|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() إيقاظ أهل الإيمان لمغفرة رمضان (منقول بتصرف من موقع فضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله تعالى ) أخي الكريم : لقد أَزِفَ شعبان، وهو شهر له خصوصيته عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وله تعظيمه الذي ينبغي على المؤمنين أن يُعَظِّموه مثلما عَظَّمه النبي صلى الله عليه وسلم. وذلك التعظيم من النبي صلى الله عليه وسلم كان له سببان: الأول: أن رمضان موسم المغفرة، وينبغي على كل أحد -يريد الله تعالى، والدار الآخرة- أن يهتم لهذه المغفرة، وأن يبذل لها وسعه. وذلك لما هيأ الله تعالى فيه من أسباب الرحمة والمغفرة والرضوان والعتق من النار. فقد قال صلى الله عليه وسلم : " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ". وقال : " من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " . وقال : " إن فيه ليلة هي خير من ألف شهر من حرمها حرم الخير كله ". وزاد: " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ". وقد أعان المؤمنين على تحقيق ذلك بقوله: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين، ونادى مناد يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر." ومن ثم لم يكن عذر حينئذ لأحد فقال :" من أتى عليه رمضان فلم يغفر له أبعده الله أدخله النار , قل آمين , فقلت: آمين" . والثاني : تعمير أوقات غفلة الناس بالطاعة والمجاهدة عليها فعلاوة على فوائدها المذكورة بعد فإن بالطائعين يدفع عن غيرهم ، وبهم يرفع البلاء في تلك الأوقات . فكان "شعبان" هو المُقَدِّمَةَ لتلك المغفرة التي ينبغي أن يستعد المؤمنون لها الاستعداد الجيدَ -الذي طالما قصَّر فيه المؤمنون. -------------------------------------- أخي الكريم : في هذا الرابط (http://debiessy.awardspace.com/general/eqaz.htm) ستجد كتب وخطب صوتية رائعة ,و مميزة لفضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله تعالى تتعلق برمضان والاستعداد له قبله, وما ينبغي أن يكون من العمل الصالح أثنائه, وذلك لتحقيق الغاية القصوى من نيل مغفرة الرب , والعتق من النار في هذا الشهر الكريم , اللهم اجعلنا جميعا من عتقائك من النار ومن المقبولين. |
#2
|
||||
|
||||
![]() بارك الله فيك يا أخي على هذا الموضوع الجميل ،وجزاك الله خيراً
__________________
![]() ![]() شجر الأرض شهيد والعصافير و أطياف السماء يحصد القتل ضحاياه بيومٍ لم يلد إلا البكاء كلنا نبكي لغزة كلنا غزة في ظل الحصار
التعديل الأخير تم بواسطة متمنية الفردوس ; 17-08-2007 الساعة 05:33 PM. سبب آخر: اخطاء املائية |
#3
|
|||
|
|||
![]() بارك الله فيك على هذا الموضوع .........
واهلا بك اخي في ملتقى الشفاء ......... |
#4
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
وبارك الله فيكم , وجزاكم الله خيرا على هذا الاستقبال الجيد للعبد المسكين. ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() اللهم بارك لنا في شعبان , وبلغنا رمضان , وأعِنَّا على العمل الصالح فيهما, آمين. ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
#5
|
|||
|
|||
![]() السلام عليكم
تم اليوم إضافة هذه السلاسل الجديدة في موقع فضيلة الشيخ: [ الاستعداد لشهر رمضان - شعبان 1426 هـ (أو: تنبيه الوسنان لمغفرة رمضان) محاضرات صوتية] مميزة --------------- [حديث الأشجان - رمضان 1426 هـ] --------------- [سلسلة خطب رمضان وشوال 1425هـ] أسأل الله العظيم أن ينفعني وإياكم بها, |
#6
|
|||
|
|||
![]() (منقول من موقع فضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله تعالى) وظائف المؤمنين في شهر شعبان(مختصرة): 3-مجاهدة النفس على الطاعات 4- تجهيز أحسن الأعمال لرفعها إلى رب العالمين. 6- الانكباب على كلام الله تعالى وإدمان تلاوته. سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام شهر شعبان فقال: ((ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاس عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ , وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ , فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ))([1][1]) . وروى البخاري أنَّ النبيَّ r ((كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ))([2][2])، وفي رواية: ((إِلَّا قَلِيلًا))([3][3]) . كأنَّ "رَجباً" و"رمضان" مِن الشُّهور التي يُعظِّمها المؤمنون، ثم يَغْفُلون عن "شعبان"، وهذه هي الحال التي نحن فيها؛ فما أن يأتي "شعبان" حتى يترك الناس الاجتهاد والطاعات ويقصرون فيها –وهم مقصرون أصلا- يقول القائل: ها "رمضان" قد أوشك، وإن شاء الله! في "رمضان" تُعَوِّض ذلك كله، وإنْ شاء الله! في "رمضان" يكون اجتهادك زائدًا ...، ويظل يفتح لك الشيطان باب التمني والأمل حتى تقعد عن العمل في "شعبان"، وحتى تتكاسل عنه. وذلك ما تميل إليه النفس؛ لأنه كلما اقتربت تلك المواسم ضَعُفَت النَّفس عن العمل ؛ لأنها بظنها وتسويفها سَتُعَوِّض ذلك في "رمضان"، فإذا جاء "رمضان" على هذه النفوس الضعيفة، على هذا الإقبال الضعيف على الله تعالى لن يجدي "رمضان" شيئًا؛ أتاهم وهم خائبون، فانصرف عنهم وهم كذلك، فعادوا إلى الخيبة والخسارة التي نراها كل عام، إلا من رحم الله تعالى.. فَلْيِشُدّ أهل الإيمان إذًا على عزمهم، ولْيُوَثِّقُوا عهودهم، وليأخذوا حِذْرَهم، وليتيقظوا لفوات عمرهم؛ فالعمر يمر بأسرع مما نتخيل كنا نتكلم عن قرب مجئ رمضان وجاء ورحل، كأنه بالأمس القريب، وإذا "برمضان" التالي يوشك أن يعود؛ عام كامل قد مرَّ، تراك حاسبت فيه نفسك أيها المؤمن! إذا لقد علمتَ كم كانت خسارتك فيه، وكم ضَيَّعتَ فيه من أنفاس وأيام وشهور، وكم ضيعت ذلك كله في عدم تحصيل شيء في معادك ، وتحقيق أسباب نجاتك، وقد علمت أنَّك موقوف، ومسئول؛ أنه لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن شبابه وعن عمره وعن ماله أين ضيع ذلك كله؟ وكأنَّ عمرك لا يُساوي شيئًا، وكأنَّك لن تُسأل عنه، وكأنه شيء لم يفتحه لك؛ لتزيد به من حسناتك، ولتأخذ به في تثقيل موازينك، ولتُقْبِلَ به على ربك؛ خشية أن يأتيك الموت، وأنت على هذا الحال! وكأنَّك من كَثْرَةِ مَا أَمدَّ لك الشيطان في الأمل، وأنساك بغتة الأجل، وأنساك قُرْبَ الموت والرحيل، كأنك بِمَأْمَن أن تنتقل إلى الرب الجليل وأن ترحل إليه، وأن تُحاسب بين يديه سبحانه وتعالى! لذلك كان يصومه r كله. وهذه الوظيفة الأولى التي يتفكر فيها المؤمنون اتباعاً للنبي r، واهتداءً بهديه، أن يصوموا شعبان إلا قليلًا، إلا يومًا أو يومين، أو أن يصوموا "شعبان" كله لمن اعتاد صيام هذه الأيام واسمع أول العقبات التي تثنيك عن ذلك لتستعد لها. سوف يأتيك الشيطان ليقول لك: أنت إذا صُمْتَ "شعبان" كله سَتَضْعُف عن صيام "رمضان" وأنت إذا صمتَ "شعبان" لم تتمكن من أن تقوم بمصالح ووظائف "رمضان"؛ ليعوقه عن أن يقوم بتلك الوظيفة، والاهتمام بها، حتى لا يعد نفسه، وقلبه، وروحه، وبدنه لصيام "رمضان".. للمغفرة ..للعتق من النار إذ ذاك أصعب شئ على الشيطان أن يراه مقبلاً طائعاً. ماذا يصيب المرء مثلا إذا صام "شعبان" وصام "رمضان"؟؟ كأنه سيَحدُثَ لَهُ مَا لَم يَحدث من الآفات والأوجاع، أو من تضييع العمر، أو من ذهاب المال، أو من تعطيل المصالح. كل ذلك تخويف الشَّيطان، وتسويله الذي ينبغي أن تَحْذَرَ له من أول الأمر، سيأتيك الشيطان بكل الموانع، وبكل العَقَبَات وبكل المعوقات التي تصُدُّك عن أن تقوم بهذه الوظيفة. ولست أيها المسكين! وأنت شاب فارغ من مشاغِل الدُّنيا، ومن مشاغل الدِّين كذلك أن تتكاسل وتضعف عن القيام بهذه الوظيفة؛ النبي r على عِظَمِ مشاغله من "الجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة، والقيام بمصالح المؤمنين، والقيام على معايشهم، والقيام على تعليمهم وفِقْهِهِم سفَرهم وحَضَرِهم". كل ذلك لم يمنعه، لماذا؟ لأنه متوكل على الله , قوي به, مدده منه سبحانه وتعالى, محب لعبادته لا يستثقلها ولا يملها, له أعظم الأشواق لله والآمال فيه. ليتوكل المرء على الله إذا ؛ ويجعل له هدفًا يريد أن يصل إليه، وهو أن يغفر الله له في "رمضان"، ويعلم أنَّ المغفرة التي يود أن يُحَصِّلَها مهما بذل لها فذلك شيءٌ قليل، ولو صام عمره كله لم يكن شيئًا كثيرًا؛ لِيُحَصِّل به مغفرة الله تعالى.. وليعلم أنه مهما أقبل على الله تعالى، وتوكل عليه في ذلك فإن الله حسبه، فإن الله يكفيه، يعني: إن المشاغل التي سيعوقك بها الشَّيطان من الضعف، ومن المصالح، ومن السفر، ومن كذا، وكذا.. الله تعالى يكفيك إياها ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾[الزمر:36]. فإذا ما تَيَقَّنُ المرء أن الله تعالى يكفيه، وأن الله تعالى قادر، وقوي على أن يعينه في تحصيل هذه الوظائف، فكيف يُحَصِّلها؟! لذلك يَدْخُلُ على أعمال الإيمان لا يهمه عواقبها؛ لأن عواقبها بيد الله وهي عواقب محمودة؛ ولأن الله -تبارك وتعالى- إذا فتح له باب طاعة هَيَأهُ لها، وإذا فتح له باب المغفرة هيأه لها، وقوَّاه عليها، وأمَدَّه بِمَدَدِهِ، فكيف تخشى إذًا أن يحدث كذا ..، وكذا..، والله تعالى معك، والله تعالى مؤيدك، وموفقك أيها المسكين؟! لما كان موسى عليه السلام في شغل الله نعالى وخشي العاقبة بقوله: ﴿إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى﴾ [طـه:45] قال: ﴿لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾ [طـه:46]. فكان في شغلهما لما كانا في شغل الله تعالى. لذلك: ينبغي أن يتعلم المرء هذه القضية في كل قضايا الإيمان، والعمل الصالح؛ ألا يلتفت إلى تخويف الشَّيطان ومعوقاته وأنه سيقع له كذا وكذا، لا؛ ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾[الزمر:36] يُذكر بها نفسه ويقوي بها قلبه. قال الله عز وجلّ في الحديث القدسي : ((إِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ))([5][2]) فهل تتقرب إليه بهذه الأنواع من أنواع القُرُبات، ثم يحجب عنك مدده، وقوته، وقدرته، وعونه، وتوفيقه، وتسديده، لا.. بل على العكس.. إذا ما تقربت بتلك القربات فأنت في محل التوفيق، محل المدد من الله تعالى، محل العَوْن، محل الإصابة والسداد، محل أن تكون هذه العواقب الحسنة كلها قد هيأها الله تعالى لك، فلا تخشى حينئذٍ شيئًا.. النبي r قد ورد عنه أنَّه كان يقوم الليل كله، يدعو، ويُنَاشِدُ ربه، ثم يصبح ليجاهد المشركين، وليواجههم، وليقاتلهم كما رأينا في غزوة بدر. فهذا هو مقتضى التوكل الذي يدفعك إلى المعنى الثاني الذي قد فُتِحَ له "شعبان" وهو معنى : " المجاهدة " . ([1][1]) [حسن] أخرجه النسائي (2357) ، وأحمد في المسند ( 5 / 201) من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه. ([2][2]) أخرجه البخاري (1970) ، ومسلم (1156) من حديث عائشة رضي الله عنها. ([3][3]) أخرجه مسلم (1156) من حديث عائشة رضي الله عنه. ([4][1]) [حسن] تقدم من حديث أسامة بن زيد t . ([5][2])أخرجه البخاري (7536) ، ومسلم (2675) من حديث أنس t . __________________________________________________ ______ |
#7
|
|||
|
|||
![]() الوظيفة الثانية : تعمير أوقات الغفلة بالطاعات والقُرُبات إلى الله تعالى - الجزء الأول وفي هذه الجزئية النقاط الآتية: ·كيف يغفل المؤمنون عن ربهم ؟!! ·شأن المؤمنين القرب من الله. ·فوائد إعمار أوقات الغفلة بالطاعة: ·الفوز بمحبة الله سبحانه وتعالى oومن طرق تحصيل هذه المحبة : §القيام في نصف الليل الآخر. §القيام حال كون النوم أحب إليك مما سواه. §القيام ما بين المغرب والعشاء. ·دفع البلاء النازل على النفس والأُمًّة . §مسئولية المؤمنين في دفع البلاء النازل الآن عن إخوانهم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ·تحصيل الأجور المضاعفة"... ----- كيف يغفل المؤمنون عن ربهم ؟!! ----- نعود إلى قوله r ((يغفل عنه النَّاس)) معناه: أن المؤمنين مُطالبون بأن يُعَمِّروا أوقات الغفلة بأعمال الذكر، والقرب إلى الله تعالى وألا يكونوا مع الغافلين كما قال ﴿ولا تكن من الغافلين﴾ [الأعراف: 205] لمَّا غفل عنه النَّاس لم يكن للمؤمنين أن يغفلوا عنه؛ لأنَّ المؤمنين متيقظون، حَذِرُون من ناحية.. ومن ناحية أخرى: أنَّ المؤمنين مقبلون على ربهم دومًا ؛ لأنَّهم لا ينقطعون عنه، وإن انقطعوا عن ربهم، وغفلوا عن ذكرهم ماتوا ..ماتت قلوبهم، وضلت أفئدتهم وبَعَدُوا عن طريق ربهم. لذلك يصعب على المؤمنين أشد الصعوبة أن يغفلوا عن ربهم، وأن يتكاسلوا عنه، أو يبتعدوا عن طريقه، فكأنما خرجوا إلى الموت، لقد خرج أحدهم إذن عن طريق ربه الذي يحفظه ويرزقه ويقويه، فلابد أن يُقدم عليه وأن يرجع إليه. وليس له عنه بُدُّ سبحانه وتعالى؛ فهو ربه، وهو حبيبه، وهو الذي يُرَبَّيه، ويراعي إيمانه، وهو الذي يَمُدُّه بأسباب النجاة، وهو الذي ينتظره في الآخرة؛ ليسكنه جنته مع النبيين والصديقين والشهداء، فكيف يبعد عنه المرء؟! أو كيف يغفل عنه؟! أو كيف ينسى ربه سبحانه وتعالى؟! إن خرج منه كأنما خرج السمك من الماء، يخرج إلى الموت، تلك هي الغفلة عن ربهم، والابتعاد عن طريقه سبحانه وتعالى. والمؤمنون اليوم مع الأسف لا يُحِسُّون بهذا الموت، لا يُحِسُّون بضعف الحياة كما قال تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاس كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾[الأنعام:122]. وقد انصرفوا إلى حياتهم وأولادهم وأموالهم وشهواتهم وقدموا ذلك كله على ربهم فكان سبب لهوهم عنه وشقائهم وخسرانهم كذلك. قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9]. ويعلمون أنه هو الذي يُصْلِحُ أحوالهم، وهو الذي يُدَبِّر معايشهم، وهو يُوَسِّع أرزاقهم، وهو الذي يكفيهم كلَّ ما أَهَمَّهُم في أمور دينهم ودنياهم، فكيف يلجئون إلى عدوه؟! كيف يغفلون عنه؟! كيف ينامون عن طاعته I ؟! كيف يتكاسلون عن طريقه؟! وطريقه هو حياتهم وطريق نجاتهم، وطريقه محبتهم وقربهم، وطريقه عُلُوهم وارتفاعهم، وطريقة كل أملهم في الدنيا والآخرة. ----- شأن المؤمنين القرب من الله تعالى والوقوف ببابه.... ------ قوله صلى الله عليه وسلم : ((ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاس عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ))([1]). وكأن النبي r يُبَيِّنُ للمؤمنين أنهم لا ينبغي أن يغفلوا حين يَغفُلُ النَّاس عن الله تعالى، بل لابد لهم أن يكونوا متيقظين لربهم سبحانه وتعالى، غير غافلين عنه جلَّ وعلا، مقبلين عليه حال إعراض النَّاس، ذاكرين له حال غفلة النَّاس، مهتدين بهديه حال ضلال النَّاس، وإنما هم لهم شأن، والنَّاس لهم شأن آخر. شأنهم : القُرب من الله تعالى، والوقوف ببابه، والتضرع له. والدعاء، والذكر، والبكاء، والتذلل، والانكسار إلى ربهم في كل حين، لا يخرجون عن ذلك طرفة عين، وإذا خرجوا فذلك هو الخذلان المبين, فأشواقهم لمحبته ونعيمهم ولذتهم وشهواتهم في طاعته. ----- فوائد إعمار أوقات الغفلة بالطاعات.... ----- وعمارة أوقات الغفلة بأعمال الإيمان والطاعة لها فوائدها التي ينبغي أن يُحَصِّلها المؤمنون اليوم لذلك الشهر الكريم الذي يُعِدُّون أنفسهم فيه لرحمة الله . فما هي فوائد تعمير أوقات الغفلة بالطاعة؟ ----- الفائدة الأولى: الفوز بمحبة الله I.----- أوَّل هذه الأمور وإن كنا نريد أن نشير إلى معانٍ مهمة فيها فقط هي: أنَّ الله تعالى عندما يغفل عنه النَّاس، ويقوم بعض النَّاس بذكره، والإقبال عليه فيكونون محل محبته سبحانه وتعالى. يعني: إن أوَّل شيء يحصله هؤلاء المعمِّرون لأوقات الغفلة بالذكر، والعمل، والإقبال على الله تعالى أن ينالوا محبة الله I. لذلك: رأينا النبي r في أحاديث كثيرة يحض المؤمنين على تعمير أوقات الغفلة بالذكر ليحصلوا أعلى درجات الدين..محبة الله. ومن ذلك: ما ذكره صلى الله عليه وسلم في نصف الليل الآخر : (( إن استطعت أن تكون ممن يذكر الله تعالى فيه فَكُنْ..)) يعني: وقت هدوء النَّاس، ونومهم، وشهواتهم إذا بالنبي r يُوقِظ أهل الإيمان، وينبههم على أنهم ينبغي أن يَتَخَلَّوا عن تلك الشهوات من "النوم والدعة والراحة والأهل" ليقوموا إلى الشهوة العظمى والراحة القصوى، وهي محبة الله تعالى التي يُؤثِرُونها على الدنيا والآخرة، والمال، والأهل والولد.. فإن استطعت أن تكون ممن يذكروا الله في هذه الساعة فكنْ، أي في جوف الليل الآخر، وهو الذي يغفل عنه النَّاس المؤمنون، و غيرهم بأن يذكروا الله تعالى فيه: هو موضع محبة الله تعالى. وكذلك كان r يؤخِّر العشاء الآخرة - صلاة العشاء - يعني: إلى ثلث الليل؛ يقول :كما روى في البخاري وغيره عنه r: ((مَا يَنْتَظِرُهَا – يَعْنِي: العشاء- أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ غَيْرُكُمْ ..)) . وكأنه يقول :- صلوات الله وسلامه عليه- هذه الصلاة التي تصلون إنما أنتم الذين تصلونها في الدنيا كلها حال غفلة كل النَّاس عن الله تعالى، و هذه ميزة عظيمة للمؤمنين، أن يذكروا الله تعالى عند غفلة النَّاس عنه، وأن يُقْبِلوا عليه حال إعراض النَّاس عنه I .. ولك أن تتخيل أيها المؤمن! أنَّ ذلك محل رحمة الله تعالى، ومحل محبة الله تعالى , يقولr : ((ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ … وَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِمَّا يُعْدَلُ بِهِ نَزَلُوا فَوَضَعُوا رُءُوسَهُمْ فَقَامَ أَحَدُهُمْ يَتَمَلَّقُنِي وَيَتْلُو آيَاتِي ..))([2]) ((حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدلوا به)) لا يعادله شيء هذا النوم فناموا. ((قام إليَّ أحدهم)): الذي يضحك له ربه سبحانه وتعالى، الذي هو في محل محبة الله له سبحانه وتعالى. ((قام إليَّ)): قام إليَّ حال تعبه، وحال مشقته، وحال كون النوم أحب إليه مما سواه، قام إليه، لا يُحِسُّ بهذا التعب، ولا يحس بهذه المشقة، ولا يحس بأن النوم هو الأحب إليه، بل يحس بأنَّ قيامه إلى ربه، وتلاوته لآياته، وتَمَلُّقَه ودعائه، والطلب منه هو راحته وسروره ,فأنساه تعبه ومشقته؛ لأنه أحس في ذلك بنعيمه، أحس في ذلك بطمأنينته، وإقباله على ربه سبحانه وتعالى، فكانت أعلى وأجلَّ وأعظم من كل هذه السعادات التي يلقاها في غير ذلك، فكانت سعادته العظمى، وقُرَّةُ عينيه التي لا تنقضي، ونعيمه الذي لا يفنى أن يقبل على ربه، وأن يتلوا آياته، وأن يتملقه I، إلى آخر ذلك مما ذكر النبي r من قوله: ((وَرَجُلٌ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَهُزِمُوا وَأَقْبَلَ بِصَدْرِهِ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يُفْتَحَ لَهُ )) يعني: فروا من أمام العدو ، فقابلهم رجل بصدره فقاتلهم حتى قُتِلَ. فذلك يضحك الله له،فهذا يحبه ربه كأنه لما فرَّ النَّاس عن الله تعالى، وفروا عن دين الله تعالى، ونُصْرَتِهِ إذا به هو وحده في غفلتهم، وفرارهم، وبُعْدِهِم، وإدبارهم يُقْبِل بصدره؛ يَوَدُّ ما عند الله تعالى من الشهادة، ومن القرب، يود ما عند الله تعالى من الأجر في الدفع عن دينه، والذَّبِّ عن إيمانه، والقيام بِنُصْرَةِ هذا الدين. والثالث: ((فَرَجُلٌ أَتَى قَوْمًا فَسَأَلَهُمْ بِاللَّهِ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ بِقَرَابَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَمَنَعُوهُ فَتَخَلَّفَ رَجُلٌ بِأَعْقَابِهِمْ فَأَعْطَاهُ سِرًّا لَا يَعْلَمُ بِعَطِيَّتِهِ إِلَّا اللَّهُ وَالَّذِي أَعْطَاهُ )) ,. يعني: أعطاه بينه وبينه، أعطاه مما أعطاه الله تعالى، أعطاه مما رزقه الله تعالى، أنفق في السِّر من هذا الباب الذي يحبه الله تعالى، فكان ذلك الشَّخص ممن يضحك الله تعالى له، ممن يحبهم الله تبارك وتعالى. فرأيت هذا الحديث يُصَوِّر هذه المحبة، وهذا الضحك من الله تعالى لهؤلاء الذين تركوا رَغْد، عيشهم، ودَعَتَهُم، وسكونهم، وراحتهم، وزوجاتهم، وغِطائهم ونومهم، وأنفقوا مالهم ، وضحوا بأنفسهم فَقُتِلُوا، قاتلوا وقُتِلُوا في سبيل الله، وهكذا.. وحسبك بقوم يحبهم ويضحك لهم حسبك بهم في علو درجتهم وحسن منزلتهم وقل ما شئت فلا تبلغ العبارة وصف حالهم. فلعلك قد أخذت هذا المعنى من تعمير أوقات الغفلة بذكر الله تعالى وطاعته ليكون رصيدك في "شعبان" أن تكون أنت المُقْبِل حال فرار النَّاس، والمُتَصَدِّق حال بُخْلِهِم وإحجامهم وحرصهم، أن تكون القائم حال نومهم وغفلتهم، والذَّاكِر لله تعالى، الداعي المُتَمَلِق له حال بُعْدِهِم وحال نومهم. ذلك كله يكون سَبَبَ محبة الله تعالى لعبده، فإن الله تعالى يحب لهم ذلك. ومثل آخر: كان المؤمنون في عهدهم الأول يقومون ما بين "المغرب" و"العشاء" صلاةً لله تعالى؛ لقولهم: إن هذه ساعة يغفل النَّاس فيها عن الله تعالى. فيقومون فيها لربهم سبحانه وتعالى، ساعة غفلة يغفل النَّاس عنها لا ينبغي للمؤمنين المتقين أن يغفلوا كما غفل غيرهم، وأن يناموا كما نام غيرهم، أو أن يَلْهُوا كما لهى غيرهم، أو يبتعدوا كما ابتعد غيرهم، أو يَفِرُّوا كما فرَّ غيرهم. وعادة الناس اليوم هي الفِرَارُ من الطاعة والعمل الصالح والمَلَل منها، والضيق بها، يَوَدُّون شيئًا سريعًا، شيئًا خفيفًا، شيئًا لا يكون له أثره الجميل في قلوب المؤمنين، ولا في أعمالهم وأقوالهم، كأن أثقل شيء عليهم هو إقبالهم على ربهم، وهو محبتهم لربهم، وهو بذلهم لربهم، فضلا عن تضحيتهم لربهم، إن كان شيءٌ لغير الله تعالى وَجَدْتَهُم يسارعون ويعطون ويبذلون، ولا يُهِمُّهُم وقت، ولا يهمهم مال، ولا جُهْد، إن كان لله تعالى وجدتَ العِلَلَ والأعذار، والبعد عن الله تعالى. وكان تعمير النبيِّ له r في حال الغفلة لهذا السبب الأول وهو: المحبة من الله تعالى، وأن يضحك الله -تبارك وتعالى- لهم، وأن يُجازِيَهُم، وأن يكافئهم أحسن الجزاء، وأن يُعْظِّمَ مثوبتهم، وأنْ يجزلَ لهم الثوابَ سبحانه وتعالى. |
#8
|
||||
|
||||
![]() جزاك الله خيرا اختي
ورمضان مبارك على الجميع
__________________
![]() |
#9
|
||||
|
||||
![]() كل عام وانتم بخير بمناسبة رمضان كريم
|
#10
|
|||
|
|||
![]() الوظيفة السابعة : التهجد وطول القيام. الجزء الأول وفي هذه الجزئية النقاط الآتية: قيام الليل في شعبان استعدادًا لرمضان من فوائد قيام الليل : قيام الليل من أحسن القربات إلى الله تعالى. مشاركة الصالحين من قبلنا في دأبهم. قيام الليل مكفرة للسيئات. قيام الليل يخفف قيام يوم مقداره خمسين ألف سنة. الترهيب من ترك قيام الليل: " لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ " ----- قيام الليل في شعبان للاستعداد للقيام في رمضان---- وهذا العمل الجديد الذي ينبغي أن يقوم به المرء في "شعبان" تَحَسُّبًا لـ"رمضان"، واستعدادًا لقوله صلى الله عليه وسلم((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))([2]). كل تاجر من وراء تجارته ، وتجارة القرآن التجارة التي لا تبور ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ&لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾[فاطر:30:29]. وهذه التجارة من القرآن الكريم تظهر في قوله: ((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ..))([3]). يعني: من قام بهذا القرآن الذي هو من وراء تجارة كل تاجر، من قام به إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه، وإذا لم يُعوِّد المرء نفسه في هذه الأيام على هذا القيام الطويل الذي يرجو به المغفرة، ويرجو به الرحمة، ويرجو به العتق من النار، فإن "رمضان" يأتي عليه، ويمر حتى إذا تعوَّد وجد "رمضان" قد انتهى، حتى إذا تَعَوَّد على طول القيام لله تعالى، ولماذا طول القيام؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ))([4]) , ((وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ))([5]),. وهذا الاحاديث ننبه بها أنفسنا وإخواننا المتكاسلين عن القيام لربهم، والتلذذ بالإقبال عليه سبحانه وتعالى، وبالمحبة لكلامه والتدبر فيه، وتَنَعُّمِ القلب والبدن بهذه الصلاة، وبذلك الإقبال على الله تعالى، ----- من فوائد قيام الليل: ----- ونذكر شيئا قليلا من فوائد وعواقب قيام اليل حتى يكون ذلك سببا معينا لنا في قيام اليل لله سبحانه وتعالى:-----الفائدة الأولى: قيام الليل من أحسن القربات إلى الله تعالى ----- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْعَبْدِ جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرَ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ))([1]) . فإذا علم المرء المحب المقبل على الله تعالى أن ربه أقرب ما يكون إليه في جوف الليل، لا شك أنه انتظر تلك الساعة، وقام إليها لِقُرْب ربه منه. لذلك: يأتي القرآن الكريم عندما يخرج المرء من قبره يوم القيامة، يخرج إليه في شكل الرجل الشاحب، الشاحب اللون، يقول له: أما تعرفني؟ فيقول مَنْ أنت؟ يقول: أنا القرآن الذي كنت تقرأني، وإن كل أحد اليوم من وراء تجارته، وأنا من وراء كل تجارة لك. يأتيه القرآن ليقول له ذلك، فيؤتى المُلْكَ بيمينه، والخُلد بشماله، هذا حديث صحيح، فيؤتى المُلْكَ بيمينه، والخُلد بشماله، ويلبس تاج الوقار، ويُحَلَّى أبواه حُلَّتَين لا تقوم لهما الدنيا فيقال لِمَ كسوتني ذلك؟ قال: بأخذ ولدك القرآن. ثم يُقال له: اقرأ وارق في دَرَجِ الجنة كما كنت تقرأ في الدنيا. هذا القرآن الذي أظمأته يقول له هذا القرآن: أنا الذي أظمأتُ هواجرك، وأسهرت ليلك، وإن كل تاجر اليوم من وراء تجارته، وأنا من وراء كل تجارة، هذا القرآن الكريم يأتيه: أنا صاحبك، أنا القرآن الذي كنتُ قد أسهرتَ ليلك، يتلوه ويدعو به ربه، ويَتَمَلَّقه به، وإن كل تاجر من وراء تجارته، ويُكْسى ويرقى وكذلك والداه يُكسيان هذه الحُلَّة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لأخذ ولدهما القرآن. وقد ذكرنا أن أفضل قراءة القرآن أن يقرأه قائمًا يصلي في المسجد، كما ذكر الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾[آل عمران:191]. ----- الفائدة الثانية: مشاركة الصالحين من قبلنا في دأبهم ----- قوله صلى الله عليه وسلم: ))َ عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ [وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنْ الْجَسَدِ])) قيام الليل: شعار الصالحين قبلكم، دأب الصالحين قبلكم، والصالحون قبلكم لابد وأن تشاركوهم فيه وأن تنافسوهم عليه، ولا يكون الصالحون قبلكم أولى بالله تعالى منكم، وأولى بمجاورته سبحانه وتعالى في جنته مع "النبيين والصديقين والشهداء "من أولئك الصالحين. انظر لهؤلاء الصالحين كيف قضوا ليلهم يستنصرون ربهم، ويدعون ربهم، ويناشدون ربهم، ثم يصبحون ليقاتلوا عدوهم، فما كانوا يستنصرون ويَتَقَوَّوْنَ، ويستمدون المدد والعون من الله تعالى إلا بذلك القيام. لذلك: لما وصفوهم قالوا: لهم دَوِيٌ بالقرآن كدوي النحل في ليلهم، كانوا فرسانًا بالنهار، رهبانًا بالليل، وذلك في أشد المواطن فزعًا، وفي أشدها كذلك خطرًا، وفي أشدها مخافةً، وهي أنهم عند مواجهة عدوهم -ليس عندما يَسْعَون إلى رزقهم أو معاشهم أو دراستهم- يقومون ليلهم، بل في أشد من ذلك؛ إذا لاقوا عدوهم كانوا يقومون ليلهم، مع أنهم كانوا ينبغي أن يناموا؛ ليقاتلوا، أو أن يناموا ليذاكروا، أو أن يناموا ليسافروا، أو أن يناموا ليذهبوا إلى أعمالهم وأشغالهم ، إنما قاموا؛ ليكون مددهم، وعَوْنُهُم على ذلك كله هو ذلك القيام. وذلك وصفهم الذي أشار إليه المولى سبحانه وتعالى: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾. وانظر إلى حال المؤمنين في ليلهم كما وصفهم الله تعالى: وذلك لننظر في حال أنفسنا ولتتعظ بقول ربنا -سبحانه وتعالى- في قوله: قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ , آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ,كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾[الذريات16: 18]. يعني: كانوا قليلًا من الليل ما ينامون. الهجوع: النوم، والتهجد: هو قيام الليل. "لئن هجع" يعني: نام. ووصف ليلهم بقلة الهجوع، كما وصف ليلهم بالتجافي عن المضاجع، كما وصف ليلهم سبحانه وتعالى بالبيات رُكَّعًا، وسُجَّدًا لله تعالى وقيامًا. فتلك أحوالٌ غريبة، وتلك أمور تكاد أن تكون صعبة، ولكنها تَخِفُّ كما أشرنا عندما يعلم المرء أن ذلك سبب محبة الله تعالى والشوق إليه والتنعم بالوقوف بين يديه, وقرة العين بالإقبال عليه، وقال تعالى: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾[السجدة:16]. فهذه حال المؤمنين الذين بَشَّرَهُم ربهم بالجنة ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾[الذريات16]. قوله:﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً﴾, توضح أول صفات المؤمنين قبل "رمضان" وتزداد هذه الصفة في "رمضان" كحال النبي صلى الله عليه وسلم المُشَرَّف: "أن تتجافى جنوبهم عن المضاجع" يعني: أن تتباعد هذه الجُنُوب عن مكانها التي تضجع فيه لتستريح، تَبْعُد هذه الجُنُوب مواضع الراحة إذ الراحة الحقة في قيامها لله ؛ لا تألف هذه المضاجع من مضاجع النوم. ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾: ليس نومهم طويلًا، وليس نومهم ثقيلًا، وليس النوم أحب إليهم، بل على العكس. فهذه الحالة والتي تبين محبتهم لربهم، بل محبة ربهم لهم. وقد ذكرنا في الثلاثة الذين يضحك الله لهم، أو يحبهم الله تعالى ذلك الرجل الذين كان معهم في سفرهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يَعْدِلُ به - كان النوم أحب شيء إليهم لا يساويه شيء- قام إليَّ أحدهم يدعوني ويتلو آياتي ويتملقني. هؤلاء يحبهم الرب جل وعلا، وكفى بذلك شرفًا تلك الحالة، وتلك المنزلة وهذه المرتبة العالية التي تبين قربهم من ربهم، وتبين اصطفاء الله لهم واجتبائه سبحانه وتعالى إياهم. لذلك قال: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً ﴾. ولا شك أن حال المؤمنين اليوم على العكس؛ كلما وجد وقتًا فارغًا بَدَلًا أن يصلي، وأن يقوم، وأن يدعوَ، وأن يأخذ حظه من الله تعالى.. إذا به ينام هذا الوقت، ويَحْزُن أن ضاع حظه من نومه، ويَحْزُن أن قَلَّت ساعات نومه، ولا يحزن أن قلت ساعات إقباله على الله وتَمَلُّقه له، ودعائه له، وإقباله عليه، وأن يأخذ من ربه -جل وعلا- النصيب الأوفى من المحبة والإقبال عليه، والنظر له واصطفائه واجتبائه. ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾: بل إن الله -تبارك وتعالى- قد بَيَّن أن ليلهم ليس النوم -كما هو الحال في الطبيعة المرء- بل وصفهم ربهم في وصف عباد الرحمن بقوله: وقال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً ﴾[الفرقان:64]. وانظر إلى هذا التركيب القرآني البديع؛ يبيتون سجدًا ، الأصل في استعمال "يبيت" لغويا في غير القرآن أن يقول: "يبيت الرجل نائمًا". فكأنه رفع "نائمًا" هذه ووضع بدلها "سُجَّدًا وقيامًا". فبدلًا أن يقول: بِتُّ الليلة، يعني: نِمْتُ هذه الليلة، يقول: نام قائمًا راكعًا، ساجدًا كأن نومه هو السجود والركوع، كأن نومه هو الإقبال، هو الطاعة، كأن راحته التي يرتاح بها المرء إذا نام هي الإقبال على الله، هي ركوعه وسجوده، لا يكون مطمئنًا مستريحًا، لا يكون هادئ البال قد أخذ قِسْطَهُ من الراحة التي يرجو، والاستجمام الذي يسعى إليه إلا راكعًا وساجدًا. وقال تعالى: ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾[آل عمران:17]، جلَّ وعلا. ليبين كذلك تلك الحال التي قال فيها للنبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّل% قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً %نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً %أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً %إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً﴾[المزمل: 5:1] ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴾[المزمل:20]. فكان ذلك حالهم الذي ينبغي التفكر فيه؛ بمقارنة أحوالنا على كلام القرآن؛ ليضع المرء الدواء على موطن الداء، وليقوم لله تلك القَوْمة التي أمره بها ﴿ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾. وقد كان حال من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في قيامه بالليل هذا الحال، وهو: أنه صلى الله عليه وسلم ما تُريد أن تراه قائمًا إلا رأيته، وما تريد أن تراه نائمًا إلا رأيته. ومعني ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم -كما يقول العلماء-كان يُكابِد, وصفة مكابدة الليل: أن يقوم فيتوضأ، فيصلي، فتغلبه عينه، فينام قليلًا، فيفزع مرة أخرى، فيقوم، فيتوضأ، فيصلي فتغلبه عينه، فينام قليلًا، فيقوم فيتوضأ فيصلي، وهي شدة المكابدة، وهي حال من أحواله صلى الله عليه وسلم التي تُبَيِّن هذا التجافي، والتي تبين أن يبيت لربه راكعًا وساجدًا وقائمًا؛ يرجو رحمة ربه كما ذكر المولى سبحانه وتعالى. لذلك: كان عِلْمُ المرء بقرب الرب في جوف الليل منه عونًا له على القيام لله تعالى؛ إذا به يَهُبُّ من نومه لقرب ربه منه، ولإقباله على ربه، فيقوم حالئذ، وقد ترك نومه وراحته وزوجته، وترك وطاءه؛ ليقوم لله تعالى في تلك الليلة التي أقامه الله تعالى فيها. فقد رُوِيَ أن الله تعالى يقول لجبريل: ((أقم فلانًا، وأنم فلانًا)), يقيم فلانًا ليذكر الله تعالى، وأنم فلانًا؛ لأنه لا يريد منه ذكر الله تعالى؛ لِمَا صدر منه، والمعنى الثالث: أن المرء قد يرى نفسه مُتعبًا، وقد يرى أن صحته لا تأتي بهذا القيام قد أتت الأيام الجميلة، وأتت مواسم الرحمة لِيَنْفُضَ المرء عنه ثوب الغفلة، وثوب النوم، وثوب البعد، والجفاء عن الله تعالى؛ لتكون راحته ولذته ونعيمه وسروره وشوقه في الإقبال على الله تعالى. -----الفائدة الثالثة: قيام الليل مطردة للسيئات ----- يقول صلوات ربي وسلامه عليه: (وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنْ الْجَسَدِ))([7])يعني: إن أولئك المتخوفين بسب مرضهم وتعبهم وبسبب شقائهم، وبسبب كذا وكذا مما يكون عائقًا عن القيام، إذا بالقيام على العكس؛ يكون سببًا لطرد الداء عن البدن، سببًا لشفاء هذا البدن، فإذا ما قام لله تعالى كان سببًا لشفائه، ورفع تعبه، وعدم شعوره بهذه المشقة التي حَصَّلها، أو التي أصابته في يومه؛ لأنه أقبل على ربه فنسي به الشقاء، حتى إذا كان النوم أحب إليه مما يعدل به قام إليه. وهذا القيام لا يُشْعِرُ المرء بهذا التعب؛ لأن قرة عينه فيه؛ لأن لذته ونعيمه لا تكون إلا بذلك، تَعِسَ أن يكون نعيمه وسعادته في الدنيا الزائلة، في امرأته وولده وماله وشُغله وصَحَابته، وأُنْسِه بغير الله تعالى. |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |