاً من الآثام.

يوم ينفخ في الصور: أي النفخة الثانية وهي نفخة البعث، والصور هو القرن.

زرقا: أي عيونهم زرق ووجوههم سود آية أنهم أصحاب الجحيم.

يتخافتون بينهم: أي يخفضون أصواتهم يتسارون بينهم من شدة الهول.

أمثلهم طريقة : أي أعدلهم رأياً في ذلك، وهذا كله لعظم الموقف وشدة الهول والفزع.

معنى الآيات:

بعد نهاية الحديث بين موسى وفرعون، وبين موسى وبني إسرائيل قال تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم { كَذٰلِكَ1 نَقُصُّ عَلَيْكَ } أي كما قصصنا عليك ما قصصنا من نبأ موسى وفرعون وخبر موسى وبني إسرائيل نقص عليك { مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ } أي أحداث الأمم السابقة ليكون ذلك آية نبوتك ووحينا إليك، وعبرة وذكرى للمؤمنين. وقوله تعالى: { وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً 2} أي وقد أعطيناك تفضلا منا ذكرا وهو القرآن العظيم يذكر به العبد ربه ويهتدي به إلى سبيل النجاة والسعادة، وقوله { مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ } أي عن القرآن فلم يؤمن به ولم يعمل بما فيه { فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً } أي إثماً عظيماً لأنه لم يعمل صالحاً وكل عمله كان سيئاً لكفره وعدم إيمانه، { خَالِدِينَ فِيهِ } أي في ذلك الوزر في النار، وقوله { وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً } أي قبح ذلك الحمل حملاً يوم القيامة إذ صاحبه لا ينجو من العذاب بل بطرح معه في جهنم يخلد فيها وقوله { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ } أي المكذبين بالدين الحق العاملين بالشرك والمعاصي { يَوْمِئِذٍ } أي يوم ينفخ في الصور النفخة الثانية { زُرْقاً }3 أي الأعين مع اسوداد الوجوه وقوله: { يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ } أي يتهامسون بينهم يسأل بعضهم بعضاً كما لبثتم في الدنيا وفي القبور فيقول البعض: { إِن لَّبِثْتُمْ 4إِلاَّ عَشْراً } أي ما لبثتم إلا عشر ليال، وقوله تعالى: { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا5 يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً } أي أعدلهم رأياً { إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } ، وهذا التقال للزمن الطويل سببه هول القيامة وعظم ما يشاهدون فيها من ألوان الفزع والعذاب.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- تقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم يقص تعالى عليه أنباء ما قد سبق بعد قصه عليه أنباء موسى وفرعون بالحق، وايتائه القرآن الكريم.

2- كون القرآن ذكراً للذاكرين لما يحمل من الحجج والدلائل والبراهين.

3- سوء حال المجرمين يوم القيامة، الذين أعرضوا عن القرآن الكريم.

4- عظم أهوال يوم القيامة حتى يتقال معها المرء مدة الحياة الدنيا التي هي آلاف الأعوام.
___________________________

1 الكاف من كذلك في محل نصب لأنها بمعنى مثل: نعت لمصدر محذوف تقديره: نقص عليك قصصا من أنباء ما قد سبق مثل ما قصصنا عليك هذا القصص.
2 ويطلق الذكر على الشرف أيضاً، وعلى ما يذكر به الله تعالى من قول والمراد به هنا القرآن الكريم.
3 الزّرَق: خلاف الكَحَل، والعرب تتشاءم بزرق العيون وتذمه وسبب هذه الزرقة هو شدة العطش.
4 أي: في الدنيا أو في القبور.
5 {نحن أعلم بما يقولون} : جملة معترضة قول الأولين: {إن لبثتم إلا عشرا} نظروا فيه إلى أن تغير الأجسام يتم في عشرة أيام، والذي قال يوماً نظر إلى أن الأجسام ما تغيّرت إذ قد أعيدت كما كانت.

********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1154  
قديم 04-07-2022, 11:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } 5 { فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً } 106 { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } 107 { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } 108 { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } 109 { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } 110 { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } 111 { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً }112


شرح الكلمات:

يسألونك عن الجبال: أي المشركون عن الجبال كيف تكون يوم القيامة.

فقل ينسفها ربي نسفا: أي يفتتها ثم تذروها الرياح فتكون هباء منبثاً.

قاعا صفصفا: أي مستوياً.

عوجا ولا أمتا: اي لا ترى فيها انخفاضاً ولا ارتفاعاً.

الداعي: أي إلى المحشر يدعوهم إليه للعرض على الرب تعالى.

وخشعت الأصوات: أي سكنت فلا يسمع إلا الهمس وهو صوت الأقدام الخفي.

ورضي له قولا: بأن قال لا إله إلا الله من قلبه صادقاً.

ولا يحيطون به علما: الله تعالى ما بين أيدي الناس وما خلفهم، وهم لا يحيطون به علماً.

وعنت الوجوه للحي القيوم: أي ذلت وخضعت للرب الحي الذي لا يموت.

من حمل ظلما: أي جاء يوم القيامة يحمل أوزار الظلم وهو الشرك.

ظلما ولا هضما: أي لا يخاف ظلما بأن يزاد في سيئاته ولا هضماً بأن ينقص من حسناته.

معنى الآيات:

يقول تعالى لرسوله: { وَيَسْأَلُونَكَ } أي المشركين من قومك المكذبين بالبعث والجزاء { عَنِ ٱلْجِبَالِ } عن مصيرها يوم القيامة فقل له1: { يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً2 فَيَذَرُهَا3 قَاعاً صَفْصَفاً لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً }4 أي أجبهم بأن الله تعالى يفتتها ثم ينسفها فتكون هباء منبثاً، فيترك أماكنها قاعاً صفصفاً أي أرضاً مستوية لا ترى فيها عوجاً ولا أمتا أي لا انخفاضاً ولا ارتفاعاً. وقوله { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } أي يوم تقوم القيامة فيُنشرون يدعوهم الداعي هلموا إلى أرض المحشر فلا يميلون عن صوته يمنةً ولا يُسرة وهو معنى لا عوج له. وقوله تعالى: { وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ } أي ذلت وسكنت { فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } وهو صوت خفي كأصوات خفاف الإِبل إذا مشت وقوله تعالى: { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } أي يُخبر تعالى إنهم يوم جمعهم للمحشر لفصل القضاء لا تنفع شفاعة أحدٌ أحداً إلا من أذن له الرحمن في الشفاعة، ورضي له قولا أي وكان المشفوع فيه من أهل التوحيد أهل لا إله إلا الله وقوله { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } أي يعلم ما بين أيدي أهل المحشر أي ما يسيحكم به عليهم من جنة أو نار، وما خلفهم مما تركوه من أعمال في الدنيا، وهم لا يحيطون به عز وجل علماً، فلذا سيكون الجزاء عادلاً رحيماً، وقوله: { وَعَنَتِ 5ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ 6} أي ذلت وخضعت كما يعنو بوجهه الأسير، والحي القيوم هو الله جل جلاله وقوله تعالى: { وَقَدْ خَابَ } أي خسر { مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } ألا وهو الشرك والعياذ بالله وقوله تعالى: { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } والحال أنه مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر والبعث الآخر7 فهذا لا يخاف ظلما بالزيادة في سيِّآته، ولا هضما بنقص من حسناته، وهي عدالة الله تعالى تتجلى في موقف الحساب والجزاء.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- بيان جهل المشركين في سؤالهم عن الجبال.

2- تقرير مبدأ البعث الآخر.

3- لا شفاعة لغير أهل التوحيد فلا يَشفع مشرك، ولا يُشفع لمشرك.

4- بيان خيبة المشركين وفوز الموحدين يوم القيامة.
_________________________

1 قال القرطبي كل سؤال في القرآن أجيب بقل إلاّ هذا فبـ: فقل لأن المعنى إن سألوك فقل فتضمن الكلام معنى الشرط، وهو يقترن بالفاء دائماً.
2 قال ابن الأعرابي وغيره يقلعها قلعاً من أصولها ثم يصيرها رملاً يسيل سيلاً ثم يصيرها كالصوف المنفوش تطيرها الرياح هكذا أو هكذا ثم كالهباء المنثور.
3 (فيذرها) : أي: يذر مواضعها قاعاً صفصفاً، القاع: الأرض الملساء لا نبات فيها، ولا بناء عليها وهي مستو، وجمع القاع: أقواع وقيعان.
4 الأمت: المكان المرتفع كالنبك، وهو التل الصغير، والعوج: الوهدة وهي الانخفاض كالعوج في الشيء أي: ليس في الأرض انخفاض ولا ارتفاع بل هي مستوية.
5 ومنه قيل للأسير عانٍ، قال أمية بن الصلت:
مليك على عرش السماء مهيمن
لعزّته تعنو الوجوه وتسجد
6 القيوم: أي: القائم بتدبير الخلق، والقائم على كل نفس بما كسبت.
7 والقدر خيره وشرّه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1155  
قديم 04-07-2022, 11:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة طه - (9)
الحلقة (588)
تفسير سورة طه مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 381الى صــــ 386)
{ وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } 113 { فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } 114 { وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً }115


شرح الكلمات:

وكذلك أنزلنا: أي مثل ذلك الإنزال أنزلنا قرآناً عربياً أي بلغة العرب ليفهموه.

وصرفنا فيه من الوعيد: أي من أنواع الوعيد، وفنون العذاب الدنيوي والأخروي.

أو يحدث لهم ذكرا: أي بهلاك الأمم السابقة فيتعظون فيتوبون ويسلمون.

فتعالى الله الملك الحق: أي عما يقول المفترون ويشرك المشركون.

ولا تعجل بالقرآن: أي بقرءاته.

من قبل أن يقضى إليك وحيه: أي من أن يفرغ جبريل من قراءته عليك.

عهدنا إلى آدم: أي وصيناه أن لا يأكل من الشجرة.

فنسي: أي عهدنا وتركه.

ولم نجد له عزما: أي حزما وصبراً عما نهيناه عنه.

معنى الآيات:

يقول تعالى { وَكَذٰلِكَ 1أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } أي ومثل ما أنزلنا من تلك الآيات المشتملة على الوعد والوعيد أنزلنا القرآن بلغة العرب ليفهموه ويهتدوا به { وَصَرَّفْنَا2 فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ } أي بينا فيه من أنواع الوعيد وكررنا فنون العذاب الدنيوي والأخروي لعل قومك أيها الرسول يتقون ما كان سببا في إهلاك الأمم السابقة وهو الشرك والتكذيب والمعاصي { أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ3 ذِكْراً } أي يوجد لهم ذكراً في أنفسهم فيتعظون فيتوبون من الشرك والتكذيب للرسول ويطيعون ربهم فيكملون ويسعدون هذا ما دلت عليه الآية الأولى [113].

وأما الآية الثانية وهي قوله تعالى { فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ } فإن الله تعالى يخبر عن علوه من سائر خلقه وملكه لهم وتصرفه فيهم وقهره لهم، ومِن ثَمَّ فهو منزَّه عن الشريك والولد وعن كل نقص يصفه به المفترون الكذابون.

وقوله: { وَلاَ تَعْجَلْ4 بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } يُعلِّم تعالى رسوله كيفية تلقي القرآن عن جبريل عليه السلام فيرشده إلى أنه لا ينبغي أن يستعجل في قراءة الآيات ولا في إملائها على أصحابها ولا في الحكم بها حتى يفرغ جبريل من قراءتها كاملة عليه وبيان مراد الله تعالى منها في إنزالها عليه. وطلب إليه أن يسأله المزيد من العلم بقوله: { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } ، وفيه إشعار بأنه دائماً في حاجة إلى المزيد، ولذا فلا يستعجل ولكن يتريث ويتمهل، وهذا علماء أمته أحوج إليه منه صلى الله عليه وسلم فالاستعجال في الفُتيا وفي إصدار الحكم كثيراً ما يخطئ صاحبهما.

وقوله تعالى: { وَلَقَدْ 5عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ 6وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً 7} يقول تعالى مخبراً رسوله والمؤمنين ولقد وصينا آدم من قبل هذه الأمم التي أمرناها ونهيناها فلم يطع أكثرها وصيناه بأن لا يطيع عدوه إبليس وأن لا يأكل من الشجرة فترك وصيتنا ناسيا لها غير مبال بها وأطاع عدوه وأكل من الشجرة، ولم نجد له عزماً بل ضعف أمام الإِغراء والتزيين فلم يحفظ العهد ولم يصبر على الطاعة، فكيف إذاً بغير آدم من سائر ذرياته فلذا ينبغي أن لا تأسى ولا تحزن على عدم إيمان قومك بك واستجابتهم لدعوتك.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- بيان الحكمة من إنزال القرآن باللسان العربي وتصريف الوعيد فيه.

2- إثبات علو الله تعالى وقهره لعباده وملكه لهم وتنزهه عن الولد والشريك وكل نقص يصفه به المبطلون.

3- استحباب التريث والتأني في قراءة القرآن وتفسيره وإصدار الحكم والفتيا منه.

4- الترغيب في طلب العلم والمزيد من التحصيل العلمي وإشعار النفس بالجهل والحاجة إلى العلم.

5- التسلية بنسيان آدم وضعف قلبه أمام الإِغراء الشيطاني.
_____________________________

1 هذه الجملة معطوفة على جملة: كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق إذ الغرض واحد وهو التنويه بشأن القرآن وتقرير الوحي له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2 التصريف: التنويع والتفنين، والوعيد هنا للتهديد.
3 لعله يحدث لهم ذكراً: فيه بيان أنهم قبل نزول القرآن وسماعه لم يكونوا يذكرون الله في توحيده ولا في وعده ووعيده ولا في شرعه وأحكامه.
4 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الني صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبادر جبريل فيقرأ قبل أن يفرغ من الوحي حرصاً منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الحفظ وشفقة على القرآن مخافة النسيان فنهاه تعالى عن ذلك فأنزل: {ولا تعجل بالقرآن} وقال الحسن نزلت هذه الآية في رجل لطَم وجه امرأته فجاءت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تطلب القصاص فجعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لها القصاص فنزل: {الرجال قوّامون على النساء} وأبى الله ذلك. ولهذا قال له: {وقل رب زدني علما} وفي هذه الجملة الأخيرة إشارة إلى أن حرصه في حفظ القرآن محمود.
5 قال ابن زيد: نسي ما عهد الله إليه في ذلك، ولو كان له عزم ما أطاع عدوه إبليس.
6 العهد المنسي هو ما جاء في قوله تعالى: {فقلنا يا آدم إنّ هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنّكما من الجنة} من هذه االسورة.
7 فسر العزم بالصبر والثبات أمام الإغراء.

************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1156  
قديم 04-07-2022, 11:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ } 116 { فَقُلْنَا يآءَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } 117 { إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ } 118 { وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ } 119 { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَانُ قَالَ يٰآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } 120 { فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } 121 { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ }122


شرح الكلمات:

وإذ قلنا للملائكة: أي اذكر قولنا للعظة والاعتبار.

إلا إبليس أبى: أي امتنع من السجود لكبر في نفسه إذ هو ليس من الملائكة وإنما هو أبو الجان كان مع الملائكة يعبد الله معهم.

عدو لك ولزوجك: أي حواء ومعنى عدو أنه لا يحب لكما الخير بل يريد لكما الشر.

فتشقى: أي بالعمل في الأرض إذ تزرع وتحصد وتطحن وتخبز حتى تتغذى.

لا تظمأ فيها ولا تضحى: أي لا تعطش ولا يصيبك حر شمس الضحى المؤلم في الأرض.

شجرة الخلد: أي التي يخلد من أكل منها.

وملك لا يبلى: أي لا يفنى ولا يبيد ولازم ذلك الخلود.

فبدت لهما سواءتهما: أي ظهر لكل منها قُبُلَ صاحبه ودُبُرَهُ فاستاءا لذلك.

وطفقا يخصفان: أي أخذا وجعلا يلزقان ورق الشجر عليهما ستراً لسوءاتهما.

فغوى: أي بالأكل من الشجرة المنهي عنها.

فاجتباه ربه فتاب عليه: أي اختاره لولايته فهداه للتوبة فتاب ليكون عبداً صالحاً.

معنى الآيات:

لما ذكر تعالى ضعف آدم عليه السلام حيث عهد الله إليه بعدم طاعة إبليس حتى لا يخرجه هو وزوجه من الجنة، وأن آدم نسي العهد فأكل من الشجرة ناسب ذكر قصة آدم بتمامها ليكون موعظة للمتقين وهدى للمؤمنين فقال تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم واذكر { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمََ } وسجودهم عبادة لله تعالى وتحية لآدم لشرفه وعلمه. فامتثلت الملائكة أمر الله { فَسَجَدُوۤاْ } كلهم أجمعون { إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ } أن يسجد لما داخله من الكبر ولأنه لم يكن من الملائكة بل كان من الجن إلا أنه كان يتعبد الله تعالى مع الملائكة في السماء. هذا ما دلت عليه الآية الأولى [116].

وقوله تعالى { فَقُلْنَا يآءَادَمُ } أي بعد أن تكبّر إبليس عن السجود لآدم نصحنا آدم وقلنا له { إِنَّ هَـٰذَا } أي إبليس { عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } أي فلا تطيعانه فإن طاعته 1تكون سبب إخراجكما من الجنة ومتى خرجتما منها شقيتما، ووجه الخطاب إلى آدم في قوله تعالى: فتشقى لأن المراد من الشقاء هنا العمل كالزرع والحصاد وغيرهما مما هو ضروري للعيش خارج الجنة والزوج هو المسئول عن 2إعاشة زوجته فهو الذي يشقى دونها، وقوله تعالى لآدم { إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا } أي في الجنة { وَلاَ تَعْرَىٰ } ، { وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا } أي لا تعطش { وَلاَ تَضْحَىٰ 3} أي لا تتعرض لحر شمس ضحى كما هي في الأرض والخطاب وإن كان لآدم فحواء تابعة له بحكم رئاسة الزوج على زوجته، ومن الأدب خطاب الرجل دون امرأته إذ هي تابعة له وقوله تعالى: { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَانُ } أي ناداه من طريق الوسوسة.


{ يٰآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ 4وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } فقبل منه ذلك آدم واستجاب لوسوسته فأكلت حواء أولاً ثم أكل آدم وهو قوله تعالى { فَأَكَلاَ مِنْهَا } فترتب على ذلك انكشاف سوءاتهما لهما بذهاب النور الساتر لهما بسبب المعصية لله تعالى وقوله تعالى { وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا } من ورق الشجر أي فأخذا يشدان ورق الشجر على عوراتهما ستراً لهما لأن منظر العورة يسوء الآدمي ولذلك سميت العورة سوءة وهكذا عصى آدم ربه باستجابته لوسواس عدوه وأكله من الشجرة فبذلك5 غوى، إلا أن ربه تعالى اجتباه أي نبياً وقربه ولياً { فَتَابَ 6عَلَيْهِ وَهَدَىٰ } وهداه للعمل بطاعته ليكون من جملة أصفيائه وصالح عباده. والحمد لله ذي الإِنعام والإِفضال.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- تقرير النبوة المحمدية بذكر مثل هذا القصص الذي لا يعلم إلا بالوحي الإِلهي.

2- تقرير عداوة إبليس لبني آدم.

3- بيان أن الجنة لا نصب فيها ولا تعب، وإنما ذلك في الأرض.

4- التحذير من أخطار الاستجابة لوسوسة إبليس فإنها تُرْدى صاحبها.

5- ضعف المرأة وقلة عزمها فقد أكلت قبل آدم فسهلت عليه المعصية.

6- كون المرأة تابعة للرجل وليس لها أن تستقل بحال من الأحوال.

7- حرمة كشف العورات ووجوب سترها.

8- إثبات نبوة آدم وتوبة الله عليه وقبولها منه وهدايته إلى العمل بمحابه وترك مكارهه.
__________________________

1 هذا مبدأ: أنّ نفقة الزوجة على زوجها. وأن النفقة الواجبة محصورة في الطعام والشراب والكسوة والسكن.
2 قال الحسن: المراد بالشقاء: شقاء الدنيا لا يرى ابن آدم فيها إلاّ ناصبا.
3 يقال: ضحيت للشمس ضحاءً: برزت، وضحَيت بفتح الحاء مثله والمضارع أضحى، والأمر إضح، ومنه قول عمر في عرفة لرجل لازم الخيمة إضحَ لمن جئت له.
4 روى أبو داود واحمد أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها وهي شجرة الخلد".
5 كان هذا قبل النبوة، ومن أذنب مرّة واحدة لا يقال له مذنب ولا غاو ولاسيما بعد التوبة.
6 ثبت في الصحيح أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "حاجّ موسى آدم فقال له: أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم؟ قال آدم يا موسى أنت الذي اصطفاك برسالاته وبكلامه أتلومني على أمر كتبه الله عليّ قبل أن يخلقني قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحجّ آدم موسى".
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1157  
قديم 04-07-2022, 11:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة طه - (10)
الحلقة (589)
تفسير سورة طه مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 386الى صــــ 393)

{ قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ } 123 { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ } 124 { قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيۤ أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً } 125 { قَالَ كَذٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ } 126 { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ }127


شرح الكلمات:

قال اهبطا منها جميعا: أي آدم وحواء من الجنة وإبليس سبق أن أبلس وهبط.

بعضكم لبعض عدو: أي آدم وحواء وذريتهما عدو لإِبليس وذريته، وإبليس وذريته عدو لآدم وحواء وذريتهما.

فإما يأتينكم مني هدى: أي فإن يأتيكم مني هدى وهو كتاب ورسول.

فمن اتبع هداي: أي الذي أرسلت به رسولي وهو القرآن.

فلا يضل: أي في الدنيا.

ولا يشقى: في الآخرة.

ومن أعرض عن ذكري: أي عن القرآن فلم يؤمن به ولم يعمل بما فيه.

معيشة ضنكا: أي ضيّقة تضيق بها نفسه ولم يسعد بها ولو كانت واسعة.

أعمى: أي أعمى البصر لا يبصر.

وقد كنت بصيرا: أي ذا بصر في الدنيا وعند البعث.

قال كذلك: أي الأمر كذلك أتتك آياتنا فنسيتها فكما نسيتها تنسى في جهنم.

وكذلك نجزي من أسرف: أي وكذلك الجزاء الذي جازينا به من نسي آياتنا نجزي من أسرف في المعاصي ولم يقف عند حد، ولم يؤمن بآيات ربه سبحانه وتعالى.

أشد وأبقى: أي أشد من عذاب الدنيا وأدوم فلا ينقضي ولا ينتهي.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في قصة آدم إنه لما أكل آدم وحواء من الشجرة وبدت لهما سواءتهما وعاتبهما ربهما بقوله في آية غير هذه{ أَلَمْ أَنْهَكُمَا1 عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ } [الأعراف: 22]. وأنزل على آدم كلمة2 التوبة فقالها مع زوجه فتاب الله عليهما لما تم كل ذلك قال { ٱهْبِطَا3 مِنْهَا } أي من الجنة { جَمِيعاً } إذ إبليس العدو قد اُبْلِس من قبل وطُرد من الجنة فهبطوا جميعاً. وقوله { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى } أي بيان عبادتي تحمله كتبي وتبينه رسلي، { فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ } فآمن به وعمل بما فيه { فَلاَ يَضِلُّ } في حياته { وَلاَ يَشْقَىٰ4 } في آخرته { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي } أي فلم يؤمن به ولم يعمل بما فيه { فَإِنَّ لَهُ } أي جزاءً منا له { مَعِيشَةً ضَنكاً5 } أي ضيقة تضيق بها نفسه فلم يشعر بالغبطة والسعادة وإن اتسع رزقه كما يضيق عليه قبره ويشقى فيه طيلة حياة البرزخ، ويحشر يوم القيامة أعمى لا حجة له ولا بصر يبصر به. وقد يعجب لحاله ويسأل ربه { لِمَ حَشَرْتَنِيۤ أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ } في الدنيا وفي البعث { بَصِيراً } فيجيبه ربه تعالى: { كَذٰلِكَ } أي الأمر كذلك كنت بصيراً وأصبحت أعمى لأنك { أَتَتْكَ آيَاتُنَا } تحملها كتبنا وتبينها رسلنا { فَنَسِيتَهَا } أي تركتها ولم تلتفت إليها معرضا عنها فاليوم تترك في جهنم منسياً كذلك وقوله تعالى في الآية الآخرة [127] { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ } في معاصينا فلم يقف عند حد ولم يؤمن بآيات ربه فنجعل له معيشة ضنكاً في حياته الدنيا وفي البرزخ { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ }6 من عذاب الدنيا { وَأَبْقَىٰ } أي أدوم حيث لا ينقضي ولا ينتهي.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- تقرير عداوة الشيطان للإِنسان.

2- عِدَةُ الله تعالى لمن آمن بالقرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في حياته ولا يشقى في آخرته.

3- بيان جزاء من أعرض عن القرآن في الدنيا والآخرة.

4- التنديد بالإِسراف في الذنوب والمعاصي مع الكفر بآيات الله، وبيان جزاء ذلك.
___________________________

1 هي قوله تعالى: {قالا ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} من سورة الأعراف وأخبر تعالى عنها في سورة البقرة في قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} .
2 الآية من سورة الأعراف.
3 الخطاب لآدم وإبليس وحواء تابعة لزوجها بقرينة: {بعضكم لبعض عدو} .
4 قال ابن عباس رضي الله عنهما: ضمن الله تعالى لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألاّ يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة وتلا هذه الآية.
5 {ضنكا} أي: ضيّقا، يقال: منزل ضنك وعيش ضنك، يستوي في الواحد والجمع والمذكر والمؤنث قال عنترة.
إن يُلحقوا أكرر وإن يستلحموا
أشدد وإن يُلفوا بضنك أنزل
6 أي: من المعيشة الضنك.

*******************************

{ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } 128 { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } 129 { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ } 130 { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } 131 { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ }132


شرح الكلمات:

أفلم يهد لهم: أي أفلم يُبيَّنْ لهم.

من القرون: أي من أهل القرون.

لآيات لأولي النهى: أي أصحاب العقول الراجحة إذ النهية العقل.

ولولا كلمة سبقت: أي بتأخير العذاب عنهم.

لكان لزاما: أي العذاب لازما لا يتأخر عنهم بحال.

ما يقولون: من كلمات الكفر، ومن مطالبتهم بالآيات.

ومن آناء الليل: أي ساعات الليل واحدها إنْيٌ أو إنْوٌ.

لعلك ترضى: أي رجاء أن تثاب الثواب الحسن الذي ترضى به.

إلى ما متعنا به أزواجاً1 منهم: أي رجالاً منهم من الكافرين.

زهرة الحياة الدنيا: أي زينة الحياة الدنيا وقيل فيها زهرة لأنها سرعان ما تذبل وتذوى.

لنفتنهم فيه: أي لنبتليهم في ذلك أيشكرون أم يكفرون.

والعاقبة للتقوى: العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة لأهل التقوى.

معنى الآيات:

بعد ذكر قصة آدم عليه السلام وما تضمنته من هداية الآيات قال تعالى { أَفَلَمْ يَهْدِ } لأهل مكة المكذبين المشركين أي أَغَفَلوا فلم يهد لهم أي يتبين { كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ } أي إهلاكنا للعديد من أهل القرون الذين هم يمشون في مساكنهم ذاهبين جائين كثمود وأصحاب مدين والمؤتفكات أهلكناهم بكفرهم ومعاصيهم فيؤمنوا ويوحدوا ويطيعوا فينجوا ويسعدوا. وقوله تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ } المذكور من الإهلاك للقرون الأولى { لآيَاتٍ } أي دلائل واضحة على وجوب الإِيمان بالله ورسوله وطاعتهما، { لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } أي لأصحاب العقول أما الذين لا عقول لهم لأنهم عطلوها فلم يفكروا بها فلا يكون في ذلك آيات لهم. وقوله تعالى { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ2 سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } بأن لا تموت نفس حتى تستوفي أجلها، وأجل مسمىً عند الله في كتاب المقادير لا يتبدل ولا يتغير لكان عذابهم لازماً لهم لما هم عليه من الكفر والشرك والعصيان. وعليه { فَٱصْبِرْ } يا رسولنا { عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } من أنك ساحر وشاعر وكاذب وكاهن من كلمات الكفر، واستعن على ذلك بالصلاة ذات الذكر والتسبيح { قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ } وهو صلاة الصبح { وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } وهو صلاة العصر { وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ } أي ساعات الليل وهما صلاتا المغرب والعشاء، { وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ } وهو صلاة الظهر لأنها تقع بين طرفي النهار أي نصفه الأول ونصفه الثاني3 وذلك عند زوال الشمس، لعلك بذلك ترضى بثواب الله تعالى لك.

وقوله تعالى { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } أي لا تتطلع ناظراً { إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } أشكالاً في عقائدهم وأخلاقهم وسلوكهم { زَهْرَةَ4 ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي من زينة الحياة الدنيا { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } أي لنختبرهم في ذلك الذي متعناهم به من زينة الحياة الدنيا وقوله تعالى: { وَرِزْقُ رَبِّكَ } أي ما لك عند الله من أجر ومثوبة { خَيْرٌ 5وَأَبْقَىٰ } خيراً في نوعه وأبقى في مدته، واختيار الباقي على الفاني مطلب العقلاء.
وقوله تعالى: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ6 بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا } أي من أزواجك وبناتك وأتباعك المؤمنين بالصلاة ففيها الملاذ وفيها الشفاء من آلام الحاجة والخصاصية واصطبر عليها واحمل نفسك على الصبر على إقامتها. وقوله { لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً } أي لا نكلفك مالاً تَعْطِيناه ولكن تكلف صلاة فأدها على أكمل وجوهها. { نَّحْنُ نَرْزُقُكَ } أي رزقك علينا، { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ } أي العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة لأهل التقوى من عبادنا وهم الذين يخشوننا فيؤدون ما أوجبنا عليهم ويجتنبون ما حرمنا عليهم رهبة منا ورغبة فينا. هؤلاء لهم أحسن العواقب ينتهون إليها نصر في الدنيا وسعادة في الآخرة.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- تقرير مبدأ العاقل من اعتبر بغيره.

2- بيان فضيلة العقل وشرف صاحبه وانتفاعه به.

3- وجوب الصبر على دعوة الله والاستعانة على ذلك بالصلاة.

4- بيان أوقات الصلوات الخمس والحصول على رضى النفس بثوابها.

5- وجوب عدم تعلق النفس بما عند أهل الكفر من مال ومتاع لأنهم ممتحنون به.

6- وجوب الرضا بما قسم الله للعبد من رزق إنتظاراً لرزق الآخرة الخالد الباقي.

7- وجوب الأمر بالصلاة بين الأهل والأولاد والمسلمين والصبر على ذلك.

8- فضل التقوى وكرامة أصحابها وفوزهم بحسن العاقبة في الدنيا والآخرة.

9- إقام الصلاة بين أفراد الأسرة المسلمة ييسر الله تعالى به أسباب الرزق وتوسعته عليهم.
____________________________

1 أزواجاً: رجالاً ونساءً لأنّ الرجل زوج والمرأة زوج والتعبير بلفظ أزواج لأجل الدلالة على العائلات والبيوت أي: إلى ما متّعناهم به من مال وبنين.
2 فيه تقديم وتأخير، الأصل: ولولا كلمة سبقت وأجل مسبق لكان لزاماً. أي لكان العذاب لازماً لهم.
3 العتمة. واحد الأناء: أنيٌ وإنى وأنى.
4 قال مجاهد: الأغنياء منهم، وبهذا يشمل النساء والرجال إذ كل منهما زوج فرجح هذا أنّ أزواجاً: مفعول به، ولا يتنافى هذا مع ما في التفسير لأن قولنا: أشكالاً في عقولهم وأخلاقهم وسلوكهم يعني: منطقاً الرجال الأزواج.
5 {زهرة} منصوب على الحال من الموصول. والزهرة: واحدة الزهور وهو نور الشجر والمراد هنا: الزينة المعجبة المبهرة في النساء والبنين والأنعام والبساتين والجنان.
6 الخطاب للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجميع أمّته تابعة له في ذلك فكلّ مؤمن يجب عليه أن يقيم الصلاة وأن يأمر أهله بذلك ويصبر. روي أنه لما نزلت هذه الآية كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يذهب إلى بنته فاطمة كل صباح وقت الصلاة" وكان عمر رضي الله عنه يوقظ أهل داره لصلاة الليل ويصلي وهو يتمثل بالآية: وكان عروة بن الزبير إذا رأى شيئاً من أخبار السلاطين وأحوالهم بادر إلى منزله فدخله وهو يقرأ: {ولا تمدّن عينك..} الآية.

************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1158  
قديم 04-07-2022, 11:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } 133 { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ } 134 { قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ }135


شرح الكلمات:

لولا1: أي هَلاَّ فهي أداة تحضيض وحث على وقوع ما يذكر بعدها.

بآية من ربه: أي معجزة تدل على صدقه في نبوته ورسالته.

بينة ما في الصحف الأولى: أي المشتمل عليها القرآن العظيم من أنباء الأمم الماضية وهلاكهم بتكذيبهم لرسلهم.

من قبله: من قبل إرسالنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وإنزالنا كتابنا القرآن.

من قبل أن نذل ونخزى: أي من قبل أن يصينبا الذل والخزي يوم القيامة في جهنم.

متربص: أي منتظر ما يؤول إليه الأمر.

فستعلمون: أي يوم القيامة.

الصراط السوي: أي الدين الصحيح وهو الإِسلام.

ومن اهتدى: أي ممن ضل نحن أم أنتم.

معنى الآيات:

ما زال السياق مع المشركين طلباً لهدايتهم فقال تعالى مخبراً عن أولئك المشركين الذين متع الله رجالاً منهم بزهرة الحياة الدنيا أنهم أصروا على الشرك والتكذيب { وَقَالُواْ لَوْلاَ2 يَأْتِينَا بِآيَةٍ } أي هلا يأتينا محمد بمعجزة كالتي أتى بها صالح وموسى وعيسى بن مريم تدل على صدقه في نبوته ورسالته إلينا. فقال تعالى راداً عليهم قولتهم الباطلة: { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا 3فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ }؟ أيطالبون بالآيات وقد جاءتهم بينة ما في الصحف الأولى بواسطة القرآن الكريم فعرفوا ما حل بالأمم التي طالبت بالآيات ولما جاءتهم الآيات كذبوا بها فأهلكهم الله بتكذيبهم 4فما يؤمن هؤلاء المشركين المطالبين بالآيات أنها لو جاءتهم ما آمنوا بها فأهلكوا كما أهلك المكذبين من قبلهم.

وقوله تعالى في الآية الثانية [134] { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ5 بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ } أي من قبل إرسالنا محمد وإنزالنا الكتاب عليه لقالوا للرب تعالى إذا وقفوا بين يديه: { رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ } فيما تدعونا إليه من التوحيد والإِيمان والعمل الصالح وذلك من قبل أن نذل هذا الذل ونخزى هذا الخزي في نار جهنم. فإن كان هذا قولهم لا محالة فلم لا يؤمنون ويتبعون آيات الله فيعملون بما جاء فيها من الهدى قبل حلول العذاب بهم؟ وفي الآية الأخيرة قال تعالى لرسوله بعد هذا الإِرشاد الذي أرشدهم إليه { قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ6 } أي كل منا متربص أي منتظر ما يؤول إليه الأمر { فَتَرَبَّصُواْ }. فستعلمون في نهاية الأمر وعندما توقفون في عرصات القيامة { مَنْ } هم { أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ7 } الذي لا اعوجاج فيه وهو الإِسلام الدين الحق، { وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ } إلى سبيل النجاة والسعادة ممن ضل ذلك فخسر وهلك.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- المطالبة بالآيات سنة متبعة للأمم والشعوب عندما تعرض عن الحق وتتنكر للعقل وهدايته.

2- الذلة والخزي تصيب أهل النار يوم القيامة لما فرطوا فيه من الإِيمان والعمل الصالح.

3- في الآية إشادة إلى حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: " يحتج به على الله يوم القيامة ثلاثة: الهالك في الفترة، والمغلوب على عقله، والصبي الصغير، فيقول المغلوب على عقله لم تجعل لي عقلاً انتفع به، ويقول الهالك في الفترة لم يأتني رسول ولا نبي ولو أتاني لك رسول أو نبي لكنت أطوع خلقك إليك، وقرأ صلى الله عليه وسلم { لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً } ويقول الصبي الصغير كنت صغيراً لا أعقل.
قال فترفع لهم نار ويقال لهم: رِدُوها قال فَيرِدُها من كان في علم الله أنه سعيد، ويتلكأ عنها من كان في علم الله أنه شقي فيقول إياي عصيتم فكيف برسلي لو أتتكم ". رواه ابن جرير عند تفسير هذه الآية { رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً }.
______________________________

1 لولا: أداة تحضيض وجملة: {أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى} حالية أي: قالوا ذلك، والحال أنها أتتهم بيّنة ما في الصحف الأولى، فالاستفهام إنكاري، والبينة: الحجة، والصحف. كتب الأنبياء السابقين كقوله تعالى: {إنّ هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى} .
2 أي: لولا يأتينا محمد بآية توجب العلم الضروري أو بآية ظاهرة كناقة صالح وعصا موسى أو هلاّ يأتينا بالآيات التي نقترحها كتحويل جبال مكة.
3 هذه البيّنة هي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكتابه القرآن الكريم، محمد أميّ لا يقرأ ولا يكتب، وقد جاء بما لم يأت به غيره من العلوم والمعارف والقرآن الكريم حوى علوم الأولين وقصصهم، وكل علم نافع في الحياتين فأيّة آية أعظم من هذه الآية، كما قال تعالى: {أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك كتاباً يتلى عليهم} ؟!
4 قال القرطبي: فما يؤمنهم إن أتتهم الآيات أن يكون حالهم كحال أولئك.
5 هذه الآية دليل على أن الإيمان بوحدانية الله تعالى مما يقتضيه العقل وتوجبه الفطرة لولا حجب الضلالات وإغواء الشياطين للناس.
6 هذا جواب عن قولهم: {لولا يأتينا بآية من ربّه} وما بينهما اعتراض والتربّص: الانتظار.
7 بمعنى المُسْتَوي وهو مأخوذ من التسوية.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1159  
قديم 04-07-2022, 11:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الانبياء - (1)
الحلقة (590)
تفسير سورة الانبياء مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 394الى صــــ 399)
الجزء السابع عشر
سورة الأنبياء
مكية
وآياتها مائة واثنتا عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم


{ ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } 1 { مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ } 2 { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } 3 { قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } 4 { بَلْ قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } 5 { مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ }6


شرح الكلمات:

اقترب1 للناس حسابهم: أي قرب زمن حسابهم وهو يوم القيامة.

وهم في غفلة: أي عما هم صائرون إليه.

معرضون: أي عن التأهب ليوم الحساب بصالح الأعمال بعد ترك الشرك والمعاصي.

من ذكر من ربهم محدث: أي من قرآن نازل من ربهم محدث جديد النزول.

وهم يلعبون: أي ساخرين مستهزئين.

لاهية قلوبهم: مشغولة عنه بما لا يغني من الباطل والشر والفساد.

وأسروا النجوى: أي أخفوا مناجاتهم بينهم.

أضغاث أحلام: أي أخلاط رآها في المنام.

بل افتراه: أي اختلقه وكذبه ولم يوح إليه.

أفهم يؤمنون: أي لا يؤمنون فالاستفهام للنفي.

معنى الآيات:

يخبر تعالى فيقول وقوله الحق: { ٱقْتَرَبَ2 لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } أي دنا وقرب وقت حسابهم على أعمالهم خيرها وشرها { وَهُمْ فِي 3غَفْلَةٍ } عما ينتظرهم من حساب وجزاء { مُّعْرِضُونَ } عما يدعون إليه من التأهب ليوم الحساب بترك الشرك والمعاصي والتزود بالإِيمان وصالح الأعمال. وقوله تعالى: { مَا يَأْتِيهِمْ 4مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ5 } أي ما ينزل الله من قرآن يعظهم به ويذكرهم بما فيه { إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ } أي استمعوه وهم هازئون ساخرون لاعبون غير متدبرين له ولا متفكرين فيه. وقوله تعالى: { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ } أي مشغولة عنه منصرفة عما تحمل الآيات المحدثة النزول من هدى ونور، { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ 6} وهم المشركون قالوا في تناجيهم بينهم: { هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } أي ما محمد إلا إنسان مثلكم فكيف تؤمنون به وتتابعونه على ما جاء به، إنه ما هو إلا ساحر { أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } ما لكم أين ذهبت عقولكم؟ قال تعالى لرسوله: { قَالَ رَبِّي 7 يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ.... } لأقوال عباده { ٱلْعَلِيمُ } بأعمالهم فهو تعالى سميع لما تقولون من الكذب عليم بصدقي وحقيقة ما أدعوكم إليه.

وقوله تعالى: { بَلْ قَالُوۤاْ } أي أولئك المتناجون الظالمون { أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ } أي قالوا في القرآن يأتيهم من ربهم محدث لهم؛ ليهتدوا به قالوا فيه أضغاث أي أخلاط رؤيا منامية وليس بكلام الله ووحيه، { بَلِ ٱفْتَرَاهُ } انتقلوا من قول إلى آخر لحيرتهم { بَلْ هُوَ شَاعِرٌ } أي صلى الله عليه وسلم وما يقوله ليس من جنس الشعر الذي ذكر أشياء لا واقع لها ولا حقيقة. وقوله تعالى عنه: { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } أي إن كان رسولاً كما يدعي وليس بشاعر ولا ساحر فليأتنا بآية أي معجزة كآية صالح أو موسى أو عيسى كما أرسل بها الأنبياء الأولون. قال تعالى: { مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ 8مِّن قَرْيَةٍ } أي أهل قرية { أَهْلَكْنَاهَآ } بالعذاب لما جاءتها الآية فكذبت أفهم 9يؤمنون أي لا يؤمنون إذ شأنهم شأن غيرهم، فلذا لا معنى لإِعطائهم الآية من أجل الإِيمان ونحن نعلم أنهم لا يؤمنون.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- قرب الساعة.

2- بيان ما كان عليه المشركون من غفلة ولهو وإعراض، والناس اليوم أكثر منهم في ذلك.

3- بيان حيرة المشركين إزاء الوحي الإِلهي والنبي صلى الله عليه وسلم.

4- المعجزات لم تكن يوماً سبباً في هداية الناس بل كانت سبب إهلاكهم إذ هذا طبع الإِنسان إذا لم يرد الإِيمان والهداية فإنه لا يهتدي ولو جاءته كل آية.
_____________________________________

1 قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: الكهف ومريم وطه والأنبياء من العتاق الأول وهن من تلادي: يريد من أوّل ما حفظ كالمال التليد.
2 لفظ الناس: عام وإن أريد به أهل مكة بدليل السياق في الآيات بعد.
3 الجملة حالية أي: اقترب للناس حسابهم والحال أنّهم في غفلة معرضون.
4 محدث: أي: في نزوله وقراءة جبريل له على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ كان ينزل آية آية وسورة سورة وجائز أن يكون الذكر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقرينة الآيات كقوله: {هل هذا إلا بشر مثلكم} وقوله: {قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولاً..} فرسول بدلا، ق قوله: (ذكرا) وقوله (إلا استمعوه) ي: الرسول وهم يلعبون. قاله الحسن بن الفضل.
5 لاهية: ساهية معرضة عن ذكر الله تعالى. يقال: لهيت عن الشيء إذا تركته وسهرت عنه، وهو نعت تقدّم عن الاسم فنصب على الحال نحو: (خاشعة أبصارهم) ، (ودانية عليهم ظلالها) وكقول كثير عزّة:
لعزة موحشا طلل
يلوح كأنه خِلَلُ
6 {الذين ظلموا} بدل من واو الجماعة في: {وأسروا النجوى} .
7 قرأ نافع والجمهور: {قل ربي} بصيغة الأمر، وقرأ حفص ومن وافقه (قال) بصيغة الماضي.
8 {من} : زائدة لتقوية الكلام وتوكيد النفي المستفاد من حرف (ما) .
9 الاستفهام للإنكار أي: إنكار إيمانهم لو جاءتهم الآية أي: فهم لا يؤمنون.

**************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1160  
قديم 04-07-2022, 11:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } 7 { وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ } 8 { ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ ٱلْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَآءُ وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ } 9 { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }10

شرح الكلمات:

قبلك: يا محمد.

أهل الذكر: أي الكتاب الأول وهم أهل الكتاب.

جسداً: أي أجساداً آدمية.

الوعد: أي الذي واعدناهم.

المسرفين: أي في الظلم والشرك والمعاصي.

كتاباً: هو القرآن العظيم.

فيه ذكركم: أي ما تذكرون به ربكم وما تذكرون به من الشرف بين الناس.

معنى الآيات:

كانت مطالب قريش من اعتراضاتهم تدور حَوْلَ لِمَ يكون الرسول بشراً، ولِمَ يكون رسولاً ويأكل الطعام لم لا يكون له كنز أو جنة يأكل منها، لم لا يأتينا بآية كما أرسل بها الأولون، وهكذا. قال قتادة قال أهل مكة للنبي صلى الله عليه وسلم " وإذا كان ما تقوله حقاً ويسرك أن نؤمن فحول لنا الصفا ذهبا، فأتاه جبريل فقال إن شئت كان لبذس سألك قومك، ولكنه إن كان ثم لم يؤمنوا لم ينظروا " أي ينزل بهم العذاب فوراً " وإن شئت استأنيت بقومك، قال بل استأني بقومي فأنزل الله{ مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } [الأنبياء: 6].

وقوله تعالى: { وَمَآ أَرْسَلْنَا 1قَبْلَكَ } يا رسولنا { إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ } ما نريد إبلاغه عبادنا من أمرنا ونهينا. { فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ2 إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } أي فليسأل قومك أهل الكتاب من قبلهم وهم أحبار اليهود ورهبان النصارى إن كانوا لا يعلمون فإنهم يعلمون أن الرسل من قبلهم لم يكونوا إلا بشراً. وقوله تعالى: { وَمَا جَعَلْنَاهُمْ } أي الرسل { جَسَداً3 } أي أجساداً ملائكية أو بشرية لا يأكل أصحابها الطعام بل جعلناهم أجساداً آدمية تفتقر في بقاء حياتها إلى الطعام والشراب4 فلم يعترض هؤلاء المشركون على كون الرسول بشراً يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟ وقوله تعالى: { ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ } أي أولئك الرسل { ٱلْوَعْدَ } 5الذي وعدناهم وهو أنا إذا آتينا أقوامهم ما طالبوا به من المعجزات ثم كذبوا ولم يؤمنوا أهلكناهم { فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَآءُ } أي أنجينا رسلنا ومن آمن بهم واتبعهم، وأهلكنا المكذبين المسرفين في الكفر والعناد والشرك والشر والباطل.

وقوله تعالى: { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }؟ يقول تعالى لأولئك المشركين المطالبين بالآيات التي قد تكون سبب هلاكهم ودمارهم { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ } لهدايتكم وإصلاحكم ثم إسعادكم { كِتَاباً } عظيم الشأن { فِيهِ ذِكْرُكُمْ }6 أي ما تذكرون به وتتعظون فتهتدون إلى سبيل سلامتكم وسعادتكم، فيه ذكركم بين الأمم والشعوب لأنه نزل بلغتكم الناس لكم فيه تبع وهو شرف أي شرف لكم. أتشتطون في المكايدة والعناد فلا تعقلون، ما خير لكم مما هو شر لكم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- تقرير مبدأ أن الرسل لا يكونون إلا بشراً ذكوراً لا إناثاً.

2- تعين سؤال أهل العلم في كل ما لا يعلم إلا من طريقهم، من أمور الدين والآخرة.

3- ذم الإِسراف في كل شيء وهو كالغلو في الشرك والظلم.

4- القرآن ذكر يذكر به الله تعالى لما فيه من دلائل التوحيد وموعظة لما فيه من قصص الأولين وشرف أي شرف لمن آمن به وعمل بما فيه من شرائع وآداب وأخلاق.
____________________________

1 هذا ردّ على المشركين إذ قالوا: {هل هذا إلا بشر مثلكم} وتأنيس للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى لا يضيق بما يقولون.
2 جائز أن يكون أهل الذكر أي: الكتاب الأوّل هم اليهود والنصارى إذ كان أهل مكة يسألون يهود المدينة وجائز أن يكون القرآن وهم المؤمنون ولذا قال عليّ وهو صادق: نحن أهل الذكر. أي: فليناظروا المؤمنين كعلي وأبي بكر الصديق وبلال. وفي الآية دليل على وجوب تقليد العامة العلماء إذ هم أهل الذكر ووجوب العمل بما يفتونهم به ويعلمونهم به.
3 الجسد: الجسم لا حياة فيه كالجثة. وفي العبارة تهكم بالمشركين لسخف عقولهم إذ أنكروا على الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل الطعام فقالوا: {ما لهذا الرسول يأكل الطعام} وهل يعقل وجود أجسام بشرية تستغني عن الأكل والشرب؟
4 ولذا هم يموتون ولا يخلدون وهذه حقيقة الآدمي.
5 الوعد: منصوب على نزع الخافض أي: صدقناهم في الوعد الذي وعدناهم، وهو وعدهم بنصرهم وإهلاك أعدائهم.
6 {فيه ذكركم} : أي: فيه ذكر أمر دينكم وأحكام شرعكم وبيان ما تصيرون إليه من ثواب أو عقاب وفيه ذكر مكارم أخلاقكم ومحاسن أعمالكم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 230.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 224.79 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (2.53%)]