الوهاب جل جلاله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         طرق علاج غازات البطن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أبرز الأطعمة الغنية باليود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          مضاد حيوي طبيعي للأسنان الملتهبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أسباب غازات المهبل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          انتفاخ البطن بعد الأكل: الأسباب، الأعراض وكيفية تفاديه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          أنواع الحليب الخالي من اللاكتوز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          علاج ألم الأسنان بطرق متنوعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          فوائد الكركم للمعدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الفرق بين انتفاخ البطن والقولون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          طرق علاج نقص المعادن في الجسم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 30-12-2024, 04:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,560
الدولة : Egypt
افتراضي الوهاب جل جلاله

الوَهَّابُ جل جلاله

الشيخ وحيد عبدالسلام بالي


عَنَاصِرُ الموضُوعِ:
أَوَّلًا: الوَهَّابُ فِي لُغَةِ العَرَب.
ثَانِيًا: الوَهَّابُ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ.
ثَالِثًا: مَعْنَى اسْمِ الله (الوَهَّابِ).
رَابعًا: ثَمَرَاتُ الإيمَانِ باسمِ الله (الوَهَّابِ).

1- الوَهَّابُ عَلَى الحَقِيقَةِ هُوَ اللهُ.
2- دُعَاءُ الله بِاسْمِهِ الوَهَّابِ.
3- العِلْمُ بِأَنَّ الهِبَةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ عَطَاءٍ.
4- شُكْرُ الله عَلَى هِبَاتِهِ.
5- الزُّهْدُ فِي عَطَايَا الدُّنْيَا.
6- الرِّضَا إِذَا مُنِعَ عَطَايَا الدُّنْيَا.
7- الصَّبْرُ عِنْدَ المُصِيْبَةِ بِضَيَاعِ النِّعَمِ والهِبَاتِ.
8- لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي هِبَاتِهِ.

النِّيَّاتُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحْضِرَهَا الُمحَاضِرُ، قَبْلَ إِلْقَاءِ هَذِهِ الُمحَاضَرَةِ:
أولًا: النِّيَّاتُ العَامَّةُ:
1- يَنْوي القيامَ بتبليغِ الناسِ شَيْئًا مِنْ دِينِ الله امْتِثَالًا لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «بلِّغُوا عَني ولَوْ آيةً»؛ رواه البخاري.

2- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ مَجْلِسِ العِلْمِ[1].

3- رَجَاءَ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مَجْلِسِه ذلك مَغْفُورًا لَهُ[2].

4- يَنْوِي تَكْثِيرَ سَوَادِ المسْلِمِينَ والالتقاءَ بِعِبادِ الله المؤْمِنينَ.

5- يَنْوِي الاعْتِكَافَ فِي المسْجِدِ مُدةَ المحاضرة - عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ مِنَ الفُقَهَاءِ - لَأَنَّ الاعْتِكَافَ هو الانْقِطَاعُ مُدَّةً للهِ في بيتِ الله.

6- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى أَجْرِ الخُطُوَاتِ إلى المسْجِدِ الذي سَيُلْقِي فيه المحَاضَرَةَ[3].

7- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، إذا كانَ سَيُلْقِي مُحَاضَرَتَه مثلًا مِنَ المغْرِبِ إلى العِشَاءِ، أَوْ مِنَ العَصْرِ إِلَى الَمغْرِبِ[4].

8- رَجَاءَ أَنْ يَهْدِي اللهُ بسببِ مُحَاضَرَتِه رَجُلًا، فَيَأْخُذَ مِثْلَ أَجْرِهِ[5].

9- يَنْوِي إرْشَادَ السَّائِليِنَ، وتَعْلِيمَ المحْتَاجِينَ، مِنْ خِلَالِ الرَّدِّ عَلَى أَسْئِلَةِ المسْتَفْتِينَ[6].

10- يَنْوِي القِيَامَ بِوَاجِبِ الأمرِ بالمعروفِ، وَالنهيِ عَنِ الُمنْكَرِ ـ بالحِكْمَةِ والموعظةِ الحسنةِ ـ إِنْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي ذلك(4).

11- يَنْوِي طَلَبَ النَّضْرَةِ الَمذْكُورَةِ فِي قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْها»، رواه أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (6766).

ثُمَّ قَدْ يَفْتَحِ اللهُ عَلَى الُمحَاضِرِ بِنِيَّات صَالِحَةٍ أُخْرَى فَيَتَضَاعَفُ أَجْرُه لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إنما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، مُتَّفَقٌ عَلَيه.

ثانيًا: النِّيَّاتُ الخَاصَّةُ:
1- تَنْوِي تَعْرِيفَ المُسْلِمِينَ بِبَعْضِ مَعَانِي اسْمِ الله (الوَهَّابِ).
2- تَنْوِي تَذْكِيرَ المُسْلِمِينَ بِبَعْضِ هِبَاتِ الله تَعَالَى.
3- تَنْوِي تَعْرِيفَ المُسْلِمِينَ بِكَيْفِيَّةِ التَّعَبُّدِ بِاسْمِ الله الوَهَّابِ.
4- تَنْوِي تَعْرِيفَ المُسْلِمِينَ بِالمُقَارَنَةِ بَيْنَ هِبَاتِ الخَلْقِ المَحْدُودَةِ وَهِبَاتِ الله المُطْلَقَةِ.
5- تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِينَ عَلَى الطَّلَبِ مِنَ الله وَحْدَهُ فَإِنَّهُ هُوَ الوَهَّابُ.

أَوَّلًا: الوَهَّابُ فِي لُغَةِ العَرَبِ:
الوَهَّابُ فِي اللُّغَةِ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ عَلَى وَزْنِ فَعَّالٍ مِنَ الوَاهِبِ وَهُوَ المُعْطِي لِلْهِبَةِ، فِعْلُهُ وَهَبَ يَهَبُ وَهْبًا وَهِبَةً، وَالهِبَةُ عَطَاءُ الشَّيْءِ بِلَا عِوَضٍ.

قَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ: «الهِبَةُ العَطِيَّةُ الخَالِيَةُ عَنِ الأَعْوَاضِ وَالأَغْرَاضِ، فَإِذَا كَثُرَتْ سُمِّيَ صَاحِبُهَا وَهَّابًا، وَهُوَ مِنْ أَبْنِيَةِ المُبَالَغَةِ»[7].

وَالوَهَّابُ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يُكْثِرُ العَطَاءَ بِلَا عِوَضٍ، وَيَهَبُ مَا يَشَاءُ لِمَنْ يَشَاءُ بِلَا غَرَضٍ، وَيُعْطِي الحَاجَةَ بِغَيْرِ سُؤَالٍ، وَيُسْبِغُ عَلَى عِبَادِهِ النِّعَمَ وَالأَفْضَالَ، نِعَمُهُ كَامِنَةٌ فِي الأَنْفُسِ وَجَمِيعِ المَصْنُوعَاتِ، ظَاهِرَةٌ بَادِيَةٌ فِي سَائِرِ المَخْلُوقَاتِ، نِعَمٌ وَعَطَاءٌ وَجُودٌ وَهِبَاتٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ المُتَوَحِّدُ فِي اسْمِهِ الوَهَّابِ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 49، 50][8].

وَاللهُ جَلَّ شَأْنُهُ يَهَبُ العَطَاءَ فِي الدُّنْيَا عَلَى سَبِيلِ الابْتِلَاءِ، وَيَهَبُ العَطَاءَ فِي الآخِرَةِ عَلَى سَبِيلِ الأَجْرِ وَالجَزَاءِ، فَعَطَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهِ وَابْتِلَائِهِ للنَّاسِ بِحِكْمَتِهِ لِيَتَعَلَّقَ العَبْدُ بِرَبِّهِ عَنْدَ النِّدَاءِ وَالرَّجَاءِ، وَيَسْعَدَ بِتَوحِيدِهِ وَإِيمَانِهِ بَيْنَ الدُّعَاءِ وَالقَضَاءِ.

وَهَذَا أَعْظَمُ فَضْلٍ وَهِبَةٍ وَعَطَاءٍ إِذَا أَدْرَكَ العَبْدُ حَقِيقَةَ الابْتِلَاءِ، وَاسْتَعَانَ بِالله فِي تَحْقِيقِ مَا يَتَمَنَّاهُ، قَالَ زَكَرِيَّا فِي دُعَائِهِ: ﴿ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 5].

وَقَالَ سُبْحَانَهُ عَنْ عِبَادِهِ المُوَحِّدِينَ: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74]، وَقَالَ تَعَالَى فِي المُقَابِلِ عَنِ الرَّاغِبِينَ فِي الدُّنْيَا المُعْرِضِينَ عَنِ الآخِرَةِ: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ﴾ [الإسراء: 18]، فَعَلَّقَ تَحقِيقَ مُرَادِ العَبْدِ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَشِيئَتِهِ سُبْحَانَهُ، أَمَّا فِي الآخِرَةِ فَيُحَقِّقُ لِلعَبْدِ مَشِيئَتَهُ وَمَا يَتَمَنَّاهُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 35].

فاللهُ تعالى مِنْ أَسْمَائِهِ الحُسْنَى الوَهَّابُ وَمِنْ صِفَاتِهِ أَنَّهُ يَهَبُ مَا يَشَاءُ لَمِنْ يَشَاءُ كَيْفَ يَشَاءُ، فَإِنْ أَوْجَبَ شَيْئًا عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ، فَمَا يُعْطِيهِ لِعَبادِهِ ظَاهِرًا وِبَاطِنًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِنَّمَا هِيَ نِعَمٌ وَهِبَاتٌ وَهِيَ مِنَ الكَثْرَةِ بِحَيْثُ لَا تُحْصِيهَا الحِسَابَاتُ.

ثَانِيًا: الوَهَّابُ فِي الكِتَابِ العَزِيزِ[9]
وَرَدَ الاسْمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ، مَرَّةً فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].

وَمَرَّتَيْنِ فِي سُورَةِ ص فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ﴾ [ص: 9].

وَقَوْلِهِ: ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [ص: 35].

ثَالِثًا: مَعْنَى الاسْمِ فِي حَقِّ الله سُبْحَانَهُ:
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾: «يَعْنِي إِنَّكَ أَنْتَ المُعْطِي عَبَادَكَ التَّوْفِيقَ وَالسَّدَادَ لِلثَّبَاتِ عَلَى دِينِكَ وَتَصْدِيقِ كِتَابِكَ وَرُسُلِكَ».

وَقَالَ: «الوَهَّابُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، مَا يَشَاءُ مِنْ مُلْكٍ وَسُلْطَانٍ وَنُبُوَّةٍ».

وَقَالَ: «إِنَّكَ وَهَّابُ مَا تَشَاءُ لَمَنْ تَشَاءُ، بِيَدِكَ خَزَائِنُ كُلِّ شَيْءٍ تَفْتَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَرَدْتَ لِمَنْ أَرَدْتَ»[10].

وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: «(الوَهَّابُ): هُوَ الَّذِي يَجُودُ بِالْعَطَاءِ عَنْ ظَهْرِ يَدٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِثَابَةٍ»[11]؛ أَيْ: مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ لِلثَّوَابِ مِنْ أَحَدٍ.

وَقَالَ الحَلِيمِيُّ: «(الوَهَّابُ): وَهُوَ المُتَفَضِّلُ بِالْعَطَايَا المُنْعِمُ بِهَا لَا عَنِ اسْتِحْقَاقٍ عَلَيْهِ»[12].

وَقَالَ النَّسَفِيُّ: «(الوَهَّابُ): الكَثِيرُ المَوَاهِبِ المُصِيبُ بِهَا مَوَاقِعَهَا الَّذِي يَقْسِمُهَا عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ حِكْمَتُهُ»[13].

وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي (النُّونِيَّةِ):


وَكَذَلِكَ الوَهَّابُ مِنْ أَسْمَائِهِ
فَانْظُرْ مَوَاهِبَهُ مَدَى الأَزْمَانِ




أَهْلُ السَّمَاوَاتِ العُلَى وَالأَرْضِ عَنْ
تِلْكَ المَوَاهِبِ لَيْسَ يَنْفَكَّانِ[14]






رابعًا: ثمرات الإيمَانِ بِاسْمِ الله (الوَهَّابِ) تبارك وتعالى[15]:
1- أَنَّ الوَهَّابَ عَلَى الحَقِيقَةِ هُوَ اللهُ وَحْدَهُ:
فَإِنَّ كُلَّ مَنْ يَهَبُ شَيْئًا مِنَ الخَلْقِ إِنَّمَا يَهَبُ مِنْ هِبَاتِ الله لَهُ، فَلَابُدَّ أَنْ يَهَبَهُ اللهُ لِيَهَبَ، وَأَنْ يُعْطِيَهُ اللهُ لِيُعْطِي، وَأَنْ يَرْزُقَهُ اللهُ لِيَرْزُقَ، أَمَّا اللهُ فَإِنَّهُ يُطِعِمُ وَلَا يُطْعَمُ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53].

2- دُعَاءُ الله باسْمِهِ الوَهَّابِ:
وَهَذِهِ ثَمَرَةُ مَعْرِفَةِ الله بِهَذَا الِاسْمِ الطَّيِّبِ رَجَاؤُهُ وَسُؤَالُهُ مِنْ هِبَاتِهِ وَوَاسِعِ فَضْلِهِ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ، فَمَنْ نَظَرَ إِلَى وَاسِعِ كَرَمِهِ وَجَلِيلِ نِعَمِهِ طَمِعَ فِي رَحْمَتِهِ، وَخَيْرُ مَنْ عَرَفَ اللهَ هُمُ الأَنْبِيَاءُ الكِرَامُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

فَانْظُرْ إِلَى نَبِيِّ الله إِبْرَاهِيمَ ؛ وَهُوَ يَسْأَلُ اللهَ تعالى الحُكْمَ وَالصَّلَاحَ، فَيَقُولُ: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [الشعراء: 83].

وَتَأَمَّلْ نَبِيَّ الله سُلَيْمَانَ وَهُوَ يَسْأَلُ المُلْكَ فَيَقُولُ: ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [ص: 35].

وَانْتَبِهْ إِلَى دُعَاءِ نَبِيِّ الله زَكَرِيَّا وَهُوَ يَسْأَلُ الوَلَدَ فَيَقُولُ: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38].

وَقَدْ سَارَ الصَّالِحُونَ عَلَى دَرْبِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ عَلَيْهِم السَّلَامَ فَتَرَاهُمْ يَقُولُونَ: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].

3- العِلْمُ بأَنَّ الهبَةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ عَطَاءٍ:
فَإِنَّ العَطَاءَ لَا يَكُونُ هِبَةً حَتَّى يَكُونَ مَقْرُونًا بِطَاعَةٍ وَخَيْرٍ وَبَرَكَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

قَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ العَرَبِيُّ: «وَلَا تَكُونُ الهِبَةُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَالعَطَاءُ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِنَوْعٍ مَا يَكُونُ بِهِ مُنْعِمًا مُحْسِنًا وَذَلِكَ بِمَا لَا أَلَمَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ فَإِذَا كَانَ مَا يَخْلُقُ ضَرَرًا وَأَلَمًا لَمْ تَكُنْ هِبَةً»، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].

فَقَدْ عَلَّمَ اللهُ أَوْلِيَاءَهُ كَيْفَ يَسْأَلُونَهُ الإِنْعَامَ وَالإِحْسَانَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ فِيهِ مَكْرٌ وَلَا اسْتِدرَاجٌ، كَمَا فَعَلَ بِالْكُفَّارِ حِينَ خَلَقَ لَهُمْ وَمَكَّنَهُمْ مِمَّا فِيهِ ضَرَرُهُمْ وَهَلَكَتُهُمْ ـ كَالَّذِي يُرْزَقُ فَيَطْغَى ـ فَالمَرْجُوُّ مِنْهُ سُبْحَانَهُ هِبَةً يَكُونُ مَآلِهَا كَحَالِهَا، لَا تَنْفَصِلُ وَلَا تَتَغَيَّرُ وَلَا يَقْتَرِنُ بِهَا ضَرَرٌ وَلَا أَلَمٌ.

وَقَدْ كَانَ الأَنْبِيَاءُ عليهم السلام يَسْأَلُونَ رَبَّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الهِبَاتِ المَقْرُونَةَ بِالمَغْفِرَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ سُلَيْمَانَ عليه السلام: ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [ص: 35].

وَنَبِيِّ الله زَكَرِيَّا عليه السلام لَمْ يَسْأَلْ مُجَرَّدَ الوَلَدِ وَالذُّرِّيَّةِ وَلَكِنَّهُ سَأَلَ وَلِيًّا للهِ صَالِحًا؛ إِذْ قَالَ: ﴿ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 5]، وَسَمِعْنَا أَنَّ نَبِيَّ الله يَحْيَى كَانَ كَثِيرَ البُكَاءِ، فَقَالَ أَبُوهُ ـ نَبِيُّ الله زَكَرِيَّا ـ: يَا رَبُّ، إِنَّ ابْنِي كَثِيرُ البُكَاءِ، فَأُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّ هَذَا مَا سَأَلْتَهُ، قَالَ: سَأَلْتُ وَلِيًّا، فَقِيلَ لَهُ: كَذَلِكَ الأَوْلِيَاءُ لَا يَجِفُّ دَمْعُهُمْ، وَقَدْ وَصَفَ اللهُ عِبَادَ الرَّحْمَنِ فَكَانَ مِنْ دُعَائِهِمْ: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «يَعْنُونَ مَنْ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ الله فَتَقَرَّ بِهِ أَْعْيُنُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»[16].

فَهُمْ لَا يَسْأَلُونَ مُجَرَّدَ زَوْجَةٍ، بَلْ يَسْأَلُونَ الصَّالِحَةَ مِنْهُنَّ وَهَذَا مَا يُسْعِدُهُمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»[17].

وَلَا يَسْأَلُونَ مُجَرَّدَ الوَلَدِ وَالذُّرِّيَّةِ، وَلَكِنَّهُمْ يَسْأَلُونَ أَوْلَادًا عُبَّادًا زُهَّادًا، صَالِحينَ قَانِتِينَ، مِنَ الأَبْرَارِ لَيْسُوا مِنَ الفُجَّارِ، عُلَمَاءَ لَيْسُوا مِنَ الجُهَلَاءِ.

4- شُكْرُ الله عَلَى هِبَاتِهِ:
مَنْ رَأَى هِبَاتِ الله لَا يَسَعُهُ إِلَّا أَنْ يُسَبِّحَ بِحَمْدِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، كَمَا قَالَ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ ؛ حِينَ وَهَبَهُ اللهُ وَلَدَيْهِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 39].

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ، لَمْ يَشْكُرِ اللهَ»[18].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 109.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 107.76 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (1.53%)]