الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال - الصفحة 9 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المعلقات عند الإمام البخاري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          التنافس في قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          تخريج حديث: أن عبد الله بن زيد، وعثمان، حكيا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالا: (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          إثبات رواية الزهري أحاديث في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          حديث: إسلام غيلان بن سلمه وله عشر نسوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          اجتماع أهل الحديث على تصحيح الأحاديث حجة على الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          لا تقدموا بين يدي الله ورسوله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          دلالة السياق وأثرها في ترتيب الدليل وبناء الحكم من كتاب إحكام الأحكام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 32 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4028 - عددالزوار : 563556 )           »          كتاب (قطوف دانية من الكتاب والسنة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #81  
قديم 25-06-2024, 01:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,954
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال

الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (82) دين إبراهيم وهو دين جميع الأنبياء واحد وهو قائم على الوحي المُنَزَّل (2)



كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقال الله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا. وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ‌وَكَلَّمَ ‌اللَّهُ ‌مُوسَى تَكْلِيمًا. رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) (النساء: 163-165).
قال ابن كثير رحمه الله: "وقوله تعالى: (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) أي: من قبل هذه الآية، يعني: في السور المكية وغيرها. وهذه تسمية الأنبياء الذين نَصَّ الله على أسمائهم في القرآن، وهم: آدم، وإدريس، ونوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، ولوط، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وأيوب، وشعيب، وموسى، وهارون، ويونس، وداود، وسليمان، وإلياس، واليسع، وزكريا، ويحيى، وعيسى عليهم الصلاة والسلام، وكذا ذو الكفل عند كثيرٍ من المفسرين، وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ) أي: خلقًا آخرين لم يُذكَروا في القرآن، وقد اختلف في عِدَّة الأنبياء والمرسلين، والمشهور في ذلك حديث أبي ذر الطويل، وذلك فيما رواه ابن مردويه رحمه الله في تفسيره، بسنده عن أبي ذر قال: قلتُ: يا رسول الله، كم الأنبياء؟ قال: "مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا"، قلت: يا رسول الله، كم الرسل منهم؟ قال: "ثلاثمائة وثلاثة عشر جم غفير"، قلت: يا رسول الله، مَن كان أولهم؟ قال: "آدم". قلت: يا رسول الله، نبي مرسل؟ قال: "نعم، خلقه الله بيده، ثم نفخ فيه من روحه، ثم سواه قبلًا".
ثم قال: "يا أبا ذر، أربعة سريانيون: آدم، وشيث، ونوح، وخنوخ -وهو إدريس، وهو أول مَن خَطَّ بالقلم- وأربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر، وأول نبي مِن بني إسرائيل: موسى، وآخرهم: عيسى. وأول النبيين آدم، وآخرهم نبيك صلى الله عليه وسلم ".
وقد روى هذا الحديث بطوله الحافظ أبو حاتم بن حبان البستي في كتابه: "الأنواع والتقاسيم" وقد وسمه بالصحة، وخالفه أبو الفرج بن الجوزي، فذكر هذا الحديث في كتابه: "الموضوعات"، واتهم به إبراهيم بن هشام هذا (قلتُ: يعني الراوي عن أبيه عن جده عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر)، ولا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل من أجل هذا الحديث، فالله أعلم.
(قلتُ: هذا الحديث بهذه الألفاظ ضعيف بلا شك، ولا يمكن أن يصحح، ولا أن يحسن؛ خصوصًا في ذكر أن إدريس هو خنوخ، وأنه أول مَن خط بالقلم، فكل هذه إسرائيليات، وكذا ذكر الأربعة السريانية، ومنهم: آدم؛ فإن هذا كله لا يثبت قط عن الرسول صلى الله عليه وسلم)، وقد روي الحديث من وجه آخر عن صحابي آخر، فقال ابن أبي حاتم: ذكر سند ضعيف عن أبي أمامة قال: قلت: يا نبي الله، كم الأنبياء؟ قال: "مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا، من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جمًّا غفيرًا".
معان بن رفاعة السلامي ضعيف، وعلي بن يزيد ضعيف، والقاسم أبو عبد الرحمن ضعيف أيضًا.
وروى الحافظ أبو يعلى الموصلي: عن يزيد الرقاشي (ضعيف)، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعث الله ثمانية آلاف نبي، أربعة آلاف إلى بني إسرائيل، وأربعة آلاف إلى سائر الناس".
قال: وهذا أيضًا إسناد ضعيف فيه الربذي ضعيف، وشيخه الرقاشي أضعف منه أيضًا، والله أعلم.
وروى أبو يعلى: عن يزيد الرقاشي، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان فيمن خلا من إخواني من الأنبياء ثمانية آلاف نبي، ثم كان عيسى ابن مريم، ثم كنت أنا".
وقد رويناه عن أنس من وجه آخر، وذكر السند الذي أخبره به أبو عبد الله الذهبي، أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت على إثر من ثلاثة آلاف نبي من بني إسرائيل"، وهذا غريب من هذا الوجه وإسناده لا بأس به، رجاله كلهم معروفون إلا أحمد بن طارق هذا، فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح، والله أعلم. (قلت: ومثل هذا لا يقال إسناده لا بأس به، فالمجهول لا يصح حديثه).
قال: وحديث أبي ذر الغفاري الطويل في عدد الأنبياء عليهم السلام، قال محمد بن الحسين الآجري بسنده عن أبي ذر قال: دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده، فجلست إليه فقلت: يا رسول الله، إنك أمرتني بالصلاة. قال: "الصلاة خير موضوع فاستكثر أو استقل"، قال: قلت: يا رسول الله، فأي الأعمال أفضل؟ قال: "إيمان بالله، وجهاد في سبيله"، قلت: يا رسول الله، فأي المؤمنين أفضل؟ قا: "أحسنهم خلقا". قلت: يا رسول الله، فأي المسلمين أسلم؟ قال: "من سلم الناس من لسانه ويده". قلت: يا رسول الله، فأي الهجرة أفضل؟ قال: "من هجر السيئات". قلت: يا رسول الله، أي الصلاة أفضل؟ قال: "طول القنوت". قلت: يا رسول الله، فأي الصيام أفضل؟ قال: "فرض مجزئ وعند الله أضعاف كثيرة". قلت: يا رسول الله، فأي الجهاد أفضل؟ قال: "من عقر جواده وأهريق دمه". قلت: يا رسول الله، فأي الرقاب أفضل؟ قال: "أغلاها ثمنًا وأنفسها عند أهلها". قلت: يا رسول الله فأي الصدقة أفضل؟ قال: "جهد من مقل، وسر إلى فقير". قلت: يا رسول الله، فأي آية ما أنزل عليك أعظم؟ قال: "آية الكرسي"، ثم قال: "يا أبا ذر، وما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة". قال: قلت: يا رسول الله، كم الأنبياء؟ قال: "مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا" قال: قلت: يا رسول الله، كم الرسل من ذلك؟ قال: " ثلاثمائة، وثلاثة عشر جم غفير كثير طيب". قلت: فمن كان أولهم؟ قال: "آدم". قلت: أنبي مرسل؟ قال: "نعم، خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وسواه قبيلًا ثم قال: "يا أبا ذر، أربعة سريانيون: آدم، وشيث، وخنوخ -وهو إدريس، وهو أول من خط بقلم- ونوح. وأربعة من العرب: هود، وشعيب، وصالح، ونبيك يا أبا ذر. وأول أنبياء بني إسرائيل: موسى، وآخرهم: عيسى. وأول الرسل: آدم، وآخرهم: محمد". قال: قلت: يا رسول الله، كم كتابًا أنزله الله؟ قال: "مائة كتاب وأربعة كتب، وأنزل الله على شيث خمسين، صحيفة، وعلى خنوخ ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشر صحائف، وأنزل على موسى من قبل التوراة عشر صحائف وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان"، قلت: يا رسول الله، ما كانت صحف إبراهيم؟ قال: "كانت مواعظ كلها: يا أيها الملك المسلط المبتلى المغرور، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها ولو كانت من كافر. وكان فيها أمثال: وعلى العاقل أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفكر في صنع الله، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب. وعلى العاقل ألا يكون ضاغنًا (أي: خارجًا من بيته) إلا لثلاث: تزود لمعاد، أو مرمة لمعاش (أي: إصلاح)، أو لذة في غير محرم.
وعلى العاقل أن يكون بصيرًا بزمانه، مقبلًا على شأنه، حافظًا للسانه، ومن حسب كلامه من عمله قلَّ كلامه إلا فيما يعنيه". قال: قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف موسى؟ قال: "كانت عِبَرًا كلها: عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح، وعجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب، وعجبت لمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم يطمئن إليها، وعجبت لمن أيقن بالحساب غدًا ثم هو لا يعمل"، قال: قلت: يا رسول الله، فهل في أيدينا شيء مما في أيدي إبراهيم وموسى، وما أنزل الله عليك؟ قال: "نعم، اقرأ يا أبا ذر: قد أفلح من تزكى . وذكر اسم ربه فصلى . بل تؤثرون الحياة الدنيا . والآخرة خير وأبقى . إن هذا لفي الصحف الأولى . صحف إبراهيم وموسى"، قال: قلت يا رسول الله، فأوصني. قال: "أوصيك بتقوى الله، فإنه رأس أمرك"، قال: قلت يا رسول الله، زدني. قال: "عليك بتلاوة القرآن، وذكر الله، فإنه ذكر لك في السماء، ونور لك في الأرض"، قال: قلت: يا رسول الله، زدني. قال: "إياك وكثرة الضحك، فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه"، قلت: زدني. قال: "عليك بالجهاد، فإنه رهبانية أمتي"، قلت: زدني. قال: "عليك بالصمت إلا من خير، فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك". قلت: زدني. قال: "انظر إلى مَن هو تحتك، ولا تنظر إلى من هو فوقك، فإنه أجدر لك ألا تزدري نعمة الله عليك"، قلت: زدني. قال: "أحبب المساكين وجالسهم، فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك"، قلت: زدني. قال: "صل قرابتك وإن قطعوك "، قلت: زدني. قال: "قل الحق وإن كان مُرًّا"، قلت: زدني. قال: "لا تخف في الله لومة لائم"، قلت: زدني. قال: "يردك عن الناس ما تعرف عن نفسك، ولا تجد عليهم فيما تحب، وكفى بك عيبًا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك، أو تجد عليهم فيما تحب"، ثم ضرب بيده صدري، فقال: " يا أبا ذر، لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق" (انتهى من تفسير ابن كثير).
وهذا الحديث رغم ضعفه؛ إلا أنه فيه من المواعظ الجسيمة والحِكَم البليغة التي لها شواهد كثيرة في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
وللحديث بقية إن شاء الله.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #82  
قديم 25-06-2024, 01:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,954
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال

الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (83) دين إبراهيم وهو دين جميع الأنبياء واحد وهو قائم على الوحي المُنَزَّل (3)



كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقال الله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا . وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ‌وَكَلَّمَ ‌اللَّهُ ‌مُوسَى تَكْلِيمًا . رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) (النساء: 163-165).
قال ابن كثير رحمه الله بعد أن ذكر حديث أبي ذر الطويل: "وروى الإمام أحمد عن أبي المغيرة بسنده عن أبي أمامة: أن أبا ذر سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر أمر الصلاة، والصيام، والصدقة، وفضل آية الكرسي، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأفضل الشهداء، وأفضل الرقاب، ونبوة آدم، وأنه مكلَّم، وعدد الأنبياء والمرسلين، كنحو ما تقدَّم.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: وجدت في كتاب أبي بخطه -وذكر السند عن أبي الوداك- قال: قال أبو سعيد: هل تقول الخوارج بالدجال؟ قال: قلت: لا. فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني خاتم ألف نبي أو أكثر، وما بعث نبي يتبع إلا وقد حَذَّر أمته منه، وإني قد بُيِّن لي فيه ما لم يُبيَّن، وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، وعينه اليمنى عوراء جاحظة لا تخفى، كأنها نخامة في حائط مجصص، وعينه اليسرى كأنها كوكب دري، معه مِن كلِّ لسان، ومعه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء، وصورة النار سوداء تدخن.
وقد رويناه في الجزء الذي فيه رواية أبي يعلى الموصلي بسنده عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أختم ألف ألف نبي أو أكثر، ما بَعَث الله من نبي إلى قومه إلا حذرهم الدجال... وذكر تمام الحديث. هذا لفظه بزيادة: "ألف"، وقد تكون مقحمة، والله أعلم. وسياق رواية الإمام أحمد أثبت وأولى بالصحة، ورجال إسناد هذا الحديث لا بأس بهم، (قلتُ: بل هذا الإسناد لا يصح، مجالد فيه حديثه لين، وأبي الوداك صدوق يهم؛ فمثل هذا لا يُصَحَّح).
وقد روي هذا الحديث من طريق جابر بن عبد الله رضي الله عنه، رواه الحافظ أبو بكر البزار عن مجالد عن الشعبي عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لخاتم ألف نبي أو أكثر، وإنه ليس منهم نبي إلا وقد أنذر قومه الدجال، وإني قد بُيِّن لي ما لم يُبيَّن لأحدٍ منهم، وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور. (قلتُ: فيه مجالد أيضًا، وهو لين الحديث).
قوله تعالى: (‌وَكَلَّمَ ‌اللَّهُ ‌مُوسَى تَكْلِيمًا): هذا تشريف لموسى عليه السلام بهذه الصفة؛ ولهذا يقال له: الكليم. وقد قال الحافظ أبو بكر بن مردويه عن عبد الجبار بن عبد الله قال: جاء رجل إلى أبي بكر بن عياش فقال: سمعت رجلا يقرأ: (‌وَكَلَّمَ ‌اللَّهُ ‌مُوسَى تَكْلِيمًا) (قلتُ: أي: بنصب لفظ الجلالة الله ليكون موسى هو الذي تكلَّم)، فقال أبو بكر: ما قرأ هذا إلا كافر، قرأتُ على الأعمش، وقرأ الأعمش على يحيى بن وثاب، وقرأ يحيى بن وثاب على أبي عبد الرحمن السلمي، وقرأ أبو عبد الرحمن، على علي بن أبي طالب، وقرأ علي بن أبي طالب على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (‌وَكَلَّمَ ‌اللَّهُ ‌مُوسَى تَكْلِيمًا) (قلتُ: أي: برفع اسم الجلالة).
وإنما اشتد غضب أبي بكر بن عياش رحمه الله على مَن قرأ كذلك؛ لأنه حرف لفظ القرآن ومعناه، وكان هذا من المعتزلة الذين ينكرون أن يكون الله كلَّم موسى عليه السلام أو يكلِّم أحدًا من خلقه، كما رويناه عن بعض المعتزلة أنه قرأ على بعض المشايخ: "وكلم اللهَ موسى تكليمًا"، فقال له: يا ابن اللخناء؛ فكيف تصنع بقوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا ‌وَكَلَّمَهُ ‌رَبُّهُ) (الأعراف: 143)، يعني: أن هذا لا يحتمل التحريف، ولا التأويل.
وروى ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما كلَّم الله موسى كان يبصر دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء. وهذا حديث غريب، وإسناده لا يصح، وإذا صح موقوفًا كان جيدًا (قلتُ: يعني أنه يكون من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب).
وقد روى الحاكم في مستدركه وابن مردويه، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان على موسى يوم كلَّمه ربه جبة صوف، وكساء صوف، وسراويل صوف، ونعلان من جلد حمار غير ذكي. (قلتُ: وهو أيضًا حديث ضعيف).
وقال ابن مردويه بإسناده عن جويبر، عن الضحاك عن ابن عباس قال: إن الله ناجى موسى بمائة ألف كلمة وأربعين ألف كلمة، في ثلاثة أيام، وصايا كلها، فلما سمع موسى كلام الآدميين مقتهم مما وقع في مسامعه من كلام الرب. وهذا أيضا إسناد ضعيف، فإن جويبرًا ضعيف، والضحاك لم يدرك ابن عباس رضي الله عنهما.
فأما الأثر الذي رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن جابر بن عبد الله قال: لما كلَّم الله موسى يوم الطور، كلَّمه بغير الكلام الذي كلَّمه يوم ناداه، فقال له موسى: يا رب، هذا كلامك الذي كلمتني به؟ قال: لا يا موسى، إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان، ولي قوة الألسنة كلها، وأنا أقوى من ذلك. فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا: يا موسى، صف لنا كلام الرحمن. قال: لا أستطيعه. قالوا: فشبه لنا. قال: ألم تسمعوا إلى صوت الصواعق فإنها قريب منه، وليس به. وهذا إسناد ضعيف، فإن الفضل الرَّقَاشِي ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ (قلتُ: أي: ضعيف جدًّا).
وروى عبد الرزاق عن كعب قال: إن الله لما كلم موسى كلمه بالألسنة كلها سوى كلامه، (قلتُ: في رواية ابن جرير بالألسنة كلها قبل كلامه، يعني قبل كلام موسى)، فقال له موسى: يا رب، هذا كلامك؟ قال: لا ولو كلمتك بكلامي لم تستقم له. قال: يا رب، فهل من خلقك شيء يشبه كلامك؟ قال: لا وأشد خلقي شبهًا بكلامي أشد ما تسمعون من الصواعق. فهذا موقوف على كعب الأحبار، وهو يحكي عن الكتب المتقدمة المشتملة على أخبار بني إسرائيل، وفيها الغث والسمين. (قلت: وهذا والله أعلم مصدر عامة هذه الأخبار؛ فهي من الإسرائيليات ومن النكارة فيها: إنكار أن يكون موسى سَمِع كلام الله الذي كلَّمه به).
وقوله: (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) أي: يبشرون مَن أطاع الله واتبع رضوانه بالخيرات، وينذرون مَن خالف أمره، وكذَّب رسله بالعقاب والعذاب.
وقوله: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) أي: أنه تعالى أنزل كتبه وأرسل رسله بالبشارة والنذارة، وبيَّن ما يحبه ويرضاه مما يكرهه ويأباه؛ لئلا يبقى لمعتذرٍ عذر، كما قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ ‌بِعَذَابٍ ‌مِنْ ‌قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى) (طه: 134)، وكذا قوله تعالى: (‌وَلَوْلَا ‌أَنْ ‌تُصِيبَهُمْ ‌مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (القصص: 47).
وقد ثَبَت في الصحيحين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من الله، من أجل ذلك مدح نفسه، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين"، وفي لفظ آخر: من أجل ذلك أرسل رسله، وأنزل كتبه. (قلتُ: وهذا الحديث مِن أوضح الأدلة على عُذْر مَن لم تبلغه الحجة الرسالية؛ فهو دليلنا على مَن خالفنا في قضية العذر بالجهل الناشئ عن عدم البلاغ)" (انتهى من تفسير ابن كثير).
وللحديث بقية إن شاء الله.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #83  
قديم 25-06-2024, 01:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,954
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال

الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (84) دين إبراهيم وهو دين جميع الأنبياء واحد وهو قائم على الوحي المُنَزَّل (4)



كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقال الله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا . وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ‌وَكَلَّمَ ‌اللَّهُ ‌مُوسَى تَكْلِيمًا . رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) (النساء: 163-165).
في الآية فوائد:
الأولى: أن الدِّين الحق مبنيٌّ على الوحي المنزَّل من عند الله على رسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فكل دعوة تقوم على الوحي الذي يجمعه الله فيما أوحاه إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، في الكتاب والسنة؛ فهي التي تستحق نسبتها إلى الأنبياء، وخاصة خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، وكل دعوة قامت على آراء الرجال؛ سواء في العقيدة أو العمل أو السلوك، فهي دعوة غريبة عن دين الأنبياء، فمَن قامت دعوته على عِلْم الكلام والفلسفة، وما سموه وظنوه العقل وما هو بعقل، في أمور العقيدة؛ فهي بدعة منكرة.
ولا يغرنك مَن يقول: إنها بدعة حسنة! ويزعم الحاجة إليها بعد حدوث هذه العلوم الأجنبية عن الدِّين، فمَن قال ذلك؛ فقد ادَّعى أن الدِّين لم يكتمل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأتِ بالحق والهدى، فقد كانت هذه العلوم موجودة في زمنه صلى الله عليه وسلم وقبله بمددٍ طويلةٍ، ولم يستعمل النبي صلى الله عليه وسلم هذه العلوم قط في دعوته، ولا حَثَّ صحابته على تعلمها، ولا استعملها صحابته في دعوتهم وجهادهم في سبيل الله، بل دعوا الناس دائمًا بالآيات والأحاديث؛ فهدى الله بهم الأمم، ودخل الناس في دين الله أفواجًا وفتحت الأمصار بذلك.
ومَن قامت دعوته على التقليد الأعمى في العبادة والمعاملة، بزعم اتباع الأئمة الأربعة، وغير الأربعة، كما صارت إليه المذاهب في العصور المتأخرة؛ لا دخل لهم بالنصوص والاستدلال بها، بل العِلْم عندهم والفقه هو التخريج على أقوال الإمام، بل صارت أقوال الإمام عند المتأخرين لا يجوز للناس الأخذ بها ولو نص عليها في كتبه، بل يجب اتباع المقلِّدين مِن مذهبه الذين سموهم: أصحاب معتمد المذهب! فهذه الدعوة أيضًا حين تخلَّت عن النصوص وعارضتها بأقوال المشايخ صارت بدعة منكرة.
ومَن بَنَى دعوته في التزكية والإحسان وتهذيب النفس على مقامات وأحوال الصوفية المخترعَة، والتي تنتهي عندهم إلى الفناء ووحدة الوجود؛ فهذه دعوة ضلال وغي، لا هداية ورشد، وهي شر البدع؛ خصوصًا مَن وَصَل في الغلوِّ في المشايخ إلى درجة عبادة قبورهم، وطلب قضاء الحاجات، ودفع الكربات والمضرات منهم، واستغاث بهم وحَلَف بهم، وطاف بقبورهم؛ فهذا هو الشرك الأكبر، وإن كان الجهل بآثار الرسالة في المتأخرين، وقِلَّة العلم قد انتشرت؛ فلا بد مِن إقامة الحجة، واستيفاء الشروط وانتفاء الموانع قبل تكفير المعين منهم، كما نَصَّ عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة دعاء الأموات وغيرهم -كما سيأتي بيانه إن شاء الله-.
وأشد من ذلك خطرًا وبدعة وضلالًا: القول بوحدة الوجود، وأن الكونَ كله شيءٌ واحدٌ؛ فهذا الكفر الأكبر الذي هو شر مِن كفر المشركين، واليهود والنصارى، الذين كَفَّرهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال إبراهيم صلى الله عليه وسلم في محاجة قومه: (‌لَئِنْ ‌لَمْ ‌يَهْدِنِي ‌رَبِّي ‌لَأَكُونَنَّ ‌مِنَ ‌الْقَوْمِ ‌الضَّالِّينَ) (الأنعام: 77)، فدلَّ ذلك على أن الهدى هو مِن عند الله في الوحي المنزَّل، وإلا كان الضلال، وهو يرشد قومه إلى أن أصنامهم لا تهديهم ولا تبيِّن لهم شرعة ولا منهاجًا، حتى يخترعَ أحبارُهم ورهبانُهم وسدنتُهم هذه الشرعة والمنهاج، كما قال تعالى عن العِجْل الذي عبده بنو إسرائيل: (‌أَلَمْ ‌يَرَوْا ‌أَنَّهُ ‌لَا ‌يُكَلِّمُهُمْ ‌وَلَا ‌يَهْدِيهِمْ ‌سَبِيلًا ‌اتَّخَذُوهُ ‌وَكَانُوا ‌ظَالِمِينَ) (الأعراف: 148).
فلا بد في الهداية من مرجعية الوحي، وعلى كلِّ أحدٍ أن ينظر في نصيبه اليومي من الوحي؛ كتابًا وسُنَّة؛ فهل تعلمتَ اليوم آية وتفسيرها، وقرأتها وتدبرتها، وعَلِمت ما فيها من العقيدة والأحكام والتزكية؟! وهل تعلمت حديثًا وشرحه، وطبَّقتَ ذلك عمليًّا في نظام حياتك اليومية؟!
ولتحذر -أخي الكريم- أن تكون مجردَ مقلدٍ لمشايخك، وللدعاة الذين تسمع لهم؛ فإنهم لن يغنوا عنك شيئًا إن لم تحصِّل نصيبك من الوحي.
الفائدة الثانية: دين الأنبياء واحد، وهو دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وهو دين محمدٍ صلى الله عليه وسلم الذي قال: "نحن معشر الأنبياء إخوة لعلات، دينهم واحد وأمهاتهم شتى"، أي: شرائعهم مختلفة، وهذا الدِّين مبنيٌّ على الوحي، وقد مَرَّ بك -أيها القارئ الكريم- حديثُ أبي ذر الطويل، وما فيه من ذكر ما كان في صحف إبراهيم، وما فيها من المواعظ الجسيمة العظيمة، كما ذكر ذلك الحافظ المنذري بعد أن ساقه في الترغيب والترهيب، وهو إن كان ضعيف الإسناد؛ إلا أن ما فيه قد دَلَّ عليه الوحي قطعًا؛ كتابًا وسُنَّة، فنحن نقبل ما فيه مِن الحق وإن لم يصح إسنادُه.
والوحي جاء بالتوحيد، قال الله -تعالى- لموسى -عليه الصلاة والسلام- الذي خصَّه بالتكليم، ونص على ذلك في هذه الآيات، فقال: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)، فقال في أول ما كلمه: (‌إِنَّنِي ‌أَنَا ‌اللَّهُ ‌لَا ‌إِلَهَ ‌إِلَّا ‌أَنَا ‌فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي . إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى . فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى) (طه: 14-16).
فعبادة الله وحده، والإيمان باليوم الآخر والاستعداد له، هو أساس ما أوحاه الله للأنبياء، وقد أكثر الله من ذكر إبراهيم صلى الله عليه وسلم وبراءته من الشرك وأهله في غير موضعٍ من الكتاب العزيز، وهذا الذي يهدم فكرة الدِّين الإبراهيمي الجديد المزعوم، القائم على المساواة بين الشرك والتوحيد، وتجويز عبادة غير الله، وتصحيح دين مَن كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء، فحقيقة هذا الدين المخترع: هدم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، والكفر بالوحي الذي أوحاه إلى أنبيائه ورسله، وخاصة القرآن العظيم.
ولينتبه المسلمون إلى أن عنوان: "الدين الإبراهيمي الجديد" يرفضه الناس في بلاد المسلمين رسميًّا، لكنَّ الخطرَ هو قبول الأفكار التي تضمَّنها هذا الدين، بل والدعوة إليها، كما يكرِّرون في مؤتمراتهم وملتقياتهم على نشر القِيَم المشتركة بين الأديان، ويهملون القِيَم الفارقة بين الحق والباطل، التي أنزلها الله وسمَّاها الفرقان، قال الله تعالى: (‌وَأَنْزَلَ ‌الْفُرْقَانَ) (آل عمران: 4)، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ‌وَيُكَفِّرْ ‌عَنْكُمْ ‌سَيِّئَاتِكُمْ) (الأنفال: 29).
فلا بد مِن نشر الفرقان، ولا بد أن نعرف صفةَ مَن كَذَّب الرسل في الكتاب والسنة؛ فهم قد وُصِفوا ووسموا بالشرك والكفر، وتوعَّدهم اللهُ بالنار، ومَن تأمل ما يُسمَّى بوثيقة الأُخوة الإنسانية، ووثيقة مكة، ومخرجات مؤتمر نشر القِيَم المشتركة بين الأديان، وبيانات لقاءات قادة الأديان؛ يجد هذا المعنى مقبولًا واضحًا جليًّا في كل ذلك، بل مصرِّحًا به!
فالحذر الحذر أيها المسلمون من هذا الخطر الداهم.
وللحديث بقية إن شاء الله.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 83.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 80.87 كيلو بايت... تم توفير 2.63 كيلو بايت...بمعدل (3.15%)]