هل يجوز الوضوء جلوسا؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حكم كتابة القرآن بالرسم الإملائي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          مصير صحف إبراهيم، وزبور داود عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الإجهاض للحمل الناتج عن اغتصاب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          استحباب الدعاء في كل الصلوات بـ: اللهم اغفر لي ذنبي كله... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حكم قول الشخص لمتابعيه في الفيس بوك: من له حاجة لأدعو له في الحرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ما حكم التدخين لمن يعلم أنه حرام ولا يقلع عنه؟. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          معلومات هامة عن أفكاروأماكن يضيع فيها شبابنا، الروتراكت.. شباب الروتاري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حكم خروج المرأة من بيتها للعمل ,فتوى خروج المرأة من بيتها للعمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حكم تفاوت المؤذنين في وقت الأذان وحكم صلاة النساء على الأذن الأول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حكم كشف الوجه للطبيب لإجراء عملية تشهوه في الوجه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-03-2022, 09:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,175
الدولة : Egypt
افتراضي هل يجوز الوضوء جلوسا؟

هل يجوز الوضوء جلوسا؟
محمود بن أحمد أبو مسلّم

الحمد لله وحده، أما بعد:
ما إن سألت هذا السؤال يومًا ما على بعض مواقع التواصل، لأختبر قوته كسؤال للعصف الذهني الحاد، وكسر الثلج، واعتصار العقل، إلا ووجدت أنه لم يخب رجائي فيه!


(1)
العصف الذهني إحدى أهم الطرق المتبعة حديثًا في عملية التدريس والتوجيه، وهي تكون غالبًا في صورة سؤال أو تساؤل، ربما يكون مبهمًا، أو غامضًا، أو يحتمل العديد من الإجابات، المقصود منه إنشاء تفاعل بين المتلقي والملقي، وكسر حاجز الثلج، أو رفع الحرج والكلفة "التعليمية" بلغتنا، لإضفاء راحة أكبر في عملية التعليم بين الطرفين، وحبذا لو كان السؤال مشوقًا، ويحوي في طياته العديد من الفوائد الخاصة بمادة التدريس، أو حتى الفوائد العامة التي لا تخرج عن إطار المعلومات الهامة الشاملة والضرورية لكل أحد!

ظني أنه كان هذا السؤال كذلك!

(2)
تفاوتت الأجوبة بالفعل تفاوتًا شديدًا، وهذا نتيجة اختلاف حال المتلقي الذهنية والنفسية للسؤال، وأعني بالذهنية معلوماته الخاصة بهذا السؤال تحديدًا، سواء كان علم الفقه أو الحديث مثلًا، والنفسية، يعني هل تلقى هذا السؤال بتواضع أو بلا مبالاة أو بفضول وهكذا.

فهذا أحدهمردَّ مستنكرًا جدًّا للمسألة: "لماذا نفتش في مثل هذا، هل أصبحنا كاليهود نشدد فيشدد الله علينا؟"، إذًا هو يرى أن المسألة برمتها خطأ وغلو، ولا ينبغي السؤال عن ذلك؛ لأن الدين سمح وما سكت عنه ينبغي السكوت عنه!

فالبعض يحب التوقف ويرضى بما ألَمَّ به بالفعل من معلومات، يقدر جدًّا ما تربى عليه، ويخاف أن يخالف أي أمر قد يصطدم مع معتقداته، ومع ما تعلمه كأمر مسلم به، وهذا حال الكثير منا إذا تعرض لأمر جديد غير ما ألِفه واعتاد عليه، ونرى ذلك بالذات في بيئات العمل التي تدخل أنظمة تقنية جديدة، أو إرساء قواعد ولوائح جديدة، تجد الهجوم هو أول أمر يخطر على بال الموظف، بغض النظر عما إذا كان سيكون فعلًا النظام الجديد مفيدًا أو لا!

كذلك، لبعض المسائل الفقهية التي تربى البعض عليها على قول واحد، من أقوال المسألة، وربما يكون هو الأضعف، فهو لا يعطي نفسه فرصة الاستماع لوجهة الرأي الآخر وأدلته، ثم يقيم ذلك، ويقارنه بقناعته الشخصية أو بما تربى عليه!

وردَّ الثاني: "وهل سيشكل هذا فارقًا؟" وهذا رجل نظر في الحقيقة إلى الغرض من الوضوء وهو فعل ما أمرنا به بغسل أعضاء الوضوء، وطالَما أتينا بهذا الفعل على وجهه الصحيح، سواء كنا قاعدين أو واقفين، لن يهم الأمر إذا!

وهذه إحدى فوائد المدارس العقلية التي تخدم النص، لا التي تنهاضه، وهي النظر إلى جوهر الأمر والنهي، وهذا يستعمله الفقهاء والمحدثون كثيرًا، ليس فقط مدرسة الرأي، فمدرسة الرأي ربما افتقدت النص أصلًا، فلجأت للقياس ومثيله، والمقصود أننا يجب أن نستعمل العقل مع النصوص، لفهمها ورؤية غرض التشريع منها، وهذا يفيد جدًّا في صناعة الفتوى، وإنزال الدليل على الواقع، وخير مثال له مسألة بيع ما لا تملك، فهم كثير من أهل العلم منها أن المقصود هو أن يكون للبائع قدرة على تحصيل عين السلعة بغض النظر إن كان لازم عليها أن يحوذها في مخازنه ومعارضه، أو لا، وهذا مضمون في زماننا، بل هو موجود في كثير من المعاملات التجارية الآن، فالسلع مشهورة ومعروفة ومعروضة، وأصبح لها وسطاء وشركات لهما كيانات قانونية يمكن الرجوع عليهم في حالة حدوث الضرر، ورغم ذلك لا زال البعض يفتي في هذه المسألة بالمنع، وأنه لا بد من حيازة السلعة في المعرض أو المخزن أولًا قبيل البيع، نظرًا لظاهر النص، وتحسبًا وقوع الغرر، أما الفريق الأول، فنظر إلى الواقع وضمان السلعة من البائع، وندرة الغرر أو قلته.

وردَّ الثالث: "أظن أن السنة في ذلك هي الوضوء جالًسا"، وأنا أظن أنه اختلط عليه مسألة التبول جالسًا، ولا أقول: إنه تقول بغير علم إن شاء الله، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم تبول واقفًا وجالسًا، لذلك قال البخاري في صحيح باب: البول قائمًا وقاعدًا، وحديث حذيفة في التبول قائمًا أصح من حديث عائشة في التبول جالسًا، تمامًا كما في مسألة الشرب قاعدًا، وما جاء في ذلك من نهي، قال البخاري في صحيحه، باب: الشرب قائمًا، ثم ذكر حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وفيه: ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قِيَامًا، وَإِنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ".

تمامًا كما أخرج الترمذي عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَال: "كُنَّا نَأْكُلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَمْشِي، وَنَشْرَبُ وَنَحْنُ قِيَامٌ"، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

فالشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم، لا يفعل شيئًا مكروهًا، لذلك أتعجب حين يجمع البعض بين النهي والإباحة، ويقول:" الشرب قائمًا مكروهًا"!

كيف وقد فعله رسول الله؟! بل نقول كان مكروهًا، ثم أصبح مباحًا؛ كما قال أحمد كما في مسائل أبي داود "أرجو ألا يكون به بأس"؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا فعل أمرًا محال أن يكون فعل مكروهًا!

وردَّ الرابع، فقال مستدلًّا: "في الحرمين الوضوء يكون وأنت جالس"، وهذا رجل مقلد لفعل أهل مكة والمدينة بما رآه في المسجدين، شبيه ذلك ما كان يفعله المحدثون والفقهاء قديمًا أحيانًا، كالإمام مالك والبخاري وغيرهم، حين كانوا يستأنسون بفعل أهل المدينة في أمر ما، ليعضد استدلاله أو فهمه للدليل، فالمدينة هي مستقر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخير، وموطن دفنه، وفيها نزلت أكثر الأحكام والسنن، ورأى الصحابة من خلق وأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يره غيرهم، فأهل المدينة هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأهليهم من بعدهم هم من ورثوا أفعالهم، لذلك لم يكن اختصاص الأنصار من أهل المدينة بهذه الفضائل واختيار الله لهم لنصرة رسوله صلى الله عليه وسلم عبثًا، ألم يسميهم الله الأنصار كما في البخاري عن غَيْلَان بْن جَرِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: أَرَأَيْتَ اسْمَ الْأَنْصَارِ كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ أَمْ سَمَّاكُمُ اللَّهُ، قَالَ: "بَلْ سَمَّانَا اللَّهُ جلّ جلاله"، ألم يقل رسول الله: "لَوْ أَنَّ الْأَنْصَارَ سَلَكُوا وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ فِي وَادِي الْأَنْصَارِ، وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ"، ألم يقل رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه "الْأَنْصَارُ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ"، ألم يقل لهم رسول الله: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ مَرَّتَيْنِ"، فاضائلهم وفضائل أفرادهم أكثر من أن تحصى.

فهم أهل المدينة وخاصتها، وهم أهل لأن يتبعهم الناس، والعجيب أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون أتباعهم منهم، ففي البخاري قَالَتْ الْأَنْصَارُ: إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ أَتْبَاعًا وَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ أَتْبَاعَنَا مِنَّا، قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَتْبَاعَهُمْ مِنْهُمْ ".

قال الحافظ بن حجر: أَي يُقال لَهُم الأَنصار حَتَّى تَتَناولهُم الوصِيَّة بِهِم بِالإِحسانِ إِلَيهِم ونَحو ذَلِكَ؛ انتهى.

فلو لم يكن للأنصار فضل سوى نشر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكفى به فضلًا.

وردَّ الخامس، فقال بكل ثقة متعجبًا: "نعم، بالطبع"، بلا أدنى شك في المسألة أو حتى سؤال إن كان هذا قد طرح فعلًا لنقاش سابق أو لا، وهذا غالبًا ما خطر على بال الكثير، واعتبروا السؤال لا قيمة له، أو أن الإجابة عليه مضيعة للوقت وغير مجدية، ولا مجال لنقاش مثل ذلك!

وهذا على العكس السادس فقال: "أرأيت إن لم يكن جائزًا؟!" الذي أظنه التزم الحيطة في الأمر، وتفهم أن الإنسان لا يمكن أن يحيط بكل شيء علمًا، وربما يكون فاته شيئًا لم يعرفه، أو أن المسألة محل خلاف بالفعل، مع ما في تساؤله من شك بالأمر!

لكن دومًا يعتبر الحيطة في القول عمومًا أفضل من الجرأة، وتزداد الحيطة إن كان الكلام في العلم، حتى لو كنت متيقنًا، لا بد أن تسمع ما عند غيرك، خاصة لو كان متخصصًا، أو كان من أترابك، أو تظن أنه ربما يكون عنده جديد.

التفكير النقدي، والشك، هما آلات البحث العلمي التطبيقي والنظري الذي يسود العالم الآن، وماذا لو؟! تمامًا كما كان يفعل علماء المسلمين منذ قرون مع الفقه؟ عشرات المسائل طرحها الفقهاء عن طريق قاعدة، ماذا لو؟ أو الفقه الافتراضي!

وهي مدرسة العراق القديمة، وكان يقودها أهل الرأي، عكس أصحاب الحديث الذين كانوا يلتزمون بفقه الواقع والنوازل غالبًا.

وكلاهما مهم، وفي هذا العصر هناك الكثير من المسائل والمشكلات التي هي مرصودة بالفعل، ولا جواب فقهي واقعي لها، ولا حل!

انظر على سبيل المثال: ارتفاع نسبة الطلاق، وضياع مفهوم الأسرة وتدهور حال الأبناء، أليست بمشكلة مرصودة!؟ بلا شك، مرصودة ومنذ زمن طويل!

لكن ليس هناك دراسات ميدانية واقعية عن أهم عشرة أسباب (مثلًا) للطلاق، وما الطرق الفعَّالة لعلاج ذلك من منظور شرعي ونفسي وتربوي؟

فالبيانات الإحصائية لا تكفي، ومستندات المحاكم وأقسام الشرطة لا تكفي أيضًا، ففيها ما فيها من التدليس والكذب، لم تكلف أي جهة نفسها إلى الآن للنزول والتحدث إلى الأزواج وسؤالهم، وتحليل إجابتهم بموضوعية وحيادية للوصول إلى الأسباب الحقيقية، ووضع خطة علاجية فعَّالة للمجتمع!

من السهل جدًّا أن يصعد الأئمة إلى المنابر، ويقولون: "أيها الناس، لقد ابتعدنا عن كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، والنجاة في الاستمساك بهما".

والتذكرة واجبة، وهو العلاج الإيماني الذي يحتاج أحيانًا لعلاج مصاحب له وهو الواقعي والفقهي والنفسي وهو مطلوب كذلك، بل هو واجب أيضًا، فالإيمان يحتاج أحيانًا إلى براهين عملية، وآليات واقعية، لينير القلوب، والمجتمعات لم تعد تقدر بالآلاف أو عشرات الآلاف أو حتى مئات، بل المجتمعات الآن بالملايين، بل عشرات الملايين، وكلما زادت كثافة المجتمع السكانية كثُرت المشكلات، وتعقدت، وكلما زاد الجهد في إيجاد حلول لها، ويزيد الأمر صعوبة ومشقة، إذا كان هناك في المقابل قوة معارضة لذلك!

كذلك مسائل الاقتصاد، مثل العملات الإلكترونية، أو الاستثمار في أمور نتائجها غير مؤكدة؛ كالاستثمار في مجالات الفضاء والسفر إلى الكواكب!

هناك تحديات كثيرة للفقه في المستقبل القريب، والواقع الحالي أيضًا لا بد أن يتجه إليها بكل جرأة للدراسة والتحليل، وإبداء الرأي، والتوصية بالنتائج والبدائل إن لزم الأمر.

فالمسائل كثيرة بالفعل خذ على سبيل المثال:
حكم تصنيع اللحوم في المعامل؟ وحكم أكلها؟

ضوابط التعامل مع الإنسان والحيوانات الآلية مستقبلًا؟

حكم أكل الحشرات التي هي كالجراد، أو أقل في الرتبة، مستقبلًا إذا تدهورت مسألة توفير الغذاء في العالم، وللعلم فإن الحشرات يعتبر بديلًا إستراتيجيًّا لطعام المستقبل، بل إن هناك أكثر من 2 مليار شخص الآن يتناولون الحشرات كوجبات غذائية!

وأما السابع فقال: "أظن ذلك جائز إن لم تقدر على الوقوف، كالصلاة جالسًا مثلًا" في محاولة للوصول إلى رأي وسط، فقاس الأمر على الصلاة، وكأنه رأى أن الأصل في الوضوء أن تكون واقفًا.

ودائمًا ما يلجأ الناس للقياس إذا لم يكن عندهم دليل، وهو أمر حسن النية، لكن لا يكفي حسن النية دون علم، وكثيرًا ما يأتي القياس على عكس النص، أو السنة، فليس للعبادات مدخل مع حكم العقل فيها؛ لأن العقل يحكم بظواهر الأشياء، والعبادات يحكم بها خالق الأشياء، لذلك نحن نقول دومًا: العبادات توقيفية؛ أي لا يجوز أن تفعلها إلا بأمرين:
الدليل النظري من القرآن والسنة أو أحدهما.

الدليل عملي بتقليد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لها.

مهما صغرت العبادة أو كبرت، ومهما كانت نيتك حسنة، لا تتجاوز ذينك الأمرين، لقول الله تعالى: ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 239]، وقال سبحانه: {﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [البقرة: 198].

فالعبادة والدين ليس بالرأي والهوى والنية الحسنة، ولذلك روي عن علي رضي الله عنه من غير وجه: "لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلاهُ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى ظَاهَرِ خُفَّيْهِ"!

(3)
أما عن سؤالي،فأظنك قد علمت أيها القارئ الكريم أن المقال لم يكن غرضه الجواب على هذا السؤال في الأصل، لكن علي أي حال هي مسألة أثارت حفيظتي عند مراجعتي لسنن أبي داود في أبواب الوضوء، وفيها حديث علي رضي الله تعالى عنه برقم 111، وهو يُعلم الناس صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه أن "عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِكُرْسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا؛ .. الحديث".

تعجبت أن أحدًا ممن صنف في السنن لم يتعرض لهذه المسألة، مع شدة حرص بعضهم على التفاصيل؛ كأبي داود رحمه الله في سننه، أو كالبيهقي في الكبير، مع كونهم تعرضوا للأكل والشرب قيامًا وقعودًا، والبول قيامًا وقعودًا، والسواك وتفاصيله، وكيفية رفع الثياب عند الحاجة أي التبرز، وهي تفاصيل دقيقة!


المهم الصحيح أن الأمر جائز على كل حال لا ريب، لكن هذه اللطيفة، تساءلت لماذا لم يذكرها المصنفون كأحد تفاصيل الوضوء، ولو على سبيل البيان، ودليلها الآخر حديث البخاري عن عثمان رضي الله عنه 6433: أَنَّه أتي بِطَهُورٍ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْمَقَاعِدِ، فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ النبي صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ وَهُوَ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ؛ انتهى.

وختامًا، أرجو أن يكون هذا المقال قد أثار حفيظتك، وعصف بذهنك ولو قليلًا، أم أنك ربما ستختلف معي الآن وتريد أن تجادلني، هل يجوز الوضوء وأنت جالس أو لا؟!


حسنًا إن فعلت، فأرجوك عُد إلى قراءة هذا المقال مرة ثانية!

وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.63 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.80%)]