جوائز المصارف الإسلامية والتقليدية (تأصيل شرعي) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4593 - عددالزوار : 1301276 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4138 - عددالزوار : 828118 )           »          جرائم الرافضة.. في الحرمين على مر العصور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 108 )           »          المستشارة فاطمة عبد الرؤوف: العلاقات الأسرية خير معين للأبناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 103 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13156 - عددالزوار : 348613 )           »          الحياة الإيمانية والحياة المادية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 167 )           »          وَتِلْكَ عَادٌ... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 295 )           »          معركة شذونة.. وادي لكة.. وادي برباط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 302 )           »          أخــــــــــلاق إسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 834 )           »          إضاءات سلفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 2878 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-02-2020, 03:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,282
الدولة : Egypt
افتراضي جوائز المصارف الإسلامية والتقليدية (تأصيل شرعي)

جوائز المصارف الإسلامية والتقليدية (تأصيل شرعي)
د. باسم عامر






الحمدُ لله ربِّ العالَمين، والصلاةُ والسلام على خيرِ المرسَلين، نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحْبه أجمعين.












وبعد:



فقد حَذَتِ المصارفُ والبُنوكُ حَذْوَ التجَّار وأصحاب المحلاَّت التجاريَّة وغيرها في طرْح الجوائزِ؛ لاستقطابِ الزبائن إليها، فبادرتْ بتقديمِ الجوائز لعُملائها والمتعاملين معها.







وفي هذا البحث نُبيِّن حُكمَ تلك الجوائز مِن خلال ما يلي:



أولاً: جوائز المصارِف الإسلاميَّة.



ثانيًا: جوائز البنوك التقليديَّة (الرِّبوية).







أولاً: جوائز المصارِف الإسلامية:



جاءتِ المصارفُ الإسلامية؛ لتكونَ البديلَ الشرعي للبنوك الرِّبوية، واتَّخذتْ قوله - تعالى -: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275] شِعارًا لمعاملاتها المصرفيَّة، فامتنعتْ عن التعامُلُ بالرِّبا أخذًا وإعطاءً، وفتحتِ الأبواب للمعاملات الماليَّة المنضبِطة بقواعدِ الشريعة الإسلاميَّة، ممَّا جعل يلوح في الأُفق مستقبلٌ مبشرٌ بالخير - بإذن الله تعالى.







لذلك يجب على المسلِمِ ألاَّ يتعامل مع البنوك الرِّبوية في حال وجودِ البديل الإسلامي، بل يَنبغي تشجيعُ المصارِف الإسلاميَّة ومساندتها، وإن وُجِدتْ فيها الأخطاء والهفوات[1]، وبالتالي يمكن تقويةُ شَوْكة المصارف الإسلامية، ومِن ثَمَّ قيام أُسس النظام الاقتصادي الإسلامي، وأيضًا تفويت الفُرْصة على أعداءِ الدِّين، وتكذيب دعواهم مِن أنه لا اقتصادَ بلا بنوك، ولا بنوك بلا فوائدَ.







وتزامَن مع تنامِي هذه المصارف وتناميها اللجوءُ إلى طرْح الجوائز؛ كونها وسيلةً فعَّالة للترويجِ وجلْب الزبائن.







والجوائز التي تُقدِّمها المصارفُ الإسلامية قد تكون عبارةً عن تحمُّل نفقات حجٍّ أو عُمرة، وأحيانًا جوائز نقديَّة أو عينيَّة، أو غيرها.







والفقهاء المعاصرون - وخاصَّة أعضاءَ هيئات الرِّقابة الشرعية في المصارف الإسلامية - لم يتَّفقوا على مشروعيةِ فِكرة هذه الجوائز ابتداءً، واختلفوا على رأيين:



الأول: يرى أنَّه لا مانعَ من تقديمِ الجوائز لعملاءِ البنك، وأنَّ ذلك يُعَدُّ تشجيعًا من البنك لاستقطابِ أكبرِ عددٍ ممكن من العملاء، بطريقةٍ لا تُفضي إلى محظور شرعي[2].







الثاني: أنَّ تقديمَ الجوائز والترويج لها من قِبَلِ المصرِف الإسلامي يُعَدُّ تقليدًا للغَرْب وللبنوك الرِّبويَّة، ويؤدِّي إلى التكاسل عن العمل على أملِ الحصول على كسْبٍ دون جَهْد، وهذا مخالِف لرُوح الإسلام الذي يحثُّ على الإقبالِ على العمل والكسبِ مِن عمل اليَدِ[3].







ومِن خلال القولين أجد أنَّ الرأي الأول القائل بعدم الممانعة مِن تقديم تلك الجوائز هو الأقربُ والأرجح؛ لعدمِ وجود ما يَمنع من ذلك شرعًا.







ويُمكن الردُّ على المانعين: أنَّه ليس كلُّ تقليد للغَرْب ممنوعًا في الشَّرْع، بل إنَّ الاستفادة ممَّا توصَّلوا إليه في سائرِ المجالات جائزٌ من حيث الأصلُ، ما لم يتعارضْ ذلك مع دليل شرعي، ولا يَخفَى أنَّ القاعدةَ الفِقهية تنصُّ على أنَّ الأصلَ في المعاملات الإباحة[4].







ولا بدَّ للمصارف أن تبتكرَ مِثل هذه الأمور؛ لكي يتزايد إقبالُ الناس عليها.







كيفية تقديم الجوائز في المصارف الإسلامية:



الجوائز التي تُطرَح من قِبَل المصارِف الإسلاميَّة - على رأي المجوِّزين - إما أن تَكـونَ على الحسابات، أو على استخدامِ الصرَّاف الآلي، ولكلٍّ حُكْمها فيما يلي:



أولاً: الجوائز على الحسابات:



الحِسابات إمَّا أن تكونَ جارية أو استثماريَّة، ولمعرفة حُكم الجوائز على هذه الحِسابات لا بدَّ مِن معرفة حقيقةِ كلٍّ منها.







أ- الحسابات الجارية:



التكييف الشرعي والقانوني للحساباتِ الجارية: أنَّها قروضٌ مضمونة، يحقُّ للمصرِف التصرُّفُ فيها، ويقوم بردِّها عندَ الطلب ولو لم ينصَّ على ذلك[5].







إذًا؛ فالحساب الجاري يُعَدُّ قرْضًا حسنًا مِن غير فائدة، مُقدَّمًا من المودِع (العميل) إلى المَصْرِف.







وعلى ضوءِ هذا التكييف فإنَّ الجوائز على هذه الحساباتِ مُحرَّمة شرعًا؛ لأنَّها زيادةٌ على مبلغ القَرْض إذا كانتْ مشروطةً في طلب فتْح الحساب، أو أعْلَنها البنك في أثناء وجودِ الحساب، أو جَرَتْ عادة البنك بمَنْح هذه الجوائز[6].







وهذا الحُكْم مبنيٌّ على القاعدةِ المُجْمَع عليها أنَّ "كلَّ قرضٍ جَرَّ نفعًا فهو رِبا"، وقد جاءتْ بعض الأحاديث صريحةً بهذه العبارة، ولكنَّها لا تثبت من ناحيةِ السَّند، وفيها مقالٌ عند المحدِّثين[7]، ولكن جاءتْ رِوايات صحيحة عن الصحابة - رضي الله عنهم - تُثبِت هذه القاعدةَ، منها ما رواه البخاريُّ عن سعيد بن أبي بُرْدة عن أبيه قال: "أتيتُ المدينةَ فلقيتُ عبدَالله بنَ سَلاَم - رضي الله عنه - فقال: ألاَ تجيءُ فأُطعمك سويقًا وتمرًا، وتدخُل في بيت؟ ثم قال: إنَّك في أرضٍ الرِّبا بها فاشٍ، إذا كان لك على رجلٍ حقٌّ فأَهْدى إليك حملَ تِبْن أو حملَ شعير أو حملَ قتٍّ، فإنَّه ربا" [8].







ورَوَى عبدُالرزَّاق في مُصنَّفه عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - أنَّه قال: "إذا أسلفتَ رجلاً سلفًا فلا تقبلْ منه هديةَ كُراع، ولا رعاية رُكوب دابَّة"[9].







وقدْ أجْمَع الفقهاءُ على هذه القاعِدة؛ قال ابنُ قدامة: "كلُّ قرض شرَط فيه أن يَزيده فهو حرامٌ بغير خِلاف"[10].







وقال ابنُ المنذر: "أجْمعوا على أنَّ المُسلِف إذا شَرَط على المستسِلفِ زيادةً أو هَديةً، فأسلف على ذلك، أنَّ أخْذ الزِّيادة على ذلك رِبًا"[11].







وقد يقول قائلٌ: إنَّ إعطاءَ الجوائز على هذه الحسابات مِن قبيل بابِ حُسْن القضاء في القرْض، فإنه يجوز للمستقرِض أن يُرجع القرضَ للمقرِض، وأن يَزيدَه على مبلغ القرْض من غير شَرْط، ولكن هذا بعيدٌ؛ لأنَّ البنوكَ تُعلِن مسبقًا عن هذه الجوائز، أو في أثناء وجود الحساب؛ ممَّا يُشجِّع المودِعين على إبقاءِ حِساباتهم من أجْلِ هذه الجوائز، وهذا هو عينُ الرِّبا.







ب- الحسابات الاستثمارية:



المرادُ مِن الحسابات الاستثماريَّة هي الودائع التي يَقْبلها المصرفُ الإسلامي من المودِعين على أساسِ أنَّها مضارَبَة، تخْضَع للرِّبح والخَسَارة[12].







فالمصرفُ ها هنا يُعتبَر مضاربًا، والمودِع يعتبر ربَّ المال؛ وتُوزَّع الأرباح حسبَ الاتفاق بينهما.







وهذه الحسابات إمَّا أن تكون على صورةِ حساب توفير، بحيث يمكن للمودِع أن يسحبَ مِن حسابه ما يشاء في أيِّ وقتٍ شاء، أو على صورةِ وديعة إلى أجلٍ بحيث لا يُمكن للمودِع أن يسحبَ شيئًا حتى انتهاء الأجلِ المُتَّفق عليه، وفي كِلتا الحالتين، فإنَّ المصرفَ يستثمر هذه الأموالَ بما يراه في ضوءِ أحكام الشريعة الإسلاميَّة.







يتَّضح مما سَبَق أنه لو أعطَى المصرفُ الجوائزَ للمودِعين، فكأنَّما أعطى المضاربُ الجائزةَ لربِّ المال، وهذه الصورةُ لا حَرَج فيها؛ لعدمِ وجود ما يمنع من ذلك شرعًا.







ولكن لا يجوز إخراجُ تلك الجوائزِ مِن الأرباح العامَّة للمصرف؛ لأنَّ للمودِعين والمستثمرين الحقَّ في هذه الأموال، إنَّما تكون من أموال المساهِمين في رأسِ مال المصرف.







وقد أصدرتْ ندوةُ البركة قرارًا بهذا الشأن، جاء فيه: "يجوز تقديمُ البنكِ جوائزَ إلى أصحابِ حسابات الاستثمار؛ لأنَّ أرصدة هذه الحسابات مملوكةٌ لأصحابها، والبنك مُضارِبٌ لهم فيها بحصَّته من الرِّبْح، على ألاَّ يؤدِّيَ منْح هذه الجوائز إلى ضمان رأسمال المضارَبة، أو أي جزءٍ منها، كما في حالة حدوثِ خَسارة؛ وذلك لأنَّ ضمانَ المضارِبِ لرأسمال المضاربة لا يجوز شرعًا، على أن يكونَ دفْعُ هذه الجوائز مِن أموال البنك، لا مِن أرباح حساباتِ الاستثمار؛ لأنَّ المضاربَ ليس له التبرُّع مِن أموال المضاربة"[13].







ثانيًا: الجوائز على استخدام الصرَّاف الآلي:



تقوم بعضُ المصارفِ الإسلاميَّة بتقديم الجوائزِ للمتعاملين معها مِن خلال استخدامِ الصرَّاف الآلي التابِع لها، وذلك إما عن طريقِ إجراء قُرْعة، أو طريقة أخرى لتحديدِ الفائز.







وحُكم هذه الجوائز الإباحَة؛ لأنَّها تُعتبر من بابِ الترويج والتسويقِ لهذا المصرِف، ولا يُوجد ما يَمْنَع منها شرعًا، إلا إذا اشترَط المصرفُ مبلغًا لقاءَ الحصول على هذه الجوائِز، فحينئذٍ تُصبح محرَّمة لأنَّ ذلك يدخُل في بابِ القمار.







وقد ورَد حُكمُ الجوائز على استخدامِ الصرَّاف الآلي ضِمنَ قرارات ندوة البركة الثالثة والعشرين أيضًا، حيث توصَّلوا إلى أنه: "لا مانِعَ شرعًا من تقديمِ جوائزَ عن طريق السَّحْب العشوائي "القُرعة" لبعضِ المتعاملين مع البنك الذين يَسْحبون مبالِغَ محدَّدة من الصرَّاف الآلي خلالَ مُدَّة معيَّنة، وذلك بشرطين:



أولهما: ألاَّ يدفع الداخلونَ في السَّحْب أو يُحسَم مِن حساباتهم أي مبالغ مقابلَ الاشتراك في السَّحْب؛ لأنَّ ذلك يُعَدُّ قُمارًا.







ثانيهما: ألاَّ تَزيد عمولةُ السحب خلالَ المدة التي يتمُّ السحب خلالَها عن العمولةِ العادية"[14].







وممَّا يُلحَق بالجوائزِ المقدَّمة على استخدامِ الصرَّاف الآلي الجوائزُ على بطاقات الائتمان[15]، فقد بدأتِ المصارف الإسلاميَّة بتقديمِ الجوائزِ على هذه البطاقات؛ تشجيعًا للناس على اقتنائها، وذلك بإجراءِ القُرعة على أرقام البطاقات الائتمانيَّة المُسلَّمة إلى العملاء، ومِن ثَمَّ اختيار عددٍ محدَّد منهم، وتقديم الجوائز لهم[16].







والحُكم الشرعي في تقديمِ هذه الجوائز مرتبطٌ بالعَلاقة بين المصرِف وحامِل البطاقة الائتمانيَّة.







وقدْ تضمَّنتْ قراراتُ ندوة البركة أيضًا الحُكْم على هذه الجوائِز، فقدْ جاء فيها فيما يتعلَّق بالجوائزِ على بطاقات الائتمان ما يَلي:



قد تُمنَح هذه الجوائزُ لكلِّ مَن يستخدم البطاقات الصادرة للمتعاملين مع المؤسَّسات، وقد تُمنح حاملَ البطاقة جوائزُ بمقدار مجموع النِّقاط التي يحصُل عليها خلالَ مُدَّة معيَّنة، وقد تُمنح الجوائزُ بطريقة القُرعة بين الذين استخدموا البطاقةَ في المشتريات بمبلغ معيَّن، وقد تكون الجوائزُ نقديةً أو عينيَّة، أو اشتراكات مجَّانيَّة في بعض الخِدمات.







حُكم هذه الجوائزِ يرتبط بالصِّفة الشرعيَّة للعلاقة بين مُصدِر البطاقة، فعلى القول بأنَّها حَوَالة، فإنَّ مُصدِر البطاقة هو الدائن لحاملها، فتكون الجائزةُ من المقرِض إلى المقترض، وهذه جائزة؛ لأنَّ الممنوعَ هو العكس، وعلى القول بأنَّها كَفالة، فمُصدِر البطاقة هو الكفيل، فتكون الجائزة على هذه الصفة مِن الكفيل للمكفول، ولا حَرَج في ذلك شرعًا؛ إذ الممنوع هو العكس[17].







ثانيًا: جوائز البنوك التقليدية (الربوية):



سبَقَ الحديث أنَّ على المسلِم ألاَّ يتعاملَ مع البنوك التقليديَّة في حالِ وجود المصارف الإسلامية؛ لأنَّ البنوك التقليديَّة إنما تعتمد اعتمادًا كليًّا على الرِّبا، والرِّبا من أكبرِ المحاذير الشرعيَّة في التعامُلات المالية.




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28-02-2020, 03:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,282
الدولة : Egypt
افتراضي رد: جوائز المصارف الإسلامية والتقليدية (تأصيل شرعي)




وطبيعةُ عمل البنوك التقليديَّة: أنها تقوم بالاقتراض مِن المودِعين والإقراضِ للمقترِضين، ويَدْفعون للمودِعين ثمنًا محدَّدًا هو الفائِدة على الودائع، ويَتقاضَوْن مِن المقترضين ثمنًا أعْلى هو فائدة الإقراض، والفرق بين الفائدتين أو الثمنين هو المَصْدر الأساسي للإيرادات والأرباح[18].







بهذا يَتبيَّن أنَّ أساسَ عمليات البنوك التقليدية قائمٌ على الرِّبا، الذي حرَّمه الله - تعالى - في قوله: ï´؟ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ï´¾ [البقرة: 275]، وقد أجْمع العلماءُ في كلِّ العصور على حُرْمته[19].







وقد أفتتْ معظمُ المجامع الفقهيَّة وهيئات الإفتاء في العالَم الإسلامي أنَّه يحرُم التعامل مع البنوك الرِّبويَّة، وأنَّ فوائدها هي عينُ الربا، وإنِ اختلفت الأسماء[20].







ولكن قد يضطرُّ المسلم للتعامل مع هذه البنوك في حالِ عدم وجودِ البديل الإسلامي، وخاصَّة المسلمين المغترِبين في الدول غير المسلِمة.







فما حُكم الجوائزِ بالنسبة لهؤلاءِ في حال الحصول عليها؟



قبل بيانِ الحُكم لا بدَّ مِن المرور سريعًا على معاملات هذه البنوك، والتي تُقدِّم مِن خلالها تلك الجوائز.







فغالبُ الجوائز المقدَّمة، إمَّا أن تكونَ على الحساباتِ، أو على شهاداتِ الاستثمار بأنواعِها الثلاثة.







أمَّا الحسابات، فهي نوعان: حسابُ التوفير والحِساب الجاري، وكلاهما يُطلَق عليهما ودائعُ البنوك، والتكييف القانوني والشَّرْعي لهذه الودائعِ كما هو في مُعظَم تشريعات الدول العربية أنها تُعتبَر قرضًا[21].







فبالتالي يُمكن القول بأنَّ ودائعَ البنوك سُمِّيتْ بغير حقيقتها، فهي ليستْ وديعة؛ لأنَّ الوديعةَ هي أمانةٌ تُحفَظ عند المستودع وليس له الانتفاعُ بها، وهذا بخلافِ ما يحصُل في البنك؛ لأنَّ البنك يستثمِرُ الحساباتِ لصالحه[22].







فالخُلاصة: أنَّ هذه الحساباتِ تُعَدُّ قروضًا، وأنَّ الجوائزَ التي تُقدَّمُ على هذه الحساباتِ، إنَّما هي مِنَ الرِّبا؛ لأنَّ كلَّ قرض جَرَّ نفعًا فهو رِبًا، إذًا فلا يجوز أخْذُ الجوائز المقدَّمة على الحسابات البنكيَّة.







وأمَّا ما يتعلَّق بشهادات الاستثمار، فلبيان حُكم الجوائز عليها لا بدَّ مِن معرفة حقيقتها؛ لأنَّ الحُكْمَ على الشيءِ فرعٌ عن تصوُّرِه.







شهادات الاستثمار تنقِسم ثلاثَ فِئات:



1- شهادات استثمار ذات طبيعة متزايدة فئة (أ):



وهي الشهادةُ التي يبقَى المال لدَى البنك لفترةٍ طويلة قد تمتدُّ إلى عشر سنوات، وتكون له زِيادةٌ تصاعديَّة على المال والفائدة، وفي نهاية المدَّة يأخُذُ صاحبُ الشهادة ما دَفَعَه والزيادة.







2- شهادات استثمار ذات العائِد الجاري؛ أي: بفائدة سنويَّة فئة (ب):



وهي الشهادةُ التي تستحقُّ عائدًا جاريًا، وهي ذاتُ الفوائد السنويَّة المحدَّدة، بحيث تُصرَف الفائدة كلَّ سِتَّة أشهر.







3- شهادات الاستثمار ذات الجوائز فئة (ج)



وهي الشهادةُ التي تستحقُّ فائدةً متزايدة، ويجري عليها السحبُ بإعطاء جوائزَ للشهادات الفائِزة[23].







يتَّضح مِن خلال ما سَبَق أنَّ هذه الشهاداتِ ما هي إلا طريقةٌ مُبتكَرة للقروض، فَصُورتها أنَّ صاحبَ المال يشتري من البنك إحْدى هذه الشهاداتِ على أنْ يُحدِّد له البنك رِبحًا محدَّدًا حسبَ الشهادة التي أرادها، ومِن ثَمَّ يسترجع صاحبُ المال مالَه الذي دفعَه، بالإضافة إلى الرِّبْح المحدَّد له، وهذا هو عينُ الرِّبا، ولكن بصورة مختلِفة.







يقول السنهوري: "قد يَتَّخذ القَرْضُ صُورًا مختلفة أخرى غير الصورة المألوفة، مِن ذلك أنْ تُصدِر شركةٌ، أو شخصٌ معنويٌّ عامٌّ سنداتٍ، فهذه السندات قروضٌ تعقدها الشركة أو الشخص المعنوي مع المقرِضين، ومَنِ اكتتب في هذه السنداتِ فهو مقرِض للشركة أو الشخص المعنوي بقِيمة ما اكتتب به"[24].







والذي يَعنينا في هذا البحثِ مِن هذه الشهادات الثلاثِ هو النوع الثالِث: ذات الجوائز، والمشهور باسمِ شهادات الاستثمار فِئة (ج).







فهذا النَّوْع وإنْ لم يكن فيه فائدةٌ مُحدَّدة تُعطَى كلَّ فترة، إلا أنَّهم يُوزِّعون الفوائد بطريقةٍ أخرى، وهي إجراء القُرْعة بين المشتركين في هذا النَّوْع، ومِن ثَمَّ تقديم الجوائز إلى مَن يفوز منهم، وقيمة هذه الجوائز تكون مِن الفوائد المستحقَّة مِن جملة أموال المشتركين.







فهذه الجوائزُ في الحقيقة لا تختلِف عن الفوائدِ الرِّبوية إلاَّ في طريقةِ التوزيع[25]؛ لذلك فإنَّ معظمَ العلماء والباحثين تنبَّهوا لهذه الحِيلة، وحرَّموا الجوائزَ المترتِّبة على هذه الشهادات؛ كونها لا تخرج عن حُكم القُروض التي تجرُّ نفعًا[26].







وقدْ توصَّل مجمعُ الفقه الإسلامي في دورته السادسة إلى حُكم التحريم بعدَما قُدِّمت الأبحاثُ المختصَّة لمعرفة حقيقةِ هذه الشهادات، حيث جاء ضِمنَ القرار أنَّه: "تحرُم السنداتُ ذات الجوائز، باعتبارها قروضًا اشْتُرِط فيها نفعٌ أو زيادةٌ بالنسبة لمجموع المقرِضين أو لبعضِهم لا على التعيين، فضلاً عن شُبهة القُمار"[27].







وفي ظنِّ الباحث أنَّ قراراتِ المجامع الفقهيَّة في عصرنا مِنَ الأهمية بمكان؛ بحيث لا يَنبغي مخالفتُها إلا بدليلٍ قويٍّ صحيحٍ صريح، وباجتهادٍ ممَّن شُهِد له بالعلم والورَع، وخاصَّة فيما يتعلَّق بالمسائل المستجَدَّة، وعليه فلا يجوز للمسلِمِ أن يأخذ بالأقوال الشَّاذَّة التي لا تستندُ إلى نصٍّ منقول، أو فَهْم معقول[28].



والله أعلم.







هذه أبرزُ المسائل المتعلِّقة بموضوعِ الجوائز المقدَّمة في المصارف الإسلاميَّة والبنوك التقليديَّة، وقد تأخُذُ صورًا أخرى مع مرورِ الزمن وظهور المستجدَّات، فيُمكن حينئذٍ استنباطُ الأحكامِ الشرعيَّةِ المتعلِّقةِ بها مِن خلال التأمُّلِ في القواعد المذكورة في ثنايا هذا البحْث.







وآخِر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين.









[1] جاء في قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالَم الإسلامي في رجب عام 1406هـ ما يلي: "يدعو المجلسُ المسلمين في كلِّ مكان إلى مساندة هذه المصارفِ وشدِّ أَزْرها، وعدم الاستماع إلى الشائعات المغرِضة التي تحاول التشويشَ عليها، وتشويهَ صورتها بغير حق، ويرى المجلسُ ضرورةَ التوسُّع في إنشاء هذه المصارف في كلِّ أقطار الإسلام، وحيثما وُجِد للمسلمين تجمُّعٌ خارج أقطاره؛ حتى تتكوَّن مِن هذه المصارف شبكةٌ قوية تهيِّئ لاقتصادٍ إسلامي متكامِل".




[2] انظر مثلاً: فتوى هيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني، نقلاً عن: شبير، محمد عثمان، أحكام المسابقات المعاصِرة في ضوء الفقه الإسلامي، (بحث مُقدَّم إلى مجمع الفقه الإسلامي المنبثِق عن منظمة المؤتمر الإسلامي، جدة، الدورة الرابعة عشر، 11/1-16/1/2003م)، فتوى بعنوان: (حكم جوائز البنوك الإسلامية)، برقم (3720) من مركز الفتوى بإشراف: د. عبدالله الفقيه، الشبكة الإسلامية (موقع إلكتروني)، www.islamweb.com.




[3] انظر: فتوى لجنة الرقابة الشرعية لمصرف قطر الإسلامي المكوَّنة من: د. يوسف القرضاوي، د. علي المحمدي، د.علي السالوس، د. عبدالقادر العماري، الشيخ وليد بن هادي، نقلاً عن: شبير، أحكام المسابقات المعاصرة في ضوء الفقه الإسلامي، (ص:31).




[4] انظر: شبير، أحكام المسابقات المعاصرة في ضوء الفقه الإسلامي، (ص: 30).




[5] انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، (2/837).




[6] انظر: فتوى المستشار الشرعي للبنك الإسلامي الأردني، وجاء ضِمنَ الفتوى: "أما توزيع الجوائز على أصحابِ الحسابات الجارية، فقد أُرجئ البتُّ فيه لوجودِ شُبهة قرْضٍ جرَّ نفعًا"، نقلاً عن: شبير، أحكام المسابقات المعاصرة في ضوء الفقه الإسلامي، (ص: 31).




[7] انظر: الأمير الصنعاني، محمد بن إسماعيل، سُبل السلام، تحقيق: محمد الخولي، (3/53)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الرابعة، عام 1379هـ، العجلوني، إسماعيل بن محمد، كشف الخفاء، تحقيق: أحمد القلاش، (2/164)، مؤسَّسة الرسالة، بيروت، الطبعة الرابعة، عام 1405هـ، المناوي، عبدالرؤوف، فيض القدير (5/28)، المكتبة التجارية، مصر، الطبعة الأولى، عام 1356هـ.




[8] أخرجه البخاري، صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عبدالله بن سلاَم - رضي الله عنه - برقم (3603)، (3/1388).




[9] مصنَّف عبدالرزَّاق، كتاب البيوع، باب الرجل يُهدي لمَن أسلفه، رقم (14650)، (8/143).




[10] ابن قدامة، المغني، (6/436).




[11] ابن المنذر، أبو بكر محمد بن إبراهيم، الإجماع، تحقيق: د. فؤاد عبدالمنعم (1/95)، دار الدعوة، الاسكندرية، الطبعة الثالثة، عام 1402هـ.




[12] انظر: شبير، المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي، (ص: 266).




[13] مِن قرارات وتوصيات ندوة البركة الثالثة والعشرين، المنعقدة في مكة المكرمة، من 29 شعبان إلى 2 رمضان 1424هـ، الموافق 25-27 أكتوبر 2003م؛ انظر: مجلة الاقتصاد الإسلامي التي يُصدِرها بنك دبي الإسلامي، العدد (272)، (ص: 28).




[14] المصدر السابق.




[15] عرَّف مجمعُ الفِقه الإسلامي بطاقاتِ الائتمان على أنَّها: "مستند يُعطيه مُصدِره لشخص طبيعي أو اعتباري، بناءً على عقْد بينهما يُمكِّنه مِن شراء السِّلَع أو الخِدْمات ممَّن يَعتمد المستند دون دفْع الثمن حالاًّ؛ لتضمُّنِه التزامَ المُصدِر بالدفع، ومِن أنواعِ هذا المستند ما يُمكِّن من سحْب النقود من المصارِف على حسابِ المصدر"؛ انظر: مجلَّة مجمع الفقه الإسلامي، (7/559).




[16] انظر: زعتري، الخِدمات المصرفية، وموقف الشريعة الإسلاميَّة منها، (ص: 589)، دار الكلم الطيب، دمشق، الطبعة الأولى، عام 1422هـ - 2002م، حماد، حقيقة بطاقة الائتمان وتكييفها الفقهي، بحث مُقدَّم إلى مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الثانية عشرة، عام 1421هـ -2000 م، انظر: مجلَّة مَجْمع الفقه الإسلامي، (13/499).




[17] من قرارات وتوصيات ندوة البركة الثالثة والعشرين، مصدر سابق.




[18] انظر: السالوس، الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة، (1/150)، دار الثقافة، الدوحة، مؤسسة الريان للطباعة والنشر، عام 1418هـ-1998م.




[19] انظر: ابن قدامة، المغني، (6/52)، النووي، المجموع، (9/375)، دار الفكر، بيروت، عام 1997م.




[20] انظر على سبيلِ المثال: فتوى مجمع الفقه الإسلامي المنبثِق عن منظَّمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني عام 1406هـ، الموافق 1985م، وفتوى مجمَع الفقه برابطة العالَم الإسلامي في دورته التاسِعة عام 1406هـ، وفتوى مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة في المؤتمر الثاني عام 1384هـ، وفتوى هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، فتوى رقم (2687)، فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (13/348)، جمع وترتيب: أحمد عبدالرزاق الدويش، دار العاصمة، الرياض، عام 1419هـ - 1999م.




[21] انظر: السنهوري، الوسيط في شرْح القانون المدني (5/429)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، عام 1973، عوض، د. علي جمال الدين، عمليات البنوك من الوجهة القانونية، (ص: 148)، دار النهضة العربية، القاهرة.




[22] انظر: السالوس، الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة، (1/163).




[23] انظر: شبير، المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي، (ص: 217)، دار النفائس، الأردن، الطبعة الرابعة، عام 1422هـ - 2001م، زعيتر، حُكم الإسلام في شهادات الاستثمار وصناديق التوفير وودائع البنوك، (ص: 92)، دار الحسن، الأردن، الطبعة الأولى، عام 1413هـ-1992م، الخفيف، بحث في حُكم الشريعة على شهادات الاستثمار بأنواعها الثلاثة، (ص: 20)، مجلة الأزهر، القاهرة، عام 1417هـ.




[24] السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، (5/435).




[25] انظر: السالوس، الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة، (ص: 214).




[26] انظر: شبير، المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي، (ص: 225)، السالوس، الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية، المعاصرة (1/214)، المصري، الميسر والقمار المسابقات والجوائز، (ص: 169)، زعيتر، حكم الإسلام في شهادات الاستثمار وصناديق التوفير وودائع البنوك، (ص: 94)، الشريف، محمد عبدالغفار، بحوث فقهية معاصرة، (ص: 76)، دار ابن حزم، بيروت، عام 1420هـ.





[27] انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي (6/1726).




[28] خالف محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر في هذه المسألة، حيث أباح جميعَ أنواع هذه الشهادات بفوائدها، إلاَّ أنني أرَى أنَّ خِلافه في هذا الموضوع غيرُ معتبَر؛ لمخالفتِه لمَا توصَّلت إليه المجامع الفقهية، لذلك أعرضتُ عن ذِكْر قوله في هذه المسألة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 102.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 100.24 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.08%)]