باب : تفضيل الأعمال على بعض ، كلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         How can we prepare for the arrival of Ramadaan? (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الأسباب المعينـــــــة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حكم بيع جوزة الطيب واستعمالها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          تريد لبس الحجاب وأهلها يرفضون فهل تطيعهم ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ما هي سنن الصوم ؟ . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          هل دعا الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين الذين لم يروه ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          حكم قول بحق جاه النبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ليلة النصف من شعبان ..... الواجب والممنوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          فضل صيام شهر رمضان.خصائص وفضائل شهر رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          المقصود بالتثليث النصراني الذي أبطله القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-10-2020, 10:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي باب : تفضيل الأعمال على بعض ، كلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية

باب : تفضيل الأعمال على بعض ، كلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية


بسم الله الرحمن الرحيم ،

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى : 24/193-200]:
وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ : لَيْسَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ مُقَدَّرَةٌ . وَلَوْ كَانَ الْأَذَانَانِ عَلَى عَهْدِهِ ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ : { بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ . ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ : لِمَنْ شَاءَ } كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً . فَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ مَشْرُوعَةٌ قَبْلَ الْعَصْرِ ، وَقَبْلَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، وَقَبْلَ الْمَغْرِبِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِسُنَّةٍ رَاتِبَةٍ . وَكَذَلِكَ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَصْحَابَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ بَيْنَ أَذَانَيْ الْمَغْرِبِ ، وَهُوَ يَرَاهُمْ فَلَا يَنْهَاهُمْ ، وَلَا يَأْمُرُهُمْ ، وَلَا يَفْعَلُ هُوَ ذَلِكَ ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِعْلٌ جَائِزٌ . وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى الصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ بِقَوْلِهِ : { بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ } . وَعَارَضَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ : الْأَذَانُ الَّذِي عَلَى الْمَنَابِرِ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَلَكِنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ بِهِ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ يَبْلُغُهُمْ الْأَذَانُ حِينَ خُرُوجِهِ وَقُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ . وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ : هَذَا الْأَذَانُ لَمَّا سَنَّهُ عُثْمَانُ وَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ صَارَ أَذَانًا شَرْعِيًّا ، وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَذَانِ الثَّانِي جَائِزَةً حَسَنَةً ، وَلَيْسَتْ سُنَّةً رَاتِبَةً كَالصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ . وَحِينَئِذٍ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ . وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَد يَدُلُّ عَلَيْهِ . وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يَكُونُ تَرْكُهَا أَفْضَلَ إذَا كَانَ الْجُهَّالُ يَظُنُّونَ أَنَّ هَذِهِ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ أَوْ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ ، فَتُتْرَكُ حَتَّى يَعْرِفَ النَّاسُ أَنَّهَا لَيْسَتْ سُنَّةً رَاتِبَةً وَلَا وَاجِبَةً ؛ لَا سِيَّمَا إذَا دَاوَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا . فَيَنْبَغِي تَرْكُهَا أَحْيَانًا حَتَّى لَا تُشْبِهَ الْفَرْضَ ، كَمَا اسْتَحَبَّ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُدَاوَمَ عَلَى قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهَا ، فَإِذَا كَانَ يَكْرَهُ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتَرْكُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى مَا لَمْ يَسُنَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى .

وَإِنْ صَلَّاهَا الرَّجُلُ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ أَحْيَانًا ؛ لِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ مُطْلَقٌ ، أَوْ صَلَاةٌ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ ، كَمَا يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ ، لَا لِأَنَّهَا سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ ، فَهَذَا جَائِزٌ . وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَعَ قَوْمٍ يُصَلُّونَهَا : فَإِنْ كَانَ مُطَاعًا إذَا تَرَكَهَا - وَبَيَّنَ لَهُمْ السُّنَّةَ - لَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِ بَلْ عَرَفُوا السُّنَّةَ ، فَتَرْكُهَا حَسَنٌ . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَاعًا ، وَرَأَى أَنَّ فِي صَلَاتِهَا تَأْلِيفًا لِقُلُوبِهِمْ إلَى مَا هُوَ أَنْفَعُ ، أَوْ دَفْعًا لِلْخِصَامِ وَالشَّرِّ ، لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيَانِ الْحَقِّ لَهُمْ وَقَبُولِهِمْ لَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَهَذَا أَيْضًا حَسَنٌ .

فَالْعَمَلُ الْوَاحِدُ يَكُونُ فِعْلُهُ مُسْتَحَبًّا تَارَةً ، وَتَرْكُهُ تَارَةً ، بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَجَّحُ مِنْ مَصْلَحَةِ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ ، بِحَسَبِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ . وَالْمُسْلِمُ قَدْ يَتْرُكُ الْمُسْتَحَبَّ إذَا كَانَ فِي فِعْلِهِ فَسَادٌ رَاجِحٌ عَلَى مَصْلَحَتِهِ ، كَمَا تَرَكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَاءَ الْبَيْتِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ ، وَقَالَ لِعَائِشَةَ : { لَوْلَا أَنَّ قَوْمَك حَدِيثُو عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّ ةِ لَنَقَضْت الْكَعْبَةَ ، وَلَأَلْصَقْتهَ ا بِالْأَرْضِ ، وَلَجَعَلْت لَهَا بَابَيْنِ : بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ ، وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ } ، وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ . فَتَرَكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ أَفْضَلُ الْأَمْرَيْنِ ، لِلْمُعَارِضِ الرَّاجِحِ وَهُوَ : حِدْثَانُ عَهْدِ قُرَيْشٍ بِالْإِسْلَامِ ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّنْفِيرِ لَهُمْ ، فَكَانَتْ الْمَفْسَدَةُ رَاجِحَةً عَلَى الْمَصْلَحَةِ .

وَلِذَلِكَ اسْتَحَبَّ الْأَئِمَّةُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ أَنْ يَدَعَ الْإِمَامُ مَا هُوَ عِنْدَهُ أَفْضَلُ إذَا كَانَ فِيهِ تَأْلِيفُ الْمَأْمُومِينَ ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فَصْلُ الْوِتْرِ أَفْضَلَ ، بِأَنْ يُسَلِّمَ فِي الشَّفْعِ ، ثُمَّ يُصَلِّيَ رَكْعَةَ الْوِتْرِ ، وَهُوَ يَؤُمُّ قَوْمًا لَا يَرَوْنَ إلَّا وَصْلَ الْوِتْرِ . فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الْأَفْضَلِ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ الْحَاصِلَةُ بِمُوَافَقَتِهِ لَهُمْ بِوَصْلِ الْوِتْرِ أَرْجَحَ مِنْ مَصْلَحَةِ فَصْلِهِ مَعَ كَرَاهَتِهِمْ لِلصَّلَاةِ خَلْفَهُ . وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَرَى الْمُخَافَتَةَ بِالْبَسْمَلَةِ أَفْضَلَ أَوْ الْجَهْرَ بِهَا ، وَكَانَ الْمَأْمُومُونَ عَلَى خِلَافِ رَأْيِهِ ، فَفَعَلَ الْمَفْضُولَ عِنْدَهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُوَافَقَةِ وَالتَّأْلِيفِ ، الَّتِي هِيَ رَاجِحَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ تِلْكَ الْفَضِيلَةِ ، كَانَ جَائِزًا حَسَنًا . وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَ خِلَافَ الْأَفْضَلِ لِأَجْلِ بَيَانِ السُّنَّةِ وَتَعْلِيمِهَا لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْهَا كَانَ حَسَنًا ، مِثْلَ أَنْ يَجْهَرَ بِالِاسْتِفْتَا حِ ، أَوْ التَّعَوُّذِ ، أَوْ الْبَسْمَلَةِ ، لِيَعْرِفَ النَّاسُ أَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ حَسَنٌ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَهَرَ بِالِاسْتِفْتَا حِ ، فَكَانَ يُكَبِّرُ وَيَقُولُ : " سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك ، وَتَبَارَكَ اسْمُك ، وَتَعَالَى جَدُّك ، وَلَا إلَهَ غَيْرُك " . قَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ : صَلَّيْت خَلْفَ عُمَرَ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةً ، فَكَانَ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَقُولُ ذَلِكَ . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ . وَلِهَذَا شَاعَ هَذَا الِاسْتِفْتَاحُ حَتَّى عَمِلَ بِهِ أَكْثَرُ النَّاسِ . وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَجْهَرَانِ بِالِاسْتِعَاذَ ةِ ، وَكَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ يَجْهَرُ بِالْبَسْمَلَةِ . وَهَذَا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْجُمْهُورُ الَّذِينَ لَا يَرَوْنَ الْجَهْرَ بِهَا سُنَّةً رَاتِبَةً ، كَانَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ أَنَّ قِرَاءَتَهَا فِي الصَّلَاةِ سُنَّةٌ ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَقَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ جَهْرًا ، وَذَكَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ أَنَّهَا سُنَّةٌ . وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ : مِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى فِيهَا قِرَاءَةً بِحَالِ ، كَمَا قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى الْقِرَاءَةَ فِيهَا سُنَّةً ، كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَغَيْرِهِ . ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ الْقِرَاءَةُ فِيهَا وَاجِبَةٌ كَالصَّلَاةِ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : بَلْ هِيَ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ لَيْسَتْ وَاجِبَةً . وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ ؛ فَإِنَّ السَّلَفَ فَعَلُوا هَذَا وَهَذَا ، وَكَانَ كِلَا الْفِعْلَيْنِ مَشْهُورًا بَيْنَهُمْ ؛ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِقِرَاءَةٍ وَغَيْرِ قِرَاءَةٍ ، كَمَا كَانُوا يُصَلُّونَ تَارَةً بِالْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ وَتَارَةً بِغَيْرِ جَهْرٍ بِهَا ، وَتَارَةً بِاسْتِفْتَاحٍ وَتَارَةً بِغَيْرِ اسْتِفْتَاحٍ ، وَتَارَةً بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْمَوَاطِنِ الثَّلَاثَةِ وَتَارَةً بِغَيْرِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ ، وَتَارَةً يُسَلِّمُونَ تَسْلِيمَتَيْنِ وَتَارَةً تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً ، وَتَارَةً يَقْرَءُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ بِالسِّرِّ وَتَارَةً لَا يَقْرَءُونَ ، وَتَارَةً يُكَبِّرُونَ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعًا ، وَتَارَةً خَمْسًا ، وَتَارَةً سَبْعًا . كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا وَفِيهِمْ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا . كُلُّ هَذَا ثَابِتٌ عَنْ الصَّحَابَةِ . كَمَا ثَبَتَ عَنْهُمْ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُرَجِّعُ فِي الْأَذَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُرَجِّعْ فِيهِ . وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُوتِرُ الْإِقَامَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَشْفَعُهَا ، وَكِلَاهُمَا ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . فَهَذِهِ الْأُمُورُ - وَإِنْ كَانَ أَحَدُهَا أَرْجَحَ مِنْ الْآخَرِ - فَمَنْ فَعَلَ الْمَرْجُوحَ فَقَدْ فَعَلَ جَائِزًا . وَقَدْ يَكُونُ فِعْلُ الْمَرْجُوحِ أَرْجَحَ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ ، كَمَا يَكُونُ تَرْكُ الرَّاجِحِ أَرْجَحَ أَحْيَانًا لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ . وَهَذَا وَاقِعٌ فِي عَامَّةِ الْأَعْمَالِ ، فَإِنَّ الْعَمَلَ الَّذِي هُوَ فِي جِنْسِهِ أَفْضَلُ قَدْ يَكُونُ فِي مَوَاطِنَ غَيْرِهِ أَفْضَلُ مِنْهُ ، كَمَا أَنَّ جِنْسَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الْقِرَاءَةِ ، وَجِنْسَ الْقِرَاءَةِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الذِّكْرِ ، وَجِنْسَ الذِّكْرِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ . ثُمَّ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا ، وَالْقِرَاءَةُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ . وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا ، وَالذِّكْرُ هُنَاكَ أَفْضَلُ مِنْهَا . وَالدُّعَاءُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ ، وَقَدْ يَكُونُ الْعَمَلُ الْمَفْضُولُ أَفْضَلَ بِحَسَبِ حَالِ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ ؛ لِكَوْنِهِ عَاجِزًا عَنْ الْأَفْضَلِ ، أَوْ لِكَوْنِ مَحَبَّتِهِ وَرَغْبَتِهِ وَاهْتِمَامِهِ وَانْتِفَاعِهِ بِالْمَفْضُولِ أَكْثَرَ ، فَيَكُونُ أَفْضَلَ فِي حَقِّهِ ، لِمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِنْ مَزِيدِ عَمَلِهِ وَحُبِّهِ وَإِرَادَتِهِ وَانْتِفَاعِهِ ، كَمَا أَنَّ الْمَرِيضَ يَنْتَفِعُ بِالدَّوَاءِ الَّذِي يَشْتَهِيهِ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِمَا لَا يَشْتَهِيهِ ، وَإِنْ كَانَ جِنْسُ ذَلِكَ أَفْضَلَ . وَمِنْ هَذَا الْبَابِ صَارَ الذِّكْرُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ خَيْرًا مِنْ الْقِرَاءَةِ ، وَالْقِرَاءَةُ لِبَعْضِهِمْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ خَيْرًا مِنْ الصَّلَاةِ ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ لِكَمَالِ انْتِفَاعِهِ بِهِ ، لَا لِأَنَّهُ فِي جِنْسِهِ أَفْضَلُ . وَهَذَا الْبَابُ : بَابُ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ عَلَى بَعْضٍ ، إنْ لَمْ يُعْرَفْ فِيهِ التَّفْضِيلُ ، وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ الْأَحْوَالِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَعْمَالِ ، وَإِلَّا وَقَعَ فِيهَا اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ . فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ إذَا اعْتَقَدَ اسْتِحْبَابَ فِعْلٍ وَرُجْحَانَهُ يُحَافِظُ عَلَيْهِ مَا لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ ، حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ الْأَمْرُ إلَى الْهَوَى وَالتَّعَصُّبِ وَالْحَمِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ ؛ كَمَا تَجِدُهُ فِيمَنْ يَخْتَارُ بَعْضَ هَذِهِ الْأُمُورِ فَيَرَاهَا شِعَارًا لِمَذْهَبِهِ . وَمِنْهُمْ مَنْ إذَا رَأَى تَرْكَ ذَلِكَ هُوَ الْأَفْضَلَ يُحَافِظُ أَيْضًا عَلَى هَذَا التَّرْكِ ، أَعْظَمَ مِنْ مُحَافَظَتِهِ عَلَى تَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ ، حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ الْأَمْرُ إلَى اتِّبَاعِ الْهَوَى وَالْحَمِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ ؛ كَمَا تَجِدُهُ فِيمَنْ يَرَى التَّرْكَ شِعَارًا لِمَذْهَبِهِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ . وَهَذَا كُلُّهُ خَطَأٌ ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، وَيُوَسِّعَ مَا وَسَّعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، وَيُؤَلِّفَ مَا أَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَرَسُولُهُ ، وَيُرَاعِيَ فِي ذَلِكَ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْمَقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَيَعْلَمَ أَنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَأَنَّ اللَّهَ بَعَثَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ، بَعَثَهُ بِسَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فِي كُلِّ أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِنْسَانِ مِنْ التَّفْصِيلِ مَا يَحْفَظُ بِهِ هَذَا الْإِجْمَالَ ، وَإِلَّا فَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَعْتَقِدُ هَذَا مُجْمَلًا وَيَدَعُهُ عِنْدَ التَّفْصِيلِ ؛ إمَّا جَهْلًا ، وَإِمَّا ظُلْمًا ، وَإِمَّا اتِّبَاعًا لِلْهَوَى . فَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ : صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا .
منقول


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.96 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.98%)]