تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 114 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 287 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 317 )           »          قصيدة أبكت أعظم ملوك الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          طرق تساعدك على العيش بأقل الإمكانيات مع الحفاظ على الراتب.. خليكى ذكية ووفرى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من قشرة الشعر الدهنية.. أخلصى منها بخطوات بسيطة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          خليك قدوة ليهم.. إزاى تكون مصدر أمان وثقة لأولادك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          اتجاهات ديكور مستوحاة من البحر لإضافة لمسة جمالية منعشة.. موضة صيف 2025 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          طريقة عمل السجق البلدى بمكونات سهلة ومتوفرة فى البيت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          4 وصفات طبيعية تعالج جفاف البشرة وشحوبها وتزيد ترطيبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          6 أسرار لزيادة الكولاجين وتعزيز مرونة البشرة.. خليكى شباب على طول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1131  
قديم 04-07-2022, 10:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة مريم - (6)
الحلقة (576)
تفسير سورة مريم مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 320الى صــــ 325)

{ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } 64 { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }65


شرح الكلمات:

وما نتنزل: التنزل النزول وقتا بعد وقت.

إلا بأمر ربك: أي إلا بإذنه لنا في النزول على من يشاء.

له ما بين أيدينا: أي مما هو مستقبل عن أمر الآخرة.

وما خلفنا: أي ما مضى من الدنيا.

وما بين ذلك: مما لم يمض من الدنيا إلى يوم القيامة أي له علم ذلك كله.

وما كان ربك نسيا: أي ذا نسيان فإنه تعالى لا ينسى فكيف ينساك ويتركك؟.

رب السماوات والأرض: أي مالكهما والمتصرف فيهما.

واصطبر لعبادته: أي أصبر وتحمل الصبر في عبادته حتى الموت.

هل تعلم له سمياً: أي لا سميَّ له ولا مثل ولا نظير فهو الله أحد، لم يكن له كفواً أحد.

معنى الآيتين:

لنزول هاتين الآيتين سبب وهو ما روى واستفاض أن الوحي تأخر عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي يأتي بالوحي جبريل عليه السلام فلما جاء بعد بطءٍ قال له النبي صلى الله عليه وسلم ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فأنزل الله تعالى قوله: جوابا لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم { 1وَمَا نَتَنَزَّلُ } أي نحن الملائكة وقتا بعد وقت على من يشاء ربنا { إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } أيها الرسول أي إلا بإذنه لنا فليس لأحد منا أن ينزل من سماء إلى سماء أو إلى أرض إلا بإذن ربنا عزوجل، { لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ } أي له أمر وعلم ما بين أيدينا أي ما أمامنا من أمور الآخرة وما خلفنا أي مما مضى من الدنيا علماً وتدبيراً، وما بين ذلك إلى يوم القيامة علماً وتدبيراً، وما كان ربك عز وجل يا رسول الله 2 ناسيا لك ولا تاركا فإنه تعالى لم يكن النسيان وصفاً له فينسى.

وقوله تعالى: { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } يخبر تعالى رسوله بأنه تعالى مالك السماوات والأرض وما بينهما والمتصرف فيهما فكل شيء له وبيده وفي قبضته وعليه { فَٱعْبُدْهُ } أيها الرسول بما أمرك بعبادته به { وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ 3} أي تحمل لها المشاق، فإنه لا إله إلا هو، فـ { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً4 } أي نظيراً أو مثيلاً والجواب لا: إذاً فاعبده وحده وتحمل في سبيل ذلك ما استطعت تحمله. فإنه لا معبود بحق إلا هو إذ كل ما عداه مربوب له خاضع لحكمه وتدبيره فيه.

هداية الآيتين

من هداية الآيتين:


1- تقرير سلطان الله على كل الخلق وعلمه بكل الخلق وقدرته على كل ذلك.

2- استحالة النسيان على الله عزوجل.

3- تقرير ربوبية الله تعالى للعالمين، وبذلك وجبت له الألوهية على سائر العالمين.

4- وجوب عبادة الله تعالى ووجوب الصبر عليها حتى الموت.

5- نفي الشبيه والمثل والنظير لله إذ هو الله أحد لم يكن له كفواً أحد.
__________________________

1 روى البخاري أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لجبريل عليه السلام: "ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزلت: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربك} الآية، وقال مجاهد: أبطأ الملك على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمّ أتاه فقال: ما الذي أبطأك؟ قال: كيف نأتيكم وأنتم لا تقصّون أظفاركم ولا تأخذون من شواربكم ولا تنقون رواجبكم ولا تستاكون. قال مجاهد: فنزلت الآية في هذا والمراد بالمعيب عليهم: بعض المؤمنين لا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحاشاه أن يكون معيباً وهو على أكمل الأحوال.
2 هذا تفسير لقوله تعالى: {وما كان ربك نسيّا} أي: ناسيا إذا شاء أن يرسل إليك أرسل.
3 أي: لطاعته، واللام بمعنى: على أي: على طاعته، ولا تحزن لتأخّر الوحي عنك، وأصل اصطبر: اصتبر فقلبت التاء طاءً تخفيفاً في النطق.
4 ولذا إجماع أهل الإسلام من عهد آدم أنه لا يجوز أن يسمى مخلوق باسم الله عزّ وجل "الله".

*******************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1132  
قديم 04-07-2022, 10:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } 66 { أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } 67 { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً } 68 { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } 69 { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً } 70 { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } 71 { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً }72


شرح الكلمات:

ويقول الإنسان: أي الكافر بلقاء الله تعالى.

ولم يك شيئاً: أي قبل خلقه فلا ذات له ولا اسم ولا صفة.

جثياً: أي جاثمين على ركبهم في ذل وخوف وحزن.

من كل شيعة: أي طائفة تعاونت على الباطل وتشيع بعضها لبعض فيه.

عتياً: أي تكبراً عن عبادته وظلما لعباده.

أولى بها صلياً: أي أحق بها اصطلاء واحتراقاً وتعذيباً في النار.

إلا واردها: أي ماراً بها إن وقع بها هلك، وإن مر ولم يقع نجا.

حتماً مقضياً: أي أمراً قضى به الله تعالى وحكم به وحتَّمه فهو كائن لا بد.

فيها جثياً: أي في النار جاثمين على ركبهم بعضهم إلى بعض.

معنى الآيات:

الآيات في سياق تقرير عقيدة البعث والجزاء يقول تعالى قوله وقوله الحق: { وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ } أي المنكر للبعث والدار الآخرة وقد يكون القائل أُبي بن خلف أو العاص بن وائل وقد يكون غيرهما إذ هذه قولة كل من لا يؤمن بالآخرة يقول: { أَءِذَا 1مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } يقول هذا استنكاراً وتكذبياً قال تعالى: راداً على هذا الإِنسان قولته الكافرة { أَوَلاَ 2يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ } أي المنكر للبعث الآخر { أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن3 قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } أيكذب بالبعث وينكره ولا يذكر خلقنا له من قبل، ولم يك شيئاً.

أليس الذي قدر على خلقه قبل أن يكون شيئاً قادراً على إعادة خلقه مرة أخرى أليست الإِعادة أهون من الخلق الأول والإِيجاد من العدم، ثم يقسم الله تبارك وتعالى لرسوله على أنه معيدهم كما كانوا ويحشرهم جميعا مع شياطينهم الذين يضلونهم ثم يحضرنهم حول جهنم جثيا على ركبهم أذلاء صاغرين. هذا معنى قوله تعالى في الآية [68] { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ4 وَٱلشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً }.

وقوله تعالى: { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } يخبر تعالى بعد حشرهم إلى ساحة فصل القضاء أحياء مع الشياطين الذين كانوا يضلونهم، يحضرهم حول جهنم جثياً، ثم يأخذ تعالى من كل طائفة من تلك الطوائف التي أحضرت حول جهنم وهي جاثية تنتظر حكم الله تعالى فيها أيهم كان أشد على الرحمن عتيا أي تمرداً عن طاعته وتكبراً عن الإِيمان به وبرسوله ووعده ووعيده وهو معنى قوله تعالى في الآية [69] { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } وقوله تعالى: { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً } يخبر تعالى بعلمه بالذين هم أجدر وأحق بالاصطلاء بعذاب النار، وسوف يدخلهم النار قبل غيرهم ثم يدخل باقيهم بعد ذلك وهو معنى قوله عزوجل: { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً }.5

وقوله: { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } ، فإنه يخبر عز وجل عن حكمٍ حكم به وقضاء قضى به وهو أنه ما من واحد منا معشر بني آدم إلا وارد جهنم وبيان ذلك كما جاء في الحديث أن الصراط جسر يمد على ظهر جهنم والناس يمرون فوقه فالمؤمنون يمرون ولا يسقطون في النار والكافرون يمرون فيسقطون في جهنم، وهو معنى قوله في الآية [72] { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ 6} أي ربهم فلم يشركوا به ولم يعصوه بترك واجب ولا بارتكاب محرم { وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ } بالتكبر والكفر وغشيان الكبائر من الذنوب { فِيهَا جِثِيّاً } أي ونترك الظالمين فيها أي جهنم جاثمين على ركبهم يعانون أشد أنواع العذاب.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بالحشر والاحضار حول جهنم والمرور على الصراط.

2- تقرير معتقد الصراط في العبور عليه إلى الجنة.

3- تقديم رؤساء الضلال وأئمة الكفر إلى جهنم قبل الأتباع الضالين.

4- تقرير حتمية المرور على الصراط.

5- بيان نجاة الأتقياء، وهلاك الفاجرين الظالمين بالشرك والمعاصي.
________________________________

1 اللام في: (لسوف) للتأكيد والاستفهام: (أإذا) : للإنكار، واللام: لام الابتداء جاء بها المتكلم لتأكيد إنكاره للبعث بعد الموت والخروج من قبره حيًّا.
2 الاستفهام للإنكار على منكر البعث، والتعجب من عقليته وعمى قلبه من عدم النظر في عدم أصل خلقه فإنه لو أبصر وزالت غفلته لما أنكر البعث فالذي خلقه اليوم يخلقه غداً ولا عجب.
3 قبل كبعد: ملازمة للإضافة فإذا حذف المضاف بنيت على الضم، والمضاف المحذوف هنا تقديره: من قبل كونه شيئاً يذكر في الوجود وقد أوجده الآن ولعدمه غداً ويحييه بعد موته يوم يريد ذلك.
4 الفاء: للتفريع، والضمير في: (لنحشرنهم) عائد على جنس الإنسان المكذّب بالبعث الآخر، والمشرك بالله المصر على ذلك، وذكر حشو الشياطين معهم تحقيراً لشأنهم حيث يحشرون مع أخس الخلق وأحطه ثمّ أشار إلى أنّ شركهم وكفرهم كان بتزيين الشياطين لهم ذلك، والجثي: جمع جاثٍ مثل: قاعد وقعود، فجثي: أصلها جثوي قلبت الواو ياء، وأدغمت، والجاثي هو البارك على ركبتيه عجزاً عن القيام.
5 يقال: صلى يصلى صُليّا كمضى يمضي مُضيا وهوى يهوي هويّا، وصِليّا بكسر الصاد: قراءة حفص، وبضمها: قراءة نافع، وهو مصدر صلي النار كرضي وهو مصدر سماعي بوزن فعول، قلبت فيه الواو ياء وأدغمت في الياء فصار صليَّا كما تقدّم في جثيا.
6 حاول صاحب التحرير أن يردّ مذهب الجمهور في ورود المؤمنين على الصراط كسائر الخلق ثمّ ينجي الله الذين اتقوا حيث يجتازونه بسلام ويقع فيه الكافرون فلا يخرجون وما هناك حاجة إلى ردّ مذهب الجمهور من أئمة الإسلام إذ حديث الصراط والمرور به ثابت قطعيّاً ففي صحيح مسلم: "ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة فيقولون: اللهم سلم سلم قيل: يا رسول الله: وما الجسر؟ قال: دحض مزلّة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك تكون فيها شويكة يقال لها: السعدان، فيمرّ المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناجٍ مسلّم ومخدوش مرسل ومكدوس في نار جهنم، وبهذا الصراط.. فسّر السلف الورود على جهنم، ولم يقولوا بلازم الورود وهو الدخول، إذ قد يَرد المرء على الحوض ويقف على طرفه ولا يدخل فيه وورد وصحّ قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيمن مات له ثلاثة ولد لم يبلغوا الحنث لا تمسه النار إلاّ تحلة القسم" وهو الورود على متن جهنم نظراً إلى الآية {وإن منكم إلاّ واردها} .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1133  
قديم 04-07-2022, 10:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة مريم - (7)
الحلقة (577)
تفسير سورة مريم مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 325الى صــــ 330)
{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } 73 { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً } 74 { قُلْ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَـٰلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً } 75 { وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهْتَدَواْ هُدًى وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً }76


شرح الكلمات:

آياتنا بينات: أي آيات القرآن البينات الدلائل الواضحات الحجج.

خير مقاماً: نحن أم أنتم والمقام المنزل ومحل الإِقامة والمراد هنا المنزلة.

وأحسن ندياً: أي ناديا وهو مجتمع الكرام ومحل المشورة وتبادل الآراء.

أحسن أثاثاً ورئيا: أي مالا ومتاعا ومنظراً.

إما العذاب وإما الساعة: أي بالقتل والأسر وأما الساعة القيامة المشتملة على نار جهنم.

من هو شر مكانا: أي منزلة.

وأضعف جنداً: أي أقل أعواناً.

وخير مرداً: أي ما يرد إليه ويرجع وهو نعيم الجنة.

معنى الآيات:

ما زال السياق في تقرير النبوة والتوحيد والبعث الآخر يقول تعالى { وَإِذَا تُتْلَىٰ1 عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا 2بَيِّنَٰتٍ } أي وإذا قرئت على كفار قريش المنكرين للتوحيد والنبوة المحمدية والبعث والجزاء يوم القيامة إذا قرأ عليهم رسول الله أو أحد المؤمنين من أصحابه بعض الآيات من القرآن البينات في معانيها ودلائلها على التوحيد والنبوة والبعث { قَالَ ٱلَّذِينَ 3كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } ، وقولهم هذا هو رد فعل لا غير، إذ أنهم لما يسمعون الآيات تحمل الوعد للمؤمنين والوعيد للكافرين مثلهم لا يجدون ما يخففون به ألم نفوسهم فيقولون هذا الذي أخبر تعالى به عنهم { أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ } أي فريق المؤمنين أو فريق الكافرين خير مقاماً أي منزلاً ومسكناً وأحسن نديا أي ناديا ومجتمعا يجتمع فيه، لأنهم يقارنون بين منازل فقراء المؤمنين ودار الأرقم بن أبي الأرقم التي يجتمع فيها الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون وبين دور ومنازل أبي سفيان وأغنياء مكة ونادي قريش وهو مجلس شوراهم فرد تعالى عليهم بقوله: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً 4} أي لا ينبغي أن يغرهم هذا الذين يتبجحون به ويتطاولون فإنه لا يدوم لهم ما داموا يحاربون دعوة الحق والقائمين عليها فكم من أهل قرون أهلكناهم لما ظلموا وكانوا أحسن من هؤلاء مالا ومتاعا ومناظر حسنة جميلة.

وقوله تعالى: { قُلْ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَـٰلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً } أي اذكر لهم سنتنا في عبادنا يا رسولنا وهي أن من كان في ضلالة الشرك والظلم والمكابرة والعناد فإن سنة الرحمن فيه أن يمد له بمعنى يمهله ويملي له استدراجا حتى إذا انتهوا إلى ما حدد لهم من زمن يؤخذون فيه بالعذاب جزاء كفرهم وظلمهم وعنادهم وهو إما عذاب دنيوي بالقتل والأسر ونحوهما أو عذاب الآخرة بقيام الساعة حيث يحشرون إلى جهنم عميا وبكما وصما جزاء التعالي والتبجح بالكلام وهو معنى قوله تعالى: { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ 5مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً } أي شر منزلة وأقل ناصراً أهم الكافرون أم المؤمنون، ولكن حين لا ينفع العلم.
إذ التدارك أصبح غير ممكن وإنما هي الحسرة والندامة لا غير.

وقوله تعالى: { وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهْتَدَواْ هُدًى 6} أي إذا كان تلاوة الآيات البينات تحمل المشركين على العناد والمكابرة وذلك لظلمة كفرهم فيزدادون كفراً وعناداً فإن المؤمنين المهتدين يزدادون بها هداية لأنها تحمل لهم الهدى في كل جملة وكلمة منها وهم لإِشراق نفوسهم بالإِيمان يرون ما تحمل الآيات من الدلائل والحجج والبراهين فيزداد إيمانهم وتزداد هدايتهم في السير في طريق السعادة والكمال بأداء الفرائض واجتناب المناهي.

وقوله تعالى: { وَٱلْبَاقِيَاتُ 2ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ } أيها الرسول { ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً } في هذه الآية تسلية للرسول والمؤمنين بأن ما يتبجح به المشركون من المال والمتاع وحسن الحال لا يساوي شيئاً أمام الإِيمان وصالح الأعمال لأن المال فانٍ، والصالحات باقية فثواب الباقيات الصالحات من العبادات والطاعات خير من كل متاع الدنيا وخير مرداً أي مردوداً على صاحبها إذ هو الجنة دار السلام والتكريم والإِنعام.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- الكشف عن نفسيات الكافرين وهي الإِعتزاز بالمال والقوة إذا اعتز المؤمنون بالإِيمان وثمراته في الدنيا والآخرة من حسن العاقبة.

2- بيان سنة الله تعالى في إمهال الظلمة والإملاء لهم استدراجاً لهم حتى يهلكوا خاسرين.

3- بيان سنة الله تعالى في زيادة إيمان الؤمنين عند سماع القرآن الكريم، أو مشاهدة أخذ الله تعالى للظالمين.

4- بيان فضيلة الباقيات الصالحات ومنها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
_________________________________

1 المراد بهم الكفار الذين سبق ذكرهم في الآيات قبل هذه إذا قرئت عليهم الآيات تعزّزوا بالدنيا وقالوا فما بالنا إن كنا على باطل أكثر أموالاً وأعز نفرا وقصدهم إدخال الشبهة على المستضعفين من المؤمنين
2 (بينات) حال مؤكدة.
3 الذين كفروا كالنضر بن الحارث وأبي جهل والمؤمنون هم أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كعمار وبلال وصهيب.
4 الأثاث: متاع البيت من فرش وغيرها مما هو جديد، فإن استعمل قيل فيه:. الخرثى قال الشاعر:
تقادم العهد من أم الوليد بنا
دهراً وصار أثاث البيت خرثياً
الرئي: المنظر الحسن. وفيه قراءات خمس أشهرها قراءة الجمهور ورئيا بالهمزة، وقراءة نافع ريّا بدون همزة واشتقاقه من الرؤية أي: المنظر، ومن الريّ ضد العطش، إذ الريّان هو المنعم ذو الحال الحسنة.
5 في الآية ردّ على قولهم: {أي الفريقين خير مقاماً وأحسن نديا} أي سوف تنكشف الحقائق في يوم القيامة، ويعلمون يقيناً من هو الأفضل حالاً والأحسن مآلاً.
6 وفي الآية وجه آخر مشرق صالح وهو: أن الله تعالى يمدّ لأهل الضلالة في ضلالتهم، ويزيد لأهل الهداية في هدايتهم إذ قال: {من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدًّا} . وقال: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدىً} وما في التفسير صالح ومشرق أيضاً.
7 أي: الأعمال الصالحة التي يعمل العبد إيماناً وإحساناً كالصلاة والصيام والصدقات والجهاد وذكر الله ثوابها لأهلها المدّخر لهم عند الله تعالى خير من أعمال أهل الكفر والشرك والظلم إذ هي ذاهبة هباء منثوراً فيم يتعزّز الكافرون؟

*******************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1134  
قديم 04-07-2022, 10:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } 77 { أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } 78 { كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } 79 { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً }80


شرح الكلمات:

الذي كفر بآياتنا: هو العاص بن وائل.

لأوتين مالاً وولداً: يريد في الآخرة.

أطلع الغيب: أي فعرف أنه يعطى مالاً وولداً يوم القيامة.

كلا: ردع ورد فإنه لم يطلع الغيب ولم يكن له عند الله عهداً.

ونمد له من العذاب مداً: أي نضاعف له العذاب يوم القيامة.

ونرثه ما يقول: أي نسلبه ما تبجح به من المال والولد ويبعث فرداً ليس معه مال ولا ولد.

معنى الآيات:

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم معجباً له { أَفَرَأَيْتَ1 ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا } اي كذب بالوحي وما يدعوا له من التوحيد والبعث والجزاء وترك الشرك والمعاصي. وهو العاص بن وائل المسمى أبو عمرو بن العاص. { وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } قال هذا لخباب بن الأرت حينما طالبه بدين له عليه فأبى أن يعطيه استصغاراً له لأنه قيَّن " حداداً " وقال له لا أعطيكه حتى تكفر بمحمد فقال له خباب والله ما أكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى تموت ثُمَّ تبعث فقال له العاص إذا أنا مِتُّ ثم بُعثت كما تقول ثم جئتني ولي مال وولد قضيتك دينك فأكذبه الله تعالى ورد عليه قوله بقوله عز وجل: { أَطَّلَعَ2 ٱلْغَيْبَ } فعرف أن له يوم القيامة مالاً وولداً. { أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } بذلك بأن سيعطيه مالاً وولداً يوم القيامة { كَلاَّ3 } لم يطلع على الغيب ولم يكن له عند الرحمن عهداً. وقوله تعالى: { سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ } من الكذب والإِفتراء ونحاسبه به ونضاعف له العذاب به العذاب وهو معنى قوله تعالى: { وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } ، وقوله تعالى: { وَنَرِثُهُ 4مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً } أي ونسلبه ما يقول من المال والولد حيث يموت ويترك ذلك أو ينصر رسوله على قومه فيسلبهم المال والولد. ويأتينا في عرصات القيامة للحساب فرداً لا مال معه ولا ولد.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- الكشف عن نفسيات الكافرين لا سيما إذا كانوا أقوياء بمال أو لد أو سلطان فإنهم يعيشون على الغطرسة منه والاستعلاء وتجاهل الفقراء واحتقارهم.

2- تقرير البعث والحساب والجزاء.

3- مضاعفة العذاب على الكافرين الظالمين بعد كفرهم.

4- تقرير معنى آية: إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون.
__________________________________

1 الأئمة ومن بينهم مسلم في صحيحه على أن هذه الآية نزلت في الخباب والعاص بن وائل إذ كان لخباب دَين على العاص فطالبه فأجابه بما خلاصته في التفسير أعلاه.
2 {أطلع الغيب} قال ابن عباس رضي الله عنهما: أنظر في اللوح المحفوظ. وقال مجاهد: أعلِم الغيب حتى يعلم أفي الجنة هو أم لا؟
3 كلا: ردّ عليه أي: لم يكن له ذلك. أي: لم يطلع على الغيب ولم يتخذ عند الرحمن عهداً.
4 وقيل: نحرمه ما تمناه في الآخرة من مال وولد إذ قال: لأوتين مالاً وولداً ورد تعالى عليه قوله بقوله: {اطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهداً} .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1135  
قديم 04-07-2022, 10:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة مريم - (8)
الحلقة (578)
تفسير سورة مريم مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 330الى صــــ 335)

{ وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } 81 { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } 82 { أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } 83 { فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً } 84 { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } 85 { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } 86 { لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً }87


شرح الكلمات:

ليكونوا لهم عزاً: أي منعة لهم وقوة يشفعون لهم عند الله حتى لا يعذبوا.

سيكفرون بعبادتهم: أي يوم القيامة يجحدون أنهم كانوا يعبدونهم.

ضداً1: أي أعداء لهم وأعواناً عليهم.

تؤزهم أزاً: أي تزعجهم إزعاجاً وتحركهم حراكاً شديداً نحو الشهوات والمعاصي.

وفدا: أي راكبين على النُّجُب تحوطهم الملائكة حتى ينتهوا إلى ربهم فيكرمهم.

إلى جهنم ورداً: أي يُساق المجرمون كما تساق البهائم مشاة عطاشاً.

عهداً: هو شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.

معنى الآيات:

يخبر تعالى مندداً المشركين فيقول: { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً } أي معبودات من الأصنام فعبدوها بأنواع من العبادات، { لِّيَكُونُواْ لَهُمْ } - في نظرهم الفاسد - { عِزّاً 2} أي شفعاء لهم عندنا يعزون بواسطتهم ولا يُهانون، { كَلاَّ3 } أي ليس الأمر كما يظنون { سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ } وذلك يوم القيامة حيث ينكرون أنهم أمروهم بعبادتهم، { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } أي خصوماً، ومن4 ذلك قولهم.{ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } [يونس: 28] وقولهم.{ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } [سبأ: 41].

وقوله تعالى في الآية الثانية [83] { أَلَمْ تَرَ5 أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } يقول تعالى لرسوله ألم ينته إلى علمك يا رسولنا أنا أرسلنا الشياطين أي شياطين الجن والإِنس على الكافرين بنا وبآياتنا ورسولنا ولقائنا تؤزهم أزا أي تحركهم بشدة نجو الشهوات والجرائم والمفاسد، وتزعجهم إلى ذلك بالإِغراء إزعاجاً كبيراً. أي فلا تعجب من حال مسارعتهم إلى الشر والفساد ولا تعجل عليهم بمطالبتنا بهلاكهم إنما نعد لهم كل أعمالهم ونحصيها عليهم حتى أنفاسهم على كل ذلك ونجزيهم به. هذا معنى قوله تعالى: { فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً 6}.

وقوله تعالى في الآية [85] { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ } أي أذكر يا رسولنا نحشر المتقين { إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً }. والمتقون هم أهل الإِيمان بالله وطاعته وتوحيده ومحبته وخشيته وطاعة رسوله ومحبته وفداً أي راكبين على النجائب من النوق عليها رِحال الذهب إلى الرحمن إلى جوار الرحمن عز وجل في دار المتقين الجنة دار الأبرار والسلام.

وقوله تعالى: { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً }: أي ونسوق المجرمين على أنفسهم بالشرك والمعاصي مشاة على أرجلهم عطاشاً يُساقون سوق البهائم7 إلى جهنم وبئس الورد المورود جهنم.

وقوله تعالى { لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ8 مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً }9 أخبر تعالى أن المشركين المجرمين على أنفسهم بالشرك والمعاصي فدسوها لا يملكون الشفاعة يوم القيامة لا يشفع بعضهم في بعض كالمتقين ولا يشفع لهم أحد أبداً لكن من اتخذ عند الرحمن عهداً بالإِيمان به وبطاعته بأداء الفرائض وترك المحرمات يملك إن شاء الله الشفاعة بأن يشفعه الله في غيره إكراماً له أو يشفع فيه غيره إكراماً للشافع أيضاً وإنعاما على المشفوع له.
كما أن أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله المتبرئين من حولهم وقوتهم إلى الله الراجين ربهم يمكلون الشفاعة إن دخلوا النار بذنوبهم فيخرجون منها شفاعة من أراد الله أن يشفعه فيهم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- براءة سائر المعبودات من دون الله من عابديها يوم القيامة خزياً لهم وإحقاقاً للعذاب عليهم.

2- لا عجب مما يشاهد من مسارعة الكافرين إلى الشر والفساد والشهوات لوجود شياطين تحركهم بعنف إلى ذلك وتدفعهم إليه.

3- لا ينبغي طلب العذاب العاجل لأهل الظلم لأنهم كلما ازدادوا ظلما ازداد عذابهم شدة يوم القيامة إذ كل شيء محصىً عليهم حتى أنفاسهم محاسبون عليه ومجزيون به.

4- بيان كرامة المتقين، ومهانة المجرمين.
_________________________________

1 الضدّ: ما يخالف ضده في الماهية أو المعاملة، ومن هذا تسمية العدو ضدّ لأن معاملته تخالف معاملة نظيره، ويكون ضدّ في معنى المصدرعاملوه معاملة المصدر فلا يثني ولا يجمع ولا يؤنث.
2 العزّ: ضد الذلّ، وأطلق العزّ هنا وأريد به سببه وهو الشفعاء والأعوان إذ بهم تحصل العزة وتكون المنعة.
3 {كلا} : جائز أن تكون نافية بمعنى: لا وليس وجائز أن تكون بمعنى: حقاً أي: حقاً سيكفرون بعبادتهم.. الخ.
4 أي: فيما أخبر تعالى به في قوله: {وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون} فها هم قد وقفوا ضدّهم بتكذيبهم إياههم. ورأى بعض أهل التفسير أنّ من الجائز أن تكون الآية مبشرة بنصر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأن يوماً سيأتي يكفر المشركون بآلهتهم وذلك بعد إسلامهم.
5 الاستفهام للتقرير وفيه معنى التعجب أي: كيف لم تَرَ ذلك والأمر واضح لوجود آثاره يشاهدها كل أحد. وأرسلنا بمعنى سلطناهم أو خلّيناهم يفعلون بهم ما أرادوا من الإغواء والفتنة.
6 أي: لا تطالب بهلاكهم الفوري فإنا نعدّ لهم الأيام والليالي والشهور والسنين إلى انتهاء آجالهم.
7 يطلق لفظ الورد على الماشية عندما تساق إلى الماء لترده، ويطلق على السير إلى الماء أيضاً كما يطلق على الماء المورود ومنه قوله تعالى: {وبئس الورد المورود} .
8 الاستثناء منقطع، والمنقطع هو: استثناء الشيء من غير جنسه، ولذا يؤتى بعده بلكن كما هو في التفسير أي: لكن من اتخذ عند الرحمن عهداً يشفع.
9 من لهم عهد بالشفاعة حيث عهد الله تعالى إليهم بذلك هم الملائكة والأنبياء والشهداء أيضاً بدليل السنة الصحيحة، وفسّر ابن عباس رضي الله عنهما العهد أيضاً بشهادة أن لا إله إلاّ الله محمد رسول الله والقيام بحقها مع التبرؤ من الحول والقوة لله تعالى.

***********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1136  
قديم 04-07-2022, 10:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



{ وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً } 88 { لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً } 89 { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً } 90 { أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } 91 { وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } 92 { إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً } 83 { لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً } 94 { وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَرْداً }95


شرح الكلمات:

وقالوا اتخذ الرحمن ولداً: أي قال العرب الملائكة بنات الله وقال النصارى عيسى ابن الله.

جئتم شيئاً إداً: أي منكراً عظيماً.

يتفطرن: يتشققن من عظم هذا القول وشدة قبحه.

وتخر الجبال هداً: أي تسقط وتتهدم وتنهدم.

أن دعوا للرحمن ولداً: أي من أجل إدعائهم أن للرحمن عز وجل ولدا.

ولا ينبغي: أي لا يصلح ولا يليق به ذلك لأنه رب كل شيء ومليكه.

إلا آتي الرحمن عبداً: أي خاضعاً منقاداً كائناً من كان.

فرداً: أي ليس معه شيء لا مال ولا سلطان ولا ناصر.

معنى الآيات:

ما زال السياق في ذكر مقولات أهل الشرك والجهل والرد عليها من قبل الحق تبارك وتعالى قال تعالى مخبراً عنهم: { وَقَالُواْ } أي أولئك الكافرون { ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً 1} إذ قالت بعض القبائل العربية الملائكة بنات الله، وقالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله. يقول تعالى لهم بعد أن ذكر قولهم { لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً 2} أي أتيتم بشيء منكر عظيم، { تَكَادُ3 ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } أي يتشققن منه لقبح هذا القول وسوئه، { وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ 4ٱلْجِبَالُ هَدّاً } أي تسقط لعظم هذا القول لأنه مغضب للجبار عز وجل ولولا حلمه ورحمته لمس الكون كله عذاب أليم. وقوله: { أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً5 } أي أن نسبوا للرحمن ولداً، { وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ } أي لا يصلح له ولا يليق بجلاله وكماله الولد، لأن الولد نتيجة شهوة بهيمية عارمة تدفع الذكر إلى إتيان الأنثى فيكون بإذن الله الولد، والله عز وجل منزه عن مشابهته لمخلوقاته وكيف يشبههم وهو خالقهم وموجدهم من العدم؟

وقوله تعالى { إِن كُلُّ 6مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً } هذا برهان على بطلان قولة الكافرين الجاهلين، إذ الذي ما من أحد في السماوات أو في الأرض من ملائكة وإنس وجن إلا آتي الرحمن عبداً خاضعاً ذليلاً منقاداً يوم القيامة كيف يعقل اتخاذه 7ولداً، إذ الولد يطلب للحاجة إليه، والغنى عن كل خلقه ما هي حاجته إلى عبد من عباده يقول هذا ولدي اللهم إنا نبرؤا إليك مما يقوله الجاهلون بك الضالون عن طريق هدايتك.

وقوله تعالى: { لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً } أي علمهم واحداً واحداً فلو كان بينهم إله معه أو ولد له لعلمه، فهذا برهان آخر على بطلان تلك الدعوة الجاهلية الباطلة الفاسدة وقوله: { وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَرْداً } هذا رد على أولئك الذين يدعون أنهم إن بعثوا يكون لهم المال والولد والشفيع والنصير. فأخبر تعالى أنه ما من أحد إلا ويأتيه يوم القيامة فرداً ليس معه شافع ولا ناصر، ولا مال ولا سلطان.

هداية الآيات

من هداية الآيات


1- عظم الكذب على الله بنسبة الولد أو الشريك إليه أو القول عليه بدون علم.

2- بيان أن كل المخلوقات من أجلّها إلى أحقرها ليس فيها غير عبد لله فنسبة الإنسان أو الجان أو الملك إلى الله تعالى هي عبد لرب مالك قاهر عزيز حكيم.

3- بيان إحاطة الله بخلقه ومعرفته لعددهم فلا يغيب عن علمه أحد منهم، ولا يتخلف عن موقف القيامة فرد منهم إذ الكل يأتي الله تعالى يوم القيامة فردا.

____________________________________

1 قرىء: (وُلداً) بضم الواو وسكون اللام، وقراءة الجمهور (ولدا) بفتح الواو واللام وهما لغتان مثل: العُرب والعَرب. والعُجم والعَجم قال الشاعر:
ولقد رأيت معاشرا
قد ثمّروا مالا ووُلداً
وقال آخر:
مهلا فداءً لك الأقوام كلهم
وما أثمر من مال ومن وَلَد
ففي البيت الأول شاهد وُلد بسكون اللام وفي الثاني شاهد لفتحها مع ضم الواو في الأول وفتحا في الثاني.
2 الإد والإدة: الداهية والأمر الفظيع. قال ابن عباس: الإدّ: المنكر العظيم.
(تكاد) بالتاء قراءة العامة، وقرأ نافع بالياء (يكاد) .
4 الهدّ: الهدم بصوت شديد، والهدّة: صوت وقع الحائط ونحوه.
5 روى البخاري عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله: "يقول الله تبارك وتعالى: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك. فأمّا تكذيبه إياي فقوله: ليس يعيدني كما بدأني، وليس أوّل الخلق بأهون عليّ من إعادته. وأمّا شتمه إيّاي: فقوله: اتخذ الله ولداً وأنا الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
6 (إنْ) نافية بمعنى ما. في الآية دليل على عدم جواز ملك الوالد للولد ولا الولد للوالد، وفي الحديث الصحيح: "لا.. ولد والدا إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه". فإذا لم يملك الأب ابنه فلأن لا يملك الابن أباه من باب أولى.
7 روي أحمد في المسند أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله أن يشرك به ويجعل له ولد وهو يعافيهم ويدفع عنهم ويرزقهم" أخرجاه في الصحيحين: وفي لفظ إ "نهم يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1137  
قديم 04-07-2022, 10:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة مريم - (9)
الحلقة (579)
تفسير سورة مريم مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 335الى صــــ 339)

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً } 96 { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } 97 { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً }98

شرح الكلمات:

وداً: أي حبا فيعيشون متحابين فيما بينهم ويحبهم ربهم تعالى.

فإنما يسرناه بلسانك: أي يسرنا القرآن أي قراءته وفهمه بلغتك العربية.

قوماً لداً: أي ألداء شديدوا الخصومة والجدل بالباطل وهم كفار قريش.

وكم أهلكنا: أي كثيراً من أهل القرون من قبلهم أهلكناهم.

هل تحس منهم من أحد: أي هل تجد منهم أحداً.

أو تسمع لهم ركزا: أي صوتا خفياً والجواب لا لأن الاستفهام إنكاري.

معنى الآيات:

يخبر تعالى أن الذين بالله وبرسوله وبوعد الله ووعيده فتخلوا عن الشرك والكفر وعملوا الصالحات وهي أداء الفرائض وكثير من النوافل هؤلاء يخبر تعالى أنه سيجعل لهم في قلوب عباده المؤمنين محبة 1ووداً وقد فعل سبحانه وتعالى فأهل الإِيمان والعمل الصالح متحابون متوادون، وهذا التوادد بينهم ثمرة لحب الله تعالى لهم. وقوله تعالى: { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ } أي هذا القرآن الذي كذب به المشركون سهلنا قراءته عليك إذ أنزلناه بلسانك { لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ } من عبادنا المؤمنين وهم الذين اتقوا عذاب الله بالإِيمان وصالح الأعمال بعد ترك الشرك والمعاصي، { وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً }2 وهم كفار قريش وكانوا ألداء أشداء في الجدل والخصومة، وقوله تعالى: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا 3قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ } أي وكثيراً من أهل القرون السابقة لقومك أهلكناهم لما كذبوا رسلنا وحاربوا دعوتنا { هَلْ تُحِسُّ 4 مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ } فتراه بعينك أو تمسه بيدك، { أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ5 رِكْزاً } أي صوتاً خفياً اللهم لا فهلا يذكر هذا قومك فيتعظوا فيتوبوا إلى ربهم بالإِيمان به وبرسوله ولقائه ويتركوا الشرك والمعاصي.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- أعظم بشرى تحملها الآية الأولى وهي حب الله وأوليائه لمن آمن وعمل صالحاً.

2- بيان كون القرآن ميسراً أن نزل بلغة النبي صلى الله عليه وسلم من أجل البشارة لأهل الإيمان والعمل الصالح والنذارة لأهل الشرك والمعاصي.

3- إنذار العتاة والطغاة من الناس أن يحل بهم ما حل بمن قبلهم من هلاك ودمار والواقع شاهد أين أهل القرون الأولى؟
_______________________________________
1 روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنّ الله تعالى إذا أحبّ عبداً دعا جبريل عليه السلام فقال: إني أحب فلاناً فأحبّه فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء- قال: ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبداً دعا جبريل عليه السلام وقال: إني أبغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه قال: فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء في الأرض".
2 (لُدًَّا) : جمع الألد، وهو: الشديد الخصومة، ومنه قوله تعالى: {ألدّ الخصام} وقال الشاعر:
أبيت نجيا للهموم كأنني
أخاصم أقواما ذوي جدل لدّا
3 في الآية تهديد وتخويف لأهل مكة المصرين على الكفر والشرك والتكذيب. وكم: خبرية، والقرن: الجيل والأمة. ويطلق على الزمان الذي تعيش فيه الأمة وشاع إطلاقه على المائة سنة.
4 والإحساس: الإشراك بالحس. والاستفهام إنكاري.
5 قيل: الرّكز: ما لا يفهم من صوت أو حركة.

***********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1138  
قديم 04-07-2022, 10:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



سورة طه
مكية
وآياتها مائة وخمس وثلاثون آية
بسم الله الرحمن الرحيم


{ طه } 1 { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } 2 { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } 3 { تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى } 4 { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } 5 { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ } 6 { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } 7 { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ }8


شرح الكلمات:

طه: أي يا رجل.

إلا تذكرة: أي يتذكر بالقرآن من يخشى عقاب الله عز وجل.

على العرش استوى: أي ارتفع عليه وعلا.

وما تحت الثرى: الثرى التراب الندي يريد ما هو أسفل الأرضين السبع.

وأخفى: أي من السر، وهو ما علمه الله وقدر وجوده وهو كائن ولكن لم يكن بعد.

الحسنى: الحسنى مؤنث الأحسن المفضل على الحسن.

معنى الآيات:

قوله تعالى { طه }1 لفظ طه جائز أن يكون من الحروف المقطعة، وجائز أن يكون معناه يا رجل 2ورجح الأمر ابن جرير لوجوده في لغة العرب طه بمعنى يا رجل وعلى هذا فمعنى الكلام يا رجل ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى رداً على النضر بن الحارث الذي قال إن محمداً شقي بهذا القرآن الذي أنزل عليه لما فيه من التكاليف فنفى الحق عز وجل ذلك وقال { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } وإنما أنزلناه ليكون3 تذكرة ذكرى يذكر بها من يخشى ربه فيقبل على طاعته متحملاً في سبيل ذلك كل ما قد يلاقي في طريقه من أذى قومه المشركين بالله الكافرين بكتابه والمكذبين لرسوله، وقوله: { تَنزِيلاً 4مِّمَّنْ خَلَقَ ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى } أي هذا القرآن الذي ما أنزلناه لتشقى به ولكن تذكرة لمن يخشى نُزِّل تنزيلاً من الله الذي خلق الأرض والسماوات العلى: { ٱلرَّحْمَـٰنُ5 عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } أي رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما الذي استوى على عرشه استواءً يليق به يدبر أمر مخلوقاته، الذي { لَهُ 6مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ7 } من الأرضين السبع. وقوله { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ } أيها الرسول أو تُسِر { فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى 8} من السر، وهو ما قدره الله وهو واقع في وقته المحدد له فعلمه تعالى ولم يعلمه الإِنسان بعد. وقوله: { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي الله المعبود بحق الذي لا معبود بحق سواه { لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } التي لا تكون إلا له، ولا تكون لغيره من مخلوقاته. وهكذا عرَّف تعالى عباده به ليعرفوه فيخافونه ويحبونه فيؤمنون به ويطيعونه فيكملون على ذلك ويسعدون فلله الحمد وله المنة.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- إبطال نظرية أن التكاليف الشرعية شاقة ومرهقة للعبد.

2- تقرير عقيدة الوحي وإثبات النبوة المحمدية.

3- تقرير الصفات الإِلهية كالاستواء ووجوب الإِيمان بها بدون تأويل أو تعطيل أو تشبيه بل إثباتها على الوجه الذي يليق بصاحبها عز وجل.

4- تقرير ربوبية الله لكل شيء.

5- تقرير التوحيد وإثبات أسماء الله تعالى الحسنى وصفاته العلى.
_________________________________

1 نزلت (طه) قبل إسلام عمر رضي الله عنه لما روي: أنه دخل على بيت ختنه سعيد بن زيد فوجده يقرأها مع زوجه فاطمة بنت الخطاب أخت عمر رضي الله عنهم أجمعين فطلبها فلم يُعطها حتى اغتسل فلمّا قرأها لان قلبه ورق للإسلام.
2 قيل: إن طه بمعنى: يا رجل لغة معروفة في عكل حتى إنك إذا ناديت المرء بيا رجل لم يجبك حتى تقول: طه وأنشد الطبري في هذا قول الشاعر:
دعوت بطه في القتال فلم يجب
فخفت عليه أن يكون مزيلاً
3التذكرة: خطور المنسي بالذهن لأنّ التوحيد مستقر في الفطرة والإشراك مناف لها فسماع القرآن كقراءته يثير كامن التوحيد في فطرة الإنسان.
(تنزيلا) حال من القرآن، المراد منها التنويه بشأن القرآن والإعلان عن خطره.
(الرحمن) يجوز أن تكون خبراً لمبتدأ محذوف أي: هو الرحمن جل جلاله. ويجوز أن تكون مبتدأ واختير اسم الرحمن لأن المشركين ينكرون اسم الرحمن جهلاً منهم وعناداً.
6 تقديم الجار والمجرور: مؤذن بالحصر، وهو كذلك، إذ ليس لأحد ملك السموات والأرض وما فيهما وما بينهما وما تحت الثرى سواه عزّ وجلّ.
7 ما تحت الثرى: هو باطن الأرض كله.
8 وجائز أن يكون أخفى السر: حديث النفس إذ هو أخفى من السر إذ السر ينطق به، وخاطر النفس لا ينطق به.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1139  
قديم 04-07-2022, 10:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة طه - (1)
الحلقة (580)
تفسير سورة طه مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 339الى صــــ 345)

{ وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } 9 { إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى } 10 { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ } 11 { إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } 12 { وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } 13 { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } 14 { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } 15 { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ }16


شرح الكلمات:

هل أتاك: قد أتاك فالاستفهام للتحقيق.

حديث موسى: أي خبره وموسى هو ابن عمران نبي بني إسرائيل.

إذ رأى ناراً: أي حين رؤيته ناراً.

لأهله: زوجته بنت شعيب ومن معها من خادم أو ولد.

آنست ناراً: أي أبصرتها من بعد.

بقبس1: القبس عود في رأسه نار.

على النار هدى: أي ما يهديني الطريق وقد ضل الطريق إلى مصر.

فلما أتاها: أي النار وكانت في شجرة من العوسج ونحوه تتلألؤ نوراً لا ناراً.

نودي يا موسى: أي ناداه ربه قائلاً له يا موسى....!

المقدس طوى2: طوى اسم للوادي المقدس المطهر.

اخترتك: من قومك لحمل رسالتي إلى فرعون وبني إسرائيل.

فاستمع لما يوحى: أي إليك وهو قوله تعالى: { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ }.

لذكري: أي لأجل أن تذكرني فيها.

أكاد أخفيها3: أي أبالغ في إخفائها حتى لا يعلم وقت مجيئها أحد.

بما تسعى: أي سعيها في الخير أو في الشر.

فتردى: أي تهلك.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد ففي نهاية الآية السابقة [8] كان قوله تعالى{ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } تقريراً للتوحيد وإثباتاً له وفي هذه الآية [9] يقرره تعالى عن طريق الإخبار عن موسى، وأن أول ما أوحاه إليه من كلامه كان إخباره بأنه لا إله إلا هو أي لا معبود غيره وأمره بعبادته. فقال تعالى: { وَهَلْ أَتَاكَ 4} أي يا نبينا { حَدِيثُ مُوسَىٰ5 إِذْ رَأَى نَاراً } ، وكان في ليلة مظلمة شاتية وزنده الذي معه لم يقدح له ناراً { فَقَالَ لأَهْلِهِ } أي زوجته ومن معها وقد ضلوا طريقهم لظلمة الليل، { ٱمْكُثُوۤاْ } اي ابقوا هنا فقد آنست ناراً أي أبصرتها { لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ } فنوقد به ناراً تصطلون بها أي تستدفئون بها، { أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى } أي أجد حولها ما يهدينا طريقنا الذي ضللناه.

وقوله تعالى: { فَلَمَّآ أَتَاهَا } أي أتى النار ووصل إليها وكانت شجرة 6تتلألؤ نوراً { نُودِيَ يٰمُوسَىٰ } أي ناداه ربه تعالى قائلاً يا موسى { إِنِّيۤ أَنَاْ7 رَبُّكَ } أي خالقك ورازقك ومدبر أمرك { فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } وذلك من أجل أن يتبرك بملامسة الوادي المقدس بقدميه. وقوله تعالى { وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ } أي لحمل رسالتي إلى من أرسلك إليهم. { فَٱسْتَمِعْ8 لِمَا يُوحَىۤ } أي إليك وهو: { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ } أي أنا الله المعبود بحق ولا معبود بحق غيري وعليه فاعبدني وحدي، { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ 9} ، أي لأجل أن تذكرني فيها وبسببها. فلذا من لم يصل لم يذكر الله تعالى وكان بذلك كافراً لربه تعالى. وقوله { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ 10 } أي إن الساعة التي يقوم فيها الناس أحياء من قبورهم للحساب والجزاء آتية لا محالة.
من أجل مجازاة العباد على أعمالهم وسعيهم طوال أعمارهم من خير وشر، وقوله: { أَكَادُ أُخْفِيهَا } أي أبالغ في إخفائها حتى أكاد أخفيها عن نفسي. وذلك لحكمة أن يعمل الناس ما يعملون وهم لا يدرون متى يموتون ولا متى يبعثون فتكون أعمالهم بإراداتهم لا إكراه عليهم فيها فيكون الجزاء على أعمالهم عادلاً، وقوله: { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ } ينهى تعال موسى أن يَقبل صدَّ صَادٍ من المنكرين للبعث متَّبعي الهوى عن الإِيمان بالبعث والجزاء والتزود بالأعمال الصالحة لذلك اليوم العظيم الذي تجزى فيه كل نفس بما كسبت وهو لا يظلمون، فإن من لا يؤمن بها ولا يتزود لها يردى أي يهلك.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- تقرير النبوة لمحمد صلى الله عليه وسلم.

2- تقرير التوحيد وإثباته، وأن الدعوة إلى لا إله إلا الله دعوة كافة الرسل.

3- إثبات صفة الكلام لله تعالى.

4- مشروعية التبرك بما جعله الله تعالى مباركاً، والتبرك التماس البركة حسب بيان الرسول وتعليمه.

5- وجوب إقام الصلاة وبيان علة ذلك وهو ذكر الله تعالى.

6- بيان الحكمة في إخفاء الساعة مع وجوب اتيانها وحتميته.
___________________________________

1 القبس والمقباس يقال: قبست منه ناراً أقبس قبساً فقبسنى أي: أعطاني منه قبساً بتحريك السين مفتوحة، واقتبست منه علماً لأن العلم نور، من مادة النار التي هي الضياء والإشراق.
2 طوى بالكسر وبالضم أشهر وبه قراءة عامة القراء، وهو اسم للوادي وفي لفظه ما يشير إلى أنه مكان فيه ضيق كالثوب المطوي أو لأن موسى طواه سيراً.
3 لما كانت الساعة مخفية الوقوع أثار قوله تعالى {أكاد أخفيها} تساؤلات كثيرة أقربها إلى الواقع ثلاثة. الأول: إخفاء الحديث عنها لأن الحديث عنها لا يزيد المعاندين من منكري البعث إلاّ عناداً. والثاني: أنّ كاد زائدة والتقدير: أنّ الساعة آتية أخفيها، والثالث: أن أخفيها بمعنى: أزيل خفاءها بأن أظهرها فتكون الهمزة للسلب نحو أعجم الكتاب: أزال عجمته وأشكى زيداً: إذا أزال شكواه.
4 هذا الاستفهام أريد به التشويق لما يلقى لعظيم فائدته، وهل هنا بمعنى قد المفيدة للتحقيق هي كما في قوله: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر} أي قد أتى.
5 الحديث: الخبر، ويجمع على غير قياس: أحاديث، وقيل: واحده أحدوثة واستغنوا به عن جمع فعلاء لأن فعيل يجمع على فعلاء. كرحيم ورحماء وسعيد وسعداء وهو اسم للكلام الذي يحكى به أمر قد حدث في الخارج.
6 قيل: هي شجرة عنّاب.
7 قرأ حمزة وحده، وانَّا اخترناك بضمير العظمة.
8 في هذه الآية إشارة إلى أن التعارف بين المتلاقين حسن فقد عرفه تعالى بنفسه في أوّل لقاء معه، روى أنه وقف على حجر واستند على حجر ووضع يمينه على شماله، وألقى ذقنه على صدره وهذه حالة الاستماع المطلوبة من صاحبها.
9 استدل مالك على أن من نام عن صلاة أو نسيها فإنه يصليها مستدلا بقوله تعالى: {وأقم الصلاة لذكري} أي: لأول وقت ذكرك لها والسنة صريحة في هذا إذ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها فلا كفارة لها إلاّ ذاك"
10 الساعة علم بالغلبة على ساعة البعث والحساب.

********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1140  
قديم 04-07-2022, 10:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } 17 { قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ } 18 { قَالَ أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ } 19 { فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ } 20 { قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلأُولَىٰ } 21 { وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ آيَةً أُخْرَىٰ } 22 { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ } 23 { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ }24

شرح الكلمات:

وما تلك بيمينك يا موسى: الاستفهام للتقرير به ليرتب عليه المعجزة وهي انقلابها حية.

أتوكأ عليها: أي أعتمد عليها.

وأهش بها على غنمي: أخبط بها ورق الشجر فيتساقط فتأكله الغنم.

ولي فيها مآرب أخرى: أي حاجات أخرى كحمل الزاد بتعليقه فيها ثم حمله على عاتقه، وقتل الهوام.

حية تسعى: أي ثعبان عظيم، تمشي على بطنها بسرعة كالثعبان الصغير المسمى بالجان.

سيرتها الأولى: أي إلى حالتها الأولى قبل أن تنقلب حيّة.

إلى جناحك: أي إلى جنبك الأيسر تحت العضد إلى الإِبط.

بيضاء من غير سوء: أي من غير برص تضيء كشعاع الشمس.

إذهب إلى فرعون: أي رسولاً إليه.

إنه طغى: تجاوز الحد في الكفر حتى ادعى الألوهية.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم مع موسى وربه تعالى إذ سأله الرب تعالى وهو أعلم به وبما عنده قائلا: { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ 1}؟ يسأله ليقرر بأن ما بيده عصا من خشب يابسة، فإذا تحولت إلى حية تسعى علم أنها آية له أعطاه إياها ربه ذو القدرة الباهرة ليرسله إلى فرعون وملائه. وأجاب موسى ربه قائلا: { هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا2 وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي } يريد يخبّط بها الشجر اليابس فيتساقط الورق فتأكله الغنم { وَلِيَ فِيهَا3 مَآرِبُ } أي حاجات { أُخْرَىٰ4 } كحمل الزاد والماء يعلقه بها ويضعه على عاتقه كعادة الرعاة وقد يقتل بها الهوام الضارة كالعقرب والحية. فقال له ربه عز وجل { أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ فَأَلْقَاهَا } من يده { فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ 5} أي ثعبان عظيم تمشي على بطنها كالثعبان الصغير المسمى بالجان فخاف موسى منها وولى هارباً فقال له الرب تعالى: { خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى6 } أي نعيدها عصا كما كانت قبل تحولها إلى حية وفعلاً أخذها فإذا هي عصاه التي كانت بيمينه. ثم أمره تعالى بقوله: { وَٱضْمُمْ يَدَكَ } أي اليمنى { إِلَىٰ جَنَاحِكَ7 } الأيسر { تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } أي برص وفعل فضم تحت عضده إلى إبطه ثم استخرجها فإذا هي تتلألؤ كأنها فلقة قمر، أو كأنها الثلج بياضاً أو أشد، وقوله تعالى { آيَةً أُخْرَىٰ } أي آية لك دالة على رسالتك أخرى إذ الأولى هي انقلاب العصا إلى حية تسعى كأنها جان. وقوله تعالى: { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ } أي حولنا لك العصا حية وجعلنا يدك تخرج بيضاء من أجل أن نريك من دلائل قدرتنا وعظيم سلطاننا. وقوله تعالى: { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } لما اراه من عجائب قدرته أمره أن يذهب إلى فرعون رسولاً إليه يأمره بعبادة الله وحده وأن يرسل معه بني إسرائيل ليخرج بهم إلى أرض المعاد بالشام وقوله { إِنَّهُ طَغَىٰ } أي تجاوز قدره، وتعدى حده كبشر إذ أصبح يدعي الربوبية والألوهية إذ فقال:
{ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [النازعات: 24] وقال:{ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } [القصص: 38]، فأي طغيان أكبر من هذا الطغيان.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- تقرير نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إذ مثل هذه الأخبار لا تصح إلا ممن يوحى إليه.

2- استحباب تناول الأشياء غير المستقذرة باليمين.

3- مشروعية حمل العصا8.

4- سنة رعي الغنم للأنبياء.

5- مشروعية التدريب على السلاح قبل استعماله في المعارك.

6- آية موسى في انقلاب العصا حية وخروج اليد البيضاء كأنها الثلج أو شعاع شمس.

7- بيان الطغيان: وهو ادعاء العبد ما ليس له كالألوهية ونحوها.
_____________________________

1 الجملة معطوفة على الجمل قبلها، وهي استفهامية أي: وما التي بيمينك؟ والمقصود تقرير الأمر حتى يقول موسى: هي عصاي.
2 في هذه الآية دليل على جواز إجابة السائل بأكثر مما سأل عنه. وفي الحديث وقد سئل عن ماء البحر فقال: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" فزاد جملة: "الحل ميتته" وقوله للتي سألته قائلة: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر" فزاد "ولك أجر" وفي البخاري: باب من أجاب السائل بأكثر مما سأل.
3 الواحد: مأربة مثلثة الراء.
4 أطنب موسى في الجواب طلبا لمزيد الأنس بالوقوف بين يدي ربّه يناجيه ويوحي إليه.
5 الحية: اسم لصنف من الحنش مسموم إذا عض بنابيه قتل المعضوض.
6 السيرة في الأصل: هيئة السير ونقلت إلى العادة والطبيعة.
7 الجناح: العضد وما تحته من الإبط فهو مع اليد كجناح الطائر.
8 كان خطاء العرب يحملونها في أثناء الخطاب يشيرون بها، وكره هذا الشعوبيون من غير العرب وهم محجوجون بفعل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وللّعصا فوائد كثيرة آخر فوائدها أنها تذكر بالسفر إلى الآخرة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 229.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 223.33 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (2.55%)]