إبراهيم عيسى محامي الزنادقة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معركة.. نافارين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 234 )           »          "عدالة الجرافات".. ظاهرة عدوانية جديدة تستهدف المسلمين في الهند (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          فقد الأحبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 202 )           »          الوصية بـ (أحب للناس ما تحب لنفسك) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 84 )           »          فضل الرباط في سبيل الله عز وجل (شرح النووي لصحيح مسلم) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 79 )           »          شرح حديث : كل امرئ في ظل صدقته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 84 )           »          تأمّلات في قول الرسول.. "ما نقصت صدقةٌ من مال" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 79 )           »          الضحى صلاة الأوابين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 94 )           »          مفهوم الوسطية في اللغة والشرع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 120 )           »          العام الدراسي ليكون عام نجاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 182 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-07-2024, 10:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,296
الدولة : Egypt
افتراضي إبراهيم عيسى محامي الزنادقة

إبراهيم عيسى محامي الزنادقة (1)



دفاعه عن "بشار بن برد" (ت: 167هـ أو 168هـ)

كتبه/ شحات رجب البقوشي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فعلى مدار عدَّة حلقات من حلقاته المنشورة على منصَّات "تكوين"، وقف "إبراهيم عيسى" موقف المدافع عن قوم عُرِفوا بالزندقة وقُتِلوا بسببها، ومع هذا يصرُّ على الدفاع عنهم!
أولًا: الملامح العامة للحلقات:
1- يظهر إبراهيم عيسى في حلقات "تكوين" بزيٍّ غير ما تعوَّدَ متابعوه رؤيته عليه، وهذا محاولة منه للظهور في زيِّ (ابن البلد) الناصح، فيكون أقرب إلى قبول الجماهير لكلامه، ورحم الله أمير الشعراء لمَّا نظم قصيدة مطلعها: "برز الثعلب يومًا في ثياب الناصحينا!".
2- حشد صورًا لبعض المراجع عند ذكرها؛ ليعطي السامع نوعًا من الموثوقية في اطلاعه.
3- وعندما يذكر أن هناك مَن دافع عن الزنادقة، يقول: "وذكرت لنا المصادر"، دون أن يذكر اسمها ولا صورها.
4- تأكيده على مسألة "مقابلة الفكر بالفكر"، واستخدام إبراهيم عيسى لهذه العبارة فضفاض جدًّا؛ فلا حدود عنده بين الفكر والكفر، ويعدُّ المخالفةَ العنيدة لصريح القرآن فكرًا لا كفرًا!
5- تهميشه للقضايا العقدية وإخراجها كلها من دائرة الثوابت إلى فضاء المختلف عليه.
6- اعتماده على التناول الاستشراقي لتراجم الزنادقة، ومنهم الألماني (جوزف فان آس) (ت: 2021م) في كتابه: "علم الكلام والمجتمع في القرنين: الثاني والثالث للهجرة".
8- يحتفي جدًّا بثناء كتب التراجم على الزنديق من ناحية الأدب واللغة، ويجعل نفس الكتب في دائرة الاتهام عندما تذكر ملامح زندقة نفس الشخص.
9- يقحم إبراهيم عيسى السلفية في حلقاته بشكل متكلَّف فيه، مما يدلُّ بوضوحٍ على هدفه الخبيث من هذه الحلقات.
ثانيًا: بشار بن برد وحكم العلماء عليه:
قد ذكر إبراهيم عيسى مدح المؤرخين لمكانة بشار بن برد الأدبية واللغوية، ليخرج منها بنتيجة أنه كان صاحب فكر، ولم ينتبه إلى أن هذا المدح قد جاء معه في نفس السياق ذم لنفس الشخص، وهذا يدل على إنصاف وموضوعية المؤرخين، فإن كنت سلَّمت لهم في المدح وقبلته، فلماذا تنفي الذمَّ الذي ذكروه ودلَّلوا عليه؟!
ومما ذكره المؤرخون من ذمِّ بشار:
- بذاءة خُلُقه مع والديه وجيرانه منذ صغره:
قال الخطيب البغدادي -رحمه الله-: "عن أبي عبيدة، قال: كان بشار يقول الشعر وهو صغير، وكان لا يزال قوم يشكونه إلى أبيه فيضربه حتى رق عليه من كثرة ما يضربه، وكانت أمه تخاصمه، فكان أبوه يقول لها: قولي له يكف لسانه عن الناس، فلما طال ذلك عليه، قال له ذات ليلة: يا أبتِ لِمَ تضربني كلما شكوني إليك؟ قال: فما أعمل؟ قال: احتج عليهم بقول الله -تعالى-: (لَيْسَ ‌عَلَى ‌الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) (النور: 61)، فجاءوه يومًا يشكون بشارًا، فقال لهم هذا القول، فقالوا: ‌فِقهُ ‌بُرْدٍ ‌أضرُّ ‌علينا ‌من ‌شِعر ‌بشار" (تاريخ بغداد).
وكان في هجائه قذفٌ لمخالفيه بأبشع العبارات (ينظر: معجم الأدباء).
لذلك نقل الاصفهاني في "الأغاني" أن جماعة من علماء العصر كانوا يسوؤهم كلام بشار، وكلمه منهم عبد الله بن دينار، والحسن البصري، ولكن لم يجدوا استجابة منه.
- ثناؤه على المعتزلة:
جاء في "معجم الأدباء": "وكان بشار بن برد قبل أن يدين بالرجعة ويكفّر جميع الأمة، كثير المديح لواصل بن عطاء".
- استهانته بالعبادات:
لما طلبه الخليفة لعقابه على هجائه، طلبوه فوجدوه في البصرة سكرانًا يؤذِّن في غير وقت الأذان، وذكر الأصفهاني في "الأغاني" مواقف تدل على تركه للصلاة، وادعائه أنه حجَّ بعد عودته من سفر كان إلى القادسية، وغير هذا من المواقف.
- تكفير بشار بن برد للصحابة الكرام -رضي الله عنهم-:
ذكر أبو منصور الإسفراييني في "الفرق بين الفرق" فرقة الكاملية، فقال: "هؤلاء أتباع رجل من الرافضة كان يعرف بأبي كامل، وكان يزعم أن الصحابة كفروا بتركهم بيعة علي، وكفر علي بتركه قتالهم، وكان يلزمه قتالهم كما لزمه قتال أصحاب صفِّين، وكان بشار بن برد الشاعر الأعمى على هذا المذهب".
- قوله بالرجعة ومدحه إبليس:
قال أبو المظفر الإسفراييني في "التبصير في الدين": "وبشار هذا زاد على الكاملية بنوعين من البدعة: أحدهما: أنه كان يقول بالرجعة قبل القيامة كما كان يقولها الرَّجعيَّة من الروافض، والثاني: أنه كان يقول بتصويب إبليس في تفضيل النار على الأرض؛ ولذلك قال:
الأرض مظلمة والنار مشرقـة والنار معبودة مذ كـانـت النار
ونقل المعري في "رسالة الغفران" أن بشار أنشد:
إبليس أفضل من أبيكم آدمٍ فـتبيـَّنـوا يا معشر الأشرار
الـنـار عنصره وآدم طـينـةٌ والطِّين لا يسمو سموَّ النّار
- بشار بن برد يكفِّر الأُمَّة:
قال الأصمعي: "وكان بشار كثير المدح لواصل بن عطاء قبل أن يدين بشار بالرجعة، ويكفر جميع الأمة" (البيان والتبيين).
- قتل بشار بن برد:
أثار إبراهيم عيسى شكوكًا حول قتل بشار بن برد: هل قُتِل لزندقته أم قتل لأمور سياسية، ثم قيل بزندقته لتجميل صورة من قتله؟!
والحقيقة: أن إبراهيم عيسى لم يأتِ بجديدٍ، فهذه الاحتمالات أوردها المؤرخون منذ مئات السنين، وهذا من إنصافهم، ثم رجحوا قتله بسبب الزندقة.
قال ابن المعتز -وهو من معاصريه- في "طبقات الشعراء": "فوشى به بعض مَن يبغضه إلى المهدي بأنه يدين بدين الخوارج فقتله المهدي. وقيل: بل قيل للمهدي: إنه يهجوك، فقتله. والذي صَحَّ من الأخبار في قتل بشار أنه كان يمدح المهدي، والمهدي ينعم عليه، فرمي بالزندقة فقتله".
وهذا النصُّ الأخير يدل على أن المهدي لم يغتر بمدحه عندما ثبتت عليه الزندقة، فقتله حفظًا للدِّين، ولم يركن إلى الودِّ الذي كان بينهما.
والحقيقة بشار بن برد ادَّعى الإسلام، وغلبت عليه العقائد الوثنية التي كانت سائدة في بلاد فارس وما ورائها قبل الإسلام، فظهرت زندقته، أما دفاع إبراهيم عيسى عنه فهو مجرد اجترار لكلام المستشرقين، فهو يتكلم عن بشار بن برد بنفسِ النَّفس الذي تكلَّم به المستشرق الألماني (جوزف فان آس) في كتابه: "علم الكلام والمجتمع" (2/20-32)، حيث ظل في ثلاث عشرة صفحة من كتابه يحاول دفع تهمة الزندقة عن بشار؛ رغم إقراره بما تقدَّم من تفضيله إبليس والنار، وموقفه من الصحابة -رضي الله عنهم-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-08-2024, 04:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,296
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إبراهيم عيسى محامي الزنادقة

إبراهيم عيسى محامي الزنادقة (2)

الجعد بن درهم



كتبه/ شحات رجب البقوشي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فما زالت حلقات إبراهيم عيسى -التي يقف فيها مدافعًا عن الزنادقة الذين مرَّت على زمنهم أزمان- مستمرة؛ كاشفًا بدفاعه هذا أحد أهم أهداف مركز تكوين، وهو: رعاية الزندقة ودعم الخروج عن الشريعة! فبعد ما حاول تبرئة "بشار بن برد"، انتقل بنفس المنهجية في الدفاع عن "الجعد بن درهم" مقتبسًا من كتب التراجم الثناء عليه، ويردُّ ما لم يوافق هواه من ذمِّ بدعته.
حاول إبراهيم عيسى في أول حلقته أن يظهر في دور المطالع لكتب التراث، فوقع في ثلاثة أخطاء في أول خمس ثواني من حلقته، فنسب للبخاري كتاب "أفعال البلاد" والصواب "خلق أفعال العباد"، وعرض أثناء ذلك صورة لكتاب آخر، وهو: "تاريخ الطبري"، ونطق اسم قاتل الجعد فقال في نسبته: "القسَري" بفتح السين، والصواب تسكينها كما في كتب الأنساب، وهذا يدل أن الاطلاع في كتب التراث مجرد ادعاء منه ومن معدِّي برنامجه!
اتهم إبراهيم عيسى كتب التراجم بعدم الحيادية؛ لأنها لم تذكر تفاصيل حياة الجعد وأمثاله؛ لأنهم يغردون خارج السرب! وهو كاذب في دعواه؛ فكتب التراجم ذكرت أصله وانتقاله إلى دمشق وعمله في تعليم مروان آخر خلفاء بني أمية، بل وبيَّنت كتب التراجم أن مسكنه بدمشق كان في حي النصارى، وغير هذا من التفاصيل التي ذكر إبراهيم عيسى طرفًا منها في حلقته.
وبعد عرضه لنقول الذهبي والصفدي من أن الجعد بن درهم قال: "لم يتخذ الله إبراهيم خليلًا، ولم يكلم موسى تكليمًا"، وأنه أول من تكلَّم في خلق القرآن، وأخذه عنه الجهم بن صفوان؛ وصف كل ما تقدَّم بالأفكار والكلام والاجتهادات، وأن الجعد لم يكن قاتلًا ولا سفاحًا ولا عربيدًا، ولا قائد جيش للانقسام، وبالتالي فهو يحاول التهوين من مسألة العقيدة، ويجوِّز الكلام عن الله بغير علم، ووصفه بما لم يصف به نفسه، وما في هذا الكلام من تكذيب صريحٍ للقرآن الكريم؛ فكيف يُعدُّ هذا فكرًا؟!
الجعد بن درهم أراد أن ينفي كل صفات الله -تعالى- التي وَصَف بها نفسه، وكان تبرير إبراهيم عيسى لهذا الفعل -كما نقل عن البعض ولم يسمِّهم- أنه بالغ في توحيد الله وتنزيهه عن مشابهة البشر، فنفى صفاته، مسمِّيًا هذا فكرًا، ينبغي أن يُرَدَّ عليه بالفكر لا بالقتل، كما فعل به خالد بن عبد الله القسري.
والحقيقة: أن صفات الله -تعالى- قد جاء بها الوحي، وإثباتها بلا تشبيهٍ ولا تمثيل هو الإيمان؛ أما تعطيلها ونفيها بحجة التنزيه فهو في حقيقته عدم تنزيه، وقد بيَّن ابنُ كثير في "البداية والنهاية" أصل بدعة الجعد فيما نقله عن ابن عساكر فقال: "وقد أخذ الجعد بدعته عن بيان بن سمعان، وأخذها بيان عن طالوت ابن أخت لبيد بن أعصم، زوج ابنته، وأخذها لبيد بن أعصم الساحر الذي سحر رسول الله ? عن يهودي باليمن"، فتبيَّن بذلك أن كلام الجعد لا يُعدُّ تنزيهًا ولا اجتهادًا، بل هو كلام دخيل من خارج الإسلام.
ويحاول إبراهيم عيسى في دفاعه التشنيع بحادثة قتل خالد بن عبد الله القسري للجعد، وتصويرها على أنها جريمة ضد الإنسانية، فقد قُتِل بدون محاكمة، وفي يوم عيد وفي المسجد.
والرد على تشنيعه هذا هو: أن بدعة الجعد بدعةٌ مكفِّرة، يستحق بها القتل بعد إقامة الحجَّة عليه، وقد أُقيمت عليه أكثر من مرَّة فهي بمثابة المحاكمة، فقد ذكر ابن كثير في "البداية والنهاية": "أن الجعد كان يذهب كثيرًا إلى وهب بن منبه، ويتحدث معه في باب الصفات، فقال له وهب يومًا: ويلك يا جعد، أقصر المسألة عن ذلك، إني لأظنك من الهالكين، لو لم يخبرنا الله في كتابه أن له يدًا ما قلنا ذلك، وأن له عينًا ما قلنا ذلك، وأن له نفسًا ما قلنا ذلك، وأن له سمعا ما قلنا ذلك، وذكر الصفات من العلم والكلام، وغير ذلك، ثم لم يلبث الجعد أن صلب ثم قتل".
ومما ذكر من مقالات الجعد الضالة: قال ابن حجر في "لسان الميزان": "إن الجعد جعل في قارورة ترابًا وماءً فاستحال دودًا وهوامًا، فقال: أنا خلقت هذا؛ لأني كنت سبب كونه، فبلغ ذلك جعفر بن أحد العلماء، فقال: ليقل كم هو، وكم الذكران منه والإناث إن كان خلقه!".
فتبيَّن من هذا أن المحاكمة وإقامة الحجة عليه قد تمت، وكان خصام العلماء له سبب فراره من دمشق، ومع هذا لم يرجع عن بدعته، ثم كان قتله ضرورة نظرًا لوجود أتباع له، أبرزهم: الجهم بن صفوان مؤسس الجهمية.
وبعد ما حاول إبراهيم عيسى تبرئة ساحة الجعد بن درهم من الكفر، وإدانة السلفيين والعلماء والقضاة، وحكام المسلمين، إذا به ينتقل بالحديث إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي: نهاية خالد بن عبد الله القسري، وأنه قتل على الزندقة أيضًا، محاولًا جعلها كرامة للجعد بن درهم، متهمًا العلماء أنهم يفرحون لمقتل الجعد على الزندقة، ولا يذكرون أن قاتله خالد بن عبد الله القسري أيضًا قُتل على الزندقة أيضًا، فمن أين عرف إبراهيم عيسى خبر مقتل خالد إن لم تكن كتب التراجم قد أثبتته؟ ولو صدق لقال: ما أجمل إنصاف أهل الإسلام، فقد دوَّنوا في كتبهم قتل خالد للجعد على أنه من حسناته، فلما زاغ وضلَّ عاقبوه بنفس العقاب، أو يقال: إن الله سلَّط مبتدعًا على مبتدع.
فيتبيَّن مما سبق: أن إبراهيم عيسى ومن ورائه "تكوين" يُميِّعون مسائل العقائد تمييعًا فجًّا، من خلال الدفاع والتلميع لزنادقة سجَّل التاريخ زندقتَهم، فيحاول إبراهيم عيسى قراءة التاريخ قراءة عبثية في ضوء ما كتبه المستشرقون وغيرهم عن هذه القضايا، ولعلَّ قضية الدفاع عن الزنادقة تكون من أفضل ما يفضح أهدافهم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-08-2024, 04:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,296
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إبراهيم عيسى محامي الزنادقة

إبراهيم عيسى محامي الزنادقة (3)

ابن المقفع (ت: 142 هـ)



كتبه/ شحات رجب البقوشي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فما زال إبراهيم عيسى يجتَرُّ كلام المستشرقين في دفاعهم عمَّن عُرِفوا بالزندقة، وكأنَّ الأمة قد خلا تاريخُها من الأعلام المعروفين بحسن الاعتقاد والتقوى، والورع والصلاح؛ إلَّا أن عرضَ تراجم هؤلاء الزنادقةِ في سياق الدفاع عنهم، والمدح فيهم، يدفع إلى تحقيق أهداف تكوين المشبوهة.
بدأ إبراهيم عيسى بنقل ما ذكرَته كتبُ التراجم في ترجمة ابن المقفَّع من اهتمامه بترجمة كتب الأدب الفارسي الهندي إلى العربية، وإسهاماته الأدبية المشهود بجودتها.
ثم بدأ بسرد ما يسمِّيه محنة ابن المقفع بسؤال: "هل يحاسب المرء على أفكاره وآرائه؟"، ثم أجاب بما يفيد أن الإنسان حرٌّ فيما يعتقد ويفكر، وليس لأحدٍ أن يحاسبَ أحدًا على فكره، وفي هذا الكلام تناقضٌ كبيرٌ مع ما قاله إسلام البحيري -رفيقه التكويني- في أكثر من لقاء له؛ كان آخرهم في (بودكاست) مع فاطمة ناعوت، حيث طالب بفرض التنوير بالقوة! وبقرار الأنظمة، وضرورة إجبار الشعوب على تغيير الفكر!
وهنا يظهر المنهجية المزدوجة لتكوين، فإذا كان صاحب الفكر يتَّجه ناحية الزندقة فيطالبون بعدم الحَجر عليه، بل والدفاع عمَّن مات منهم منذ قرون، أما إذا اتَّجه الفكر ناحية التدين فيطالبون بفرض التنوير عليه بالقوة.
ابن المقفع في كتب التراجم:
هو عبد الله بن المُقَفَّع، وكان اسمه داذَوِيه من أهل فارس، كان مجوسيًّا فأسلم، والحقيقة أن كتب التراجم أنصفت ابن المقفع إنصافًا واضحًا؛ فقد ذكروا له ترجمته كتب أرسطاليس في المنطق، وكتاب "كليلة ودمنة"، وشهدوا له بالفصاحة والكرم، وذكروا أمثلة لجيِّد كلامه، وقد نقلوا عن الأصمعيِّ أنه قال: صنف ابن المقفع "الدرة اليتيمة" التي لم يصنف مثلها في فنها. (ينظر: تاريخ الإسلام للذهبي).
وفي نفس الكتب التي مدحت إسهاماته الأدبية، ذكرت أيضًا بعض ملامح الزندقة التي ظهرت عليه، ومن ذلك: أن ياقوت الحموي في "معجم الأدباء" (3/ 968) ذكر أن ابن المقفع كان إذا مرَّ على بيت النار في بلاد فارس -وقد كان مقدَّسًا عند المجوس-، أنشد شعرًا في الثناء عليه حتى اتُّهم بالمجوسية، ومن شعره في بيت النار:
إنـي لأمـنَحُـكَ الصُّدودَ وإنني قسمًا إليكَ مع الصُّدود لأَمْيَلُ
وإذا كان ابن المقفع قد مُدِح بسبب ما قام به من ترجمة، فإن نوعية الكتب التي ترجمها تُعدُّ قرينة على زندقته؛ لم يقل بهذا رجال الدين ولا العلماء من المسلمين فحسب، بل أثارت شكوك المستشرقين أنفسهم، فإن (جوزف فان آس) (ت: 2021م) بعد ما عرض اتهام ابن المقفع بالزندقة في كتابه: "علم الكلام والمجتمع في القرنين الثاني والثالث للهجرة" (2/51) قال: "لا ينبغي لنا هنا الطعن في هذه الأخبار كلية، فلو افترضنا أن نصوص الزندقة هذه؛ قد تم نقلها إلى العربية تحت إشراف ابن المقفع، فنحن إذًا لا نفتقر إلا إلى معرفة قصد هؤلاء الذين قاموا بالتكليف من أجل القيام بها".
فيربط المستشرق هنا بين اتهامه بالزندقة والكتب التي ترجمها، حتى قال المهدي: "ما وجدت كتاب زندقة إلا وأصله ابن المقفع!".
وأضيفت إلى تهمة الزندقة سوء خلقه، وطيشه؛ قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (6/ 209): "وكان ابن المقفع مع سعة فضله، وفرط ذكائه، فيه طيش، فكان يقول عن سفيان المهلبي -عامل بني أمية على البصرة-: ابن المغتلمة!"، وكان يقذف أمه، بأشد العبارات، ويسخر من كِبر حجم أنف سفيان.
ثم لمَّا قامت الفتنة بين المنصور (ت: 158هـ)، وعمِّه على الخلافة، وقف ضد المنصور، وصاغ كتاب العهد بنفسه، ووضع فيه عبارات أغضبت المنصور فكلَّم سفيان في قتله، فوافق ذلك رغبة عند سفيان؛ لسوء خلقه معه من ناحية، ولتهمةِ الزندقة التي باتت لصيقة بابن المقفع من ناحية أخرى، فقُتل.
أمَّا عن قتل ابن المقفع: فقد تناول إبراهيم عيسى إحدى روايات قتله وهي الأكثر بشاعة، إذ تحكي أنه قطعت أطراف ابن المقفع، وألقيت في تنور تحترق أمامه ثم ألقي هو في التنور، ويبدو أن اختيار إبراهيم عيسى لهذه الرواية دون غيرها من الروايات المذكورة في ترجمته ليس عن اجتهادٍ منه؛ إنما لأنها تخدم أهدافه من تشويه التاريخ الإسلامي، كما اختار من قبل رواية مقتل بشار بن برد، رغم تعدد الروايات فيهما.
والذي يرد على إبراهيم عيسى في هذا الموضع، المستشرقُ (جوزف فان آس) في كتابه سالف الذكر (2/47)، حيث يقول: "ليس من اللازم الاستغراق أكثر في التحدث عن هذه القضية، ليس رغبة في الاختصار فحسب، وإنما بسبب قصور المصادر، فالروايات التي تحكي عن ابن المقفع بها طابع السرد غير الموثق، مثلها في ذلك مثل الروايات الواردة عن بشار بن برد، فنجد الروايات التي تصف طريقة قتله تتمعن في رسم صورة خيالية عن الوحشية التي تم عليها القتل، فيُروى -مثلًا- أنه ألقي به في إحدى الأفران... في الواقع ليس لدينا الكثير مما نعلمه عن هذا الموضوع، فهناك -مثلًا- رواية تحكي أن ابن المقفع مُنِح مهلةً لكي ينتحر، وكذلك فإن هناك رواياتٍ عديدةٌ عن سببِ موتِه. فتفاصيل حياة ابن المقفع وشخصيته يكتنفها العديد من الألغاز، لذلك يبيت من الحصافة تفنيد القضايا بدلًا من افتراض استنتاجات قاطعة".
فليت دعاة التنوير لما أخذوا من المستشرقين تعلموا منهم قدرًا من الحصافة، كما تعلموا منهم معاداة الدِّين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 116 ( الأعضاء 0 والزوار 116)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 73.29 كيلو بايت... تم توفير 2.59 كيلو بايت...بمعدل (3.41%)]