استقيموا ولن تحصوا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4949 - عددالزوار : 2053215 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4525 - عددالزوار : 1321055 )           »          المنافقون والمنافقات .. خطرهم وصفاتهم في كتاب الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          حكم تخصيص أدعية معينة لكل يوم من أيام رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حديث موضوع مكذوب حديث يا علي لا تنم قبل أن تأتي بخمسة أشياء لا يصح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          كيف نستعد لرمضـــــان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          تدبر جزء تبارك فضيلة الشيخ/ ماجد الجاسر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          ما يهمكم من معلومات عن بقية شهر شعبان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ميزة جديدة من واتساب ستمنعك من مشاركة رقم هاتفك المحمول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          كيف يجنب الآباء أطفالهم من اضطراب fomo ويقللون الاعتماد على وسائل التواصل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-12-2019, 06:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي استقيموا ولن تحصوا

استقيموا ولن تحصوا








الشيخ عبدالله بن محمد البصري








بسم الله والحمد لله،،


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَاتَّقُوهُ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ، اُذكُرُوهُ ذِكرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلاً ﴿ إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقُوا وَالَّذِينَ هُم مُحسِنُونَ ﴾ [النحل: 128].





أَيُّهَا المُسلِمُونَ:


الإِنسَانُ في دُنيَاهُ مُسَافِرٌ لا يَركَنُ إِلى إِقَامَةٍ، وَسَائِرٌ لا يَعرِفُ استِقرَارًا وَلا تَوَقُّفًا، وَرَاحِلٌ مَعَ الزَّمَنِ بِاستِمرَارٍ وَإِن هُوَ لَزِمَ مَكَانًا وَاحِدًا وَلم يَبرَحْ، وَكُلُّ يَومٍ يَمضِي أَو شَهرٍ يَنقَضِي، فَإِنَّهُ يَزِيدُ في عُمُرِهِ وَيَنقُصُ مِن أَجَلِهِ، وَلا بُدَّ لَهُ في نِهَايَةِ الأَمرِ مِن يَومٍ يَلقَى فِيهِ رَبَّهُ وَيُرَدُّ إِلى مَولاهُ، وَحِينَهَا يَنتَهِي سَفَرُهُ وَيَستَقِرُّ إِلى دَارَينِ لا ثَالِثَ لهما. وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ المُؤمِنَ العَاقِلَ يَسلُكُ الطَّرِيقَ الَّتي تُوصِلُهُ إِلى رَبِّهِ، وَلا يَشتَغِلُ بِالسُّبُلِ الَّتي تُشَتِّتُ أَمرَهُ وَتُضِيعُ عَلَيهِ عُمُرَهُ. وَلَمَّا كَانَ الوَاقِعُ أَنَّ أَقصَرَ الطُّرُقِ وَأَقرَبَهَا مَا كَانَ مُستَقِيمًا غَيرَ ذِي عِوَجٍ، كَانَ المُؤمِنُ مُرَغَّبًا في الاستِقَامَةِ مَأمُورًا بها، مُثنىً عَلَيهِ إِن هُوَ لَزِمَهَا، مَوعُودًا بِالخَيرِ في الدُّنيَا وَأَفضَلِ الجَزَاءِ في الأُخرَى إِن صَبَرَ عَلَيهَا، قَال - تَعَالى -: ﴿ فَاستَقِمْ كَمَا أُمِرتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ ﴾ [هود: 112] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَأَلَّوِ استَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسقَينَاهُم مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16] وَقَالَ ـ تَعَالى ـ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ استَقَامُوا فَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنُونَ ﴾ [الأحقاف: 13] وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32] وَلِعِظَمِ أَمرِ الاستِقَامَةِ وَأَهمِّيَّتِهَا، وَوُجُوبِ استِشعَارِ الحَاجَةِ إِلَيهَا في كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ، كَانَ أَوَّلُ دُعَاءٍ يَسأَلُهُ المُصَلِّي رَبَّهُ في صَلاتِهِ، أَن يَطلُبَ مِنهُ هِدَايَتَهُ إِلى الطَّرِيقِ المُستَقِيمِ، وَيُجَنِّبَهُ طُرُقَ الضَّلالِ وَسُبُلَ الغَضَبِ، ثم مَا يَزَالُ يُكَرِّرُ هَذَا الدُّعَاءَ في كُلِّ رَكعَةٍ، لا تَصِحُّ صَلاتُهُ إِلاَّ بِقِرَاءَةِ السُّورَةِ الَّتي هُوَ فِيهَا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7].





أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الاستِقَامَةَ هِيَ الحَيَاةُ الحَقِيقِيَّةُ لِلإِنسَانِ، وَهِيَ نَجَاتُهُ وَكَمَالُهُ، وَمَا دُونَهَا إِلاَّ الهَلاكُ وَالخَسَارَةُ وَالنَّقصُ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3] فَلا بُدَّ لِلمُسلِمِ لِيَنجُوَ مِنَ الخَسَارَةِ وَيَكمُلَ في نَفسِهِ وَيُكمِلَ مَن حَولَهُ، أَن يَعرِفَ طَرِيقَ الاستِقَامَةِ وَيَعلَمَهُ، ثم يَعمَلَ بِهِ وَيَلتَزِمَ تَطبِيقَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، ثم يَدعُوَ إِلَيهِ وَيُوصِيَ غَيرَهُ بِلُزُوِمِهِ، ثم يَثبُتَ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ وَيَدُومَ صَابِرًا مُصَابِرًا، مُدَافِعًا مَا يُضَادُّهُ حَتى يَلقَى رَبَّهُ، سَالِكًا مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ نَبِيَّهُ في هَذَا الشَّأنِ حَيثُ قَالَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَهُ: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 112 - 117] فَطَرِيقُ الاستِقَامَةِ هُوَ طَرِيقُ التَّائِبِينَ المُنِيبِينَ، أَهلِ الوَسَطِيَّةِ وَالخَيرِيَّةِ، الَّذِينَ لا يَتَّصِفُونَ بِزِيَادَةٍ وَلا طُغيَانٍ، وَلا يَركَنُونَ إِلى ظُلمٍ وَتَسَاهُلٍ بِحَقٍّ، عَلَى صَلاتِهِم مُحَافِظُونَ، وَمِنَ الحَسَنَاتِ مُستَكثِرُونَ، صَابِرُونَ عَلَى الطَّاعَةِ مُرَابِطُونَ، لأَعمَالِهِم مُحسِنُونَ، بِالمَعرُوفِ آمِرُونَ، وَعَنِ المُنكَرِ نَاهُونَ، لا تَغُرُّهُم حَيَاةٌ بِتَرَفٍ فَيُغرِقُوا في سَرَفٍ.





عِبَادَ اللهِ، تَمُرُّ بِالمُسلِمِينَ مَوَاسِمُ الاستِكثَارِ مِنَ الخَيرِ وَالأَجرِ، وَأَوقَاتُ الاجتِهَادِ في الطَّاعَةِ وَأَزمِنَةُ التَّزَوُّدِ بِالتَّقوَى، فَتَنشَطُ النُّفُوسُ في العَمَلِ الصَّالحِ وَتَرغَبُ فِيهِ، وَتَخِفُّ الأَروَاحُ لِلخَيرِ وَتَتَّسِعُ الصُّدُورُ لِلبِرِّ، وَيَتَقَرَّبُ النَّاسُ إِلى رَبِّهِم بِالنَّوَافِلِ مَعَ الفَرَائِضِ، ثم مَا تَلبَثُ المَوَاسِمُ أَن تَمضِيَ بما فِيهَا وَتَنصِرَفَ بما أُودِعَت، فَمَن ظَلَّ بَعدَهَا عَلَى استِقَامَتِهِ وَالتَزَمَ بِطَاعَتِهِ، فَذَاكَ هُوَ النَّاجِي بِرَحمَةِ رَبِّهِ، وَمَنِ انفَلَتَ أَمرُهُ وَفَرَّطَ، وَسَقَطَ بَعدَ قِيَامٍ وَتَرَاجَعَ بَعدَ إِقدَامٍ، فَمَا أَحرَاهُ أَن يَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ! قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ - أَيْ نَشَاطٌ وَرَغبَةٌ - وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَترَةٌ، فَمَن كَانَت فَترَتُهُ إِلى سُنَّتي فَقَدِ اهتَدَى، وَمَن كَانَت فَترَتُهُ إِلى غَيرِ ذَلِكَ فَقَد هَلَكَ " رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ- بِلُزُومِ سَبِيلِ الخَيرِ وَالحَذَرِ مِنَ سُبُلِ الشَّرِّ، فَعَن جَابِرِ بنِ عَبدِاللهِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كُنَّا عِندَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَخَطَّ خَطًّا وَخَطَّ خَطَّينِ عَن يَمِينِهِ وَخَطَّ خَطَّينِ عَن يَسَارِهِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ في الخَطِّ الأَوسَطِ فَقَالَ: هَذَا سَبِيلُ اللهِ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُستَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153] رَوَاهُ ابنُ مَاجَهْ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَنِ النَّوَّاسِ بنِ سَمعَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - عَن رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ضَرَبَ اللهُ - تَعَالى - مَثَلاً صِرَاطًا مُستَقِيمًا، وَعَلَى جَنبَتَيِ الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الأَبوَابِ سُتُورٌ مُرخَاةٌ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ادخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا وَلا تَتَعَوَّجُوا، وَدَاعٍ يَدعُو مِن فَوقِ الصِّرَاطِ، فَإِذَا أَرَادَ الإِنسَانُ أَن يَفتَحَ شَيئًا مِن تِلكَ الأَبوَابِ قَالَ: وَيحَكَ لا تَفتَحْهُ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفتَحْهُ تَلِجْهُ، فَالصِّرَاطُ الإِسلامُ، وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللهِ ـ تَعَالى ـ وَالأَبوَابُ المُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللهِ - تَعَالى - وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَالدَّاعِي مِن فَوقُ وَاعِظُ اللهِ في قَلبِ كُلِّ مُسلِمٍ" رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. اللَّهُمَّ رَبَّ جُبرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ عَالمَ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنتَ تَحكُمُ بَينَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَختَلِفُونَ، اهدِنَا لما اختُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذنِكَ؛ إِنَّكَ تَهدِي مَن تَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ. اللَّهُمَّ رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعدَئِذْ هَدَيتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لُدُنكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ. اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ.





أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ حَقَّ التَّقوَى، وَاعلَمُوا أَنَّ أَسَاسَ النَّجَاةِ الاستِقَامَةُ عَلَى الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ، بِأَن يُصبِحَ المَرءُ وَيُمسِيَ عَبدًا رَبَّانِيًّا في كُلِّ طَرِيقٍ، مُتبِعًا مَا يَعلَمُهُ بِالعَمَلِ وَالتَّطبِيقِ، هَمُّهُ رِضَا رَبِّهِ في كُلِّ سِعَةٍ وَضِيقٍ، لا أَن يَكُونَ مُتَذَبذِبًا في سَيرِهِ، تَابِعًا لِشَيطَانِهِ أَو هَوَى نَفسِهِ أَو هَوَى غَيرِهِ، قَالَ -تَعَالى - عَن عِيسَى - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُم فَاعبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُستَقِيمٌ ﴾ [آل عمران: 51] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾ [يس: 60، 61] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 161 - 163] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ فَلِذَلِكَ فَادعُ وَاستَقِمْ كَمَا أُمِرتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهوَاءَهُم ﴾ [الشورى: 15] وَقَالَ - سُبحَانَهُ: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 15، 16] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النساء: 66 - 68] أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أُمَّةَ الإِسلامِ - وَاستَقِيمُوا عَلَى مَا يُحِبُّهُ في كُلِّ حِينٍ وَآنٍ، يَكُن لَكُم عَلَى مَا تُحِبُّونَ وَيُحِبَّكُم وَيُوَفِّقْكُم، وَاعلَمُوا أَنَّ خَيرَ ذَلِكَ وَأَعظَمَهُ الفَرَائِضُ وَخَاصَّةً الصَّلاةَ، ثم التَّزَوُّدُ مِنَ النَّوَافِلِ وَتَقوَى اللهِ، وَفي الحَدِيثِ القُدسِيِّ: "وَمَا تَقَرَّبَ إِليَّ عَبدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِليَّ ممَّا افتَرَضتُ عَلَيهِ، وَمَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إِليَّ بِالنَّوَافِلِ حَتى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحبَبتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتي يَبطِشُ بها، وَرِجلَهُ الَّتي يَمشِي بها، وَإِن سَأَلَني لأُعطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ استَعَاذَني لأُعِيذَنَّهُ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَقَالَ- صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ: " اِستَقِيمُوا وَلَن تُحصُوا، وَاعلَمُوا أَنَّ خَيرَ أَعمَالِكُمُ الصَّلاةَ، وَلا يُحَافِظُ عَلَى الوُضُوءِ إِلاَّ مُؤمِنٌ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.95 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]