أيها الكبار .. الخلاف فرصة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب مداخل إعجاز القرآن للأستاذ محمود محمد شاكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 1163 )           »          مظاهر الإنحرافات العقدية عند الصوفية وأثرها السئ على الأمة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 63 - عددالزوار : 6769 )           »          مقصد الاجْتِمَاعِ وَمَكَانَتُهُ عند شيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          «سنة أولى التزام» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          تربية الآباء قبل تربية الأبناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          إشكالية تربية الأولاد وأزمة الجيل الناشئ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 82 )           »          البحث عن حياء..!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 87 )           »          موقف خلفاء المسلمين من اليهود والنصارى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 83 )           »          مشكلات في طريق الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 201 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-01-2022, 02:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,919
الدولة : Egypt
افتراضي أيها الكبار .. الخلاف فرصة

أيها الكبار .. الخلاف فرصة



يقرر الله تعالى في كتابه الكريم مفهوماً من أعظم المفاهيم أثراً في حياتنا اليومية، وهو أن الخلاف بين الناس سنة ماضية متى ما وجد الإنسان في الدنيا، ولن تأتي اللحظة التي يجتمع فيها الناس على رأي واحد، قال تعالى {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118] ذلك أن هذا الخلاف مما اقتضته حكمة الله تعالى، ولو أراد أن يكون الناس على رأي واحد مؤتلفين متفقين لكان ذلك، بل في سياق الآيات فيما بعد هذه الآية يقرر القضية بأكبر من هذا في قوله تعالى {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119].

إن مشكلتنا مع المفاهيم أننا نؤمن بها في سياقها النظري، ونقررها في مواقف كثيرة، فإذا ما قربت الصورة النظرية التي كنا نقرر فيها مواقفنا على رأي الشرع حتى صارت هي الصورة العملية في حياتنا، وعشنا الخلاف حقيقة عملية واقعية من خلال ما نلقى من مواقف في حياتنا اليومية رمينا بذلك المفهوم عرض الحائط ونسينا أصل المسألة الشرعي، وتاهت ألسنتنا في أعراض المخالفين ترصد تاريخهم، وتبين عيوبهم، وترمي بفضائلهم لا تلوي عليها عنقاً، وكل ذلك جلبة منا على الخلاف، ورفض معلن لصورته الواقعية، وإن كنا نؤمن قبل ذلك بصورته المثالية النظرية.

إن الواقع الذي نعيشه اليوم بات يقرّب الصور التي نقرأها في حياة السابقين إلى صور عملية واقعية، نخوض فيها تجربة العمل بالعلم، ونطبّق فيها العلم حياً على أرض الواقع، ولذلك نرى في صور كثيرة تبدو اليوم أننا أمام صور تختلط فيها الأوراق، ونقف عاجزين عن تمثّل العلم في حياتنا بصورة واقعية، وبتنا لجدة الخلاف العملي نعثر في التطبيق مراراً.

إن كثيراً منا يقرر المسألة الفقهية في أحيان كثيرة في ذهنه ويحشد لها الأدلة الكفيلة ببيان الحق فيها ويقرر عليها القواعد والأصول التي ترجع إليها، ولما يأتي إلى التطبيق في أبسط صورة تختل الصورة من جديد، ويتضح لذلك القائل أن المسألة أثناء تنزيلها للواقع اختلفت عن تأطيرها وتقريرها في الظاهر.. وخذ مثل ذلك من يفتي الناس في مسألة من المسائل، ثم تقع له المسألة عملياً يجد نفسه بحاجة إلى إعادة تأمل فيما قال أول وهلة.. وكل ذلك يدلنا على الفرق الهائل بين المسألة المعرفية البحتة، وبين صورتها العملية التطبيقية في أرض الواقع.

إنني أكتب هذه الأسطر وأنا أرى صوراً في الوقع مؤلمة تبدو وهي تحترق تماماً أمام لغة الخلاف، وترمي بكل أصول العلم وآدابه عرض الحائط، وتقرّر شعرت أو لم تشعر أن من حاول أن يقول برأيه في مسألة من المسائل مخالفة لما عليه الواقع ولو كان لها أصل أو دليل أو وجه دلالة من دليل سيطال نسبه في العلم، وتُتهم نيته، ويساء تاريخه، ويبحث عن أسباب قوله بما يجعله مغموساً في التهمة حتى الثمالة وكل ذلك لمحاولة لإركاسه في التقليد الذي ترعرع في رحابه، وعاش في أكنافه.

إن أدرك أن واجب العلم يحتّم على صاحبه أن يقول الحق، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويدافع كل قول دخيل على الحق لكن كل ذلك مقرون بروح العلم، ولباس الأدب وإلا صار نزاع عوام على أرض! ونشوب خلاف بين فريق كرة في أرض ملعب!

إن الخلاف فرصة للتدريب على سعة الصدر، وقبول قول المخالف مهما كان، وفرصة لتدريب النفس على الحوار، وفرصة كذلك للتعمّق في فقه المسألة وفهم القضية ومعرفة وجه الدلالة فيها، وهل ترتكز على دليل قاطع من كتاب أو سنة أو إجماع أو بنيت على دلالة ظنية؟ وفرصة كذلك على التركيز على ما نراه خطأ من قول المخالف وتجنّب التهجّم على الأشخاص مهما كانت الدواعي والأسباب.

وفرصة كذلك لتنزيل المفاهيم الكبرى في كتاب الله تعالى على أرض الواقع كالعدل مع المخالف، وحسن الظن به، وحمل كلامه على أحسن محامله، وتفعيل النصيحة بطرقها وآدابها وآلياتها كما جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث "الدين النصيحة" وفرصة على حمل النفس على الصبر وأطرها عليه، وتهذيبها بمعانيه الكبار.

إننا بحاجة كبيرة إلى إدراك أن قضية الخلاف لم تولد اليوم بل ولدت من زمن ولادة الإنسان، وستظل ترافقه وتنمو معه مع مرور الأيام، وإن كانت لم تنمو في بلد من البلاد بشكل صحيح ظاهر فإن الأيام القادمة كفيلة بأنها ستشب على غير العادة، وستتوسع بقدر لم يكن معروفاً في أزمان مضت، وعلينا ألا نقف في وجهها حتى تنمو، وإنما نفسح لها الطريق ونتيح لها المكان، ونكون مع كل ذلك جاهزين ليس لحربها ونسفها والجلبة عليها وتهويل آثارها، وإنما بالاستفادة منها، وقبولها بالقدر الذي يتيح للعقل التفكير فيها بقوة وإعمال قوته في الوصول للحق بالطريق الصحيح.

إننا نحارب اليوم وبقوة قضية الخلاف لخوفنا أنها تميّع الحق، وتجعل له أبوباً مشرعة يطل منها أصحاب الباطل في كل لحظة، ومع أن هذا صحيح من جهة إلا أن عوائد الخير فيها كثيرة، ولم لم يكن فيها إلا تحرير العقل من الحصار المفروض عليه لكان كافياً بالاحتفاء، على أن الحق أبلج من كل دعوى، ويظل له طعماً زاكياً يدعو الناس للاغتراف منه، وله روحاً زكية تنفد إلى قلوب الخلق فيعلق بها ويكوّن تاريخها المأمول. {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17].

________________________________________________
الكاتب: د. مشعل عبدالعزيز الفلاحي











__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.54 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.33%)]