(كلمة أَنَا) وَمَا فَعَلْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تعريف بكتاب المدخل إلى علم السيرة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام: النظائر في السير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          جوانب من عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الهوية في حالة صيرورة وتشكّل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          تأملات مرتحل مسلم .. السفر محطة للإثراء الثقافي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تأملات مرتحل مسلم .. الأسرة ومدرسة السفر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          كيف تتقلب النفس البشرية بين رغبة المدح وخشية النقد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الزينة في القرآن الكريم والكشف عن مفهوم الجمال الحقيقي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تفنيد دعوى وجود رواة أعاجم رووا الحديث بالمعنى فأفسدوه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حين يلتقي الجهل بالتعصب: كيف يولد التطرف الفكري؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          30 طريقة لإحلال الهدوء في فصول المرحلة الثانوية الصاخبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-04-2025, 04:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,066
الدولة : Egypt
افتراضي (كلمة أَنَا) وَمَا فَعَلْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ





(كلمة أَنَا) وَمَا فَعَلْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ


محمد سيد حسين عبد الواحد



الْعُنْصُرُ الْأَوَّلُ : الإنسان أَضْعَفُ مَخْلُوقٍ ، وَأَشَدُّهُمْ كِبَرًا .
الْعُنْصُرُ الثَّانِي : أَنَا.. فِي الْغَالِبِ كَلِمَةُ الْمُتَكَبِّرِينَ .
الْعُنْصُرُ الثَّالِثُ : سُنَّةُ اللَّهِ فِي الْمُتَكَبِّرِينَ .
الْعُنْصُرُ الرَّابِعُ : إِسْقَاطٌ يُطَمْئِنُ الْمُسْتَضْعَفِينَ .
الْمَوْضُوعُ،
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « « لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ : إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً ، قَالَ : إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ ، وَغَمْطُ النَّاسِ » » .

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَامُ : لَيْسَ فِي هَذَا الْوُجُودِ أَضْعَفُ مِنْ الْإِنْسَانِ ، لَيْسَ بَيْنَ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ مَخْلُوقٌ أَهْوَنُ مِنْ ابْنِ آدَمَ . . .

قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : مِسْكِينُ ابْنِ آدَمَ مَحْدُودُ الْأَجَلِ ، مَكْتُومُ الْأَمَلِ ، مَسْتُورُ الْعِلَلِ ، يَتَكَلَّمُ بِلَحْمٍ ، وَيَسْمَعُ بِعَظْمٍ ، وَيَنْظُرُ بِشَحْمٍ ، أَسِيرُ جُوعَةٍ ، وَصَرِيعُ شِبْعَةٍ ، تُؤْذِيهِ بَقَّةٌ ، وَتَنْتِنُهُ عِرْقَةٌ ، وَتَقْتُلُهُ شُرْقَةٌ ، لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعًا ، وَلَا ضَرًّا ، وَلَا مَوْتًا ، وَلَا حَيَاةً ، وَلَا نُشُورًا ..

وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ ذَلِكَ لَا تَرَى فِي هَذَا الْوُجُودِ عَلَى اتِّسَاعِهِ أَكْثَرَ جَدَلًا مِنْ الْإِنْسَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {{ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا }} [سُورَةُ الْكَهْفِ ] .

رَغْمَ ضَعْفِهِ وَقِلَّةِ حَيْلَتِهِ إِلَّا أَنَّكَ لَا تَجِدُ اكْثَرَ جُحُودًا مِنْ الْإِنْسَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { { إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ] ..

وَلَا تَجِدُ بَيْنَ الْخَلَائِقِ أَقَلَّ شُكْرًا مِنْ الْإِنْسَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {{ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورِ } } [سُورَةِ سَبَأٍ] ..

وَلَا تَجِدُ أَشَدَّ كِبَرًا وَغُرُورًا مِنْ الْإِنْسَانِ ، لَا يَرَى إِلَّا نَفْسَهُ ، وَلَا يَسْمَعُ إِلَّا صَوْتَهُ ، وَلَا يَقْنَعُ إِلَّا بِرَأْيِهِ..

اِيُّهَا اَلْإِخْوَةُ الْكِرَامُ : لَا اِتَكَلَّمُ الْيَوْمَ عَنْ ( أَنَا ) الَّتِي يَقُولُهَا الْأَنَانِيُّ الَّذِي لَا يُحِبُّ إِلَّا نَفْسَهُ ، وَلَا أَتَكَلَّمُ عَنْ ( أَنَا ) اَلَّتِي يَقُولُهَا اَلْوَاثِقُ بِنَفْسِهِ وَكَفَاءَتِهِ . .

إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ عَنْ ( أَنَا ) الَّتِي يَقُولُهَا الْمَغْرُورُ الْمُتَكَبِّرُ ، وَكَيْفَ لِهَذِهِ الْ ( أَنَا ) أَنْ تَقْصِمَ ظَهْرَ قَائِلِهَا ، وَأَنْ تَكُونَ سَبَبَ هَلَاكِهِ ، وَدَمَارِهِ ، وَاسْتِأْصَالِ شَأْفَتِهِ . . .

نَتَحَدَّثُ الْ ( أَنَا ) تَحْذِيرًا وَتَرْهِيبًا مِنْهَا إِذْ السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ { {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مَهْلِكَ القرى حتى يَبْعَثُ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي القرى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} } [سُورَةِ الْقِصَصِ] .

أَنَا : قَالَهَا رَأْسُ الْمُتَكَبِّرِينَ ( ابْلِيسُ ) قَالَهَا غَيْرَ مَرَّةٍ . .

فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ : خَاطَبَهُ رَبُّهُ فَقَالَ { مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ؟ قَالَ ( أَنَا ) خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتُنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتُهُ مِنْ طِينٍ }

وَفِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا}} .

وفي سورة الحجر {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ، قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ }

قَالَ رَأْسُ الْمُتَكَبِّرِينَ إِبْلِيسُ ( أَنَا ) فَكَانَتْ ( أَنَا ) كَلِمَةَ الْمُتَكَبِّرِ الْمَغْرُورِ سَبَبَ خُسْرَانِهِ ، وَسَبَبَ هَلَاكِهِ ، وَبِسَبَبِهَا طَرَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ رَحْمَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ..

كَانَ ذَلِكَ الْمُتَكَبِّرُ يَعِيشُ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ ، يَعِيشُ مَعَهُمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ فَأُبْعِدَ عَنْهُمْ {{ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ، قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتُهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمْإٍ مَسْنُونٍ ، قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رِجِيمٌ ، وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إلى يَوْمَ الدِّينِ }} [سُورَةِ الْحِجْرِ.] .

كَانَ ذَلِكَ الْمُتَكَبِّرُ يَعِيشُ فِي الْجَنَّةِ فَطُرِدَ مِنْهَا وَجَاءَ الْأَمْرُ الْإِلَهِيُّ {{ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ }} [سُورَةِ الْأَعْرَافِ ] .

مَا قَالَ مَغْرُورٌ ( أَنَا ) إِلَّا ضَلَّ وَمِنْ بَعْدِهَا زَلَّ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنْ قَالَهَا مَغْرُورٌ ثُمَّ عَادَ مِنْ قَرِيبٍ ، لَمْ يَقُلْهَا أَحَدٌ إِلَّا جَعَلَ لِلنَّاسِ عِبْرَةً
قَالَهَا فِرْعَوْنُ مُوسَى . . قَالَ ( أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى ) وَقَالَ ( مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ) قَالَ الْفِرْعَوْنُ ( أَنَا ) قَالَهَا تَكَبُّرًا وَفَخْرًا فَكَانَتْ عَاقِبَتُهُ آيَةً لِلْعَالَمِينَ..

{{وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ، أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ، فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ، فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ، فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ، فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِّلْآخِرِينَ }} [سورة الزخرف] .

أَنَا : كَلِمَةٌ مَشْبُوهَةٌ ، فِي أَغْلَبِ أَحْوَالِهَا كَلِمَةُ سُوءٍ قَالَهَا صَاحِبُ الْجَنَّتَيْنِ وَخَبَرُهُ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ قَالَ ( أَنَا ) قَالَهَا كِبْرًا وَمُفَاخَرَةً وَغُرُورًا وَزَهْوًا فَكَانَتْ نِهَايَتُهُ نِهَايَةَ سُوءٍ . .

{{ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا، كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا ۚ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا، وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا، وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَدًا، وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا، قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا، لَّـٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا، وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا، فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا، أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا، وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا، وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا، هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا } } [سُورَةُ الْكَهْفِ ] .

أَنَا : كَلِمَةٌ قَطَعَتْ أَرْحَامًا ، وَخَرَّبَتْ دِيَارًا ، وَأَشْعَلَتْ نَارًا ، وَفَكَّكَتْ أُسْرًا ، وَشَرَّدَتْ أَطْفَالًا . .

أَنَا : كَلِمَةُ دَمَّرَتْ أُمَمًا ، كَلِمَةُ ابَادَتْ شُعُوبًا ، وَجَعَلَتْهُمْ وَبِلَادَهُمْ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ . .

أَنَا : قَالَتْهَا عَادٌ قَوْمُ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالُوا ( مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ) فَذَاقُوا بِسَبَبِهَا عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلِعَذَابِ الْآخِرَةِ أَخْزَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
{ {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ، فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ } } [ سُورَةٌ فَصَلَتْ] .

وَنَسَبَ قَارُونُ مَا عِنْدَهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ إِلَى نَفْسِهِ كِبَرًا فَقَالَ ( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِى ) فَكَانَتْ عَاقِبَتُهُ انْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
{{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ الْمُنْتَصِرِينَ } }
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَامُ :
هَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ فِي كُلِّ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ، يَقُولُ الْمُتَكَبِّرُ مَا يَقُولُ ، وَيَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ ثُمَّ تَأْتِي سَاعَتُهُ فَيُصْبِحُ لِلنَّاسِ آيَةً وَعِبْرَةً..

{{وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُم مُّوسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ، فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}} [سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ ] ..

نَسَالُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ أَنْ يُجَنِّبَنَا مَوَارِدَ الظَّالِمِينَ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
بَقِيَ لَنَا فِي خِتَامِ الْحَدِيثِ عَنْ كَلِمَةِ ( أَنَا ) الَّتِي يَقُولُهَا الْإِنْسَانُ فِي الْغَالِبِ كِبَرًا وَفَخْرًا فَتَعُودُ عَلَيْهِ بِالْبَوَارِ وَالْخُسْرَانِ بَقَى لَنَا أَنْ نَقُولَ :

إِنَّ أَعْظَمَ مَا فِي الْإِسْلَامِ أَنَّهُ مَرِنٌ وَأَنَّهُ مُتَجَدِّدٌ وَأَنَّهُ صَالِحٌ لِكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ..

وَمِنْ أَعْظَمِ سِمَاتِ وَبَرَكَاتِ آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ أَنَّهَا مُنَاسِبَةٌ لِتَتَعَامَلَ مَعَ الْوَاقِعِ فِي كُلِّ زَمَنٍ..

وَإِذَا أَسْقَطْنَا حَدِيثَ الْقُرْآنِ عَنْ الْمُتَكَبِّرِينَ مِنْ قَبْلِنَا وَعَنْ اقْوَالِ الْمُتَكَبِّرِينَ وَافِعَالِ الْمُتَكَبِّرِينَ وَمَا كَانَتْ عَاقِبَةُ أَمْرِهِمْ ، إِذَا أَسْقَطْنَا ذَلِكَ عَلَى وَاقِعِنَا الَّذِي نَعِيشُهُ الْيَوْمَ ، فِي بِلَادِنَا ، وَفِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ حَوْلِنَا ، وَمَا يَفْعَلُهُ الْمُتَكَبِّرُونَ الظَّالِمُونَ بِضُعَفَائِنَا تَأَكَّدْنَا تَمَامًا أَنَّ الزَّمَانَ يُكَرِّرُ نَفْسَهُ ، وَأَنَّ أَجْيَالَ الظَّالِمِينَ يُشَبِّهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، بِوَحْشِيَّتِهَا وَبِغَشَمِهَا وَجَبَرُوتِهَا ، وَأَنَّ الْأَحْدَاثَ تَتَشَابَهُ ، وَأَنَّ أَفْكَارَ الظَّالِمِينَ وَاحِدَةٌ ، وَاِنْ لُغَةَ الظَّالِمِينَ ايْضًا وَاحِدَةٌ ، وَأَنَّ النِّهَايَةَ ايْضًا سَتَكُونُ وَاحِدَةً . .

اقْسَمْ عَلَى ذَلِكَ الْحَكِيمِ الْعَلِيمِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
{{وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ (5) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) }} [سورة الفجر] .

عَلَيْنَا انْ نُؤْمِنُ بِذَلِكَ ، وَعَلَيْنَا انْ نَعْمَلُ حِسَابَنَا عَلَى لِقَاءٍ رُبَّمَا كَانَ قَرِيبًا بَيْنَ أَهْلِ الْحَقِّ وَبَيْنَ أَهْلِ الْبَاطِلِ ، وَلَا نَنْتَظِرُ مِنْ هَذَا اللِّقَاءِ إِلَّا خَيْرًا إِمَّا نَصْرٌ تَقِرُّ بِهِ أَعْيُنُنَا وَيَشْفِ اللَّهُ بِهِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ، وَإِمَّا شَهَادَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُقْبِلِينَ غَيْرَ مُدْبِرِينَ..

{{قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ۖ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا ۖ فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ } } [سورة التوبة] .

نَحْنُ بِحَاجَةٍ لِأَنْ نُجَدِّدَ إِيمَانَنَا بِرَبِّنَا وَنُجَدِّدَ ثِقَتَنَا بِوَعْدِهِ وَأَنَّهُ لَا يَرْضَى لِلْحَقِّ انْ يَنْكَسِرَ وَلَا يَرْضَى لِلْبَاطِلِ انْ يَنْتَصِرَ ، وَانَّ مَا نَحْنُ فِيهِ الْيَوْمَ مَا هُوَ إِلَّا صَفْحَةٌ مِنْ صَفَحَاتِ التَّارِيخِ سَتَمُرُّ بِحُلْوِهَا وَمُرِّهَا وَالْعَاقِبَةُ دَائِمًا لِلْمُتَّقِينَ..
{ ﴿ حَتَّىٰٓ إِذَا ٱسْتَيْـَٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوٓا۟ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا۟ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّىَ مَن نَّشَآءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴾} [يوسف] .

نَحْنُ بِحَاجَةٍ لِأَنْ نُجَدِّدَ إِيمَانَنَا بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُمْهِلُ وَلَا يُهْمِلُ قَدْ يُمْلِي لِلظَّالِمِ لَكِنَّهُ لَا يُهْمِلُهُ وَلَا يَتْرُكُهُ وَلَا يَنْصُرُهُ هُوَ فَقَطْ يُمْهِلُهُ وَيُمْلِي لَهُ وَيَسْتَدْرِجُهُ حَتَّى إذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ . .

قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : «« إنَّ اللَّهَ لَيُمْلَى لِلظَّالِمِ حَتَّى إذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « وَكَذَلِكَ أَخَذَ رَبُّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ » »
نَسَالُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ أَنْ يَنْصُرَ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَأَنْ يَرُدَّ كَيْدَ أَعْدَائِنَا فِي نُحُورِهِمْ ، وَأَنْ يَجْعَلَ تَدْمِيرَهُمْ فِي تَدْبِيرِهِمْ . آمِينَ .
-------------------------------------------------
جَمْعُ وَتَرْتِيبُ الشَّيْخِ / مُحَمَّدِ سَيِّدِ حُسَيْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ .










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.74 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]