|
|||||||
| هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#11
|
||||
|
||||
![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء التاسع تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ الحلقة (506) صــ 171 إلى صــ 185 القول في تأويل قوله ( ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ) قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : ولا تهنوا ولا تضعفوا . من قولهم : "وهن فلان في هذا الأمر يهن وهنا ووهونا" . وقوله : " في ابتغاء القوم " ، يعني : في التماس القوم وطلبهم ، و "القوم" [ ص: 171 ] هم أعداء الله وأعداء المؤمنين من أهل الشرك بالله " إن تكونوا تألمون " ، يقول : إن تكونوا أيها المؤمنون تيجعون مما ينالكم من الجراح منهم في الدنيا ، " فإنهم يألمون كما تألمون " ، يقول : فإن المشركين ييجعون مما ينالهم منكم من الجراح والأذى مثل ما تيجعون أنتم من جراحهم وأذاهم فيها وترجون أنتم أيها المؤمنون من الله من الثواب على ما ينالكم منهم " ما لا يرجون " هم على ما ينالهم منكم . يقول : فأنتم إذ كنتم موقنين من ثواب الله لكم على ما يصيبكم منهم ، بما هم به مكذبون ، أولى وأحرى أن تصبروا على حربهم وقتالهم ، منهم على قتالكم وحربكم ، وأن تجدوا من طلبهم وابتغائهم ، لقتالهم على ما يهنون فيه ولا يجدون ، فكيف على ما جدوا فيه ولم يهنوا؟ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 10400 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون " ، يقول : لا تضعفوا في طلب القوم ، فإنكم إن تكونوا تيجعون ، فإنهم ييجعون كما تيجعون ، وترجون من الله من الأجر والثواب ما لا يرجون . [ ص: 172 ] 10401 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون " ، قال يقول : لا تضعفوا في طلب القوم ، فإن تكونوا تيجعون الجراحات ، فإنهم ييجعون كما تيجعون . 10402 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " ولا تهنوا في ابتغاء القوم " ، لا تضعفوا . 10403 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : " ولا تهنوا " ، يقول : لا تضعفوا . 10404 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " ولا تهنوا في ابتغاء القوم " ، قال يقول : لا تضعفوا عن ابتغائهم إن تكونوا تألمون القتال " فإنهم يألمون كما تألمون " . وهذا قبل أن تصيبهم الجراح - إن كنتم تكرهون القتال فتألمونه - " فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون " ، يقول : فلا تضعفوا في ابتغائهم بمكان القتال . 10405 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " إن تكونوا تألمون " ، توجعون . 10406 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج " إن تكونوا تألمون " ، قال : توجعون لما يصيبكم منهم ، فإنهم يوجعون [ ص: 173 ] كما توجعون ، وترجون أنتم من الثواب فيما يصيبكم ما لا يرجون . 10407 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا حفص بن عمر قال : حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما كان قتال أحد ، وأصاب المسلمين ما أصاب ، صعد النبي صلى الله عليه وسلم الجبل ، فجاء أبو سفيان فقال : "يا محمد ، ألا تخرج؟ ألا تخرج؟ الحرب سجال ، يوم لنا ويوم لكم" . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : أجيبوه . فقالوا : "لا سواء ، لا سواء ، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار" . فقال أبو سفيان : "عزى لنا ولا عزى لكم" ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا له : "الله مولانا ولا مولى لكم" . قال أبو سفيان : "اعل هبل ، اعل هبل"! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا له : "الله أعلى وأجل"! فقال أبو سفيان : "موعدنا وموعدكم بدر الصغرى" ، ونام المسلمون وبهم الكلوم وقال عكرمة : وفيها أنزلت : ( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس ) [ سورة آل عمران : 140 ] ، وفيهم أنزلت : " إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما " . 10408 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : أخبرنا يزيد قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك في قوله : " إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون " ، [ ص: 174 ] قال : ييجعون كما تيجعون . وقد ذكر عن بعضهم أنه كان يتأول قوله : " وترجون من الله ما لا يرجون " ، وتخافون من الله ما لا يخافون ، من قول الله : ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ) [ سورة الجاثية : 14 ] ، بمعنى : لا يخافون أيام الله . وغير معروف صرف "الرجاء" إلى معنى "الخوف" في كلام العرب ، إلا مع جحد سابق له ، كما قال جل ثناؤه : ( ما لكم لا ترجون لله وقارا ) [ سورة نوح : 13 ] ، بمعنى : لا تخافون لله عظمة ، وكما قال الشاعر : لا ترتجي حين تلاقي الذائدا أسبعة لاقت معا أم واحدا وكما قال أبو ذؤيب الهذلي : إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وخالفها في بيت نوب عوامل [ ص: 175 ] وهي فيما بلغنا - لغة لأهل الحجاز يقولونها ، بمعنى : ما أبالي ، وما أحفل . القول في تأويل قوله ( وكان الله عليما حكيما ( 104 ) ) يعني بذلك جل ثناؤه : ولم يزل الله "عليما" بمصالح خلقه "حكيما" ، في تدبيره وتقديره . ومن علمه ، أيها المؤمنون ، بمصالحكم عرفكم - عند حضور صلاتكم وواجب فرض الله عليكم ، وأنتم مواقفو عدوكم - ما يكون به وصولكم إلى أداء فرض الله عليكم ، والسلامة من عدوكم . ومن حكمته بصركم ما فيه تأييدكم وتوهين كيد عدوكم . القول في تأويل قوله ( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما ( 105 ) ) ( واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما ( 106 ) ) قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله " إنا أنزلنا إليك يا محمد الكتاب يعني : القرآن لتحكم بين الناس لتقضي بين الناس فتفصل بينهم بما أراك الله [ ص: 176 ] يعني : بما أنزل الله إليك من كتابه ولا تكن للخائنين خصيما يقول : ولا تكن لمن خان مسلما أو معاهدا في نفسه أو ماله خصيما تخاصم عنه ، وتدفع عنه من طالبه بحقه الذي خانه فيه واستغفر الله يا محمد ، وسله أن يصفح لك عن عقوبة ذنبك في مخاصمتك عن الخائن من خان مالا لغيره إن الله كان غفورا رحيما يقول : إن الله لم يزل يصفح عن ذنوب عباده المؤمنين ، بتركه عقوبتهم عليها إذا استغفروه منها رحيما بهم . فافعل ذلك أنت ، يا محمد ، يغفر الله لك ما سلف من خصومتك عن هذا الخائن . وقد قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن خاصم عن الخائن ، ولكنه هم بذلك ، فأمره الله بالاستغفار مما هم به من ذلك . وذكر أن الخائنين الذين عاتب الله جل ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم في خصومته عنهم : بنو أبيرق . واختلف أهل التأويل في خيانته التي كانت منه ، فوصفه الله بها . فقال بعضهم : كانت سرقة سرقها . ذكر من قال ذلك : 10409 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله " إلى قوله : " ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله " ، فيما بين ذلك ، في ابن أبيرق ، ودرعه من حديد ، من يهود ، التي سرق ، [ ص: 177 ] وقال أصحابه من المؤمنين للنبي : "اعذره في الناس بلسانك" ، ورموا بالدرع رجلا من يهود بريئا . 10410 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد نحوه . 10411 - حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم الحراني قال : حدثنا محمد بن سلمة قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أبيه ، عن جده قتادة بن النعمان قال : كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق : بشر وبشير ، ومبشر ، وكان بشير رجلا منافقا ، وكان يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ينحله إلى بعض العرب ، ثم يقول : "قال فلان كذا" ، و "قال فلان كذا" ، فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا : والله ما يقول هذا الشعر إلا الخبيث! فقال : أوكلما قال الرجال قصيدة أضموا وقالوا : ابن الأبيرق قالها! قال : وكانوا أهل بيت فاقة وحاجة في الجاهلية والإسلام ، وكان الناس [ ص: 178 ] إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير ، وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشأم بالدرمك ، ابتاع الرجل منها فخص به نفسه . فأما العيال ، فإنما طعامهم التمر والشعير . فقدمت ضافطة منالشأم ، فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملا من الدرمك ، فجعله في مشربة له ، وفي المشربة سلاح له : درعان وسيفاهما وما يصلحهما . فعدي عليه من تحت الليل ، فنقبت المشربة ، وأخذ الطعام والسلاح . فلما أصبح ، أتاني عمي رفاعة فقال : يا ابن أخي ، تعلم أنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه ، فنقبت مشربتنا ، فذهب بسلاحنا وطعامنا! قال : فتحسسنا في الدار ، وسألنا ، فقيل لنا : قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة ، ولا نرى فيما نراه إلا على بعض طعامكم . قال : وقد كان بنو أبيرق قالوا ونحن نسأل في الدار : والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل ! رجلا منا له صلاح وإسلام . فلما سمع بذلك لبيد ، اخترط سيفه ثم أتى بني أبيرق فقال : والله ليخالطنكم هذا السيف ، أو لتبينن هذه [ ص: 179 ] السرقة . قالوا : إليك عنا أيها الرجل ، فوالله ما أنت بصاحبها! فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها ، فقال عمي : يا ابن أخي ، لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له! قال قتادة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقلت : يا رسول الله ، إن أهل بيت منا أهل جفاء ، عمدوا إلى عمي رفاعة فنقبوا مشربة له ، وأخذوا سلاحه وطعامه ، فليردوا علينا سلاحنا ، فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنظر في ذلك . فلما سمع بذلك بنو أبيرق ، أتوا رجلا منهم يقال له : " أسير بن عروة " ، فكلموه في ذلك . واجتمع إليه ناس من أهل الدار ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إن قتادة بن النعمان وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت . قال قتادة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته ، فقال : عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ، ترميهم بالسرقة على غير بينة ولا ثبت!! قال : فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك . فأتيت عمي رفاعة ، فقال : يا ابن أخي ، ما صنعت؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : الله المستعان! فلم نلبث أن نزل القرآن : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما " ، يعني : بني أبيرق واستغفر الله أي : مما قلت لقتادة " إن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم " [ ص: 180 ] أي : بني أبيرق إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس إلى قوله : " ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " ، أي : إنهم إن يستغفروا الله يغفر لهم " ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " ، قولهم للبيد " ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك " ، يعني : أسيرا وأصحابه" وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة " إلى قوله : " فسوف نؤتيه أجرا عظيما " . فلما نزل القرآن ، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة . قال قتادة : فلما أتيت عمي بالسلاح ، وكان شيخا قد عسا في الجاهلية ، وكنت أرى إسلامه مدخولا فلما أتيته بالسلاح قال : يا ابن أخي ، هو في سبيل الله . قال : فعرفت أن إسلامه كان صحيحا . فلما نزل القرآن ، لحق بشير بالمشركين ، فنزل على سلافة ابنة سعد بن شهيد ، فأنزل الله فيه : [ ص: 181 ] ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين ) إلى قوله : ( ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ) . فلما نزل على سلافة ، رماها حسان بن ثابت بأبيات من شعر ، فأخذت رحله فوضعته على رأسها ، ثم خرجت فرمت به في الأبطح ، ثم قالت : أهديت إلي شعر حسان ! ما كنت تأتيني بخير ! [ ص: 182 ] 10412 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله " ، يقول : بما أنزل الله عليك وبين لك " ولا تكن للخائنين خصيما " ، فقرأ إلى قوله : " إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما " . ذكر لنا أن هؤلاء الآيات أنزلت في شأن طعمة بن أبيرق ، وفيما هم به نبي الله صلى الله عليه وسلم من عذره ، وبين الله شأن طعمة بن أبيرق ، ووعظ نبيه وحذره أن يكون للخائنين خصيما . وكان طعمة بن أبيرق رجلا من الأنصار ، ثم أحد بني ظفر ، سرق درعا لعمه كانت وديعة عنده ، ثم قذفها على يهودي كان يغشاهم ، يقال له : " زيد بن السمين " . فجاء اليهودي إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم يهنف ، فلما رأى ذلك قومه بنو ظفر ، جاءوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليعذروا صاحبهم ، [ ص: 183 ] وكان نبي الله عليه السلام قد هم بعذره ، حتى أنزل الله في شأنه ما أنزل ، فقال : " ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم " إلى قوله : " ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة " ، يعني بذلك قومه " ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " ، وكان طعمة قذف بها بريئا . فلما بين الله شأن طعمة ، نافق ولحق بالمشركين بمكة ، فأنزل الله في شأنه : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) . 10413 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما " ، وذلك أن نفرا من الأنصار غزوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته ، فسرقت درع لأحدهم ، فأظن بها رجلا من الأنصار ، فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن طعمة بن أبيرق سرق درعي . فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما رأى السارق ذلك ، عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء ، وقال لنفر من عشيرته : إني قد غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان ، وستوجد عنده . فانطلقوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليلا فقالوا : يا نبي الله ، إن صاحبنا بريء ، وإن سارق الدرع فلان ، وقد أحطنا بذلك علما ، فاعذر صاحبنا على رءوس الناس وجادل عنه ، فإنه إلا يعصمه الله بك يهلك! فقام رسول الله صلى الله [ ص: 184 ] عليه وسلم فبرأه وعذره على رءوس الناس ، فأنزل الله : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما " ، يقول : احكم بينهم بما أنزل الله إليك في الكتاب واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم الآية . ثم قال للذين أتوا رسول الله عليه السلام ليلا" يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله " إلى قوله : " أم من يكون عليهم وكيلا " ، يعني : الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائن ثم قال : " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب ثم قال : " ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " ، يعني السارق والذين يجادلون عن السارق . 10414 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله " الآية ، قال : كان رجل سرق درعا من حديد في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وطرحه على يهودي ، فقال اليهودي : والله ما سرقتها يا أبا القاسم ، ولكن طرحت علي! وكان للرجل الذي سرق جيران يبرئونه ويطرحونه على اليهودي ويقولون : يا رسول الله ، إن هذا اليهودي الخبيث يكفر بالله وبما جئت به! قال : حتى مال عليه النبي صلى الله عليه وسلم ببعض القول ، فعاتبه الله عز وجل في ذلك فقال : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله " بما قلت لهذا اليهودي إن الله كان غفورا رحيما ثم أقبل على جيرانه فقال : " ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا " فقرأ حتى بلغ " أم من يكون عليهم وكيلا " . قال : ثم عرض التوبة فقال : [ ص: 185 ] " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه " ، فما أدخلكم أنتم أيها الناس ، على خطيئة هذا تكلمون دونه " وكان الله عليما حكيما ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا " ، وإن كان مشركا " فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " ، فقرأ حتى بلغ : " لا خير في كثير من نجواهم " ، فقرأ حتى بلغ : " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى " . قال : أبى أن يقبل التوبة التي عرض الله له ، وخرج إلى المشركين بمكة فنقب بيتا يسرقه ، فهدمه الله عليه فقتله . فذلك قول الله تبارك وتعالى " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى " ، فقرأ حتى بلغ وساءت مصيرا ويقال : هو طعمة بن أبيرق ، وكان نازلا في بني ظفر . وقال آخرون : بل الخيانة التي وصف الله بها من وصفه بقوله : " ولا تكن للخائنين خصيما " ، جحوده وديعة كان أودعها . ذكر من قال ذلك : ![]()
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 34 ( الأعضاء 0 والزوار 34) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |