|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطبة: أولئك الأكياس السيد مراد سلامة الخطبة الأولى الحمد لله الذي أعطى الأمان لمن شكر.سبحانه سبحانه! ربٌّ عظيم قد علا فوق الخلائق واقتدر. سبحانه سبحانه! عَنَتِ الوجوه لجاهِهِ، واستسلمت فِطَرُ الحياة لأمره لَمَّا أمَر. فأتمَّ فيض نعيمه للمؤمنين العاملين لدينهم جنات عدن، عزُّها نور الجلال، أفاءه أمْرُ الذي في كل أمرٍ قد أمَرَ. وأضاف من مَدَدِ الخلود ما غاب عن وعيِ المسامع والبصر. من كل فيض ناعم يسمو على كل الفِكَرِ. ويفوق كل تصور عرفته أذهان البشر. وأشهد أن لا إله إلا الله، واحد أحد، فرد صمد، لا شريك له في ملكه ولا سند. سبحانه سبحانه! جعل الحياة مطيَّة مِطْوَاعة للمؤمنين المحسنين؛ لأنهم قد وحَّدوا الله العظيم المقتدر. ومشوا على درب الهدى، لما بدا في الْمُبتدأ نورُ الذي أحيا الفِطَر. ونشهد أنه رسول الله مَن جاء فخرًا للحياة يؤمُّها نحو العلا، حتى عَلَت رغم الحفر. رغم الصعاب تقدمت تمحو الظلام وتنتصر. بالعلم ترسم للحياة سبيلها من أجل إسعاد البشر. العنصر الأول: من هم الأكياس؟ أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعيش في هذا اللقاء ونحن نودع حبيبًا لقلوبنا، ونذهب به إلى معسكر الأموات، لنواريه التراب مع الأكياس، فمن هم؟ الأكياس جمع كَيْسٍ، والكَيسُ هو العقل الذي يميِّز به المسلم بين الحق والباطل، والنور والظلام، والنافع والضار، وأكيس الناس في ميزان الشرع هو من أكْثَرَ من ذكر الموت وعمِل لِما بعده؛ فعن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر، أنه قال: ((كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل من الأنصار، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا رسول الله، أي المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم خُلُقًا، قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكرًا، وأحسنهم لِما بعده استعدادًا؛ أولئك الأكياس))[1]. فتك هي هِمَمُهم؛ لذا حثَّكم رسول الله صلى الله عليه و سلم على الإكثار من ذكر الموت قبل الفوت؛ عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يُكْثِرُ أن يقول: ((أكثروا من ذكر هاذم اللذات))[2]. العنصر الثاني: حقارة الدنيا: أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الأكياس نظروا إلى حقائق الأمور، فعلِموا أن الدنيا مهما عظُمت، فهي حقيرة، ومهما طالت، فهي قصيرة؛ جاء في كتاب (قِصَر الأمل) لابن أبي الدنيا: أن النخعي قال: "يا أيها الناس، إن الدنيا جُعلت قليلًا، وإنه لم يبقَ إلا قليل من قليل"[3]. عمر الدنيا مهما طال فهو قصير: والله لو عاش الفتى في عمره ![]() ألفًا من الأعوام مالك أمرِهِ ![]() متلذذًا فيها بكل لذيذة ![]() متنعِّمًا فيها بنُعمى عصرِهِ ![]() ما كان ذلك كله في أن يفي ![]() منها بأول ليلة في قبرِهِ ![]() فحذارٍ - عباد الله - من الركون إلى الدنيا، والاغترار بزخرفها، فلم يبقَ منها إلا أقل القليل؛ تأملوا - عباد الله - قول نبيكم صلى الله عليه وسلم، وهو يصف لنا حال الدنيا التي عليها نتقاطع ونتقاتل؛ أخرج ابن أبي الدنيا في (قصر الأمل)، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والشمس على أطراف السَّعَف، فقال: ((ما بقِيَ من الدنيا إلا مثل ما بقِيَ من يومنا هذا، إلى ما مضى منه))[4]. عن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال: ((مرَّ بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نصلح خصًّا لنا، فقال: ما هذا؟ قلنا: خصًّا لنا وَهَى فنحن نصلحه، قال: فقال: أمَا إن الأمر أعْجَلُ من ذلك))[5]. مرت سنون بالوصال وبالهنا ![]() فكأنها من قصرها أيامُ ![]() ثم انْثَنَتْ أيامُ هجرٍ بعدها ![]() فكأنها من طولها أعوامُ ![]() ثم انقضت تلك السنون وأهلها ![]() فكأنها وكأنهم أحلامُ ![]() ولقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قصر الأمل؛ وهذا ما نراه جليًّا في الحديث الذي أخرجه البخاري، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبي، فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل))، وفي رواية: ((فإنك - يا عبدالله - لا تدري ما اسمك غدًا)). وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخُذْ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك"[6]. إنها أيام قلائل. فيكفي من الطعام ما سد الجوعة ![]() ومن الثياب ما ستر العورة ![]() وما هي إلا جوعة قد سددتها ![]() وكل طعام بين جنبي واحدُ ![]() أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |