ضياع الأعمار في القيل والقال - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الأقصى يصرخ.. فهل من مجيب؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          كثرت المآسي والآلام فمتى الاستيقاظ والعودة؟‍!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          حسن التصرّف والوعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          موقف خلفاء المسلمين من اليهود والنصارى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 285 )           »          هل يضرب المسلمون رقاب بعضهم بعضا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          النفوس في سورة يوسف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          عيد الأضحى على الأبواب.. خطوات سهلة لتنظيف الشواية بسهولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 85 )           »          طريقة عمل إكلير الشيكولاتة بالمنزل في 10 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 90 )           »          زهور طبيعية تنشر الطاقة الإيجابية وتعطر المنزل.. تنفع تقدمها هدية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          5 أطعمة ومشروبات مناسبة لموجة الحر والامتحانات.. منعشة ومغذية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-08-2023, 02:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,407
الدولة : Egypt
افتراضي ضياع الأعمار في القيل والقال

ضياع الأعمار في القيل والقال

محمود الدوسري


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:
اللِّسانُ نِعْمَةٌ من نِعَمِ اللهِ العظيمةِ، وهو صَغِيرٌ في حَجْمِه، عظيمٌ في آثارِه الحسنةِ والسيئةِ؛ إذْ لا يَسْتَبِينُ الكفرُ والإيمانُ إلاَّ بِشهادَةِ اللِّسانِ، ولا ينجو مِنْ شَرِّ اللِّسانِ إلاَّ مَنْ قيَّدَه بِلِجَامِ الشَّرْعِ؛ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» (صحيح – رواه الترمذي).
قال ابنُ رَجَبٍ رحمه الله: (هذا يدلُّ: على أنَّ ‌كفَّ ‌اللِّسانِ ‌وضبْطَه وحَبْسَه هو أَصْلُ الخَيرِ كُلِّه، وأنَّ مَنْ مَلَكَ لِسانَه؛ فقد مَلَكَ أمْرَه وأحْكَمَه وضَبَطَه.

وظاهرُ الحديثِ يدلُّ: على أنَّ أكثَرَ ما يَدْخُلُ النَّاسُ به النَّارَ النُّطقُ بِألْسِنَتِهِمْ؛ فإنَّ معصيةَ النُّطْقِ يَدْخُلُ فيها الشِّركُ؛ وهو أعظمُ الذُّنوبِ عندَ الله عز وجل، ويَدْخُلُ فيها القولُ على اللهِ بغيرِ عِلْمٍ؛ وهو قَرِينُ الشِّرْكِ، ويَدْخُلُ فيه شَهَادَةُ الزُّورِ التي عَدَلَتِ الإشراكَ بالله عز وجل، ويَدْخُلُ فيها السِّحْرُ، والقَذْفُ وغيرُ ذلك مِنَ الكبائرِ والصَّغائرِ؛ كالكَذِبِ، والغِيبةِ، والنَّميمةِ. وسَائِرُ المعاصي الفِعْليةِ لا يخلو غالباً من قَولٍ يَقْتَرِنُ بها يكون مُعِينًا عليها).


والنبيُّ صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يُحَذِّرُ مِنْ شَرِّ اللِّسَانِ؛ كقولِه: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» (رواه البخاري ومسلم). وقولِه: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا؛ يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ» (رواه البخاري).
قال النوويُّ رحمه الله: (يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ النُّطْقَ بِكَلَامٍ أَنْ يَتَدَبَّرَهُ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ نُطْقِهِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ مَصْلَحَتَهُ تَكَلَّمَ؛ وإلاَّ أَمْسَكَ). وقال أيضًا: (يَنْبَغِي لِكُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ جَمِيعِ الكَلامِ، إِلاَّ كَلَامًا ظَهَرَتْ فِيهِ المَصْلَحَةُ، ‌ومَتَى ‌اسْتَوَى ‌الكَلَامُ وَتَرْكُهُ فِي المَصْلَحَةِ؛ فالسُّنَّةُ الإمْسَاكُ عَنْهُ).

قال ابنُ بُرَيدةَ رحمه الله: (‌رأيتُ ‌ابنَ ‌عبَّاسٍ ‌أَخَذَ ‌بِلِسَانِه وهو يقولُ: "وَيْحَكَ! قُلْ خَيرًا تَغْنَمْ، أو اسْكُتْ عَنْ سُوءٍ تَسْلَمْ، وإلاَّ فاعْلَمْ أَنذَكَ سَتَنْدَم؟!". فقيل له: يا أبا عَباسٍ! لِمَ تقولُ هذا؟ قال: "إنه بَلَغَنِي أَنَّ الإنسانَ ليس على شيءٍ من جَسَدِه أشدَّ حَنَقًا أو غَيْظًا يوم القيامةِ منه على لِسَانِه، إلاَّ مَنْ قالَ بِهِ خَيْرًا أو أَمْلَى به خَيْرًا").
وقال الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ رحمه الله: (‌مَا ‌حَجٌّ ‌وَلَا ‌رِبَاطٌ وَلَا جِهَادٌ أَشَدَّ مِنْ حَبْسِ اللِّسَانِ، وَلَوْ أَصْبَحْتَ يُهِمُّكَ لِسَانُكَ أَصْبَحْتَ فِي غَمٍّ شَدِيدٍ).


ولا بُدَّ مِنَ البُعْدِ عَنْ فُضُولِ الْكَلَامِ؛ قال اللهُ تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114]. قال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: (‌أَنْذَرْتُكُمْ ‌فُضُولَ الْكَلَامِ، بِحَسْبِ أَحَدِكُمْ مَا بَلَغَ حَاجَتَهُ). وقال ابنُ القَيِّمِ رحمه الله: (وأمَّا ‌فُضُولُ الْكَلَامِ؛ فإنَّها تَفْتَحُ لِلْعَبْدِ أبوابًا من الشَّرِّ، كُلُّهَا مَداخِلُ للشيطانِ، فإِمْسَاكُ ‌فُضُولِ الْكَلَامِ يَسُدُّ عنه تلك الأبوابَ كلَّها، وكَمْ مِنْ حَرْبٍ جَرَّتْهَا كَلِمَةٌ واحدةٌ، وأكثَرُ المعاصي إنَّما تَوَلُّدُهَا مِنْ ‌فُضُولِ الْكَلَامِ والنَّظَرِ، وهُمَا أَوْسَعُ مداخِلِ الشيطانِ، فإنَّ جَارِحَتَيْهِمَا لا يَمَلَّانِ ولا يَسْأَمَانِ، بِخِلافِ شَهْوةِ البَطْنِ؛ فإنه إذا امْتَلَأَ لَمْ يَبْقَ فيه إرادةٌ للطعام، وأمَّا العَيْنُ واللِّسَانُ فلو تُرِكَا لَمْ يَفْتُرا من النَّظَرِ والْكَلَامِ، فَجِنَايَتُهما مُتَّسِعَةُ الأَطْرَافِ، كَثِيرةُ الشُّعَبِ، عَظِيمَةُ الآفَاتِ).


ومِنْ صُوَرِ ضَيَاعِ الأَعْمَارِ فِي القِيلِ والقَالِ: الْغِيبَةُ؛ وهي ذِكْرُ الإنسانِ في غَيْبَتِهِ بِمَا يَكْرَهُ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ» ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ؛ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ؛ فَقَدْ بَهَتَّهُ» (رواه مسلم).

وقد بيَّنَ النوويُّ رحمه الله – بأن الْغِيبَةَ لها حالاتٌ كثيرةٌ؛ فقال: (فأما الْغِيبَةُ: فهي ذِكْرُكَ الإنسانَ بِمَا فيه، مِمَّا يَكْرَهُ؛ سواء كان في بَدنِه، أو دِينِه، أو دُنياه، أو نفسِه، أو خَلْقِه، أو خُلُقِه، أو مالِه، أو ولدِه، أو والدِه، أو زوجتِه، أو خادمِه، أو عمَّامتِه، أو ثوبِه، أو مِشْيتِه، وحركتِه، وبَشاشَتِه، ‌وعَبُوسِه، ‌وطَلاقَتِه، أو غيرِ ذلك مِمَّا يَتَعَلَّقُ به، سواء ذَكَرْتَه بِلَفْظِكَ، أو كِتابِكَ، أو رَمَزْتَ، أو أَشَرْتَ إليه بِعَينِكَ، أو يَدِكَ، أو رَأْسِكَ، أو نَحْوِ ذلك).

وقال اللهُ تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12]. قال قَتَادَةُ رحمه الله: (كَمَا يَمْتَنِعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيِّتًا؛ كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ غِيبَتِهِ حَيًّا). ‌وَاسْتَعْمَلَ ‌أَكْلَ ‌اللَّحْمِ مَكَانَ الْغِيبَةِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الغَائِبِ بِمَنزِلَةِ أكْلِ لَحْمِهِ، وهو مَيِّتٌ).
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَارْتَفَعَتْ رِيحُ جِيفَةٍ مُنْتِنَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَدْرُونَ ‌مَا ‌هَذِهِ ‌الرِّيحُ؟ هَذِهِ رِيحُ الَّذِينَ يَغْتَابُونَ الْمُؤْمِنِينَ» (حسن – رواه أحمد).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا عُرِجَ بِي؛ مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ» (صحيح – رواه أبو داود). قال الحَسَنُ البَصْرِيُّ رحمه الله: (وَاللَّهِ؛ ‌لَلْغَيْبَةُ ‌أَسْرَعُ فِي دِينِ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْأَكْلَةِ فِي جَسَدِهِ).


ومَنْ جَلَسَ مع قَوْمٍ يَغْتَابون النَّاسَ؛ فهو شَرِيكُهُمْ، إنْ لَمْ يُنْكِرْ بِلِسَانِهِ، أو يُفارِق المَجْلِسَ، قال النوويُّ رحمه الله: (اعْلَمْ أنَّ الْغِيبَةَ كما يَحْرُمُ على ‌المُغْتابِ ‌ذِكْرُها، ويَحْرُمُ على السَّامِعِ اسْتِمَاعُها وإقرارُها، فيجِبُ على مَنْ سَمِعَ إنسانًا يَبْتَدِئُ بِغِيبَةٍ مُحَرَّمَةٍ أنْ يَنْهَاهُ - إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا ظاهِرًا، فإنْ خَافَ الضَّرَرَ؛ وجَبَ عليه الإِنْكارُ بِقَلْبِهِ، ومُفارَقَةُ ذلك المَجْلِسِ، قال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68].


أيها المسلمون.. ومِنْ أَبْرَزِ صُوَرِ ضَيَاعِ الأَعْمَارِ فِي القِيلِ والقَالِ: المَشْيُ بَيْنَ النَّاسِ بِالنَّمِيمَةِ؛ وهي نَقْلُ الْكَلَامِ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ جِهَةِ الإِفْسَادِ، وقد حَذَّرَنا اللهُ تعالى منها، ومِنْ صَاحِبِهَا، فقال سبحانه: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: 10، 11]. أي: الذي يَمْشِي بين النَّاسِ، ويُحَرِّشُ بَيْنَهُمْ، ويَنْقُلَ الحديثَ؛ لِفَسَادِ ذَاتِ البَيْنِ، وهِيَ الحَالِقَةُ.

وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ؛ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّهُ، وَشِرَارُ عِبَادِ اللَّهِ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ، الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ، الْبَاغُونَ الْبُرَآءَ الْعَنَتَ» (أي: المَشَقَّةَ والفَسَادَ والهَلَاكَ) (حسن – رواه أحمد). وقال صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ» ؟ (أي: البُهْتَانُ والكَذِبُ الذي لا حَقِيقَةَ له) «هِيَ النَّمِيمَةُ الْقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ» (أي: كَثْرَةُ القَوْلِ، وإِيْقَاعُ الخُصُومَةِ بين النَّاسِ) (رواه مسلم).

فالنَّمُّ خُلُقٌ ذَمِيمٌ؛ لأنَّه بَاعِثٌ لِلْفِتَنِ، قَاطِعٌ لِلصِّلَاتِ، زَارِعٌ لِلْأَحْقَادِ، مُفَرِّقٌ لِلْجَمَاعَاتِ، يَجْعَلُ الصَّدِيقَيْنِ المُقَرَّبَيْنِ عَدُوَّيْنِ، والأَخَوَيْنِ الحَبِيبَينِ أَجْنَبِيَّينِ، فَالنَّمَّامُ يَصِيرُ كالذُّبَابِ يَنْقُلُ الجَراثِيمَ.

والنَّمَّامُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مرَّ بِقَبْرَيْنِ فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ»، ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا» (رواه البخاري).
والجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ؛ فكَمَا أَنَّ النَّمَّامَ أَشْعَلَ نَارَ الفِتْنَةِ بين النَّاسِ، أَشْعَلَ اللهُ عليه قَبْرَهُ. وقال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ» (رواه مسلم). وفي روايةٍ: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ» رواه مسلم). قال النوويُّ رحمه الله: (القَتَّاتُ ‌والنَّمَّامُ بِمَعْنَى واحِدٍ).

وقال ابنُ حَجَرٍ رحمه الله: (وَقِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَتَّاتِ وَالنَّمَّامِ: أَنَّ النَّمَّامَ ‌الَّذِي ‌يَحْضُرُ ‌الْقِصَّةَ فَيَنْقُلُهَا، وَالْقَتَّاتُ الَّذِي يَتَسَمَّعُ مِنْ حَيْثُ لَا يُعْلَمُ بِهِ ثُمَّ يَنْقُلُ مَا سَمِعَهُ).
‌احْفَظْ ‌لِسَانَكَ ‌أَيُّهَا الْإِنْسَـــــــانُ ** لَا يَلْدَغَنَّكَ إِنَّهُ ثُعْبَــــــــــانُ
كَمْ فِي الْمَقَابِرِ مِنْ قَتِيلِ لِسَانِهِ ** كَانَتْ تَهَابُ لِقَاءَهُ الشُّجْعَانُ








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.40 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.10%)]