ماذا على المسلم بعد الحج – حاجا أو غيره - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الصبر على الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حصر الواقع ! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حديث عجيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          فمِنكَ وحدَك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          علة حديث: (من غسَّل واغتسل) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          معنى أن الله - عز وجل - يصلي عليك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          غباء الأذكياء!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          نواقض الإسلام العشرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          كم ركعة تصل في اليوم تطوُّعاً ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-08-2025, 11:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,703
الدولة : Egypt
افتراضي ماذا على المسلم بعد الحج – حاجا أو غيره

ماذا على المسلم بعد الحج – حاجا أو غيره -1-


جعفر الطلحاوي


1. الاستقامة والدعاء بالقبول

عن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله r: "قل لي في الإسلام قولاً لا اسأل عنه أحداً غيرك" قال r: "قل: آمنت بالله ثم استقم"([1]) سؤالُ الله قبول العمل الصالح من صدق الإيمان؛ بنى إبراهيم - عليه السلام - الكعبةَ ودعا ربَّه: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "[2] والثباتُ على الدين من عزائمِ الأمور؛. وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ"[3] "وكان النبي - صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من تغيُّر الحال ، ومن التحوُّل عن طريق الاستقامة فيقول "أعُوذُ بِكَ مِنَ الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ" [4] أي من الطاعة إلى المعصية ، والمعنى إجمالا : أعوذ بك أن تفسد أمورنا وتنتقض بعد صلاحها ، وكان يكثر من الدعاء: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك[5]) ،والراسخون في العلم يقولون: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}[6] فكيف بمن دونهم؟؟!!

2. مصاحبة أهل الاستقامة والثبات

قال تعالى : "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا"[7] وقال :" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ"[8] ذلك أن " الصاحب ساحب " وفى الصحيح : " " مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً"[9]

3. الحذر من العود إلى المعاصي والإصرار عليها

قال كعب: من صام رمضان وهو يحدث نفسه إذا أفطر من رمضان لم يعص الله دخل الجنة بغير مسألة ولا حساب ومن صام رمضان وهو يحدث نفسه إذا أفطر عصى ربه فصيامه عليه مردود. وذلك للحديث الصحيح " الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِامْرِئٍ مَا نَوَى ..."[10].ولأنه بات مصرا على معصية الله تعالى وقد جاء فى وصف المتقين عدم الإصرار على المعصية ، قال تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ *وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ *أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ "[11]

4. الصيام الباقي على الصائمين والحجاج

كما أن الشأن في رمضان من أفطر أياما بسبب مرض أو سفر إلى غير ذلك من الأعذار المؤقتة فقد استقر في ذمته فَرْضٌ وَاجِبٌ وحق مؤكد ، وَدَيْنٌ ثَابِتٌ يُؤَدَّى أَبَدًا وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ الْمُؤَجَّلُ لَهُمَا، وَمَنْ لَزِمَهُ حَقٌّ لِلَّهِ أَوْ لِعِبَادِهِ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَقَدْ شَبَّهَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَقَالَ ((دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى)) فعليه الوفاء به بعد رمضان لقوله تعالي " ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر "[12] ولحديث الصحيحين : كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ – أي الحيض - فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ" ([13]).كما الشأن هكذا في الصيام هو هكذا في الحج ، فمن حج - متمتعا أو قارنا – ولم يجد ميسرة للهَديْ فليصم ثلاثة أيام في الحج وقد استقر في ذمته صيام سبعة أيام بعد رجوعه إلى أهله " فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ "[14] وذلك وفاء للدَّيْن ، وإكْمالا لِلعدَّة وإبراء لِلذِّمة ، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده فله الحمد وله النعمة وله المنة .

5. ثواب الحج والعمرة يوميا من غير سفر إلى الحجاز

أعمال ثلاثة تنال بكل واحد منهما ثواب الحج والعمرة حيث أنت بلا سفر ولا نفقة ولا تأشيرة ، ولا يُسقط الفريضة منهما:

1-فى الصحيح " مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ , فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ[15] ، وَمَنْ مَشَى إِلَى صَلَاةِ تَطَوُّعٍ[16] وفي رواية: (وَمَنْ مَشَى إِلَى سُبْحَةِ الضُّحَى[17]، لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ , فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ[18])[19]

2- فى الصحيح " مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ يُعَلِّمَهُ , كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ , تَامًّا حَجَّتُهُ "[20]

3- فى الصحيح "مَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ الله حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تامة تامة"[21] وللحديث بقية بحول الله وقوته فى الجزء الثاني والله وحده ولي التوفيق وأسأله العصمة من الزلل والخطأ والخلل فى القول والعمل.


([1]) صحيح مسلم 38. كتاب الإيمان باب جامع أوصاف الإسلام
[2] البقرة: 127
[3] آل عمران : 186
[4] صحيح مسلم كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَكِبَ إِلَى سَفَرِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ
[5] سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (5/ 126)
[6] آل عمران:8
[7] الكهف : 28
[8] التوبة : 119
[9] صحيح البخاري كِتَابُ الذَّبَائِحِ وَالصَّيْدِ بَابُ المِسْكِ صحيح مسلم كتاب البر والصلة والآداب باب استحباب مجالسة الصالحين
[10] صحيح البخاري كِتَاب الْعِتْقِ. باب الْخَطَأ وَالنِّسْيَانِ فِي الْعَتَاقَةِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَلَا عَتَاقَةَ إِلَّا لِوَجْهِ اللَّهِ
[11] آل عمران:133-136،
[12] البقرة / 185
([13])‏مسند الإمام أحمد كما أخرجه البخاري (1/421)، ومسلم (335). في ‏صحيحه كتاب الحيض. باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة. ‏نيل الأوطار كتاب التيمم. أبواب الحيض. باب الحائض لا تصوم ولا تصلي وتقضي الصوم دون الصلاة
[14] البقرة :196
[15] (د) 558 , (حم) 22358
[16] مسند الشاميين: ج4/ص315 ح3412 , انظر صَحِيح الْجَامِع: 6556
[17] (حم) 22358 , (د) 558 , وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن
[18] (د) 558 , (حم) 22358
[19] صَحِيح الْجَامِع: 6228، 6556، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 320، 446
[20] صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 86
[21] صحيح الجامع حديث رقم: 6346 للحديث شواهد ذكرها المنذري في «الترغيب» يرقي الحديث بها إلى درجة الحسن أ. هـ وانظر «الصحيحة» (3403).







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-08-2025, 09:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,703
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ماذا على المسلم بعد الحج – حاجا أو غيره

ماذا على المسلم بعد الحج – حاجا أو غيره -2-


جعفر الطلحاوي



1. الدعاء

وسط آيات الصيام جاءت آية الدعاء ، وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"[1] والمعنى اللطيف فيها أن العبد فِي مَقَامِ الدُّعَاءِ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَه وَبَيْنَ الله تعالى لهذا لم يَقل " فقل إنى قريب " بل قال " فإنى قريب " ووسط آيات الحج جاء الدعاء الجامع "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"[2] ومعنى الصلاة فى أصل لسان العرب الدعاء. قال العلامة القاري[3] (( ( «الدعاء هو العبادة» )) الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة، لدلالته على الإقبال على الله * والإعراض عما سواه *؛ بحيث لا يرجو ولا يخاف إلا إياه * قائماً بوجوب العبودية * معترفاً بحق الربوبية * عالماً بنعمة الإيجاد * طالباً لمدد الإمداد * على وفق المراد * وتوفيق الإسعاد *، ((ثم قرأ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[4]}وفى التنزيل أخبر تعالى أن الكفار أنهم إذا مسهم الضر في البحر دعوا الله مخلصين له الدين، وأن الإنسان إذا مسه الضر دعاه لجنبه أو قاعداً أو قائماً. "قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ"[5]

والدعاء من أقوى الأسباب في جلب المنافع ودفع المضار وفى الصحيح "مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ غَضِبَ الله عليه "[6]

اللَّهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤَالَهُ ... وَبُنَيَّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ

قال ابن عقيل: قد ندب الله تعال إلى الدعاء، وفي ذلك معان: أحدها: الوجود، فإن من ليس بموجود لا يدعى.

الثاني: الغنى، فإن الفقير لا يدعى.

الثالث: السمع، فإن الأصم لا يدعى.

الرابع: الكرم، فإن البخيل لا يدعى.

الخامس: الرحمة، فإن القاسي لا يدعى.

السادس: القدرة، فإن العاجز لا يدعى.بهذا يتبين أن الدعاء مخ العبادة ولبها، وأنه من أهم أنواع العبادة ، وأنه مما لا ينفك عنه مسلم فى أي طرفة عين أو تنفس نَفَس، فى موسم أو قبله أو بعده أو خلاله. حتى يأتيه اليقين

2. التقرب الأسبوعي


من فاته التقرُّب أو تقرَّبَ - أيام النحر – فأمامه فرصة أسبوعيا ليتقرَّب إلى الله تعالى فى الصحيح: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً.."[7] هذا تقرُّب دائم بلا مال ولا دماء ، ولا ضيق فى الزمان ، ألا ما أعظم فضل الله وفيضه لمن تعرَّض له .وعن فضل التقرب إلى الله تعالى فى الصحيح يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ، إِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً " }[8] ويقول أيضًا "..وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ "[9]

3. السيئات يُذهبن الحسنات


قال تعالى {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}[10] نَبَّهَ سُبْحَانَهُ الْعُقُولَ عَلَى قُبْحِ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ الَّتِي تُحْبِطُ ثَوَابَ الْحَسَنَاتِ، وَشَبَّهَهَا بِحَالِ شَيْخٍ كَبِيرٍ لَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ، بِحَيْثُ يَخْشَى عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةَ وَعَلَى نَفْسِهِ، وَلَهُ بُسْتَانٌ هُوَ مَادَّةُ عَيْشِهِ وَعَيْشِ ذُرِّيَّتِهِ، فِيهِ النَّخِيلُ وَالْأَعْنَابُ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ، فَأَرْجَى وَأَفْقَرَ مَا هُوَ لَهُ وَأَسَرَّ مَا كَانَ بِهِ إِذْ أَصَابَهُ نَارٌ شَدِيدَةٌ فَأَحْرَقَتْهُ، فَنَبَّهَ الْعُقُولَ عَلَى أَنَّ قُبْحَ الْمَعَاصِي بَعْدَ الطَّاعَةِ كَقُبْحِ هَذِهِ الْحَالِ، وَضَرَبَ لِقُبْحِهَا هَذَا الْمَثَلَ وَبِهَذَا فَسَّرَهَا عُمَرُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِرَجُلٍ غَنِيٍّ عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ زَمَانًا، فَبَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ، فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ، ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. ؟[11] وكما أن " الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ"[12] فكذلك السيئات يُذهبن الحسنات لحديث المفلس فى الصحيح "..إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ»[13]

4. الحذر من الانتكاسة :


الطفل بعد أن تتم فترة رضاعته ويستوفي حقه منها تماما على النحو الذي فصَّل الله عـزَّ وجلَّ في كتابه " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة "[14]. أقول بعد هذه الفترة ،لا يرجع الوالدان به إلى الرضا ع من جديد ولا يسمحان له بالعود إلى ذلك لأن هذه انتكاسة لا يُسمح للطفل بها أبدا ، تربيةً للعزيمة وتقوية لإرادته ، وكما أن الأمر هكذا للطفل فهو هكذا للنفس فنحن– حُجَّاجًا أو صائمين - أخذنا أنفسنا بالعزيمة وفطمناها عن المعاصي خلال أداء هذه العبادات وأعاننا المولى على ذلك فحبس الشيطان أو دحرها خلالها، فينبغى الحذر من الانتكاسة بالعود إلى المعاصي من جديد لأنها انتكاسة ما بعدها انتكاسة

والنفس كالطفل إن تهمله شبَّ على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

ولنحذر نقض غزلنا بعدما أبرمناه قال تعالى :"وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ .." [15] ، شبَّه الله من يُبطل عمله الصالح بالسيئات بعد الصالحات بامرأة خرقاء حمقاء في الجاهلية كانت تغزل غزلها إلى أن تعمل منه ثوباً، ثُم تنقضه ! أتكون مثلها كلما عقدت عقداً نقضته، وكلما عاهدت عهداً غدرت به؟! فبعد ما كنتم أقوياء بالإيمان فارقتم ذلك بالمعاصي ورجعتم القهقري! وللحديث بقية بحول الله وقوته فى الجزء الثالث والله وحده ولي التوفيق وأسأله العصمة من الزلل والخطأ والخلل فى القول والعمل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] البقرة : 186
[2] البقرة: 201
[3] من علماء الحنفية (ت:1014هـ)
[4] [غافر: 60]
[5] الْفُرْقَانِ: 77
[6] صحيح الأدب المفرد (ص: 246)
[7] صحيح البخاري كِتَابُ الجُمُعَةِ بَابُ فَضْلِ الجُمُعَةِ أخرجه مسلم في الجمعة باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال وباب الطيب والسواك يوم الجمعة
[8] صحيح البخاري كِتَابُ التَّوْحِيدِ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَه }أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة باب الحث على ذكر الله تعالى وباب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى. وفي التوبة باب الحض على التوبة والفرح بها
[9] صحيح البخاري - كِتَابُ الرِّقَاقِ بَابُ التَّوَاضُعِ
[10] البقرة: 266
[11] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (1/ 256)
[12] هود: 114
[13] صحيح مسلم كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ
[14] البقرة / 233
[15] النحل: 92



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.53 كيلو بايت... تم توفير 2.09 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]