محنة في التعليم .. ودور المعلم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13074 - عددالزوار : 345732 )           »          مكاسب الصحابة الكرام: نموذج في الكسب الحلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          رسول السلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 89 )           »          أسطورة تغيير الجنس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 108 )           »          كنز من كنوز الجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 98 )           »          قواعد نبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 26 - عددالزوار : 4731 )           »          كتاب( مناظرة بين الإسلام والنصرانية : مناقشة بين مجموعة من رجال الفكر من الديانتين ) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 173 )           »          الشاكر العليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 128 )           »          هل هذا شذوذ أو ازدواج في التوجه؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 160 )           »          زوجي مصاب بمرض الفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 135 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-06-2021, 02:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,112
الدولة : Egypt
افتراضي محنة في التعليم .. ودور المعلم

محنة في التعليم .. ودور المعلم
د. محمد بن لطفي الصباغ




أوراق من ذكرياتي



بعد أن أقام المجرمُ حافظ الأسد حكمَه على الحديد والنار، وقام بقتل شباب الإسلام شنقًا وتحت التعذيب، وأقام هذا الحكمَ الاستبدادي على قتْل كل مَن يُخالِفه في الرأي، حتى ولو كان من طائفته، قتَلهم واحدًا في إثر واحد، حتى صفَّاهم، كما قتَل مَن يُخالفه في الرأي من زعماء الحزب الذي زعم أنه هو من قادته؛ فقد حكم على ميشيل عفلق بالإعدام، ولكن عفلق استطاع أن ينجو بهربه إلى صدام حسين الذي آواه وأكرمه، وقتَل صلاح البيطار في باريس، وهمَّش البعثيين من أهل السنة والجماعة، وقرَّر أن يجعل الحكم في سوريا ملَكيًّا لآل الأسد باسم جمهوري، والانتخابات مزوَّرة معيَّنة من قبل أن تَجري.

وأعدَّ ابنه الأكبر (باسل) ليَخلُفه، ولكن الله - عز وجل - أخذه أخذ عزيز مُقتدِر، فحزن قلبه، ثم آل الأمر إلى الابن الثاني الخائن المُجرم بشار.

لما استتبَّ الأمر له، وذلك بأن سرَّح عددًا كبيرًا من الضباط من أهل السنَّة، وسجَن بعضهم وقتَل بعضهم، وعهِد إلى بعضهم بمهمات بعيدة عن الجيش؛ كالتجنيد الإلزامي، والإشراف على مستودعات الألبسة والأحذية، وما إلى ذلك، ومنع دخول أبناء أهل السنَّة والجماعة إلى الكليَّة العسكرية التي تُعِد الضباط بحمص إن كانوا متدينين، ويَحرِص على إدخال الفاسقين والمنحرفين والملحدين من أهل السنَّة في هذه الكلية، وكان عددهم قليلاً جدًّا لا يساوي واحدًا بالمائة من النُّصَيريِّين، وعهِد إلى رجال المخابرات - وهم غالبًا من النصيرية - أن يرفعوا التقارير الدقيقة عن كل طالب داخل للثانوية يريد أن يدخل كليةَ الضباط، وأن يذكر وضْع أسرتِه، ووضْعه؛ هل يصلي؟ هل يسكر؟ هل يلعب بالقمار؟ هل له رِفاق متدينون؟ وبذلك كان عدد الضباط من أهل السنة محدودًا جدًّا.

وسمَح بدخول عدد قليل من أبناء الأقليات الأخرى من النصارى والدروز والإسماعيليِّين، وبذلك حقَّق لطائفته المنقادة له أن تكون هي الحاكمة، وأعلن حُكمَ البلاد بالطوارئ، وملأ السجون، وأصبَح عدد الجواسيس على الشعب كبيرًا جدًّا، وكثير منهم من الطائفة النُّصيرية، وإذا احتاج الجيش إلى إقامة دورات متخصِّصة كانت نسبة النُّصيريِّين 90%.

وعمَد إلى الإذاعة والتلفاز فسيَّرها لخدمة البيت الأسدي، وكذلك كان شأن الصحافة والكتب، فصار يُصادِر الكتب الإسلامية، ولا يسمح بطبع شيء منها، وظنَّ أنه أحكم الأمر، وبقي عليه أمر التعليم.

هناك أمور ثلاثة تتَّصِل بالتوجيه والإعداد الفِكري، وهي:
المنهج الذي يُحدِّد مقررات المواد، والكتاب الذي يتضَمَّن تلك المواد، والمُعلِّم الذي يُدرِّس هذه المواد.

وهذا الذي صنَعه هذا المجرم؛ فوضع المناهج في اللغة العربيَّة والتربية الإسلامية والتاريخ والعلوم الإنسانية وَفْق خطَّة مُلحِدة تَستبعِد الدين من اهتمامها، وأُلِّفت الكتب المدرسية وَفق هذه المناهج.

وبقي المعلم، ومعلوم أن سورية بلد يَغلِب على أهله التديُّن، ولعُلماء الدين فيها نَشاط مؤثِّر، وكذلك للجمعيات الدينية أثر واضِح، وهناك عدد ليس بالقليل من المدرسين المتديِّنين، فقام حافظ الأسد بتنحية هؤلاء المدرِّسين المسلمين عن التعليم وتحويلهم إلى وزارات أخرى، أو صرْفهم من العمل وتَسريحِهم، أو اعتقالهم.

في هذا الظرف الخطير كتبتُ أُبيِّن خطر هذا العمل الهدام، وأبيِّن أهمية وجود المعلم صاحب العقيدة العامل بها العالم بحقائقها، وأبيِّن أن هذا العمل هدْمٌ لقيَمِنا الإسلامية وإحلال القيم الغريبة عنا محلَّها.

وكتبتُ كلمة أخرى بعنوان (المعلم، ودوره في بناء الأمة)، وكان ذلك في 15 ربيع الأول سنة 1399هـ (13 شباط سنة 1979م)، وسأُورِده بعد تَعديل طفيف فيما يأتي:
المعلم ودوره في بناء الأمة:
للمعلم دور عظيم في بناء فِكْر الأمة وبناء أخلاقها، وبناء سلوكها، تحدَّث عن هذا الدور العلماء والشعراء، وهذا أمر محلُّ إجماع؛ فإذا كان المعلِّمون صالِحين، كانت الأمة صالحة، وإذا كان المعلمون فاسِدين، كانت الأمة فاسِدة.

يكفي المعلم شرفًا أنه يُشارِك سيد الخَلق محمدَ بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- صفةَ التعليم؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2].

ووصفه معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه - فقال: فبأبي هو وأمي ما رأيت مُعلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، رواه مسلم برقم 537، وجاء في حديث أخرجه ابن ماجه برقم 222: ((إنما بُعِثت مُعلِّمًا)).

ودور المعلم - كما ذكرنا - دوره الذي يقوم به في بناء الأمة جليل، وتأثيره تأثير يُرافِق المرءَ طيلةَ حياته حتى الموت؛ ومن هنا كان حُسْن اختياره أمرًا لازمًا؛ فقد روى مسلم في مقدِّمة صحيحه أن محمد بن سيرين قال: "إن هذا العلم دِين، فانظروا عمَّن تأخُذون دينَكم"[1].

وكان هذا مبدأً جرتْ عليه أجيالُ أمَّتنا في تاريخها الطويل؛ إذ كانوا لا يتلقَّون العلم إلا ممَّن يرضون دينَه وخُلُقه واستقامته، وهناك حوادثُ كثيرة تحكي عزوفَ الرجل عن استماعه الحديث من أستاذٍ لانحرافٍ رآه فيه، ورجوعه إلى بلده بعد أن يكون قد ضرَب إليه آباط الإبل[2].

ودلَّت التجارب التعليميَّة على أن المعلِّم ذو تأثير كبير على تلامذته، لا سيما إن كان قويَّ الشخصيَّة، خفيف الظل، حُلو الروح، عظيم الجاه، مُتمكِّنًا من المادة العلمية التي يدرِّسها، ولقد أدركتُ نفرًا من طلاب العلم كانوا يُقلِّدون مشايخَهم في عمائمهم وملابسهم وحركاتهم وطريقة حديثهم ولهجتهم ومشيتهم وما إلى ذلك، ثم جاءت المدارس العصرية التي عمَّت وانتشرت في هذا العصر، ولم يَعُد للطالب ولا لوليِّه مجال للاختيار في تلقِّي العلم عن المدرس الصالح، وأصبحت الدولة توزِّع المدرسين على المدارس، فانتقل جزء كبير من المسؤولية في ذلك إلى رجالات الدولة، ولكن بقي مجال خاصٌّ للطالب ولوليِّه في أن يَلتحِق الطالب بأستاذ فاضل، يتلقَّى منه العلوم الشرعية، والعلماء المُخلِصون موجودون والحمد لله في معظم البلدان.

وشهِد الناس خلال هذه الحِقبة الماضية نمطَين من المُدرِّسين:
نمط بنَّاء: كان فيه مدرسون أفاضل يَدعون إلى العقيدة الصحيحة، والخلُق القويم، والفضيلة الإسلامية، وقد أثَّروا تأثيرًا عظيمًا من النواحي الاعتقادية والفِكرية والاجتماعية والسياسية.

ونمَط هدَّام: كان فيه مُدرِّسون خُبثاء، استطاعوا أن يَغرِسوا الزيغ والانحراف في نفوس عدد من أبناء الأمة.

وكان هناك تنافُس بين أصحاب الآراء الخيِّرة وأصحاب الآراء الشريرة، وشجَّعت السلطاتُ الاستعمارية المتنفِّذة في كثير من بلادنا الهدَّامين، وأمدَّتْهم بما يُحقِّق لهم السيطرة والغَلبة.

ولا يُمكِن أن يَتجاهَل دورَ المدرس وخطره إلا مُغفَّلٌ أو مُغرِض، ومِن هنا كان الواجب على المسؤولين في الدولة وعلى أولياء أمور الطلاب أن يَهتمُّوا بهذا الموضوع اهتمامَهم بصحة أولادهم ومُواطنيهم.

ومن هنا؛ كان عليهم أن يَعتبِروا المُدرِّس المُنحرِف أخطرَ على أمَّتهم من الوباء الساري والجراثيم الفتَّاكة؛ لأن الوباء يَغتال جسم الإنسان، أما المدرِّس المُنحرِِف الهدام، فإنه يغتال دينَ الإنسان وعقله وفِكره، وهذا قد يَشمل الأمة كلَّها.

إن أولادنا أمانة في أعناقنا ائتمنَنا الله عليهم، وكلَّفنا تنشئتهم على ما يُرضيه، وكل مولود يُولَد على الفطرة، ثم تأتي العوامل الخارجية فتُلوِّث هذه الفطرة وتُفسِدها؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كل مولود يُولَد على الفِطرة، فأبواه يُهوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يُمجِّسانه))[3].
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30-06-2021, 02:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,112
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محنة في التعليم .. ودور المعلم

فكل تفريط بحقهم سنكون مسؤولين عنه بين يدي الله - سبحانه وتعالى - إنهم أغصان غضَّة نستطيع أن نُكيِّفها كيف نشاء، إنهم طاقة نستطيع أن نجعلها في الخير أو في الشر.

فتسليمهم للأساتذة المنحلِّين أو المُلحِدين جريمةٌ في حق هؤلاء الأولاد أولاً، ثم بحق الأمة أخيرًا، وكذلك وضْعهم في المدارس التبشيرية والأجنبية.

وقد ورد في أحاديث عِدَّة أوردها الإمام ابن عبدالبر في "جامع بيان العلم وفضله" أن "العلم إذا صار إلى الأراذل، مُنع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"[4]، وإننا لنعلم أنه إذا مُنِع ذلك، تَعرَّضت معظم معالم الدين للزوال والضياع، وأخرج الإمام ابن عبدالبر أيضًا أثرًا عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: "لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم من أكابرهم، فإذا أخذوه من أصاغِرِهم وشِرارهم، هلَكوا"[5].

ومن الأمور المُشاهَدة أن في صلاح العلماء والأساتذة المعلِّمين صلاحَ الأمة.

قال قتادة: العلماء كالمِلح، إذا فسَد الشيء صلح بالمِلح، وإذا فسد الملح لم يَصلُح بشيء[6].

لا بد من أن يعلم أولو الأمر في أمة الإسلام أن اختيار المعلِّم الصالح والمدرس المؤمن أمانةٌ ضخمة، ومسؤولية عُظمى؛ ذلك لأنه يَبني النفوسَ بناءً قائمًا على الفضيلة والحق، وعلى السعي لخير الناس، ولا بدَّ من الرقابة المستمرة بعد الاختيار الدقيق.

وعلى أولياء أمور الطلاب أن يُساعِدوا المسؤولين الصالِحين؛ فيُبلِّغوهم عن كل مدرس مُنحرِف أو فاسق أو زائغ، ويُطالِبوهم بتنحيته، ولا يجوز أن نهوِّن من خطر واحد من هذا النَّوع؛ فمعظم النار من مستصغر الشرر.

أيها المسلمون، إذا كان أعداء الإسلام يُنحُّون عن التعليم كلَّ مؤمن بالله واليوم الآخر ورسوله، ويَحُولون بينه وبين التدريس، فما أحرى المؤمنين الذين يعيشون في بلاد تُحكَم بالإسلام حقًّا وحقيقة بأن يُعمِلوا جهدَهم؛ لكيلا يكون في عداد المدرِّسين لأولادهم إلا مَن يُحافِظ على دينهم وعقيدتهم الصحيحة، ويَغرِس فيهم الخُلُق الزكيَّ.

أما المؤمنون، الذين يُمتَحنون اليوم بذلك، وإنها لمِحنة عُظمى، وأيَّةُ مِحنة أشد من جعْل التعليم بأيدي أُناس لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، أو بأيدي أناس لا يُهِمُّهم الإسلام في قليل ولا كثير، أو بأيدي أناس فجَّار أشرار فسَقة سفَلة، أما هؤلاء المؤمنون، فعليهم أن يعملوا بصدق وصبر على مواجَهة هذه المِحنة، وأن يَبذُلوا ما في وُسعِهم للمحافظة على سلامة عقائد أبنائهم، وحمايتهم من الزَّيغ والسقوط والانحِراف، وهذا دور الأسرة المسلمة[7].

إن ما يفعله أعداء الإسلام في إفساد التعليم أمرٌ جلَل حقًّا، وهو غير مُستغرَب منهم؛ فإنهم يَسومون المُسلمين في بلاد الشام سوء العذاب، يُنكِّلون بهم، ويَعتقِلون رجالهم وعلماءهم، ويقتلون شبابهم، وينشرون الزيغ والإلحاد والضلال، ألا فليَنتظِروا عذابَ الله ولعنة التاريخ.

وليَعلموا أن مكرَهم تافه ضئيل أمام مكرِِ الله تعالى؛ قال - عز وجل -: ﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30]، وقال سبحانه: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 32، 33].

أيها المعلمون، اتَّقوا الله واعلموا أن المهمَّة التي تُناط بكم من أعظم المهمات، إن كل حركة من حركاتكم موضِع القُدوة، وإن لكل كلمة من كلماتكم تأثيرًا كبيرًا في طلابكم، وإن سلوككم مدرسة يتخرَّج فيها جيلُ المستقبل، فاحذروا أن تكونوا فتنة للناس أو وسيلةَ إفساد لأبناء الأمة، واعلموا أن الثواب الذي أعدَّه الله لمَن يكون منكم سببًا في الهداية ثوابٌ عظيم؛ يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فواللهِ لأَنْ يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من حُمْر النَّعم))؛ متَّفَق عليه[8]، ويقول: ((ومَن دلَّ على خير، فله مثل أجر فاعله))؛ رواه مسلم[9].

أيها الآباء، اتَّقوا الله في أولادكم ولا تُضيِّعوا أمانة الله، فهؤلاء الأولاد أمانة عندكم، واحذروا أن تُقدِّموا فلذات أكبادِكم إلى النار، واتَّقوا الله واقدروا هذا الأمر حقَّ قدره، واحذَروا أن تضعوا أولادكم في مدرسة يُدرِّس فيها زائغ أو مُنحَلٌّ، تضمَنوا لأنفسكم وأهليكم السعادة والفلاح والفوز بالجنة ورِضوان الله.

وعندما يهتمُّ الآباء والمدرِّسون والمسؤولون بهذا الموضوع ويكونون على يقظة تامة، تَصلُح الأمة، ويعلو شأنُها، وتكونون محلاًّ لرحمة الله ومثوبته، وأهلاً للريادة والقيادة لأمم الدنيا؛ يقول الله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، ويقول - عز من قائل -: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 143].


[1] صحيح مسلم، طبعة إستانبول (1: 11).

[2] انظر كتابنا: "الحديث النبوي: مصطلحه، بلاغته، كتبه"، (ص: 182 - 183) والجرح والتعديل (153)، والكفاية؛ للخطيب (183) وتدريب الراوي؛ للسيوطي 202.

[3] رواه البخاري (6599) و (6600) ومسلم (2658) وأبو داود (4714) والترمذي (2138) بألفاظ متقاربة، وأبو يعلى، والبيهقي، والطبراني، وغيرهم.

[4] جامع بيان العلم وفضله (1: 157).

[5] جامع بيان العلم وفضله (1: 158 - 159).

[6] جامع بيان العلم وفضله (1: 185).

[7] وقد قامت الأسرة الفاضلة بهذا الواجب في بلاد الشام، فربَّت أولادها على الإسلام الدين الحق، فحفظت عليهم دينَهم وخُلُقهم؛ ذلك لأني كتبت هذا الكلام - كما سبق أن ذكرتُ - قبل خمس وثلاثين سنة، وها نحن أولاء نرى ثمرة هذه التربية، نرى شبابًا مؤمنين، شبابًا شجعانًا يُنكِرون الظلم، ويُطالبون بزوال هذا الحكم الغاشم، وقد صمَدوا في لقاء كيد النظام سنتَين ونصفًا، وما زالوا صامدين، فبارك الله في هذه الأسر الكريمة.


[8] رواه البخاري (2942) ومسلم (2406).

[9] رواه مسلم (1893).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.88 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (3.33%)]