إتحاف الخلان والجماعة بفوائد شرح عقيدة أهل السنة والجماعة . العلامة ابن عثيمين. - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4617 - عددالزوار : 1469231 )           »          (وَلَن تَرضى عَنكَ اليَهودُ وَلَا النَّصارى) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          من أعظم ما يُفسد العلاقة بين زوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          من فوائد غضِّ البصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          من وسائل استشعار النعم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          من أروع الآثار: حوار هرقل مع أبي سفيان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          كلام نفيس لابن القيم في الجواب عن سبب تسلط الكفار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          وقفات ثلاث بعد توقف القصف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          احذر مقاربة الفتنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          صفات المنافقين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 18-02-2020, 02:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,470
الدولة : Egypt
افتراضي إتحاف الخلان والجماعة بفوائد شرح عقيدة أهل السنة والجماعة . العلامة ابن عثيمين.

إتحاف الخلان والجماعة بفوائد شرح عقيدة أهل السنة والجماعة .(1) العلامة ابن عثيمين.



عـــــــــــــــــــلي الفضلي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين ، أما بعد :
فهذه فوائد جليلة ، اقتنصتها من " شرح عقيدة أهل السنة والجماعة " للعلامة محمد بن صالح بن عثيمين ، جعل الله تعالى شآبيب الرحمة والرضوان عليه ، وأسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا ، انتخبتها من هذا الشرح العظيم ، خلال تدريسها و توضيحها لبعض الإخوة ، بعد صلاة الفجر من كل يوم ، فأردت أن أتحف بها إخواني ، راجيا الله تعالى أن يكتب لي بها الأجر ، وأن يدخرها لي سبحانه وتعالى ، في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
وقد كتبتها على هيأة فوائد متسلسلة ، أعنون لكل فائدة بما يدل عليها ، ويلخصها .
وإلى المقصود والله المستعان :
الفائدة 1 :
إذا دل الكتاب والسنة على شيء ، ولم يأت عن الصحابة ما يخالفه ، فيعني ذلك أنهم مجمعون عليه .
قال - رحمه الله تعالى - :
[ الدليل على علو الله تعالى بذاته بالإجماع :
أن الصحابة – رضي الله عنهم – والتابعين كلهم مقرون بأن الله تعالى فوق كل شيء بذاته ، والدليل على إجماعهم من وجه خفي
، وينبغي لطالب العلم أن يعلمه لما فيه من الفائدة :
يقال مثلا : نصوص الكتاب والسنة دالة على العلو بالذات ، ولم يرد عن الصحابة الكرام قول واحد فسر هذه الأدلة بخلاف ظاهرها ، إذاً هم مجمعون على مدلولها ، ولهذا إذا دل الكتاب والسنة على شيء ، ولم يأت عن الصحابة ما يخالفه ، فيعني ذلك أنهم مجمعون عليه .
وهذا المسلك لإثبات الإجماع قد يخفى على كثير من الناس .].
الفائدة 2 :
مناظرة الشيخ لطائفة من الحلولية :
قال – رحمه الله تعالى - :
[ اجتمعت في أناس من الذين يقولون – والعياذ بالله - : إن الله بذاته في كل مكان ، وكان ذلك يوم النحر بمنى ، فقلت لهم : أمس كنتم في عرفة ؟ قالوا : نعم .
فقلت : كيف كنتم تدعون الله ؟ تقولون : يا رب وأيديكم إلى الأرض ، أم إلى اليمين ، أم إلى اليسار ؟!!
فقالوا : إنما نرفع أيدينا إلى السماء ، لأن السماء قبلة الداعي !! ، - انظر الشيطان كم لبس- .
سبحان الله ، أنت عندما تستقبل القبلة ، وأنت تدعو تكون قبلتك القبلة ، وليست السماء ، ولكنك ترفع يديك للمدعو لا شك].
الفائدة 3 :
أقسام سمع الله – جل جلاله وتقدست أسماؤه-:
قال – رحمه الله تعالى - :
[ قوله تعالى : { وهو السميع البصير } ، السميع من أسماء الله تعالى ، وقسّمه العلماء إلى قسمين :
1- سمع إجابة . 2- سمع إدراك .
سمع الإجابة قال تعالى : { إن ربي لسميع الدعاء } ، فمعنى لسميع هنا أي : لمجيب ، لأن مجرد السمع ليس فيه ذاك الثناء ، وهذا توسل إلى الله عز وجل أن يجيب الله الدعوى ، والتوسل إلى الله عز وجل بمجرد إدراكه للصوت ليس وسيلة في الواقع ، ولكن التوسل إلى الله بكونه مجيبا للدعاء فيجيب دعاء هذا السائل ، ومنه أيضا قول المصلي : سمع الله لمن حمده ، يعني : استجاب الله لمن حمده .
2- أما سمع الإدراك فينقسم إلى ثلاثة أقسام :
1- تارة يكون للتأييد . 2- تارة يكون للتهديد .
3- تارة يكون لبيان شمول إدراكه عز وجل .
1- أما الإدراك الذي يكون للتأييد : كقوله تعالى لموسى وهارون : { لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى } ، هذا ليس مجرد إخبار موسى وهارون أن الله يسمعهما ، ويراهما ، بل المراد التأييد والنصر وما أشبه ذلك .
2- الإدراك الذي يكون للتهديد : كقول الله عز وجل : { لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء } . ، فهذا للتهديد ، بدليل قوله تعالى : { سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق } .
ومثل قوله تعالى : { أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم } ، هذا أيضا للتهديد ، لقوله : { بلى ورسلنا لديهم يكتبون } .
3- الإدراك الذي يراد به بيان شمول سمع الله لكل شيء كقوله تعالى : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى والله يسمع تحاوركما } . ، ولهذا قالت السيدة عائشة – رضي الله عنها – " الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد كنت في طرف الحجرة ، وإنه ليخفى علي بعض حديثها " ، هذا المراد به بيان شمول سمع الله تعالى لكل شيء ، فإنك إن تكلمت في بيتك فالله يسمع ، وإن تكلمت في ملأ ، فالله تعالى يسمع ، بل إن حدثت نفسك فالله يعلم ، فإن حركت بلسانك حتى صار قولا فالله يسمع وإن خفي ، ولهذا قال الله تعالى في الحديث القدسي : " من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم " ].
الفائدة 4 :
أقسام بصر الله عز وجل :
قال – رحمه الله تعالى - :
[ { البصير } معناه ذو البصر ، ويطلق على : العليم ؛ ويطلق على : الرائي ، فهو بصير رؤية ، وبصير علم ، فهو سبحانه وتعالى يرى كل شيء ، وإن خفي ، وإن بعُد ، فإنه تعالى يراه ، لا يغيب عنه شيء .
كذلك البصير بمعنى عليم به ، مثل قوله تعالى : { والله بصير بما تعملون } ، وقوله تعالى : { والله بصير بالعباد } ، وما أشبه ذلك ، فالمعنى عليم بهم ، ولهذا جاءت معداة بالباء ، فيقال بصير بكذا ، ولو كان البصير هنا بمعنى الرؤية ، لقال يبصرهم ، فقوله تعالى : { أبصر به وأسمع } الظاهر أنه يشمل الأمرين جميعا ، وإن كان قد يقول قائل : إن " أسمع " لما ذكر السمع هنا أوّله على أنه بصر الرؤية ، فنقول : إن كونه شاملا أحسن ].
الفائدة 5:
لا بأس أن يحذف ذكر المشيئة إذا قصد الإخبار عما في نفسه في المستقبل لا عن الفعل .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ وقوله تعالى : { وما تدري نفس ماذا تكسب غدا }.... يستفاد من هذا الجزء من الآية أن الإنسان لا يعلم ماذا يكسب غدا ، وإن قدّر أنه سيفعل كذا فإنه لا يعلم هل سيحصل أو لا ، ولهذا قال الله تعالى لنبيه : { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله } .
فإذا قال قائل : إني سأزور فلانا غدا ، وهو لا يقصد الفعل ، وإنما يقصد الإخبار عمّا في نفسه ، فإنه لا بأس أن يحذف ذكر المشيئة ، فهذا جائز ، ولهذا جاءت الآية الكريمة : { إني فاعل ذلك غدا } ، أما لو جزم وقال : إني سأزور فلانا غدا يقصد الفعل ، فلا يقول ذلك إلا مقرونا بالمشيئة لقوله تعالى : { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله } .
الفائدة 6 :
يصح قول : خبرة الله ، والتي اشتُق منها اسم الخبير .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ قوله : { إن الله عليم خبير } نستفيد من هذا الجزء من الآية علم الله عز وجل ، وخبرته ....] .
الفائدة 7 :
قصة عجيبة يذكرها الشيخ .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ قوله تعالى : { وما تدري نفس بأي أرض تموت } .....وذكر لي أحد الثقات من أصحابنا أنهم كانوا في حج على الإبل ، قبل أن تأتي السيارات ، وخرجوا من مكة ومعهم رجل أمه مريضة ، فارتحل الناس في آخر الليل، وجلس هذا الرجل عند أمه يمرضها ، فلما أصبح ، وإذا القوم قد ساروا ، فذهب في أثرهم فتاه ! ، وكان ذلك في الجبال الحجازية ، وسار يمشي حتى ارتفع النهار ، فإذا خباء قوم صغير بدو ، فذهب إليه فسلم ، وسأل أين طريق نجد ، فقالوا : طريق نجد وراءك بكثير ، لكن انتظر وأنخ البعير ، واسترح ، وسندلك ، يقول : فلما أناخ بعيره ، وأنزل أمه من البعير ، فما أن وصلت إلى الأرض حتى فاضت روحها !! مع أن هذا المكان لا يدري عنه إطلاقا ! ، ولا يفكر أن يصل إليه ! ، لأنه من أهل عنيزة ، ولكن الله تعالى قد قضى أن تموت هذه الأم في ذلك المكان ، فتاهَ الرجل ليصل إلى المكان الذي علم الله تعالى أن المرأة ستموت فيه ، وأمثال هذا كثير] .
قصة أخرى يسوقها الشيخ :
[ ونؤمن بأنه : { ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ، ويعلم مستودعها ، كل في كتاب مبين } . ........ وحدثني رجل أنه كان عند بئر مطمورة – أي ليس بها ماء – فكان يرى حية تخرج كل يوم في الصباح ، وتنصب نفسها كأنها عود ، فيقع عليها طائر فتأكله ، وهذه الحية كانت عمياء لا تستطيع أن تسعى في الأرض تطلب الرزق ، فانظر كيف ساق الله الرزق إليها وهي في جحرها عمياء ولا تستطيع الخروج ، إذن ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ].
وقصة أخرى يسوقها الشيخ :
[ ... وجاء في الحديث : " كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة " .
وحدثني من أثق به أن رجلا كان يمنع زوجته أن تتصدق على أي مسكين يطرق الباب ! ، فطرق الباب مسكين ذات يوم ، وقال : إنه عارٍ ليس عليه ثياب ، تقيه من البرد ، فرقت الزوجة لحاله ، - كما رق أبو هريرة - ، وأعطته كساء وثلاث تمرات ، وكان زوجها نائما في المسجد ، فرأى أن القيامة قد قامت ، وأن الناس في موج عظيم ، وحر شديد ، وشمس محرقة ، وإذا بكساء يعلو رأسه ، وفيه ثلاثة خروق ، فرأى ثلاث تمرات جاءت وسدت هذه الخروق ، فتعجب وانتبه من نومه مذعورا ! ، وقص على زوجته هذه الرؤيا ، ففهمت الزوجة أن هذه الرؤيا سبب الكساء الذي تصدقت به والتمرات ، فقالت له : حدث كذا وكذا ، فقال لها : لا تردي مسكينا بعد اليوم ، فهذا الرجل نبهه الله عز وجل ، وهذا مصداق لحديث : " كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة " ] .
الفائدة 8 :
الفرق بين قول الأشاعرة والمعتزلة في صفة الكلام :
قال – رحمه الله تعالى - :
[ ... وقالت الأشعرية الذين تذبذبوا بين أهل السنة والمعتزلة قالوا : إن كلام الله تعالى هو المعنى القائم في نفسه ، وما يُسمع فإنه مخلوق خلقه الله تعالى ليعبر عما في نفسه .
فما الفرق إذن بين المعتزلة والأشعرية ؟
الفرق : أن المعتزلة يقولون : لا ننسب الكلام إليه وصفا ، بل فعلا وخلقا .
والأشاعرة يقولون : ننسب الكلام إليه وصفا لا باعتبار أنه شيء مسموع ، وأنه بحروف ، بل باعتبار أنه شيء قائم بنفسه ، وما يسمع أو يكتب فهو مخلوق؛ فعلى هذا يتفق الأشاعرة والمعتزلة في أن ما يُسمع أو يكتب مخلوق ، فالأشاعرة يقولون : القرآن مخلوق ، والمعتزلة يقولون : القرآن مخلوق ، لكن المعتزلة يقولون : إنه كلامه حقيقة ، كما أن السموات خلقه حقيقة ، وقالت الأشاعرة : ليس هو كلام الله تعالى حقيقة ، بل هو عبارة عن كلام الله !! ، فصار الأشاعرة من هذا الوجه أبعد عن الحق من المعتزلة ، وكلتا الطائفتين ظالم ، لأن الكلام ليس شيئا يقوم بنفسه ، والكلام صفة المتكلم ، فإذا كان الكلام صفة المتكلم ، كان كلام الله صفة ، وصفات الله تعالى غير مخلوقة ، إذ إن الصفات تابعة للذات ، فكما أن ذات الرب عز وجل غير مخلوقة ، فكذلك صفاته غير مخلوقة ، وهذا دليل عقلي واضح ...].
الفائدة 9 :
الكلام عن المعية .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ .... بل الذي لا يليق بالله تعالى أن نفهم من المعية الاختلاط ، والحلول في المكان ، كما قالت الجهمية ، ولهذا لما ظهر هذا القول المبتدع الضال ، صار السلف يقولون : هو معنا بعلمه ، ففسروا المعية بلازمها ، وهو العلم ، على أن لازم المعية ليس العلم فقط ، كما صرح بذلك ابن كثير في " التفسير " ، وصرح به ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " ، بل هو معنا بعلمه وسمعه وبصره وسلطانه وقدرته وربوبيته ، وغير ذلك من معاني الربوبية ، لكن فسرها من فسرها من السلف بالعلم ردا على الجهمية الذين قالوا : وهو معنا بذاته في مكاننا ، ولهذا في عبارة السلف – أظنه عبد الله بن المبارك – قال : " ولا نقول كما تقول الجهمية : إنه معنا ها هنا وأشار إلى الأرض " ، فيجب أن نعرف أن السلف قد يفسرون الشيء بالمعنى ، أي بلازمه حذرا من معنى باطل اتخذه الناس في ذلك الوقت ..].
الفائدة 10 :
كلام جميل ومتين في نزول الرب – سبحانه وتعالى - .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ (ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ) ... (ينزل) الفعل مضاف إلى الله تعالى ، فيكون ينزل هو بنفسه ، ولا حاجة إلى نقول : بذاته ، - كما ذكرت قبل قليل - ، لأن كل فعل أضافه الله إلى نفسه ، فهو منسوب إليه نفسه .
(السماء الدنيا ) (الدنيا) : يعني القربى من الناس ، وهي أسفل السموات ، ينزل جل وعلا نزولا يليق به سبحانه وتعالى ، ولا يمكن أن نتصور كيفيته ، ولو حاول الإنسان أن يتصور كيفيته لأنكره ، ولهذا فإن الذين حاولوا أن يتصوروا الكيفية أنكروها ، وقالوا : كيف نؤمن بأنه عال ثم ينزل إلى السماء الدنيا ، هذا مستحيل!! ، فنقول :
لا تحاول أن تتصور الكيفية ، لأنه نزول يليق به ولا ينافي كماله ، والصحابة – رضوان الله عليهم – لما حدثهم الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا ، ما قالوا : كيف ينزل يا رسول الله ؟ هل هم لا يعرفون ؟! إنهم يعرفون ، لكن عندهم من الأدب مع الله تعالى ورسوله – صلى الله عليه وسلم – ما منعهم من أن يسألوا كيف ينزل ].
الفائدة 11 :
ضابط الصفات الخبرية .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ قوله : ونؤمن بأن لله تعالى وجها موصوفا بالجلال والإكرام : { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } .
وجه الله عز وجل صفة من صفاته ، والوجه صفة خبرية ، وليس صفة معنوية ، ولا فعلية .
والضابط في الصفات الخبرية المحضة ، قال شيخ الإسلام – رحمه الله – من صفات الله تعالى ما مسماه أبعاض لنا ، وأجزاء لنا .
الوجه مسماه بالنسبة لنا بعض ، واليد كذلك ، وهذه صفات خبرية محضة ، العقل لا يدركها ، ولولا أن الله أخبرنا عنها ما علمنا بها ].
الفائدة 12 :
توجيه التشبيه في قوله تعالى : { يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب }.
قال – رحمه الله تعالى - :
[ ... { يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب } ، التشبيه هنا تشبيه للطي بالطي ...].
الفائدة 13 :
هل يجوز لنا أن ندعو من على من ينكر رؤية الله بألا يرى الله؟!
قال الشيخ – رحمه الله تعالى - :
[ .. هل لنا أن نقول : اللهم من أنكر رؤيتك في الآخرة فاحرمه منها ؟!!
نعم ، نحن نقول ما قال هو على نفسه ، هو يقول : أنا أحرمهم منها ، ولم ندعُ عليهم عدوانا ، لأنهم لما أنكروا الرؤية ، سيقولون نحن محرومون منها ، سواء دعوتم ، أو لم تدعوا ، وأقول : إن من قال ة: اللهم اجعلهم ممن ينظرون إليك يوم القيامة لكان معتديا في الدعاء ، لأنهم يرون أن رؤية الله الله محال .
وهؤلاء لو دعوت لهم ، وقلت : اللهم اجعل هؤلاء ممن ينظرون إليك يوم القيامة ، فسيقولون : نعوذ بالله !!! ، ولقالوا : { ادعوا ربكم تضرعا وخفية ، إنه لا يحب المعتدين } ، وإنه معتد في الدعاء ، لأنك سألت ما لا يجوز .
وإذا قلت : اللهم احرم من لا يؤمن برؤيتك في الآخرة ، احرمه من رؤيتك ، فيقولون : أحسنت ، بارك الله فيك ، هذا ما نريد !!!.
لكن في ظني أنه في قرارة نفسه ، لو قلنا أمامه : أسأل الله أن يحرمك من رؤيته يوم القيامة ، سيقشعر جلده ، وسينقبض قلبه ، وإن كان هو بلسانه لا يصدق ، فسوف يرى أن هذا الدعاء عظيم ، لأني أدعو به وأنا مؤمن بأن الله يُرى حقا ، وإنني إذا قلت : اللهم من أنكر رؤيتك في الآخرة فاحرمه منها ، فسوف يتأثر بلا شك ، حتى وإن صمم عنادا ] .
الفائدة 14 :
ثناء الشيخ على كتاب ( دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب ).
قال – رحمه الله تعالى - :
[ .. وقد ألف الشنقيطي – رحمه الله تعالى – صاحب " أضواء البيان " رسالة سماها " دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب " ذكر فيها ما بلغه علمه من الآيات التي ظاهرها التناقض ، وجمع بينهما ، فليرجع إليها فإنها مفيدة ] .
الفائدة 15 :
من كان علمه قليلا .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ ومن توهم التناقض في كتاب الله ، أو في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو بينهما ، فذلك إما لقلة علمه ، يعني أن علمه قليل ، ما راجع ، ولا أدرك العلم ، ومن كان علمه قليلا فناد عليه بالجهل ! ] .
الفائدة 16 :
قصة حمار الفروع !.
قال – رحمه الله تعالى - :
[ .. يذكر أن بعض الحفاظ كان يحفظ كتاب الفروع في الفقه لمحمد بن مفلح ، أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – وكان – أي ابن مفلح - من أعلم الناس بآراء شيخ الإسلام في الفقه ، حتى كان تلميذ شيخ الإسلام ابن القيم يرجع إلى محمد بن مفلح صاحب الفروع فيما يتعلق بفقه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – وكان أحد الطلبة قد حفظ الكتاب من ألفه إلى يائه حفظا تاما ، كما يحفظ الفاتحة ، ولكن لا يفهم شيئا إطلاقا ، فكان طلاب العلم يأتون إليه ، لأن الكتب في ذلك الوقت قليلة ، يقولون له : ماذا ذكر صاحب الفروع في الفصل الفلاني مثلا ، فيسرد عليهم الفصل والباب ، وكل شيء ، حتى كانوا يلقبونه مع الأسف بحمار الفروع !! لأن الحمار يحمل أسفارا ، ولا يفهم معناها ، وكان في الحقيقة لا ينبغي أن يوصف بهذا ، وكان ينبغي أن يوصف بحافظ الفروع ، لكن على كل حال ، أقول لكم : إن الناس بعضهم يكون قاصر الفهم ، يحفظ ولا يفهم ] .
الفائدة 17 :
مسألة التعمق في فهم صفات الله ، وصفة الشم .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ ... من ذلك ما يتعلق بصفات الله عز وجل ، فإن هذا معرك ضنك ، وباب ضيق ، وكثير من الطلبة اليوم يريدون أن يوسعوا هذا الباب ، وأنى لهم ذلك ، اللهم إلا بكسره ، والكسر معناه الهدم والدمار ، فبعضهم يتعمق في البحث عن صفات الله عز وجل ، ويثبت ما ليس بلازم ، مثلا : يقول لك : إن خلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك ، فهل يلزم من ذلك أن الله يشم ؟! وهل يلزم إذا كان يشم أن يكون له أنف ؟ لأن الأنف أداة الشم ، وكما ثبت في الحديث أن لله أصابع ، فيقول : كم عدد أصابع الله عشرة أو عشرون أقل أو أكثر؟! وكل هذا من التنطع المحرم ، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " هلك المتنطعون " ، قال ذلك تحذيرا من التنطع ، لأن الصحابة أصفى منا قلوبا ، وأغزر منا علوما ، وأقوى منا فهوما ، وأشد منا حرصا ، لم يسألوا الرسول - صلى الله عليه وسلم – عن مثل هذا إطلاقا ، ولما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يمل حتى تملوا " ، ما قالوا : يا رسول الله : هل الله يمل ؟! وأي إنسان يقول : إنهم قالوا : هل الله يمل ، نقول له : هات الدليل ؛ بل سكتوا وعرفوا المراد ، وهكذا يجب علينا يا إخواننا في هذه المسألة الضيقة الضنك ألا نحاول التعمق في البحث عن صفات الله عز وجل ، ما جاءنا قبلناه وكفى بنا فخرا ، وما لم يجئ إلينا سكتنا عنه .
هذا هو الأدب مع الله ورسوله.
والله الموفق ].
الفائدة 18 :
هل يجوز أن نسمي ملك الموت بعزرائيل ؟
قال – رحمه الله تعالى - :
[ ..ورد في بعض الإسرائيليات أن اسمه عزرائيل ، وليس كذلك ، ولهذا لا يحل لنا أن نسميه عزرائيل لعدم ثبوت ذلك عن الله تعالى ، أو رسوله عليه السلام ، بل نقول كما قال ربنا عز وجل : { ملك الموت } ].
الفائدة 19 :
كلمة رائقة مهمة للدعاة : ينبغي للداعية أن يدعو إلى الله لله لا لنفسه!
قال – رحمه الله تعالى - :
[ .. وهنا نقرر أنه يجب على الداعية أن يشهر نفسه بأنه يدعو إلى الله لا إلى فرض السيطرة أو إتمام الكلمة أو إبراد الغيرة ، لأن هذا خطأ ، أي وسيلة يحصل بها المقصود ، ولو فيها غضاضة عليك فاعملها ، حتى لو شاهدت الرجل يفعل المنكر أمامك ، لكن ترجو أن يصلح فاصبر ، لأن المقصود ليس أن تطفئ حرارة الغيرة ، أو أن تنتقم لنفسك ، بل المقصود إصلاح هذا الرجل ودعوته إلى دين الله عز وجل .
لا تكن ممن يدعو لنفسه ، بل كن ممن يدعو إلى ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ؛ حتى لو أفضى الحال أن تضحك في وجه هذا الفاسق من أجل إدخال السرور عليه واستعداده لقبول ما تقول ، فافعل فإنه لا يضر ؛
لقد تنازل النبي – صلى الله عليه وسلم – عن حق كبير كبير رجاء الإصلاح ، وذلك في غزوة الحديبية ، حصل من جملة الشروط الثقيلة أن يرد هذا الذي جاء معتمرا إلى بيت الله عز وجل ، بينما لو جاء أعرابي من أخبث الناس شركا ليدخل يعتمر ، فلا يُرد .
هذه غضاضة عظيمة ، والتزم عليه الصلاة والسلام بأن لا يكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، أملى على الكاتب اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، قال : ما نعرف الرحمن ، اكتب باسمك اللهم ، مع أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الرحمن ؛ ولما قال : هذا ما قضى عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، قال : لا تكتب : رسول الله ! ، لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك ، ولا صددناك ، قال : اكتب : محمد بن عبد الله ، فكتب ؛ ولكنه قال : " والله إني لرسول الله وإن كذبتموني " ، حتى لا يفهم فاهم زوال وصف الرسالة له ، فتنازل الرسول – صلى الله عليه وسلم - عن :
1- الصد .
2- منع كتابة الرحمن .
3- منع كتابة رسول الله .
4- من جاء منهم مسلما وجب أن يرده إليهم ، ومن ذهب منا إليهم لا يرد !.
هذا من أثقل ما يكون ، ومع ذلك قبل الرسول – عليه الصلاة والسلام - ، لأنهم أبوا أن يجروا الصلح إلا على هذا ، فما قدموا تنازلا وكانوا معاندين ، وقد أقسم عليه الصلاة والسلام – حين بركت الناقة ألا يسألوا خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أجابهم ، ومن ثم فعل عمر ما فعل نحو هذا الشرط ، على كل حال المقصود هو أن الإنسان ينبغي له أن يدعو إلى الله لله لا لنفسه ].
فائدة 20 :
أقسام العلماء .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ العلماء فيما نرى ثلاثة أقسام :
1- عالم دولة : وهو الذي ينظر ما تشتهيه الدولة ، فيلوي أعناق النصوص إلى ما تريد .
2- والثاني : عالم أمة : وهو الذي ينظر إلى ما يصلح للناس ويروق لهم ، فيحرف النصوص من أجل أن يوافق أهواء الناس ، وهذا كثير .
3- الثالث : عالم ملة : وهو الذي يقول بالملة ، وينتصر لها ، وهذا الأخير هو العالم الرباني ].
الفائدة 21 :
موضع يحسن الوقوف عليه .
قال - رحمه الله تعالى - :
[ قوله تعالى : { وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب } هنا يحسن الوقف ، ثم تبتدئ فتقول : { وما هو من الكتاب } لأن قوله : { وما هو من الكتاب } رد لقوله : { لتحسبوه من الكتاب } .
وقوله تعالى : { ويقولون هو من عند الله } قف أيضا { وما هو من عند الله } ابتدئ].
الفائدة 22 :
معنى { يلوون ألسنتهم } .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ واللي نوعان :
1- لي معنوي ، وهو التحريف المعنوي .
2- ليٌّ لفظي ، وهو التحريف اللفظي .
وجعل بعض العلماء من اللي اللفظي : أن تتلو النصوص غير القرآنية بتلاوة النصوص القرآنية ، يعني مثلا ، تقرأ الحديث وكأنما تقرأ القرآن ، لأنك إذا قرأت الحديث بنغمة قراءة القرآن أوهم السامع بأنه قرآن ، فيدخل ضمن قوله { يلون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب }.
الفائدة 23 :
معنى ( ما كان ) ، و ( ما ينبغي ) في الكتاب والسنة .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ ... وإذا جاء في القرآن { ما كان } فهو نفي : إما لانتفائه شرعا ، وإما لانتفائه كونا ، وإما لانتفائه شرعا وكونا ، المهم أم " ما كان " و " ما ينبغي " و ما أشبه ذلك من التعبيرات في القرآن ، تدل على أن الشيء ممتنع غاية الامتناع ].
الفائدة 24 :
لطيفة تؤخذ من قوله تعالى: { ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله } ، وبه الرد على غلاة المتصوفة .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ ... فالرسل – عليهم الصلاة والسلام – ينهون عن الشرك ، ويأمرون بالتوحيد وتحقيق التوحيد وإكمال التوحيد ، وهم أبعد الناس عن أن يقولوا: كونوا عبادا لنا من دون الله ، ويؤخذ من هذه الآيات الكريمة : أن من ورث الأنبياء لا يمكن أن يقول للناس : كونوا عبادا لي من دون الله تعالى ، والعلماء ورثة هم الأنبياء ، فلا يمكن لعالم أن يلزم الناس بقوله ، لأنه لو ألزم الناس بقوله ، فكأنما قال : كونوا عبادا لي من دون الله تعالى ، وبهذا نعرف الرد على أولئك المشايخ كبيري العمائم ، الذين يغرون شعوبهم ، ويستخدمونهم تماما ، حتى بلغني أن من المشايخ من يقول : أنا شيخ معصوم ، أنا يحل لي أن أتزوج ألف امرأة !! ، وفعلا يزوجونه!!!.
بعض المشايخ – من جهة ما يقولون لي – إن عنده خمسين امرأة تزوجا لا تسريا !! ، لأنه معصوم ، أو لأنه قد وصل إلى الغاية ! ، ولهذا يقولون : إن عبادة الأنبياء وسيلة ، فإنهم لم يصلوا إلى الغاية ، فعبادتهم عبادة العوام ؛ أما الخواص فعبادتهم خاصة ما يحتاج إلى أمر ونهي ! ، لأنهم وصلوا إلى الغاية ، أرأيت لو سافرت إلى مكة ، فالعصا معك ، والجمل معك ، فإذا وصلت إلى مكة وضعت العصا ، وسيبت الجمل ،
فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر
فيقولون : العبادات وسائل إلى وصول الغاية والحقيقة ، فإذا وصل الإنسان إلى الحقيقة والغاية فلا أمر ولا نهي ، يفعل ما يشاء ويحكم بما يريد ، فهذا هو الكفر بعينه ].
فائدة 25 :
مسألة العذر بالجهل .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ ..{ رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ، وكان الله عزيزا حكيما } .
هذه الآية فيها رد على الجبرية الذين يقولون : إن الإنسان مجبر على عمله ، لأنه لو كان الإنسان مجبرا على عمله لكان لهم حجة ، سواء بعث إليه الرسل أم لم يبعثوا ، لكن بعث الرسل يقطع الحجة ، وفيه أيضا رد على من قالوا : : إنه لا عذر بالجهل ، لأن الله تعالى قال : { رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } مفهومه : لولا الرسل لكان للناس على الله تعالى حجة ، لأنهم كانوا جاهلين ، فالصواب الذي لا شك فيه ، والذي تدل عليه الأدلة أن الإنسان معذور بالجهل فيما يفعله ، ثم إن كان ينتسب إلى الإسلام فهو مسلم ، وإن فعل ما يكفر إذا لم تقم عليه الحجة ، وإن كان لا ينتسب إلى الإسلام فهو كافر ، لكنه إذا كانت الحجة لم تبلغه ، فإن القول الراجح أنه يمتحن يوم القيامة بما شاء الله عز وجل ، ثم إما إلى الجنة ، وإما إلى النار ].
الفائدة 26 :
الرد على من قال : إن إدريس قبل نوح عليهما الصلاة والسلام .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ ... قوله تعالى { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }.
فذكر الله تعالى أنه أرسل نوحا وإبراهيم ، وأن النبوة والكتاب كانت في ذريتهما ، وهذا يدل على أنه لا رسول قبل نوح ، وبهذا نعرف أن من قال من المؤرخين : إن إدريس كان جد نوح ، فهذا قول باطل ، لأنه يستلزم أن يكون هناك رسول قبل نوح ، وهو مخالف للقرآن ؛ وأما السنة فدليلها أن نوحا أول الرسل أنه في حديث الشفاعة المتفق عليه أنهم يأتون إلى نوح ،ويذكرونه بنعمة الله ، ومنها أنه أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض ، وهذا صريح بأن أول الرسل نوح ..].
الفائدة 27 :
عبارة : " الدين صالح لكل زمان ومكان " .
قال - رحمه الله تعالى - :
[ .. ولأنه خاتم النبيين كانت شريعته صالحة لكل زمان ومكان ، وليس معناها : أنها تتغير بتغير الزمان ، بل معناها : أن من تمسك بها صلح له الزمان في كل وقت ، ولهذا قد يتوهم بعض الناس أن معنى صالح لكل زمان ومكان أنها تكيف بتكيف الناس! ، وأن الناس إذا كان عندهم عمل كثير يلهيهم عن الصلاة ، قلنا لهم : إما ألا تصلوا الظهر والعصر ، لأنه وقت عمل ! ، وإما أن تجمعوهما إلى المغرب والعشاء ، كما يوجد بعض العمال الآن ، فقد بلغني أن بعض العمال يجمع الصلوات الخمس كلها عند النوم !! ، لو قلنا : إن الدين يتكيف لكان هذا صحيحا ، ولكن غلط .
معنى قول من قال : إنه صالح لكل زمان : أنه لا ينافي الإصلاح ولا الصلاح في أي زمان كان ، تمسك بالدين يصلح لك أمر الدين والدنيا ].
الفائدة 28 :
أفضل الأنبياء هو محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن كيف الرد على من استدل بقوله تعالى : { ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم } ؟!
قال – رحمه الله تعالى - :
[ .. وفي يوم القيامة يأتي الناس أكابر الأنبياء لطلب الشفاعة ، حتى تنتهي إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - ، وهذا يدل على أنه – عليه الصلاة والسلام – أفضل الرسل ..... ثم إبراهيم ، فإن قال قائل : كيف تقول ذلك ؟! أو كيف يكون ذلك ، وقد قال الله تعالى : { ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم } ، ومن المعلوم أن التابع أقل درجة من المتبوع ؟
فيقال : هنا لا تفاضل ، لأن الملتين واحدة ، وهي التوحيد ، لكن ذكر إبراهيم لأن اليهود يقولون : نحن أولى بإبراهيم ! ، والنصارى يقولون : نحن أولى بإبراهيم ! ، فقال الله تعالى : { ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم } ، وعلى هذا فما خالف هدي الرسول ، فقد خالف هدي إبراهيم ، فيكون في ذلك إقامة الحجة على من قال : إنه أولى بإبراهيم من محمد – عليه الصلاة والسلام - ، ولهذا قال الله عز وجل مصرحا بذلك في قوله تعالى : { إن أولى الناس بإبراهيم لذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا } ، والذين اتبعوه في زمن رسالته ، أما بعد بعثة الرسول – عليه الصلاة والسلام – فأولى الناس بإبراهيم محمد – صلى الله عليه وسلم - ].
الفائدة 29 :
كلام متين جميل للشيخ ، يرد فيه على من يدعو الرسول والأولياء.
قال – رحمه الله تعالى - :
[ والعجب أن قوما من الناس ادعوا محبة الرسول – صلى الله عليه وسلم - ، وكذبوه ضمنا في قوله : { لا أملك لكم ضرا ولا رشدا } ، فصاروا يدعون الرسول – عليه الصلاة والسلام – بأن يجلب لهم الخير ، ويدفع عنهم الشر ، ويقولون : هذا من تعظيمه !! ، هذا من محبته !! ؛ وإذا نُهوا عن ذلك ، قالوا للناهي : أنت تبغض الرسول ! ، وأنت منتقص للرسول – عليه الصلاة والسلام – وما أشبه ذلك ! ، فأي الفريقين أحق بالصواب ؟ النافي ؛ أما المثبت فهو أعدى من يكون للرسول – عليه الصلاة والسلام - ، لأنه كذبه ، ووقع فيما نهى عنه حيث قال : لا تغلوا في ، ولكنه أبى إلا أن يغلو في الرسول – عليه الصلاة والسلام - .
فما وظيفة الرسل إذا انتفت عنهم هذه الصفات ؟
{فإنما عليك البلاغ} فقط ، { والله بصير بالعباد } ، { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد} ، فوظيفتهم البلاغ ، أن يبلغوا ما أنزل إليهم .
أما أن ينفعوا الناس أو يضروهم فلا.
لكن يأتي إنسان مشبّه للعامة يقول : الرسول نفعني ، فقد دلني على الخير ، وبيّن لي الخير ، وحذرني من الشر ، وبيّن لي طرق الشر فنفعني ، فما الجواب ؟
نقول : هذا للرسول ولغيره ، حتى العلماء يفعلون مثل ذلك ، لكن هل يماك الرسول أن يوفقك أن تهتدي ؟! لا يملك ، وهذا هو بيت القصيد أن الرسول لا يملك ، أما أن يبلغ الرسالة فهو يملك هذا كغيره ، حتى العلماء يملكون ذلك الشيء ، لكن يملك أن يوفقك ويهديك؟! كلا ، لكان استطاع أن يهدي عمه الذي دافع عنه ، واستمات في المدافعة عنه ، ما ملك أن ينفعه ، وهو يدعوه عند موته في أضيق ما يكون ، ويقول له : " قل لا إله إلا إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله " ، فعجز الرسول عن ذلك .
فكان آخر ما قال به أبو طالب : إنه على ملة عبد المطلب ] .
الفائدة 30 :
كل مسألة تتعلمها فهي إكرام من الله تعالى .
قال – رحمه الله تعالى - :
[ .. الرسالة من أكبر النعم بعد الهداية للإسلام ، وحينئذ نقول : من ورث الأنبياء في علمهم ، ودعوتهم إلى الله ، واستقامة حاله ، فقد أكرمه الله تعالى ، بل كل مسألة يمن الله عليك بعلمها فهي إكرام من الله تعالى لك ، لأنك زدت على الجاهل مرتبة .
فيجب على طالب العلم أن يشعر بأن الله تعالى أكرمه بما منّ عليه من طلب العلم ، كما أكرم الرسل بالرسالة ].
الفائدة 31 :
معنى قوله تعالى : { أكملت لكم دينكم } .
قال – رحمه الله تعالى –
[ { أكملت لكم دينكم } ، أي : جعلته كاملا ، وليس المعنى أنني ختمته ، لأنه قد نزلت آيات بعد هذه الآية ].
الفائدة 32 :
من اعتقد حل الحكم بغير ما أنزل الله .
قال الشيخ – رحمه الله تعالى - :
[ .. من يعتقد حل الحكم بغير ما أنزل الله ، ويجعله قانونا مشروعا يرجعون إليه عند التنازع ، دون الرجوع إلى الكتاب والسنة ، ثم هو يصلي ويصوم ويزكي ، نقول : إنه كافر ، ولو صلى ، وصام ، و لو زعم أنه مسلم ، لأنه آمن بعض ، وكفر بعض ].
يتبع.......





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 142.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 141.24 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (1.17%)]