|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
اشتراط عدم الإنجاب في الزواج
اشتراط عدم الإنجاب في الزواج الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أنا رجلٌ متزوِّجٌ، اشترطتْ عليَّ زوجتي منذ بداية الزواج عدمَ الإنجاب، ولم تكن تُريد الزواج أصلًا، وقد تزوَّجنا وحصَل حملٌ، فأرادتْ إجهاضَ الجنين، فاستخدمتْ أدويةً تسبَّبتْ بنزيف، وتوفِّي الجنين، ولم تُخبرني بذلك. هي تَستغفر الله، وتُريد الذهاب للحج؛ لتُكفِّر عن ذنبها، وقالت لي: إن أَردتَ أن تتزوَّج عليَّ فطَلِّقني أولًا، علمًا بأنها قد اشتَرطتْ هذا أيضًا في عقد الزواج، فماذا أفعل معها؟ وهل يجوز لها هذا الشرط؟ علمًا بأنه موثَّق في العقد! الجواب الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ: فتَعلمُ - أيها الأخ الكريم - أنَّ الإنجاب من أهمِّ مقاصد الزواج، وأعظمِها نفعًا، وأكثرِها فائدةً؛ ففيه بقاءُ الجنس البَشريِّ، وتكثيرٌ للأُمَّة المحمديَّة، فالمؤمنون يَخرُج مِن أصْلابهم مَنْ يَعبُدُ الله، ولا يُشرِك به شيئًا، وقد صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((تزوَّجوا الودُودَ الولودَ؛ فإني مكاثرٌ بكم الأمم))؛ رواه أبو داود. كما أن عدمَ الإنجاب مصادمٌ للفِطرة التي فطَر الله الناس عليها، ومِن ثَمَّ جاءت الشريعةُ الإسلامية موافقةً لِما وضَعه الله في تلك الفِطَر، فحثَّ الشارعُ الحكيمُ على نكاح المرأة الوَلود، وكرِه أن يتزوَّج الرجل بمن لا تَلِد؛ ففي سُنن أبي داودَ وغيره عن مَعقِل بن يسار قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني أصبتُ امرأةً ذاتَ حُسْنٍ وجمالٍ وحسبٍ ومنصبٍ ومالٍ، إلا أنها لا تَلِد، أفأتَزوَّجها؟! فنهاه، ثم أتاه الثانيةَ، فقال له مثل ذلك، ثم أتاه الثالثة، فقال: ((تزوَّجوا الودُودَ الولودَ؛ فإني مكاثرٌ بكم الأُمَم))؛ رواه أبو داود. إذا تقرَّر هذا - سلَّمك الله - علِمتَ أن اشتراطَ زوجتك عليك عدمَ الإنجاب في عقد الزواج، لا يجوز؛ لمخالفته مُقتضى عقد النكاح، ومِن أهل العلم مَن أبطَل العقد والشرط معًا، وهو مذهب الشافعية كما في كتاب (الحاوي)؛ للإمام الماورديِّ الشافعيِّ، ومذهب المالكية كما في (مختصر خليل) وشروحه، ولكنهم فصَّلوا فقالوا: يُفسَخُ ما لم يَدخُل، ولها صَداقُ المثل، فإن دخل ثبَت، ويَسقُط الشرطُ. ومن أهل العلم مَن قال: يَصِحُّ العقدُ، ويَبْطُل الشرطُ، ولا يجوز الوفاءُ به، وهو مذهب الحنفيَّة كما في "الدُّر المختار"، و"حاشية ابن عابدين (رد المحتار)" (3/ 131)، ومذهب الحنابلة كما في "المغني" لابن قدامة (7/ 94)، فقال في مَعرض كلامه على ما يَصِحُّ وما لا يصحُّ من الشروط: "... ما يُبطِل الشرطَ ويُصِحُّ العقدَ، مثل أن يَشترط أنْ لا مهرَ لها، أو ألَّا يُنفِقَ عليها، أو إن أَصْدَقها رجَع عليها، أو تَشترط عليه ألَّا يَطَأَها، أو يَعزِل عنها، أو يَقسِمَ لها أقلَّ مِن قَسْمِ صاحبتها أو أكثرَ، أو لا يكون عندها في الجمعة إلا ليلةً، أو شرَط لها النهارَ دون الليل، أو شرَط على المرأة أن تُنفقَ عليه أو تُعطيه شيئًا، فهذه الشروط كلُّها باطلةٌ في نفسها؛ لأنها تُنافي مُقتضى العقد، ولأنها تتضمَّن إسقاطَ حقوقٍ تَجب بالعقد قبل انعقادِه، فلم يَصِحَّ، كما لو أسقَط الشفيعُ شُفعته قبل البيع، فأما العقد في نفسه فصحيحٌ؛ لأن هذه الشروطَ تعود إلى معنًى زائدٍ في العقد، لا يُشترط ذِكرُه، ولا يَضُرُّ الجهلُ به، فلم يُبطلْه". وفي الختام أَنصحكَ أخي الكريمَ أن تُخبر زوجتَكَ بما سبق ذكرُه، وأن الامتناع عن الإنجاب مصادمٌ ومغايرٌ للفِطرة التي فطَر الله الناس عليها، وللشريعة الإسلامية، وأنه لا يجوز للزوجين الاتفاقُ عليه أبدًا؛ بل الجائز أن يكون مؤقَّتًا ومنظَّمًا، ولكن إن أصرَّت على موقفها، فإن كنتَ مُستطيعًا الزواجَ بأخرى، فتزوَّج دون أن تُطلِّقها، وأَحسِنْ عِشرتها، فقد يكون موقفُها من الإنجاب بسبب عُقَدٍ نفسيَّة ربَّما تَنفرج بطول العِشرة وحُسْن المعاملة. أسأل الله أن يُصلحَ لك زوجتكَ، وأن يَرزُقَك ذُريةً صالحةً
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |