مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الإسلام يدعو لحرية التملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الاستشراق والقرآنيون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          منهج شياطين الإنس في الشرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          وسواس غريب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          فقدت العذرية أثناء ممارسة العادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          العزلة والرهاب الاجتماعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          أخفيت على زوجتي مرضي النفسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          اضطراب الهوية الجنسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-09-2023, 02:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,379
الدولة : Egypt
افتراضي مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا

خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

– مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا

الفرقان


جاءت خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذا الأسبوع 29 من شوال 1444هـ - الموافق 19/5/2023م بعنوان: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، حيث بينت الخطبة أنَّ مِنْ كَمَالِ شَرِيعَتِنَا الْغَرَّاءِ، وَمِنْ مَحَاسِنِهَا وَفَضَائِلِهَا عَلَى الْخَلِيقَةِ جَمْعَاءَ: أَنْ شَرَعَتْ لَهُمْ كُلَّ مَا يَجْلِبُ النَّفْعَ وَيُنَمِّيهِ، وَدَرَأَتْ عَنْهُمْ كُلَّ مَا يَأْتِي بِالضَّرَرِ وَيُغَذِّيهِ؛ فَقَدْ أَمَرَتْ بِكُلِّ طَيِّبٍ وَزَانَتْهُ، وَنَهَتْ عَنْ كُلِّ خَبِيثٍ وشَانَتْهُ، فَأَوْجَبَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ النَّصِيحَةَ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمُ الْغِشَّ وَالْفَضِيحَةَ؛ لِأَنَّ الْغِشَّ يُنَاقِضُ الصِّدْقَ وَالْأَمَانَةَ، وَيُرَوِّجُ لِلْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ وَالْخِيَانَةِ؛ وَلِهَذَا نَهَتْ عَنْهُ الشَّرِيعَةُ نَهْيًا أَكِيدًا، وَحَذَّرَتْ مِنْهُ تَحْذِيرًا شَدِيدًا، فَعَدَّتهُ مِنْ أَفْحَشِ الْعُيُوبِ، وَجَعَلَتْهُ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (الأنفال: 27).
وَأَثْنَى اللَّهُ -تعالى- عَلَى الَّذِينَ يُؤَدُّونَ الْأَمَانَاتِ، وَيَجْتَنِبُونَ الْخِيَانَاتِ؛ فَقَالَ -سُبْحَانَهُ-: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (المعارج: 32)، وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ» قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ، وَأَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَامَّتِهِمْ، أَوْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ» (أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
الْغِشَّ مِنْ أَعْظَمِ الْحَرَامِ
إِنَّ الْغِشَّ مِنْ أَعْظَمِ الْحَرَامِ، وَهُوَ إِجْرَامٌ فِي حَقِّ الْأَنَامِ؛ فَهُوَ سَبِيلٌ يُودِي بِصَاحِبِهِ إِلَى النَّارِ، وَيُورِدُهُ مَوَارِدَ الْهَلَاكِ وَالْبَوَارِ؛ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ - رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، إِنَّ اللَّهَ أَبَى عَلَيَّ أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ لَحْمًا نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» (أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ).
يَحْرِمُ صَاحِبَهُ مِنْ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ
وَالْغِشُّ يَحْرِمُ صَاحِبَهُ مِنْ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا،... ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟» (أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ).
يُخْرِجُ صَاحِبَهُ مِنْ هَدْيِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ
وَكَذَلِكَ الْغِشُّ يُخْرِجُ صَاحِبَهُ مِنْ هَدْيِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَمِنْ سِيرَةِ أَهْلِ الِاتِّباعِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» (أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ). وَالْغِشُّ مِنَ الْخَدِيعَةِ، وَلَيْسَتِ الْخَدِيعَةُ مِنْ أَخْلَاقِ أَهْلِ الشَّرِيعَةِ؛ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ» (أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
أَعْظَمُ الْغِشِّ وَأَخْطَرُهُ
إِنَّ أَعْظَمَ الْغِشِّ وَأَخْطَرَهُ، وَأَكْثَرَهُ ضَرَرًا وَأَكْبَرَهُ: الْغِشُّ فِي الدِّينِ؛ وَذَلِكَ بِالتَّلَاعُبِ بِدِينِ اللَّهِ وَأَحْكَامِ شَرِيعَتِهِ، وَتَشْوِيهِ هَدْيِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَمْيِيعِ سُنَّتِهِ،{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} (النحل: 116)، وَكَذَا غِشُّ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ، وَيَكُونُ بِعَدَمِ إِرْشَادِهِمْ لِمَصَالِحِهِمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ.
الْغِشَّ لَا يَنْحَصِرُ فِي مَيْدَانٍ
أَلَا وَإِنَّ الْغِشَّ لَا يَنْحَصِرُ فِي مَيْدَانٍ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ؛ فَإِنَّهُ يُمَارَسُ فِي التِّجَارَةِ وَالصِّنَاعَةِ، وَيَدْخُلُ فِي الْحِرَفِ وَالْمِهَنِ وَالزِّرَاعَةِ، وَيَكُونُ فِي الْوَظَائِفِ وَالْمَنَاصِبِ، وَفِي الْعَلَاقَاتِ وَالتَّوَاصُلِ وَالتَّكَاتُبِ، وَفِي الزَّوَاجِ وَالطَّلَاقِ وَفِي الْمُعَامَلَاتِ، وَفِي كُلِّ شَأْنٍ مِنْ شُؤُونِ الْحَيَاةِ.
أَهْلُ الطَّمَعِ وَالْجَشَعِ
لَقَدِ اسْتَمْرَأَ أَهْلُ الطَّمَعِ وَالْجَشَعِ أَمْوَالَ النَّاسِ بِأَسَالِيبَ مِنَ الْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ، فَكَذَبُوا وَزَوَّرُوا، وَبَدَّلُوا وَغَيَّرُوا، لَا يَكْتَرِثُونَ بِعَاقِبَةِ فِعَالِهِمْ، وَلَا يَأْبَهُونَ بِسُوءِ صَنِيعِهِمْ، وَلَا يَحْسُبُونَ حِسَابًا لِحَلَالٍ وَلَا لِحَرَامٍ، وَصَدَقَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ قَالَ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ، أَمِنْ حَلَالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ» (أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه ).
صُوَرُِ الْغِشِّ
وَمِنْ صُوَرِ الْغِشِّ - وَهِيَ كَثِيرَةٌ -: الْخَلْطُ بَيْنَ الْبِضَاعَةِ الْجَيِّدَةِ وَالْبِضَاعَةِ الرَّدِيئَةِ؛ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِطَعَامٍ وَقَدْ حَسَّنَهُ صَاحِبُهُ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ، فَإِذَا طَعَامٌ رَدِيءٌ فَقَالَ: «بِـعْ هَذَا عَلَى حِدَةٍ، وَهَذَا عَلَى حِدَةٍ، فَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» (رَوَاهُ أَحمَدُ وَحَسَّنَهُ الًأَلْبَانِيُّ).
تَبْدِيلُ عَلَامَاتِ تَسْجِيلِ الْبَضَائِعِ
وَمِنْهَا: تَبْدِيلُ عَلَامَاتِ تَسْجِيلِ الْبَضَائِعِ، أَوْ يَضَعُ الْجَيِّدَ مِنَ الْبِضَاعَةِ فِي الْأَعْلَى وَيُخَبِّئُ الرَّدِيءَ فِي أَسْفَلِهَا؛ لِيُغْرِيَ بِهَا غَيْرَهُ، أَوْ يُغَيِّرُ تَارِيخَ فَتْرَةِ صَلَاحِيَّةِ الْمُنْتَجِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ؛ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ - يَعْنِي الْمَطَرَ - يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي» (أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ).
وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ إِذَا بَاعَ بَيْعًا وَفِيهِ عَيْبٌ أَنْ يُبَيِّنَهُ لِلْمُشْتَرِي كَائِنًا مَنْ كَانَ؛ فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، يَقُولُ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إِلَّا بَيَّنَهُ لَهُ» (أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
الْغِشُّ فِي الِانْتِخَابَاتِ
وَمِنْ صُوَرِ الْغِشِّ: الْغِشُّ فِي الِانْتِخَابَاتِ؛ بُغْيَةَ الْوُصُولِ إِلَى الْمَنَاصِبِ عَنْ طَرِيقِ الْكَذِبِ وَالِاحْتِيَالِ وَالتَّزْوِيرِ.
الْغِشُّ فِي الِاخْتِبَارَتِ الْمَدْرَسِيَّةِ
وَمِنْ صُوَرِ الْغِشِّ الْخَطِيرَةِ، الَّتِي تَجْلِبُ شُرُورًا مُسْتَطِيرَةً، وَتُحْدِثُ آثَارًا فِي الْمُجْتَمَعِ وَتَدْمِيرًا: مَا يَحْصُلُ مِنْ غِشٍّ فِي الِاخْتِبَارَتِ الْمَدْرَسِيَّةِ، وَهُوَ فِي حَقِيقَتِهِ خِيَانَةٌ لِلْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَتَخْرِيبٌ لِلتَّعْلِيمِ وَتَعَدٍّ سَافِرٌ عَلَى الْمُؤَسَّسَاتِ التَّعْلِيمِيَّةِ، وَلَا يَشُكُّ ذُو عَقْلٍ أَنَّ الْغِشِّ فِي الِاخْتِبَارَاتِ ظُلْمٌ وَعُدْوَانٌ، وَهُوَ بَغْيٌ وَتَعَسُّفٌ وَبُهْتَانٌ؛ إِذْ كَيْفَ يَسْتَوِي مَنْ فَرَّطَ وَأَهْمَلَ وَتَكَاسَلَ مَعَ مَنْ وَصَلَ لَيْلَهُ بِنَهَارِهِ بِجِدٍّ وَمُثَابَرَةٍ، وَقَامَ بِوَاجِبِهِ بِتَعَبٍ وَمُصَابَرَةٍ؟! أَلَيْسَ هَذَا دَعْوَةً إِلَى التَّثَاقُلِ وَالتَّقَاعُسِ، بَدَلًا مِنَ الْجِدِّ وَالصَّبْرِ وَالتَّنَافُسِ؟! أَلَيْسَ هَذَا ظُلْمًا لِمَنْ جَدَّ وَاجْتَهَدَ، وَمُحَابَاةً لِمَنْ أَهْمَلَ وَاتَّكَلَ وَقَعَدَ؟! إِنَّ الْأَمْرَ يَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ إِلَيْهِ نَظْرَةً فَاحِصَةً وَاقِعِيَّةً، لَا نَظْرَةً عَاطِفِيَّةً سَطْحِيَّةً، حَيْثُ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَنْسَاقُ وَرَاءَ الْعَاطِفَةِ أَوْ بِحُكْمِ الصِّلَةِ وَالْقَرَابَةِ، فَيَسْتَسْهِلُ الْغِشَّ وَيَسْتَسِيغُ الْخِدَاعَ بِزَعْمِ رَحْمَةِ الطُّلَّابِ وَالتَّيْسِيرِ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا زَعْمٌ مَكْذُوبٌ وَرَحْمَةٌ مَوْهُومَةٌ؛ فَإِنَّ وَرَاءَ الْغِشِّ مَا وَرَاءَهُ مِنَ الْآثَارِ الْخَطِيرَةِ وَالشُّرُورِ الْمُسْتَطِيرَةِ؛ إِذْ أَنَّ مَنْ يَنْجَحُ بِالْغِشِّ سَيَكُونُ دَاهِيَةً دَهْيَاءَ وَمُصِيبَةً عَمْيَاءَ؛ فَهُوَ إِنْ تَخَرَّجَ فِيمَا بَعْدُ طَبِيبًا فَقَدْ يَكُونُ جَزَّارًا لِأَبْدَانِ الْمَرْضَى لَا جَرَّاحًا، وَمِسْبَرًا قَاتِلًا لَا مُشَخِّصًا فَاعِلًا، وَإِنْ تَخَرَّجَ مُهَنْدِسًا فَقَدْ تَنْهَدِمُ الْبِنَايَاتُ عَلَى رُؤُوسِ سَاكِنِيهَا، فَيَكُونُ مُهَدِّمًا لَا مُهَنْدِسًا، وَإنْ تَخَرَّجَ مُعَلِّمًا فَسَيَكُونُ مُعَلِّمًا فَاشِلًا وَلَا يُخَرِّجُ إِلَّا أَجْيَالًا فَاشِلَةً؛ لِأَنَّ فَاقِدَ الشَّيْءِ لَا يُعْطِيهِ، وَهَكَذَا قِسْ عَلَى ذَلِكَ كُلَّ الْحِرَفِ وَالْمِهَنِ وَالْوَظَائِفِ.
النَّتِيجَةُ الْمُرَّةُ
فَهَذِهِ هِيَ النَّتِيجَةُ الْمُرَّةُ وَالْحَقِيقَةُ الْمُسْتَقِرَّةُ لِلْغِشِّ فِي الِامْتِحَانَاتِ: أَجْيَالٌ فَاشِلَةٌ، وَأَيْدٍ عَاطِلَةٌ، وَنُفُوسٌ مُتَثَاقِلَةٌ، وَعُقُولٌ جَامِدَةٌ خَامِلَةٌ، بِحَيْثُ تَكُونُ نَتِيجَتُهُ حُصُولَ الْمُمْتَحَنِ عَلَى شَهَادَاتٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَيَتَبَوَّأُ مَرَاكِزَ لَيْسَ أَهْلًا لَهَا، أَوْ يَتَقَلَّدُ وَظَائِفَ غَيْرَ كُفْءٍ لِمِثْلِهَا، عِنْدَهَا حَدِّثْ وَلَا حَرَجَ عَنِ الْفَسَادِ وَالْإِفْسَادِ، وَعَنْ خَرَابِ الْبِلَادِ وَتَخَلُّفِ الْعِبَادِ. فَاتَّقُوا اللهَ فِي الْأَجْيَالِ، وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي الْعَمَلِيَّةِ التَّرْبَوِيَّةِ وَالتَّعْلِيمِيَّةِ؛ فَإِنَّهَا الْحِصْنُ الْمَنِيعُ الْمَصُونُ؛ الَّذِي إِذَا تَصَدَّعَ أَوِ انْهَدَمَ - لَا قَدَّرَ اللَّهُ - تَتَابَعَتْ بَعْدَهُ سَائِرُ الْحُصُونِ.
الإعانة على الغش
وَلْيَعْلَمْ كُلُّ مَنْ يُعِينُ عَلَى الْغِشِّ أَوْ يَسْمَحُ بِهِ أَوْ يُرَوِّجُ لَهُ أَنَّهُ يَأْتِي بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْحَرَامِ، وَيَرْتَكِبُ إِثْمًا مِنْ أَكْبَرِ الْآثَامِ، وَأَنَّهُ يُدَمِّرُ أَجْيَالًا وَيُفْسِدُ أَحْوَالًا، وَيُحَطِّمُ مُسْتَقْبَلًا وَيُخَرِّبُ دُوَلًا، وَيَخُونُ الْأُمَّةَ وَيَحْرِمُهَا بُلُوغَ الْغَايَةِ وَالْقِمَّةِ، مِنْ حَيْثُ يَظُنُّ - وَهُوَ يُسِيءُ صُنْعًا - أَنَّهُ يُسْدِي جَمِيلًا وَيُقَدِّمُ خَيْرًا وَمَعْرُوفًا جَلِيلًا، وَلْيُؤَدِّ كُلٌّ حَقَّ الْأَمَانَةِ كَمَا اسْتُحْفِظَ عَلَيْهَا بِلَا تَلَاعُبٍ وَلَا خِيَانَةٍ؛ قَالَ اللهُ -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} (النساء: 58). فَالطُّلَّابُ أَمَانَةٌ وَرَعِيَّةٌ؛ فَلْنُحَافِظْ عَلَيْهَا وَلَا تَأْخُذْنَا بِالْإِثْمِ عِزَّةٌ أَوْ حَمِيَّةٌ؛ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: عَادَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزَنِيَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» (أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).
الْغِشُّ مُحَرَّمٌ فِي الِاخْتِبَارَاتِ
وَقَدْ أَفْتَى الْعُلَمَاءُ بِحُرْمَةِ الْغِشِّ فِي الِاخْتِبَارَاتِ، وَمِنْهُمْ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ ابْنُ بَازٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-؛ إِذْ قَالَ فِي جَوَابٍ لَهُ عَمَّنْ سَأَلَهُ عَنْ حُكْمِ الْغِشِّ فِي الِامْتِحَانَاتِ، فَقَالَ: «الْغِشُّ مُحَرَّمٌ فِي الِاخْتِبَارَاتِ، كَمَا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ فِي الْمُعَامَلَاتِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَغِشَّ فِي الِاخْتِبَارَاتِ فِي أَيِّ مَادَّةٍ، وَإِذَا رَضِيَ الْأَسْتَاذُ بِذَلِكَ فَهُوَ شَرِيكُهُ فِي الْإِثْمِ وَالْخِيَانَةِ».

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.68 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]