|
ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() منشأ المنظومَةِ الأخلاقيّة عند البَشَر معرفيا غازي أحمد محمد هل سألت نفسك يوما: لم نجد بعض الملاحدة ممن ينكر البعث والحساب محبا لفعل الخيرات؟ قد يتعجب الإنسان حين يرى بعض الملاحدة الأثرياء قد رضخ وخصّص قسما من ثروته للفقراء والمساكين أو للمنكوبين، من غير طلبٍ لسمعة ورياء أو مصلحة ظاهرة كإعفاءات ضريبية ونحو ذلك. وقد تجد طبيبا ملحدا يسافر إلى البلاد الفقيرة ليعالج المحتاجين ويعرّض نفسه للأخطار، دون أجر أو مقابل. وقد تجد مكافحا ملحدا يلقي بنفسه في ميادين القتال دفاعا عن المظلومين والمستضعفين، مما يثير التساؤل عند المسلم والمتديّن بعامة: ما سر صدور أفعال الخير من إنسان ملحد لا يؤمن بالحساب بعد الموت؟ سر المسألة أنّ الله تعالى فطر الناس على ثلاث قوى: هي القوة الشهوية والقوة الغضبية والقوة العلمية (ويقال: الناطقية والمنطقية)[1]. 1- فالقوة الشهوية تحمل الإنسان على تَطلُّبِ فعل ما يستجلب لنفسه اللّذة والسعادة والراحة والطمأنينة من الشهوات الظاهرة والباطنة. 2- والقوة الغضبية تحمله على دفع ما يستجلب له الألم النفسي والحزن وتأنيب الضمير. 3- والقوة العلمية تحمله على حب الاطلاع على المعارف الجديدة واستكشاف المجهول. وقد ذكر هذه القوى الثلاث الرازي في تفسيره[2] وابن تيمية في "مجموع الفتاوى" [3] وفصل فيها. وفي التحليل المعرفي لمنشأ الأخلاق في النفس البشرية يقال: تحمل القوة الشهوية الإنسان الذي لم تفسد فطرته على فعل الخيرات لمساعدة المحتاجين ماليا أو طبيا، أو حتى معاونتهم في انتزاع حريتهم، وقد تحمله في بعض الأحايين القوة الغضبية لفعل الخير دفعا لتأنيب الضمير في حال ترك إعانة الآخرين. ولذلك تجد كثيرا من الملاحدة اليوم متضامنين مع أهلنا في غزة، ويضحون في سبيل ذلك بأموالهم وراحتهم وحريتهم ولا يألون جهدًا، وليس لهم غرض أخروي إلا الراحة النفسية في الدنيا ودفع تأنيب الضمير بعد مد يد العون لهم. هكذا تفسر أخلاق الملاحدة الحسنة معرفيا (إبستمولوجيا) في ضوء القوتين الشهوية والغضبية. وهاتان القوتان متصلتان بما يسمى في نظرية المعرفة بالوجدانيات (المشاهدات): فالمرء يدرك اللذة والألم بحواسه الباطنة، وهي من مصادر المعرفة اليقينية التي تفيد المعرفة الجزئية. ويقول ابن تيمية في هذا الصدد: "خلق الله في أكثر النفوس محبةً للمعرفة والعلم وإدراك الحقائق، وقد يخلق فيها محبةً للصدق والعدل والوفاء بالعهد، ويخلق فيها محبة للإحسان والرحمة للناس. فهو يفعل هذه الأمور: لا ليتقرب بها إلى أحد من الخلق، ولا يطلب مدحَ أحدٍ ولا خوفًا من ذمِّه، بل لأن هذه الإدراكات والحركات يتنعَّم ويلتذُّ بها، ويجد بها فرحًا وسرورًا، كما يلتذ بمجرد سماع الأصوات الحسنة، وبمجرد رؤية الأشياء البَهِجَة، وبمجرد الرائحة الطيبة"[4]. [1] ينظر: مجموع الفتاوى 15 / 428 - 433. [2] ينظر: تفسير الرازي 9 / 528. وقال: "الْقُوَى الْمُدَبِّرَةَ لِبَدَنِ الْإِنْسَانِ ثَلَاثَةٌ: الْقُوَّةُ النَّاطِقَةُ، وَالْقُوَّةُ الْغَضَبِيَّةُ وَالْقُوَّةُ الشَّهْوَانِيَّةُ، فَفَسَادُ الْقُوَّةِ النَّاطِقَةِ هُوَ الْكُفْرُ وَالْبِدْعَةُ وَمَا يُشْبِهُهُمَا، وَفَسَادُ الْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ هُوَ الْقَتْلُ وَالْغَضَبُ وَمَا يُشْبِهُهُمَا، وَفَسَادُ الْقُوَّةِ الشَّهْوَانِيَّةِ هُوَ الزِّنَا وَاللِّوَاطُ وَالسَّحْقُ وَمَا أَشْبَهَهَا". [3] ينظر: مجموع الفتاوى 15 / 428 – 433. [4] جامع المسائل لابن تيمية – عزيز شمس، 5 / 191.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |