|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
عقدة الذنب
عقدة الذنب د. ياسر بكار السؤال أكتب إليك مشكلتي وكلي أمل أن أجد الحل عندك، وأن يكون ذلك في ميزان حسناتك، وأعتذر مسبقًا لوجود ما يخدش الحياء والمروءة في الرسالة؛ ولكن لا بد من ذكر التفاصيل. أنا شخص متزوج وأب لثلاثة أطفال، لم أمارس الجنس المحرَّم (الزنا أو اللواط) أبدًا في حياتي؛ ولكني كنت في فترة المراهقة مولعًا جدًّا بالتفكير في ممارسة الجنس مع النساء من الدُّبر، وكلما أمارس العادة السرية أتخيل أني أمارس الجنس مع امرأة من الخلف، وفي إحدى المرات التي كنتُ أمارس فيها العادة السرية اللعينة، قمتُ بعمل قبيح ودنيء، ولا أعرف لماذا قمت به؟ حيث قمت بإدخال جزء من جسم صلب صغير الحجم في فتحة الدبر أثناء ممارسة العادة السرية، حدث هذا الأمر مرة واحدة، وقد تقززتُ منه كثيرًا، وندمت عليه أشد الندم، ولم أكرِّرْه أبدًا، ثم نسيت الأمر، وبعد مرور ما يقارب20 عامًا على هذه الغلطة الغبية والسخيفة، زاد الْتزامي الديني، فبدأتُ بمراجعة نفسي وتذكُّري للذنوب التي ارتكبتُها في حياتي، فتذكرت هذه الفعلة الشنيعة؛ مما أدى إلى إصابتي بنوبة اكتئاب كبرى، وأنا تحت العلاج منذ أكثر من سنة (بروزاك + توفرانيل). المشكلة التي أعانيها حاليًّا هي أن هذه الحادثة تسلَّطتْ على تفكيري، فهي لا تفارق ذهني ليلاً ونهارًا، ولا ثانية واحدة، اللهم إلا أثناء النوم؛ ولكن بمجرد الاستيقاظ يبدأ الشريط يدور في ذهني، ولا يفارقني ولو ثانية واحدة، إلى أن أنام، ثم يأتي اليوم التالي فأدخل في نفس الدائرة المغلقة من جديد، وأنا على هذه الحال منذ أكثر من سنة. عندما أرى أي شخص، سواء كان رجلاً أو امرأة أو طفلاً، أفكر في شيء واحد، هو أنه أحسن مني؛ حيث لم يرتكبِ الفعلة التي ارتكبتُها، فأصبحت أحتقر نفسي كثيرًا، وأحس أني إنسان قذر وغير نظيف. حاولتُ الخروج من سيطرة هذه الفكرة على دماغي، بالتقرُّب من الله، والاستغفار في اليوم الواحد أكثر من 5 آلاف مرة، وحفظت كل الآيات والأحاديث التي تتحدث عن التوبة، وعن سَعة رحمة الله، مع ذلك لم أفلح في نسيان هذه الحادثة وطردها من تفكيري. أنا أعلم أن الله غفور رحيم، وممكن أن يغفر لي ذنبي؛ لكن ليست هذه هي المشكلة؛ وإنما المشكلة أنني لا أستطيع أن أغفر لنفسي، ولا أستطيع أن أتصالح مع نفسي لنسيان هذه الحادثة، وبقيتْ مسيطرةً على تفكيري؛ مما دفعني إلى ترك وظيفتي، والانزواء في البيت وحيدًا نادمًا منطويًا على نفسي، وابتعدتُ عن مجامعة زوجتي؛ حيث أصبحتُ أكره الجنس بشكل غير طبيعي؛ بل في الفترة الأخيرة بدأتْ تؤثر حتى على أداء واجباتي الدينية. هل ما أعانيه هو عَرَضٌ من أعراض الكآبة، أو هو وسواس قهري؟ وماذا أفعل لأنسى هذه الحادثة التي شلَّتْني عن الحياة؟ هل العلاج بالصدمات الكهربائية للمخ نافع في نسيانها؟ هل يوجد دواء معيَّن ممكن إضافتُه إلى علاجي يفيد في نسيانها؟ صدِّقني، لو كانت حدود الله قائمةً ومطبَّقة، لذهبتُ واعترفت على نفسي؛ كي يقام عليَّ الحد وأرتاح من عذاب الضمير؛ لأني أعتبر الموت هو الحل الوحيد لمشكلتي. آسف على الإطالة، وأنا بانتظار الرد، وشكرًا. الجواب الأخ الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله. مرحبًا بك في موقع (الألوكة) وأهلاً وسهلاً. قرأتُ رسالتكَ وأشعر بمشاعرك المؤلمة، إن ما تمر به ابتلاء من الله - عز وجل - ليمحص الصابر فيجزيه أكبر الجزاء في الدنيا والآخرة، فاصبرْ واحتسب. هناك أمر يجب أن تعرفه جيدًا، الأفكار التي تلحُّ عليك وتسيطر حتى يصعب طردُها، ليس لها علاقة أبدًا بما فعلتَه قبل 20 سنة، ذلك الحدث - وغيره - مما وصفتَ قبل كل هذه السنوات ليس له علاقة على الإطلاق بما يحدث لك الآن، ما يحدث لك الآن هو اضطرابٌ في بعض الناقل العصبية في الدماغ، والتي تسبب لك الاكتئاب والأفكار الملحة، التي تأتي - بالفعل كما ذكرت - على شكل الوسواس القهري والشعور بالذنب، هذا مرضٌ دماغي يمكن أن يصيب أيَّ شخص منا، وليس له علاقة بأي أحداث ماضية. العلاج الأساسي هو العلاج الدوائي، وكنتُ تمنيت لو ذكرتَ لي جرعات البروزاك والتوفرانيل، وعلى كل حال يجب أن تراجع طبيبك؛ إذ أعتقد أنك لم تأخذ العلاج الكافي لحل هذه الأعراض. عندما يعطيك الطبيب الجرعاتِ الكاملةَ من الدواء حسب العرف الطبي، ولم تجد الفائدة، فأرجو ألاَّ تتردد في الطلب من طبيبك الحصول على العلاج بالصدمات؛ فهو علاج فعال وآمن، ويعطي نتائجَ سريعةً ومذهلة. احرص على تناول علاجك بانتظام، ولا تسمع لقول الجاهلين بخطورته أو ضرره؛ فهي أدوية آمنة تم اختبارُها لسنوات طويلة. من الأمور المهمة التي أودُّ منك الانتباه لها: أن تبتعد عن اتخاذ أي قرارات مهمة في هذه المرحلة في أي موضوع يمس حياتك الاجتماعية، أو المهنية، أو المالية، أو غيرها، أجِّل أيَّ قرار كبير إلى أن تنتهي هذه الأزمةُ النفسية. نسيان تلك الحادثة متوقفٌ على تحسن مزاجك، وانقضاء الأفكار الوسواسية القهرية، وليس هناك طريقة أخرى غير ذلك؛ لأن تذكُّر هذه الحادثة ليس لأنها موجودة؛ بل لأنها مرتبطة بالمرض وحسب، والدليل أن الكثير من الناس مرَّت بهم حوادثُ أكثر خجلاً وسوءًا، ومع هذا يعيشون بارتياح بعد توبتهم منها، ولن أذهب بعيدًا، فها هم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلوا من المحرمات في الجاهلية ما لا يقبله عقلٌ ولا منطق، ومما هو كبير عند الله - عز وجل - ومع ذلك جاءت التوبة لتمحو ما قبلها، وانطلقوا في رحاب الإسلام بناةً ومعطائين، يرسمون للكون تاريخًا جديدًا. تخيَّل أنهم لم يستطيعوا التحرر من ضغط هذه الذكريات، إذن لعاشوا منزوين معطَّلين؛ ولذا فالأمر ليس له علاقة بالحدث القديم؛ بل بمرض طبي يسبب العودة لهذه الذكريات، ويحوِّلها إلى أفكار ملحة لا تكاد تتوقف، ولا يمكن صرفُها أو دفعها. لا يخفى عليك ضرورةُ الالتجاء إلى الله - عزوجل - في طلب المعونة في علاج هذا المرض، والاحتساب عنده - تعالى - الأجر والمثوبة. أتمنى لك الشفاء العاجل، والحمد لله رب العالمين.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |