الولاء للمؤمنين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4564 - عددالزوار : 1383057 )           »          5 حاجات خلى بالك منها قبل شراء شفاط المطبخ.. احذر من مستوى الضوضاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          طريقة عمل كيك آيس كريم بخطوات بسيطة.. لو عندك حد عيد ميلاده قرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          كيف تجعل طفلك يتمتع بشخصية مستقلة؟.. 5 خطوات هتساعدك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          وصفات طبيعية لعلاج تقشر اليدين.. خليهم زى الحرير وأنعم كمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          جددى إطلالتك الكلاسيكية بـ 5 رسومات عيون مميزة ومناسبة للصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          إزاى تستغلى الصيف والحر وتخسرى وزنك الزائد؟.. 4 خطوات هتساعدك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          طريقة عمل تشيز كيك الزبادى بالفراولة بدون فرن.. حلوى خفيفة وسريعة التحضير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          5 أطعمة تحافظ على رشاقة جسمك وزيادة كولاجين بشرتك.. خليها فى روتينك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          طريقة عمل سلطة المانجو والأفوكادو مع صوص الليمون.. انتعاش فى لقمة صغيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 18-10-2023, 11:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,590
الدولة : Egypt
افتراضي الولاء للمؤمنين

الولاء للمؤمنين

إبراهيم بن محمد الحقيل

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، وَخَصَّنَا بِالْقُرْآنِ، وَعَلَّمَنَا الْإِيمَانَ، وَجَعَلَنَا مِنْ خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ يُحِبُّ الْمُؤْمِنِينَ وَيَتَوَلَّاهُمْ، وَيَنْصُرُهُمْ وَيَرْعَاهُمْ؛ {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ ‌يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [الْمَائِدَةِ: 55-56]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، قَالَ لِأَهْلِهِ وَقَوْمِهِ وَعَشِيرَتِهِ: «اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَكُونُوا أَنْصَارًا لَهُ، وَأَوْلِيَاءَ لِأَوْلِيَائِهِ، وَأَعْدَاءً لِأَعْدَائِهِ، وَحَمَلَةً لِدِينِهِ، وَدُعَاةً إِلَى سَبِيلِهِ؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا ‌أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ ‌أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ ‌أَنْصَارُ اللَّهِ} [الصَّفِّ: 14].

أَيُّهَا النَّاسُ: الِانْتِمَاءُ لِلْإِسْلَامِ يَعْنِي: الِاسْتِسْلَامَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالرِّضَا بِشَرِيعَتِهِ، وَمَوْلَاةَ أَوْلِيَائِهِ، وَمُعَادَاةَ أَعْدَائِهِ؛ فَالْمُؤْمِنُ لَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَقُّ الْوِلَايَةِ، وَهِيَ الْقُرْبُ مِنْهُ، وَلَوِ اخْتَلَفَتِ الْعَشَائِرُ وَالْقَبَائِلُ وَالْأَلْوَانُ، وَتَبَايَنَتِ الْأَلْسُنُ وَالْبُلْدَانُ؛ فَالْإِيمَانُ أَقْوَى رَابِطَةٍ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، يُقَرِّبُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيُحَبِّبُهُمْ فِي بَعْضٍ، وَهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مَحَبَّةً لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ، وَيُحِبُّهُ مِنْهُمْ شَرْعًا، وَيَرْضَاهُ لَهُمْ دِينًا، وَالْآيَاتُ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ، مِنْهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ ‌أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الْأَنْفَالِ: 72]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ ‌أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التَّوْبَةِ: 71].

وَمِنْ لَوَازِمِ وَلَاءِ الْمُؤْمِنِ لِلْمُؤْمِنِ: مَحَبَّتُهُ وَمَوَدَّتُهُ لِأَجْلِ إِيمَانِهِ، وَكُلَّمَا ازْدَادَ إِيمَانًا وَعَمَلًا صَالِحًا ازْدَادَتْ مَحَبَّتُهُ وَمَوَدَّتُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّهُ، وَالْمُؤْمِنُ يُحِبُّ مَنْ يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ لَهُ عَلَى أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ حَقُّ الْمَحَبَّةِ وَالْوِلَايَةِ بِقَدْرِ إِيمَانِهِ وَعَمَلِهِ الصَّالِحِ؛ وَلِذَا فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يُحِبُّ الرُّسُلَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّتِهِ لِسَائِرِ الْبَشَرِ، وَيُحِبُّ الْعُلَمَاءَ الرَّبَّانِيِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ أَكْثَرَ مِنْ حُبِّهِ لِغَيْرِهِمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ ‌أَحَبَّ ‌لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ؛ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ»؛ ( رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي ‌تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ شَيْءٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»؛ (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ).

وَمِنْ لَوَازِمِ وَلَاءِ الْمُؤْمِنِ لِلْمُؤْمِنِ: رَحْمَتُهُ، وَاللِّينُ لَهُ، وَخَفْضُ الْجَنَاحِ لَهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي وَصْفِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الْمَائِدَةِ: 54]، وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ فِي وَصْفِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ‌رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الْفَتْحِ: 29]، وَخَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الْحِجْرِ: 88]، وَهُوَ خِطَابٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ تُجَاهَ كُلِّ مُؤْمِنٍ.

وَمِنْ لَوَازِمِ وَلَاءِ الْمُؤْمِنِ لِلْمُؤْمِنِ: إِيصَالُ الْخَيْرِ إِلَيْهِ، وَدَفْعُ الشَّرِّ عَنْهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ ‌فَرَّجَ ‌عَنْ ‌مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»؛ (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ).

وَمِنْ لَوَازِمِ وَلَاءِ الْمُؤْمِنِ لِلْمُؤْمِنِ: النُّصْحُ لَهُ؛ لِحَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ»؛ (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ)؛ وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»؛ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

وَمِنْ لَوَازِمِ وَلَاءِ الْمُؤْمِنِ لِلْمُؤْمِنِ: نُصْرَتُهُ فِي الْحَقِّ، وَرَدُّهُ عَنِ الظُّلْمِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنِ ‌اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [الْأَنْفَالِ: 72]؛ وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ ‌أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولُ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ»؛ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

وَمِنْ لَوَازِمِ وَلَاءِ الْمُؤْمِنِ لِلْمُؤْمِنِ: صِيَانَةُ دَمِهِ وَمَالِهِ وَعِرْضِهِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ يُقَرِّرُ ذَلِكَ، فِي أَقْدَسِ بُقْعَةٍ، وَأَفْضَلِ يَوْمٍ، وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِالنُّسُكِ فِي يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فَكَانَ مِمَّا قَالَ: «فَإِنَّ ‌دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ ‌وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا»؛ (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ)، وَوَيْلٌ لِمَنْ خَذَلَ مُسْلِمًا، أَوْ ظَلَمَهُ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَأَعَانَ عَدُوًّا عَلَيْهِ، يَسْتَبِيحُ دَمَهُ وَعِرْضَهُ وَمَالَهُ، وَيْلٌ لَهُ مِنْ يَوْمٍ يَقِفُ فِيهِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْحِسَابِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي وَصْفِ كُفَّارِ أَهْلِ الْكِتَابِ: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ ‌يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الْمَائِدَةِ: 80-81].

وَمِنْ لَوَازِمِ وَلَاءِ الْمُؤْمِنِ لِلْمُؤْمِنِ: الْإِصْلَاحُ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي ‌تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الْحُجُرَاتِ: 9-10]؛ فَحَرِيٌّ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ يُرِيدُ وِلَايَةَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُوَالِيَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُعَادِيَ أَعْدَاءَهُمْ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيَرْضَاهُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وِلَايَةُ الْمُؤْمِنِ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الْإِيمَانِ، وَهِيَ مِنْ دَلَائِلِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ وَصَلَاحِ اللِّسَانِ؛ فَلَا يَنْطِقُ فِي الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا بِخَيْرٍ، فِي حَضْرَتِهِمْ أَوْ فِي غَيْبَتِهِمْ، وَمَهْمَا أَخْطَأَ الْمُؤْمِنُ فَإِنَّ الْوِلَايَةَ لَا تَزُولُ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَرْتَكِبَ نَاقِضًا يَنْقُضُ الْإِيمَانَ، وَيُخْرِجُهُ مِنْ دَائِرَةِ الْإِسْلَامِ؛ فَذَاكَ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ.

وَقَدْ أَخْطَأَ عَدَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَخْطَاءً كَبِيرَةً، وَمَعَ ذَلِكَ أَبْقَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوِلَايَةَ لَهُمْ، وَلَمْ يُخْرِجْهُمْ مِنْهَا، وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَتَلَ جَمْعًا مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ دَعَاهُمْ لِلْإِسْلَامِ فَأَخْطَأُوا وَقَالُوا: صَبَأْنَا، أَيْ: أَسْلَمْنَا، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي ‌أَبْرَأُ ‌إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ»؛ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
فَتَبَرَّأَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَجَلَتِهِ وَخَطَئِهِ، وَلَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْهُ، بَلْ بَقِيَ خَالِدٌ سَيْفَ اللَّهِ الْمَسْلُولَ، وَالْقَائِدَ الْمَشْهُورَ. وَأَخْطَأَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَتَلَ رَجُلًا بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لِأُسَامَةَ: «‌أَقَتَلْتَهُ ‌بَعْدَمَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ؟!، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ أُسَامَةُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلَاحِ، قَالَ: «أَفَلَا ‌شَقَقْتَ ‌عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا»؛ (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ)، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوِلَايَةَ عَنْ أُسَامَةَ بِسَبَبِ هَذَا الْخَطَأِ الْفَادِحِ، بَلْ بَقِيَ حِبَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنَ حِبِّهِ، وَكَاتَبَ حَاطِبُ بْنُ بَلْتَعَةَ الْمُشْرِكِينَ يُخْبِرُهُمْ بِمَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا خَطَأٌ كَبِيرٌ؛ فَفِيهِ إِفْشَاءٌ لِأَسْرَارِ الْحَرْبِ، وَإِفْشَالٌ لِخُطَطِهَا، وَاعْتَذَرَ حَاطِبٌ بِأَنَّ لَهُ أَهْلًا عِنْدَهُمْ فَخَافَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهُمْ، فَقَبِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُذْرَهُ، وَعَفَا عَنْ خَطَئِهِ مَعَ غِلَظِهِ، وَبَقِيَتْ وِلَايَةُ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ، فَمَا بَالُ أَقْوَامٍ يُوَزِّعُونَ الْوَلَاءَ عَلَى حَسَبِ أَهْوَائِهِمْ؛ فَيَمْنَحُونَ أَعْدَاءَهُمْ وَلَاءَهُمْ، وَيَنْفُونَ الْوِلَايَةَ عَنْ إِخْوَانِهِمْ، وَهَذَا مِنْ جَهْلِهِمْ أَوْ مِنْ نِفَاقِهِمْ؛ فَلْيَحْذَرِ الْمُؤْمِنُ مِنْ هَذَا الْمَزْلَقِ فَإِنَّهُ خَطِرٌ جِدًّا، يُنْقِصُ إِيمَانَ الْعَبْدِ، وَرُبَّمَا يَنْقُضُهُ.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.48 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (2.33%)]