العلم والجرأة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 117 )           »          لماذا سقطت.. الأندلس؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 113 )           »          العدل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 133 )           »          من أساليب التربية في القرآن الكريم ، الحكمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 119 )           »          في الحاجة إلى تعليم التفكير الإبداعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 146 )           »          الدعاة ودورهم في النهوض ببيئة المجتمع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 223 )           »          المصطلحات الدالة على الأقوال من حيث الاعتماد وعدمه(الشافعى) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 185 )           »          القرآن سكينة القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 166 )           »          الوصية بـ (أحسن إلى جارك تكن مؤمنا) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 202 )           »          منطق المستهزئين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 240 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-12-2021, 03:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,160
الدولة : Egypt
افتراضي العلم والجرأة

العلم والجرأة


أحمد الجوهري عبد الجواد





طلب العلم.. قضايا ووصايا

العلم والجرأة


أحسب أنَّ الجرأة صفةٌ ملازمةٌ للعلم لا تنفكُّ عنه بحال من الأحوال؛ فهي صفة مطلوبة للعلم في جميع المراحل.
الجرأة في مرحلة الإقلاع والوثوب، وأعني بها جرأةَ الإنسان العاديِّ في أن ينتقل بنفسه إلى مصافِّ أهل العلم؛ إلى دائرة العلم وطلبه.
فبعدما كان من المؤمنين، رغب في أن يكون من علماء المؤمنين الذين يعلِّمون المؤمنين العلمَ، وهؤلاء لا ريب أعلى درجةً، كما قال الله تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]، ومن ثم استشهد بهم كما يوضِّحه قوله تعالى‏:‏ ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴾ [آل عمران: 18].

هذا الإنسان العادي يحتاج أن يتخذ هذا القرارَ بجرأة، أن تكون عنده الشجاعة والإقدام ليتخذ هذا القرار، وفي أن يبدأ في تنفيذه فورًا، وفي أن يتحمل تبعاتِه.
وهكذا الإنسان العادي يحتاج إلى الجرأة في ولوج باب العلم، فيرتبط بالجرأة مع أول خطوة يخطوها باتجاه العلم، وهذه أول مراحلها.

فإذا كان - بعد هذه المرحلة - من طلبة العلم، وأصبح من الذين يحرصون على تلقِّيه، احتاج إلى الجرأة مرة ثانية؛ أن تكون عنده الجرأة لاقتحام العلوم، ما كان منها محبَّبًا إلى نفسه وما لم يكن كذلك، يحتاج إلى جرأة في هذه المرحلة، يحتاج إلى شجاعة وإقدام، يحتاج أن يدخل بنفسه إلى هذه الأبواب، وأن يَرِدَها ويطرقها ويلجها، وهذه هي مرحلة الشمولية في طلب العلم.

كذلك يحتاج طالب العلم الشموليُّ الجرأة، فبعدما مر على جميع العلوم، وأخذ فكرة عنها، وتصوَّرَ مسائلها تصورًا صحيحًا، يحتاج إلى أن يدخل مرحلة جديدة هي مرحلة التخصص، وهذه أيضًا تحتاج إلى جرأة، تحتاج إلى شجاعة وإقدام، تحتاج إلى قرار؛ فقد يظلُّ الإنسان في دائرة التِّيهِ مع العلوم ينتقل من دراسة في كتاب في فن من الفنون إلى كتاب آخرَ في نفس الفن، أو إلى كتاب آخر في فن آخرَ، لكنه لا يتخذ القرار لأن يثبت على اتجاه واحد وفي تخصص منفرد، وأن يلج هذا الباب القويم العظيم؛ أن يكون متخصصًا في باب من أبواب العلم، هذا يحتاج منه إلى جرأة، يحتاج إلى شجاعة، يحتاج إلى جرأة ليتخصص الطالب وينال من التخصص قدرًا لا بأس به، يستطيع من خلاله أن يلمَّ بمسائل العلم وأن يتعرف عليها، وهذا يحتاج إلى جرأة.

يحتاج المتخصص الملمُّ بمسائل العلم الذي وفَّر نفسه عليه إلى جرأة في مجال جديد مطلوب بقوة، إنه مجال التصنيف، جرأة تجعله يُقدِم على هذه المرحلة الجديدة مرحلة التصنيف، المرحلة التي فيها يجمع المسائل ويرتِّبها ويؤلِّف بينها، الجرأة التي تعطيه أن يحرِّر المسائل، الجرأة التي تعطيه القوة والمُكنة لأن يقف على أقوال أهل العلم بأدلتها، وأن يختبر هذه الأدلة، وأن يرى ما الذي يصفو منها، وفي النهاية يرجِّح بين الأقوال بما يستلزمه الترجيحُ من أدوات، وهذه أيضًا تحتاج إلى جرأة.

يحتاج العلم إلى جرأة في مرحلة جديدة بعد التصنيف، ألا وهي تعليم العلم؛ فلا يحتفظ الإنسان لنفسه بالمعلومات، بل يجب عليها أن ينقلها من دائرة نفسه ومن دائرة حظه إلى دائرة غيره، أن يُلقيها إلى غيره، وهذه أيضًا تحتاج إلى جرأة، تحتاج إلى شجاعة وإقدام؛ ليخطو المتعلم هذه الخطوة، وأن يقدم على هذه المرحلة الجديدة؛ بعدما تعلم وتشبَّع بالعلم ينقله إلى غيره، يعلِّمه لغيره، ينقل الملَكاتِ والخبرات والدرايات التي اكتسبها في مرحلته الطويلة مع العلم، ينقل هذا كلَّه إلى الجيل الجديد المتعطش للعلم، وأن يكون له أسلوبه الخاص في هذا، وأن تكون له طريقته الخاصة في هذا، أو يختار طريقة من الطرق المعروفة المعهودة يتقنها ويهيمن عليها ويتصرَّف فيها كما يشاء وكما يحلو له، بقدر ما تهبه ملكاته على ذلك من قدرات.
يحتاج العلم إلى الجرأة والإقدام على هذه المرحلة.

كذلك يحتاج العالم - قد صار الآن عالمًا، أو نقول: طالب علم متمكِّن، طالب علم مقتدر، طالب علم راسخ القدم في العلم - نستطيع الآن أن نخاطبه وأن نقول: يحتاج إلى مرحلة جديدة، يحتاج إلى جرأة في نقلة جديدة، هذه المرحلة الجديدة هي لقاء الناس، أن ينشر العلم في الناس، أن يقف بعلومه على العامة يواجِهُهم بها، يدرِّسهم إياها، يدعو ويعظ ويعرِّف ويعلِّم، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يُفشي العلمَ في الناس، وهذه المرحلة لا ريب تحتاج إلى جرأة، ينبغي ألا يظل قابعًا في مكتبه، داخل غرفته، بين كتبه ومجلداته، قد وضع عينيه بين سطور الكتب يتأمل فيها، يواجه أفكارًا ويواجه علماء سابقين ويواجه آثارهم، نحن نحتاجه لمرحلة جديدة؛ أن يواجه الناس، الواقع، أن يواجه الأفكار الموجودة في زمانه بالفعل، أن يواجه الناس المعاصرين له، يخرُج من الكتابة والقلم والمكتب والدفتر، إلى مواجهة الأسماع والأبصار والعقول التي تذهب وتروح هنا وهناك في داخل المجتمع، يحتاج منه هذا إلى جرأة وشجاعة وإقدام؛ لأنه سيواجه أفراد الناس بمختلف طبقاتهم، بمختلف توجُّهاتهم، وبمختلف أفكارهم.

كذلك يحتاج العالم إلى جرأة في مرحلة جديدة بعد هذه المواجهة، وهي نتيجة حتمية للمرحلة الحالية، فإذا استوى على هذه القمة نطالبه بجرأة من نوع جديد، هذه الجرأة التي نطالبه بها تتمثل في أن ينظر في حوادث الناس التي لم يتحدَّثِ الشرعُ فيها نصًّا، التي لم يتكلم الشرع فيها صراحة، التي لم تنص نصوصُ الشرع عليها بأعيانها، فيتكلم في حلِّ هذه الأشياء، يجد لها حلًّا في داخل الشرع، بأدوات الشرع المختلفة، عن طريق الاجتهاد على أصول الكتاب والسُّنة.
ولا بد ليجتهد في هذا الباب من أن يجد الجرأة في نفسه له.

بعد هذه المرحلة ينتقل العالم إلى مرحلة جديدة تُصاحِبُه فيها أيضًا الجرأة والشجاعة والإقدام، الجرأة كما قلت: لا تنفك عن العلم في أي مرحلة من هذه المراحل، كأنما هي تُولَد مع العلم وتموت مع العالم.
وهذه المرحلة أشدُّ المراحل في طلب الجرأة والاحتياج إليها، وهي الجرأة في أن يرفع العالم صوت الدين عاليًا، وأن يرفع شعاره سامقًا، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بمعروف وبغير منكر، فيُشِيعُ العلمَ في الناس، ويشيعه في الحوادث الجديدة، ويشيعه أيضًا في المطالبة بأن يكون هذا العلم منهجَ الحياة الدنيا بين الناس، وأن يجاهر به، وألا يخشى في إظهاره والقول به والصدع بما فيه من حقٍّ لا يخشى لومة لائم.

سيلقى من الرؤساء والمرؤوسين من يكره الحقَّ، وربما يُعادُونه لأجل قيامه به، فلا يتراجع ولا يضطرب موقفُه عن المعهود عنه من الالتزام بنصوص الشرع، فليلزم غَرْزَه، وليقُل ما يمليه عليه كتاب الله وسنةُ رسوله، وليجهر بذلك بعلمٍ وحكمة، والله مُبلغه هدفَه، ومنجحٌ قصدَه.
هذه هي الجرأة التي يحتاجها العلم في كل المراحل، يحتاج الجرأة من أول لحظة قرَّر فيها الإنسان العادي أن يكون في زمرة العلماء، إلى آخر لحظة ربما تنتهي فيها حياتُه، لأجلِ أن يجهر بالحق في وجه الغاضب من الحقِّ والكاره له، لتسمع الدنيا بلا إله إلا الله في جميع ساحات الحياة، مهما كانت الظروف ومهما كانت الأحوال.

هذه هي الجرأة التي يحتاج إليها العلم.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما يعلمنا، وأن يقيمنا بالعمل على ما نقول، وأن يتقبل منا، إنه هو السميع العليم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.46 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.20%)]