جامع البيان في هدي خير العباد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح مسلم الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 582 - عددالزوار : 70563 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 16803 )           »          بين الوحي والعلم التجريبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          غزة في ذاكرة التاريخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 9111 )           »          حين تتحول الحماسة إلى عبء بين الجاهل والعالم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          نعمة الأمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 32303 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 2916 )           »          منهجية القاضي المسلم في التفكير: دروس من قصة نبي الله داود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          واجبات الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 11-03-2020, 02:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,166
الدولة : Egypt
افتراضي جامع البيان في هدي خير العباد

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد

(1)





سيد مبارك



التوحيد ثلاثة أنواع، استنبطَها العُلماءُ مِن القرآن الكريم والسنَّة الصَّحيحة، وهي: توحيد الربوبيَّة - توحيد الألوهيَّة - توحيد الأسماء والصفات.






قال ابن عثيمينٍ رحمه الله ما مختصَرُه وبتصرفٍ يسير: مَبنى الإسلام على توحيد الله عز وجل؛ قال الله تعالى: ï´؟ قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ï´¾ [الأنبياء: 108]، ولا بدَّ في التوحيد من الجمع بين النفي والإثبات؛ لأن النفيَ وحده تعطيل، والإثباتَ وحده لا يَمنع المشاركة، فلا توحيدَ إلا بنفيٍ وإثبات.





وقد قسَّمه العلماء - بالتتبُّع والاستقراء - إلى ثلاثة أقسام:


القسم الأول: توحيد الربوبية.


القسم الثاني: توحيد الألوهية.


القسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات.





وقد جمَع الله هذه الأقسامَ في قوله تعالى: ï´؟ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ï´¾ [مريم: 65].





فأمَّا توحيد الربوبية:


فهو إفرادٌ لله تعالى بالخلقِ والْمُلكِ والتدبير.





ومن أدلته قولُه تعالى: ï´؟ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ï´¾ [الأعراف: 54]، وقوله: ï´؟ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ï´¾ [آل عمران: 189]. وقوله: ï´؟ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ï´¾ [سبأ: 22، 23].






وهذا قد أقرَّ به المشركون الذين بُعِث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما قال الله تعالى: ï´؟ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ï´¾ [الزخرف: 87]. ï´؟ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ï´¾ [لقمان: 25]. وقال تعالى: ï´؟ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ï´¾ [يونس: 31]، وقال تعالى: ï´؟ قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ï´¾ [المؤمنون: 84، 85] إلى قوله: ï´؟ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ï´¾ [المؤمنون: 90].






ولم يكن أحدٌ من هؤلاء المشركين ولا غيرهم ممن يقرُّ بالخالق يَعتقد أنَّ أحدًا من الخلق شارك الله تعالى في خلق السموات والأرض أو غيرهما، ولا أنَّ للعالَم صانِعَين مُتكافئين في الصِّفات والأفعال، ولم يَنقُل أربابُ المقالات الذين جمَعوا ما قيل في الْمِلَل والنِّحَل والآراء والديانات عن أحدٍ من الناس أنه قال بذلك.





ثم أضاف رحمه الله: وأما توحيد الألوهية فهو: إفرادُ الله تعالى بالعبادة؛ بأن يُعبَد وحدَه ولا يُعبَد غيرُه مِن ملَكٍ أو رسولٍ، أو نبيٍّ أو وليٍّ، أو شجرٍ أو حجر، أو شمسٍ أو قمر، أو غير ذلك كائنًا مَن كان.





ومن أدلته قوله تعالى: ï´؟ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ï´¾ [النساء: 36]، وقوله: ï´؟ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ï´¾ [الأنبياء: 25]، وقوله: ï´؟ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ï´¾ [البقرة: 163]، وقوله: ï´؟ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ï´¾ [آل عمران: 18].






وهذا النَّوع قد أنكَره المشركون الذين بُعِث فيهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ كما قال الله تعالى عنهم: ï´؟ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ï´¾ [الصافات: 35، 36]، وقال تعالى: ï´؟ وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ï´¾ [ص: 4 - 6].






ومن أجلِ إنكارهم إيَّاه قاتلَهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم واستَباح دِماءهم وأموالَهم، وسَبْيَ نسائهم وذرياتهم بإذنِ الله تعالى وأمره، ولم يكن إقرارُهم بتوحيد الربوبية مُخرِجًا لهم عن الشرك، ولا عاصمًا لدمائهم وأموالهم.






وقال رحمه الله بعد كلامٍ: وأما توحيد الأسماء والصفات فهو إفرادُ الله تعالى بأسمائه وصفاته؛ وذلك بإثبات ما أثبتَه الله لنفسه من الأسماء والصفات في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريفٍ ولا تعطيل، ولا تكييفٍ ولا تمثيل...






فلا يجوز نفيُ شيءٍ مما سمَّى الله به نفسَه، أو وصَف به نفسَه؛ لقوله تعالى: ï´؟ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ï´¾ [الأعراف: 180]، ولأنَّ ذلك تعطيلٌ يَستلزِم تحريفَ النصوص أو تكذيبَها مع وصفِ الله تعالى بالنقائص والعيوب.






ولا يجوزُ تَسمية الله تعالى أو وصفِه بما لم يأتِ في الكتاب والسُّنة؛ لأنَّ ذلك قولٌ على الله تعالى بلا عِلم، وقد قال الله تعالى: ï´؟ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ï´¾ [الأعراف: 33]، وقال: ï´؟ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ï´¾ [الإسراء: 36].






ولا يجوز إثباتُ اسمٍ أو صفةٍ لله تعالى مع التمثيل؛ لقوله تعالى: ï´؟ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ï´¾ [الشورى: 11]، وقولِه: ï´؟ فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ï´¾ [النحل: 74]، ولأن ذلك إشراكٌ بالله تعالى يَستلزِم تحريفَ النصوص أو تكذيبَها مع تنقُّص الله تعالى بتمثيلِه بالمخلوق الناقص. اهـ[1].





قلتُ: وفي هديِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بيانٌ وافٍ لطريقته وسنته في توحيد الله تعالى بأنواعه الثلاثة المذكورة آنفًا، كما يحبُّ ربُّنا ويَرضى، أمَر بها المسلمين وحثَّ على العناية بها؛ لما فيها من سبُل النجاة والفلاح في الدارين، ونبين بعضها فيما يلي:


من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد أن النافع والضارَّ هو الله تعالى؛ فهو ربُّ كل شيءٍ ومَليكُه، ولا يُنافي التوحيد السَّعي المشروع، والأخذ بالأسباب[2]، وترْك النتائج لعلاَّم الغيوب.






لحديث ابن عباس قال: كنتُ خلف رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال: (يا غلام إني أعلِّمُك كلماتٍ: احفظ الله يحفَظْك، احفظ الله تَجِدْه تُجاهَك، إذا سألتَ فاسأَلِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِنْ بالله، واعلَم أنَّ الأمة لو اجتمعَت على أن يَنفَعوك بشيءٍ لم ينفَعوك إلا بشيءٍ قد كتبَه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء، قد كتبه الله عليك، رُفِعَت الأقلام وجفَّت الصحف)[3].





من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد الإيمانُ بأن الله هو الخالق البارئ المصور لهذا الكون والخلق أجمعين، ومبدِعُه، ولا خالق غيره.






1 - لحديث[4] أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخَذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: (خلَق الله عز وجل التُّربة يوم السبت، وخلق فيها الجبالَ يوم الأحد، وخلق الشَّجَر يوم الاثنين، وخلق المكروهَ يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثَّ فيها الدوابَّ يوم الخميس، وخلق آدمَ عليه السلام بعدَ العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعةٍ من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل)[5].





2 - ولحديث أبي هريرة: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يوشك الناس أن يَسألوا نبيَّهم، حتى يقول قائلُهم: هذا الله خالق الخلق[6]، فمَن خلَق الله؟ فإذا قالوا ذلك فقُل: الله أحد، الله الصَّمد، لم يَلِد ولم يولد، ولم يكن له كفُوًا أحد، ثم ليَتفُل عن يساره، وليستعِذْ بالله من الشيطان)[7].





من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد الإيمانُ بأن الله هو الربُّ المعبود، ومَلِك الملوك، كلُّ شيء هالكٌ إلا وجهَه[8].






1 - لحديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَقبِض الله تبارك وتعالى الأرضَ يوم القيامة، ويَطْوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟!)[9].





2 - وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقولنَّ أحدكم: عبدي وأمَتي، ولا يقولن المملوك: ربي وربَّتي[10]، وليقُل المالكُ: فتايَ وفتاتي، وليَقُل المملوك: سيِّدي وسيدتي؛ فإنكم المملوكون، والربُّ الله عز وجل)[11].





من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد الإيمان بأن الله تعالى قادرٌ على إحياء الموتى وبَعثِ مَن في القبور وحسابهم:


لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان رجلٌ يُسرِف على نفسه، فلمَّا حضَره الموتُ قال لبنيه: إذا أنا متُّ فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذرُّوني في الريح؛ فوَالله لئِنْ قدَرَ على ربِّي ليُعذبنِّي عذابًا ما عذَّبه أحدًا! فلما مات فُعِل به ذلك، فأمر الله الأرضَ فقال: اجمَعي ما فيك منه، ففعَلَت، فإذا هو قائم، فقال: ما حمَلَك على ما صنَعتَ؟ قال: يا رب خَشيتُك! فغفر له[12]) وقال غيره: (مخافَتُك يا رب)[13].






من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد العلم والإيمان بأن سرَّ الروح[14] لا يعلمُه إلا الله جل وعلا:


لحديث عبدالله رضي الله عنه قال: "بينا أنا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حرثٍ وهو متَّكئٌ على عَسيب إذ مرَّ اليهود فقال بعضُهم لبعض: سَلوه عن الرُّوح، فقال: ما رأيكم إليه؟ وقال بعضهم: لا يستَقْبِلكم بشيءٍ تكرهونه، فقالوا: سَلوه! فسأَلوه عن الرُّوح، فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يردَّ عليهم شيئًا، فعَلمتُ أنه يُوحى إليه، فقمتُ مَقامي، فلمَّا نزل الوحي قال: ï´؟ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ï´¾ [الإسراء: 85][15].






من هَدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد أن النطق بالشهادتين يتميَّز به المسلم عن الكافر[16]، وهُما ركنٌ من أركان الإسلام.






لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بُني الإسلام على خمسٍ: شهادة أنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحجِّ، وصوم رمضان"[17].





من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد أنَّ مَن قال الشهادة مؤمنًا بها مِن قلبه يَنال صاحبُها شفاعتَه[18] صلى الله عليه وسلم يوم القيامة:


لحديث أبي هريرة أنه قال: قيل: يا رسول الله، مَن أسعدُ الناس بشَفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد ظننتُ يا أبا هريرة أن لا يسألَني عن هذا الحديثِ أحدٌ أوَّل منك؛ لِمَا رأيتُ مِن حرصِك على الحديث! أسعدُ النَّاس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصًا مِن قلبِه) أو (نفسِه)[19].





مِن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد أنَّ مَن صَدَق في قول الشهادتين يُحرِّم الله تعالى على النار أن تحرقه:


لحديث أنسِ بن مالك "أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم ومعاذٌ رَديفُه على الرَّحْل قال: (يا مُعاذ بن جبل)، قال: لبَّيك يا رسولَ الله وسعدَيك! قال: (يا معاذ) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك! ثلاثًا، قال: (ما مِن أحدٍ يشهَد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله صدقًا مِن قلبه إلا حرَّمه الله على النار) قال: يا رسول الله أفلا أُخبر به الناس فيَستبشروا؟ قال: (إذًا يتَّكِلوا) وأخبَر بها معاذٌ عندَ موتِه تأثُّمًا"[20].





من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد أن من قالها حرم قتله ولو كان مشركًا وحسابه على الله:


لحديثِ أسامةَ بنِ زيد بن حارثةَ رضي الله عنهما "قال: بعثَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جُهينة قال: فصبَّحنا القوم فهزَمْناهم، قال: ولحقتُ أنا ورجلٌ من الأنصار رجلاً منهم قال: فلما غَشيناه قال: لا إله إلا الله! قال: فكفَّ عنه الأنصاريُّ فطعَنتُه برمحي حتى قتلتُه[21]. قال: فلما قَدِمنا بلَغ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: فقال لي: (يا أسامة، أقتلتَه بعدَما قال: لا إله إلا الله؟!) قال: قلتُ: يا رسول الله، إنما كان متعوذًا، قال: (أقتلتَه بعدما قال: لا إله إلا الله؟!) قال: فما زال يُكرِّرها عليَّ حتى تمنَّيتُ أني لم أَكُن أسلمتُ قبل ذلك اليوم!"[22].





من هَديِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في شهادة التَّوحيد أنَّ مَن خُتم له بها دخل الجنة:


عن مُعاذِ بن جبل، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (من كان آخرُ كلامهِ لا إله إلا الله[23] دخل الجنة)[24].





من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد أن الحلف بغير الله[25] جلَّ وعلا شِرك، ولا يخرج منه إلا بنطقه بالشهادة:


لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن حلَف مِنكم فقال في حَلفه باللاَّت، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعالَ أُقامِرْك فليتصدَّق)[26].






من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد أن النُّطق بالشهادتين بعد الوضوء تفتح لصحابها أبواب الجنة الثَّمانية:


لحديث عُقبة بن عامر قال: كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نوبتي، فروَّحتها بعشيٍّ، فأدركتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قائمًا يحدِّث الناس، فأدركتُ مِن قوله: (ما مِن مسلم يتوضَّأ فيُحسن وُضوءه ثم يقوم فيُصلي ركعتين مقبلٌ عليهما بقلبه ووجهه، إلا وجبَت له الجنة) قال: فقُلتُ: ما أجودَ هذه! فإذا قائلٌ بين يديَّ يقول: التي قبلَها أجوَدُ، فنظَرتُ فإذا عُمر، قال: إني قد رأيتُك جئتَ آنفًا، قال: (ما مِنكم من أحدٍ يتوضَّأ فيبلغ أو فيُسبِغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمدًا عبد الله ورسولُه إلا فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يَدخل من أيِّها شاء)[27].





مِن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التوحيد عدمُ الإلحاد[28]، والتزام هديه بتوحيده في أسمائه الحسنى مما سمَّى نفسَه به.






جلَّ شأنه - أو وصَفَه بصفاته الكريمة مما وصف نفسه به - جل شأنه - مع الإيمان أنه ليس كمثله شيء.






قال أهل العلم: والإلحاد لغة: الميل والعدول عن الشيء، والإلحاد في أسماء الله وآياته هو العدول والميل بها عَن حقائقها ومعانيها الصحيحةِ إلى الباطل.






وأذكُر هنا بعض الأحاديث مِن هدي النبيِّ صلى الله عليه وسلم في توحيد الأسماء والصفات، والله المستعان:


من هدي النبي في توحيد الأسماء والصفات وصفُ الله بأنَّ له يدًا[29]، وليس كمثله شيء:


لحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يدُ الله مَلْأى لا يَغِيضُها نفَقة، سَحَّاءُ الليلَ والنَّهارَ) وقال: (أرأيتم ما أنفَق منذ خلَق السموات والأرض فإنه لم يَغِضْ ما في يده) وقال: (عَرشُه على الماء، وبيده الأخرى الميزانُ يَخفِض ويَرفع)[30].





مِن هدي النبي في توحيد الأسماء والصفات وصفُ الله بأنه يَضحك[31]، وليس كمثله شيء:


لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يضحَك الله إلى رجلين يَقتُل أحدهما الآخر، يَدخُلان الجنة؛ يُقاتل هذا في سبيل الله فيُقتل، ثم يَتوب الله على القاتل فيُستشهَد)[32].






من هدي النبي في توحيد الأسماء والصفات الدعاءُ لله والتأدُّب في رفع الصوت؛ فهو سميعٌ يَسمع الأصوات[33]، وليس كمثله شيء:


لحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكُنَّا إذا أشرَفْنا على وادٍ هَلَّلنا وكبَّرنا ارتفعَت أصواتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس، ارْبَعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تَدْعون أصمَّ ولا غائبًا؛ إنه معكم، إنه سميعٌ قريب، تَبارك اسمُه وتعالى جَدُّه)[34].
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 266.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 264.41 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (0.63%)]