مفاهيم غائبة عن حياتنا الأسرية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4593 - عددالزوار : 1301425 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4138 - عددالزوار : 828212 )           »          جرائم الرافضة.. في الحرمين على مر العصور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 114 )           »          المستشارة فاطمة عبد الرؤوف: العلاقات الأسرية خير معين للأبناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 112 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13156 - عددالزوار : 348674 )           »          الحياة الإيمانية والحياة المادية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 174 )           »          وَتِلْكَ عَادٌ... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 303 )           »          معركة شذونة.. وادي لكة.. وادي برباط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 309 )           »          أخــــــــــلاق إسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 841 )           »          إضاءات سلفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 2902 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-08-2024, 03:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,282
الدولة : Egypt
افتراضي مفاهيم غائبة عن حياتنا الأسرية

مفاهيم غائبة عن حياتنا الأسرية(1) «الـــتــفــــــاهــــم والــحــــــــوار»





التفاهم: هو أن يفهم القوم بعضهم بعضا، والحوار: هو نوع من الحديث بين شخصين يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة ما
احرص على الاحترام المتبادل، وتجنب الاحتداد وعلو الصوت، وألا يكون جدالاً يثير الكراهية والعداوة
الأسرة هي المؤسسة الأولى والأساسية من بين المؤسسات الاجتماعية المتعددة المسؤولة عن إعداد الطفل ليكون عنصراً صالحاً فعّالاً في المجتمع، ولكن لا تخلو أي أسرة من وجود مشكلات عديدة لسبب أو لآخر وبدرجات متفاوتة، وقد تؤدي هذه المشكلات إلى تفكك الأسرة وانفراط عقدها، ولكن إذا تم تشخيص الداء سهل وصف الدواء؛ لذا كان لابد من التعرض لبعض المفاهيم التي غابت عن حياتنا الأسرية التي على أساسها تبنى العلاقات السوية وتستمر، ونتناول ذلك في سلسلة أسبوعية نحاول من خلالها تسليط الضوء باختصار على كل مفهوم لعله يكون طوق نجاة لكثير من الأسر التي غابت عنها هذه المفاهيم، ونبدأ بأهم هذه المفاهيم وهو ( التفاهم والحوار).

(التفاهم والحوار)، هما لغة الإسلام، والقرآن الكريم هو دستور المسلمين ومصدر عقيدتهم وشريعتهم وقد اتخذ التفاهم والحوار منهج ليعلمنا استعماله في جميع مجالات حياتنا من أجل الوصول لقناعة عقلية وارتياح نفسي واطمئنان وجداني لكي نعيش في إخاء وتواصل وأمن وأمان وحب وسلام، ويجب علينا اتباعه عند بحث القضايا والمشكلات، فهو قائم على لغة هادفة تلون الحياة بطعم مميز، فالتفاهم والحوار هما أساس في عملية التواصل الإنساني، ونجاح واستمرار أي علاقات، وانعدامهما سبب رئيس لسريان الملل، وتفاقم المشكلات، وضياع الأبناء وبحثهم عن ملجأ آخر غير الأسرة لإشباع احتياجاتهم، فإن تنشئتهم في جو يفتقد الحوار الإيجابي والتفاهم يؤدي إلى ظهور أجيال تستمر في ممارسة التسلط وفرض الرأي وعدم احترام الآخر، ولكن أحياناً وللأسف حتى مع وجود الحوار فإن الرجل يفرضه على زوجته، وهما معاً يفرضانه على أبنائهم ويقرران النتائج كما يريدانها وكما يتصورانها وما على الابن إلا أن يصغي ويبارك وإلا فإنه سيوصم بالتمرد وعدم الطاعة.

أصل مفهوم التفاهم والحوار

التفاهم: هو أن يفهم القوم بعضهم بعضا، والحوار: هو نوع من الحديث بين شخصين يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة ما، فلا يستأثر به أحدهما دون الآخر ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب، ومما لا شك فيه أن كل واحد من المتحاورين لا يقتصر على عرض الأفكار القديمة التي يؤمن بها؛ وإنما يقوم بتوليد الأفكار في ذهنه، ويعتمد على توضيح المعاني المتولدة من خلال عرض الفكرة وتقديمها بأسلوب علمي مقـنع للآخر؛ بحيث يظل العقل واعياً طوال فترة المحاورة ليستطيع إصدار الحكم عليها، سلباً أو إيجابا؛ً فهو ليس أداة تعبير لغوي فقط، بل الحوار هو أداة التعبير الذاتي.

التفاهم والحوار في القرآن الكريم

هذا المفهوم يتسم باتساع دائرته وتعدد قضاياه في القرآن الكريم، فنحن بحاجة إلى الحوار ليفهم بعضنا بعضاً فنتحاور مع أبنائنا لنعظهم ونذكرهم بالله سبحانه وتعالى كما ورد لسان لقمان عليه السلام: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان:13)، وإبراهيم عليه السلام وحواره مع أبنائه عندما وصّاهم بالتمسك بالدين في قوله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (البقرة:132) ويظهر في لهجته مع أبنائه من تحبب وتقرب يدلان على أدب رفيع في الحوار مع الآخرين؛ فالإنسان يحـب أن يعبر عما بداخله وينتظـر من غـيره الإنصـات لـه.

التفاهم والحوار في السنة والنبوية

عن أبي أمامه أن فتى شابا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا (مه، مه) فقال: ادن، فدنا منه قريبا. قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: والناس لا يحبونه لأخواتهم. قال: أتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال: أتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه وقال: «اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وأحصن فرجه»، فلم يكن الفتى بعد ذلك يلتفت إلى شيء (رواه أحمد)، نلاحظ أنالرسولصلى الله عليه وسلم ، لم يستخدم أسلوب اللوم أو العقاب، وإنما استخدم أسلوب الحوار والمناقشة، وطرح الأسئلة، ليدع المجال للأخر للتفكير في أمره، ولاحظوا معي هذه النقاط بالنسبة لهذا الموقف: المجالسة، الرفق، الاحتواء، الحوار، السؤال، الاستماع، الاختيار، الذات، القناعة، الحوافز، الدعاء، واللمسة الأبوية وهذه هي أصول الحوار وقواعده. فالحوار هو غذاء عقول يقبل الناس عليه إقبالهم على غذاء البطون لذلك فإن الأب الذكي هو الذي يختبر اهتمام زوجته أو ابنه بحديثه قبـل التوغـل في حوار معهم، ويحاول استثارة اهتمامهم بموضوع الحوار، فإن وجد منهم أذنًا صاغية واصل الحوار، وإلا كفّ عنه، إلا أن يكون واجبًا شرعيًا لابد من إبلاغهم به. فبراعته تكمن في جعل كلماته صُوَرًا تتدفق أمام ناظري الطرف الآخر، مبتعدًا عن الرمزية والغموض، باحثًا عن الكلمات والعبارات التي تسمع وترى في آن واحد؛ فالحوار ليس مطلوبا لذاته كما هو الشأن في الخطاب المعاصر وإنما المراد هو الوصول إلى نقاط ارتكاز مشتركة بين الأسرة تؤسس لتفاهم أكبر على المستوى الحيـاتي والنشاط الإنسـاني، وبدء الحوار بالسؤال يعطي المسؤول الفرصة حتى يعبر عما في نفسه، ولا يبدأ بالهجوم قبل أن يعرف ما عند الطرف الآخر، فمعظم الناس لا يسمعون بعضهم بعضا سماعا كافيا؛ لهذا ينشأ الخلاف بينهم.

أسس الحوار الناجح

وهناك بعض الخطوات التي ترسم لنا آفاق المستقبل الناجح وتظلل حياتنا العملية وبيوتنا بأجواء التفاهم والحوار بعيداً عن القلق والاضطراب ومخاوف الهزيمة والفشل وهي:

- إعطاء الظروف النفسية وزنها، فالإرهاق، والجوع، ودرجة الحرارة، وضيق المكان قد تؤثر على الحوار سلباً فتبتره.

- لا تستأثر بالحديث، كن مستمعا بارعا، أحسن الاستماع، لا تقاطع من تحاور حتى لو كنت على حق؛ بل شجعه على الحديث كي يقابلك بالمثل.

- احرص على الاحترام المتبادل، وتجنب الاحتداد وعلو الصوت، وألا يكون جدالاً يثير الكراهية والعداوة، وأن يكون فرصة لطرح الآراء ومناقشتها وأن يتم تقبل الآخر وتجنب اتباع أسلوب الاستهزاء، وكذلك عدم التسرع في إصدار الأحكام.

- تجنب عرض نقاط الاختلاف عند البدء بالحوار لأنه يوقف الحوار من أوله أو يحوّله إلى منحنى التحدي، وتكون نصرة الذات لا بلوغ الحق هي الهم الأوحد.

- اعترف بالخطأ، ومن ذا الذي لا يخطئ؟ قال الرسولصلى الله عليه وسلم «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» (صححه الحاكم)، فحري بنا أن نبدأ بتطبيق فنون الحوار لتتحول حِواراتنا الأسرية إلى حِوارات إيجابية نافعة مثمرة.



اعداد: إيمان الوكيل



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21-08-2024, 03:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,282
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مفاهيم غائبة عن حياتنا الأسرية

مفاهيم غائبة عن حياتنا الأسرية(2) التـــضحــيـــة والإيــثــــــار


التضحية الممزوجة بالبر تتجلى في أسمى معانيها عندما سلَّم إسماعيل عليه السلام رقبته لأبيه ولم يخف لحظة وهو يقترب من الموت

البيوت السعيدة المتماسكة التي ظهرت فيها روح التضحية والإيثار عند ارتفاع أذان الفجر يتحول البيت كله إلى خلية نحل نشيطة
الأسرة هي المؤسسة الأولى المسؤولة عن إعداد الطفل ليكون عنصراً صالحاً فعّالاً في المجتمع، ولكن لا تخلو أي أسرة من وجود مشكلات عديدة لسبب أو لآخر وبدرجات متفاوتة، وقد تؤدي هذه المشكلات إلي تفكك الأسرة وانفراط عقدها، ولكن إذا تم تشخيص الداء سهل وصف الدواء؛ لذا كان لابد من التعرض لبعض المفاهيم التي غابت عن حياتنا الأسرية التي على أساسها تبنى العلاقات السوية وتستمر، ونتناول ذلك في سلسلة أسبوعية نحاول من خلالها تسليط الضوء باختصار على كل مفهوم لعله يكون طوق نجاة لكثير من الأسر التي غابت عنها هذه المفاهيم ، ونتناول اليوم المفهوم الثاني من هذه المفاهيم وهو (التضحية والإيثار) .

التضحية المتبادلة بين الزوجين ركن مهم من أركان السعادة الزوجية؛ ذلك لأن الحياة الزوجية بمعناها الحقيقي حياة عطاء، حياة قوامها واجبات على كل طرف من الأطراف قبل أن تكون حقوقًا لكل من الزوجين، ومن ذلك كان لزامًا على كل من الزوجين أن يتنازل طوعًا عن كل ما كان ينعم به من حرية شخصية ومن استقلال قبل الزواج، وعلى كل منهما أن يضحي عن طيب خاطر، وأن يكون شعار الحياة الزوجية التضحية المشتركة، فلا يشعر أحد الزوجين بأنه يضحي في حين أن الآخر يضن بالتضحية، ومن لم يكن لديه القدرة على التضحية، فعليه أن ينتحي ناحية من الجبل وينعزل عن الناس، وأن لا يطرق باب الزواج.

ولكي يتمكن الزوجان من الظفر بحياة زوجية سعيدة وهنيئة عليهما أن يتسما سويا بالتضحية؛ لأن التضحية تعد من بين أهم أسرار نجاح العلاقة الزوجية، سواء تعلق الأمر بالمرأة أو بالرجل، فنجاح العلاقة الزوجية يعود بالأساس إلى تضحية أحد الطرفين، حتى تستطيع السفينة أن ترسي على بر الأمان، وعلى الزوجين أن يتفقا على أنه لنجاح العلاقة الزوجية لابد من تواجد التضحية والتنازل في أحيان كثيرة، والتغافل في الكثير من الأحيان؛ لأن التفكير والتركيز والتدقيق في الأمور أو المشكلات الصغيرة يعد من بين الأشياء التي تلحق الضرر الكبير بالعلاقة الزوجية؛ كونها مشكلات لا تخدم البتة الزوجين.

التضحية في القرآن والسنة

أمثلة كثيرة، ونماذج رائعة ذكرها لنا القرآن الكريم لا يمكن أن تتكرر بحال من الأحوال في تاريخ البشرية إلا أن يشاء الله؛ لأنها نماذج ربانية رباها الله وصنعها على عينه.

أسرة نبوية تربت على التضحية

بيت نبوي، وأسرة ربانية تربت على التضحية فهذه هاجر الأم والزوجة لم تتردد رضي الله عنها في البقاء وحدها وفي رقبتها رضيع في صحراء مقفرة لا تعرف ما يحمل لها الغد، ولكنها توقن بمن يملك اليوم والغد فتقولها صادقة لزوجها إبراهيم عليه السلام بعد أن قال لها: إن الله هو الذي أمر بهذا، إذن لن يضيعنا وانصرف إبراهيم عليه السلام عنهم وهو يدعو ربه: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ ۗ وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِن شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ}، (إبراهيم : 37، 38) .

وهذه التضحية الممزوجة بالبر تتجلى في أسمى معانيها عندما سلَّم إسماعيل عليه السلام رقبته لأبيه ولم يخف لحظة وهو يقترب من الموت، وتدنو منه سكين أبيه الذي اعتصر هو أيضاً مشاعر أبوته وضحى بها انصياعاً لأمر الله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} (الصافات : 102).

ولم يخلُ تاريخ النساء العظيم من روائــع بالتضحية والإيثار، فقد ضحت أم سلمة بشمل الأسرة ، وتحملت فراق الزوج والولد في سبيل الـهـــجـرة إلى الله تعالى.

ولا يـخفى جهد أسماء وعناؤها أثناء الهجــرة وتضحيتها بابنها عبد الله بن الزبير في سبيل نصرة الحق .

أسس التضحية

التضحية علاقة مشتركة بين الطرفين فلابد أن تكون من كلا الطرفين حتى لا تتسمى بالتضحية الغبية، ولابد أن تكون مقترنة بهدف سامٍ، وأن يتخللها شيء من الصبر والحكمة والعقل، وغالبًا إذا اقتصرت التضحية على طرف واحد تكون النتيجة سلبية؛ حيث تعود الشخص الذي يُضحَّى من أجله على الأنانية، فهناك أمور وحقوق أساسية للمرأة لا يمكن التنازل عنها، وكذلك الرجل، فلابد من التوازن بين الطرفين وعلى كل طرف أن يعرف حقوقه وواجباته ليؤديها على أكمل وجه دون انتقاص من حق الشريك.

أثر التضحية والإيثار في استقرار الأسرة وسعادتها

نجاح الحياة الزوجية يبنى على مقدار فهم كل طرف من أطراف هذه العلاقة للشريك الآخر، وعلى مقدار نجاح كلا الطرفين في تقديم التنازلات، وبذل التضحيات على كافة الأصعدة الجسديَّة والعقلية والعاطفية والنفسية والاجتماعية يكون قدر هذا النجاح، إلا أن بذل أحد الطرفين لهذه التضحيات والتنازلات بمعزلٍ عن مشاركة الآخر له قد يؤدي إلى عدم نجاح هذه العلاقة، ولاسيما عندما يكون ذلك في بداية الحياة الزوجية التي يكون فيها كل طرف غير قادرٍ على فهم الآخر وذلك لحداثة التجربة واختلاف طباع كلا منهما.

وقد أظهرت نتائج دراسة حديثة تم إجراؤها في جامعة سان فرانسيسكو الأمريكية أن الدافع وراء التضحية الزوجية هو العامل الأساسي في نجاح العلاقة والشعور بالاستقرار وهذه النتيجة تم التوصل إليها بعد سؤال 162 شخصا عما إذا كانوا يشعرون بالاستقرار في حياتهم الزوجية، وإذا ما ازدادت سعادتهم مع شركاء حياتهم بعد تقديم التضحية من أجل شريك الحياة أم لا.

التضحية والإحساس بالآخر

البيوت السعيدة المتماسكة التي ظهرت فيها روح التضحية والإيثار عند ارتفاع أذان الفجر يتحول البيت كله إلى خلية نحل نشيطة، الكل يضحي براحته لأجل الله، فتكون بداية اليوم بصلاة جامعة يلفها الخشوع والأمل، وبعد الصلاة لا يعود الجميع إلى دفء الفراش ولذة النوم تاركين الأم وحدها تقوم بمهام اليوم، بل يؤدي كل فرد منهم عملاً، فتخف الأعباء عن الأم، ويموت شعورها بالظلم والقهر من أن الزوج والأبناء يستغلونها بلا رحمة ولا أحد يضحي من أجلها، وهي منبع التضحية والأبناء في هذه الصورة لا ينسون في غمرة طموحاتهم أنهم ينتمون إلى بيت وأسرة يستحقان منهم بعض الوقت والجهد فلا يتقوقعون على أنفسهم، ولا يتعاملون مع الأب بوصفه ممولا والأم بوصفها خادمة .. ويتنازلون عن مطالبهم إذا تعارضت مع مصلحة الأسرة وعن طيب خاطر، فالأسرة المسلمة تحتاج إلى هذا الإحساس السامي، وهذه الروح الراقية، ولا يكون ذلك إلا من خلال التضحية والإيثار.

فهيا نراجع أنفسنا، ونفسح في بيوتنا مكانًا أوسع للتضحية، ونسد السبل أمام الطمع والأنانية وكل الأخلاقيات الرديئة التي تؤدي إلى فرار البركة والمودة والسعادة من بيوتنا ونفوسنا، وإنه لما ضلت التضحية إلينا الطريق تفشى سرطان الأنانية في جسد الأسرة، وفتك بها، وأدى ذلك إلى تفككها وتمزيق صفوفها، وأبى الحب والنجاح والاستقرار أن يزور الأسرة؛ بسبب انتشار العداوة والكراهية الناجمة عن تضخيم الذات أو ترديد العبارات الانهزامية ، كـ«أنا ومن بعدي الطوفان»، أو «كل يبحث عن مصلحته»، فالتربية الصحيحة تتطلب التضحية بأشياء كثيرة في سبيل إسعاد الأسرة والمجتمع، بل هي تبلغ القمة بالتضحية بالنفس عند الاقتضاء لتحقيق السعادة بإيثار غيره على نفسه ، وتقديم مصلحة الأسرة على مصالحه الشخصية عندما تتعارض المصالح، امتثالاً لقوله[: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» (رواه الترمذي) .



اعداد: إيمان الوكيل


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.69 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]