|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() دراسة شرعية لصيانة الأسرة .. الدلالات الفقهية في إثبات النسب
تُعدُّ الشريعة الإسلامية نظامًا متكاملًا يُراعي مصالح البشر في الدنيا والآخرة، ويحرص على تحقيق الضرورات الخمس المتمثلة في: (حفظ الدين والنفس والعرض والمال والعقل)، ومن أعظم مقاصدها حفظ الأنساب وصون الأسرة، التي هي لبنة المجتمع وأساس استقراره؛ فقد أولى الإسلام عنايةً فائقةً لضبط العلاقات الأسرية، وتنظيمها وفق ضوابط شرعية تحقق الطمأنينة والعفّة، وقطع الطريق على الفوضى والاختلاط الذي يُهدد كيان المجتمع، ومن هذا المنطلق، جاءت الشريعة الإسلامية داعية إلى الزواج الشرعي، وتحريم الزنا، والحثّ على الوفاء بحقوق الوالدين والأبناء، وبيان آداب العلاقات الاجتماعية لتحقيق مقصديْ «حفظ النسب» و«صون الأسرة»، ومن ثم بناء مجتمعٍ قويٍّ متماسكٍ، قائمٍ على الأخلاق والقيم الراسخة. أصل القاعدة ومعناها هذه قاعدة فقهية مأخوذة من الحديث النبوي الشريف: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» (رواه البخاري ومسلم)، ويؤيد ذلك قوله -تعالى-: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ} (الأحزاب: 5)؛ أي إن النسب يجب أن يُلحق بالأب الشرعي المعروف، وقد أبطلت هذه القاعدة النبوية ما كان معروفاً في الجاهلية من نسبة ولد الزنا إلى الزاني بمجرد اعترافه؛ فالإسلام أقرّ بثبوت النسب لصاحب الفراش وحده حتى مع وجود الشبه أو الاعتراف من الزاني مادام الفراش قائماً، ولا يستثنى من ذلك إلا إذا نُفي الولد باللعان أو تبيّن استحالة نسبته للزوج لمانع طبيعي أو شرعي. مضمون القاعدة إذا جاءت امرأة متزوجة خلال فترة إمكانية الحمل من زوجها، فإن الولد ينسب للزوج تلقائيا، سواء وُجدت شبهة زنا أم لا، ما لم ينفه الزوج باللِّعان. الحكمة من هذه القاعدة
![]() تطبيق القاعدة في ثبوت النسب (إيجابًا وسلبًا)
الدليل الشرعي وأمثلة تطبيقية
ضوابط هذه القاعدة وأثرها في عصرنا هذه القاعدة -كما ذكرنا- أصل عام، وتجري في كل نزاع، ولا يلتفت للفحوصات الحديثة (كالبصمة الوراثية) إذا تعارضت مع نص شرعي صريح، وبذلك يثبت النسب للفِراش، والاستثناءات في ذلك محدودة وتكون في نفي الزوج باللّعان، أو استحالة التلاقي، وتستهدف هذه القاعدة ترسيخ الاستقرار الأسري والعدل، وحفظ الأنساب، وعدم التشهير بالنساء أو الأبناء، وتفادي ضياع الأطفال اجتماعيا ونفسيا. التطبيقات المعاصرة لقاعدة «الولد للفراش» في قضايا النسب أمام المحاكم الشرعية، تُطبّق القاعدة دون اعتبار للقرائن العلمية كتحليل الحمض النووي؛ إلا إن كان ثمة استحالة بيولوجية مثبتة أو لعان قضائي، وتصرّ غالبية المجامع الفقهية إلى اليوم أن «الأصل ثبوت النسب بالفراش» ولا يجوز نفيه إلا باللعان أو الاستحالة اليقينية مثل عقم الزوج القديم، أو غيابه فترة طويلة تتجاوز أقصى مدة حمل. الفقه المعاصر والتحليل الجيني ظهرت -مع تطور الفحوصات الجينية في بعض الدول- مطالب بجعل الحمض النووي دليلاً في النسب حتى مع قيام الفراش، وفقهاء العصر متفقون على أن اللجوء للفحص الجيني جائز في حال انعدام الفراش أو عند نفي النسب باللعان أو ثبوت الاستحالة فقط، ويرجّح بعض الفقهاء اعتماد الفحص الجيني دليلاً مُرجّحاً إذا لم يكن ثمة نص صريح ولا شبهة اختلاط في النسب أو قضية لعان قُضي فيها، وذلك لتحقيق مقاصد الشريعة في العدل. الفحص الجيني (DNA) ![]() أحكام اللِّعان وعلاقته بقاعدة «الولد للفراش» اللِّعان: هو شهادة مؤكدة بأيمان مخصوصة، تقع بين الزوجين أمام القاضي، لنفي النسب أو اتهام الزوجة بالزنا، دون إمكانية إقامة البينة، وتعود مشروعيته: لقوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (النور)؛ حيث بينت الآيات أمر اللعان، فذكرت أن الذين يرمون زوجاتهم بالزنى، ولم يكن لهم شهود على اتهامهم لهن إلا أنفسهم، فعلى الواحد منهم أن يشهد أربع مرات بقوله: أشهد بالله أني صادق فيما رميتها به من الزنى، ويزيد في الشهادة الخامسة الدعوة على نفسه باستحقاقه لعنة الله إن كان كاذباً في قوله. وذكر أهل العلم أنه بشهادته تستوجب الزوجة عقوبة الزنى، وهي الرجم حتى الموت، ولا يدفع عنها هذه العقوبة إلا أن تشهد في مقابل شهادته أربع شهادات بالله إنه لكاذب في اتهامه لها بالزنى، وتزيد في الشهادة الخامسة الدعوة على نفسها باستحقاقها غضب الله، إن كان زوجها صادقاً في اتهامه لها، وفي هذه الحال يفرق بينهما. ![]() آراء المذاهب الأربعة في قاعدة: «الولد للفراش»
خُلاصة القول.. هذه القاعدة أصل قطعي من أصول الفقه الإسلامي، ثابتة بالنص النبوي الصحيح، ومطبقة في القضاء الشرعي منذ عهد النبوة إلى اليوم، ومن مقررات هذه القاعدة الفقهية أن إثبات النسب مقدم على نفيه، والشريعة تميل دائماً لإثبات النسب متى وُجد الفراش وإمكان التلاقي؛ حماية للأسرة وحفظاً للحقوق، ولا تسقط إلا في حالات استثنائية بنص شرعي (كاللِّعان) أو ثبوت استحالة النسب يقيناً. وهذه القاعدة هي عمدة لفهم قواعد النسب الشرعية، وفريدة بصرامتها في الإثبات وقوتها في النفي؛ بحيث تحسم النزاع، وتجعل الإثبات إيجابًا بوجود الفراش الحقيقي، والسّلب لكل زعم خارجي أو علاقة آثمة، وذلك لحكمة شرعية واجتماعية عظيمة في الحفاظ على الأنساب والأسرة والمجتمع. وعلى عامة الناس أن يدركوا أن هذه القاعدة تحمي سمعة المرأة وحقوق الطفل، وأن اتهام الأنساب بغير بينة كبيرة من الكبائر، وما شرع اللعان إلا درءًا للريبة والشك وحفظًا لمكانة الأسرة؛ فتقوى الله في الأنساب وصيانة الفروج من أعظم الأسباب لاستقرار المجتمع وصلاحه. اعداد: ذياب أبو سارة
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |